تصغير النجل، وقد ذكرت في معنى النجل اثني عشر وجها قبل هذا: وهو من أعــراض المدينة من ينبع، قال كثيّر:
وحتى أجازت بطن ضاس ودونها ... رعان فهضبا ذي النّجيل فينبع
سرر: السِّرُّ: من الأَسْرار التي تكتم. والسر: ما أَخْفَيْتَ، والجمع
أَسرار. ورجل سِرِّيٌّ: يصنع الأَشياءَ سِرّاً من قوم سِرِّيِّين.
والسرِيرةُ: كالسِّرِّ، والجمع السرائرُ. الليث: السرُّ ما أَسْرَرْتَ به.
والسريرةُ: عمل السر من خير أَو شر.
وأَسَرَّ الشيء: كتمه وأَظهره، وهو من الأَضداد، سرَرْتُه: كتمته،
وسررته: أَعْلَنْته، والوجهان جميعاً يفسران في قوله تعالى: وأَسرُّوا
الندامةَ؛ قيل: أَظهروها، وقال ثعلب: معناه أَسروها من رؤسائهم؛ قال ابن سيده:
والأَوّل أَصح. قال الجوهري: وكذلك في قول امرئ القيس: لو يُسِرُّون
مَقْتَلِي؛ قال: وكان الأَصمعي يرويه: لو يُشِرُّون، بالشين معجمة، أَي
يُظهرون. وأَسَرَّ إِليه حديثاً أَي أَفْضَى؛ وأَسررْتُ إِليه المودَّةَ
وبالمودّةِ وسارَّهُ في أُذُنه مُسارَّةً وسِراراً وتَسارُّوا أَي تَناجَوْا.
أَبو عبيدة: أَسررت الشيء أَخفيته، وأَسررته أَعلنته؛ ومن الإِظهار قوله
تعالى: وأَسرُّوا الندامة لما رأَوا العذاب؛ أَي أَظهروها؛ وأَنشد
للفرزدق:
فَلَمَّا رَأَى الحَجَّاجَ جَرَّدَ سَيْفَه،
أَسَرَّ الحَرُورِيُّ الذي كان أَضْمَرا
قال شمر: لم أَجد هذا البيت للفرزدق، وما قال غير أَبي عبيدة في قوله:
وأَسرُّوا الندامة، أَي أَظهروها، قال: ولم أَسمع ذلك لغيره. قال
الأَزهري: وأَهل اللغة أَنكروا قول أَبي عبيدة أَشدّ الإِنكار، وقيل: أَسروا
الندامة؛ يعني الرؤساء من المشركين أَسروا الندامة في سَفَلَتِهم الذين
أَضلوهم. وأَسروها: أَخْفَوْها، وكذلك قال الزجاج وهو قول المفسرين. وسارَّهُ
مُسارَّةً وسِراراً: أَعلمه بسره، والاسم السَّرَرُ، والسِّرارُ مصدر
سارَرْتُ الرجلَ سِراراً. واستَسَرَّ الهلالُ في آخر الشهر: خَفِيَ؛ قال ابن
سيده: لا يلفظ به إِلاَّ مزيداً، ونظيره قولهم:
استحجر الطين. والسَّرَرُ والسِّرَرُ والسَّرارُ والسِّرارُ، كله:
الليلة التي يَستَسِرُّ فيها القمرُ؛ قال:
نَحْنُ صَبَحْنا عامِراً في دارِها،
جُرْداً تَعادَى طَرَفَيْ نَهارِها،
عَشِيَّةَ الهِلالِ أَو سِرَارِها
غيره: سَرَرُ الشهر، بالتحريك، آخِرُ ليلة منه، وهو مشتق من قولهم:
استَسَرَّ القمرُ أَي خفي ليلة السرار فربما كان ليلة وربما كان ليلتين. وفي
الحديث: صوموا الشهر وسِرَّه؛ أَي أَوَّلَه، وقيل مُسْتَهَلَّه، وقيل
وَسَطَه، وسِرُّ كُلِّ شيء: جَوْفُه، فكأَنه أَراد الأَيام البيض؛ قال ابن
الأَثير: قال الأَزهري لا أَعرف السر بهذا المعنى إِنما يقال سِرار الشهر
وسَراره وسَرَرهُ، وهو آخر ليلة يستسر الهلال بنور الشمس. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، سأَل رجلاً فقال: هل صمت من سرار هذا الشهر
شيئاً؟ قال: لا. قال: فإِذا أَفطرت من رمضان فصم يومين. قال الكسائي
وغيره: السرار آخر الشهر ليلة يَسْتَسِرُّ الهلال. قال أَبو عبيدة: وربما
استَسَرَّ ليلة وربما استسرّ ليلتين إِذا تمّ الشهر. قال الأَزهري: وسِرار
الشهر، بالكسر، لغة ليست بجيدة عند اللغويين. الفراء: السرار آخر ليلة
إِذا كان الشهر تسعاً وعشرين، وسراره ليلة ثمان وعشرين، وإِذا كان الشهر
ثلاثين فسراره ليلة تسع وعشرين؛ وقال ابن الأَثير: قال الخطابي كان بعض
أَهل العلم يقول في هذا الحديث: إِنّ سؤالَه هل صام من سرار الشهر شيئاً
سؤالُ زجر وإِنكار، لأَنه قد نهى أَن يُسْتَقْبَلَ الشهرُ بصوم يوم أَو
يومين. قال: ويشبه أَن يكون هذا الرجل قد أَوجبه على نفسه بنذر فلذلك قال له:
إِذا أَفطرت، يعني من رمضان، فصم يومين، فاستحب له الوفاءِ بهما.
والسّرُّ: النكاح لأَنه يُكْتم؛ قال الله تعالى: ولكن لا تُواعِدُوهُنَّ
سِرّاً؛ قال رؤبة:
فَعَفَّ عن إِسْرارِها بعد الغَسَقْ،
ولم يُضِعْها بَيْنَ فِرْكٍ وعَشَقْ
والسُّرِّيَّةُ: الجارية المتخذة للملك والجماع، فُعْلِيَّةٌ منه على
تغيير النسب، وقيل: هي فُعُّولَة من السَّرْوِ وقلبت الواو الأَخيرة ياء
طَلبَ الخِفَّةِ، ثم أُدغمت الواو فيها فصارت ياء مثلها، ثم حُوِّلت الضمة
كسرة لمجاورة الياء؛ وقد تَسَرَّرْت وتَسَرَّيْت: على تحويل التضعيف.
أَبو الهيثم: السِّرُّ الزِّنا، والسِّرُّ الجماع. وقال الحسن: لا تواعدوهن
سرّاً، قال: هو الزنا، قال: هو قول أَبي مجلز، وقال مجاهد: لا تواعدوهن
هو أَن يَخْطُبَها في العدّة؛ وقال الفراء: معناه لا يصف أَحدكم نفسه
المرأَة في عدتها في النكاح والإِكثارِ منه. واختلف أَهل اللغة في الجارية
التي يَتَسَرَّاها مالكها لم سميت سُرِّيَّةً فقال بعضهم: نسيت إِلى السر،
وهو الجماع، وضمت السين للفرق بين الحرة والأَمة توطأُ، فيقال للحُرَّةِ
إِذا نُكِحَت سِرّاً أَو كانت فاجرة: سِرِّيَّةً، وللمملوكة يتسراها
صاحبها: سُرِّيَّةً، مخافة اللبس. وقال أَبو الهيثم: السِّرُّ السُّرورُ،
فسميت الجارية سُرِّيَّةً لأَنها موضع سُرورِ الرجل. قال: وهذا أَحسن ما قيل
فيها؛ وقال الليث: السُّرِّيَّةُ فُعْلِيَّة من قولك تَسَرَّرْت، ومن
قال تَسَرَّيْت فإِنه غلط؛ قال الأَزهري: هو الصواب والأَصل تَسَرَّرْتُ
ولكن لما توالت ثلاثٌ راءات أَبدلوا إِحداهن ياء، كما قالوا تَظَنَّيْتُ من
الظنّ وقَصَّيْتُ أَظفاري والأَصل قَصَّصْتُ؛ ومنه قول العجاج:
تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ
إِنما أَصله: تَقَضُّض. وقال بعضهم: استسرَّ الرجلُ جارِيَتَه بمعنى
تسرَّاها أَي تَخِذها سُرية. والسرية: الأَمة التي بَوَّأَتَها بيتاً، وهي
فُعْلِيَّة منسوبة إِلى السر، وهو الجماع والإِخفاءُ، لأَن الإِنسان
كثيراً ما يَسُرُّها ويَسْتُرُها عن حرته، وإِنما ضمت سينه لأَن الأَبنية قد
تُغَيَّرُ في النسبة خاصة، كما قالوا في النسبة إِلى الدَّهْرِ دُهْرِيُّ،
وإِلى الأَرض السَّهْلَةُ سُهْلِيٌّ، والجمع السَّرارِي. وفي حديث عائشة
وذُكِرَ لها المتعةُ فقالت: والله ما نجد في كلام الله إِلاَّ النكاح
والاسْتِسْرَارَ؛ تريد اتخاذ السراري، وكان القياس الاستسراء من تَسَرَّيْت
إِذا اتَّخَذْت سرية، لكنها ردت الحرف إِلى الأَصل، وهو تَسَرَّرْتُ من
السر النكاح أَو من السرور فأَبدلت إِحدى الراءات ياء، وقيل: أَصلها
الياء من الشيء السَّريِّ النفيس. وفي حديث سلامة: فاسْتَسَرَّني أَي اتخذني
سرية، والقياس أَن تقول تَسَرَّرَني أَو تسرّاني فأَما استسرني فمعناه
أَلقي إِليَّ سِرّه. قال ابن الأَثير: قال أَبو موسى لا فرق بينه وبين حديث
عائشة في الجواز. والسرُّ: الذَّكَرُ؛ قال الأَفوه الأَودي:
لَمَّا رَأَتْ سِرَّي تَغَيَّرَ، وانْثَنَى
مِنْ دونِ نَهْمَةِ شَبْرِها حِينَ انْثَنَى
وفي التهذيب: السر ذكر الرجل فخصصه. والسَّرُّ: الأَصلُ. وسِرُّ الوادي:
أَكرم موضع فيه، وهي السَّرارةُ أَيضاً. والسِّرُّ: وسَطُ الوادي، وجمعه
سُرور: قال الأَعشى:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وِسْطَ الغَرِيف،
إِذا خالَطَ الماءُ منها السُّرورا
وكذلك سَرارُه وسَرارَتُه وسُرّتُه. وأَرض سِرُّ: كريمةٌ طيبة، وقيل: هي
أَطيب موضع فيه، وجمع السِّرَّ سِرَرٌ نادر، وجمع السَّرارِ أَسِرَّةٌ
كَقَذالٍ وأَقْذِلَة، وجمع السَّرارِة سَراثرُ. الأَصمعي: سَرارُ الأَرض
أَوسَطُه وأَكرمُه. ويقال: أَرض سَرَّاءُ أَي طيبة. وقال الفراء: سِرٌّ
بَيِّنُ السِّرارةِ، وهو الخالص من كل شيء. وقال الأَصمعي: السَّرُّ من
الأَرض مثل السَّرارةَ أَكرمها؛ وقول الشاعر:
وأَغْفِ تحتَ الأَنْجُمِ العَواتم،
واهْبِطْ بها مِنْكَ بِسِرٍّ كاتم
قال: السر أَخْصَبُ الوادي. وكاتم أَي كامن تراه فيه قد كتم ولم ييبس؛
وقال لبيد يرثي قوماً:
فَساعَهُمُ حَمْدٌ، وزانَتْ قُبورَهمْ
أَسِرَّةُ رَيحانٍ، بِقاعٍ مُنَوَّر
قال: الأَسرَّةُ أَوْساطُ الرِّياضِ، وقال أَبو عمرو: واحد الأَسِرَّةِ
سِرَارٌ؛ وأَنشد:
كأَنه عن سِرارِ الأَرضِ مَحْجُومُ
وسِرُّ الحَسَبِ وسَرارُه وسَرارَتُه: أَوسطُه. ويقال: فلان في سِرِّ
قومه أَي في أَفضلهم، وفي الصحاح: في أَوسطهم. وفي حديث ظبيان: نحن قوم من
سَرارةِ مَذْحِجٍ أَي من خيارهم. وسِرُّ النسَبِ: مَحْضُه وأَفضلُه،
ومصدره السَّرارَةُ، بالفتح. والسِّرُّ من كل شيء: الخالِصُ بَيِّنُ
السَّرارةِ، ولا فعل له؛ وأَما قول امرئ القيس في صفة امرأَة:
فَلَها مُقَلَّدُها ومُقْلَتُها،
ولَها عليهِ سَرارةُ الفضلِ
فإِنه وصف جاريةً شبهها بظبيةٍ جيداً ومُقْلَةً ثم جعل لها الفضل على
الظبية في سائر مَحاسِنها، أَراد بالسَّرارةِ كُنْه الفضل. وسَرارةُ كلِّ
شيء: محضُه ووسَطُه، والأَصل فيهعا سَرَارةُ الروضة، وهي خير منابتها،
وكذلك سُرَّةُ الروضة. وقال الفراء: لها عليها سَرارةُ الفضل وسَراوةُ الفضل
أَي زيادة الفضل.
وسَرارة العيش: خيره وأَفضله. وفلان سِرُّ هذا الأَمر إِذا كان عالماً
به. وسِرُّ الوادي: أَفضل موضع فيه، والجمع أَسِرَّةٌ مثل قِنٍّ
وأَقِنَّةٍ؛ قال طرفة:
تَرَبَّعَتِ القُفَّينِ في الشَّوْلِ تَرْتَعِي
حَدائِقَ مَوْليِّ الأَسِرَّةِ أَغْيَدِ
وكذلك سَرارةُ الوادي، والجمع سرارٌ؛ قال الشاعر:
فإِن أَفْخُرْ بِمَجْدِ بَني سُلَيْمٍ،
أَكُنْ منها التَّخُومَةَ والسَّرَارا
والسُّرُّ والسِّرُّ والسِّرَرُ والسِّرارُ، كله: خط بطن الكف والوجه
والجبهة؛ قال الأَعشى:
فانْظُرْ إِلى كفٍّ وأَسْرارها،
هَلْ أَنتَ إِنْ أَوعَدْتَني ضائري؟
يعني خطوط باطن الكف، والجمع أَسِرَّةٌ وأَسْرارٌ، وأَسارِيرُ جمع
الجمع؛ وكذلك الخطوط في كل شيء؛ قال عنترة:
بِزُجاجَةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ،
قُرِنَتْ بِأَزْهَرَ في الشَّمالِ مُقَدَّم
وفي حديث عائشة في صفته، صلى الله عليه وسلم: تَبْرُقُ أَسارِيرُ وجهه.
قال أَبو عمرو: الأَسارير هي الخطوط التي في الجبهة من التكسر فيها،
واحدها سِرَرٌ. قال شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول في قوله تبرق أَسارِيرُ
وجهه، قال: خطوط وجهه سِرٌّ وأَسرارٌ، وأَسارِيرُ جمع الجمع. قال: وقال
بعضهم الأَساريرُ الخدّان والوجنتان ومحاسن الوجه، وهي شآبيبُ الوجه أَيضاً
وسُبُحاتُ الوجه. وفي حديث علي، عليه السلام: كأَنَّ ماءَ الذهبِ يجري في
صفحة خده، وروْنَقَ الجلالِ يَطَّردُ في أَسِرَّةِ جبينه. وتَسَرَّرَ
الثوبُ: تَشَقَّقَ.
وسُرَّةُ الحوض: مستقر الماء في أَقصاه. والسُّرَّةُ: الوَقْبَةُ التي
في وسط البطن. والسُّرُّ والسَّرَرُ: ما يتعلق من سُرَّةِ المولود فيقطع،
والجمع أَسِرَّةٌ نادر. وسَرَّه سَرّاً: قطع سَرَرَه، وقيل: السرَر ما
قطع منه فذهب. والسُّرَّةُ: ما بقي، وقيل: السُّر، بالضم، ما تقطعه القابلة
من سُرَّة الصبي. يقال: عرفْتُ ذلك قبل أَن يُقْطَعَ سُرُّك، ولا تقل
سرتك لأَن السرة لا تقطع وإِنما هي الموضع الذي قطع منه السُّرُّ.
والسَّرَرُ والسِّرَرُ، بفتح السين وكسرها: لغة في السُّرِّ. يقال: قُطِعَ سَرَرُ
الصبي وسِرَرُه، وجمعه أَسرة؛ عن يعقوب، وجمع السُّرة سُرَرٌ وسُرَّات
لا يحركون العين لأَنها كانت مدغمة. وسَرَّه: طعنه في سُرَّته؛ قال
الشاعر:نَسُرُّهُمُ، إِن هُمُ أَقْبَلُوا،
وإِن أَدْبَرُوا، فَهُمُ مَنْ نَسُبْ
أَي نَطْعُنُه في سُبَّتِه. قال أَبو عبيد: سمعت الكسائي يقول: قُطِع
سَرَرُ الصبيّ، وهو واحد. ابن السكيت: يقال قطع سرر الصبي، ولا يقال قطعت
سرته، إِنما السرة التي تبقى والسرر ما قطع. وقال غيره: يقال، لما قطع،
السُّرُّ أَيضاً، يقال: قطع سُرُّه وسَرَرُه. وفي الحديث: أَنه، عليه
الصلاة والسلام، وُلِدَ مَعْذُوراً مسروراً؛ أَي مقطوع السُّرَّة
(* قوله:
«أَي مقطوع السرة» كذا بالأَصل ومثله في النهاية والإِضافة على معنى من
الابتدائية والمفعول محذوف والأَصل مقطوع السر من السرة وإِلاَّ فقد ذكر أَنه
لا يقال قطعت سرته). وهو ما يبقى بعد القطع مما تقطعه القابلة.
والسَّرَرُ: داءٌ يأُخذ في السُّرَّة، وفي المحكم: يأْخذ الفَرَس. وبعير أَسَرُّ
وناقة بيِّنة السَّرَر يأْخذها الداء في سرتها فإِذا بركت تجافت؛ قال
الأَزهري: هذا التفسير غلط من الليث إِنما السَّرَرُ وجع يأْخذ البعير في
الكِرْكِرَةِ لا في السرة. قال أَبو عمرو: ناقة سَرَّاء وبعير أَسَرُّ
بيِّنُ السَّرَرِ، وهو وجع يأْخذ في الكركرة؛ قال الأَزهري: هذا سماعي من
العرب، ويقال: في سُرَّته سَرَرٌ أَي ورم يؤلمه، وقيل: السَّرَر قرح في مؤخر
كركرة البعير يكاد ينقب إِلى جوفه ولا يقتل، سَرَّ البعيرُ يَسَرُّ
سَرَراً؛ عن ابن الأَعرابي؛ وقيل: الأَسَرُّ الذي به الضَّبُّ، وهو ورَمٌ
يكون في جوف البعير، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر؛ قال معد يكرب المعروف
بِغَلْفاءَ يرثي أَخاه شُرَحْبِيلَ وكان رئيس بكر بن وائل قتل يوم
الكُلابِ الأَوَّل:
إِنَّ جَنْبي عن الفِراشِ لَنابي،
كَتَجافِي الأَسَرِّ فوقَ الظِّراب
مِنْ حَدِيث نَما إِلَيَّ فَمٌّ تَرْ
فَأُعَيْنِي، ولا أُسِيغ شَرابي
مُرَّةٌ كالذُّعافِ، ولا أَكْتُمُها النَّا
سَ، على حَرِّ مَلَّةٍ كالشِّهابِ
مِنْ شُرَحْبِيلَ إِذْ تَعَاوَرَهُ الأَرْ
ماحُ، في حالِ صَبْوَةٍ وشَبابِ
وقال:
وأَبِيتُ كالسَّرَّاءِ يَرْبُو ضَبُّها،
فإِذا تَحَزْحَزَ عن عِدَاءٍ ضَجَّتِ
وسَرَّ الزَّنْدَ يَسُرُّه سَرّاً إِذا كان أَجوف فجعل في جوفه عوداً
ليقدح به. قال أَبو حنيفة: يقال سُرَّ زَنْدَكَ فإِنه أَسَرُّ أَي أَجوف
أَي احْشُه لِيَرِيَ. والسَّرُّ: مصدر سَرِّ الزَّنْدَ. وقَنَاةٌ سَرَّاءُ:
جوفاء بَيِّنَةُ السَّرَرِ.
