لغظ: اللَّغَظ: ما سقط في الغَدِير من سَفْيِ الرّيح، زعموا.
اللَّغَظ، مَا سقط فِي الغَدير من سَفْىِ الرّيح، زَعَمُوا.
اللَّغْظُ: مَا سَقَطَ فِي الغَدِيرِ من سَفْيِ الرِّيحِ، زَعَمُوا، كَذَا فِي اللِّسَان.
لغظ: اللَّغَظ: ما سقط في الغَدِير من سَفْيِ الرّيح، زعموا.
فرك: الفَرْك: دَلْكُ الشيء حتى ينقلع قِشْرُه عن لبِّه كالجَوْز،
فَرَكه يَفْرُكه فَرْكاً فانْفَرَك. والفَرِكُ: المُتَفَرِّك قشره.
واسْتَفْرَك الحبُّ في السُّنْبُلة: سَمِنَ واشتدّ. وبُرٌّ فرِيكٌ: وهو الذي فُرِكَ
ونُقِّي. وأَفْرَك الحبُّ: حان له أَن يُفْرك. والفَرِيك: طعام يُفْرك
ثم يُلَتّ بسمن أَو غيره، وفَرَكْتُ الثوب والسنبل بيدي فَرْكاً.
وأَفْرَكَ السنبلُ أَي صار فَرِيكاً، وهو حين يَصْلُح أَن يُفْرَك فيؤكل، ويقال
للنبت أَوَّلَ ما يَطْلُع: نجَمَ ثم فَرَّخَ وقَصَّبَ ثم أَعْصَفَ ثم
أَسْبَلَ ثم سَنْبَل ثم أَحَبَّ وأَلَبَّ ثم أسْفى ثم أَفْرَكَ ثم أَحْصَدَ.
وفي الحديث: نهى عن بيع الحَب حتى يُفْرِكَ أَي يَشْتَدَّ وينتهي. يقال:
أَفْرَكَ الزرعُ إذا بلغ أَن يُفْرَك باليد، وفَرَكْته وهو مفروك
وفَرِيك، ومن رواه بفتح الراء فمعناه حتى يخرج من قشره. وثوب مَفْرُوك بالزعفران
وغيره: صبغ به صبغاً شديداً. والفَرَكُ، بالتحريك: استرخاء أَصل الأُذن.
يقال: أُذن فَرْكاء وفَرِكَةٌ، وقيل: الفَرْكاء التي فيها رَخاوة وهي
أَشدّ أَصلاً من الخَذْواء، وقد فَرِكَتْ فيهما فَرَكاً. والإنْفِراكُ:
استرخاء المَنْكِب. وانْفَرَك المَنْكِبُ: زالت وابِلَتُه من العَضدُ عن
صَدَفة الكتف، فإن كان ذلك في وابلة الفخذ والورك قيل حُرق. الليث: إذا زالت
الوابلة من العضد عن صدفة الكتف فاسترخى المنكب قيل: قد انْفرك منكبه
وانْفَركت وابلتُه، وإن كان ذلك في وابلة الفخذ والورك لا يقال انْفرك،
ولكن يقال حُرِقَ فهو مَحْرُوق. النضر: بعير مَفْرُوك وهو الأَفَكُّ الذي
ينخرم منكبه، وتَنْفَكُّ العصبةُ التي في جوف الأخْرَم. وتَفَرَّك المخنثُ
في كلامه ومِشْيَته: تَكَسَّرَ. والفِرْكُ، بالكسر: البغْضَةُ عامّة،
وقيل: الفِرْك بغْضَةُ الرجل لامرأَته أَو بغْضة امرأة له، وهو أَشهر؛ وقد
فَرِكَتْه تَفْرَكُه فِرْكاً وفَرْكاً وفُروكاً: أَبغضته. وحكى اللحياني:
فَرَكَتْه تَفْرُكه فُروكاً وليس بمعروف، ويقال للرجل أَيضاً: فَرِكَها
فَرْكاً وفِرْكاً أَي أَبغضها؛ قال رؤبة:
فَعفَّ عن اسْرارِها بعد الغَسَقْ،
ولم يُضِعْها بين فِرْكٍ وعَشَقْ
وامرأة فاركٌ وفَرُوكٌ؛ قال القطامِيّ:
لها رَوْضَةٌ في القَلْبِ لم يَرْعَ مِثْلَها
فَرُوكٌ، ولا المُسْتَعْبِرات الصَّلائِفُ
وجمعها فَوارِكُ. ورجل مُفَرَّك: لا يَحْظى عند النساء، وفي التهذيب:
تُبْغِضهُ النساء، وكان امرؤ القيس مُفَرَّكاً. وامرأَة مُفَرَّكة: لا تحظى
عند الرجال؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
مُفَرَّكَة أَزْرى بها عند زَوْجِها،
ولو لَوَّطَتْه هَيَّبانٌ مُخالِفُ
أَي مخالف عن الجَوْدة، يقول: لو لَطَّخته بالطيب ما كانت إلا مُفَرَّكة
لسُوءِ مَخْبُرَتِها، كأَنه يقول: أَزرى بها عند زوجها مَنْظَرٌ
هَيَّبانٌ يَهابُ ويَفْزَع من دنا منه أَي أَن مَنْظَر هذه المرأة شيءٌ يُتحامى
فهو يُفْزِع، ويروى عند أَهلها، وقيل: إنما الهَيَّبانُ المخالفُ هنا
ابنُه منها إذا نظر إلى ولده منها أَبغضها ولو لطخته بالطيب. وفي حديث ابن
مسعود: أَن رجلاً أَتاه فقاله له: إني تزوَّجت امرأة شابة أَخاف أَن
تَفْرُكَني فقال عبد الله: إن الحُب من الله والفَرْك من الشيطان، فإذا دخلت
عليك فصلّ ركعتين ثم ادْعُ بكذا وكذا؛ قال أَبو عبيد: الفَرْك والفِرْك
أَن تُبْغضَ المرأَة زوجها، قال: وهذا حرف مخصوص به المرأَة والزوجُ، قال:
ولم أَسمع هذا الحرف في غير الزوجين. وفي الحديث: لا يَفْرُك مؤمنٌ
مؤمنةً أَي لا يُبْغِضها كأَنه حث على حسن العشرة والصحبة؛ وقال ذو الرمة يصف
إبلاً:
إذا الليلُ عن نَشْزٍ تَجَلَّى، رَمَيْنَهُ
بأَمْثالِ أَبْصارِ النِّساء الفَوارِكِ
يصف إبلاً شبهها بالنساء الفوارك، لأَنهن يَطْمَحْن إلى الرجال ولسن
بقاصرات الطرف على الأزواج، يقول: فهذه الإبل تُصْبِح وقد سَرَتْ ليلها كله
فكلما أَشرف لهن نَشَزٌ رمينه بأَبصارهن من النَّشاط والقوَّة على السير.
ابن الأَعرابي: أَولادُ الفِرْك فيهم نجابة لأنهم أَشبه بآبائهم، وذلك
إذا واقع امرأَته وهي فاركٌ لم يشبهها ولده منها، وإذا أَبغض الزوج
المرأَة قيل: أَصْلَفَها، وصَلِفَتْ عنده. قال أَبو عبيدة: خرج أَعرابي وكانت
امرأَته تَفْرُكُه وكان يُصْلِفُها، فأَتْبَعَتْه نواةً وقالت: شَطَّتْ
نواك، ثم أَتبعته رَوْثَةً وقالت: رَثَيْتُك وراثَ خَبَرُك، ثم أَتبعتَه
حَصاةً وقالت: حاصَ رِزْقُك وحُصَّ أَثَرُك؛ وأَنشد:
وقد أُخْبِرْتُ أَنكِ تَفْرُكيني،
وأُصْلِفُكِ الغَداةَ فلا أُبالي
وفارَك الرجلُ صاحِبَهُ مفاركة وتارَكة مُتاركَةً بمعنى واحد. الفراء:
المُفَرَّكُ المتروك المُبْغَضُ. يقال: فارَك فلانٌ فلاناً تاركه. وفَرَك
بلدَه ووطَنَه؛ قال أَبو الرُّبَيْسِ التغلبي:
مُراجِع نَجْدٍ بعد فِرْكٍوبِغْضَةٍ
مُطَلِّق بُصْرى أَصْمَع القَلْبِ جافِله
والفِرِكَّانُ: البِغْضَةُ؛ عن السيرافي. وفُرُكَّان: أَرض، زعموا. ابن
بري: وفِرِكَّان اسم أَرض، وكذلك فِرِكٌ؛ قال:
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَدْنى ذي فِرِكْ
شمل: الشِّمالُ: نقيضُ اليَمِين، والجمع أَشْمُلٌ وشَمائِل وشُمُلٌ؛ قال
أَبو النجم:
يَأْتي لها مِن أَيْمُنٍ وأَشْمُل
وفي التنزيل العزيز: عن اليَمين والشمائل، وفيه: وعن أَيمانهم وعن
شَمائلهم؛ قال الزجاج: أَي لأُغْوِيَنَّهم فيما نُهُوا عنه، وقيل أُغْوِيهم
حتى يُكَذِّبوا بأُمور الأُمم السالفة وبالبَعْث، وقيل: عنى وعن أَيمانهم
وعن شمائلهم أَي لأُضِلَّنَّهُم فيما يعملون لأَن الكَسْب يقال فيه ذلك
بما كَسَبَتْ يَداك، وإِن كانت اليَدان لم تَجْنِيا شيئاً؛ وقال الأَزْرَق
العَنْبري:
طِرْنَ انْقِطاعَةَ أَوتارٍ مُحَظْرَبَةٍ،
في أَقْوُسٍ نازَعَتْها أَيْمُنٌ شُمُلا
وحكى سيبويه عن أَبي الخطاب في جمعه شِمال، على لفظ الواحد، ليس من باب
جُنُب لأَنهم قد قالوا شِمالان، ولكِنَّه على حَدِّ دِلاصٍ وهِجانٍ.
والشِّيمالُ: لغة في الشِّمال؛ قال امرؤ القيس:
كأَني، بفَتْخاء الجَناحَيْن لَقْوَةٍ
صَيُودٍ من العِقْبان، طَأْطَأْتُ شِيمالي
وكذلك الشِّمْلال، ويروى هذا البيت: شِمْلالي، وهو المعروف. قال
اللحياني: ولم يعرف الكسائي ولا الأَصمعي شِمْلال، قال: وعندي أَن شِيمالاً
إِنما هو في الشِّعْر خاصَّةً أَشْبَع الكسرة للضرورة، ولا يكون شِيمالٌ
فِيعالاً لأَن فِيعالاً إِنما هو من أَبنية المصادر، والشِّيمالُ ليس بمصدر
إِنما هو اسم. الجوهري: واليَدُ الشِّمال خلاف اليَمِين، والجمع أَشْمُلٌ
مثل أَعْنُق وأَذْرُع لأَنها مؤنثة؛ وأَنشد ابن بري للكميت:
أَقُولُ لهم، يَوْمَ أَيْمانُهُم
تُخايِلُها، في النَّدى، الأَشْمُلُ
ويقال شُمُلٌ أَيضاً؛ قال الأَزرق العَنْبَري:
في أَقْوُسٍ نازعَتْها أَيْمُنٌ شُمُلا
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، ذكر القرآن فقال: يُعْطى
صاحِبُه يومَ القيامة المُلْكَ بيمينه والخُلْدَ بشماله؛ لم يُرِدْ به أَن
شيئاً يُوضَع في يمينه ولا في شِماله، وإِنما أَراد أَن المُلْك والخُلْد
يُجْعَلان له؛ وكلُّ من يُجْعَل له شيء فمَلَكَه فقد جُعِل في يَدِه وفي
قَبْضته، ولما كانت اليَدُ على الشيء سَبَبَ المِلْك له والاستيلاء عليه
اسْتُعِير لذلك؛ ومنه قيل: الأَمْرُ في يَدِك أَي هو في قبضتك؛ ومنه قول
الله تعالى: بِيَدِه الخَيْرُ؛ أَي هو له وإِلَيْه. وقال عز وجل: الذي
بِيَدِه عُقْدَةُ النِّكاح؛ يراد به الوَليُّ الذي إِليه عَقْدُه أَو
أَراد الزَّوْجَ المالك لنكاح المرأَة. وشَمَلَ به: أَخَذَ به ذاتَ الشِّمال؛
حكاه ابن الأَعرابي؛ وبه فسر قول زهير:
جَرَتْ سُنُحاً، فَقُلْتُ لها: أَجِيزِي
نَوًى مَشْمُولةً، فمَتى اللِّقاءُ؟
قال: مَشْمُولةً أَي مأْخُوذاً بها ذاتَ الشِّمال؛ وقال ابن السكيت:
مَشْمُولة سريعة الانكشاف، أَخَذَه من أَن الريحَ الشَّمال إِذا هَبَّت
بالسحاب لم يَلْبَثْ أَن يَنْحَسِر ويَذْهب؛ ومنه قول الهُذَلي:
حارَ وعَقَّتْ مُزْنَهُ الرِّيحُ، وانْـ
ـقارَ بِهِ العَرْضُ، ولم يشْمَلِ
يقول: لم تَهُبَّ به الشَّمالُ فَتَقْشَعَه، قال: والنَّوى والنِّيَّة
الموضع الذي تَنْويه. وطَيْرُ شِمالٍ: كلُّ طير يُتَشاءَم به. وجَرى له
غُرابُ شِمالٍ أَي ما يَكْرَه كأَنَّ الطائر إِنما أَتاه عن الشِّمال؛ قال
أَبو ذؤيب:
زَجَرْتَ لها طَيْرَ الشِّمال، فإِن تَكُنْ
هَواك الذي تَهْوى، يُصِبْك اجْتِنابُها
وقول الشاعر:
رَأَيْتُ بَني العَلاّتِ، لما تَضَافَرُوا،
يَحُوزُونَ سَهْمي دونهم في الشَّمائل
أَي يُنْزِلُونَني بالمنزلة الخَسِيسة. والعَرَب تقول: فلان عِنْدي
باليَمِين أَي بمنزلة حَسَنة، وإِذا خَسَّتْ مَنْزِلَتُه قالوا: أَنت عندي
بالشِّمال؛ وأَنشد أَبو سعيد لعَدِيِّ بن
زيد يخاطب النُّعْمان في تفضيله إِياه على أَخيه:
كَيْفَ تَرْجُو رَدَّ المُفِيض، وقد أَخْـ
خَرَ قِدْحَيْكَ في بَياض الشِّمال؟
يقول: كُنْت أَنا المُفِيضَ لِقدْح أَخيك وقِدْحِك فَفَوَّزْتُك عليه،
وقد كان أَخوك قد أَخَّرَك وجعل قِدْحَك بالشِّمال. والشِّمال: الشُّؤْم؛
حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
ولم أَجْعَلْ شُؤُونَك بالشِّمال
أَي لم أَضعْها مَوْضع شُؤم؛ وقوله:
وكُنْتَ، إِذا أَنْعَمْتَ في الناس نِعْمَةً،
سَطَوْتَ عليها قابضاً بشِمالِكا
معناه: إِن يُنْعِمْ بيمينه يَقْبِضْ بشِمالِه. والشِّمال: الطَّبْع،
والجمع شَمائل؛ وقول عَبْد يَغُوث:
أَلَمْ تَعْلَما أَن المَلامَةَ نَفْعُها
قَلِيلٌ، وما لَوْمي أَخي من شِمالِيا
يجوز أَن يكون واحداً وأَن يكون جمعاً من باب هِجانٍ ودِلاصٍ.
والشِّمالُ: الخُلُق؛ قال جرير:
قليلٌ، وما لَوْمي أَخي من شِمالِيا
والجمع الشَّمائل؛ قال ابن بري: البيت لعَبْد يَغُوثَ ابن وقَّاص
الحَرِثي، وقال صَخْر بن عمرو بن الشَّرِيد أَخو الخَنْساء:
أَبي الشَّتْمَ أَني قد أَصابوا كَرِيمَتي،
وأَنْ لَيْسَ إِهْداءُ الخَنَى من شِمالِيا
وقال آخر:
هُمُ قَوْمي، وقد أَنْكَرْتُ منهمُ
شَمائِلَ بُدِّلُوها من شِمالي
(قوله «وقد انكرت منهم» كذا في الأصل هنا ومثله في التهذيب وسيأتي
قريباً بلفظ وهم انكرن مني).
أَي أَنْكَرْتُ أَخلاقهم. ويقال: أَصَبْتُ من فلان شَمَلاً أَي رِيحاً؛
وقال:
أَصِبْ شَمَلاً مني الَعَتيَّةَ، إِنَّني،
على الهَوْل، شَرَّابٌ بلَحْمٍ مُلَهْوَج
والشَّمال: الرِّيح التي تَهُبُّ من ناحية القُطْب، وفيها خمس لغات:
شَمْلٌ، بالتسكين، وشَمَلٌ، بالتحريك، وشَمالٌ وشَمْأَلٌ، مهموز، وشَأْمَلٌ
مقلوب، قال: وربما جاء بتشديد اللام؛ قال الزَّفَيانُ
(* قوله «قال
الزفيان» في ترجمة ومعل وشمل من التكملة ان الرجز ليس للزفيان ولم ينسبه لأحد):
تَلُفُّه نَكْباءُ أَو شَمْأَلُّ
والجمع شَمَالاتٌ وشَمائل أَيضاً، على غير قياس، كأَنهم جمعوا شِمَالة
مثل حِمَالة وحَمائل؛ قال أَبو خِراش:
تَكَادُ يَدَاهُ تُسْلِمان رِدَاءه
من الجُودِ، لَمَّا اسْتَقْبَلَتْه الشَّمَائلُ
غيره: والشَّمَالُ ريح تَهُبُّ من قِبَل الشَّأْم عن يَسار القِبْلة.
المحكم: والشَّمَالُ من الرياح التي تأْتي من قِبَل الحِجْر. وقال ثعلب:
الشَّمَال من الرياح ما استْقْبَلَك عن يَمِينك إِذا وَقَفْت في القِبْلة.
وقال ابن الأَعرابي: مَهَبُّ الشَّمَال من بنات نَعْشٍ إِلى مَسْقَط
النَّسْر الطائر، ومن تَذْكِرَة أَبي عَليٍّ، ويكون اسماً وصِفَةً، والجمع
شَمَالاتٌ؛ قال جَذِيمة الأَبْرش:
رُبَّما أَوْفَيْتُ في عَلَمٍ،
تَرْفَعَنْ ثَوْبي شَمَالاتُ
فأَدْخَل النونَ الخفيفة في الواجب ضرورةً، وهي الشَّمُولُ والشَّيمَل
والشَّمْأَلُ والشَّوْمَلُ والشَّمْلُ والشَّمَلُ؛ وأَنشد:
ثَوَى مَالِكٌ بِبلاد العَدُوّ،
تَسْفِي عليه رِياحُ الشَّمَل
فإِما أَن يكون على التخفيف القياسي في الشَّمْأَل، وهو حذف الهمزة
وإِلقاء الحركة على ما قبلها، وإِما أَن يكون الموضوع هكذا. قال ابن سيده:
وجاء في شعر البَعِيث الشَّمْل بسكون الميم لم يُسْمَع إِلا فيه؛ قال
البَعِيث:
أَهَاجَ عليك الشَّوْقَ أَطلالُ دِمْنَةٍ،
بناصِفَةِ البُرْدَيْنِ، أَو جانِبِ الهَجْلِ
أَتَى أَبَدٌ من دون حِدْثان عَهْدِها،
وجَرَّت عليها كُلُّ نافجةٍ شَمْلِ
وقال عمرو بن شاس:
وأَفْراسُنا مِثْلُ السَّعالي أَصَابَها
قِطَارٌ، وبَلَّتْها بنافِجَةٍ شَمْلِ
وقال الشاعر في الشَّمَل، بالتحريك:
ثَوَى مالِكٌ ببلاد العَدُوِّ،
تَسْفِي عليه رِيَاحُ الشَّمَل
وقيل: أَراد الشَّمْأَلَ، فَخَفَّفَ الهمز؛ وشاهد الشَّمْأَل قول
الكُمَيت:
مَرَتْه الجَنُوبُ، فَلَمَّا اكْفَهَرْ
رَ حَلَّتْ عَزَالِيَهُ الشَّمْأَلُ
وقال أَوس:
وعَزَّتِ الشَّمْأَل الرِّيَاح، وإِذ
بَاتَ كَمِيعُ الفَتَاةِ مُلْتَفِعا
(* قوله «وعزت الشمأل إلخ» تقدم في ترجمة كمع بلفظ وهبت الشمأل البلبل
إلخ).
