[في الانكليزية] Annunciation
[ في الفرنسية] Annonce ،annonciation
كلّ خبر صدق يــتغيّر به بشرة الوجه، ويستعمل في الخير والشرّ، وفي الخير أغلب، كذا في تعريفات السيد الجرجاني.
ظرف: الظَّرف: البَراعةُ وذكاء القلب، يُوصَف به الفِتْيانُ الأَزْوالُ
والفَتَياتُ الزَّوْلاتُ ولا يوصف به الشيخ ولا السيد، وقيل: الظرفُ حسنُ
العِبارة، وقيل: حسن الهيئة، وقيل: الحِذْقُ بالشيء، وقد ظَرُفَ ظَرْفاً
ويجوز في الشعر ظَرافة. والظَّرْفُ: مصدر الظريف، وقد ظَرُف يَظْرُف،
وهم الظُّرَفاء، ورجل ظَريفٌ من قوم ظِراف وظُروف وظُراف، على التخفيف من
قوم ظُرفاء؛ هذه عن اللحياني، وظُرَّافٌ من قوم ظُرَّافِين. وتقول: فِتْية
ظُروف أَي ظُرَفاء، وهذا في الشعْر يَحسن. قال الجوهري: كأَنهم جمعوا
ظَرْفاً بعد حذف الزيادة، قال: وزعم الخليل أَنه بمنزلة مَذاكِير لم يكسْر
على ذكر، وذكر ابن بري أَنَّ الجوهري قال: وقوم ظُرفاء وظِراف، وقد قالوا
ظُرُفٌ، قال: والذي ذكره سيبويه ظُرُوف، قال: كأَنه جمع ظَرْف.
وتَظَرَّف فلان أَي تكلَّف الظَّرْف؛ وامرأَة ظَريفة من نِسوة ظَرائِفَ وظِرافٍ.
قال سيبويه: وافق مُذكَّره في التكسير يعني في ظِراف، وحكى اللحياني
اظْرُفْ إن كنت ظارِفاً، وقالوا في الحال: إنه لظَرِيف. الأَصمعي وابن
الأَعرابي: الظَّرِيف البَلِيغ الجَيِّد الكلام، وقالا: الظَّرْف في اللسان،
واحتجا بقول عمر في الحديث: إذا كان اللِّصُّ ظَريفاً لم يُقْطع؛ معناه إذا
كان بَلِيغاً جيِّد الكلام احتج عن نفسه بما يُسقط عنه الحَدَّ، وقال
غيرهما: الظَّريف الحسَنُ الوجه واللسان، يقال: لسان ظَرِيف ووجه ظريف،
وأَجاز: ما أَظْرَفُ زيدٍ، في الاستفهام: أَلسانه أَظْرَفُ أَم وجهه؟
والظَّرفُ في اللسان البلاغةُ، وفي الوجه الحُسْنُ، وفي القلب الذَّكاء. ابن
الأعرابي: الظرْفُِ في اللسانِ، والحَلاوةُ في العينين، والملاحةُ في الفم،
والجمالُ في الأَنف. وقال محمد بن يزيد: الظَّرِيفُ مشتقّ من الظرْف،
وهو الوِعاء، كأَنه جعل الظَّرِيفَ وعاء للأَدَب ومَكارِم الأَخلاق. ويقال:
فلان يَتَظَرَّفُ وليس بظَرِيف. والظرف: الكِياسة. وقد ظَرُف الرجلُ،
بالضم، ظَرافةً، فهو ظَرِيف. وفي حديث مَعاوية قال: كيف ابنُ زياد؟ قالوا:
ظَريف على أَنه يَلْحَن، قال: أَوليس ذلك أَظرَفَ له؟ وفي حديث ابن
سِيرين: الكلامُ أَكثرُ من أَن يكذب ظَريف أَي أَنَّ الظَّرِيف لا تَضِيق عليه
مَعاني الكلام، فهو يَكْني ويُعَرِّض ولا يكذب.
وأَظْرَفَ بالرجل: ذكره بظَرْف. وأَظْرَفَ الرجُلُ: وُلد له أَولاد
ظُرَفاء.
وظَرْفُ الشيء: وِعاؤه، والجمع ظُروف، ومنه ظُروف الأَزمنة والأَمكنة.
الليث: الظَّرْف وعاء كل شيء حتى إنّ الإبْريق ظرف لما فيه. الليث:
والصفات في الكلام التي تكون مواضع لغيرها تسمى ظروفاً من نحو أَمام وقدَّام
وأَشباه ذلك، تقول: خَلْفَك زيد، إنما انتصب لأَنه ظرف لما فيه وهو موضع
لغيره، وقال غيره: الخليل يسميها ظروفاً، والكسائي يسميها المَحالّ،
والفرّاء يسميها الصّفات والمعنى واحد. وقالوا: إنك لَغَضِيضُ الطَّرْف نَقِيُّ
الظَّرْف، يعني بالظرف وعاءه. يقال: إنك لست بخائن؛ قال أَبو حنيفة:
أَكِنَّة النبات كلّ ظَرْف فيه حبة فجعل الظرفَ للحبة.
سكر: السَّكْرَانُ: خلاف الصاحي. والسُّكْرُ: نقيض الصَّحْوِ.
والسُّكْرُ ثلاثة: سُكْرُ الشَّبابِ وسُكْرُ المالِ وسُكْرُ السُّلطانِ؛ سَكِرَ
يَسْكَرُ سُكْراً وسُكُراً وسَكْراً وسَكَراً وسَكَرَاناً، فهو سَكِرٌ؛ عن
سيبويه، وسَكْرانُ، والأُنثى سَكِرَةٌ وسَكْرَى وسَكْرَانَةٌ؛ الأَخيرة
عن أَبي علي في التذكرة. قال: ومن قال هذا وجب عليه أَن يصرف سَكْرَانَ في
النكرة. الجوهري: لغةُ بني أَسد سَكْرَانَةٌ، والاسم السُّكْرُ، بالضم،
وأَسْكَرَهُ الشَّرَابُ، والجمع سُكَارَى وسَكَارَى وسَكْرَى، وقوله
تعالى: وترى الناسَ سُكَارَى وما هم بِسُكَارَى؛ وقرئ: سَكْرَى وما هم
بِسَكْرَى؛ التفسير أَنك تراهم سُكَارَى من العذاب والخوف وما هم بِسُكَارَى
من الشراب، يدل عليه قوله تعالى: ولكنَّ عذاب الله شديد، ولم يقرأْ أَحد
من القراء سَكَارَى، بفتح السين، وهي لغة ولا تجوز القراءة بها لأَن
القراءة سنَّة. قال أَبو الهيثم: النعت الذي على فَعْلاَنَ يجمع على فُعَالى
وفَعَالى مثل أَشْرَان وأُشَارى وأَشَارى، وغَيْرَانَ وقوم غُيَارَى
وغَيَارَى، وإِنما قالوا سَكْرَى وفَعْلى أَكثر ما تجيء جمعاً لفَعِيل بمعنى
مفعول مثل قتيل وقَتْلى وجريح وجَرْحَى وصريع وصَرْعَى، لأَنه شبه
بالنَّوْكَى والحَمْقَى والهَلْكَى لزوال عقل السَّكْرَانِ، وأَما النَّشْوَانُ
فلا يقال في جمعه غير النَّشَاوَى، وقال الفرّاء: لو قيل سَكْرَى على أَن
الجمع يقع عليه التأْنيث فيكون كالواحدة كان وجهاً؛ وأَنشد بعضهم:
أَضْحَتْ بنو عامرٍ غَضْبَى أُنُوفُهُمُ،
إِنِّي عَفَوْتُ، فَلا عارٌ ولا باسُ
وقوله تعالى: لا تَقْرَبُوا الصلاة وأَنتم سُكارَى؛ قال ثعلب: إِنما قيل
هذا قبل أَن ينزل تحريم الخمر، وقال غيره: إِنما عنى هنا سُكْرَ
النَّوْمِ، يقول: لا تقربوا الصلاة رَوْبَى. ورَجُلٌ سِكِّيرٌ: دائم السُّكر.