والسَّرِيرُ: المُضطَجَعُ، والجمع أَسِرَّةٌ وسُرُرٌ؛ سيبويه: ومن قال
صِيدٌ قال في سُرُرٍ سُرٌّ. والسرير: الذي يجلس عليه معروف. وفي التنزيل
العزيز: على سُرُرٍ متقابلين؛ وبعضهم يستثقل اجتماع الضمتين مع التضعيف
فيردّ الأَول منهما إِلى الفتح لخفته فيقول سُرَرٌ، وكذلك ما أَشبهه من
الجمع مثل ذليل وذُلُلٍ ونحوه. وسرير الرأْس: مستقره في مُرَكَّبِ العُنُقِ؛
وأَنشد:
ضَرْباً يُزِيلُ الهامَ عن سَرِيرِهِ،
إِزَالَةَ السُّنْبُلِ عن شَعِيرِهِ
والسَّرِيرُ: مُسْتَقَرُّ الرأْس والعنق. وسَرِيرُ العيشِ: خَفْضُهُ
ودَعَتُه وما استقرّ واطمأَن عليه. وسَرِيرُ الكَمْأَةِ وسِرَرُها، بالكسر:
ما عليها من التراب والقشور والطين، والجمع أَسْرارٌ. قال ابن شميل:
الفَِقْعُ أَرْدَأُ الكَمْءِ طَعْماً وأَسرعها ظهوراً وأَقصرها في الأَرض
سِرَراً، قال: وليس لِلْكَمْأَةِ عروق ولكن لها أَسْرارٌ. والسَّرَرُ:
دُمْلُوكَة من تراب تَنبت فيها. والسَّرِيرُ: شحمة البَرْدِيِّ.
والسُّرُورُ: ما اسْتَسَرَّ من البَرْدِيَّة فَرَطُبَتْ وحَسُنَتْ
ونَعُمَتْ. والسُّرُورُ من النبات: أَنْصافُ سُوقِ العُلا؛ وقول
الأَعشى:كَبَرْدِيَّة الغِيلِ وَسْطَ الغَرِيـ
ـفِ، قد خالَطَ الماءُ منها السَّرِيرا
يعني شَحْمَةَ البَرْدِيِّ، ويروى: السُّرُورَا، وهي ما قدمناه، يريد
جميع أَصلها الذي استقرت عليه أَو غاية نعمتها، وقد يعبر بالسرير عن
المُلْكِ والنّعمَةِ؛ وأَنشد:
وفارَقَ مِنها عِيشَةً غَيْدَقِيَّةً؛
ولم يَخْشَ يوماً أَنْ يَزُولِ سَرِيرُها
ابن الأَعرابي: سَرَّ يَسَرُّ إِذا اشتكى سُرَّتَهُ. وسَرَّه يَسُرُّه:
حَيَّاه بالمَسَرَّة وهي أَطراف الرياحين. ابن الأَعرابي: السَّرَّةُ،
الطاقة من الريحان، والمَسَرَّةُ أَطراف الرياحين. قال أَبو حنيفة: وقوم
يجعلون الأَسِرَّةَ طريق النبات يذهبون به إِلى التشبيه بأَسِرَّةِ الكف
وأَسرة الوجه، وهي الخطوط التي فيهما، وليس هذا بقويّ. وأَسِرَّةُ النبت:
طرائقه.
والسَّرَّاءُ: النعمة، والضرَّاء: الشدة. والسَّرَّاءُ: الرَّخاء، وهو
نقيض الضراء. والسُّرُّ والسَّرَّاءُ والسُّرُورُ والمَسَرَّةُ، كُلُّه:
الفَرَحُ؛ الأَخيرة عن السيرافي. يقال: سُرِرْتُ برؤية فلان وسَرَّني
لقاؤه وقد سَرَرْتُه أَسُرُّه أَي فَرَّحْتُه. وقال الجوهري: السُّرور خلاف
الحُزن؛ تقول: سَرَّني فلانٌ مَسَرَّةً وسُرَّ هو على ما لم يسمَّ فاعله.
ويقال: فلانٌ سِرِّيرٌ إِذا كان يَسُرُّ إِخوانَه ويَبَرُّهم. وامرأَة
سَرَّةٌ (قوله: «وامرأَة سرة» كذا بالأَصل بفتح السين، وضبطت في القاموس
بالشكل بضمها). وقومٌ بَرُّونَ سَرُّونَ. وامرأَة سَرَّةٌ وسارَّةٌ:
تَسُرُّك؛ كلاهما عن اللحياني. والمثل الذي جاء: كُلَّ مُجْرٍ بالخَلاء
مُسَرٌّ؛ قال ابن سيده: هكذا حكاه أَفَّارُ لَقِيطٍ إِنما جاء على توهم أَسَرَّ،
كما أَنشد الآخر في عكسه:
وبَلَدٍ يِغْضِي على النُّعوتِ،
يُغْضِي كإِغْضَاءِ الرُّوَى المَثْبُوتِ
(* قوله: «يغضي إلخ» البيت هكذا بالأَصل).
أَراد: المُثْبَتَ فتوهم ثَبَتَهُ، كما أَراد الآخر المَسْرُورَ فتوهم
أَسَرَّه.
وَوَلَدَتْ ثلاثاً في سَرَرٍ واحد أَي بعضهم في إِثر بعض. ويقال: ولد له
ثلاثة على سِرٍّ وعلى سِرَرٍ واحد، وهو أَن تقطع سُرَرُهم أَشباهاً لا
تَخْلِطُهُم أُنثى. ويقولون: ولدت المرأَة ثلاثة في صِرَرٍ، جمع
الصِّرَّةِ، وهي الصيحة، ويقال: الشدة. وتَسَرَّرَ فلانٌ بنتَ فلان إِذا كان
لئيماً وكانت كريمة فتزوّجها لكثرة ماله وقلة مالها.
والسُّرَرُ: موضع على أَربعة أَميال من مكة؛ قال أَبو ذؤيب:
بِآيةِ ما وقَفَتْ والرِّكابَ، وبَيْنَ الحَجُونِ وبَيْنَ السُّرَرْ
التهذيب: وقيل في هذا البيت هو الموضع الذي جاء في الحديث: كانت به شجرة
سُرَّ تحتها سبعون نبيّاً، فسمي سُرَراً لذلك؛ وفي بعض الحديث: أَنها
بالمأْزِمَيْنِ مِن مِنًى كانت فيه دَوْحَةٌ. قال ابن عُمران: بها سَرْحَة
سُرَّ تحتها سبعون نبيّاً أَي قطعت سُرَرُهُمْ يعني أَنهم ولدوا تحتها،
فهو يصف بركتها والموضع الذي هي فيه يسمى وادي السرر، بضم السين وفتح
الراء؛ وقيل: هو بفتح السين والراء، وقيل: بكسر السين. وفي حديث السِّقْطِ:
إِنه يَجْتَرُّ والديه بِسَرَرِهِ حتى يدخلهما الجنة.
وفي حديث حذيفة: لا ينزل سُرَّة البصرة أَي وسطها وجوفها، من سُرَّةِ
الإِنسان فإِنها في وسطه. وفي حديث طاووس: من كانت له إِبل لم يؤدِّ
حَقَّها أَتت يوم القيامة كَأَسَرِّ ما كانت تَطؤه بأَخفافها أَي كَأَسْمَنِ ما
كانت وأَوفره، من سُرِّ كلِّ شيء وهو لُبُّه ومُخُّه، وقيل: هو من
السُّرُور لأَنها إِذا سمنت سَرَّت الناظر إِليها.
وفي حديث عمر: أَنه كان يحدّثه، عليه السلامُ، كَأَخِي السِّرَارِ؛
السِّرَارُ: المُسَارَّةُ، أَي كصاحب السِّرَارِ أَو كمثل المُسَارَّةِ لخفض
صوته، والكاف صفة لمصدر محذوف؛ وفيه: لا تقتلوا أَولادكم سِرّاً فإِن
الغَيْلَ يدرك الفارسَ فَيُدَعْثِرُه من فرسه؛ الغَيْلُ: لبن المرأَة إِذا
حملت وهي تُرْضِعُ، وسمي هذا الفعل قتلاً لأَنه يفضي إِلى القتل، وذلك
أَنه بضعفه ويرخي قواه ويفسد مزاجه، وإِذا كبر واحتاج إِلى نفسه في الحرب
ومنازلة الأَقران عجز عنهم وضعف فربما قُتل، إِلاَّ أَنه لما كان خفيّاً لا
يدرك جعله سرّاً. وفي حديث حذيفة: ثم فتنة السَّرَّاءِ؛ السَّرِّاءُ:
البَطْحاءُ؛ قال ابن الأَثير: قال بعضهم هي التي تدخل الباطن وتزلزله، قال:
ولا أَدري ما وجهه.
والمِسَرَّةُ: الآلة التي يُسَارُّ فيها كالطُّومار.
والأَسَرُّ: الدَّخِيلُ؛ قال لبيد:
وجَدِّي فارسُ الرَّعْشَاءِ مِنْهُمْ
رَئِيسٌ، لا أَسَرُّ ولا سَنِيدُ
ويروى: أَلَفُّ.
وفي المثل: ما يَوْمُ حَلِيمَةَ بِسِرٍّ؛ قال: يضرب لكل أَمر متعالم
مشهور، وهي حليمة بنت الحرث بن أَبي شمر الغساني لأَن أَباها لما وجه جيشاً
إِلى المنذر بن ماء السماء أَخرجت لهم طيباً في مِرْكَنٍ، فطيبتهم به
فنسب اليوم إِليها.
وسَرَارٌ: وادٍ. والسَّرِيرُ: موضع في بلاد بني كنانة؛ قال عروة بن
الورد:
سَقَى سَلْمى، وأَيْنَ مَحَلُّ سَلْمى؟
إِذا حَلَّتْ مُجاوِرَةَ السَّرِيرِ
والتَّسْرِيرُ: موضع في بلاد غاضرة؛ حكاه أَبو حنيفة، وأَنشد:
إِذا يقولون: ما أَشْفَى؟ أَقُولُ لَهُمْ:
دُخَانُ رِمْثٍ من التَّسْرِيرِ يَشْفِينِي
مما يَضُمُّ إِلى عُمْرانَ حاطِبُهُ،
من الجُنَيْبَةِ، جَزْلاً غَيْرَ مَوْزُونِ
الجنيبة: ثِنْيٌ من التسرير، وأَعلى التسرير لغاضرة. وفي ديار تميم موضع
يقال له: السِّرُّ. وأَبو سَرَّارٍ وأَبو السَّرّارِ جميعاً: من كُناهم.
والسُّرْسُورُ: القَطِنُ العالم. وإِنه لَسُرْسُورُ مالٍ أَي حافظ له.
أَبو عمرو: فلان سُرْسُورُ مالٍ وسُوبانُ مالٍ إِذا كان حسن القيام عليه
عالماً بمصلحته. أَبو حاتم: يقال فلان سُرْسُورِي وسُرْسُورَتِي أَي حبيبي
وخاصَّتِي. ويقال: فلان سُرْسُورُ هذا الأَمر إِذا كان قائماً به. ويقال
للرجل سُرْسُرْ
(* قوله: «سرسر» هكذا في الأَصل بضم السينين). إِذا
أَمرته بمعالي الأُمور. ويقال: سَرْسَرْتُ شَفْرَتِي إِذا أَحْدَدْتَها.
حتر: حَتارُ كُلِّ شيء: كِفَافُه وحرفه وما استدار به كَحَتَارِ الأُذن
وهو كِفافُ حروف غَــراضِــيفِها. وحَتارُ العين: وهي حروف أَجفانها التي
تلتقي عند التغميض. وقال الليث: الحَتارُ ما استدار بالعين من زِيقِ
الجَفْنِ من باطن. وحَتارُ الظُّفْر: وهو ما يحيط به من اللحم، وكذلك ما يحيط
بالخِباء، وكذلك حَتارُ الغِربالِ والمُنْخُلِ. وحَتارُ الاسْتِ: أَطراف
جلدتها، وهو ملتقى الجلدة الظاهرة وأَطرَاف الخَوْرانِ، وقيل: هي حروف
الدبر؛ وأَراد أَعرابيّ امرأَته فقالت له: إِني حائض، قال: فأَين الهَنَةُ
الأُخرَى؟ قالت له: اتق الله فقال:
كلاَّ وَرَبِّ البَيْتِ ذِي الأَستارِ،
لأَهْتِكَنَّ حَلَقَ الحَتَارِ،
قَدْ يُؤْخَذُ الجَارُ بِجُرْمِ الجَارِ
وحَتَارُ الدبر: حَلْقَتُه. والحَتارُ: مَعْقِدُ الطُّنُبِ في
الطَّرِيقة، وقيل: هو خيط يشدّ به الطِّرافُ، والجمع من ذلك كله حُتُرٌ. والحَتارُ
والحِتْرُ: ما يوصل بأَسفل الخباء إِذا ارتفع من الأَرض وقَلَصَ ليكون
سِتْراً؛ وهي الحُتْرَةُ أَيضاً. وحَتَر البيتَ حَتْراً: جعل له حَتاراً
أَو حُتْرَةً. الأَزهري عن الأَصمعي قال: الحُتُرُ أَكِفَّةُ الشِّقاقِ،
كلُّ واحد منها حَتارٌ، يعني شِقاقَ البيت. الجوهري: الحَتارُ الكِفافُ
وكل ما أَحاط بالشيء واستدار به فهو حَتارُه وكِفافُه.
وحَتَرَ الشيءَ وأَحْتَرَه: أَحكمه. الأَزهري: أَحْتَرْتُ العُقْدَةَ
إِحْتاراً إِذا أَحكمتها فهي مُحْتَرَةٌ. وبينهم عَقْدٌ مُحْتَرٌ: قد
اسْتُوثِقَ منه؛ قال لبيد:
وبالسَّفْحِ من شَرْقِيِّ سَلْمَى مُحاربٌ
شُجاعٌ، وذُو عَقْدٍ من القومِ مُحْتَرِ
وحَتَرَ العُقْدَة أَيضاً: أَحكم عَقْدَها. وكلُّ شَدٍّ: حَتْرٌ؛
واستعاره أَبو كبير للدَّيْنِ فقال:
هَابوا لِقَوْمِهِمُ السَّلامَ كَأَنَّهُمْ،
لَمَّا أُصيِبُوا، أَهْلُ دَيْنٍ مُحْتَرِ
وحَتَره يَحْتِرُه ويَحْتُرُه حَتْراً: أَحَدَّ النظر إِليه. والحَتْر:
الأَكلُ الشديدُ. وما حَتَرَ شيئاً أَي ما أَكل. وحَتَرَ أَهله
يَحْتِرُهُم ويَحْتُرُهُم حَتْراً وحُتُوراً: قَتَّرَ عليهم النَّفقة، وقيل:
كَساهم ومانَهُمْ. والحِتْرُ: الشيء القليل. وحَتَرَ الرجلَ حَتْراً: أَعطاه
وأَطعمه، وقيل: قَلَّلَ عطاءَه أَو إِطعامه. وحَتَرَ له شيئاً: أَعطاه
يسيراً. وما حَتَرَهُ شيئاً أَي ما أَعطاه قليلاً ولا كثيراً. وأَحْتَرَ
الرجلُ: قلَّ عطاؤه. وأَحْتَرَ: قلّ خيره؛ حكاه أَبو زيد، وأَنشد:
إِذا ما كنتَ مُلْتَمِساً أَيامَى،
فَنَكِّبْ كُلَّ مُحْتِرَةٍ صَناعِ
أَي تَنَكَّبْ، والاسم الحِتْرُ. الأَصمعي عن أَبي زيد: حَتَرْتُ له
شيئاً، بغير أَلف، فإِذا قال: أَقَلَّ الرجلُ وأَحْتَرَ، قاله بالأَلف؛ قال:
والاسم منه الحِتْرُ؛ وأَنشد للأَعْلَمِ الهُذَلِيِّ:
إِذا النُّفَساءُ لم تُخَرَّسْ بِبِكْرِها
غُلاماً، ولم يُسْكَتْ بِحِتْرٍ فَطِيمُها
قال: وأَخبرني الإِيادِيُّ عن شمر: الحَاتِرُ المُعْطي؛ وأَنشد:
إِذ لا تَبِضُّ، إِلى الترا
ئِكِ والضَّرَائِكِ، كَفُّ حاتِرْ
قال: وحَتَرْتُ أَعطيت. ويقال: كان عطاؤك إِياه حَقْراً حَتْراً أَي
قليلاً؛ وقال رؤبة:
إِلاَّ قَليلاً من قَليلٍ حَتْرِ
وأَحْتَرَ علينا رِزْقَنا أَي أَقَلَّه وحَبَسَهُ. وقال الفرّاء:
حَتَرَهُ يَحْتِرُه ويَحْتُرُه إِذا كساه وأَعطاه؛ قال الشَّنْفَرَى:
وأُمّ عِيالٍ قَدْ شَهِدْتُ تَقُوتُهم،
إِذا حَتَرَتْهُمْ أَتْفَهَتْ وأَقَلَّتِ
والمُحْتِرُ من الرجال: الذي لا يُعْطِي خيراً ولا يُفْضِل على أَحد،
إِنما هو كَفَافٌ بكَفافٍ لا ينفلت منه شيء. وأَحْتَرَ على نفسه وأَهله أَي
ضَيَّقَ عليهم ومنعهم. غيره: وأَحْتَرَ القومَ فَوَّتَ عليهم طعامهم.
والحِتْرُ، بالكسر: العَطِيَّةُ اليسيرة، وبالفتح المصدر. تقول: حَتَرْتُ
له شيئاً أَحْتِرُ حَتْراً، فإِذا قالوا: أَقلّ وأَحْتَرَ، قالوه بالأَلف؛
قال الشنفرى:
وأُم عيال قد شهدتُ تقوتهم،
إِذا أَطْعَمَتْهُمْ أَحْتَرَتْ وأَقَلَّتِ
تَخافُ علينا العَيْلَ، إِن هِيَ أَكْثَرَتْ،
ونَحْنُ جِيَاعٌ، أَيَّ أَوْلٍ تأَلَّتِ
قال ابن بري: المشهور في شعر الشنفرى: وأُمِّ عيال، بالنصب، والناصب له
شهدت؛ ويروى: وأُمِّ، بالخفض، على واورب، وأَراد بأُم عيال تأَبط شرّاً،
وكان طعامهم على يده، وإِنما قتر عليهم خوفاً أَن تطول بهم الغَزاة فيفنى
زادهم، فصار لهم بمنزلة الأُم وصاروا له بمنزلة الأَولاد. والعيل: الفقر
وكذلك العيلة. والأَوْلُ: السياسة. وتأَلت: تَفَعَّلَتْ من الأَوْلِ
إِلا أَنه قلب فصيرت الواو في موضع اللام.
والحُتْرَةُ والحَتِيرَةُ؛ الأَخيرة عن كراع: الوكِيرَةُ، وهو طعام يصنع
عند بناء البيت، وقد حَتَّرَ لَهُمْ. قال الأَزهري: وأَنا واقف في هذا
الحرف، وبعضهم يقول حَثيرَةٌ، بالثاء. ويقال: حَتِّرْ لَنا أَي وَكِّرْ
لنا، وما حَتَرْتُ اليوم شيئاً أَي ما ذُقْتُ. والحَتْرَةُ، بالفتح:
الرَّضْعَةُ الواحدة.