وقول الطِّرِمَّاح:
لأْم تَحِنُّ به مَزَا
مِيرُ الأَجانِب والأَشَامِل
قال ابن سيده: أُراه جَمَع شَمْلاً على أَشْمُل، ثم جَمَع أَشْمُلاً على
أَشامِل.
وقد شَمَلَتِ الرِّيحُ تَشْمُل شَمْلاً وشُمُولاً؛ الأُولى عن اللحياني:
تَحَوَّلَتْ شَمَالاً. وأَشْمَلَ يَوْمُنا إِذا هَبَّتْ فيه الشَّمَال.
وأَشْمَلَ القومُ: دَخَلوا في ريح الشَّمَال، وشُمِلُوا
(* قوله «وشملوا»
هذا الضبط وجد في نسخة من الصحاح، والذي في القاموس: وكفرحوا أصابتهم
الشمال) أَصابتهم الشَّمَالُ، وهم مَشْمُولون. وغَدِيرٌ مَشْمولٌ:
نَسَجَتْه ريحُ الشَّمَال أَي ضَرَبَته فَبَرَدَ ماؤه وصَفَا؛ ومنه قول أَبي
كبير:وَدْقُها لم يُشْمَل
وقول الآخر:
وكُلِّ قَضَّاءَ في الهَيْجَاءِ تَحْسَبُها
نِهْياً بقَاعٍ، زَهَتْه الرِّيحُ مَشْمُولا
وفي قَصِيد كعب بن زهير:
صَافٍ بأَبْطَحَ أَضْحَى وهو مَشْمول
أَي ماءٌ ضَرَبَتْه الشَّمَالُ. ومنه: خَمْر مَشْمولة باردة. وشَمَلَ
الخمْر: عَرَّضَها للشَّمَال فَبَرَدَتْ، ولذلك قيل في الخمر مَشْمولة،
وكذلك قيل خمر مَنْحُوسة أَي عُرِّضَتْ للنَّحْس وهو البَرْد؛ قال
كأَنَّ مُدامةً في يَوْمِ نَحْس
ومنه قوله تعالى: في أَيامٍ نَحِسات؛ وقول أَبي وَجْزَة:
مَشْمولَةُ الأُنْس مَجْنوبٌ مَوَاعِدُها،
من الهِجان الجِمال الشُّطْب والقَصَب
(* قوله «الشطب والقصب» كذا في الأصل والتهذيب، والذي في التكملة:
الشطبة القصب).
قال ابن السكيت وفي رواية:
مَجْنوبَةُ الأُنْس مَشْمولٌ مَوَاعِدُها
ومعناه: أُنْسُها محمودٌ لأَن الجَنوب مع المطر فهي تُشْتَهَى للخِصْب؛
وقوله مَشْمولٌ مَواعِدُها أَي ليست مواعدها بمحمودة، وفَسَّره ابن
الأَعرابي فقال: يَذْهَب أُنْسُها مع الشَّمَال وتَذْهَب مَوَاعِدُها مع
الجَنُوب؛ وقالت لَيْلى الأَخْيَلِيَّة:
حَبَاكَ به ابْنُ عَمِّ الصِّدْق، لَمَّا
رآك مُحارَفاً ضَمِنَ الشِّمَال
تقول: لَمَّا رآك لا عِنَانَ في يَدِك حَبَاك بفَرَس، والعِنَانُ يكون
في الشَّمَال، تقول كأَنَّك زَمِنُ الشِّمَال إِذ لا عِنَانَ فيه. ويقال:
به شَمْلٌ
(* قوله «ويقال به شمل» ضبط في نسخة من التهذيب غير مرة بالفتح
وكذا في البيت بعد) من جُنون أَي به فَزَعٌ كالجُنون؛ وأَنشد:
حَمَلَتْ به في لَيْلَةٍ مَشْمولةً
أَي فَزِعةً؛ وقال آخر:
فَمَا بيَ من طَيفٍ، على أَنَّ طَيْرَةً،
إِذا خِفْتُ ضَيْماً، تَعْتَرِيني كالشَّمْل
قال: كالشَّمْل كالجُنون من الفَزَع. والنَّارُ مَشْمولَةٌ إِذا هَبّتْ
عليها رِيحُ الشَّمَال. والشِّمال: كِيسٌ يُجْعَل على ضَرْع الشاة،
وشَمَلَها يَشْمُلُها شَمْلاً: شَدَّه عليها. والشِّمَال: شِبْه مِخْلاةٍ
يُغَشَّى بها ضَرْع الشاة إِذا ثَقُل، وخَصَّ بعضهم به ضَرْع العَنْزِ، وكذلك
النخلة إِذا شُدَّت أَعذاقُها بقِطَع الأَكسِية لئلا تُنْفَض؛ تقول منه:
شَمَل الشاةَ يَشْمُلها شَمْلاً ويَشْمِلُها؛ الكسر عن اللحياني، عَلَّق
عليها الشِّمَال وشَدَّه في ضَرْع الشاة، وقيل: شَمَلَ الناقةَ عَلَّق
عليها شِمَالاً، وأَشْمَلَها جَعَل لها شِمَالاً أَو اتَّخَذَه لها.
والشِّمالُ: سِمَةٌ في ضَرْع الشاة. وشَمِلهم أَمْرٌ أَي غَشِيَهم. واشْتمل
بثوبه إِذا تَلَفَّف. وشَمَلهم الأَمر يَشمُلهم شَمْلاً وشُمُولاً
وشَمِلَهم يَشْمَلُهم شَمَلاً وشَمْلاً وشُمُولاً: عَمَّهم؛ قال ابن قيس
الرُّقَيَّات:
كَيْفَ نَوْمي على الفِراشِ، ولَمَّا
تَشْمَلِ الشَّامَ غارةٌ شَعْواءُ؟
أَي متفرقة. وقال اللحياني: شَمَلهم، بالفتح، لغة قليلة؛ قال الجوهري:
ولم يعرفها الأَصمعي. وأَشْمَلهم شَرًّا: عَمَّهم به، وأَمرٌ شامِلٌ.
والمِشْمَل: ثوب يُشْتَمَل به. واشْتَمَل بالثوب إِذا أَداره على جسده كُلِّه
حتى لا تخرج منه يَدُه. واشْتَمَلَ عليه الأَمْرُ: أَحاط به. وفي
التنزيل العزيز: أَمَّا اشْتَمَلَتْ عليه أَرحام الأُنْثَيَيْن. وروي عن
النبي،صلى الله عليه وسلم: أَنه نَهى عن اشْتِمال الصَّمَّاء. المحكم:
والشِّمْلة الصَّمَّاء التي ليس تحتها قَمِيصٌ ولا سَراوِيل، وكُرِهَت الصلاة
فيها كما كُرِه أَن يُصَلِّي في ثوب واحد ويَدُه في جوفه؛ قال أَبو عبيد:
اشْتِمالُ الصَّمَّاء هو أَن يَشْتَمِلَ بالثوب حتى يُجَلِّل به جسدَه ولا
يَرْفَع منه جانباً فيكون فيه فُرْجَة تَخْرج منها يده، وهو التَّلَفُّع،
وربما اضطجع فيه على هذه الحالة؛ قال أَبو عبيد: وأَما تفسير الفقهاء
فإِنهم يقولون هو أَن يَشْتَمِل بثوب واحد ليس عليه غيره ثم يرفعه من أَحد
جانبيه فيَضَعه على مَنْكِبه فَتَبْدُو منه فُرْجَة، قال: والفقهاء أَعلم
بالتأْويل في هذا الباب، وذلك أَصح في الكلام، فمن ذهب إِلى هذا التفسير
كَرِه التَّكَشُّف وإِبداءَ العورة، ومن فَسَّره تفسير أَهل اللغة فإِنه
كَرِه أََن يَتَزَمَّل به شامِلاً جسدَه، مخافة أَن يدفع إِلى حالة
سادَّة لتَنَفُّسه فيَهْلِك؛ الجوهري: اشتمالُ الصَّمَّاء أَن يُجَلِّل جسدَه
كلَّه بالكِساء أَو بالإِزار. وفي الحديث: لا يَضُرُّ أَحَدَكُم إِذا
صَلَّى في بيته شملاً أَي في ثوب واحد يَشْمَله. المحكم: والشَّمْلة كِساءٌ
دون القَطِيفة يُشْتَمل به، وجمعها شِمالٌ؛ قال:
إِذا اغْتَزَلَتْ من بُقامِ الفَرير،
فيا حُسْنَ شَمْلَتِها شَمْلَتا
شَبَّه هاء التأْنيث في شَمْلَتا بالتاء الأَصلية في نحو بَيْتٍ وصَوْت،
فأَلحقها في الوقف عليها أَلفاً، كما تقول بَيْتاً وصوتاً، فشَمْلَتا
على هذا منصوبٌ على التمييز كما تقول: يا حُسْنَ وَجْهِك وَجْهاً أَي من
وجه. ويقال: اشتريت شَمْلةً تَشْمُلُني، وقد تَشَمَّلَ بها تَشَمُّلاً
وتَشْمِيلاً؛ المصدر الثاني عن اللحياني، وهو على غير الفعل، وإِنما هو
كقوله: وتَبَتَّلْ إِليه تَبْتِيلاً. وما كان ذا مِشْمَلٍ ولقد أَشْمَلَ أَي
صارت له مِشْمَلة. وأَشْمَلَه: أَعطاه مِشْمَلَةً؛ عن اللحياني؛ وشَمَلَه
شَمْلاً وشُمُولاً: غَطَّى عليه المِشْمَلة؛ عنه أَيضاً؛ قال ابن سيده:
وأُراه إِنما أَراد غَطَّاه بالمِشْمَلة. وهذه شَمْلةٌ تَشْمُلُك أَي
تَسَعُك كما يقال: فِراشٌ يَفْرُشك. قال أَبو منصور: الشَّمْلة عند العرب
مِئْزَرٌ من صوف أَو شَعَر يُؤْتَزَرُ به، فإِذا لُفِّق لِفْقَين فهي
مِشْمَلةٌ يَشْتَمِل بها الرجل إِذا نام بالليل. وفي حديث علي قال للأَشَعت بن
قَيْسٍ: إِنَّ أَبا هذا كان يَنْسِجُ الشِّمالَ بيَمينه، وفي رواية:
يَنْسِج الشِّمال باليمين؛ الشِّمالُ: جمع شَمْلةٍ وهو الكِساء والمِئْزَر
يُتَّشَح به، وقوله الشِّمال بيمينه من أَحسن الأَلفاظ وأَلْطَفِها بلاغَةً
وفصاحَة. والشِّمْلةُ: الحالةُ التي يُشْتَمَلُ بها. والمِشْمَلة: كِساء
يُشْتَمل به دون القَطِيفة؛ وأَنشد ابن بري:
ما رأَيْنا لغُرابٍ مَثَلاً،
إِذ بَعَثْناهُ يَجي بالمِشمَلَه
غَيْرَ فِنْدٍ أَرْسَلوه قابساً،
فثَوى حَوْلاً، وسَبَّ العَجَله
والمِشْمَل: سيف قَصِيرٌ دَقيق نحْو المِغْوَل. وفي المحكم: سيف قصير
يَشْتَمِل عليه الرجلُ فيُغَطِّيه بثوبه. وفلان مُشْتَمِل على داهية، على
المثَل. والمِشْمالُ: مِلْحَفَةٌ يُشْتَمَل بها. الليث: المِشْمَلة
والمِشْمَل كساء له خَمْلٌ متفرِّق يُلْتَحَف به دون القَطِيفة. وفي الحديث:
ولا تَشْتَمِل اشتمالَ اليَهود؛ هو افتعال من الشَّمْلة، وهو كِساء
يُتَغَطّى به ويُتَلَفَّف فيه، والمَنْهَيُّ عنه هو التَّجَلُّل بالثوب
وإِسْبالُه من غير أَن يرفع طَرَفه. وقالت امرأَة الوليد له: مَنْ أَنْتَ
ورأْسُكَ في مِشْمَلِك؟ أَبو زيد: يقال اشْتَمَل على ناقةٍ فَذَهَب بها أَي
رَكِبها وذهبَ بها، ويقال: جاءَ فلان مُشْتَمِلاً على داهية. والرَّحِمُ
تَشْتَمل على الولد إِذا تَضَمَّنَته. والشَّمُول: الخَمْر لأَنَّها تَشْمَل
بِريحها الناسَ، وقيل: سُمِّيت بذلك لأَنَّ لها عَصْفَةً كعَصْفَة
الشَّمال، وقيل: هي الباردة، وليس بقَوِيٍّ. والشِّمال: خَلِيقة الرَّجُل،
وجمعها شَمائل؛وقال لبيد:
هُمُ قَوْمِي، وقد أَنْكَرْتُ منهم
شَمائلَ بُدِّلُوها من شِمالي
وإِنَّها لحَسَنةُ الشَّمائل. ورجُل كَريم الشَّمائل أَي في أَخلاقه
ومخالطتِه. ويقال: فلان مَشْمُول الخَلائق أَي كَريم الأَخلاق، أُخِذ من
الماء الذي هَبَّتْ به الشَّمالُ فبرَّدَتْه. ورَجُل مَشْمُول: مَرْضِيُّ
الأَخلاق طَيِّبُها؛ قال ابن سيده: أُراه من الشَّمُول. وشَمْل القومِ:
مُجْتَمع عَدَدِهم وأَمْرهم. واللَّوْنُ الشَّامِلُ: أَن يكون شيء أَسود
يَعْلوه لون آخر؛ وقول ابن مقبل يصف ناقة:
تَذُبُّ عنه بِلِيفٍ شَوْذَبٍ شَمِلٍ،
يَحْمي أَسِرَّة بين الزَّوْرِ والثَّفَن
قال شمر: الشَّمِل الرَّقيق، وأَسِرَّة خُطوط واحدتها سِرارٌ، بِلِيفٍ
أَي بذَنَب.
والشِّمْل: العِذْقُ؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد للطِّرمَّاح في تَشْبيه
ذَنَب البعير بالعِذْق في سَعَته وكثرة هُلْبه:
أَو بِشِمْلٍ شالَ من خَصْبَةٍ،
جُرِّدَتْ للناسِ بَعْدَ الكِمام
والشِّمِلُّ: العِذْق القَلِيل الحَمْل. وشَمَل النخلة يشْمُلها شَمْلاً
وأَشْمَلَها وشَمْلَلَها: لقَطَ ما عليها من الرُّطَب؛ الأَخيرة عن
السيرافي. التهذيب: أَشْمَل فلان خَرائفَه إِشْمالاً إِذا لَقَط ما عليها من
الرُّطب إِلا قليلاً، والخَرائفُ: النَّخِيل اللواتي تُخْرَص أَي
تُحْزَر، واحدتها خَرُوفةٌ. ويقال لما بَقَيَ في العِذْق بعدما يُلْقَط بعضه
شَمَلٌ، وإِذا قَلَّ حَمْلُ النخلة قيل: فيها شَمَلٌ أَيضاً، وكان أَبو
عبيدة يقول هو حَمْلُ النخلة ما لم يَكْبُر ويَعْظُم، فإِذا كَبُر فهو
حَمْلٌ. الجوهري: ما على النخلة إِلا شَمَلَةٌ وشَمَلٌ، وما عليها إِلاَّ
شَمالِيلُ، وهو الشيء القليل يَبْقَى عليها من حَمْلها. وشَمْلَلْتُ النخلةَ
إِذا أَخَذْت من شَمالِيلِها، وهو التمر القليل الذي بقي عليها. وفيها
شَمَلٌ من رُطَب أَي قليلٌ، والجمع أَشْمالٌ، وهي الشَّماليل واحدتها
شُمْلولٌ. والشَّمالِيل: ما تَفَرَّق من شُعَب الأَغصان في رؤوسها كشَمارِيخ
العِذْق؛ قال العجاج:
وقد تَرَدَّى من أَراطٍ مِلْحَفاً،
منها شَماليلُ وما تَلَفَّقا
وشَمَلَ النَّخلةَ إِذا كانت تَنْفُض حَمْلَها فَشَدَّ تحت أَعْذاقِها
قِطَعَ أَكْسِيَة. ووقعَ في الأَرض شَمَلٌ من مطر أَي قليلٌ. ورأَيت
شَمَلاً من الناس والإِبل أَي قليلاً، وجمعهما أَشمال. ابن السكيت: أَصابنا
شَمَلٌ من مطر، بالتحريك. وأَخْطأَنا صَوْبُه ووابِلُه أَي أَصابنا منه
شيءٌ قليل. والشَّمالِيلُ: شيء خفيف من حَمْل النخلة. وذهب القومُ
شَمالِيلَ: تَفَرَّقوا فِرَقاً؛ وقول جرير:
بقَوٍّ شَماليل الهَوَى ان تبدَّرا
إِنما هي فِرَقُه وطوائفُه أَي في كل قلْبٍ من قلوب هؤلاء فِرْقةٌ؛ وقال
ابن السكيت في قول الشاعر:
حَيُّوا أُمَامةَ، واذْكُروا عَهْداً مَضَى،
قَبْلَ التَّفَرُّق من شَمالِيلِ النَّوَى
قال: الشَّماليلُ البَقايا، قال: وقال عُمارة وأَبو صَخْر عَنَى
بشَمالِيل النَّوَى تَفَرُّقَها؛ قال: ويقال ما بقي في النخلة إِلا شَمَلٌ
وشَمالِيلُ أَي شيءٌ متفرّقٌ. وثوبٌ شَماليلُ: مثل شَماطِيط. والشِّمالُ: كل
قبْضَة من الزَّرْع يَقْبِض عليها الحاصد. وأَشْمَلَ الفَحْلُ شَوْلَه
إِشْمالاً: أَلْقَحَ النِّصْفَ منها إِلى الثُّلُثين، فإِذا أَلقَحَها
كلَّها قيل أَقَمَّها حتى قَمَّتْ تَقِمُّ قُمُوماً. والشَّمَل، بالتحريك:
مصدر قولك شَمِلَتْ ناقتُنا لقاحاً من فَحْل فلان تَشْمَلُ شَمَلاً إِذا
لَقِحَتْ. المحكم: شَمِلَتِ الناقةُ لقاحاً قبِلَتْه، وشَمِلتْ إِبْلُكُم
لنا بعيراً أَخْفَتْه. ودخل في شَمْلها وشَمَلها أَي غُمارها. والشَّمْلُ:
الاجتماع، يقال: جَمعَ اللهُ شَمْلَك. وفي حديث الدعاء: أَسأَلك رَحْمةً
تَجْمَع بها شَمْلي؛ الشَّمْل: الاجتماع. ابن بُزُرْج: يقال شَمْلٌ
وشَمَلٌ، بالتحريك؛ وأَنشد:
قد يَجْعَلُ اللهُ بَعدَ العُسْرِ مَيْسَرَةً،
ويَجْمَعُ اللهُ بَعدَ الفُرْقةِ الشَّمَلا
وجمع الله شَمْلَهم أَي ما تَشَتَّتَ من أَمرهم. وفَرَّق اللهُ شَمْلَه
أَي ما اجتمع من أَمره؛ وأَنشد أَبو زيد في نوادره للبُعَيْث في
الشَّمَل، بالتحريك:
وقد يَنْعَشُ اللهُ الفَتى بعدَ عَثْرةٍ،
وقد يَجْمَعُ اللهُ الشَّتِيتَ من الشَّمَلْ
لَعَمْرِي لقد جاءت رِسالةُ مالكٍ
إِلى جَسَدٍ، بَيْنَ العوائد، مُخْتَبَلْ
وأَرْسَلَ فيها مالكٌ يَسْتَحِثُّها،
وأَشْفَقَ من رَيْبِ المَنُونِ وما وَأَلْ
أَمالِكُ، ما يَقْدُرْ لكَ اللهُ تَلْقَه،
وإِن حُمَّ رَيْثٌ من رَفِيقك أَو عَجَل
وذاك الفِراقُ لا فِراقُ ظَعائِنٍ،
لهُنَّ بذي القَرْحَى مُقامٌ ومُرْتَحَل
قال أَبو عمرو الجَرْمي: ما سمعته بالتحريك إِلاَّ في هذا البيت.
والشَّمْأَلةُ: قُتْرة الصائد لأَنها تُخْفِي مَنْ يستتر بها؛ قال ذو
الرمة:
وبالشَّمائل من جِلاّنَ مُقْتَنِصٌ
رَذْلُ الثياب، خَفِيُّ الشَّخْص مُنْزَرِبُ
ونحن في شَمْلِكم أَي كَنَفِكم. وانْشَمَل الشيءُ: كانْشَمَر؛ عن ثعلب.
