Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: بحث

الْأُمُور الْعَامَّة

الْأُمُور الْعَامَّة: هِيَ مَا لَا تخْتَص بقسم من أَقسَام الْمَوْجُود الَّتِي هِيَ الْوَاجِب والجوهر وَالْعرض فإمَّا أَن يشْتَمل الْأَقْسَام الثَّلَاثَة كالوجود والوحدة حَقِيقَة كَانَت أَو اعتبارية فَإِن كل مَوْجُود وَإِن كَانَ كثيرا لَهُ وحدة مَا بِاعْتِبَار وكالماهية والتشخص عِنْد الْقَائِل بِأَن الْوَاجِب تَعَالَى لَهُ مَاهِيَّة مغائرة لوُجُوده وتشخص مغائر لماهيته أَو يشْتَمل الِاثْنَيْنِ مِنْهَا كالإمكان الْخَاص والحدوث وَالْوُجُوب بِالْغَيْر وَالْكَثْرَة والمعلولية فَإِنَّهَا مُشْتَركَة بَين الْجَوْهَر وَالْعرض فعلى هَذَا لَا يكون الْعَدَم والامتناع وَالْوُجُوب الذاتي والقدم من الْأُمُور الْعَامَّة وَيكون الْــبَحْث عَنْهَا على سَبِيل التّبعِيَّة.
وَاعْلَم أَن للأمور الْعَامَّة فِي الْكتب الْحكمِيَّة مَعَاني مُتعَدِّدَة أَحدهَا هُوَ هَذَا وَالثَّانِي مَا ذكر فِي الرسَالَة الأبهرية وَهُوَ مَا يَشْمَل الفلكي والعنصري. وَالثَّالِث مَا ذكره السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره فِي أم الْحَوَاشِي على الشَّرْح الْقَدِيم للتجريد. وَالْأولَى أَن يُقَال الْأُمُور الْعَامَّة هِيَ الشاملة لجَمِيع الموجودات إِمَّا على سَبِيل الْإِطْلَاق أَو على سَبِيل التقابل. وَالْمرَاد بالتقابل هَا هُنَا لَيْسَ معنى الْإِيجَاب وَالسَّلب وَإِلَّا لَكَانَ شَامِلًا لجَمِيع المفهومات مَوْجُودَة أَو لَا إِذْ يصدق على كل شَيْء أَنه هُوَ هَذَا أَو لَيْسَ بِذَاكَ بل التقابل فِي الثُّبُوت. وَالرَّابِع مَا ذكره السَّيِّد السَّنَد قدس سره فِي شرح المواقف بقوله وَقد يُقَال إِن الْأُمُور الْعَامَّة مَا يتَنَاوَل المفهومات بأسرها أَي الْوَاجِب والممتنع والممكن سَوَاء كَانَ مَوْجُودا أَو مَعْدُوما، ثمَّ التَّنَاوُل إِمَّا على الْإِطْلَاق كالإمكان الْعَام أَو على سَبِيل التقابل بِأَن يكون هُوَ مَعَ مَا يُقَابله متناولا لَهَا جَمِيعًا وَيتَعَلَّق بِكُل من هذَيْن المتقابلين غَرَض علمي وَإِنَّمَا قيد قدس سره بذلك ليخرج كل مَفْهُوم مَعَ مَا يُقَابله كالإنسان واللاإنسان لشُمُوله جَمِيع المفهومات إِلَّا أَنه مِمَّا لَا يتَعَلَّق مِنْهُمَا غَرَض كلي علمي أَي غَرَض علم الْكَلَام كالإنسان واللاإنسان، أَو يتَعَلَّق بِأَحَدِهِمَا دون الآخر كالوجوب واللاوجوب وَمعنى تعلق الْغَرَض العلمي بِهِ أَن يتَعَلَّق بِهِ إِثْبَات العقائد الدِّينِيَّة تعلقا قَرِيبا أَو بَعيدا. وَإِنَّمَا صرح قدس سره بِاعْتِبَار هَذَا الْقَيْد فِي هَذَا الْقسم مَعَ أَن اعْتِبَاره فِي جَمِيع المباحث مَعْلُوم مِمَّا سبق فِي تَعْرِيف مَوْضُوع الْكَلَام. وَلذَا لم يُصَرح صَاحب المواقف بذلك الْقَيْد فِي التَّعْرِيف الْمَذْكُور فِيهِ دفعا لتوهم إِن تعلق الْغَرَض العلمي بِأحد المتقابلين كَاف فِي عدهما من الْأُمُور الْعَامَّة.
