بكسر أوله، وسكون ثانــيه، هو فعلية من الذي قبله: وهو مويهة بالدّآث.
بكسر أوله، وسكون ثانــيه، هو فعلية من الذي قبله: وهو مويهة بالدّآث.
حجر: الحَجَرُ: الصَّخْرَةُ، والجمع في القلة أَحجارٌ، وفي الكثرة
حِجارٌ وحجارَةٌ؛ وقال:
كأَنها من حِجارِ الغَيْلِ، أَلبسَها
مَضارِبُ الماء لَوْنَ الطُّحْلُبِ التَّرِبِ
وفي التنزيل: وقودها الناس والحجارة؛ أَلحقوا الهاء لتأْنيث الجمع كما
ذهب إِليه سيبويه في البُعُولة والفُحولة. الليث: الحَجَرُ جمعه
الحِجارَةُ وليس بقياس لأَن الحَجَرَ وما أَشبهه يجمع على أَحجار ولكن يجوز
الاستحسان في العربية كما أَنه يجوز في الفقه وتَرْكُ القياس له كما قال
الأَعشى يمدح قوماً:
لا نَاقِصِي حَسَبٍ ولا
أَيْدٍ، إِذا مُدَّت، قِصَارَهْ
قال: ومثله المِهارَةُ والبِكارَةُ لجمع المُهْرِ والبَكْرِ. وروي عن
أَبي الهيثم أَنه قال: العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَال أَو فُعُولٍ،
وإِنما زادوا هذه الهاء فيها لأَنه إِذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت
ساكنان: أَحدهما الأَلف التي تَنْحَرُ آخِرَ حَرْفٍ في فِعال، والــثانــي
آخرُ فِعال المسكوتُ عليه، فقالوا: عِظامٌ وعَظامةٌ ونِفارٌ ونِفارةٌ،
وقالوا: فِحالَةٌ وحِبالَةٌ وذِكارَةٌ وذُكُورة وفُحولَةٌ وحُمُولَةٌ. قال
الأَزهري: وهذا هو العلة التي عللها النحويون، فأَما الاستحسان الذي شبهه
بالاستحسان في الفقه فإِنه باطل. الجوهري: حَجَرٌ وحِجارةٌ كقولك جَمَلٌ
وجِمالَةٌ وذَكَرٌَ وذِكارَةٌ؛ قال: وهو نادر. الفراء: العرب تقول الحَجَرُ
الأُحْجُرُّ على أُفْعُلٍّ؛ وأَنشد:
يَرْمِينِي الضَّعِيفُ بالأُحْجُرِّ
قال: ومثله هو أُكْبُرُّهم وفرس أُطْمُرُّ وأُتْرُجُّ، يشدّدون آخر
الحرف. ويقال: رُمِي فُلانٌ بِحَجَرِ الأَرض إِذا رمي بداهية من الرجال. وفي
حديث الأَحنف بن قيس أَنه قال لعلي حين سمَّى معاويةُ أَحَدَ
الحَكَمَيْنِ عَمْرَو بْنَ العاصِ: إِنك قد رُميت بِحَجر الأَرض فأَجعل معه ابن عباس
فإِنه لا يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلاَّ حَلَّهَا؛ أَي بداهية عظيمة تثبت
ثبوتَ الحَجَرِ في الأَرض. وفي حديث الجَسَّاسَةِ والدَّجالِ: تبعه أَهل
الحَجَرِ وأَهل المَدَرِ؛ يريد أَهل البَوادِي الذين يسكنون مواضع الأَحجار
والرمال، وأَهلُ المَدَرِ أَهلُ البادِية. وفي الحديث: الولد للفراش
وللعاهِرِ الحَجَرُ؛ أَي الخَيْبَةُ؛ يعني أَن الولد لصاحب الفراش من السيد
أَو الزوج، وللزاني الخيبةُ والحرمان، كقولك ما لك عندي شيء غير التراب
وما يبدك غير الحَجَرِ؛ وذهب قوم إِلى أَنه كنى بالحجر عن الرَّجْمِ؛ قال
ابن الأَثير: وليس كذلك لأَنه ليس كل زان يُرْجَمُ. والحَجَر الأَسود،
كرمه الله: هو حَجَر البيت، حرسه الله، وربما أَفردوه فقالوا الحَجَر
إِعظاماً له؛ ومن ذلك قول عمر، رضي الله عنه: والله إِنك حَجَرٌ، ولولا أَني
رأَيتُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يفعل كذا ما فعلت؛ فأَما قول
الفرزدق:
وإِذا ذكَرْتَ أَبَاكَ أَو أَيَّامَهُ،
أَخْزاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأَحْجارُ
فإِنه جعل كل ناحية منه حَجَراً، أَلا ترى أَنك لو مَسِسْتَ كل ناحية
منه لجاز أَن تقول مسست الحجر؟ وقوله:
أَمَا كفاها انْتِياضُ الأَزْدِ حُرْمَتَها،
في عُقْرِ مَنْزِلها، إِذْ يُنْعَتُ الحَجَرُ؟.
فسره ثعلب فقال: يعني جبلاً لا يوصل إِليه. واسْتَحْجَرَ الطينُ: صار
حَجَراً، كما تقول: اسْتَنْوَق الجَمَلُ، لا يتكلمون بهما إِلاَّ مزيدين
ولهما نظائر. وأَرضٌ حَجِرَةٌ وحَجِيرَةٌ ومُتَحَجِّرة: كثيرة الحجارة،
وربما كنى بالحَجَر عن الرَّمْلِ؛ حكاه ابن الأَعرابي، وبذلك فسر قوله:
عَشِيَّةَ أَحْجارُ الكِناسِ رَمِيمُ
قال:
أَراد عشية رمل الكناس، ورمل الكناس: من بلاد عبدالله بن كلاب.
والحَجْرُ والحِجْرُ والحُجْرُ والمَحْجِرُ، كل ذلك: الحرامُ، والكسر أَفصح،
وقرئ بهن: وحَرْثٌ حجر؛ وقال حميد ابن ثور الهلالي:
فَهَمَمْت أَنْ أَغْشَى إِليها مَحْجِراً،
ولَمِثْلُها يُغْشَى إِليه المَحْجِرُ
يقول: لَمِثْلُها يؤتى إِليه الحرام. وروي الأَزهري عن الصَّيْداوِي
أَنه سمع عبويه يقول: المَحْجَر، بفتح الجيم، الحُرْمةُ؛ وأَنشد:
وهَمَمْتُ أَن أَغشى إِليها مَحْجَراً
ويقال: تَحَجَّرَ على ما وَسَّعه اللهُ أَي حرّمه وضَيَّقَهُ. وفي
الحديث: لقد تَحَجَّرْتَ واسعاً؛ أَي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون
غيرك، وقد حَجَرَهُ وحَجَّرَهُ. وفي التنزيل: ويقولون حِجْراً مَحْجُوراً؛
أَي حراماً مُحَرَّماً. والحاجُور: كالمَحْجر؛ قال:
حتى دَعَوْنا بِأَرْحامٍ لنا سَلَفَتْ،
وقالَ قَائِلُهُمْ: إِنَّي بحاجُورِ
قال سيبويه:
ويقول الرجل للرجل أَتفعل كذا وكذا يا فلان؟ فيقول: حُِجْراً أَي ستراً
وبراءة من هذا الأَمر، وهو راجع إِلى معنى التحريم والحرمة. الليث: كان
الرجل في الجاهلية يلقى الرجل يخافه في الشهر الحرام فيقول: حُجْراً
مَحجُوراً أَي حرام محرم عليك في هذا الشهر فلا يبدؤه منه شر. قال: فإِذا كان
يوم القيامة ورأَى المشركون ملائكة العذاب قالوا: حِجْراً مَحْجُوراً،
وظنوا أَن ذلك ينفعهم كفعلهم في الدنيا؛ وأَنشد:
حتى دعونا بأَرحام لها سلفت،
وقال قائلهم: إِني بحاجور
يعني بِمَعاذ؛ يقول: أَنا متمسك بما يعيذني منك ويَحْجُرك عني؛ قال:
وعلى قياسه العاثُورُ وهو المَتْلَفُ. قال الأَزهري. أَما ما قاله الليث من
تفسير قوله تعالى: ويقولون حجراً محجوراً؛ إِنه من قول المشركين للملائكة
يوم القيامة، فإِن أَهل التفسير الذين يُعتمدون مثل ابن عباس وأَصحابه
فسروه على غير ما فسره الليث؛ قال ابن عباس: هذا كله من قول الملائكة،
فالوا للمشركين حجراً محجوراً أَي حُجِرَتْ عليكم البُشْرَى فلا تُبَشَّرُون
بخير. وروي عن أَبي حاتم في قوله: «ويقولون حجراً» تمّ الكلام. قال أَبو
الحسن: هذا من قول المجرمين فقال الله محجوراً عليهم أَن يعاذوا وأَن
يجاروا كما كانوا يعاذون في الدنيا ويجارون، فحجر الله عليهم ذلك يوم
القيامة؛ قال أَبو حاتم وقال أَحمد اللؤلؤي: بلغني عن ابن عباس أَنه قال: هذا
كله من قول الملائكة. قال الأَزهري: وهذا أَشبه بنظم القرآن المنزل بلسان
العرب، وأَحرى أَن يكون قوله حجراً محجوراً كلاماً واحداً لا كلامين مع
إِضمار كلام لا دليل عليه. وقال الفرّاء: حجراً محجوراً أَي حراماً
محرّماً، كما تقول: حَجَرَ التاجرُ على غلامه، وحَجَرَ الرجل على أَهله. وقرئت
حُجْراً مَحْجُوراً أَي حراماً محرّماً عليهم البُشْرَى. قال: وأَصل
الحُجْرِ في اللغة ما حَجَرْتَ عليه أَي منعته من أَن يوصل إِليه. وكل ما
مَنَعْتَ منه، فقد حَجَرْتَ عليه؛ وكذلك حَجْرُ الحُكَّامِ على الأَيتام:
مَنْعُهم؛ وكذلك الحُجْرَةُ التي ينزلها الناس، وهو ما حَوَّطُوا عليه.
والحَجْرُ، ساكنٌ: مَصْدَرُ حَجَر عليه القاضي يَحْجُر حَجْراً إِذا
منعه من التصرف في ماله. وفي حديث عائشة وابن الزبير: لقد هَمَمْتُ أَن
أَحْجُرَ عليها؛ هو من الحَجْر المَنْعِ، ومنه حَجْرُ القاضي على الصغير
والسفيه إِذا منعهما من التصرف في مالها. أَبو زيد في قوله وحَرْثٌ حِجْرٌ
حرامٌ ويقولون حِجْراً حراماً، قال: والحاء في الحرفين بالضمة والكسرة
لغتان. وحَجْرُ الإِنسان وحِجْرُه، بالفتح والكسر: حِضْنُه. وفي سورة النساء:
في حُجُوركم من نسائكم؛ واحدها حَجْرٌ، بفتح الحاء. يقال: حَجْرُ
المرأَة وحِجْرُها حِضْنُها، والجمع الحُجُورُ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
هي اليتيمة تكون في حَجْر وَلِيِّها، ويجوز من حِجْرِ الثوب وهو طرفه
المتقدم لأَن الإِنسان يرى ولده في حِجْرِه؛ والوليُّ: القائم بأَمر
اليتيم. والحجر، بالفتح والكسر: الثوب والحِضْنُ، والمصدر بالفتح لا غير. ابن
سيده: الحَجْرُ المنع، حَجَرَ عليه يَحْجُرُ حَجْراً وحُجْراً وحِجْراً
وحُجْراناً وحِجْراناً مَنَعَ منه. ولا حُجْرَ عنه أَي لا دَفْعَ ولا
مَنْعَ. والعرب تقول عند الأَمر تنكره: حُجْراً له، بالضم، أَي دفعاً، وهو
استعارة من الأَمر؛ ومنه قول الراجز:
قالتْ وفيها حَيْدَةٌ وذُعْرُ:
عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمُ وحُجْرُ
وأَنت في حِجْرَتِي أَي مَنَعَتِي. قال الأَزهري: يقال هم في حِجْرِ
فلانٍ أَي في كَنَفِه ومَنَعَتِه ومَنْعِهِ، كله واحد؛ قاله أَبو زيد،
وأَنشد لحسان ابن ثابت:
أُولئك قَوْمٌ، لو لَهُمْ قيلَ: أَنْفِدُوا
أَمِيرَكُمْ، أَلفَيْتُموهُم أُولي حَجْرِ
أَي أُولى مَنَعَةٍ. والحُجْرَةُ من البيوت: معروفة لمنعها المال،
والحَجارُ: حائطها، والجمع حُجْراتٌ وحُجُراتٌ وحُجَراتٌ، لغات كلها.