ومِسْكِيرٌ وسَكِرٌ وسَكُورٌ: كثير السُّكْرِ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد لعمرو ابن قميئة:
يا رُبَّ مَنْ أَسْفاهُ أَحلامُه
أَن قِيلَ يوماً: إِنَّ عَمْراً سَكُورْ
وجمع السَّكِر سُكَارَى كجمع سَكرْان لاعتقاب فَعِلٍ وفَعْلان كثيراً
على الكلمة الواحدة. ورجل سِكِّيرٌ: لا يزال سكرانَ، وقد أَسكره الشراب.
وتساكَرَ الرجلُ: أَظهر السُّكْرَ واستعمله؛ قال الفرزدق:
أَسَكْرَان كانَ ابن المَرَاغَةِ إِذا هجا
تَمِيماً، بِجَوْفِ الشَّامِ،أَم مُتَساكِرُ؟
تقديره: أَكان سكران ابن المراغة فحذف الفعل الرافع وفسره بالثاني فقال:
كان ابن المراغة؛ قال سيبويه: فهذا إِنشاد بعضهم وأَكثرهم ينصب السكران
ويرفع الآخر على قطع وابتداء، يريد أَن بعض العرب يجعل اسم كان سكران
ومتساكر وخبرها ابن المراغة؛ وقوله: وأَكثرهم ينصب السكران ويرفع الآخر على
قطع وابتداء يريد أَن سكران خبر كان مضمرة تفسيرها هذه المظهرة، كأَنه
قال: أَكان سكران ابن المراغة، كان سكران ويرفع متساكر على أَنه خبر ابتداء
مضمر، كأَنه قال: أَم هو متساكر.
وقولهم: ذهب بين الصَّحْوَة والسَّكْرَةِ إِنما هو بين أَن يعقل ولا
يعقل.
والمُسَكَّرُ: المخمور؛ قال الفرزدق:
أَبا حاضِرٍ، مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِناؤُهُ،
ومَنْ يَشرَبِ الخُرْطُومَ، يُصْبِحْ مُسَكَّرا
وسَكْرَةُ الموت: شِدَّتُهُ. وقوله تعالى: وجاءت سَكْرَةُ الموت بالحق؛
سكرة الميت غَشْيَتُه التي تدل الإِنسان على أَنه ميت. وقوله بالحق أَي
بالموت الحق. قال ابن الأَعرابي: السَّكْرَةُ الغَضْبَةُ.
والسَّكْرَةُ: غلبة اللذة على الشباب.
والسَّكَرُ: الخمر نفسها. والسَّكَرُ: شراب يتخذ من التمر والكَشُوثِ
والآسِ، وهو محرّم كتحريم الخمر. وقال أَبو حنيفة: السَّكَرُ يتخذ من التمر
والكُشُوث يطرحان سافاً سافاً ويصب عليه الماء. قال: وزعم زاعم أَنه
ربما خلط به الآس فزاده شدّة. وقال المفسرون في السَّكَرِ الذي في التنزيل:
إِنه الخَلُّ وهذا شيء لا يعرفه أَهل اللغة. الفراء في قوله: تتخذون منه
سَكَراً ورزقاً حسناً، قال: هو الخمر قبل أَن يحرم والرزق الحسن الزبيب
والتمر وما أَشبهها. وقال أَبو عبيد: السَّكَرُ نقيع التمر الذي لم تمسه
النار، وكان إِبراهيم والشعبي وأَبو رزين يقولون: السَّكَرُ خَمْرٌ. وروي
عن ابن عمر أَنه قال: السَّكَرُ من التمر، وقال أَبو عبيدة وحده:
السَّكَرُ الطعام؛ يقول الشاعر:
جَعَلْتَ أَعْرَاضَ الكِرامِ سَكَرا
أَي جعلتَ ذَمَّهم طُعْماً لك. وقال الزجاج: هذا بالخمر أَشبه منه
بالطعام؛ المعنى: جعلت تتخمر بأَعراض الكرام، وهو أَبين مما يقال للذي
يَبْتَرِكُ في أَعراض الناس. وروى الأَزهري عن ابن عباس في هذه الآية قال:
السَّكَرُ ما حُرِّمَ من ثَمَرَتها، والرزق ما أُحِلَّ من ثمرتها. ابن
الأَعرابي: السَّكَرُ الغَضَبُ؛ والسَّكَرُ الامتلاء، والسَّكَرُ الخمر،
والسَّكَرُ النبيذ؛ وقال جرير:
إِذا رَوِينَ على الخِنْزِيرِ مِن سَكَرٍ
نادَيْنَ: يا أَعْظَمَ القِسِّينَ جُرْدَانَا
وفي الحديث: حرمت الخمرُ بعينها والسَّكَرُ من كل شراب؛ السَّكَر، بفتح
السين والكاف: الخمر المُعْتَصَرُ من العنب؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه
الأَثبات، ومنهم من يرويه بضم السين وسكون الكاف، يريد حالة السَّكْرَانِ
فيجعلون التحريم للسُّكْرِ لا لنفس المُسْكِرِ فيبيحون قليله الذي لا
يسكر، والمشهور الأَول، وقيل: السكر، بالتحريك، الطعام؛ وأَنكر أَهل اللغة
هذا والعرب لا تعرفه. وفي حديث أَبي وائل: أَن رجلاً أَصابه الصَّقَرُ
فَبُعِثَ له السَّكَرُ فقال: إِن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم.
والسَّكَّار: النَّبَّاذُ. وسَكْرَةُ الموت: غَشْيَتُه، وكذلك سَكْرَةُ
الهَمِّ والنوم ونحوهما؛ وقوله:
فجاؤونا بِهِمْ، سُكُرٌ علينا،
فَأَجْلَى اليومُ، والسَّكْرَانُ صاحي
أَراد سُكْرٌ فأَتبع الضم الضم ليسلم الجزء من العصب، ورواه يعقوب
سَكَرٌ. وقال اللحياني: ومن قال سَكَرٌ علينا فمعناه غيظ وغضب. ابن الأَعرابي:
سَكِرَ من الشراب يَسْكَرُ سُكْراً، وسَكِرَ من الغضب يَسْكَرُ سَكَراً
إِذا غضب، وأَنشد البيت. وسُكِّرَ بَصَرُه: غُشِيَ عليه. وفي التنزيل
العزيز: لقالوا إِنما سُكِّرَتْ أَبصارُنا؛ أَي حُبِسَتْ عن النظر
وحُيِّرَتْ. وقال أَبو عمرو بن العلاء: معناها غُطِّيَتْ وغُشِّيَتْ، وقرأَها
الحسن مخففة وفسرها: سُحِرَتْ. التهذيب: قرئ سُكِرت وسُكِّرت، بالتخفيف
والتشديد، ومعناهما أُغشيت وسُدّت بالسِّحْرِ فيتخايل بأَبصارنا غير ما نرى.
وقال مجاهد: سُكِّرَتْ أَبصارنا أَي سُدَّت؛ قال أَبو عبيد: يذهب مجاهد
إِلى أَن الأَبصار غشيها ما منعها من النظر كما يمنع السَّكْرُ الماء من
الجري، فقال أَبو عبيدة: سُكِّرَتْ أَبصار القوم إِذا دِيرَ بِهِم
وغَشِيَهُم كالسَّمادِيرِ فلم يُبْصِرُوا؛ وقال أَبو عمرو بن العلاء: سُكِّرَتْ
أَبصارُنا مأْخوذ من سُكْرِ الشراب كأَن العين لحقها ما يلحق شارب
المُسكِرِ إِذا سكِرَ؛ وقال الفراء: معناه حبست ومنعت من النظر. الزجاج: يقال
سَكَرَتْ عَيْنُه تَسْكُرُ إِذا تحيرت وسَكنت عن النظر، وسكَرَ الحَرُّ
يَسْكُرُ؛ وأَنشد:
جاء الشِّتاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ،
وجَعَلَتْ عينُ الحَرُورِ تَسْكُرُ
قال أَبو بكر: اجْثَأَلَّ معناه اجتمع وتقبَّض. والتَّسْكِيرُ للحاجة:
اختلاط الرأْي فيها قبل أَن يعزم عليها فإِذا عزم عليها ذهب اسم التكسير،
وقد سُكِرَ.
