Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=124595#fc5785
سَلْبِيّة
من (س ل ب) مؤنث سَلْبي.
من (س ل ب) مؤنث سَلْبي.
سلب: سَلَبَه الشيءَ يَسْلُبُه سَلْباً وسَلَباً، واسْتَلَبَه إِياه.
وسَلَبُوتٌ، فَعَلوتٌ: مِنه. وقال اللحياني: رجل سَلَبوتٌ، وامرأَةٌ
سَلَبوتٌ كالرجل؛ وكذلك رجلٌ سَـلاَّبةٌ، بالهاءِ، والأُنثى سَـلاَّبة
أَيضاً. والاسْتِلابُ: الاختِلاس. والسَّلَب: ما يُسْلَبُ؛ وفي التهذيب: ما يُسْلَبُ به، والجمع أَسلابٌ.
وكل شيءٍ على الإِنسانِ من اللباسِ فهو سَلَبٌ، والفعل سَلَبْتُه
أَسْلُبُه سَلْباً إِذا أَخَذْتَ سَلَبَه، وسُلِبَ الرجلُ ثيابه؛ قال رؤْبة:
يراع سير كاليراع للأَسلاب(1)
(1 قوله «يراع سير إلخ» هو هكذا في الأصل.)
اليَراعُ: القَصَب. والأَسْلابُ: التي قد قُشِرَتْ، وواحدُ الأَسْلابِ
سَلَبٌ. وفي الحديث: مَن قَتَل قَتيلاً، فله سَلَبُه. وقد تكرر ذكر
السَّلَب، وهو ما يأْخُذُه أَحدُ القِرْنَيْن في الحربِ من قِرْنِه، مما يكونُ عليه ومعه من ثِـيابٍ وسلاحٍ ودابَّةٍ، وهو فَعَلٌ بمعنى مفعولٍ أَي مَسْلُوب. والسَّلَبُ، بالتحريك: الـمَسْلُوب، وكذلك السَّلِـيبُ.
ورجلٌ سَلِـيبٌ : مُسْتَلَب العقل، والجمع سَلْبـى.
وناقة سالِبٌ وسَلُوبٌ: ماتَ وَلَدُها، أَو أَلْقَتْهُ لغير تَمامٍ؛ وكذلك المرأَة، والجمع سُلُبٌ وسَلائبُ، وربما قالوا :امرأَة سُلُب؛ قال الراجز:
ما بالُ أَصْحابِكَ يُنْذِرُونَكا؟ أَأَنْ رَأَوْكَ سُلُباً، يَرْمُونَكا؟
وهذا كقولهم: ناقةٌ عُلُطٌ بلا خِطامٍ، وفَرس فُرُطٌ متَقَدِّمة. وقد
عَمِلَ أَبو عبيد في هذا باباً، فأَكْثَرَ فيه من فُعُلٍ، بغير هاءٍ
للـمُؤَنَّث.
والسَّلُوب، من النُّوق: التي أَلْقَتْ ولدها لغير تَمامٍ. والسَّلُوب،
من النُّوق: التي تَرْمي وَلَدها.
وأَسْلَبت النَّاقَةُ فهي مُسْلِبٌ: أَلْقَتْ وَلَدَها من غيرِ أَن يَتِـمَّ، والجمع السَّلائِبُ؛ وقيل أَسْلَبَت: سُلِبَتْ وَلَدَها بِمَوتٍ أَو غير ذلك.
وظَبيةٌ سَلُوبٌ وسالِبٌ: سُلِـبَتْ وَلَدَها؛ قال صخر الغيِّ:
فَصادَتْ غَزالاً جاثماً، بَصُرَتْ بِهِ * لدى سَلَماتٍ، عِنْدَ أَدْماءَ، سالِبِ
وشَجَرةٌ سَلِـيبٌ: سُلِـبَتْ وَرَقَها وأَغصانَها. وفي حديث صِلَةَ:
خَرَجْتُ إِلى جَشَرٍ لَنا، والنخلُ سُلُبٌ أَي لا حَمْلَ عليها، وهو جمعُ سَلِـيبٍ. الأَزهري: شَجَرَةٌ سُلُبٌ إِذا تَناثَرَ ورقُها؛ وقال ذو
الرمة:
أَو هَيْشَرٌ سُلُبُ
قال شمر: هَيْشَرٌ سُلُبٌ، لا قِشْرَ عليه.
ويقال: اسْلُبْ هذه القصبة أَي قَشِّرْها.
وسَلَبَ القَصَبَةَ والشَّجَرَة: قشرها. وفي حديث صفة مكة، شرَّفها اللّه تعالى: وأَسْلَب ثُمامُها أَي أَخْرَجَ خُوصَه.
وسَلَبُ الذَّبيحَةِ: إِهابُها، وأَكراعُها، وبطْنُهَا. وفَرَسٌ سَلْبُ القَوائم(1)
(1 قوله «سلب القوائم» هو بسكون اللام في القاموس، وفي المحكم بفتحها.): خَفيفُها في النَّقل؛ وقيل: فَرَسٌ سَلِب القَوائم أَي
طَويلُها؛ قال الأَزهري: وهذا صحيحٌ. والسَّلْبُ: السيرُ الخفيفُ السريعُ؛ قال رؤْبة:
قَدْ قَدَحَتْ، مِنْ سَلْبِهِنَّ سَلْبا، * قارُورَةُ العينِ، فصارت وَقْبَا
وانْسَلَبَتِ الناقَة إِذا أَسْرَعَت في سيرها حتى كأَنها تَخْرُج من
جِلْدِها.
وثَوْرٌ سَلِبُ الطَّعْنِ بِالقَرْنِ، ورجُلٌ سَلِبُ اليَدَيْنِ بالضَّرْبِ والطَّعْنِ: خَفيفُهما. ورُمْحٌ سَلِبٌ: طَويلٌ؛ وكذلك الرجلُ،
والجمعُ سُلُب؛ قال:
ومَنْ رَبَطَ الجِحاشَ، فإِنَّ فِـينا * قَـناً سُلُباً، وأَفْراساً حِسانا
وقال ابن الأَعرابي: السُّلْبَةُ الجُرْدَةُ، يقال: ما أَحْسَنَ سُلْبَتَها وجُرْدَتَها.
والسَّلِبُ، بكسر اللام: الطويل؛ قال ذو الرمة يصف فراخ النعامة:
كأَنَّ أَعناقَها كُرّاتُ سائِفَةٍ، * طارَتْ لفائِفُه، أَو هَيْشَرٌ سَلِبُ
ويروى سُلُب، بالضم، من قولهم نَخْلٌ سُلُب: لا حَمْلَ عليه. وشَجَرٌ سُلُبٌ: لا وَرَق عليه، وهو جمع سَلِـيبٍ، فعيلٌ بمعنى مفعول.
والسِّلابُ والسُّلُب: ثِـيابٌ سودٌ تَلْبَسُها النساءُ في
المأْتَمِ، واحدَتُها سَلَبة.
وسَلَّبَتِ المرأَةُ، وهي مُسَلِّبٌ إِذا كانت مُحِدًّا، تَلْبَس الثِّيابَ السُّودَ للـحِدادِ.
وتَسَلَّبت: لَبِسَتِ السِّلابَ، وهي ثِـيابُ الـمأْتَمِ السُّودُ؛ قال لبيد:
يَخْمِشْنَ حُرَّ أَوجُهٍ صِحاحِ، * في السُّلُبِ السودِ، وفي الأَمساحِ
وفي الحديث عن أَسْماءَ بِنْتِ عُمَيْس: أَنها قالت لـمَّا أُصيبَ
جعفرٌ: أَمَرَني رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فقال: تَسَلَّبـي ثلاثاً، ثم اصْنَعِـي بعدُ ما شِئْتِ؛ تَسَلَّبـي أَي الْبَسِـي ثِـيابَ الـحِدادِ
السُّودَ، وهي السِّلاب. وتَسَلَّبَتِ المرأَةُ إِذا لَبِسَتْهُ، وهو ثَوْبٌ أَسودُ، تُغَطِّي به الـمُحِدُّ رَأْسَها. وفي حديث أُمِّ سلمة:
أَنها بَكَتْ على حَمْزَةَ ثلاثة أَيامٍ، وتَسَلَّبَتْ.
وقال اللحياني: الـمُسَلِّب، والسَّلِـيبُ، والسَّلُوبُ: التي يموتُ
زَوجُها أَو حَمِـيمُها، فتَسَلَّبُ عليه. وتَسَلَّبَتِ المرأَة إِذا أَحدّتْ.
وقيل: الإِحدادُ على الزَّوْجِ، والتَّسَلُّبُ قد يكون على غيرِ زَوجٍ.
أَبو زيدٍ: يقال للرجل ما لي أَراكَ مُسْلَباً؟ وذلك إِذا لم يَـأْلَفْ
أَحداً، ولا يَسْكُن إِليه أَحد، وإِنما شبِّه بالوَحْش؛ ويقال: إِنه
لوَحْشِـيٌّ مُسْلَبٌ أَي لا يأْلفُ، ولا تَسْكُنُ نفسُه.
والسلبة: خَيْطٌ يُشَدُّ على خَطْمِ البعيرِ دونَ الخِطامِ. والسلبة:
عَقَبَةٌ تُشَدُّ على السهم.
والسِّلْبُ: خَشَبَةٌ تُجْمَع إِلى أَصلِ اللُّؤَمةِ، طَرَفُها في ثَقْبِ
اللُّؤَمةِ. قال أَبو حنيفة: السِّلْبُ أَطْوَلُ أَداةِ الفَدَّانِ؛ وأَنشد:
يا لَيْتَ شعْري، هلْ أَتى الحسانا،
أَنـَّى اتَّخَذْتُ اليَفَنَيْنِ شانـــــــــــــا؟
السِّلْبَ، واللُّؤْمةَ، والعيانـــــــــــــــا
ويقال للسَّطْر من النخيل: أُسْلوبٌ. وكلُّ طريقٍ ممتدٍّ، فهو أُسلوبٌ.
قال: والأُسْلوبُ الطريق، والوجهُ، والـمَذْهَبُ؛ يقال: أَنتم في
أُسْلُوبِ سُوءٍ، ويُجمَعُ أَسالِـيبَ. والأُسْلُوبُ: الطريقُ تأْخذ فيه.
والأُسْلوبُ، بالضم: الفَنُّ؛ يقال: أَخَذ فلانٌ في أَسالِـيبَ من القول أَي أَفانِـينَ منه؛ وإِنَّ أَنْفَه لفي أُسْلُوبٍ إِذا كان مُتكبِّراً؛ قال:
أُنوفُهُمْ، بالفَخْرِ، في أُسْلُوبِ، * وشَعَرُ الأَسْتاهِ بالجَبوبِ
يقول: يتكبَّرون وهم أَخِسَّاء، كما يقال: أَنْفٌ في السماءِ واسْتٌ في الماءِ. والجَبوبُ: وجهُ الأَرضِ، ويروى:
أُنوفُهُمْ، مِلفَخْرِ، في أُسْلُوبِ
أَراد مِنَ الفَخْرِ، فحَذف النونَ. والسَّلَبُ: ضَرْبٌ من الشجر ينبُتُ مُتَناسقاً، ويَطولُ فيُؤخَذُ
ويُمَلُّ، ثم يُشَقَّقُ، فتخرجُ منه مُشاقةٌ بيضاءُ كالليفِ، واحدتُه سَلَبةٌ، وهو منْ أَجودِ ما يُتخذ منه الحبال. وقيل: السَّلَبُ لِـيفُ الـمُقْلِ، وهو يُؤْتى به من مكة. الليث: السَّلَبُ ليفُ الـمُقْل، وهو أَبيض؛ قال الأَزهري: غَلِطَ الليث فيه؛ وقال أَبو حنيفة: السَّلَبُ نباتٌ ينبتُ أَمثالَ الشَّمَع الذي يُسْتَصْبَحُ به في خِلْقَتِه، إِلاَّ أَنه أَعظمُ وأَطولُ، يُتَّخَذ منه الحبالُ على كلّ ضَرب. والسَّلَبُ: لِحاءُ شجرٍ معروف باليمن،
تعمل منه الحبالُ، وهو أَجفَى من ليفِ الـمُقْلِ وأَصْلَبُ.
وفي حديث ابن عمر: أن سعيد بن جبير دخل عليه، وهو مُتوسِّدٌ مِرْفَقَةَ أَدَم، حَشْوُها لِـيفٌ أَو سَلَبٌ، بالتحريك. قال أَبو عبيد: سأَلتُ عن السَّلَبِ، فقيل: ليس بلِـيفِ الـمُقْلِ، ولكنه شجر معروفٌ باليمن، تُعْمَلُ منه الحبالُ، وهو أَجفى من لِـيفِ الـمُقْلِ وأَصْلَبُ؛ وقيل هو ليفُ الـمُقْل؛ وقيل: هو خُوصُ الثُّمام.
وبالـمَدينة سُوقٌ يقال له: سوقُ السَّلاَّبِـين؛ قال مُرَّة بن مَحْكان
التَّميمي:
فنَشْنَشَ الجِلدَ عَنْها، وهْيَ بارِكةٌ، * كما تُنَشْنِشُ كفَّا فاتِلٍ سَلَبا
تُنَشْنِشُ: تحرِّكُ. قال شمر: والسَّلَب قِشْرٌ من قُشورِ الشَّجَر،
تُعْمَلُ منهُ السِّلالُ، يقال لسُوقِهِ سُوقُ السَّلاَّبِـينَ، وهي بمكَّة
معروفَةٌ. ورواه الأَصْمعي: فَاتِل، بالفاءِ؛ وابن الأَعرابي: قَاتِل،
بالقافِ. قال ثعلب: والصحيح ما رواه الأَصمعي، ومنه قَولُهم أَسْلَبَ الثُّمامُ. قال: ومن رواه بالفاءِ، فإِنه يريدُ السَّلَب الذي تُعْمَلُ منه الـحِبال لا غير؛ ومن رواه بالقاف، فإِنه يريد سَلَبَ القَتِـيل؛ شَبَّه نَزْع الجازِرِ جِلْدَها عنها بأَخْذِ القاتِل سَلَبَ الـمَقْتُول، وإِنما
قال: بارِكَة، ولم يَقُلْ: مُضْطَجِعَة، كما يُسْلَخُ الـحَيوانُ مُضْطَجِعاً، لأَن العرب إِذا نَحَرَتْ جَزُوراً، تركُوها باركة على حالها،
ويُرْدِفُها الرجالُ من جانِـبَيْها، خوفاً أَن تَضْطَجِعَ حين تموت؛ كلُّ ذلك حرصاً على أَن يَسْلُخوا سَنامَها وهي باركة، فيأْتي رجلٌ من جانِبٍ، وآخَرُ من الجانب الآخر؛ وكذلك يفعلون في الكَتِفَين والفَخِذَين، ولهذا كان سَلْخُها باركةً خيراً عندهم من سَلْخِها مضطجعةً.
والأُسْلُوبةُ: لُعْبَةٌ للأَعراب، أَو فَعْلَةٌ يفعلونها بينهم، حكاها
اللحياني، وقال: بينهم أُسْلُوبة.
نظر: النَّظَر: حِسُّ العين، نَظَره يَنْظُره نَظَراً ومَنْظَراً
ومَنْظَرة ونَظَر إِليه. والمَنْظَر: مصدر نَظَر. الليث: العرب تقول نَظَرَ
يَنْظُر نَظَراً، قال: ويجوز تخفيف المصدر تحمله على لفظ العامة من المصادر،
وتقول نَظَرت إِلى كذا وكذا مِنْ نَظَر العين ونَظَر القلب، ويقول
القائل للمؤمَّل يرجوه: إِنما نَنْظُر إِلى الله ثم إِليك أَي إِنما
أَتَوَقَّع فضل الله ثم فَضْلك. الجوهري: النَّظَر تأَمُّل الشيء بالعين، وكذلك
النَّظَرانُ، بالتحريك، وقد نَظَرت إِلى الشيء. وفي حديث عِمران بن حُصَين
قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: النَّظَر إِلى وجه عليّ عِبادة؛
قال ابن الأَثير: قيل معناه أَن عليًّا، كرم الله وجهه، كان إِذا بَرَزَ
قال الناس: لا إِله إِلا الله ما أَشرفَ هذا الفتى لا إِله إِلا الله
ما أَعلمَ هذا الفتى لا إِله إِلا الله ما أَكرم هذا الفتى أَي ما
أَتْقَى، لا إِله إِلا الله ما أَشْجَع هذا الفتى فكانت رؤيته، عليه السلام،
تحملُهم على كلمة التوحيد.
