من (خ د م) من يقوم غيره بخدمته.
من (خ د م) من يقوم غيره بخدمته.
خدم: الخَدَم: الخُدَّمُ. والخادِمُ: واحدُ الخَدَمِ، غلاماً كان أَو
جارية؛ قال الشاعر يمدح قوماً:
مُخَدَّمون ثِقالٌ في مَجالسهم،
وفي الرِّجال، إِذا رافقتَهم، خَدَمُ
وتَخَدَّمْتُ خادِماً أَي اتخذت. ولا بد لمن لم يكن له خادمٌ أَن
يَخْتَدِم أَي يَخْدُم نفسه. وفي حديث فاطمة وعليّ، عليهما السلام: اسأَلي
أَباكِ خادِماً تَقِيكِ حَرَّ ما أَنتِ فيه؛ الخادِمُ: واحد الخَدَم، ويقع
على الذكر والأُنثى لإِجرائه مُجرى الأَسماء غير المأْخوذة من الأَفعال
كحائض وعاتِق. وفي حديث عبد الرحمن: أَنه طلق امرأَته فَمَتَّعها بخادم
سَوداء أَي جارية. وهذه خادِمُنا، بغير هاء، لوجوبه، وهذه خادِمتُنا
غداً.ابن سيده: خَدَمَه يَخْدُمه ويَخدِمه؛ الكسر عن اللحياني، خَدْمةً، عنه،
وخِدْمة، مَهَنَهُ، وقيل: الفتح المصدر، والكسر الاسم، والذكر خادم،
والجمع خُدَّام. والخَدَمُ: اسم للجمع كالعَزَبِ والرَّوَح، والأُنثى خادِم
وخادِمة، عَرَبيَّتان فصيحتان، وخدَم نفسهَ يَخْدُمُها ويَخْدِمُها كذلك.
وحكى اللحياني: لا بدَّ لمن لم يكن له خادم أَن يَختَدِم أَي يخدُم
نَفْسَه. واستخدَمَه فأَخدَمَه: استوهَبَه خادِماً فَوَهَبَه له. ويقال:
اخْتَدَمْتُ فلاناً واسْتَخْدَمْتُه أَي سأَلتُهُ أَن يَخْدُمني. وقومٌ
مُخَدَّمُون أَي مَــخْدُومُــون، يراد به كثرةُ الخَدَم والخَشَم. وأَخدمتُ
فلاناً: أَعطيتُه خادماً يَخدُمُه، يقع الخادِمُ
على الأَمة والعبد. ورجل مَــخْدُوم: له تابعة من الجنّ.
والخَدَمة: السير الغليظ المحكمُ مثل الحَلْقة، يُشدّ في رُسْغ البعير
ثم يُشَدّ إِليها سَرائحُ نَعْلِها؛ وأَنشد ابن بري للأَعشى:
وطايَفْن مَشْياً في السَّرِيح المُخَدِّم
والجمع خَدَمٌ، وفي التهذيب: خِدامٌ، وقد خَدَّم البعير. والخَدَمةُ:
الخَلْخالُ. هو من ذلك لأَنه ربما كان من سيور يُرَكَّبُ فيها الذهب
والفضة، والجمع خِدامٌ، وقد تُسمِّى الساقُ خَدَمَةً حملاً على الخَلْخال
لكونها موضعه، والجمع خَدَمٌ وخِدامٌ؛ قال:
كيف نَوْمِي على الفراشِ، ولمَّا
تَشْمَلِ الشأْمَ غارةٌ شَعْواءُ
تُذْهِلُ الشيخَ عن بَنيهِ، وتُبْدي
عن خِدامِ العَقِيلَةُ العَذْراءُ
أَراد وتُبْدِي عن خِدامٍ العقيلة، وخِدام ههنا في نية عن خِدامها؛
وعدَّى تُبْدِي بعَنْ لأَن فيه معنى تكشف كقوله:
تَصُدُّ وتُبْدِي عن أَسيلٍ وتَتَّقِي
أَي تكشف عن أَسيلٍ أَو تُسْفِرُ
عن أَسيلٍ. والمُخَدَّمُ: موضع الخَدَمَة من البعير والمرأَة؛ قال طفيل:
وفي الظَّاعِنينَ القَلْبُ قد ذَهَبَتْ به
أَسيلَةُ مَجْرى الدَّمْعِ، رَيَّا المُخَدَّمِ
والمُخَدَّمُ
من البعير: ما فوق الكعب. غيره: والمُخَدَّم والمُخَدَّمة موضع الخِدام
من الساق. وفي الحديث: لا يحول بيننا وبين خَدَمِ نِسائكم شيءٌ، جمع
خَدَمَةٍ، يعني الخلخال، ويجمع على خِدامٍ أَيضاً؛ ومنه الحديث: كُنَّ
يُدْلِجْنَ بالقِرَبِ على ظهورهن ويَسْقِينَ أَصحابه بادَيةً
خِدامُهُنَّ.وفي حديث سلمان: أَنه كان على حِمار وعليه سَراويلُ وخَدَمَتاه
تَذَبْذَبانِ؛ أَراد بخَدَمَتَيْه ساقَيْه لأَنهما موضع الخَدَمتين و هما
الخَلْخالانِ، وقيل: أَراد بهما مَخْرَجَ الرجلين من السراويل. أَبو عمرو:
الخِدام القيود. ويقال للقيد: مِرْمَلٌ ومِحْبَسٌ. ابن سيده: والمُخَدَّم
رِباطُ السَّراويل عند أَسفل رجل السَّراويل. أَبو زيد: إِذا ابْيَضَّت
أَوْظِفَةُ النعجة فهي حَجْلاءُ وخَدْماءُ، والخَدْماءُ
مثل الحَجْلاء: الشاة البيضاء الأَوْظِفَةِ أَو الوَظيفِ الواحد،
وسائرها أَسود، وقيل: هي التي في ساقها عند موضع الرُّسْغِ بياض كالخَدَمةِ في
سواد أَو سواد في بياض، وكذلك الوُعُولُ مشبّه بالخَدَم من الخلاخيل،
والاسم الخُدْمةُ، بضم الخاء، ويسمون موضع الخَلْخال مُخَدَّماً؛ وقول
الأَعشى:
ولو أَنَّ عِزَّ الناسِ في رأْس صَخْرَةٍ
مُلَمْلَمَةٍ، تُعْيِي الأَرَحَّ المُخَدَّما
لأَعطاك ربُّ الناسِ مِفْتاحَ بابِها،
ولو لم يكن بابٌ لأَعطاكَ سُلَّمَا
يريد وَعْلاً ابْيَضَّتْ أَوْظِفَتُهُ. وفرس مُخَدَّمٌ وأَخْدَمُ:
تحجيلُه مستدير فوق أَشاعره، وقيل: فرس مُخدَّمٌ جاوز البياضُ أَرساغه أَو
بعضها، وقيل: التَّخْديمُ أَن يَقْصُرَ بياض التحجيل عن الوَظيف فيستدير
بأَرساغ رجلي الفرس دون يديه فوق الأَشاعر، فإِن كان بِرجْلٍ واحدة فهو
أَرْجَلُ، وقد تسمى حَلْقَةُ القوم خَدَمَةً. وفي حديث خالد بن الوليد إِلى
مَرازِبةِ فارس: الحمد لله الذي فَضَّ خَدَمَتَكُمْ؛ قال: فَضَّ الله
خَدَمَتهم أَي فرق جماعتهم؛ الخَدَمة،بالتحريك: سير غليظ مضفور مثل الحَلْقة
يشد في رُسْغِ البعير، ثم يشد إِليها سَرائِحُ نعله، فإِذا انْفَضَّتِ
الخَدَمَة انْحَلَّت السَّرائِحُ وسقطت النعل، فضرب ذلك مَثَلاً لذهاب ما
كانوا عليه وتفَرُّقِهِ، وشَبَّه اجتماع أَمر العَجَمِ واتساقه بالحلقة
المستديرة، فلهذا قال: فَضَّ خَدَمَتكُم أَي فرقها بعد اجتماعها. وقال
أَبو عبيد: هذا مَثَلٌ، وأَصل الخَدَمَةِ الحلقةُ المستديرة المُحْكَمَةُ،
ومنه قيل للخلاخيل خِدامٌ؛ وأَنشد:
كانَ مِنَّا المُطارِدون على الأُخْـ
ـرى، إِذا أَبْدَتِ العَذَارَى الخِدامَا
قال: فَشَبَّهَ خالد اجتماع أَمرهم كان واستيثاقهم بذلك، ولهذا قال:
فَضَّ الله خَدَمَتَكُمْ أَي فرقها بعد اجتماعها.
وابن خِدامٍ: شاعر قديم، ويقال: ابن خِذامٍ، بالذال المعجمة.
زنم: زَنَمَتا الأُذن: هنتان تليان الشحمة، وتقابلان الوَتَرَةَ.
وزَنَمَتا القُوقِ وزُنْمتاه
(* قوله «وزنمتا الفوق وزنمتاه» كذا هو مضبوط في
الأصل بضم الزاي وسكون النون في الثاني، ومقتضى القاموس فتح الزاي).
والأَول أَفصح: أَعلاه وحرفاه. الزَّنَمَتان: زَنَمَتا الفُوق، وهما شَرَجا
الفُوق، وهما ما أَشرف من حرفيه.
