[في الانكليزية] Metaphor
[ في الفرنسية] Metaphore
في اللغة: هو أخذ الشيء بالعارية أو عند الفرس: هو إضافة المشبّه به إلى المشبّه، وهذا خلاف اصطلاح أهل العربية. وهو على نوعين:
صلا: الصَّلاةُ: الرُّكوعُ والسُّجودُ. فأَما قولُه، صلى الله عليه
وسلم: لا صَلاةَ لجارِ المَسْجِد إلا في المسْجِد، فإنه أَراد لا صلاةَ
فاضِلَةٌ أَو كامِلةٌ ، والجمع صلوات. والصلاةُ: الدُّعاءُ والاستغفارُ؛ قال
الأَعشى:
وصَهْباءَ طافَ يَهُودِيُّها
وأَبْرَزَها، وعليها خَتَمْ
وقابَلَها الرِّيحُ في دَنِّها،
وصلى على دَنِّها وارْتَسَمْ
قال: دَعا لها أَن لا تَحْمَضَ ولا تفسُدَ. والصَّلاةُ من الله تعالى:
الرَّحمة؛ قال عدي بن الرقاع:
صلى الإلَهُ على امْرِئٍ ودَّعْتُه،
وأَتمَّ نِعْمَتَه عليه وزادَها
وقال الراعي:
صلى على عَزَّةَ الرَّحْمَنُ وابْنَتِها
ليلى، وصلى على جاراتِها الأُخَر
وصلاةُ الله على رسوله: رحْمَتُه له وحُسْنُ ثنائِه عليه. وفي حديث ابن
أَبي أَوْفى أَنه قال: أَعطاني أَبي صَدَقة مالهِ فأَتيتُ بها رسولَ
الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهم صَلِّ على آلِ أَبي أَوْفى؛ قال
الأَزهري: هذه الصَّلاةُ عندي الرَّحْمة؛ ومنه قوله عز وجل: إن اللهَ
وملائكته يصلُّون على النبيِّ يا أَيُّها الذين آمنُوا صَلُّوا عليه وسَلِّموا
تسليماً؛ فالصَّلاةُ من الملائكة دُعاءٌ واسْتِغْفارٌ، ومن الله رحمةٌ،
وبه سُمِّيَت الصلاةُ لِما فيها من الدُّعاءِ والاسْتِغْفارِ. وفي الحديث:
التحيَّاتُ لله والصَّلوات؛ قال أَبو بكر: الصلواتُ معناها التَّرَحُّم.
وقوله تعالى: إن الله وملائكتَه يصلُّون على النبيِّ؛ أَي يتَرَحَّمُون.
وقوله: اللهم صَلِّ على آلِ أَبي أَوْفى أَي تَرَحَّم عليهم، وتكونُ
الصلاةُ بمعنى الدعاء. وفي الحديث قوله، صلى الله عليه وسلم: إذ دُعيَ
أَحدُكُم إلى طَعامٍ فليُجِبْ، فإن كان مُفْطِراً فلَيطْعَمْ، وإن كان
صائماً فليُصَلّ؛ قوله: فلْيُصَلّ يَعْني فلْيَدْعُ لأَرْبابِ الطَّعامِ
بالبركةِ والخيرِ، والصَّائمُ إذا أُكِلَ عنده الطَّعامُ صَلَّت عليه
الملائكةُ؛ ومنه قوله، صلى الله عليه وسلم: من صَلى عليَّ صَلاةً صَلَّت
عليه الملائكةُ عَشْراً. وكلُّ داعٍ فهو مُصَلٍّ؛ ومنه قول الأَعشى:
عليكِ مثلَ الذي صَلَّيْتِ فاغتَمِضِي
نوْماً، فإن لِجَنْبِ المرءِِ مُضْطَجَعا
معناه أَنه يأْمُرُها بإن تَدْعُوَ له مثلَ دعائِها أَي تُعيد الدعاءَ
له، ويروى: عليكِ مثلُ الذي صَلَّيت، فهو ردٌّ عليها أَي عليك مثلُ
دُعائِكِ أَي يَنالُكِ من الخيرِ مثلُ الذي أَرَدْتِ بي ودَعَوْتِ به لي.
أَبو العباس في قوله تعالى: هو الذي يُصَلِّي عليكم وملائكتُه؛ فيصلِّي
يَرْحَمُ، وملائكتُه يَدْعون للمسلمين والمسلمات. ومن الصلاة بمعنى
الاستغفار حديث سودَةَ: أَنها قالت يا رسولَ الله، إذا مُتْنا صَلَّى لنا
عثمانُ بنُ مَظْعون حتى تأْتِينا، فقال لها: إن الموتَ أَشدُّ مما
تُقَدِّرينَ؛ قال شمر: قولها صلَّى لنا أَي اسْتَغْفَرَ لنا عند ربه، وكان عثمانُ
ماتَ حين قالت سودَةُ ذلك. وأَما قوله تعالى: أُولئك عليهم صَلَوات من
ربهم ورحمةٌ؛ فمعنى الصَّلوات ههنا الثناءُ عليهم من الله تعالى؛ وقال
الشاعر:
صلَّى، على يَحْيَى وأَشْياعِه،
ربُّ كريمٌ وشفِيعٌ مطاعْ
معناه ترحَّم الله عليه على الدعاءِ لا على الخبرِ. ابن الأَعرابي:
الصلاةُ من اللهِ رحمةٌ، ومن المخلوقين الملائكةِ والإنْسِ والجِنِّ:
القيامُ والركوعُ والسجودُ والدعاءُ والتسبيحُ؛ والصلاةُ من الطَّيرِ
والهَوَامِّ التسبيح. وقال الزجاج: الأَصلُ في الصلاةِ اللُّزوم. يقال: قد
صَلِيَ واصْطَلَى إذا لَزِمَ، ومن هذا مَنْ يُصْلَى في النار أَي يُلْزَم
النارَ. وقال أَهلُ اللغة في الصلاة: إنها من الصَّلَوَيْنِ، وهما
مُكْتَنِفا الذَّنَبِ من الناقة وغيرها، وأَوَّلُ مَوْصِلِ الفخذين من الإنسانِ
فكأَنهما في الحقيقة مُكْتَنِفا العُصْعُصِ؛ قال الأَزهري: والقولُ عندي
هو الأَوّل، إنما الصلاةُ لُزومُ ما فرَضَ اللهُ تعالى، والصلاةُ من
أَعظم الفَرْض الذي أُمِرَ بلُزومِه. والصلاةُ: واحدةُ الصَّلواتِ
المَفْروضةِ، وهو اسمٌ يوضَعُ مَوْضِعَ المَصْدر، تقول: صَلَّيْتُ صلاةً ولا
تَقُلْ تَصْلِيةً، وصلَّيْتُ على النبي، صلى الله عليه وسلم. قال ابن
الأَثير: وقد تكرر في الحديث ذكرُ الصلاةِ، وهي العبادةُ المخصوصةُ،وأَصلُها
الدعاءُ في اللغة فسُمِّيت ببعض أَجزائِها، وقيل: أَصلُها في اللغة
التعظيم، وسُمِّيت الصلاةُ المخصوصة صلاةً لما فيها من تعظيم الرَّبِّ تعالى
وتقدس. وقوله في التشهد: الصلواتُ لله أَي الأَدْعِية التي يُرادُ بها
تعظيمُ اللهِ هو مُسَتحِقُّها لا تَلِيقُ بأَحدٍ سواه. وأَما قولنا: اللهم
صلِّ على محمدٍ، فمعناه عَظِّمْه في الدُّنيا بإعلاءِ ذِكرِهِ وإظْهارِ
دعْوَتِه وإبقاءِ شَريعتِه، وفي الآخرة بتَشْفِيعهِ في أُمَّتهِ وتضعيفِ
أَجْرهِ ومَثُوبَتهِ؛وقيل: المعنى لمَّا أَمَرَنا اللهُ سبحانه بالصلاة
عليه ولم نَبْلُغ قَدْرَ الواجبِ من ذلك أَحَلْناهُ على اللهِ وقلنا: اللهم
صلِّ أَنتَ على محمدٍ، لأَنك أَعْلَمُ بما يَليق به، وهذا الدعاءُ قد
اختُلِفَ فيه هل يجوزُ إطلاقُه على غير النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَم
لا، والصحيح أَنه خاصٌّ له ولا يقال لغيره. وقال الخطابي: الصلاةُ التي
بمعنى التعظيم والتكريم لا تُقال لغيره، والتي بمعنى الدعاء
والتبريك تقالُ لغيره؛ ومنه: اللهم صلِّ على آلِ أَبي أَوْفَى أَي تَرَحَّم
وبَرِّك، وقيل فيه: إنَّ هذا خاصٌّ له، ولكنه هو آثَرَ به غيرهَ؛ وأَما
سِواه فلا يجوز له أَن يَخُصَّ به أَحداً. وفي الحديث: من صَلَّى عليَّ
صلاةً صَلَّتْ عليه الملائكةُ عشراً أَي دَعَتْ له وبَرَّكَتْ. وفي الحديث:
الصائمُ إذا أُكِلَ عندَ الطعامُ صَلَّتْ عليه الملائكةُ. وصَلوات
اليهودِ: كَنائِسُهم. وفي التنزيل: لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وبِيَعٌ وصَلَواتٌ
ومساجِدُ؛ قال ابن عباس: هي كَنائِسُ اليهود أَي مَواضِعُ الصَّلواتِ،
وأَصلُها بالعِبْرانِيَّة صَلُوتا. وقُرئَتْ وصُلُوتٌ ومساجِدُ، قال: وقيل
إنها مواضِعُ صَلوتِ الصابِئِين، وقيل: معناه لَهُدِّمَتْ مواضعُ
الصلواتِ فأُقِيمت الصلواتُ مقامَها، كما قال: وأُشْرِبُوا في قلوبهمُ العجلَ؛
أي حُبَّ العجلِ؛ وقال بعضهم: تَهْدِيمُ الصلوات تَعْطِيلُها، وقيل:
الصلاةُ بيْتٌ لأَهْلِ الكتابِ يُصَلُّون فيه. وقال ابن الأَنباري: عليهم
صَلَواتٌ أَي رَحَماتٌ، قال: ونَسَقَ الرَّحمة على الصلوات لاختلافِ
اللَّفظَين. وقوله: وصَلواتُ الرسول أَي ودَعَواته.
والصَّلا: وسَطُ الظَّهرِ من الإنسانِ ومن كلِّ ذي أَرْبَعٍ، وقيل: هو
ما انْحَدَر من الوَرِكَيْنِ، وقيل: هي الفُرْجَةُ بين الجاعِرَةِ
والذَّنَب، وقيل: هو ما عن يمين الذَّنَبِ وشِمالِه، والجمعُ صَلَواتٌ
وأَصْلاءٌ الأُولى مما جُمِعَ من المُذَكَّر بالأَلف والتاء.
والمُصَلِّي من الخَيْل: الذي يجيء بعدَ السابقِ لأَن رأْسَه يَلِي
صَلا المتقدِّم وهو تالي السابق، وقال اللحياني: إنما سُمِّيَ مُصَلِّياً
لأَنه يجيء ورأْسُه على صَلا السابقِ، وهو مأْخوذ من الصِّلَوَيْن لا
مَحالة، وهما مُكْتَنِفا ذَنَبِ الفَرَس، فكأَنه يأْتي ورأْسُه مع ذلك
المكانِ. يقال: صَلَّى الفَرَسُ إذا جاء مُصَلِّياً.
وصَلَوْتُ الظَّهْرَ: ضَرَبْتَ صَلاه أَو أَصَبْتُه بشيء سَهْمٍ أَو
غيرهِ؛ عن اللحياني قال: وهي هُذَلِيَّة. ويقال: أَصْلَتِ الناقةُ فهي
مُصْلِيةٌ إذا وَقَعَ ولدُها في صَلاها وقَرُبَ نَتاجُها. وفي حديث عليّ
أَنه قال: سبق رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، وصَلَّى أَبو بكر وثَلَّث
عُمَر وخَبَطَتْنا فِتْنةٌ فما شاء الله؛ قال أَبو عبيد: وأَصلُ هذا في
الخيلِ فالسابقُ الأَولُ، والمُصَلِّي الثاني، قيل له مُصَلٍّ لأَنه يكونُ
عند صَلا الأَوّلِ، وصَلاهُ جانِبا ذَنَبِه عن يمينهِ وشمالهِ، ثم
يَتْلُوه الثالثُ؛ قال أَبو عبيد: ولم أَسمَعْ في سوابقِ الخيلِ ممن يوثَقُ
بعِلْمِه اسماً لشيءٍ منها إلا الثانيَ والسُّكَيْتَ، وما سِوى ذلك إنما
يقال الثالثُ والرابع وكذلك إلى التاسع. قال أَبو العباس: المُصَلِّي في
كلام العربِ السابقُ المُتَقدِّمُ؛ قال: وهو مُشَبَّهٌ بالمُصَلِّي من
الخيلِ، وهو السابقُ الثاني، قال: ويقال للسابقِ الأَولِ من الخيلِ
المُجَلِّي، وللثاني المُصَلِّي، وللثالث المُسَلِّي، وللرابع التالي، وللخامس
المُرْتاحُ، وللسادس العاطفُ، وللسابع الحَظِيُّ، وللثامن المُؤَمَّلُ،
وللتاسعِ اللَّطِيمُ، وللعاشِرِ السُّكَيْت، وهو آخرُ السُّبَّق جاء به في
تفسير قولِهِم رَجْلٌ مُصَلٍّ.
وصَلاءَةُ: اسْمٌ. وصَلاءَة بنُ عَمْروٍ النُّمَيْرِي: أَحدُ
القَلْعيْنِ؛ قال ابن بري: القَلْعان لَقَبَانِ لرَجُلَيْنِ من بَنِي نُمَيْرٍ،
وهما صَلاءَة وشُرَيْحٌ ابنَا عَمْرِو بنِ خُوَيْلِفَةَ بنِ عبدِ الله بن
الحَرِث ابن نُمَيْر.
وصَلَى اللَّحْمَ وغيرهُ يَصْليهِ صَلْياً: شَواهُ، وصَلَيْتهُ صَلْياً
مثالُ رَمَيْتُه رَمْياً وأَنا أَصْليهِ صَلْياً إذا فَعَلْت ذلك وأَنْت
تُريد أَنْ تَشْويَه، فإذا أَرَدْت أَنَّك تُلْقِيه فيها إلْقاءً
كأَنَّكَ تُريدُ الإحْراقَ قلتَ أَصْلَيْته، بالأَلف، إصْلاءً، وكذلك
صَلَّيْتُه أُصَلِّيه تَصْلِيةً. التهذيب: صَلَيْتُ اللَّحْمَ، بالتَّخفيفِ، على
وَجْهِ الصَلاحِ معناه شَوَيْته، فأَمَّا أَصْلَيْتُه وصَلَّيْتُه فَعَلَى
وجْهِ الفَسادِ والإحْراق؛ ومنه قوله: فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً،
وقوله: ويَصْلَى سَعِيراً. والصِّلاءُ، بالمدِّ والكَسْرِ: الشِّواءُ لأَنَّه
يُصْلَى بالنَّارِ. وفي حديث عمر: لَوْ شِئْتُ لَدَعَوْتُ بصِلاءٍ؛ هو
بالكَسْرِ والمَدِّ الشَّوَاءُ. وفي الحديث: أَنَّ النبيَّ، صلَّى الله
عليه وسلم، أُتِيَ بشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ؛ قال الكسائي: المَصْلِيَّةُ
المَشْوِيَّةُ، فأَمَّا إذا أَحْرَقْتَه وأَبْقَيْتَه في النارِ قُلْتَ
صَلِّيْته، بالتشديد، وأَصْلَيْته. وصَلَى اللحْمَ في النار وأَصْلاه وصَلاَّهُ:
أَلْقاهُ لِلإحْراقِ؛ قال:
أَلا يَا اسْلَمِي يَا هِنْدُ، هِنْدَ بَني بَدْرِ،
تَحِيَّةَ مَنْ صَلَّى فُؤَادَكِ بالجَمْرِ
أَرادَ أَنَّه قَتَل قومَها فَأَحْرق فؤادها بالحُزْنِ عَلَيهم. وصَلِيَ
بالنارِ وصَلِيهَا صَلْياً وصُلِيّاً وصِلِيّاً وصَلىً وصِلاءً
واصْطَلَى بها وتَصَلاَّهَا: قَاسَى حَرَّها، وكذلك الأَمرُ الشَّديدُ؛ قال
أَبو زُبَيْد:
فَقَدْ تَصَلَّيْت حَرَّ حَرْبِهِم،
كَما تَصَلَّى المَقْرُورُ للهرُ مِنْ قَرَسِ
وفُلان لا يُصْطَلَى بنارِه إذا كانَ شُجاعاً لا يُطاق. وفي حديث
السَّقِيفَة: أَنا الذي لا يُصْطَلَى بنارِهِ؛ الاصْطلاءُ افْتِعالٌ من صَلا
النارِ والتَّسَخُّنِ بها أي أنا الذي لا يُتَعَرَّضُ لحَرْبِي.
وأَصْلاهُ النارَ: أَدْخَلَه إيَّاها وأَثْواهُ فيها، وصَلاهُ النارَ وفي
النَّارِ وعلى النَّار صَلْياً وصُلِيّاً وصِلِيّاً وصُلِّيَ فلانٌ الناَّر
تَصْلِيَةً. وفي التنزيل العزيز: ومَنْ يَفْعَلْ ذلك عُدْواناً وظُلْماً
فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً. ويروى عن عليّ، رضي الله عنه، أَنه قَرَأَ:
ويُصَلَّى سَعِيراً، وكان الكسائيُّ يقرَأُ به، وهذا ليسَ من الشَّيِّ إنما
هو من إلْقائِكَ إيَّاهُ فيها؛ وقال ابن مقبل:
يُخَيَّلُ فِيها ذُو وسُومٍ كأَنَّمَا
يُطَلَّى بِجِصٍّ، أَو يُصَلَّى فَيُضْيَحُ
ومَنْ خَفَّفَ فهو من قولهم: صَلِيَ فلانٌ بالنار يَصْلَى صُلِيّاً
احْتَرَق. قال الله تعالى: هم أَوْلَى بَها صُلِيّاً؛ وقال العجاج: قال ابن
بري، وصوابه الزفيان:
تَاللهِ لَولا النارُ أَنْ نَصْلاها،
أَو يَدْعُوَ الناسُ عَلَيْنَا اللهَ،
لَمَا سَمِعْنَا لأَمِيرٍ قَاهَا
وصَلِيتُ النارَ أَي قاسَيْتُ حَرَّها. اصْلَوْها أَي قاسُوا حَرَّها،
وهي الصَّلا والصِّلاءُ مثل الأَيَا والإيَاءِ للضِّياء، إذا كَسَرْتَ
مَدَدْت، وإذا فَتَحْت قَصَرْت؛ قال امرؤ القيس:
وقَاتَلَ كَلْب الحَيِّ عَنْ نَارِأَهْلِهِ
لِيَرْبِضَ فيهَا، والصَّلا مُتَكَنَّفُ
ويقال: صَلَيْتُ الرَّجُلَ ناراً إذا أَدْخَلْتَه النارَ وجَعَلْتَه
يَصْلاهَا، فإن أَلْقَيْتَه فيها إلْقاءً كأَنَّكَ تُرِيدُ الإحْراقَ قُلت
أَصْلَيْته، بالأَلف، وصَلَّيْته تَصْلِيَةً. والصِّلاءُ والصَّلَى: اسمٌ
للوَقُودِ، تقول: صَلَى النارِ، وقيل: هُما النارُ. وصَلَّى يَدَهُ
بالنارِ: سَخَّنَها؛ قال:
أَتانا فَلَمْ نَفْرَح بطَلْعَةِ وجْهِهِ
طُروقاً، وصَلَّى كَفَّ أَشْعَثَ سَاغِبِ
واصْطَلَى بها: اسْتَدْفَأَ. وفي التنزيل: لعلكم تَصْطَلُون؛ قال
الزجاج: جاءَ في التفسير أَنهم كانوا في شِتاءٍ فلذلك احتاجَ إلى الاصْطِلاءِ.