وسَكِرَ النَّهْرَ يَسْكُرُه سَكْراً: سَدَّفاه. وكُلُّ شَقٍّ سُدَّ،
فقد سُكِرَ، والسِّكْرُ ما سُدَّ بِهِ. والسَّكْرُ: سَدُّ الشق ومُنْفَجِرِ
الماء، والسِّكْرُ: اسم ذلك السِّدادِ الذي يجعل سَدّاً للشق ونحوه. وفي
الحديث أَنه قال للمستحاضة لما شكت إليه كثرة الدم: اسْكُرِيه، أَي
سُدِّيه بخرقة وشُدِّيه بعضابة، تشبيهاً بِسَكْر الماء، والسَّكْرُ المصدر.
ابن الأَعرابي: سَمَرْتُه ملأته. والسِّكْرُ، بالكسر: العَرِمُ.
والسِّكْرُ أَيضاً: المُسَنَّاةُ، والجمع سُكُورٌ. وسَكَرَتِ الريحُ تَسْكُرُ
سُكُوراً وسَكَراناً: سكنت بعد الهُبوب. وليلةٌ ساكِرَةٌ: ساكنة لا ريح فيها؛
قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
تُزَادْ لَياليَّ في طُولِها،
فَلَيْسَتُ بِطَلْقٍ ولا ساكِرَهْ
وفي التهذيب قال أَوس:
جَذَلْتُ على ليلة ساهِرَهْ،
فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ ولا ساكرهْ
أَبو زيد: الماء السَّاكِرُ السَّاكِنُ الذي لا يجري؛ وقد سَكَر
سُكُوراً. وسُكِرَ البَحْرُ: رَكَدَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي في صفة بحر:
يَقِيءُ زَعْبَ الحَرِّ حِينَ يُسْكَرُ
كذا أَنشده يسكر على صيغة فعل المفعول، وفسره بيركد على صيغة فعل
الفاعل.والسُّكَّرُ من الحَلْوَاءِ: فارسي معرَّب؛ قال:
يكونُ بَعْدَ الحَسْوِ والتَّمَزُّرِ
في فَمِهِ، مِثْلَ عصير السُّكَّرِ
والسُّكَّرَةُ: الواحدة من السُّكَّرِ. وقول أَبي زياد الكلابي في صفة
العُشَرِ: وهو مُرُّ لا يأْكله شيء ومَغافِيرهِ سُكَّرٌ؛ إِنما أَراد مثل
السُّكَّرِ في الحلاوةِ. وقال أَبو حنيفة: والسُّكَّرُ عِنَبٌ يصيبه
المَرَقُ فينتثر فلا يبقى في العُنْقُودِ إِلاَّ أَقله، وعناقِيدُه أَوْساطٌ،
هو أَبيض رَطْبٌ صادق الحلاوة عَذْبٌ من طرائف العنب، ويُزَبَّبُ
أَيضاً. والسَّكْرُ: بَقْلَةٌ من الأَحرار؛ عن أَبي حنيفة. قال: ولم
يَبْلُغْنِي لها حِلْيَةٌ.
والسَّكَرَةُ: المُرَيْرَاءُ التي تكون في الحنطة.
والسَّكْرَانُ: موضع؛ قال كُثيِّر يصف سحاباً:
وعَرَّسَ بالسَّكْرَانِ يَوْمَيْنِ، وارْتَكَى
يجرُّ كما جَرَّ المَكِيثَ المُسافِرُ
والسَّيْكَرَانُ: نَبْتٌ؛ قال:
وشَفْشَفَ حَرُّ الشَّمْسِ كُلَّ بَقِيَّةٍ
من النَّبْتِ، إِلاَّ سَيْكَراناً وحُلَّبَا
قال أَبو حنيفة: السَّيْكَرانُ مما تدوم خُضْرَتُه القَيْظَ كُلَّهُ
قال: وسأَلت شيخاً من الأَعراب عن السَّيْكَرانِ فقال: هو السُّخَّرُ ونحن
نأْكله رَطْباً أَيَّ أَكْلٍ، قال: وله حَبٌّ أَخْضَرُ كحب الرازيانج.
ويقال للشيء الحارّ إِذا خَبَا حَرُّه وسَكَنَ فَوْرُه: قد سَكَرَ يَسْكُرُ.
وسَكَّرَهُ تَسْكِيراً: خَنَقَه؛ والبعيرُ يُسَكِّرُ آخر بذراعه حتى
يكاد يقتله. التهذيب: روي عن أَبي موسى الأَشعري أَنه قال: السُّكُرْكَةُ
خمر الحبشة؛ قال أَبو عبيد: وهي من الذرة؛ قال الأَزهري: وليست بعربية،
وقيده شمر بخطه: السُّكْرُكَةُ، الجزم على الكاف والراء مضمومة. وفي الحديث:
أَنه سئل عن الغُبَيْراء فقال: لا خير فيها، ونهى عنها؛ قال مالك:
فسأَلت زيد بن أَسلم: ما الغبيراء؟ فقال: هي السكركة، بضم السين والكاف وسكون
الراء، نوع من الخمور تتخذ من الذرة، وهي لفظة حبشية قد عرّبت، وقيل:
السُّقُرْقَع. وفي الحديث: لا آكل في سُكُرُّجَة؛ هي، بضم السين والكاف
والراء والتشديد، إِناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأُدْمِ، وهي فارسية،
وأَكثر ما يوضع فيها الكوامخ ونحوها.