والنَّظَّارة: القوم ينظُرون إِلى الشيء. وقوله عز وجل: وأَغرقنا آل
فرعون وأَنتم تَنظُرون. قال أَبو إِسحق: قيل معناه وأَنتم تَرَوْنَهم
يغرَقون؛ قال: ويجوز أَن يكون معناه وأَنتم مُشاهدون تعلمون ذلك وإِن شَغَلهم
عن أَن يَروهم في ذلك الوقت شاغل. تقول العرب: دُور آل فلان تنظُر إِلى
دُور آل فلان أَي هي بإِزائها ومقابِلَةٌ لها. وتَنَظَّر: كنَظَر. والعرب
تقول: داري تنظُر إِلى دار فلان، ودُورُنا تُناظِرُ أَي تُقابِل، وقيل:
إِذا كانت مُحاذِيَةً. ويقال: حَيٌّ حِلالٌ ونَظَرٌ أَي متجاورون ينظر
بعضهم بعضاً.
التهذيب: وناظِرُ العَيْنِ النُّقْطَةُ السوداء الصافية التي في وسط
سواد العين وبها يرى النَّاظِرُ ما يَرَى، وقيل: الناظر في العين كالمرآة
إِذا استقبلتها أَبصرت فيها شخصك. والنَّاظِرُ في المُقْلَةِ: السوادُ
الأَصغر الذي فيه إِنْسانُ العَيْنِ، ويقال: العَيْنُ النَّاظِرَةُ. ابن
سيده: والنَّاظِرُ النقطة السوداء في العين، وقيل: هي البصر نفسه، وقيل: هي
عِرْقٌ في الأَنف وفيه ماء البصر. والناظران: عرقان على حرفي الأَنف
يسيلان من المُوقَين، وقيل: هما عرقان في العين يسقيان الأَنف، وقيل: الناظران
عرقان في مجرى الدمع على الأَنف من جانبيه. ابن السكيت: الناظران عرقان
مكتنفا الأَنف؛ وأَنشد لجرير:
وأَشْفِي من تَخَلُّجِ كُلِّ جِنٍّ،
وأَكْوِي النَّاظِرَيْنِ من الخُنَانِ
والخنان: داء يأْخذ الناس والإِبل، وقيل: إِنه كالزكام؛ قال الآخر:
ولقد قَطَعْتُ نَواظِراً أَوجَمْتُها،
ممن تَعَرَّضَ لي من الشُّعَراءِ
قال أَبو زيد: هما عرقان في مَجْرَى الدمع على الأَنف من جانبيه؛ وقال
عتيبة بن مرداس ويعرف بابن فَسْوة:
قَلِيلَة لَحْمِ النَّاظِرَيْنِ، يَزِينُها
شَبَابٌ ومخفوضٌ من العَيْشِ بارِدُ
تَناهَى إِلى لَهْوِ الحَدِيثِ كأَنها
أَخُو سَقْطَة، قد أَسْلَمَتْهُ العَوائِدُ
وصف محبوبته بأَسالة الخدّ وقلة لحمه، وهو المستحب. والعيش البارد: هو
الهَنِيُّ الرَّغَدُ. والعرب تكني بالبَرْدِ عن النعيم وبالحَرِّ عن
البُؤسِ، وعلى هذا سُمِّيَ النَّوْمُ بَرْداً لأَنه راحة وتَنَعُّمٌ. قال الله
تعالى: لا يذوقون فيها بَرْداً ولا شَراباً؛ قيل: نوماً؛ وقوله: تناهى
أَي تنتهي في مشيها إِلى جاراتها لِتَلْهُوَ مَعَهُنَّ، وشبهها في
انتهارها عند المشي بعليل ساقط لا يطيق النهوض قد أَسلمته العوائد لشدّة
ضعفه.وتَناظَرَتِ النخلتان: نَظَرَتِ الأُنثى منهما إِلى الفُحَّالِ فلم
ينفعهما تلقيح حتى تُلْقَحَ منه؛ قال ابن سيده: حكى ذلك أَبو حنيفة.
والتَّنْظارُ: النَّظَرُ؛ قال الحطيئة:
فما لَكَ غَيْرُ تَنْظارٍ إِليها،
كما نَظَرَ اليَتِيمُ إِلى الوَصِيِّ
والنَّظَرُ: الانتظار. ويقال: نَظَرْتُ فلاناً وانْتَظَرْتُه بمعنى
واحد، فإِذا قلت انْتَظَرْتُ فلم يُجاوِزْك فعلك فمعناه وقفت وتمهلت. ومنه
قوله تعالى: انْظُرُونا نَقْتَبِسْ من نُوركم، قرئ: انْظُرُونا
وأَنْظِرُونا بقطع الأَلف، فمن قرأَ انْظُرُونا، بضم الأَلف، فمعناه انْتَظِرُونا،
ومن قرأَ أَنْظِرُونا فمعناه أَخِّرُونا؛ وقال الزجاج: قيل معنى
أَنْظِرُونا انْتَظِرُونا أَيضاً؛ ومنه قول عمرو بن كلثوم:
أَبا هِنْدٍ فلا تَعْجَلْ علينا،
وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينا
وقال الفرّاء: تقول العرب أَنْظِرْني أَي انْتَظِرْني قليلاً، ويقول
المتكلم لمن يُعْجِلُه: أَنْظِرْني أَبْتَلِع رِيقِي أَي أَمْهِلْنِي. وقوله
تعالى: وُجُوهٌ يومئذ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ؛ الأُولى بالضاد
والأُخرى بالظاءِ؛ قال أَبو إِسحق: يقول نَضِرَت بِنَعِيم الجنة
والنَّظَرِ إِلى ربها. وقال الله تعالى: تَعْرِفُ في وُجُوههم نَضْرَةَ النَّعِيم؛
قال أبو منصور: ومن قال إِن معنى قوله إِلى ربها ناظرة يعني منتظرة فقد
أَخطأَ، لأَن العرب لا تقول نَظَرْتُ إِلى الشيء بمعنى انتظرته، إِنما
تقول نَظَرْتُ فلاناً أَي انتظرته؛ ومنه قول الحطيئة:
نَظَرْتُكُمُ أَبْناءَ صَادِرَةٍ
لِلْوِرْدِ، طَالَ بها حَوْزِي وتَنْساسِي
وإِذا قلت نَظَرْتُ إِليه لم يكن إِلا بالعين، وإِذا قلت نظرت في الأَمر
احتمل أَن يكون تَفَكُّراً فيه وتدبراً بالقلب.
وفرس نَظَّارٌ إِذا كان شَهْماً طامِحَ الطَّرْفِ حدِيدَ القلبِ؛ قال
الراجز أَبو نُخَيْلَةَ:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّةً لم تُهْجَمِ
نَظَّارِيَّةٌ: ناقة نجيبة من نِتاجِ النَّظَّارِ، وهو فحل من فحول
العرب؛ قال جرير:
والأَرْحَبِيّ وجَدّها النَّظَّار
لم تُهْجَم: لم تُحْلَبْ.
والمُناظَرَةُ: أَن تُناظِرَ أَخاك في أَمر إِذا نَظَرْتُما فيه معاً
كيف تأْتيانه.
والمَنْظَرُ والمَنْظَرَةُ: ما نظرت إِليه فأَعجبك أَو ساءك، وفي
التهذيب: المَنْظَرَةُ مَنْظَرُ الرجل إِذا نظرت إِليه فأَعجبك، وامرأَة
حَسَنَةُ المَنْظَرِ والمَنْظَرة أَيضاً. ويقال: إِنه لذو مَنْظَرَةٍ بلا
مَخْبَرَةٍ. والمَنْظَرُ: الشيء الذي يعجب الناظر إِذا نظر إِليه ويَسُرُّه.
ويقال: مَنْظَرُه خير من مَخْبَرِه. ورجل مَنْظَرِيٌّ ومَنْظَرانيٌّ،
الأَخيرة على غير قياس: حَسَنُ المَنْظَرِ؛ ورجل مَنْظَرانيٌّ مَخْبَرانيّ.
ويقال: إِن فلاناً لفي مَنْظَرٍ ومُستَمَعٍ، وفي رِيٍّ ومَشْبَع، أَي
فيما أَحَبَّ النَّظَرَ إِليه والاستماع. ويقال: لقد كنت عن هذا المَقامِ
بِمَنْظَرٍ أَي بمَعْزَل فيما أَحْبَبْتَ؛ وقال أَبو زيد يخاطب غلاماً قد
أَبَقَ فَقُتِلَ:
قد كنتَ في مَنْظَرٍ ومُسْتَمَعٍ،
عن نَصْرِ بَهْرَاءَ ، غَيرَ ذي فَرَسِ
وإِنه لسديدُ النَّاظِرِ أَي بَرِيءٌ من التهمة ينظر بمِلءِ عينيه.
وبنو نَظَرَى ونَظَّرَى: أَهلُ النَّظَرِ إِلى النساء والتَّغَزُّل بهن؛
ومنه قول الأَعرابية لبعلها: مُرَّ بي على بَني نَظَرَى، ولا تَمُرَّ بي
على بنات نَقَرَى، أَي مُرَّ بي على الرجال الذين ينظرون إِليّ فأُعجبهم
وأَرُوقُهم ولا يَعِيبُونَني من ورائي، ولا تَمُرَّ بي على النساء
اللائي ينظرنني فيَعِبْنَني حسداً ويُنَقِّرْنَ عن عيوب من مَرَّ بهن.
وامرأَة سُمْعُنَةٌ نُظْرُنَةٌ وسِمْعَنَةٌ نِظْرَنة، كلاهما بالتخفيف؛
حكاهما يعقوب وحده: وهي التي إِذا تَسَمَّعَتْ أَو تَنَظَّرَتْ فلم تَرَ
شيئاً فَظَنَّتْ. والنَّظَرُ: الفكر في الشيء تُقَدِّره وتقيسه منك.
والنَّظْرَةُ: اللَّمْحَة بالعَجَلَة؛ ومنه الحديث: أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، قال لعلي: لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فإِن لك
الأُولى وليست لك الآخرةُ. والنَّظْرَةُ: الهيئةُ. وقال بعض الحكماء: من لم
يَعْمَلْ نَظَرُه لم يَعْمَلْ لسانُه؛ ومعناه أَن النَّظْرَةَ إِذا خرجت
بإِبكار القلب عَمِلَتْ في القلب، وإِذا خرجت بإِنكار العين دون القلب لم
تعمل، ومعناه أَن من لم يَرْتَدِعْ بالنظر إِليه من ذنب أَذنبه لم يرتدع
بالقول. الجوهري وغيره: ونَظَرَ الدَّهْرُ إِلى بني فلان فأَهلكهم؛ قال
ابن سيده: هو على المَثَلِ، قال: ولستُ منه على ثِقَةٍ.
والمَنْظَرَةُ: موضع الرَّبِيئَةِ. غيره: والمَنظَرَةُ موضع في رأْس جبل
فيه رقيب ينظر العدوَّ يَحْرُسُه. الجوهري: والمَنظَرَةُ المَرْقَبَةُ.
ورجلٌ نَظُورٌ ونَظُورَةٌ وناظُورَةٌ ونَظِيرَةٌ: سَيِّدٌ يُنْظَر
إِليه، الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء. الفراء: يقال فلان
نَظُورةُ قومه ونَظِيرَةُ قومهِ، وهو الذي يَنْظُرُ إِليه قومه فيمتثلون ما
امتثله، وكذلك هو طَرِيقَتُهم بهذا المعنى. ويقال: هو نَظِيرَةُ القوم
وسَيِّقَتُهم أَي طَلِيعَتُهم. والنَّظُورُ: الذي لا يُغٌفِلُ النَّظَرَ إِلى
ما أَهمه.
والمَناظِر: أَشرافُ الأَرضِ لأَنه يُنْظَرُ منها. وتَناظَرَتِ
الدَّارانِ: تقابلتا. ونَظَرَ إِليك الجبلُ: قابلك. وإِذا أَخذت في طريق كذا
فَنَظَر إِليك الجبلُ فَخُذْ عن يمينه أَو يساره. وقوله تعالى: وتَراهُمْ
يَنْظُرونَ إِليك وهم لا يبصرون؛ ذهب أَبو عبيد إِلى أَنه أَراد الأَصنام
أَي تقابلك، وليس هنالك نَظَرٌ لكن لما كان النَّظَرُ لا يكون إِلا
بمقابلةٍ حَسُنَ وقال: وتراهم، وإِن كانت لا تعقل لأَنهم يضعونها موضع من
يعقل.والنَّاظِرُ: الحافظ. وناظُورُ الزرع والنخل وغيرهما: حَافِظُه؛ والطاء
نَبَطِيَّة.
وقالوا: انْظُرْني اي اصْغ إِليَّ؛ ومنه قوله عز وجل: وقولوا انْظُرْنا
واسمعوا. والنَّظْرَةُ: الرحمةُ. وقوله تعالى: ولا يَنْظُر إِليهم يوم
القيامة؛ أَي لا يَرْحَمُهُمْ. وفي الحديث: إِن الله لا يَنْظُر إِلى
صُوَرِكم وأَموالكم ولكن إِلى قلوبكم وأَعمالكم؛ قال ابن الأَثير: معنى النظر
ههنا الإِحسان والرحمة والعَطْفُ لأَن النظر في الشاهد دليل المحبة، وترك
النظر دليل البغض والكراهة، ومَيْلُ الناسِ إِلى الصور المعجبة والأَموال
الفائقة، والله سبحانه يتقدس عن شبه المخلوقين، فجعل نَظَرَهُ إِلى ما هو
للسَّرِّ واللُّبِّ، وهو القلب والعمل؛ والنظر يقع على الأَجسام والمعاني،
فما كان بالأَبصار فهو للأَجسام، وما كان بالبصائر كان للمعاني. وفي
الحديث: مَنِ ابتاعَ مِصَرَّاةً فهو بخير النَّظَرَيْنِ أَي خير الأَمرين
له: إِما إِمساك المبيع أَو ردُّه، أَيُّهما كان خيراً له واختاره فَعَلَه؛
وكذلك حديث القصاص: من قُتل له قتيل فهو بخير النَّظَرَيْنِ؛ يعني
القصاص والدية؛ أَيُّهُما اختار كان له؛ وكل هذه معانٍ لا صُوَرٌ. ونَظَرَ
الرجلَ ينظره وانْتَظَرَه وتَنَظَّرَه: تَأَنى عليه؛ قال عُرْوَةُ بن
الوَرْدِ:
إِذا بَعُدُوا لا يأْمَنُونَ اقْتِرابَهُ،
تَشَوُّفَ أَهلِ الغائبِ المُنتَنَظَّرِ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ولا أَجْعَلُ المعروفَ حلَّ أَلِيَّةٍ،
ولا عِدَةً في النَّاظِرِ المُتَغَيِّبِ
فسره فقال: الناظر هنا على النَّسَبِ أَو على وضع فاعل موضع مفعول؛ هذا
معنى قوله، ومَثَّلَه بِسِّرٍ كاتم أَي مكتوم. قال ابن سيده: وهكذا وجدته
بخط الحَامِضِ
(* قوله« الحامض» هو لقب ابي موسى سليمان بن محمد بن أحمد
النحوي أخذ عن ثعلب، صحبه اربعين سنة وألف في اللغة غريب الحديث وخلق
الانسان والوحوش والنبات، روى عنه أبو عمر الزاهد وأبو جعفر الاصبهاني. مات
سنة ؟؟) ، بفتح الياء، كأَنه لما جعل فاعلاً في معنى مفعول استجاز
أَيضاً أَن يجعل مُتَفَعَّلاً في موضع مُتَفَعِّلٍ والصحيح المتَغَيِّب،
بالكسر. والتَّنَظُّرُ: تَوَقَّع الشيء. ابن سيده: والتَّنَظُّرُ تَوَقُّعُ
ما تَنْتَظِرُهُ. والنَّظِرَةُ، بكسر الظاء: التأْخير في الأَمر. وفي
التنزيل العزيز: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ، وقرأَ بعضهم: فناظِرَةٌ، كقوله
عز وجل: ليس لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ؛ أَي تكذيبٌ. ويقال: بِعْتُ فلاناً
فأَنْظَرْتُه أَي أَمهلتُه، والاسم منه النَّظِرَةُ. وقال الليث: يقال
اشتريته منه بِنَظِرَةٍ وإِنْظارٍ. وقوله تعالى: فَنَظِرَة إِلى مَيْسَرَةٍ؛
أَي إِنظارٌ. وفي الحديث: كنتُ أُبايِعُ الناس فكنتُ أُنْظِر المُعْسِرَ؛
الإِنظار: التأْخير والإِمهال. يقال: أَنْظَرْتُه أُنْظِره. ونَظَرَ
الشيءَ: باعه بِنَظِرَة. وأَنْظَرَ الرجلَ: باع منه الشيء بِنَظِرَةٍ.
