عن الفارسية بلبلة بمعنى كوز له قناة ينصب منها الماء.
عن الفارسية بلبلة بمعنى كوز له قناة ينصب منها الماء.
بلل: البَلَل: النَّدَى. ابن سيده. البَلَل والبِلَّة النُّدُوَّةُ؛ قال
بعض الأَغْفال:
وقِطْقِطُ البِلَّة في شُعَيْرِي
أَراد: وبِلَّة القِطْقِط فقلب. والبِلال: كالبِلَّة؛ وبَلَّه بالماء
وغيره يَبُلُّه بَلاًّ وبِلَّة وبَلَّلهُ فَابْتَلَّ وتَبَلَّلَ؛ قال ذو
الرمة:
وما شَنَّتَا خَرْقاءَ واهِيَة الكُلَى،
سَقَى بهما سَاقٍ، ولَمَّا تَبَلَّلا
والبَلُّ: مصدر بَلَلْت الشيءَ أَبُلُّه بَلاًّ. الجوهري: بَلَّه
يَبُلُّه أَي نَدَّاه وبَلَّلَه، شدّد للمبالغة، فابْتَلَّ. والبِلال: الماء.
والبُلالة: البَلَل. والبِلال: جمع بِلَّة نادر. واسْقِه على بُلَّتِه أَي
ابتلاله. وبَلَّة الشَّباب وبُلَّتُه: طَرَاؤه، والفتح أَعلى. والبَلِيل
والبَلِيلَة: ريح باردة مع نَدًى، ولا تُجْمَع. قال أَبو حنيفة: إِذا
جاءت الريح مع بَرْد ويُبْس ونَدًى فهي بَلِيل، وقد بَلَّتْ تَبِلُّ
بُلولاً؛ فأَما قول زياد الأَعجم:
إِنِّي رأَيتُ عِدَاتِكم
كالغَيْث، ليس له بَلِيل
فمعناه أَنه ليس لها مَطْل فَيُكَدِّرَها، كما أَن الغَيْث إِذا كانت
معه ريح بَلِيل كدَّرَتْه. أَبو عمرو: البَلِيلة الريح المُمْغِرة، وهي
التي تَمْزُجها المَغْرة، والمَغْرة المَطَرة الضعيفة، والجَنُوب أَبَلُّ
الرِّياح. وريح بَلَّة أَي فيها بَلَل. وفي حديث المُغيرة: بَلِيلة
الإِرْعاد أَي لا تزال تُرْعِد وتُهَدِّد؛ والبَليلة: الريح فيها نَدى، جعل
الإِرعاد مثلاً للوعيد والتهديد من قولهم أَرْعَد الرجلُ وأَبْرَق إِذا
تَهَدَّد وأَوعد، والله أَعلم. ويقال: ما سِقَائك بِلال أَي ماء. وكُلُّ ما
يُبَلُّ به الحَلْق من الماء واللَّبن بِلال؛ ومنه قولهم: انْضَحُوا
الرَّحِمَ بِبلالها أَي صِلُوها بصِلَتِها ونَدُّوها؛ قال أَوس يهجو الحكم بن
مروان بن زِنْبَاع:
كأَنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ، حين مَدَحْتُه،
صَفَا صَخْرَةٍ صَمَّاء يَبْسٍ بِلالُها
وبَلَّ رَحِمَه يَبُلُّها بَلاًّ وبِلالاً: وصلها. وفي حديث النبي،صلى
الله عليه وسلم: بُلُّوا أَرحامَكم ولو بالسَّلام أَي نَدُّوها بالصِّلة.
قال ابن الأَثير: وهم يُطْلِقون النَّداوَة على الصِّلة كما يُطْلِقون
اليُبْس على القَطِيعة، لأَنهم لما رأَوا بعض الأَشياء يتصل ويختلط
بالنَّداوَة، ويحصل بينهما التجافي والتفرّق باليُبْس، استعاروا البَلَّ لمعنى
الوصْل واليُبْسَ لمعنى القَطِيعة؛ ومنه الحديث: فإِن لكم رَحِماً
سأَبُلُّها بِبلالِها أَي أَصِلُكم في الدنيا ولا أُغْنِي عنكم من الله شيئاً.
والبِلال: جمع بَلَل، وقيل: هو كل ما بَلَّ الحَلْق من ماء أَو لبن أَو
غيره؛ ومنه حديث طَهْفَة: ما تَبِضُّ بِبِلال، أَراد به اللبن، وقيل
المَطَر؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: إِنْ رأَيت بَلَلاً من عَيْش أَي
خِصْباً لأَنه يكون مِنَ الماء. أَبو عمرو وغيره: بَلَلْت رَحِمي أَبُلُّها
بَلاًّ وبِلالاً وَصَلْتها ونَدَّيْتُها؛ قال الأَعْشَى:
إِما لِطَالِب نِعْمَةٍ تَمَّمتها،
ووِصَالِ رَحْم قد بَرَدْت بِلالَها
وقول الشاعر:
والرَّحْمَ فابْلُلْها بِخيْرِ البُلاَّن،
فإِنها اشْتُقَّتْ من اسم الرَّحْمن
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون البُلاَّن اسماً واحداً كالغُفْران
والرُّجْحان، وأَن يكون جمع بَلَل الذي هو المصدر، وإِن شئت جعلته المصدر لأَن
بعض المصادر قد يجمع كالشَّغْل والعَقْل والمَرَض. ويقال: ما في سِقَائك
بِلال أَي ماء، وما في الرَّكِيَّة بِلال.
ابن الأَعرابي: الــبُلْبُلة الهَوْدَج للحرائر وهي المَشْجَرة. ابن
الأَعرابي: التَّبَلُّل
(* قوله «التبلل» كذا في الأصل، ولعله محرف عن التبلال
كما يشهد به الشاهد وكذا أورده شارح القاموس).
الدوام وطول المكث في كل شيء؛ قال الربيع بن ضَبُع الفزاري:
أَلا أَيُّها الباغي الذي طالَ طِيلُه،
وتَبْلالُهُ في الأَرض، حتى تَعَوَّدا
وبَلَّك اللهُ ابْناً وبَلَّك بابْنٍ بَلاًّ أَي رَزَقَك ابناً، يدعو
له. والبِلَّة: الخَيْر والرزق. والبِلُّ: الشِّفَاء. ويقال: ما قَدِمَ
بِهِلَّة ولا بِلَّة، وجاءنا فلان فلم يأْتنا بِهَلَّة ولا بَلَّة؛ قال ابن
السكيت: فالهَلَّة من الفرح والاستهلال، والبَلَّة من البَلل والخير.
وقولهم: ما أَصاب هَلَّة ولا بَلَّة أَي شيئاً. وفي الحديث: من قَدَّر في
مَعِيشته بَلَّه الله أَي أَغناه. وبِلَّة اللسان: وقوعُه على مواضع الحروف
واستمرارُه على المنطق، تقول: ما أَحسن بِلَّة لسانه وما يقع لسانه إِلا
على بِلَّتِه؛ وأَنشد أَبو العباس عن ابن الأَعرابي:
يُنَفِّرْنَ بالحيجاء شاءَ صُعَائد،
ومن جانب الوادي الحَمام المُبَلِّلا
وقال: المبَلِّل الدائم الهَدِير، وقال ابن سيده: ما أَحسن بِلَّة لسانه
أَي طَوْعَه بالعبارة وإِسْماحَه وسَلاسَته ووقوعَه على موضع الحروف.
وبَلَّ يَبُلُّ بُلولاً وأَبَلَّ: نجا؛ حكاه ثعلب وأَنشد:
من صَقْع بازٍ لا تُبِلُّ لُحَمُه
لُحْمَة البَازِي: الطائرُ يُطْرَح له أَو يَصِيده. وبَلَّ من مرضه
يَبِلُّ بَلاًّ وبَلَلاً وبُلولاً واسْتَبَلَّ وأَبَلَّ: برَأَ وصَحَّ؛ قال
الشاعر:
إِذا بَلَّ من دَاءٍ به، خَالَ أَنه
نَجا، وبه الداء الذي هو قاتِله
يعني الهَرَم؛ وقال الشاعر يصف عجوزاً:
صَمَحْمَحة لا تشْتكي الدَّهرَ رأْسَها،
ولو نَكَزَتْها حَيَّةٌ لأَبَلَّتِ
الكسائي والأَصمعي: بَلَلْت وأَبْلَلْت من المرض، بفتح اللام، من
بَلَلْت. والبِلَّة: العافية. وابْتَلَّ وتَبَلَّل: حَسُنت حاله بعد الهُزال.