ظلل: ظَلَّ نهارَه يفعل كذا وكذا يَظَلُّ ظَلاًّ وظُلُولاً وظَلِلْتُ
أَنا وظَلْتُ وظِلْتُ، لا يقال ذلك إِلاَّ في النهار لكنه قد سمع في بعض
الشعر ظَلَّ لَيْلَه، وظَلِلْت أَعْمَلُ كذا، بالكسر، ظُلُولاً إِذا
عَمِلْته بالنهار دون الليل؛ ومنه قوله تعالى: فَظَلْتم تَفَكَّهون، وهو من
شَواذِّ التخفيف. الليث: يقال ظَلَّ فلان نهارَه صائماً، ولا تقول العرب
ظَلَّ يَظَلُّ إِلا لكل عمل بالنهار، كما لا يقولون بات يبيت إِلا بالليل،
قال: ومن العرب من يحذف لام ظَلِلْت ونحوها حيث يظهران، فإِن أَهل الحجاز
يكسرون الظاء كسرة اللام التي أُلْقِيَتْ فيقولون ظِلْنا وظِلْتُم المصدر
الظُّلُول، والأَمر اظْلَلْ وظَلَّ؛ قال تعالى: ظَلْتَ عليه عاكفاً،
وقرئ ظِلْتَ، فمن فَتَح فالأَصل فيه ظَلِلْت ولكن اللام حذفت لثِقَل
التضعيف والكسر وبقيت الظاء على فتحها، ومن قرأَ ظِلْتَ، بالكسر، حَوَّل كسرة
اللام على الظاء، ويجوز في غير المكسور نحو هَمْت بذلك أَي هَمَمْت
وأَحَسْنت بذلك أَي أَحْسَسْت، قال: وهذا قول حُذَّاق النحويين؛ قال ابن سيده:
قال سيبويه أَمَّا ظِلْتُ فأَصله ظَلِلْتُ إِلاَّ أَنهم حذفوا فأَلقوا
الحركة على الفاء كما قالوا خِفْت، وهذا النَّحْوُ شاذٌّ، قال: والأَصل فيه
عربي كثير، قال: وأَما ظَلْت فإِنها مُشَبَّهة بِلَسْت؛ وأَما ما أَنشده
أَبو زيد لرجل من بني عقيل:
أَلَمْ تَعْلَمِي ما ظِلْتُ بالقوم واقفاً
على طَلَلٍ، أَضْحَتْ مَعارِفُه قَفْرا
قال ابن جني: قال كسروا الظاء في إِنشادهم وليس من لغتهم. وظِلُّ
النهارِ: لونُه إِذا غَلَبَتْه الشمسُ. والظِّلُّ: نقيض الضَّحِّ، وبعضهم يجعل
الظِّلَّ الفَيْء؛ قال رؤبة: كلُّ موضع يكون فيه الشمس فتزول عنه فهو
ظِلٌّ وفَيْء، وقيل: الفيء بالعَشِيِّ والظِّلُّ بالغداة، فالظِّلُّ ما كان
قبل الشمس، والفيء ما فاء بعد. وقالوا: ظِلُّ الجَنَّة، ولا يقال
فَيْؤها، لأَن الشمس لا تُعاقِب ظِلَّها فيكون هنالك فيء، إِنما هي أَبداً
ظِلٌّ، ولذلك قال عز وجل: أُكُلُها دائمٌ وظِلُّها؛ أَراد وظِلُّها دائم
أَيضاً؛ وجمع الظِّلِّ أَظلالٌ وظِلال وظُلُولٌ؛ وقد جعل بعضهم للجنة فَيْئاً
غير أَنه قَيَّده بالظِّلِّ، فقال يصف حال أَهل الجنة وهو النابغة
الجعدي:فَسلامُ الإِلهِ يَغْدُو عليهم،
وفُيُوءُ الفِرْدَوْسِ ذاتُ الظِّلال
وقال كثير:
لقد سِرْتُ شَرْقيَّ البِلادِ وغَرْبَها،
وقد ضَرَبَتْني شَمْسُها وظُلُولُها
ويروى:
لقد سِرْتُ غَوْرِيَّ البِلادِ وجَلْسَها
والظِّلَّة: الظِّلال. والظِّلال: ظِلال الجَنَّة؛ وقال العباس بن عبد
المطلب:
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلال وفي
مُسْتَوْدَعٍ، حَيْثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ
أَراد ظِلال الجنات التي لا شمس فيها. والظِّلال: ما أَظَلَّكَ من
سَحابٍ ونحوه. وظِلُّ الليلِ: سَوادُه، يقال: أَتانا في ظِلِّ الليل؛ قال ذو
الرُّمَّة:
قد أَعْسِفُ النَّازِحَ المَجْهولَ مَعْسِفُه،
في ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُومُ
وهو استعارة لأَن الظِّلَّ في الحقيقة إِنما هو ضوء شُعاع الشمس دون
الشُّعاع، فإِذا لم يكن ضَوْءٌ فهو ظُلْمة وليس بظِلٍّ.
والظُّلَّةُ أَيضاً
(* قوله «والظلة أيضاً إلخ» هذه بقية عبارة للجوهري
ستأتي، وهي قوله: والظلة، بالضم، كهيئة الصفة، الى أن قال: والظلة أيضاً
الى آخر ما هنا): أَوّل سحابة تُظِلُّ؛ عن أَبي زيد. وقوله تعالى:
يَتَفَيَّأُ ظِلاله عن اليمين؛ قال أَبو الهيثم: الظِّلُّ كلُّ ما لم تَطْلُع
عليه الشمسُ فهو ظِلٌّ، قال: والفَيْء لا يُدْعى فَيْئاً إِلا بعد الزوال
إِذا فاءت الشمسُ أَي رَجَعَتْ إِلى الجانب الغَرْبيِّ، فما فاءت منه
الشمسُ وبَقِيَ ظِلاًّ فهو فَيْء، والفَيْءُ شرقيٌّ والظِّلُّ غَرْبيٌّ،
وإِنما يُدْعى الظِّلُّ ظِلاًّ من أَوَّل النهار إِلى الزوال، ثم يُدْعى
فيئاً بعد الزوال إِلى الليل؛ وأَنشد:
فلا الظِّلَّ من بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعُه،
ولا الفَيْءَ من بَرْدِ العَشِيِّ تَذُوق
قال: وسَوادُ اللَّيلِ كلِّه ظِلٌّ، وقال غيره: يقال أَظَلَّ يومُنا هذا
إِذا كان ذا سحاب أَو غيره وصار ذا ظِلٍّ، فهو مُظِلٌّ. والعرب تقول:
ليس شيء أَظَلَّ من حَجَر، ولا أَدْفأَ من شَجَر، ولا أَشَدَّ سَواداً من
ظِلّ؛ وكلُّ ما كان أَرْفع سَمْكاً كان مَسْقَطُ الشَّمس أَبْعَد، وكلُّ
ما كان أَكثر عَرْضا وأَشَد اكتنازاً كان أَشد لسَوادِ ظِلِّه. وظِلُّ
الليل: جُنْحُه، وقيل: هو الليل نفسه، ويزعم المنجِّمون أَن الليل ظِلٌّ
وإِنما اسْوَدَّ جدّاً لأَنه ظِلُّ كُرَة الأَرض، وبِقَدْر ما زاد بَدَنُها
في العِظَم ازداد سواد ظِلِّها. وأَظَلَّتْني الشجرةُ وغيرُها،
واسْتَظَلَّ بالشجرة: اسْتَذْرى بها. وفي الحديث: إِنَّ في الجنة شَجَرةً يَسِير
الراكبُ في ظِلِّها مائةَ عامٍ أَي في ذَراها وناحيتها. وفي قول العباس:
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلال؛ أَراد ظِلال الجنة أَي كنتَ طَيِّباً
في صُلْب آدم حيث كان في الجنة، وقوله من قبلها أَي من قبل نزولك إِلى
الأَرض، فكَنى عنها ولم يتقدم ذكرها لبيان المعنى. وقوله عز وجل: ولله
يَسْجُد مَنْ في السموات والأَرض طَوْعاً وكَرْهاً وظِلالُهُم بالغُدُوِّ
والآصال؛ أَي ويَسْجُد ظِلالُهم؛ وجاء في التفسير: أَن الكافر يَسْجُدُ لغير
الله وظِلُّه يسجد لله، وقيل ظِلالُهم أَي أَشخاصهم، وهذا مخالف للتفسير.
وفي حديث ابن عباس: الكافر يَسْجُد لغير الله وظِلُّه يَسْجُد لله؛
قالوا: معناه يَسْجُد له جِسْمُه الذي عنه الظِّلُّ. ويقال للمَيِّت: قد
ضَحَا ظِلُّه. وقوله عز وجل: ولا الظِّلُّ ولا الحَزورُ؛ قال ثعلب: قيل
الظِّلُّ هنا الجنة، والحَرور النار، قال: وأَنا أَقول الظِّلُّ الظِّلُّ
بعينه، والحَرُور الحَرُّ بعينه. واسْتَظَلَّ الرجلُ: اكْتَنَّ بالظِّلِّ.
واسْتَظَلَّ بالظِّلِّ: مال إِليه وقَعَد فيه. ومكان ظَلِيلٌ: ذو ظِلٍّ،
وقيل الدائم الظِّلِّ قد دامت ظِلالَتُه. وقولهم: ظِلٌّ ظَلِيل يكون من
هذا، وقد يكون على المبالغة كقولهم شِعْر شاعر. وفي التنزيل العزيز:
ونُدْخِلهم ظِلاًّ ظَلِيلاً؛ وقول أُحَيْحَة بن الجُلاح يَصِف النَّخْل:
هِيَ الظِّلُّ في الحَرِّ حَقُّ الظَّلِيـ
ـلِ، والمَنْظَرُ الأَحْسَنُ الأَجْمَلُ
قال ابن سيده: المعنى عندي هي الشيء الظَّلِيل، فوضع المصدر موضع الاسم.