وَاعْلَم أَن الْــبَحْث عَن الْإِمْكَان الْعَام عبارَة عَن حمل عوارضه اللاحقة لَهُ بِاعْتِبَار تحَققه فِي إِفْرَاده من الْإِمْكَان الْخَاص وَالْوُجُوب والامتناع فَيكون الْــبَحْث عَنْهَا بحثــا عَنهُ. فَانْدفع أَنه لَا يــبْحَث فِي الْأُمُور الْعَامَّة عَن الْإِمْكَان الْعَام والتعريف الأول للأمور الْعَامَّة هُوَ مَا ذكر فِي المواقف. وَأورد عَلَيْهِ أَنه إِن أُرِيد الِاشْتِرَاك بَين جَمِيع الْآحَاد من أَفْرَاد الثَّلَاثَة أَو الِاثْنَيْنِ يلْزم خُرُوج الْكَثْرَة وَالْعلَّة الصورية والمادية وَإِن أُرِيد الِاشْتِرَاك بَينهَا فِي الْجُمْلَة يدْخل الْكمّ الْمُطلق والمتصل والكيف والحياة وَالْعلم وَالْقُدْرَة والسمع وَالْبَصَر بل الْكَلَام أَيْضا عِنْد الأشاعرة. وَأجِيب عَنهُ بِأَن المُرَاد الثَّانِي وَكَون الْأُمُور الْمَذْكُورَة من الْأُمُور الْعَامَّة لَا يُوجب الْــبَحْث عَنْهَا فِي فنها لجَوَاز أَن لَا يتَعَلَّق غَرَض علمي بالــبحث عَنْهَا بِوَجْه شمولها للثَّلَاثَة أَو الِاثْنَيْنِ كالمعلومية والمفهومية والمخبر عَنهُ وَلَا شكّ فِي شمولها للأقسام الثَّلَاثَة مَعَ أَنَّهَا لَا يــبْحَث عَنْهَا أصلا.
وَأما الْجَواب بِاخْتِيَار الشق الأول وَمنع عدم وجود الْكَثْرَة فِي الْجَوْهَر الْمُجَرّد الْوَاحِد بِاعْتِبَار أَن الْكَثْرَة بِحَسب الْمَحْمُول تتَحَقَّق فِيهِ فَتكون الْكَثْرَة الْمُطلقَة متحققة فِيهِ أَيْضا وَمنع كَون الْعلَّة الصورية والمادية من الْأُمُور الْعَامَّة لم لَا يجوز أَن يُورد فِي هَذَا الْقسم من حَيْثُ إِنَّهَا من أَنْوَاع الْعلَّة الْمُطلقَة ففساده ظَاهر لِأَن الْكَثْرَة بِحَسب الْمَحْمُول رَاجِعَة إِلَى كَثْرَة الْمَحْمُول بِحَسب الْعدَد وَلَيْسَ ذَلِك كَثْرَة فِي الْجَوْهَر الْمُجَرّد الْوَاحِد بِالْحَقِيقَةِ بل فِيهِ إِنَّمَا هِيَ فِي الْمَحْمُول وتنسب إِلَيْهِ بِالْعرضِ وَهُوَ ظَاهر. وَالْمُعْتَبر فِي الْأُمُور الْعَامَّة الِاشْتِرَاك بِالْحَقِيقَةِ لَا بِالْعرضِ يدل عَلَيْهِ عد الشَّارِح رَحمَه الله الْكَثْرَة مِمَّا يَشْمَل الِاثْنَيْنِ فَلَو كَانَ هَذَا الْقدر من الِاشْتِرَاك أَيْضا مُعْتَبرا لَكَانَ عَلَيْهِ أَن يعده مِمَّا يَشْمَل الثَّلَاثَة وَكَون الْعلَّة الصورية والمادية من الْأُمُور الْعَامَّة ظَاهر لَا خَفَاء فِيهِ كَيفَ وَلَو لم يكن مِنْهَا كَيفَ جعلت مَوْضُوع بعض الْمسَائِل. وَأما احْتِمَال إيرادها من حَيْثُ النوعية فيستلزم جَوَاز إِيرَاد المعالجات الْجُزْئِيَّة فِي الْقسم