ويقال: انْشَمَلَ الرجلُ في حاجته وانْشَمَر فيها؛ وأَنشد أَبو تراب:
وَجْناءُ مُقْوَرَّةُ الأَلْياطِ يَحْسَبُها،
مَنْ لم يَكُنْ قبْلُ رَاها رَأْيَةً، جَمَلا
حتى يَدُلَّ عليها خَلْقُ أَرْبعةٍ
في لازقٍ لَحِقَ الأَقْراب فانْشَمَلا
أَراد أَربعة أَخلاف في ضَرْع لازقٍ لَحِقَ أَقرابها فانْضَمَّ وانشمر.
وشَمَلَ الرجلُ وانْشَمَل وشَمْلَل: أَسرع، وشَمَّر، أَظهروا التضعيف
إِشعاراً بإِلْحاقِه. وناقة شِمِلَّة، بالتشديد، وشِمال وشِمْلالٌ
وشِمْليلٌ: خفيفة سريعة مُشَمَّرة؛ وفي قصيد كعب بن زُهَير:
وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شِمْلِيل
(* قوله «وعمها خالها إلخ» تقدم صدره في ترجمة حرف:
حرف أخوها أبوها من مهجنة * وعمها خالها قوداء شمليل).
الشِّمْلِيل، بالكسر: الخَفِيفة السَّريعة. وقد شَمْلَلَ شَمْلَلَةً
إِذا أَسْرَع؛ ومنه قول امرئ القيس يصف فرساً:
كأَني بفَتْخاءِ الجَنَاحَينِ لَقْوَةٍ،
دَفُوفٍ من العِقْبانِ، طَأْطأْتُ شِمْلالي
ويروى:
على عَجَلٍ منها أُطَأْطِئُ شِمْلالي
ومعنى طأْطأَت أَي حَرَّكْت واحْتَثَثْت؛ قال ابن بري: رواية أَبي عمرو
شِمْلالي بإِضافته إِلى ياء المتكلم أَي كأَني طأْطأْت شِمْلالي من هذه
الناقة بعُقابٍ، ورواه الأَصمعي شِمْلال من غير إِضافة إِلى الياء أَي
كأَني بِطَأْطأَتي بهذه الفرس طَأْطأْتُ بعُقابٍ خفيفة في طَيَرانِها،
فشِمْلال على هذا من صفة عُقاب الذي تُقَدِّره قبل فَتْخاء تقديره بعُقاب
فَتْخاء شِمْلالٍ. وطَأْطأَ فلان فرسَه إِذا حَثَّها بساقَيْه؛ وقال
المرَّار:وإِذا طُوطِئَ طَيّارٌ طِمِرّ
قال أَبو عمرو: أَراد بقوله أُطَأْطِئُ شِمْلالي يَدَه الشِّمَال،
والشِّمَالُ والشِّمْلالُ واحد. وجَمَلٌ شِمِلٌّ وشِمْلالٌ وشِمْلِيلٌ: سريع؛
أَنشد ثعلب:
بأَوْبِ ضَبْعَيْ مَرِحٍ شِمِلِّ
وأُمُّ شَمْلَة: كُنْيَةُ الدُّنْيا، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
مِنْ أُمِّ شمْلَة تَرْمِينا، بِذائفِها،
غَرَّارة زُيِّنَتْ منها التَّهاوِيل
والشَّمالِيلُ: حِبَال رِمالٍ متفرقة بناحية مَعْقُلةَ. وأُمُّ شَمْلَة
وأُمُّ لَيْلَى: كُنْيَةُ الخَمْر.
وفي حديث مازنٍ بقَرْية يقال لها شَمائل، يروى بالسين والشين، وهي من
أَرض عُمَان. وشَمْلَةُ وشِمَالٌ وشامِلٌ وشُمَيْلٌ: أَسماء.
سفن: السَّفْنُ: القَشْر. سَفَن الشيءَ يَسْفِنه سَفْناً: قشره؛ قال
امرؤُ القيس:
فجاءَ خَفِيَّاً يَسْفِنُ الأَرضَ بَطْنُه،
تَرى التُّرْبَ منه لاصقاً كلَّ مَلْصَق.
وإنما جاء متلبداً
على الأَرض لئلا يراه الصيد فينفر منه. والسَّفِينة: الفُلْك لأَنها
تَسْفِن وجه الماء أَي تقشره، فَعِيلة بمعنى فاعلة، وقيل لها سفينة لأَنها
تَسْفِنُ الرمل إذا قَلَّ الماء، قال: ويكون مأْخوذاً من السفن، وهو
الفأْس التي يَنْحَت بها النجارُ، فهي في هذه الحال فعيلة بمعنى مفعولة، وقيل:
سميت السفينة سفينة لأَنها تَسْفِنُ على وجه الأَرض أَي تَلزَق بها، قال
ابن دريد: سفينة فعيلة بمعنى فاعلة كأَنها تَسْفِنُ الماء أَي تَقْشِره،
والجمع سَفائن وسُفُن وسَفِين؛ قال عمرو ابن كلثوم:
مَلأْنا البَرَّ حتى ضاقَ عَنَّا،
ومَوْجُ البحر نَمْلَؤُه سَفينا
(* قوله «وموج البحر» كذا بالأصل، والذي في المحكم: ونحن البحر). وقال
العجاج:
وهَمَّ رَعْلُ الآلِ أَن يكونا
بحْراً يَكُبُّ الحُوتَ والسَّفِينا
وقال المَثقَّب العَبْدي:
كأَنَّ حُدوجَهُنَّ على سَفِين.
سيبويه: أَما سَفائن فعلى بابه، وفُعُلٌ داخل عليه لأَن فُعُلاً في مثل
هذا قليل، وإِنما شبهوه بِقَليب وقُلُب كأَنهم جمعوا سَفيناً حين علموا
أَن الهاء ساقطة، شبهوها بجُفرةٍ وجِفارٍ حين أَجرَوْها مُجرى جُمْد
وجِماد. والسَّفَّانُ: صانع السُّفن وسائسها، وحِرْفَته السِّفانة.
والسَّفَنُ: الفأْس العظيمة؛ قال بعضهم: لأَنها تَسْفِنُ أَي تَقْشر، قال ابن سيده:
وليس عندي بقويّ. ابن السكيت: السَّفَن والمِسْفَن والشَّفْرُ أَيضاً
قَدوم تُقْشر به الأَجذاع؛ وقال ذو الرمة يصف ناقة أَنضاها السير:
تَخَوَّفَ السَّيْرُ منها تامكاً قَرِداً،
كما تَخَوَّفَ عُودَ النَّبْعةِ السَّفَنُ
(* قوله «تخوف السير إلخ» الذي في الصحاح: الرحل بدل السير، وظهر بدل
عود. قال الصاغاني: وعزاه الأزهري لابن مقبل وهو لعبد الله بن عجلان
النهدي، وذكر صاحب الأغاني في ترجمة حماد الراوية أَنه لابن مزاحم الثمالي).
يعني تَنقَّص. الجوهري: السَّفَنُ ما يُنْحَت به الشيء، والمِسْفَن مثله؛
وقال:
وأَنتَ في كَفِّكَ المِبْراةُ والسَّفَنُ
يقول: إِنك نجَّار؛ وأَنشد ابن بري لزهير:
ضَرْباً كنَحتِ جُذوعِ الأَثْلِ بالسَّفَنِ
والسَّفَنُ: جِلدٌ أَخشَن غليظ كجلود التماسيح يكون على قوائم السيوف،
وقيل: هو حجَرٌ يُنْحَت به ويُليَّن، وقد سَفَنَه سَفْناً وسَفَّنَه. وقال
أَبو حنيفة: السَّفَنُ قطعة خشناء من جلد ضَبٍّ أَو جلد سمكة يُسْحَج
بها القِدْح حتى تذهب عنه آثار المِبراة، وقيل: السَّفَنُ جلد السمك الذي
تُحَكُّ به السِّياط والقِدْحان والسِّهام والصِّحافُ، ويكون على قائم
السيف؛ وقال عديّ بن زيد يصف قِدْحاً:
رَمَّه البارِي، فَسوَّى دَرْأَه
غَمْزُ كَفَّيه، وتحْليقُ السَّفَنْ
وقال الأََعشى:
وفي كلِّ عامٍ له غَزْوَةٌ
تَحُكّ الدوابِرَ حَكَّ السَّفَنْ
أَي تأْكل الحجارةُ دوابرَ لها من بعد الغزو. وقال الليث: وقد يجعل من
الحديد ما يُسَفَّن به الخشبُ أَي يُحَك به حتى يلين، وقيل: السَّفَنُ جلد
الأَطومِ، وهي سمكة بحرية تُسَوَّى قوائمُ السيوف من جلدها. وسَفَنَتِ
الريحُ الترابَ تَسْفِنُه سَفْناً: جعلته دُقاقاً؛ وأَنشد:
إذا مَساحِيجُ الرِّياحِ السُّفَّن
أَبو عبيد: السَّوافِنُ الرياح التي تَسْفِنُ وجه الأَرض كأَنها
تَمْسحه، وقال غيره: تقشره، الواحدة سافِنَة، وسَفَنَت الريح التراب عن وجه
الأَرض؛ وقال اللحياني: سَفَنَتِ الريح تَسْفُنُ سُفُوناً وسَفِنَتْ إذا
هَبَّتْ على وجه الأرض، وهي ريح سَفُونٌ إذا كانت أَبداً هابَّةً؛ وأَنشد:
مَطاعِيمُ للأَضيافِ في كلِّ شَتْوَةٍ
سَفُونِ الرِّياحِ، تَتْرُكُ الليطَ أَغْبرا
والسَّفِينَةُ: اسم، وبه سمي عبد أَو عَسِيف مُتكَهِّن كان لعلي بن أَبي
طالب، رضي الله عنه، وأَخبرني أَبو العَلاء أَنه إِنما سمي سفِينَة
لأَنه كان يحمل الحسنَ والحسين أَو متاعَهما، فشبَّه بالسَّفينة من الفُلْكِ.
وسَفَّانة: بنت
(*
قوله «وسفانة بنت إلخ» أصل السفانة اللؤلؤة كما في القاموس). حاتم
طَيِّءٍ، وبها كان يُكنى. وورد في الحديث ذكر سَفَوانَ، بفتح السين والفاء،
وادٍ من ناحية بدر بلغ إليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في طلب كُرْزٍ
الفِهْرِي لما أَغار على سَرْحِ المدينة، وهي غزوة بدر الأُولى، والله
أَعلم.
سغل: السَّغِلُ: الدقيقُ القوائم الصغيرُ الجُثَّة الضعيفُ؛ والاسم
السَّغَل. والسَّغِلُ والوغِلُ: السَّيِّءُ الغِذاء المضطرب الأَعضاء السَّيء
الخُلُق. يقال: صَبِيٌّ سَغِلٌ بَيِّن السَّغَل. وسَغِلَ الفرسُ
سَغَلاً: تَخَدَّدَ لَحْمُهُ وهُزِلَ؛ قال سَلامَةُ بن جَنْدَل يصف
فَرَساً:ليس بأَــسْفى ولا أَقْنى ولا سَغِلٍ
يُسْقى دَواءً، قَفِيّ السَّكْن مرْبُوب
ويقال: هوالمُتَخَدِّدُ المَهْزُول. التهذيب في ترجمة سغن: الأَسغانُ
الأَغذية الرَّديئة، ويقال باللام أَيضاً.
سرب: السَّرْبُ: المالُ الرَّاعي؛ أَعْني بالمال الإِبِلَ. وقال ابن
الأَعرابي: السَّرْبُ الماشيَةُ كُلُّها، وجمعُ كلِّ ذلك سُروبٌ.
تقول: سَرِّبْ عليَّ الإِبِلَ أَي أَرْسِلْهَا قِطْعَةً قِطْعَة. وسَرَب يَسْرُب سُرُوباً: خَرَجَ. وسَرَبَ في الأَرضِ يَسْرُبُ سُرُوباً: ذَهَبَ.
وفي التنزيل العزيز: ومَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بالليل وسارِبٌ بالنهار؛ أَي ظاهرٌ بالنهارِ في سِرْبِه. ويقال: خَلِّ سِرْبَه أَي طَرِيقَه،
فالمعنى: الظاهرُ في الطُّرُقاتِ، والـمُسْتَخْفِـي في الظُّلُماتِ، والجاهرُ بنُطْقِه، والـمُضْمِرُ في نفسِه، عِلْمُ اللّهِ فيهم سواءٌ. ورُوي عن الأَخْفش أَنه قال: مُسْتَخْفٍ بالليل أَي ظاهرٌ، والساربُ الـمُتواري. وقال أَبو العباس: المستخفي الـمُسْتَتِرُ؛ قال: والساربُ الظاهرُ والخَفيُّ، عنده واحدٌ. وقال قُطْرب: سارِبٌ بالنهار مُسْتَتِرٌ.
يقال انْسَرَبَ الوحشيُّ إِذا دخل في كِناسِه.
قال الأَزهري: تقول العرب: سَرَبَتِ الإِبلُ تَسْرُبُ، وسَرَبَ الفحل
سُروباً أَي مَضَتْ في الأَرضِ ظاهرة حيثُ شاءَتْ. والسارِبُ: الذاهبُ على وجهِه في الأَرض؛ قال قَيْس بن الخَطيم:
أَنـَّى سرَبْتِ، وكنتِ غيرَ سَرُوبِ، * وتَقَرُّبُ الأَحلامِ غيرُ قَرِيبِ
قال ابن بري، رواه ابن دريد: سَرَبْتِ، بباءٍ موحدة، لقوله: وكنتِ غيرَ سَروب. ومن رواه: سَرَيْت، بالياء باثنتين، فمعناه كيف سَرَيْت ليلاً، وأَنتِ لا تَسرُبِـينَ نَهاراً.
وسَرَبَ الفحْلُ يَسْرُبُ سُروباً، فهو ساربٌ إِذا توجَّه للـمَرْعَى؛
قال الأَخْنَسُ بن شهاب التَّغْلبـي:
وكلُّ أُناسٍ قارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ، * ونحنُ خَلَعْنا قَيْدَه، فهو سارِبُ
قال ابن بري: قال الأَصْمعي: هذا مَثَلٌ يريدُ أَن الناسَ أَقاموا في
موضِـعٍ واحدٍ، لا يَجْتَرِئون على النُّقْلة إِلى غيره، وقارَبـُوا قَيْدَ
فَحْلِهم أَي حَبَسُوا فَحْلَهم عن أَن يتقدَّم فتَتْبَعه إِبلُهم، خوفاً أَن يُغَارَ عليها؛ ونحن أَعِزَّاءُ نَقْتَري الأَرضَ، نَذْهَبُ فيها حيث شِئْنا، فنحن قد خَلَعْنا قيدَ فَحْلِنا ليَذْهَب حيث شاء، فحيثُما نَزَع إِلى غَيْثٍ تَبِعْناه.
وظَبْية سارِبٌ: ذاهبة في مَرْعاها؛ أَنشد ابن الأَعرابي في صفة عُقابٍ:
فخاتَتْ غَزالاً جاثِـماً، بَصُرَتْ به، * لَدَى سَلَماتٍ، عند أَدْماءَ سارِبِ
ورواه بعضهم: سالِبِ.
وقال بعضهم: سَرَبَ في حاجته: مضَى فيها نهاراً، وعَمَّ به أَبو عبيد.
وإِنه لقَرِيبُ السُّرْبةِ أَي قريبُ المذهب يُسرِعُ في حاجته، حكاه
ثعلب. ويقال أَيضاً: بعيدُ السُّرْبة أَي بعيدُ الـمَذْهَبِ في الأَرض؛ قال الشَّنْفَرَى، وهو ابن أُخْت تأَبـَّط شَرّاً:
خرَجْنا من الوادي الذي بينَ مِشْعَلٍ، * وبينَ الجَبَا، هَيْهاتَ أَنْسَـأْتُ سُرْبَتي(1)
(1 قوله «وبين الجبا» أورده الجوهري وبين الحشا بالحاء المهملة والشين المعجمة وقال الصاغاني الرواية وبين الجبا بالجيم والباء وهو موضع.)
أَي ما أَبْعَدَ الموضعَ الذي منه ابتَدَأْت مَسِـيري !ابن الأَعرابي:
السَّرْبة السَّفَرُ القريبُ، والسُّبْـأَةُ: السَّفَرُ البَعيد.
والسَّرِبُ: الذاهِبُ الماضي، عن ابن الأَعرابي.
والانْسِرابُ: الدخول في السَّرَب. وفي الحديث :مَنْ أَصْبَحَ آمِناً في سَرْبِه، بالفتح، أَي مَذْهَبِه. قال ابن الأَعرابي: السِّرْب النَّفْسُ،
بكسر السين. وكان الأَخفش يقول: أَصْبَح فلانٌ آمِناً في سَرْبِه،
بالفتح، أَي مَذْهَبِه ووجهِه. والثِّقاتُ من أَهل اللغة قالوا: أَصْبَح
آمِناً في سِرْبِه أَي في نَفْسِه؛ وفلان آمن السَّرْبِ: لا يُغْزَى مالُه
ونَعَمُه، لعِزِّه؛ وفلان آمن في سِرْبِه، بالكسر، أَي في نَفْسِه. قال ابن بري: هذا قول جماعةٍ من أَهل اللغة، وأَنكر ابنُ دَرَسْتَوَيْه قولَ من قال: في نَفْسِه؛ قال: وإِنما المعنى آمِنٌ في أَهلِه ومالِه وولدِه؛ ولو أَمِنَ على نَفْسِه وَحْدَها دون أَهله ومالِه وولدِه، لم يُقَلْ: هو آمِنٌ في سِرْبِه؛ وإِنما السِّرْبُ ههنا ما للرجُل من أَهلٍ ومالٍ، ولذلك سُمِّيَ قَطِـيعُ البَقَرِ، والظِّـباءِ، والقَطَا، والنساءِ سِرْباً.
وكان الأَصلُ في ذلك أَن يكون الراعِـي آمِناً في سِرْبِه، والفحلُ آمناً في سِرْبِه، ثم استُعْمِلَ في غير الرُّعاةِ، استعارةً فيما شُبِّهَ به، ولذلك كُسرت السين، وقيل: هو آمِنٌ في سِرْبِه أَي في قومِه. والسِّرْبُ هنا: القَلْبُ. يقال: فلانٌ آمِنُ السِّرْبِ أَي آمِنُ القَلْبِ، والجمع سِرابٌ، عن الـهَجَري؛ وأَنشد:
إِذا أَصْبَحْتُ بينَ بَني سُلَيمٍ، * وبينَ هَوازِنٍ، أَمِنَتْ سِرابي
والسِّرْب، بالكسر: القَطِـيعُ من النساءِ، والطَّيرِ، والظِّباءِ،
والبَقَرِ، والـحُمُرِ، والشاءِ، واستعارَه شاعِرٌ من الجِنِّ، زَعَمُوا،
للعظاءِ فقال، أَنشده ثعلب، رحمه اللّه تعالى:
رَكِبْتُ الـمَطايا كُلَّهُنَّ، فلم أَجِدْ * أَلَذَّ وأَشْهَى مِن جِناد الثَّعالِبِ
ومن عَضْرَفُوطٍ، حَطَّ بي فَزَجَرْتُه، * يُبادِرُ سِرْباً من عَظاءٍ قَوارِبِ
الأَصمعي: السِّرْبُ والسُّرْبةُ من القَطَا، والظِّباءِ والشاءِ: القَطيعُ. يقال: مَرَّ بي سِرْبٌ من قَطاً وظِـبَاءٍ ووَحْشٍ ونِساءٍ، أَي قَطِـيعٌ. وقال أَبو حنيفة: ويقال للجماعةِ من النخلِ: السِّرْبُ، فيما ذَكَرَ بعضُ الرُّواةِ. قال أَبو الـحَسَنِ: وأَنا أَظُنُّه على التَّشبِـيه، والجمعُ من كلِّ ذلك أَسْرابٌ؛ والسُّرْبةُ مِثلُه.
ابن الأَعرابي: السُّرْبةُ جماعة يَنْسَلُّونَ من العَسْكَرِ، فيُغيرون
ويَرْجعُون. والسُّرْبة: الجماعة من الخيلِ، ما بين العشرين إِلى
الثلاثينَ؛ وقيل: ما بين العشرةِ إِلى العِشرينَ؛ تقول: مَرَّ بي سُرْبة، بالضم، أَي قِطْعة من قَطاً، وخَيْلٍ، وحُمُرٍ، وظِباءٍ؛ قال ذو الرُّمَّة يصف ماءً:
سِوَى ما أَصابَ الذِّئْبُ منه، وسُرْبةٍ * أَطافَتْ به من أُمـَّهاتِ الجَوازِلِ
وفي الحديث: كأَنهم سِرْبٌ ظِـباءٍ؛ السِّرْبُ،
بالكسرِ، والسُّرْبة: القَطِـيعُ من الظِّباءِ ومن النِّساءِ على التَّشْبيه بالظِّباءِ. وقيل: السُّرْبةُ الطائفة من السِّرْبِ.