والبِلُّ: المُباحُ، وقالوا: هو لك حِلٌّ وبِلٌّ، فَبِلٌّ شفاء من قولهم
بَلَّ فلان من مَرَضه وأَبَلَّ إِذا بَرَأَ؛ ويقال: بِلٌّ مُبَاح مُطْلَق،
يمانِيَة حِمْيَريَّة؛ ويقال: بِلٌّ إِتباع لحِلّ، وكذلك يقال للمؤنث:
هي لك حِلٌّ، على لفظ المذكر؛ ومنه قول عبد المطلب في زمزم: لا أُحِلُّها
لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ، وهذا القول نسبه الجوهري للعباس بن عبد
المطلب، والصحيح أَن قائله عبد المطلب كما ذكره ابن سيده وغيره، وحكاه ابن
بري عن علي بن حمزة؛ وحكي أَيضاً عن الزبير بن بَكَّار: أَن زمزم لما
حُفِرَتْ وأَدرك منها عبد المطلب ما أَدرك، بنى عليها حوضاً وملأَه من ماء
زمزم وشرب منه الحاجُّ فحسده قوم من قريش فهدموه، فأَصلحه فهدموه بالليل،
فلما أَصبح أَصلحه فلما طال عليه ذلك دعا ربه فأُرِيَ في المنام أَن
يقول: اللهم إِني لا أُحِلُّها لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ فإِنك تكفي
أَمْرَهم، فلما أَصبح عبد المطلب نادى بالذي رأَى، فلم يكن أَحد من قريش
يقرب حوضه إِلا رُميَ في بَدَنه فتركوا حوضه؛ قال الأَصمعي: كنت أَرى أَن
بِلاًّ إِتباع لحِلّ حتى زعم المعتمر بن سليمان أَن بِلاًّ مباح في لغة
حِمْيَر؛ وقال أَبو عبيد وابن السكيت: لا يكون بِلٌّ إِتباعاً لحِلّ لمكان
الواو. والبُلَّة، بالضم: ابتلال الرُّطْب. وبُلَّة الأَوابل: بُلَّة
الرُّطْب. وذهبت بُلَّة الأَوابل أَي ذهب ابتلال الرُّطْب عنها؛ وأَنشد
لإِهاب ابن عُمَيْر:
حتى إِذا أَهْرَأْنَ بالأَصائل،
وفارَقَتْها بُلَّة الأَوابل
يقول: سِرْنَ في بَرْدِ الروائح إِلى الماء بعدما يَبِسَ الكَلأ،
والأَوابل: الوحوش التي اجتزأَت بالرُّطْب عن الماء. الفراء: البُلَّة بقية
الكَلإِ.
وطويت الثوب على بُلُلَته وبُلَّته وبُلالته أَي على رطوبته. ويقال:
اطْوِ السِّقاء على بُلُلَته أَي اطوه وهو نديّ قبل أَن يتكسر. ويقال: أَلم
أَطْوك على بُلُلَتِك وبَلَّتِك أَي على ما كان فيك؛ وأَنشد لحَضْرَميّ
بن عامر الأَسدي:
ولقد طَوَيْتُكُمُ على بُلُلاتِكم،
وعَلِمْتُ ما فيكم من الأَذْرَاب
أَي طويتكم على ما فيكم من أَذى وعداوة. وبُلُلات، بضم اللام: جمع
بُلُلة، بضم اللام أَيضاً، وقد روي على بُلَلاتكم، بفتح اللام، الواحدة
بُلَلة، بفتح اللام أَيضاً، وقيل في قوله على بُلُلاتكم: يضرب مثلاً لإِبقاء
المودة وإِخفاء ما أَظهروه من جَفَائهم، فيكون مثل قولهم اطْوِ الثوبَ على
غَرِّه ليضم بعضه إِلى بعض ولا يتباين؛ ومنه قولهم: اطوِ السِّقاء على
بُلُلِته لأَنه إِذا طُوِيَ وهو جَافٌّ تكسر، وإِذا طُوِيَ على بَلَله لم
يَتَكسَّر ولم يَتَباين. وانصرف القوم ببَلَلتهم وبُلُلتهم وبُلولتهم أَي
وفيهم بَقِيّة، وقيل: انصرفوا ببَلَلتِهم أَي بحال صالحة وخير، ومنه
بِلال الرَّحِم. وبَلَلْته: أَعطيته. ابن سيده: طواه على بُلُلته وبُلولته
وبَلَّته أَي على ما فيه من العيب، وقيل: على بقية وُدِّه، قال: وهو
الصحيح، وقيل: تغافلت عما فيه من عيب كما يُطْوَى السِّقاء على عَيْبه؛
وأَنشد:وأَلبَسُ المَرْءَ أَسْتَبْقِي بُلولتَه،
طَيَّ الرِّدَاء على أَثْنائه الخَرِق
قال: وتميم تقول البُلولة من بِلَّة الثرى، وأَسد تقول: البَلَلة. وقال
الليث: البَلَل والبِلَّة الدُّون. الجوهري: طَوَيْت فلاناً على بُلَّته
وبُلالته وبُلُوله وبُلُولته وبُلُلته وبُلَلته إِذا احتملته على ما فيه
من الإِساءة والعيب ودَارَيْته وفيه بَقِيّة من الوُدِّ؛ قال الشاعر:
طَوَيْنا بني بِشْرٍ على بُلُلاتهم،
وذلك خَيْرٌ من لِقَاء بني بِشْر
يعني باللِّقاء الحَرْبَ، وجمع البُلَّة بِلال مثل بُرْمَة وبِرَام؛ قال
الراجز:
وصاحِبٍ مُرَامِقٍ دَاجَيْتُه،
على بِلال نَفْسه طَوَيْتُه
وكتب عمر يَسْتحضر المُغيرة من البصرة: يُمْهَلُ ثلاثاً ثم يُحْضَر على
بُلَّته أَي على ما فيه من الإِساءة والعيب، وهي بضم الباء.
وبَلِلْتُ به بَلَلاَ: ظَفِرْتُ به. وقيل: بَلِلْتُ أَبَلُّ ظَفِرت به؛
حكاها الأَزهري عن الأَصمعي وحده. قال شمر: ومن أَمثالهم: ما بَلِلْت من
فلان بأَفْوَقَ ناصِلٍ أَي ما ظَفِرْتُ، والأَفْوَق: السهم الذي انكسر
فُوقُه، والناصِل: الذي سقط نَصْلُه، يضرب مثلاً للرجل المُجْزِئ الكافي
أَي ظَفِرْت برجل كامل غير مضيع ولا ناقص. وبَلِلْت به بَلَلاً: صَلِيت
وشَقِيت. وبَلِلْت به بَلَلاَ وبَلالة وبُلولاً وبَلَلْت: مُنِيت به
وعُلِّقْته. وبَلِلْته: لَزِمْته؛ قال:
دَلْو تَمَأْى دُبِغَتْ بالحُلَّب،
بُلَّتْ بكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّب،
فلا تُقَعْسِرْها ولكن صَوِّب
تقعسرها أَي تعازّها. أَبو عمرو: بَلَّ يَبِلُّ إِذا لزم إِنساناً ودام
على صحبته، وبَلَّ يَبَلُّ مثلها؛ ومنه قول ابن أَحمر:
فبَلِّي إِنْ بَلِلْتِ بأَرْيَحِيٍّ
من الفِتْيان، لا يَمْشي بَطِينا
ويروى فبَلِّي يا غنيّ. الجوهري: بَلِلْت به، بالكسر، إِذا ظَفِرت به
وصار في يدك؛ وأَنشد ابن بري:
بيضاء تمشي مِشْيَةَ الرَّهِيص،
بَلَّ بها أَحمر ذو دريص
يقال: لئن بَلَّتْ بك يَدي لا تفارقني أَو تُؤَدِّيَ حقي. النضر:
البَذْرُ والبُلَل واحد، يقال: بَلُّوا الأَرض إِذا بَذَروها بالبُلَل. ورجل
بَلٌّ بالشيء: لَهِجٌ ؛ قال:
وإِني لبَلٌّ بالقَرِينةِ ما ارْعَوَتْ،
وإِني إِذا صَرَمْتُها لصَرُوم
ولا تَبُلُّك عندي بالَّة وبَلالِ مِثل قَطامِ أَي لا يُصيبك مني خير
ولا نَدًى ولا أَنفعك ولا أَصدُقك. ويقال: لا تُبَلُّ لفلان عندي بالَّة
وبَلالِ مصروف عن بالَّة أَي ندًى وخير. وفي كلام عليّ، كرم الله وجهه:
فإِن شكوا انقطاع شِرْب أَو بالَّة، هو من ذلك؛ قالت ليلى الأَخْيَلية:
نَسيتَ وصالَه وصَدَرْتَ عنه،
كما صَدَر الأَزَبُّ عن الظِّلالِ
فلا وأَبيك، يا ابن أَبي عَقِيل،
تَبُلُّك بعدها فينا بَلالِ
فلو آسَيْتَه لَخَلاك ذَمٌّ،
وفارَقَكَ ابنُ عَمَّك غَيْر قالي ابن أَبي عَقِيل كان مع تَوْبَة حين
قُتِل ففر عنه وهو ابن عمه. والبَلَّة: الغنى بعد الفقر. وبَلَّت
مَطِيَّتُه على وجهها إِذا هَمَتْ ضالَّة؛ وقال كثيِّر:
فليت قَلُوصي، عند عَزَّةَ، قُيِّدَتْ
بحَبْل ضَعِيفٍ غُرَّ منها فَضَلَّتِ
فأَصْبَح في القوم المقيمين رَحْلُها،
وكان لها باغٍ سِوَاي فبَلَّتِ
وأَبَلَّ الرجلُ: ذهب في الأَرض. وأَبَلَّ: أَعيا فَساداً وخُبْثاً.