واسْتَنْظَره: طلب منه النَّظرَةَ واسْتَمْهَلَه. ويقول أَحد الرجلين لصاحبه:
بيْعٌ، فيقول: نِظْرٌ أَي أَنْظِرْني حتى أَشْتَرِيَ منك. وتَنَظَّرْه
أَي انْتَظِرْهُ في مُهْلَةٍ.
وفي حديث أَنس: نَظَرْنا النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، ذاتَ ليلة حتى
كان شَطْرُ الليلِ. يقال: نَظَرتُهُ وانْتَظَرْتُه إِذا ارْتَقَبْتَ
حضورَه. ويقال: نَظَارِ مثل قَطامِ كقولك: انْتَظِرْ، اسم وضع موضع الأَمر.
وأَنْظَرَه: أَخَّرَهُ. وفي التنزيل العزيز: قال أَنْظِرْني إِلى يوم
يُبْعَثُونَ.
والتَّناظُرُ: التَّراوُضُ في الأَمر. ونَظِيرُك: الذي يُراوِضُك
وتُناظِرُهُ، وناظَرَه من المُناظَرَة. والنَّظِيرُ: المِثْلُ، وقيل: المثل في
كل شيء. وفلان نَظِيرُك أَي مِثْلُك لأَنه إِذا نَظَر إِليهما النَّاظِرُ
رآهما سواءً. الجوهري: ونَظِيرُ الشيء مِثْلُه. وحكى أَبو عبيدة:
النِّظْر والنَّظِير بمعنًى مثل النِّدِّ والنَّدِيدِ؛ وأَنشد لعبد يَغُوثَ بن
وَقَّاصٍ الحارِثيِّ:
أَلا هل أَتى نِظْرِيُ مُلَيْكَةَ أَنَّني
أَنا الليثُ، مَعْدِيّاً عليه وعادِيا؟
(* روي هذا البيت في قصيدة عبد يغوث على الصورة التالية:
وقد عَلِمت عِرسِي مُلَيكةُ أنني * أنا الليثُ، مَعدُوّاً عليّ
وعَاديا)
وقد كنتُ نَجَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِلَ الْـ
ـسَطِيِّ، وأَمْضِي حيثُ لا حَيَّ ماضِيَا
ويروى: عِرْسِي مُلَيْكَةَ بدل نِظْرِي مليكة. قال الفرّاء: يقال
نَظِيرَةُ قومه ونَظُورَةُ قومه للذي يُنْظَر إِليه منهم، ويجمعان على
نَظَائِرَ، وجَمْعُ النَّظِير نُظَرَاءُ، والأُنثى نَظِيرَةٌ، والجمع النَّظائر
في الكلام والأَشياء كلها. وفي حديث ابن مسعود: لقد عرفتُ النَّظائِرَ
التي كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَقُومُ بها عشرين سُورَةً من
المُفَصَّل، يعني سُوَرَ المفصل، سميت نظائر لاشتباه بعضها ببعض في الطُّول.
وقول عَديّ: لم تُخطِئْ نِظارتي أَي لم تُخْطِئْ فِراسَتي. والنَّظائِرُ:
جمع نَظِيرة، وهي المِثْلُ والشِّبْهُ في الأَشكال، الأَخلاق والأَفعال
والأَقوال. ويقال: لا تُناظِرْ بكتاب الله ولا بكلام رسول الله، وفي رواية:
ولا بِسُنَّةِ رسول الله؛ قال أَبو عبيد: أَراد لا تجعل شيئاً نظيراً لكتاب
ا ولا لكلام رسول الله فتدعهما وتأْخذ به؛ يقول: لا تتبع قول قائل من كان
وتدعهما له. قال أَبو عبيد: ويجوز أَيضاً في وجه آخر أَن يجعلهما مثلاً
للشيء يعرض مثل قول إِبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أَن يذكروا الآية عند
الشيء يَعْرِضُ من أَمر الدنيا، كقول القائل للرجل إِذا جاء في الوقت الذي
يُرِيدُ صاحبُه: جئت على قَدَرٍ يا موسى، هذا وما أَشبهه من الكلام،
قال: والأَوّل أَشبه. ويقال: ناظَرْت فلاناً أَي صِرْتُ نظيراً له في
المخاطبة. وناظَرْتُ فلاناً بفلان أَي جعلته نَظِيراً له. ويقال للسلطان إِذا
بعث أَميناً يَسْتبرئ أَمْرَ جماعةِ قريةٍ: بَعث ناظِراً.
وقال الأَصمعي: عَدَدْتُ إِبِلَ فلان نَظائِرَ أَي مَثْنَى مثنى،
وعددتها جَمَاراً إِذا عددتها وأَنت تنظر إِلى جماعتها.
والنَّظْرَةُ: سُوءُ الهيئة. ورجل فيه نَظْرَةٌ أَي شُحُوبٌ؛ وأَنشد
شمر:وفي الهامِ منها نَظْرَةٌ وشُنُوعُ
قال أَبو عمرو: النَّظْرَةُ الشُّنْعَةُ والقُبْحُ. ويقال: إِن في هذه
الجارية لَنَظْرَةً إِذا كانت قبيحة. ابن الأَعرابي: يقال فيه نَظْرَةٌ
ورَدَّةٌ أَي يَرْتَدُّ النظر عنه من قُبْحِهِ. وفيه نَظْرَةٌ أَي قبح؛
وأَنشد الرِّياشِيُّ:
لقد رَابَني أَن ابْنَ جَعْدَةَ بادِنٌ،
وفي جِسْمِ لَيْلى نَظْرَةٌ وشُحُوبُ
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، رأَى جارية فقال: إِن بها
نَظْرَةً فاسْتَرْقُوا لها؛ وقيل: معناه إِن بها إِصابة عين من نَظَرِ
الجِنِّ إِليها، وكذلك بها سَفْعَةٌ؛ ومنه قوله تعالى: غيرَ ناظِرِينَ
إِناهُ؛ قال أَهل اللغة: معناه غير منتظرين بلوغه وإِدراكه. وفي الحديث: أَن
عبد الله أَبا النبي، صلى الله عليه وسلم، مرّ بامرأَة تَنْظُرُ وتَعْتافُ،
فرأَتْ في وجهه نُوراً فدعته إِلى أَن يَسْتَبْضِعَ منها وتُعْطِيَهُ
مائةً من الإِبل فأَبى، قوله: تَنْظُرُ أَي تَتَكَهَّنُ، وهو نَظَرُ
تَعَلُّمٍ وفِراسةٍ، وهذه المرأَة هي كاظمةُ بنتُ مُرٍّ، وكانت مُتَهَوِّدَةً قد
قرأَت الكتب، وقيل: هي أُختُ ورَقَةَ بن نَوْفَلٍ. والنَّظْرَةُ: عين
الجن. والنَّظْرَةُ: الغَشْيَةُ أَو الطائف من لجن، وقد نُظِرَ. ورجل فيه
نَظْرَةٌ أَي عيبٌ.
والمنظورُ: الذي أَصابته نَظْرَةٌ. وصبي مَنْظُورٌ: أَصابته العين.
والمنظورُ: الذي يُرْجَى خَيْرُه. ويقال: ما كان نَظِيراً لهذا ولقد
أَنْظَرْتُه، وما كان خَطِيراً ولقد أَخْطَرْتُه. ومَنْظُورُ بن سَيَّارٍ: رجلٌ.
ومَنْظُورٌ: اسمُ جِنِّيٍّ؛ قال:
ولو أَنَّ مَنْظُوراً وحَبَّةَ أَسْلما
لِنَزْعِ القَذَى، لم يُبْرِئا لي قَذَاكُما
وحَبَّةُ: اسم امرأَة عَلِقَها هذا الجني فكانت تَطَبَّبُ بما
يُعَلِّمُها. وناظِرَةُ: جبل معروف أَو موضع. ونَواظِرُ: اسم موضع؛ قال ابن
أَحمر:وصَدَّتْ عن نَواظِرَ واسْتَعَنَّتْ
قَتَاماً، هاجَ عَيْفِيًّا وآلا
(* قوله « عيفياً» كذا بالأصل.)
وبنو النَّظَّارِ: قوم من عُكْلٍ، وإِبل نَظَّاريَّة: منسوبة إِليهم؛
قال الراجز:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّة سَعُومَا
السَّعْمُ: ضَرْبٌ من سير الإِبل.
قوم: القيامُ: نقيض الجلوس، قام يَقُومُ قَوْماً وقِياماً وقَوْمة
وقامةً، والقَوْمةُ المرة الواحدة. قال ابن الأَعرابي: قال عبد لرجل أَراد أن
يشتريه: لا تشترني فإني إذا جعت أَبغضت قَوْماً، وإذا شبِعت أَحببت
نَوْماً، أي أَبغضت قياماً من موضعي؛ قال:
قد صُمْتُ رَبِّي، فَتَقَبَّلْ صامتي،
وقُمْتُ لَيْلي، فتقَبَّل قامَتي
أَدْعُوك يا ربِّ من النارِ التي
أَعْدَدْتَ للكُفَّارِ في القِيامةِ
وقال بعضهم: إنما أَراد قَوْمَتي وصَوْمَتي فأَبدل من الواو أَلفاً،
وجاء بهذه الأبيات مؤسَّسة وغير مؤسسة، وأَراد من خوف النار التي أَعددت؛
وأَورد ابن بري هذا الرجز شاهداً على القَوْمة فقال:
قد قمت ليلي، فتقبَّل قَوْمَتي،
وصمت يومي، فتقبَّل صَوْمَتي
ورجل قائم من رجال قُوَّمٍ وقُيَّمٍ وقِيَّمٍ وقُيَّامٍ وقِيَّامٍ.
وقَوْمٌ: قيل هو اسم للجمع، وقيل: جمع. التهذيب: ونساء قُيَّمٌ
وقائمات أَعرف. والقامةُ: جمع قائم؛ عن كراع. قال ابن بري رحمه الله: قد
ترتجل العرب لفظة قام بين يدي الجمل فيصير كاللغو؛ ومعنى القِيام
العَزْمُ كقول العماني الراجز للرشيد عندما همَّ بأَن يعهد إلى ابنه
قاسم:قُل للإمامِ المُقْتَدَى بأَمِّه:
ما قاسِمٌ دُونَ مَدَى ابنِ أُمِّه،
فَقَدْ رَضِيناهُ فَقُمْ فسَمِّه
أي فاعْزِمْ ونُصَّ عليه؛ وكقول النابغة الذبياني:
نُبِّئتُ حِصْناً وحَيّاً مِن بَني أَسَدٍ
قامُوا فقالُوا؛ حِمانا غيرُ مَقْروبِ
أَي عَزَموا فقالوا؛ وكقول حسان بن ثابت:
علاما قامَ يَشْتُمُني لَئِيمٌ،
كخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ في رَمادِ
(* قوله «علاما» ثبتت ألف ما في الإستفهام مجرورة بعلى في الأصل، وعليها
فالجزء موفور وإن كان الأكثر حذفها حينئذ).
معناه علام يعزم على شتمي؛ وكقول الآخر:
لَدَى بابِ هِنْدٍ إذْ تَجَرَّدَ قائما
ومنه قوله تعالى: وإنه لما قامَ عبد الله يدعوه؛ أي لما عزم. وقوله
تعالى: إذ قاموا فقالوا ربُّنا ربُّ السموات والأرض؛ أي عزَموا فقالوا، قال:
وقد يجيء القيام بمعنى المحافظة والإصلاح؛ ومنه قوله تعالى: الرجال
قوّامون على النساء، وقوله تعالى: إلا ما دمت عليه قائماً؛ أي ملازماً
محافظاً. ويجيء القيام بمعنى الوقوف والثبات. يقال للماشي: قف لي أي تحبَّس
مكانَك حتى آتيك، وكذلك قُم لي بمعنى قف لي، وعليه فسروا قوله سبحانه: وإذا
أَظلم عليهم قاموا؛ قال أهل اللغة والتفسير: قاموا هنا بمعنى وقَفُوا
وثبتوا في مكانهم غير متقدّمين ولا متأَخرين، ومنه التَّوَقُّف في الأَمر وهو
الوقُوف عنده من غير مُجاوَزة له؛ ومنه الحديث: المؤمن وَقَّافٌ
متَأَنٍّ، وعلى ذلك قول الأَعشى:
كانت وَصاةٌ وحاجاتٌ لها كَفَفُ،
لَوْ أَنَّ صْحْبَكَ، إذْ نادَيْتَهم، وقَفُوا
أي ثبتوا ولم يتقدَّموا؛ ومنه قول هُدبة يصف فلاة لا يُهتدى فيها:
يَظَلُّ بها الهادي يُقلِّبُ طَرْفَه،
يَعَضُّ على إبْهامِه، وهو واقِفُ
أَي ثابت بمكانه لا يتقدَّم ولا يتأَخر؛ قال: ومنه قول مزاحم:
أَتَعْرِفُ بالغَرَّيْنِ داراً تَأبَّدَتْ،
منَ الحَيِّ، واستَنَّتْ عَليها العَواصِفُ
وقَفْتُ بها لا قاضِياً لي لُبانةً،
ولا أَنا عنْها مُسْتَمِرٌّ فَصارِفُ
قال: فثبت بهذا ما تقدم في تفسير الآية. قال: ومنه قامت الدابة إذا وقفت
عن السير. وقام عندهم الحق أي ثبت ولم يبرح؛ ومنه قولهم: أقام بالمكان
هو بمعنى الثبات. ويقال: قام الماء إذا ثبت متحيراً لا يجد مَنْفَذاً،
وإذا جَمد أيضاً؛ قال: وعليه فسر بيت أبي الطيب:
وكذا الكَريمُ إذا أَقام بِبَلدةٍ،
سالَ النُّضارُ بها وقام الماء
أي ثبت متحيراً جامداً. وقامَت السُّوق إذا نفَقت، ونامت إذا كسدت.
وسُوق قائِمة: نافِقة. وسُوق نائِمة: كاسِدة. وقاوَمْتُه قِواماً: قُمْت معه،
صحَّت الواو في قِوام لصحتها في قاوَم. والقَوْمةُ: ما بين الركعتين من
القِيام. قال أَبو الدُّقَيْش: أُصلي الغَداة قَوْمَتَيْنِ، والمغرب ثلاث
قَوْمات، وكذلك قال في الصلاة.
والمقام: موضع القدمين؛ قال:
هذا مَقامُ قَدَمَي رَباحِ،
غُدْوَةَ حتَّى دَلَكَتْ بَراحِ
ويروى: بِراحِ. والمُقامُ والمُقامةُ: الموضع الذي تُقيم فيه.