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: فكان رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، يُسَرِّبُهُنَّ إِليَّ، فيَلْعَبْنَ مَعِـي أَي يُرْسلُهُنَّ إِليَّ.
ومنه حديث عليٍّ: إِني لأُسَرِّبُه عليه أَي أُرْسِلُه قِطْعةً قِطْعةً.
وفي حديث جابر: فإِذا قَصَّرَ السَّهْمُ قال: سَرِّبْ شيئاً أَي أَرْسِلْه؛
يقال: سَرَّبْتُ إِليه الشيءَ إِذا أَرْسَلْتَه واحداً واحداً؛ وقيل: سِرْباً سِرباً، وهو الأَشْبَه. ويقال: سَرَّبَ عليه الخيلَ، وهو أَن يَبْعَثَها عليه سُرْبةً بعدَ سُربةٍ. الأَصمعي: سَرِّبْ عليَّ الإِبلَ أَي أَرْسِلْها قِطْعةً قِطْعةً.
والسَّرْبُ: الطريقُ. وخَلِّ سَرْبَه، بالفتح، أَي طريقَه ووجهَه؛ وقال أَبو عمرو: خَلِّ سِرْبَ الرجلِ، بالكسرِ؛ قال ذو الرمة:
خَلَّى لَـها سِرْبَ أُولاها، وهَيَّجَها، * من خَلْفِها، لاحِقُ الصُّقْلَينِ، هِمْهِـيمُ
قال شمر: أَكثر الرواية: خَلَّى لَـها سَرْبَ أُولاها، بالفتح؛ قال
الأَزهري: وهكذا سَمِعْتُ العربَ تقول: خلِّ سَرْبَه أَي طَريقَه. وفي حديث ابن عمر: إِذا ماتَ المؤمنُ يُخَلَّى له سَرْبُه، يَسْرَحُ حيثُ شاءَ أَي طريقُه ومذهبُه الذي يَمُرُّ به.
وإِنه لواسعُ السِّرْبِ أَي الصَّدْرِ، والرأْي، والـهَوَى، وقيل: هو
الرَّخِـيُّ البال، وقيل: هو الواسعُ الصَّدْرِ، البَطِـيءُ الغَضَب؛
ويُروى بالفتح، واسعُ السَّرْبِ، وهو الـمَسْلَك والطريقُ.
والسَّرْبُ، بالفتح: المالُ الراعي؛ وقيل: الإِبل وما رَعَى من المالِ.
يقال: أُغِـيرَ على سَرْبِ القومِ؛ ومنه قولُهم: اذْهَب فلا أَنْدَهُ سَرْبَكَ أَي لا أَرُدُّ إِبلكَ حتى تَذْهَب حيثُ شاءَت، أَي لا حاجة لي فيك. ويقولون للمرأَة عند الطلاقِ: اذْهَبـي فلا أَنْدَهُ سَرْبَكِ، فتَطْلُق بهذه الكلمة. وفي الصحاح: وكانوا في الجاهليةِ يقولون في الطَّلاقِ،
فَقَيَّده بالجاهليةِ. وأَصْلُ النَّدْهِ: الزَّجْرُ.
الفراءُ في قوله تعالى: فاتخذَ سبيلَه في البحرِ سَرَباً؛ قال: كان
الـحُوت مالحاً، فلما حَيِـيَ بالماءِ الذي أَصابَه من العَينِ فوقَع في
البحرِ، جَمَد مَذْهَبُه في البحرِ، فكان كالسَّرَبِ، وقال أَبو إِسحق: كانت سمكةً مملوحةً، وكانت آيةً لموسى في الموضعِ الذي يَلْقَى الخَضِرَ، فاتخذ سبيلَه في البحر سَرَباً؛ أَحْيا اللّه السمكة حتى سَرَبَتْ في البحر.
قال: وسَرَباً منصوبٌ على جهتَين: على المفعولِ، كقولك اتخذْتُ طريقِـي في السَّرَب، واتخذتُ طريقي مكانَ كذا وكذا، فيكون مفعولاً ثانياً، كقولك اتخذت زيداً وكيلاً؛ قال ويجوز أَن يكونَ سَرَباً مصدراً يَدُلُّ عليه اتخذ سبيلَه في البحر، فيكون المعنى: نَسِـيَـا حُوتَهما، فجَعَل الحوتُ طريقَه في البحر؛ ثم بَيَّن كيف ذلك، فكأَنه قال: سَرِبَ الحوتُ سَرَباً؛ وقال الـمُعْتَرِض الظَّفَرِي في السَّرَب، وجعله طريقاً:
تَرَكْنا الضَّبْع سارِبةً إِليهم، * تَنُوبُ اللحمَ في سَرَبِ الـمَخِـيمِ
قيل: تَنُوبُه تأْتيه. والسَّرَب: الطريقُ. والمخيم: اسم وادٍ؛ وعلى هذا معنى الآية: فاتخذ سبيلَه في البحر سَرَباً، أَي سبيل الحوت طريقاً لنفسِه، لا يَحِـيدُ عنه. المعنى: اتخذ الحوتُ سبيلَه الذي سَلَكَه طريقاً طَرَقَه. قال أَبو حاتم: اتخذ طريقَه في البحر
سَرباً، قال: أَظُنُّه يريد ذَهاباً كسَرِب سَرَباً، كقولك يَذهَب ذَهاباً. ابن الأَثير: وفي حديث الخضر وموسى، عليهما السلام: فكان للحوت سَرَباً؛ السَّرَب، بالتحريك: الـمَسْلَك في خُفْيةٍ.
والسُّرْبة: الصَّفُّ من الكَرْمِ. وكلُّ طريقةٍ سُرْبةٌ. والسُّرْبة،
والـمَسْرَبةُ، والـمَسْرُبة، بضم الراءِ، الشَّعَر الـمُسْتدَقُّ، النابِت وَسَطَ الصَّدْرِ إِلى البطنِ؛ وفي الصحاح: الشَّعَر الـمُسْتَدِقُّ،
الذي يأْخذ من الصدرِ إِلى السُّرَّة. قال سيبويه: ليست الـمَسْرُبة على المكان ولا المصدرِ، وإِنما هي اسم للشَّعَر؛ قال الحرث بنُ وَعْلة الذُّهْلي:
أَلآنَ لـمَّا ابْيَضَّ مَسْرُبَتي، * وعَضَضْتُ، من نابي، على جِذْمِ
وحَلَبْتُ هذا الدَّهْرَ أَشْطُرَه، * وأَتَيْتُ ما آتي على عِلْمِ
تَرْجُو الأَعادي أَن أَلينَ لها، * هذا تَخَيُّلُ صاحبِ الـحُلْمِ!
قوله:
وعَضَضْتُ، من نابي، عَلى جِذْمِ
أَي كَبِرْتُ حتى أَكَلْت على جِذْمِ نابي. قال ابن بري: هذا الشعر ظنَّه قوم للحرث بن وَعْلة الجَرْمي، وهو غلط، وإِنما هو للذُّهلي، كما ذكرنا.
والـمَسْرَبة، بالفتح: واحدة الـمَسارِبِ، وهي الـمَراعِـي. ومَسارِبُ
الدوابِّ: مَراقُّ بُطونِها. أَبو عبيد: مَسْرَبَة كلِّ دابَّةٍ أَعالِـيهِ من لَدُن عُنُقِه إِلى عَجْبِه، ومَراقُّها في بُطونِها وأَرْفاغِها؛ وأَنشد:
جَلال، أَبوهُ عَمُّه، وهو خالُه، * مَسارِبُهُ حُوٌّ، وأَقرابُه زُهْرُ
قال: أَقْرابهُ مَراقُّ بُطُونه. وفي حديث صفةِ النبـيّ، صلى اللّه عليه وسلم: كان دَقِـيقَ الـمَسْرُبَة؛ وفي رواية: كانَ ذا مَسْرُبَة.
وفلانٌ مُنْساحُ السرب: يُريدون شَعر صَدْرِه. وفي حديث الاسْتِنْجاءِ بالـحِجارة: يَمْسَحُ صَفْحَتَيْهِ بـحَجَرَيْن، ويَمْسَحُ بالثَّالِثِ
الـمَسْرُبة؛ يريدُ أَعْلى الـحَلْقَة، هو بفتح الراءِ وضمِّها، مَجْرَى
الـحَدَث من الدُّبُر، وكأَنها من السِّرْب الـمَسْلَك. وفي بعض الأَخبار: دَخَل مَسْرُبَتَه؛ هي مثلُ الصُّفَّة بين يَدَي الغُرْفَةِ، ولَيْسَتْ
التي بالشين المعجمة، فإِنَّ تِلك الغُرْفَةُ.
والسَّرابُ: الآلُ؛ وقيل: السَّرابُ الذي يكونُ نِصفَ النهارِ لاطِئاً
بالأَرضِ، لاصقاً بها، كأَنه ماءٌ جارٍ. والآلُ: الذي يكونُ بالضُّحَى، يَرفَعُ الشُّخُوصَ ويَزْهَاهَا، كالـمَلا، بينَ السماءِ والأَرض. وقال ابن السكيت: السَّرَابُ الذي يَجْرِي على وجهِ الأَرض كأَنه الماءُ، وهو يكونُ نصفَ النهارِ. الأَصمعي: الآلُ والسَّرابُ واحِدٌ، وخالَفه غيرُه، فقال: الآلُ من الضُّحَى إِلى زوالِ الشمسِ؛ والسَّرَابُ بعدَ الزوالِ إِلى صلاة العصر؛ واحْتَجُّوا بإِنَّ الآل يرفعُ كلَّ شيءٍ حتى يصِـير آلاً أَي شَخْصاً، وأَنَّ السَّرابَ يَخْفِضُ كلَّ شيءٍ حتى يَصِـيرَ لازِقاً بالأَرضِ، لا شَخْصَ له. وقال يونس: تقول العرب: الآلُ من غُدوة إِلى
ارْتفاع الضُّحَى الأَعْلى، ثم هو سرابٌ سائرَ اليومِ. ابن السكيت: الآلُ الذي يَرْفَع الشُّخوصَ، وهو يكون بالضُّحَى؛ والسرابُ الذي يَجْري على وجهِ الأَرض، كأَنه الماءُ، وهو نصفُ النهارِ؛ قال الأَزهري: وهو الذي رأَيتُ العرب بالبادية يقولونه. وقال أَبو الهيثم: سُمِّيَ السَّرابُ سَراباً، لأَنـَّه يَسْرُبُ سُروباً أَي يَجْري جَرْياً؛
يقال: سَرَب الماءُ يَسْرُب سُروباً.
والسَّريبة: الشاة التي تصدرها، إِذا رَوِيَت الغَنَم، فتَتْبَعُها.
والسَّرَبُ: حَفِـير تحتَ الأَرض؛ وقيل: بَيْتٌ تحتَ الأَرضِ؛ وقد
سَرَّبْتُه. وتَسْريبُ الـحَافِرِ: أَخْذُه في الـحَفْرِ يَمْنَة ويَسْرَة.
الأَصمعي: يقال للرجل إِذا حَفر: قد سَرَبَ أَي أَخذ يميناً وشمالاً.
والسَّرَب: جُحْر الثَّعْلَبِ، والأَسَد، والضَّبُعِ، والذِّئْبِ.
والسَّرَب: الموضعُ الذي قَدْ حَلَّ فيه الوحشِـي، والجمع أَسْرابٌ.
وانْسَرَب الوَحْشِـي في سَرَبه، والثعلب في جُحْرِه، وتَسَرَّبَ: دخل.
ومَسارِب الـحَيَّاتِ: مَواضِـعُ آثارها إِذا انْسابَتْ في الأَرض على
بُطُونِها.
والسَّرَبُ: القَناةُ الجَوْفاءُ التي يدخل منها الماءُ الحائِطَ.
(يتبع...)
(تابع... 1): سرب: السَّرْبُ: المالُ الرَّاعي؛ أَعْني بالمال الإِبِلَ. وقال ابن... ...
والسَّرَب، بالتحريك: الماءُ السائِلُ. ومِنهم مَن خَصَّ فقال: السائِلُ من الـمَزادَة ونحوها. سَرِبَ سَرَباً إِذا سَالَ، فهو سَرِبٌ، وانْسَرَب، وأَسْرَبَه هو، وسَرَّبَه؛ قال ذو الرمة:
ما بالُ عَيْنِكَ، منها الماءُ، يَنْسَكِبُ؟ * كأَنـَّه، منْ كُلى مَفْرِيَّةٍ، سَرَبُ
قال أَبو عبيدة: ويروى بكسر الراءِ؛ تقول منه سَرِبَت الـمَزادة،
بالكسر، تَسْرَب سرَباً، فهي سَرِبَةٌ إِذا سَالَت.
وتَسْريبُ القِرْبة: أَن يَنْصَبَّ فيها الماءُ لتَنْسَدَّ خُرَزُها.
ويقال: خرجَ الماءُ سَرِباً، وذلك إِذا خرج من عُيونِ الخُرَزِ.
وقال اللحياني: سَرِبَتِ العَيْنُ سَرَباً، وسَرَبَتْ تَسْرُبُ سُروباً،
وتَسَرَّبَت: سالَتْ.
والسَّرَبُ: الماءُ يُصَبُّ في القِرْبة الجديدة، أو الـمَزادةِ، ليَبْتَلَّ السَّيْرُ حتى يَنْتَفِـخَ، فتَسْتَدَّ مواضع الخَرْزِ؛ وقد سَرَّبَها فَسَرِبَتْ سَرَباً.
ويقال: سَرِّبْ قِرْبَتَك أَي اجعلْ فيها ماءً حتى تَنْتَفِـخَ عيونُ
الخُرَز، فتَستَدَّ؛ قال جرير:
نَعَمْ، وانْهَلَّ دَمْعُكَ غيرَ نَزْرٍ، * كما عَيَّنْت بالسَّرَبِ الطِّبابَا
أَبو مالك: تَسَرَّبْتُ من الماءِ ومن الشَّرابِ أَي تَمَـَّلأْتُ.
وطَريقٌ سَرِبٌ: تَتابَعَ الناسُ فيه؛ قال أَبو خِراشٍ:
فِي ذَاتِ رَيْدٍ، كزلق الرخ مُشْرِفَةٍ، * طَريقُها سَرِبٌ، بالناسِ دُعْبُوبُ(1)
(1 قوله «كزلق الرخ إلخ» هكذا في الأصل ولعله كرأس الزج.)
وتَسَرَّبُوا فيه: تَتابَعُوا.
والسَّرْبُ: الخَرْزُ، عن كُراعٍ.
والسَّرْبةُ: الخَرْزة. وإِنَّكَ لتُريدُ سَرْبةً أَي سَفَراً قَريباً، عن ابن الأَعرابي.
شمر: الأَسْرابُ من الناسِ: الأَقاطِـيعُ، واحدها سِرْبٌ؛ قال: ولم
أَسْمَعْ سِرْباً في الناسِ، إِلا للعَجّاجِ؛ قال:
ورُبَّ أَسْرابِ حَجِـيجٍ نظمِ
والأُسْرُبُ والأُسْرُبُّ: الرَّصاصُ، أَعْجَمِـيٌّ، وهو في الأَصْل
سُرْبْ.
والأُسْرُبُ: دُخانُ الفِضَّةِ، يَدخُلُ في الفَمِ والخَيْشُومِ والدُّبُرِ فيُحْصِرُه، فرُبَّما أَفْرقَ،
ورُبَّما ماتَ. وقد سُرِبَ الرجل، فهو مَسْرُوبٌ سَرْباً. وقال شمر: الأُسْرُبُ، مخفَّف الباءِ، وهو بالفارسية سُرْبْ، واللّه أَعلم.
ركز: الرَّكْزُ: غَرْزُكَ شيئاً منتصباً كالرمح ونحوه تَرْكُزُه رَكْزاً
في مَرْكَزِه، وقد رَكَزَه يَرْكُزُه ويَرْكِزُه رَكْزاً ورَكَّزَه:
غَرَزَه في الأَرض؛ أَنشد ثعلب:
وأَشْطانُ الرِّماحِ مُرَكَّزاتٌ،
وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلُولُ
والمَراكِزُ: منابت الأَسنان. ومَرْكَزُ الجُنْدِ: الموضع الذي أُمروا
أَن يلزموه وأُمروا أَن لا يَبرَحُوه. ومَرْكَزُ الرجل: موضعُه. يقال:
أَخَلَّ فلانٌ بِمَرْكَزِه.
وارْتَكَزْتُ على القوس إِذا وضعت سِيَتَها بالأَرض ثم اعتمدت عليها.
ومَرْكَزُ الدائرة: وَسَطُها.
والمُرْتَكِزُ الساقِ من يلبس النبات: الذي طار عنه الورق.
والمُرْتَكِزُ من يابس الحشيش: أَن ترى ساقاً وقد تطاير عنها ورقها
وأَغصانها.ورَكَزَ الحَرُّ السَّفا يَرْكُزه رَكْزاً: أَثبته في الأَرض؛ قال
الأَخطل:
فلما تَلَوَّى في جَحافِلِه السَّفا،
وأَوْجَعَه مَرْكُوزُه وذَوابِلُهْ
وما رأَيت له رِكْزَةَ عَقْلٍ أي ثَباتَ عقل. قال الفراء: سمعت بعض بني
أَسد يقول: كلمت فلاناً فما رأَيت له رِكْزَةً؛ يريد ليس بثابت العقل.
والرِّكْزُ: الصوتُ الخفيُّ، وقيل: هو الصوت ليس بالشديد. قال وفي التنزيل
العزيز: أَو تَسْمَعُ لهم رِكْزاً؛ قال الفراء: الرِّكْزُ الصوت،
والرِّكْز: صوت الإِنسان تسمعه من بعيد نحو ركز الصائد إِذا ناجَى كلابَهُ؛
وأَنشد:
وقد تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ،
بنَبْأَةِ الصَّوْتِ، ما في سَمْعِه كَذِب
وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى: فَرَّتْ من قَسْوَرَةٍ، قال: هو رِكْز
الناس، قال: الرِّكْزُ الحِسُّ والصوت الخفي فجعل القَسْوَرَةَ نفسها
رِكْزاً لأَن القسورة جماعة الرجال، وقيل: هو جماعة الرُّماة فسماهم باسم
صوتهم، وأصلها من القَسْرِ، وهو القَهْرُ والغلبة، ومنه قيل للأَسد
قَسْوَرَةٌ.
والرِّكازُ: قِطَعُ ذهب وفضة تخرج من الأَرض أَو المعدن. وفي الحديث:
وفي الرِّكازِ الخُمْسُ. وأَرْكَزَ المَعْدِنُ: وُجِدَ فيه الرِّكاز؛ عن
ابن الأَعرابي. وأَرْكَزَ الرجلُ إِذا وَجد رِكازاً. قال أَبو عبيد: اختلف
أَهل الحجاز والعراق، فقال أَهل العراق: في الرِّكاز المعادنُ كلُّها فما
استخرج منها من شيء فلمستخرجه أَربعة أَخماسه ولبيت المال الخمس، قالوا:
وكذلك المالُ العادِيُّ يوجد مدفوناً هو مثل المعدن سواء، قالوا: وإِنما
أَصل الركاز المعدنُ والمالُ العادِيُّ الذي قد ملكه الناس مُشَبَّه
بالمعدن، وقال أَهل الحجاز: إِنما الركاز كنوز الجاهلية، وقيل: هو المال
المدفون خاصة مما كنزه بنو آدم قبل الإِسلام، فأَما المعادن فليست بركاز
وإِنما فيها مثل ما في أَموال المسلمين من الركاز، إِذا بلغ ما أَصاب مائتي
درهم كان فيها خمسة دراهم وما زاد فبحساب ذلك، وكذلك الذهب إِذا بلغ
عشرين مثقالاً كان فيه نصف مثقال، وهذان القولان تحتملهما اللغة لأَن كلاًّ
منهما مركوز في الأَرض أَي ثابت. يقال: رَكَزَهُ يَرْكُزُهُ رَكْزاً إِذا
دفنه، والحديث إِنما جاءَ على رأْي أَهل الحجاز، وهو الكنز الجاهلي،
وإِنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أَخذه. وروى الأَزهري عن الشافعي
أَنه قال: الذي لا أَشك فيه أَن الرِّكاز دَفِينُ الجاهلية، والذي أَنا
واقف فيه الركاز في المعدن والتِّبْر المخلوق في الأَرض. وروي عن عمرو بن
شعيب أَن عبداً وجد رِكْزَةً على عهد عمر، رضي الله عنه، فأَخذها منه عمر؛
قال ابن الأَعرابي: الرِّكازُ ما أخرج المعدنُ وقد أَرْكَزَ المعدنُ
وأَنالَ،وقال غيره: أَرْكَزَصاحِبُ المعدن إِذا كثر ما يخرج منه له من فضة
وغيرها. والرِّكازُ: الاسم، وهي القِطَع العِظام مثل الجلاميد من الذهب
والفضة تخرج من المعادن، وهذا يُعَضِّدُ تفسير أَهل العراق. قال: وقال
الشافعي يقال للرجل إِذا أَصاب في المعدن البَدْرَةَ المجتمعة: قد أَرْكَزَ.