والأَبَلُّ: الشديد الخصومة الجَدِلُ، وقيل: هو الذي لا يستحي، وقيل: هو
الشديد اللُّؤْمِ الذي لا يُدْرَك ما عنده، وقيل: هو المَطول الذي يَمْنَع
بالحَلِف من حقوق الناس ما عنده؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للمرَّار بن سعيد
الأَسدي:
ذكرنا الديون، فجادَلْتَنا
جدالَك في الدَّيْن بَلاًّ حَلوفا
(* قوله «جدالك في الدين» هكذا في الأصل وسيأتي ايراده بلفظ: «جدالك
مالاً وبلا حلوفا» وكذا أورده شارح القاموس ثم قال: والمال الرجل
الغني).وقال الأَصمعي: أَبَلَّ الرجلُ يُبِلُّ إِبْلالاً إِذا امتنع
وغلب.قال: وإِذا كان الرجل حَلاَّفاً قيل رجل أَبَلُّ؛ وقال الشاعر:
أَلا تَتَّقون الله، يا آل عامر؟
وهل يَتَّقِي اللهَ الأَبَلُّ المُصَمِّمُ؟
وقيل: الأَبَلُّ الفاجر، والأُنثى بَلاَّء وقد بَلَّ بَلَلاً في كل ذلك؛
عن ثعلب. الكسائي: رجل أَبَلُّ وامرأَة بَلاَّء وهو الذي لا يُدْرَك ما
عنده من اللؤم، ورجل أَبَلُّ بَيِّن البَلَل إِذا كان حَلاَّفاً ظَلوماً.
وأَما قول خالد بن الوليد: أَمَّا وابنُ الخطاب حَيٌّ فَلا ولكن إِذا
كان الناس بذي بِلِّيٍّ وذي بِلَّى؛ قال أَبو عبيد: يريد تَفَرُّقَ الناس
وأَن يكونوا طوائف وفِرَقاً من غير إِمام يجمعهم وبُعْدَ بعضهم من بعض؛
وكلُّ من بَعُد عنك حتى لا تَعْرِف موضعَه، فهو بذي بِلِّيٍّ، وهو مِنْ
بَلَّ في الأَرض أَي ذهب؛ أَراد ضياعَ أُمور الناس بعده، قال: وفيه لغة
أُخرى بذي بِلِّيَان، وهو فِعْلِيَان مثل صِلِّيان؛ وأَنشد الكسائي:
يَنام ويذهب الأَقوام حتى
يُقالَ: أَتَوْا على ذي بِلِّيان
يقول: إِنه أَطال النوم ومضى أَصحابه في سفرهم حتى صاروا إِلى موضع لا
يَعْرِف مكانَهم من طول نومه. وأَبَلَّ عليه: غَلَبه؛ قال ساعدة:
أَلا يا فَتى، ما عبدُ شَمْسٍ بمثله
يُبَلُّ على العادي وتُؤْبَى المَخاسِفُ
الباء في بمثله متعلقة بقوله يُبَل، وقوله ما عبدُ شمس تعظيم، كقولك
سبحان الله ما هو ومن هو، لا تريد الاستفهام عن ذاته تعالى إِنما هو تعظيم
وتفخيم.
وخَصمٌ مِبَلٌّ: ثَبْت. أَبو عبيد: المبلُّ الذي يعينك أَي يتابعك
(*
قوله «يعينك اي يتابعك» هكذا في الأصل، وفي القاموس: يعييك ان يتابعك) على
ما تريد؛ وأَنشد:
أَبَلَّ فما يَزْداد إِلاَّ حَماقَةً
ونَوْكاً، وإِن كانت كثيراً مخارجُه
وصَفاة بَلاَّء أَي مَلْساء. ورجل بَلٌّ وأَبَلُّ: مَطول؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
جِدَالَكَ مالاً وبَلاًّ حَلُوفا
والبَلَّة: نَوْرُ السَّمُر والعُرْفُط. وفي حديث عثمان: أَلَسْتَ
تَرْعى بَلَّتَها؟ البَلَّة: نَوْرُ العِضاهِ قبل أَن ينعقد. التهذيب:
البَلَّة والفَتْلة نَوْرُ بَرَمة السَّمُر، قال: وأَول ما يَخْرُج البرَمة ثم
أَول ما يخرج من بَدْو الحُبْلَة كُعْبورةٌ نحو بَدْو البُسْرة فَتِيك
البَرَمة، ثم ينبت فيها زَغَبٌ بِيضٌ هو نورتها، فإِذا أَخرجت تيك سُمِّيت
البَلَّة والفَتْلة، فإِذا سقطن عنن طَرَف العُود الذي يَنْبُتْنَ فيه
نبتت فيه الخُلْبة في طرف عودهن وسقطن، والخُلْبة وعاء الحَب كأَنها وعاء
الباقِلاء، ولا تكون الخُلْبة إِلاَّ للسَّمُر والسَّلَم، وفيها الحب وهن
عِراض كأَنهم نِصال، ثم الطَّلْح فإِن وعاء ثمرته للغُلُف وهي سِنَفة
عِراض.
وبِلال: اسم رجل. وبِلال بن حمامة: مؤذن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، من الحبشة.
وبِلال آباد: موضع.
التهذيب: والبُلْبُل العَنْدَليب. ابن سيده: البُلْبُل طائر حَسَن الصوت
يأْلف الحَرَم ويدعوه أَهل الحجاز النُّغَر. والبُلْبُل: قَناةُ الكوز
الذي فيه بُلْبُل إِلى جنب رأْسه. التهذيب: الــبُلْبلة ضرب من الكيزان في
جنبه بُلْبُل يَنْصَبُّ منه الماء. وبَلْبَل متاعَه: إِذا فرَّقه
وبدَّده.والمُبَلِّل: الطاووس الصَّرَّاخ، والبُلْبُل الكُعَيْت.
والــبَلْبلة: تفريق الآراء. وتَبَلْبَلت الأَلسن: اختلطت. والــبَلْبَلة:
اختلاط الأَلسنة. التهذيب: الــبَلْبلة بَلْبلة الأَلسن، وقيل: سميت أَرض
بابِل لأَن الله تعالى حين أَراد أَن يخالف بين أَلسنة بني آدم بَعَث ريحاً
فحشرهم من كل أُفق إِلى بابل فبَلْبَل الله بها أَلسنتهم، ثم فَرَّقتهم
تلك الريح في البلاد. والــبَلْبلة والبَلابل والبَلْبال: شدَّة الهم
والوَسْواس في الصدور وحديث النفس، فأَما البِلْبال، بالكسر، فمصدر. وفي حديث
سعيد
بن أَبي بردة عن أَبيه عن جده قال: قال رسول الله،
صلى الله عليه وسلم: إِن أُمتي أُمة مرحومة لا عذابٍ عليها في الآخرة،
إِنما عذابها في الدنيا البلابل والزلازل والفتن؛ قال ابن الأَنباري:
البلابل وسواس الصدر؛ وأَنشد ابن بري لباعث
بن صُرَيم ويقال أَبو الأَسود الأَسدي:
سائلُ بيَشْكُرَ هل ثَأَرْتَ بمالك،
أَم هل شَفَيْت النفسَ من بَلْبالها؟
ويروى:
سائِلْ أُسَيِّدَ هل ثَأَرْتَ بِوائلٍ؟
ووائل: أَخو باعث بن
صُرَيم. وبَلْبَل القومَ بَلْبلة وبِلْبالاً: حَرَّكهم وهَيَّجهم،
والاسم البَلْبال، وجمعه البَلابِل. والبَلْبال: البُرَحاء في الصَّدر، وكذلك
البَلْبالة؛ عن ابن جني؛ وأَنشد:
فبات منه القَلْبُ في بَلْبالَه،
يَنْزُو كَنَزْوِ الظَّبْيِ في الحِباله
ورجل بُلْبُلٌ وبُلابِل: خَفِيف في السَّفَر معْوان. قال أَبو الهيثم:
قال لي أَبو ليلى الأَعرابي أَنت قُلْقُل بُلْبُل أَي ظَريف خَفيف. ورجل
بُلابِل: خفيف اليدين وهو لا يَخْفى عليه شيء. والبُلْبُل من الرجال:
الخَفِيفُ؛ قال كثير بن
مُزَرِّد:
سَتُدْرِك ما تَحْمي الحِمارة وابْنُها
قَلائِصُ رَسْلاتٌ، وشُعْثٌ بَلابِل
والحِمارة: اسم حَرَّة وابنُها الجَبَل الذي يجاورها، أَي ستدرك هذه
القلائص ما منعته هذه الحَرَّة وابنُها.