الْكُلِّي من الطِّبّ فَيلْزم الِاخْتِلَاط ويفوت غَرَض التَّبْوِيب. وَأورد على الْجَواب الأول بِأَن فِي عدم تعلق الْغَرَض العلمي بالــبحث عَن الصِّفَات السَّبع على وَجه الْعُمُوم نظرا وَالْجَوَاب أَن الْــبَحْث على وَجه الْعُمُوم لَهُ مَعْنيانِ أَحدهمَا الْــبَحْث على وَجه الشُّمُول لأقسام الْمَوْجُود أَي لَا يُلَاحظ فِي الْــبَحْث الشُّمُول وَالتَّحْقِيق فِيهَا. وَثَانِيهمَا الْــبَحْث على وَجه عدم التَّخْصِيص بقسم من الْأَقْسَام أَي لَا يُلَاحظ فِي الْــبَحْث التحقق فِي قسم مِنْهَا بل لَا يكون الملحوظ فِي الْــبَحْث إِلَّا نفس المبحوث وَالْمرَاد الأول وَلَا خَفَاء فِي عدم تعلق الْغَرَض العلمي بِالصِّفَاتِ السَّبع بِهَذَا الْمَعْنى وَإِن تعلق الْغَرَض العلمي بهَا بِالْمَعْنَى الثَّانِي وَيُمكن الْجَواب عَن أصل الِاعْتِرَاض بِوَجْهَيْنِ آخَرين أَيْضا الأول أَن الْمُتَبَادر مِنْهُ أَن الْأُمُور الْعَامَّة أَحْوَال الْوَاجِب والجوهر وَالْعرض ومحمولات عَلَيْهَا والأمور الْمَذْكُورَة من الْكمّ الْمُطلق والمتصل وَغَيرهمَا مَوْضُوعَات لَهَا لِأَنَّهَا من أَفْرَاد الْعرض وَالثَّانِي أَنه لَا يبعد أَن يُرَاد بِمَا لَا يخْتَص الْأَمر الاعتباري بِقَرِينَة أَن مَا يــبْحَث فِي هَذَا الْقسم لَيْسَ إِلَّا أَحْوَال الْأُمُور الاعتبارية فَقَط وَمَا يلْزم دُخُوله لَيْسَ مِنْهُ. لَكِن يرد على الْوَجْه الأول من هَذَا الْجَواب أَن الْكَثْرَة نفس الْكمّ الْمُنْفَصِل وَكَذَا الْوُجُود من أَفْرَاد الْعرض يدل على الأول مَا وَقع فِي كَلَام أجلة الْمُتَأَخِّرين فِي مَوَاضِع. وعَلى الثَّانِي مَا وَقع فِي تعليقات الشَّيْخ من إِطْلَاق الْعرض على الْوُجُود. وَيُمكن أَن يُقَال إِن التَّحْقِيق أَن الْكَثْرَة وحدات مَحْضَة والكم الْمُنْفَصِل وحدات من حَيْثُ إِنَّهَا معروضة للهيئة الاجتماعية كَمَا حقق فِي مَوْضِعه وَمَا وَقع فِي الْمَوَاضِع إِنَّمَا وَقع تبعا للشهرة أَو على سَبِيل الْمُسَامحَة. وَإِطْلَاق الْعرض على الْوُجُود إِنَّمَا هُوَ بِمَعْنى الْعَارِض لَا بِالْمَعْنَى الْمَشْهُور أَي الْمَوْجُود فِي الْمَوْضُوع فَافْهَم. وَيفهم من شرح التَّجْرِيد للفاضل القوشجي رَحمَه الله أَن الْأُمُور الْعَامَّة بالاستقراء الْوُجُود والعدم وَمَا يتَعَلَّق بهما والماهية ولواحقها والعلية والمعلولية. وتفصيل هَذَا الْمُجْمل مَا يفهم من المواقف أَنَّهَا الْوُجُود والعدم والماهية وَالْوُجُوب والإمكان والامتناع والوحدة وَالْكَثْرَة والعلية والمعلولية.