وقوله عز وجل: وظَلَّلْنا عليكم الغَمامَ؛ قيل: سَخَّر اللهُ لهم
السحابَ يُظِلُّهم حتى خرجوا إِلى الأَرض المقدَّسة وأَنزل عليهم المَنَّ
والسَّلْوى، والاسم الظَّلالة. أَبو زيد: يقال كان ذلك في ظِلِّ الشتاء أَي في
أَوَّل ما جاء الشتاء. وفَعَلَ ذلك في ظِلِّ القَيْظ أَي في شِدَّة
الحَرِّ؛ وأَنشد الأَصمعي:
غَلَّسْتُه قبل القَطا وفُرَّطِه،
في ظِلِّ أَجَّاج المَقيظ مُغْبِطِه
(* قوله «غلسته إلخ» كذا في الأصل والاساس، وفي التكملة: تقدم العجز على
الصدر).
وقولهم: مَرَّ بنا كأَنَّه ظِلُّ ذئب أَي مَرَّ بنا سريعاً كَسُرْعَة
الذِّئب. وظِلُّ الشيءِ: كِنُّه. وظِلُّ السحاب: ما وَارَى الشمسَ منه،
وظِلُّه سَوادُه. والشمسُ مُسْتَظِلَّة أَي هي في السحاب. وكُلُّ شيء
أَظَلَّك فهو ظُلَّة. ويقال: ظِلٌّ وظِلالٌ وظُلَّة وظُلَل مثل قُلَّة وقُلَل.
وفي التنزيل العزيز: أَلم تَرَ إِلى رَبِّك كيف مَدَّ الظِّلَّ. وظِلُّ
كلِّ شيء: شَخْصُه لمكان سواده. وأَظَلَّني الشيءُ: غَشِيَني، والاسم منه
الظِّلُّ؛ وبه فسر ثعلب قوله تعالى: إِلى ظِلٍّ ذي ثَلاث شُعَب، قال:
معناه أَن النار غَشِيَتْهم ليس كظِلِّ الدنيا. والظُّلَّة: الغاشيةُ،
والظُّلَّة: البُرْطُلَّة. وفي التهذيب: والمِظَلَّة البُرْطُلَّة، قال:
والظُّلَّة والمِظَلَّة سواءٌ، وهو ما يُسْتَظَلُّ به من الشمس. والظُّلَّة:
الشيء يُسْتَتر به من الحَرِّ والبرد، وهي كالصُّفَّة. والظُّلَّة:
الصَّيْحة. والظُّلَّة، بالضم: كهيئة الصُّفَّة، وقرئ: في ظُلَلٍ على الأَرائك
مُتَّكئون، وفي التنزيل العزيز: فأَخَذَهُم عذابُ يَوْمِ الظُّلَّة؛
والجمع ظُلَلٌ وظِلال. والظُّلَّة: ما سَتَرك من فوق، وقيل في عذاب يوم
(*
قوله «وقيل في عذاب يوم إلخ» كذا في الأصل) الظُّلَّة، قيل: يوم
الصُّفَّة، وقيل له يوم الظُّلَّة لأَن الله تعالى بعث غَمامة حارّة فأَطْبَقَتْ
عليهم وهَلَكوا تحتها. وكُلُّ ما أَطْبَقَ عليك فهو ظُلَّة، وكذلك كل ما
أَظَلَّك. الجوهري: عذابُ يوم الظُّلَّة قالوا غَيْمٌ تحته سَمُومٌ؛ وقوله
عز وجل: لهم مِنْ فوقِهم ظُلَلٌ من النار ومن تحتهم ظُلَلٌ؛ قال ابن
الأَعرابي: هي ظُلَلٌ لمَنْ تحتهم وهي أَرض لهم، وذلك أَن جهنم أَدْرَاكٌ
وأَطباق، فبِساطُ هذه ظُلَّةٌ لمَنْ تحتَه، ثم هَلُمَّ جَرًّا حتى ينتهوا
إِلى القَعْر. وفي الحديث: أَنه ذكر فِتَناً كأَنَّها الظُّلَل؛ قل: هي
كُلُّ ما أَظَلَّك، واحدتها ظُلَّة، أَراد كأَنَّها الجِبال أَو السُّحُب؛
قال الكميت:
فكَيْفَ تَقُولُ العَنْكَبُوتُ وبَيتُها،
إِذا ما عَلَتْ مَوْجاً من البَحْرِ كالظُّلَل؟
وظِلالُ البحر: أَمواجُه لأَنها تُرْفَع فتُظِلُّ السفينةَ ومن فيها،
ومنه عذاب يوم الظُّلَّة، وهي سحابة أَظَلَّتْهم فَلَجؤوا إِلى ظِلِّها من
شِدَّة الحرّ فأَطْبَقَتْ عليهم وأَهْلَكَتْهم. وفي الحديث: رأَيت كأَنَّ
ظُلَّةً تَنْطِف السَّمْنَ والعَسَل أَي شِبْهَ السَّحَابة يَقْطُرُ
منها السَّمْنُ والعسلُ، ومنه: البقرةُ وآلُ عمران كأَنَّهما ظُلَّتانِ أَو
غَمامتان؛ وقوله:
وَيْحَكَ، يا عَلْقَمَةُ بنَ ماعِزِ
هَلْ لَكَ في اللَّواقِح الحَرَائزِ،
وفي اتِّباعِ الظُّلَل الأَوَارِزِ؟
قيل: يَعْني بُيوتَ السَّجْن. والمِظَلَّة والمَظَلَّة: بيوت الأَخبية،
وقيل: المِظَلَّة لا تكون إِلا من الثياب، وهي كبيرة ذات رُواقٍ، وربما
كانت شُقَّة وشُقَّتين وثلاثاً، وربما كان لها كِفَاءٌ وهو مؤخَّرها. قال
ابن الأَعرابي: وإِنما جاز فيها فتح الميم لأَنها تُنْقل بمنزلة البيت.
وقال ثعلب: المِظَلَّة من الشعر خاصة. ابن الأَعرابي: الخَيْمة تكون من
أَعواد تُسْقَف بالثُّمام فلا تكون الخيمة من ثياب، وأَما المَظَلَّة فمن
ثياب؛ رواه بفتح الميم. وقال أَبو زيد: من بيوت الأَعراب المَظَلَّة، وهي
أَعظم ما يكون من بيوت الشعر، ثم الوَسُوط نعت المَظَلَّة، ثم الخِباء
وهو أَصغر بيوت الشَّعَر. والمِظَلَّة، بالكسر: البيت الكبير من الشَّعَر؛
قال:
أَلْجَأَني اللَّيْلُ، وَرِيحٌ بَلَّه
إِلى سَوادِ إِبلٍ وثَلَّه،
وسَكَنٍ تُوقَد في مِظَلَّه
وعَرْشٌ مُظَلَّل: من الظِّلِّ. وقال أَبو مالك: المِظَلَّة والخباء
يكون صغيراً وكبيراً؛ قال: ويقال للبيت العظيم مِظَلَّة مَطْحُوَّة
ومَطْحِيَّة وطاحِيَة وهو الضَّخْم. ومَظَلَّة ومِظَلَّة: دَوْحة
(* قوله «ومظلة
دوحة» كذا في الأصل والتهذيب).