والمُقامة، بالضم: الإقامة. والمَقامة، بالفتح: المجلس والجماعة من الناس، قال:
وأما المَقامُ والمُقامُ فقد يكون كل واحد منهما بمعنى الإقامة، وقد يكون
بمعنى موضع القِيام، لأَنك إذا جعلته من قام يَقُوم فمفتوح، وإن جعلته من
قام يُقِيمُ فَمضْموم، فإن الفعل إذا جاوز الثلاثة فالموضع مضموم الميم،
لأَنه مُشَبَّه ببنات الأَربعة نحو دَحْرَجَ وهذا مُدَحْرَجُنا. وقوله
تعالى: لا مقَامَ لكم، أي لا موضع لكم، وقُرئ لا مُقام لكم، بالضم، أي لا
إقامة لكم. وحَسُنت مُستقَرّاً ومُقاماً؛ أَي موضعاً؛ وقول لبيد:
عَفَتِ الدِّيارُ: مَحلُّها فَمُقامُها
بِمنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجامُها
يعني الإقامة. وقوله عزَّ وجل: كم تركوا من جنات وعيون وزُروع ومَقام
كَريم؛ قيل: المَقامُ الكريم هو المِنْبَر، وقيل: المنزلة الحسَنة. وقامت
المرأَة تَنُوح أَي جعَلت تنوح، وقد يُعْنى به ضدّ القُعود لأَن أكثر
نوائح العرب قِيامٌ؛ قال لبيد:
قُوما تَجُوبانِ مَعَ الأَنْواح
وقوله:
يَوْمُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ
أَفضَلُ من يومِ احْلِقِي وقُومي
إنما أَراد الشدّة فكنى عنه باحْلِقي وقومي، لأَن المرأَة إذا مات
حَمِيمها أو زوجها أو قُتل حلَقَت رأْسها وقامَت تَنُوح عليه. وقولهم: ضَرَبه
ضَرْبَ ابنةِ اقْعُدي وقُومي أي ضَرْبَ أمة، سميت بذلك لقُعودها وقِيامه
في خدمة مواليها، وكأنَّ هذا جعل اسماً، وإن كان فِعْلاً، لكونه من
عادتها كما قال: إن الله ينهاكم عن قِيلٍ وقالٍ. وأَقامَ بالمكان إقاماً
وإقامةً ومُقاماً وقامةً؛ الأخيرة عن كراع: لَبِثَ. قال ابن سيده: وعندي أن
قامة اسم كالطّاعةِ والطّاقَةِ. التهذيب: أَقَمْتُ إقامةً، فإذا أَضَفْت
حَذَفْت الهاء كقوله تعالى: وإقام الصلاةِ وإيتاء الزكاةِ. الجوهري:
وأَقامَ بالمكان إقامةً، والهاء عوض عن عين الفعل لأَن أصلَه إقْواماً،
وأَقامَه من موضعه. وأقامَ الشيء: أَدامَه، من قوله تعالى: ويُقِيمون الصلاةَ،
وقوله تعالى: وإنَّها لبِسَبيل مُقِيم؛ أراد إن مدينة قوم لوط لبطريق
بيِّن واضح؛ هذا قول الزجاج.
والاسْتِقامةُ: الاعْتدالُ، يقال: اسْتَقامَ له الأمر. وقوله تعالى:
فاسْتَقِيمُوا إليه أي في التَّوَجُّه إليه دون الآلهةِ. وقامَ الشيءُ
واسْتقامَ: اعْتدَل واستوى. وقوله تعالى: إن الذين قالوا ربُّنا الله ثم
اسْتَقاموا؛ معنى قوله اسْتَقامُوا عملوا بطاعته ولَزِموا سُنة نبيه، صلى الله
عليه وسلم. وقال الأَسود بن مالك: ثم استقاموا لم يشركوا به شيئاً، وقال
قتادة: استقاموا على طاعة الله؛ قال كعب بن زهير:
فَهُمْ صَرفُوكم، حينَ جُزْتُمْ عنِ الهُدَى،
بأَسْيافِهِِمْ حَتَّى اسْتَقَمْتُمْ على القِيَمْ
قال: القِيَمُ الاسْتِقامةُ. وفي الحديث: قل آمَنتُ بالله ثم اسْتَقِمْ؛
فسر على وجهين: قيل هو الاسْتقامة على الطاعة، وقيل هو ترك الشِّرك.
أَبو زيد: أَقمْتُ الشيء وقَوَّمْته فَقامَ بمعنى اسْتقام، قال:
والاسْتِقامة اعتدال الشيء واسْتِواؤه. واسْتَقامَ فلان بفلان أي مدَحه وأَثنى عليه.
وقامَ مِيزانُ النهار إذا انْتَصفَ، وقام قائمٌ الظَّهِيرة؛ قال الراجز:
وقامَ مِيزانُ النَّهارِ فاعْتَدَلْ
والقَوامُ: العَدْل؛ قال تعالى: وكان بين ذلك قَواماً؛ وقوله تعالى: إنّ
هذا القرآن يَهْدِي للتي هي أَقْومُ؛ قال الزجاج: معناه للحالة التي هي
أَقْوَمُ الحالاتِ وهي تَوْحِيدُ الله، وشهادةُ أن لا إله إلا الله،
والإيمانُ برُسُله، والعمل بطاعته. وقَوَّمَه هو؛ واستعمل أبو إسحق ذلك في
الشِّعر فقال: استقامَ الشِّعر اتَّزَنَ. وقَوّمَََ دَرْأَه: أَزال
عِوَجَه؛ عن اللحياني، وكذلك أَقامَه؛ قال:
أَقِيمُوا، بَني النُّعْمانِ، عَنَّا صُدُورَكُم،
وإلا تُقِيموا، صاغِرِينَ، الرُّؤوسا
عدَّى أَقِيمُوا بعن لأَن فيه معنى نَحُّوا أَو أَزيلُوا، وأَما قوله:
وإلاَّ تُقِيموا صاغرين الرُّؤوسا فقد يجوز أَن يُعْنى به عُني بأَقِيموا
أي وإلا تُقيموا رؤوسكم عنا صاغرين، فالرُّؤوسُ على هذا مفعول بتُقيموا،
وإن شئت جعلت أَقيموا هنا غير متعدّ بعن فلم يكن هنالك حرف ولاحذف،
والرُّؤوسا حينئذ منصوب على التشبيه بالمفعول.
أَبو الهيثم: القامةُ جماعة الناس. والقامةُ أيضاً: قامةُ الرجل. وقامةُ
الإنسان وقَيْمَتُه وقَوْمَتُه وقُومِيَّتُه وقَوامُه: شَطاطُه؛ قال
العجاج:
أَما تَرَيني اليَوْمَ ذا رَثِيَّهْ،
فَقَدْ أَرُوحُ غيرَ ذي رَذِيَّهْ
صُلْبَ القَناةِ سَلْهَبَ القُومِيَّهْ
وصَرَعَه من قَيْمَتِه وقَوْمَتِه وقامَته بمعنى واحد؛ حكان اللحياني عن
الكسائي. ورجل قَوِيمٌ وقَوَّامٌ: حَسَنُ القامة، وجمعهما قِوامٌ.
وقَوام الرجل: قامته وحُسْنُ طُوله، والقُومِيَّةُ مثله؛ وأنشد ابن بري رجز
العجاج:
أَيامَ كنتَ حسَنَ القُومِيَّهْ،
صلبَ القناة سَلهبَ القَوْسِيَّهْ
والقَوامُ: حُسْنُ الطُّول. يقال: هو حسن القامةِ والقُومِيَّة
والقِمّةِ. الجوهري: وقامةُ الإنسان قد تُجمَع على قاماتٍ وقِيَمٍ مِثْل تاراتٍ
وتِيَر، قال: وهو مقصور قيام ولحقه التغيير لأَجل حرف العلة وفارق رَحَبة
ورِحاباً حيث لم يقولوا رِحَبٌ كما قالوا قِيَمٌ وتِيَرٌ. والقُومِيَّةُ:
القَوام أَو القامةُ. الأَصمعي: فلان حسن القامةِ والقِمّة والقُوميَّة
بمعنى واحد؛ وأَنشد:
فَتَمَّ مِنْ قَوامِها قُومِيّ
ويقال: فلان ذُو قُومِيَّةٍ على ماله وأَمْره. وتقول: هذا الأَمر لا
قُومِيَّة له أي لا قِوامَ له. والقُومُ: القصدُ؛ قال رؤبة:
واتَّخَذَ الشَّد لهنَّ قُوما
وقاوَمَه في المُصارَعة وغيرها. وتقاوموا في الحرب أي قام بعضهم لبعض.
وقِوامُ الأمر، بالكسر: نِظامُه وعِماده. أَبو عبيدة: هو قِوامُ أهل
بيته وقِيامُ أهل بيته، وهو الذي يُقيم شأْنهم من قوله تعالى: ولا تُؤتوا
السُّفهاء أَموالكم التي جَعل الله لكم قِياماً. وقال الزجاج: قرئت جعل
الله لكم قِياماً وقِيَماً. ويقال: هذا قِوامُ الأَمر ومِلاكُه الذي يَقوم
به؛ قال لبيد:
أَفَتِلْكَ أمْ وَحْشِيّةٌ مَسْبُوعَةٌ
خُذِلَتْ، وهادِيةُ الصِّوارِ قوامُها؟
قال: وقد يفتح، ومعنى الآية أي التي جعلَها الله لكم قِياماً تُقِيمكم
فتَقُومون بها قِياماً، ومن قرأَ قِيَماً فهو راجع إلى هذا، والمعنى جعلها
الله قِيمةَ الأَشياء فبها تَقُوم أُمورُكم؛ وقال الفراء: التي جعل الله
لكم قِياماً يعني التي بها تَقُومون قياماً وقِواماً، وقرأَ نافع المدني
قيَماً، قال: والمعنى واحد.
ودِينارٌ قائم إذا كان مثقالاً سَواء لا يَرْجح، وهو عند الصيارفة ناقص
حتى يَرْجَح بشيء فيسمى مَيّالاً، والجمع قُوَّمٌ وقِيَّمٌ. وقَوَّمَ
السِّلْعة واسْتَقامها: قَدَّرها. وفي حديث عبد الله بن عباس: إذا
اسْتَقَمْت بنَقْد فبِعْتَ بنقد فلا بأْس به، وإذا اسْتَقَمْت بنقد فبعته
بِنَسيئة فلا خير فيه فهو مكروه؛ قال أَبو عبيد: قوله إذا استقمت يعني
قوَّمت، وهذا كلام أهل مكة، يقولون: اسَتَقَمْتُ المَتاع أي قَوَّمْته، وهما
بمعنى، قال: ومعنى الحديث أن يدفَعَ الرجلُ إلى الرجل الثوب فيقوّمه مثلاً
بثلاثين درهماً، ثم يقول: بعه فما زاد عليها فلك، فإن باعه بأكثر من
ثلاثين بالنقد فهو جائز، ويأْخذ ما زاد على الثلاثين، وإن باعه بالنسيئة
بأَكثر مما يبيعه بالنقد فالبيع مردود ولا يجوز؛ قال أَبو عبيد: وهذا عند من
يقول بالرأْي لا يجوز لأَنها إجارة مجهولة، وهي عندنا معلومة جائزة،
لأَنه إذا وَقَّت له وَقْتاً فما كان وراء ذلك من قليل أو كثير فالوقت يأْتي
عليه، قال: وقال سفيان بن عيينة بعدما روى هذا الحديث يَسْتَقِيمه بعشرة
نقداً فيبيعه بخمسة عشر نسيئة، فيقول: أُعْطِي صاحب الثوب من عندي عشرة
فتكون الخمسة عشر لي، فهذا الذي كره. قال إسحق: قلت لأَحمد قول ابن عباس
إذا استقمت بنقد فبعت بنقد، الحديث، قال: لأنه يتعجل شيئاً ويذهب عَناؤه
باطلاً، قال إسحق: كما قال قلت فما المستقيم؟ قال: الرجل يدفع إلى الرجل
الثوب فيقول بعه بكذا، فما ازْدَدْتَ فهو لك، قلت: فمن يدفع الثوب إلى
الرجل فيقول بعه بكذا فما زاد فهو لك؟ قال: لا بأْس، قال إسحق كما قال.
والقِيمةُ: واحدة القِيَم، وأَصله الواو لأَنه يقوم مقام الشيء.
والقيمة: ثمن الشيء بالتَّقْوِيم. تقول: تَقاوَمُوه فيما بينهم، وإذا انْقادَ
الشيء واستمرّت طريقته فقد استقام لوجه. ويقال: كم قامت ناقتُك أي كم بلغت.
وقد قامَتِ الأمةُ مائة دينار أي بلغ قيمتها مائة دينار، وكم قامَتْ
أَمَتُك أي بلغت. والاستقامة: التقويم، لقول أهل مكة استقَمْتُ المتاع أي
قوَّمته. وفي الحديث: قالوا يا رسول الله لو قوَّمْتَ لنا، فقال: الله هو
المُقَوِّم، أي لو سَعَّرْت لنا، وهو من قيمة الشيء، أي حَدَّدْت لنا
قيمتها. ويقال: قامت بفلان دابته إذا كلَّتْ وأَعْيَتْ فلم تَسِر. وقامت
الدابة: وَقَفَت. وفي الحديث: حين قام قائمُ الظهيرة أي قيام الشمس وقت
الزوال من قولهم قامت به دابته أي وقفت، والمعنى أن الشمس إذا بلغت وسَط
السماء أَبْطأَت حركةُ الظل إلى أن تزول، فيحسب الناظر المتأَمل أنها قد وقفت
وهي سائرة لكن سيراً لا يظهر له أثر سريع كما يظهر قبل الزوال وبعده،
ويقال لذلك الوقوف المشاهد: قام قائم الظهيرة، والقائمُ قائمُ الظهيرة.
ويقال: قام ميزان النهار فهو قائم أي اعْتَدَل. ابن سيده: وقام قائم الظهيرة
إذا قامت الشمس وعقَلَ الظلُّ، وهو من القيام. وعَيْنٌ قائمة: ذهب بصرها
وحدَقَتها صحيحة سالمة. والقائم بالدِّين: المُسْتَمْسِك به الثابت عليه.
وفي الحديث: إنَّ حكيم بن حِزام قال: بايعت رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، أن لا أخِرَّ إلا قائماً؛ قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: أمّا من
قِبَلِنا فلا تَخِرُّ إلا قائماً أي لسنا ندعوك ولا نبايعك إلا قائماً
أي على الحق؛ قال أبو عبيد: معناه بايعت أن لا أموت إلا ثابتاً على
الإسلام والتمسُّك به. وكلُّ من ثبت على شيء وتمسك به فهو قائم عليه. وقال
تعالى: ليْسُوا سَواء من أهل الكتاب أُمَّةٌ قائمةٌ؛ إنما هو من المُواظبة
على الدين والقيام به؛ الفراء: القائم المتمسك بدينه، ثم ذكر هذا الحديث.
وقال الفراء: أُمَّة قائمة أي متمسكة بدينها. وقوله عز وجل: لا يُؤَدِّه
إليك إلا ما دُمت عليه قائماً؛ أي مُواظِباً مُلازِماً، ومنه قيل في
الكلام للخليفة: هو القائِمُ بالأمر، وكذلك فلان قائِمٌ
بكذا إذا كان حافظاً له متمسكاً به. قال ابن بري: والقائِمُ على الشيء
الثابت عليه، وعليه قوله تعالى: من أهل الكتاب أُمةٌ قائمةٌ؛ أي مواظِبة
على الدين ثابتة. يقال: قام فلان على الشيء إذا ثبت عليه وتمسك به؛ ومنه
الحديث: اسْتَقِيموا لقُريش ما اسْتَقامُوا لكم، فإنْ لم يَفْعَلوا
فضَعُوا سيُوفَكم على عَواتِقكم فأَبِيدُوا خضْراءهم، أي دُوموا لهم في الطاعة
واثْبُتوا عليها ما داموا على الدين وثبتوا على الإسلام. يقال: قامَ
واسْتَقامَ كما يقال أَجابَ واسْتجابَ؛ قال الخطابي: الخَوارِج ومن يَرى
رأْيهم يتأَوَّلونه على الخُروج على الأَئمة ويحملون قوله ما اسْتقاموا لكم
على العدل في السِّيرة، وإنما الاستقامة ههنا الإقامة على الإسلام، ودليله
في حديث آخر: سيَلِيكم أُمَراءُ تَقْشَعِرُّ منهم الجلود وتَشْمَئِزُّ
منهم القلوب، قالوا: يا رسول الله، أَفلا تُقاتلهم؟ قال: لا ما أَقاموا
الصلاة، وحديثه الآخر: الأَئمة من قريش أَبرارُها أُمَراءُ أَبرارِها
وفُجَّارُها أُمَراءُ فُجَّارِها؛ ومنه الحديث: لو لم تَكِلْه لقامَ لكم أي
دام وثبت، والحديث الآخر: لو تَرَكَتْه ما زال قائماً، والحديث الآخر: ما
زال يُقِيمُ لها أُدْمَها. وقائِمُ السيف: مَقْبِضُه، وما سوى ذلك فهو
قائمة نحو قائمةِ الخِوان والسرير والدابة. وقَوائِم الخِوان ونحوها: ما
قامت عليه. الجوهري: قائمُ السيف وقائمتُه مَقْبِضه. والقائمةُ: واحدة قوائم
الدَّوابّ. وقوائم الدابة: أربَعُها، وقد يستعار ذلك في الإنسان؛ وقول
الفرزدق يصف السيوف:
إذا هِيَ شِيمتْ فالقوائِمُ تَحْتها،
وإنْ لمْ تُشَمْ يَوْماً علَتْها القَوائِمُ
أَراد سُلَّت. والقوائم: مقَابِض السيوف.