وصَلَّى العَصَا على النارِ وتَصَلاَّها: لَوَّحَها وأَدارَها على
النارِ ليُقَوِّمَها ويُلَيِّنَها. وفي الحديث: أَطْيَبُ مُضْغَةٍ
صَيْحانِيَّةٌ مَصْلِيَّةٌ قد صُلِيَتْ في الشمسِ وشُمِّسَتْ، ويروى بالباء، وهو
مذكور في موضعه. وفي حديث حُذَيْفَة: فرأَيْتُ أَبا سُفْيانَ يَصْلِي
ظَهْرَه بالنار أَي يُدْفِئُهُ. وقِدْحٌ مُصَلّىً: مَضْبوحٌ؛ قال قيس بن
زهير:فَلا تَعْجَلْ بأَمْرِكَ واسْتَدِمْهُ،
فمَا صَلَّى عَصاهُ كَمُسْتَدِيمِ
والمِصْلاةُ: شَرَكٌ يُنْصَب للصَّيْد. وفي حديث أَهلِ الشَّام: إنَّ
للِشيْطانِ مَصَالِيَ وفُخُوخاً؛ والمصالي شبيهة بالشَّرَك تُنْصَبُ
للطَّيْرِ وغيرها؛ قال ذلك أَبو عبيد يعني ما يَصِيدُ به الناسَ من الآفات
التي يَسْتَفِزُّهُم بها مِن زِينَةِ الدُّنيا وشَهَواتِها، واحِدَتُها
مِصْلاة. ويقال: صلِيَ بالأَمْرِ وقد صَلِيتُ به أَصْلَى به إذا قَاسَيْت
حَرَّه وشِدَّتَه وتَعَبَه؛ قال الطُّهَوِي:
ولا تَبْلَى بَسالَتُهُمْ، وإنْ هُمْ
صَلُوا بالحَرْبِ حِيناً بَعْدَ حِينِ
وصَلَيْتُ لِفُلانٍ، بالتَّخفِيفِ، مثالُ رَمَيْت: وذلك إذا عَمِلْتَ
لَه في أَمْرٍ تُرِيدُ أَن تَمْحَلَ به وتُوقِعَه في هَلَكة، والأَصلُ في
هذا من المَصَالي وهي الأَشْراكُ تُنْصَب للطَّيْرِ وغيرها. وصَلَيْتُه
وصَلَيْتُ له: مَحَلْتُ به وأَوْقَعْتُه في هَلَكَةٍ من ذلك.
والصَّلايَةُ والصَّلاءَةُ: مُدُقُّ الطِّيبِ؛ قال سيبويه: إنما هُمِزَت
ولم يَكُ حرف العلة فيها طرَفاً لأَنهم جاؤوا بالواحِدِ على قولهم في
الجمعِ صَلاءٌ، مهموزة، كما قالوا مَسْنِيَّة ومَرْضِيّة حينَ جاءَت على
مَسْنِيٍّ ومَرْضِيٍّ، وأَما من قال صلايَة فإنّه لم يجئ بالواحد على
صَلاءٍ. أَبو عمرو: الصَّلاية كلُّ حَجَرٍ عَرِيضٍ يُدَقُّ عليه عِطْرٌ
أَو هَبِيدٌ. الفراء: تجمع الصَّلاءَة صُلِيّاً وصِلِيّاً،والسَّماءُ
سُمِيّاً وسِمِيّاً؛ وأَنشد:
أَشْعَث ممَّا نَاطَح الصُّلِيَّا
يعني الوَتِد. ويُجْمَعُ خِثْيُ البَقَر على خُثِيٍّ وخِثِيٍّ.
والصَّلايَةُ: الفِهْرُ؛ قال أُمَيَّة يصف السماء:
سَراة صَلابةٍ خَلْقاء صِيغَتْ
تُزِلُّ الشمسَ، ليس لها رِئابُ
(* قوله «ليس لها رثاب» هكذا في الأصل والصحاح، وقال في التكملة
الرواية:
تزل الشمس، ليس لها اياب).
قال: وإنما قال امرؤُ القيس:
مَداكُ عروسٍ أَوْ صَلايةُ حنْظلِ
فأَضافه إليه لأَنه يُفَلَّق به إذا يَبِسَ. ابن شميل: الصَّلايَة
سَرِيحَةٌ خَشِنةٌ غَلِيظةٌ من القُفِّ، والصَّلا ما عن يمين الذَّنَب
وشِماله، وهُما صَلَوان. وأَصْلتِ الفَرسُ إذا اسْتَرْخى صَلَواها، وذلك إذا
قرُبَ نتاجُها. وصَلَيْتُ الظَّهْرَ: ضَرَبْت صَلاه أَو أَصَبْته، نادرٌ،
وإنما حُكْمُه صَلَوْته كما تقول هُذَيل.
الليث: الصِّلِّيانُ نبْتٌ؛ قال بعضهم: هو على تقدير فِعِّلان، وقال
بعضهم: فِعْلِيان، فمن قال فِعْلِيان قال هذه أَرضٌ مَصْلاةٌ وهو نبْتٌ له
سنَمَة عظيمة كأَنها رأْسُ القَصَبة إذا خرجت أَذْنابُها تجْذِبُها
الإبل، والعرب تُسمِّيه خُبزَة الإبل، وقال غيره: من أَمثال العرب في اليمينِ
إذا أَقدَمَ عليها الرجُلُ ليقتَطِعَ بها مالَ الرجُلِ: جَذَّها جَذَّ
العَيْر الصِّلِّيانة، وذلك أَنَّ لها جِعْثِنَةً في الأَرض، فإذا كَدَمها
العَيْر اقتلعها بجِعْثِنتها. وفي حديث كعب: إنَّ الله بارَكَ لدَوابِّ
المُجاهدين في صِلِّيان أَرض الرُّوم كما بارك لها في شعير سُوريَة؛
معناه أي يقومُ لخيلِهم مقامَ الشعير، وسُورية هي بالشام.
حجر: الحَجَرُ: الصَّخْرَةُ، والجمع في القلة أَحجارٌ، وفي الكثرة
حِجارٌ وحجارَةٌ؛ وقال:
كأَنها من حِجارِ الغَيْلِ، أَلبسَها
مَضارِبُ الماء لَوْنَ الطُّحْلُبِ التَّرِبِ
وفي التنزيل: وقودها الناس والحجارة؛ أَلحقوا الهاء لتأْنيث الجمع كما
ذهب إِليه سيبويه في البُعُولة والفُحولة. الليث: الحَجَرُ جمعه
الحِجارَةُ وليس بقياس لأَن الحَجَرَ وما أَشبهه يجمع على أَحجار ولكن يجوز
الاستحسان في العربية كما أَنه يجوز في الفقه وتَرْكُ القياس له كما قال
الأَعشى يمدح قوماً:
لا نَاقِصِي حَسَبٍ ولا
أَيْدٍ، إِذا مُدَّت، قِصَارَهْ
قال: ومثله المِهارَةُ والبِكارَةُ لجمع المُهْرِ والبَكْرِ. وروي عن
أَبي الهيثم أَنه قال: العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَال أَو فُعُولٍ،
وإِنما زادوا هذه الهاء فيها لأَنه إِذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت
ساكنان: أَحدهما الأَلف التي تَنْحَرُ آخِرَ حَرْفٍ في فِعال، والثاني
آخرُ فِعال المسكوتُ عليه، فقالوا: عِظامٌ وعَظامةٌ ونِفارٌ ونِفارةٌ،
وقالوا: فِحالَةٌ وحِبالَةٌ وذِكارَةٌ وذُكُورة وفُحولَةٌ وحُمُولَةٌ. قال
الأَزهري: وهذا هو العلة التي عللها النحويون، فأَما الاستحسان الذي شبهه
بالاستحسان في الفقه فإِنه باطل. الجوهري: حَجَرٌ وحِجارةٌ كقولك جَمَلٌ
وجِمالَةٌ وذَكَرٌَ وذِكارَةٌ؛ قال: وهو نادر. الفراء: العرب تقول الحَجَرُ
الأُحْجُرُّ على أُفْعُلٍّ؛ وأَنشد:
يَرْمِينِي الضَّعِيفُ بالأُحْجُرِّ
قال: ومثله هو أُكْبُرُّهم وفرس أُطْمُرُّ وأُتْرُجُّ، يشدّدون آخر
الحرف. ويقال: رُمِي فُلانٌ بِحَجَرِ الأَرض إِذا رمي بداهية من الرجال. وفي
حديث الأَحنف بن قيس أَنه قال لعلي حين سمَّى معاويةُ أَحَدَ
الحَكَمَيْنِ عَمْرَو بْنَ العاصِ: إِنك قد رُميت بِحَجر الأَرض فأَجعل معه ابن عباس
فإِنه لا يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلاَّ حَلَّهَا؛ أَي بداهية عظيمة تثبت
ثبوتَ الحَجَرِ في الأَرض. وفي حديث الجَسَّاسَةِ والدَّجالِ: تبعه أَهل
الحَجَرِ وأَهل المَدَرِ؛ يريد أَهل البَوادِي الذين يسكنون مواضع الأَحجار
والرمال، وأَهلُ المَدَرِ أَهلُ البادِية. وفي الحديث: الولد للفراش
وللعاهِرِ الحَجَرُ؛ أَي الخَيْبَةُ؛ يعني أَن الولد لصاحب الفراش من السيد
أَو الزوج، وللزاني الخيبةُ والحرمان، كقولك ما لك عندي شيء غير التراب
وما يبدك غير الحَجَرِ؛ وذهب قوم إِلى أَنه كنى بالحجر عن الرَّجْمِ؛ قال
ابن الأَثير: وليس كذلك لأَنه ليس كل زان يُرْجَمُ. والحَجَر الأَسود،
كرمه الله: هو حَجَر البيت، حرسه الله، وربما أَفردوه فقالوا الحَجَر
إِعظاماً له؛ ومن ذلك قول عمر، رضي الله عنه: والله إِنك حَجَرٌ، ولولا أَني
رأَيتُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يفعل كذا ما فعلت؛ فأَما قول
الفرزدق:
وإِذا ذكَرْتَ أَبَاكَ أَو أَيَّامَهُ،
أَخْزاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأَحْجارُ
فإِنه جعل كل ناحية منه حَجَراً، أَلا ترى أَنك لو مَسِسْتَ كل ناحية
منه لجاز أَن تقول مسست الحجر؟ وقوله:
أَمَا كفاها انْتِياضُ الأَزْدِ حُرْمَتَها،
في عُقْرِ مَنْزِلها، إِذْ يُنْعَتُ الحَجَرُ؟.
فسره ثعلب فقال: يعني جبلاً لا يوصل إِليه. واسْتَحْجَرَ الطينُ: صار
حَجَراً، كما تقول: اسْتَنْوَق الجَمَلُ، لا يتكلمون بهما إِلاَّ مزيدين
ولهما نظائر. وأَرضٌ حَجِرَةٌ وحَجِيرَةٌ ومُتَحَجِّرة: كثيرة الحجارة،
وربما كنى بالحَجَر عن الرَّمْلِ؛ حكاه ابن الأَعرابي، وبذلك فسر قوله:
عَشِيَّةَ أَحْجارُ الكِناسِ رَمِيمُ
قال:
أَراد عشية رمل الكناس، ورمل الكناس: من بلاد عبدالله بن كلاب.
والحَجْرُ والحِجْرُ والحُجْرُ والمَحْجِرُ، كل ذلك: الحرامُ، والكسر أَفصح،
وقرئ بهن: وحَرْثٌ حجر؛ وقال حميد ابن ثور الهلالي:
فَهَمَمْت أَنْ أَغْشَى إِليها مَحْجِراً،
ولَمِثْلُها يُغْشَى إِليه المَحْجِرُ
يقول: لَمِثْلُها يؤتى إِليه الحرام. وروي الأَزهري عن الصَّيْداوِي
أَنه سمع عبويه يقول: المَحْجَر، بفتح الجيم، الحُرْمةُ؛ وأَنشد:
وهَمَمْتُ أَن أَغشى إِليها مَحْجَراً
ويقال: تَحَجَّرَ على ما وَسَّعه اللهُ أَي حرّمه وضَيَّقَهُ. وفي
الحديث: لقد تَحَجَّرْتَ واسعاً؛ أَي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون
غيرك، وقد حَجَرَهُ وحَجَّرَهُ. وفي التنزيل: ويقولون حِجْراً مَحْجُوراً؛
أَي حراماً مُحَرَّماً. والحاجُور: كالمَحْجر؛ قال:
حتى دَعَوْنا بِأَرْحامٍ لنا سَلَفَتْ،
وقالَ قَائِلُهُمْ: إِنَّي بحاجُورِ
قال سيبويه:
ويقول الرجل للرجل أَتفعل كذا وكذا يا فلان؟ فيقول: حُِجْراً أَي ستراً
وبراءة من هذا الأَمر، وهو راجع إِلى معنى التحريم والحرمة. الليث: كان
الرجل في الجاهلية يلقى الرجل يخافه في الشهر الحرام فيقول: حُجْراً
مَحجُوراً أَي حرام محرم عليك في هذا الشهر فلا يبدؤه منه شر. قال: فإِذا كان
يوم القيامة ورأَى المشركون ملائكة العذاب قالوا: حِجْراً مَحْجُوراً،
وظنوا أَن ذلك ينفعهم كفعلهم في الدنيا؛ وأَنشد:
حتى دعونا بأَرحام لها سلفت،
وقال قائلهم: إِني بحاجور
يعني بِمَعاذ؛ يقول: أَنا متمسك بما يعيذني منك ويَحْجُرك عني؛ قال:
وعلى قياسه العاثُورُ وهو المَتْلَفُ. قال الأَزهري. أَما ما قاله الليث من
تفسير قوله تعالى: ويقولون حجراً محجوراً؛ إِنه من قول المشركين للملائكة
يوم القيامة، فإِن أَهل التفسير الذين يُعتمدون مثل ابن عباس وأَصحابه
فسروه على غير ما فسره الليث؛ قال ابن عباس: هذا كله من قول الملائكة،
فالوا للمشركين حجراً محجوراً أَي حُجِرَتْ عليكم البُشْرَى فلا تُبَشَّرُون
بخير. وروي عن أَبي حاتم في قوله: «ويقولون حجراً» تمّ الكلام. قال أَبو
الحسن: هذا من قول المجرمين فقال الله محجوراً عليهم أَن يعاذوا وأَن
يجاروا كما كانوا يعاذون في الدنيا ويجارون، فحجر الله عليهم ذلك يوم
القيامة؛ قال أَبو حاتم وقال أَحمد اللؤلؤي: بلغني عن ابن عباس أَنه قال: هذا
كله من قول الملائكة. قال الأَزهري: وهذا أَشبه بنظم القرآن المنزل بلسان
العرب، وأَحرى أَن يكون قوله حجراً محجوراً كلاماً واحداً لا كلامين مع
إِضمار كلام لا دليل عليه. وقال الفرّاء: حجراً محجوراً أَي حراماً
محرّماً، كما تقول: حَجَرَ التاجرُ على غلامه، وحَجَرَ الرجل على أَهله. وقرئت
حُجْراً مَحْجُوراً أَي حراماً محرّماً عليهم البُشْرَى. قال: وأَصل
الحُجْرِ في اللغة ما حَجَرْتَ عليه أَي منعته من أَن يوصل إِليه. وكل ما
مَنَعْتَ منه، فقد حَجَرْتَ عليه؛ وكذلك حَجْرُ الحُكَّامِ على الأَيتام:
مَنْعُهم؛ وكذلك الحُجْرَةُ التي ينزلها الناس، وهو ما حَوَّطُوا عليه.
والحَجْرُ، ساكنٌ: مَصْدَرُ حَجَر عليه القاضي يَحْجُر حَجْراً إِذا
منعه من التصرف في ماله. وفي حديث عائشة وابن الزبير: لقد هَمَمْتُ أَن
أَحْجُرَ عليها؛ هو من الحَجْر المَنْعِ، ومنه حَجْرُ القاضي على الصغير
والسفيه إِذا منعهما من التصرف في مالها. أَبو زيد في قوله وحَرْثٌ حِجْرٌ
حرامٌ ويقولون حِجْراً حراماً، قال: والحاء في الحرفين بالضمة والكسرة
لغتان. وحَجْرُ الإِنسان وحِجْرُه، بالفتح والكسر: حِضْنُه. وفي سورة النساء:
في حُجُوركم من نسائكم؛ واحدها حَجْرٌ، بفتح الحاء. يقال: حَجْرُ
المرأَة وحِجْرُها حِضْنُها، والجمع الحُجُورُ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
هي اليتيمة تكون في حَجْر وَلِيِّها، ويجوز من حِجْرِ الثوب وهو طرفه
المتقدم لأَن الإِنسان يرى ولده في حِجْرِه؛ والوليُّ: القائم بأَمر
اليتيم. والحجر، بالفتح والكسر: الثوب والحِضْنُ، والمصدر بالفتح لا غير. ابن
سيده: الحَجْرُ المنع، حَجَرَ عليه يَحْجُرُ حَجْراً وحُجْراً وحِجْراً
وحُجْراناً وحِجْراناً مَنَعَ منه. ولا حُجْرَ عنه أَي لا دَفْعَ ولا
مَنْعَ. والعرب تقول عند الأَمر تنكره: حُجْراً له، بالضم، أَي دفعاً، وهو
استعارة من الأَمر؛ ومنه قول الراجز:
قالتْ وفيها حَيْدَةٌ وذُعْرُ:
عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمُ وحُجْرُ
وأَنت في حِجْرَتِي أَي مَنَعَتِي. قال الأَزهري: يقال هم في حِجْرِ
فلانٍ أَي في كَنَفِه ومَنَعَتِه ومَنْعِهِ، كله واحد؛ قاله أَبو زيد،
وأَنشد لحسان ابن ثابت:
أُولئك قَوْمٌ، لو لَهُمْ قيلَ: أَنْفِدُوا
أَمِيرَكُمْ، أَلفَيْتُموهُم أُولي حَجْرِ
أَي أُولى مَنَعَةٍ. والحُجْرَةُ من البيوت: معروفة لمنعها المال،
والحَجارُ: حائطها، والجمع حُجْراتٌ وحُجُراتٌ وحُجَراتٌ، لغات كلها.
والحُجْرَةُ: حظيرة الإِبل، ومنه حُجْرَةُ الدار. تقول: احْتَجَرْتُ حُجْرَةً أَي
اتخذتها، والجمع حُجَرٌ مثل غُرْفَةٍ وغُرَفٍ. وحُجُرات، بضم الجيم. وفي
الحديث: أَنه احْتَجَر حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَو حَصِير؛ الحجيرة:
تصغير الحُجْرَةِ، وهي الموضع المنفرد.
وفي الحديث: من نام على ظَهْرِ بَيْتٍ ليس عليه حِجارٌ فقد بَرِئَتْ منه
الذمة؛ الحجار جمع حِجْرٍ، بالكسر، أَو من الحُجْرَةِ وهي حَظِيرَةُ
الإِبل وحُجْرَةُ الدار، أَي أَنه يَحْجُر الإِنسان النائم ويمنعه من الوقوع
والسقوط. ويروى حِجاب، بالباء، وهو كل مانع من السقوط، ورواه الخطابي
حِجًى، بالياء، وسنذكره؛ ومعنى براءة الذمة منه لأَنه عَرَّض نفسه للهلاك
ولم يحترز لها. وفي حديث وائل بن حُجْرٍ: مَزاهِرُ وعُرْمانٌ ومِحْجَرٌ؛
مِحجر، بكسر الميم: قربة معروفة؛ قال ابن الأَثير: وقيل هي بالنون؛ قال:
وهي حظائر حول النخل، وقيل حدائق.