والبُلْبول: الغلام الذَّكِيُّ الكَيِّس. وقال ثعلب: غلام بُلْبُل خفيف
في السَّفَر، وقَصَره على الغلام. ابن السكيت: له أَلِيلٌ وبَلِيلٌ، وهما
الأَنين مع الصوت؛ وقال المَرَّار بن سعيد:
إِذا مِلْنا على الأَكْوار أَلْقَتْ
بأَلْحِيها لأجْرُنِها بَليل
أَراد إِذا مِلْنا عليها نازلين إِلى الأَرض مَدَّت جُرُنَها على الأَرض
من التعب. أَبو تراب عن زائدة: ما فيه بُلالة ولا عُلالة أَي ما فيه
بَقِيَّة. وبُلْبُول: اسم بلد. والبُلْبُول: اسم جَبَل؛ قال الراجز:
قد طال ما عارَضَها بُلْبُول،
وهْيَ تَزُول وَهْوَ لا يَزول
وقوله في حديث لقمان: ما شَيْءٌ أَبَلَّ للجسم من اللَّهْو؛ قال ابن
الأَثير: هو شيء كلحم العصفور أَي أَشد تصحيحاً وموافقة له.
ومن خفيف هذا الباب بَلْ، كلمة استدراك وإِعلام بالإِضْراب عن الأَول،
وقولهم قام زيد بَلْ عَمْرٌو وبَنْ زيد، فإِن النون بدل من اللام، أَلا
ترى إِلى كثرة استعمال بَلْ وقلة استعمال بَنْ، والحُكْمُ على الأَكثر لا
الأَقل؟ قال ابن سيده: هذا هو الظاهر من أَمره، قال: وقال ابن جني لست
أَدفع مع هذا أَن تكون بَنْ لُغَةً قائمة بنفسها. التهذيب في ترجمة بَلى:
بَلى تكون جواباً للكلام الذي فيه الجَحْد. قال الله تعالى: أَلَسْتُ
بربكم قالوا بَلى؛ قال: وإِنما صارت بَلى تتصل بالجَحْد لأَنها رجوع عن
الجَحْد إِلى التحقيق، فهو بمنزلة بَلْ، وبَلْ سَبِيلها أَن تأَتي بعد الجَحْد
كقولك ما قام أَخوك بَلْ أَبوك، وما أَكرمت أَخاك بَلْ أَباك، وإِذا قال
الرجل للرجل: أَلا تقوم؟ فقال له: بَلى، أَراد بَلْ أَقوم، فزادوا
الأَلف على بَلْ ليحسن السكوت عليها، لأَنه لو قال بَلْ كان يتوقع
(* قوله
«كان يتوقع» اي المخاطب كما هو ظاهر مما بعد) كلاماً بعد بلْ فزادوا الأَلف
ليزول عن المخاطب هذا التوهم؛ قال الله تعالى: وقالوا لن تمسنا النار
إِلا أَياماً معدودة، ثم قال بَعْدُ: بَلى من كسب سيئة، والمعنى بَلْ من كسب
سيئة، وقال المبرد: بل حكمها الاستدراك أَينما وقعت في جَحْد أَو
إِيجاب، قال: وبَلى تكون إِيجاباً للمَنْفِيِّ لا غيرُ. قال الفراء: بَلْ تأْتي
بمعنيين: تكون إِضراباً عن الأَول وإِيجاباً للثاني كقولك عندي له دينار
لا بَلْ ديناران، والمعنى الآخر أَنها توجب ما قبلها وتوجب ما بعدها،
وهذا يسمى الاستدراك لأَنه أَراده فنسيه ثم استدركه. قال الفراء: والعرب
تقول بَلْ والله لا آتيك وبَنْ والله، يجعلون اللام فيها نوناً، وهي لغة
بني سعد ولغة كلب، قال: وسمعت الباهليين يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ.
الجوهري: بَلْ مُخَفَّفٌ حرفٌ، يعطف بها الحرف الثاني على الأَول فيلزمه
مثْلُ إعرابه، فهو للإضراب عن الأَول للثاني، كقولك: ما جاءَني زيد بَلْ
عمرو، وما رأَيت زيداً بَلْ عمراً، وجاءني أَخوك بَلْ أَبوك تعطف بها بعد
النفي والإِثبات جميعاً؛ وربما وضعوه موضع رُبَّ كقول الراجز:
بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
يعني رُبَّ مَهْمَهٍ كما يوضع غيره اتساعاً؛ وقال آخر:
بَلْ جَوْزِ تَيْهاء كظَهْرِ الحَجَفَتْ
وقوله عز وجل: ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عِزَّةٍ وشقاق؛ قال
الأَخفش عن بعضهم: إِن بَلْ ههنا بمعنى إِن فلذلك صار القَسَم عليها؛
قال: وربما استعملت العرب في قَطْع كلام واستئناف آخر فيُنْشد الرجل منهم
الشعر فيقول:
. . . . . . بل
ما هاجَ أَحْزاناً وشَجْواً قَدْ شَجا
ويقول:
. . . . . . بل
وبَلْدَةٍ ما الإِنْسُ من آهالِها،
تَرى بها العَوْهَقَ من وِئالِها،
كالنار جَرَّتْ طَرَفي حِبالِها
قوله بَلْ ليست من البيت ولا تعدّ في وزنه ولكن جعلت علامة لانقطاع ما
قبله؛ والرجز الأَول لرؤبة وهو:
أَعْمَى الهُدَى بالجاهِلِينَ العُمَّهِ،
بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
والثاني لسُؤْرِ الذِّئْبِ وهو:
بَلْ جَوْزِتَيْهاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ،
يُمْسي بها وُحُوشُها قد جُئِفَتْ
قال: وبَلْ نُقْصانها مجهول، وكذلك هَلْ وَقَدْ، إِن شئت جعلت نقصانها
واواً قلت بَلْوٌ هَلْوٌ قَدْوٌ، وإِن شئت جعلته ياء. ومنهم من يجعل
نقصانها مثل آخر حروفها فيُدْغم ويقول هَلٌّ وبَلٌّ وقَدٌّ، بالتشديد. قال ابن
بري: الحروف التي هي على حرفين مثل قَدْ وبَلْ وهَلْ لا يقدّر فيها حذف
حرف ثالث كما يكون ذلك في الأَسماء نحو يَدٍ ودَمٍ، فإِن سميت بها شيئاً
لزمك أَن تقدر لها ثالثاً، قال: ولهذا لو صَغَّرْتَ إِن التي للجزاء لقلت
أُنَيٌّ، ولو سَمَّيت بإِن المخففة من الثقيلة لقلت أُنَيْنٌ، فرددت ما
كان محذوفاً، قال: وكذلك رُبَ المخففة تقول في تصغيرها اسمَ رجل
رُبَيْبٌ، والله أَعلم.
خبص: الخَبْصُ فِعْلُك الخَبيصَ في الطِّنْجِير، وقد خَبَصَ خَبْصاً
وخَبَّصَ تَخْبِيصاً، فهو خَبِيصٌ مُخَبَّصٌ مَخْبُوص. ويقال: اخْتَبَصَ
فلان إِذا اتخذ لنفسه خَبِيصاً.
والخَبِيصُ: الحَلْواءُ المَخْبُوصةُ معروف، والخَبيصةُ أَخصُّ منه.
وخَبَصَ الحلواء يَخْبِصُها خَبْصاً وخَبَّصها: خلَطها وعمِلَها.
والمِخْبَصةُ: التي يُقَلَّب فيها الخبيصُ، وقيل: المِخْبَصةُ كالمِلْعَقة يُعْمل
بها الخَبِيصُ.
وخبَصَ خَبْصاً: ماث. وخَبَصَ الشيءَ بالشيء: خَلَطَه.