ومن أَمثال العرب: عِلَّةٌ ما عِلَّه أَوْتادٌ وأَخِلَّه، وعَمَدُ
المِظَلَّه، أَبْرِزُوا لصِهْرِكم ظُلَّه؛ قالته جارية زُوِّجَتْ رَجُلاً
فأَبطأَ بها أَهْلُها على زوجها، وجَعَلُوا يَعْتَلُّون بجمع أَدوات البيت
فقالت ذلك اسْتِحْثاثاً لهم؛ وقول أُمَيَّة بن أَبي عائذ الهذلي:
ولَيْلٍ، كأَنَّ أَفانِينَه
صَراصِرُ جُلِّلْنَ دُهْمَ المَظالي
إِنما أَراد المَظالَّ فخَفَّف اللام، فإِمَّا حَذَفها وإِمَّا
أَبْدَلَها ياءً لاجتماع المثلين لا سيما إِن كان اعتقد إِظهار التضعيف فإِنه
يزداد ثِقَلاً ويَنْكَسِر الأَول من المثلين فتدعو الكسرةُ إِلى الياء فيجب
على هذا القول أَن يُكْتب المَظالي بالياء؛ ومثْلُهُ سَواءً ما أَنشده
سيبويه لعِمْران بن حِطَّان:
قد كُنْتُ عِنْدَك حَوْلاً، لا يُرَوَّعُني
فيه رَوَائعُ من إِنْس ولا جانِ
وإِبدالُ الحرف أَسهلُ من حذفه. وكُلُّ ما أَكَنَّك فقد أَظَلَّكَ.
واسْتَظَلَّ من الشيء وبه وتَظَلَّل وظَلَّله عليه. وفي التنزيل العزيز:
وظَلَّلنا عليهم الغَمامَ.
والإِظْلالُ: الدُّنُوُّ؛ يقال: أَظَلَّك فلان أَي كأَنه أَلْقى عليك
ظِلَّه من قُرْبه. وأَظَلَّك شهرُ رمضان أَي دَنا منك. وأَظَلَّك فلان:
دَنا منك كأَنه أَلْقى عليك ظِلَّه، ثم قيل أَظَلَّك أَمرٌ. وفي الحديث:
أَنه خطب آخر يوم من شعبان فقال: أَيها الناس قد أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عظيم
أَي أَقْبَل عليكم ودَنا منكم كأَنه أَلْقى عليكم ظِلَّه. وفي حديث كعب ابن
مالك: فلما أَظَلَّ قادماً حَضَرَني بَثِّي. وفي الحديث: الجنَّةُ تحت
ظِلالِ السيوف؛ هو كناية عن الدُّنُوِّ من الضِّرب في الجهاد في سبيل الله
حتى يَعْلُوَه السيفُ ويَصِيرَ ظِلُّه عليه.
والظِّلُّ: الفَيْءُ الحاصل من الحاجز بينك وبين الشمس أَيَّ شيء كان،
وقيل: هو مخصوص بما كان منه إِلى الزوال، وما كان بعده فهو الفيء. وفي
الحديث: سَبْعَةٌ يُظِلُّهم اللهُ في ظِلِّ العرش أَي في ظِلِّ رحمته. وفي
الحديث الآخر: السُّلْطانُ ظِلُّ الله في الأَرض لأَنه يَدْفَع الأَذى عن
الناس كما يَدْفَع الظِّلُّ أَذى حَرِّ الشمس، قال: وقد يُكْنى بالظِّلِّ
عن الكَنَف والناحية. وأَظَلَّك الشيء: دَنا منك حتى أَلقى عليك ظِلُّه
من قربه. والظِّلُّ: الخَيال من الجِنِّ وغيرها يُرى، وفي التهذيب: شِبْه
الخيال من الجِنِّ، ويقال: لا يُجاوِزْ ظِلِّي ظِلَّك.
ومُلاعِب ظِلَّه: طائرٌ سمي بذلك. وهما مُلاعِبا ظِلِّهما ومُلاعِباتُ
ظِلِّهن، كل هذ في لغة، فإِذا جَعَلته نكرة أَخْرَجْتَ الظِّلَّ على
العِدَّةِ فقلت هُنَّ مُلاعِباتٌ أَظْلالَهُنَّ؛ وقول عنترة:
ولقد أَبِيتُ على الطَّوى وأَظَلُّه،
حتى أَنالَ به كَرِيمَ المأْكَل
أَراد: وأَظَلُّ عليه. وقولهم في المثل: لأَتْرُكَنَّه تَرْكَ ظَبْيٍ
ظِلَّه؛ معناه كما تَرَكَ ظَبْيٌ ظِله. الأَزهري: وفي أَمثال العرب: تَرَكَ
الظَّبْيُ ظِلَّه؛ يُضْرَب للرجل النَّفُور لأَن الظَّبْي إِذا نَفَر من
شيء لا يعود إِليه أَبداً، وذلك إِذا نَفَر، والأَصل في ذلك أَن
الظَّبْيَ يَكْنِس في الحَرّ فيأْتيه السامي فيُثِيره ولا يعود إِلى كِناسِه،
فيقال تَرَكَ الظَّبْيُ ظِلَّه، ثم صار مثلاً لكل نافر من شيء لا يعود
إِليه. الأَزهري: ومن أَمثالهم أَتيته حين شَدَّ الظََّّبْيُ ظِلَّه، وذلك
إِذا كَنَس نِصْف النهار فلا يَبْرَح مَكْنِسَه. ويقال: أَتيته حين
يَنْشُدُ الظَّبْيُ ظِلَّه أَي حين يشتدُّ الحَرُّ فيطلب كِناساً يَكْتَنُّ فيه
من شدة الحر. ويقال: انْتَعَلَتِ المَطايا ظِلالها إِذا انتصف النهار في
القَيْظ فلم يكُن لها ظِلٌّ؛ قال الراجز:
قد وَرَدَتْ تَمْشِي على ظِلالِها،
وذابَت الشَّمْس على قِلالها
وقال آخر في مثله:
وانْتَعَلَ الظِّلَّ فكان جَوْرَبا
والظِّلُّ: العِزُّ والمَنَعة. ويقال: فلان في ظِلِّ فلان أَي في ذَراه
وكَنَفه. وفلان يعيش في ظِلِّ فلان أَي في كَنَفه. واسْتَظَلَّ الكَرْمُ:
التَفَّتْ نَوامِيه.
وأَظَلُّ الإِنسان: بُطونُ أَصابعه وهو مما يلي صدر القَدَم من أَصل
الإِبهام إِلى أَصل الخِنْصَرِ، وهو من الإِبل باطن المَنْسِم؛ هكذا
عَبَّروا عنه ببطون؛ قال ابن سيده: والصواب عندي أَن الأَظَلَّ بطن الأُصبع؛
وقال ذو الرُّمَّة في مَنْسِم البعير:
دامي الأَظلِّ بَعِيد الشَّأْوِ مَهْيُوم
قال الأَزهري: سمعت أَعرابيّاً من طَيِّءٍ يقول لِلَحْمٍ رقيقٍ لازقٍ
بباطن المَنْسِم من البعير هو المُسْتَظِلاَّتُ، وليس في لحم البعير مُضْغة
أَرَقُّ ولا أَنعم منها غير أَنه لا دَسَم فيه. وقال أَبو عبيد في باب
سوء المشاركة في اهتمام الرجل بشأْن أَخيه: قال أَبو عبيدة إِذا أَراد
المَشْكُوُّ إِليه أَنه في نَحْوٍ مما فيه صاحبُه الشَّاكي قال له إِن
يَدْمَ أَظَلُّكَ فقد نَقِبَ خُفِّي؛ يقول: إِنه في مثل حالك؛ قال لبيد:
بنَكِيبٍ مَعِرٍ دامي الأَظَلّ
قال: والمَنْسِمُ للبعير كالظُّفُر للإِنسان. ويقال للدم الذي في الجوف
مُسْتَظِلُّ أَيضاً؛ ومنه قوله:
مِنْ عَلَق الجَوْفِ الذي كان اسْتَظَلّ
ويقال: اسْتَظَلَّت العينُ إِذا غارت؛ قال ذو الرمة:
على مُسْتَظِلاَّتِ العُيونِ سَوَاهِمٍ،
شُوَيْكِيَةٍ يَكْسُو بُرَاها لُغَامُها
ومنه قول الراجز:
كأَنَّما وَجْهُكَ ظِلٌّ من حَجَر
قال بعضهم: أَراد الوَقاحة، وقيل: إِنه أَراد أَنه أَسودُ الوجه. غيره:
الأَظَلُّ ما تحت مَنْسِم البعير؛ قال العَجَّاج:
تَشْكو الوَجَى من أَظْلَلٍ وأَظْلَل،
مِنْ طُولِ إِمْلالٍ وظَهْرٍ أَمْلَل
إِنما أَظهر التضعيف ضرورة واحتاج إِلى فَكِّ الإِدغام كقول قَعْنَب بن
أُمِّ صاحب:
مَهْلاً أَعاذِلَ، قد جَرَّبْتِ منْ خُلُقِي
أَنِّي أَجُودُ لأَقوامٍ، وإِنْ ضَنِنُوا
والجمع الظُّلُّ، عاملوا الوصف
(* قوله «عاملوا الوصف» هكذا في الأصل،
وفي شرح القاموس: عاملوه معاملة الوصف) أَو جمعوه جمعاً شاذّاً؛ قال ابن
سيده: وهذا أَسبق لأَني لا أَعرف كيف يكون صفة. وقولهم في المثل: لَكِنْ
على الأَثَلاثِ لَحْمٌ لا يُظَلَّل؛ قاله بَيْهَسٌ في إِخوته المقتولين
لما قالوا ظَلِّلوا لَحْمَ جَزُورِكم.