والمُزَنَّمُ والمُزَلَّمُ: الذي تقطع أُذنه ويترك له زَنَمَةٌ. ويقال:
المُزَلَّم والمُزَنَّمُ الكريم. والمُزَنَّمُ من الإِبل: المقطوع طرف
الأُذن؛ قال أَبو عبيد: وإِنما يفعل ذلك بالكرام منها؛ والتَّزْنيمُ: اسم
تلك السِّمَةِ اسم كالتَّنْبيت. الأَحمر: من السِّمات في قطع الجلد
الرَّعْلة، وهو أَن يُشَقَّ من الأُذن شيء ثم يترك معلَّقاً، ومنها الزَّنَمةُ،
وهو أَن تَبِين تلك القطعة من الأُذن، والمُفْضاة مثلها. الجوهري:
الزَّنَمَةُ شيء يقطع من أُذن البعير فيترك معلقاً، وإِنما يفعل ذلك بالكِرام
من الإِبل. يقال: بعير زَنِمٌ وأَزْنَمُ ومُزَنَّم وناقة زَنِمَةٌ
وزَنْماء ومُزَنَّمَةٌ. والزَّنَمُ: لغة في الزَّلَمِ الذي يكون خلف الظِّلْفِ،
وفي حديث لقمان: الضائنة الزَّنِمَةُ أَي ذات الزَّنَمَةِ، وهي الكريمة،
لأَن الضأْن لا زَنَمَةَ لها وإِنما يكون ذلك في المعز؛ قال المُعَلَّى
بن حَمّال العبدي:
وجاءت خُلْعَةٌ دُهْس صَفايا،
يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوى زَنِيمُ
يُفَرِّقُ بينها صَدْعٌ رَباع،
له ظَأْبٌ كما صَخِبَ الغَريمُ
والخَلْعَةُ: خيار المال. والزَّنِيمُ: الذي له زَنَمَتان في حلقه،
وقيل: المُزَنَّمُ صغار الإِبل، ويقال: المُزَنَّمُ اسم فحل؛ وقول زهير:
فأَصْبَحَ يَجرِي فيهمُ، من تِلادِكُمْ،
مَغانم شَتَّى من إِفالٍ مُزَنَّمِ
قال ابن سيده: هو من باب السِّمام المُزْعِف والحِجال المُسَجَّف لأَن
معنى الجماعة والجمع سواء، فحمل الصفة على الجمع، ورواه أَبو عبيدة: من
إِفال المُزَنَّمِ، نسبه إِليه كأَنه من إِضافة الشيء إِلى نفسه.
وقوله تعالى: عُتُلٍّ بعد ذلك زَنِيمٍ؛ قيل: موسوم بالشر لأَن قطع
الأُذن وَسْمٌ.
وزَنَمَتا الشاة وزُنْمتها
(* قوله «وزنمتها» كذا هو مضبوط في الأصل بضم
فسكون): هنة معلقة في حَلْقها تحت لِحْيتها، وخص بعضهم به العنز، والنعت
أَزْنَمُ، والأُنْثى زَلْماء وزَنْماءُ؛ قال ضَمْرَةُ بن ضَمْرَةَ
النَّهْشَليّ يهجو الأَسود بن مُنْذر بن ماء السماء أَخا النُّعْمان بن
المُنْذِرِ:
تَرَكْتَ بني ماء السماءِ وفِعْلَهُمْ،
وأَشْبَهْتَ تَيْساً بالحِجازِ مُزَنَّما
ولَنْ أَذْكُرَ النُّعْمانَ إِلاَّ بصالحٍ،
فإِنَّ له عِنْدي يُدِيّاً وأَنْعُما
قال: ومن كلام بعض فِتْيانِ العرب يَنْشُدُ عَنْزاً في الحَرَمِ: كأَنَّ
زَنَمَتَيْها تَتْوا قُلَيْسِيَّة. الليث: وزَنَمتا العنز من الأُذن.
والزَّنَمَةُ أَيضاً: اللحمة المُتَدَلِّيَةُ في الحلق تسمى ملاده
(* قوله
«تسمى ملاده» كذا هو في الأصل).
والزَّنِيمُ: ولد العَيْهَرَةِ. والزَّنِيمُ أَيضاً: الوكيل.
والزُّنْمةُ: شجرة لا وَرَقَ لها كأَنها زُنْمةُ الشاة. والزَّنَمةُ: نَبْتَة
سُهَيلية تنبت على شكل زَنَمَةِ الأُذن، لها ورق وهي من شر النبات؛ وقال أَبو
حنيفة: الزَّنَمَةُ بَقْلة قد ذكرها جماعة من الرواة، قال: ولا أَحفظ لها
عنهم صفة.
والأَزْنَمُ الجَذَعُ: الدهر المعلَّق به البلايا، وقيل: لأَن البلايا
مَنُوطةٌ به متعلقة تابعة له، وقيل: هو الشديد المرّ، وقد تقدم عامة ذلك
في ترجمة زلم. ويقال: أَوْدى به الأَزْلَمُ الجَذَعُ والأَزْنَمُ
الجَذَعُ؛ قال رؤبة يصف الدهر:
أَفْنى القُرونَ وهو باقي زَنَمَهْ
وأَصل الزَّنَمَةِ العلامة. والزَّنِيمُ: الدَّعِيُّ. والمُزَنَّمُ:
الدَّعيُّ؛ قال:
ولكنَّ قَوْمي يَقْتنون المُزَنَّما
أَي يستعبدونه؛ قال أَبو منصور: قوله في المُزَنَّمِ إِنه الدَّعِيُّ
وإِنه صغار الإِبل باطل، إِنما المُزَنَّمُ من الإِبل الكريم الذي جعل له
زَنَمةٌ علامة لكَرَمِهِ، وأما الدَّعِيُّ فهو الزَّنِيمُ، وفي التنزيل
العزيز: عُتُلٍّ بعد ذلك زَنيم؛ وقال الفراء: الزَّنِيمُ الدَّعِيُّ
المُلْصَقُ بالقوم وليس منهم، وقيل: الزَّنِيمُ الذي يُعْرَفُ بالشر واللُّؤْم
كما تعرف الشاة بزَنَمَتِها. والزَّنَمَتانِ: المعلقتان عند حُلوق
المِعْزَى، وهو العبد زُنْماً وزَنْمَةَ وزُنْمَةً وزَنَمَةً وزُنَمَةً أَي
قَدُّه قَدُّ العبد. وقال اللحياني: هو العبد زُنْمَةً وزَنْمَةً وزَنَمَةً
وزُنَمَةً أَي حَقّاً. والزَّنِيمُ والمُزَنَّمُ: المُسْتَلْحَقُ في قوم
ليس منهم لا يحتاج إِليه فكأَنه فيهم زَنَمَةٌ؛ ومنه قول حَسَّان:
وأَنت زَنِيمٌ نِيطَ في آلِ هاشِمٍ،
كما نِيطَ خَلْفَ الراكب القَدَحُ الفَرْدُ
وأَنشد ابن بري للخَطِيم التميمي، جاهلي:
زَنِيمٌ تَداعاه الرِّجالُ زِيادةً،
كما زِيدَ في عَرْضِ الأَدِيمِ الأَكارِعُ
وجدت حاشية صورتها: الأَعْرَفُ أَن هذا البيت لحَسَّان؛ قال: وفي الكامل
للمبرد روى أَبو عبيد وغيره أَن نافِعاً سأَل ابن عباس عن قوله تعالى
عُتُلٍّ بعد ذلك زَنِيمٍ: ما الزَّنِيمُ؟ قال: هو الدَّعِيُّ المُلْزَقُ،
أَما سمعت قول حَسَّان بن ثابت:
زَنِيمٌ تَداعاه الرِّجالُ زِيادةً،
كما زِيدَ في عَرْضِ الأَدِيمِ الأَكارِعُ
وورد في الحديث أَيضاً: الزَّنِيمُ وهو الدَّعِيُّ في النَّسَب؛ وفي
حديث علي وفاطمة، عليهما السلام:
بِنْتُ نَبيٍّ ليس بالزَّنِيمِ
وزُنَيْمٌ وأَزْنَمُ: بطنان من بني يَرْبوعٍ. الجوهري: وأَزْنَمُ بطن من
بني يَرْبُوعٍ؛ وقال العَوَّامُ بن شَوْذَبٍ الشَّيْبانيّ:
فلو أَنَّها عُصْفُورَةٌ لَحَسِبْتُها
مُسَوَّمَةً تَدْعُو عُبَيْداً وأَزْنَمَا
وقال ابن الأَعرابي: بنو أَزْنَمَ بن عُبَيْد بن ثَعْلبَةَ بن
يَرْبُوعٍ، والإِبل الأَزْنَمِيَّةُ منسوبة إِليهم؛ وأَنشد:
يَتْبَعْنَ قَيْنَيْ أَزْنَمِيٍّ شَرْجَبِ،
لا ضَرَع السِّنِّ ولم يُثَلَّبِ
يقول: هذه الإِبل تَرْكَبُ قَيْنَيْ هذا البعير لأَنه قُدَّام الإِبل.
وابن الزُّنَيْمِ، على لفظ التصغير: من شعرائهم.
عسم: العَسَمُ: يُبْسٌ في المِرْفق والرُّسغ تَعوَجُّ منه اليدُ
والقدَمُ. وفي الحديث: في العبد الأَعْسَمِ إذا أُعتِقَ؛ قال امرؤ
القيس:به عَسَمٌ يَبْتغِي أَرْنَبا
(* صدر البيت:
مُرسَّعةٌ بين أرساغِه).
عَسِمَ عَسَماً وهو أَعسمُ، والأُنثى عَسماء، والعسَم: انتشار رُسغ اليد
من الإنسان، وقيل: العَسَمُ يُبسُ الرُّسغِ. والعَسْمُ: الخُبز اليابسُ،
والجمع عُسُومٌ؛ قال أُميّة بن أبي الصلت في صفة أهل الجنة:
ولا يَتنازَعُونَ عِنانَ شِرْكٍ،
ولا أَقواتُ أهلِهِمُ العُسُومُ
وقيل: العُسومُ كِسَر الخُبز اليابس القاحِل، وقيل: العُسومُ القِلَّة.
وما ذاقَ من الطعام إلا عَسْمةً أي أَكلةً. وعَسَمَ يَعْسِمُ عَسْماً
وعُسوماً: كَسَب. والعَسْمُ: الاكتِساب. والاعتِسام: الاكتِساب.
والعَسْمِيُّ: الكَسوبُ على عياله. والعَسَمِيُّ: المُصِلح
(* قوله«والعسمي المصلح
إلخ» ضبط في الأصل بفتح السين، لكن ضبط في التكملة باسكانها وهي أوثق،
ومثل ما فيها في التهذيب. وقوله «وهو المعوج أيضاً» بفتح الواو ومخففة في
الأصل والتكملة. وفي القاموس: وهو المعوج ضد بكسر الواو مشددة) لأُموره،
وهو المُعوَجُّ أَيضاً. والعَسْمِيُّ: المُخاتِل. وأَعسَم غيره: أعطاه.