صبر: في أَسماء الله تعالى: الصَّبُور تعالى وتقدَّس، هو الذي لا
يُعاجِل العُصاة بالانْتقامِ، وهو من أَبنية المُبالَغة، ومعناه قَرِيب من
مَعْنَى الحَلِيم، والفرْق بينهما أَن المُذنِب لا يأْمَنُ العُقوبة في صِفَة
الصَّبُور كما يأْمَنُها في صِفَة الحَلِيم. ابن سيده: صَبَرَه عن الشيء
يَصْبِرُه صَبْراً حَبَسَه؛ قال الحطيئة:
قُلْتُ لها أَصْبِرُها جاهِداً:
وَيْحَك، أَمْثالُ طَرِيفٍ قَلِيلْ
والصَّبْرُ: نَصْب الإِنسان للقَتْل، فهو مَصْبُور. وصَبْرُ الإِنسان
على القَتْل: نَصْبُه عليه. يقال: قَتَلَه صَبْراً، وقد صَبَره عليه وقد
نَهَى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنْ تُصْبَرَ الرُّوح. ورجل
صَبُورَة، بالهاء: مَصْبُور للقتل؛ حكاه ثعلب. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه نَهَى عن قَتْل شيء من الدَّوابّ صَبْراً؛ قيل: هو أَن يُمْسك
الطائرُ أَو غيرُه من ذواتِ الرُّوح يُصْبَر حَيّاً ثم يُرْمَى بشيء حتى
يُقْتَل؛ قال: وأَصل الصَّبْر الحَبْس، وكل من حَبَس شيئاً فقد صَبَرَه؛
ومنه الحديث: نهى عن المَصْبُورة ونَهَى عن صَبْرِ ذِي الرُّوح؛
والمَصبُورة التي نهى عنها؛ هي المَحْبُوسَة على المَوْت. وكل ذي روح يصبر حيّاً
ثم يرمى حتى يقتل، فقد، قتل صبراً. وفي الحديث الآخر في رَجُل أَمسَك
رجُلاً وقَتَلَه آخر فقال: اقْتُلُوا القاتل واصْبُروا الصَّابرَ؛ يعني
احْبِسُوا الذي حَبَسَه للموْت حتى يَمُوت كفِعْلِهِ به؛ ومنه قيل للرجُل
يقدَّم فيضربَ عنقه: قُتِل صَبْراً؛ يعني أَنه أُمسِك على المَوْت، وكذلك لو
حَبَس رجُل نفسَه على شيء يُرِيدُه قال: صَبَرْتُ نفسِي؛ قال عنترة يذكُر
حرْباً كان فيها:
فَصَبَرْتُ عارِفَةً لذلك حُرَّةً
تَرْسُو، إِذا نَفْسُ الجبان تَطَلَّعُ
يقول: حَبَست نفساً صابِرة. قال أَبو عبيد: يقول إِنه حَبَس نفسَه،
وكلُّ من قُتِل في غير مَعْرَكة ولا حَرْب ولا خَطَإٍ، فإِنه مَقْتول
صَبْراً. وفي حديث ابن مسعود: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن
صَبْرِ الرُّوح، وهو الخِصاءُ، والخِصاءُ صَبْرٌ شديد؛ ومن هذا يَمِينُ
الصَّبْرِ، وهو أَن يحبِسَه السلطان على اليمين حتى يحلِف بها، فلو حلَف
إِنسان من غيرِ إِحلاف ما قيل: حلَف صَبْراً. وفي الحديث: مَنْ حَلَف على
يَمِين مَصْبُورَةٍ كاذِباً، وفي آخر: على يَمِينِ صَبْرٍ أَي أُلْزِم بها
وحُبِس عليها وكانت لازِمَة لصاحِبها من جِهَة الحَكَم، وقيل لها مَصْبُورة
وإِن كان صاحِبُها في الحقيقة هو المَصْبُور لأَنه إِنما صُبِرَ من
أَجْلِها أَي حُبس، فوُصِفت بالصَّبْر وأُضيفت إِليه مجازاً؛ والمَصْبورة: هي
اليَمِين، والصَّبْر: أَن تأْخذ يَمِين إِنسان. تقول: صَبَرْتُ يَمِينه
أَي حلَّفته. وكلُّ من حَبَسْتَه لقَتلٍ أَو يَمِين، فهو قتلُ صَبْرٍ.
والصَّبْرُ: الإِكراه. يقال: صَبَرَ الحاكم فُلاناً على يَمين صَبْراً أَي
أَكرهه. وصَبَرْت الرَّجل إِذا حَلَّفته صَبْراً أَو قتلتَه صَبْراً.
يقال: قُتِل فلانٌ صَبْراً وحُلِّف صَبْراً إِذا حُبِس. وصَبَرَه: أَحْلَفه
يَمِين صَبْرٍ يَصْبِرُه. ابن سيده: ويَمِين الصَّبْرِ التي يُمْسِكُكَ
الحَكَم عليها حتى تَحْلِف؛ وقد حَلَف صَبْراً؛ أَنشد ثعلب:
فَأَوْجِعِ الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرَا،
أَو يُبْلِيَ اللهُ يَمِيناً صَبْرَا
وصَبَرَ الرجلَ يَصْبِرُه: لَزِمَه.
والصَّبْرُ: نقِيض الجَزَع، صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْراً، فهو صابِرٌ
وصَبَّار وصَبِيرٌ وصَبُور، والأُنثى صَبُور أَيضاً، بغير هاء، وجمعه صُبُرٌ.
الجوهري: الصَّبر حَبْس النفس عند الجزَع، وقد صَبَرَ فلان عند المُصِيبة
يَصْبِرُ صَبْراً، وصَبَرْتُه أَنا: حَبَسْته. قال الله تعالى: واصْبِرْ
نفسَك مع الذينَ يَدْعُون رَبَّهم. والتَّصَبُّرُ: تكلُّف الصَّبْرِ؛
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أَرَى أُمَّ زَيْدٍ كُلَّمَا جَنَّ لَيْلُها
تُبَكِّي على زَيْدٍ، ولَيْسَتْ بَأَصْبَرَا
أَراد: وليست بأَصْبَرَ من ابنها، بل ابنها أَصْبَرُ منها لأَنه عاقٌّ
والعاقُّ أَصبَرُ من أَبَوَيْهِ. وتَصَبَّر وآصْطَبَرَ: جعل له صَبْراً.
وتقول: آصْطَبَرْتُ ولا تقول اطَّبَرْتُ لأَن الصاد لا تدغم في الطاء،
فإِن أَردت الإِدغام قلبت الطاء صاداً وقلت اصَّبَرْتُ. وفي الحديث عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن الله تعالى قال: إِنِّي أَنا الصَّبُور؛ قال
أَبو إِسحق: الصَّبُور في صفة الله عز وجلّ الحَلِيم. وفي الحديث: لا
أَحَدَ أَصْبَرُ على أَذًى يَسْمَعُه من الله عزَّ وجلَّ؛ أَي أَشدّ حِلْماً
على فاعِل ذلك وترك المُعاقبة عليه. وقوله تعالى: وتَتَواصَوْا
بالصَّبْرِ؛ معناه: وتَوَاصَوْا بالصبر على طاعة الله والصَّبْرِ على الدخول في
مَعاصِيه. والصَّبْرُ: الجَراءة؛ ومنه قوله عز وجلّ: فما أَصْبَرَهُمْ على
النار؛ أَي ما أَجْرَأَهُم على أَعمال أَهل النار. قال أَبو عمرو: سأَلت
الحليحي عن الصبر فقال: ثلاثة أَنواع: الصَّبْرُ على طاعة الجَبَّار،
والصَّبْرُ على معاصِي
(* قوله: «الحليحي» وقوله: «والصبر على معاصي إلخ»
كذا بالأَصل). الجَبَّار، والصَّبر على الصَّبر على طاعته وتَرْك معصيته.
وقال ابن الأَعرابي: قال عُمر: أَفضل الصَّبر التَّصَبر. وقوله: فَصَبْرٌ
جَمِيل؛ أَي صَبْرِي صَبْرٌ جَمِيل. وقوله عز وجل: اصْبِرُوا وصَابِرُوا؛
أَي اصْبِرُوا واثْبُتُوا على دِينِكم، وصابروا أَي صابروا أَعداءَكُم
في الجِهاد. وقوله عز وجل: اسْتَعِينوا بالصَّبْرِ؛ أَي بالثبات على ما
أَنتم عليه من الإِيمان. وشَهْرُ الصَّبْرِ: شهر الصَّوْم. وفي حديث
الصَّوْم: صُمْ شَهْرَ الصَّبْر؛ هُوَ شهرُ رمضان وأَصل الصَّبْرِ الحَبْس،
وسُمِّي الصومُ صَبْراً لِمَا فيه من حَبْس النفس عن الطَّعام والشَّرَاب
والنِّكاح. وصَبَرَ به يَصْبُرُ صَبْراً: كَفَلَ، وهو بِهِ صَبِيرٌ
والصَّبِيرُ: الكَفِيل؛ تقول منه: صَبَرْتُ أَصْبُرُ، بالضَّم، صَبْراً وصَبَارة
أَي كَفَلْت به، تقول منه: اصْبُرْني يا رجل أَي أَعْطِنِي كَفِيلاً.
وفي حديث الحسَن: مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً فَلا يأْخُذَنَّ به رَهْناً ولا
صَبِيراً؛ هو الكفِيل. وصَبِير القوم: زَعِيمُهم المُقَدَّم في أُمُورِهم،
والجمع صُبَراء. والصَّبِيرُ: السحاب الأَبيض الذي يصبرُ بعضه فوق بعض
درجاً؛ قال يصِف جَيْشاً:
كَكِرْفِئَة الغَيْث ذاتِ الصبِير
قال ابن بري: هذا الصدر يحتمل أَن يكون صدراً لبيت عامر بن جوين الطائي
من أَبيات:
وجارِيَةٍ من بَنَات المُلُو
ك، قَعْقَعْتُ بالخيْل خَلْخالَها
كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيـ
ـرِ، تأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَها
قال: أَي رُبَّ جارية من بَنات المُلُوك قَعْقَعتُ خَلْخَالَها لَمَّا
أَغَرْت عليهم فهَرَبَتْ وعَدَت فسُمِع صَوْت خَلْخَالِها، ولم تكن قبل
ذلك تَعْدُو. وقوله: كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ أَي هذه الجارية
كالسَّحابة البَيْضاء الكَثِيفة تأْتي السَّحاب أَي تقصِدُ إِلى جُمْلَة
السَّحاب. وتأْتالُه أَي تُصْلِحُه، وأَصله تأْتَوِلُهُ من الأَوْل وهو
الإِصْلاح، ونصب تأْتالَها على الجواب؛ قال ومثله قول لبيد:
بِصَبُوحِ صَافِيَة وجَذْب كَرِينَةٍ،
بِمُوَتَّرٍ تَأْتالُه إِبهامُها
أَي تُصْلِح هذه الكَرِينَة، وهي المُغَنِّية، أَوْتار عُودِها
بِإِبْهامِها؛ وأَصله تَأْتَوِلُه إِبْهامُها فقلبت الواو أَلفاً لتحركها وانفتاح
ما قبلها؛ قال: وقد يحتمل أَن يكون كَكِرْفِئَة الغيْث ذات الصبير
للْخَنْسَاء، وعجزه:
تَرْمِي السَّحابَ ويَرْمِي لَها
وقبله:
ورَجْراجَة فَوْقَها بَيْضُنا،
عليها المُضَاعَفُ، زُفْنا لَها
والصَّبِير: السحاب الأَبيض لا يكاد يُمطِر؛ قال رُشَيْد بن رُمَيْض
العَنَزيّ:
تَرُوح إِليهمُ عَكَرٌ تَراغَى،
كأَن دَوِيَّها رَعْدُ الصَّبِير
الفراء: الأَصْبار السحائب البيض، الواحد صِبْر وصُبْر، بالكسر والضم.