وقال أَحمد بن خالد: الرِّكازُ جمع، والواحدة رِكْزَةٌ، كأَنه رُكِزَ في
الأَرض رَكْزاً، وقد جاءَ في مسند أَحمد بن حنبل في بعض طرق هذا الحديث:
وفي الرَّكائزِ الخُمْسُ، كأَنها جمع رَكِيزَة أَو رِكازَةٍ.
والرَّكِيزة والرِّكْزَةُ: القطعةُ من جواهر الأَرض المركوزةُ فيها.
والرِّكْزُ: الجل العاقل الحليم السخي. والرِّكْزَة: النخلة التي تُقْتلَعُ
عن الجِذْعِ؛ عن أَبي حنيفة. قال شمر: والنخلة التي تنبت في جذع النخلة
ثم تحوَّل إِلى مكان آخر هي الرِّكْزَة. وقال بعضهم: هذا رِكْزٌ حَسَنٌ
وهذا وَدِيٌّ حَسَنٌ وهذا قَلْعٌ حسن. ويقال: رِكْزُ الوَدِيِّ والقَلْعِ.
ومَرْكُوزٌ: اسم موضع؛ قال الراعي:
بأَعْلامِ مَرْكُوزٍ فَعَنْزٍ فَغُرَّبٍ،
مَغانِيُّ أُمّ الوَرْدِ، إِذْ هي ما هيا
رمد: الرَّمَدُ: وجع العين وانتفاخُها.
رَمِدَ، بالكسر، يَرْمَدُ رَمَداً وهو أَرْمَدُ ورَمِدٌ، والأُنثى
رَمْداء: هاجَتْ عَينُه؛ وعين رَمْداء ورَمِدَة، ورَمِدَتْ تَرْمَدُ رَمَداً،
وقد أَرمَدَها الله فهي رَمِدة.
والرَّمادُ: دُقاق الفحم من حُراقَةِ النار وما هَبا من الجَمْر فطار
دُقاقاً، والطائفة منه رَمادة؛ قال طُريح:
فغادَرَتْها رَمادَةً حُمَما
خاوِيةً، كالتِّلال دامِرُها
وفي حديث أُم زرع: زَوْجي عظِيمُ الرَّماد أَي كثير الأَضياف لأَن
الرماد يكثر بالطبخ، والجمع أَرْمِدَة وأَرْمِداءُ وإِرْمِداءُ؛ عن كراع،
الأَخيرة اسم للجمع؛ قال ابن سيده: ولا نظير لإِرْمِداءَ البتة؛ وقيل:
الأَرْمِداءُ مثال الأَربعاء واحد الرَّماد. ورَمادٌ أَرمَدُ ورِمْدِدٌ
ورِمْدَد ورِمْدِيدٌ: كثير دقيق جداً. الجوهري: رَمادٌ رِمْدِدٌ أَي هالك جعلوه
صفة؛ قال الكميت:
رَماداً أَطارَتْه السَّواهِكُ رِمْدِدا
وفي الحديث: وافِدَ عادٍ خُذْها رَماداً رِمْدِداً، لا تَذَرُ من عادٍ
أَحداً؛ الرِّمْدِد، بالكسر: المتناهي في الاحتراق والدِّقة؛ يقال: يَوْم
أَيْوَمُ إِذا أَرادوا المبالغة. سيبويه: إِنما ظهر المثْلان في رِمْدِد
لأَنه ملحق بِزهْلِق، وصار الرّمادُ رِمْدِداً إِذا هَبا وصار أَدَقَّ ما
يكون. والرمْدِداءُ، مكسور ممدود: الرماد.
ورَمَّد الشَّواءَ: أَصابه بالرماد. وفي المثل: شَوى أَخُوك حتى إِذا
أَنضَجَ رَمَّدَ؛ يُضْرب مثلاً للرجل يعود بالفساد على ما كان أَصلحه، وقد
ورد ذلك في حديث عمر، رضي الله عنه؛ قال ابن الأَثير: وهو مثل يضرب للذي
يصنع المعروف ثم يفسده بالمنة أَو يقطعه. والتَّرْمِيدُ: جعل الشيءِ في
الرماد. ورَمَّد الشَّواءَ: مَلَّه في الجمر. والمُرَمَّدُ من اللحم:
المشوِيّ الذي يملُّ في الجمر. أَبو زيد: الأَرْمِداءُ الرَّماد؛
وأَنشد:لم يُبْقِ هذا الدَّهْرُ، من ثَرْيائه،
غيرَ أَثافِيه وأَرمِدائِه
وثياب رُمْدٌ: وهي الغُبْر فيها كدورة، مأْخوذ من الرَّماد، ومن هذا قيل
لضرب من البعوض: رُمْدٌ؛ قال أَبو وجزة يصف الصائد:
تَبِيتُ جارَتَه الأَفعى، وسامِرُه
رُمْدٌ، به عاذِرٌ منهن كالجَرَب
والأَرْمَدُ: الذي على لون الرَّماد وهو غُبرة فيها كُدرَة؛ ومنه قيل
للنعامة رَمداءُ، وللبعوض رُمْدٌ.
والرمدة: لون إِلى الغُبْرَة. ونعامة رَمْداءُ: فيها سواد منكسف كلَون
الرّماد. وظليم أَرمد كذلك، وزعم اللحياني أَن الميم بدل من الباءِ في ربد
وقد تقدم. وروي عن قتادة أَنه قال: يَتَوَضَّأُ الرجل بالماءِ الرَّمِدِ
وبالماءِ الطَّرِدِ؛ فالطرد الذي خاضته الدواب، والرَّمِدُ الكَدِر الذي
صار على لون الرماد. وفي حديث المعراج: وعليهم ثياب رُمْد أَي غبر فيها
كدرة كلون الرماد، واحدها أَرمد.
والرَّماديُّ: ضرب من العنب بالطائف أَسود أَغبر.
والرَّمْد: الهلاك. والرَّمادة: الهلاك. ورَمَدَ القوم رَمْداً: هلكوا؛
قال أَبو وجزة السعدي:
صبَبْتُ عليكم حاصِبي فتَرَكْتُكم
كأَصْرام عادٍ، حين جَلَّلها الرَّمْدُ
وأَرمَدوا كَرَمَدُوا. ورمَّدَهم الله وأَرمَدَهم: أَهلكهم، وقد
رَمَدَهم يَرْمِدُهم فجعله متعدياً؛ قال ابن السكيت: يقال قد رَمَدْنا القوم
نَرْمِدُهم ونَرْمُدُهم رَمْداً أَي أَتينا عليهم. وأَرمدَ الرجل إِرماداً:
افتقر. وأَرمد القوم إِذا جهدوا. والرَّمادة: الهلكة. وفي الحديث: سأَلت
ربي أَن لا يسلط على أُمتي سَنة فَتَرْمِدَهم فأَعطانيها أَي تهلكهم.
يقال: رَمَدَه وأَرمَدَه إِذا أَهلكه وصيره كالرماد. ورَمِدَ وأَرمَدَ إِذا
هلك.
وعام الرَّمادة: معروف سمي بذلك لأَن الناس والأَموال هلكوا فيه كثيراً؛
وقيل: هو لجدب تتابع فصير الأَرض والشجر مثل لون الرماد، والأَول أَجود؛
وقيل: هي اعوام جَدْب تتابعت على الناس في أَيام عمر بن الخطاب، رضي
الله عنه. وفي حديث عمر: أَنه أَخر الصدقة عام الرَّمادة وكانت سنة جَدْب
وقَحْط في عهده فلم يأْخذها منهم تخفيفاً عنهم؛ وقيل: سمي به لأَنهم لما
أَجدبوا صارت أَلوانهم كلون الرماد. ويقال: رَمِدَ عيشُهم إِذا هلكوا. أَبو
عبيد: رَمِدَ القوم، بكسر الميم، وارمَدُّوا، بتشديد الدال؛ قال:
والصحيح رَمَدُوا وأَرْمَدوا. ابن شميل: يقال للشيء الهالك من الثياب: خَلوقة
قد رَمَدَ وهَمَدَ وبادَ.
والرامد: البالي الذي ليس فيه مَهاهٌ أَي خير وبقية، وقد رَمَدَ
يَرْمُدُ رُمودة. ورمَدت الغنم تَرْمِدُ رَمْداً: هلكت من برد أَو صقيع.
رمَّدت الشاة والناقة وهي مُرَمِّد: استبان حملها وعظم بطنها وورم
ضَرْعها وحياؤها؛ وقيل: هو إِذا أَنزلت شيئاً عند النَّتاج أَو قُبيله؛ وفي
التهذيب: إِذا أَنزلت شيئاً قليلاً من اللبن عند النتاج. والتَّرْميدُ:
الإِضراع. ابن الأَعرابي: والعرب تقول رَمَّدتِ الضأْن فَرَبِّقْ رَبِّقْ،
رَمَّدَتِ المعْزَى فَرنِّقْ رَنِّقْ أَي هَيّءْ للإِرباق لأَنها إِنما
تُضْرِعُ على رأْس الولد. وأَرمَدتِ الناقةُ: أَضرعت، وكذلك البقرة والشاة.
وناقة مُرْمِد ومُرِدٌّ إِذا أَضرعت. اللحياني: ماء مُرمِدٌ إِذا كان
آجناً.
والارْمِداد: سرعة السير، وخص بعضهم به النعام.
والارْمِيداد: الجِدُّ والمَضاءُ. أَبو عمرو: ارقَدَّ البعِيرُ
ارقِداداً وارْمَدَّ ارمِداداً، وهو شدة العدو. قال الأَصمعي: ارقَدّ وارمَدّ
إِذا مضى على وجهه وأَسرع.
وبالشَّواجِن ماء يُقال له: الرَّمادة؛ قال الأَزهري: وشربت من مائها
فوجدته عذباً فراتاً.
وبنو الرَّمْدِ وبنو الرَّمداء: بطنان.
ورَمادانُ: اسم موضع؛ قال الراعي:
فحَلَّتْ نَبِيّاً أَو رَمادانَ دونَها
رَعانٌ وقِيعانٌ، من البِيدِ، سَمْلَق
وفي الحديث ذكر رَمْد، بفتح الراء، وهو ماء أَقطعه سيدنا رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، جميلاً العُذري حين وفد عليه.
رتج: الرَّتَجُ والرِّتاجُ: البابُ العظيم؛ وقيل: هو الباب المُغْلَقُ.
وقد أَرْتَجَ البابَ إِذا أَغلقه إِغلاقاً وثيقاً؛ وأَنشد:
أَلم تَرَني عاهَدْتُ رَبِّي، وإِنَّني
لَبَيْنَ رِتَاجٍ مُقْفَلٍ ومَقَامِ
وقال العجاج:
أَو تَجْعَلِ البَيْتَ رِتاجاً مُرْتَجَا
ومنه رِتاجُ الكعبة؛ قال الشاعر:
إِذا أَحْلَفُوني في عُلَيَّةَ، أُجْنِحَتْ
يَمِيني إِلى شَطْرِ الرِّتاجِ المُضَبَّبِ
وقيل: الرِّتاجُ البابُ المُغْلَقُ وعليه بابٌ صغير. وفي الحديث: إِن
أَبواب السماء تُفتح ولا تُرْتَجُ أَي لا تُغْلق؛ وفيه أَمرنا رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، بإِرْتاجِ الباب أَي إِغلاقه. وفي الحديث: جَعَلَ
مالَه في رِتاجِ الكعبة أَي فيها فكنى عنها بالباب، لأَن منه يُدخل إِليها؛
وجمع الرِّتاجِ رُتُجٌ. وفي حديث مجاهد عن بني إِسرائيل: كانَتِ الجَرادُ
تأْكل مسامير رُتُجِهِمْ أَي أَبْوابهِم. وفي حديث قُسٍّ: وأَرضٌ ذاتُ
رِتاجٍ.
والمَرَاتِجُ: الطُّرقُ الضيِّقة؛ وقول جَنْدَلِ بنِ المُثَنَّى:
فَرَّجَ عَنْها حَلَقَ الرَّتائِجِ
إِنما شبه ما تعلق من الرحم على الولد بالرِّتاجِ الذي هو الباب.
ورَتَجَهُ وأَرْتَجَهُ: أَوْثَقَ إِغلاقَه، وأَبى الأَصمعي إِلاَّ
أَرْتَجَه. ابن الأَعرابي: يقال لأَنْفِ البابِ: الرِّتاجُ، وَلِدَرَوَنْدِهِ:
النِّجافُ. ولِمِتْراسِهِ: القُنَّاحُ. والمِرْتاجُ: المِغْلاقُ.
وأُرْتِجَ على القارئ، على ما لم يُسَمَّ فاعله، إِذا لم يقدر على
القراءة، كأَنه أُطْبِقَ عليه كما يُرْتَجُ البابُ؛ وكذلك ارْتُتِجَ عليه،
ولا تقل
(* قوله «ولا تقل إلخ» عن بعضهم أَن له وجهاً، وأَن معناه: وقع في
رجة، وهي الاختلاط. كذا بهامش النهاية ويؤيده عبارة التهذيب بعد.)
ارْتُجَّ عليه، بالتشديد. وفي حديث ابن عمر: أَنه صلى بهم المغرب فقال: ولا
الضالين، ثم أُرْتِجَ عليه أَي اسْتُغْلِقَتْ عليه القراءةُ. وفي التهذيب:
أُرْتِجَ عليه وارْتُجَّ، ورَتِجَ في منطقه رَتَجاً: مأْخوذ من الرِّتاجِ،
وهو الباب. وأَرْتَجْتُ البابَ: أَغْلَقْتُه. وأُرْتِجَ عليه:
اسْتُغْلِقَ عليه الكلام، وأَصله بالكسر، من ذلك. وأَرْتَجَتِ النَّاقةُ، وهي
مُرْتِجٌ، إِذا قَبِلَتْ ماءَ الفحل فَأَغْلَقَتْ رَحِمَها عليه؛ أَنشد
سيبويه:
يَحْدُو ثمانيُ مُولَعاً بِلِقَاحِها،
حتى هَمَمْنَ بِزَيْغَةِ الإِرْتاجِ
وأَرْتَجَتِ الأَتانُ إِذا حَمَلَتْ، فهي مُرْتِجٌ؛ قال ذو الرمة:
كَأَنَّا نشُدُّ المَيْسَ فَوْقَ مَرَاتِجٍ
من الحُقْبِ، أَــسْفَى حَزْنُها وسُهُولُها
(* قوله «كأنا نشد الميس إلخ» الذي في الأساس: كأنا نشد الرحل فوق إلخ
وكأنهما روايتان إذ الميس هو الرحل كما في شرح القاموس.)
وناقةٌ رِتاجُ الصَّلا إِذا كانت وثِيقَةً وَثِيجَةً؛ قال ذو الرمة:
رِتاجُ الصَّلا، مَكْنوزَةُ الحَاذِ يَسْتَوِي،
على مِثْلِ خَلْقاءِ الصَّفاةِ، شَلِيلُها
قال الأَزهري: يقال للحامل مُرْتِجٌ لأَنها إِذا عَقَدَتْ على ماء
الفحل، انْسَدَّ فَمُ الرَّحِم فلم يدخله، فكأَنها أَغلقته على مائه.
وأَرْتَجَتِ الدَّجَاجَةُ إِذا امْتَلأَ بَطْنها بيضاً وأَمْكَنَتِ
البَيْضَةَ كذلك.
والرِّتاجَةُ: كلُّ شِعْبٍ ضَيِّقٍ كأَنه أُغلق من ضيقه؛ قال أَبو زبيد
الطائي:
كأَنَّهُمْ صادَفُوا دوني به لَحِماً،
ضافَ الرِّتاجَةَ في رَحْلٍ تَباذِيرِ
وسَيْر رَتِجٌ: سَرِيعٌ؛ قال ساعدةُ بنُ جُؤْيَّةَ يصف سحاباً:
فَاسْأَدَ اللَّيْلَ إِرْقاصاً وزَفْزَفَةً،
وغَارَةً وَوَسِيجاً غَمْلَجاً رَتِجَا
أَبو عمرو: تَرَجَ إِذا اسْتتر، ورَتِجَ إِذا أَغْلَقَ
(* قوله «ترج
إِذا استتر» بابه كتب. «ورتج إذا أغلق إلخ» بابه فرح، كما في القاموس.)
كلاماً أَو غيره. الفراء: بَعِلَ الرجلُ ورَتِجَ ورَجِيَ وغَزِلَ، كل هذا
إِذا أَراد الكلام فأُرْتِجَ عليه. ويقال: أُرْتِجَ على فلان إِذا أَراد
قولاً أَو شعراً، فلم يصل إِلى تمامه.
ويقال: في كلامه رَتَجٌ أَي تتعتع. والرَّتَجُ: استغلاق القراءة على
القارئ. يقال: أُرْتِجَ عليه وارْتُجَّ عليه، واسْتُبْهِمَ عليه.
التهذيب: قال شمر: من ركب البحر إِذا أَرْتَجَ، فقد برئت منه الذمة،
وقال: هكذا قيده بخطه. قال: ويقال: أَرْتَجَ البحرُ إِذا هاج؛ وقال
الغِتْريفيُّ: أَرْتَجَ البحرُ إِذا كثر ماؤُه فَعَمَّ كلَّ شيء. قال، وقال
أَخوه: السنة تُرْتِجُ إِذا أَطْبَقَتْ بالجدْب، ولم يجد الرجل مخرجاً، وكذلك
إرْتاجُ البحر لا يجد صاحبه منه مخرجاً؛ وإِرْتاجُ الثلج: دوامُه
وإِطباقُه؛ وإِرتاجُ الباب، منه. قال: والخِصْبُ إِذا عمَّ الأَرض فلم يغادر
منها شيئاً، فقد أَرْتَجَ؛ وأَنشد:
في ظُلْمَة من بَعِيدِ القَعْرِ مُرْتاجِ
وفي الحديث ذكر راتج، بكسر التاء، وهو أُطُمٌ من آطام المدينة كثير
الذِّكر في الحديث والمغازي.
طرق: روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال:
الطَّرْق والعِيَافَةُ من الجِبْتِ؛ والطَّرْقُ: الضرب بالحصى وهو ضرب
من التَّكَهُّنِ. والخَطُّ في التراب: الكَهانَةُ. والطُّرَّاقُ:
المُتكَهِّنُون. والطَّوارِقُ: المتكهنات، طَرَقَ يَطْرُقُ طَرْقاً؛ قال
لبيد:لَعَمْرُكَ ما تَدْري الطَّوَارِقُ بالحصى، * ولا زَاجِراتُ الطير ما اللهُ صَانِعُ
واسْتَطْرَقَهُ: طلب منه الطَّرْقَ بالحصى وأَن ينظر له فيه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
خَطَّ يدِ المُسْتَطْرَقِ المَسْؤولِ
وأَصل الطَّرْقِ الضرب، ومنه سميت مِطْرقَة الصائغ والحدّاد لأَنه
يَطْرقُ بها أَي يضرب بها، وكذلك عصا النَّجَّاد التي يضرب بها الصوفَ.