والعَسْمُ: الطمَع. وعَسَمَ يَعْسِمُ عَسْماً: طَمِعَ. ويقال: هذا الأمر لا
يُعْسَمُ فيه؛ قال العجاج:
استَسْلَموا كَرْهاً ولم يُسالِموا،
وهالَهُمْ مِنكَ إيادٌ داهِمُ،
كالبَحْرِ لا يَعسِمُ فيه عاسِمُ
أي لا يَطمع فيه طامِع أن يُغالِبه ويَقْهَره؛ وقال شمر في قول الراجز:
بئرٌ عَضُوضٌ ليس فيها مَعْسَمُ
أي ليس فيها مَطمعٌ. وما لك في فلان مَعْسَمٌ أي مَطمعٌ؛ وقال ابن بري
في قول ساعدة الهذلي:
أَمْ في الخُلودِ ولا باللهِ مِن عَسَمِ
أي من مَطمع، ويروي: عَشَمِ، بالشين المعجمة، وقيل: العَسْمُ المصدر،
والعِسْم الاسم. وما في قِدْحِكَ مَعسَمٌ أي مَغْمَزٌ. ويقال: ما عَسَمْتُ
بمثله أي ما بَلِلْتُ بمثله. وعسَمَ الرجل يَعسِمُ عَسْماً: رَكِبَ
رَأْسَه في الحرْب واقتحم ورَمى نفسه وَسْطها غير مُكترثٍ، زاد الجوهري: رمى
نفسه وسْط القوم، في حرب كان أو غير حرب.
والعُسُم: الكادُّون على العِيال، واحدهم عَسُوم وعاسِم.
وعسَمتْ عينه تَعسِمُ: ذرَفَتْ، وقيل: انطبقت أجفانُها بعضُها على بعض؛
قال ذو الرمة:
ونِقْضٍ كرِئْمِ الرَّمْلِ ناجٍ زَجَرْتُه،
إذا العَينُ كادَتْ من كَرى الليلِ تَعسِمُ
أي تُغَمِّضُ، وقيل: تَذْرِفُ؛ وقال الآخر:
كِلْنا عليها بالقَفِيزِ الأَعْظَمِ
تِسعينَ كُرّاً، كلُّه لم يُعْسَمِ
أي لم يُطفَّفْ ولم يُنْقَص. قال المُفضَّل: ويقال للإبل والغنم والناس
إذا جُهِدوا عَسَمتْهُم شدَّة الزمان، قال: والعَسْمُ الانتِقاصُ. وحمارٌ
أَعسَمُ: دقيقُ القوائم. وفلانٌ يَعْسِمُ أي يَجتهد في الأمر ويُعْمِلُ
نفسَه فيه. ويقال: ما عَسَمْتُ هذا الثوبَ أي لم أجهَدْه ولم أَنهَكْه.
واعتَسَمْتُه إذا أَعْطيتَه ما يَطمع منك. والاعتِسامُ: أن تَضَعَ الشاءُ
ويأْتي الراعي فيُلقي إلى كُلِّ واحدةٍ ولدَها.
والعَسُومُ: الناقة الكثيرة الأولاد.
وبنو عَسامة
(* قوله «وبنو عسامة» ضبط بفتح العين في الأصل والمحكم،
وبضمها في القاموس): قبيلةٌ. وعاسمٌ: موضع. وعُسامة: اسم.
حشد: حَشَدَ القومَ يَحْشِدُهم ويَحْشُدُهم: جمعهم.
وحَشَدوا وتحاشدوا: خفوا في التعاون أَو دُعُوا فأَجابوا مسرعين، هذا
فعل يستعمل في الجمع، وقلما يقولون للواحد حَشَد، إِلاَّ أَنهم يقولون
للإِبل: لها حالب حاشد، وهو الذي لا يَفْتُرُ عن حَلْبها والقيام بذلك.
وحَشَدوا يَحْشِدون، بالكسر، حَشْداً أَي اجتمعوا، وكذلك احتشدوا وتحشدوا.
وحَشَدَ القوم وأَحْشَدوا: اجتمعوا لأَمر واحد، وكذلك حَشَدوا عليه
واحْتَشَدوا وتحاشدوا.
والحَشْدُ والحَشَدُ: اسمان للجمع؛ وفي حديث سورة الإِخلاص: احشِدوا
فإِني سأَقرأُ عليكم ثلث القرآن أَي اجتمعوا.
والحشْد: الجماعة. وحديث عمر قال في عثمان، رضي الله عنهما: إِني أَخاف
حَشْدَه؛ وحديث وَفْدِ مَذْحِج: حُشَّدٌ وُفَّدٌ. الحُشَّد، بالضم
والتشديد، جمع حاشد. وحديث الحجاج: أَمنَ أَهلُ المَحاشد والمَخاطب أَي مواضع
الحَشْدِ والخَطْب، وقيل: هما جمع الحشد والخطب على غير قياس كالمَشابه
والمَلامح أَي الذين يجمعون الجموع للخروج، وقيل: المَخْطَبَةُ الخُطْبَةُ،
والمخاطبة مفاعلة من الخطاب والمشاورة. ويقال: جاء فلان حافلاً حاشداً
ومحتفلاً محتشداً أَي مستعداً متأَهباً. وعند فلان حَشْدٌ من الناس أَي
جماعة قد احتشدوا له. قال الجوهري: وهو في الأَصل مصدر. ورجل محشود: عنده
حَشَدٌ من الناس أَي جماعة. ورجل محشود إِذا كان الناس يَحُفُّون بخدمته
لأَنه مطاع فيهم. وفي حديث أُم معبد: محفود محشود أَي أَن أَصحابه يخدمونه
ويجتمعون إِليه. والحَشِدُ والمحتَشِدُ: الذي لا يدع عند نفسه شيئاً من
الجَهْدِ والنُّصْرَة والمال، وكذلك الحاشد، وجمعه حُشُدٌ؛ قال أَبو كبير
الهذلي:
سَجْراء نفسي غيرَ جَمْعِ أُشابَةٍ
حُشُداً، ولا هُلْك المفارش عُزَّل
قال ابن جني: روي حُشُداً بالنصب والرفع والجر، أَما النصب فعلى البدل
من غير، وأَما الرفع فعلى أَنه خبر متبدإِ محذوف، وأَما الجر فعلى جوار
أُشابة وليس في الحقيقة وصفاً لها ولكنه للجوار نحو قول العرب هذا جُحْرُ
ضَبٍّ خربٍ. ويقال للرجل إِذا نزل بقوم فأَكرموه وأَحسنوا ضيافته، قد
حَشَدوا، وقال الفراء: حَشَدوا له وحَفَلوا له إِذا اختلطوا له وبالغوا في
إِلطافه وإِكرامه. والحاشدُ: الذي لا يُفَتِّرُ حَلْبَ الناقة والقيامَ
بذلك. الأَزهري: المعروف في حلب الإِبل حاشك، بالكاف، لا حاشد، بالدال،
وسيأْتي ذكره في موضعه. إِلا أَن أَبا عبيد قال: حَشَدَ القومُ وحَشَكوا
وتحرّشوا بمعنى واحد، فجمع بين الدال والكاف في هذا المعنى. وفي حديث صفة
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذي يروى عن أُم معبد الخزاعية: محفود
محشود أَي أَن أَصحابه يخدمونه ويجتمعون عليه.
ويقال: احتشد القوم لفلان إِذا أَردت أَنهم تجمعوا له وتأَهبوا.
وحَشَدَت الناقةُ في ضرعها لبناً تَحْشُده حُشوداً: حَفَّلته. وناقة
حَشود: سريعة جمع اللبن في الضرع.
وأَرض حَشاد: تسيل من أَدنى مطر. وواد حَشِدٌ: يُسيله القليل الهَيِّن
من الماء. وعين حُشُدٌ: لا ينقطع ماؤها. قال ابن سيده: وقيل إِنما هي
حُتُدٌ، قال: وهو الصحيح. قال ابن السكيت: أَرض نَزْلةٌ
(* قوله «أرض نزلة»
كذا في الأصل بهذا الضبط. والذي في القاموس بهذا الضبط أيضاً: وأرض نزلة
زاكية الزرع، وككتف: المكان الصلب السريع السيل.) تسيل من أَدنى مطر،
وكذلك أَرض حَشاد وزَهادٌ وسَحَاح؛ وقال النضر: الحَشادُ من المسايل إِذا
كانت أَرض صُلْبة سريعة السيل وكثرت شعابها في الرَّحَبة وحَشَدَ بعضها
بعضاً؛ قال الجوهري: أَرض حَشاد لا تسيل إِلا عن مطر كثير، وهذا يخالف ما
ذكره ابن سيده وغيره فإِنه قال حَشاد تسيل من أَدنى مطر.
وحاشِدٌ: حيّ من هَمْدان.
حفد: حَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً وحَفَداناً واحتفد: خفَّ في العمل وأَسرع.
وحَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً: خَدَم. الأَزهري: الحَفْدُ في الخدمة والعمل
الخفة؛ وأَنشد:
حَفَدَ الولائدُ حولهن، وأَسلمتْ
بأَكُفِّهِنَّ أَزمَّةَ الأَجْمالِ
وروي عن عمر أَنه قرأَ في قنوت الفجر: وإِليك نسعى ونَحْفِدُ أَي نسرع
في العمل والخدمة. قال أَبو عبيد: أَصل الحَفْد الخدمة والعمل؛ وقيل: معنى
وإِليك نسعى ونحفد نعمل لله بطاعته. الليث: الاحتفاد السرعة في كل شيء؛
قال الأَعشى يصف السيف:
ومُحْتَفِدُ الوقعِ ذو هَبَّةٍ،
أَجاد جِلاه يَدُ الصَّيْقَل
قال الأَزهري: رواه غيره ومحتفل الوقع، باللام، قال: وهو الصواب. وفي
حديث عمر، رضي الله عنه، وذكر له عثمان للخلافة قال: أَخشى حفْدَه أَي
إِسراعه في مرضاة أَقاربه. والحَفْدُ: السرعة. يقال: حَفَدَ البعيرُ والظليم
حَفْداً وحَفَداناً، وهو تدارك السير، وبعير حَفَّادٌ. قال أَبو عبيد:
وفي الحفد لغة أُخرى أَحْفَدَ إِحْفاداً. وأَحفدته: حملته على الحَفْدِ
والإِسراع؛ قال الراعي:
مَزايدُ خَرْقاءِ اليَدَينِ مُسِيفَةٍ،
أَخَبَّ بهن المُخْلِفانِ وأَحْفَدا
أَي أَحفدا بعيريهما. وقال بعضهم: أَي أَسرعا، وجعل حَفَدَ وأَحفد
بمعنى. وفي التهذيب: أَحفدا خدما، قال: وقد يكون أَحفدا غيرهما.