والقُوام: داءٌ يأْخذ الغنم في قوائمها تقوم منه. ابن السكيت: ما فَعل
قُوام كان يَعتري هذه الدابة، بالضم، إذا كان يقوم فلا يَنْبَعث. الكسائي:
القُوام داءٌ يأْخذ الشاة في قوائمها تقوم منه؛ وقَوَّمت الغنم: أَصابها
ذلك فقامت. وقامُوا بهم: جاؤوهم بأَعْدادهم وأَقرانِهم وأَطاقوهم. وفلان
لا يقوم بهذا الأمر أي لا يُطِيق عليه، وإذا لم يُطِق الإنسان شيئاً
قيل: ما قام به. الليث: القامةُ مِقدار كهيئة رجل يبني على شَفِير البئر
يوضع عليه عود البَكْرة، والجمع القِيم، وكذلك كل شيء فوق سطح ونحوه فهو
قامة؛ قال الأَزهري: الذي قاله الليث في تفسير القامة غير صحيح، والقامة عند
العرب البكرة التي يستقى بها الماء من البئر، وروي عن أبي زيد أنه قال:
النَّعامة الخشبة المعترضة على زُرْنُوقي البئر ثم تعلق القامة، وهي
البَكْرة من النعامة. ابن سيده: والقامةُ البكرة يُستقَى عليها، وقيل: البكرة
وما عليها بأَداتِها، وقيل: هي جُملة أَعْوادها؛ قال الشاعر:
لَمّا رأَيْتُ أَنَّها لا قامهْ،
وأَنَّني مُوفٍ على السَّآمَهْ،
نزَعْتُ نَزْعاً زَعْزَعَ الدِّعامهْ
والجمع قِيَمٌ مثل تارةٍ وتِيَرٍ، وقامٌ؛ قال الطِّرِمّاح:
ومشَى تُشْبِهُ أَقْرابُه
ثَوْبَ سْحْلٍ فوقَ أَعوادِ قامِ
وقال الراجز:
يا سَعْدُ غَمَّ الماءَ وِرْدٌ يَدْهَمُه،
يَوْمَ تَلاقى شاؤُه ونَعَمُهْ،
واخْتَلَفَتْ أَمْراسُه وقِيَمُهْ
وقال ابن بري في قول الشاعر:
لَمّا رأَيت أَنها لا قامه
قال: قال أَبو عليّ ذهب ثعلب إلى أَن قامة في البيت جمع قائِم مثل بائِع
وباعةٍ، كأَنه أَراد لا قائمين على هذا الحوض يَسْقُون منه، قال: ومثله
فيما ذهب إليه الأَصمعي:
وقامَتي رَبِيعةُ بنُ كَعْبِ،
حَسبُكَ أَخلاقُهمُ وحَسْبي
أي رَبِيعة قائمون بأَمري؛ قال: وقال عديّ بن زيد:
وإنِّي لابنُ ساداتٍ
كِرامٍ عنهمُ سُدْتُ
وإنِّي لابنُ قاماتٍ
كِرامٍ عنهمُ قُمْتُ
أَراد بالقاماتِ الذين يقومون بالأُمور والأَحداث؛ ومما يشهد بصحة قول
ثعلب أن القامة جمع قائم لا البكرة قوله:
نزعت نزعاً زعزع الدِّعامه
والدِّعامة إنما تكون للبكرة، فإن لم تكن بكْرَةٌ
فلا دعامة ولا زعزعةَ لها؛ قال ابن بري: وشاهد القامة للبكرة قول
الراجز:إنْ تَسْلَمِ القامةُ والمَنِينُ،
تُمْسِ وكلُّ حائِمٍ عَطُونُ
وقال قيس بن ثُمامة الأرْحبي في قامٍ جمع قامةِ البئر:
قَوْداءَ تَرْمَدُّ مِنْ غَمْزي لها مَرَطَى،
كأَن هادَيها قامٌ على بِيرِ
والمِقْوَم: الخَشَبة التي يُمْسكها الحرّاث. وقوله في الحديث: إنه
أَذِنَ في قَطْع المسَدِ والقائمَتينِ من شجر الحَرَم، يريد قائمتي الرَّحْل
اللتين تكون في مُقَدَّمِه ومُؤَخَّره.
وقَيِّمُ الأمر: مُقِيمهُ. وأمرٌ
قَيِّمٌ: مُسْتقِيم. وفي الحديث: أتاني مَلَك فقال: أَنت قُثَمٌ
وخُلُقُكَ قَيِّم أي مُسْتَقِيم حسَن. وفي الحديث: ذلك الدين القَيِّمُ أي
المستقيم الذي لا زَيْغ فيه ولا مَيْل عن الحق. وقوله تعالى: فيها كُتب
قيِّمة؛ أَي مستقيمة تُبيّن الحقّ من الباطل على اسْتِواء وبُرْهان؛ عن الزجاج.
وقوله تعالى: وذلك دِين القَيِّمة؛ أَي دين الأُمةِ القيّمة بالحق،
ويجوز أَن يكن دين المِلة المستقيمة؛ قال الجوهري: إنما أَنثه لأَنه أَراد
المِلة الحنيفية. والقَيِّمُ: السيّد وسائسُ الأَمر. وقَيِّمُ القَوْم:
الذي يُقَوِّمُهم ويَسُوس أَمرهم. وفي الحديث: ما أَفْلَحَ قَوْمٌ
قَيِّمَتُهُم امرأة. وقَيِّمُ المرأَةِ: زوجها في بعض اللغات. وقال أَبو
الفتح ابن جني في كتابه الموسوم بالمُغْرِب. يروى أَن جاريتين من بني
جعفر بن كلاب تزوجتا أَخوين من بني أَبي بكر ابن كلاب فلم تَرْضَياهما
فقالت إحداهما:
أَلا يا ابْنَةَ الأَخْيار مِن آلِ جَعْفَرٍ
لقد ساقَنا منْ حَيِّنا هَجْمَتاهُما
أُسَيْوِدُ مِثْلُ الهِرِّ لا دَرَّ دَرُّه
وآخَرُ مِثْلُ القِرْدِ لا حَبَّذا هُما
يَشِينانِ وجْهَ الأَرْضِ إنْ يَمْشِيا بِها،
ونَخْزَى إذَا ما قِيلَ: مَنْ قَيِّماهُما؟
قَيِّماهما: بَعْلاهُما، ثنت الهَجّمتين لأَنها أَرادت القِطْعَتَين أَو
القَطيعَيْنِ. وفي الحديث: حتى يكون لخمسين امرأَة قَيِّمٌ واحد؛
قَيِّمُ المرأَةِ: زوجها لأَنه يَقُوم بأَمرها وما تحتاج إليه. وقام بأَمر كذا.
وقام الرجلُ على المرأَة: مانَها. وإنه لَقَوّام علهيا: مائنٌ لها. وفي
التنزيل العزيز: الرجالُ قَوَّامون على النساء؛ وليس يراد ههنا، والله
أَعلم، القِيام الذي هو المُثُولُ والتَّنَصُّب وضدّ القُعود، إنما هو من
قولهم قمت بأَمرك، فكأنه، والله أَعلم، الرجال مُتكفِّلون بأُمور النساء
مَعْنِيُّون بشؤونهن، وكذلك قوله تعالى: يا أَيها الذين آمنوا إذا قُمتم
إلى الصلاة؛ أَي إذا هَمَمْتم بالصلاة وتَوَجّهْتم إليها بالعِناية وكنتم
غير متطهرين فافعلوا كذا، لا بدّ من هذا الشرط لأَن كل من كان على طُهر
وأَراد الصلاة لم يلزمه غَسْل شيء من أعضائه، لا مرتَّباً ولا مُخيراً
فيه، فيصير هذا كقوله: وإن كنتم جُنُباً فاطَّهروا؛ وقال هذا، أَعني قوله
إذا قمتم إلى الصلاة فافعلوا كذا، وهو يريد إذا قمتم ولستم على طهارة، فحذف
ذلك للدلالة عليه، وهو أَحد الاختصارات التي في القرآن وهو كثير جدّاً؛
ومنه قول طرفة:
إذا مُتُّ فانْعِينِي بما أَنا أَهْلُه،
وشُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ، يا ابنةَ مَعْبَدِ
تأْويله: فإن مت قبلك، لا بدّ أَن يكون الكلام مَعْقوداً على هذا لأَنه
معلوم أَنه لا يكلفها نَعْيَه والبُكاء عليه بعد موتها، إذ التكليفُ لا
يصح إلا مع القدرة، والميت لا قدرة فيه بل لا حَياة عنده، وهذا واضح.
وأَقامَ الصلاة إقامةً وإقاماً؛ فإقامةً
على العوض، وإقاماً بغير عوض. وفي التنزيل: وإقامَ الصلاة. ومن كلام
العرب: ما أَدري أَأَذَّنَ أَو أَقامَ؛ يعنون أَنهم لم يَعْتَدّوا أَذانَه
أَذانَاً ولا إقامَته إقامةً، لأَنه لم يُوفِّ ذلك حقَّه، فلما وَنَى فيه
لم يُثبت له شيئاً منه إذ قالوها بأَو، ولو قالوها بأَم لأَثبتوا أَحدهما
لا محالة. وقالوا: قَيِّم المسجد وقَيِّمُ الحَمَّام. قال ثعلب: قال ابن
ماسَوَيْهِ ينبغي للرجل أَن يكون في الشتاء كقَيِّم الحَمَّام، وأَما
الصيف فهو حَمَّام كله وجمع قَيِّم عند كراع قامة. قال ابن سيده: وعندي أَن
قامة إنما هو جمع قائم على ما يكثر في هذا الضرب.
والمِلَّة القَيِّمة: المُعتدلة، والأُمّة القَيِّمة كذلك. وفي التنزيل:
وذلك دين القَيّمة؛ أي الأُمَّة القيمة. وقال أَبو العباس والمبرد: ههنا
مضمرٍ، أَراد ذلك دِينُ الملَّةِ القيمة، فهو نعت مضمرٍ محذوفٌ محذوقٌ؛
وقال الفراء: هذا مما أُضيف إلى نفسه لاختلاف لفظيه؛ قال الأَزهري:
والقول ما قالا، وقيل: أباء في القَيِّمة للمبالغة، ودين قَيِّمٌ كذلك. وفي
التنزيل العزيز: ديناً قِيَماً مِلَّةَ إبراهيم. وقال اللحياني وقد قُرئ
ديناً قَيِّماً أي مستقيماً. قال أَبو إسحق: القَيِّمُ هو المُسْتَقيم،
والقِيَمُ: مصدر كالصِّغَر والكِبَر إلا أَنه لم يُقل قِوَمٌ مثل قوله: لا
يبغون عنها حِوَلاً؛ لأَن قِيَماً من قولك قام قِيَماً، وقامَ كان في
الأصل قَوَمَ أَو قَوُمَ، فصار قام فاعتل قِيَم، وأَما حِوَلٌ
فهو على أَنه جار على غير فِعْل؛ وقال الزجاج: قِيَماً مصدر كالصغر
والكبر، وكذلك دين قَوِيم وقِوامٌ.
ويقال: رمح قَوِيمٌ وقَوامٌ قَوِيمٌ
أَى مستقيم؛ وأَنشد ابن بري لكعب بن زهير:
فَهُمْ ضَرَبُوكُم حِينَ جُرْتم عن الهُدَى
بأَسْيافهم، حتَّى اسْتَقَمْتُمْ على القِيَمْ
(* قوله «ضربوكم حين جرتم» تقدم في هذه المادة تبعاً للأصل: صرفوكم حين
جزتم، ولعله مروي بهما).
وقال حسان:
وأَشْهَدُ أَنَّكَ، عِنْد المَلِيـ
ـكِ، أُرْسلْتَ حَقّاً بِدِينٍ قِيَمْ
قال: إلا أنّ القِيَمَ مصدر بمعنى الإستقامة. والله تعالى القَيُّوم
والقَيَّامُ. ابن الأَعرابي: القَيُّوم والقيّام والمُدبِّر واحد. وقال
الزجاج: القيُّوم والقيَّام في صفة الله تعالى وأَسمائه الحسنى القائم بتدبير
أَمر خَلقه في إنشائهم ورَزْقهم وعلمه بأَمْكِنتهم. قال الله تعالى: وما
من دابّة في الأَرض إلا على الله رِزْقُها ويَعلَم مُسْتَقَرَّها
ومُسْتَوْدَعها. وقال الفراء: صورة القَيُّوم من الفِعل الفَيْعُول، وصورة
القَيَّام الفَيْعال، وهما جميعاً مدح، قال: وأَهل الحجاز أَكثر شيء قولاً
للفَيْعال من ذوات الثلاثة مثل الصَّوَّاغ، يقولون الصَّيَّاغ. وقال الفراء
في القَيِّم: هو من الفعل فَعِيل، أَصله قَوِيم، وكذلك سَيّد سَوِيد
وجَيِّد جَوِيد بوزن ظَرِيف وكَرِيم، وكان يلزمهم أَن يجعلوا الواو أَلفاً
لانفتاح ما قبلها ثم يسقطوها لسكونها وسكون التي بعدها، فلما فعلوا ذلك
صارت سَيْد على فَعْل، فزادوا ياء على الياء ليكمل بناء الحرف؛ وقال
سيبويه: قَيِّم وزنه فَيْعِل وأَصله قَيْوِم، فلما اجتمعت الياء والواو والسابق
ساكن أَبدلوا من الواو ياء وأَدغموا فيها الياء التي قبلها، فصارتا ياء
مشدّدة، وكذلك قال في سيّد وجيّد وميّت وهيّن وليّن. قال الفراء: ليس في
أَبنية العرب فَيْعِل، والحَيّ كان في الأَصل حَيْواً، فلما إجتمعت الياء
والواو والسابق ساكن جعلتا ياء مشدّدة. وقال مجاهد: القَيُّوم القائم
على كل شيء، وقال قتادة: القيوم القائم على خلقه بآجالهم وأَعمالهم
وأَرزاقهم. وقال الكلبي: القَيُّومُ الذي لا بَدِيء له. وقال أَبو عبيدة: القيوم
القائم على الأشياء. الجوهري: وقرأَ عمر الحيُّ القَيّام، وهو لغة،
والحيّ القيوم أَي القائم بأَمر خلقه في إنشائهم ورزقهم وعلمه بمُسْتَقرِّهم
ومستودعهم. وفي حديث الدعاء: ولكَ الحمد أَنت قَيّام السمواتِ والأَرض،
وفي رواية: قَيِّم، وفي أُخرى: قَيُّوم، وهي من أبنية المبالغة، ومعناها
القَيّام بأُمور الخلق وتدبير العالم في جميع أَحواله، وأَصلها من الواو
قَيْوامٌ وقَيْوَمٌ وقَيْوُومٌ، بوزن فَيْعالٍ وفَيْعَلٍ وفَيْعُول.
والقَيُّومُ: من أَسماء الله المعدودة، وهو القائم بنفسه مطلقاً لا بغيره، وهو
مع ذلك يقوم به كل موجود حتى لا يُتَصوَّر وجود شيء ولا دوام وجوده إلا
به.
والقِوامُ من العيش
(* قوله «والقوام من العيش» ضبط القوام في الأصل
بالكسر واقتصر عليه في المصباح، ونصه: والقوام، بالكسر، ما يقيم الإنسان من
القوت، وقال أيضاً في عماد الأمر وملاكه أنه بالفتح والكسر، وقال صاحب
القاموس: القوام كسحاب ما يعايش به، وبالكسر، نظام الأمر وعماده): ما
يُقيمك. وفي حديث المسألة: أَو لذي فَقْرٍ مُدْقِع حتى يُصِيب قِواماً من عيش
أَي ما يقوم بحاجته الضرورية. وقِوامُ العيش: عماده الذي يقوم به.