والطَّرقُ: خطّ بالأَصابع في الكهانة، قال: والطَّرْقُ أَن يخلط الكاهن القطنَ
بالصوف فَيَتَكهَّن. قال أَبو منصور: هذا باطل وقد ذكرنا في تفسير
الطَّرْقِ أَنه الضرب بالحصى، وقد قال أَبو زيد: الطَّرْقُ أَن يخط الرجل في
الأَرض بإِصبعين ثم بإِصبع ويقول: ابْنَيْ عِيانْ، أَسْرِعا البيان؛ وهو
مذكور في موضعه. وفي الحديث: الطِّيَرَةُ والعِيافَةُ والطَّرْقُ من
الجِبْتِ؛ الطرقُ: الضرب بالحصى الذي تفعله النساء، وقيل: هو الخَطُّ في
الرمل.وطَرَقَ النَّجَّادُ الصوفَ بالعود يَطْرُقُه طَرْقاً: ضربه، واسم ذلك
العود الذي يضرب به المِطْرَقةُ، وكذلك مِطْرَقَةُ الحدّادين. وفي الحديث:
أَنه رأَى عجوزاً تَطْرُقُ شَعراً؛ هو ضرب الصوف والشعر بالقضيب
لَينْفشا. والمِطْرَقة: مِضْربة الحداد والصائغ ونحوهما؛ قال رؤبة:
عَاذِل قد أُولِعْتِ بالتَّرقِيشِ
إِليَّ سِراًّ، فاطْرُقي ومِيشِي
التهذيب: ومن أَمثال العرب التي تضرب للذي يخلط في كلامه ويتفنن فيه
قولهم: اطْرُقي ومِيشِي. والطَّرْق: ضرب الصوف بالعصا. والمَيْشُ: خلط الشعر
بالصوف. والطَّرْق: الماء المجتمع الذي خيضَ فيه وبِيل وبُعِرَ فكَدِر،
والجمع أَطْرَاق. وطَرَقَت الإِبل الماء إِذا بالت فيه وبعرت، فهو ماء
مَطْرُوق وطَرْقٌ. والطَّرْقُ والمَطرُوق أَيضاً: ماء السماء الذي تبول فيه
الإِبل وتَبْعَرُ؛ قال عدي بن زيد:
ودَعَوْا بالصَّبُوح يوماً، فجاءَتْ
قَيْنَةٌ في يمينها إِبْريقُ
قدَّمَتْهُ على عُقارٍ، كعَيْن الـ
ـدّيكِ، صَفَّى سُلافَها الرَّاووقُ
مُزَّةٍ قبل مَزْجِها، فإِذا ما
مُزِجَتْ، لَذَّ طَعْمَها مَنْ يَذُوقُ
وطَفَا فوقها فَقَاقِيعُ، كاليا
قوت، حُمْرٌ يَزينُها التَّصفيقُ
ثم كان المِزَاجُ ماءَ سحاب
لا جَوٍ آجِنٌ، ولا مَطْرُوقُ
ومنه قول إِبراهيم في الوضوء بالماء: الطَّرْقُ أَحَبُّ إليَّ من
التَّيَمُّم؛ هو الماء الذي خاضت فيه الإِبل وبالت وبعرت. والطَّرْق أَيضاً:
ماء الفحلِ. وطرَقَ الفحلُ الناقة يَطْرُقها طَرْقاً وطُروقاً أَي قَعا
عليها وضربها. وأَطْرَقه فحلاً: أَعطاه إِياه يضرب في إِبله، يقال:
أَطرِقْني فحلَك أَي أَعِرْني فحلك ليضرب في إِبلي. الأَصمعي: يقول الرجل للرجل
أَعِرْني طَرْقَ فحلِك العامَ أَي ماءه وضِرابَهُ؛ ومنه يقال: جاء فلان
يَسْتَطْرِقُ ماءَ طَرْقٍ. وفي الحديث: ومِنْ حقِّها إِطْراقُ فحلِها أَي
إِعارته للضراب، واسْتطْراق الفحل إِعارته لذلك. وفي الحديث: من أَطْرَقَ
مسلماً فَعَقّتْ له الفرسُ؛ ومنه حديث ابن عمر: ما أُعْطيَ رجلٌ قطّ
أَفضلَ من الطَّرْقِ، يُطْرِق الرجلُ الفحل فيُلْقِح مائة فَيَذْهبُ
حَيْرِيَّ دَهْرٍ أَي يحوي أَجره أَبَدَ الآبِدينَ، ويُطْرِقُ أَي يعير فحله
فيضرب طَرُوقَة الذي يَستَطْرِقه. والطَّرْقُ في الأَصل: ماء الفحل، وقيل: هو
الضِّرابُ ثم سمي به الماء. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: والبيضة منسوبة
إِلى طَرْقِها أَي إِلى فحلها. واسْتَطْرَقَهُ فحلاً: طلب منه أَن
يُطْرِقَهُ إِياه ليضرب في إِبله. وطَرُوقَةُ الفحل: أُنثْاه، يقال: ناقة
طَرُوقَةُ الفحل للتي بلغت أَن يضربها الفحل، وكذلك المرأَة. وتقول العرب:
إِذا أَردت أَن يُشْبهك ولَدُك فأَغْضِب طَرُوقَتَك ثم ائتِْها. وفي
الحديث: كان يُصْبِحُ جنباً من غير طَرُوقَةٍ أَي زوجة، وكل امرأة طَرُوقَةُ
زوجها، وكل ناقة طَرُوقَةُ فحلها، نعت لها من غير فِعْلٍ لها؛ قال ابن
سيده: وأَرى ذلك مستعاراً للنساء كما استعار أَبو السماك الطَّرْق في
الإِنسان حين قال له النجاشي: ما تَسْقِنيي؟ قال: شراب كالوَرْس، يُطَيْب النفس،
ويُكْثر الطَّرْق، ويدرّ
في العِرْق، يشدُّ العِظام، ويسهل للفَدْم الكلام؛ وقد يجوز أَن يكون
الطَّرْقُ وَضْعاً في الإِنسان فلا يكون مستعاراً. وفي حديث الزكاة في
فرائض صدَقات الإِبل: فإِذا بلغت الإِبل كذا ففيها حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الفحل؛
المعنى فيها ناقة حِقَّةٌ يَطْرقٌ الفحلُ مثلها أَي يضربها ويعلو مثلها
في سنها، وهي فَعُولَةٌ بمعنى مَفْعولة أَي مركوبة للفحل. ويقال
للقَلُوصِ التي بلغت الضَّرابَ وأَرَبَّتْ بالفحل فاختارها من الشُّوَّل: هي
طَرْوقَتُه. ويقال للمتزوج: كيف وجدتَ طَرُوقَتَك؟ ويقال: لا أَطْرَقَ اللهُ
عليك أَي لا صَيَّر لك ما تَنكْحِه. وفي حديث عمرو بن العاص: أَنه قَدِم
على عمر، رضي الله عنه، من مصر فجرَى بينهما كلام، وأَن عمر قال له: إِن
الدجاجة لتَفْحَصُ في الرماد فَتَضَعُ لغير الفحل والبيضة منسوبة إِلى
طَرْقها، فقام عمرو مُتَرَبَّدَ
الوجه؛ قوله منسوبة إِلى طَرْقها أَي إِلى فحلها، وأَصل الطَّرْق
الضِّرَاب ثم يقال للضارب طَرْقٌ بالمصدر، والمعنى أَنه ذو طَرْقٍ؛ قال الراعي
يصف إِبلاً:
كانَتْ هَجائِنُ مُنْذرٍ ومُحٍرَّقٍ
أُمَّاتِهِنَّ وطَرْقُهُنَّ فَحِيلا
أَي كان ذو طَرْقِها فحلاً فحيلاً أَي منجباً. وناقة مِطْراق: قريبة
العهد بطَرق الفحل إِِياها. والطَّرْق: الفحل، وجمعه طُرُوقٌ وطُرَّاقٌ؛ قال
الشاعر يصف ناقة:
مُخْلفُ الطُّرَّاقِ مَجهُولَةٌ،
مُحْدِثٌ بعد طِرَاقِ اللُّؤَم
قال أَبو عمرو: مُخْلِفُ الطُّرَّاق: لم تلقح، مجهولة: محرَّمة الظهر لم
تُرْكَبْ ولم تُحْلَبْ، مُحْدِث: أَحدثتِ لِقاحاً، والطِّراق: الضِّراب،
واللؤام: الذي يلائمها. قال شمر: ويقال للفحل مُطْرِق؛ وأَنشد:
يَهَبُ النَّجِيبَةَ والنَّجِيبَ، إِذا شَتَا،
والبازِلَ الكَوْمَاء مثل المُطْرِق
وقال تيم:
وهل تُبْلغَنِّي حَيْثُ كانَتْ دِيارُها
جُمالِيَّةٌ كالفحل، وَجنْاءُ مُطْرِقُ؟
قال: ويكون المُطْرِقُ من الإِطْراقِ أَي لا تَرْغو ولا تَضِجّ. وقال
خالد بن جنبة: مُطْرِقٌ من الطَّرْق وهو سرعة المشي، وقال: العَنَقُ
جَهْدُ الطَّرْق؛ قال الأَزهري: ومن هذا قيل للراجل مُطْرِق وجمعه
مَطَارِيقُ، وأَما قول رؤبة:
قَوَارِباً من واحِفٍ بعد العَنَقْ
للعِدِّ، إِذ أَخْلَفَه ماءُ الطَّرَقْ
فهي مناقع المياه تكون في بحائر الأَرض. وفي الحديث: نهى المسافر أَن
يأْتي أَهله طُروقاً أَي ليلاً، وكل آتٍ بالليل طَارِقٌ، وقيل: أَصل
الطُّروقِ من الطَّرْقِ وهو الدَّق، وسمي الآتي بالليل طَارِقاً لحاجته إلى دَق
الباب. وطَرَق القومَ يَطْرُقُهم طَرْقاً وطُروقاً: جاءَهم ليلاً، فهو
طارِقٌ. وفي حديث عليّ، عليه السلام: إِنها حَارِقةٌ طارِقةٌ أَي طَرَقَتْ
بخير. وجمع الطارِقَةِ طَوارِق. وفي الحديث: أَعوذ بك من طَوارِقِ الليل
إِلا طارِقاً يَطْرُقُ بخير. وقد جُمع طارِقٌ على أَطْراقٍ مثل ناصرٍ
وأَنصار؛ قال ابن الزبير:
أَبَتْ عينُه لا تذوقُ الرُّقاد،
وعاوَدها بعضُ أَطْراقِها
وسَهَّدَها، بعد نوع العِشاء،
تَذَكُّرُ نَبْلِي وأَفْواقِها
كنى بنبله عن الأقارب والأَهل. وقوله تعالى: والسماء والطَّارِقِ؛ قيل:
هو النجم الذي يقال له كوكب الصبح، ومنه قول هند بنت عتبة، قال ابن بري:
هي هند بنت بياضة بن رباح بن طارق الإِيادي قالت يوم أُحد تحض على
الحرب:نَحْنُ بناتُ طارِق،
لا نَنْثَني لِوامِق،
نَمْشي على النَّمارِق،
المِسْكُ في المَفَارِق،
والدُّرُّ في المَخانِق،
إِن تُقْبِلوا نُعانِق،
أَو تُدْبِرُوا نُفارِق،
فِراقَ غَيرِ وامِق
أَي أَن أَبانا في الشرف والعلو كالنجم المضيء، وقيل: أَرادت نحن بنات
ذي الشرف في الناس كأَنه النجم في علو قدره؛ قال ابن المكرم: ما أَعرف
نجماً يقال له كوكب الصبح ولا سمعت من يذكره في غير هذا الموضع، وتارة يطلع
مع الصبح كوكب يُرَى مضيئاً ، وتارة لا يطلُع معه كوكب مضيء، فإِن كان
قاله متجوزاً في لفظه أَي أَنه في الضياء مثل الكوكب الذي يطلع مع الصبح
إِذا اتفق طلوع كوكب مضيء في الصبح، وإِلا فلا حقيقة له. والطَّارِقُ:
النجم، وقيل: كل نجم طَارِق لأَن طلوعه بالليل؛ وكل ما أَتى ليلاً فهو طارِق؛
وقد فسره الفراء فقال: النجم الثّاقِب. ورجل طُرَقَةٌ، مثال هُمَزَةٍ،
إِذا كان يسري حتى يَطْرُق أَهله ليلاً. وأَتانا فلان طُروقاً إِذا جاء
بليل. الفراء: الطَّرَقُ في البعير ضعف في ركبتيه. يقال: بعير أَطرَقُ
وناقة طَرْقاءُ بيِّنة الطَّرَقِ، والطَّرَقُ ضعف في الركبة واليد، طَرِقَ
طَرَقاً وهو أَطْرَقُ، يكون في الناس والإِبل؛ وقول بشر:
ترى الطِّرَقَ المُعَبَّدَ في يَدَيْها
لكَذَّان الإكَامِ، به انْتِضالُ
يعني بالطَّرَق المُعَبَّد المذلل، يريد ليناً في يديها ليس فيه جَسْوٌ
ولا يبس. يقال: بعير أَطْرَق وناقة طَرْقاءُ بيِّنة الطَّرَق في يديها
لين، وفي الرَّجل طَرْقَةٌ وطِراقٌ وطِرِّيقَةٌ أَي استرخاء وتكسر ضعيف
ليِّن؛ قال ابن أَحمر يخاطب امرأَته:
ولا تَحْلَيْ بمَطْرُوقٍ، إِذا ما
سَرى في القَوْم، أَصبح مُسْتَكِينَا
وامرأَة مَطْروقَةٌ: ضعيفة ليست بمُذكًّرَة. وقال الأَصمعي: رجل
مَطْروقٌ أَي فيه رُخْوَةٌ وضعف، ومصدره الطِّرِّيقةُ، بالتشديد. ويقال: في ريشه
طَرَقٌ أَي تراكب. أَبو عبيد: يقال للطائر إِذا كان في ريشه فَتَخٌ، وهو
اللين: فيه طَرَقٌ. وكَلأٌ مَطْروقٌ: وهو الذي ضربه المطر بعد يبسه.
وطائر فيه طَرَقٌ أَي لين في ريشه. والطَّرَقُ في الريش: أَن يكون بعضُها
فوق بعض. وريش طِرَاقٌ إِذا كان بعضه فوق بعض؛ قال يصف قطاة:
أَمّا القَطاةُ، فإِنِّي سَوْفَ أَنْعَتُها
نعْتاً، يُوافِقُ نَعْتي بَعْضَ ما فيها:
سَكَّاءٌ مخطومَةٌ، في ريشها طَرَقٌ،
سُود قوادمُها، صُهْبٌ خَوافيها
تقول منه: اطَّرقَ جناحُ الطائر على افْتَعَلَ أَي التف. ويقال:
اطَّرَقَت الأَرض إِذا ركب التراب بعضه بعضاً. والإِطْراقُ: استرخاء العين.
والمُطْرِقُ: المسترخي العين خِلقةً. أَبو عبيد: ويكون الإِطْراقُ الاسترخاءَ
في الجفون؛ وأَنشد لمُزَِّدٍ يرثي عمر بن الخطاب، رضي الله عنه:
وما كُنْت أَخْشَى أَن تكونَ وفاتُه
بِكَفَّيْ سَبَنْتى أَزرقِ العينِ مُطْرِقِ
والإِطْراقُ: السكوت عامة، وقيل: السكوت من فَرَقٍ. ورجل مُطْرِقٌ
ومِطْراقٌ وطِرِّيق: كثير السكوت. وأَطْرَقَ الرجل إِذا سكت فلم يتكلم،
وأَطْرَقَ أيضاً أَي أَرخى عينيه ينظر إِلى الأَرض. وفي حديث نظر الفجأَة:
أَطْرِق بصَرك، الإِطْراقُ: أَن يُقْبل ببصره إِلى صدره ويسكت ساكناً؛ وفيه:
فأَطْرَقَ ساعة أَي سكت، وفي حديث آخر: فأَطْرَقَ رأْسَه أَي أَماله
وأَسكنه. وفي حديث زياد: حتى انتهكوا الحَرِيمَ ثم أَطْرَقُوا وراءكم أَي
استتروا بكم.
والطِّرِّيقُ: ذَكَر الكَرَوان لأَنه يقال أَطْرِقْ كَرَا فيَسْقط
مُطْرِقاً فيُؤخذ. التهذيب: الكَرَوان الذكر اسمه طِرِّيق لأَنه إِذا رأَى
الرجل سقط وأَطْرَق، وزعم أَبو خيرة أَنهم إِذا صادوه فرأَوه من بعيد
أَطافوا به، ويقول أَحدهم: أَطْرِقْ كَرَا إِنك لا تُرى، حتى يتَمَكن منه
فيُلقي عليه ثوباً ويأْخذه؛ وفي المثل:
أَطْرِقْ كَرَا أَطْرِقْ كَرَا
إِنَّ النَّعامَ في القُرَى
يضرب مثلاً للمعجب بنفسه كما يقال فَغُضَّ الطرْفَ، واستعمل بعض العرب
الإِطراق في الكلب فقال:
ضَوْرِيّة أُولِعْتُ باشْتِهارِها،
يُطْرِقُ كلبُ الحيِّ مِن حِذارِها
وقال اللحياني: يقال إِنَّ تحت طِرِّيقتِك لَعِنْدأْوةً؛ يقال ذلك
للمُطْرق المُطاوِل ليأْتِي بداهية ويَشُدّ شَدّة ليثٍ غيرِ مُتّعقٍ، وقيل
معناه أَي إِن في لينِه أَي إِنَّ تحت سكوتك لَنَزْوةً وطِماحاً،
والعِنْدَأْوةُ أَدْهى الدَّواهي، وقيل: هو المكر والخديعة، وهو مذكور في
موضعه.والطُّرْقةُ: الرجل الأَحْمَق. يقال: إِنه لَطُرْقةٌ ما يحسن يطاق من
حمقه.
وطارَقَ الرجلُ بين نعلين وثوبين: لَبِس أَحدَهما على الآخر. وطارَقَ
نعلين: خَصَفَ إِحدَاهما فوق الأُخرى، وجِلْدُ النعل طِراقُها. الأَصمعي:
طارَقَ الرجلُ نعليه إِذا أَطبَقَ نعلاً على نعل فخُرِزَتا، وهو
الطَّرّاق، والجلدُ الذي يضربها به الطِّراقُ؛ قال الشاعر:
وطِرَاقٌ من خَلْفِهِنّ طِراقٌ،
ساقِطاتٌ تَلْوي بها الصحراءُ
يعني نعال الإِبل. ونعل مُطارَقة أَي مخصوفة، وكل خصيفة طِراقٌ؛ قال ذو
الرمة:
أَغبْاشَ لَيْلِ تمامٍ، كانَ طارَقَه
تَطَخْطُخُ الغيمِ، حتى ما لَه جُوَبُ
وطِرَاقُ النعل: ما أُطْبِقَت عليه فخُرِزَتْ به، طَرَقَها يَطْرُقُها
طَرْقاً وطارَقَها؛ وكل ما وضع بعضه على بعض فقد طُورِقَ وأَطْرقَ.
وأَطْراقُ البطن: ما ركب بعضه بعضاً وتَغَضَّنَ. وفي حديث عمر: فلِبْسْتُ
خُفَّيْنِ مُطارَقَيْنِ أَي مُطبْقَينِ واحداً فوق الآخر. يقال: أَطْرَقَ
النعلَ وطارَقَها.
وطِرَاقُ بيضةِ الرأْس: طبقاتٌ بعضها فوق بعض. وأَطراقُ القربة:
أَثناؤها إِذا انْخَنَثَتْ وتثنَّتْ، واحدها طَرَقٌ. والطَّرَقُ ثِنْيُ القربة،
والجمع أَطرْاقٌ وهي أَثناؤها إِذا تَخَنَّثَتْ وتثنَّتْ. ابن الأَعرابي:
في فلان طَرْقة وحَلَّة وتَوضِيع إِذا كان فيه تخنُّث. والمَجَانّ
المُطْرَقَة: التي يُطْرَق بعضُها على بعض كالنَّعْل المُطْرَقة المَخصُوفة.
ويقال: أُطْرِقَت بالجلْد والعصَب أَي أُلْبِسَت، وتُرْس مُطْرَق.
التهذيب: المَجانُّ المُطْرَقة ما يكون بين جِلْدين أَحدهما فوق الآخر، والذي
جاءَ في الحديث: كأَنَّ وُجوهَهم المَجانَّ المُطْرَقة أَي التِّراس التي
أُلْبِسَتِ العَقَب شيئاً فوق شيء؛ أَراد أَنهم عِراضُ الوُجوه غِلاظها؛
ومنه طارَق النعلَ إِذا صيَّرها طاقاً فوق طاقٍ وركَب بعضها على بعض،
ورواه بعضهم بتشديد الراء للتكثير، والأَول أَشهر. والطِّراق: حديد يعرَّض
ويُدار فيجعل بَيْضة أَو ساعِداً أَو نحوَه فكل طبقة على حِدَة طِراق.