والحَفَدُ والحَفَدَة: الأَعوان والخدَمة، واحدهم حافد. وحفَدة الرجل:
بناته، وقيل: أَولاد أَولاده، وقيل: الأَصهار.
والحفيد: ولد الولد، والجمع حُفَداءُ. وروي عن مجاهد في قوله بنين وحفدة
أَنهم الخدم، وروي عن عبد الله أَنهم الأَصهار، وقال الفرّاء: الحَفَدة
الأَختان ويقال الأَعوان، ولو قيل الحَفَدُ كان صواباً، لأَن الواحد حافد
مثل القاعد والقَعَد. وقال الحسن: البنون بنوك وبنو بينك، وأَما الحفدة
فما حفدك من شيء وعمل لك وأَعانك. وروى أَبو حمزة عن ابن عباس، رضي الله
عنهما، في قوله تعالى: بنين وحفدة، قال: من أَعانك فقد حفدك؛ أَما سمعت
قوله:
حَفَدَ الولائدُ حولهنَّ وأَسلمت
وقال الضحاك: الحفدة بنو المرأَة من زوجها الأَوَّل. وقال عكرمة: الحفدة
من خدمك من ولدك وولد ولدك. وقال الليث: الحفدة ولد الولد. وقيل: الحفدة
البنات وهنَّ خدم الأَبوين في البيت. وقال ابن عرفة: الحفَدُ عند العرب
الأَعوان، فكل من عمل عملاً أَطاع فيه وسارع فهو حافد؛ قال: ومنه قوله
وإِليك نسعى ونحفد. قال: والحَفَدانُ السرعة. وروى عاصم عن زرّ قال: قال
عبدالله: يا زرّ هل تدري ما الحفدة؟ قال: نعم، حُفَّادُ الرجل من ولده وولد
ولده، قال: لا ولكنهم الأَصهار؛ قال عاصم: وزعم الكلبي أَن زرّاً قد
أَصاب؛ قال سفيان: قالوا وكذب الكلبي. وقال ابن شميل: قال الحفدة الأَعوان
فهو أَتبع لكلام العرب ممن قال الأَصهار؛ قال:
فلو أَن نفسي طاوعتني، لأَصبحت
لها حَفَدٌ مما يُعَدُّ كثير
أَي خَدَم حافد وحَفَدٌ وحَفَدَةٌ جميعاً.
ورجل محفود أَي مــخدوم. وفي حديث أُم معبد: محفود محشود؛ المحفود: الذي
يخدمه أَصحابه ويعظمونه ويسرعون في طاعته. يقال: حَفَدْتُ وأَحْفَدْتُ
وأَنا حافد ومحفود. وحَفَدٌ وحَفَدة جمع حافد. ومنه حديث أُمية: بالنعم
محفود. وقال: الحَفْدُ والحَفدان والإِحفاد في المشي دون الخَبَبِ؛ وقيل:
الحَفَدان فوق المشي كالخبب، وقيل: هو إِبطاء الرَّكَكِ، والفعل كالفعل.
والمَحْفِدُ والمِحْفَدُ: شيء تعلف فيه الإِبل كالمِكْتَلِ؛ قال الأَعشى يصف
ناقته:
بناها الغَوادي الرضِيخُ مع الخَلا،
وسَقِْي وإِطعامي الشعيرَ بِمَحْفِدِ
(* قوله «الغوادي الرضيخ إلخ» كذا بالأصل الذي بأيدينا، وكذا في شرح
القاموس)
الغوادي: النَّوَى. والرضيخ: المرضوخ وهو النوى يبل بالماء ثم يرضخ،
وقيل: هو مكيال يكال به، وقد روي بيت الأَعشى بالوجهين معاً:
بناها السواديّ الرضيخُ مع النوى،
وقَتٍّ وإِعطاء الشعيرِ بِمِحْفَدِ
ويروى بِمَحْفِد، فمن كسر الميم عده مما يعتمل به، ومن فتحها فعلى توهم
المكان أَو الزمان. ابن الأَعرابي: أَبو قيس مكيال واسمه المِحْفَدُ وهو
القَنْقَلُ.
ومَحافِدُ الثوب: وشْيُهُ، واحدها مَحْفِدٌ. ابن الأَعرابي: الحَفَدَةُ
صُناع الوشي والحفد الوَشْيُ. ابن شميل: يقال لطرف الثوب مِحفد، بكسر
الميم، والمَحْفِد: الأَصل عامّة؛ عن ابن الأَعرابي، وهو المَحْتِدُ
والمَحفِد والمَحْكِد والمَحْقِدُ: الأَصل.
ومَحْفِدُ الرجل: مَحْتِدُه وأَصله. والمحفد: السنام.
وفي المحكم: أَصل السنام؛ عن يعقوب؛ وأَنشد لزهير:
جُمالِيَّة لم يُبْقِ سيري ورِحْلَتي
على ظهرها، من نَيَّها، غيرَ مَحْفِد
وسيف مُحتفِدٌ: سريع القطع.
هذر: الهَذَرُ: الكلام الذي لا يُعْبَأُ به. هَذرَ كلامُه هَذَراً: كثر
في الخطإِ والباطل. والهَذَرُ: الكثير الرديء، وقيل: هو سَقَطُ الكلام.
هَذَرَ الرجلُ في منطقه يَهْذِرُ ويَهْذُر هَذْراً، بالسكون، وتَهْذاراً
وهو باء يدل على التكثير، والاسم الهَذَرُ، بالتحريك، وهو الهَذَيانُ،
والجل هَذِرٌ،بكسر الذال؛ قال سيبويه: هذا باب ما يكثر فيه المصدر من
فَعَلْتُ فَتُلْحِقُ الزوائدَ وتبنيه بناء آخر كما أَنك قلت في فَعَلْتُ
فَعَّلْتُ، ثم ذكر المصادر التي جاءت على التَّفْعال كالتَّهْذارِ ونحوها، قل:
وليس شيء من هذا مَصْدَرَ فَعَّلْتُ، ولكن لما أَردتَ التكسير بنيتَ
المصدر على هذا، كما بنيت فَعَلْت على فَعَّلت. وأَهْذَر الرجلُ في كلامه:
أَكثر. ورجل هِذْرِيانٌ إِذا كان غَثَّ الكلام كثيره. الجوهري: رجل
هِذْرِيانٌ خفيف الكلام والخدمة؛ قال عبد العزيز بن زُرارَةَ الكِلابيُّ يصف
كَرَمَهُ وكثرة خَدَمِه، فضيوفه يأْكلون من الجَزُورِ التي نحرها لهم على
أَيّ نوع يشتهون مما يصنع لهم من مَشْوِيٍّ ومطبوخ وغير ذلك من غير أَن
يَتَوَلَّوْا ذلك بأَنفسهم لكثرة خَدَمِهم والمسارعين إِلى ذلك: إِذا ما
اشْتَهَوْا منها شِواءً، سَعَى لهم
به هِذْرِيانٌ للكرام خَدُومُ
قوله منها أَي من الجزور. وحكى ابن الأَعرابي: من أَكْثَرَ أَهْذَر أَي
جاء بالهَذَرِ ولم يقل أَهْجَرَ. ورجل هَذِرٌ وهَذُرٌ وهُذَرَةٌ
وهُذُرَّةٌ؛ قال طُرَيْحٌ:
واتْرُكْ مُعانَدَةَ اللَّجُوجِ، ولا تكن
بين النَّدِيِّ هُذُرَّةً تَيَّاها
وهَذَّار وهَيْذارٌ وهَيْذارَةٌ وهِذْرِيانٌ ومِهْذارٌ؛ قال الشاعر:
إِنِّي أُذَرِّي حَسَبي أَن يُشْتَما
بِهَذْرِ هَذَّارٍ يَمُجُّ البَلْغَما
والأُنثى هَذِرَةٌ ومِهْذارٌ، والجمع المَهاذِيرُ. قال ابن سيده: ولا
يجمع مِهْذارٌ بالواو والنون لأَن مؤنثه لا يدخله الهاء. الأَزهري: يقال
رجل هُذَرَةٌ بُذَرَةٌ، ومَنْطِقٌ هِذْرِيانٌ؛ أَنشد ثعلب:
لها مَنْطِقٌ لا هِذْرِيانٌ طَمَى به
سَفَاءٌ، ولا بادِي الجَفاءِ جَشِيبُ
وفي الحديث: لا تَتَزَوَّجنَّ هَيْذَرَةً؛ هي الكثيرة الهَذْرِ من
الكلام، والميم زائدة*قوله: والميم زائدة؛ هكذا في الأصل وفي النهاية لابن
الاثير. ولا أثر لهذا الحرف الزائد في الحديث المرويّ. وفي حديث أُم
معْبَدٍ: لا نَزْرٌ ولا هَذْرٌ أَي لا قليل ولا كثير. ابن الأَثير: وفي حديث
سلمان، رضي الله عنه: مَلْغاةُ أَوّلِ الليلِ مَهْذَرَةٌ لآخره، قال: هكذا
جاء في رواية وهو من الهَذْر السُّكونِ، قال: والرواية بالنون. وفي حديث
أَبي هريرة، رضي الله عنه: ما شَبِعَ رسول الله، صلي الله عليه وسلم، من
الكِسَرِ اليابسة حتى فارق الدنيا، وقد أَصبحتم تَهْذِرُونَ الدنيا أَي
تتوسعون فيها؛ قال الخطابي: يريد تَبْذِيرَ المال وتفريقَه في كل وَجْهٍ،
قال: ويروى وتَهُذُّون، وهو أَشبه بالصواب، يعني تقتطعونها إِلى أَنفسكم
وتجمعونها أَو تُسْرِعُون إِنفاقها.