الحكيم

الحكيم:
[في الانكليزية] Wiseman ،philosopher
[ في الفرنسية] Sage ،philosophe
يطلق على صاحب علم الحكمة وعلى صاحب الهيئة المذكورة وعلى صاحب الحجّة القطعية المسمّاة بالبرهان. وجمع الحكيم الحكماء.
اعلم أنّ السعادة العظمى والمرتبة العليا للنفس الناطقة هي معرفة الصانع تعالى بماله من صفات الكمال والتّنزّه عن النّقصان، وبما صدر عنه من الآثار والأفعال في النشأة [الأولى] والآخرة. والطريق إلى هذه المعرفة من وجهين.
الأوّل طريقة أهل النظر والاستدلال. وسالكوها إن اتّبعوا ملّة من ملل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فهم المتكلّمون وإلّا فهم الحكماء المشّائيّون، لقّبوا بذلك لأنّهم كانوا مشّائين في ركاب أفلاطون متعلّمين منه العلم والحكمة بطريق المباحثة. والثاني طريقة أهل الرياضة والمجاهدة. وسالكوها إن وافقوا في رياضتهم الشريعة فهم الصوفية المتشرّعون، وإلّا فهم الحكماء الإشراقيون، لقّبوا بذلك لأنّهم هم الذين أشرقت بواطنهم الصافية بالرياضة والمجاهدة من باطن أفلاطون حاضرين في مجلسه أو غائبين عن مجلسه، ومتوجهين إلى باطنه الصافي المتحلى بالعلوم والمعارف، مستفيدين منه بالتوجّه إلى باطنه لا بالمباحثة والمناظرة، فلكلّ طريقة طائفتان. وحاصل الطريقة الأولى الاستكمال بالقوة النظرية والترقّي في مراتبها، والغاية [القصوى] من تلك المراتب هي العقل المستفاد. ومحصول الطريقة الثانية الاستكمال بالقوة العملية والترقّي في درجاتها. وفي الدرجة الثالثة من هذه القوة تفيض على النفس صور المعلومات على سبيل المشاهدة كما في العقل المستفاد، بل هذه الدرجة أكمل وأقوى منه لأنّ الحاصل في المستفاد لا يخلو عن الشبهات الوهمية كما يجيء تحقيقه في بابه. هكذا في حواشي شرح المطالع في الخطبة. وفي شرح إشراق الحكمة مراتب الحكماء عشر. إحداها حكيم إلهي متوغّل في التأله عديم الــبحث، وهذا كأكثر الأنبياء والأولياء من مشايخ التصوّف كأبي يزيد البسطامي وسهل بن عبد الله ونحوهما من أرباب الذوق دون الــبحث الحكمي. وثانيتها حكيم بحّاث عديم التّألّه متوغّل في الــبحث وهذه المرتبة عكس المرتبة الأولى، وهو من المتقدّمين كأكثر المشّائين ومن المتأخّرين كالشيخين الفارابي وأبي علي وأتباعهما. وثالثتها حكيم إلهي متوغّل في الــبحث والتألّه، وهذه الطبقة أعزّ من الكبريت الأحمر ولا يعرف أحد من المتقدّمين موصوفا بهذه الصفة لأنّهم وإن كانوا متوغّلين في التألّه لم يكونوا متوغّلين في الــبحث، إلّا أن يراد بتوغّلهم فيه معرفة الأصول والقواعد بالبرهان من غير بسط الفروع، وتفصيل المجمل وتمييز العلوم بعضها من بعض مع التنقيح والتهذيب، لأنّ هذا ما تمّ إلّا باجتهاد أرسطو. ورابعتها وخامستها حكيم إلهي متوغّل في التألّه متوسّط في الــبحث أو ضعيف.