واستَحجَرَ القومُ واحْتَجَرُوا: اتخذوا حُجْرة. والحَجْرَةُ والحَجْرُ،
جميعاً: للناحية؛ الأَخيرة عن كراع. وقعد حَجْرَةً وحَجْراً أَي ناحية؛
وقوله أَنشده ثعلب:
سَقانا فلم نَهْجَا من الجُِوع نَقْرَةً
سَماراً، كإِبحط الذِّئْب سُودٌ حَواجِرُهْ
قال ابن سيده: لم يفسر ثعلب الحواجر. قال: وعندي أَنه جمع الحَجْرَةِ
التي هي الناحية على غير قياس، وله نظائر. وحُجْرَتا العسكر: جانباه من
الميمنة والميسرة؛ وقال:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهِمْ،
ونَجْمَعُهُمْ إِذا كانوا بَدَادِ
وفي الحديث: للنساء حَجْرتا الطريق؛ أَي ناحيتاه؛ وقول الطرماح يصف
الخمر:
فلما فُتَّ عنها الطِّينُ فاحَتْ،
وصَرَّحَ أَجْوَدُ الحُجْرانِ صافي
استعار الحُجْرانَ للخمر لأَنها جوهر سيال كالماء؛ قال ابن الأَثير: في
الحديث حديث علي، رضي الله عنه، الحكم لله:
ودَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِهِ
قال: هو مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أَجلُّ
منه، وهو صدر بيت لامرئ القيس:
فَدَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِه،
ولكِنْ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ
أَي دع النهب الذي نهب من نواحيك وحدثني حديث الرواحل وهي الإِبل التي
ذهبتَ بها ما فعَلت. وفي النوادر: يقال أَمسى المالُ مُحْتَجِرَةً
بُطُونُهُ ونَجِرَةً؛ ومالٌ مَتَشدِّدٌ ومُحْتَجِّرٌ. ويقال: احْتَجَرَ البعيرُ
احْتِجاراً. والمُحْتَجِرُ من المال: كلُّ ما كَرِشَ ولم يَبْلُغْ نِصْفَ
البِطْنَة ولم يبلغ الشِّبَع كله، فإِذا بلغ نصف البطنة لم يُقَلْ،
فإِذا رجع بعد سوء حال وعَجَفٍ، فقد اجْرَوَّشَ؛ وناس مُجْروِّشُون.
والحُجُرُ: ما يحيط بالظُّفر من اللحم.
والمَحْجِرُ: الحديقة، مثال المجلس. والمَحاجِرُ: الحدائق؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ به جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ،
تَرْوي المَحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ
قال ابن بري: أَراد بقوله جرشية ناقة منسوبة إِلى جُرَش، وهو موضع
باليمن. ومقطورة: مطلية بالقَطِران. وعُلْكُوم: ضخمة، والهاء في به تعود على
غَرْب تقدم ذكرها. الأَزهري: المِحْجَرُ المَرْعَى المنخفض، قال: وقيل
لبعضهم: أَيُّ الإِبل أَبقى على السَّنَةِ؟ فقال: ابنةُ لَبُونٍ، قيل:
لِمَهْ؟ قال: لأَنها تَرْعى مَحْجِراً وتترك وَسَطاً؛ قال وقال بعضهم:
المَحْجِرُ ههنا الناحية. وحَجْرَةُ القوم: ناحية دارهم؛ ومثل العرب: فلان يرعى
وَسطَاً: ويَرْبُضُ حَجْرَةً أَي ناحية. والحَجرَةُ: الناحية، ومنه قول
الحرث بن حلِّزَةَ:
عَنَناً باطلاً وظُلْماً، كما تُعْـ
ـتَرُ عن حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ
والجمع جَحْرٌ وحَجَراتٌ مثل جَمْرَةٍ وجَمْرٍ وجَمَراتٍ؛ قال ابن بري:
هذا مثل وهو أَن يكون الرجل وسط القوم إِذا كانوا في خير، وإِذا صاروا
إِلى شر تركهم وربض ناحية؛ قال: ويقال إِن هذتا المَثَلَ لَعَيْلانَ بن
مُضَرَ. وفي حديث أَبي الدرداء: رأَيت رجلاً من القوم يسير حَجْرَةً أَي
ناحية منفرداً، وهو بفتح الحاء وسكون الجيم. ومَحْجِرُ العين: ما دار بها
وبدا من البُرْقُعِ من جميع العين، وقيل: هو ما يظهر من نِقاب المرأَة
وعمامة الرجل إِذا اعْتَمَّ، وقيل: هو ما دار بالعين من العظم الذي في أَسفل
الجفن؛ كل ذلك بفتح الميم وكسرها وكسر الجيم وفتحها؛ وقول الأَخطل:
ويُصبِحُ كالخُفَّاشِ يَدْلُكُ عَيْنَهُ،
فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ لَئيمٍ ومِنْ حَجْرِ
فسره ابن الأَعرابي فقال: أَراد محجر العين. الأَزهري: المَحْجِرُ
العين. الجوهري: محجر العين ما يبدو من النقاب. الأَزهري: المَحْجِرُ من الوجه
حيث يقع عليه النقاب، قال: وما بدا لك من النقاب محجر وأَنشد:
وكَأَنَّ مَحْجِرَها سِراجُ المُوقِدِ
وحَجَّرَ القمرُ: استدار بخط دقيق من غير أَن يَغْلُظ، وكذلك إِذا صارت
حوله دارة في الغَيْم. وحَجَّرَ عينَ الدابة وحَوْلَها: حَلَّقَ لداء
يصيبها. والتحجير: أَن يَسِم حول عين البعير بِميسَمٍ مستدير. الأَزهري:
والحاجِرُ من مسايل المياه ومنابت العُشْب ما استدار به سَنَدٌ أَو نهر
مرتفع، والجمع حُجْرانٌ مثل حائر وحُوران وشابٍّ وشُبَّانٍ؛ قال رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حُجْرانُ الدَّرَقْ
قال الأَزهري: ومن هذا قيل لهذا المنزل الذي في طريق مكة: حاجز. ابن
سيده: الحاجر ما يمسك الماء من شَفَة الوادي ويحيط به. الجوهري: الحاجر
والحاجور ما يمسك الماء من شفة الوادي، وهو فاعول من الحَجْرِ، وهو المنع.
ابن سيده: قال أَبو حنيفة: الحاجِرُ كَرْمٌ مِئْنَاثٌ وهو مُطْمئنٌّ له
حروف مُشْرِفَة تحبس عليه الماءَ، وبذلك سمي حاجراً، والجمع حُجْرانٌ.
والحاجِرُ: مَنْبِتُ الرِّمْتِ ومُجْتَمَعُه ومُسْتَدارُه. والحاجِرُ أَيضاً:
الجَِدْرُ الذي يُمسك الماء بين الديار لاستدارته أَيضاً؛ وقول الشاعر:
وجارة البيت لها حُجْرِيُّ
فمعناه لها خاصة. وفي حديث سعد بن معاذ: لما تحَجَّرَ جُرْحُه للبُرْءِ
انْفَجَر أَي اجتمع والتأَم وقرب بعضه من بعض.
والحِجْرُ، بالكسر: العقل واللب لإِمساكه وضعه وإِحاطته بالتمييز، وهو
مشتق من القبيلين. وفي التنزيل: هل في ذلك قَسَمٌ لذي حِجر؛ فأَما قول ذي
الرمة:
فَأَخْفَيْتُ ما بِي مِنْ صَدِيقي، وإِنَّهُ
لَذو نَسَب دانٍ إِليَّ وذو حِجْرِ
فقد قيل: الحِجْرُ ههنا العقل، وقيل: القرابة. والحِجْرُ: الفَرَسُ
الأُنثى، لم يدخلوا فيه الهاء لأَنه اسم لا يشركها فيه المذكر، والجمع
أَحْجارٌ وحُجُورَةٌ وحُجُورٌ. وأَحْجارُ الخيل: ما يتخذ منها للنسل، لا يفرد
لها واحد. قال الأَزهري: بلى يقال هذه حِجْرٌ من أَحْجار خَيْلي؛ يريد
بالجِحْرِ الفرسَ الأُنثى خاصة جعلوها كالمحرَّمة الرحِمِ إِلاَّ على
حِصانٍ كريم. قال وقال أَعرابي من بني مُضَرَّسٍ وأَشار إِلى فرس له أُنثى
فقال: هذه الحِجْرُ من جياد خيلنا. وحِجْرُ الإِنسان وحَجْرُه: ما بين يديه
من ثوبه. وحِجْرُ الرجل والمرأَة وحَجْرُهما: متاعهما، والفتح أَعلى.
ونَشَأَ فلان في حَجْرِ فلان وحِجْرِه أَي حفظه وسِتْرِه. والحِجْرُ: حِجْرُ
الكعبة. قال الأَزهري: الحِجْرُ حَطِيمُ مكة، كأَنه حُجْرَةٌ مما يلي
المَثْعَبَ من البيت. قال الجوهري: الحِجْرُ حِجْرُ الكعبة، وهو ما حواه
الحطيم المدار بالبيت جانبَ الشَّمالِ؛ وكُلُّ ما حْجَرْتَهُ من حائطٍ، فهو
حِجْرٌ. وفي الحديث ذِكْرُ الحِجْرِ في غير موضع، قال ابن الأَثير: هو
اسم الحائط المستدير إِلى جانب الكعبة الغربي. والحِجْرُ: ديار ثمود ناحية
الشام عند، وادي القُرَى، وهم قوم صالح النبي، صلى الله عليه وسلم، وجاء
ذكره في الحديث كثيراً. وفي التنزيل: ولقد كَذَّبَ أَصحاب الحِجْرِ
المرسلين؛ والحِجْرُ أَيضاً: موضعٌ سوى ذلك.
وحَجْرٌ: قَصَبَةُ اليمامَةِ، مفتوح الحاء، مذكر مصروف، ومنهم من يؤنث
ولا يصرف كامرأَة اسمها سهل، وقيل: هي سُوقُها؛ وفي الصحاح: والحَجْرُ
قَصَبَةُ اليمامة، بالتعريف. وفي الحديث: إِذا نشأَت حَجْرِيَّةً ثم
تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ حجرية، بفتح الحاء وسكون الجيم. قال ابن
الأَثير: يجوز أَن تكون منسوبة إِلى الحَجْرِ قصبة اليمامة أَو إِلى حَجْرَةِ
القوم وهي ناحيتهم، والجمع حَجْرٌ كَجَمْرَةٍ وجَمْرٍ. وإِن كانت بكسر
الحاء فهي منسوبة إِلى أَرض ثمود الحِجْرِ؛ وقول الراعي ووصف صائداً:
تَوَخَّى، حيثُ قال القَلْبُ منه،
بِحَجْرِيٍّ تَرى فيه اضْطِمارَا
إِنما عنى نصلاً منسوباً إِلى حَجْرٍ. قال أَبو حنيفة: وحدائدُ حَجْرٍ
مُقدَّمة في الجَوْدَة؛ وقال رؤبة:
حتى إِذا تَوَقَّدَتْ من الزَّرَقْ
حَجْرِيَّةٌ، كالجَمْرِ من سَنِّ الدَّلَقْ وأَما قول زهير:
لِمَنِ الدّيارُ بِقُنَّة الحَجْرِ
فإِن أَبا عمرو لم يعرفه في الأَمكنة ولا يجوز أَن يكون قصبة اليمامة
ولا سُوقها لأَنها حينئذٍ معرفة، إِلاَّ أَن تكون الأَلف واللام زائدتين،
كما ذهب إِليه أَبو علي في قوله:
ولَقَد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَسَاقِلاً،
واَقَدْ نَهِيْتُكَ عن بناتِ الأَوْبَرِ
وإِنما هي بنات أَوبر؛ وكما روي أَحمد بن يحيى من قوله:
يا ليتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صاحِبي
وقول الشاعر:
اعْتَدْتُ للأَبْلَجِ ذي التَّمايُلِ،
حَجْرِيَّةً خِيَضَتْ بِسُمٍّ ماثِلِ
يعني: قوساً أَو نَبْلاً منسوبة إِلى حَجْرٍ هذه. والحَجَرانِ: الذهب
والفضة. ويقال للرجل إِذا كثر ماله وعدده: قد انتشرت حَجْرَتُه وقد
ارْتَعَجَ مالهُ وارْتَعَجَ عَدَدُه.
والحاجِرُ: منزل من منازل الحاج في البادية.
والحَجُّورة: لعبة يلعب بها الصبيان يخطُّون خطّاً مستديراً ويقف فيه
صبي وهنالك الصبيان معه.
والمَحْجَرُ، بالفتح: ما حول القرية؛ ومنه محاجِرُ أَقيال اليمن وهي
الأَحْماءُ، كان لكل واحد منهم حِمَّى لا يرعاه غيره. الأَزهري؛ مَحْجَرُ
القَيْلِ من أَقيال اليمن حَوْزَتُه وناحيته التي لا يدخل عليه فيها غيره.
وفي الحديث: أَنه كان له حصير يبسطه بالنهار ويَحْجُره بالليل، وفي
رواية: يَحْتَجِرُهُ أَي يجعله لنفسه دون غيره. قال ابن الأَثير: يقال
حَجَرْتُ الأَرضَ واحْتَجَرْتُها إِذا ضربت عليها مناراً تمنعها به عن
غيرك.ومُحَجَّرٌ، بالتشديد: اسم موضع بعينه. والأَصمعي يقوله بكسر الجيم
وغيره يفتح. قال ابن بري: لم يذكر الجوهري شاهداً على هذا المكان؛ قال: وفي
الحاشية بيت شاهد عليه لطفيل الغَنَوِيِّ:
فَذُوقُوا، كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ،
من الغَيْظِ في أَكْبادِنا والتَّحَوُّبِ
وحكى ابن بري هنا حكاية لطيفة عن ابن خالويه قال: حدثني أَبو عمرو
الزاهد عن ثعلب عن عُمَرَ بنِ شَبَّةَ قال: قال الجارود، وهو القارئ (وما
يخدعون إِلاَّ أَنفسهم): غسلت ابناً للحجاج ثم انصرفت إِلى شيخ كان الحجاج
قتل ابنه فقلت له: مات ابن الحجاج فلو رأَيت جزعه عليه، فقال:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجَّر
البيت. وحَجَّارٌ، بالتشديد: اسم رجل من بكر بن وائل. ابن سيده: وقد
سَمَّوْا حُجْراً وحَجْراً وحَجَّاراً وحَجَراً وحُجَيْراً. الجوهري: حَجَرٌ
اسم رجل، ومنه أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ الشاعر؛ وحُجْرٌ: اسم رجل وهو حُجْرٌ
الكِنْديُّ الذي يقال له آكل المُرَارِ؛ وحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الذي يقال
له الأَدْبَرُ، ويجوز حُجُرٌ مثل عُسْر وعُسُر؛ قال حسان بن ثابت:
مَنْ يَغُرُّ الدَّهْرُ أَو يأْمَنُهُ
مِنْ قَتيلٍ، بَعْدَ عَمْرٍ وحُجُرْ؟
يعني حُجُرَ بن النعمان بن الحرث بن أَبي شمر الغَسَّاني. والأَحجار:
بطون من بني تميم؛ قال ابن سيده: سموا بذلك لأَن أَسماءهم جَنْدَلٌ
وجَرْوَلٌ وصَخْر؛ وإِياهم عنى الشاعر بقوله:
وكُلّ أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا
يعني أُمه، وقيل: هي المنجنيق. وحَجُورٌ موضع معروف من بلاد بني سعد؛
قال الفرزدق:
لو كنتَ تَدْري ما بِرمْلِ مُقَيِّدٍ،
فَقُرى عُمانَ إِلى ذَوات حَجُورِ؟
وفي الحديث: أَنه كان يلقى جبريل، عليهما السلام، بأَحجار المِرَاءِ؛
قال مجاهد: هي قُبَاءٌ. وفي حديث الفتن: عند أَحجار الزَّيْتِ: هو موضع
بالمدينة. وفي الحديث في صفة الدجال: مطموس العين ليست بناتئة ولا حُجْراءَ؛
قال ابن الأَثير: قال الهروي إِن كانت هذه اللفظة محفوظة فمعناها ليست
بصُلْبَة مُتَحَجِّرَةٍ، قال: وقد رويت جَحْراءَ، بتقديم الجيم، ، وهو
مذكور في موضعه. والحَنْجَرَةُ والحُنْجُور: الحُلْقُوم، بزيادة النون.
وجد: وجَد مطلوبه والشيء يَجِدُه وُجُوداً ويَجُده أَيضاً، بالضم، لغة
عامرية لا نظير لها في باب المثال؛ قال لبيد وهو عامريّ:
لو شِئْت قد نَقَعَ الفُؤادُ بِشَرْبةٍ،
تَدَعُ الصَّوادِيَ لا يَجُدْنَ غَلِيلا
بالعَذبِ في رَضَفِ القِلاتِ مَقِيلةً
قَِضَّ الأَباطِحِ، لا يَزالُ ظَلِيلا
قال ابن بريّ: الشعر لجرير وليس للبيد كما زعم. وقوله: نَقَعَ الفؤادُ
أَي روِيَ. يقال نَقَعَ الماءُ العطشَ أَذْهبه نَقْعاً ونُقوعاً فيهما،
والماء الناقعُ العَذْبُ المُرْوي. والصَّادِي: العطشان. والغليل: حَرُّ
العطش. والرَّضَفُ: الحجارة المرضوفةُ. والقِلاتُ: جمع قَلْت، وهو نقرة في
الجبل يُستَنْقَعُ فيها ماء السماء. وقوله: قَِضّ الأَباطِحِ، يريد أَنها
أَرض حَصِبةٌ وذلك أَعذب للماء وأَصفى.
قال سيبويه: وقد قال ناس من العرب: وجَدَ يَجُدُ كأَنهم حذفوها من
يَوْجُد؛ قال: وهذا لا يكادُ يوجَدُ في الكلام، والمصدر وَجْداً وجِدَةً
ووُجْداً ووجُوداً ووِجْداناً وإِجْداناً؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد:وآخَر مُلْتاث، تَجُرُّ كِساءَه،
نَفَى عنه إِجْدانُ الرِّقِين المَلاوِيا
قال: وهذا يدل على بَدَل الهمزة من الواو المكسورة كما قالوا إِلْدةٌ في
وِلْدَة.
وأَوجَده إِياه: جَعَلَه يَجِدُه؛ عن اللحياني؛ ووَجَدْتَني فَعَلْتُ
كذا وكذا، ووَجَدَ المالَ وغيرَه يَجِدُه وَجْداً ووُجْداً وجِدةً.
التهذيب: يقال وجَدْتُ في المالِ وُجْداً ووَجْداً ووِجْداً ووِجْداناً وجِدَةً
أَي صِرْتُ ذا مال؛ ووَجَدْت الضَّالَّة وِجْداناً. قال: وقد يستعمل
الوِجْدانُ في الوُجْد؛ ومنه قول العرب: وِجْدانُ الرِّقِين يُغَطِّي أَفَنَ
الأَفِين. وفي حديث اللقطة: أَيها الناشدُ، غيرُك الواجِدُ؛ مِن وَجَدَ
الضَّالّة يَجِدُها. وأَوجده الله مطلوبَه أَي أَظفره به.
والوُجْدُ والوَجْدُ والوِجْدُ: اليسار والسَّعةُ. وفي التنزيل العزيز:
أَسكِنُوهُنَّ من حيثُ سكَنْتم من وَجْدِكم؛ وقد قرئ بالثلاث، أَي من
سَعَتكم وما ملكتم، وقال بعضهم: من مساكنكم.
والواجِدُ: الغنِيُّ؛ قال الشاعر:
الحمدُ للَّه الغَنِيِّ الواجِد
وأَوجَده الله أَي أَغناه. وفي أَسماء الله عز وجل: الواجدُ، هو الغني
الذي لا يفتقر. وقد وجَدَ تَجِدُ جِدة أَي استغنى غنًى لا فقر بعده. وفي
الحديث: لَيُّ الواجِدِ يُحِلّ عُقُوبَتَه وعِرْضَه أَي القادرِ على قضاء
دينه. وقال: الحمد لله الذي أَوْجَدَني بعد فقر أَي أَغناني، وآجَدَني
بعد ضعف أَي قوّاني. وهذا من وَجْدِي أَي قُدْرتي. وتقول: وجَدْت في الغِنى
واليسار وجْداً ووِجْداناً
(* قوله «وجداً ووجداناً» واو وجداً مثلثة،
أفاده القاموس.) وقال أَبو عبيد: الواجدُ الذي يَجِدُ ما يقضي به دينه.
ووُجِدَ الشيءُ عن عدَم، فهو موجود، مثل حُمّ فهو محموم؛ وأَوجَدَه الله
ولا يقال وجَدَه، كما لا يقال حَمّه.