نصر: النَّصر: إِعانة المظلوم؛ نصَره على عدوّه ينصُره ونصَره ينصُره
نصْراً، ورجل ناصِر من قوم نُصَّار ونَصْر مثل صاحب وصحْب وأَنصار؛ قال:
واللهُ سَمَّى نَصْرَك الأَنْصَارَا،
آثَرَكَ اللهُ به إِيْثارا
وفي الحديث: انصُر أَخاك ظالِماً أَو مظلوماً، وتفسيره أَن يمنَعه من
الظلم إِن وجده ظالِماً، وإِن كان مظلوماً أَعانه على ظالمه، والاسم
النُّصْرة؛ ابن سيده: وقول خِدَاش بن زُهَير:
فإِن كنت تشكو من خليل مَخانَةً،
فتلك الحَوارِي عَقُّها ونُصُورُها
يجوز أَن يكون نُصُور جمع ناصِر كشاهد وشُهود، وأن يكون مصدراً كالخُروج
والدُّخول؛ وقول أُمية الهذلي:
أُولئك آبائي، وهُمْ لِيَ ناصرٌ،
وهُمْ لك إِن صانعتَ ذا مَعْقِلُ
(*« أولئك آبائي إلخ» هكذا في الأصل والشطر الثاني منه ناقص.)
أَراد جمع ناصِر كقوله عز وجل: نَحْنُ جميع مُنْتَصِر. والنَّصِير:
النَّاصِر؛ قال الله تعالى: نِعم المولى ونِعم النَّصير، والجمع أَنْصَار مثل
شَرِيف وأَشرافٍ. والأَنصار: أَنصار النبي، صلى الله عليه وسلم، غَلبت
عليهم الصِّفة فجرى مَجْرَى الأَسماء وصار كأَنه اسم الحيّ ولذلك أُضيف
إِليه بلفظ الجمع فقيل أَنصاري. وقالوا: رجل نَصْر وقوم نَصْر فَوصَفوا
بالمصدر كرجل عَدْلٍ وقوم عَدْل؛ عن ابن الأَعرابي.
والنُّصْرة: حُسْن المَعُونة. قال الله عز وجل: من كان يَظُنّ أَن لَنْ
ينصُره الله في الدنيا والآخرة؛ المعنى من ظن من الكفار أَن الله لا
يُظْهِر محمداً، صلى الله عليه وسلم، على مَنْ خالفَه فليَخْتَنِق غَيظاً حتى
يموت كَمَداً، فإِن الله عز وجل يُظهره، ولا يَنفعه غيظه وموته حَنَقاً،
فالهاء في قوله أَن لن يَنْصُرَه للنبيّ محمد، صلى الله عليه وسلم.
وانْتَصَر الرجل إِذا امتَنَع من ظالِمِه. قال الأَزهري: يكون
الانْتصَارَ من الظالم الانْتِصاف والانْتِقام، وانْتَصَر منه: انْتَقَم. قال الله
تعالى مُخْبِراً عن نُوح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ودعائِه
إِياه بأَن يَنْصُره على قومه: فانْتَصِرْ ففتحنا، كأَنه قال لِرَبِّه: انتقم
منهم كما قال: رَبِّ لا تَذَرْ على الأَرض من الكافرين دَيَّاراً.
والانتصار: الانتقام. وفي التنزيل العزيز: ولَمَنِ انْتَصَر بعد ظُلْمِه؛
وقوله عز وجل: والذين إِذا أَصابهم البغي هم يَنْتَصِرُون؛ قال ابن سيده: إِن
قال قائل أَهُمْ مَحْمُودون على انتصارهم أَم لاف قيل: من لم يُسرِف ولم
يُجاوِز ما أمر الله به فهو مَحْمُود.
والاسْتِنْصار: اسْتِمْداد النَّصْر. واسْتَنْصَره على عَدُوّه أَي
سأَله أَن ينصُره عليه. والتَّنَصُّرُ: مُعالَجَة النَّصْر وليس من باب
تَحَلَّم وتَنَوَّر. والتَّناصُر: التَّعاون على النَّصْر. وتَناصَرُوا: نَصَر
بعضُهم بعضاً. وفي الحديث: كلُّ المُسْلِمِ عَنْ مُسْلِمٍ مُحَرَّم
أَخَوانِ نَصِيرانَ أَي هما أَخَوانِ يَتَناصَران ويَتعاضَدان. والنَّصِير
فعيل بمعنى فاعِل أَو مفعول لأَن كل واحد من المتَناصِرَيْن ناصِر
ومَنْصُور. وقد نصره ينصُره نصْراً إِذا أَعانه على عدُوّه وشَدَّ منه؛ ومنه حديث
الضَّيْفِ المَحْرُوم: فإِنَّ نَصْره حق على كل مُسلم حتى يأْخُذ
بِقِرَى ليلته، قيل: يُشْبه أَن يكون هذا في المُضْطَرّ الذي لا يجد ما يأْكل
ويخاف على نفسه التلف، فله أَن يأْكل من مال أَخيه المسلم بقدر حاجته
الضرورية وعليه الضَّمان. وتَناصَرَتِ الأَخبار: صدَّق بعضُها بعضاً.
والنَّواصِرُ: مَجاري الماء إِلى الأَودية،واحدها ناصِر، والنَّاصِر:
أَعظم من التَّلْعَةِ يكون مِيلاً ونحوَه ثم تمج النَّواصِر في التِّلاع.
أَبو خيرة: النَّواصِر من الشِّعاب ما جاء من مكان بعيد إِلى الوادي
فَنَصَرَ سَيْلَ الوادي، الواحد ناصِر. والنَّواصِر: مَسايِل المِياه، واحدتها
ناصِرة، سميت ناصِرة لأَنها تجيء من مكان بعيد حتى تقع في مُجْتَمع
الماء حيث انتهت، لأَن كل مَسِيل يَضِيع ماؤه فلا يقع في مُجتَمع الماء فهو
ظالم لمائه. وقال أَبو حنيفة: الناصِر والناصِرة ما جاء من مكان بعيد إِلى
الوادي فنَصَر السُّيول. ونصَر البلاد ينصُرها: أَتاها؛ عن ابن
الأَعرابي. ونَصَرْتُ أَرض بني فلان أَي أَتيتها؛ قال الراعي يخاطب
خيلاً:إِذا دخل الشهرُ الحرامُ فَوَدِّعِي
بِلادَ تميم، وانْصُرِي أَرضَ عامِرِ
ونَصر الغيثُ الأَرض نَصْراً: غاثَها وسقاها وأَنبتها؛ قال:
من كان أَخطاه الربيعُ، فإِنما
نصر الحِجاز بِغَيْثِ عبدِ الواحِدِ
ونَصَر الغيثُ البلَد إِذا أَعانه على الخِصْب والنبات. ابن الأَعرابي:
النُّصْرة المَطْرَة التَّامّة؛ وأَرض مَنْصُورة ومَضْبُوطَة. وقال أَبو
عبيد: نُصِرَت البلاد إِذا مُطِرَت، فهي مَنْصُورة أَي مَمْطُورة. ونُصِر
القوم إِذا غِيثُوا. وفي الحديث: إِنَّ هذه السَّحابةَ تَنصُر أَرضَ بني
كَعْب أَي تُمطرهم. والنَّصْر: العَطاء؛ قال رؤبة:
إِني وأَسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرا
لَقائِلٌ: يا نَصْرُ نَصْراً نَصْراً
ونَصَره ينصُره نَصْراً: أَعطاه. والنَّصائِرُ: العطايا.
والمُسْتَنْصِر: السَّائل. ووقف أَعرابيّ على قوم فقال: انْصُرُوني نَصَركم الله أَي
أَعطُوني أَعطاكم الله.
ونَصَرى ونَصْرَى وناصِرَة ونَصُورِيَّة
(* قوله« ونصورية» هكذا في
الأصل ومتن القاموس بتشديد الياء، وقال شارحه بتخفيف الياء): قرية بالشام،
والنَّصارَى مَنْسُوبُون إِليها؛ قال ابن سيده: هذا قول أَهل اللغة، قال:
وهو ضعيف إِلا أَن نادِر النسب يَسَعُه، قال: وأَما سيبويه فقال أَما
نَصارَى فذهب الخليل إِلى أَنه جمع نَصْرِيٍّ ونَصْران، كما قالوا ندْمان
ونَدامى، ولكنهم حذفوا إِحدى الياءَين كما حذفوا من أُثْفِيَّة وأَبدلوا
مكانها أَلفاً كما قالوا صَحارَى، قال: وأَما الذي نُوَجِّهه نحن عليه جاء
على نَصْران لأَنه قد تكلم به فكأَنك جمعت نَصْراً كما جمعت مَسْمَعاً
والأَشْعَث وقلت نَصارَى كما قلت نَدامى، فهذا أَقيس، والأَول مذهب، وإِنما
كان أَقْيَسَ لأَنا لم نسمعهم قالوا نَصْرِيّ. قال أَبو إِسحق: واحِد
النصارَى في أَحد القولين نَصْرَان كما ترى مثل نَدْمان ونَدامى، والأُنثى
نَصْرانَة مثل نَدْمانَة؛ وأَنشد لأَبي الأَخزر الحماني يصف ناقتين
طأْطأَتا رؤوسهما من الإِعياء فشبه رأْس الناقة من تطأْطئها برأْس النصوانية
إِذا طأْطأَته في صلاتها:
فَكِلْتاهُما خَرَّتْ وأَسْجَدَ رأْسُها،
كما أَسْجَدَتْ نَصْرانَة لم تحَنَّفِ
فَنَصْرانَة تأْنيث نَصْران، ولكن لم يُستعمل نَصْران إِلا بياءي النسب
لأَنهم قالوا رجل نَصْراني وامرأَة نَصْرانيَّة، قال ابن بري: قوله إِن
النصارى جمع نَصْران ونَصْرانَة إِنما يريد بذلك الأَصل دون الاستعمال،
وإِنما المستعمل في الكلام نَصْرانيٌّ ونَصْرانِيّة، بياءي النسب، وإِنما
جاء نَصْرانَة في البيت على جهة الضرورة؛ غيره: ويجوز أَن يكون واحد
النصارى نَصْرِيّاً مثل بعير مَهْرِيّ وإِبِل مَهارَى، وأَسْجَد: لغة في
سَجَد. وقال الليث: زعموا أَنهم نُسِبُوا إِلى قرية بالشام اسمها نَصْرُونة.
التهذيب: وقد جاء أَنْصار في جمع النَّصْران؛ قال:
لما رأَيتُ نَبَطاً أَنْصارا
بمعنى النَّصارى. الجوهري: ونَصْرانُ قرية بالشأْم ينسب إِليها
النَّصارى، ويقال: ناصِرَةُ.