والظَّلِيلة: مُسْتَنْقَع الماء في أَسفل مَسِيل الوادي. والظَّلِيلة:
الرَّوْضة الكثيرة الحَرَجات، وفي التهذيب: الظَّلِيلة مُسْتَنْقَع ماءٍ
قليلٍ في مَسِيل ونحوه، والجمع الظَّلائل، وهي شبه حُفْرة في بطنِ مَسِيل
ماءٍ فينقطع السيل ويبقى ذلك الماء فيها؛ قال رؤبة:
غادَرَهُنَّ السَّيْلُ في ظَلائلا
(* قوله «غادرهن السيل» صدره كما في التكملة: بخصرات تنقع الغلائلا).
ابن الأَعرابي: الظُّلْظُل السُّفُن وهي المَظَلَّة. والظِّلُّ: اسم
فَرَس مَسْلمة بن عبد
المَلِك. وظَلِيلاء: موضع، والله أَعلم.
لبس: اللُّبْسُ، بالضم: مصدر قولك لَبِسْتُ الثوبَ أَلْبَس، واللَّبْس،
بالفتح: مصدر قولك لَبَسْت عليه الأَمر أَلْبِسُ خَلَطْت. واللِّباسُ: ما
يُلْبَس، وكذلك المَلْبَس واللِّبْسُ، بالكسر، مثلُه. ابن سيده: لَبِسَ
الثوب يَلْبَسُه لُبْساً وأَلْبَسَه إِياه، وأَلْبَس عليك ثوبَك. وثوب
لَبِيس إِذا كثر لُبْسُه، وقيل: قد لُبِسَ فأَخْلَق، وكذلك مِلْحَفَة
لَبِيسٌ، بغير هاء، والجمع لُبُسٌ؛ وكذلك المزادة وجمعها لَبائِس؛ قال الكميت
يصف الثور والكلاب:
تَعَهّدَها بالطَّعْنِ، حتى كأَنما
يَشُقُّ بِرَوْقَيْهِ المَزادَ اللَّبائِسا
يعني التي قد استعملت حتى أَخْلَقَتْ، فهو أَطوَعُ للشَّقِّ والخَرْق.
ودارٌ لَبِيسٌ: على التشبيه بالثوْب الملبوس الخَلَق؛ قال:
دارٌ لِلَيْلى خَلَقٌ لَبِيسُ،
ليس بها من أَهلها أَنيسُ
وحَبْل لَبيسٌ:مستعمَل؛ عن أَبي حنيفة. ورجل لَبِيسٌ: ذو لِبَاسٍ، على
التَّشبيه؛ حكاه سيبويه. ولَبُوسٌ: كثير اللِّباس. واللَّبُوس: ما يُلبس؛
وأَنشد ابن السكيت لِبَيْهَس الفزاري، وكان بَيْهس هذا قتل له ستة إِخوة
هو سابعُهم لما أَغارَتْ عليهم أَشْجَع، وإِنما تركوا بَيْهَساً لأَنه
كان يحمُق فتركوه احْتِقاراً له، ثم إِنه مرَّ يوماً على نِسْوَة من قومه،
وهنَّ يُصلِحْن امرأَة يُرِدْنَ أَن يُهْدِينَها لبعض من قَتَل إِخَوتَه.
فكشف ثوبه عن اسْتِه وغطَّى رأَسه فقلْنَ له: وَيْلَك أَيَّ شيء تصنَع؟
فقال:
الْبَسْ لِكُلِّ حَالَة لَبُوسَها:
إِمَّا نَعِيمَها وإِمَّا بُوسَهَا
واللَّبُوس: الثياب والسِّلاح. مُذكَّر، فإِن ذهبت به إِلى الدِّرْع
أَنَّثْتَ. وقال اللَّه تعالى: وعلَّمناه صَنْعَة لَبُوس لكم؛ قالوا: هو
الدِّرْعُ تُلبَس في الحروب. ولِبْسُ الهَوْدج: ما عليه من الثياب. يقال:
كشَفْت عن الهَوْدج لِبْسَه، وكذلك لِبْس الكعبة، وهو ما علينا من
اللِّباسِ؛ قال حميد بن ثور يصف فرَساً خدمته جَواري الحيِّ:
فَلَما كَشَفْنَ اللِّبْسَ عنه مَسَحْنَهُ
بأَطْرافِ طَفْلٍ، زانَ غَيْلاً مُوَشَّما
وإِنه لحسَنُ اللَّبْسَة واللِّباس. واللِّبْسَةُ: حالة من حالات
اللُّبْس؛ ولَبِستُ الثوب لَبْسَةً واحدة. وفي الحديث: أَنه نهى عن
لِبْسَتَيْن، هي بكسر اللام، الهيئة والحالة، وروي بالضم على المصدر؛ قال الأَثير:
والأَوّل الوجه. ولِباسُ النَّوْرِ: أَكِمَّتُهُ. ولِباسُ كل شيء:
غِشاؤُه. ولِباس الرجل: امرأَتُه، وزوجُها لِباسُها. وقوله تعالى في النساء:
هنَّ لِباسٌ لكم وأَنتم لِباسٌ لهنَّ؛ أَي مثل اللِّباسِ؛ قال الزجاج:: قد
قيل فيه غيرُ ما قوْلٍ قيل: المعنى تُعانِقونهنَّ ويُعانِقْنَكم، وقيل:
كلُّ فَرِيقٍ منكم يَسْكُنُ إِلى صاحبه ويُلابِسُه كما قال تعالى: وجَعَل
منها زوجها ليَسْكُنْ إِليها. والعرب تسَمِّي المرأَة لِباساً وإِزاراً؛
قال الجعدي يصف امرأَة:
إِذا ما الضَّجِيعُ ثَنَى عِطْفَها،
تَثَنَّتْ، فكانت عليه لِباسا
ويقال: لَبِسْت امرأَة أَي تمتَّعت بها زماناً، ولَبِست قَوْماً أَي
تملَّيْت بهم دهراً؛ وقال الجعدي:
لَبِسْت أُناساً فأَفْنَيْتُهُمْ،
وأَفْنَيْتُ بعد أُناسٍ أُناسا
ويقال: لَبِسْت فلانة عُمْرِي أَي كانت معي شَبابي كلَّه. وتَلَبَّسَ
حُبُّ فلانة بَدَمِي ولَحْمِي أَي اختلط. وقوله تعالى: الذي جعل لكم الليل
لِباساً أَي تَسْكُنُون فيه، وهو مشتملٌ عليكم. وقال أَبو إِسحق في قوله
تعالى: فأَذاقها اللَّه لِباسَ الجُوعِ والخَوْف، جاعُوا حتى أَكلوا
الوَبَرَ بالدَّمِ وبلغ منهم الجُوعُ الحالَ التي لا غاية بعدها، فضُرِبَ
اللِّباسُ لما نالهم مثلاً لاشتماله على لابِسِه. ولِباسُ التَّقْوَى:
الحياءُ؛ هكذا جاء في التفسير، ويقال: الغليظ الخشِنُ القصير.