ووَجَد عليه في الغَضب يَجُدُ ويَجِدُ وَجْداً وجِدَةً وموجَدةً
ووِجْداناً: غضب. وفي حديث الإِيمان: إِني سائلك فلا تَجِدْ عليّ أَي لا
تَغْضَبْ من سؤالي؛ ومنه الحديث: لم يَجِدِ الصائمُ على المُفْطر، وقد تكرَّرَ
ذكره في الحديث اسماً وفعلاً ومصدراً وأَنشد اللحياني قول صخر الغيّ:
كِلانا رَدَّ صاحِبَه بِيَأْسٍ
وتَأْنِيبٍ، ووِجْدانٍ شَديدِ
فهذا في الغضب لأَن صَخْرَ الغيّ أَيأَسَ الحَمامَة من ولدها فَغَضِبَتْ
عليه، ولأَن الحمامة أَيْأَسته من ولده فغَضِبَ عليها. ووَجَدَ به
وَجْداً: في الحُبِّ لا غير، وإِنه ليَجِدُ بفلانة وَجْداً شديداً إِذا كان
يَهْواها ويُحِبُّها حُبّاً شديداً. وفي الحديث، حديث ابن عُمر وعُيينة بن
حِصْن: والله ما بطنها بوالد ولا زوجها بواجد أَي أَنه لا يحبها؛ وقالت
شاعرة من العرب وكان تزوجها رجل من غير بلدها فَعُنِّنَ عنها:
مَنْ يُهْدِ لي مِن ماءٍ بَقْعاءَ شَرْبةً،
فإِنَّ له مِنْ ماءِ لِينةَ أَرْبعَا
لقد زادَني وَجْداً بِبَقْعاءَ أَنَّني
وَجَدْتُ مَطايانا بِلِينةَ ظُلَّعا
فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ بالرَّمْلِ أَنني
بَكَيْتُ، فلم أَترُكْ لِعَيْنَيَّ مَدْمَعا؟
تقول: من أَهدى لي شربة من ماءِ بَقْعاءَ على ما هو من مَرارة الطعم
فإِن له من ماءِ لِينةَ على ما هو به من العُذوبةِ أَربعَ شربات، لأَن بقعاء
حبيبة إِليَّ إِذ هي بلدي ومَوْلِدِي، ولِينةُ بَغِيضَةٌ إِليّ لأَن
الذي تزوجني من أَهلها غير مأْمون عليّ؛ وإِنما تلك كناية عن تشكيها لهذا
الرجل حين عُنِّنَ عنها؛ وقولها: لقد زادني حبّاً لبلدتي بقعاء هذه أَن هذا
الرجل الذي تزوجني من أَهل لينة عنن عني فكان كالمطية الظالعة لا تحمل
صاحبها؛ وقولها: فمن مبلغ تربيّ
(البيت) تقول: هل من رجل يبلغ صاحِبَتَيَّ بالرمل أَن بعلي ضعف عني
وعنن، فأَوحشني ذلك إِلى أَن بكيت حتى قَرِحَتْ أَجفاني فزالت المدامع ولم
يزل ذلك الجفن الدامع؛ قال ابن سيده: وهذه الأَبيات قرأْتها على أَبي
العلاء صاعد بن الحسن في الكتاب الموسوم بالفصوص. ووجَد الرجلُ في الحزْن
وَجْداً، بالفتح، ووَجِد؛ كلاهما عن اللحياني: حَزِنَ. وقد وَجَدْتُ فلاناً
فأَنا أَجِدُ وَجْداً، وذلك في الحزن.
وتَوَجَّدْتُ لفلان أَي حَزِنْتُ له. أَبو سعيد: تَوَجَّد فلان أَمر كذا
إِذا شكاه، وهم لا يَتَوَجَّدُون سهر ليلهم ولا يَشْكون ما مسهم من
مشقته.
نصح: نَصَحَ الشيءُ: خَلَصَ. والناصحُ: الخالص من العسل وغيره. وكل شيءٍ
خَلَصَ، فقد نَصَحَ؛ قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ الهذلي يصف رجلاً مزج
عسلاً صافياً بماءٍ حتى تفرق فيه:
فأَزالَ مُفْرِطَها بأَبيضَ ناصِحٍ،
من ماءِ أَلْهابٍ، بهنَّ التَّأْلَبُ
وقال أَبو عمرو: الناصح الناصع في بيت ساعدة، قال: وقال النضر أَراد
أَنه فرّق به خالصها ورديئها بأَبيض مُفْرِطٍ أَي بماء غدير مملوء.
والنُّصْح: نقيض الغِشّ مشتق منه نَصَحه وله نُصْحاً ونَصِيحة ونَصاحة
ونِصاحة ونَصاحِيةً ونَصْحاً، وهو باللام أَفصح؛ قال الله تعالى:
وأَنْصَحُ لكم.ويقال: نَصَحْتُ له نَصيحتي نُصوحاً أَي أَخْلَصْتُ وصَدَقْتُ،
والاسم النصيحة.
والنصيحُ: الناصح، وقوم نُصَحاء؛ وقال النابغة الذبياني:
نَصَحْتُ بني عَوْفٍ فلم يَتَقَبَّلوا
رَسُولي، ولم تَنْجَحْ لديهم وَسائِلي
ويقال: انْتَصَحْتُ فلاناً وهو ضدّ اغْتَشَشْتُه؛ ومنه قوله:
أَلا رُبَّ من تَغْتَشُّه لك ناصِحٌ،
ومُنْتَصِحٍ بادٍ عليك غَوائِلُهْ
تَغْتَشُّه: تَعْتَدُّه غاشّاً لك. وتَنْتَصِحُه: تَعْتَدُّه ناصحاً لك.
قال الجوهري: وانْتَصَحَ فلان أَي قبل النصيحة. يقال: انْتَصِحْني إِنني
لك ناصح؛ وأَنشده ابن بري:
تقولُ انْتَصِحْنُ إِنني لك ناصِحٌ،
وما أَنا، إِن خَبَّرْتُها، بأَمِينِ
قال ابن بري: هذا وَهَمٌ منه لأَن انتصح بمعنى قبل النصيحة لا يتعدَّى
لأَنه مطاوع نصحته فانتصح، كما تقول رددته فارْتَدَّ، وسَدَدْتُه
فاسْتَدَّ، ومَدَدْتُه فامْتَدَّ، فأَما انتصحته بمعنى اتخذته نصيحاً، فهو متعدّ
إِلى مفعول، فيكون قوله انتصحْني إِنني لك ناصح، يعني اتخذني ناصحاً لك؛
ومنه قولهم: لا أُريد منك نُصْحاً ولا انتصاحاً أَي لا أُريد منك أَن
تنصحني ولا أَن تتخذني نصيحاً، فهذا هو الفرق بين النُّصْح والانتصاح.
والنُّصْحُ: مصدر نَصَحْتُه. والانتصاحُ: مصدر انْتَصَحْته أَي اتخذته نصيحاً،
ومصدر انْتَصَحْتُ أَيضاً أَي قبلت النصيحة، فقد صار للانتصاح معنيان.
وفي الحديث: إِن الدِّينَ النصيحةُ لله ولرسوله ولكتابه ولأَئمة
المسلمين وعامّتهم؛ قال ابن الأَثير: النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إِرادة
الخير للمنصوح له، فليس يمكن أَن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع
معناها غيرها. وأَصل النُّصْحِ: الخلوص. ومعنى النصيحة لله: صحة الاعتقاد في
وحدانيته وإِخلاص النية في عبادته. والنصيحة لكتاب الله: هو التصديق به
والعمل بما فيه. ونصيحة رسوله: التصديق بنبوّته ورسالته والانقياد لما
أَمر به ونهى عنه. ونصيحة الأَئمة: أَن يطيعهم في الحق ولا يرى الخروج
عليهم إِذا جاروا. ونصيحة عامّة المسلمين: إِرشادهم إِلى المصالح؛ وفي شرح
هذا الحديث نظرٌ وذلك في قوله نصيحة الأَئمة أَن يطيعهم في الحق ولا يرى
الخروج عليهم إِذا جاروا، فأَيّ فائدة في تقييد لفظه بقوله يطيعهم في الحق
مع إِطلاق قوله ولا يرى الخروج عليهم إِذا جاروا؟ وإِذا منعه الخروج إِذا
جاروا لزم أَن يطيعهم في غير الحق. وتَنَصَّح أَي تَشَبَّه بالنُّصَحاء.
واسْتَنْصَحه: عَدَّه نصيحاً.
ورجل ناصحُ الجَيْب: نَقِيُّ الصدر ناصح القلب لا غش فيه، كقولهم طاهر
الثوب، وكله على المثل؛ قال النابغة:
أَبْلِغِ الحرثَ بنَ هِنْدٍ بأَني
ناصِحُ الجَيْبِ، بازِلٌ للثوابِ
وقومٌ نُصَّح ونُصَّاحٌ. والتَّنَصُّح: كثرة النُّصْحِ؛ ومنه قول
أَكْثَمَ بن صَيْفِيٍّ: إِياكم وكثرةَ التَّنَصُّح فإِنه يورث
التُّهَمَة.والتوبة النَّصُوح: الخالصة، وقيل: هي أَن لا يرجع العبد إِلى ما تاب
عنه؛ قال الله عز وجل: توبةً نَصُوحاً؛ قال الفراء: قرأَ أَهل المدينة
نَصُوحاً، بفتح النون، وذكر عن عاصم نُصُوحاً، بضم النون؛ وقال الفراء: كأَنّ
الذين قرأُوا نُصُوحاً أَرادوا المصدر مثل القُعود، والذين قرأُوا
نَصُوحاً جعلوه من صفة التوبة؛ والمعنى أَن يُحَدّث نفسه إِذا تاب من ذلك
الذنب أَن لا يعود إِليه أَبداً، وفي حديث أُبيّ: سأَلت النبي، صلى الله عليه
وسلم، عن التوبة النصوح فقال: هي الخالصة التي لا يُعاوَدُ بعدها
الذنبُ؛ وفَعُول من أَبنية المبالغة يقع على الذكر والأُنثى، فكأَنَّ الإِنسانَ
بالغ في نُصْحِ نفسه بها، وقد تكرّر في الحديث ذكر النُّصْح والنصيحة.
وسئل أَبو عمرو عن نُصُوحاً فقال: لا أَعرفه؛ قال الفراء وقال المفضَّل:
بات عَزُوباً وعُزُوباً وعَرُوساً وعُرُوساً؛ وقال أَبو إِسحق: توبةٌ
نَصُوح بالغة في النُّصْح، ومن قرأَ نُصُوحاً فمعناه يَنْصَحُون فيها
نُصوحاً. وقال أَبو زيد: نَصَحْتُه أَي صَدَقْتُه؛ ومنه التوبة النصوح، وهي
الصادقة.
والنِّصاحُ: السِّلكُ يُخاط به. وقال الليث: النِّصاحة السُّلوك التي
يخاط بها، وتصغيرها نُصَيِّحة. وقميص مَنْصُوح أَي مَخِيط.
ويقال للإِبرة: المِنْصَحة فإِذا غَلُظَتْ، فهي الشعيرة. والنُّصْحُ:
مصدر قولك نَصَحْتُ الثوبَ إِذا خِطْتَه. قال الجوهري: ومنه التوبة النصوح
اعتباراً بقوله، صلى الله عليه وسلم: من اغتابَ خَرَقَ ومن استغفر الله
رَفَأَ. ونَصَحَ الثوبَ والقميص يَنْصَحُه نَصْحاً وتَنَصَّحه: خاطه. ورجل
ناصح وناصِحِيٌّ ونَصَّاحٌ: خائط. والنِّصاحُ: الخَيْطُ وبه سمي الرجل
نِصاحاً، والجمع نُصُحٌ ونِصاحةٌ، الكسرة في الجمع غير الكسرة في الواحد،
والأَلف فيه غير الأَلف، والهاء لتأْنيث الجمع.
والمِنْصَحة: المِخْيَطة. والمِنْصَحُ: المِخْيَطُ. وفي ثوبه
مُتَنَصِّحٌ لم يُصلحه أَي موضع إِصلاح وخياطة، كما يقال: إِن فيه مُتَرَقَّعاً؛
قال ابن مقبل:
ويُرْعِدُ إِرعادَ الهجِينِ أَضاعه،
غَداةَ الشَّمالِ، الشُّمْرُخُ المُتَنَصَّحُ
وقال أَبو عمرو: المُتَنَصَّحُ المَخيطُ، وأَنشد بيت ابن مقبل.
وأَرض مَنْصوحة: متصلة بالغيت كما يُنْصَحُ الثوبُ، حكاه ابن الأَعرابي؛
قال ابن سيده: وهذه عبارة رديئة إِنما المَنْصُوحة الأَرض المتصلة
النبات بعضه ببعض، كأَنَّ تلك الجُوَبَ التي بين أَشخاص النبات خيطت حتى اتصل
بعضها ببعض.
قال النضر: نَصَحَ الغيثُ البلادَ نَصْحاً إِذا اتصل نبتها فلم يكن فيه
فَضاء ولا خَلَلٌ؛ وقال غيره: نَصَحَ الغيثُ البلادَ ونَضَرها بمعنى
واحد؛ وقال أَبو زيد: الأَرض المنصوحة هي المَجُودةُ نُصِحتْ نَصْحاً.
ونَصَحَ الرجلُ الرِّيَّ نَصْحاً إِذا شرب حتى يَرْوى؛ وكذلك نَصَحتِ الإِبلُ
الشُّرْبَ تَنْصَحُ نُصُوحاً: صَدَقَتْه. وأَنْصَحْتُها أَنا: أَرويتها؛
قال:
هذا مَقامِي لكِ حتى تَنْصَحِي
رِيّاً، وتَجْتازي بَلاطَ الأَبْطَحِ
ويروى: حتى تَنْضَحِي، بالضاد المعجمة، وليس بالعالي. البَلاطُ: القاعُ.
وأَنْصَح الإِبلَ: أَرْواها.
والنِّصاحاتُ: الجلودُ؛ قبال الأَعشى يصف شَرْباً:
فتَرى القومَ نَشاوى كلَّهُمْ،
مثلما مُدَّتْ نِصاحاتُ الرُّبَحْ
قال الأَزهري: أَراد بالرُّبَحِ الرُّبَعَ في قول بعضهم؛ وقال ابن سيده:
الرُّبَحُ من أَولاد الغنم، وقيل: هو الطائر الذي يسمى بالفارسية زاغ؛
وقال المُؤَرِّج: النِّصاحاتُ حبال يجعل لها حَلَقٌ وتنصب للقُرود إِذا
أَرادوا صيدها: يَعْمدُ رجل فيجعلُ عِدّة حبال ثم يأْخذ قرداً فيجعله في
حبل منها، والقرود تنظر إِليه من فوق الجبل، ثم يتنحى الحابل فتنزل القرود
فتدخل في تلك الحبال وهو ينظر إِليها من حيث لا تراه، ثم ينزل إِليها
فيأْخذ ما نَشِبَ في الحبال؛ قال وهو قول الأَعشى:
مثلما مدّت نصاحات الربح
قال: والرُّبَحُ القرود وأَصلها الرُّباح.
وشَيْبَةُ بن نِصاحٍ: رجل من القرّاء.
والنَّصْحاء ومَنْصَح: موضعان؛ قال ساعدة بن جؤية
(* قوله «قال ساعدة بن
جؤية لهن إلخ» قبله:
ولو أنه إذ كان ما حمَّ واقعاً
بجانب من يخفى ومن يتودّد والأصاغي، بالصاد المهملة والغين المعجمة:
موضع، كما أنشده ياقوت في مادته.):
لهنَّ بما بين الأَصاغِي ومَنْصَحٍ
تَعاوٍ، كما عَجَّ الحَجِيحُ المُبَلِّدُ
عجم: العُجْمُ والعَجَمُ: خِلافُ العُرْبِ والعَرَبِ، يَعْتَقِبُ هذانِ
المِثالانِ كثيراً، يقال عَجَمِيٌّ
وجمعه عَجَمٌ، وخلافه عَرَبيّ وجمعه عَرَبٌ، ورجل أَعْجَم وقوم أعْجَمُ؛
قال:
سَلُّومُ، لو أَصْبَحْتِ وَسْطَ الأعْجَمِ
في الرُّومِ أَو فارِسَ، أَو في الدَّيْلَمِ،
إذاً لَزُرناكِ ولو بسُلَّمِ
وقول أَبي النَّجْم:
وطَالَما وطَالَما وطالَما
غَلَبْتُ عاداً، وغَلَبْتُ الأَعْجَما
إنما أَراد العَجَم فأَفرده لمقابلته إياه بعادٍ، وعادٌ لفظ مفرد وإِن
كان معناه الجمعَ، وقد يُرِيدُ الأَعْجَمِينَ، وإِنما أَراد أَبو النجم
بهذا الجَمْعَ أَي غلبتُ الناسَ كُلَّهم، وإن كان الأَعْجَمُ ليسوا ممن
عارَضَ أَبو النجم، لأَن أَبا النجم عربي والعَجَم غير عرب، ولم يجعل الأَلف
في قوله وطالما الأخيرةَ تأْسيساً لأَنه أَراد أَصل ما كانت عليه طال
وما جميعاً إذا لم تجعلا كلمة واحدة، وهو قد جعلهما هنا كلمة واحدة، وكان
القياسُ أَن يجعلها ههنا تأْسيساً لأَن ما ههنا تَصْحَبُ الفعلَ كثيراً.
والعَجَمُ: جمع العَجيّ، وكذلك العَرَبُ جمع العَرَبيّ، ونَحْوٌ من هذا
جَمْعُهم اليهوديَّ والمجوسيَّ اليهودَ والمجوس. والعُجْمُ: جمع الأَعْجَمِ
الذي لا يُفْصِحُ، ويجوز أَن يكون العُجْمُ جمعَ العَجَم، فكأَنه جمع
الجمع، وكذلك العُرْبُ جمعُ العَرَبِ. يقال: هؤلاء العُجْمُ والعُرْبُ؛ قال
ذو الرمة:
ولا يَرى مِثْلَها عُجْمٌ ولا عَرَبُ
فأَراد بالعُجْم جمعَ العَجَمِ لأَنه عطف عليه العَرَبَ. قال أَبو إسحق:
الأَعْجَمُ الذي لا يُفْصِحُ ولا يُبَيِّنُ كلامَه وإِن كانَ عَرَبيَّ
النَّسبِ كزيادٍ الأَعْجَمِ؛ قال الشاعر:
مَنْهَل للعبادِ لا بُدَّ منه،
مُنْتَهى كلِّ أَعْجَمٍ وفَصِيح
والأُنثى عَجْماءُ، وكذلك الأَعْجَميُّ، فأَما العَجَميُّ فالذي من جنس
العَجَم، أَفْصَحَ أَو لم يُفْصِحْ، والجمع عَجَمٌ كَعَرَبيٍّ وعَرَبٍ
وعَرَكيٍّ وعَرَكٍ ونَبَطيٍّ ونَبَطٍ وخَوَليٍّ وخَوَلٍ وخَزَريٍّ وخَزَرٍ.