والتَّنَصُّرُ: الدخول في النَّصْرانية، وفي المحكَم: الدخول في دين
النصْري
(* قوله« في دين النصري» هكذا بالأصل) . ونَصَّرَه: جعله
نَصْرانِيّاً. وفي الحديث: كلُّ مولود يولد على الفِطْرة حتى يكونَ أَبواه اللذان
يَهَوِّدانِه ويُنَصِّرانِه؛ اللَّذان رفع بالابتداء لأَنه أُضمر في يكون؛
كذلك رواه سيبويه؛ وأَنشد:
إِذا ما المرء كان أَبُوه عَبْسٌ،
فَحَسْبُك ما تُرِيدُ إِلى الكلامِ
أَي كان هو. والأَنْصَرُ: الأَقْلَفُ، وهو من ذلك لأَن النصارى قُلْف.
وفي الحديث: لا يَؤمَّنَّكُم أَنْصَرُ أَي أَقْلَفُ؛ كذا فُسِّر في
الحديث.ونَصَّرُ: صَنَم، وقد نَفَى سيبويه هذا البناء في الأَسماء.
وبُخْتُنَصَّر: معروف، وهو الذي كان خَرَّب بيت المقدس، عَمَّره الله تعالى. قال
الأَصمعي: إِنما هو بُوخَتُنَصَّر فأُعرب، وبُوخَتُ ابنُ، ونَصَّرُ صَنَم،
وكان وُجد عند الصَّنَم ولم يُعرف له أَب فقيل: هو ابن الصنم. ونَصْر
ونُصَيْرٌ وناصِر ومَنْصُور: أَسماء. وبنو ناصِر وبنو نَصْر: بَطْنان.
ونَصْر: أَبو قبيلة من بني أَسد وهو نصر ابن قُعَيْنٍ؛ قال أَوس بن حَجَر يخاطب
رجلاً من بني لُبَيْنى بن سعد الأَسَدِي وكان قد هجاه:
عَدَدْتَ رِجالاً من قُعَيْنٍ تَفَجُّساً،
فما ابنُ لُبَيْنى والتَّفَجُّسُ والفَخْرُف
شَأَتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّها وسَمِينُها،
وأَنت السَّهُ السُّفْلى، إِذا دُعِيَتْ نَصْرُ
التَّفَجُّس: التعظُّم والتكبر. وشأَتك: سَبَقَتْك. والسَّه: لغة في
الاسْتِ.
نفع: في أَسماء الله تعالى النافِعُ: هو الذي يُوَصِّلُ النفْعَ إِلى مَن
يشاء من خلْقه حيث هو خالِقُ النفْعِ والضَّرِّ والخيْرِ والشرِّ.
والنفْعُ: ضِدُّ الضرِّ، نَفَعَه يَنْفَعُه نَفْعاً ومَنْفَعةً؛ قال:
كَلاً، مَنْ مَنْفَعَتي وضَيْري
بكَفِّه، ومَبْدَئي وحَوْرِي
وقال أَبو ذؤيب:
قالت أُمَيْمةُ: ما لجِسْمِكَ شاحِباً،
مُنْذُ ابْتَذَلْتَ، ومِثْلُ مالِكَ يَنْفَعُ؟
أَي اتَّخِذْ مَنْ يَكْفِيكَ فمثل مالِكَ ينبغي أَن تُوَدِّعَ نَفْسَكَ
به. وفلان يَنْتَفِعُ بكذا وكذا، ونَفَعْتُ فُلاناً بكذا فانْتَفَعَ به.
ورجل نَفُوعٌ ونَفّاعٌ: كثيرُ النَّفْعِ، وقيل: يَنْفَع الناسَ ولا
يَضُرُّ. والنَّفِيعةُ والنُّفاعةُ والمَنْفَعةُ: اسم ما انْتَفِعَ به. ويقال:
ما عندهم نَفِيعةٌ أَي مَنْفَعةٌ. واسْتَنْفَعَه: طلب نَفْعَه؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومُسْتَنْفِعٍ لَمْ يَجْزِه بِبَلائِه
نَفَعْنا، ومَوْلًى قد أَجَبْنا لِيُنْصَرا
والنِّفْعةُ: جِلْدةٌ تشق فتجعل في جانبِي المَزادِ وفي كل جانب
نِفْعةٌ، والجمع نِفْعٌ ونِفَعٌ؛ عن ثعلب. وفي حديث ابن عمر: أَنه كان يشرب من
الإِداوةِ ولا يَخْنِثُها ويُسَمِّيها نَفْعةَ؛ قال ابن الأَثير: سمَّاها
بالمرَّة الواحدة من النَّفْعِ ومنعها الصرف للعلَمية والتأْنيث، وقال:
هكذا جاء في الفائق، فإِن صح النقل وإِلا فما أَشبَهَ الكلمة أَن تكون
بالقاف من النَّقْعِ وهو الرَّيُّ. والنَّفْعةُ: العَصا، وهي فَعْلةٌ من
النَّفْعِ. وأَنْفَعَ الرجلُ إِذا تَجِرَ في النَّفعاتِ، وهي العِصِيُّ.
ونافِعٌ ونَفّاعٌ ونُفَيْعٌ: أَسماء؛ قال ابن الأَعرابي: نُفَيْعٌ شاعر
من تَمِيم، فإِما أَن يكون تَصْغِيرَ نَفْع وإِما أَن يكون تصغير نافِعٍ
أَو نَفّاعٍ بعد الترخيم.
نزل: النُّزُول: الحلول، وقد نَزَلَهم ونَزَل عليهم ونَزَل بهم يَنْزل
نُزُولاً ومَنْزَلاً ومَنْزِلاً، بالكسر شاذ؛ أَنشد ثعلب:
أَإِنْ ذَكَّرَتْك الدارَ مَنْزِلُها جُمْلُ
أَراد: أَإِن ذكَّرتكُ نُزولُ جُمْلٍ إِياها، الرفع في قوله منزلُها
صحيح، وأَنَّث النزولَ حين أَضافه إِلى مؤنَّث؛ قال ابن بري: تقديره أَإِن
ذكَّرتك الدار نُزولَها جُمْلُ، فَجُمْلُ فاعل بالنُّزول، والنُّزولُ
مفعول ثانٍ بذكَّرتك.
وتَنَزَّله وأَنْزَله ونَزَّله بمعنىً؛ قال سيبويه: وكان أَبو عمرو
يفرُق بين نَزَّلْت وأَنْزَلْت ولم يذكر وجهَ الفَرْق؛ قال أَبو الحسن: لا
فرق عندي بين نَزَّلْت وأَنزلت إِلا صيغة التكثير في نزَّلت في قراءة ابن
مسعود: وأَنزَل الملائكة تَنْزِيلاً؛ أَنزل: كنَزَّل؛ وقول ابن جني:
المضاف والمضاف إِليه عندهم وفي كثير من تَنْزِيلاتِهم كالاسم الواحد، إِنما
جمع تَنْزِيلاً هنا لأَنه أَراد للمضاف والمضاف إِليه تَنْزيلات في وجُوه
كثيرة منزلةَ الاسم الواحد، فكنى بالتَّنْزيلات عن الوجوه المختلفة، أَلا
ترى أَن المصدر لا وجه له إِلاَّ تشعُّب الأَنواع وكثرتُها؟ مع أَن ابن
جني تسمَّح بهذا تسمُّح تحضُّرٍ وتحذُّق، فأَما على مذهب العرب فلا وجه
له إِلاَّ ما قلنا.
والنُّزُل: المَنْزِل؛ عن الزجاج، وبذلك فسر قوله تعالى: وجعلنا جهنم
للكافرين نُزُلاً؛ وقال في قوله عز وجل: جناتٌ تجري من تحتها الأَنهارُ
خالدين فيها نُزُلاً من عِند الله؛ قال: نُزُلاًمصدر مؤكد لقوله خالدين فيها
لأَن خُلودهم فيها إِنْزالُهم فيها. وقال الجوهري: جناتُ الفِرْدَوْسِ
نُزُلاً؛ قال الأَخفش: هو من نُزول الناس بعضهم على بعض. يقال: ما وجدْنا
عندكم نُزُلاً.
والمَنْزَل، بفتح الميم والزاي: النُّزول وهو الحلول، تقول: نزلْت
نُزولاً ومَنْزَلاً؛ وأَنشد أَيضاً:
أَإِن ذَكَّرَتك الدارُ مَنْزَلَها جُمْلُ
بَكيْتَ، فدَمْعُ العَيْنِ مُنْحَدِر سَجْلُ؟
نصب المَنْزَل لأَنه مصدر.
وأَنزَله غيرُه واستنزله بمعنى، ونزَّله تنزيلاً، والتنزيل أَيضاً:
الترتيبُ. والتنزُّل: النُّزول في مُهْلة. وفي الحديث: إِن الله تعالى وتقدّس
يَنزِل كل ليلة إِلى سماء الدنيا؛ النُّزول والصُّعود والحركة والسكونُ
من صفات الأَجسام، والله عز وجل يتعالى عن ذلك ويتقدّس، والمراد به نُزول
الرحمة والأَلطافِ الإِلهية وقُرْبها من العباد، وتخصيصُها بالليل
وبالثُلث الأَخيرِ منه لأَنه وقتُ التهجُّد وغفلةِ الناس عمَّن يتعرَّض لنفحات
رحمة الله، وعند ذلك تكون النيةُ خالصة والرغبةُ إِلى الله عز وجل
وافِرة، وذلك مَظِنَّة القبول والإِجابة. وفي حديث الجهاد: لا تُنْزِلْهم على
حُكْم الله ولكن أَنزِلْهم على حُكْمِك أَي إذا طَلب العدوُّ منك الأَمان
والذِّمامَ على حكم اللّه فلا تُعْطيهم، وأَعطِهم على حكمك، فإِنك
ربَّما تخطئ في حكم الله تعالى أَو لا تفي به فتأْثَم. يقال: نزلْت عن الأَمر
إِذا تركتَه كأَنك كنت مستعلياً عليه مستولياً.
ومكان نَزِل: يُنزَل فيه كثيراً؛ عن اللحياني.
ونَزَل من عُلْوٍ إِلى سُفْل: انحدر. والنِّزالُ في الحربْ: أَن
يتَنازَل الفريقان، وفي المحكم: أَن يَنْزل الفَرِيقان عن إِبِلهما إِلى
خَيْلهما فيَتضاربوا، وقد تنازلوا.