والحُجْرَةُ: حظيرة الإِبل، ومنه حُجْرَةُ الدار. تقول: احْتَجَرْتُ حُجْرَةً أَي
اتخذتها، والجمع حُجَرٌ مثل غُرْفَةٍ وغُرَفٍ. وحُجُرات، بضم الجيم. وفي
الحديث: أَنه احْتَجَر حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَو حَصِير؛ الحجيرة:
تصغير الحُجْرَةِ، وهي الموضع المنفرد.
وفي الحديث: من نام على ظَهْرِ بَيْتٍ ليس عليه حِجارٌ فقد بَرِئَتْ منه
الذمة؛ الحجار جمع حِجْرٍ، بالكسر، أَو من الحُجْرَةِ وهي حَظِيرَةُ
الإِبل وحُجْرَةُ الدار، أَي أَنه يَحْجُر الإِنسان النائم ويمنعه من الوقوع
والسقوط. ويروى حِجاب، بالباء، وهو كل مانع من السقوط، ورواه الخطابي
حِجًى، بالياء، وسنذكره؛ ومعنى براءة الذمة منه لأَنه عَرَّض نفسه للهلاك
ولم يحترز لها. وفي حديث وائل بن حُجْرٍ: مَزاهِرُ وعُرْمانٌ ومِحْجَرٌ؛
مِحجر، بكسر الميم: قربة معروفة؛ قال ابن الأَثير: وقيل هي بالنون؛ قال:
وهي حظائر حول النخل، وقيل حدائق.
واستَحجَرَ القومُ واحْتَجَرُوا: اتخذوا حُجْرة. والحَجْرَةُ والحَجْرُ،
جميعاً: للناحية؛ الأَخيرة عن كراع. وقعد حَجْرَةً وحَجْراً أَي ناحية؛
وقوله أَنشده ثعلب:
سَقانا فلم نَهْجَا من الجُِوع نَقْرَةً
سَماراً، كإِبحط الذِّئْب سُودٌ حَواجِرُهْ
قال ابن سيده: لم يفسر ثعلب الحواجر. قال: وعندي أَنه جمع الحَجْرَةِ
التي هي الناحية على غير قياس، وله نظائر. وحُجْرَتا العسكر: جانباه من
الميمنة والميسرة؛ وقال:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهِمْ،
ونَجْمَعُهُمْ إِذا كانوا بَدَادِ
وفي الحديث: للنساء حَجْرتا الطريق؛ أَي ناحيتاه؛ وقول الطرماح يصف
الخمر:
فلما فُتَّ عنها الطِّينُ فاحَتْ،
وصَرَّحَ أَجْوَدُ الحُجْرانِ صافي
استعار الحُجْرانَ للخمر لأَنها جوهر سيال كالماء؛ قال ابن الأَثير: في
الحديث حديث علي، رضي الله عنه، الحكم لله:
ودَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِهِ
قال: هو مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أَجلُّ
منه، وهو صدر بيت لامرئ القيس:
فَدَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِه،
ولكِنْ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ
أَي دع النهب الذي نهب من نواحيك وحدثني حديث الرواحل وهي الإِبل التي
ذهبتَ بها ما فعَلت. وفي النوادر: يقال أَمسى المالُ مُحْتَجِرَةً
بُطُونُهُ ونَجِرَةً؛ ومالٌ مَتَشدِّدٌ ومُحْتَجِّرٌ. ويقال: احْتَجَرَ البعيرُ
احْتِجاراً. والمُحْتَجِرُ من المال: كلُّ ما كَرِشَ ولم يَبْلُغْ نِصْفَ
البِطْنَة ولم يبلغ الشِّبَع كله، فإِذا بلغ نصف البطنة لم يُقَلْ،
فإِذا رجع بعد سوء حال وعَجَفٍ، فقد اجْرَوَّشَ؛ وناس مُجْروِّشُون.
والحُجُرُ: ما يحيط بالظُّفر من اللحم.
والمَحْجِرُ: الحديقة، مثال المجلس. والمَحاجِرُ: الحدائق؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ به جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ،
تَرْوي المَحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ
قال ابن بري: أَراد بقوله جرشية ناقة منسوبة إِلى جُرَش، وهو موضع
باليمن. ومقطورة: مطلية بالقَطِران. وعُلْكُوم: ضخمة، والهاء في به تعود على
غَرْب تقدم ذكرها. الأَزهري: المِحْجَرُ المَرْعَى المنخفض، قال: وقيل
لبعضهم: أَيُّ الإِبل أَبقى على السَّنَةِ؟ فقال: ابنةُ لَبُونٍ، قيل:
لِمَهْ؟ قال: لأَنها تَرْعى مَحْجِراً وتترك وَسَطاً؛ قال وقال بعضهم:
المَحْجِرُ ههنا الناحية. وحَجْرَةُ القوم: ناحية دارهم؛ ومثل العرب: فلان يرعى
وَسطَاً: ويَرْبُضُ حَجْرَةً أَي ناحية. والحَجرَةُ: الناحية، ومنه قول
الحرث بن حلِّزَةَ:
عَنَناً باطلاً وظُلْماً، كما تُعْـ
ـتَرُ عن حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ
والجمع جَحْرٌ وحَجَراتٌ مثل جَمْرَةٍ وجَمْرٍ وجَمَراتٍ؛ قال ابن بري:
هذا مثل وهو أَن يكون الرجل وسط القوم إِذا كانوا في خير، وإِذا صاروا
إِلى شر تركهم وربض ناحية؛ قال: ويقال إِن هذتا المَثَلَ لَعَيْلانَ بن
مُضَرَ. وفي حديث أَبي الدرداء: رأَيت رجلاً من القوم يسير حَجْرَةً أَي
ناحية منفرداً، وهو بفتح الحاء وسكون الجيم. ومَحْجِرُ العين: ما دار بها
وبدا من البُرْقُعِ من جميع العين، وقيل: هو ما يظهر من نِقاب المرأَة
وعمامة الرجل إِذا اعْتَمَّ، وقيل: هو ما دار بالعين من العظم الذي في أَسفل
الجفن؛ كل ذلك بفتح الميم وكسرها وكسر الجيم وفتحها؛ وقول الأَخطل:
ويُصبِحُ كالخُفَّاشِ يَدْلُكُ عَيْنَهُ،
فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ لَئيمٍ ومِنْ حَجْرِ
فسره ابن الأَعرابي فقال: أَراد محجر العين. الأَزهري: المَحْجِرُ
العين. الجوهري: محجر العين ما يبدو من النقاب. الأَزهري: المَحْجِرُ من الوجه
حيث يقع عليه النقاب، قال: وما بدا لك من النقاب محجر وأَنشد:
وكَأَنَّ مَحْجِرَها سِراجُ المُوقِدِ
وحَجَّرَ القمرُ: استدار بخط دقيق من غير أَن يَغْلُظ، وكذلك إِذا صارت
حوله دارة في الغَيْم. وحَجَّرَ عينَ الدابة وحَوْلَها: حَلَّقَ لداء
يصيبها. والتحجير: أَن يَسِم حول عين البعير بِميسَمٍ مستدير. الأَزهري:
والحاجِرُ من مسايل المياه ومنابت العُشْب ما استدار به سَنَدٌ أَو نهر
مرتفع، والجمع حُجْرانٌ مثل حائر وحُوران وشابٍّ وشُبَّانٍ؛ قال رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حُجْرانُ الدَّرَقْ
قال الأَزهري: ومن هذا قيل لهذا المنزل الذي في طريق مكة: حاجز. ابن
سيده: الحاجر ما يمسك الماء من شَفَة الوادي ويحيط به. الجوهري: الحاجر
والحاجور ما يمسك الماء من شفة الوادي، وهو فاعول من الحَجْرِ، وهو المنع.
ابن سيده: قال أَبو حنيفة: الحاجِرُ كَرْمٌ مِئْنَاثٌ وهو مُطْمئنٌّ له
حروف مُشْرِفَة تحبس عليه الماءَ، وبذلك سمي حاجراً، والجمع حُجْرانٌ.
والحاجِرُ: مَنْبِتُ الرِّمْتِ ومُجْتَمَعُه ومُسْتَدارُه. والحاجِرُ أَيضاً:
الجَِدْرُ الذي يُمسك الماء بين الديار لاستدارته أَيضاً؛ وقول الشاعر:
وجارة البيت لها حُجْرِيُّ
فمعناه لها خاصة. وفي حديث سعد بن معاذ: لما تحَجَّرَ جُرْحُه للبُرْءِ
انْفَجَر أَي اجتمع والتأَم وقرب بعضه من بعض.
والحِجْرُ، بالكسر: العقل واللب لإِمساكه وضعه وإِحاطته بالتمييز، وهو
مشتق من القبيلين. وفي التنزيل: هل في ذلك قَسَمٌ لذي حِجر؛ فأَما قول ذي
الرمة:
فَأَخْفَيْتُ ما بِي مِنْ صَدِيقي، وإِنَّهُ
لَذو نَسَب دانٍ إِليَّ وذو حِجْرِ
فقد قيل: الحِجْرُ ههنا العقل، وقيل: القرابة. والحِجْرُ: الفَرَسُ
الأُنثى، لم يدخلوا فيه الهاء لأَنه اسم لا يشركها فيه المذكر، والجمع
أَحْجارٌ وحُجُورَةٌ وحُجُورٌ. وأَحْجارُ الخيل: ما يتخذ منها للنسل، لا يفرد
لها واحد. قال الأَزهري: بلى يقال هذه حِجْرٌ من أَحْجار خَيْلي؛ يريد
بالجِحْرِ الفرسَ الأُنثى خاصة جعلوها كالمحرَّمة الرحِمِ إِلاَّ على
حِصانٍ كريم. قال وقال أَعرابي من بني مُضَرَّسٍ وأَشار إِلى فرس له أُنثى
فقال: هذه الحِجْرُ من جياد خيلنا. وحِجْرُ الإِنسان وحَجْرُه: ما بين يديه
من ثوبه. وحِجْرُ الرجل والمرأَة وحَجْرُهما: متاعهما، والفتح أَعلى.
ونَشَأَ فلان في حَجْرِ فلان وحِجْرِه أَي حفظه وسِتْرِه. والحِجْرُ: حِجْرُ
الكعبة. قال الأَزهري: الحِجْرُ حَطِيمُ مكة، كأَنه حُجْرَةٌ مما يلي
المَثْعَبَ من البيت. قال الجوهري: الحِجْرُ حِجْرُ الكعبة، وهو ما حواه
الحطيم المدار بالبيت جانبَ الشَّمالِ؛ وكُلُّ ما حْجَرْتَهُ من حائطٍ، فهو
حِجْرٌ. وفي الحديث ذِكْرُ الحِجْرِ في غير موضع، قال ابن الأَثير: هو
اسم الحائط المستدير إِلى جانب الكعبة الغربي. والحِجْرُ: ديار ثمود ناحية
الشام عند، وادي القُرَى، وهم قوم صالح النبي، صلى الله عليه وسلم، وجاء
ذكره في الحديث كثيراً. وفي التنزيل: ولقد كَذَّبَ أَصحاب الحِجْرِ
المرسلين؛ والحِجْرُ أَيضاً: موضعٌ سوى ذلك.