والحَتْرُ: الذكر من الثعالب؛ قال الأَزهري: لم أَسمع الحَتْرَ بهذا
المعنى لغير الليث وهو منكر.
حسر: الحَسْرُ: كَشْطُكََ الشيء عن الشيء.
حَسَرَ الشيءَ عن الشيء يَحْسُرُه ويَحْسِرُه حَسْراً وحُسُوراً
فانْحَسَرَ: كَشَطَهُ، وقد يجيء في الشعر حَسَرَ لازماً مثل انْحَسَر على
المضارعة. والحاسِرُ: خلاف الدَّارِع. والحاسِرُ: الذي لا بيضة على رأْسه؛ قال
الأَعشى:
في فَيْلَقٍ جَأْواءَ مَلْمُومَةٍ،
تَقْذِفُ بالدَّارِعِ والحاسِرِ
ويروى: تَعْصِفُ؛ والجمع حُسَّرٌ، وجمع بعض الشعراء حُسَّراً على
حُسَّرِينَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِشَهْباءَ تَنْفِي الحُسَّرِينَ كأَنَّها
إِذا ما بَدَتْ، قَرْنٌ من الشمسِ طالِعُ
ويقال للرَّجَّالَةِ في الحرب: الحُسَّرُ، وذلك أَنهم يَحْسُِرُون عن
أَيديهم وأَرجلهم، وقيل: سُمُّوا حُسَّراً لأَنه لا دُرُوعَ عليهم ولا
بَيْضَ. وفي حديث فتح مكة: أَن أَبا عبيدة كان يوم الفتح على الحُسَّرِ؛ هم
الرَّجَّالَةُ، وقيلب هم الذين لا دروع لهم. ورجل حاسِرٌ: لا عمامة على
رأْسه. وامرأَة حاسِرٌ، بغير هاء، إِذا حَسَرَتْ عنها ثيابها. ورجل حاسر:
لا درع عليه ولا بيضة على رأْسه. وفي الحديث: فَحَسَر عن ذراعيه أَي
أَخرجهما من كُمَّيْهِ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وسئلتْ عن امرأَة
طلقها زوجها وتزّوجها رجل فَتَحَسَّرَتْ بين يديه أَي قعدت حاسرة مكشوفة
الوجه. ابن سيده: امرأَة حاسِرٌ حَسَرَتْ عنها درعها. وكلُّ مكشوفة الرأْس
والذراعين: حاسِرٌ، والجمع حُسَّرٌ وحَواسِر؛ قال أَبو ذؤيب:
وقامَ بَناتي بالنّعالِ حَواسِراً،
فأَلْصَقْنَ وَقْعَ السِّبْتِ تحتَ القَلائدِ
ويقال: حَسَرَ عن ذراعيه، وحَسَرَ البَيْضَةَ عن رأْسه، وحَسَرَتِ
الريحُ السحابَ حَسْراً. الجوهري: الانحسار الانكشاف. حَسَرْتُ كُمِّي عن
ذراعي أَحْسِرُه حَسْراً: كشفت.
والحَسْرُ والحَسَرُ والحُسُورُ: الإِعْياءُ والتَّعَبُ.
حَسَرَتِ الدابةُ والناقة حَسْراً واسْتَحْسَرَتْ: أَعْيَثْ وكَلَّتْ،
يتعدّى ولا يتعدى؛ وحَسَرَها السير يَحْسِرُها ويَحْسُرها حَسْراً
وحُسُوراً وأَحْسَرَها وحَسَّرَها؛ قال:
إِلاَّ كَمُعْرِضِ المُحَسِّر بَكْرَهُ،
عَمْداً يُسَيِّبُنِي على الظُّلْمِ
أَراد إِلاَّ مُعرضاً فزاد الكاف؛ ودابة حاسِرٌ حاسِرَةٌ وحَسِيرٌ،
الذكر والأُنثى سواء، والجمع حَسْرَى مثل قتيل وقَتْلَى. وأَحْسَرَ القومُ:
نزل بهم الحَسَرُ. أَبو الهيثم: حَسِرَتِ الدابة حَسَراً إِذا تعبت حتى
تُنْقَى، واسْتَحْسَرَتْ إِذا أَعْيَتْ. قال الله تعالى: ولا
يَسْتَحْسِروُن . وفي الحديث: ادْعُوا الله عز وجل ولا تَسْتَخْسِرُوا؛ أَي لا تملوا؛
قال: وهو استفعال من حَسَرَ إِذا أَعيا وتعب. وفي حديث جرير: ولا
يَحْسَِرُ صائحها أَي لا يتعب سائقها. وفي الحديث: الحَسِيرُ لا يُعْقَرُ؛ أَي
لا يجوز للغازي إِذا حَسَِرَتْ دابته وأَعيت أَن يَعْقِرَها، مخافة أَن
يأْخذها العدوّ ولكن يسيبها، قال: ويكون لازماً ومتعدياً. وفي الحديث:
حَسَرَ أَخي فرساً له؛ يعني النَّمِرَ وهو مع خالد بن الوليد. ويقال فيه:
أَحْسَرَ أَيضاً. وحَسِرَتِ العين: كَلَّتْ. وحَسَرَها بُعْدُ ما حَدَّقَتْ
إِليه أَو خفاؤُه يَحْسُرُها: أَكَلَّها؛ قال رؤبة:
يَحْسُرُ طَرْفَ عَيْنِه فَضاؤُه
وحَسَرَ بَصَرُه يَحْسِرُ حُسُوراً أَي كَلَّ وانقطع نظره من طول مَدًى
وما أَشبه ذلك، فهو حَسِير ومَحْسُورٌ؛ قال قيس بن خويلد الهذلي يصف
ناقة:إِنَّ العَسِيرَ بها دَاءٌ مُخامِرُها،
فَشَطْرَها نَظَرُ العينينِ مَحْسُورُ
العسير: الناقة التي لم تُرَضْ، ونصب شطرها على الظرف أَي نَحْوَها.
وبَصَرٌ حَسير: كليل. وفي التنزيل: ينقلب إِليك البصر خاسئاً وهو حَسِيرٌ؛
قال الفراء: يريد ينقلب صاغراً وهو حسير أَي كليل كما تَحْسِرُ الإِبلُ
إِذا قُوِّمَتْ عن هُزال وكَلالٍ؛ وكذلك قوله عز وجل: ولا تَبْسُطْها كُلَّ
البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً؛ قال: نهاه أَن يعطي كل ما
عنده حتى يبقى محسوراً لا شيء عنده؛ قال: والعرب تقول حَسَرْتُ الدابة إِذا
سَيَّرتها حتى ينقطع سَيْرُها؛ وأَما البصر فإِنه يَحْسَِرُ عند أَقصى
بلوغ النظر؛ وحَسِرَ يَحْسَرُ حَسَراً وحَسْرَةً وحَسَراناً، فهو حَسِيرٌ
وحَسْرانُ إِذا اشتدّت ندامته على أَمرٍ فاته؛ وقال المرّار:
ما أَنا اليومَ على شيء خَلا،
يا ابْنَة القَيْن، تَوَلَّى بِحَسِرْ
والتَّحَسُّر: التَّلَهُّفُ. وقال أَبو اسحق في قوله عز وجل: يا
حَسْرَةً على العباد ما يأْتيهم من رسول؛ قال: هذا أَصعب مسأَلة في القرآن إِذا
قال القائل: ما الفائدة في مناداة الحسرة، والحسرة مما لا يجيب؟ قال:
والفائدة في مناداتها كالفائدة في مناداة ما يعقل لأَن النداء باب تنبيه،
إِذا قلت يا زيد فإِن لم تكن دعوته لتخاطبه بغير النداء فلا معنى للكلام،
وإِنما تقول يا زيد لتنبهه بالنداء، ثم تقول: فعلت كذا، أَلا ترى أَنك
إِذا قلت لمن هو مقبل عليك: يا زيد، ما أَحسن ما صنعت؛ فهو أَوكد من أَن
تقول له: ما أَحسن ما صنعت، بغير نداء؛ وكذلك إِذا قلت للمخاطَب: أَنا أَعجب
مما فعلت، فقد أَفدته أَنك متعجب، ولو قلت: واعجباه مما فعلت، ويا عجباه
أَن تفعل كذا كان دعاؤُك العَجَبَ أَبلغ في الفائدة، والمعنى يا عجبا
أَقبل فإِنه من أَوقاتك، وإِنما النداء تنبيه للمتعجَّب منه لا للعجب.
والحَسْرَةُ: أَشدَّ الندم حتى يبقى النادم كالحَسِيرِ من الدواب الذي لا
منفعة فيه. وقال عز وجل: فلا تَذْهَبْ نَفْسُك عليهم حَسَراتٍ؛ أَي حسرة
وتحسراً.
وحَسَرَ البحرُ عن العِراقِ والساحلِ يَحْسُِرُ: نَضَبَ عنه حتى بدا ما
تحت الماء من الأَرض. قال الأَزهري: ولا يقال انْحَسَرَ البحرُ. وفي
الحديث: لا تقوم الساعة حتى يَحْسِرُ الفرات عن جبل من ذهب؛ أَي يكشف. يقال:
حَسَرْتُ العمامة عن رأْسي والثوب عن بدني أَي كشفتهما؛ وأَنشد:
حتى يقالَ حاسِرٌ وما حَسَرْ
وقال ابن السكيت: حَسَرَ الماءُ ونَضَبَ وجَزَرَ بمعنى واحد؛ وأَنشد
أَبو عبيد في الحُسُورِ بمعنى الانكشاف:
إِذا ما القَلاسِي والعَمائِمُ أُخْنِسَتْ،
فَفِيهنَّ عن صُلْعِ الرجالِ حُسُورُ
قال الأَزهري: وقول العجاج:
كَجَمَلِ البحر، إِذا خاضَ جَسَرْ
غَوارِبَ اليَمِّ إِذا اليَمُّ هَدَرْ،
حتى يقالَ: حاسِرٌ وما حَسَرْ
(* قوله: «كجمل البحر إلخ» الجمل؛ بالتحريك: سمكة طولها ثلاثون ذراعاً).
يعني اليم. يقال: حاسِرٌ إِذا جَزَرَ، وقوله إِذا خاض جسر، بالجيم، أَي
اجترأَ وخاض معظم البحر ولم تَهُلْهُ اللُّجَجُ. وفي حديث يحيى بن
عَبَّادٍ: ما من ليلة إِلاَّ مَلَكٌ يَحْسِرُ عن دوابِّ الغُزاةِ الكَلالَ أَي
يكشف، ويروى: يَحُسُّ، وسيأْتي ذكره. وفي حديث علي، رضوان الله عليه:
ابنوا المساجدَ حُسَّراً فإِن ذلك سيما المسلمين؛ أَي مكشوفة الجُدُرِ لا
شُرَفَ لها؛ ومثله حديث أَنس. رضي الله عنه: ابنوا المساجد جُمّاً. وفي
حديث جابر: فأَخذتُ حَجَراً فكسرته وحَسَرْتُه؛ يريد غصناً من أَغصان الشجرة
أَي قشرته بالحجر. وقال الأَزهري في ترجمة عرا، عند قوله جارية حَسَنَةُ
المُعَرَّى والجمع المَعارِي، قال: والمَحاسِرُ من المرأَة مثل
المَعارِي. قال: وفلاة عارية المحاسر إِذا لم يكن فيها كِنٌَّ من شجر،
ومَحاسِرُها: مُتُونُها التي تَنْحَسِرُ عن النبات.
وانْحَسَرتِ الطير: خرجت من الريش العتيق إِلى الحديث. وحَسَّرَها
إِبَّانُ ذلك: ثَقَّلَها، لأَنه فُعِلَ في مُهْلَةٍ. قال الأَزهري: والبازي
يَكْرِزُ للتَّحْسِيرِ، وكذلك سائر الجوارح تَتَحَسَّرُ.
وتَحَسَّر الوَبَرُ عن البعير والشعرُ عن الحمار إِذا سقط؛ ومنه قوله:
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنه فَأَنْسَلَها،
واجْتابَ أُخْرَى حَدِيداً بعدَما ابْتَقَلا
وتَحَسَّرَتِ الناقة والجارية إِذا صار لحمها في مواضعه؛ قال لبيد:
فإِذا تَغالى لَحْمُها وتَحَسَّرَتْ،
وتَقَطَّعَتْ، بعد الكَلالِ، خِدامُها
قال الأَزهري: وتَحَسُّرُ لحمِ البعير أَن يكون للبعير سِمْنَةٌ حتى كثر
شحمه وتَمَكَ سَنامُه، فإِذا رُكب أَياماً فذهب رَهَلُ لحمه واشتدّ
بعدما تَزَيَّمَ منه في مواضعه، فقد تَحَسَّرَ.
ورجل مُحَسَّر: مُؤْذًى محتقر. وفي الحديث: يخرج في آخر الزمان رجلٌ
يسمى أَمِيرَ العُصَبِ، وقال بعضهم: يسمى أَمير الغَضَبِ. أَصحابه
مُحَسَّرُونَ مُحَقَّرُونَ مُقْصَوْنَ عن أَبواب السلطان ومجالس الملوك، يأْتونه
من كل أَوْبٍ كأَنهم قَزَعُ الخريف يُوَرِّثُهُم الله مشارقَ الأَرض
ومغاربَها؛ محسرون محقرون أَي مؤْذون محمولون على الحسرة أَو مطرودون متعبون
من حَسَرَ الدابة إِذا أَتعبها.
أَبو زيد: فَحْلٌ حاسِرٌ وفادرٌ وجافِرٌ إِذا أَلْقَحَ شَوْلَه فَعَدَل
عنها وتركها؛ قال أَبو منصور: روي هذا الحرف فحل جاسر، بالجيم، أَي فادر،
قال: وأَظنه الصواب.
والمِحْسَرَة: المِكْنَسَةُ.
وحْسَرُوه يَحْسِرُونَه حَسْراً وحُسْراً: سأَلوه فأَعطاهم حتى لم يبق
عنده شيء.
والحَسارُ: نبات ينبت في القيعان والجَلَد وله سُنْبُل وهو من دِقّ
المُرَّيْقِ وقُفُّهُ خير من رَطْبِه، وهو يستقل عن الأَرض شيئاً قليلاً يشبه
الزُّبَّادَ إِلاَّ أَنه أَضخم منه ورقاً؛ وقال أَبو حنيفة: الحَسارُ
عشبة خضراء تسطح على الأَرض وتأْكلها الماشية أَكلاً شديداً؛ قال الشاعر
يصف حماراً وأُتنه:
يأْكلنَ من بُهْمَى ومن حَسارِ،
ونَفَلاً ليس بذي آثارِ
يقول: هذا المكان قفر ليس به آثار من الناس ولا المواشي. قال: وأَخبرني
بعض أَعراب كلب أَن الحَسَار شبيه بالحُرْفِ في نباته وطعمه ينبت حبالاً
على الأَرض؛ قال: وزعم بعض الرواة أَنه شبيه بنبات الجَزَرِ. الليث:
الحَسار ضرب من النبات يُسْلِحُ الإِبلَ. الأَزهري: الحَسَارُ من العشب ينبت
في الرياض، الواحدة حَسَارَةٌ. قال: ورجْلُ الغراب نبت آخر،
والتَّأْوِيلُ عشب آخر.
وفلان كريم المَحْسَرِ أَي كريم المَخْبَرِ.
وبطن مُحَسِّر، بكسر السين: موضع بمنى وقد تكرر في الحديث ذكره، وهو بضم
الميم وفتح الحاء وكسر السين، وقيل: هو واد بين عرفات ومنى.
حصر: الحَصَرُ: ضربٌ من العِيِّ. حَصِرَ الرجلُ حَصَراً مثل تَعِبَ
تَعَباً، فهو حَصِرٌ: عَيِيَ في منطقه؛ وقيل: حَصِرَ لم يقدر على الكلام.
وحَصِرَ صدرُه: ضاق. والحَصَرُ: ضيق الصدر. وإِذا ضاق المرء عن أَمر قيل:
حَصِرَ صدر المرء عن أَهله يَحْصَرُ حَصَراً؛ قال الله عز وجل: إِلاَّ
الذين يَصِلُون إِلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أَو جاؤوكم حَصِرَتْ صُدورُهُم
أَن يقاتلوكم؛ معناه ضاقت صدورهم عن قتالكم وقتال قومهم؛ قال ابن سيده:
وقيل تقديره وقد حَصِرَتْ صدورهم؛ وقيل: تقديره أَو جاؤوكم رجالاً أَو
قوماً فَحَصِرَتْ صدورهم الآن، في موضع نصب لأَنه صفة حلت محل موصوف منصوب
على الحال، وفيه بعض صَنْعَةٍ لإِقامتك الصفة مقام الموصوف وها مما
(* كذا
بياض بالأَصل). وموضع الإِضطرار أَولى به من النثر
(* قوله النثر: هكذا
في الأَصل). وحال الاختيار. وكل من بَعِلَ بشيءٍ أَو ضاق صدره بأَمر، فقد
حَصِرَ؛ ومنه قول لبيد يصف نخلة طالت، فحَصِرَ صدرُ صارِمِ ثمرها حين نظر
إِلى أَعاليها، وضاق صدره أَن رَقِيَ إِليها لطولها:
أَعْرَضْتُ وانْتَصَبَتْ كَجِذْع مُنِيفةٍ
جَرْداءَ يَحْصَرُ دونَها صُرَّامُها
أَي تضيق صدورهم بطول هذه النخلة؛ وقال الفراء في قوله تعالى: أَو
جاؤوكم حَصِرَتْ صدورهم؛ العرب تقول: أَتاني فلان ذَهَبَ عَقْلُهُ؛ يريدون قد
ذهب عقله؛ قال: وسمع الكسائي رجلاً يقول فأَصبحتُ نظرتُ إِلى ذات
التنانير؛ وقال الزجاج: جعل الفراء قوله حَصِرَتْ حالاً ولا يكون حالاً إِلاَّ
بقد؛ قال: وقال بعضهم حَصِرَتْ صدورهم خبر بعد خبر كأَنه قال أَو جاؤوكم
ثم أَخبر بعدُ، قال: حَصِرَتْ صدورهم أَن يقاتلوكم؛ وقال أَحمد بن يحيى:
إِذا أَضمرت قد قرّبت من الحال وصارت كالاسم، وبها قرأَ من قرأَ حَصِرَةً
صُدورُهُمْ؛ قال أَبو زيد: ولا يكون جاءني القوم ضاقت صدورهم إِلاَّ أَن
تصله بواو أَو بقد، كأَنك قلت: جاءني القوم وضاقت صدورهم أَو قد ضاقت
صدورهم؛ قال الجوهري: وأَما قوله أَو جاؤوكم حصرت صدورهم، فأَجاز الأَخفش
والكوفيون أَن يكون الماضي حالاً، ولم يجزه سيبويه إِلاَّ مع قد، وجعل
حَصِرَتْ صدورهم على جهة الدعاء عليهم. وفي حديث زواج فاطمة، رضوان الله
عليه: فلما رأَت عليّاً جالساً إِلى جنب النبي، صلى الله عليه وسلم، حَصِرَتْ
وبكت؛ أَي استحت وانقطعت كأَن الأَمر ضاق بها كما يضيق الحبس على
المحبوس.
والحَصُورُ من الإِبل: الضَّيِّقَةُ الأَحاليل، وقد حَصَرَتْ، بالفتح،
وأَحْصَرَتْ؛ ويقال للناقة: إِنها لِحَصِرَةُ الشَّخْب نَشِبَةُ الدَّرِّ؛
والحَصَرُ: نَشَبُ الدِّرَّةِ في العروق من خبث النفس وكراهة
الدَّرَّةِ، وحَصَرَهُ يَحْصُرُهُ حَصْراً، فهو مَحْصُورٌ وحَصِيرٌ، وأَحْصَرَهُ.