وقِوامُ الجِسم: تمامه. وقِوام كل شيء: ما استقام به؛ قال العجاج:
رأْسُ قِوامِ الدِّينِ وابنُ رَأْس
وإِذا أَصاب البردُ شجراً أَو نبتاً فأَهلك بعضاً وبقي بعض قيل: منها
هامِد ومنها قائم. الجوهري: وقَوَّمت الشيء، فهو قَويم أي مستقيم، وقولهم
ما أَقوَمه شاذ، قال ابن بري: يعني كان قياسه أَن يقال فيه ما أَشدَّ
تَقْويمه لأَن تقويمه زائد على الثلاثة، وإنما جاز ذلك لقولهم قَويم، كما
قالوا ما أَشدَّه وما أَفقَره وهو من اشتدّ وافتقر لقولهم شديد وفقير.
قال: ويقال ما زِلت أُقاوِمُ فلاناً في هذا الأَمر أي أُنازِله. وفي
الحديث: مَن جالَسه أَو قاوَمه في حاجة صابَره. قال ابن الأَثير: قاوَمَه
فاعَله من القِيام أَي إذا قامَ معه ليقضي حاجتَه صبَر عليه إلى أن
يقضِيها.وفي الحديث: تَسْويةُ الصفّ من إقامة الصلاة أي من تمامها وكمالها، قال:
فأَمّا قوله قد قامت الصلاة فمعناه قامَ أَهلُها أَو حان قِيامهم. وفي
حديث عمر: في العين القائمة ثُلُث الدية؛ هي الباقية في موضعها صحيحة
وإنما ذهب نظرُها وإبصارُها. وفي حديث أَبي الدرداء: رُبَّ قائمٍ مَشكورٌ له
ونائمٍ مَغْفورٌ له أَي رُبَّ مُتَجَهِّد يَستغفر لأَخيه النائم فيُشكر
له فِعله ويُغفر للنائم بدعائه. وفلان أَقوَمُ كلاماً من فلان أَي أَعدَلُ
كلاماً.
والقَوْمُ: الجماعة من الرجال والنساء جميعاً، وقيل: هو للرجال خاصة دون
النساء، ويُقوِّي ذلك قوله تعالى: لا يَسْخَر قَوم من قوم عسى أَن
يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أَن يَكُنَّ خيراً منهن؛ أَي رجال من
رجال ولا نساء من نِساء، فلو كانت النساء من القوم لم يقل ولا نساء من
نساء؛ وكذلك قول زهير:
وما أَدرِي، وسوفَ إخالُ أَدري،
أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِساء؟
وقَوْمُ كل رجل: شِيعته وعشيرته. وروي عن أَبي العباس: النَّفَرُ
والقَوْم والرَّهط هؤُلاء معناهم الجمع لا واحد لهم من لفظهم للرجال دون
النساء. وفي الحديث: إن نَسَّاني الشيطان شيئاً من هلاتي فليُسبِّح القومُ
وليُصَفِّقِ النساء؛ قال ابن الأَثير: القوم في الأصل مصدر قام ثم غلب على
الرجال دون النساء، ولذلك قابلن به، وسموا بذلك لأَنهم قوّامون على النساء
بالأُمور التي ليس للنساء أَن يقمن بها. الجوهري: القوم الرجال دون
النساء لا واحد له من لفظه، قال: وربما دخل النساء فيه على سبيل التبع لأَن
قوم كل نبي رجال ونساء، والقوم يذكر ويؤَنث، لأَن أَسماء الجموع التي لا
واحد لها من لفظها إذا كانت للآدميين تذكر وتؤنث مثل رهط ونفر وقوم، قال
تعالى: وكذَّبَ به قومك، فذكَّر، وقال تعالى: كذَّبتْ قومُ نوح، فأَنَّث؛
قال: فإن صَغَّرْتَ لم تدخل فيها الهاء وقلت قُوَيْم ورُهَيْط ونُفَير،
وإنما يلحَقُ التأْنيثُ فعله، ويدخل الهاء فيما يكون لغير الآدميين مثل
الإبل والغنم لأَن التأنيث لازم له، وأَما جمع التكسير مثل جمال ومساجد،
وإن ذكر وأُنث، فإنما تريد الجمع إذا ذكرت، وتريد الجماعة إذا أَنثت. ابن
سيده: وقوله تعالى: كذَّبت قوم نوح المرسلين، إِنما أَنت على معنى كذبت
جماعة قوم نوح، وقال المرسلين، وإن كانوا كذبوا نوحاً وحده، لأَن من كذب
رسولاً واحداً من رسل الله فقد كذب الجماعة وخالفها، لأَن كل رسول يأْمر
بتصديق جميع الرسل، وجائز أَن يكون كذبت جماعة الرسل، وحكى ثعلب: أَن العرب
تقول يا أَيها القوم كفُّوا عنا وكُفّ عنا، على اللفظ وعلى المعنى. وقال
مرة: المخاطب واحد، والمعنى الجمع، والجمع أَقْوام وأََقاوِم وأقايِم؛
كلاهما على الحذف؛ قال أَبو صخر الهذلي أَنشده يعقوب:
فإنْ يَعْذِرِ القَلبُ العَشِيَّةَ في الصِّبا
فُؤادَكَ، لا يَعْذِرْكَ فيه الأَقاوِمُ
ويروى: الأقايِمُ، وعنى بالقلب العقل؛ وأَنشد ابن بري لخُزَز بن
لَوْذان:مَنْ مُبْلغٌ عَمْرَو بنَ لأ
يٍ، حَيْثُ كانَ مِن الأَقاوِمْ
وقوله تعالى: فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين؛ قال الزجاج: قيل
عنى بالقوم هنا الأَنبياء، عليهم السلام، الذين جرى ذكرهم، آمنوا بما أَتى
به النبي، صلى الله عليه وسلم، في وقت مَبْعثهم؛ وقيل: عنى به من آمن من
أَصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، وأَتباعه، وقيل: يُعنى به الملائكة
فجعل القوم من الملائكة كما جعل النفر من الجن حين قال عز وجل: قل أُوحي
إليّ أَنه استمع نفر من الجن، وقوله تعالى: يَسْتَبْدِلْ قوماً غيركم؛ قال
الزجاج: جاء في التفسير: إن تولى العِبادُ استبدل الله بهم الملائكة،
وجاء: إن تَوَلَّى أهلُ مكة استبدل الله بهم أهل المدينة، وجاء أيضاً:
يَسْتَبْدِل قوماً غيركم من أهل فارس، وقيل: المعنى إن تتولوا يستبدل قوماً
أَطْوَعَ له منكم. قال ابن بري: ويقال قوم من الجنّ وناسٌ من الجنّ
وقَوْمٌمن الملائكة؛ قال أُمية:
وفيها مِنْ عبادِ اللهِ قَوْمٌ،
مَلائِكُ ذُلُِّلوا، وهُمُ صِعابُ
والمَقامُ والمَقامة: المجلس. ومَقامات الناس: مَجالِسُهم؛ قال العباس
بن مرداس أَنشده ابن بري:
فأَيِّي ما وأَيُّكَ كان شَرّاً
فَقِيدَ إلى المَقامةِ لا يَراها
ويقال للجماعة يجتمعون في مَجْلِسٍ: مَقامة؛ ومنه قول لبيد:
ومَقامةٍ غُلْبِ الرِّقابِ كأَنَّهم
جِنٌّ، لدَى بابِ الحَصِيرِ، قِيامُ
الحَصِير: المَلِك ههنا، والجمع مَقامات؛ أَنشد ابن بري لزهير:
وفيهِمْ مَقاماتٌ حِسانٌ وجُوهُهُمْ،
وأَنْدِيةٌ يَنْتابُها القَوْلُ والفِعْلُ
ومَقاماتُ الناسِ: مَجالِسهم أيضاً. والمَقامة والمَقام: الموضع الذي
تَقُوم فيه. والمَقامةُ: السّادةُ.
وكل ما أَوْجَعَك من جسَدِك فقد قامَ بك. أَبو زيد في نوادره: قامَ بي
ظَهْري أَي أَوْجَعَني، وقامَت بي عيناي.
ويومُ القِيامة: يومُ البَعْث؛ وفي التهذيب: القِيامة يوم البعث يَقُوم
فيه الخَلْق بين يدي الحيّ القيوم. وفي الحديث ذكر يوم القِيامة في غير
موضع، قيل: أَصله مصدر قام الخَلق من قُبورهم قِيامة، وقيل: هو تعريب
قِيَمْثَا
(* قوله «تعريب قيمثا» كذا ضبط في نسخة صحيحة من النهاية، وفي أخرى
بفتح القاف والميم وسكون المثناة بينهما. ووقع في التهذيب بدل المثلثة
ياء مثناة ولم يضبط)، وهو بالسريانية بهذا المعنى. ابن سيده: ويوم
القِيامة يوم الجمعة؛ ومنه قول كعب: أَتَظْلِم رجُلاً يوم القيامة؟
ومَضَتْ قُِوَيْمةٌ من الليلِ أَي ساعةٌ
أَو قِطْعة، ولم يَجِدْه أَبو عبيد، وكذلك مضَى قُوَيْمٌ
من الليلِ، بغير هاء، أَي وَقْت غيرُ محدود.
رهب: رَهِبَ، بالكسر، يَرْهَبُ رَهْبَةً ورُهْباً، بالضم، ورَهَباً،
بالتحريك، أَي خافَ. ورَهِبَ الشيءَ رَهْباً ورَهَباً ورَهْبةً: خافَه.
والاسم: الرُّهْبُ، والرُّهْبى، والرَّهَبوتُ، والرَّهَبُوتى؛ ورَجلٌ
رَهَبُوتٌ. يقال: رَهَبُوتٌ خَيرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ، أَي لأَن تُرْهَبَ خَيرٌ
من أَنْ تُرْحَمَ.
وتَرَهَّبَ غيرَه إِذا تَوَعَّدَه؛ وأَنشد الأَزهري للعجاج يَصِفُ عَيراً وأُتُنَه:
تُعْطِـيهِ رَهْباها، إِذا تَرَهَّبَا، على اضْطِمَارِ الكَشْحِ بَوْلاً زَغْرَبا،(1)
عُصارةَ الجَزْءِ الذي تَحَلَّبا
(1 قوله «الكشح» هو رواية الأزهري وفي التكملة اللوح.)
رَهْباها: الذي تَرْهَبُه، كما يقال هالكٌ وهَلْكَى. إِذا تَرَهَّبا إِذا تَوَعَّدا. وقال الليث: الرَّهْبُ، جزم، لغة في الرَّهَب؛ قال:
والرَّهْباءُ اسم من الرَّهَبِ، تقول: الرَّهْباءُ من اللّهِ، والرَّغْباءُ
إِليه.وفي حديث الدُّعاءِ: رَغْبةً ورَهْبةً إِليك. الرَّهْبةُ: الخَوْفُ
والفَزَعُ، جمع بين الرَّغْبةِ والرَّهْبةِ، ثم أَعمل الرَّغْبةَ وحدها، كما
تَقدَّم في الرَّغْبةِ. وفي حديث رَضاعِ الكبير: فبَقِـيتُ سنَـةً لا
أُحَدِّثُ بها رَهْبَتَه؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في روايةٍ، أَي من
أَجل رَهْبَتِه، وهو منصوب على المفعول له.
وأرْهَبَه ورَهَّبَه واستَرْهَبَه: أَخافَه وفَزَّعه.
واسْتَرْهَبَه: اسْتَدْعَى رَهْبَتَه حتى رَهِـبَه الناسُ؛ وبذلك فسر قوله عز وجل: واسْترْهَبُوهُم وجاؤُوا بسحْرٍ عظيمٍ؛ أَي أَرْهَبُوهم.
وفي حديث بَهْز بن حَكِـيم: إِني لأَسمع الرَّاهِـبةَ. قال ابن الأَثير:
هي الحالة التي تُرْهِبُ أَي تُفْزِعُ وتُخَوِّفُ؛ وفي رواية: أَسْمَعُك
راهِـباً أَي خائفاً.
وتَرَهَّب الرجل إِذا صار راهِـباً يَخْشَى اللّه.
والرَّاهِبُ: الـمُتَعَبِّدُ في الصَّوْمعةِ، وأَحدُ رُهْبانِ النصارى،
ومصدره الرَّهْبةُ والرَّهْبانِـيّةُ، والجمع الرُّهْبانُ، والرَّهابِـنَةُ خطأٌ، وقد يكون الرُّهْبانُ واحداً وجمعاً، فمن جعله واحداً جعله على
بِناءِ فُعْلانٍ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لو كَلَّمَتْ رُهْبانَ دَيْرٍ في القُلَلْ، * لانْحَدَرَ الرُّهْبانُ يَسْعَى، فنَزَلْ
قال: ووجهُ الكلام أَن يكون جمعاً بالنون؛ قال: وإِن جمعت الرُّهبانَ الواحد رَهابِـينَ ورَهابِنةً، جاز؛ وإِن قلت: رَهْبانِـيُّون كان صواباً.
وقال جرير فيمن جعل رهبان جمعاً:
رُهْبانُ مَدْيَنَ، لو رَأَوْكَ، تَنَزَّلُوا، * والعُصْمُ، من شَعَفِ العقُولِ، الفادِرُ
وَعِلٌ عاقِلٌ صَعِدَ الجبل؛ والفادِرُ: الـمُسِنُّ من الوُعُول.
والرَّهْبانيةُ: مصدر الراهب، والاسم الرَّهْبانِـيَّةُ. وفي التنزيل
العزيز: وجعَلْنا في قُلُوب الذين اتَّبَعُوه رَأْفةً ورَحْمةً ورَهْبانيَّـةً ابْتَدَعوها، ما كَتَبْناها عليهم إِلا ابتغاء رِضوانِ اللّهِ. قال
الفارسي: رَهْبانِـيَّةً، منصوب بفعل مضمر، كأَنه قال: وابْتَدَعُوا
رَهْبانيَّةً ابْتَدَعوها، ولا يكون عطفاً على ما قبله من المنصوب في الآية، لأَن ما وُضِعَ في القلب لا يُبْتَدَعُ. وقد تَرَهَّبَ. والتَّرَهُّبُ: التَّعَبُّدُ، وقيل: التَّعَبُّدُ في صَوْمَعَتِه. قال: وأَصلُ
الرَّهْبانِـيَّة من الرَّهْبةِ، ثم صارت اسماً لِـما فَضَل عن المقدارِ
وأَفْرَطَ فيه؛ ومعنى قوله تعالى: ورَهْبانِـيَّةً ابْتَدَعُوها، قال أَبو إِسحق: يَحتمل ضَرْبَيْن: أَحدهما أَن يكون المعنى في قوله «ورَهْبانِـيَّةً ابْتَدَعُوها» وابتدعوا رهبانية ابتدعوها، كما تقول رأَيتُ زيداً وعمراً أَكرمته؛ قال: ويكون «ما كتبناها عليهم»
معناه لم تُكتب عليهم البَتَّةَ. ويكون «إِلا ابتغاءَ رِضوان اللّه» بدلاَ من الهاءِ والأَلف، فيكون المعنى: ما كَتَبْنا عليهم إِلا ابتغاءَ
رِضوانِ اللّهِ. وابتغاءُ رِضوانِ اللّه، اتِّباعُ ما أَمَرَ به، فهذا، واللّه
أَعلم، وجه؛ وفيه وجه آخر: ابتدعوها، جاءَ في التفسير أَنهم كانوا يَرَوْن من ملوكهم ما لا يَصْبِـرُون عليه، فاتخذوا أَسراباً وصَوامِعَ وابتدعوا ذلك، فلما أَلزموا أَنفسهم ذلك التَّطَوُّعَ، ودَخَلُوا فيه، لَزِمَهم تمامُه، كما أَن الإِنسانَ إِذا جعل على نفسِه صَوْماً، لم يُفْتَرَضْ عليه، لزمه أَن يُتِمه.