وحَجْرٌ: قَصَبَةُ اليمامَةِ، مفتوح الحاء، مذكر مصروف، ومنهم من يؤنث
ولا يصرف كامرأَة اسمها سهل، وقيل: هي سُوقُها؛ وفي الصحاح: والحَجْرُ
قَصَبَةُ اليمامة، بالتعريف. وفي الحديث: إِذا نشأَت حَجْرِيَّةً ثم
تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ حجرية، بفتح الحاء وسكون الجيم. قال ابن
الأَثير: يجوز أَن تكون منسوبة إِلى الحَجْرِ قصبة اليمامة أَو إِلى حَجْرَةِ
القوم وهي ناحيتهم، والجمع حَجْرٌ كَجَمْرَةٍ وجَمْرٍ. وإِن كانت بكسر
الحاء فهي منسوبة إِلى أَرض ثمود الحِجْرِ؛ وقول الراعي ووصف صائداً:
تَوَخَّى، حيثُ قال القَلْبُ منه،
بِحَجْرِيٍّ تَرى فيه اضْطِمارَا
إِنما عنى نصلاً منسوباً إِلى حَجْرٍ. قال أَبو حنيفة: وحدائدُ حَجْرٍ
مُقدَّمة في الجَوْدَة؛ وقال رؤبة:
حتى إِذا تَوَقَّدَتْ من الزَّرَقْ
حَجْرِيَّةٌ، كالجَمْرِ من سَنِّ الدَّلَقْ وأَما قول زهير:
لِمَنِ الدّيارُ بِقُنَّة الحَجْرِ
فإِن أَبا عمرو لم يعرفه في الأَمكنة ولا يجوز أَن يكون قصبة اليمامة
ولا سُوقها لأَنها حينئذٍ معرفة، إِلاَّ أَن تكون الأَلف واللام زائدتين،
كما ذهب إِليه أَبو علي في قوله:
ولَقَد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَسَاقِلاً،
واَقَدْ نَهِيْتُكَ عن بناتِ الأَوْبَرِ
وإِنما هي بنات أَوبر؛ وكما روي أَحمد بن يحيى من قوله:
يا ليتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صاحِبي
وقول الشاعر:
اعْتَدْتُ للأَبْلَجِ ذي التَّمايُلِ،
حَجْرِيَّةً خِيَضَتْ بِسُمٍّ ماثِلِ
يعني: قوساً أَو نَبْلاً منسوبة إِلى حَجْرٍ هذه. والحَجَرانِ: الذهب
والفضة. ويقال للرجل إِذا كثر ماله وعدده: قد انتشرت حَجْرَتُه وقد
ارْتَعَجَ مالهُ وارْتَعَجَ عَدَدُه.
والحاجِرُ: منزل من منازل الحاج في البادية.
والحَجُّورة: لعبة يلعب بها الصبيان يخطُّون خطّاً مستديراً ويقف فيه
صبي وهنالك الصبيان معه.
والمَحْجَرُ، بالفتح: ما حول القرية؛ ومنه محاجِرُ أَقيال اليمن وهي
الأَحْماءُ، كان لكل واحد منهم حِمَّى لا يرعاه غيره. الأَزهري؛ مَحْجَرُ
القَيْلِ من أَقيال اليمن حَوْزَتُه وناحيته التي لا يدخل عليه فيها غيره.
وفي الحديث: أَنه كان له حصير يبسطه بالنهار ويَحْجُره بالليل، وفي
رواية: يَحْتَجِرُهُ أَي يجعله لنفسه دون غيره. قال ابن الأَثير: يقال
حَجَرْتُ الأَرضَ واحْتَجَرْتُها إِذا ضربت عليها مناراً تمنعها به عن
غيرك.ومُحَجَّرٌ، بالتشديد: اسم موضع بعينه. والأَصمعي يقوله بكسر الجيم
وغيره يفتح. قال ابن بري: لم يذكر الجوهري شاهداً على هذا المكان؛ قال: وفي
الحاشية بيت شاهد عليه لطفيل الغَنَوِيِّ:
فَذُوقُوا، كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ،
من الغَيْظِ في أَكْبادِنا والتَّحَوُّبِ
وحكى ابن بري هنا حكاية لطيفة عن ابن خالويه قال: حدثني أَبو عمرو
الزاهد عن ثعلب عن عُمَرَ بنِ شَبَّةَ قال: قال الجارود، وهو القارئ (وما
يخدعون إِلاَّ أَنفسهم): غسلت ابناً للحجاج ثم انصرفت إِلى شيخ كان الحجاج
قتل ابنه فقلت له: مات ابن الحجاج فلو رأَيت جزعه عليه، فقال:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجَّر
البيت. وحَجَّارٌ، بالتشديد: اسم رجل من بكر بن وائل. ابن سيده: وقد
سَمَّوْا حُجْراً وحَجْراً وحَجَّاراً وحَجَراً وحُجَيْراً. الجوهري: حَجَرٌ
اسم رجل، ومنه أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ الشاعر؛ وحُجْرٌ: اسم رجل وهو حُجْرٌ
الكِنْديُّ الذي يقال له آكل المُرَارِ؛ وحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الذي يقال
له الأَدْبَرُ، ويجوز حُجُرٌ مثل عُسْر وعُسُر؛ قال حسان بن ثابت:
مَنْ يَغُرُّ الدَّهْرُ أَو يأْمَنُهُ
مِنْ قَتيلٍ، بَعْدَ عَمْرٍ وحُجُرْ؟
يعني حُجُرَ بن النعمان بن الحرث بن أَبي شمر الغَسَّاني. والأَحجار:
بطون من بني تميم؛ قال ابن سيده: سموا بذلك لأَن أَسماءهم جَنْدَلٌ
وجَرْوَلٌ وصَخْر؛ وإِياهم عنى الشاعر بقوله:
وكُلّ أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا
يعني أُمه، وقيل: هي المنجنيق. وحَجُورٌ موضع معروف من بلاد بني سعد؛
قال الفرزدق:
لو كنتَ تَدْري ما بِرمْلِ مُقَيِّدٍ،
فَقُرى عُمانَ إِلى ذَوات حَجُورِ؟
وفي الحديث: أَنه كان يلقى جبريل، عليهما السلام، بأَحجار المِرَاءِ؛
قال مجاهد: هي قُبَاءٌ. وفي حديث الفتن: عند أَحجار الزَّيْتِ: هو موضع
بالمدينة. وفي الحديث في صفة الدجال: مطموس العين ليست بناتئة ولا حُجْراءَ؛
قال ابن الأَثير: قال الهروي إِن كانت هذه اللفظة محفوظة فمعناها ليست
بصُلْبَة مُتَحَجِّرَةٍ، قال: وقد رويت جَحْراءَ، بتقديم الجيم، ، وهو
مذكور في موضعه. والحَنْجَرَةُ والحُنْجُور: الحُلْقُوم، بزيادة النون.
حدر: الأَزهري: الحَدْرُ من كل شيء تَحْدُرُه من عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ،
والمطاوعة منه الانْحدارُ.
والحَدُورُ: اسم مقدار الماء في انحدار صَببَهِ، وكذلك الحَدُورُ في سفح
جبل وكلّ موضع مُنْحَدِرٍ. ويقال: وقعنا في حَدُورٍ مُنْكَرَة، وهي
الهَبُوطُ. قال الأَزهري: ويقال له الحَدْراءُ بوزن الصَّفْراء؛ والحَدُورُ
والهَبُوط، وهو المكان ينحدر منه. والحُدُورُ، بالضم: فعلك.
ابن سيده: حَدَرَ الشيءَ يَحْدِرُه ويَحْدُرُه حَدْراً وحُدُوراً
فانَحَدَرَ: حَطَّهُ من عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ.
الأَزهري: وكل شيء أَرسلته إِلى أَسفل، فقد حَدَرْتَه حَدْراً
وحُدُوراً. قال: ولم أَسمعه بالأَلف أَحْدَرْتُ؛ قال: ومنه سميت القراءة السريعة
الحَدْرَ لأَن صاحبها يَحْدُرُها حَدْراً.
والحَدَرُ، مثل الصَّبَبِ: وهو ما انحدر من الأَرض. يقال: كأَنما
يَنْحَطُّ في حَدَر. والانْحِدارُ: الانهِباط، والموضع مُنْحَدَرٌ. والحَدْرُ:
الإِسراع في القراءة. قال: وأَما الحَدُورُ فهو الموضع المُنْحَدِرُ.
وهذا مُنْحَدَرٌ من الجبل ومُنْحَدُرٌ، أَتبعوا الضمة كما قالوا: أُنْبِيك
وأُنْبُوك، وروى بعضهم مُنْحَدَرٌ. وحادُورُهُما وأُحْدُورُهُما:
كَحَدُورِهِما. وحَدَرْتُ السفينة: أَرسلتها إِلى أَسفل، ولا يقال أَحْدَرْتُها؛
وحَدَرَ السفينة في الماء والمتاع يَحْدُرُهما حَدْراً، وكذلك حَدَرَ
القرآن والقراءة. الجوهري: وحَدَرَ في قراءته في أَذانه حَدْراً أَي أَسرع.
وفي حديث الأَذان: إِذا أَذَّنتَ فَتَرَسَّلْ وإِذا أَقمتَ فاحْدُرْ أَي
أَسرع. وهو من الحُدُور ضدّ الصُّعُود، يتعدى ولا يتعدى.
وحَدَرَ الدمعَ يَحْدُرُه حَدْراً وحُدُوراً وحَدَّرَهُ فانْحَدَرَ
وتَحَدَّرَ أَي تَنَزَّلَ. وفي حديث الاستسقاء: رأَست المطر يَتَحادَرُ على
لحيته أَي ينزل ويقطر، وهو يَتَفاعَلُ من الحُدُور. قال اللحياني:
حَدَرَتِ العَيْنُ بالدمع تَحْدُرُ وتَحْدِرُ حَدْراً، والاسم من كل ذلك
الحُدُورَةُ والحَدُورَةُ والحادُورَةُ. وحَدَرَ اللِّثَامَ عن حنكه: أَماله.
وحَدَرَ الدواءُ بطنه يَحْدُرُه حَدْراً: مَشَّاه، واسم الدواء
الحادُورُ.الأَزهري: الليث: الحادِرُ الممتلئ لحماً وشَحْماً مع تَرَارَةٍ،
والفعل حَدُرَ حَدارَة. والحادِرُ والحادِرَةُ: الغلام الممتلئ الشباب.
الجوهري: والحادِرُ من الرجال المجتمع الخَلْق؛ عن الأَصمعي. تقول منه: حَدُرَ
بالضم، يَحْدُرُ حَدْراً. ابن سيده: وغلام حادِرٌ جَمِيل صَبيحٌ.
والحادرُ: السمين الغليظ، والجمع حَدَرَةٌ، وقد حَدَرَ يَحْدُرُ وحَدُرَ.
وفَتًى حادِرٌ أَي غليظ مجتمع، وقد حَدَرَ يَحْدُرُ حَدارَةً، والحادِرَةُ:
الغليظة؛ وفي ترجمة رنب قال أَبو كاهل اليشكري يصف ناقته ويشبهها
بالعقاب:كأَنَّ رِجْلِي على شَعْواءَ حادِرَةٍ
ظَمْياءَ، قد بُلَّ مِنْ طَلٍّ خَوافيها
وفي حديث أُم عطية: وُلِدَ لنا غلام أَحدَرُ شَيء أَي أَسمن شيء وأَغلظ؛
ومنه حديث ابن عمر: كان عبدالله بن الحرث بن نوفل غلاماً حادِراً ومنه
حديث أَبْرَهَةَ صاحب الفيل: كان رجلاً قصيراً حادِراً دَحْداحاً. ورُمْحٌ
حادِرٌ: غليظ. والحَوادِرُ من كُعُوب الرماح: الغلاظ المستديرة. وجَبَلٌ
حادِرٌ: مرتفع. وحَيٌّ جادِرٌ: مجتمع. وعَدَدٌ حادِرٌ: كثير وحَبْلٌ
حادِرٌ: شديد الفتل؛ قال:
فما رَوِيَتْ حتى اسْتبانَ سُقاتُها،
قُطُوعاً لمَحْبُوكٍ مِنَ اللِّيفِ حادِرِ
وحَدُر الوَتَرُ حُدُورَةً: غَلُظَ واشتدّ؛ وقال أَبو حنيفة: إِذا كان
الوتر قوياً ممتلئاً قيل وَتَرٌ حادِرٌ؛ وأَنشد:
أُحِبُّ الصَّبِيَّ السَّوْءَ مِنْ أَجْلِ أُمِّه،
وأُبْغِضُهُ مِنْ بُغُضِها، وَهْوَ حادِرُ
وقد حَدُرَ حُدُورَةً. وناقة حادِرَةُ العينين إِذا امتلأَتا نِقْياً
واستوتا وحسنتا؛ قال الأَعشى:
وعَسِيرٌ أَدْناءُ حادِرَةُ العَيْـ
ـنِ خَنُوفٌ عَيْرانَةٌ شِمْلالُ
وكلُّ رَيَّانَ حَسَنِ الخَلْقِ: حادِرٌ.