ونَزالِ نَزالِ أَي انزِلْ، وكذا الاثنان والجمعُ والمؤنثُ بلفظ واحد؛
واحتاج الشماخ إِليه فثقَّله فقال:
لقد عَلِمَتْ خيلٌ بمُوقانَ أَنَّني
أَنا الفارِسُ الحامي، إِذا قيل: نَزَّال
(* قوله «لقد علمت خيل إلخ» هكذا في الأصل بضمير التكلم، وأَنشده ياقوت
عند التكلم على موقان للشماخ ضمن ابيات يمدح بها غيره بلفظ:
وقد علمت خيل بموقان أنه * هو الفارس الحامي إذا قيل
تنزال).الجوهري: ونَزَالِ مثل قَطامِ بمعنى انْزِل، وهو معدول عن المُنازَلة،
ولهذا أَنثه الشاعر بقوله:
ولَنِعْم حَشْوُ الدِّرْعِ أَنتَ، إِذا
دُعِيَتْ نَزالِ، ولُجَّ في الذُّعْرِ
قال ابن بري: ومثله لزيد الخيل:
وقد علمتْ سَلامةُ أَن سَيْفي
كَرِيهٌ، كلما دُعِيَتْ نزالِ
وقال جُرَيبة الفقعسي:
عَرَضْنا نَزالِ، فلم يَنْزِلوا،
وكانت نَزالِ عليهم أَطَمْ
قال: وقول الجوهري نَزالِ معدول من المُنازلة، يدل على أَن نَزالِ بمعنى
المُنازلة لا بمعنى النُّزول إِلى الأَرض؛ قال: ويقوِّي ذلك قول الشاعر
أَيضاً:
ولقد شهدتُ الخيلَ، يومَ طِرادِها،
بسَلِيم أَوْظِفةِ القَوائم هَيْكل
فَدَعَوْا: نَزالِ فكنتُ أَولَ نازِلٍ،
وعَلامَ أَركبُه إِذا لم أَنْزِل؟
وصف فرسه بحسن الطراد فقال: وعلامَ أَركبُه إِذا لم أُنازِل الأَبطال
عليه؟ وكذلك قول الآخر:
فلِمْ أَذْخَر الدَّهْماءَ عند الإِغارَةِ،
إِذا أَنا لم أَنزِلْ إِذا الخيل جالَتِ؟
فهذا بمعنى المُنازلة في الحرب والطِّراد لا غير؛ قال: ويدلُّك على أَن
نَزالِ في قوله: فَدعَوْا نَزالِ بمعنى المُنازلة دون النُّزول إِلى
الأَرض قوله:
وعَلامَ أَركبه إِذا لم أَنزل؟
أَي ولِمَ أَركبُه إِذا لم أُقاتل عليه أَي في حين عدم قتالي عليه،
وإِذا جعلت نَزالِ بمعنى النزول إِلى الأَرض صار المعنى: وعَلام أَركبه حين
لم أَنزل إِلى الأَرض، قال: ومعلوم أَنه حين لم ينزل هو راكب فكأَنه قال:
وعلام أَركبه في حين أَنا راكب؛ قال ومما يقوي ذلك قول زهير:
ولَنِعْم حَشْوُ الدِّرْعِ أَنت، إِذا
دُعِيَتْ نَزال، ولُجَّ في الدُّعْرِ
أَلا تَرى أَنه لم يمدحه بنزوله إِلى الأَرض خاصة بل في كل حال؟ ولا
تمدَح الملوك بمثل هذا، ومع هذا فإِنه في صفة الفرس من الصفات الجليلة وليس
نزوله إِلى الأَرض مما تمدَح به الفرس، وأَيضاً فليس النزول إِلى الأَرض
هو العلَّة في الركوب. وفي الحديث: نازَلْت رَبِّي في كذا أَي راجعته
وسأَلته مرَّة بعد مرَّة، وهو مُفاعَلة من النّزول عن الأَمر، أَو من
النِّزال في الحرب.
والنَّزِيلُ: الضيف؛ وقال:
نَزِيلُ القومِ أَعظمُهم حُقوقاً،
وحَقُّ اللهِ في حَقِّ النَّزِيلِ
سيبويه: ورجل نَزيل نازِل. وأَنْزالُ القومِ: أَرزاقهم.
والنُّزُل وتلنُّزْل: ما هُيِّئَ للضيف إِذا نزل عليه. ويقال: إِن
فلاناً لحسن النُّزْل والنُّزُل أَي الضيافة؛ وقال ابن السكيت في قوله:
فجاءت بِيَتْنٍ للنِّزَالة أَرْشَما
قال: أَراد لِضِيافة الناس؛ يقول: هو يَخِفُّ لذلك، وقال الزجاج في
قوله: أَذَلكَ خيرٌ نُزُلاً أَم شجرة الزَّقُّوم؛ يقول: أَذلك خير في باب
الأَنْزال التي يُتَقَوَّت بها وتمكِن معها الإِقامة أَم نُزُل أَهلِ النار؟
قال: ومعنى أَقمت لهم نُزُلهم أَي أَقمت لهم غِذاءَهم وما يصلُح معه أَن
ينزلوا عليه. الجوهري: والنُّزْل ما يهيَّأُ للنَّزِيل، والجمع
الأَنْزال. وفي الحديث: اللهم إِني أَسأَلك نُزْلَ الشهداء؛ النُّزْل في الأَصل:
قِرَى الضيف وتُضَمّ زايُه، يريد ما للشهداء عند الله من الأَجر والثواب؛
ومنه حديث الدعاء للميت: وأَكرم نُزُله.
والمُنْزَلُ: الإِنْزال، تقول: أَنْزِلْني مُنْزَلاً مُباركاً.
ونَزَّل القومَ: أَنْزَلهم المَنازل. وتَزَّل فلان عِيرَه: قَدَّر لها
المَنازل. وقوم نُزُل: نازِلون.
والمَنْزِل والمَنْزِلة: موضع النُّزول. قال ابن سيده: وحكى اللحياني
مَنْزِلُنا بموضع كذا، قال: أُراه يعني موضع نُزولنا؛ قال: ولست منه على
ثقة؛ وقوله:
دَرَسَ المَنَا بِمُتالِعٍ فأَبَانِ
إِنما أَراد المَنازل فحذف؛ وكذلك قول الأَخطل:
أَمستْ مَناها بأَرض ما يبلِّغُها،
بصاحب الهمِّ، إِلا الجَسْرةُ الأُجُدُ
أَراد: أَمستْ مَنازلها فحذف، قال: ويجوز أَن يكون أَراد بمناها قصدَها،
فإِذا كان كذلك فلا حذف. الجوهري: والمَنْزِل المَنْهَل، والدارُ
والمنزِلة مثله؛ قال ذو الرمة:
أَمَنْزِلَتَيْ مَيٍّ، سلامٌ عليكما
هلِ الأَزْمُنُ اللاَّئي مَضَيْنَ رَواجِعُ؟
والمنزِلة: الرُّتبة، لا تجمَع. واستُنْزِل فلان أَي حُطَّ عن مرتبته.
والمَنْزِل: الدرجة. قال سيبويه: وقالوا هو مني منزِلة الشَّغَاف أَي هو
بتلك المنزِلة، وكلنه حذف كما قالوا دخلت البيت وذهبت الشامَ لأَنه بمنزلة
المكان وإِن لم يكن مكاناً، يعني بمنزلة الشَّغَاف، وهذا من الظروف
المختصة التي أُجريت مُجرى غير المختصَّة. وفي حديث ميراث الجدِّ: أَن أَبا
بكر أَنزله أَباً أَي جعل الجدَّ في منزلة الأَب وأَعطاه نصيبَه من
الميراث.
والنُّزَالة: ما يُنْزِل الفحلُ من الماء، وخص الجوهري فقال: النُّزالة،
بالضم، ماءُ الرجل. وقد أَنزل الرجلُ ماءه إِذا جامع، والمرأَة تستنزِل
ذلك. والنَّزْلة: المرة الواحدة من النُّزول.
والنازِلة: الشديدة تنزِل بالقوم، وجمعها النَّوازِل. المحكم: والنازِلة
الشدَّة من شدائد الدهر تنزل بالناس، نسأَل الله العافية. التهذيب: يقال
تنزَّلَت الرحمة. المحكم: نزَلَتْ عليهم الرحمة ونزَل عليهم العذاب
كِلاهما على المثل. ونزَل به الأَمر: حلَّ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
أَعْزْرْ عليَّ بأَن تكون عَلِيلا
أَو أَن يكون بك السَّقام نَزيلا
جعله كالنَّزِيل من الناس أَي وأَن يكون بك السَّقام نازِلاً. ونزَل
القومُ: أَتَوْا مِنَى؛ قال ابن أَحمر:
وافَيْتُ لمَّا أَتاني أَنَّها نزلتْ،
إِنّ المَنازلَ مما تجمَع العَجَبَا
أَي أَتت مِنَى؛ وقال عامر بن الطفيل:
أَنازِلةٌ أَسماءُ أَم غيرُ نازِلَه؟
أَبيني لنا، يا أَسْمَ، ما أَنْت فاعِلَه
والنُّزْل: الرَّيْعُ والفَضْلُ، وكذلك النَّزَل. المحكم: النُّزْل
والنَّزَل، بالتحريك، رَيْعُ ما يُزرع أَي زَكاؤه وبركتُه، والجمع أَنْزال،
وقد نَزِل نَزَلاً. وطعامٌ نَزِل: ذو نَزَل، ونَزِيلٌ: مبارك؛ الأَخيرة عن
ابن الأَعرابي. وطعام قليل النُّزْل والنَّزَل، بالتحريك، أَي قليل
الرَّيْع، وكثير النُّزْل والنَّزَل، بالتحريك. وأَرض نَزْلة: زاكية الزَّرْع
والكَلإِ. وثوب نِزِيل: كامِلٌ. ورجل ذو نَزَلٍ: كثير الفَضْل والعطاءِ
والبركة؛ قال لبيد:
ولَنْ تَعْدَمُوا في الحرْب لَيْثاً مُجَرَّباً
وَذا نَزَلٍ، عندَ الرَّزِيَّةِ، باذِلا
والنَّزْلةُ: كالزُّكام؛ يقال: به نَزْلة، وقد نُزِلَ
(* قوله «وقد نزل»
هكذا ضبط بالقلم في الأصل والصحاح، وفي القاموس: وقد نزل كعلم) وقوله
عز وجل: ولقد رآه نَزْلةً أُخرى؛ قالوا: مرَّة أُخرى.