والرَّهْبَنَةُ: فَعْلَنَةٌ منه، أَو فَعْلَلَةٌ، على تقدير أَصْلِـيَّةِ النون وزيادتها؛ قال ابن الأَثير: والرَّهْبانِـيَّةُ مَنْسوبة إِلى الرَّهْبَنةِ، بزيادة الأَلف. وفي الحديث: لا رَهْبانِـيَّةَ في الإِسلام، هي كالاخْتِصاءِ واعْتِناقِ السَّلاسِلِ وما أَشبه ذلك، مما كانت الرَّهابِنَةُ تَتَكَلَّفُه، وقد وضعها اللّه، عز وجل، عن أُمة محمد، صلى اللّه عليه وسلم. قال ابن الأَثير: هي من رَهْبَنةِ النصارى. قال: وأَصلها من الرَّهْبةِ: الخَوْفِ؛ كانوا يَتَرَهَّبُون بالتَّخَلي
من أَشْغالِ الدنيا، وتَرْكِ مَلاذِّها، والزُّهْدِ فيها، والعُزلةِ عن أَهلِها، وتَعَهُّدِ مَشاقِّها، حتى إِنَّ منهم مَن كان يَخْصِـي نَفْسَه ويَضَعُ السِّلسلةَ في عُنقه وغير ذلك من أَنواع التعذيب، فنفاها النبـيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، عن الإِسلام، ونهى المسلمين عنها. وفي الحديث: عليكم بالجهاد فإِنه رَهْبانِـيَّة أُمتي؛ يُريد أَنَّ الرُّهْبانَ، وإِن تركوا الدنيا وزَهِدُوا فيها، وتَخَلَّوْا عنها، فلا تَرْكَ ولا زُهْدَ ولا تَخَلِّيَ أَكثرُ من بذل النفس في سبيل اللّه؛ وكما أَنه ليس عند النصارى عَمَلٌ أَفضلُ من التَّرَهُّب، ففي الإِسلام لا
عَمَلَ أَفضلُ من الجهاد؛ ولهذا قال ذِرْوة: سَنامُ الإِسلامِ الجِهادُ
في سبيل اللّه.
ورَهَّبَ الجَمَلُ: ذَهَبَ يَنْهَضُ ثم بَرَكَ مِن ضَعْفٍ بصُلْبِه.
والرَّهْبَـى: الناقةُ الـمَهْزُولةُ جِدّاً؛ قال:
ومِثْلِكِ رَهْبَـى، قَدْ تَرَكْتُ رَذِيَّةً، * تُقَلِّبُ عَيْنَيْها، إِذا مَرَّ طائِرُ
وقيل: رَهْبَـى ههنا اسم ناقة، وإِنما سماها بذلك. والرَّهْبُ: كالرَّهْبَـى. قال الشاعر:
وأَلْواحُ رَهْبٍ، كأَنَّ النُّسوعَ * أَثْبَتْنَ، في الدَّفِّ منها، سِطارا
وقيل: الرَّهْبُ الجمل الذي استُعْمِلَ في السَّفر وكَلَّ، والأُنثى
رَهْبةٌ.
وأَرْهَبَ الرَّجُلُ إِذا رَكِبَ رَهْباً، وهو الجَمَلُ العالي؛ وأَما
قول الشاعر:
ولا بُدَّ مِن غَزْوَةٍ، بالـمَصِـيفِ، * رَهْبٍ، تُكِلُّ الوَقاحَ الشَّكُورا
فإِنَّ الرَّهْبَ مِن نَعْت الغَزْوَةِ، وهي التي كَلَّ ظَهْرُها وهُزِلَ.
وحكي عن أَعرابي أَنه قال: رَهَّبَتْ ناقةُ فلان فقَعَد عليها
يُحابِـيها، أَي جَهَدَها السَّيرُ، فَعَلَفَها وأَحْسَنَ إِليها حتى ثابَتْ إِليها
نفْسُها.
وناقةٌ رَهْبٌ: ضامِرٌ؛ وقيل: الرَّهْبُ الجَمَلُ العَريضُ العِظامِ
الـمَشْبُوحُ الخَلْقِ؛ قال:
رَهْبٌ، كبُنْيانِ الشَّـآمي، أَخْلَقُ
والرَّهْبُ: السَّهمُ الرَّقيقُ؛ وقيل: العظيمُ. والرَّهْبُ: النَّصْلُ الرقيقُ مِن نِصالِ السِّهام، والجمعُ رِهابٌ؛ قال أَبو ذؤَيب:
فَدَنا له رَبُّ الكِلابِ، بكَفِّه * بِـيضٌ رِهابٌ، رِيشُهُنّ مُقَزَّعُ
وقال صَخْر الغَيّ الـهُذَليّ:
إِني سَيَنْهَى عَنّي وَعِـيدَهُمُ * بِـيضٌ رِهابٌ، ومُجْنَـأٌ أُجُدُ
وصارِمٌ أُخْلِصَت خَشِـيبتُه، * أَبيضُ مَهْوٌ، في مَتْنِه رُبَدُ
الـمُجْنَـأُ: التُّرْسُ. والأُجْدُ: الـمُحْكَمُ الصَّنعةِ، وقد فسَّرْناه في ترجمة جنأَ.
وقوله تعالى: واضْمُمْ إِليكَ جَناحَك من الرَّهَبِ؛ قال أَبو إِسحق: من الرُّهْبِ. والرَّهَبِ إِذا جزم الهاءَ ضمّ الراءَ، وإِذا حرك الهاءَ
فتح الراءَ، ومعناهما واحد مثل الرُّشْدِ والرَّشَدِ. قال: ومعنى جَناحَك ههنا يقال: العَضُدُ، ويقال: اليدُ كلُّها جَناحٌ. قال الأَزهري وقال مقاتل في قوله: من الرَّهَبِ؛ الرَّهَبُ كُمُّ مَدْرَعَتِه. قال
الأَزهري: وأَكثرُ الناس ذهبوا في تفسير قوله: من الرَّهَب، أَنه بمعنى الرَّهْبةِ؛ ولو وَجَدْتُ إِماماً من السلف يجعل الرَّهَبَ كُـمّاً لذهبت إِليه، لأَنه صحيح في العَربية، وهو أَشبه بسياق الكلام والتفسيرِ، واللّه أَعلم بما أَراد.
والرُّهْبُ: الكُمُّ(1)
(1 قوله «والرهب الكم» هو في غير نسخة من المحكم كما
ترى بضم فسكون وأَما ضبطه بالتحريك فهو الذي في التهذيب والتكملة وتبعهما المجد).يقال وضعت الشيءَ في رُهْبِـي أَي في كُمِّي. أَبو عمرو: يقال لِكُمِّ القَمِـيصِ: القُنُّ والرُّدْنُ والرَّهَبُ والخِلافُ.
ابن الأَعرابي: أَرْهَبَ الرجلُ إِذا أَطالَ رَهَبَه أَي كُمَّه.
والرُّهابةُ، والرَّهابة على وَزْنِ السَّحابةِ: عُظَيْمٌ في الصَّدْرِ
مُشْرِفٌ على البطن، قال الجوهري: مِثلُ اللِّسان؛ وقال غيره: كأَنه طرَف لسان الكَلْبِ، والجمع رَهابٌ. وفي حديث عَوْف ابن مالك: لأَنْ يَمْتَلِـئَ ما بين عانَتي إِلى رَهابَتي قَيْحاً أَحَبُّ إِليَّ
من أَن يَمْتَلئَ شِعْراً. الرَّهابةُ، بالفتح: غُضْرُوفٌ، كاللِّسان،
مُعَلَّق في أَسْفَلِ الصَّدْرِ، مُشْرِفٌ على البطن. قال الخطابي: ويروى بالنون، وهو غَلَط. وفي الحديث: فَرَأَيْتُ السَّكاكِـينَ تَدُورُ بين رَهابَتِه ومَعِدَتِه. ابن الأَعرابي: الرَّهابةُ طَرَفُ الـمَعِدة، والعُلْعُلُ: طَرَفُ الضِّلَع الذي يُشْرِفُ على الرَّهابةِ. وقال ابن شميل: في قَصِّ الصدْرِ رَهابَتُه؛ قال: وهو لِسانُ القَصِّ من أَسْفَل؛ قال: والقَصُّ مُشاشٌ. وقال أَبو عبيد في باب البَخِـيل: يُعْطِـي من غير طَبْعِ جُودٍ؛ قال أَبو زيد: يقال في مثل هذا: رَهْباكَ خَيرٌ من رَغْباكَ؛ يقول: فَرَقُه منكَ خيرٌ من حُبّه،
وأَحْرَى أَن يُعْطِـيَكَ عليه. قال: ومثله الطَّعْنُ يَظْأَرُ غيره.
ويقال: فَعَلْتُ ذلك من رُهْباكَ أَي من رَهْبَتِك، والرُّغْبَـى الرَّغْبةُ.
قال ويقال: رُهْباكَ خيرٌ من رُغْباكَ، بالضم فيهما.
ورَهْبَى: موضعٌ. ودارةُ رَهْبَـى: موضع هناك. ومُرْهِبٌ: اسم.
ردع: الرَّدْعُ: الكَفُّ عن الشيء. رَدَعَه يَرْدَعه رَدْعاً فارْتَدَع:
كفَّه فكفَّ؛ قال:
أَهْلُ الأَمانةِ إِن مالُوا ومَسَّهمُ
طَيْفُ العَدُوِّ، إِذا ما ذُوكِرُوا، ارْتَدَعُوا
وتَرادَع القومُ: ردَعَ بعضُهم بعضاً. والرَّدْعُ: اللطْخ بالزعفران.
وفي حديث حُذيفةَ: ورُدِعَ لها رَدْعةً أَي وَجَم لها حتى تغيَّرَ لونه
إِلى الصُّفرة. وبالثوب رَدْعٌ من زَعْفران أَي شيء يَسير في مَواضِعَ
شتَّى، وقيل: الرَّدْع أَثَر الخَلُوق والطِّيب في الجسد. وقميص رادِعٌ
ومَرْدُوعٌ ومُرَدَّعٌ: فيه أَثَر الطِّيب والزعفران أَو الدّم، وجمع الرّادِع
رُدُعٌ؛ قال:
بَني نُمَيْرٍ تَرَكْتُ سَيِّدَكم،
أَثْوابُه مِن دِمائكم رُدُعُ
وغِلالةٌ رادِعٌ ومُرَدَّعة: مُلَمَّعةٌ بالطيب والزعفران في مواضع.
والرَّدْعُ: أَن تَرْدَع ثوباً بِطِيب أَو زعفران كما تَردَع الجارِيةُ
صَدْرَها ومَقادِيمَ جَيْبها بالزعفران مِلْءَ كفِّها تُلَمِّعُه؛ قال امرؤ
القيس:
حُوراً يُعَلَّلْنَ العَبِيرَ رَوادِعاً،
كَمَها الشَّقائقِ أَو ظِباء سَلامِ
السَّلام: الشجر؛ وأَنشد الأَزهري قول الأَعشى في رَدْع الزعفران وهو
لطْخُه:
ورادِعة بالطِّيب صَفْراء عندنا،
لجَسّ النَّدامَى في يَدِ الدِّرْع مَفْتَقُ
(* في قصيدة الأعشى: المسك مكان الطيب.)
وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: لم يُنْه عن شيء من الأَرْدِيةِ
إِلا عن المُزعْفرة التي تَرْدَعُ على الجلد أَي تَنْفُض صِبْغَها عليه.
وثوب رَدِيع: مصبوغ بالزعفران. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كُفِّن أَبو
بكر، رضي الله عنه، في ثلاثة أَثواب، أَحدها به رَدْع من زعفران أَي
لَطْخٌ لم يَعُمّه كله. وردَعَه بالشيء يَرْدَعُه رَدْعاً فارْتَدَعَ:
لَطَخَه به فتلطَّخ؛ قال ابن مقبل:
يَخْدِي بها بازِلٌ فُتْلٌ مَرافِقُه،
يَجْرِي بِدِيباجَتَيْهِ الرَّشْحُ مُرْتَدِعُ
وقال الأَزهري: في تفسيره قولان: قال بعضهم مُتَصَبِّغ بالعرَق الأَسود
كما يُرْدَع الثوب بالزعفران، قال: وقال خالد مُرْتَدِع قد انتهَتْ
سِنُّه. يقال: قد ارْتَدَعَ إِذا انتهت سِنه، وفي حديث الإِسراء: فمررنا بقوم
رُدْعٍ؛ الرُّدْعُ: جمع أَرْدَعَ وهو من الغنم الذي صدره أَسود وباقيه
أَبيض. يقال: تيس أَرْدَعُ وشاة رَدْعاء.
ويقال: رَكِب فلان رَدْع المَنِيّةِ إِذا كانت في ذلك مَنِيَّتُه. ويقال
للقتيل: ركب رَدْعه إِذا خَرّ لوجهه على دَمِه. وطَعَنَه فَركِبَ
رَدْعَه أَي مقادِيمَه وعلى ما سالَ من دمه، وقيل: ركب ردعه أَي خَرَّ صَريعاً
لوجهه على دمه وعلى رأْسه وإِن لم يَمُت بعد غير أَنه كلما هَمّ
بالنُّهوض ركب مَقادِيمه فخرّ لوجهه، وقيل: رَدْعُه دمه، وركوبه إِياه أَنّ الدم
يَسِيل ثم يَخِرّ عليه صريعاً، وقيل: ردعه عُنُقه؛ حكى هذه الهروي في
الغريبين، وقيل: معناه أَن الأَرض رَدَعَتْه أَي كفَّتْه عن أَن يَهْوِي
إِلى ما تحتها، وقيل: ركب رَدْعَه أَي لم يَرْدَعه شيء فيمنعه عن وجهه،
ولكنه ركب ذلك فمضى لوجهه ورُدِعَ فلم يَرْتَدِع كما يقال: ركب النَّهْي
وخرَّ في بئر فركب رَدْعَه وهَوَى فيها، وقيل: فمات وركب ردعَ المَنِيّةِ على
المثل. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَن رجلاً أَتاه فقال له: إِني رميت
ظَبْياً وأَنا محرم فأَصبْتُ خُشَشاءَه فركب رَدْعَه فأَسَنَّ فمات؛
قاله ابن الأَثير، الرَّدْعُ: العنُقُ، أَي سقَط على رأْسه فانْدَقَّت عنقه،
وقيل: هو ما تقدّم أَي خَرَّ صَرِيعاً لمجهه فكُلّما هَمّ بالنُّهوض ركب
مقادِيمَه، وقيل: الرَّدْع ههنا اسم الدم على سبيل التشبيه بالزعفران،
ومعنى ركوبه دمه أَنه جُرح فسال دمه فسقط فوقه مُتَشَحِّطاً فيه؛ قال: ومن
جعل الردْع العنق فالتقدير ركب ذاتَ رَدْعه أَي عنُقه فحذف المضاف أَو
سمى العنُق رَدْعاً على الاتساع؛ وأَنشد ابن بري لنُعيم بن الحرث بن يزيد
السعْديّ:
أَلَسْتُ أَرُدُّ القِرْنَ يَرْكَبُ رَدْعه،
وفيهِ سِنانٌ ذُو غِرارَيْنِ نائس؟
قال ابن جني: من رواه يابس فقد أَفحش في التصحيف، وإِنما هو نائسٌ أَي
مُضْطَرِب من ناسَ يَنُوس؛ وقال غيره: من رواه يابس فإِنما يريد أَنّ
حديده ذكر ليس بِأَنِيث أَي أَنه صُلْب، وحكى الأَزهري عن أَبي سعيد قال:
الردْع العنُقُ، رُدِع بالدم أَو لم يُرْدَعْ. يقال: اضرب رَدْعَه كما يقال
اضرب كرْدَه؛ قال: وسمي العنق رَدعاً لأَنه به يَرْتَدِعُ كل ذي عُنُق من
الخيل وغيرهما، وقال ابن الأَعرابي: ركب ردعه إِذا وقع على وجهه،
ورَكِبَ كُسْأَه إِذا وقع على قَفاه، وقيل: ركب رَدْعَه أَنَّ الرَّدْع كلُّ ما
أَصاب الأَرض من الصَّرِيع حين يهوي إِليها، فما مس منه الأَرض أَوَّلاً
فهو الرَّدع، أَيَّ أَقْطاره كان؛ وقول أَبي دُواد:
فَعَلَّ وأَنْهَلَ مِنْها السِّنا
نَ، يَركَبُ مِنها الرَّدِيعُ الظِّلالا
قال: والرَّدِيع الصريع يركب ظله. ويقال: رُدِعَ بفلان أَي صُرِع.
وأَخَذ فلاناً فَرَدَع به الأَرض إِذا ضرب به الأَرضَ. وسَهْم مُرْتَدِع:
أَصاب الهَدَف وانكسر عُوده. والرَّدِيعُ: السَّهْم الذي قد سقَط نَصْلُه.