وعَيْنٌ حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ: عظيمة؛ وقيل: حادَّةُ النظر: وقيل: حَدْرَةٌ
واسعة، وبَدْرَة يُبادِرُ نظرُها نَظَرَ الخيل؛ عن ابن الأَعرابي.
وعَيْن حَدْراءُ: حَسَنَةٌ، وقد حَدَرَتْ. الأَزهري: الأَصمعي: أَما قولهم عين
حَدْرَة فمعناه مكتنزة صُلْبَة وبَدْرَةٌ بالنظر؛ قال امرؤ القيس:
وعينٌ لها حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ،
شُقَّتْ مَآقيهما مِنْ أُخُرْ
الأَزْهَرِيُّ: الحَدْرَةُ العين الواسعة الجاحظة، والحَدْرَةُ: جِرْمُ
قَرْحَةٍ تخرج بِجَفْنِ العين؛ وقيل: بباطن جفن العين فَتَرِمُ
وتَغْلُظُ، وقد حَدَرَتْ عينه حَدْراً؛ وحَدَرَ جلده عن الضرب يَحْدِرُ ويَحْدُرُ
حَدْراً وحُدوراً: غلظ وانتفخ وَوَرِمَ؛ قال عمر بن أَبي ربيعة:
لو دَبَّ ذَرٌّ فَوْقَ ضَاحِي جِلْدِها،
لأَبانَ مِنْ آثارِهِنَّ حُدُورَا
يعني الوَرَمَ؛ وأَحْدَرَه الضربُ وحَدَرَهُ يَحْدُرُهُ.
وفي حديث ابن عمر: أَنه ضرب رجلاً ثلاثين سوطاً كلها يَبْضَعُ
ويَحْدُرُ؛ يعني السياط، المعنى أَن السياط بَضَعَتْ جلده وأَورمته؛ قال الأَصمعي:
يَبْضَعُ يعني يشق الجلد، ويَحْدُرُ يعني يُوَرِّمُ ولا يَشُقُّ؛ قال:
واختلف في إِعرابه؛ فقال بعضهم: يُحْدر إِحداراً من أَحدرت؛ وقال بعضهم:
يَحْدُرُ حُدُوراً من حَدَرْتُ؛ قال الأَزهري: وأَظنهما لغتين إِذا جعلت
الفعل للضرب، فأَما إِذا كان الفعل للجلد أَنه الذي يَرِمُ فإِنهم يقولون:
قد حَدَرَ جِلْدُه يَحْدُرُ حُدُوراً، لا اختلاف فيه أَعلمه. الجوهري:
انْحَدَر جلده تورم، وحَدَرَ جِلْدَه حَدْراً وأَحْدَرَ: ضَرَبَ.
والحَدْرُ: الشَّق. والحَدْرُ: الوَرَمُ
(* قوله: «والحدر الشق والحدر
والورم» يشير بذلك إِلى أَنه يتعدى ولا يتعدى وبه صرح الجوهري). بلا شق.
يقال: حَدَرَ جِلْدُه وحَدَّرَ زيد جِلْدَهُ.
والحَدْرُ: النَّشْزُ الغليظ من الأَرض. وحَدَرَ الثوبَ يَحْدُرُه
حَدْراً وأَحْدَرَهُ يُحْدِرُه إِحداراً: فتل أَطراف هُدْبِه وكَفَّهُ كما
يفعل بأَطراف الأَكسية. والحَدْرَةُ: الفَتْلَةُ من فِتَل الأَكْسِيَةِ.
وحَدَرَتْهُم السِّنَةُ تَحْدُرُهُمْ: جاءت بهم إِلى الحَضَرِ؛ قال
الحطيئة:جاءَتْ به من بلادِ الطُّورِ، تَحْدُرُهُ
حَصَّاءُ لم تَتَّرِكْ، دون العَصا، شَذَبا
الأَزهري: حَدَرَتْهُمُ السَّنَةُ تَحْدُرُهُمْ حَدْراً إِذا حطتهم
وجاءت بهم حُدُوراً.
والحُدْرَةُ من الإِبل: ما بين العشرة إِلى الأَربعين، فإِذا بلغت
الستين فهي الصِّدْعَةُ. والحُدْرَةُ من الإِبل، بالضم، نحو الصِّرْمَة. ومالٌ
حَوادِرُ: مكتنزة ضخامٌ. وعليم حُدْرَة من غَنَمٍ وحَدْرَة أَي قطعه؛ عن
اللحياني.
وحَيْدارُ الحصى: ما استدار منه.
وحَيْدَرَةُ: الأَسَدُ؛ قال الأَزهري: قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى لم
تختلف الرواة في أَن الأَبيات لعلي ابن أَبي طالب، رضوان الله عليه:
أَنا الذي سَمَّتْني أُمِّي الحَيْدَرَه،
كَلَيْتِ غاباتٍ غَليظِ القَصَرَهْ،
أَكلِيلُكُم بالسيفِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ
وقال: السندرة الجرأَة. ورجل سِنَدْرٌ، على فِعَنْلٍ إِذا كان جريئاً.
والحَيْدَرَةُ: الأَسد؛ قال: والسَّنْدَرَةُ مكيال كبير؛ وقال ابن
الأَعرابي: الحَيْدَرَة في الأُسْدِ مثل المَلِكِ في الناس؛ قال أَبو العباس:
يعني لغلظ عنقه وقوّة ساعديه؛ ومنه غلام حادر إِذا كان ممتلئ البدن شديد
البطش؛ قال والياء والهاء زائدتان، زاد ابن بري في الرجز قبلَ:
أَكيلكم بالسيف كيل السندره
أَضرب بالسيف رقاب الكفره
وقال: أَراد بقوله: «أَنا الذي سمتني أُمي الحيدره» أَنا الذي سمتني
أُمي أَسداً، فلم يمكنه ذكر الأَسد لأَجل القافية، فعبر بحيدرة لأَن أُمه لم
تسمه حيدرة، وإِنما سمته أَسداً باسم أَبيها لأَنها فاطمة بنت أَسد،
وكان أَبو طالب غائباً حين ولدته وسمته أَسداً، فلما قدم كره أَسداً وسماه
عليّاً، فلما رجز عليّ هذا الرجز يوم خيبر سمى نفسه بما سمته به أُمه؛
قلت: وهذا العذر من ابن بري لا يتم له إِلاَّ إِن كان الرجز أَكثر من هذه
الأَبيات ولم يكن أَيضاً ابتدأَ بقوله: «أَنا الذي سمتني أُمي الحيدرة»
وإِلاَّ فإِذا كان هذا البيت ابتداء الرجز وكان كثيراً أَو قليلاً كان، رضي
الله عنه، مخيراً في إِطلاق القوافي على أَي حرف شاء مما يستقيم الوزن
له به كقوله: «أَنا الذي سمتني أُمي الأَسدا» أَو أَسداً، وله في هذه
القافية مجال واسع، فنطقه بهذا الاسم على هذه القافية من غير قافية تقدمت يجب
اتباعها ولا ضرورة صرفته إِليه، مما يدل على أَنه سمي حيدرة. وقد قال
ابن الأَثير: وقيل بل سمته أُمه حيدرة. والقَصَرَة: أَصل العنق. قال: وذكر
أَبو عمرو المطرز أَن السندرة اسم امرأَة؛ وقال ابن قتيبة في تفسير
الحديث: السندرة شجرة يعمل منها القِسِيُّ والنَّبْلُ، فيحتمل أَن تكون
السندرة مكيالاً يتخذ من هذه الشجرة كما سمي القوس نَبْعَةً باسم الشجرة،
ويحتمل أَن تكون السندرة امرأَة كانت تكيل كيلاً وافياً. وحَيْدَرٌ
وحَيْدَرَةُ: اسمان. والحُوَيْدُرَة: اسم شاعر وربما قالوا الحادرة.
والحادُورُ: القُرْطُ في الأُذن وجمعه حَوادِير؛ قال أَبو النجم العجلي
يصف امرأَة:
خِدَبَّةُ الخَلْقِ على تَخْصِيرها،
بائِنَةُ المَنْكِبِ مِنْ حادُورِها
أَراد أَنها ليست بِوَقْصاء أَي بعيدة المنكب من القُرْط لطول عنقها،
ولو كانت وقصاء لكانت قريبة المنكب منه. وخِدَبَّةُ الخلق على تحصيرها أَي
عظيمة العجز على دقة خصرها:
يَزِينُها أَزْهَرُ في سُفُورِها،
فَضَّلَها الخالِقُ في تَصْوِيرِها
الأَزهر: الوجه. ورَغِيفٌ حادِرٌ أَي تامٌّ؛ وقيل: هو الغليظ الحروف؛
وأَنشد:
كَأَنَّكِ حادِرَةُ المَنْكِبَيْـ
ـنِ رَصْعاءُ تَسْتَنُّ في حائِرِ
يعني ضفدعة ممتلئة المنكبين. الأَزهري: وروي عبدالله بن مسعود أَنه قرأَ
قول الله عز وجل: وإِنا لجميع حاذرون؛ بالدال، وقال مُؤْدُونَ في
الكُراعِ والسِّلاح؛ قال الأَزهري: والقراءة بالذال لا غير، والدال شاذة لا
تجوز عندي القراءة بها، وقرأَ عاصم وسائر القراء بالذال.
ورجل حَدْرَدٌ: مستعجل. والحَيْدارُ من الحصى: ما صَلُبَ واكتنز؛ ومنه
قول تميم بن أَبي مقبل:
يَرْمِي النِّجادَ بِحَيْدارِ الحَصى قُمَزاً،
في مِشْيَةٍ سُرُحٍ خَلْطٍ أَفانِينَا
وقال أَبو زيد: رماه الله بالحَيْدَرَةِ أَي بالهَلَكَةِ وحَيٌّ ذو
حَدُورَةٍ أَي ذو اجتماع وكثرة. وروى الأَزهري عن المُؤَرِّج: يقال حَدَرُوا
حوله ويَحْدُرُون به إِذا أَطافوا به؛ قال الأَخطل:
ونَفْسُ المَرْءِ تَرْصُدُها المَنَايا،
وتَحْدُرُ حَوْلَه حتى يُصارَا
الأَزهري: قال الليث: امرأَة حَدْراءُ ورجل أَحدر؛ قال الفرزدق:
عَزَفْتَ بأَعْشاشٍ، وما كِدْتَ تَعْزِفُ،
وأَنْكَرْتَ من حَدْراءَ ما كنتَ تَعْرِفُ
قال: وقال بعضهم: الحدراء في نعت الفرس في حسنها خاصة. وفي الحديث: أَن
أُبيّ بن خلف كان على بعير له وهو يقول: يا حَدْرَاها؛ يريد: هل رأَى
أَحد مثل هذا؟ قال: ويجوز أَن يريد يا حَدْراءَ الإِبل، فقصر، وهي تأْنيث
الأَحدر، وهو الممتلئ الفخذ والعجز الدقيق الأَعلى، وأَراد بالبعير ههنا
الناقة وهو يقع على الذكر والأُنثى كالإِنسان.
وتَحَدُّرُ الشيء: إِقبالهُ؛ وقد تَحَدَّرَ تَحَدُّراً؛ قال الجعدي:
فلما ارْعَوَتْ في السَّيْرِ قَضَّيْنَ سَيْرَها،
تَحَدُّرَ أَحْوَى، يَرْكَبُ الدّرَّ، مُظْلِم
الأَحوى: الليل. وتحدّره: إِقباله. وارعوت أَي كفت. وفي ترجمة قلع:
الانحدار والتقلع قريب بعضه من بعض، أَرد أَنه كان يستعمل التثبيت ولا يبين
منه في هذه الحال استعجال ومبادرة شديدة.
وحَدْراءُ: اسم امرأَة.