كلاهما: حبسه عن السفر. وأَحْصَرَهُ المرض: منعه من السفر أَو من حاجة
يريدها؛ قال الله عز وجل: فإِن أُحْصِرْتُمْ. وأَحْصَرَني بَوْلي وأَحْصَرني
مرضي أَي جعلني أَحْصُرُ نفسي؛ وقيل: حَصَرَني الشيء وأَحْصَرَني أَي
حبسني. وحَصَرَهُ يَحصُِرهُ حَصْراً: ضيق عليه وأَحاط به. والحَصِيرُ:
الملِكُ، سمي بذلك لأَنه مَحصُورٌ أَي محجوب؛ قال لبيد:
وقَماقِمٍ غُلْبِ الرِّقاب كأَنَّهُمْ
جِنُّ، على باب الحَصِير، قِيامُ
الجوهري: ويروى ومَقامَةٍ غُلْبِ الرقابِ على أَن يكون غُلْبُ الرقاب
بدلاً من مَقامَةٍ كأَنه قال ورُبَّ غُلْبِ الرقاب، وروي لَدى طَرَفِ
الحصير قيام. والحَصِيرُ: المَحْبِسُ. وفي التنزيل: وجعلنا جهنم للكافرين
حَصِيراً؛ وقال القتيبي: هو من حَصَرْته أَي حبسته، فهو محصور. وهذا حَصِيرُه
أَي مَحْبِسُه، وحَصَرَهُ المرض: حبسه، على المثل. وحَصِيرَةُ التمر:
الموضع الذي يُحْصَرُ فيه وهو الجَرِينُ، وذكره الأَزهري بالضاد المعجمة،
وسيأْتي ذكره. والحِصارُ: المَحْبِس كالحَصِيرِ. والحُصْرُ والحُصُرُ:
احتباس البطن. وقد حُصِرَ غائطه، على ما لم يسمَّ فاعله، وأُحْصِرَ.
الأَصمعي واليزيدي: الحُصْرُ من الغائط، والأُسْرُ من البول. الكسائي: حُصِرَ
بغائطه وأُحْصِرَ، بضم الأَلف. ابن بُزُرج: يقال للذي به الحُصْرُ: محصور:
وقد حُصِرَ عليه بولُه يُحْصَرُ حَصْراً أَشَدَّ الحصْرِ؛ وقد أَخذه
الحُصْرُ وأَخذه الأُسْرُ شيء واحد، وهو أَن يمسك ببوله يَحْصُرُ حَصْراً فلا
يبول؛ قال: ويقولون حُصِرَ عليه بولُه وخلاؤُه.
ورجل حَصِرٌ: كَتُومٌ للسر حابس له لا يبوح به؛ قال جرير:
ولقد تَسَقَّطني الوُشاةُ فَصادفوا
حَصِراً بِسرِّكِ، يا أُمَيْم، ضَنِينا
وهم ممن يفضلون الحَصُورَ الذي يكتم السر في نفسه، وهو الحَصِرُ.
والحَصِيرُ والحَصورُ: المُمْسِكُ البخيل الضيق؛ ورجل حَصِرٌ بالعطاء؛
وروي بيت الأَخطل باللغتين جميعاً:
وشارب مُرْبِحٍ بالكاس نادَمَنيِ،
لا بالحَصُورِ ولا فيها بِسَوَّارِ
وحَصِرَ: بمعنى بخل. والحَصُور: الذي لا ينفق على النَّدامَى. وفي حديث
ابن عباس: ما رأَيت أَحداً أَخْلَقَ للمُلْكِ من معاوية، كان الناس
يَرِدُونَ منه أَرْجاءَ وادٍ رَحْبٍ، ليس مثلَ الحَصِرِ العَقِصِ؛ يعني ابن
الزبير. الحَصِرُ: البخيل، والعَقِصُ: الملتوي الصَّعْبُ الأَخلاق. ويقال:
شرب القوم فَحَصِرَ عليهم فلان أَي بخل. وكل من امتنع من شيء لم يقدر
عليه، فقد حَصِرَ عنه؛ ولهذا قيل: حَصِرَ في القراءة وحَصِر عن أَهله.
والحَصُورُ: الهَيُوبُ المُحْجِمُ عن الشيء، وعلى هذا فسر بعضهم بيت
الأَخطل: وشارب مربح. والحَصُور أَيضاً: الذي لا إِرْبَةَ له في النساء،
وكلاهما من ذلك أَي من الإِمساك والمنع. وفي التنزيل: وسَيِّداً وحَصُوراً؛
قال ابن الأَعرابي: هو الذي لا يشتهي النساء ولا يقربهنّ. الأَزهري: رجل
حَصُورٌ إِذا حُصِرَ عن النساء فلا يستطيعهنّ والحَصُورُ: الذي لا يأْتي
النساء. وامرأَة حَصْراءُ أَي رَتْقاء. وفي حديث القِبْطِيِّ الذي أَمر
النبي ، صلى الله عليه وسلم، عليّاً بقتله، قال: فرفعت الريحُ ثوبَهُ
فإِذا هو حَصُورٌ؛ هو الذي لا يأْتي النساء لأَنه حبس عن النكاح ومنع، وهو
فَعُول بمعنى مَفْعُول، وهو في هذا الحديث المحبوب الذكر والانثيين، وذلك
أَبلغ في الحَصَرِ لعدم آلة النكاح، وأَما العاقر فهو الذي يأْتيهنّ ولا
يولد له، وكله من الحَبْسِ والاحتباس. ويقال: قوم مُحَصْرُون إِذا
حُوصِرُوا في حِصْنٍ، وكذلك هم مُحْصَرُون في الحج. قال الله عز وجل: فإِن
أُحْصِرْتم.
والحِصارُ: الموضع الذي يُحْصَرُ فيه الإِنسان؛ تقول: حَصَرُوه حَصْراً
وحاصَرُوه؛ وكذلك قول رؤبة:
مِدْحَةَ مَحْصُورٍ تَشَكَّى الحَصْرَا
قال يعني بالمحصور المحبوس. والإِحصارُ: أَن يُحْصَر الحاج عن بلوغ
المناسك بمرض أَو نحوه. وفي حديث الحج: المُحْصَرُ بمرض لا يُحِلُّ حتى يطوف
بالبيت؛ هو ذلك الإِحْصارُ المنع والحبس. قال الفرّاء: العرب تقول للذي
يمنعه خوف أَو مرض من الوصول إِلى تمام حجه أَو عمرته، وكل ما لم يكن
مقهوراً كالحبس والسحر وأَشباه ذلك، يقال في المرض: قد أُحْصِرَ، وفي الحبس
إِذا حبسه سلطان أَو قاهر مانع: حُصِرَ، فهذا فرق بينهما؛ ولو نويت بقهر
السلطان أَنها علة مانعة ولم تذهب إِلى فعل الفاعل جاز لك أَن تقول قد
أُحْصِرَ الرجل، ولو قلت في أُحْصِرَ من الوجع والمرض إِن المرض خَصَره أَو
الخوف جاز أَن تقول حُصِرَ. قوله عز وجل: وسيداً وحصوراً: يقال: إِنه
المُحْصَرُ عن النساء لأَنها علة قيس بمحبوس فعلى هذا فابْنِ، وقيل: سمي
حصوراً لأَنه حبس عما يكون من الرجال.
وحَصَرَني الشيء وأَحْصَرَني: حبسني؛ وأَنشد لابن ميادة:
وما هجرُ لَيْلَى أَن تكونَ تَباعَدَتْ
عليكَ، ولا أَنْ أَحْصَرَتْكَ شُغُولُ
في باب فَعَلَ وأَفْعَلَ. وروى الأَزهري عن يونس أَنه قال: إِذا رُدَّ
الرجل عن وجه يريده فقد أُحْصِرَ، وإِذا حبس فقد حُصِرَ. أَبو عبيدة:
حُصِرَ الرجل في الحبس وأُحْصِرَ في السفر من مرض أَو انقطاع به. قال ابن
السكيت: يقال أَحصره المرض إِذا منعه من السفر أَو من حاجة يريدها وأَحصره
العدوّ إِذا ضيق عليه فَحصِرَ أَي ضاق صدره. الجوهري: وحَصَرَهُ العدوّ
يَحْصُرُونه إِذا ضيقوا عليه وأَحاطوا به وحاصَرُوه مُحاصَرَةً وحِصاراً.
وقال أَبو إِسحق: النحوي: الروية عن أَهل اللغة أَن يقال للذي يمنعه الخوف
والمرض أُحْصِرَ، قال: ويقال للمحبوس حُصِرَ؛ وإِنما كان ذلك كذلك لأَن
الرجل إِذا امتنع من التصرف فقد حَصَرَ نَفْسَه فكَأَنَّ المرض أَحبسه
أَي جعله يحبس نفسه، وقولك حَصَرْتُه حبسته لا أَنه أَحبس نفسه فلا يجوز
فيه أَحصر؛ قال الأَزهري: وقد صحت الرواية عن ابن عباس أَنه قال: لا حَصْرَ
إِلاَّ حَصْرُ العدوّ، فجعله بغير أَلف جائزاً بمعنى قول الله عز وجل:
فإِن أُحْصِرْتُمْ فما اسْتَيْسَرَ من الهَدْيِ؛ قال: وقال الله عز وجل:
وجعلنا جهنم للكافرين حَصِيراً؛ أَي مَحْبِساً ومَحْصَِراً. ويقا:
حَصَرْتُ القومَ في مدينة، بغير أَلف، وقد أَحْصَرَه المرض أَي منعه من السفر.
وأَصلُ الخَصْرِ والإِحْصارِ: المنعُ؛ وأَحْصَرَهُ المرضُ. وحُصِرَ في
الحبس: أَقوى من أُحْصِرَ لأَن القرآن جاء بها.
والحَصِيرُ: الطريق، والجمع حُصُرٌ؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
لما رأَيتُ فِجاجَ البِيدِ قد وضَحَتْ،
ولاحَ من نُجُدٍ عادِيَّةٌ حُصُرُ
نُجْدٌ: جمع نَجْدٍ كَسَحْلٍ وسُحُلٍ. وعادية: قديمة. وحَصَرَ الشيءَ
يَحْصُرُه حَصْراً: استوعبه. والحَصِيرُ: وجه الأَرض، والجمع أَحْصِرَةٌ
وحُصُر. والحَصِيرُ: سَقيفَة تُصنع من بَرْديٍّ وأَسَلٍ ثم تفرش، سمي بذلك
لأَنه يلي وجه الأَرض، وقيل: الحَصِيرُ المنسوجُ، سمي حَصِيراً لأَنه
حُصِرَتْ طاقته بعضها مع بعض. والحَصِيرُ أَفضلُ الجهاد وأَكملُه حجُّ
مَبْرُورٌ ثم لزومُ الحَصِيرِ؛ وفي رواية أَنه قال لأَزواجه هذه ثم قال لزومُ
الحُصُرِ أَي أَنكنَّ لا تَعُدْنَ تخرجن من بيوتكنّ وتلزمن الحُصُرَ؛ وهو
جمع حَصِير الذي يبسط في البيوت، وتضم الصاد وتسكن تخفيفاً؛ وقول أَبي
ذؤيب يصف ماء مزج به خمر:
تَحَدَّرَ عن شاهِقِ كالحَصِيـ
ـرِ ، مُسْتَقْبِلَ الريحِ، والفَيْءُ قَرّ
يقول: تَنَزَّلَ الماءُ من جبل شاهق له طرائق كشُطَب الحصير.
والحَصِيرُ: البِساطُ الصغير من النبات. والحَصِيرُ: الجَنْبُ، والحَصِيرانِ:
الجَنْبانِ . الأَزهري: الجَنْبُّ يقال له الحَصِيرُ لأَن بعض الأَضلاع
مَحْصُورٌ مع بعض؛ وقيل: الحَصِيرُ ما بين العِرْقِ الذي يظهر في جنب البعير
والفرس معترضاً فما فوقه إِلى مُنْقَطَعِ الجَنْبِ. والحَصِيرُ: لحمُ ما
بين الكتف إِلى الخاصرة؛ وأَما قول الهذلي:
وقالوا: تركنا القومَ قد حَصَرُوا به،
ولا غَرْوَ أَنْ قد كانَ ثَمَّ لَحيمُ
قالوا: معنى حصروا به أَي أَحاطوا به. وحَصِيرا السيف: جانباه.
وحَصِيرُه: فِرِنْدُه الذي تراه كَأَنه مَدَبُّ النملِ؛ قال زهير:
بِرَجْمٍ كَوَقْعِ الهُنْدُوانِيِّ، أَخْلَصَ الصَّـ
ياقِلُ منه عن حَصِيرٍ ورَوْنَقِ
وأَرض مَحْصُورة ومنصورة ومضبوطة أَي ممطورة. والحَِصارُ والمِحْصَرَةُ:
حَقيبَةٌ؛ وقال الجوهري:
وسادَةٌ تلقى على البعير ويرفع مؤخرها فتجعل كآخِرَةِ الرجل ويحشى
مقدّمها، فيكون كقادِمَةِ الرحل، وقيل: هو مَرْكَبٌ به الــرَّاضَــةُ؛ وقيل: هو
كساء يطرح على ظهره يُكْتَفَلُ به.
وأَحْصَرْتُ الجملَ وحَصَرْتُه: جعلت له حِصاراً، وهو كساء يجعل حول
سَنامِهِ. وحَصَرَ البعيرَ يَحْصُرُه ويحْصِرُه حَصْراً واحْتَصَرَهُ:
شَدَّه بالحِصار.
والمِحْصَرَةُ: قَتَبٌ صغير يُحْصَرَ به البعير ويلقى غليه أَداة
الراكب. وفي حديث أَبي بكر: أَن سَعْداً الأَسْلَمِيَّ قال: رأَيته بالخَذَواتِ
وقد حَلَّ سُفْرَةً مُعَلَّقَةً في مؤَخَّرَةِ الحِصَارِ؛ هو من ذلك.
وفي حديث حذيفةَ: تُعْرَضُ الفِتَنُ على القلوب عَرْضَ الحصير أَي تحيط
بالقلوب؛ يقال: حَصَرَ به القومُ أَي أَطافوا؛ وقيل: هو عِرْقٌ يمتدّ
معترِضاً على جنب الدابة إِلى ناحية بطنها فشبه الفتن بذلك؛ وقيل: هو ثوب مزخرف
منقوش إِذا نشر أَخذ القلوب بحسن صنعته، وكذلك الفتنة تزين وتزخرف
للناس، وعاقبة ذلك إِلى غرور.
حفر: حَفَرَ الشيءَ يَحْفِرُه حَفْراً واحْتَفَرَهُ: نَقَّاهُ كما
تُحْفَرُ الأَرض بالحديدة، واسم المُحْتَفَرِ الحُفْرَةُ. واسْتَحْفَرَ
النَّهْرُ: حانَ له أَن يُحْفَرَ. والحَفُيرَةُ والحَفَرُ والحَفِيرُ: البئر
المُوَسَّعَةُ فوق قدرها، والحَفَرُ، بالتحريك: التراب المُخْرَجُ من الشيء
المَحْفُور، وهو مثل الهَدَمِ، ويقال: هو المكان الذي حُفِرَ؛ وقال
الشاعر:
قالوا: انْتَهَيْنا، وهذا الخَنْدَقُ الحَفَرُ
والجمع من كل ذلك أَحْفارٌ، وأَحافِيرُ جمع الجمع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
جُوبَ لها من جَبلٍ هِرْشَمِّ،
مُسْقَى الأَحافِيرِ ثَبِيتِ الأُمِّ
وقد تكون الأَحافير جمعَ حَفِيرٍ كقَطِيعٍ وأَقاطيعَ. وفي الأَحاديث:
ذِكْرُ حَفَرِ أَبي موسى، وهو بفتح الحاء والفاء، وهي رَكايا احْتَفَرها
على جادَّةِ الطريق من البَصْرَةِ إِلى مكة، وفيه ذكر الحَفِيرة، بفتح
الحاء وكسر الفاء، نهر بالأُردنِّ نزل عنده النعمان بنُ بَشِير، وأَما بضم
الحاء وفتح الفاء فمنزل بين ذي الحُلَيْفَةِ ومِلْكٍ يَسْلُكُه الحاجُّ.
والمِحْفَرُ والمِحْفَرَةُ والمِحْفَارُ: المِسْحاةُ ونحوها مما يحتفر
به، ورَكِيَّةٌ حَفِيرَةٌ، وحَفَرٌ بديعٌ، وجمع الحَفَرِ أَحفار؛ وأَتى
يَرْبُوعاً مُقَصِّعاً أَو مُرَهَّطاً فَحَفَرَهُ وحَفَرَ عنه
واحْتَفَرَهُ.الأَزهري: قال أَبو حاتم: يقال حافِرٌ مُحافِرَةٌ، وفلان أَرْوَغُ من
يَرْبُوعٍ مُحافِرٍ، وذلك أَن يَحْفِرَ في لُغْزٍ من أَلْغازِهِ فيذهبَ
سُفْلاً ويَحْفِر الإِنسانُ حتى يعيا فلا يقدر عليه ويشتبه عليه الجُحْرُ
فلا يعرفه من غيره فيدعه، فإِذا فعل اليَرْبُوعُ ذلك قيل لمن يطلبه؛ دَعْهُ
فقد حافَرَ فلا يقدر عليه أَحد؛ ويقال إِنه إِذا حافَرَ وأَبى أَن
يَحْفِرَ الترابَ ولا يَنْبُثَه ولا يُذَرِّي وَجْهَ جُحْرِه يقال: قد جَثا
فترى الجُحْرَ مملوءًا تراباً مستوياً مع ما سواه إِذا جَثا، ويسمى ذلك
الجاثِياءَ، ممدوداً؛ يقال: ما أَشدَّ اشتباهَ جَاثِيائِه. وقال ابن شميل:
رجل مُحافِرٌ ليس له شيء؛ وأَنشد:
مُحافِرُ العَيْشِ أَتَى جِوارِي،
ليس له، مما أَفاءَ الشَّارِي،
غَيْرُ مُدًى وبُرْمَةٍ أَعْشَارِ
وكانت سُورَةُ براءة تسمى الحافِرَةَ، وذلك أَنها حَفَرَتْ عن قلوب
المنافقين، وذلك أَنه لما فرض القتال تبين المنافق من غيره ومن يوالي
المؤمنين ممن يوالي أَعداءَهم.