والصَّبِير: السحابة البيضاء، وقيل: هي القطعة من السحابة تراها كأَنها
مَصْبُورة أَي محبُوسة، وهذا ضعيف. قال أَبو حنيفة: الصَّبير السحاب يثبت
يوماً وليلة ولا يبرَح كأَنه يُصْبَرُ أَي يحبس، وقيل: الصَّبِير السحاب
الأَبيض، والجمع كالواحد، وقيل: جمعه صُبُرٌ؛ قال ساعدة بن جؤية:
فارْمِ بِهم لِيَّةَ والأَخْلافا،
جَوْزَ النُّعامَى صُبُراً خِفافا
والصُّبَارة من السحاب: كالصَّبِير.
وصَبَرَه: أَوْثقه. وفي حديث عَمَّار حين ضرَبه عُثمان: فلمَّا عُوتِب
في ضَرْبه أَياه قال: هذه يَدِي لِعَمَّار فَلْيَصْطَبِر؛ معناه فليقتصّ.
يقال: صَبَرَ فلان فلاناً لوليّ فلان أَي حبسه، وأَصْبَرَه أَقَصَّه منه
فاصْطَبر أَي اقتصَّ. الأَحمر: أَقادَ السلطان فلاناً وأَقَصَّه
وأَصْبَرَه بمعنى واحد إِذا قَتَلَه بِقَوَد، وأَباءَهُ مثلهُ. وفي الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، طَعَن إِنساناً بقضِيب مُدَاعَبة فقال له:
أَصْبِرْني، قال: اصْطَبر، أَي أَقِدْني من نفسك، قال: اسْتَقِدْ. يقال:
صَبَر فلان من خصْمه واصْطَبَر أَي اقتصَّ منه. وأَصْبَرَه الحاكم أَي
أَقصَّه من خصْمه.
وصَبِيرُ الخُوانِ: رُقَاقَة عَرِيضَة تُبْسَطُ تحت ما يؤكل من الطعام.
ابن الأَعرابي: أَصْبَرَ الرجل إِذا أَكل الصَّبِيرَة، وهي الرُّقاقة
التي يَغْرُِفُ عليها الخَبَُاز طَعام العُرْس.
والأَصْبَِرةُ من الغَنَم والإِبل؛ قال ابن سيده ولم أَسمع لها بواحد:
التي تَرُوح وتَغْدُو على أَهلها لا تَعْزُب عنهم؛ وروي بيت عنترة:
لها بالصَّيْف أَصْبِرَةٌ وجُلّ،
وسِتُّ من كَرائِمِها غِزَارُ
الصَّبرُ والصُّبْرُ: جانب الشيء، وبُصْره مثلُه، وهو حَرْف الشيء
وغِلَظه. والصَّبْرُ والصُّبْرُ: ناحية الشيء وحَرْفُه، وجمعه أَصْبار.
وصُبْرُ الشيء: أَعلاه. وفي حديث ابن مسعود: سِدْرة المُنْتَهى صُبْرُ الجنة؛
قال: صُبْرُها أَعلاها أَي أَعلى نواحيها؛ قال النمر بن تَوْلَب يصف
روضة:عَزَبَتْ، وباكَرَها الشَّتِيُّ بِدِيمَة
وَطْفاء، تَمْلَؤُها إِلى أَصْبارِها
وأَدْهَقَ الكأْس إِلى أَصْبارها ومَلأَها إِلى أَصْبارها أَي إِلى
أَعالِيها ورأْسها. وأَخذه بأَصْباره أَي تامّاً بجميعه.
وأَصْبار القبر: نواحيه وأَصْبار الإِناء: جوانِبه. الأَصمعي: إِذا
لَقِيَ الرجل الشِّدة بكمالها قيل: لَقِيها بأَصْبارها.
والصُّبْرَة: ما جُمِع من الطعام بلا كَيْل ولا وَزْن بعضه فوق بعض.
الجوهري: الصُّبرة واحدة صُبَرِ الطعام. يقال: اشتريت الشيء صُبْرَةً أَي
بلا وزن ولا كيل. وفي الحديث: مَرَّ على صُبْرَة طَعام فأَدخل يَدَه فيها؛
الصُّبْرة: الطعام المجتمِع كالكُومَة. وفي حديث عُمَر: دخل على النبي،
صلى الله عليه وسلم، وإِنَّ عند رجليه قَرَظاً مَصْبُوراً أَي مجموعاً، قد
جُعل صُبْرة كصُبْرة الطعام. والصُّبْرَة: الكُدْس، وقد صَبَّرُوا
طعامهم.
وفي حديث ابن عباس في قوله عز وجل: وكان عرْشهُ على الماء، قال: كان
يَصْعَد إِلى السماء بُخَارٌ من الماء، فاسْتَصْبَر فعاد صَبِيراً؛
اسْتَصْبَرَ أَي استكْثَف، وتراكَم، فذلك قوله: ثم اسْتَوى إِلى السماء وهي
دُخَان؛ الصَّبِير: سَحاب أَبيض متكاثِف يعني تَكَاثَفَ البُخار وتَراكَم فصار
سَحاباً. وفي حديث طَهْفة: ويسْتَحْلب الصَّبِير؛ وحديث ظبيان:
وسَقَوْهُم بِصَبِير النَّيْطَل أَي سَحاب الموْت والهَلاك.
والصُّبْرة: الطعام المَنْخُول بشيء شبِيه بالسَّرَنْد
(* قوله:
«بالسرند» هكذا في الأَصل وشرح القاموس). والصُّبْرَة: الحجارة الغليظة
المجتمعة، وجمعها صِبَار. والصُّبَارة، بضم الصاد: الحجارة، وقيل: الحجارة
المُلْس؛ قال الأَعشى:
مَنْ مُبْلِغٌ شَيْبان أَنَّ
المَرْءَ لم يُخلَق صُبارَهْ؟
قال ابن سيده: ويروى صِيَارَهْ؛ قال: وهو نحوها في المعنى، وأَورد
الجوهري في هذا المكان:
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْراً بأَنَّ
المَرْءَ لم يُخْلَق صُبارَهْ؟
واستشهد به الأَزهري أَيضاً، ويروى صَبَارهْ، بفتح الصاد، وهو جمع
صَبَار والهاء داخلة لجمع الجمع، لأَن الصَّبَارَ جمع صَبْرة، وهي حجارة
شديدة؛ قال ابن بري: وصوابه لم يخلق صِبارهْ، بكسر الصاد، قال: وأَما صُبارة
وصَبارة فليس بجمع لصَبْرة لأَن فَعالاً ليس من أَبنية الجموع، وإِنما ذلك
فِعال، بالكسر، نحو حِجارٍ وجِبالٍ؛ وقال ابن بري: البيت لَعَمْرو بن
مِلْقَط الطائي يخاطب بهذا الشعر عمرو بن هند، وكان عمرو بن هند قتل له أَخ
عند زُرارَةَ بن عُدُس الدَّارِمِي، وكان بين عمرو بن مِلْقَط وبين
زُرارَة شَرٌّ، فحرّض عَمرو ابن هند على بني دارِم؛ يقول: ليس الإِنسان بحجر
فيصبر على مثل هذا؛ وبعد البيت:
وحَوادِث الأَيام لا
يَبْقَى لها إِلاَّ الحجاره
ها إِنَّ عِجْزَةَ أُمّه
بالسَّفْحِ، أَسْفَلَ مِنْ أُوارَهْ
تَسْفِي الرِّياح خِلال كَشْـ
ـحَيْه، وقد سَلَبوا إِزَارَهْ
فاقتلْ زُرَارَةَ، لا أَرَى
في القوم أَوفى من زُرَارَهْ
وقيل: الصُّبارة قطعة من حجارة أَو حديد.
والصُّبُرُ: الأَرض ذات الحَصْباء وليست بغليظة، والصُّبْرُ فيه لغة؛ عن
كراع.