حرر: الحَرُّ: ضِدُّ البَرْدِ، والجمع حُرُورٌ وأَحارِرُ على غير قياس
من وجهين: أَحدهما بناؤه، والآخر إِظهار تضعيفه؛ قال ابن دريد: لا أَعرف
ما صحته. والحارُّ: نقيض البارد. والحَرارَةُ: ضِدُّ البُرُودَةِ. أَبو
عبيدة: السَّمُومُ الريح الحارة بالنهار وقد تكون بالليل، والحَرُورُ:
الريح الحارَّة بالليل وقد تكون بالنهار؛ قال العجاج:
ونَسَجَتْ لَوافِحُ الحَرُورِ
سَبائِباً، كَسَرَقِ الحَريرِ
الجوهري: الحَرُورُ الريح الحارَّة، وهي بالليل كالسَّمُوم بالنهار؛
وأَنشد ابن سيده لجرير:
ظَلِلْنا بِمُسْتَنِّ الحَرُورِ، كأَنَّنا
لَدَى فَرَسٍ مْسْتَقْبِلِ الرِّيحِ صائم
مستن الحرور: مشتدّ حرها أَي الموضع الذي اشتدّ فيه؛ يقول: نزلنا هنالك
فبنينا خِباءً عالياً ترفعه الريح من جوانبه فكأَنه فرس صائم أَي واقف
يذب عن نفسه الذباب والبعوض بسَبِيبِ ذَنَبِهِ، شبه رَفْرَفَ الفُسْطاطِ
عند تحركه لهبوب الريح بسَبِيبِ هذا الفرس. والحَرُورُ: حر الشمس،
وقيل:الحَرُورُ استيقاد الحرّ ولَفْحُه، وهو يكون بالنهار والليل، والسَّمُوم لا
يكون إِلا بالنهار. وفي التنزيل: ولا الظِّلُّ ولا الحَرُورُ؛ قال ثعلب:
الظل ههنا الجنة والحرور النار؛ قال ابن سيده: والذي عندي أَن الظل هو
الظل بعينه، والحرور الحرّ بعينه؛ وقال الزجاج: معناه لا يستوي أَصحاب الحق
الذين هم في ظل من الحق، وأَصحاب الباطل الذين هم في حَرُورٍ أَي حَرٍّ
دائم ليلاً ونهاراً، وجمع الحَرُور حَرائِرُ؛ قال مُضَرِّسٌ:
بِلَمَّاعَةٍ قد صادَفَ الصَّيْفُ ماءَها،
وفاضَتْ عليها شَمْسُهُ وحَرائِرُهْ
وتقول
(* قوله: «وتقول إِلخ» حاصله أنه من باب ضرب وقعد وعلم كما في
القاموس والمصباح وغيرهما، وقد انفرد المؤلف بواحدة وهي كسر العين في الماضي
والمضارع): حَرَّ النهارُ وهو يَحِرُّ حَرّاً وقد حَرَرْتَ يا يوم
تَحُرُّ، وحَرِرْتَ تَحِرُّ، بالكسر، وتَحَرُّ؛ الأَخيرة عن اللحياني، حَرّاً
وحَرَّةً وحَرارَةً وحُرُوراً أَي اشتدَّ حَرُّكَ؛ وقد تكون الحَرارَةُ
للاسم، وجمعها حينئذ حَراراتٌ؛ قال الشاعر:
بِدَمْعٍ ذِي حَراراتٍ،
على الخَدَّيْنِ، ذي هَيْدَبْ
وقد تكون الحَراراتُ هنا جمع حَرَارَةٍ الذي هو المصدر إِلا أَن
الأَوَّل أَقرب.
قال الجوهري: وأَحَرَّ النهارُ لغة سمعها الكسائي. الكسائي: شيء حارٌّ
يارٌّ جارٌّ وهو حَرَّانُ يَرَّانُ جَرَّانُ. وقال اللحياني: حَرِرْت يا
رجل تَحَرُّ حَرَّةً وحَرارَةً؛ قال ابن سيده: أُراه إِنما يعني الحَرَّ
لا الحُرِّيَّةَ. وقال الكسائي: حَرِرْتَ تَحَرُّ من الحُرِّيَّةِ لا غير.
وقال ابن الأَعرابي: حَرَّ يَحَرُّ حَراراً إِذا عَتَقَ، وحَرَّ يَحَرُّ
حُرِّيَّةً من حُرِّيَّة الأَصل، وحَرَّ الرجلُ يَحَرُّ حَرَّةً عَطِشَ؛
قال الجوهري: فهذه الثلاثة بكسر العين في الماضي وفتحها في المستقبل.
وفي حديث الحجاج: أَنه باع مُعْتَقاً في حَرارِه؛ الحرار، بالفتح: مصدر من
حَرَّ يَحَرُّ إِذا صار حُرّاً، والاسم الحُرِّيَّةُ. وحَرَّ يَحِرُّ
إِذا سَخُنَ ماء أَو غيره. ابن سيده: وإِني لأَجد حِرَّةً وقِرَّة لله أَي
حَرّاً وقُرّاً؛ والحِرَّةُ والحَرارَةُ: العَطَشُ، وقيل: شدته. قال
الجوهري: ومنه قولهم أَشَدُّ العطش حِرَّةٌ على قِرَّةٍ إِذا عطش في يوم بارد،
ويقال: إِنما كسروا الحرّة لمكان القرَّة.
ورجل حَرَّانُ: عَطْشَانُ من قوم حِرَارٍ وحَرارَى وحُرارَى؛ الأَخيرتان
عن اللحياني؛ وامرأَة حَرَّى من نسوة حِرَارٍ وحَرارَى: عَطْشى. وفي
الحديث: في كل كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ؛ الحَرَّى، فَعْلَى، من الحَرِّ وهي
تأْنيث حَرَّان وهما للمبالغة يريد أَنها لشدة حَرِّها قد عَطِشَتْ
ويَبِسَتْ من العَطَشِ، قال ابن الأَثير: والمعنى أَن في سَقْي كل ذي كبد حَرَّى
أَجراً، وقيل: أَراد بالكبد الحرى حياة صاحبها لأَنه إِنما تكون كبده حرى
إِذا كان فيه حياة يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان، ويشهد له ما جاء
في الحديث الآخر: في كل كبد حارّة أَجر، والحديث الآخر: ما دخل جَوْفي ما
يدخل جَوْفَ حَرَّانِ كَبِدٍ، وما جاء في حديث ابن عباس: أَنه نهى
مضارِبه أَن يشتري بماله ذا كَبِدٍ رَطْبَةٍ، وفي حديث آخر: في كل كبد حرى رطبة
أَجر؛ قال: وفي هذه الرواية ضعف، فأَما معنى رطبة فقيل: إِن الكبد إِذا
ظمئت ترطبت، وكذا إِذا أُلقيت على النار، وقيل: كنى بالرطوبة عن الحياة
فإِن الميت يابس الكبد، وقيل: وصفها بما يؤول أَمرها إِليه.
ابن سيده: حَرَّتْ كبده وصدره وهي تَحَرُّ حَرَّةً وحَرارَةً وحَراراً؛
قال:
وحَرَّ صَدْرُ الشيخ حتى صَلاَّ
أَي التهبتِ الحَرَارَةُ في صدره حتى سمع لها صَليلٌ، واسْتَحَرَّتْ،
كلاهما: يبست كبده من عطش أَو حزن، ومصدره الحَرَرُ. وفي حديث عيينة بن
حِصْنٍ: حتى أُذِيقَ نَسَاهُ من الحَرِّ مِثْلَ ما أَذَاقَ نَسايَ؛ يعني
حُرْقَةَ القلب من الوجع والغيظ والمشقة؛ ومنه حديث أُم المهاجر: لما نُعِيَ
عُمَرُ قالت: واحَرَّاه فقال الغلام: حَرٌّ انْتَشَر فملأَ البَشَرَ،
وأَحَرَّها اللهُ.
والعرب تقول في دعائها على الإِنسان: ما له أَحَرَّ اللهُ صَدْرَه أَي
أَعطشه وقيل: معناه أَعْطَشَ الله هامَتَه. وأَحَرَّ الرجلُ، فهو مُحِرٌّ
أَي صارت إِبله حِرَاراً أَي عِطاشاً. ورجل مُحِرٌّ: عطشت إِبله. وفي
الدعاء: سلط الله عليه الحِرَّةَ تحت القِرَّةِ يريد العطش مع البرد؛
وأَورده ابن سيده منكراً فقال: ومن كلامهم حِرَّةٌ تحت قِرَّةٍ أَي عطشٌ في
يوم بارد؛ وقال اللحياني: هو دعاء معناه رماه الله بالعطش والبرد. وقال
ابن دريد: الحِرَّةُ حرارة العطش والتهابه. قال: ومن دعائهم: رماه الله
بالحِرَّةِ والقِرَّةِ أَي بالعطش والبرد.
ويقال: إِني لأَجد لهذا الطعام حَرْوَةً في فمي أَي حَرارةً ولَذْعاً.
والحَرارَةُ: حُرْقَة في الفم من طعم الشيء، وفي القلب من التوجع،
والأَعْرَفُ الحَرْوَةُ، وسيأْتي ذكره.
وقال ابن شميل: الفُلْفُلُ له حَرارَة وحَراوَةٌ، بالراء والواو.
والحَرَّة: حرارة في الحلق، فإِن زادت فهي الحَرْوَةُ ثم الثَّحْثَحَة
ثم الجَأْزُ ثم الشَّرَقُ ثم الْفُؤُقُ ثم الحَرَضُ ثم العَسْفُ، وهو عند
خروج الروح.
وامرأَة حَرِيرَةٌ: حزينة مُحْرَقَةُ الكبد؛ قال الفرزدق يصف نساء
سُبِينَ فضربت عليهن المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ وهي القِدَاحُ:
خَرَجْنَ حَرِيراتٍ وأَبْدَيْنَ مِجْلَداً،
ودارَتْ عَلَيْهِنَّ المُقَرَّمَةُ الصُّفْرُ
وفي التهذيب: المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ؛ وحَرِيراتٌ أَي محرورات يَجِدْنَ
حَرارَة في صدورهن، وحَرِيرَة في معنى مَحْرُورَة، وإِنما دخلتها الهاء
لما كانت في معنى حزينة، كما أُدخلت في حَمِيدَةٍ لأَنها في معنى
رَشِيدَة. قال: والمِجْلَدُ قطعة من جلد تَلْتَدِمُ بها المرأَة عند المصيبة.
والمُكَتَّبَةُ: السهام التي أُجِيلَتْ عليهن حين اقتسمن واستهم عليهن.
واسْتَحَرَّ القتلُ وحَرَّ بمعنى اشتدَّ. وفي حديث عمر وجَمْع القرآن:
إِن القتل قد اسْتَحَرَّ يوم اليمامة بِقُرَّاءِ القرآن؛ أَي اشتدَّ وكثر،
وهو استفعل من الحَرِّ: الشِّدَّةِ؛ ومنه حديث عليٍّ: حَمِسَ الوَغَى
واسْتَحَرَّ الموتُ. وأَما ما ورد في حديث علي، عليه السلام: أَنه قال
لفاطمة: لو أَتَيْتِ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، فسأَلته خادماً يَقِيكَ
حَرَّ ما أَنتِ فيه من العمل، وفي رواية: حارَّ ما أَنت فيه، يعني التعب
والمشقة من خدمة البيت لأَن الحَرارَةَ مقرونة بهما، كما أَن البرد مقرون
بالراحة والسكون. والحارُّ: الشاق المُتْعِبُ: ومنه حديث الحسن بن علي قال
لأَبيه لما أَمره بجلد الوليد بن عقبة: وَلِّ حارَّها من تَوَلَّى
قارَّها أَي وَلِّ الجَلْدَ من يَلْزَمُ الوليدَ أَمْرُه ويعنيه شأْنُه،
والقارّ: ضد الحارّ.
والحَرِيرُ: المَحْرُورُ الذي تداخلته حَرارَةُ الغيظ وغيره.
والحَرَّةُ: أَرض ذات حجارة سود نَخِراتٍ كأَنها أُحرقت بالنار.