وسادستها وسابعتها حكيم متوغّل في الــبحث متوسّط في التألّه أو ضعيف. وثامنتها طالب للتألّه والــبحث. وتاسعتها طالب للتألّه فحسب.
وعاشرتها طالب الــبحث فحسب.
فائدة:
إن اتّفق في وقت متوغّل في التألّه والــبحث فله الرئاسة أي رئاسة العالم العنصري لكماله في الحكمتين، وهو خليفة الله لأنّه أقرب الخلق منه تعالى، وإن لم يتّفق فالمتوغّل في التألّه المتوسّط في الــبحث، وإن لم يتّفق فالمتوغّل في التألّه عديم الــبحث. ولا يمكن خلوّ الأرض عن مثله أبدا بخلاف الأولين فإنّه يجوز خلوّ الأرض عنهما لندرتهما. ولا رئاسة في الأرض للباحث المتوغّل في الــبحث فقط إذ لا بد في الخلافة من التلقّي من الباري والعقول؛ وليس المراد بالرئاسة التغلّب بل استحقاق الإمامة. فقد يكون الإمام المتألّه مستوليا ظاهرا كسائر الأنبياء ذوي الشوكة وبعض الملوك الحكماء كإسكندر وأفريدون وكيومرث، وقد يكون خفيّا وهو الذي سمّاه الكافة القطب فله الرئاسة، وإن كان في غاية الخمول كسائر متألّهي الحكماء والصوفية المشهورين أو الخاملين. والمتألّه الخفي يسمّى قطبا. وفي كل عصر وزمان يكون منهم جماعة إلّا أنّ الأتمّ كمالا يكون واحدا كما في الأخبار النبوية. وإذا كانت السياسة بيد المتألّه كان الزمان نوريا لتمكّنه من نشر العلم والحكمة والعدل ونحوها كزمان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وإذا خلا الزمان عن تدبير إلهي سنّ على ألسنة أنبيائه وحكمائه كانت الظلمات غالبة كزمان الفترات وبعد عهد النبوات كزماننا هذا.
وأجود الطلبة طالب التألّه والــبحث، ثم طالب التألّه، ثم طالب الــبحث. انتهى ما في شرح إشراق الحكمة.

مَوْضُوع الْمنطق

مَوْضُوع الْمنطق: أَمْرَانِ: أَحدهمَا: الْمَعْلُوم التصوري من حَيْثُ إِنَّه يُوصل إِلَى الْمَجْهُول التصوري. وَثَانِيهمَا: الْمَعْلُوم التصديقي من حَيْثُ إِنَّه يُوصل إِلَى الْمَجْهُول التصديقي - والمنطقي لَا يــبْحَث عَن جَمِيع أَحْوَال المعلومات التصورية وَكَذَا لَا يــبْحَث عَن جَمِيع أَحْوَال المعلومات التصديقية بل عَن أحوالهما الْعَارِضَة لَهما بِاعْتِبَار إيصالهما إِلَى مَجْهُول تصوري ومجهول تصديقي فَإِن كَونهمَا مَوْجُودَة فِي الذِّهْن أَو غير مَوْجُودَة فِيهِ أَيْضا من أحوالهما لَكِن لما لم يكن عروضها لَهما من حَيْثُ الإيصال لَا يــبْحَث المنطقي عَنْهَا.
قَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره أَحْوَال المعلومات التصورية الَّتِي يــبْحَث عَنْهَا فِي الْمنطق ثَلَاثَة أَقسَام: أَحدهَا: الإيصال إِلَى مَجْهُول تصوري. أما بالكنه كَمَا فِي الْحَد التَّام. وَأما بِوَجْه مَا ذاتي أَو عرضي كَمَا فِي الْحَد النَّاقِص والرسم التَّام والناقص وَذَلِكَ فِي بَاب التعريفات. وَثَانِيها: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهَا الإيصال إِلَى الْمَجْهُول التصوري توقفا قَرِيبا ككون المعلومات التصورية كُلية وجزئية ذاتية وعرضية وجنسا وفصلا وخاصة فَإِن الْموصل إِلَى التَّصَوُّر يتركب من هَذِه الْأُمُور. فالإيصال يتَوَقَّف على هَذِه الْأَحْوَال بِلَا وَاسِطَة - وَذكر الْجُزْئِيَّة هَا هُنَا على سَبِيل الاستطراد. والــبحث عَن هَذِه الْأَحْوَال فِي بَاب الكليات الْخمس. وَثَالِثهَا: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهَا الإيصال إِلَى الْمَجْهُول التصديقي توقفا بَعيدا أَي بِوَاسِطَة ككون المعلومات التصورية مَوْضُوعَات ومحمولات والــبحث عَنْهَا فِي ضمن بَاب القضايا.
وَأما أَحْوَال المعلومات التصديقية الَّتِي يــبْحَث عَنْهَا فِي الْمنطق فَثَلَاثَة أَقسَام أَيْضا: أَحدهَا: الإيصال إِلَى الْمَجْهُول التصديقي يَقِينا كَانَ أَو غير يقيني جَازِمًا أَو غير جازم وَذَلِكَ مبَاحث الْقيَاس والاستقراء والتمثيل الَّتِي هِيَ أَنْوَاع الْحجَّة. وَثَانِيها: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الإيصال إِلَى الْمَجْهُول التصديقي توقفا قَرِيبا وَذَلِكَ مبَاحث القضايا. وَثَالِثهَا: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الإيصال إِلَى الْمَجْهُول التصديقي توقفا بَعيدا ككون المعلومات التصديقية مُقَدمَات وتوالي - فَإِن الْمُقدم والتالي قضيتان بِالْقُوَّةِ الْقَرِيبَة من الْفِعْل فهما معدودان فِي المعلومات التصديقية دون التصورية بِخِلَاف الْمَوْضُوع والمجهول فَإِنَّهُمَا من قبيل التصورات انْتهى.
فَإِن قلت لَا نسلم أَن الإيصال من أَحْوَال المعلومات التصورية أَو التصديقية الَّتِي يــبْحَث عَنْهَا فِي الْمنطق فَإِن كلا من موضوعيه مُقَيّد بالإيصال فَحِينَئِذٍ يكون الإيصال من تَتِمَّة الْمَوْضُوع وَفِي حكمه فِي كَونه مُسلم الثُّبُوت فِي ذَلِك الْعلم إِذْ لَا بُد فِي كل علم من كَون مَوْضُوعه مُسلما فَلم يكن الإيصال من الْأَعْرَاض الْمَطْلُوبَة فِي هَذَا الْفَنّ بل يجب أَن يكون المبحوث عَنهُ أَحْوَال تعرض للموصل بعد كَونه موصلا. وَلَك فِي تَقْرِير الِاعْتِرَاض أَن تَقول إِن قَوْلهم الْمُعَرّف هُوَ الْمَعْلُوم التصوري من حَيْثُ إِنَّه يُوصل إِلَى مَجْهُول تصوري. وَكَذَا قَوْلهم الْحجَّة هِيَ الْمَعْلُوم التصديقي من حَيْثُ إِنَّه يُوصل إِلَى مَجْهُول تصديقي إِن أُرِيد بِهِ أَنَّهُمَا مُطلقًا مَوْضُوعا علم الْمنطق فَهُوَ ظَاهر الْفساد لما علمت أَن المنطقي لَا يــبْحَث عَن جَمِيع المعلومات. وَإِن أُرِيد أَنَّهُمَا مَوْضُوعا الْمنطق من حَيْثُ الإيصال كَانَ الإيصال من تَتِمَّة الْمَوْضُوع وَفِي حكمه وَهُوَ بَاطِل لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يكون من الْمَوْضُوع وجزئه لَا خَارِجا فضلا عَن أَن يكون عرضا ذاتيا لَهُ قلت إِن مَوْضُوع الْمنطق هُوَ الْمَعْلُوم التصوري الْمُقَيد بِصِحَّة الإيصال لَا بِنَفس الإيصال وَكَذَا الْمَعْلُوم التصديقي الْمُقَيد بِصِحَّة الإيصال لَا بِنَفسِهِ مَوْضُوع الْمنطق. فَالْمُرَاد من قَوْلهم من حَيْثُ إِنَّه يُوصل من حَيْثُ صِحَّته واستعداده للإيصال. فالإيصال خَارج عَن الْمَوْضُوع عَارض لذاته.