وأُلْبِسَتِ الأَرض: غطَّاها النَّبْتُ. وأَلبَسْت الشيء، بالأَلف، إِذا
غَطَّيْته. يقال: أَلْبَس السماءَ السحابُ إِذا غَطَّاها. ويقال:
الحَرَّةُ الأَرض التي لَبِسَتها حجارة سُودٌ. أَبو عمرو: يقال للشيء إِذا
غَطَّاه كلَّه أَلبَسَه ولا يكون لَبِسَه كقولهم أَلبَسَنا الليل، وأَلْبَسَ
السماءَ السحابُ ولا يكون لَبِسَنا الليل ولا لَبِس السماءَ السحابُ.
ويقال: هذه أَرض أَلْبَسَتْها حجارة سود أَي غطَّتْها. والدَّجْنُ: أَن
يُلْبِسَ الغيمُ السماء.
والمَلْبَسُ: كاللِّباسِ. وفي فلان مَلْبَسٌ أَي مُسْتَمْتَعٌ. قال أَبو
زيد: يقال إَن في فلان لمَلْبَساً أَي ليس به كِبْرٌ، ويقال: كِبَرٌ،
ويقال: ليس لفلان لَبِيسٌ أَي ليس له مثل. وقال أَبو مالك: هو من
المُلابَسَة وهي المُخالَطة. وجاء لابِساً أُذُنَيْه أَي مُتغافلاً، وقد لَبِس له
أُذُنَهُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَبِسْتُ لِغالِبٍ أُذُنَيَّ، حتَّى
أَراد لقَوْمِه أَنْ يأْكُلُوني
يقول: تغافَلْت له حتى أَطمَعَ قومَه فيَّ.
واللَّبْسُ واللَّبَسُ: اختلاط الأَمر. لبَسَ عليه الأَمرَ يَلْبِسُه
لَبْساً فالْتَبَسَ إِذا خَلَطَه عليه حتى لا يعرِف جِهَتَه. وفي
المَوْلَدِ والمَبْعَثِ: فجاء المَلَكُ فشقَّ عن قلبه، قال: فَخِفْتْ أَن يكون قد
الْتُبِسَ بي أَي خُولِطْت في عَقْلي، من قولك في رَأْيهِ لَبْسٌ أَي
اختلاطٌ، ويقال للمجنون: مُخالَط. والْتَبَسَ عليه الأَمر أَي اختلَطَ
واشْتَبَه. والتَّلْبيسُ: كالتَّدْليس والتَّخليط، شُدِّد للمبالغة، ورجل
لَبَّاسٌ ولا تقل مُلَبَّس. وفي حديث جابر: لما نزل قوله تعالى: أَو
يُلْبِسَكُم شِيَعاً؛ اللَّبْس: الخلْط. يقال: لَبَسْت الأَمر، بالفتح، أَلْبِسُه
إِذا خَلَطت بعضه ببعض، أَي يَجْعَلكم فِرَقاً مختلفين؛ ومنه الحديث:
فَلَبَسَ عليه صَلاتَه. والحديث الآخر: من لَبَسَ على نفسه لَبْساً، كلُّه
بالتخفيف؛ قال: وربما شدد للتكثير؛ ومنه حديث ابن صيّاد: فَلَبَسَني أَي
جَعَلني أَلْتَبِسُ في أَمره، والحديث الآخر: لَبَسَ عليه. وتَلَبَّس بيَ
الأَمرُ: اختلط وتعلق؛ أَنشد أَبو حنيفة:
تَلَبَّسَ حُبُّها بَدَمي ولَحْمِي،
تَلَبُّسَ عِطْفَةٍ بفُرُوعِ ضالِ
وتَلَبَّسَ بالأَمر وبالثَّوْب. ولابَسْتُ الأَمرَ: خالَطْتُه. وفيه
لُبْسٌ ولُبْسَةٌ أَي التِباسٌ. وفي التنزيل العزيز: وللبَسْنا عليهم ما
يَلْبِسُون؛ يقال: لَبَسْت الأَمر على القوم أَلْبِسُه لَبْساً إِذا
شَبَّهْتَه عليهم وجَعَلتَه مُشْكِلاً، وكان رؤساء الكفار يَلْبِسُون على
ضَعَفَتهم في أَمر النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، فقالوا: هَلاَّ أُنزل إِلينا
مَلَك؟ قال اللَّه تعالى: ولو أَنزَلْنا مَلَكاً فرأَوْه، يعني المَلَك،
رجُلاً لكان يَلْحَقهم فيه من اللَّيْس مثل ما لحق ضَعَفَتَهُم منه. ومن
أَمثالهم: أَعْرَضَ ثَوْبُ المُلْتَبِس إِذا سأَلتَه عن أَمر فلم
يُبَيِّنْهُ لك. وفي التهذيب: أَعْرَضَ ثَوْبُ المُلْبِسِ؛ يُضرَب هذا المَثَل
لِمَن اتَّسَعت فِرْقَتُه أَي كثر من يَتَّهِمُه فيما سَرَقه.
والمِلْبَس: الذي يلبسُك ويُجلِّلك. والمِلْبَسُ: الليل بعَيْنه كما
تقول إِزارٌ ومِئْزًرٌ ولِحافٌ ومِلْحَفٌ؛ ومن قال المَلْبَس أَراد ثَوْب
اللُّبْس كما قال:
وبَعْدَ المَشِيبِ طُول عُمْرٍ ومَلْبَسَا
وروي عن الأَصمعي في تفسير هذا المثل قال: ويقال ذلك للرجل، يقال له:
ممن أَنت؟ فيقول: من مُضَر أَو من رَبيعَة أَو من اليَمَن أَي عَمَمْت ولم
تخصَّ. واللَّبْسُ: اختِلاطُ الظلام. وفي الحديث: لُبْسَةٌ، بالضم، أَي
شُبْهَةٌ ليس بواضح. وفي الحديث: فيَأْكلُ فما يَتَلَبَّسُ بِيَدِه طَعام
أَي لا يَلْزَق به لنظافة أَكله؛ ومنه الحديث: ذهب ولم يَتَلَبَّسْ منها
بشيء يعني من الدنيا. وفي كلامه لَبُوسة ولُبُوسَة أَي أَنه مُلْتَبِس؛
عن اللحياني، ولَبَّسَ الشيءُ: الْتَبَسَ، وهو من باب:
قد بَيَّنَ الصبحُ لِذِي عَينَيْن
ولابَسَ الرجلُ الأَمر: خالطَه. ولابَسْتَ فلاناً: عَرَفت باطنَه. وما
في فلان مَلبَس أَي مُسْتَمْتَع. ورجل البِيسٌ: أَحمق
(* قوله «البيس
أَحمق» كذا في الأصل. وفي شرح القاموس: ورجل لبيس، بكسر اللام. أَحمق.).
الليث: اللَّبَسَة بَقْلة؛ قال الأَزهري: لا أَعرف اللَّبَسَة في
البُقُول ولم أَسمع بها لغير الليث.