والحَفْرُ والحَفَرُ: سُلاقٌ في أُصول الأَسْنانِ، وقيل: هي صُفْرة تعلو
الأَسنان. الأَزهري: الحَفْرُ والحَفَرُ، جَزْمٌ وفَتْحٌ لغتان، وهو ما
يَلْزَقُ بالأَسنان من ظاهر وباطن، نقول: حَفَرَتْ أَسنانُه تَحْفِرُ
حَفْراً. ويقال: في أَسنانه حَفْرٌ، وبنو أَسد تقول: في أَسنانه حَفَرٌ،
بالتحريك؛ وقد حَفَرَتْ تَحْفِرُ حَفْراً، مثال كَسَرَ يَكْسِرُ كَسْراً:
فسدت أُصولها؛ ويقال أَيضاً: حَفِرَتْ مثال تَعِبَ تَعَباً، قال: وهي
أَرادأُ اللغتين؛ وسئل شمر عن الحَفَرِ في الأَسنان فقال: هو أَن يَحْفِرَ
القَلَحُ أُصولَ الأَسنان بين اللِّثَةِ وأَصلِ السِّنِّ من ظاهر وباطن،
يُلِحُّ على العظم حتى ينقشر العظم إِن لم يُدْرَكْ سَرِيعاً. ويقال: أَخذ
فَمَهُ حَفَرٌ وحَفْرٌ. ويقال: أَصبح فَمُ فلان مَحْفُوراً، وقد حُفِرَ
فُوه، وحَفَرَ يَحْفِرُ حَفْراً، وحَفِرَ حَفَراً فيهما. وأَحْفَرَ الصبي:
سقطت له الثَّنِيَّتانِ العُلْيَيان والسُّفْلَيانِ، فإِذا سقطت
رَواضِعُه قيل: حَفَرَتْ. وأَحْفَرَ المُهْرَ للإِثْناء والإِرْباعِ والقُروحِ:
سقطت ثناياه لذلك. وأَفَرَّتِ الإِبل للإِثناء إِذا ذهبت رَواضِعُها وطلع
غيرها. وقال أَبو عبيدة في كتاب الخيل: يقال أَحْفَرَ المُهْرُ
إِحْفاراً، فهو مُحْفِرٌ، قال: وإِحْفارُهُ أَن تتحرك الثَّنِيَّتانِ
السُّفْلَيانِ والعُلْيَيانِ من رواضعه، فإِذا تحركن قالوا: قد أَحْفَرَتْ ثنايا
رواضعه فسقطن؛ قال: وأَوَّل ما يَحْفِرُ فيما بين ثلاثين شهراً أَدنى ذلك
إِلى ثلاثة أَعوام ثم يسقطن فيقع عليها اسم الإِبداء، ثم تُبْدِي فيخرج له
ثنيتان سفليان وثنيتان علييان مكان ثناياه الرواضع اللواتي سقطن بعد ثلاثة
أَعوام، فهو مُبْدٍ؛ قال: ثم يُثْنِي فلا يزال ثَنِيّاً حتى يُحْفِرَ
إِحْفاراً، وإِحْفارُه أَن تحرَّك له الرَّباعِيَتانِ السفليان والرباعيتان
العلييان من رواضعه، وإِذا تحركن قيل: قد أَحْفَرَتْ رَباعِياتُ رواضعه،
فيسقطن أَول ما يُحْفِرْنَ في استيفائه أَربعة أَعوام ثم يقع عليها اسم
الإِبداء، ثم لا يزال رَباعِياً حتى يُحْفِرَ للقروح وهو أَن يتحرَّك
قارحاه وذلك إِذا استوفى خمسة أَعوام؛ ثم يقع عليه اسم الإِبداء على ما
وصفناه ثم هو قارح. ابن الأَعرابي: إِذا استتم المهر سنتين فهو جَذَغٌ ثم
إِذا استتم الثالثة فهو ثنيّ، فإِذا أَثنى أَلقى رواضعه فيقال: أَثنى
وأَدْرَمَ للإِثناء؛ ثم هو رَباع إِذا استتم الرابعة من السنين يقال: أَهْضَمَ
للإِرباع، وإِذا دخل في الخامسة فهو قارح؛ قال الأَزهري: وصوابه إِذا
استتم الخامسة فيكون موافقاً لقول أَبي عبيدة قال: وكأَنه سقط شيء.
وأَحْفَرَ المُهْرُ للإِثْنَاءِ والإِرْباعِ والقُروحِ إِذا ذهبت رواضعه وطلع
غيرها.
والْتَقَى القومُ فاقتتلوا عند الحافِرَةِ أَي عند أَوَّل ما
الْتَقَوْا. والعرب تقول: أَتيت فلاناً ثم رجعتُ على حافِرَتِي أَي طريقي الذي
أَصْعَدْتُ فيه خاصةً فإِن رجع على غيره لم يقل ذلك؛ وفي التهذيب: أَي
رَجَعْتُ من حيثُ جئتُ. ورجع على حافرته أَي الطريق الذي جاء منه. والحافِرَةُ:
الخلقة الأُولى. وفي التنزيل العزيز: أَئِنَّا لَمَرْدُودونَ في
الحافِرَةِ؛ أَي في أَول أَمرنا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
أَحافِرَةً على صَلَعٍ وشَيْبٍ؟
مَعاذَ اللهِ من سَفَهٍ وعارِ
يقول: أَأَرجع إِلى ما كنت عليه في شبابي وأَمري الأَول من الغَزَلِ
والصِّبَا بعدما شِبْتُ وصَلِعْتُ؟ والحافرة: العَوْدَةُ في الشيء حتى
يُرَدَّ آخِره على أَوّله. وفي الحديث: إِن هذا الأَمر لا يُترك على حاله حتى
يُرَدَّ على حافِرَتِه؛ أَي على أَوّل تأْسيسه. وفي حديث سُراقَةَ قال:
يا رسول الله، أَرأَيتَ أَعمالنا التي نَعْمَلُ؟ أَمُؤَاخَذُونَ بها عند
الحافِرَةِ خَيْرٌ فَخَيْرٌ أَو شَرٌّ فَشَرٌّ أَو شيء سبقت به المقادير
وجَفَّت به الأَقلام؟ وقال الفراء في قوله تعالى: في الحافرة: معناه أَئنا
لمردودون إِلى أَمرنا الأَوّل أَي الحياة. وقال ابن الأَعرابي: في
الحافرة، أَي في الدنيا كما كنا؛ وقيل معنى قوله أَئنا لمردودون في الحافرة
أَي في الخلق الأَول بعدما نموت. وقالوا في المثل: النَّقْدُ عند
الحافِرَةِ والحافِرِ أَي عند أَول كلمة؛ وفي التهذيب: معناه إِذا قال قد بعتُك
رجعتَ عليه بالثمن، وهما في المعنى واحد؛ قال: وبعضهم يقول النَّقْدُ عند
الحافِرِ يريد حافر الفرس، وكأَنَّ هذا المثل جرى في الخيل، وقيل:
الحافِرَةُ الأَرضُ التي تُحْفَرُ فيها قبورهم فسماها الحافرة والمعنى يريد
المحفورة كما قال ماء دافق يريد مدفوق؛ وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه
قال: هذه كلمة كانوا يتكلمون بها عند السَّبْقِ، قال: والحافرة الأَرض
المحفورة، يقال أَوَّل ما يقع حافر الفرس على الحافرة فقد وجب النَّقْدُ يعني
في الرِّهانِ أَي كما يسبق فيقع حافره؛ يقول: هاتِ النِّقْدَ؛ وقال
الليث: النَّقْدُ عند الحافر معناه إِذا اشتريته لن تبرح حتى تَنْقُدَ. وفي
حديث أُبيّ قال: سأَلت النبي، صلى الله عليه وسلم، عن التوبة النصوح، قال:
هو الندم على الذنب حين يَفْرُطُ منك وتستغفر الله بندامتك عندَ
الحافِرِ لا تعود إِليه أَبداً؛ قيل: كانوا لنفاسة الفرس عندهم ونفاستهم بها لا
يبيعونها إِلا بالنقد، فقالوا: النقد عند الحافر أَي عند بيع ذات الحافر
وصيروه مثلاً، ومن قال عند الحافرة فإِنه لما جعل الحافرة في معنى الدابة
نفسها وكثر استعماله من غير ذكر الذات، أُلحقت به علامة التأْنيث
إِشعاراً بتسمية الذات بها أَو هي فاعلة من الحَفْرِ، لأَن الفرس بشدّة
دَوْسِها تَحْفِرُ الأَرض؛ قال: هذا هو الأَصل ثم كثر حتى استعمل في كل أَوَّلية
فقيل: رجع إِلى حافِرِه وحافِرَته، وفعل كذا عند الحافِرَة والحافِرِ،
والمعنى يتخير الندامة والاستغفار عند مواقعة الذنب من غير تأْخير لأَن
التأْخير من الإِصرار، والباء في بندامته بمعنى مع أَو للاستعانة أَي تطلب
مغفرة الله بأَن تندم، والواو في وتستغفر للحال أَو للعطف على معنى
الندم. والحافِرُ من الدواب يكون للخيل والبغال والحمير: اسم كالكاهل والغارب،
والجمع حَوافِرُ؛ قال:
أَوْلَى فَأَوْلَى يا امْرَأَ القَيْسِ، بعدما
خَصَفْنَ بآثار المَطِيِّ الحَوافِرَا
أَراد: خصفن بالحوافر آثار المطيّ، يعني آثار أَخفافه فحذف الباء
الموحدة من الحوافر وزاد أُخرى عوضاً منها في آثار المطيّ، هذا على قول من لم
يعتقد القلب، وهو أَمثل، فما وجدت مندوحة عن القلب لم ترتكبه؛ ومن هان قال
بعضهم معنى قولهم النَّقْدُ عند الحافِر أَن الخيل كانت أَعز ما يباع
فكانوا لا يُبارِحُونَ مَنِ اشتراها حتى يَنْقُدَ البائِعَ، وليس ذلك
بقويّ. ويقولون للقَدَمِ حافراً إِذا أَرادوا تقبيحها؛ قال:
أَعُوذُ باللهِ من غُولٍ مُغَوِّلَةٍ
كأَنَّ حافِرَها في... ظُنْبوُبِ
(* كذا بياض بالأصل).
الجوهري: الحافِرُ واحد حَوَافِر الدابة وقد استعاره الشاعر في القدم؛
قال جُبَيْها الأَسدي يصف ضيفاً طارقاً أَسرع إِليه:
فأَبْصَرَ نارِي، وهْيَ شَقْرَاءُ، أُوقِدَتْ
بِلَيْلٍ فَلاَحَتْ للعُيونِ النَّواظِرِ
فما رَقَدَ الوِلْدانُ، حتى رَأَيْتُه
على البَكْرِ يَمْرِيه بساقٍ وحافِرِ
ومعنى يمريه يستخرج ما عنده من الجَرْيِ.
والحُفْرَةُ: واحدة الحُفَرِ. والحُفْرَةُ: ما يُحْفَرُ في الأَرض.
والحَفَرُ: اسم المكان الذي حُفِر كَخَنْدَقٍ أَو بئر.
والحَفْرُ: الهُزال؛ عن كراع. وحَفَرَ الغَرَزُ العَنْزَ يَحْفِرُها
حَفْراً: أَهْزَلَها.
وهذا غيث لا يَحْفِرهُ أَحد لا يعلم أَحد أَين أَقصاه، والحِفْرَى، مثال
الشِّعْرَى: نَبْتٌ، وقيل: هو شجر يَنْبُتُ في الرمل لا يزال أَخضر، وهو
من نبات الربيع، وقال أَبو حنيفة: الحِفْرَى ذاتُ ورَقٍ وشَوْكٍ صغارٍ
لا تكون إِلاَّ في الأَرض الغليظة ولها زهيرة بيضاء، وهي تكون مثلَ
جُثَّةِ الحمامة؛ قال أَبو النجم في وصفها:
يَظَلُّ حِفْراهُ، من التَّهَدُّلِ،
في رَوْضِ ذَفْراءَ ورُعْلٍ مُخْجِلِ
الواحدة من كل ذلك حِفْراةٌ، وناسٌ من أَهل اليمن يسمون الخشبة ذات
الأَصابع التي يُذَرَّى بها الكُدْسُ المَدُوسُ ويُنَقَّى بها البُرُّ من
التِّبْنِ: الحِفراةَ ابن الأَعرابي: أَحْفَرَ الرجلُ إِذا رعَت إِبله
الحِفْرَى، وهو نبت؛ قال الأَزهري: وهو من أَردإِ المراعي. قال: وأَحْفَرَ
إِذا عمل بالحِفْراةِ، وهي الرَّفْشُ الذي يذرَّى به الحنطة وهي الخشبة
المُصْمَتَةُ الرأْس، فأَما المُفَرَّج فهو العَضْمُ، بالضاد، والمِعْزَقَةَ؛
قال: والمِعْزَقَةُ في غير هذا: المَرُّ؛ قال: والرَّفْشُ في غير هذا:
الأَكلُ الكثيرُ. ويقال: حَفَرْتُ ثرَى فلان إِذا فتشت عن أَمره ووقفت
عليه، وقال ابن الأَعرابي: حَفَرَ إِذا جامع، وحَفِرَ إِذا فَسَد.
والحَفِيرُ: القبر.
وحَفَرَهُ حَفْراً: هَزَلَهُ؛ يقال: ما حامل إِلاء والحَمْلُ يَحْفِرُها
إِلاَّ الناقةَ فإِنها تَسْمَنُ عليه.
وحُفْرَةُ وحُفَيْرَةُ، وحُفَيْرٌ، وحَفَرٌ، ويقالان بالأَلف واللام:
مواضع، وكذلك أَحْفارٌ والأَحْفارُ؛ قال الفرزدق:
فيا ليتَ داري بالمدينةِ أَصبَحَتْ
بأَحْفارِ فَلْجٍ، أَو بِسيفِ الكَواظِمِ
وقال ابن جني: أَراد الحَفَرَ وكاظمة فجمعهما ضرورة. الأَزهري: حَفْرٌ
وحَفِيرَةُ اسما موضعين ذكرهما الشعراء القدماء. قال الأَزهري:
والأَحْفارُ المعروفة في بلاد العرب ثلاثة: فمنها حَفَرُ أَبي موسى، وهي وركايا
احتفرها أَبو موسى الأَشعري على جادَّة البصرة، قال: وقد نزلت بها واستقيت
من ركاياها وهي ما بين ماوِيَّةَ والمَنْجَشانِيَّاتِ، وركايا الحَفَرِ
مستوية بعيدة الرِّشاءِ عذبة الماء؛ ومنها حَفَرُ ضَبَّةَ، وهي ركايا
بناحية الشَّواجِنِ بعيدة القَعْرِ عذبة الماء؛ ومنها حَفَرُ سَعْدِو بن زيد
مَناةَ بن تميم، وهي بحذاء العَرَمَةِ وراء الدَّهْناءِ يُسْتَقَى منها
بالسَّانِيَةِ عند جبل من جبال الدهناء يقال له جبل الحاضر.
شنظر: شَنْظَر الرجلُ بالقوم شَنْظَرَة: شتم أَعــراضــهم؛ وأَنشد:
يُشَنْطِرُ بالقوم الكرام، ويَعْتَرزي
إِلى شَرِّ حافٍ في البِلادِ وناعِلِ
أَبو سعيد: الشِّنْظِير السَّخِيف العقل، وهو الشِّنْظِيرة أَيضاً.
والشِّنظِير: الفاحشُ الغَلْقُ من الرجال والإِبلِ السَّيِّءُ الخُلُقِ. ورجل
شِنْغِير وشِنْظِير وشِنْظِيرة: بَذِيٌّ فاحش؛ أَنشد ابن الأَعرابي
لامرأَة من العرب:
شِنظيرة زَوَّجَنِيهِ أَهْلِي،
من حُمْقِه يَحْسَبُ رأْسِي رِجْلي،
كأَنه لم يَرَ أُنثى قَبْلِي
وربما قالوا شِنْذِيرَة، بالذال المعجمة، لقربها من الظاء لغة أَو
لُثْغَة، والأُنثى شِنْظيرَة؛ قال:
قامَتْ تُعَنْظِي بِكَ بين الحَيَّيْنْ
شِنْظِيرَةُ الأَخلاقِ، جَهْراءُ العَيْنْ
شمر: الشِّنْظِير مثل الشُّنْظُرَة وهي الصخرة تنفِلق من رُكْن من
أَركان الجبل فتسقط. أَبو الخطَّاب: شَناظِير الجبل أَطرافه وحروفه، الواحدُ
شِنْظِيرٌ.
حمم: قوله تعالى: حم؛ الأزهري: قال بعضهم معناه قضى ما هو كائن، وقال
آخرون: هي من الحروف المعجمة، قال: وعليه العَمَلُ. وآلُ حامِيمَ:
السُّوَرُ المفتتحة بحاميم. وجاء في التفسير عن ابن عباس ثلاثة أقوال: قال حاميم
اسم الله الأعظم، وقال حاميم قَسَم، وقال حاميم حروف الرَّحْمَنِ؛ قال
الزجاج: والمعنى أن الر وحاميم ونون بمنزلة الرحمن، قال ابن مسعود: آل
حاميم دِيباجُ القرآنِ، قال الفراء: هو كقولك آلُ فُلانٍ كأَنه نَسَبَ
السورةَ كلها إلى حم؛ قال الكميت:
وَجَدْنا لكم في آلِ حامِيمَ آيةً،
نأَوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ ومُعْرِبُ
قال الجوهري: وأَما قول العامة الحَوامِيم فليس من كلام العرب. قال أَبو
عبيدة: الحَواميم سُوَرٌ في القرآن على غير قياس؛ وأَنشد:
وبالطَّواسِين التي قد ثُلِّثَثْ،
وبالحَوامِيم التي قد سُبِّعَتْ
قال: والأَولى أن تجمع بذَواتِ حاميم؛ وأَنشد أَبو عبيدة في حاميم
لشُرَيْحِ بن أَوْفَى العَبْسِيّ:
يُذَكِّرُني حاميمَ، والرُّمْحُ شاجِرٌ،
فهلاَّ تَلا حامِيمَ قبلَ التَّقَدُّمِ
قال: وأنشده غيره للأَشْتَرِ النَّخْعِيّ، والضمير في يذكرني هو لمحمد
بن طَلْحَة، وقتله الأَشْتَرُ أَو شُرَيْحٌ. وفي حديث الجهاد: إذا
بُيِّتُّمْ فقولوا حاميم لا يُنْصَرون؛ قال ابن الأثير: قيل معناه اللهم لا
يُنْصَرُون، قال: ويُرِيدُ به الخَبرَ لا الدُّعاء لأَنه لو كان دعاء لقال لا
يُنصروا مجزوماً فكأنه قال والله لا يُنصرون، وقيل: إن السُّوَر التي
أَوَّلها حاميم لها شأْن، فَنبَّه أن ذكرها لشرف منزلتها مما يُسْتَظهَرُ
به على استنزال النصر من الله، وقوله لا يُنصرون كلام مستأْنف كأنه حين
قال قولوا حاميم، قيل: ماذا يكون إذا قلناها؟ فقال: لا يُنصرون. قال أبو
حاتم: قالت العامة في جمع حم وطس حَواميم وطَواسين، قال: والصواب ذَواتُ طس
وذَواتُ حم وذواتُ أَلم.