فَإِن قيل مَا وَجه تعدد مَوْضُوع الْمنطق لم لَا يجوز أَن يكون وَاحِدًا بِأَن يكون الْمَعْلُوم التصوري موصلا إِلَى الْمَجْهُول التصوري وَإِلَى الْمَجْهُول التصديقي أَيْضا أَو يكون الْمَعْلُوم التصديقي موصلا إِلَيْهِمَا. قُلْنَا لَا يجوز. أما الثَّانِي فَلِأَن الْمَعْلُوم التصديقي لَو كَانَ موصلا إِلَى التَّصَوُّر لَكَانَ مُعَرفا بِالْكَسْرِ والمعرف لَا بُد وَأَن يكون مقولا مَحْمُولا على الْمُعَرّف بِالْفَتْح. فَنَقُول على الشكل الأول أَن الْمُعَرّف مَحْمُول وَلَا شَيْء من الْمَحْمُول بِتَصْدِيق ينْتج لَا شَيْء من الْمُعَرّف بِتَصْدِيق. أَو على الشكل الثَّانِي أَن الْمُعَرّف مَحْمُول وَلَا شَيْء من التَّصْدِيق بمحمول ينْتج تِلْكَ النتيجة إِمَّا بعكس الْكُبْرَى أَو النتيجة. فَإِن قيل الْكُبْرَى مسلمة وَلَكِن لَا نسلم الصُّغْرَى يَعْنِي لَا نسلم أَن الْمُعَرّف لَا بُد وَأَن يكون مَحْمُولا على الْمُعَرّف لم لَا يجوز أَن لَا يكون مقولا مَحْمُولا فَيجوز أَن يكون تَصْدِيقًا أَلا ترى أَن الْمُعَرّف مَعْنَاهُ مَا يُفِيد حُصُول معرفَة الشَّيْء فذاته لَا تَقْتَضِي الْحمل والمقولية.
قُلْنَا الْمُعَرّف الكاسب للْمَجْهُول التصوري يكون الْمَقْصُود مِنْهُ أما إِفَادَة تصَوره بالكنه أَو بِالْوَجْهِ. وَهَذِه الإفادة إِنَّمَا تتَصَوَّر بالذاتيات أَو العرضيات للمعرف وكل من الْكُلِّي الذاتي والعرضي يكون مقولا لَا محَالة كَمَا لَا يخفى. وَأما الأول وَهُوَ أَنه لَا يجوز أَن يكون الْمَعْنى التصوري موصلا إِلَى التَّصْدِيق وكاسبا لَهُ فَلِأَنَّهُ لَو كَانَ كاسبا لَكَانَ عِلّة لَهُ وَالْعلَّة لَا بُد وَأَن تكون مُسَاوِيَة النِّسْبَة إِلَى وجود الْمَعْلُول وَعَدَمه - وَالْمعْنَى الْوَاحِد التصوري مساوي النِّسْبَة إِلَى وجود التَّصْدِيق وَعَدَمه. فَلَا يَصح أَن يكون الْمَعْنى التصوري عِلّة وكاسبا للتصديق. وَإِذا اقْترن بذلك الْمَعْنى التصوري وجودا وعدما لم يكن وَحده موقعا للتصديق وموصلا إِلَيْهِ.