وطائر طِراق الريش إِذا ركب بعضُه بعضاً؛ قال ذو الرمة يصف بازياً:
طِرَاق الخَوافي، واقِعٌ فَوْقَ ريعهِ،
نَدَى لَيْلِه في رِيشِه يَتَرَفْرَقُ
وأَطْرَق جَناح الطائر: لَبِسَ الريش الأَعلى الريش الأَسفل. وأَطْرَق
عليه الليل: ركب بعضُه بعضاً؛ وقوله:
. . . . . . . . ولم
تُطْرِقْ عليك الحُنِيُّ والوُلُجُ
(* قوله «ولم تطرق إلخ» تقدم انشاده في مادة سلطح:
أنت ابن مسلنطح البطاح ولم * تعطف عليك الحني والولج.)
أَي لم يوضَع بعضُه على بعض فتَراكَب. وقوله عز وجل: ولقد خلقنا فوقكم
سبعَ طَرائق؛ قال الزجاج: أَراد السمواتِ السبع، وإِنما سميت بذلك
لتراكُبها، والسموات السبع والأرضون السبع طَرائِقُ بعضُها فوق بعض؛ وقال
الفراء: سبْعَ طرائق يعني السموات السبع كلُّ سماء طَرِيقة.
واختضَبَت المرأَة طَرْقاً أَو طَرْقين وطرْقَة أَو طَرْقَتَينِ يعني
مرة أَو مرتين، وأَنا آتيه في النهار طََرْقة أَو طَرْقَتَين أَي مرَّة أَو
مرَّتين. وأَطْرَق إِلى اللهْو: مال؛ عن ابن الأعرابي.
والطَّرِيقُ: السبيل، تذكَّر وتؤنث؛ تقول: الطَّريق الأَعظم والطَّريق
العُظْمَى، وكذلك السبيل، والجمع أَطْرِقة وطُرُق؛ قال الأَعشى:
فلمّا جَزَمتُ به قِرْبَتي،
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أَو خَلِيفَا
وفي حديث سَبْرة: أَن الشيطان قَعَد لابن آدم بأَطْرِقة؛ هي جمع طريق
على التذكير لأَن الطريق يذكَّر ويؤنث، فجمعه على التذكير أَطْرِقة كرغيف
وأَرْغِفة، وعلى التأْنيث أَطْرُق كيمين وأَيْمُن. وقولهم: بَنُو فلان
يَطَؤُهم الطريقُ؛ قال سيبويه: إِنما هو على سَعَة الكلام أَي أَهلُ الطريق،
وقيل: الطريق هنا السابِلةُ
فعلى هذا ليس في الكلام حذف كما هو في القول الأول، والجمع أَطْرِقة
وأَطْرِقاء وطُرُق، وطُرُقات جمع الجمع؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
يَطَأُ الطَّرِيقُ بُيُوتَهم بِعيَاله،
والنارُ تَحْجُبُ والوُجوه تُذالُ
فجعل الطَّرِيقَ يَطَأُ بِعياله بيوتَهم، وإِنما يَطَأُ بيوتَهم أَهلُ
الطَّرِيق.
وأُمُّ الطَّرِيق: الضَّبُع؛ قال الكُمَيْت:
يُغادِرْنَ عَصْبَ الوالِقيّ وناصِحٍ،
تَخُصُّ به أُمُّ الطَّريقِ عِيالَها
الليث: أُمُّ طَريق هي الضَّبُع إِذا دخل الرجل عليها وِجارَها قال
أَطْرِقي أُمَّ طرِيق ليست الضَّبُع ههنا.
وبناتُ الطَّرِيق: التي تفترق وتختلِف فتأْخذ في كل ناحية؛ قال أَبو
المثنى بن سَعلة الأَسدي:
أِرْسَلْت فيها هَزِجاً أَصْواتُهُ،
أََكْلَف قَبْقَابَ الهَدِيرِ صاتُهُ،
مُقاتِلاً خالاته عَمّاتُهُ،
آباؤُه فيها وأُمَّهاتُهُ،
إِذا الطَّرِيقُ اختلفَتْ بَناتُهُ
وتَطَرَّقَ إِلى الأَمر: ابتغى إِليه طَريقاً. والطريق: ما بين
السِّكَّتَينِ من النَّخْل. قال أَبو حنيفة: يقال له بالفارسية
الرَّاشْوان.والطَّرُيقة: السِّيرة. وطريقة الرجل: مَذْهبه. يقال: ما زال فلان على
طَرِيقة واحدة أَي على حالة واحدة. وفلان حسن الطَّرِيقة، والطَّرِيقة
الحال. يقال: هو على طَرِيقة حسَنة وطَريقة سَيِّئة؛ وأَما قول لَبِيد
أَنشده شمر:
فإِنْ تُسْهِلوا فالسِّهْل حظِّي وطُرْقَني،
وإِِنْ تُحْزِنُوا أَرْكبْ بهم كلَّ مَرْكبِ
قال: طُرْقَتي عادَتي. وقوله تعالى: وأَنْ لَوِ اسْتَقاموا على
الطَّرِيقة؛ أَراد لَوِ استقاموا على طَرِيقة الهُدى، وقيل، على طَريقة الكُفْر،
وجاءت معرَّفة بالأَلف واللام على التفخيم، كما قالوا العُودَ للمَنْدَل
وإِن كان كل شجرة عُوداً. وطَرائقُ الدهر: ما هو عليه من تَقَلُّبه؛ قال
الراعي:
يا عَجَباً للدَّهْرِ شَتَّى طَرائِقُهْ،
ولِلْمَرْءِ يَبْلُوه بما شاء خالِقُهْ
كذا أَنشده سيبويه يا عجباً منوناً، وفي بعض كتب ابن جني: يا عَجَبَا،
أَراد يا عَجَبي فقلب الياء أَلفاً لمدِّ الصَّوْت كقوله تعالى: يا
أَــسَفَى على يوسف. وقولُه تعالى: ويَذْهَبا بطَرِيقَتكُم المُثْلى؛ جاء في
التفسير: أَن الطَّرِيقة الرجالُ
الأَشراف، معناه بجَماعِتكم الأَشراف، والعرب تقول للرجل الفاضل: هذا
طَرِيقَة قومِه، وطَرِيقَة القوم أَماثِلُهم وخِيارُهُم، وهؤلاء طَرِيقةُ
قومِهم، وإِنَّما تأْويلُه هذا الدي يُبْتَغَى أَن يجعلَه قومُه قُدْوةً
ويسلكوا طَرِيقَته. وطَرائِقُ قومِهم أَيضاً: الرجالُ الأشراف. وقال
الزجاج: عندي، والله أَعلم، أَن هذا على الحذف أَي ويَذْهَبا بأَهْل
طَريقَتِكم المُثْلى، كما قال تعالى: واسأَلِ
القَرْية؛ أَي أَهل القرية؛ الفراء: وقوله طَرائِقَ قِدَداً من هذا.
وقال الأَخفش: بطَرِيقَتكم المُثْلى أَي بسُنَّتكم ودينكم وما أَنتم عليه.
وقال الفراء: كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً؛ أَي كُنَّا فِرَقاً مختلفة
أَهْواؤنا. والطّريقة: طَرِيقة الرجل. والطَّرِيقة: الخطُّ في الشيء. وطَرائِقُ
البَيْض: خطُوطُه التي تُسمَّى الحُبُكَ. وطَريقة الرمل والشَّحْم: ما
امتدَّ منه. والطَّرِيقة: التي على أَعلى الظهر. ويقال للخطّ الذي يمتدّ
على مَتْن الحمار طَرِيقة، وطريقة المَتْن ما امتدَّ منه؛ قال لبيد يصف
حمار وَحْش:
فأَصْبَح مُمتْدَّ الطَّريقة نافِلاً
الليث: كلُّ أُخْدُودٍ من الأَرض أَو صَنِفَةِ ثَوْب أَو شيء مُلْزَق
بعضه ببعض فهو طَرِيقة، وكذلك من الأَلوان. اللحياني: ثوب طَرائقُ
ورَعابِيلُ بمعنى واحد. وثوبٌ طَرائق: خَلَقٌ؛ عن اللحياني، وإِذا وصفت القَناة
بالذُّبُول قِيل قَناة ذات طَرائق، وكذلك القصبة إِذا قُطِعَتْ رَطْبة
فأَخذت تَيْبَس رأَيت فيها طَرائق قد اصْفَرَّت حين أَخذت في اليُبْس وما لم
تَيْبَس فهو على لوْن الخُضّرة، وإِن كان في القَنا فهو على لَوْن
القَنا؛ قال ذو الرمة يصف قَناة:
حتَّى يَبِضْنَ كأَمْثال القَنا ذبَلَتْ،
فيها طرائقُ لَدْناتٌ على أَوَدِ
والطَّرِيقَةُ وجمعها طَرائق: نَسِيجة تُنْسَج من صوف أَو شعَر عَرْضُها
عَظْمُ الذِّراع أَو أَقلّ، وطولها أَربع أَذرُع أَو ثماني أَذرُع على
قَدْرِ عِظَم البيت وصِغَره، تُخَيّط في مُلتْقَى الشِّقاق من الكِسْر
إِلى الكِسْر، وفيها تكون رؤوس العُمُد، وبينها وبين الطَّرائقِِ أَلْبادٌ
تكون فيها أُنُوف العُمُد لئلا تَُخْرِقَ الطَّرائق. وطَرَّفوا بينهم
طَرائِق، والطَّرائق: آخرُ ما يَبْقى من عَفْوةِ الكَلإِ. والطَّرائق:
الفِرَق.
وقوم مَطارِيق: رَجَّالة، واحدهم مُطْرِق، وهو الرَّاجِل؛ هذا قول أَبي
عبيد، وهو نادر إِلا أَن يكون مَطارِيق جمع مِطْراق. والطَّرِيقة:
العُمُد، وكل عَمُود طَرِيقة. والمُطْرِق: الوَضيع.
وتَطارق الشيءُ تتابع. واطَّرَقت الإِبل اطِّراقاً وتَطارقت: تَبِع
بعضُها بعضاً وجاءت على خُفٍّ واحد؛ قال رؤبة:
جاءتْ معاً، واطَّرَقَتْ شَتِيتا،
وهيَ تُثِير السَّاطعَ السِّخْتِيتا
يعني الغُبار المرتفع؛ يقول: جاءت مجتمِعة وذهبت متفرِّقة.
وتركَتْ راعِيَها مَشْتُوتا
ويقال: جاءت الإِبل مَطارِيق يا هذا إِذا جاء بعضُها في إِثْر بعض،
والواحد مِطْراق. ويقال: هذا مِطراق هذا أَي مثله وشِبْهه، وقيل أَي تِلْوُه
ونظيرهُ؛ وأَنشد الأَصمعي:
فاتَ البُغاةَ أَبو البَيْداء مُحْتَزِماً؛
ولم يُغادِر له في الناس مِطْراقا
والجمع مَطارِيق. وتَطارق القومُ: تَبِعَ بعضُهم بعضاً. ويقال: هذا
النَّبْل طَرْقةُ رجلٍ واحد أَي صنعة رجل واحد. والطَّرَق: آثار الإِبل إِذا
تبع بعضُها بعضاً، واحدتها طَرَقة، وجاءت على طَرَقة واحدة كذلك أَي على
أَثر واحد. ويقال: جاءت الإِبل مَطارِيقَ إِذا جاءت يَتْبع بعضُها بعضاً.
وروى أَبو تراب عن بعض بني كلاب: مررت على عَرَقَة الإِبل وطَرَقَتِها
أَي على أَثرها؛ قال الأَصمعي: هي الطَّرَقة والعَرَقة الصَّفّ
والرَّزْدَقُ. واطَّرَق الحوْضُ، على افْتَعل، إِذا وقع فيه الدِّمْنُ فَتَلَبَّد
فيه. والطَّرَق، بالتحريك: جمع طَرَقة وهي مثال العَرَقة. والصَّفّ
والرَّزْدَق وحِبالةُ الصائد ذات الكِفَفِ وآثارُ الإِبل بعضها في إِثْر بعض:
طَرَقة. يقال: جاءت الإِبل على طَرَقة واحدة وعلى خُفّ واحد أَي على أَثر
واحد.
واطَّرَقت الأَرض: تلبَّد تُرابها بالمطر؛ قال العجاج:
واطَّرَقت إِلاَّ ثلاثاً عُطَّفا
والطُّرَق والطُّرق: الجوادُّ وآثارُ المارة
تظهر فيها الآثار، واحدتها طُرْقة. وطُرَق القوس: أَسارِيعُها
والطَّرائقُ التي فيها، واحدتها طُرْقة، مثل غُرْفة وغُرَف. والطُّرَق:
الأَسارِيعُ. والطُّرَق أَىضاً: حجارة مُطارَقة بعضها على بعض.
والطُّرْقة: العادَة. ويقال: ما زال ذلك طُرْقَتَك أَي دَأْبك.
والطِّرْق: الشَّحْم، وجمعه أَطْراق؛ قال المَرَّار الفَقْعَسي:
وقد بَلَّغْنَ بالأَطْراقِ، حتَّى
أُذِيعَ الطِّرْق وانكَفَت الثَّمِيلُ
وما به طِرْق، بالكسر، أَي قُوَّة، وأَصل الطِّرْق الشَّحْم فكنى به
عنها لأَنها أَكثر ما تكون عنه؛ وكل لحمة مستطيلة فهي طَرِيقة. ويقال: هذا
بعير ما به طِرْق أَي سِمَن وشَحْم. وقال أَبو حنيفة: الطِّرْق السِّمَن،
فهو على هذا عَرَض. وفي الحديث: لا أَرى أَحداً به طِرْقٌ يتخلَّف؛
الطَّرْق، بالكسر: القوَّة، وقيل: الشحم، وأَكثر ما يستعمل في النفي. وفي حديث
ابن الزبير
(* قوله «وفي حديث ابن الزبير إلخ» عبارة النهاية: وفي حديث
النخعي الوضوء بالطرق أحب إليّ من التيمم، الطرق الماء الذي خاضته الإبل
وبالت فيه وبعرت، ومنه حديث معاوية: وليس للشارب إلخ): وليس للشَّارِب
إِلا الرَّنْقُ والطَّرْقُ
وطَرَّقَتِ المرأَة والناقة: نَشِب ولدُها في بطنها ولم يسهُل خروجه؛
قال أَوس بن حجر:
لها صَرْخة ثم إِسْكاتةٌ،
كما طَرَّقَتْ بِنفاسٍ بِكُرْ
(* قوله «لها» في الصحاح لنا).
الليث: طَرَّقَتِ
المرأَة، وكلُّ حامل تُطَرِّقُ إِذا خرج من الولد نصفه ثم نَشِب فيقال
طَرَّقَت ثم خَلُصت؛ قال أَبو منصور: وغيره يجعل التَّطْرِيق للقَطاة إِذا
فَحَصَتْ للْبَيْض كأَنها تجعل له طَريقاً؛ قاله أَبو الهيثم، وجائز أَن
يُستْعار فيُجعَل لغير القَطاة؛ ومنه قوله:
قد طَرَّقَتْ بِبِكْرِها أُمُّ طَبَقْ
يعني الداهية. ابن سيده: وطَرَّقت القطاة وهي مُطَرِّق: حان خروج
بَيْضها؛ قال المُمَزِّق العَبْدي: وكذا ذكره الجوهري في فصل مزق، بكسر الزاي،
قال ابن بري: وصوابه المُمَزَّق، بالفتح، كما حكي عن الفراء واسمه شَأْسُ
بن نَهار:
وقد تَخِذَتْ رجْلي إِلى جَنْبِ غَرْزِها
نَسِيفاً، كَأُفْحُوصِ القَطاةِ المُطَرِّقِ
أَنشده أَبو عمرو بن العلاء؛ قال أَبو عبيد: ولا يقال ذلك في غير
القطاة. وطَرَّق بحَقِّي تَطْرِيقاً: جَحَدَه ثم أَقرَّ به بعد ذلك. وضَرَبَه
حتى طَرَّق بِجَعْرِه أَي اخْتَضَب. وطَرَّق الإِبلَ تَطْرِيقاً: حَبَسها
عن كَلإٍ أَو غيره، ولا يقال في غير ذلك إِلا أَن يُستعار؛ قاله أَبو
زيد؛ قال شمر: لا أعَرف ما قال أَبو زيد في طَرَّقْت، بالقاف، وقد قال ابن
الأعَرابي طَرَّفْت، بالفاء، إِذا طَرَده. وطَرَّقْت له من الطَّرِيق.
وطَرْقاتُ الطَّرِيق: شَرَكُها، كل شَرَكة منها طَرْقَة، والطَّرِيق: ضرْب
من النَّخْل؛ قال الأَعشى:
وكلّ كُمَيْتٍ كجِذْعِ الطَّرِيـ
قِ، يَجْري على سِلطاتٍ لُثُمْ
وقيل: الطَّرِيقُ أَطول ما يكون من النخل بلغة اليمامة، واحدته طَرِيقة؛
قال الأَعشى:
طَرِيقٌ وجَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُهُ،
عليه أَبابِيلٌ مِنَ الطَّيْر تَنْعَبُ
وقيل: هو الذي يُنال باليد. ونخلة طَرِيقة: مَلْساء طويلة.
والطَّرْق: ضرْب من أَصوات العُودِ. الليث: كل صوت من العُودِ ونحوه
طَرْق على حِدَة، تقول: تضرِبُ هذه الجارية كذا وكذا طَرْقاً. وعنده طُرُوق
من الكلام، واحِدُه طَرْق؛ عن كراع ولم يفسره، وأَراه يعني ضُرُوباً من
الكلام. والطَّرْق: النخلة في لغة طيّء؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد:
كأَنه لَمَّا بدا مُخايِلا
طَرْقٌ، تَفُوت السُّحُقَ الأَطاوِلا
والطَّرْق والطِّرْق: حِبالة يُصاد بها الوحوش تتَّخذ كالفخّ، وقيل:
الطِّرْقُ الفَخّ.. وأَطرق الرجل الصَّيْدَ إِذا نصَب له حِبالة. وأَطْرَق
فلان لفلان إِذا مَحَل به ليُلْقِيه في وَرْطة، أُخِذ من الطِّرْق وهو
الفخّ؛ ومن ذلك قيل للعدُوّ مُطْرِق وللسَّاكت مُطْرِق.
والطُّرَيْق والأُطَيْرِقُ: نخْلة حجازيّة تبكِّر بالحَمْل صَفْراء
التمرة والبُسْرة؛ حكاه أَبو حنيفة. وقال مرّة: الأُطَيْرِق ضرّب من النخل
وهو أَبْكَر نخل الحجاز كله؛ وسماها بعض الشعراء الطُّرَيْقيِن
والأُطَيْرِقِين، قال:
أَلا تَرَى إِلى عَطايا الرَّحْمَنْ
مِنَ الطُّرَيْقِيِن وأُمِّ جِرْذانْ؟
قال أَبو حنيفة: يريد بالطُّرَيْقِين جمعَ الطُّرَيْقِ.
والطَّارِقيّة: ضرْب من القلائد.
وطارق: اسم والمِطْرَقُ: اسم ناقة أَو بعير، والأَسبق أَنه اسم بعير؛
قال:
يَتْبَعْنَ جَرْفاً من بَناتِ المِطْرَقِ
ومُطْرِق: موضع؛ أَنشد أَبو زيد:
حَيْثُ تَحَجَّى مُطْرِقٌ بالفالِقِ
وأَطْرِقا: موضع؛ قال أَبو ذؤيب:
على أَطْرِقا بالياتُ الخيا
مِ، إِلا الثُّمامُ وإِلا العِصِيُّ
قال ابن بري: من روى الثمام بالنصب جعله استثناء من الخيام، لأَنها في
المعنى فاعلة كأَنه قال بالياتٌ خِيامُها إِلا الثمامَ لأَنهم كانوا
يظلّلُون به خِيامَهم، ومَنْ رفع جعله صفة للخيام كأَنه قال باليةٌ خيامُها
غيرُ الثُّمام على الموضع، وأَفْعِلا مقصور بناءٌ قد نفاه سيبويه حتى قال
بعضهم إِن أَطْرِقا في هذا البيت أَصله أَطْرِقاء جمع طريق بلغة هذيل ثم
قصر الممدود؛ واستدل بقول الآخر:
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أَو خَلِيفا
ذهب هذا المعلِّل إِلى أَن العلامتين تَعْتَقِبان؛ قال الأَصمعي: قال
أَبو عمرو بن العلاء أَطْرِقا على لفظ الاثنين بَلد، قال: نرى أَنه سمي
بقوله أَطْرِق أَي اسكت وذلك أَنهم كانوا ثلاثة نَفَر بأَطْرِقا، وهو موضع،
فسَمِعُوا صوتاً فقال أَحدُهم لصاحِبَيْه: أَطْرِقا أَي اسكُتا فسمِّي
به البلد، وفي التهذيب: فسمي به المكان؛ وفيه يقول أَبو ذؤَيب:
على أَطْرِقا بالياتُ الخِيام
وأَما مَنْ رواه أَطْرُفاً، فَعَلا هذا: فعل ماض. وأَطْرُق: جمع طَرِيق
فيمن أَنَّث لأَن أَفْعُلاً إِنما يكسَّر عليه فَعِيل إِذا كان مؤنثاً
نحو يمين وأَيْمُن.