ورجل أَعْجَميٌّ
وأَعْجَمُ إذا كان في لسانه عُجْمة، وإن أَفْصَحَ بالعجمية، وكلامٌ
أَعْجَمُ
وأَعْجَميٌّ بَيِّنُ العُجْمة. وفي التنزيل: لِسانُ الذي يُلْحدُونَ
إليه أَعْجَمِيٌّ؛ وجمعه بالواو والنون، تقول: أَحْمَرِىٌّ وأَحْمَرُونَ
وأَعْجَمِيٌّ وأَعْجَموُن على حَدِّ أَشْعَثِيٍّ وأَشْعَثِينَ وأَشْعَريٍّ
وأَشْعَرِينَ؛ وعليه قوله عز وجل: ولو نَزَّلْناه على بَعْضِ
الأَعْجَمِينَ؛ وأَما العُجْمُ فهو جمع أَعْجَمَ، والأَعْجَمُ الذي يُجْمَعُ على
عُجْمٍ يَنْطَلِقُ على ما يَعْقِلُ وما لا يَعْقِل، قال الشاعر:
يَقُولُ الخَنا وأَبْغَضُ العُجْمِ ناطقاً،
إلى ربِّنا، صَوْتُ الحِمارِ اليُجَدَّعُ
ويقال: رَجُلانِ أعْجمانِ، ويُنْسَبُ إلى الأَعْجَمِ الذي في لسانه
عُجْمةٌ فيقال: لسانٌ أَعْجَميٌّ وكِتابٌ أَعْجَميٌّ، ولا يقال رجل
أَعجميٌّفتَنسُبه إلى نفسه إلاَّ أَن يكون أَعْجَمُ وأَعْجَمِيٌّ بمعنىً مثل
دَوَّارٍ ودَوَّاريّ وجَمَلٍ قَعْسَرٍ وقَعْسَريٍّ، هذا إذا ورَدَ ورُوداً
لا يُمْكِنُ رَدُّه. وقال ثعلب: أَفْصَحَ الأَعْجَمِيٌّ؛ قال أَبو سهل:
أَي تكلم بالعربية بعد أَن كان أَعْجَمِيّاً، فعلى هذا يقال رجل
أَعْجَمِيٌّ، والذي أَراده الجوهري بقوله: ولايقال رجل أَعْجَمِيٌّ، إنما أَراد به
الأَعْجَمَ الذي في لسانه حُبْسَةٌ وإن كان عربيّاً؛ وأَما قولُ ابنِ
مَيَّادَةَ، وقيل هو لمِلْحَة الجَرْميّ:
كأَنَّ قُرادَيْ صَدْرِه طَبَعَتْهما،
بطينٍ من الجَوْلان، كُتَّابُ أَعْجَمِ
فلم يُرِدْ به العَجَمَ وإنما أَراد به كُتَّابَ رَجُلٍ أَعجَمَ، وهو
مَلِكُ الروم. وقوله عَزَّ وجَلَّ: أَأَعْجَمِيٌّ وعربيٌّ، بالاستفهام؛ جاء
في التفسير: أَيكون هذا الرسولُ عربيّاً والكتابُ أَعجمي. قال الأَزهري:
ومعناه أَن الله عز وجل قال: ولو جعلناه قرآناً أَعْجَمِيّاً لقالوا
هَلاَّ فُصِّلَتْ آياتُه عَرَبِيَّةً مُفَصَّلةَ الآي كأَن التَّفْصِيل
للسان العَرَب، ثم ابتدأَ فقال: أَأََعجمي وعربي، حكايةً عنهم كأَنهم
يَعَْجبون فيقولون كتابٌ أَعجميّ ونبيّ عربي، كيف يكون هذا؟ فكان أَشد لتكذيبهم،
قال أَبو الحسن: ويُقرأ أَأَعجمي، بهمزتين، وآعجمي بهمزة واحدة بعدها
همزة مخففة تشبه الأَلف، ولا يجوز أن تكون أَلفاً خالصة لأن بعدها عيناً
وهي ساكنة، ويُقرأُ أَعْجَميٌّ، بهمزة واحدة والعين مفتوحة؛ قال الفراء:
وقراءة الحسن بغير استفهام كأنه جعله من قِبَلِ الكَفَرَة، وجاء في التفسير
أَن المعنى لو جعلناه قرآناً أَعجميّاً لقالوا هَلاّ بُيِّنَتْ آياته،
أَقرآنٌ
ونَبيٌّ عَربي، ومن قرأَ آعجمي بهمزة وأَلف فإنه منسوب إلى اللسان
الأَعجمي، تقول: هذا رجل أَعْجميٌّ
إذا كان لا يُفْصِحُ، كان من العَجَمِ أَو من العَرَب. ورجل عَجَمِيٌّ
إذا كان من الأَعاجِم، فَصِيحاً كان أَو غير فصيح، والأَجْوَدُ في
القراءةِ آعْجَميٌّ، بهمزة وأَلف على جهة النسبة إلى الأَعْجَمِ، ألا تَرى
قَوْلَه: ولو جعلناه قرآناً أَعجميّاً؟ ولم يقرأْه أحد عَجَمِيّاً؛ وأَما
قراءة الحسن: أَعَجَمِيٌّ
وعربي، بهمزة واحدة وفتح العين، فعلى معنى هَلاَّ بُيِّنَتْ آياتُه
فَجُعِلَ بعضُه بياناً للعَجَم وبعضُه بياناً للعرب. قال: وكل هذه الوجوه
الأَربعة سائغةٌ في العربية والتفسير.
وأَعْجَمْتُ الكتابَ: ذَهَبْتُ به إلى العُجْمَةِ، وقالوا: حروفُ
المُعْجم فأَضافوا الحروفَ إلى المُعْجَم، فإن سأَل سائل فقال: ما معنى حروف
المعجم؟ هل المُعْجَم صفةٌ لحروفٍ هذه أَو غير وصف لها؟ فالجواب أَنَّ
المُعْجَم من قولنا حروفُ المُعْجَم لا يجوز أَن يكون صفة لحروفٍ هذه من
وجهين: أَحدهما أَن حروفاً هذه لو كانت غير مضافة إلى المُعْجَم لكانت نكرة
والمُعْجَم كما ترى معرفة ومحال وصف النكرة بالمعرفة، والآخر أَن الحروفَ
مضافةٌ
ومحال إضافة الموصوف إلى صفته، والعلة في امتناع ذلك أَن الصفة هي
الموصوف على قول النحويين في المعنى، وإضافةُ الشيء إلى نفسه غير جائزة، وإذا
كانت الصفةُ هي الموصوف عندهم في المعنى لم تجز إضافة الحروف إلى المعجم،
لأَنه غير مستقيم إضافةُ
الشيءِ إلى نفسه، قال: وإنما امتنع من قِبَلِ أَن الغَرَضَ في الإضافة
إنما هو التخصيصُ والتعريفُ، والشيء لا تُعَرِّفُه نفسهُ لأَنه لو كان
معرفة بنفسه لما احتيج إلى إضافته، إنما يضاف إلى غيره ليُعَرِّفَه، وذهب
محمد بن يزيد إلى أَن المُعْجَم مصدر بمنزلة الإعجام كما تقول أَدْخَلْتُه
مُدْخَلاً وأَخْرَجْتُه مُخْرَجاً أَي إدخالاً وإخراجاً. وحكى الأَخفش
أَن بعضهم قَرَأَ: ومن يُهِنِ اللهُ فما له من مُكْرَم، بفتح الراء، أَي من
إكْرامٍ، فكأَنهم قالوا في هذا الإعْجام، فهذا أَسَدُّ وأَصْوَبُ من أن
يُذْهَب إلى أَن قولهم حُروف المُعْجَم بمنزلة قولهم صلاةُ الأُولى ومسجد
الــجامع، لأَن معنى ذلك صلاة الساعةِ الأُولى أَو الفَريضةِ الأُولى
ومسجد اليوم الــجامع، فالأُولى غيرُ الصلاةِ في المَعنى والــجامعُ غيرُ المسجد
في المعنى، وإنما هما صِفتان حُذف موصوفاهما وأُقيما مُقامَهما، وليس
كذلك حُروفُ المُعْجَم لأَنه ليس معناه حروفَ الكلامِ
المعجم ولا حروف اللفظِ المعجم، إنما المعنى أَن الحروفَ هي المعجمةُ
فصار قولنا حروف المعجم من باب إضافة المفعول إلى المصدر، كقولهم هذه
مَطِيَّةُ رُكُوبٍ أَي من شأْنها أَن تُرْكَب، وهذا سَهْمُ نِضالٍ أَي من
شأْنه أَن يُناضَلَ به، وكذلكَ حروفُ المعجم أَي من شأْنها أَن تُعجَم، فإن
قيل إن جميع الحروف ليس مُعْجَماً إنما المُعْجمُ بَعْضُها، أَلا ترى
أَنَّ الأَلفَ والحاء والدالَ ونحوها ليس معجماً فكيف استجازوا تسميةَ جميعِ
هذه الحروفِ حُروفَ المعجم؟ قيل: إنما سُمّيت بذلك لأَن الشكل الواحدَ
إذا اختلفتْ أَصواتُه، فأَعْجَمْتَ بَعْضَها وترَكْتَ بعضَها، فقد علم أَن
هذا المتروكَ بغير إعجام هو غيرُ ذلك الذي مِنْ عادته أَن يُعْجَمَ، فقد
ارتفع أَيضاً بما فعَلُوا الإشكالُ والاسْتِبْهامُ عنهما جميعاً، ولا
فرقَ بين أَن يزولَ الاستبهامُ عن الحرفِ بإعْجامٍ عليه، أَو ما يقوم مَقامَ
الإِعجام في الإيضاحِ والبيان، أَلا ترى أَنك إذا أَعْجَمْتَ الجيمَ
بواحدةٍ من أَسفلَ والخاءَ بواحدةٍ من فَوْقُ وتركتَ الحاءَ غُفْلاً فقد
عُلِمَ بإِغْفالها أَنها ليست بواحدةٍ من الحرفين الآخَرَيْن، أَعني الجيمَ
والخاء؟ وكذلك الدالُ والذالُ والصادُ وسائرُ الحروف، فلما اسْتَمَرَّ
البيانُ في جميعها جاز تسميتُها حروفَ المعجم. وسئل أَبوالعباس عن حروف
المعجم: لِمَ سُمِّيَت مُعْجَماً؟ فقال: أَما أَبو عمرو الشَّيْبانيُّ فيقول
أَعْجَمْتُ أَبهمت، وقال: والعَجَمِيُّ مُبْهَمُ الكلامِ لا يتبين
كلامُه، قال: وأَما الفراء فيقول هو من أَعْجَمْتُ الحروف، قال: ويقال قُفْلٌ
مُعْجَم وأَمْرٌ مُعْجَم إذا اعْتاصَ، قال: وسمعت أَبا الهَيْثَم يقول
مُعجمُ الخَطِّ هو الذي أَعْجَمه كاتِبُه بالنقط، تقول: أَعْجَمْتُ
الكتابَ أُعْجِمهُ إعْجاماً، ولا يقال عَجَمْتُه، إنما يقال عَجَمْتُ
العُودَ إذا عَضَضْتَه لتَعرِفَ صَلابتَه من رَخاوتِه. وقال الليث: المعجم
الحروفُ المُقَطَّعَةُ، سُمِّيت مُعْجَماً لأَنها أَعجمية، قال: وإذا قلت
كتابٌ مُعَجَّمٌ فإن تَعْجيمَه تنقيطُه لِكَيْ تسْتبِينَ عُجْمَتُه
وتَضِحَ، قال الأَزهري: والذي قاله أَبوالعباس وأَبو الهَيْثم أَبْينُ
وأَوْضَحُ. وفي حديث عطاء: سُئل عن رجل لَهَزَ رجلاً فقَطَعَ بعضَ لسانه
فعَجَمَ كلامَه فقال: يُعْرَضُ كلامُه على المُعْجَم، فما نقَصَ كلامُه منها
قُسِمَت عليه الدِّيةُ؛ قال ابن الأَثير: حروف المعجم حروف أ ب ت ث، سميت
بذلك من التَّعْجيم، وهو إزالة العُجْمة بالنقط.
وأَعْجَمْت الكتاب: خلافُ قولك أَعْرَبْتُه؛ قال رؤبة
(* قوله «قال
رؤبة» تبع فيه الجوهري، وقال الصاغاني: الشعر للحطيئة):
الشِّعرُ صَعْبٌ وطَويلٌ سُلَّمُهْ،
إذا ارْتَقَى فيه الذي لا يَعْلَمُهْ،
زَلَّتْ به إلى الحَضِيضِ قَدَمُهْ،
والشِّعْرُ لا يَسْطِيعُه مَنْ يَظْلِمُهْ،
يُريدُ أَنْ يُعْرِبَه فَيُعجِمُهْ
معناه يريد أَن يُبيِّنَه فَيَجْعَلُه مُشْكِلاً لا بَيانَ له، وقيل:
يأْتي به أَعْجَمِيّاً أَي يَلْحَنُ فيه؛ قال الفراء: رَفَعَه على
المُخالفة لأَنه يريد أَن يُعْربَه ولا يُريدُ أَن يُعْجِمه؛ وقال الأَخفش:
لوُقوعه مَوْقِع المرفوع لأَنه أَراد أَن يقول يريد أَن يعربه فيقَعُ مَوْقعَ
الإعْجام، فلما وضع قوله فيُعْجِمُه موضعَ قوله فيقعُ رَفعَه؛ وأَنشد
الفراء:
الدارُ أَقْوَتْ بَعْدَ محْرَنْجِمِ،
مِنْ مُعْرِبٍ فيها ومِنْ مُعْجِمِ
والعَجْمُ: النَّقْطُ بالسواد مثل التاء عليه نُقْطتان. يقال:
أَعْجَمْتُ الحرفَ، والتَّعْجِيمُ مِثْلُه، ولا يقال عَجَمْتُ. وحُروفُ المعجم: هي
الحُروفُ المُقَطَّعَةُ من سائر حروفِ الأُمَم. ومعنى حروفِ المعجم أَي
حروف الخَطِّ المُعْجَم، كما تقول مسجد الــجامعِ أَي مسجد اليوم الــجامعِ،
وصلاةُ الأُولى أَي صلاة الساعةِ الأُولى؛ قال ابن بري: والصحيح ما ذهب
إليه أَبو العباس المبرد من أَن المُعْجَم هنا مصدر؛ وتقول أَعْجَمْتُ
الكتابَ مُعْجَماً وأَكْرَمتُه مُكْرَماً، والمعنى عنده حروفُ الإعْجامِ أَي
التي من شأْنها أَن تَعْجَم؛ ومنه قوله: سَهْمُ نِضالٍ أَي من شأْنه
أَنْ يُتَناضَلَ به. وأَعْجَم الكتابَ وعَجَّمَه: نَقَطَه؛ قال ابن جني:
أَعْجَمْتُ الكتاب أَزَلْتُ اسْتِعْجامَه. قال ابن سيده: وهو عنده على
السَّلْب لأَن أَفْعَلْتُ وإن كان أَصْلُها الإثْباتَ فقد تجيء للسلب، كقولهم
أَشْكَيْتُ زيداً أَي زُلْتُ له عَمَّا يَشكُوه، وكقوله تعالى: إن الساعة
آتية أَكادُ أُخْفِيها؛ تأْويله، والله أَعلم، عند أَهل النظر أَكاد
أُظْهرها، وتلخيصُ هذه اللفظةِ أَكادُ أُزِيل خَفاءَها أَي سَتْرَها.
وقالوا: عَجَّمْتُ الكتابَ، فجاءت فَعَّلْت للسَّلْب أَيضاً كما جاءت
أَفْعَلْت، وله نظائر منها ما تقدّم ومنها ما سيأْتي، وحُروفُ المُعْجَم منه.
وكتابٌ مُعْجمٌ إذا أَعْجمَه كاتبُه بالنَّقْط؛ سُمِّي مُعْجَماً لأَن شُكول
النَّقْط فيها عُجمةٌ
لا بيانَ لها كالحروف المُعْجَمة لا بيانَ لها، وإن كانت أُصولاً للكلام
كله. وفي حديث ابن مسعود: ما كُنّا نتَعاجَمُ أَن مَلَكاً يَنْطِقُ على
لسان عُمَر أَي ما كنا نَكْني ونُوَرّي. وكلُّ مَنْ لم يُفْصح بشيء فقد
أَعْجَمه. واسْتَعْجم عليه الكلامُ: اسْتَبْهَم.
والأَعْجَمُ: الأَخْرَسُ. والعَجْماء والمُسْتَعجِمُ: كلُّ بهيمةٍ. وفي
الحديث: العَجْماءُ جُرْحُها جُبارٌ أَي لا دِيةَ فيه ولا قَودَ؛ أَراد
بالعَجْماء البهيمة، سُمِّيت عَجْماءَ لأَنها لا تَتَكلَّمُ، قال: وكلُّ
مَن لا يقدِرُ على الكلام فهو أَعجم ومُسْتَعْجِمٌ. ومنه الحديث: بعدَدِ
كل فصيح وأَعْجَم؛ قيل: أَراد بعدد كل آدَمِيٍّ وبهيمةٍ، ومعنى قوله
العجماءُ جُرْحُها جُبارٌ أَي البهيمة تنفلت فتصيبُ إنساناً في انْفِلاتها،
فذلك هَدَرٌ، وهو معنى الجُبار. ويقال: قرأَ فلان فاسْتَعْجمَ عليه ما
يَقْرؤه إذا الْتَبَسَ عليه فلم يَتَهيَّأْ له أَن يَمضِي فيه. وصلاةُ
النهارِ عَجماءُ لإخْفاء القراءة فيها، ومعناه أَنه لا يُسْمَعُ فيها
قراءةٌ.واسْتَعّجَمَتْ على المُصَلِّي قِراءته إذا لم تَحضُرْه. واستعجم الرجل:
سكَت. واستَعجمت عليه قراءتُه: انقطعت فلم يَقْدِرْ على القراءة من
نعاس. ومنه حديث عبد الله: إذا كانَ أحدكُم يُصلِّي فاسْتعجَمَتْ عليه
قِراءتُه فَلْيُتِمَّ، أَي أُرْتِجَ عليه فلم يقدِرْ أَن يقرأَ كأَنه صارَ به
عُجْمةٌ، وكذلك اسْتَعْجَمَتِ الدارُ عن جواب سائلها؛ قال امرؤ القيس:
صَمَّ صَداها وعَفا رَسْمُها،
واسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِقِ السائلِ
عَدَّاه بِعن لأَن اسْتَعْجَمَت بمعنى سكتَتْ؛ وقول علقمة يَصف فرساً:
سُلاَّءَةٌ كعَصا النَّهْدِيّ غُلَّ لها
ذُو فَيْئةٍ، من نَوَى قُرَّانَ، معجومُ
قال ابن السكيت: معنى قوله غُلَّ لها أَي أُدخِلَ لها إدخالاً في باطن
الحافرِ في موضع النُّسور، وشَبَّه النُّسورَ بِنَوَى قُرَّانَ لأَنها
صِلابٌ، وقوله ذُو فَيئَة يقول له رُجوعٌ ولا يكون ذلك إلامن صَلابتِه، وهو
أَن يَطعَمَ البعيرُ النَّوَى ثم يُفَتَّ بَعرُه فيُخْرَجَ منه النَّوَى
فيُعلَفَه مَرَّةً أُخرى، ولا يكون ذلك إلا من صَلابته، وقوله مَعْجوم
يريد أَنه نَوى الفَم وهو أَجود ما يكون من النَّوى لأَنه أَصْلَبُ من نَوى
النبيذِ المطبوخ. وفي حديث أُمّ سلمة: نهانا النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَن نَعْجُمَ النَّوَى طَبخاً، وهو أَن نُبالِغَ في طَبْخِه ونُضْجه
يَتَفتَّتَ النَّوَى وتَفْسُدَ قُوّتُه التي يَصْلُحُ معها للغنم، وقيل:
المعنى أَن التمر إذا طُبِخَ لِتُؤْخذَ حَلاوتهُ طُبِخَ عَفواً حتى لا
يَبلُغَ الطَّبخ النوى ولا يُؤثِّرَ فيه تأْثيرَ مَنْ يَعْجُمُه أَي يَلُوكُه
ويَعَضُّه، لأَن ذلك يُفْسِد طعمَ السُّلافةِ، أَو لأَنه قُوتُ
الدَّواجِن فلا يُنْضَجُ لئلا وخَطَب الحَجَّاجُ يوماً فقال: إِن أَميرَ
المؤمنينَ نَكَبَ كِنَانَتَه فعَجَم عِيدانَها عُوداً عُوداً فوجَدَني أَمَرّها
عُوداً؛ يريد أَنه قد رازَها بأَضْراسِه ليَخْبُرَ صَلابتَها؛ قال
النابغة:فَظَلَّ يَعْجُمُ أَعْلى الرَّوْق مُنْقَبِضاً
(* تمام البيت:
في حالك اللَّونِ صَدْقٍ، غير ذي أودِ).
أَي يَعَضُّ أَعْلى قَرْنِه وهو يقاتله. والعَجْمُ: عَضٌّ شديدٌ
بالأَضراس دُون الثّنايا. وعَجَم الشيءَ يَعْجُمُه عَجْماً وعُجوماً: عَضّه
ليَعْلَم صلابَتَه من خَوَرِه، وقيل: لاكَه للأَكْل أَو للخِبْرة؛ قال أَبو
ذؤيب:
وكنتُ كعَظْمِ العاجِماتِ اكْتَنَفْنَه
بأَطْرافِها، حتى اسْتدَقَّ نُحولُها
يقول: رَكِبَتْني المصائبُ وعجَمَتْني كما عَجَمتِ الإبلُ العِظامَ.
والعُجامةُ: ما عَجَمْتَه. وكانوا يَعْجُمون القِدْح بين الضِّرْسَيْن إذا
كان معروفاً بالفَوْز ليُؤثِّرُوا فيه أثَراً يَعْرفونه به. وعَجمَ
الرجلَ: رَازَه، على المَثَل. والعَجْمِيُّ من الرجالِ: المُميِّزُ العاقلُ.