والنَّزِلُ: المكان الصُّلب السريعُ السَّيْل. وأَرض نَزِلة: تَسيلُ من
أَدنى مطر. ومكان نَزِل: سريعُ السيل. أَبو حنيفة: وادٍ نَزِلٌ يُسِيله
القليل الهيِّن من الماء. والنَّزَل: المطرُ. ومكان نَزل: صُلب شديدٌ.
وقال أَبو عمرو: مكان نَزْل واسعٌ بعيدٌ؛ وأَنشد:
وإِنْ هَدَى منها انتِقالُ النَّقْلِ،
في مَتْنِ ضَحَّاكِ الثَّنايا نَزْلِ
وقال ابن الأَعرابي: مكان نَزِل إِذا كان مَجالاً مَرْتاً، وقيل:
النَّزِل من الأَودية الضيِّق منها. الجوهري: أَرض نَزِلة ومكان نَزِلٌ بيِّن
النَّزالة إِذا كانت تَسِيل من أَدنى مطر لصَلابتها، وقد نَزِل، بالكسر.
وحَظٌّ نَزِل أَي مجتَمِع.
ووجدت القوم على نَزِلاتهم أَي مَنازلهم. وتركت القوم على نَزَلاتهم
ونَزِلاتهم أَي على استقامة أَحوالهم مثل سَكِناتهم؛ زاد ابن سيده: لا يكون
إِلا في حسن الحال.
ومُنازِلُ بن فُرْعان
(* قوله «ومنازل بن فرعان» ضبط في الأصل بضم
الميم، وفي القاموس بفتحها، وعبارة شرحه: هو بفتح الميم كما يقتضيه اطلاقه
ومنهم من ضبطه بضمها اهـ. وفي الصاغاني: وسموا منازل ومنازلاً بفتح الميم
وضمها): من شعرائهم؛ وكان مُنازِل عقَّ أَباه فقال فيه:
جَزَتْ رَحِمٌ، بيني وبين مُنازِلٍ،
جَزاءً كما يَسْتَخْبِرُ الكَلْبَ طالِبُهْ
فعَقَّ مُنازلاً ابنُه خَلِيج فقال فيه:
تَظَلَّمَني مالي خَلِيجٌ، وعقَّني
على حين كانت كالحِنِيِّ عِظامي
عقرب: العَقْرَبُ: واحدةُ العَقارِب من الـهَوامِّ، يكونُ للذكر
والأُنثى بلفظ واحد، والغالبُ عليه التأْنيث، وقد يقال للأُنثى عَقْرَبة وعَقْرَباءُ، ممدود غير مصروف. والعُقْرُبانُ والعُقْرُبَّانُ: الذَّكَرُ منها؛ قال ابن جني: لَكَ فيه أَمْران: إِن شئتَ قلتَ إِنه لا اعْتِدادَ بالأَلف والنون فيه، فيَبْقَى حينئذ كأَنه عُقْرُبٌّ، بمنزلة قُسْقُبٍّ، وقُسْحُبٍّ، وطُرْطُبٍّ، وإِن شئتَ ذهبتَ مَذْهَباً أَصْنَعَ من هذا، وذلك أَنه قد جَرَتِ الأَلفُ والنونُ، من حيثُ ذكرنا في كثير من كلامهم، مُجْرَى ما ليس موجوداً على ما بَيَّنا، وإِذا كان كذلك، كانت الباءُ لذلك كأَنها حرفُ إِعراب، وحرفُ الإِعراب قد يَلحقُه التثقيل في الوقف، نحو: هذا خالدّ، وهو يَجْعَلّ؛ ثم إِنه قد يُطْلَقُ ويُقَرُّ تثقيله عليه، نحو: الأَضْخَمّا وعَيْهَلّ. فَكَأَنَّ عُقْرُباناً لذلك عُقْرُبٌ، ثم لحقها التثقيل لتصَوُّرِ معنى الوقف عليها، عند اعتقاد حذف الأَلف والنون من بعدها، فصارت كأَنها عُقْرُبٌّ، ثم لحقت الأَلف والنون، فبقي على تثقيله، كما بقي الأَضْخَمّا عند انطلاقه على تثقيله، إِذْ أُجْرِيَ الوصلُ مُجْرَى الوقفِ، فقيل عُقْرُبَّانٌ؛ قال الأَزهري: ذَكَرُ العَقارِبِ عُقْرُبانٌ، مُخَفَّف الباء. وأَرض مُعَقْرِبة، بكسر الراءِ: ذاتُ عَقارِبَ؛ وكذلك مُثَعْلِـبَةٌ: ذاتُ ثَعالِبَ؛ وكذلك مُضَفْدِعة، ومُطَحْلِـبة. ومكانٌ مُعَقْرِبٌ، بكسر الراء: ذو عَقارِبَ. وبعضهم يقول: أَرضٌ مَعْقَرة، كأَنه رَدَّ العَقْرَبَ إِلى ثلاثةِ أَحرف، ثم بَنى عليه. وعَيْشٌ ذو عَقارِبَ إِذا لم يكن سهلاً، وقيل: فيه شَرٌّ وخُشُونة؛ قال الأَعْلم:
حتى إِذا فَقَدَ الصَّبُو * حَ يقولُ: عيْشٌ ذو عَقارِبْ
والعَقارِبُ: الـمِنَنُ. على التشبيه؛ قال النابغة:
عليَّ لِعَمْرٍو نِعْمةٌ، بعد نِعْمة * لوالِدِه، ليست بذاتِ عَقارِبِ
أَي هَنِـيئة غيرُ ممْنُونةٍ.
والعُقْرُبَّانُ: دُوَيبَّة تدخلُ الأُذُنَ، وهي هذه الطويلة الصَّفْراء، الكثيرة القوائم؛ قال الأَزهري: هو دَخَّالُ الأُذُنِ؛ وفي الصحاح: هو دابة له أَرْجُلٌ طِوالٌ، وليس ذَنَبهُ كذَنَبِ العَقارِبِ؛ قال إِياسُ
بنُ الأَرَتِّ:
كأَنَّ مَرْعَى أُمِّكُمْ، إِذ غَدَتْ، * عَقْرَبةٌ يَكُومُها عُقْرُبان
ومَرْعَى: اسم امِّهم، ويُرْوى إِذ بَدَتْ. رَوَى
ابن بري عن أَبي حاتم قال: ليس العُقْرُبانُ ذَكَرَ العَقاربِ، إِنما هو دابة له أَرْجُلٌ طِوالٌ، وليس ذَنَبُه كذَنَبِ العَقارِبِ. ويَكُومُها: يَنكِحُها. والعَقارِبُ: النَّمائمُ، ودَبَّتْ عَقارِبُه، منه على الـمَثَل؛ ويُقالُ للرجل الذي يَقترِضُ أَعراضَ الناسِ: إِنه لتَدِبُّ عَقارِبُه؛ قال ذو الإِصبَعِ العَدوانيُّ:
تَسرِي عَقارِبه إِلَـ * ـيَّ، ولا تَدِبُّ له عَقارِبْ
أراد: ولا تَدِبُّ له مِني عَقَاربي.
وصُدْغٌ مُعَقْرَبٌ، بفتح الراءِ، أَي معطوف. وشيءٌ مُعَقْرَبٌ:
مُعوَجٌّ. وعَقَارِبُ الشِّتاءِ: شدائدُه. وأَفرده ابن بري في أَماليه، فقال: عَقرَبُ الشِّتاءِ صَوْلَتُه، وشِدَّةُ بَرْدِهِ. والعَقْرَبُ: بُرْجٌ من
بُرُوجِ السماءِ؛ قال الأَزهري: وله من المنازل الشَّوْلةُ، والقَلْب،
والزُّبانى. وفيه يقول ساجعُ العرب: إِذا طَلَعت العَقرَب، حَمِسَ الـمِذْنَب، وقُرَّ الأَشْيَب، وماتَ الجُنْدَب؛ هكذا قاله الأَزهري في ترتيب المنازل، وهذا عجيب.
والعَقرَبُ: سَيرٌ مَضفُور في طَرَفِه إِبزيمٌ، يُشَدُّ به ثَفَرُ الدابةِ في السَّرْجِ.
والعَقربة: حديدة نحو الكُلاَّبِ، تُعَلَّقُ بالسَّرْج والرَّحل. وعَقرَبُ النَّعل: سَيرٌ من سُيُوره. وعَقرَبةُ النَّعلِ: عَقدُ الشِّراكِ.والـمُعَقرَبُ: الشديدُ الخَلْقِ الـمُجتَمِعُه. وحِمار مُعَقْرَبُ الخَلْقِ: مُلَزَّزٌ، مُجتَمِـع، شديد؛ قال العجاج:
عَرْدَ التراقي حَشْوَراً مُعَقرَبا
والعَقرَبة: الأَمَة العاقِلةُ الــخَدُومُ. وعَقرَباءُ: موضع.
وعَقرَبُ بنُ أَبي عَقرَبٍ: اسم رجل من تُجَّار المدينة مشهورٌ
بالـمَطْلِ؛ يُقال في المثل: هو أَمْطَلُ من عَقرَبٍ، وأَتجر من عَقربٍ؛ حكى ذلك الزبيرُ بن بَكَّار، وذكر أَنه عامَلَ الفَضْلَ بن عباس بن عُتْبة بن أَبي لَـهَب، وكان الفضلُ أَشَدَّ الناسِ اقتِضاءً، وَذَكَر أَنه لَزِمَ بَيتَ عَقرَبٍ زماناً، فلم يُعْطِهِ شيئاً؛ فقال فيه:
قد تَجِرَتْ في سُوقِنا عَقرَبٌ، * لا مَرْحَباً بالعَقْرَبِ التاجِرَهْ
كُلُّ عَدُوٍّ يُتَّقَى مُقْبِـلا، * وعَقْرَبٌ يُخْشَى من الدَّابِرَه
إِنْ عادَتِ العَقْرَبُ عُدْنا لها، * وكانَتِ النَّعْلُ لها حاضِرَه
كُلُّ عَدُوٍّ كَيْدُه في اسْتِه، * فغَيْر مَخْشِـيٍّ ولا ضائرَه