والحَرَّةُ من الأَرضين: الصُّلبة الغليظة التي أَلبستها حجارة سود نخرة كأَنها
مطرت، والجمع حَرَّاتٌ وحِرَارٌ؛ قال سيبويه: وزعم يونس أَنهم يقولون
حَرَّةٌ وحَرُّونَ، جمعوه بالواو والنون، يشبهونه بقولهم أَرض وأَرَضُونَ
لأَنها مؤنثة مثلها؛ قال: وزعم يونس أَيضاً أَنهم يقولون حَرَّةٌ
وإِحَرُّونَ يعني الحِرارَ كأَنه جمع إِحَرَّةٍ ولكن لا يتكلم بها؛ أَنشد ثعلب
لزيد بن عَتاهِيَةَ التميمي، وكان زيد المذكور لما عظم البلاء بصِفِّين قد
انهزم ولحق بالكوفة، وكان عليّ، رضي الله عنه، قد أَعطى أَصحابه يوم الجمل
خمسمائة خمسمائة من بيت مال البصرة، فلما قدم زيد على أَهله قالت له
ابنته: أَين خمس المائة؟ فقال:
إِنَّ أَباكِ فَرَّ يَوْمَ صِفِّينْ،
لما رأَى عَكّاً والاشْعَرِيين،
وقَيْسَ عَيْلانَ الهَوازِنيين،
وابنَ نُمَيرٍ في سراةِ الكِنْدِين،
وذا الكَلاعِ سَيِّدَ اليمانين،
وحابساً يَسْتَنُّ في الطائيين،
قالَ لِنَفْسِ السُّوءِ: هَلْ تَفِرِّين؟
لا خَمْسَ إِلا جَنْدَلُ الإِحَرِّين،
والخَمْسُ قد جَشَّمْنَكِ الأَمَرِّين،
جَمْزاً إِلى الكُوفةِ من قِنِّسْرِينْ
ويروى: قد تُجْشِمُكِ وقد يُجْشِمْنَكِ. وقال ابن سيده: معنى لا خمس ما
ورد في حديث صفين أَن معاوية زاد أَصحابه يوم صفين خمسمائة فلما
التَقَوْا بعد ذلك قال أَصحاب علي، رضوان الله عليه:
لا خمس إِلا جندل الإِحرِّين
أَرادوا: لا خمسمائة؛ والذي ذكره الخطابي أَن حَبَّةَ العُرَنيَّ قال:
شهدنا مع عليّ يوم الجَمَلِ فقسم ما في العسكر بيننا فأَصاب كل رجل منا
خمسمائة خمسمائة، فقال بعضهم يوم صفين الأَبيات. قال ابن الأَثير: ورواه
بعضهم لا خِمس، بكسر الخاء، من وِردِ الإِبل. قال: والفتح أَشبه بالحديث،
ومعناه ليس لك اليوم إِلا الحجارة والخيبة، والإِحَرِّينَ: جمع الحَرَّةِ.
قال بعض النحويين: إِن قال قائل ما بالهم قالوا في جمع حَرَّةٍ
وإِحَرَّةَ حَرُّونَ وإِحَرُّون، وإِنما يفعل ذلك في المحذوف نحو ظُبَةٍ وثُبة،
وليست حَرَّة ولا إِحَرَّة مما حذف منه شيء من أُصوله، ولا هو بمنزلة أَرض
في أَنه مؤَنث بغير هاء؟ فالجواب: إِن الأَصل في إِحَرَّة إِحْرَرَةٌ،
وهي إِفْعَلَة، ثم إنهم كرهوا اجتماع حرفين متحركين من جنس واحد، فأَسكنوا
الأَوَّل منهما ونقلوا حركته إِلى ما قبله وأَدغموه في الذي بعده، فلما
دخل على الكلمة هذا الإِعلال والتوهين، عوّضوها منه أَن جمعوها بالواو
والنون فقالوا: إِحَرُّونَ، ولما فعلوا ذلك في إِحَرَّة أَجروا عليها
حَرَّة، فقالوا: حَرُّونَ، وإِن لم يكن لحقها تغيير ولا حذف لأَنها أُخت
إِحَرَّة من لفظها ومعناها، وإِن شئت قلت: إِنهم قد أَدغموا عين حَرَّة في
لامها، وذلك ضرب من الإِعلال لحقها؛ وقال ثعلب: إِنما هو الأَحَرِّينَ، قال:
جاء به على أَحَرَّ كأَنه أَراد هذا الموضع الأَحَرَّ أَي الذي هو
أَحَرُّ من غيره فصيره كالأَكرمين والأَرحمين. والحَرَّةُ: أَرض بظاهر المدينة
بها حجارة سود كبيرة كانت بها وقعة. وفي حديث جابر: فكانت زيادة رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، معي لا تفارقني حتى ذهبتْ مني يوم الحَرَّةِ؛
قال ابن الأَثير: قد تكرر ذكر الحرّة ويومها في الحديث وهو مشهور في
الإِسلام أَيام يزيد بن معاوية، لما انتهب المدينة عسكره من أَهل الشام الذين
ندبهم لقتال أَهل المدينة من الصحابة والتابعين، وأَمَّر عليهم مسلم بن
عقبة المرّي في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وعقيبها هلك يزيد. وفي التهذيب:
الحَرَّة أَرض ذات حجارة سود نخرة كأَنما أُحرقت بالنار. وقال ابن شميل:
الحَرَّة الأَرض مسيرة ليلتين سريعتين أَو ثلاث فيها حجارة أَمثال الإِبل
البُروك كأَنما شُيِّطَتْ بالنار، وما تحتها أَرض غليظة من قاع ليس
بأَسود، وإِنما سوَّدها كثرة حجارتها وتدانيها. وقال ابن الأَعرابي: الحرّة
الرجلاء الصلبة الشديدة؛ وقال غيره: هي التي أَعلاها سود وأَسفلها بيض.
وقال أَبو عمرو: تكون الحرّة مستديرة فإِذا كان منها شيء مستطيلاً ليس بواسع
فذلك الكُرَاعُ. وأَرض حَرِّيَّة: رملية لينة. وبعير حَرِّيٌّ: يرعى في
الحَرَّةِ، وللعرب حِرارٌ معروفة ذوات عدد، حَرَّةُ النار لبني سُليم،
وهي تسمى أُم صَبَّار، وحَرَّة ليلَى وحرة راجِل وحرة واقِم بالمدينة وحرة
النار لبني عَبْس وحرة غَلاَّس؛ قال الشاعر:
لَدُنْ غُدْوَةٍ حتى استغاث شَريدُهُمْ،
بِحَرَّةِ غَلاَّسٍ وشِلْوٍ مُمزَّقِ
والحُرُّ، بالضم: نقيض العبد، والجمع أَحْرَارٌ وحِرارٌ؛ الأَخيرة عن
ابن جني. والحُرَّة: نقيض الأَمة، والجمع حَرائِرُ، شاذ؛ ومنه حديث عمر قال
للنساء اللاتي كنَّ يخرجن إِلى المسجد: لأَرُدَّنَّكُنَّ حَرائِرَ أَي
لأُلزمنكنّ البيوت فلا تخرجن إِلى المسجد لأَن الحجاب إِنما ضرب على
الحرائر دون الإِماء.
وحَرَّرَهُ: أَعتقه. وفي الحديث: من فعل كذا وكذا فله عَِدْلِ
مُحَرَّرٍ؛ أَي أَجر مُعْتَق؛ المحرَّر: الذي جُعل من العبيد حرّاً فأُعتق. يقال:
حَرَّ العبدُ يَحَرُّ حَرارَةً، بالفتح، أَي صار حُرّاً؛ ومنه حديث أَبي
هريرة: فأَنا أَبو هريرة المُحَرَّرُ أَي المُعْتَقُ، وحديث أَبي
الدرداء: شراركم الذين لا يُعْتَقُ مُحَرَّرُهم أَي أَنهم إِذا أَعتقوه استخدموه
فإِذا أَراد فراقهم ادَّعَوْا رِقَّهُ
(* قوله: «ادّعوا رقه» فهو محرر
في معنى مسترق. وقيل إِن العرب كانوا إِذا أَعتقوا عبداً باعوا ولاءه
ووهبوه وتناقلوه تناقل الملك، قال الشاعر:
فباعوه عبداً ثم باعوه معتقاً، * فليس له حتى الممات خلاص
كذا بهامش النهاية). وفي حديث أَبي بكر: فمنكم عَوْفٌ الذي يقال فيه لا
حُرَّ بوادي عوف؛ قال: هو عوف بنُ مُحَلِّمِ بن ذُهْلٍ الشَّيْباني، كان
يقال له ذلك لشرفه وعزه، وإِن من حل واديه من الناس كانوا له كالعبيد
والخَوَل، وسنذكر قصته في ترجمة عوف، وأَما ما ورد في حديث ابن عمر أَنه قال
لمعاوية: حاجتي عَطاءُ المُحَرَّرينَ، فإِن رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، إِذا جاءه شيء لم يبدأْ بأَوّل منهم؛ أَراد بالمحرّرين الموالي وذلك
أَنهم قوم لا ديوان لهم وإِنما يدخلون في جملة مواليهم، والديوان إِنما
كان في بني هاشم ثم الذين يلونهم في القرابة والسابقة والإِيمان، وكان
هؤلاء مؤخرين في الذكر فذكرهم ابن عمر وتشفع في تقديم إِعطائهم لما علم من
ضعفهم وحاجتهم وتأَلفاً لهم على الإِسلام.
وتَحْرِيرُ الولد: أَن يفرده لطاعة الله عز وجل وخدمة المسجد. وقوله
تعالى: إِني نذرت لك ما في بطني مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ منِّي؛ قال الزجاج:
هذا قول امرأَة عمران ومعناه جعلته خادماً يخدم في مُتَعَبَّداتك، وكان
ذلك جائزاً لهم، وكان على أَولادهم فرضاً أَن يطيعوهم في نذرهم، فكان
الرجل ينذر في ولده أَن يكون خادماً يخدمهم في متعبدهم ولعُبَّادِهم، ولم يكن
ذلك النذر في النساء إِنما كان في الذكور، فلما ولدت امرأَة عمران مريم
قالت: رب إِني وضعتها أُنثى، وليست الأُنثى مما تصلح للنذر، فجعل الله من
الآيات في مريم لما أَراده من أَمر عيسى، عليه السلام، أَن جعلها
متقبَّلة في النذر فقال تعالى: فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ.
والمُحَرَّرُ: النَّذِيرُ. والمُحَرَّرُ: النذيرة، وكان يفعل ذلك بنو
إِسرائيل، كان أَحدهم ربما ولد له ولد فربما حَرَّرَه أَي جعله نذيرة في
خدمة الكنيسة ما عاش لا يسعه تركها في دينه. وإِنه لَحُرٌّ: بَيِّنُ
الحُرِّية والحَرورَةِ والحَرُورِيَّةِ والحَرارَة والحَرارِ، بفتح الحاء؛
قال:فلو أَنْكِ في يوم الرَّخاء سأَلْتِني
فراقَكِ، لم أَبْخَلْ، وأَنتِ صَدِيقُ
فما رُدَّ تزوِيجٌ عليه شَهادَةٌ،
ولا رُدَّ من بَعْدِ الحَرارِ عَتِيقُ
والكاف في أَنك في موضع نصب لأَنه أَراد تثقيل أَن فخففها؛ قال شمر:
سمعت هذا البيت من شيخ باهلة وما علمت أَن أَحداً جاء به؛ وقال ثعلب: قال
أَعرابيّ ليس لها أَعْراقٌ في حَرارٍ ولكنْ أَعْراقُها في الإِماء.
والحُرُّ من الناس: أَخيارهم وأَفاضلهم. وحُرِّيَّةُ العرب: أَشرافهم؛ وقال ذو
الرمة:
فَصَارَ حَياً، وطَبَّقَ بَعْدَ خَوْفٍ
على حُرِّيَّةِ العَرَبِ الهُزالى
أَي على أَشرافهم. قال: والهزالَى مثل السُّكارى، وقيل: أَراد الهزال
بغير إِمالة؛ ويقال: هو من حُرِّيَةِ قومه أَي من خالصهم. والحُرُّ من كل
شيء: أَعْتَقُه. وفرس حُرٌّ: عَتِيقٌ. وحُرُّ الفاكهةِ: خِيارُها.