وحُمَّ هذا الأمرُ حَمّاً إذا قُضِيَ. وحُمَّ له ذلك: قُدِّرَ؛ قأَما ما
أَنشده ثعلب من قول جَميل:
فَلَيْتَ رجالاً فيكِ قد نذَرُوا دَمِي
وحُمُّوا لِقائي، يا بُثَيْنَ، لَقوني
فإنه لم يُفَسِّرْ حُمُّوا لِقائي. قال ابن سيده: والتقدير عندي للِقائي
فحذف أَي حُمَّ لهم لِقائي؛ قال: وروايتُنا وهَمُّوا بقتلي. وحَمَّ
اللهُ له كذا وأَحَمَّهُ: قضاه؛ قال عمرو ذو الكلب الهُذَليُّ:
أَحَمَّ اللهُ ذلك من لِقاءٍ
أُحادَ أُحادَ في الشهر الحَلال
وحُمَّ الشيءُ وأُحِمَّ أَي قُدِّرَ، فهو مَحْموم؛ أَنشد ابن بري
لخَبَّابِ بن غُزَيٍّ:
وأَرْمي بنفسي في فُروجٍ كثيرةٍ،
وليْسَ لأَمرٍ حَمَّهُ الله صارِفُ
وقال البَعيثُ:
أَلا يا لَقَوْمِ كلُّ ما حُمَّ واقِعُ،
وللطَّيْرِ مَجْرى والجُنُوب مَصارِعُ
والحِمامُ، بالكسر: قضاء الموت وقَدَرُه، من قولهم حُمَّ كذا أي
قُدِّرَ. والحِمَمُ. المَنايا، واحدتها حِمَّةٌ. وفي الحديث ذكر الحِمام كثيراً،
وهو الموت؛ وفي شعر ابن رَواحةَ في غزوة مُؤْتَةَ:
هذا حِمامُ الموتِ قد صَلِيَتْ
أي قضاؤه، وحُمَّهُ المنية والفِراق منه: ما قُدِّرَ وقُضِيَ. يقال:
عَجِلَتْ بنا وبكم حُمَّةُ الفِراق وحُمَّةُ الموت أي قَدَرُ الفِراق،
والجمع حُمَمٌ وحِمامٌ، وهذا حَمٌّ لذلك أي قَدَرٌ؛ قال الأَعشى:
تَؤُمُّ سَلاَمَةَ ذا فائِشٍ،
هو اليومَ حَمٌّ لميعادها
أي قَدَرٌ، ويروى: هو اليوم حُمَّ لميعادها أَي قُدِّر له. ونزل به
حِمامُه أي قَدَرُهُ وموتُه. وَحَّمَ حَمَّهُ: قَصَدَ قَصْدَه؛ قال الشاعر
يصف بعيره:
فلما رآني قد حَمَمْتُ ارْتِحالَهُ،
تَلَمَّكَ لو يُجْدي عليه التَّلَمُّكُ
وقال الفراء: يعني عَجَّلْتُ ارتحاله، قال: ويقال حَمَمْتُ ارتحال
البعير أي عجلته. وحامَّهُ: قارَبه. وأَحَمَّ الشيءُ: دنا وحضر؛ قال
زهير:وكنتُ إذا ما جِئْتُ يوماً لحاجةٍ
مَضَتْ، وأَحَمَّتْ حاجةُ الغَد ما تَخْلو
معناه حانَتْ ولزمت، ويروى بالجيم: وأَجَمَّتْ. وقال الأَصمعي:
أَجَمَّتِ الحاجةُ، بالجيم، تُجِمُّ إجْماماً إذا دنَتْ وحانت، وأَنشد بيت زهير:
وأَجَمَّتْ، بالجيم، ولم يعرف أَحَمَّتْ،بالحاء؛ وقال الفراء: أَحَمَّتْ
في بيت زهير يروى بالحاء والجيم جميعاً؛ قال ابن بري: لم يرد بالغَدِ
الذي بعد يومه خاصةً وإنما هو كناية عما يستأْنف من الزمان، والمعنى أَنه
كلَّما نال حاجةً تطلَّعتْ نفسه إلى حاجة أُخرى فما يَخْلو الإنسان من
حاجة. وقال ابن السكيت: أَحَمَّت الحاجةُ وأَجَمَّت إذا دنت؛ وأَنشد:
حَيِّيا ذلك الغَزالَ الأَحَمَّا،
إن يكن ذلك الفِراقُ أَجَمَّا
الكسائي: أَحَمَّ الأمرُ وأَجَمَّ إذا حان وقته؛ وأَنشد ابن السكيت
للبَيد:
لِتَذودَهُنَّ. وأَيْقَنَتْ، إن لم تَذُدْ،
أن قد أَحَمَّ مَعَ الحُتوفِ حِمامُها
وقال: وكلهم يرويه بالحاء. وقال الفراء: أَحَمَّ قُدومُهم دنا، قال:
ويقال أَجَمَّ، وقال الكلابية: أَحَمَّ رَحِيلُنا فنحن سائرون غداً،
وأَجَمَّ رَحيلُنا فنحن سائرون اليوم إذا عَزَمْنا أن نسير من يومنا؛ قال
الأَصمعي: ما كان معناه قد حانَ وُقوعُه فهو أَجَمُّ بالجيم، وإذا قلت أَحَمّ
فهو قُدِّرَ. وفي حديث أبي بكر: أن أَبا الأَعور السُّلَمِيَّ قال له: إنا
جئناك في غير مُحِمَّة؛ يقال: أَحَمَّت الحاجة إذا أَهَمَّتْ ولزمت؛ قال
ابن الأثير: وقال الزمخشري المُحِمَّةُ الحاضرة، من أَحَمَّ الشيءُ إذا
قرب دنا.
والحَمِيمُ: القريب، والجمع أَحِمَّاءُ، وقد يكون الحَمِيم للواحد
والجمع والمؤنث بلفظ واحد. والمْحِمُّ: كالحَمِيم؛ قال:
لا بأْس أني قد عَلِقْتُ بعُقْبةٍ،
مُحِمٌّ لكم آلَ الهُذَيْلِ مُصِيبُ
العُقْبَةُ هنا: البَدَلُ. وحَمَّني الأَمرُ وأَحَمَّني: أَهَمَّني.
واحْتَمَّ له: اهْتَمَّ. الأَزهري: أَحَمَّني هذا الأَمر واحْتَمَمْتُ له
كأنه اهتمام بحميم قريب؛ وأَنشد الليث:
تَعَزَّ على الصَّبابةِ لا تُلامُ،
كأَنَّكَ لا يُلِمُّ بك احْتِمامُ
واحْتَمَّ الرجلُ: لم يَنَمْ من الهم؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
عليها فتىً لم يَجعل النومَ هَمَّهُ
ولا يُدْرِكُ الحاجاتِ إلا حَمِيمُها
يعني الكَلِفَ بها المُهْتَمَّ. وأَحَمَّ الرجلُ، فهو يُحِمُّ إحْماماً،
وأمر مُحِمٌّ، وذلك إذا أخذك منه زَمَعٌ واهتمام. واحْتَمَّتْ عيني:
أَرِقتْ من غير وَجَعٍ. وما له حُمٌّ ولا سُمٌّ غيرك أي ما له هَمٌّ غيرُك،
وفتحهما لغة، وكذلك ما له حُمٌّ ولا رُمّ، وحَمٌّ ولا رَمٌّ، وما لك عن
ذلك حُمٌّ ولا رُمٌّ، وحَمٌّ ولا رَمٌّ أَي بُدٌّ، وما له حَمٌّ ولا رَمٌّ
أي قليل ولا كثير؛ قال طرفة:
جَعَلَتْهُ حَمَّ كَلْكَلَها
من ربيعٍ ديمةٌ تَثِمُهْ
وحامَمْتُه مُحامَّةً: طالبته. أَبو زيد: يقال أَنا مُحامٌّ على هذا
الأمر أي ثابت عليه. واحْتَمَمْتُ: مثل اهتممت. وهو من حُمَّةِ نفسي أي من
حُبَّتها، وقيل: الميم بدل من الباء؛ قال الأزهري: فلان حُمَّةُ نفسي
وحُبَّة نفسي.
والحامَّةُ: العامَّةُ، وهي أيضاً خاصَّةُ الرجل من أهله وولده. يقال:
كيف الحامَّةُ والعامة؟ قال الليث: والحَميمُ القريب الذي تَوَدُّه
ويَوَدُّكَ، والحامَّةُ خاصةُ الرجل من أهله وولده وذي قرابته؛ يقال: هؤلاء
حامَّتُه أي أَقرِباؤه. وفي الحديث: اللهمَّ هؤلاء أهلُ بيتي وحامَّتي
أَذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ وطَهِّرْهم تطهيراً؛ حامَّة الإنسان: خاصتُه ومن يقرب
منه؛ ومنه الحديث: انصرف كلُّ رجلٍ من وَفْد ثَقيف إلى حامَّته.
والحَمِيمُ القَرابةُ، يقال: مُحِمٌّ مُقْرِبٌ. وقال الفراء في قوله
تعالى: ولا يسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً؛ لا يسأَل ذو قرابة عن قرابته، ولكنهم
يعرفونهم ساعةً ثم لا تَعارُفَ بعد تلك الساعة. الجوهري: حَميمكَ قريبك
الذي تهتم لأمره.
وحُمَّةُ الحَرِّ: معظمُه؛ وأَنشد ابن بري للضِّباب بن سُبَيْع:
لعَمْري لقد بَرَّ الضِّبابَ بَنُوه،
وبَعْضُ البنين حُمَّةٌ وسُعالُ
وحَمُّ الشيء: معظمه. وفي حديث عمر: إذا التقى الزَّحْفانِ وعند حُمَّةِ
النَّهْضات أي شدتها ومعظمها. وحُمَّةُ كل شيء: معظمه؛ قال ابن الأَثير:
وأَصلها من الحَمِّ الحرارة ومن حُمَّة ِ السِّنان.، وهي حِدَّتُه.
وأَتيته حَمَّ الظَّهيرةِ أي في شدة حرها؛ قال أَبو كَبير:
ولقد ربَأْتُ، إذا الصِّحابُ تواكلوا،
حَمَّ الظَّهيرةِ في اليَفاع الأَطْولِ
الأزهري: ماء مَحْموم ومَجْموم ومَمْكُول ومَسْمول ومنقوص ومَثْمود
بمعنى واحد. والحَمِيمُ والحَمِيمةُ جميعاً: الماء الحارّ. وشربتُ البارحة
حَميمةً أي ماء سخناً.
والمِحَمُّ، بالكسر: القُمْقُمُ الصغير يسخن فيه الماء. ويقال: اشربْ
على ما تَجِدُ من الوجع حُسىً من ماء حَمِيمٍ؛ يريد جمع حُسْوَةٍ من ماء
حارّ. والحَمِيمَةُ: الماء يسخن. يقال: أَحَمُّوا لنا الماء أي أَسخنوا.
وحَمَمْتُ الماء أي سخنته أَحُمُّ، بالضم. والحَمِيمةُ أَيضاً: المَحْضُ
إذا سُخِّنَ. وقد أَحَمَّهُ وحَمَّمَه: غسله بالحَمِيم. وكل ما سُخِّنَ فقد
حُمِّمَ؛ وقول العُكْلِيِّ أنشده ابن الأَعرابي:
وبِتْنَ على الأَعْضادِ مُرْتَفِقاتِها،
وحارَدْنَ إلا ما شَرِبْنَ الحَمائِما
فسره فقال: ذهبتْ أَلْبانُ المُرْضِعاتِ إذ ليس لهن ما يأَكلْنَ ولا ما
يشربْنَ إلا أَن يُسَخِّنَّ الماء فيشربنه، وإنما يُسَخِّنَّهُ لئلا
يشربْنه على غير مأْكول فيَعْقِرَ أَجوافهن، فليس لهن غِذاءٌ إلا الماء
الحارُّ، قال: والحَمائِمُ جمع الحَمِيم الذي هو الماء الحارُّ؛ قال ابن سيده:
وهذا خطأٌ لأن فَعِيلاً لا يجمع على فَعائل، وإنما هو جمع الحَمِيمَةِ
الذي هو الماء الحارُّ، لغة في الحَميم، مثل صَحيفةٍ وصَحائف. وفي الحديث
أَنه كان يغتسل بالحَميم، وهو الماء الحارُّ.
الجوهري: الحَمّامُ مُشدّد واحد الحَمّامات المبنية؛ وأنشد ابن بري
لعبيد بن القُرْطِ الأَسديّ وكان له صاحبان دخلا الحَمّامَ وتَنَوَّرا
بنُورةٍ فأَحْرقتهما، وكان نهاهما عن دخوله فلم يفعلا:
نَهَيْتُهما عن نُورةٍ أَحْرقَتْهما،
وحَمَّامِ سوءٍ ماؤُه يَتَسَعَّرُ
وأنشد أبو العباس لرجل من مُزَيْنَةَ:
خليليَّ بالبَوْباة عُوجا، فلا أرى
بها مَنْزِلاً إلا جَديبَ المُقَيَّدِ
نَذُقْ بَرْدَ نَجْدٍ، بعدما لعِبَت بنا
تِهامَةُ في حَمَّامِها المُتَوَقِّدِ
قال ابن بري: وقد جاءَ الحَمَّامُ مؤنثاً في بيت زعم الجوهري أنه يصف
حَمّاماً وهو قوله:
فإذا دخلْتَ سمعتَ فيها رَجَّةً،
لَغَط المَعاوِلِ في بيوت هَدادِ
قال ابن سيده: والحَمَّامُ الدِّيماسُ مشتق من الحَميم، مذكر تُذَكِّرُه
العرب، وهو أَحد ما جاء من الأسماء على فَعّالٍ نحو القَذَّافِ
والجَبَّانِ، والجمع حَمَّاماتٌ؛ قال سيبويه: جمعوه بالألف والتاء وإن كان مذكراً
حين لم يكسَّر، جعلوا ذلك عوضاً من التكسير؛ قال أبو العباس: سألت ابن
الأَعرابي عن الحَمِيم في قول الشاعر:
وساغَ لي الشَّرابُ، وكنتُ قِدْماً
أكادُ أَغَصُّ بالماء الحَميمِ
فقال: الحَميم الماء البارد؛ قال الأزهري: فالحَميم عند ابن الأعرابي من
الأضداد، يكون الماءَ البارد ويكون الماءَ الحارَّ؛ وأَنشد شمر بيت
المُرَقِّش:
كلُّ عِشاءٍ لها مِقْطَرَةٌ
ذاتُ كِباءٍ مُعَدٍّ، وحَميم
وحكى شمر عن ابن الأعرابي: الحَمِيم إن شئت كان ماء حارّاً، وإن شئت كان
جمراً تتبخر به.
والحَمَّةُ: عين ماء فيها ماء حارّ يُسْتَشْفى بالغسل منه؛ قال ابن
دريد: هي عُيَيْنَةٌ حارَّةٌ تَنْبَعُ من الأرض يَستشفي بها الأَعِلاَّءُ
والمَرْضَى. وفي الحديث مَثَلُ العالم مثَلُ الحَمَّةِ يأْتيها البُعَداءُ
ويتركها القُرَباءُ، فبينا هي كذلك إذ غار ماؤُها وقد انتفع بها قوم وبقي
أقوام يَتَفَكَّنون أي يتندَّمون. وفي حديث الدجال: أَخبروني عن حَمَّةِ
زُغَرَ أي عينها، وزُغَرُ: موضع بالشام. واسْتَحَمَّ إذا اغتسل بالماء
الحَميم، وأَحَمَّ نفسَه إذا غسلها بالماء الحار. والاستِحْمامُ: الاغتسال
بالماء الحارّ، هذا هو الأصل ثم صار كلُّ اغتسال اسْتِحْماماً بأي ماء
كان. وفي الحديث: لا يبولَنَّ أَحدُكم في مُسْتَحَمِّه؛ هو الموضع الذي
يغتسل فيه بالحَميم، نهى عن ذلك إذا لم يكن له مَسْلَكٌ يذهب منه البول أو
كان المكان صُلْباً، فيوهم المغتسل أنه أَصابه منه شيء فيحصل منه
الوَسْواسُ؛ ومنه حديث ابن مُغَغَّلٍ: أنه كان يكره البولَ في المُسْتَحَمِّ.
وفي الحديث: أن بعضَ نسائه اسْتَحَمَّتْ من جَنابةٍ فجاء النبي، صلى الله
عليه وسلم، يَسْتَحِمُّ من فضلها أي يغتسل؛ وقول الحَذْلَمِيّ يصف
الإبل:فذاكَ بعد ذاكَ من نِدامِها،
وبعدما اسْتَحَمَّ في حَمَّامها
فسره ثعلب فقال: عَرِقَ من إتعابها إياه فذلك اسْتحمامه.
وحَمَّ التَّنُّورَ: سَجَرَه وأَوقده.
والحَمِيمُ: المطر الذي يأْتي في الصيف حين تَسْخُن الأرض؛ قال
الهُذَليُّ:
هنالك، لو دَعَوْتَ أتاكَ منهم
رِجالٌ مثل أَرْمية الحَمِيمِ
وقال ابن سيده: الحَمِيم المطر الذي يأْتي بعد أَن يشتد الحر لأنه حارّ.
والحَمِيمُ: القَيْظ. والحميم: العَرَقُ. واسْتَحَمَّ الرجل: عَرِقَ،
وكذلك الدابة؛ قال الأَعشى:
يَصِيدُ النَّحُوصَ ومِسْحَلَها
وجَحْشَيْهما، قبل أن يَسْتَحِم
قال الشاعر يصف فرساً:
فكأَنَّه لما اسْتَحَمَّ بمائِهِ،
حَوْلِيُّ غِرْبانٍ أَراح وأَمطرا
وأنشد ابن بري لأَبي ذؤيب:
تأْبَى بدِرَّتها، إذا ما اسْتُكْرِهَتْ،
إلا الحَمِيم فإنه يَتَبَضَّعُ
فأَما قولهم لداخل الحمَّام إذا خرج: طاب حَمِيمُك، فقد يُعْنى به
الاستحْمامُ، وهو مذهب أبي عبيد، وقد يُعْنَى به العَرَقُ أي طاب عرقك، وإذا
دُعِيَ له بطيب عَرَقِه فقد دُعِي له بالصحة لأن الصحيح يطيب عرقُه.
الأزهري: يقال طاب حَمِيمُك وحِمَّتُكَ للذي يخرج من الحَمَّام أي طاب
عَرَقُك.والحُمَّى والحُمَّةُ: علة يسْتَحِرُّ بها الجسمُ، من الحَمِيم، وأما
حُمَّى الإبلِ فبالألف خاصة؛ وحُمَّ الرجلُ: أصابه ذلك، وأَحَمَّهُ الله
وهو مَحْمُومٌ، وهو من الشواذ، وقال ابن دريد: هو مَحْمُوم به؛ قال ابن
سيده: ولست منها على ثِقَةٍ، وهي أحد الحروف التي جاء فيها مَفْعُول من
أَفْعَلَ لقولهم فُعِلَ، وكأَنَّ حُمَّ وُضِعَتْ فيه الحُمَّى كما أن فُتِنَ
جُعِلَتْ فيه الفِتْنةُ، وقال اللحياني: حُمِمْتُ حَمّاً، والاسم
الحُمَّى؛ قال ابن سيده: وعندي أن الحُمَّى مصدر كالبُشْرَى
والرُّجْعَى.والمَحَمَّةُ: أرض ذات حُمَّى. وأرض مَحَمَّةٌ: كثيرة الحُمَّى، وقيل:
ذات حُمَّى. وفي حديث طَلْقٍ: كنا بأَرض وَبِئَةٍ مَحَمَّةٍ أي ذات
حُمَّى، كالمأْسَدَةِ والمَذْأَبَةِ لموضع الأُسود والذِّئاب. قال ابن سيده:
وحكى الفارسي مُحِمَّةً، واللغويون لا يعرفون ذلك، غير أَنهم قالوا: كان من
القياس أَن يقال، وقد قالوا: أَكْلُ الرطب مَحَمَّةٌ أي يُحَمُّ عليه
الآكلُ، وقيل: كل طعام حُمَّ عليه مَحَمَّةٌ، يقال: طعامٌ مَحَمَّةٌ إذا
كان يُحَمُّ عليه الذي يأْكله، والقياس أَحَمَّتِ الأرضُ إذا صارت ذات
حُمِّى كثيرة.
والحُمامُ، بالضم: حُمَّى الإبل والدواب، جاء على عامة ما يجيء عليه
الأَدواءُ. يقال: حُمَّ البعيرُ حُماماً، وحُمَّ الرجل حُمَّى شديدة.
الأزهري عن ابن شميل: الإبل إذا أكلت النَّدى أَخذها الحُمامُ والقُماحُ، فأَما
الحُمامُ فيأْخذها في جلدها حَرٌّ حتى يُطْلَى جسدُها بالطين، فتدع
الرَّتْعَةَ ويَذهَبُ طِرْقها، يكون بها الشهرَ ثم يذهب، وأما القُماحُ فقد
تقدم في بابه. ويقال: أخذ الناسَ حُمامُ قُرٍّ، وهو المُومُ يأْخذ
الناس.والحَمُّ: ما اصطَهَرْتَ إهالته من الأَلْيَةِ والشحم، واحدته حَمَّةٌ؛
قال الراجز:
يُهَمُّ فيه القومُ هَمَّ الحَمِّ
وقيل: الحَمُّ ما يَبقى من الإهالة أي الشحم المذاب؛ قال:
كأَنَّما أصواتُها، في المَعْزاء،
صوتُ نَشِيشِ الحَمِّ عند القَلاَّء
الأصمعي: ما أُذيب من الأَلْيَةِ فهو حَمٌّ إذا لم يبق فيه وَدَكٌ،
واحدتها حَمَّة، قال: وما أُذيب من الشحم فهو الصُّهارة والجَمِيلُ؛ قال
الأزهري: والصحيح ما قال الأصمعي، قال: وسمعت العرب تقول لما أُذيب من سنام
البعير حَمّ، وكانوا يسمُّون السَّنام الشحمَ. الجوهري: الحَمُّ ما بقي من
الألية بعد الذَّوْب. وحَمَمْتُ الأَليةَ: أذبتها. وحَمَّ الشحمةَ
يَحُمُّها حَمّاً: أَذابها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
وجارُ ابن مَزْرُوعٍ كُعَيْبٍ لَبُونُه
مُجَنَّبَةٌ، تُطْلَى بحَمٍّ ضُروعُها
يقول: تُطْلَى بَحمٍّ لئلا يرضعها الراعي من بخله. ويقال: خُذْ أَخاك
بحَمِّ اسْتِهِ أي خذه بأَول ما يسقط به من الكلام.