وعَجَمَتْه الأُمورُ: دَرَّبَتْه. ورجل صُلْبُ المَعْجَمِ والمَعْجَمةِ:
عزيزُ النفْس إذا جَرَّسَتْه الأُمورُ وَجَدَتْه عزيزاً صُلْباً. وفي حديث
طلحة: قال لعمر لقد جَرَّسَتْكَ الأُمور
(* قوله «لقد جرستك الأمور» الذي
في النهاية: لقد جرستك الدهور وعجمتك الأمور). وعَجَمَتْك البَلايَا أَي
خَبَرَتْك، من العَجْم العَضّ، يقال: عَجَمْتُ الرجلَ إذا خَبَرْتَه،
وعَجمْتُ العُودَ إذا عَضَضْتَه لِتَنْظُرَ أَصُلْبٌ أَم رخْوٌ. وناقةٌ
ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ صَبْرٍ وصلابةٍ وشِدّةٍ على الدَّعْك؛ وأَنشد بيت
المَرَّار:
جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمةٍ، ونُوقٌ
عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً، وحُولُ
وقال غيره: ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ سِمَنٍ، وأَنكره شمر. قال الجوهري:
أي ذاتُ سِمَن وقُوةٍ وبَقِيَّةٍ على السَّير. قال ابن بري: رجلٌ صُلْبُ
المَعْجَم للذي إذا أَصابَتْه الحوادثُ وجدته جَلْداً، من قولك عَودٌ
صُلْبُ المَعْجَمِ، وكذلك ناقة ذاتُ مَعْجَمةٍ للتي اخْتُبِرَتْ فوُجِدتْ
قَويَّةً على قَطْع الفَلاة، قال: ولا يُراد بها السِّمَنُ كما قال
الجوهري؛ وشاهده قول المتلمس:
جاوَزْتُه بأَمونٍ ذاتِ مَعْجَمة،
تَهْوي بكَلْكَلِها والرأْس مَعْكومُ
والعَجُومُ: الناقةُ القوِيَّةُ على السفَر. والثَّوْرُ يَعْجُمُ
قَرْنَه إذا ضَرب به الشجرةَ يَبْلُوه. وعَجِم السَّيْفَ: هزَّه للتَّجْرِبة.
ويقال: ما عَجَمَتْكَ عَيني مُذْ كذا أَي ما أَخَذَتْك. ويقول الرجلُ
للرجل: طالَ عهدِي بك وما عَجَمَتْك عيني. ورأَيتُ فلاناً فجعلَتْ عيني
تعْجُمه أَي كأَنها لا تَعْرِفُه ولا تَمْضِي في معرفته كأَنها لا تُثْبِتُه؛
عن اللحياني؛ وأَنشد لأَبي حَيَّة النُّمَيْري:
كتَحْبير الكِتابِ بكفِّ، يَوْماً،
يَهُودِيٍّ يُقارِبُ أَو يَزِيلُ
على أَن البَصيرَ بها، إذا ما
أَعادَ الطَّرْفَ، يَعْجُم أَو يَفيلُ
أَي يَعْرف أَو يَشُكُّ، قال أَبو داود السِّنْحيُّ: رآني أَعرابي فقال
لي: تَعْجُمُك عَيْني أَي يُخَيَّلُ إليّ أَنّي رَأَيْتُك، قال:
ونَظَرْتُ في الكتاب فعَجَمْتُ أَي لم أَقِفْ على حُروفه، وأَنشد بيت أَبي
حَيَّة: يَعْجُم أو يَفيل. ويقال: لقد عَجَموني ولَفَظُوني إذا عَرَفُوك؛
وأَنشد ابن الأعرابي لِجُبَيْهاءَ الأَسلميّ:
فلَوْ أَنّها طافَتْ بِطُنْبٍ مُعَجَّمٍ،
نَفَى الرِّقَّ عنه جَذْبُه فهو كالِحُ
قال: والمُعَجَّمُ الذي أُكِلَ لم يَبْقَ منه إلا القليلُ، والطُّنُبُ
أَصلُ العَرْفَجِ إذا انْسَلخَ من وَرَقِه.
والعَجْمُ: صِغارُ الإبل وفَتاياها، والجمعُ عُجومٌ. قال ابن الأعرابي:
بنَاتُ اللَّبونِ والحِقاقُ والجِذاعُ من عُجومِ الإبل فإذا أَثْنَتْ فهي
من جِلَّتِها، يستوي فيه الذكرُ والأُنثى، والإبلُ تُسَمَّى عَواجمَ
وعاجِماتٍ لأَنها تَعْجُم العِظامَ؛ ومنه قوله: وكنتُ كعَظْم العاجِمات.
وقال أَبو عبيدة: فحلٌ أَعْجمُ يَهْدِرُ في شِقْشِقةٍ لا ثُقْبَ لها فهي في
شِدْقه ولا يَخْرُج الصوتُ منها، وهم يَسْتحِبُّون إرْسالَ الأَخْرسِ في
الشَّوْلِ لأَنه لا يكون إلا مِئْناثاً، والإبلُ العَجَمُ: التي تَعْجُم
العِضاهَ والقَتادَ والشَّوْكَ فَتَجْزَأُ بذلك من الحَمْض. والعَواجِمُ:
الأَسنانُ.
وعَجَمْتُ عُودَه أَي بَلَوْتُ أَمْرَه وخَبَرْتُ حالَه؛ وقال:
أَبَى عُودُك المَعْجومُ إلا صَلابةً،
وكَفَّاكَ إلا نائِلاً حينَ تُسْأَلُ
والعَجَمُ، بالتحريك: النَّوَى نَوى التمرِ والنَّبِقِ، الواحدةُ
عَجَمةٌ مثل قَصَبةٍ وقَصَب. يقال: ليس هذا الرُّمَّان عَجَم؛ قال يعقوب:
والعامّة تقوله عَجْمٌ، بالتسكين، وهو العُجام أَيضاً؛ قال رؤبة ووصف
أُتُناً:في أَرْبعٍ مِثْلِ عُجامِ القَسْبِ
وقال أبو حنيفة: العَجَمةُ حبّة العِنب حتى تنبُت، قال ابن سيده:
والصحيح الأَول، وكلُّ ما كان في جوف مأْكولٍ كالزبيب وما أَشبهه عَجَمٌ؛ قال
أَبو ذؤيب يصف مَتْلَفاً:
مُسْتوقدٌ في حَصاهُ الشَّمْسُ تَصْهره،
كأَنه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوخُ
والعَجَمةُ، بالتحريك: النخلةُ تنبُت من النَّواة. وعُجْمةُ الرملِ:
كَثرته، وقيل: آخِره، وقيل: عُجْمتُه، وعِجْمتُه ما تعقَّد منه. ورملةٌ
عَجْماءُ: لا شجرَ فيها؛ عن ابن الأَعرابي. وفي الحديث: حتى صَعِدْنا إحدى
عُجْمَتَي بدرٍ؛ العُجْمةُ، بالضم: المتراكم من الرمل المُشرف على ما
حَوْله. والعَجَمات: صُخورٌ تَنبت في الأَودية؛ قال أَبو دُواد:
عَذْبٌ كماء المُزْنِ أَنْـ
ـزَلَه مِنَ العَجَماتِ، بارِدْ
يصف رِيقَ جارية بالعذوبة. والعَجَماتُ: الصُّخور الصِّلاب. وعَجْمُ
الذَّنَب وعُجْمُه جميعاً: عَجْبُه، وهو أَصله، وهو العُصْعُص، وزعم
اللحياني أَن ميمَهما بدلٌ من الباء في عَجْبٍ وعُجْب. والأعجَم من الموج: الذي
لا يتنفَّسُ أَي لا يَنضَح الماءَ ولا يُسمعَ له صوت. وبابٌ مُعْجَم أَي
مُقْفَل. أَبو عمرو: العَجَمْجَمةُ من النوق الشديدة مثل العَثَمْثَمة؛
وأَنشد:
باتَ يُباري وَرِشاتٍ كالقَطا،
عَجَمْجَماتٍ خُشُفاً تَحْتَ السُّرَى
الوَرِشاتُ: الخِفافُ، والخُشُفُ: الماضيةُ في سيرها بالليل.
وبنو أَعجَمَ وبنو عَجْمانَ: بَطنان.
قرأ: القُرآن: التنزيل العزيز، وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه
لشَرفه.
قَرَأَهُ يَقْرَؤُهُ ويَقْرُؤُهُ، الأَخيرة عن الزجاج، قَرْءاً وقِراءة وقُرآناً، الأُولى عن اللحياني، فهو مَقْرُوءٌ.
أَبو إِسحق النحوي: يُسمى كلام اللّه تعالى الذي أَنزله على نبيه، صلى اللّه عليه وسلم، كتاباً وقُرْآناً وفُرْقاناً، ومعنى القُرآن معنى الجمع، وسمي قُرْآناً لأَنه يجمع السُّوَر، فيَضُمُّها. وقوله تعالى: إِنَّ علينا جَمْعه وقُرآنه، أَي جَمْعَه وقِراءَته، فَإِذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبِعْ
قُرْآنَهُ، أَي قِراءَتَهُ. قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: فإِذا
بيَّنَّاه لك بالقراءة، فاعْمَلْ بما بَيَّنَّاه لك، فأَما قوله:
هُنَّ الحَرائِرُ، لا ربَّاتُ أَحْمِرةٍ، * سُودُ المَحاجِرِ، لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
فإِنه أَراد لا يَقْرَأْنَ السُّوَر، فزاد الباءَ كقراءة من قرأَ:
تُنْبِتُ بالدُّهْن، وقِراءة منْ قرأَ: يَكادُ سَنَى بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار، أَي تُنْبِتُ الدُّهنَ ويُذْهِبُ الأَبصارَ. وقَرَأْتُ الشيءَ قُرْآناً: جَمَعْتُه وضَمَمْتُ بعضَه إِلى بعض. ومنه قولهم: ما قَرأَتْ هذه الناقةُ سَلىً قَطُّ، وما قَرَأَتْ جَنِيناً قطُّ، أَي لم يَضْطَمّ رَحِمُها على ولد، وأَنشد:
هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا
وقال: قال أَكثر الناس معناه لم تَجْمع جَنيناً أَي لم يَضطَمّ رَحِمُها على الجنين. قال، وفيه قول آخر: لم تقرأْ جنيناً أَي لم تُلْقه.
ومعنى قَرَأْتُ القُرآن: لَفَظْت به مَجْمُوعاً أَي أَلقيته. وروي عن الشافعي رضي اللّه عنه أَنه قرأَ القرآن على إِسمعيل بن قُسْطَنْطِين،
وكان يقول: القُران اسم، وليس بمهموز، ولم يُؤْخذ من قَرَأْت، ولكنَّه اسم لكتاب اللّه مثل التوراة والإِنجيل، ويَهمز قرأْت ولا يَهمز القرانَ، كما تقول إِذا قَرَأْتُ القُرانَ. قال وقال إِسمعيل: قَرأْتُ على شِبْل، وأَخبر شِبْلٌ أَنه قرأَ على عبداللّه بن كَثِير، وأَخبر عبداللّه أَنه قرأَ على مجاهد، وأَخبر مجاهد أَنه قرأَ على ابن عباس رضي اللّه عنهما، وأَخبر ابن عباس أَنه قرأَ على أُبَيٍّ، وقرأَ أُبَيٌّ على النبي صلى اللّه عليه وسلم.وقال أَبو بكر بن مجاهد المقرئُ: كان أَبو عَمرو بن العلاءِ لايهمز القرآن، وكان يقرؤُه كما رَوى عن ابن كثير. وفي الحديث: أَقْرَؤُكم أُبَيٌّ.
قال ابن الأَثير: قيل أَراد من جماعة مخصوصين، أَو في وقت من الأَوقات، فإِنَّ غيره كان أَقْرَأَ منه. قال: ويجوز أَن يريد به أَكثرَهم قِراءة، ويجوز أَن يكون عامّاً وأَنه أَقرأُ الصحابة أَي أَتْقَنُ للقُرآن وأَحفظُ. ورجل قارئٌ من قَوْم قُرَّاءٍ وقَرَأَةٍ وقارِئِين.
وأَقْرَأَ غيرَه يُقْرِئه إِقراءً. ومنه قيل: فلان المُقْرِئُ.
قال سيبويه: قَرَأَ واقْتَرأَ، بمعنى، بمنزلة عَلا قِرْنَه واسْتَعْلاه.
وصحيفةٌ مقْرُوءة، لا يُجِيز الكسائي والفرَّاءُ غيرَ ذلك، وهو
القياس. وحكى أَبو زيد: صحيفة مَقْرِيَّةٌ، وهو نادر إِلا في لغة من قال قَرَيْتُ.
وَقَرأْتُ الكتابَ قِراءة وقُرْآناً، ومنه سمي القرآن. وأَقْرَأَه
القُرآنَ، فهو مُقْرِئٌ. وقال ابن الأَثير: تكرّر في الحديث ذكر
القِراءة والاقْتراءِ والقارِئِ والقُرْآن، والأَصل في هذه اللفظة الجمع، وكلُّ شيءٍ جَمَعْتَه فقد قَرَأْتَه.
وسمي القرآنَ لأَنه جَمَعَ القِصَصَ والأَمرَ والنهيَ والوَعْدَ والوَعِيدَ والآياتِ والسورَ بعضَها إِلى بعضٍ، وهو مصدر كالغُفْرانِ والكُفْرانِ. قال: وقد يطلق على الصلاة لأَنّ فيها
قِراءة، تَسْمِيةً للشيءِ ببعضِه، وعلى القِراءة نَفْسِها، يقال: قَرَأَ
يَقْرَأُ قِراءة وقُرآناً. والاقْتِراءُ: افتِعالٌ من القِراءة. قال:
وقد تُحذف الهمزة منه تخفيفاً، فيقال: قُرانٌ، وقَرَيْتُ، وقارٍ، ونحو ذلك من التصريف. وفي الحديث: أَكثرُ مُنافِقي أُمَّتِي قُرّاؤُها، أَي أَنهم يَحْفَظونَ القُرآنَ نَفْياً للتُّهمَة عن أَنفسهم، وهم مُعْتَقِدون تَضْيِيعَه. وكان المنافقون في عَصْر النبي، صلى اللّه عليه وسلم، بهذه الصفة.
وقارَأَه مُقارَأَةً وقِراءً، بغير هاء: دارَسه.
واسْتَقْرَأَه: طلب إليه أَن يَقْرَأَ.
ورُوِيَ عن ابن مسعود: تَسَمَّعْتُ للقَرَأَةِ فإِذا هم مُتَقارِئُون؛ حكاهُ اللحياني ولم يفسره.
قال ابن سيده: وعندي أَنّ الجنَّ كانوا يَرُومون القِراءة.وفي حديث أُبَيٍّ في ذكر سورة الأَحْزابِ: إِن كانت لَتُقارئُ سورةَ البقرةِ، أَو هي أَطْولُ، أَي تُجاريها مَدَى طولِها في القِراءة، أَو إِن قارِئَها ليُساوِي قارِئَ البقرة في زمنِ قِراءَتها؛ وهي مُفاعَلةٌ من القِراءة. قال الخطابيُّ: هكذا رواه ابن هاشم، وأَكثر الروايات: إِن كانت لَتُوازي.
ورجل قَرَّاءٌ: حَسَنُ القِراءة من قَوم قَرائِين، ولا يُكَسَّرُ.
وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما: أَنه كان لا يَقْرَأُ في الظُّهر والعصر، ثم قال في آخره: وما كان ربُّكَ نَسِيّاً، معناه: أَنه كان لا يَجْهَر بالقِراءة فيهما، أَو لا يُسْمِع نَفْسَه قِراءَتَه، كأَنه رَأَى قوماً يقرؤُون فيُسَمِّعون نفوسَهم ومَن قَرُبَ منهم. ومعنى قوله: وما كان ربُّك نَسِيّاً، يريد أَن القِراءة التي تَجْهَرُ بها، أَو تُسْمِعُها نفْسَك، يكتبها الملكان، وإِذا قَرأْتَها في نفْسِك لم يَكْتُباها، واللّه يَحْفَظُها لك
ولا يَنْساها لِيُجازِيَكَ عليها.
والقَارِئُ والمُتَقَرِّئُ والقُرَّاءُ كُلّه: الناسِكُ، مثل حُسَّانٍ وجُمَّالٍ.
وقولُ زَيْد بنِ تُركِيٍّ الزُّبَيْدِيّ، وفي الصحاح قال الفرّاءُ:
أَنشدني أَبو صَدَقة الدُبَيْرِيّ:
بَيْضاءُ تَصْطادُ الغَوِيَّ، وتَسْتَبِي، * بالحُسْنِ، قَلْبَ المُسْلمِ القُرَّاء
القُرَّاءُ: يكون من القِراءة جمع قارئٍ، ولا يكون من التَّنَسُّك(1)
(1 قوله «ولا يكون من التنسك» عبارة المحكم في غير نسخة ويكون من التنسك، بدون لا.)، وهو أَحسن. قال ابن بري: صواب إِنشاده بيضاءَ بالفتح لأَنّ قبله:
ولقد عَجِبْتُ لكاعِبٍ، مَوْدُونةٍ، * أَطْرافُها بالحَلْيِ والحِنّاءِ
ومَوْدُونةٌ: مُلَيَّنةٌ؛ وَدَنُوه أَي رَطَّبُوه.
وجمع القُرّاء: قُرَّاؤُون وقَرائِئُ(2)
(2 قوله «وقرائئ» كذا في بعض النسخ والذي في القاموس قوارئ بواو بعد القاف بزنة فواعل ولكن في غير نسخة من المحكم قرارئ براءين بزنة فعاعل.)، جاؤوا بالهمز في الجمع لما كانت غير مُنْقَلِبةٍ بل موجودة في قَرَأْتُ.
الفرَّاء، يقال: رجل قُرَّاءٌ وامْرأَة قُرَّاءةٌ. وتَقَرَّأَ: تَفَقَّه.وتَقَرَّأَ: تَنَسَّكَ. ويقال: قَرَأْتُ أَي صِرْتُ قارِئاً ناسِكاً.
وتَقَرَّأْتُ تَقَرُّؤاً، في هذا المعنى. وقال بعضهم: قَرَأْتُ : تَفَقَّهْتُ. ويقال: أَقْرَأْتُ في الشِّعر، وهذا الشِّعْرُ على قَرْءِ هذا الشِّعْر أَي طريقتِه ومِثاله. ابن بُزُرْجَ: هذا الشِّعْرُ على قَرِيِّ هذا.وقَرَأَ عليه السلام يَقْرَؤُه عليه وأَقْرَأَه إِياه: أَبلَغه.
وفي الحديث: إِن الرّبَّ عز وجل يُقْرِئكَ السلامَ. يقال: أَقْرِئْ
فلاناً السَّلامَ واقرأْ عَلَيْهِ السَّلامَ، كأَنه حين يُبَلِّغُه سَلامَه يَحمِلهُ على أَن يَقْرَأَ السلامَ ويَرُدَّه. وإِذا قَرَأَ الرجلُ القرآنَ والحديثَ على الشيخ يقول: أَقْرَأَنِي فلانٌ أَي حَمَلَنِي على أَن أَقْرَأَ عليه.
والقَرْءُ: الوَقْتُ. قال الشاعر:
إِذا ما السَّماءُ لم تَغِمْ، ثم أَخْلَفَتْ * قُروء الثُّرَيَّا أَنْ يكون لها قَطْرُ
يريد وقت نَوْئها الذي يُمْطَرُ فيه الناسُ.
ويقال للحُمَّى: قَرْءٌ، وللغائب: قَرْءٌ، وللبعِيد: قَرْءٌ. والقَرْءُ
والقُرْءُ: الحَيْضُ، والطُّهرُ ضِدّ. وذلك أَنَّ القَرْء الوقت، فقد
يكون للحَيْض والطُّهر. قال أَبو عبيد: القَرْءُ يصلح للحيض والطهر.
قال: وأظنه من أَقْرَأَتِ النُّجومُ إِذا غابَتْ. والجمع: أَقْراء.
وفي الحديث: دَعي الصلاةَ أَيامَ أَقْرائِكِ. وقُروءٌ، على فُعُول،
وأَقْرُؤٌ، الأَخيرة عن اللحياني في أَدنى العدد، ولم يعرف سيبويه أَقْراءً ولا أَقْرُؤاً. قال: اسْتَغْنَوْا عنه بفُعُول. وفي التنزيل: ثلاثة
قُرُوء، أَراد ثلاثةَ أَقْراء من قُرُوء، كما قالوا خمسة كِلاب، يُرادُ بها خمسةٌ مِن الكِلاب.