ومنه قيل للحَرَّة: أُم صَبَّار ابن سيده: وأُمُّ صَبَّار، بتشديد
الباء، الحرَّة، مشتق من الصُّبُرِ التي هي الأَرض ذات الحَصْباء، أَو من
الصُّبَارة، وخَصَّ بعضهم به الرَّجْلاء منها. والصَّبْرة من الحجارة: ما
اشتد وغَلُظ، وجمعها الصَّبار؛ وأَنشد للأَعشى:
كأَن تَرَنُّمَ الهَاجَاتِ فيها،
قُبَيْلَ الصُّبح، أَصْوَات الصَّبَارِ
الهَاجَات: الضَّفادِع؛ شبَّه نَقِيق الضفادع في هذه العين بوقع
الحجارة. والصَّبِير: الجَبَل. قال ابن بري: اذكر أَبو عمر الزاهد أَن أُم
صَبَّار الحرّة، وقال الفزاري: هي حرة ليلى وحرَّة النار؛ قال: والشاهد لذلك
قول النابغة:
تُدافِع الناسَ عنّا حِين نَرْكَبُها،
من المظالم تُدْعَى أُمَّ صَبَّار
أَي تَدْفَعُ الناس عنّا فلا سَبِيل لأَحد إِلى غَزْوِنا لأَنها تمنعهم
من ذلك لكونها غَلِيظة لا تَطَؤُها الخيل ولا يُغار علينا فيها؛ وقوله:
من المظالم هي جمع مُظْلِمة أَي هي حَرَّة سوداء مُظْلِمة. وقال ابن
السكِّيت في كتاب الأَلفاظ في باب الاختلاط والشرِّ يقع بين القوم: وتدعى
الحرَّة والهَضْبَةُ أُمَّ صَبَّار. وروي عن ابن شميل: أَن أُم صَبَّار هي
الصَّفَاة التي لا يَحِيك فيها شيء. قال: والصَّبَّارة هي الأَرض الغَلِيظة
المُشْرفة لا نبت فيها ولا تُنبِت شيئاً، وقيل: هي أُم صَبَّار، ولا
تُسمَّى صَبَّارة، وإِنما هي قُفٌّ غليظة.
قال: وأَما أُمّ صَبُّور فقال أَبو عمرو الشيباني: هي الهَضْبة التي ليس
لها منفَذ. يقال: وقع القوم في أُمّ صَبُّور أَي في أَمرٍ ملتبِس شديد
ليس له منفَذ كهذه الهَضْبة التي لا منفَذ لها؛ وأَنشد لأَبي الغريب
النصري:
أَوْقَعَه اللهُ بِسُوءٍ فعْلِهِ
في أُمِّ صَبُّور، فأَودَى ونَشِبْ
وأُمّ صَبَّار وأُمُّ صَبُّور، كلتاهما: الداهية والحرب الشديدة. وأَصبر
الرجلُ: وقع في أُم صَبُّور، وهي الداهية، وكذلك إِذا وقع في أُم
صَبَّار، وهي الحرَّة. يقال: وقع القوم في أُم صَبُّور أَي في أَمر شديد. ابن
سيده: يقال وقعوا في أُم صَبَّار وأُم صَبُّور، قال: هكذا قرأْته في
الأَلفاظ صَبُّور، بالباء، قال: وفي بعض النسخ: أُم صيُّور، كأَنها مشتقَّة من
الصِّيارة، وهي الحجارة. وأَصْبَرَ الرجلُ إِذا جلس على الصَّبِير، وهو
الجبل. والصِّبَارة: صِمَام القارُورَة وأَصبر رأْسَ الحَوْجَلَة
بالصِّبَار، وهو السِّداد، ويقال للسِّداد القعولة والــبُلْبُلَة
(* قوله:
«القعولة والــبلبلة» هكذا في الأصل وشرح القاموس). والعُرْعُرة. والصَّبِرُ:
عُصَارة شجر مُرٍّ، واحدته صَبِرَة وجمعه صُبُور؛ قال الفرزدق:
يا ابن الخَلِيَّةِ، إِنَّ حَرْبي مُرَّة،
فيها مَذاقَة حَنْظَل وصُبُور
قال أَبو حنيفة: نَبات الصَّبِر كنَبات السَّوْسَن الأَخضر غير أَن ورقَ
الصَّبرِ أَطول وأَعرض وأَثْخَن كثيراً، وهو كثير الماء جدّاً. الليث:
الصَّبِرِ، بكسر الباء، عُصارة شجر ورقها كقُرُب السَّكاكِين طِوَال
غِلاظ، في خُضْرتها غُبْرة وكُمْدَة مُقْشَعِرَّة المنظَر، يخرج من وسطها ساقٌ
عليه نَوْر أَصفر تَمِهُ الرِّيح. الجوهري: الصَّبِر هذا الدَّواء
المرُّ، ولا يسكَّن إِلاَّ في ضرورة الشعر؛ قال الراجز:
أَمَرُّ من صَبْرٍ وحُضَضْ
وفي حاشية الصحاح: الحُضَضُ الخُولان، وقيل هو بظاءين، وقيل بضاد وظاء؛
قال ابن بري: صواب إِنشاده أَمَرَّ، بالنصب، وأَورده بظاءين لأَنه يصف
حَيَّة؛ وقبله:
أَرْقَشَ ظَمْآن إِذا عُصْرَ لَفَظْ
والصُّبَارُ، بضم الصاد: حمل شجرة شديدة الحموضة أَشد حُموضَة من
المَصْل له عَجَمٌ أَحمر عَرِيض يجلَب من الهِنْد، وقيل: هو التمر الهندي
الحامض الذي يُتَداوَى به.
وصَبَارَّة الشتاء، بتشديد الراء: شدة البَرْد؛ والتخفيف لغة عن
اللحياني. ويقال: أَتيته في صَبَارَّة الشتاء أَي في شدَّة البَرْد. وفي حديث
علي، رضي الله عنه: قُلْتم هذه صَبَارَّة القُرّ؛ هي شدة البرد كَحَمَارَّة
القَيْظ.
أَبو عبيد في كتاب اللَّبَن: المُمَقَّر والمُصَبَّرُ الشديد الحموضة
إِلى المَرارة؛ قال أَبو حاتم: اشتُقَّا من الصَّبِر والمَقِر، وهما
مُرَّان.
والصُّبْرُ: قبيلة من غَسَّان؛ قال الأَخطل:
تَسْأَله الصُّبْرُ من غَسَّان، إِذ حَضَرُوا،
والحَزْنُ: كيف قَراك الغِلْمَةُ الجَشَرُ؟
الصُّبْر والحَزْن: قبيلتان، ويروى: فسائل الصُّبْر من غَسَّان إِذْ
حضروا، والحَزْنَ، بالفتح، لأَنه قال بعده:
يُعَرِّفونك رأْس ابن الحُبَاب، وقد
أَمسى، وللسَّيْف في خَيْشُومه أَثَرُ
يعني عُمير بن الحُباب السُّلَمي لأَنه قُتِل وحُمِل رأْسهُ إِلى قَبائل
غَسَّان، وكان لا يبالي بِهِم ويقول: ليسوا بشيء إِنما هم جَشَرٌ.
وأَبو صَبْرَة
(*
قوله: «أَبو صبرة أَلخ» عبارة القاموس وأَبو صبيرة كجهينة طائر احمر
البطن اسود الظهر والرأس والذنب): طائر أَحمرُ البطنِ أَسوَدُ الرأْس
والجناحَيْن والذَّنَب وسائره أَحمر.
وفي الحديث: مَنْ فَعَل كذا وكذا كان له خيراً من صَبِير ذَهَباً؛ قيل:
هو اسم جبل باليمن، وقيل: إِنما هو مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ، بإِسقاط الباء
الموحدة، وهو جبلَ لطيّء؛ قال ابن الأَثير: وهذه الكلمة جاءت في حديثين
لعليّ ومعاذ: أَما حديث علي فهو صِيرٌ، وأَما رواية معاذ فصَبِير، قال: كذا
فَرق بينهما بعضهم.
شوش: الليث: الوَشْواشُ الخفيفُ من النَّعام، وناقةٌ وَشْواشةٌ وناقة
شَوْشاءُ، ممدود؛ قال حميد:
من العِيسِ شَوْشاءٌ مِزَاقٌ، ترى بها
نُدوباً من الأَنْساعِ فذًّا وتَوْأَما
(* قوله «من العيس إلخ» نقل شارح القاموس عن الصاغاني أَن الرواية: فجاء
بشوشاة إلخ.)
وقال بعضهم: فَعْلاء وقيل هي فَعْلال، قال أَبو منصور: وسماعي من العرب
شَوْشاة، بالهاء وقَصْر الأَلف؛ أَنشد أَبو عمرو:
واعْجَلْ لها بناضحٍ لَغُوبِ،
شَواشئ مُخْتلِف النُّيوبِ
قال أَبو عمرو: همز شواشئ للضرورة، وأَصله من الشَّوْشاةِ، وهي الناقةُ
الخفيفةُ، والمرأَة تُعابُ بذلك فيقال: امرأَة شَوْشاةٌ. أَبو عبيد:
الشَّوْشاةُ الناقةُ السريعةُ، والوَشْوَشةُ الخفَّةُ، وأَما التَّشْوِيشُ
فقال أَبو منصور: إِنه لا أَصل له في العربية، وإِنه من كلام المولدين،
وأَصله التَّهْوِيش وهو التَخْلِيطُ. وقال الجوهري في ترجمة شيش:
التَّشْوِيش التَّخْلِيطُ، وقد تَشَوّش عليه الأَمْرُ.