والحَمَمُ: مصدر الأَحَمّ، والجمعُ الحُمُّ، وهو الأَسود من كل شيء،
والاسم الحُمَّةُ. يقال: به حُمَّةٌ شديدة؛ وأَنشد:
وقاتمٍ أَحْمَرَ فيه حُمَّةٌ
وقال الأَعشى:
فأما إذا رَكِبوا للصَّباحِ
فأَوجُههم، من صدىَ البَيْضِ، حُمُّ
وقال النابغة:
أَحْوَى أَحَمّ المُقْلَتَيْن مُقَلَّد
ورجل أَحَمُّ بيِّن الحَمَم، وأَحَمَّهُ الله: جعله أَحَمَّ، وكُمَيْتٌ
أَحَمُّ بيِّن الحُمَّة. قال الأصمعي: وفي الكُمْتة لونان: يكون الفرس
كُمَيْتاً مْدَمّىً، ويكون كُمَيْتاً أَحَمَّ، وأَشدُّ الخيل جُلوداً
وحوافرَ الكُمْتُ الحُمُّ؛ قال ابن سيده: والحمَّةُ لون بين الدُّهْمَة
والكُمْتة، يقال: فرس أَحَمُّ بَيِّنُ الحُمَّة، والأَحَمُّ الأَسْود من كل
شيء. وفي حديث قُسّ: الوافد في الليل الأَحَمِّ أي الأَسود، وقيل: الأَحَمّ
الأَبيض؛ عن الهَجَريّ؛ وأَنشد:
أَحَمُّ كمصباح الدُّجى
وقد حَمِمْتُ حَمَماً واحمَوْمَيْتُ وتَحَمَّمْتُ وتَحَمْحَمْتُ؛ قال
أبو كبير الهُذَلي:
أحَلا وشِدْقاه وخُنْسَةُ أَنْفِهِ،
كحناء ظهر البُرمة المُتَحَمِّم
(* قوله «كحناء ظهر» كذا بالأصل، والذي في المحكم: كجآء).
وقال حسان بن ثابت:
وقد أَلَّ من أعضادِه ودَنا له،
من الأرض، دانٍ جَوزُهُ فَتَحَمْحَما
والاسم الحُمَّة؛ قال:
لا تَحْسِبَنْ أن يدي في غُمَّهْ،
في قَعْرِ نِحْيٍ أَسْتَثِيرُ حُمَّهْ،
أَمْسَحُها بتُرْبةٍ أو ثُمََّهْ
عَنَى بالحُمَّة ما رسَب في أَسفل النِّحيِ من مُسْوَدّ ما رسَب من
السَّمن ونحوه، ويروي خُمَّه، وسيأتي ذكرها.
والحَمَّاءُ، على وزن فَعْلاء: الاسْتُ لِسَوادها، صفة غالبة. الجوهري:
الحَمَّاء سافِلَةُ الإنسان، والجمع حُمٌّ.
والحِمْحِمُ والحُماحِمُ جميعاً: الأَسْود. الجوهري: الحِمْحِمُ،
بالكسر، الشديدُ السوادِ. وشاةٌ حِمْحِم، بغير هاء: سوداء؛ قال:
أَشَدُّ من أُمّ عُنُوقٍ حِمْحِمِ
دَهْساءَ سَوْداءَ كلَوْن العِظْلِمِ،
تَحْلُبُ هَيْساً في الإِناء الأَعْظَمِ
الهَيْسُ، بالسين غير المعجمة: الحَلْبُ الرُّوَيْد. والحُمَمُ:
الفَحْمُ، واحدته حُمَمَةٌ. والحُمَمُ: الرَّماد والفَحْم وكلُّ ما احترق من
النار. الأَزهري: الحُمَم الفَحْم البارد، الواحدة حُمَمَةٌ، وبها سمي الرجل
حُمَمة. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إِن رجلاً أَوصى
بَنيه عند موته فقال: إِذا أَنا مُتُّ فأَحْرِ قُوني بالنار، حتى إِذا
صِرْتُ حُمَماً فاسْحَقوني، ثم ذَرُّوني في الريح لعلي أَضِلُّ اللهَ؛ وقال
طَرَفَةُ:
أَشَجاك الرَّبْعُ أَم قِدَمُهْ،
أَم رَمادٌ دارِسٌ حُمَمُه؟
وحَمَّت الجَمْرةُ تَحَمُّ، بالفتح، إِذا صارت حُمَمةً. ويقال أَيضاً:
حَمَّ الماءُ
أَي صار حارّاً. وحَمَّم الرجل: سَخَّم وجْهَه بالحُمَم، وهو الفحمُ.
وفي حديث الرَّجْم: أَنه أَمَرَ
بيهودي مُحَمَّم مَجْلود أَي مُسْوَدّ الوجه، من الحُمَمَة الفَحْمةِ.
وفي حديث لقمان بن عاد: خُذي مِنِّي أَخي ذا الحُمَمة؛ أَراد سَوادَ
لَونه. وجارية حُمَمَةٌ: سوداء. واليَحْموم من كل شيء، يفعول من الأَحَمِّ؛
أَنشد سيبويه:
وغير سُفْعٍ مُثَّلٍ يَحامِم
باختلاسِ حركةِ الميم الأُولى، حذف الياء للضرورة كما قال:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسا
وأَظهر التضعيف للضرورة أَيضاً كما قال:
مهْلاً أَعاذِلَ، قد جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقي
أَني أَجودُ لأَقْوامٍ، وإِنْ ضَنِنوا
واليَحْمومُ: دخان أَسود شديد السواد؛ قال الصَّبَّاح بن عمرو
الهَزَّاني:
دَعْ ذا فكَمْ مِنْ حالكٍ يَحْمومِ،
ساقِطةٍ أَرْواقُه، بَهيمِ
قال ابن سيده: اليَحْمومُ الدخانُ. وقوله تعالى: وظِلٍّ من يَحْمومٍ،
عَنى به الدخان الأَسود، وقيل أَي من نار يُعَذَّبون بها، ودليل هذا القول
قوله عز وجل: لهم من فوقهم ظُلَلٌ من النار ومن تحتهم ظُلَلٌ؛ إِلا أَنه
موصوف في هذا الموضع بشدة السواد، وقيل: اليَحْمومُ سُردِق أَهل النار،
قال الليث: واليَحْمومُ الفَرَس، قال الأَزهري: اليَحْمومُ اسم فرس كان
للنعمان بن المنذر، سمي يَحموماً لشدة سواده؛ وقد ذكره الأَعشى فقال:
ويأْمُرُ للْيَحْمومِ كلَّ عَشِيَّةٍ
بِقَتٍّ وتَعْليقٍ، فقد كاد يَسْنَقُ
وهو يَفْعولٌ من الأَحَمِّ الأَسْودِ؛ وقال لبيد:
والحارِثانِ كلاهما ومُحَرِّقٌ،
والتُّبَّعانِ وفارِسُ اليَحْمومِ
واليَحْمومُ: الأَسْود من كل شيء. قال ابن سيده: وتسميته بالَيحْمومِ
تحتمل وجهين: إِما أَن يكون من الحَميمِ الذي هو العَرَق، وإِما أَن يكون
من السَّواد كما سميت فرس أُخرى حُمَمة؛ قالت بعض نساء العرب تمدح فرس
أَبيها: فرس أَبي حُمَمةُ وما حُمَمةُ. والحُمَّةُ دون الحُوَّةِ، وشفة
حَمَّاء، وكذلك لِثَةٌ حَمَّاءُ. ونبت يَحْمومٌ: أَخضرُ رَيَّانُ أَسودُ.
وحَمَّمَتِ الأَرضُ: بدا نباتُها أَخضرَ إِلى السواد. وحَمَّمَ الفرخُ:
طلَع ريشُه، وقيل: نبت زَغَبُهُ؛ قال ابن بري: شاهده قول عمر بن لَجَإٍ:
فهو يَزُكُّ دائمَ التَّزَعُّمِ،
مِثْلَ زَكيكِ الناهِضِ المُحمِّمِ
وحَمَّم رأْسُه إِذا اسْوَدَّ بعد الحَلْق؛ قال ابن سيده: وحَمَّمَ
الرأْسُ نبت شَعَرُه بعدما حُلِق؛ وفي حديث أَنس: أَنه كان إِذا حَمَّمَ
رأْسُه بمكة خرج واعتمر، أَي اسْوَدَّ بعد الحلْق بنبات شعره، والمعنى
أَنه كان لا يؤخر العمرة إِلى المُحَرَّمِ، وإِنما كان يخرج إِلى الميقات
ويعتمر في ذي الحِجَّة؛ ومنه حديث ابن زِمْلٍ: كأَنما حُمِّمَ شعره
بالماء أَي سُوِّدَ، لأَن الشعر إِذا شَعِثَ اغْبَرَّ، وإِذا غُسِل بالماء ظهر
سواده، ويروى بالجيم أَي جُعل جُمَّةً. وحَمَّمَ الغلامُ: بدت لحيته.
وحَمَّمَ المرأَةَ: متَّعها بشيء بعد الطلاق؛ قال:
أَنتَ الذي وَهَبْتَ زَيداً، بعدما
هَمَمْتُ بالعجوز أَن تُحَمَّما
هذا رجل وُلِدَ له ابنٌ فسماه زيداً بعدما كان هَمّ بتطليق أُمِّه؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
وحَمَّمْتُها قبل الفراق بِطعنةٍ
حِفاظاً، وأَصحابُ الحِفاظِ قليل
وروى شمر عن ابن عُيَيْنَةَ قال: كان مَسْلمَةُ بن عبد الملك عربيّاً،
وكان يقول في خُطبته: إِن أَقلَّ الناس في الدنيا هَمّاً أَقلُّهم حَمّاً
أَي مالاً ومتاعاً، وهو من التَّحْميمِ المُتْعَةِ؛ وقال الأَزهري: قال
سفيان أَراد بقوله أَقلُّهم حَمّاً أَي مُتْعةً، ومنه تَحْمِيم المطلَّقة.
وقوله في حديث عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه: إِنه طلق امرأَته
فمتَّعها بخادمٍ سَوْداءَ حَمَّمَها إِياها أَي مَتَّعها بها بعد الطلاق،
وكانت العرب تسمِّي المُتْعةَ التَّحْميمَ، وعَدَّاه إِلى مفعولين لأَنه في
معنى أَعطاها إِِياها، ويجوز أَن يكون أَراد حَمَّمَها بها فحذف وأَوصَل.
وثِيابُ التَّحِمَّة: ما يُلْبِس المطلِّقُ
المرأَةَ إِذا مَتَّعها؛ ومنه قوله:
فإِنْ تَلْبَسي عَنّي ثيابَ تَحِمَّةٍ،
فلن يُفْلِحَ الواشي بك المُتَنَصِّحُ
الأَزهري: الحَمامة طائر، تقول العرب: حمامَةٌ ذكرٌ
وحمامة أُنثى، والجمع الحَمام. ابن سيده: الحَمام من الطير البَرّيُّ
الذي لا يأْلَف البيوت، قال: وهذه التي تكون في البيوت هي اليَمام. قال
الأَصمعي: اليَمام ضرب من الحمام برِّيّ، قال: وأَما الحمام فكلُّ ما كان
ذا طَوْق مثل القُمْريّ والفاخِتة وأَشباهِها، واحِدته حَمامة، وهي تقع
على المذكر والمؤنث كالحَيّة والنَّعامة ونحوها، والجمع حَمائم، ولا يقال
للذكر حَمام؛ فأَما قوله:
حَمامَيْ قفرةٍ وَقَعا فطارا
فعلى أَنه عَنى قطيعين أَو سِرْبين كما قالوا جِمالان؛ وأَما قول
العَجَّاج:
ورَبِّ هذا البلدِ المُحَرَّمِ،
والقاطِناتِ البيت غيرِ الرُّيَّمِ،
قواطناً مكةَ من وُرْقِ الحَمي
فإِنما أَرد الحَمام، فحذف الميم وقلب الأَلف ياء؛ قال أَبو إِسحق: هذا
الحذفُ شاذ لا يجوز أَن يقال في الحِمار الحِمي، تريد الحِمار، فأَما
الحَمام هنا فإِنما حذف منها الأَلف فبقيت الحَمَم، فاجتمع حرفان من جنس
واحد، فلزمه التضعيف فأَبدل من الميم ياء، كما تقول في تظنَّنْت تظنَّيْت،
وذلك لثقل التضعيف، والميم أَيضاً تزيد في الثقل على حروف كثيرة. وروى
الأَزهري عن الشافعي: كلُّ ما عَبَّ وهَدَر فهو حَمام، يدخل فيها
القَمارِيُّ والدَّباسِيُّ والفَواخِتُ، سواء كانت مُطَوَّقة أَو غير مطوَّقة،
آلِفةً أَو وحشية؛ قال الأَزهري: جعل الشافعي اسم الحَمام واقعاً على ما
عَبَّ وهَدَر لا على ما كان ذا طَوْقٍ، فتدخل فيه الوُرْق الأَهلية
والمُطَوَّقة الوحشية، ومعنى عبّ أَي شرب نَفَساً نَفَساً حتى يَرْوَى، ولم
يَنْقُر الماء نَقْراً كما تفعله سائر الطير. والهَدير: صوت الحمام كله، وجمعُ
الحَمامة حَمامات وحَمائم، وربما قالوا حَمام للواحد؛ وأَنشد قول
الفرزدق:
كأَنَّ نِعالَهن مُخَدَّماتٍ،
على شرَك الطريقِ إِذا استنارا
تُساقِطُ رِيشَ غادِيةٍ وغادٍ
حَمامَيْ قَفْرةٍ وقَعا فطارا
وقال جِرانُ العَوْد:
وذَكَّرَني الصِّبا، بعد التَّنائي،
حَمامةُ أَيْكةٍ تَدْعو حَماما
قال الجوهري: والحَمام عند العرب ذوات الأَطواق من نحو الفَواخِت
والقَمارِيّ وساقِ حُرٍّ والقَطا والوَراشِين وأَشباه ذلك، يقع على الذكر
والأُنثى، لأَن الهاء إِنما دخلته على أَنه واحد من جنس لا للتأْنيث، وعند
العامة أَنها الدَّواجِنُ فقط، الواحدة حَمامة؛ قال حُمَيْد بن ثوْرٍ
الهلالي:
وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إِلاَّ حمامةٌ
دَعَتْ ساقَ حُرٍّ، تَرْحةً وتَرَنُّما
والحَمامة ههنا: قُمْرِيَّةٌ؛ وقال الأَصمعي في قول النابغة:
واحْكُمْ كحُكْمِ فتاة الحيّ، إِذ نَظَرتْ
إِلى حَمامٍ شِراعٍ وارِدِ الثَّمَدِ
(* وفي رواية أخرى: سِراعٍ)
هذه زَرْقاء اليمامة نظرت إِلى قَطاً؛ أَلا ترى إلى قولها:
لَيت الحَمامَ لِيَهْ
إِلى حمامَتِيَهْ،
ونِصْفَه قَدِيَهْ،
تَمَّ القَطاةُ مِيَهْ
قال: والدَّواجن التي تُسْتَفْرَخ في البيوات حَمام أَيضاً، وأَما
اليَمام فهو الحَمامُ الوحشيّ، وهو ضَرْب من طير الصحراء، هذا قول الأَصمعي،
وكان الكسائي يقول: الحَمام هو البرّيّ، واليمام هو الذي يأْلف البيوت؛
قال ابن الأَثير: وفي حديث مرفوع: أَنه كان يُعْجبه النظر إِلى الأُتْرُجِّ
والحَمام الأَحْمَر؛ قال أَبو موسى: قال هلال بن العلاء هو التُّفَّاحُ؛
قال: وهذا التفسير لم أَرَهُ لغيره.
وحُمَة العقرب، مخففة الميم: سَمُّها، والهاء عوض؛ قال الجوهري: وسنذكره
في المعتل. ابن الأَعرابي: يقال لِسَمّ العقرب الحُمَّة والحُمَةُ،
وغيره لا يجيز التشديد، يجعل أَصله حُمْوَةً. والحَمامة: وسَطُ الصَّدْر؛
قال:إِذا عَرَّسَتْ أَلْقَتْ حَمامةَ صَدْرِها
بتَيْهاء، لا يَقْضي كَراها رقيبها
والحَمامة: المرأَة؛ قال الشَّمَّاخ:
دارُ الفتاةِ التي كُنَّا نَقُولُ لها:
يا ظَبْيَةٌ عُطُلاً حُسّانَةَ الجيدِ
تُدْني الحمامةَ منها، وهي لاهِيةٌ،
من يانِعِ الكَرْمِ غرْبانَ العَناقيدِ
ومن ذهب بالحَمامةِ هنا إِلى معنى الطائر فهو وجْهٌ؛ وأَنشد الأَزهري
للمُؤَرِّج:
كأَنَّ عينيه حَمامتانِ
أَي مِرآتانِ. وحَمامةُ: موضع معروف؛ قال الشمَّاخ:
ورَوَّحَها بالمَوْرِ مَوْرِ حَمامةٍ
على كلِّ إِجْرِيَّائِها، وهو آبِرُ
والحَمامة: خِيار المال. والحَمامة: سَعْدانة البعير. والحَمامة: ساحة
القصر النَّقِيَّةُ. والحَمامةُ: بَكَرة الدَّلْو. والحَمامة: المرأَة
الجميلة. والحمامة: حَلْقة الباب. والحَمامةُ من الفَرَس: القَصُّ.
والحَمائِم: كرائم الإِبل، واحدتها حَميمة، وقيل: الحَميمة كِرام الإِبل، فعبر
بالجمع عن الواحد؛ قال ابن سيده: وهو قول كراع. يقال: أَخذ المُصَدِّقُ
حَمائِمَ الإِبل أَي كرائمها. وإِبل حامَّةٌ إِذا كانت خياراً. وحَمَّةُ
وحُمَّةُ: موضع؛ أَنشد الأَخفش:
أَأَطْلالَ دارٍ بالسِّباع فَحُمَّةِ
سأَلْت، فلما اسْتَعْجَمَتْ ثم صَمَّتِ
ابن شميل: الحَمَّةُ حجارة سود تراها لازقة بالأَرش، تقودُ في الأَرض
الليلةَ والليلتين والثلاثَ، والأَرضُ تحت الحجارة تكون جَلَداً وسُهولة،
والحجارة تكون مُتدانِية ومتفرقة، تكون مُلْساً مثل الجُمْع ورؤوس الرجال،
وجمعها الحِمامُ، وحجارتها مُتَقَلِّعٌ ولازقٌ بالأَرض، وتنبت نبتاً
كذلك ليس بالقليل ولا بالكثير. وحَمام: موضع؛ قال سالم بن دارَة يهجو
طَريفَ بن عمرو:
إِني، وإِن خُوِّفْتُ بالسِّجن، ذاكِرٌ
لِشَتْمِ بني الطَّمَّاح أَهلِ حَمام
إِذا مات منهم مَيِّتٌ دَهَنوا اسْتَهُ
بِزيت، وحَفُّوا حَوْله بِقِرام
نَسَبهم إِلى التَّهَوُّدِ. والحُمَامُ: اسم رجل. الأَزهري: الحُمام
السيد الشريف، قال: أُراه في الأَصل الهُمامَ فقُلبت الهاء حاء؛ قال
الشاعر:أَنا ابنُ الأَكرَمينَ أَخو المَعالي،
حُمامخ عَشيرتي وقِوامُ قَيْسِ
قال اللحياني: قال العامري قلت لبعضهم أَبَقِيَ عندكم شيءٌ؟ فقال:
هَمْهامِ وحَمْحامِ ومَحْماحِ وبَحْباح أَي لم يبق شيء. وحِمَّانُ: حَيٌّ من
تميم أَحد حَيَّيْ بني سعد بن زيد مَناةَ؛ قال الجوهري: وحَمَّانُ،
بالفتح، اسم رجل
(* قوله «وحمان بالفتح اسم رجل» قال في التكملة:؛ المشهور فيه
كسر الحاء). وحَمُومةُ، بفتح الحاء: ملك من ملوك اليمن؛ حكاه ابن
الأَعرابي، قال: وأَظنه أَسود يذهب إِلى اشتقاقه من الحُمَّة التي هي السواد،
وليس بشيء. وقالوا: جارا حَمومةَ، فَحَمومةُ هو هذا الملك، وجاراه: مالك
بن جعفر ابن كلاب، ومعاوية بن قُشَيْر.