والطِّرْياقُ: لغة في التِّرْياقِ؛ رواه أَبو حنيفة.
وطارِقَةُ الرجل: فَخْذُه وعَشِيرتُه؛ قال ابن أَحمر:
شَكَوْتُ ذَهابَ طارِقَتي إِليها،
وطارِقَتي بأَكْنافِ الدُّرُوبِ
النضر: نَعْجة مَطْرُوقة وهي التي تُوسَم بالنار على وَسَط أُذُنها من
ظاهر، فذلك الطِّراقُ، وإِنما هو خطّ أَبيض بنارٍ كأَنما هو جادّة، وقد
طَرَقْناها نَطْرُقها طَرْقاً، والمِيسَمُ الذي في موضع الطِّراق له حُروف
صِغار، فأَمّا الطَّابِعُ فهو مِيسَمُ الفَرائضِ، يقال: طَبَعَ الشَّاة.
خطر: الخاطِرُ: ما يَخْطُرُ في القلب من تدبير أَو أَمْرٍ. ابن سيده:
الخاطر الهاجس، والجمع الخواطر، وقد خَطَرَ بباله وعليه يَخْطِرُ
ويَخْطُرُ، بالضم؛ الأَخيرة عن ابن جني، خُطُوراً إِذا ذكره بعد نسيان. وأَخْطَرَ
الله بباله أَمْرَ كذا، وما وَجَدَ له ذِكْراً إِلاَّ خَطْرَةً؛ ويقال:
خَطَر ببالي وعلى بالي كذا وكذا يِخْطُر خُطُوراً إِذا وقع ذلك في بالك
ووَهْمِك. وأَخْطَرَهُ اللهُ ببالي؛ وخَطَرَ الشيطانُ بين الإِنسان وقلبه:
أَوصل وَسْواسَهُ إِلى قلبه. وما أَلقاه إِلاَّ خَطْرَةً بعد خَطْرَةٍ
أَي في الأَحيان بعد الأَحيان، وما ذكرته إِلاَّ خَطْرَةً واحدةً. ولَعِبَ
الخَطْرَةَ بالمِخْراق.
والخَطْرُ: مصدر خَطَرَ الفحلُ بذنبه يَخْطِرُ خَطْراً وخَطَراناً
وخَطِيراً: رَفَعَهُ مرة بعد مرة، وضرب به حاذيْهِ، وهما ما ظهر من فَخِذيْه
حيث يقع شَعَرُ الذَّنَبِ، وقيل: ضرب به يميناً وشمالاً. وناقةٌ
خَطَّارَةٌ: تَخْطِرُ بذنبها. والخَطِيرُ والخِطَارُ: وَقْعُ ذنب الجمل بين
وَرَكَيْهِ إِذا خَطَرَ؛ وأَنشد:
رَدَدْنَ فَأَنْشَفْنَ الأَزِمَّةَ بعدما
تَحَوَّبَ، عن أَوْراكِهِنَّ، خَطِيرُ
والخاطِرُ: المُتَبَخْتِرُ؛ يقال: خَطَرَ يَخْطِرُ إِذا تَبَخْتَرَ.
والخَطِيرُ والخَطَرَانُ عند الصَّوْلَةِ والنَّشَاطِ، وهو التَّصَاوُل
والوعيد؛ قال الطرماح:
بالُوا مَخافَتَهُمْ على نِيرانِهِمْ،
واسْتَسْلَمُوا، بعد الخَطِيرِ، فَأَُخْمِدُوا
التهذيب: والفحل يَخْطِرُ بذنبه عند الوعيد من الخُيَلاءِ. وفي حديث
مَرْحَبٍ: فخرج يَخْطِرُ بسيفه أَي يَهُزُّهُ مُعْجباً بنفسه مُتَعَرِّضاً
للمبارزة، أَو أَنه كان يَخْطِرُ في مشيه أَي يتمايل ويمشي مِشْيَةَ
المُعْجبِ وسيفه في يده، يعني كان يَخْطِرُ وسيفه معه، والباء للملابسة.
والناقةُ الخَطَّارَةُ: تَخْطِرُ بذنبها في السير نشاطاً. وفي حديث الاستسقاء:
والله ما يَخْطِرُ لنا جمل؛ أَي ما يحرك ذنبه هُزَالاً لشدة القَحْطِ
والجَدْبِ؛ يقال: خَطَرَ البعيرُ بذنبه يَخْطِرُ إِذا رفعه وحَطَّهُ،
وإِنما يفعل ذلك عند الشَّبَعِ والسِّمَنِ؛ ومنه حديث عبد الملك لما قَتَلَ
عَمْرو بْنَ سَعِيدٍ: والله: لقد قَتَلْتُه، وإِنه لأَعز عليّ من جِلْدَةِ
ما بَيْنَ عَيْنَيَّ، ولكن لا يَخْطِرُ فحلانِ في شَوْلٍ؛ وفي قول
الحجاج لما نَصَبَ المِنْجَنيقَ على مكة:
خَطَّارَةٌ كالجَمَلِ الفَنِيقِ
شبه رميها بِخَطَرَانِ الفحل. وفي حديث سجود السهو: حتى يَخْطِرَ
الشيطانُ بين المرء وقلبه؛ يريد الوسوسة. وفي حديث ابن عباس: قام نبيّ الله
يوماً يصلي فَخَطَر خَطْرَةً، فقال المنافقون: إِن له قلبين. والخَطِيرُ:
الوعيد والنشاط؛ وقوله:
هُمُ الجَبَلُ الأَعْلَى، إِذا ما تَنَاكَرَتْ
مُلُوكُ الرِّجالِ، أَو تَخاطَرَتِ البُزْلُ
يجوز أَن يكون من الخطير الذي هو الوعيد، ويجوز أَن يكون من قولهم
خَطَرَ البعير بذنبه إِذا ضرب به. وخَطَرَانُ الفحل من نشاطه، وأَما خطران
الناقة فهو إِعلام للفحل أَنها لاقح. وخَطَرَ البعير بذنبه يَخْطِرُ،
بالكسر، خَطْراً، ساكن، وخَطَرَاناً إِذا رفعه مرة بعد مرة وضرب به فخذيه.
وخَطَرَانُ الرجلِ: اهتزازُه في المشي وتَبَخْتُرُه. وخَطَر بسيفه ورمحه
وقضيبه وسوطه يَخْطِرُ خَطَراناً إِذا رفعه مرة ووضعه أُخْرَى. وخَطَرَ في
مِشْيَتِه يَخْطِرُ خَطِيراً وخَطَراناً: رفع يديه ووضعهما. وقيل: إِنه
مشتق من خَطَرانِ البعير بذنبه، وليس بقويّ، وقد أَبدلوا من خائه غيناً
فقالوا: غَطَرَ بذنبه يَغْطِرُ، فالغين بدل من الخاء لكثرة الخاء وقلة الغين،
قال ابن جني: وقد يجوز أَن يكونا أَصلين إِلاَّ أَنهم لأَحدهما أَقلُّ
استعمالاً منهم للآخر. وخَطَرَ الرجلُ بالرَّبِيعَةِ يَخْطُر خَطْراً:
رفعها وهزها عند الإِشالَةِ؛ والرَّبِيعَةُ: الحَجَرُ الذي يرفعه الناس
يَخْتَبِرُونَ بذلك قُواهُمْ.
الفراء: الخَطَّارَةُ حَظِيرَةُ الإِبل.
والخَطَّارِ: العطَّار؛ يقال: اشتريت بَنَفْسَجاً من الخَطَّارِ.
والخَطَّارُ: المِقْلاعُ؛ وأَنشد:
جُلْمُودُ خَطَّارٍ أُمِرَّ مِجْذَبُهْ
ورجل خَطَّارٌ بالرمحِ: طَعَّانٌ به؛ وقال:
مَصالِيتُ خَطَّارونَ بالرُّمْحِ في الوَغَى
ورمح خَطَّارٌ: ذو اهتزاز شديد يَخْطِرُ خَطَراناً، وكذلك الإِنسان إِذا
مشى يَخْطِرُ بيديه كثيراً. وخَطَرَ الرُّمْحُ يَخْطِرُ: اهْتَزَّ، وقد
خَطَرَ يَخْطِرُ خَطَراناً.
والخَطَرُ: ارتفاعُ القَدْرِ والمالُ والشرفُ والمنزلة. ورجلٌ خَطِيرٌ
أَي له قَدْرٌ وخَطَرٌ، وقد خَطُرَ، بالضم، خُطُورَةً. ويقال: خَطَرانُ
الرمح ارتفاعه وانخفاضه للطعن. ويقال: إِنه لرفيع الخَطَرِ ولئيمه. ويقال:
إِنه لعظيم الخَطَرِ وصغير الخَطَرِ في حسن فعاله وشرفه وسوء فعاله
ولؤمه. وخَطَرُ الرجلِ: قَدْرُه ومنزلته، وخص بعضهم به الرفعة، وجمعه
أَخْطارٌ. وأَمْرٌ خَطِيرٌ: رفيعٌ. وخَطُرَ يَخْطُرُ خَطَراً وخُطُوراً إِذا
جَلَّ بعد دِقَّةٍ. والخَطِيرُ من كل شيء: النَّبِيلُ. وهذا خَطِيرٌ لهذا
وخَطَرٌ له أَي مِثْلٌ له في القَدْرِ، ولا يكون إِلاَّ في الشيء المَزِيزِ؛
قال: ولا يقال للدون إِلاَّ للشيء السَّرِيِّ. ويقال للرجل الشريف: هو
عظيم الخَطَرِ. والخَطِيرُ: النَّظِيرُ. وأَخْطَرَ به: سَوَّى.
وأَخْطَرَهُ: صار مثله في الخَطَرِ. الليث: أُخْطِرْتُ لفلان أَي صُيِّرْتُ نظيره
في الخَطَرِ. وأَخْطَرَني فلانٌ، فهو مُخْطِرٌ إِذا صار مثلك في الخَطَرِ.
وفلانٌ ليس له خَطِيرٌ أَي ليس له نظير ولا مثل. وفي الحديث: أَلا هل
مُشَمِّرٌ للجنة فإِن الجنة لا خَطَرَ لها؛ أَي لا عِوَضَ عنها ولا مِثْلَ
لها؛ ومنه: أَلاَّ رَجُلٌ يُخاطِرُ بنفسه وماله؛ أَي يلقيها في
الهَلَكَةِ بالجهاد. والخَطَرُ، بالتحريك: في الأَصل الرهن، وما يُخاطَرُ عليه
ومِثْلُ الشيء وَعَدِلْهُ، ولا يقال إِلاَّ في الشيء الذي له قدر ومزية؛
ومنه حديث عمر في قسمة وادِي القُرَى: وكان لعثمان فيه خَطَرٌ ولعبد الرحمن
خَطَرٌ أَي حظ ونصيب؛ وقول الشاعر:
في ظِلِّ عَيْشٍ هَنِيٍّ ماله خَطَرُ
أَي ليس له عَِدْلٌ. والخَطَرُ: العَِدْلُ؛ يقال: لا تجعل نفسك خَطَراً
لفلان وأَنت أَوْزَنُ منه. والخَطَرُ: السَّبَقُ الذي يترامى عليه في
التراهن، والجمع أَخْطارٌ. وأَخْطَرَهُمْ خَطَراً وأَخْطَرَه لهم: بذل لهم
من الخَطَرِ ما أَرضاهم. وأَخْطَرَ المالَ أَي جعله خَطَراً بين
المتراهنين. وتَخاطَرُوا على الأَمر: تراهنوا؛ وخاطَرَهم عليه: راهنهم. والخَطَرُ؛
الرَّهْنُ بعينه. والخَطَرُ: ما يُخاطَرُ عليه؛ تقول: وَضَعُوا لي
خَطَراً ثوباً ونحو ذلك؛ والسابق إِذا تناول القَصَبَةَ عُلِمَ أَنه قد
أَحْرَزَ الخَطَرَ. والخَطَرُ والسَّبَقُ والنَّدَبُ واحدٌ، وهو كله الذي يوضع
في النِّضالِ والرِّهانِ، فمن سَبَقَ أَخذه، ويقال فيه كله: فَعَّلَ،
مشدّداً، إِذا أَخذه؛ وأَنشد ابن السكيت:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ، ولم أَقُمْ
على نَدَبٍ يوماً، ولي نَفْسُ مُخْطِرِ؟
والمُخْطِرُ: لذي يجعل نفسه خَطَراً لِقِرْنِه فيبارزه ويقاتله؛ وقال:
وقلتُ لمن قد أَخْطَرَ الموتَ نَفْسَه:
أَلا مَنْ لأَمْرٍ حازِمٍ قد بَدَا لِيَا؟
وقال أَيضاً:
أَين عَنَّا إِخْطارُنا المالَ والأَنْـ
ـفُسَ، إِذ ناهَدُوا لِيَوْمِ المِحَالِ؟
وفي حديث النعمان بن مُقَرِّنٍ أَنه قال يوم نَهاوَنْدَ، حين التقى
المسلمون مع المشركين: إِن هؤلاء قد أَخْطَرُوا لكم رِثَةً ومَتاعاً،
وأَخْطَرتم لهم الدِّينَ، فَنافِحُوا عن الدين؛ الرِّثَةُ: رَدِيء المتاع، يقول:
شَرَطُوها لكم وجعلوها خَطَراً أَي عِدْلاً عن دينكم، أَراد أَنهم لم
يُعَرِّضُوا للهلاك إِلاَّ متاعاً يَهُونُ عليهم وأَنتم قد عَرَّضْتُمْ لهم
أَعظم الأَشياء قَدْراً، وهو الإِسلام.
والأَخطارُ من الجَوْزِ في لَعِب الصبيان هي الأَحْرازُ، واحدها خَطَرٌ.
والأَخْطارُ: الأَحْرازُ في لعب الجَوْز.
والخَطَرُ: الإِشْرافُ على هَلَكَة. وخاطَرَ بنفسه يُخاطِرُ: أَشْفَى
بها على خَطَرِ هُلْكٍ أَو نَيْلِ مُلْكٍ. والمَخاطِرُ: المراقي. وخَطَرَ
الدهرُ خَطَرانَهُ، كما يقال: ضرب الدهرُ ضَرَبانَهُ؛ وفي التهذيب: يقال
خَطَرَ الدهرُ من خَطَرانِهِ كما يقال ضَرَبَ من ضَرَبانِه. والجُنْدُ
يَخْطِرُونَ حَوْلَ قائدهم يُرُونَهُ منهم الجِدَّ، وكذلك إِذا احتشدوا في
الحرب.
والخَطْرَةُ: من سِماتِ الإِبل؛ خَطَرَهُ بالمِيسَمِ في باطن الساق؛ عن
ابن حبيب من تذكرة أَبي علي كذلك.
قال ابن سيده: والخَطْرُ ما لَصِقَ
(* قوله: «والخطر ما لصق إلخ» بفتح
الحاء وكسرها مع سكون الطاء كما في القاموس). بالوَرِكَيْنِ من البول؛ قال
ذو الرمة:
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائِلَ. بعدما
تَقَوَّبَ، عن غِرْبانِ أَوْرَاكِها، الخَطْرُ
قوله: تقوّب يحتمل أَن يكون بمعنى قوّب، كقوله تعالى: فتقطَّعوا أَمرهم
بينهم؛ أَي قطعوا، وتقسمت الشيء أَي قسمته. وقال بعضهم: أَراد تقوّبت
غربانها عن الخطر فقلبه.
والخِطْرُ: الإِبل الكثيرة؛ والجمع أَخطار، وقيل الخِطْرُ مائتان من
الغنم والإِبل، وقيل: هي من الإِبل أَربعون، وقيل: أَلف وزيادة؛ قال:
رَأَتْ لأَقْوامٍ سَوَاماً دَثْراً،
يُرِيحُ رَاعُوهُنَّ أَلْفاً خَِطِرْا،
وبَعْلُها يَسُوقُ مِعْزَى عَشْرا
وقال أَبو حاتم: إِذا بلغت الإِبل مائتين، فهي خَِطْرٌ، فإِذا جاوزت ذلك
وقاربت الأَلف، فهي عَِرْجٌ.
وخَطِيرُ الناقة: زمامُها؛ عن كراع. وفي حديث علي، عليه السلام، أَنه
أَشار لعَمَّارٍ وقال: جُرُّوا له الخَطِيرَ ما انْجَرَّ لكم، وفي رواية:
كا جَرَّهُ لكم؛ معناه اتَّبِعُوه ما كان فيه مَوْضِعٌ مُتَّبَعٌ،
وتَوَقَّوْا ما لم يكن فيه موضع؛ قال: الخطير زمام البعير، وقال شمر في الخطير:
قال بعضهم الخَطِير الحَبْلُ، قال: وبعضهم يذهب به إِلى إِخْطارِ النفس
وإِشْرَاطِهَا في الحرب؛ المعنى اصبروا لعمَّار ما صبر لكم.
وتقول العرب: بيني وبينه خَطْرَةُ رَحِمٍ؛ عن ابن الأَعرابي، ولمن
يفسره، وأُراه يعني شُبْكَةَ رَحِمٍ، ويقال: لا جَعَلَها اللهُ خَطْرَتَه ولا
جعلها آخر مَخْطَرٍ منه أَي آخِرَ عَهْدٍ منه، ولا جعلها الله آخر
دَشْنَةٍ
(* قوله: «آخر دشنة إلخ» كذا بالأَصل وشرح القاموس). وآخر دَسْمَةٍ
وطَيَّةٍ ودَسَّةٍ، كلُّ ذلك: آخِرَ عَهْدٍ؛ وروي بيت عدي بن زيد:
وبِعَيْنَيْكَ كُلُّ ذاك تَخَطَرْا
كَ، ويمْضِيكَ نَبْلُهُمْ في النِّضَالِ
قالوا: تَخَطْراكَ وتَخَطَّاكَ بمعنى واحد، وكان أَبو سعيد يرويه تخطاك
ولا يعرف تخطراك، وقال غيره: تَخَطْرَاني شَرُّ فلان وتخطاني أَي جازني.
والخِطْرَةُ: نبت في السهل والرمل يشبه المَكْرَ، وقيل: هي بقلة، وقال
أَبو حنيفة: تَنْبُتُ الخِطْرَةُ مع طلوع سهيل، وهي غَبْراءُ حُلْوَةٌ طيبة
يراها من لا يعرفها فيظن أَنها بقلة، وإِنما تنبت في أَصل قد كان لها
قبل ذلك، وليست بأَكثر مما يَنْتَهِسُ الدابةُ بفمه، وليس لها ورق، وإِنما
هي قُضْبانٌ دِقَاقٌ خُضْرٌ، وقد تُحْتَبَلُ بها الظِّباءُ، وجمعها
خِطَرٌ مثل سِدْرَةٍ وسِدَرٍ. غيره: الخِطْرَةُ عُشْبَةٌ معروفة لها قَضْبَةٌ
يَجْهَدُها المالُ ويَغْزُرُ عليها، والعرب تقول: رَعَيْنا خَطَرات
الوَسْمِيّ، وهي اللُّمَعُ من المَراتِعِ والبُقَعِ؛ وقال ذو الرمة:
لها خَطَراتُ العَهْدِ من كُلِّ بَلْدَةٍ
لِقَوْمٍ، ولو هاجَتْ لهم حَرْبُ مَنْشِمِ
والخِطَرَةُ: أَغصان الشجرة، واحدتها خِطْرٌ، نادر أَو على توهم طرح
الهاء. والخِطْرُ، بالكسر: نبات يجعل ورقه في الخضاب الأَسود يختضب به؛ قال
أَبو حنيفة: هو شبيه بالْكَتَمِ، قال: وكثيراً ما ينبت معه يختضب به
الشيوخ؛ ولحية مَخْطُورَةٌ ومُخَطَّرَةٌ: مَخْضُوبَةٌ به؛ ومنه قيل اللبن
الكثير الماء: خِطْرٌ.
والخَطَّارُ: دهن من الزيت ذو أَفاويه، وهو أَحد ما جاء من الأَسماء على
فَعَّال.
والخَطْرُ: مكيال ضخم لأَهل الشام.
والخَطَّارُ: اسم فرس حذيفة بن بدر الفَزارِيِّ.