وكقوله:
خَمْسُ بَنانٍ قانِئِ الأَظْفارِ
أَراد خَمْساً مِنَ البَنانِ. وقال الأَعشى:
مُوَرَّثةً مالاً، وفي الحَيِّ رِفعْةً، * لِما ضاعَ فِيها مِنْ قُروءِ نِسائِكا
وقال الأَصمعي في قوله تعالى: ثلاثةَ قُرُوء، قال: جاء هذا على غير قياس، والقياسُ ثلاثةُ أَقْرُؤٍ. ولا يجوز أَن يقال ثلاثةُ فُلُوس، إِنما يقال ثلاثةُ أَفْلُسٍ، فإِذا كَثُرت فهي الفُلُوس، ولا يقال ثَلاثةُ رِجالٍ، وإِنما هي ثلاثةُ رَجْلةٍ، ولا يقال ثلاثةُ كِلاب، انما هي ثلاثةُ أَكْلُبٍ. قال أَبو حاتم: والنحويون قالوا في قوله تعالى: ثلاثةَ قُروء. أَراد ثلاثةً من القُروء.
أَبو عبيد: الأَقْراءُ: الحِيَضُ، والأَقْراء: الأَطْهار، وقد أَقْرَأَتِ المرأَةُ، في الأَمرين جميعاً، وأَصله من دُنُوِّ وقْتِ الشيء. قال الشافعي رضي اللّه عنه: القَرْء اسم للوقت فلما كان الحَيْضُ يَجِيء لِوقتٍ، والطُّهرُ يجيء لوَقْتٍ جاز أَن يكون الأَقْراء حِيَضاً وأَطْهاراً.
قال: ودَلَّت سنَّةُ رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَنَّ اللّه، عز وجل، أَراد بقوله والمُطَلِّقاتُ يَتَرَبَّصْن بأَنْفُسِهنّ ثلاثةَ قُروء:
الأَطْهار. وذلك أَنَّ ابنَ عُمَرَ لمَّا طَلَّقَ امرأَتَه، وهي حائضٌ،
فاسْتَفْتَى عُمرُ، رضي اللّه عنه، النبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، فيما فَعَلَ، فقال: مُرْه فَلْيُراجِعْها، فإِذا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْها، فتِلك
العِدّةُ التي أَمَر اللّهُ تعالى أَن يُطَلَّقَ لها النِّساءُ.
وقال أَبو إِسحق: الَّذي عندي في حقيقة هذا أَنَّ القَرْءَ، في اللغة، الجَمْعُ، وأَنّ قولهم قَرَيْتُ الماء في الحَوْضِ، وإِن كان قد أُلْزِمَ الياءَ، فهو جَمَعـْتُ، وقَرَأْتُ القُرآنَ: لَفَظْتُ به مَجْموعاً، والقِرْدُ يَقْرِي أَي يَجْمَعُ ما يَأْكُلُ في فِيهِ، فإِنَّما القَرْءُ اجْتماعُ الدَّمِ في الرَّحِمِ، وذلك إِنما يكون في الطُّهر. وصح عن عائشة وابن عمر رضي اللّه عنهما أَنهما قالا: الأَقْراء والقُرُوء: الأَطْهار. وحَقَّقَ هذا اللفظَ، من كلام العرب، قولُ الأَعشى:
لِما ضاعَ فيها مِنْ قُرُوءِ نِسَائكا
فالقُرُوءُ هنا الأَطْهارُ لا الحِيَضُ، لإِن النّساءَ إِنما يُؤْتَيْن في أَطْهارِهِنَّ لا في حِيَضِهنَّ، فإِنما ضاعَ بغَيْبَتِه عنهنَّ أَطْهارُهُنَّ. ويقال: قَرَأَتِ المرأَةُ: طَهُرت، وقَرأَتْ: حاضَتْ.
قال حُمَيْدٌ:
أَراها غُلامانا الخَلا، فتَشَذَّرَتْ * مِراحاً، ولم تَقْرَأْ جَنِيناً ولا دَما
يقال: لم تَحْمِلْ عَلَقةً أَي دَماً ولا جَنِيناً. قال الأَزهريُّ: وأَهلُ العِراق يقولون: القَرْءُ: الحَيْضُ، وحجتهم قوله صلى اللّه عليه
وسلم: دَعِي الصلاةَ أَيَّامَ أَقْرائِكِ، أَي أَيامَ حِيَضِكِ.
وقال الكسائي والفَرّاء معاً: أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ، فهي
مُقْرِئٌ . وقال الفرّاء: أَقْرأَتِ الحاجةُ إِذا تَأَخَّرَتْ. وقال الأخفش:
أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ، وما قَرَأَتْ حَيْضةً أَي ما ضَمَّت
رَحِمُها على حَيْضةٍ. قال ابن الأَثير: قد تكرَّرت هذه اللفظة في الحديث مُفْرَدةً ومَجْمُوعةً، فالمُفْردة، بفتح القاف وتجمع على أَقْراءٍ وقُروءٍ، وهو من الأَضْداد، يقع على الطهر، وإِليه ذهب الشافعي وأَهل الحِجاز، ويقع على الحيض، وإِليه ذهب أَبو حنيفة وأَهل العِراق، والأَصل في القَرْءِ الوَقْتُ المعلوم، ولذلك وقعَ على الضِّدَّيْن، لأَن لكل منهما وقتاً.
وأَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا طَهُرت وإِذا حاضت. وهذا الحديث أَراد بالأَقْراءِ فيه الحِيَضَ، لأَنه أَمَرَها فيه بِتَرْك الصلاةِ. وأَقْرَأَتِ المرأَةُ، وهي مُقْرِئٌ: حاضَتْ وطَهُرَتْ. وقَرَأَتْ إِذا رَأَتِ الدمَ.
والمُقَرَّأَةُ: التي يُنْتَظَرُ بها انْقِضاءُ أَقْرائها. قال أَبو عمرو بن
العَلاءِ: دَفَع فلان جاريتَه إِلى فُلانة تُقَرِّئُها أَي تُمْسِكُها عندها
حتى تَحِيضَ للاسْتِبراءِ. وقُرئَتِ المرأَةُ: حُبِسَتْ حتى انْقَضَتْ
عِدَّتُها. وقال الأَخفش: أَقْرَأَتِ المرأَةُ إِذا صارت صاحِبةَ حَيْضٍ،
فإِذا حاضت قلت: قَرَأَتْ، بلا أَلف. يقال: قَرَأَتِ المرأَةُ حَيْضَةً أَو
حَيْضَتَيْن. والقَرْءُ انْقِضاءُ الحَيْضِ. وقال بعضهم: ما بين
الحَيْضَتَيْن. وفي إِسْلامِ أَبي ذَرّ: لقد وضَعْتُ قولَه على أَقْراءِ الشِّعْر، فلا يَلْتَئِمُ على لِسانِ أَحدٍ أَي على طُرُق الشِّعْر وبُحُوره،
واحدها قَرْءٌ، بالفتح. وقال الزمخشري، أَو غيره: أَقْراءُ الشِّعْر:
قَوافِيه التي يُخْتَمُ بها، كأَقْراءِ الطُّهْر التي يَنْقَطِعُ عِندَها.
الواحد قَرْءٌ وقُرْءٌ وقَرِيءٌ، لأَنها مَقَاطِعُ الأَبيات وحُدُودُها.
وقَرَأَتِ الناقةُ والشَّاةُ تَقْرَأُ: حَمَلَتْ. قال:
هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا
وناقة قارئٌ، بغير هاء، وما قَرَأَتْ سَلىً قَطُّ: ما حَمَلَتْ مَلْقُوحاً، وقال اللحياني: معناه ما طَرَحَتْ. وقَرَأَتِ الناقةُ: وَلَدت.
وأَقْرَأَت الناقةُ والشاةُ: اسْتَقَرَّ الماءُ في رَحِمِها؛ وهي في قِرْوتها، على غير قياس، والقِياسُ قِرْأَتها. وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال يقال: ما قَرَأَتِ الناقةُ سَلىً قَطُّ، وما قَرَأَتْ مَلْقُوحاً
قَطُّ. قال بعضهم: لم تَحْمِلْ في رَحِمها ولداً قَطُّ. وقال بعضهم: ما
أَسْقَطَتْ ولداً قَطُّ أَي لم تحمل.
ابن شميل: ضَرَبَ الفحلُ الناقةَ على غير قُرْءٍ(1)
(يتبع...)
(تابع... 1): قرأ: القُرآن: التنزيل العزيز، وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه... ...
(1 قوله «غير قرء» هي في التهذيب بهذا الضبط.) ، وقُرْءُ الناقةِ: ضَبَعَتُها. وهذه ناقة قارئٌ وهذه نُوقٌ قَوارِئُ يا هذا؛ وهو من أَقْرأَتِ المرأَةُ، إلا أَنه يقال في المرأَة بالأَلف وفي الناقة بغير أَلف.
وقَرْءُ الفَرَسِ: أَيامُ وداقِها، أَو أَيام سِفادِها، والجمع
أَقْراءٌ.واسْتَقْرَأَ الجَملُ الناقةَ إِذا تارَكَها ليَنْظُر أَلَقِحَت أَم لا.
أبو عبيدة: ما دامت الوَدِيقُ في وَداقِها، فهي في قُرُوئها،
وأَقْرائِها.وأَقْرأَتِ النُّجوم: حانَ مغِيبها. وأَقْرَأَتِ النجومُ أَيضاً:
تأَخَّر مَطَرُها. وأَقْرَأَتِ الرِّياحُ: هَبَّتْ لأَوانِها ودَخلت في
أَوانِها.
والقارئُ: الوَقْتُ. وقول مالك بن الحَرثِ الهُذَليّ:
كَرِهْتُ العَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلٍ، * إِذا هَبْتْ، لقارئِها، الرِّياحُ
أَي لوَقْتِ هُبُوبِها وشِدَّة بَرْدِها. والعَقْرُ: مَوضِعٌ بعَيْنِه.
وشَلِيلٌ: جَدُّ جَرِير بن عبداللّه البَجَلِيّ.
ويقال هذا قارِيءُ الرِّيح: لوَقْتِ هُبُوبِها، وهو من باب الكاهِل
والغارِب، وقد يكون على طَرْحِ الزَّائد.
وأَقْرَأَ أَمْرُك وأَقْرَأَتْ حاجَتُك، قيل: دنا، وقيل: اسْتَأْخَر.
وفي الصحاح: وأَقْرَأَتْ حاجَتُكَ: دَنَتْ. وقال بعضهم: أَعْتَمْتَ قِراكَ أَم أَقْرَأْتَه أَي أَحَبَسْتَه وأَخَّرْته؟ وأَقْرَأَ من أَهْله: دَنا.
وأَقرأَ من سَفَرِه: رَجَعَ. وأَقْرَأْتُ من سَفَري أي انْصَرَفْتُ.
والقِرْأَةُ، بالكسر، مثل القِرْعةِ: الوَباءُ.
وقِرْأَةُ البِلاد: وَباؤُها. قال الأَصمعي: إِذا قَدِمْتَ بلاداً فَمَكَثْتَ بها خَمْسَ عَشْرةَ ليلة، فقد ذَهَبت عنكَ قِرْأَةُ البلاد، وقِرْءُ البلاد. فأَما قول أَهل الحجاز قِرَةُ البلاد، فإِنما هو على حذف
الهمزة المتحرِّكة وإِلقائها على الساكن الذي قبلها، وهو نوع من القياس، فأَما إِغرابُ أبي عبيد، وظَنُّه إِياه لغة، فَخَطأٌ.
وفي الصحاح: أَن قولهم قِرةٌ، بغير همز، معناه: أَنه إِذا مَرِضَ بها بعد ذلك فليس من وَباءِ البلاد.
حضر: الحُضورُ: نقيض المَغيب والغَيْبةِ؛ حَضَرَ يَحْضُرُ حُضُوراً
وحِضَارَةً؛ ويُعَدَّى فيقال: حَضَرَهوحَضِرَه
(* قوله: «فيقال حضرهوحضره
إلخ» أَي فهو من بابي نصر وعلم كما في القاموس). يَحْضُرُه، وهو شاذ،
والمصدر كالمصدر. وأَحْضَرَ الشيءَ وأَحْضَرَه إِياه، وكان ذلك بِحَضْرةِ فلان
وحِضْرَتِه وحُضْرَتِه وحَضَرِه ومَحْضَرِه، وكلَّمتُه بِحَضْرَةِ فلان
وبمَحَضْرٍ منه أَي بِمَشْهَدٍ منه، وكلمته أَيضاً بِحَضَرِ فلان،
بالتحريك، وكلهم يقول: بِحَضَرِ فلان، بالتحريك. الجوهري: حَضْرَةُ الرجل قُرْبهُ
وفِناؤّ. وفي حديث عمرو ابن سَلِمَة
(* قوله: «عمرو بن سلمة» كان يؤمّ
قومه وهو صغير، وكان أبوه فقيراً، وكان عليه ثوب خلق حتى قالوا غطوا عنا
أست قارئكم، فكسوه جبة. وكان يتلقى الوفد ويتلقف منهم القرآن فكان أكثر
قومه قرآناً، وأَمَّ بقومه في عهد، النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت له
منه سماع، وأبوهسلمة بكسر اللام، وفد على النبي، صلى الله عليه وسلم، كذا
بهامش النهاية). الجَرْمِيِّ: كنا بِحَضْرَةِ ماءٍ أَي عنده؛ ورجل
خاصِرٌ وقوم حُضَّرٌ وحُضُورٌ. وإِنه لحَسنُ الحُضْرَةِ والحِضْرَةِ إذا
حَضَرَ بخير. وفلان حَسَنُ المَحْضَرِ إِذا كان ممن يذكر الغئبَ بخير. وأَبو
زيد: هو رجل حَضِرٌ إِذا حَضَرَ بخير. ويقال: إِنه لَيَعْرِفُ مَنْ
بِحَضْرَتِهِ ومَنْ بِعَقْوَتِه.
الأَزهري: الحَضْرَةُ قُرْبُ الشيء، تقول: كنتُ بِحَضْرَةِ الدار؛
وأَنشد الليث:
فَشَلَّتْ يداه يومَ يَحْمِلُ رايَةً
إِلى نَهْشَلٍ، والقومُ حَضْرَة نَهْشَلِ
ويقال: ضربت فلاناً بِحَضُرَةِ فلان وبمَحْضَرِه. الليث: يقال حَضَرَتِ
الصلاة، وأَهل المدينة يقولون: حَضِرَتْ، وكلهم يقول تَحْضَرُ؛ وقال شمر:
يقال حَضِرَ القاضِيَ امرأَةٌ تَحْضَرُ؛ قال: وإِنما أُنْدِرَتِ التاء
لوقوع القاضي بين الفعل والمرأَة؛ قال الأَزهري: واللغة الجيدة حَضَرَتْ
تَحْضُرُ، وكلهم يقول تَحْضُرُ، بالضم؛ قال الجوهري: وأَنشدنا أَبو
ثَرْوانَ العُكْلِيُّ لجرير على لغة حَضِرَتْ:
ما مَنْ جَفانا إِذا حاجاتُنا حَضِرَتْ،
كَمَنْ لنا عندَه التَّكْريمُ واللَّطَفُ
والحَضَرُ: خلافُ البَدْوِ. والحاضِرُ: خلاف البادي. وفي الحديث: لا
يَبِعْ حاضِرٌ لِبادٍ؛ الحاضر: المقيم في المُدُنِ والقُرَى، والبادي:
المقيم بالبادية، والمنهي عنه أَن يأْتي البَدَوِيُّ البلدة ومعه قوت يبغي
التَّسارُعَ إِلى بيعه رخيصاً، فيقول له الحَضَرِيُّ: اتركه عندي لأُغالِيَ
في بيعه، فهذا الصنيع محرّم لما فيه من الإِضرار بالغير، والبيع إِذا جرى
مع المغالاة منعقد، وهذا إِذا كانت السِّلْعَةُ مما تعم الحاجة إِليها
كالأَقوات، فإِن كانت لا تعم أَو كَثُرَتِ الأَقواتُ واستغني عنها ففي
التحريم تردُّد يعوّل في أَحدهما على عموم ظاهر النهي وحَسْمِ بابِ
الضِّرارِ، وفي الثاني على معنى الضرورة. وقد جاء عن ابن عباس أَنه سئل لا يبع
حاضر لباد قال: لا يكون له سِمْساراً؛ ويقال: فلان من أَهل الحاضرة وفلان
من أَهل البادية، وفلان حَضَرِيٌّ وفلان بَدَوِيٌّ.
والحِضارَةُ: الإِقامة في الحَضَرِ؛ عن أَبي زيد. وكان الأَصمعي يقول:
الحَضارَةُ، بالفتح؛ قال القطامي:
فَمَنْ تَكُنِ الحَضَارَةُ أَعْجَبَتْه،
فأَيَّ رجالِ بادِيَةٍ تَرانَا
ورجل حَضِرٌ: لا يصلح للسفر. وهم حُضُورٌ أَي حاضِرُونَ، وهو في الأَصل
مصدر.
والحَضَرُ والحَضْرَةُ والحاضِرَةُ: خلاف البادية، وهي المُدُنُ
والقُرَى والرِّيفُ، سميت بذلك لأَن أَهلها حَضَرُوا الأَمصارَ ومَساكِنَ الديار
التي يكون لهم بها قَرارٌ، والبادية يمكن أَن يكون اشتقاقُ اسمِها من
بَدا يَبْدُو أَي بَرَزَ وظهر ولكنه اسم لزم ذلك الموضعَ خاصةً دونَ ما
سواه؛ وأَهل الحَضَرِ وأَهل البَدْوِ.
والحاضِرَةُ والحاضِرُ: الحَيُّ العظيم أَو القومُ؛ وقال ابن سيده:
الحَيُّ إِذا حَضَرُوا الدارَ التي بها مُجْتَمَعُهُمْ؛ قال:
في حاضِرٍ لَجِبٍ بالليلِ سامِرُهُ،
فيهِ الصَّواهِلُ والرَّاياتُ والعَكَرُ
فصار الحاضر اسماً جامعــاً كالحاجِّ والسَّامِرِ والجامِل ونحو ذلك. قال
الجوهري: هو كما يقال حاضِرُ طَيِّءٍ، وهو جمع، كما يقال سامِرٌ
للسُّمَّار وحاجٌّ للحُجَّاج؛ قال حسان:
لنا حاضِرٌ فَعْمٌ وبادٍ، كَأَنَّهُ
قطِينُ الإِلهِ عِزَّةً وتَكَرُّما
وفي حديث أُسامة: وقد، أَحاطوا بحاضر فَعْمٍ. الأَزهري: العرب تقول
حَيٌّ حاضِرٌ، بغير هاء، إِذا كانوا نازلين على ماءٍ عِدٍّ، يقال: حاضِرُ بني
فلانٍ على ماءِ كذا وكذا، ويقال للمقيم على الماء: حاضرٌ، وجمعه
حُضُورٌ، وهو ضدّ المسافر، وكذلك يقال للمقيم: شاهدٌ وخافِضٌ. وفلان حاضِرٌ
بموضع كذا أَي مقيم به. ويقال: على الماء حاضِرٌ وهؤلاء قوم حُضَّارٌ إِذا
حَضَرُوا المياه، ومَحاضِرُ؛ قال لبيد:
فالوادِيانِ وكلُّ مَغْنًى مِنْهُمُ،
وعلى المياهِ مَحاضِرٌ وخِيامُ
قال ابن بري: هو مرفوع بالعطف على بيت قبله وهو:
أَقْوَى وعُرِّيَ واسِطٌ فَبِرامُ،
من أَهلِهِ، فَصُوائِقٌ فَخُزامُ
وبعده:
عَهْدِي بها الحَيَّ الجميعَ، وفيهمُ،
قبلَ التَّفَرُّقِ، مَيْسِرٌ ونِدامُ
وهذه كلها أَسماء مواضع. وقوله: عهدي رفع بالابتداء، والحيّ مفعول بعهدي
والجميع نعته، وفيهم قبل التفرّق ميسر: جملة ابتدائية في موضع نصب على
الحال وقد سدّت مسدّ خبر المبتدإِ الذي هو عهدي على حد قولهم: عهدي بزيد
قائماً؛ وندام: يجوز أَن يكون جمع نديم كظريف وظراف ويجوز أَن يكون جمع
ندمان كغرثان وغراث.