والحَمْحَمة: صوت البِرْذَوْن عند الشَّعِير
(* قوله «عند الشعير» أي عند
طلبه، أفاده شارح القاموس). وقد حَمْحَمَ، وقيل: الحَمْحَمة
والتَّحَمْحُم عَرُّ الفرس حين يُقَصِّر في الصَّهيل ويستعين بنفَسه؛ وقال الليث:
الحَمْحَمة صوت البِرْذَوْنِ دون الصوت العالي، وصَوتُ الفرس دونَ
الصَّهيل، يقال: تَحَمْحَمَ تَحَمْحُماً وحَمْحَمَ
حَمْحَمةً؛ قال الأَزهري: كأَنه حكاية صوته إِذا طلب العَلَفَ أَو رأَى
صاحبه الذي كان أَلِفه فاستأْنس إِليه. وفي الحديث: لا يجيء أَحدُكم يوم
القيامة بفرس له حَمْحَمةٌ. الأَزهري: حَمْحَم الثورُ إِذا
نَبَّ وأَراد السِّفادَ.
والحِمْحِمُ: نَبْتٌ، واحدتُه حِمْحِمةٌ. قال أَبو حنيفة: الحِمْحِم
والخِمْخِم واحد. الأَصمعي: الحِمْحِم الأَسْود، وقد يقال له بالخاء
المعجمة؛ قال عنترة:
وَسْطَ الديارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِم
قال ابن بري: وحُماحِمٌ لون من الصِّبغ أَسود، والنَّسبُ إِليه
حُماحِمِيٌّ. والحَماحِم: رَيْحانة معروفة، الواحدة حَماحِمَةٌ. وقال مرة:
الحَماحِم بأَطراف اليمن كثيرة وليست بَبرّية وتَعْظُم عندهم. وقال مرة:
الحِمْحِم عُشْبةٌ كثيرة الماء لها زغَبٌ أَخشنُ يكون أَقل من الذراع.
والحُمْحُمُ والحِمْحِم جميعاً: طائر. قال اللحياني: وزعم الكسائي أَنه سمع
أَعرابّياً من بني عامر يقول: إِذا قيل لنا أَبَقِيَ عندكم شيء؟ قلنا:
حَمْحامِ.
واليَحْموم: موضع بالشام؛ قال الأَخطل:
أَمْسَتْ إِلى جانب الحَشَّاك جيفَتُهُ،
ورأْسُه دونَهُ اليَحْمُوم والصُّوَرُ
وحَمُومةُ: اسم جبل بالبادية. واليَحاميمُ: الجبال السود.
حتن: الحَتْنُ والحِتْنُ: المِثْلُ والقِرْنُ والمُساوِي. ويقال: هما
حَتْنانِ وحِتْنانِ أَي سِيَّانِ، وذلك إذا تَساويا في الرَّمْي.
وتَحاتَنُوا: تساوَوْا. وفي الحديث: أَفَحِتْنُه فلانٌ؛ الجَتْنُ، بالكسر والفتح:
المِثْلُ والقِرْنُ. والمُحاتَنةُ: المُساواةُ، وكلُّ اثْنَيْنِ لا
يَتخالفانِ فهما حَتْنانِ، وهما حَتْنان وتِرْبان مُسْتَوِيان، وهم أَحْتانٌ
أَتْنانٌ. والمحاتَنةُ: المسُاواةُ. والتَّحاتُنُ: التساوِي والتَّبارِي.
والقوم حَتَنى وحَتْنى أَي مُسْتَوونَ أَو مُتشابِهُون؛ الأَخيرة عن
ثعلب. ووقَعَت النَّبْلُ حَتَنَى أَي متساوية. وتحاتَنَ الرَّجُلان: تَرامَيا
فكان رَمْيهُما واحداً، والاسم الحَتْنى؛ وفي المثل:
الحَتَنَى لا خيرَ في سَهْم زَلَجْ.
وهو رجز. والزالج من السهام: الذي مَرَّ على وجه الأَرض حتى وقَع في
الهدَف ولم يُصب القرطاس، وهو مثَلٌ في تتميم الإحسان ومُوالاتِه. ووقَعَت
السِّهامُ في الهدَف حَتَنَى أَي مُتقاربة المَواقع ومُتساويَتَها؛ أَنشد
الأَصمعي:
كأَنَّ صَوْتَ ضَرْعِها تُساجِلُ،
هاتِيك هاتا حَتَنَى تُكايِلُ،
لَدْمُ العُجَى تَلْكُمُها الجَنادِلُ.
والحَتَنُ: متابعةُ السِّهام المُقَرْطِسَة أَي التي تُصِيب القِرْطاس؛
قال الشاعر:
وهل غَرَضٌ يبقى على حَتَن النَّبْل؟
وحَتِنَ الحَرُّ: اشتدَّ. ويومٌ حاتِنٌ: استوى أَوَّله وآخرُه في الحرّ.
وتحاتَنَ الدمعُ: وقَعَ دَمْعَتَيْن دَمعَتَيْن، وقيل: تتابَع
مُتساوياً؛ قال الطِّرماح:
كأَنَّ العُيونَ المُرْسَلاتِ، عَشِيَّةً،
شَآبيبُ دَمْعِ العَبْرَة المُتَحاتِن.
والحَتَنُ: من قولك تحاتَنَت دُموعُه إذا تتابَعَت. وتحاتَنَت الخِصال
في النِّصال: وقعت في أَصل القرطاس على تقَارُبٍ أَو تساوٍ. الأَزهري:
الخَصْلةُ كل رَمِيَّةٍ لَزِمَت القرطاس من غير أَن تُصيبَه، قال: إذا وقعت
خَصَلاتٌ
في أَصل القِرْطاس قيل تَحاتَنَت أَي تتابَعَت، قال: وأَهلُ النِّضَال
يحسبون كل خَصْلَتَيْن مُقَرْطِسةً، قال: وإذا تصارَع الرَّجُلان فصُرع
أَحدُهما وَثَبَ ثم قال:
الحَتَنَى لا خَيْرَ في سَهْمٍ زَلَج.
وقوله الحَتَنَى أَي عاوِدِ الصِّراع، والزّالجُ: السَّهمُ الذي يقع
بالأَرض ثم يُصِيبُ القِرْطاسَ، قال: والتَّحاتُنُ التَّبارِي؛ قال
النَّابغة يصف الرِّياح واختلافَها:
شَمال تُجاذِبْها الجَنُوبُ بعَرْضِها،
ونَزْعُ الصَّبَا مُورَ الدَّبُورِ يُحاتِنُ.
والمُحْتَتِنُ: الشيءُ المستوي لا يخالف بعضُه بعضاً، وقد احْتَتَنَ؛
فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قوله:
كأَنَّ صَوْتَ شُخْبِها المُحْتانِ،
تحتَ الصَّقِيعِ، جَرْشُ أُفْعُوانِ.
فإنه قال: يعني اثنين اثنين، قال ابن سيده: ولا أَعرف كيف هذا إنما
معناه عندي المُحْتَتِنُ أَي المستوي، ثم حذف تاء مُفْتَعل فبقي المُحْتَن،
ثم أَشبع الفتحة فقال المُحْتان كقوله:
ومِن عَيْبِ الرِّجالِ بمُنتزَاحِ.
أَراد بمنتَزَحٍ فأَشْبَع. واحْتَتَنَ الشَّيءُ: استَوى؛ قال الطِّرماح:
تِلْكَ أَحْسابُنا، إذا احْتَتَنَ الخَصْـ
لُ، ومُدَّ المَدَى مَدَى الأَعْــراضِ.
احْتَتَنَ الخَصْلُ أَي استوى إصابةُ المُتَناضِلَيْن. والخَصْلةُ:
الإصابةُ. ويقال: فلان سِنُّ فلانٍ وتِنُّه وحِتْنُه إذا كان لِدَتَه على
سِنِّه. وجيءْ به من حَتْنِك أَي من حيث كان. وحَوْتَنان: موضعٌ، وقيل:
حَوْتَنانان وادِيانِ في بلاد قَيْس كلُّ واحد منهما يقال له حَوْتَنان؛ وقد
ذكرهما تميم بن مقبل فقال:
ثم اسْتَغاثُوا بماءٍ لا رِشاءَ له
من حَوْتَنانَيْن، لا مِلْح ولا زَنَن.
ولا زَنَن أَي لا ضيِّق قليل. ويقال: رمى القومُ فوقعت سِهامُهم حَتَنَى
أَي مستوية لم يَفْضُل واحدٌ منهم أَصحابَه. ابن الأَعرابي: رمى
فأَحْتَن إذا وقعت سِهامُه كلُّها في موضع واحد.
حجن: حَجَنَ العُودَ يَحْجِنُه حَجْناً وحَجَّنَه: عطَفَه. والحَجَنُ
والحُجْنةُ والتحَجُّن: اعْوجاج الشيء، وفي التهذيب: اعوِجاجُ الشيء
الأَحْجَنِ. والمِحْجَنُ والمِحْجَنَةُ: العَصَا المُعْوَجَّةُ. الجوهري:
المِحْجَنُ كالصَّوْلَجانِ. وفي الحديث: أَنه كان يَسْتَلِم الرُّكْنَ
بمِحْجَنَهِ؛ المِحْجَنُ: عَصاً مُعَقَّفة الرأْس كالصَّوْلجان، قال: والميم
زائدة، وكلُّ معطوف مُعْوجّ كذلك؛ قال ابن مقبل:
قد صَرَّح السَّيْرُ عن كُتْمانَ، وابتُذِلَت
وَقْعُ المَحاجِنِ بالمَهْرِيَّةِ الذُّقُنِ.
أَراد: وابتُذِلَت المَحَاجِنُ، وأَنَّثَ الوَقْعَ لإضافته إلى
المَحاجِن. وفلانٌ لا يَرْكُضُ المِحْجَن أَي لا غَنَاءَ عنده، وأَصل ذلك أَن
يُدْخَلَ مِحْجَن بين رِجْلَي البعير، فإنْ كان البعيرُ بَليداً لم يَرْكُض
ذلك المِحْجَنَ، وإن كان ذَكِيّاً رَكَض المِحْجَن ومضَى. والاحْتِجانُ:
الفعلُ بالمِحْجَن. والصَّقْرُ أَحْجَنُ المِنْقارِ. وصقرٌ أَحْجَنُ
المَخالِب: مُعَوَجُّها. ومِحْجَنُ الطائِرِ: مِنْقَارُه لاعْوِجاجِهِ.
والتَّحْجِينُ: سِمةٌ مُعْوَجَّة، اسْمٌ كالتَّنْبيتِ والتَّمْتين. ويقال:
حَجَنْت البعيرَ فأَنا أَحْجِنُه، وهو بَعِيرٌ مَحْجون إذا وُسِمَ بِسِمَة
المِحْجَن، وهو خَطٌّ في طرَفِهِ عَقْفة مثل مِحْجَنِ العصا. وأُذُنٌ
حجناء: ماثلةُ أَحد الطرَفين من قِبَل الجبهة سُفْلاً، وقيل: هي التي أَقْبَل
أَطراف إحداهما على الأُخرى قِبَل الجَبْهة، وكلُّ ذلك مع اعْوِجاج.
الأَزهري: الحُجْنةُ مصدرٌ كالحَجَن، وهو الشعرُ الذي جُعودته في أَطرافه.
قال ابن سيده: وشعر حَجِنٌ وأَحْجَنُ مُتَسَلْسِلٌ مُسْتَرْسِلٌ رَجِلٌ،
في أَطْرافه شيءٌ من جُعودةٍ وتكسُّرٍ. وقيل: مُعَقّف متداخلٌ بعضه في
بعض. قال أَبو زيد: الأَحْجَنُ الشعَرُ الرَّجِلُ. والحُجْنةُ: الرَّجَلُ.
والسَّبِطُ: الذي ليست فيه حُجْنة. قال الأَزهري: ومن الأُنوف أَحْجَنُ.
وأَنْف أَحْجَنُ: مُقْبِل الرَّوْثةِ نحوَ الفمِ، زاد الأَزهري:
واستأْخرت ناشِزتاه قُبْحاً. والحُجْنةُ: موضع أَصابه اعْوِجاجٌ من العصا.
والمِحْجَن: عصاً في طرَفها عُقَّافة، والفعل بها الاحْتِجان. ابن سيده:
الحُجْنةُ موضعُ الاعْوِجاج. وحُجْنةُ المِغْزَل، بالضم: هي المُنْعَقِفةُ في
رأْسه. وفي الحديث: توضَع الرحِمُ يومَ القيامة لها حُجْنةٌ كحُجْنةِ
المِغْزَل أَي صِنّارتِه المُعْوَجَّة في رأْسه التي يُعَلَّق بها الخيطُ
يفتل للغَزْل، وكلُّ مُتَعَقِّفٍ أَحْجَنُ. والحُجْنةُ: ما اختَزَنْتَ من
شيء واخْتَصَصْتَ به نفسك؛ الأَزهري: ومن ذلك يقال للرجل إذا اختصَّ بشيء
لنفسه قد احْتَجَنه لنفسه دون أَصحابه. والاحْتِجانُ: جمعُ الشيء وضمُّه
إليك، وهو افْتِعال من المِحْجَن. وفي الحديث: ما أَقْطَعَك العَقيقَ
لتَحْتَجنَه أَي تتملَّكه دون الناس. واحْتَجَن الشيءَ: احْتَوَى عليه. وفي
حديث ابن ذي يَزَن: واحْتَجَنّاه دون غيرنا. واحْتَجَنَ عليه: حَجَر.
وحَجِنَ عليه حَجَناً: ضَنَّ. وحَجِنَ به: كحَجِيَ به، وهو نحو الأَول.
وحَجِنَ بالدار: أَقام. وحُجْنَةُ الثُّمامِ وحَجَنَتُه: خُوصتُه. وأَحْجَنَ
الثُّمامُ: خرجت حُجْنَتُه، وهي خوصه. وفي حديث أُصَيْل حين قَدِمَ من
مكة: فسأَله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: تركتُها قد أَحْجَنَ
ثُمامُها وأَعْذَقَ إذْ خِرُها وأَمْشَرَ سَلَمُها، فقال: يا أُصَيْل، دَعِ
القلوبَ تَقِرُّ، أَي بدا وَرَقُه
(* الضمير عائد إلى الثمان). والثُّمام
نبت معروف. والحَجَنُ: قَصَدٌ ينبُت في أَعــراض عِيدان الثُّمام
والضِّعةِ. والحَجَنُ: القُضْبانُ القِصَارُ التي فيها العنب، واحدتُه حَجَنة.
وإنه لمِحْجَنُ مالٍ: يَصْلُح المالُ على يديه ويُحْسِن رِعْيَته والقيامَ
عليه؛ قال نافع بن لقيط الأَسدي:
قد عَنَّتَ الجَلْعَدُ شَيْخاً أَعْجَفا،
مِحْجَنَ مالٍ أَينَمَا تَصَرَّفا.
واحْتِجانُ المالِ: إصْلاحُه وجَمْعُه وضَمُّ ما انتشر منه. واحْتِجانُ
مالِ غيرِك: اقتِطاعُه وسَرِقتُه. وصاحبُ المِحْجَن في الجاهلية: رجلٌ
كان معه محجَن، وكان يقْعُد في جادَّة الطريق فيأْخذ بمحْجنِه الشيء بعد
الشيء من أَثاث المارَّة، فإن عُثِرَ عليه اعْتَلَّ بأَنه تعلق بمحْجنه،
وقد ورد في الحديث: كان يَسْرِقُ الحاجَّ بمحْجَنِه. فإِذا فُطِنَ به قال
تعلَّق بمِحْجَني، والجمع مَحاجِنُ. وفي حديث القيامة: وجَعلَت المَحاجِنُ
تُمْسِكُ رجالاً. وحَجَنْت الشيءَ واحْتَجَنْتُه إذا جَذَبْتَه
بالمِحْجَنِ إلى نَفْسِك؛ ومنه قولُ قيس بن عاصم في وصيَّتِه: عليكم بالمال
واحْتِجانِه، وهو ضمُّكَه إلى نفْسِك وإِمساكُكَ إياه. وحَجَنَه عن الشيء:
صَدَّه وصَرَفه؛ قال:
ولا بُدَّ للمَشْعُوفِ من تَبَعِ الهَوى،
إذا لم يَزَعْه من هَوَى النَّفْسِ حاجِنُ
والغَزْوَةُ الحَجُونُ: التي تُظهر غيرها ثم تخالف إلى غير ذلك الموضع
ويُقْصَدُ إليها، ويقال: هي البعيدة قال الأَعشى:
ولا بُدَّ من غَزوةٍ، في الرَّبيع،
حَجُونٍ تُكِلُّ الوَقاحَ الشَّكورا.
ويقال: سِرْنا عقَبةً حَجُوناً أَي بعيدةً طويلة. والحَجُونُ: موضعٌ
بمكة ناحية من البيت؛ قال الأَعشى:
فما أَنتَ من أَهل الحَجُونِ ولا الصَّفا،
ولا لك حَقُّ الشِّرْبِ في ماء زَمْزَم.
قال الجوهري: الحَجونُ، بفتح الحاء، جبلٌ بمكة وهي مَقْبُرة. وقال عمرو
بن الحرث بن مُضاض بن عمرو يتأَسَّف على البيت، وقيل هو للحرث الجُرْهمي:
كأَنْ لم يكن بين الحَجونِ إلى الصَّفا
أَنِيسٌ، ولم يَسْمُر بمكَّة سامِرُ
بَلى نحن كُنّا أَهلَها، فأَبادَنا
صُروفُ الليالي والجُدودُ العواثِرُ.
وفي الحديث: أَنه كان على الحَجُون كَئيباً. وقال ابن الأَثير:
الحَجُونُ الجبلُ المُشْرِف مما يَلي شِعْب الجَزَّارين بمكة، وقيل: هو موضع بمكة
فيه اعْوِجاج، قال: والمشهور الأَوَّل، وهو بفتح الحاء. والحَوْجَنُ،
بالنون: الوَرْدُ الأَحمر؛ عن كراع. وقد سمَّوْا حَجْناً وحُجَيْناً
وحَجْناءَ وأَحْجَنَ، وهو أَبو بَطْنٍ منهم، ومِحْجَناً، وهو مِحْجَن بن
عُطارِد العَنْبَريّ شاعر معروف؛ وذكر ابن بري في هذه الترجمة ما صورته:
والحَجِنُ المرأَةُ القليلةُ الطَّعْم؛ قال الشمّاخ:
وقد عَرِقَتْ مَغابِنُها، وجادَتْ
بِدرَّتِها قِرَى حَجِنٍ قَتِينِ.
قال: والقَتِينُ مثل الحَجِين أَيضاً، أَراد بالحَجِن قُراداً، وجعل
عَرَق هذه الناقة قُوتاً له، وهذا البيت بعينه ذكره الأَزهري وابن سيده في
ترجمة جحن، بالجيم قبل الحاء، فإِما أَن يكون الشيخ ابن بري وجد له وجهاً
فنقله أَو وَهم فيه.