والحُرُّ: رُطَبُ الأَزَاذ. والحُرُّ: كلُّ شيء فاخِرٍ من شِعْرٍ أَو غيره.
وحُرُّ كل أَرض: وسَطُها وأَطيبها. والحُرَّةُ والحُرُّ: الطين الطَّيِّبُ؛
قال طرفة:
وتَبْسِمُ عن أَلْمَى كأَنَّ مُنَوِّراً،
تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ، دِعْصٌ له نَدُّ
وحُرُّ الرمل وحُرُّ الدار: وسطها وخيرها؛ قال طرفة أَيضاً:
تُعَيِّرُني طَوْفِي البِلادَ ورِحْلَتِي،
أَلا رُبَّ يومٍ لي سِوَى حُرّ دارِك
وطينٌ حُرٌّ: لا رمل فيه. ورملة حُرَّة: لا طين فيها، والجمع حَرائِرُ.
والحُرُّ: الفعل الحسن. يقال: ما هذا منك بِحُرٍّ أَي بِحَسَنٍ ولا جميل؛
قال طرفة:
لا يَكُنْ حُبُّكِ دَاءً قاتِلاً،
ليس هذا مِنْكِ، ماوِيَّ، بِحُرّ
أَي بفعل حسن. والحُرَّةُ: الكريمة من النساء؛ قال الأَعشى:
حُرَّةٌ طَفْلَةُ الأَنامِلِ تَرْتَبْـ
ـبُ سُخاماً، تَكُفُّه بِخِلالِ
قال الأَزهري: وأَما قول امرئ القيس:
لَعَمْرُكَ ما قَلْبِي إِلى أَهله بِحُرْ،
ولا مُقْصِرٍ، يوماً، فَيَأْتِيَنِي بِقُرْ
إِلى أَهله أَي صاحبه. بحرّ: بكريم لأَنه لا يصبر ولا يكف عن هواه؛
والمعنى أَن قلبه يَنْبُو عن أَهله ويَصْبُو إِلى غير أَهله فليس هو بكريم في
فعله؛ ويقال لأَوّل ليلة من الشهر: ليلةُ حُرَّةٍ، وليلةٌ حُرَّةٌ،
ولآخر ليلة: شَيْباءُ. وباتت فلانة بليلةِ حُرَّةٍ إِذا لم تُقْتَضَّ ليلة
زفافها ولم يقدر بعلها على اقْتِضاضِها؛ قال النابغة يصف نساء:
شُمْسٌ مَوانِعُ كلِّ ليلةٍ حُرَّةٍ،
يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ
الأَزهري: الليث: يقال لليلة التي تزف فيها المرأَة إِلى زوجها فلا يقدر
فيها على اقْتضاضها ليلةُ حُرَّةٍ؛ يقال: باتت فلانةُ بليلة حُرَّةٍ؛
وقال غير الليث: فإِن اقْتَضَّها زوجها في الليلة التي زفت إِليه فهي
بِلَيْلَةٍ شَيْبَاءَ. وسحابةٌ حُرَّةٌ: بِكْرٌ يصفها بكثرة المطر. الجوهري:
الحُرَّةُ الكريمة؛ يقال: ناقة حُرَّةٌ وسحابة حُرَّة أَي كثيرة المطر؛
قال عنترة:
جادَتْ عليها كُلُّ بِكْرٍ حُرَّةٍ،
فَتَرَكْنَ كلَّ قَرارَةٍ كالدِّرْهَمِ
أَراد كل سحابة غزيرة المطر كريمة. وحُرُّ البَقْلِ والفاكهة والطين:
جَيِّدُها. وفي الحديث: ما رأَيت أَشْبَهَ برسولِ الله، صلى الله عليه
وسلم، من الحُسن إِلا أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان أَحَرَّ حُسْناً
منه؛ يعني أَرَقَّ منه رِقَّةَ حُسْنٍ.
وأَحْرارُ البُقُول: ما أُكل غير مطبوخ، واحدها حُرٌّ؛ وقيل: هو ما
خَشُنَ منها، وهي ثلاثة: النَّفَلُ والحُرْبُثُ والقَفْعَاءُ؛ وقال أَبو
الهيثم: أَحْرَارُ البُقُول ما رَقَّ منها ورَطُبَ، وذُكُورُها ما غَلُظَ
منها وخَشُنَ؛ وقيل: الحُرُّ نبات من نجيل السِّباخِ.
وحُرُّ الوجه: ما أَقبل عليك منه؛ قال:
جَلا الحُزْنَ عن حُرِّ الوُجُوهِ فأَسْفَرَتْ،
وكان عليها هَبْوَةٌ لا تَبَلَّجُ
وقيل: حُرُّ الوجه مسايل أَربعة مدامع العينين من مقدّمهما ومؤخرهما؛
وقيل: حُرُّ الوجه الخَدُّ؛ ومنه يقال: لَطَمَ حُرَّ وجهه. وفي الحديث: أَن
رجلاً لطم وجه جارية فقال له: أَعَجَزَ عليك إِلاَّ حُرُّ وَجْهِها؟
والحُرَّةُ: الوَجْنَةُ. وحُرُّ الوجه: ما بدا من الوجنة. والحُرَّتانِ:
الأُذُنانِ؛ قال كعب بن زهير:
قَنْواءُ في حُرَّتَيْها، للبَصِير بها
عِتْقٌ مُبينٌ، وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
وحُرَّةُ الذِّفْرَى: موضعُ مَجالِ القُرْطِ منها؛ وأَنشد:
في خُشَشَاوَيْ حُرَّةِ التَّحْرِيرِ
يعني حُرَّةَ الذِّفْرَى، وقيل: حُرَّةَ الذِّفْرَى صفة أَي أَنها حسنة
الذفرى أَسيلتها، يكون ذلك للمرأَة والناقة. والحُرُّ: سواد في ظاهر أُذن
الفرس؛ قال:
بَيِّنُ الحُرِّ ذو مِراحٍ سَبُوقُ
والحُرَّانِ: السَّودان في أَعلى الأُذنين. وفي قصيد كعب بن زهير:
قنواء في حرتيها
البيت؛ أَراد بالحرّتين الأُذنين كأَنه نسبها إِلى الحُرِّيَّةِ وكرم
الأَصل.
والحُرُّ: حَيَّة دقيقة مثل الجانِّ أَبيضُ، والجانُّ في هذه الصفة؛
وقيل: هو ولد الحية اللطيفة؛ قال الطرماح:
مُنْطَوٍ في جَوْفِ نامُوسِهِ،
كانْطِواءِ الحُرِّ بَيْنَ السِّلامْ
وزعموا أَنه الأَبيض من الحيات، وأَنكر ابن الأَعرابي اين يكون الحُرُّ
في هذا البيت الحية، وقال: الحرّ ههنا الصَّقْر؛ قال الأَزهري: وسأَلت
عنه أَعرابيّاً فصيحاً فقال مثل قول ابن الأَعرابي؛ وقيل: الحرّ الجانُّ من
الحيات، وعم بعضهم به الحية. والحُرُّ: طائر صغير؛ الأَزهري عن شمر:
يقال لهذا الطائر الذي يقال له بالعراق باذنجان لأَصْغَرِ ما يكونُ
جُمَيِّلُ حُرٍّ. والحُرُّ: الصقر، وقيل: هو طائر نحوه، وليس به، أَنْمَرُ
أَصْقَعُ قصير الذنب عظيم المنكبين والرأْس؛ وقيل: إِنه يضرب إِلى الخضرة وهو
يصيد. والحُرُّ: فرخ الحمام؛ وقيل: الذكر منها. وساقُ حُرٍّ: الذَّكَرُ من
القَمَارِيِّ؛ قال حميد بن ثور:
وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إِلاَّ حَمامَةٌ،
دَعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحَةً وتَرَنُّما
وقيل: الساق الحمام، وحُرٌّ فرخها؛ ويقال: ساقُ حُرٍّ صَوْتُ القَمارِي؛
ورواه أَبو عدنان: ساق حَرّ، بفتح الحاء، وهو طائر تسميه العرب ساق حرّ،
بفتح الحاء، لأَنه إِذا هَدَرَ كأَنه يقول: ساق حرّ، وبناه صَخْرُ
الغَيّ فجعل الاسمين اسماً واحداً فقال:
تُنادي سَاقَ حُرَّ، وظَلْتُ أَبْكي،
تَلِيدٌ ما أَبِينُ لها كلاما
وقيل: إِنما سمي ذكر القَماري ساقَ حُرٍّ لصوته كأَنه يقول: ساق حرّ ساق
حرّ، وهذا هو الذي جَرَّأَ صخر الغيّ على بنائه كما قال ابن سيده، وعلله
فقال: لأَن الأَصوات مبنية إِذ بنوا من الأَسماء ما ضارعها. وقال
الأَصمعي: ظن أَن ساق حر ولدها وإِنما هو صوتها؛ قال ابن جني: يشهد عندي بصحة
قول الأَصمعي أَنه لم يعرب ولو أَعرب لصرف ساق حر، فقال: سَاقَ حُرٍّ إِن
كان مضافاً، أَو ساقَ حُرّاً إِن كان مركباً فيصرفه لأَنه نكرة، فتركه
إِعرابه يدل على أَنه حكى الصوت بعينه وهو صياحه ساق حر ساق حر؛ وأَما قول
حميد بن ثور:
وما هاج هذا الشوقَ إِلا حمامةٌ،
دَعَتْ سَاقَ حُرٍّ تَرْحَةَ وتَرَنُّما
البيت؛ فلا يدل إِعرابه على أَنه ليس بصوت، ولكن الصوت قد يضاف أَوّله
إِلى آخره، وكذلك قولهم خازِ بازِ، وذلك أَنه في اللفظ أَشْبه بابَ دارٍ؛
قال والرواية الصحيحة في شعر حميد:
وما هاج هذا الشوقَ إِلا حمامةٌ،
دعت ساق حر في حمام تَرَنَّما
وقال أَبو عدنان: يعنون بساق حر لحن الحمامة. أَبو عمرو: الحَرَّةُ
البَثْرَةُ الصغيرة؛ والحُرُّ: ولد الظبي في بيت طرفة:
بين أَكْنافِ خُفَافٍ فاللِّوَى
مُخْرِفٌ، تَحْنُو لِرَخْص الظِّلْفِ، حُرّ
والحَرِيرَةُ بالنصب
(* قوله: «بالنصب» أراد به فتح الحاء): واحدة
الحرير من الثياب.
والحَرِيرُ: ثياب من إِبْرَيْسَمٍ.
والحَرِيرَةُ: الحَسَا من الدَّسَمِ والدقيق، وقيل: هو الدقيق الذي يطبخ
بلبن، وقال شمر: الحَرِيرة من الدقيق، والخَزِيرَةُ من النُّخَال؛ وقال
ابن الأَعرابي: هي العَصِيدَة ثم النَّخِيرَةُ ثم الحَرِيرَة ثم
الحَسْوُ. وفي حديث عمر: ذُرِّي وأَنا أَحَرُّ لك؛ يقول ذرِّي الدقيق لأَتخذ لك
منه حَرِيرَةً.
وحَرَّ الأَرض يَحَرُّها حَرّاً: سَوَّاها. والمِحَرُّ: شَبَحَةٌ فيها
أَسنان وفي طرفها نَقْرانِ يكون فيهما حبلان، وفي أَعلى الشبحة نقران
فيهما عُود معطوف، وفي وسطها عود يقبض عليه ثم يوثق بالثورين فتغرز الأَسنان
في الأَرض حتى تحمل ما أُثير من التراب إِلى أَن يأْتيا به المكان
المنخفض.
وتحرير الكتابة: إِقامة حروفها وإِصلاح السَّقَطِ. وتَحْرِيرُ الحساب:
إِثباته مستوياً لا غَلَثَ فيه ولا سَقَطَ ولا مَحْوَ. وتَحْرِيرُ الرقبة:
عتقها.
ابن الأَعرابي: الحَرَّةُ الظُّلمة الكثيرة، والحَرَّةُ: العذاب الموجع.