قال: وحَضَرَةٌ مثل كافر وكَفَرَةٍ. وفي حديث آكل الضب: أَنَّى
تَححضُرُنِي منَ اللهِ حاضِرَةٌ؛ أَراد الملائكة الذين يحضرونه. وحاضِرَةٌ: صفة
طائفة أَو جماعة. وفي حديث الصبح: فإِنها مَشْهُودَة مَحْضُورَةٌ؛ أَي
يحضرها ملائكة الليل والنهار. وحاضِرُو المِياهِ وحُضَّارُها: الكائنون
عليها قريباً منها لأَنهم يَحْضُرُونها أَبداً. والمَحْضَرُ: المَرْجِعُ إِلى
المياه. الأَزهري: المحضَر عند العرب المرجع إِلى أَعداد المياه،
والمُنْتَجَعُ: المذهبُ في طلب الكَلإِ، وكل مُنْتَجَعٍ مَبْدًى، وجمع
المَبْدَى مَبادٍ، وهو البَدْوُ؛ والبادِيَةُ أَيضاً: الذين يتباعدون عن أَعداد
المياه ذاهبين في النُّجَعِ إِلى مَساقِط الغيث ومنابت الكلإِ.
والحاضِرُون: الذين يرجعون إِلى المَحاضِرِ في القيظ وينزلون على الماء العِدِّ ولا
يفارقونه إِلى أَن يقع ربيع بالأَرض يملأُ الغُدْرانَ فينتجعونه، وقوم
ناجِعَةٌ ونواجِعُ وبادِيَةٌ وبوادٍ بمعنى واحد.
وكل من نزل على ماءٍ عِدٍّ ولم يتحوّل عنه شتاء ولا صيفاً، فهو حاضر،
سواء نزلوا في القُرَى والأَرْياف والدُّورِ المَدَرِيَّة أَو بَنَوُا
الأَخْبِيَةَ على المياه فَقَرُّوا بها ورَعَوْا ما حواليها من الكلإِ. وأَما
الأَعراب الذين هم بادية فإِنما يحضرون الماء العِدَّ شهور القيظ لحاجة
النَّعَمِ إِلى الوِرْدِ غِبّاً ورَفْهاً وافْتَلَوُا الفَلَوَاِ
المُكْلِئَةَ، فإِن وقع لهم ربيع بالأَرض شربوا منه في مَبْدَاهُمْ الذي
انْتَوَوْهُ، فإِن استأْخر القَطْرُ ارْتَوَوْا على ظهور الإِبل بِشِفاهِهِمْ
وخيلهم من أَقرب ماءٍ عِدٍّ يليهم، ورفعوا أَظْماءَهُمْ إِلى السَّبْعِ
والثِّمْنِ والعِشْرِ، فإِن كثرت فيه الأَمطار والْتَفَّ العُشْبُ
وأَخْصَبَتِ الرياضُ وأَمْرَعَتِ البلادُ جَزَأَ النَّعَمُ بالرَّطْبِ واستغنى عن
الماء، وإِذا عَطِشَ المالُ في هذه الحال وَرَدَتِ الغُدْرانَ
والتَّناهِيَ فشربتْ كَرْعاً وربما سَقَوْها من الدُّحْلانِ. وفي حديث عَمْرِو بن
سَلِمَةَ الجَرْمِيّ: كنا بحاضِرٍ يَمُرُّ بنا الناسُ؛ الحاضِرُ: القومُ
النُّزُولُ على ماء يقيمون به ولا يَرْحَلُونَ عنه. ويقال للمَناهِل:
المَحاضِر للاجتماع والحضور عليها. قال الخطابي: ربما جعلوا الحاضِرَ اسماً
للمكان المحضور. يقال: نزلنا حاضِرَ بني فلان، فهو فاعل بمعنى مفعول. وفي
الحديث: هِجْرَةُ الحاضِرِ؛ أَي المكان المحضور.
ورجل حَضِرٌ وحَضَرٌ: يَتَحَيَّنُ طعام الناس حتى يَحْضُرَهُ. الأَزهري
عن الأَصمعي: العرب تقول: اللَّبَنُ مُحْتَضَرٌ ومَحْضُورٌ فَغَطِّهِ أَي
كثير الآفة يعني يَحْتَضِرُه الجنّ والدواب وغيرها من أَهل الأَرض،
والكُنُفُ مَحْضُورَةٌ. وفي الحديث: إِن هذه الحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ؛ أَي
يحضُرها الجنّ والشياطين. وقوله تعالى: وأَعوذ بك رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ؛
أَي أَن تصيبني الشياطين بسوء.
وحُضِرَ المريض واحْتُضِرَ إِذا نزل به الموتُ؛ وحَضَرَنِي الهَمُّ
واحْتَضَرَ بيِ وتَحَضَّرَنِي. وفي الحديث: أَنه، عليه الصلاة والسلام،
ذَكَرَ الأَيامَ وما في كل منها من الخير والشر ثم قال: والسَّبْتُ أَحْضَرُ
إِلا أَن له أَشْطُراً؛ أَي هو أَكثر شرّاً، وهو أَفْعَلُ من الحُضُورِ؛
ومنه قولهم: حُضِرَ فلان واحْتُضِرَ إِذا دنا موته؛ قال ابن الأَثير: وروي
بالخاءِ المعجمة، وقيل: هو تصحيف، وقوله: إِلا أَن له أَشْطُراً أَي
خيراً مع شره؛ ومنه: حَلَبَ الدهرَ الأَشْطُرَهُ أَي نال خَيْرَهُ وشَرَّه.
وفي الحديث: قُولُوا ما يَحْضُرُكُمْ
(* قوله: «قولوا ما يحضركم» الذي في
النهاية قولوا ما بحضرتكم)؛ أَي ما هو حاضر عندكم موجود ولا تتكلفوا
غيره.
والحَضِيرَةُ: موضع التمر، وأَهل الفَلْحِ
(* قوله: «وأهل الفلح» بالحاء
المهملة والجيم أَي شق الأَرض للزراعة). يُسَمُّونها الصُّوبَةَ، وتسمى
أَيضاً الجُرْنَ والجَرِينَ. والحَضِيرَةُ: جماعة القوم، وقيل:
الحَضِيرَةُ من الرجال السبعةُ أَو الثمانيةُ؛ قال أَبو ذؤيب أَو شهاب
ابنه:رِجالُ حُرُوبٍ يَسْعَرُونَ، وحَلْقَةٌ
من الدار، لا يأْتي عليها الحضائِرُ
وقيل: الحَضِيرَةُ الأَربعة والخمسة يَغْزُونَ، وقيل: هم النَّفَرُ
يُغْزَى بهم، وقيل: هم العشرة فمن دونهم؛ الأَزهري: قال أَبو عبيد في قول
سَلْمَى الجُهَنِيَّةِ تمدح رجلاً وقيل ترثيه:
يَرِدُ المِياهَ حَضِيرَةً ونَفِيضَةً،
وِرْدَ القَطاةِ إِذا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ
اختلف في اسم الجهنية هذه فقيل: هي سلمى بنت مَخْدَعَةَ الجهنية؛ قال
ابن بري: وهو الصحيح، وقال الجاحظ: هي سُعْدَى بنت الشَّمَرْدَل الجهنية.
قال أَبو عبيد: الحَضِيرَةُ ما بين سبعة رجال إِلى ثمانية، والنَّفِيضَةُ:
الجماعة وهم الذين يَنْفُضُونَ. وروى سلمة عن الفراء قال: حَضِيرَةُ
الناس ونَفِيضَتُهم الجماعَةُ. قال شمر في قوله حضيرةً ونفيضةً، قال: حضيرة
يحضرها الناس يعني المياه ونفيضة ليس عليها أَحد؛ حكي ذلك عن ابن
الأَعرابي ونصب حضيرة ونفيضة على الحال أَي خارجة من المياه؛ وروي عن الأَصمعي:
الحضيرة الذين يحضرون المياه، والنفيضة الذين يتقدمون الخيل وهم الطلائع؛
قال الأَزهري: وقول ابن الأَعرابي أَحسن. قال ابن بري: النفيضة جماعة
يبعثون ليكشفوا هل ثَمَّ عدوّ أَو خوف. والتُّبَّعُ: الظل. واسْمَأَلَّ:
قَصُرَ، وذلك عند نصف النهار؛ وقبله:
سَبَّاقُ عادِيةٍ ورأْسُ سَرِيَّةٍ،
ومُقاتِلٌ بَطَلٌ وَهادٍ مِسْلَعُ
المِسْلَعُ: الذي يشق الفلاة شقّاً، واسم المَرْثِيِّ أَسْعَدُ وهو أَخو
سلمى؛ ولهذا تقول بعد البيت:
أَجَعَلْتَ أَسْعَدَ لِلرِّماحِ دَرِيئَةً،
هَبَلَتْكَ أُمُّكَ أَيَّ جَرْدٍ تَرْقَعُ؟
الدَّرِيئَةُ: الحَلْقَةُ التي يتعلم عليها الطعن؛ والجمع الحضائر؛ قال
أَبو شهاب الهذلي:
رِجالُ حُرُوبٍ يَسْعَرُونَ، وحَلْقَةٌ
من الدار، لا تَمْضِي عليها الحضائِرُ
وقوله رجال بدل من معقل في بيت قبله وهو:
فلو أَنهمْ لم يُنْكِرُوا الحَقَّ، لم يَزَلْ
لهم مَعْقِلٌ مِنَّا عَزيزٌ وناصِرُ
يقول: لو أَنهم عرفوا لنا محافظتنا لهم وذبَّنا عنهم لكان لهم منا
مَعْقِلٌ يلجؤُون إِليه وعز ينتهضون به. والحَلْقَةُ: الجماعة. وقوله: لا تمضي
عليها الحضائر أَي لا تجوز الحضائر على هذه الحلقة لخوفهم منها. ابن
سيده: قال الفارسي حَضيرَة العسكر مقدّمتهم. والحَضِيرَةُ: ما تلقيه المرأَة
من وِلادِها. وحَضِيرةُ الناقة: ما أَلقته بعد الولادة. والحَضِيرَةُ:
انقطاع دمها. والحَضِيرُ: دمٌ غليظ يجتمع في السَّلَى. والحَضِيرُ: ما
اجتمع في الجُرْحِ من جاسِئَةِ المادَّةِ، وفي السَّلَى من السُّخْدِ ونحو
ذلك. يقال: أَلقت الشاةُ حَضِيرتَها، وهي ما تلقيه بعد الوَلَدِ من
السُّخْدِ والقَذَى. وقال أَبو عبيدة: الحَضِيرَةُ الصَّاءَةُ تَتْبَعُ
السَّلَى وهي لفافة الولد.
ويقال للرجل يصيبه اللَّمَمُ والجُنُونُ: فلان مُحْتَضَرٌ؛ ومنه قول
الراجز:
وانْهَمْ بِدَلْوَيْكَ نَهِيمَ المُحْتَضَرْ،
فقد أَتتكَ زُمَراً بعد زُمَرْ
والمُحْتَضِرُ: الذي يأْتي الحَضَرَ. ابن الأَعرابي: يقال لأُذُنِ
الفيل: الحاضِرَةُ ولعينه الحفاصة
(* قوله: «الحفاصة» كذا بالأصل بدون نقط
وكتب بهامشه بدلها العاصة). وقال: الحَضْرُ التطفيل وهو الشَّوْلَقِيُّ وهو
القِرْواشُ والواغِلُ، والحَضْرُ: الرجل الواغِلُ الرَّاشِنُ.
والحَضْرَةُ: الشِّدَّةُ. والمَحْضَرُ: السِّجِلُّ. والمُحاضَرَةُ: المجالدة، وهو
أَن يغالبك على حقك فيغلبك عليه ويذهب به. قال الليث: المُحاضَرَةُ أَن
يُحاضِرَك إِنسان بحقك فيذهب به مغالبةً أَو مكابرة. وحاضَرْتُه: جاثيته
عند السلطان، وهو كالمغالبة والمكاثرة. ورجل حَضْرٌ: ذو بيان. وتقول:
حَضَارِ بمعنى احْضُرْ، وحَضَارِ، مبنية مؤنثة مجرورة أَبداً: اسم كوكب؛ قال
ابن سيده: هو نجم يطلع قبل سُهَيْلٍ فتظن الناس به أَنه سهيل وهو أَحد
المُحْلِفَيْنِ. الأَزهري: قال أَبو عمرو بن العلاء يقال طلعت حَضَارِ
والوَزْنُ، وهما كوكبان يَطْلُعانِ قبل سهيل، فإِذا طلع أَحدهما ظن أَنه سهيل
للشبه، وكذلك الوزن إِذا طلع، وهما مُحْلِفانِ عند العرب، سميا
مُحْلِفَيْنِ لاخْتِلافِ الناظرين لهما إِذا طلعا، فيحلف أَحدهما أَنه سهيل ويحلف
الآخر أَنه ليس بسهيل؛ وقال ثعلب: حَضَارِ نجم خَفِيٌّ في بُعْدٍ؛
وأَنشد:أَرَى نارَ لَيْلَى بالعَقِيقِ كأَنَّها
حَضَارِ، إِذا ما أَعْرَضَتْ، وفُرُودُها
الفُرُودُ: نجوم تخفى حول حَضَارِ؛ يريد أَن النار تخفى لبعدها كهذا
النجم الذي يخفى في بعد. قال سيبويه: أَما ما كان آخره راء فإن أَهل الحجاز
وبني تميم متفقون فيه، ويختار فيه بنو تميم لغة أَهل الحجاز، كما اتفقوا
في تراك الحجازية لأَنها هي اللغة الأُولى القُدْمَى، وزعم الخليل أَن
إِجْناحَ الأَلف أَخفُّ عليهم يعني الإِمالةَ ليكون العمل من وجه واحد،
فكرهوا تركَ الخِفَّةِ وعلموا أَنهم إِن كسروا الراء وصلوا إِلى ذلك وأَنهم
إِن رفعوا لم يصلوا؛ قال: وقد يجوز أَن ترفع وتنصب ما كان في آخره الراء،
قال: فمن ذلك حَضَارِ لهذا الكوكب، وسَفَارِ اسم ماء، ولكنهما مؤنثان
كماوِيَّةَ؛ وقال: فكأَنَّ تلك اسم الماءة وهذه اسم الكوكبة.
والحِضارُ من الإِبل: البيضاء، الواحد والجمع في ذلك سواء. وفي الصحاح:
الحِضارُ من الإِبل الهِجانُ؛ قال أَبو ذؤيب يصف الخمر:
فما تُشْتَرَى إِلاَّ بِرِبْحٍ، سِباؤُها
بَناتُ المَخاضِ: شُؤمُها وحِضارُها
شومها: سودها؛ يقول: هذه الخمر لا تشترى أَلا بالإِبل السود منها
والبيض؛ قال ابن بري: والشوم بلا همز جمع أَشيم وكان قياسه أَن يقال شِيمٌ
كأَبيض وبِيضٍ، وأَما أَبو عمرو الشَّيْباني فرواه شيمها على القياس وهما
بمعنًى، الواحدُ أَشْيَمُ؛ وأَما الأَصمعي فقال: لا واحد له، وقال عثمان بن
جني: يجوز أَن يجمع أَشْيَمُ على شُومٍ وقياسه شِيمٌ، كما قالوا ناقة
عائط للتي لم تَحْمِلْ ونوق عُوط وعِيط، قال: وأَما قوله إِن الواحد من
الحِضَارِ والجمعَ سواء ففيه عند النحويين شرح، وذلك أَنه قد يتفق الواحد
والجمع على وزن واحد إِلا أَنك تقدّر البناء الذي يكون للجمع غير البناء
الذي يكون للواحد، وعلى ذلك قالوا ناقة هِجانٌ ونوق هِجانٌ، فهجان الذي هو
جمع يقدّر على فِعَالٍ الذي هو جمعٌ مثل ظِرافٍ، والذي يكون من صفة المفرد
تقدره مفرداً مثل كتاب، والكسرة في أَول مفرده غير الكسرة التي في
أَوَّل جمعه، وكذلك ناقة حِضار ونوق حِضار، وكذلك الضمة في الفُلْكِ إِذا كان
المفردَ غَيْرُ الضمة التي تكون في الفلك إِذا كان جمعاً، كقوله تعالى:
في الفُلْكِ المشحون؛ هذه الضمة بإِزاء ضمة القاف في قولك القُفْل لأَنه
واحد، وأَما ضمة الفاء في قوله تعالى: والفُلْكِ التي تجري في البحر: فهي
بإِزاء ضمة الهمزة في أُسْدٍ، فهذه تقدّرها بأَنها فُعْلٌ التي تكون
جمعاً، وفي الأَوَّل تقدرها فَعْلاً التي هي للمفرد. الأَزهري: والحِضارُ من
الإِبل البيض اسم جامع كالهِجانِ؛ وقال الأُمَوِيُّ: ناقة حِضارٌ إِذا
جمعت قوّة ورِحْلَةً يعني جَوْدَةَ المشي؛ وقال شمر: لم أَسمع الحِضارَ
بهذا المعنى إِنما الحِضارُ بيض الإِبل، وأَنشد بيت أَبي ذؤيب شُومُها
وحِضارُها أَي سودها وبيضها.
والحَضْراءُ من النوق وغيرها: المُبادِرَةُ في الأَكل والشرب. وحَضارٌ:
اسم للثور الأَبيض.
والحَضْرُ: شَحْمَةٌ في العانة وفوقها. والحُضْرُ والإِحْضارُ: ارتفاع
الفرس في عَدْوِه؛ عن الثعلبية، فالحُضْرُ الاسم والإِحْضارُ المصدر.
الأَزهري: الحُضْرُ والحِضارُ من عدو الدواب والفعل الإِحْضارُ؛ ومنه حديث
وُرُودِ النار: ثم يَصْدُرُونَ عنها بأَعمالهم كلمح البرق ثم كالريح ثم
كحُضْرِ الفرس؛ ومنه الحديث أَنه أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ حُضْرَ فرسه بأَرض
المدينة؛ ومنه حديث كعبِ بن عُجْرَةَ: فانطلقتُ مُسْرِعاً أَو مُحْضِراً
فأَخذتُ بِضَبُعِهِ. وقال كراع: أَحْضَرَ الفرسُ إِحْضَاراً وحُضْراً،
وكذلك الرجل، وعندي أَن الحُضْرَ الاسم والإِحْضارَ المصدرُ. واحْتَضَرَ
الفرسُ إِذا عدا، واسْتَحْضَرْتُه: أَعْدَيْتُه؛ وفرس مِحْضِيرٌ، الذكر
والأُنثى في ذلك سواء. وفرس مِحْضِيرٌ ومِحْضارٌ، بغير هاء للأُنثى، إِذا كان
شديد الحُضْرِ، وهو العَدْوُ. قال الجوهري: ولا يقال مِحْضار، وهو من
النوادر، وهذا فرس مِحْضير وهذه فرس مِحْضِيرٌ. وحاضَرْتُهُ حِضاراً:
عَدَوْتُ معه.
وحُضَيْرُ الكتائِب: رجلٌ من سادات العرب، وقد سَمَّتْ حاضِراً
ومُحاضِراً وحُضَيْراً. والحَضْرُ: موضع. الأَزهري: الحَضْرُ مدينة بنيت قديماً
بين دِجْلَةَ والفُراتِ. والحَضْرُ: بلد بإِزاء مَسْكِنٍ. وحَضْرَمَوْتُ:
اسم بلد؛ قال الجوهري: وقبيلة أَيضاً، وهما اسمان جعلا واحداً، إِن شئت
بنيت الاسم الأَول على الفتح وأَعربت الثاني إِعراب ما لا ينصرف فقلت:
هذا حَضْرَمَوْتُ، وإِن شئت أَضفت الأَول إِلى الثاني فقلت: هذا
حَضْرُمَوْتٍ، أَعربت حضراً وخفضت موتاً، وكذلك القول في سامّ أَبْرَض
ورَامَهُرْمُز، والنسبة إِليه حَضْرَمِيُّ، والتصغير حُضَيْرُمَوْتٍ، تصغر الصدر
منهما؛ وكذلك الجمع تقول: فلان من الحَضارِمَةِ. وفي حديث مصعب بن عمير: أَنه
كان يمشي في الحَضْرَمِيِّ؛ هو النعل المنسوبة إِلى حَضْرَمَوْت المتخذة
بها.
وحَضُورٌ: جبل باليمن أَو بلد باليمن، بفتح الحاء؛ وقال غامد:
تَغَمَّدْتُ شَرّاً كان بين عَشِيرَتِي،
فَأَسْمَانِيَ القَيْلُ الحَضُورِيُّ غامِدَا
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كُفِّنَ رسولُ الله، صلى الله عليه
وسلم، في ثوبين حَضُورِيَّيْن؛ هما منسوبان إِلى حَضُورٍ قرية باليمن. وفي
الحديث ذكر حَضِيرٍ، وهو بفتح الحاء وكسر الضاد، قاع يسيل عليه فَيْضُ
النَّقِيع، بالنون.