ورَدَعَ السهمَ: ضرب بنصله الأَرض ليثبت في الرُّعْظِ. والرَّدْعُ: رَدْعُ
النصل في السهم وهو تركيبه وضربك إِياه بحجر أَو غيره حتى يدخل.
والمِرْدَعُ: السهم الذي يكون في فُوقه ضِيق فيُدَقُّ فُوقه حتى ينفتح، ويقال
بالغين. والمِرْدعةُ: نَصل كالنَّواة. والرَّدْعُ: النُّكْسُ. قال ابن
الأَعرابي: رُدِعَ إِذا نُكِسَ في مَرضه؛ قال أَبو العِيال الهذلي:
ذَكَرْتُ أَخِي، فَعاوَدَني
رُدَاعُ السُّقْمِ والوَصَبِ
الرُّداع: النُّكْس؛ وقال كثيِّر:
وإِنِّي على ذاك التَّجَلُّدِ؛ إِنَّني
مُسِرُّ هُيام يَسْتَبِلُّ ويَرْدَعُ
والمَرْدوعُ: المَنْكُوس، وجمعه رُدُوع؛ قال:
وما ماتَ مُذْرِي الدَّمع، بل ماتَ من به
ضنًى باطِنٌ في قَلْبِه ورُدُوع
وقد رُدِع من مرضه. والرُّداعُ: كالرَّدْع، والرُّداعُ: الوجَع في الجسد
أَجمع؛ قال قَيْس بن معاذ مجنون بني عامر:
صَفْراء من بَقَرِ الجِواءِ، كأَنما
ترك الحَياةَ بها رُداعُ سَقِيمِ
وقال قيس بن ذَرِيح:
فَيا حَزَناً وعاوَدَني رُداع،
وكان فِراقُ لُبْنى كالخِداع
والمِرْدَعُ: الذي يمضي في حاجته فيرجع خائباً. والمِرْدَعُ: الكَسْلان
من المَلاَّحِين. ورجل رَدِيعٌ: به رُداع، وكذلك المؤَنث؛ قال صخر
الهذلي:وأَشْفِي جَوًى باليَأْسِ مِنِّي قد ابْتَرَى
عِظامِي، كما يَبْرِي الرَّديعَ هُيامُها
ورَدَعَ الرجلُ المرأَة إِذا وَطِئها.
والرِّداعةُ: شِبه بيت يُتخذ من صَفِيح ثم يُجعل فيه لحمة يُصادُ بها
الضَّبُع والذِّئب. والرٍّداع، بالكسر: موضع أَو اسم ماء؛ قال عنترة:
بَرَكَتْ على ماءِ الرِّداع، كأَنَّما
بَرَكَتْ على قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ
وقال لبيد:
وصاحِبِ مَلْحُوبٍ فُجِعْنا بمَوْتِهِ،
وعند الرِّداعِ بَيْتُ آخرَ كَوْثَر
قال الأَزهري: وأَقرأَني المُنْذِري لأَبي عبيد فيما قرأَ على الهيثم:
الرَّدِيعُ الأَحمق، بالعين غير معجمة. قال: وأَما الإِيادي فإِنه
أَقرأَنيه عن شمر الرديغ معجمة، قال: وكلاهما عندي من نعت الأَحمق.
ثبط: الليث: ثَبَّطَه عن الشيء تَثْبِيطاً إِذا شغَلَه عنه. وفي التنزيل
العزيز: ولكن كَرِه اللّهُ انْبِعاثَهم فثبَّطَهم؛ قال أَبو إِسحق:
التثبيط ردّك الإِنسانَ عن الشيء يفعله، أَي كره اللّه أَن يَخْرجوا معكم
فردَّهم عن الخروج. وثَبَطَه عن الشيء ثَبْطاً وثَبَّطَه: رَيَّثه وثَبَّته.
وثَبَّطه على الأَمر فتَثَبَّط: وقَّفَه عليه فتوَقَّف. وأَثْبَطه
المرَضُ إِذا لم يكد يُفارِقُه. وثَبَطْتُ الرجلَ ثَبْطاً: حبَسْتُه،
بالتخفيف. وفي الحديث: كانت سَوْدةُ امرأَةً ثَبِطةً أَي ثقِيلة بَطِيئةً من
التَّثْبِيطِ وهو التعْوِيقُ والشَّغْلُ عن المُراد؛ وقول لبيد:
وهُمُ العَشِيرةُ إِنْ يُثَبِّطْ حاسِد
معناه إِنْ بَحَثَ عن مَعايِبِها؛ بذلك فسره ابن الأَعرابي. وفي بعض
اللغات: ثَبَطَتْ شَفةُ الإِنسانِ وَرِمَتْ، وليس بثَبَت.
وكل: في أَسماء الله تعالى الوَكِيلُ: هو المقيم الكفيل بأَرزاق العباد،
وحقيقته أَنه يستقلُّ بأَمر المَوْكول إِليه. وفي التنزيل العزيز: أَن
لا تَتَّخِذوا من دُوني وكِيلاً؛ قال الفراء: يقال رَبًّا ويقال كافِياً؛
ابن الأَنباري: وقيل الوَكِيلُ الحافظ، وقال أَبو إِسحق: الوَكِيلُ في
صفة الله تعالى الذي توَكَّل بالقيام بجميع ما خَلَق، وقال بعضهم:
الوَكِيلُ الكفيل ونِعْمَ الكَفِيل بأَرزاقِنا، وقال في قولهم حَسْبُنا الله
ونِعْم الوَكِيلُ: كافِينا اللهُ ونِعْمَ الكافي، كقولك: رازقنا اللهُ ونِعْم
الرازق؛ وأَنشد أَبو الهيثم في الوَكِيل بمعنى الرَّبِّ:
وداخِلةٍ غَوْراً، وبالغَوْرِ أُخرِجتْ،
وبالماء سِيقَتْ، حين حانَ دُخولُها
ثَوَتْ فيه حَوْلاً مُظلِماً جارياً لها،
فسُرَّتْ به حَقًّا وسُرَّ وَكِيلُها
داخِلة غَوْراً: يعني جَنِين الناقة غارَ في رَحِمِ الناقة، وبالغَوْر
أُخْرِجت: بالرَّحِم أُخْرجت من البطن، بالماء سِيقَتْ إِلى الرَّحم حين
حَمَلتْه، سُرَّت يعني الأُمّ بالجنين، وسُرَّ وكيلُها: يعني رَبَّ الناقة
سَرَّه خُروجُ الجَنين.
والمُتَوَكِّل على الله: الذي يعلم أَن الله كافِلٌ رزقه وأَمْرَه
فيرْكَن إِليه وحْدَه ولا يتوَكَّل على غيره. ابن سيده: وَكِلَ بالله وتوَكَّل
عليه واتَّكَل استَسْلم إِليه، وتكرّر في الحديث ذكر التَّوكُّل؛ يقال:
توكَّل بالأَمر إِذا ضَمِن القِيامَ به، ووَكَلْت أَمري إِلى فلان أَي
أَلجَأْتُه إِليه واعتمدت فيه عليه، ووَكَّل فلانٌ فلاناً إِذا استَكْفاه
أَمرَه ثِقةً بكِفايتِه أَو عَجْزاً عن القِيام بأَمر نفسه. ووَكَل إِليه
الأَمرَ: سلَّمه. ووَكَلَه إِلى رأْيه وَكْلاً ووُكُولاً: تركه؛ وأَنشد
ابن بري لراجز:
لمَّا رأَيت أَنَّني راعِي غَنَمْ،
وإِنَّما وكْلٌ على بعضِ الخَدَمْ
عَجْزٌ وتَعْذِيرٌ، إِذا الأَمرُ أَزَمْ
أَراد أَنَّ التوكُّل على بعض الخدَم عَجْزٌ.
ورجل وَكَلٌ، بالتحريك، ووُكَلة مثل هُمَزة وتُكَلة على البدَل
ومُواكِل: عاجِزٌ كثير الاتكال على غيره. يقال: وُكَلةٌ تُكَلةٌ أَي عاجز يَكِل
أَمره إِلى غيره ويَتَّكِل عليه؛ قالت امرأَة:
ولا تكونَنَّ كَهِلَّوْفٍ وَكَلْ
الوَكَل: الذي يَكِلُ أَمره إِلى غيره؛ قال ابن بري: وهذه المرأَة هي
مَنْفوسة بنت زيد الخيل؛ قال: والرَّجَز إِنما هو لزوجها قيس بن عاصم،
وهو:أَشْبِهْ أَبا أُمِّكَ، أَو أَشبِهْ عَمَلْ،
ولا تَكونَنَّ كَهِلَّوْفٍ وَكَلْ
يُصْبِحُ في مَضْجَعه قد انْجَدَلْ،
وارْقَ إِلى الخَيْرات زَنْأً في الجَبَلْ
وأَما الذي قالته مَنْفوسة فإِنها قالته في ولدها حكيم:
أَشْبِهْ أَخي، أَو أَشبِهَنْ أَباكا
أَمّا أَبي فَلَنْ تَنال ذاكا
تَقْصُر أَنْ تَنالَه يَداكا
وقال أَبو المُثلم أَيضاً:
حامِي الحَقيقةِ لا وانٍ ولا وَكَل
اللحياني: رجل وَكَلٌ إِذا كان ضعيفاً ليس بنافِذٍ. ويقال: رجل مُواكِل
أَي لا تجده خفيفاً، بغير همز. ويقال: فيه وَكالٌ أَي بُطْءٌ وبَلادة.
وفي الحديث: كان إِذا مشى عُرِف في مشيه أَنه غير غَرِضٍ ولا وَكَل؛
الوَكَلُ والوَكِلُ: البليدُ والجبان، وقيل: العاجز الذي يَكِلُ أَمره إِلى
غيره. وفي مَقْتَل الحسين، عليه السلام، قال سنان قاتلُه للحجَّاج:
وَلَّيْتُ رأْسَه
(* قوله «وليت رأسه» ضبط في الأصل والنهاية بفتح التاء والظاهر
انه بضمها) امْرَأً غير وَكَل، وفي رواية: وكَلْتُه إِلى غير وَكَل، يعني
نفسَه. ويقال: قد اتَّكَل عليك فلان وأَوْكَل عليك فلان بمعنى واحد.
ويقال: قد أَوْكَلْت على أَخيك العمل أَي خلَّيته كلّه. ورجل وُكَلةٌ إِذا
كان يَكِلُ أَمرِه إِلى الناس. وواكَلْت فلاناً مُواكلةً إِذا اتَّكَلْت
عليه واتَّكَل هو عليك.
والوَكالُ: الضعف؛ قال أَبو الطَّمَحان القَيْنِيُّ:
إِذا واكَلْتَه لم يُواكِل
وقال أَبو طالب:
وما تَرْكُ قَوْمٍ، لا أَبا لكَ، سَيِّداً
يَحُوطُ الذِّمارَ غير ذَرْبٍ مُواكِل
وواكَلَتِ الدابةُ وِكالاً: أَساءت السيرَ؛ وقيل: المُواكِلُ من الدوابّ
المُرْكِحُ إِلى التأَخُّر. وتواكَلَ القوم مُواكَلةً ووِكالاً: اتَّكَل
بعضهم على بعض. أَبو عمرو: المُواكِلُ من الخيل الذي يَتَّكِل على صاحبه
في العَدْو. وفي حديث الفضل بن العباس وابن ربيعة: أَتَياه يسأَلانه
السِّقاية فتَواكَلا الكلامَ أَي اتَّكَل كلُّ واحد منهما على الآخر فيه.
يقال: اسْتَعَنْت القومَ فتَواكَلوا أَي وكلَني بعضُهم إِلى بعض؛ ومنه حديث
ابن يَعْمَر: فظننت أَنه سيَكِلُ الكلامَ إِليَّ؛ ومنه حديث لُقْمان:
وإِذا كان الشأْنُ اتَّكَل أَي إِذا وقع الأَمر لا يَنْهَض فيه ويَكِله
إِلى غيره. وفي الحديث: أَنه نهى عن المُواكلة؛ قيل: هو من الاتِّكال في
الأُمور وأَن يَتَّكل كلُّ واحد منهما على الآخر. يقال: رجل وُكَلَةٌ إِذا
كثُر منه الاتِّكال على غيره فنُهي عنه لما فيه من التَّنافُر والتقاطُع،
وأَن يَكِل صاحبه إِلى نفسه ولا يُعينه فيما يَنُوبُه، وقيل: إِنما هو
مُفاعلة من الأَكْل، والواو مُبْدَلة من الهمزة، وقد تقدّم. وفرس واكِلٌ:
يَتَّكِلُ على صاحبه في العَدْوِ ويحتاج إِلى الضرْب. ويقال: دابَّة فيها
وِكالٌ شديد ووَكالٌ شديد، بالفتح والكسر. ووَكَلَتِ الدابةُ: فَتَرَت؛
قال القطامي:
وَكَلَتْ فقلْت لها: النَّجاءَ تَناوَلي
بِيَ حاجتَي، وتَجَنَّبي هَمْدانا
والوَكِيلُ: الجَريءُ، وقد يكون الوَكِيلُ للجمع، وكذلك الأُنثى، وقد
وَكَّله على الأَمْر، والاسم الوَكالة والوِكَالةُ. ووَكِيلُ الرجل: الذي
يَقوم بأَمره، سمِّي وَكِيلاً لأَن مُوَكِّله قد وَكَل إِليه القيامَ
بأَمره فهو مَوْكولٌ إِليه الأَمرُ. والوَكِيلُ، على هذا القول: فَعِيل بمعنى
مفعول. وتقول: اللهم لا تَكِلْنا إِلى أَنفسنا. وفي حديث الدعاء: لا
تَكِلْني إِلى نفسي طَرْفةَ عَيْنٍ فَأَهْلِكَ. وفي الحديث: ووَكَلَها إِلى
الله أَي صَرَف أَمْرَها إِليه. وفي الحديث: مَنْ توَكَّل بما بين
لَحْيَيْه ورِجْلَيْهِ توَكَّلْت له بالجنَّة؛ قيل: هو بمعنى تكَفَّل. الجوهري:
الوَكِيلُ معروف. يقال: وَكَّلْته بأَمر كذا تَوْكِيلاً.
والتَّوَكُّل: إِظْهارُ العَجْزِ والاعْتماد على غيرك، والاسم
التُّكْلان. واتَّكَلْت على فلان في أَمري إِذا اعتمدته، وأَصله اوْتَكَلْت، قلبت
الواوُ ياء لانكسار ما قبلها ثم أُبدلت منها التاء فأُدغمت في تاء
الافتعال، ثم بُنِيَت على هذا الإِدغام أَسماءٌ من المِثال، وإِن لم تكن فيها
تلك العلة، توهُّماً أَن التاء أَصلية لأَن هذا الإِدغام لا يجوز إِظهاره
في حال، فمِنْ تلك الأَسماء التُّكَلة والتُّكْلان والتُّخَمة والتُّهَمة
والتُّجاهُ والتُّراثُ والتَّقْوَى، وإِذ صغَّرت قلت تُكَيْلةٌ
وتُخَيْمة، ولا تُعيد الواو لأَن هذه حروف أُلْزِمَت البدَل فبقيت في التصغير
والجمعِ. ووَكَلَه إِلى نفسه وَكْلاً ووُكُولاً، وهذا الأَمر مَوْكولٌ إِلى
رأْيِك؛ وقوله
(* اي النابغة، وعجز البيت:
وليلٍ أقاسِيهِ بَطِيء الكَواكب) :
كِلِيني لَهمٍّ، يا امَيْمةَ، ناصِبِ
أَي دَعِيني.
ومَوْكَل، بالفتح: اسم جبل؛ وقال ثعلب: هو اسم بيت كانت المُلوك تنزِله.
وغُرْفَةُ مَوْكَل: موضع باليمن؛ ذكره لبيد فقال يصف الليالي:
وغَلَبْنَ أَبْرَهَةَ الذي أَلْفَيْنَهُ
قد كان خُلِّدَ فوق غُرْفةِ مَوْكَل
وجاء مَوْكَل على مَفْعَل نادراً في بابه، والقِياس مَوْكِلٌ؛ قال
الجوهري: وهو شاذ مثل مَوْحَدٍ؛ وأَنشد ابن بري للأَسود:
وأَسبابُه أَهْلَكْنَ عاداً، وأَنزلت
عَزِيزاً تغنَّى فوق غُرْفَةِ مَوْكَلِ