والحُرَّانِ: نجمان عن يمين الناظر إِلى الفَرْقَدَيْنِ إِذا انتصب
الفرقدان اعترضا، فإِذا اعترض الفرقدان انتصبا. والحُرَّانِ: الحُرُّ وأَخوه
أُبَيٌّ، قال: هما أَخوان وإِذا كان أَخوان أَو صاحبان وكان أَحدهما
أَشهر من الآخر سميا جميعاً باسم الأَشهر؛ قال المنخّل اليشكري:
أَلا مَنْ مُبْلِغُ الحُرَّيْنِ عَني
مُغَلْغَلَةً، وخصَّ بها أُبَيَّا
فإِن لم تَثْأَرَا لي مِنْ عِكَبٍّ،
فلا أَرْوَيْتُما أَبداً صَدَيَّا
يُطَوِّفُ بي عِكَبٌّ في مَعَدٍّ،
ويَطْعَنُ بالصُّمُلَّةِ في قَفَيَّا
قال: وسبب هذا الشعر أَن المتجرّدة امرأَة النعمان كانت تَهْوى المنخل
اليشكري، وكان يأْتيها إِذا ركب النعمان، فلاعبته يوماً بقيد جعلته في
رجله ورجلها، فدخل عليهما النعمان وهما على تلك الحال، فأَخذ المنخل ودفعه
إِلى عِكَبٍّ اللَّخْمِيّ صاحب سجنه، فتسلمه فجعل يطعن في قفاه
بالصُّمُلَّةِ، وهي حربة كانت في يده.
وحَرَّانُ: بلد معروف. قال الجوهري: حرَّان بلد بالجزيرة، هذا إِذا كان
فَعْلاناً فهو من هذا الباب، وإِن كان فَعَّالاً فهو من باب النون.
وحَرُوراءُ: موضع بظاهر الكوفة تنسب إِليه الحَرُورِيَّةُ من الخوارج
لأَنه كان أَوَّل اجتماعهم بها وتحكيمهم حين خالفوا عليّاً، وهو من نادر
معدول النسب، إِنما قياسه حَرُوراوِيٌّ؛ قال الجوهري: حَرُوراءُ اسم قرية،
يمد ويقصر، ويقال: حَرُورويٌّ بَيِّنُ الحَرُورِيَّةِ. ومنه حديث عائشة
وسُئِلَتْ عن قضاء صلاة الحائض فقالت: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ هم
الحَرُورِيَّةُ من الخوارج الذين قاتلهم عَلِيٌّ، وكان عندهم من التشديد في الدين
ما هو معروف، فلما رأَت عائشة هذه المرأَة تشدّد في أَمر الحيض شبهتها
بالحرورية، وتشدّدهم في أَمرهم وكثرة مسائلهم وتعنتهم بها؛ وقيل: أَرادت
أَنها خالفت السنَّة وخرجت عن الجماعة كما خرجوا عن جماعة المسلمين. قال
الأَزهري: ورأَيت بالدَّهْناءِ رملة وَعْثَةً يقال لها رملةُ حَرُوراءَ.
وحَرِّيٌّ: اسم؛ ونَهْشَلُ بن حَرِّيٍّ. والحُرَّانُ: موضع؛ قال:
فَسَاقانُ فالحُرَّانُ فالصِّنْعُ فالرَّجا،
فَجَنْبَا حِمًى، فالخانِقان فَحَبْحَبُ
وحُرَّيَات: موضع؛ قال مليح:
فَراقَبْتُه حتى تَيامَنَ، واحْتَوَتْ
مطَِافِيلَ مِنْهُ حُرَّيَاتُ فأَغْرُبُ
والحَرِيرُ: فحل من فحول الخيل معروف؛ قال رؤبة:
عَرَفْتُ من ضَرْب الحَرِيرِ عِتْقا
فيه، إِذا السَّهْبُ بِهِنَّ ارْمَقَّا
الحَرِيرُ: جد هذا الفرس، وضَرْبُه: نَسْلُه.
وحَرِّ: زجْرٌ للمعز؛ قال:
شَمْطاءُ جاءت من بلادِ البَرِّ،
قد تَرَكَتْ حَيَّهْ، وقالت: حَرِّ
ثم أَمالتْ جانِبَ الخِمَرِّ،
عَمْداً، على جانِبِها الأَيْسَرِّ
قال: وحَيَّهْ زجر للضأْن، وفي المحكَم: وحَرِّ زجر للحمار، وأَنشد
الرجز.
وأَما الذي في أَشراط الساعة يُسْتَحَلُّ: الحِرُ والحَرِيرُ: قال ابن
الأَثير: هكذا ذكره أَبو موسى في حرف الحاء والراء وقال: الحِرُ، بتخفيف
الراء، الفرج وأَصله حِرْحٌ، بكسر الحاء وسكون الراء، ومنهم من يشدد
الراء، وليس بجيد، فعلى التخفيف يكون في حرح لا في حرر، قال: والمشهور في
رواية هذا الحديث على اختلاف طرقه يستحلُّون الخَزَّ، بالخاء والزاي، وهو ضرب
من ثياب الإِبريسم معروف، وكذا جاء في كتاب البخاري وأَبي داود، ولعله
حديث آخر كما ذكره أَبو موسى، وهو حافظ عارف بما روى وشرح فلا يتهم.
حظر: الحَطْرُ: الحَجْرُ، وهو خلاف الإِباحَةِ. والمَحْظُورُ:
المُحَرَّمُ. حَظَرَ الشيءَ يَحْظُرُه حَظْراً وحِظاراً وحَظَرَ عليه: منعه، وكلُّ
ما حال بينك وبين شيء، فقد حَظَرَهُ عليك. وفي التنزيل العزيز: وما كان
عَطاءُ رَبّكَ مَحْظُوراً. وقول العرب: لا حِظارَ على الأَسماء يعني أَنه
لا يمنع أَحد أَن يسمي بما شاء أَو يتسمى به. وحَظَرَ عليه حَظْراً:
حَجَرَ ومَنَعَ.
والحَظِيرَة: جَرِينُ التمر، نَجْدِيَّة، لأَنه يَحْظُرُه ويَحْصُرُه.
والحَظِيرَةُ: ما أَحاط بالشيء، وهي تكون من قَصَبٍ وخَشب؛ قال المَرَّارُ
بن مُنْقِذٍ العَدَوِيُّ:
فإِنَّ لنا حَظائِرَ ناعِماتٍ،
عَطاء اللهِ رَبِّ العالمينا
فاستعاره للنخل. والحِظَارُ: حائطها وصاحبها مُحْتَظِرٌ إِذا اتخذها
لنفسه، فإِذا لم تَخُصَّهُ بها فهو مُحْظِرٌ. وكل ما حال بينك وبين شيء، فهو
حِظار وحَظَارٌ. وكل شيء حَجَرَ بين شيئين، فهو حِظارٌ وحِجارٌ.
والحِظارُ: الحَظِيرَةُ تعمل للإِبل من شجر لتقيها البَرْد والريحَ؛ وفي
التهذيب: الحَظارُ، بفتح الحاء. وقال الأَزهري: وجدته بخط شمر الحِظار، بكسر
الحاء. والمُحْتَظِرُ: الذي يعمل الحَظِيرَةَ، وقرئ: كَهَشِيمِ
المُحْتَظِر؛ فمن كسره جعله الفاعل، ومن فتحه جعله المفعول به. واحْتَظَرَ القومُ
وحَظَرُوا: اتخذوا حَظِيرَةً. وحَظَرُوا أَموالهم: حَبَسُوها في الحظائر من
تضييق. والحَظِرُ: الشيءُ المُحْتَظَرُ به. ويقال للرجل القليل الخير:
إِنه لَنكِدُ الحَظِيرَةِ؛ قال أَبو عبيد: أُراه سمى أَمواله حَظِيرَةً
لأَنه حَظَرَها عنده ومنعها، وهي فعيلة بمعنى مفعولة.
والحَظِرُ: الشجر المُحْتَظَرُ به، وقيل الشوك الرَّطْبُ؛ ووقع في
الحَظِرِ الرَّطْبِ إِذا وقع فيما لا طاقة له به، وأَصله أَن العرب تجمع الشوك
الرَّطْبَ فَتُحَظِّرُ به فربما وقع فيه الرجل فَنَشِب فيه فشبهوه بهذا.
وجاء بالحَظِرِ الرَّطْبِ أَي بكثرة من المال والناس، وقيل بالكذب
المُسْتَشْنَعِ. وأَوْقَدَ في الحَظِرِ الرطْبِ: نَمَّ. الأَزهري: سمعت العرب
تقول للجدار من الشجر يوضع بعضه على بعض ليكون ذَرًى للمال يَرُدُّ عنه
بَرْدَ الشَّمالِ في الشتاء: حَظارٌ، بفتح الحاء؛ وقد حَظَرَ فلانٌ على
نَعَمِهِ. قال الله تعالى: إِنا أَرسلنا عليهم صَيْحَةً واحدةً فكانوا
كهَشِيم المُحْتَظِر؛ وقرئ: المحتظَر؛ أَراد كالهشيم الذي جمعه صاحب
الحظيرة؛ ومن قرأَ المحتظَر، بالفتح، فالمحتظَر اسم للحظيرة، المعنى كهشيم
المكان الذي يحتظر فيه الهشيم، والهشيم: ما يَبِسَ من المُحْتَظَرَاتِ
فارْفَتَّ وتَكَسَّر؛ المعنى أَنهم بادوا وهلكوا فصاروا كَيَبيس الشجر إِذا
تَحَطَّمَ؛ وقال الفرّاء: معنى قوله كهشيم المحتظر أَي كهشيم الذي يحظر على
هشيمه، أَراد أَنه حَظَرَ حِظاراً رَطْباً على حِظارٍ قديم قد يَبِسَ.
ويقال للحَطَبِ الرَّطْبِ الذي يُحْظَرُ به: الحَظِرُ؛ ومنه قول الشاعر:
ولم يَمْشِ بين الحَيِّ بالحَظِرِ الرَّطْبِ
أَي لم يمش بالنميمة.
والحَظْرُ: المنعُ، ومنه قوله تعالى: وما كان عطاءٌ ربك مَحْظُوراً؛
وكثيراً ما يرد في القرآن ذكر المَحْظُور ويراد به الحرام. وقد حَظَرْتُ
الشيءَ إِذا حَرَّمْتَهُ، وهو راجع إِلى المنع. وفي حديث أُكَيْدِرِ
دُوْمَةَ: لا يُحْظَرُ عليكم النَّباتُ؛ يقول: لا تُمْنَعُونَ من الزراعةِ حيث
شئتم، ويجوز أَن يكون معناه لا يُحْمَى عليكم المَرْتَعُ. وروي عن
النبي،صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا حِمَى في الأَراكِ، فقال له رجل:
أَرَاكَةٌ في حِظارِي، فقال: لا حِمَى في الأَراك؛ رواه شمر وقيده بخطه في
حِظاري، بكسر الحاء، وقال: أَراد الأَرض التي فيها الزعر المُحاطُ عليها
كالحَظِيرَةِ، وتفتح الحاء وتكسر، وكانت تلك الأَراكة التي ذكرها في الأَرض
التي أَحياها قبل أَن يحييها فلم يملكها بالإِحياء وملك الأَرض دونها أَو
كانت مَرْعَى السَّارِحَةِ. والمِحْظارُ: ذُبابٌ أَخْضَرُ يَلْسَعُ كذباب
الآجام. وحَظِيرَةُ القُدْسِ: الجَنَّةُ. وفي الحديث: لا يَلِجُ
حَظِيرَةَ القُدْسِ مُدْمِنُ خَمْرٍ؛ أَراد بحظيرة القدس الجنة، وهي في الأَصل
الموضع الذي يُحاطُ عليه لتأْوي إِليه الغنم والإِبل يقيها البرد
والريح.وفي الحديث: أَتته امرأَة فقالت: يا نَبِيَّ الله، ادْعُ اللهَ لي فلقد
دَفَنْتُ ثلاثة، فقال: لقد احْتَظَرْت بِحِظارٍ شديد من النار؛
والاحْتِظارُ: فِعْلُ الحِظارِ، أَراد لقد احْتَمَيْتِ بِحِمًى عظيم من النار يقيك
حرها ويؤمنك دُخولَها. وفي حديث مالك بن أَنس: يَشْتَرِطُ صاحبُ الأَرض
على المُساقِي سَدَّ الحِظارِ يريد به حائط البستان.