رهج: الرَّهْجُ والرَّهَجُ: الغبار. وفي الحديث: ما خالك قلبَ امرئ
رَهَجٌ في سبيل الله إِلاَّ حرَّم الله عليه النار؛ الرَّهَجُ: الغبار. وفي
حديث آخر: من دخل جَوْفَهُ الرَّهَجُ، لم يدخله حر النار. وأَرْهَجَ
الغبارَ: أَثاره. والرَّهَجُ: السحاب الرقيق كأَنه غبار؛ وقول مليح
الهذلي:ففي كل دارٍ مِنْكِ للقَلْبِ حَسْرَةٌ،
يكونُ لها نَوْءٌ، من العينِ، مُرْهِجُ
أَراد شدّة وَقْعِ دموعها حتى كأَنها تثير الغبار.
وأَرْهَجَتِ السماء إِرْهاجاً إِذا همت بالمطر. ونَوْءٌ مُرْهِج: كثير
المطر.
والرَّهْوَجَةُ: ضرب من السير. ومَشْيٌ رَهْوَجٌ: سَهْلٌ لَيِّنٌ؛ قال
العجاج:
مَيَّاحَةٌ تَمِيحُ مَشْياً رَهْوَجا
وأَصله بالفارسية: رَهْوَه.
والرِّهْجِيجُ: الضعيف من الفُصْلان
(* ومثله الرهجوج، كعصفور، كما في
القاموس.)؛ وقال الراجز:
وهي تَبُدُّ الرُّبَعَ الرِّهْجِيجا
في المَشْي، حتى يَرْكَبَ الوَسِيجا
ابن الأَعرابي: أَرْهَجَ إِذا أَكثر بَخُورَ بيته، قال: والرِّهَج
الشَّغَبُ.
خصل: الخَصْلة: الفَضِيلة والرَّذيلة تكون في الإِنسان، وقد غلب على
الفضيلة، وجمعها خِصَال. والخَصْلة: الخَلَّة. الليث: الخَصْلة حالات
الأُمور، تقول: في فلان خَصْلة حَسَنة وخَصْلة قبيحة، وخِصال وخَصَلات كريمة.
وفي الحديث: من كانت فيه خَصْلة من النفاق أَي شُعْبة من شُعَب النفاق
وجزء منه أَو حالة من حالاته. والخَصْلة والخَصْل في النِّضال: أَن يقع
السَّهم بِلزْق القِرْطاس، وإِذا تناضلوا على سَبْق حَسَبوا خَصْلتين
بمُقَرْطَسَة.
ويقال: رَمى فأَخْصَل، قال: ومن قال الخَصْل الإِصابة فقد أَخطأَ؛ قال
الطرماح:
تلك أَحْسابُنا، إِذا احْتَتَنَ الخَصْـ
لُ، ومدّ المَدَى مَدَى الأَغراض
وقد أَخُصَلَ الرَّامي. وتَخاصَل القومُ: تَراهنوا على النِّضال،
ويُجْمَع على خِصَال. وأَصاب خَصْلَه وأَحْرز خَصْلَه: غَلَب على الرِّهان.
والخَصِيل: المَقْمور. والخَصل في النضال: الخَطَر الذي يخاطر عليه، وأَنشد
بيت الطرماح؛ وأَنشد لآخر:
ولي إِذا ناضلتُ سَهْمُ الخَصْل
وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنه: أَنه كان يَرْمي فإِذا أَصاب خَصْلة
قال أَنا بِها؛ الخَصْلة الإِصابة في الرمي وهي المَرَّة من الخَصْل، وهي
الغلبة في النِّضال والقَرْطسة في الرَّمْي، قال: وأَصل الخَصْل القَطْع
لأَن المتراهنين يقطعون أَمرهم على شيء معلوم. وخَصَل القومَ خَصْلاً
وخِصَالاً: نَضَلَهم؛ قال الكميت يصف رجلاً:
سَبَقْتَ إِلى الخيرات كلَّ مُناضِل،
وأَحْرَزْتَ بالعشر الولاء خِصالَها
ابن شميل: إِذا أَصاب القِرْطاسَ فقد خَصَله. أَبو عمرو: الخَصْل
القَمْر في النِّضال، وقد خَصَله إِذا قَمَره، وتَخاصَلوا إِذا اسْتَبَقوا.
وقال بعضهم: الخَصْلة الإِصابة في الرمي. وقال بعضهم: الخَصْلة القَمْرة.
يقال: لي عنده خَصْلة وَخَصْلتان أَي قَمْرة وقَمْرتان، وهي الخِصَال.
والخَصِيلة: كل قِطْعة من لحم عَظُمَت أَو صَغُرت، وقيل: هي لحم الفخذين
والساقين والعَضُدين والذراعين؛ وأَنشد:
عاري القَرَا مُضْطَرِب الخَصائل
وقيل: هي كل عَصَبة فيها لحم غليظ؛ وقال القَطِران السَّعدي:
وجَوْنٍ أَعانته الضُّلوع بزَفْرَة
إِلى مُلُط بانَتْ، وبانَ خَصِيلُها
إِلى مُلُطٍ أَي مع مُلُط، والمُلُط: جمع مِلاط العضد والكتف، وقيل:
الخَصِيلة كل لَحْمةٍ على حَيِّزها من لحم الفخذين والعضدين؛ وقال جرير:
يَرْهَزُ رَهْزاً يُرْعِد الخَصائلا
وقال ضابئ:
إِذا هَمَّ لم تُرْعَد عليه خَصائِلُه
وقال ابن مقبل:
حتى استخلَّت خَصائله
وفي كتاب عبد الملك إِلى الحجاج: كَمِيشَ الإِزار مُنْطَوِيَ الخَصِيلة،
قال: هو من ذلك. وكل لحم من عَصَبة خَصِيلة، وجمعه خَصَائل؛ قال
الطرماح:حتى ارْعَوَيْنَ إِلى حَدِيـ
ثي، بعد إِرْعاد الخَصائل
وقيل: الخَصِيلة كلُّ انْمَاز من لحم الفخذين، والجمع خَصِيل وخَصائل.
وقال بعض العرب يصف فرساً: إِنه سَبْط الخَصِيل وَهْواه الصَّهِيل؛ وقال
زُهير في صفة فرس:
ونَضْرِبه، حتى اطْمَأَنَّ قَذَالُه،
ولم تَطْمَئِنَّ نَفْسُه وخَصائلُه
قال: وربما استعمل في الإِنسان؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
يَبيتُ أَبو لَيْلَى دَفِيئاً، وضَيْفُه
من القَرِّ يُضْحي مُسْتَخَفّاً خصائلُه
والخَصِيلة: الطَّفْطفَة. والخَصِيلة: القليلة من الشعر، وهي الخُصْلة،
وقيل: الخُصْلة الشعر المجتمع. الليث: الخُصْلة، بالضم، لَفِيفَة من
الشعر، وجمعها خُصَل؛ ومنه قول لبيد:
تَتَّقِيني بتَلِيلٍ ذي خُصَل
التهذيب: والخَصِيل الذَّنَب؛ واحتج بقول ذي الرمة:
وفَرْدٍ يطيرُ البَقُّ عند خَصِيله،
يَدِبُّ كنَفْضِ الرِّيح آلَ السُّرادق
أَراد بالفَرْد ثوراً منفرداً. قال: وكل غصن من أَغصان الشجر خُصْلة.
وخَصَّلْت الشجر تَخْصيلاً إِذا قَطَّعت أَغصانَه وشَذَّبته؛ وقال مزاحم
العقيلي يصف صُرَدَيْن:
كما صاح جَوْنا ضالتَيْنِ تَلاقَيَا
كَحِيلان في أَعلى ذُرىً لم تُخَصَّل
أَراد بالجَوْنَين صُرَدَين أَخضرين، جعلهما كَحِيلَينِ بخَطٍّ من
مُؤْخِر العين إِلى ناحية الصُّدْغ من الإِنسان.
والخَصْلة والخُصْلة: العُنْقود. والخَصْلة والخُصْلة والخَصَلة، كل
ذلك: عودٌ فيه شوك، وقيل: هو طرف القضيب الرَّطب اللَّين، وقيل: هو ما رخُص
من قُضْبان العُرْفُط. والخُصَل: أَطراف الشجر المُتَدَلِّيةُ.
وخَصَله يَخْصُله خَصْلاً: قَطَعه. وخَصَّل البعيرَ: قَطَع له ذلك.
والمِخْصال: المِنْجَل. والمِخْصَل: القَطَّاع من السيوف وغيرها، لغة في
المِقْصَل، وكذلك المِخْذَم. ابن الأَعرابي: المِخْصَل والمِخْضَل،
بالصاد والضاد، والمِقْصَل السيف. وخَصَّل الشيءَ: جعله قِطَعاً؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
وإِن يُرِدْ ذلك لا يُخَصِّل
وبنو خُصَيلة: بطن.