هَذَا حَاصِل مَا اسْتدلَّ بِهِ على امْتنَاع اكْتِسَاب التَّصْدِيق بالتصور - ونقضه جلال الْعلمَاء رَحمَه الله تَعَالَى بِالنَّقْضِ الإجمالي بِأَن هَذَا الدَّلِيل بِعَيْنِه يجْرِي فِي اكْتِسَاب التَّصَوُّر من التَّصَوُّر مَعَ تخلف الحكم - وبالنقض التفصيلي بِأَن اقتران التَّصَوُّر بِوُجُودِهِ الذهْنِي لَا يَقْتَضِي التَّصْدِيق إِذْ كَونه فِي الذِّهْن لَيْسَ فِي الذِّهْن فَيُفِيد الْمُفْرد فِي الذِّهْن بِوُجُودِهِ الْخَارِجِي التَّصْدِيق كإفادته التَّصَوُّر بِعَيْنِه. والزاهد رَحمَه الله تَعَالَى خرج عَن صومعته فِي ميدان الدّفع قَائِلا بِمَا حَاصله أَن الْمَعْلُول فِي الْحَقِيقَة مفَاد الْهَيْئَة التركيبية على مَذْهَب الْمَشَّائِينَ الْقَائِلين بالجعل الْمُؤلف لِأَن الْعلَّة لَا تجْعَل الْمَاهِيّة مَاهِيَّة وَلَا الْوُجُود وجودا وَلَا الاتصاف اتصافا وَلَا الاتصاف مَوْجُودا. بل تجْعَل الْمَاهِيّة متصفة بالوجود كالصباغ نظرا إِلَى الثَّوْب والصبغ فالمعلول حَقِيقَة لَيْسَ إِلَّا وجوده فِي نَفسه أَو وجوده فِي حَاله. فالمعلول هُوَ مفَاد الْهَيْئَة التركيبية وَكَذَا الْعلَّة حَقِيقَة وجودهَا فِي نَفسهَا أَو وجودهَا فِي حَالَة عل مَا بَينه الشَّيْخ وَمَا هُوَ مَعْلُول بِحَسب ظرف فعليته بِحَسب ذَلِك الظّرْف يجب أَن يتَحَقَّق فِيهِ لِأَن مَا هُوَ مَعْدُوم فِي ظرف لَا يحصل مِنْهُ وجود شَيْء فِي ذَلِك الظّرْف بِالضَّرُورَةِ فَكَمَا أَن الشَّيْء بِحَسب الْخَارِج وَاجِب وممكن وكل مِنْهُمَا لَا يحصل من الْمَعْدُوم فِي الْخَارِج كَذَلِك الشَّيْء بِحَسب الذِّهْن ضَرُورِيّ وكسبي وكل مِنْهُمَا لَا يحصل من الْمَعْدُوم فِي الذِّهْن والمعلولية فِي التَّصْدِيق بِحَسب الذِّهْن إِذْ الْمَعْلُول هُوَ الصُّورَة العلمية التركيبية أَي صُورَة ثُبُوت الْمَحْمُول للموضوع حِكَايَة عَن الْخَارِج فَيجب أَن يتَحَقَّق مَا هُوَ علته فِي الذِّهْن وَهُوَ لَا يكون إِلَّا معنى تركيبيا تصديقيا وَهُوَ المعلولية فِي التَّصَوُّر خارجية إِذْ الْوَاقِع فِي الذِّهْن نَفسه وَهُوَ معنى مُفْرد لَا يصلح للمعلولية لما مر من الْجعل الْمُؤلف والهيئة الصَّالِحَة لَهَا هِيَ الْهَيْئَة التركيبية الخارجية وَهِي حُصُوله فِي الذِّهْن.
وَلَا شكّ أَنه أَمر خارجي فَمَا هُوَ علته بِحَسب ظرف الْخَارِج يجب حُصُوله فِيهِ لَا فِي الذِّهْن وَمَا هُوَ إِلَّا التَّصَوُّر دون التَّصْدِيق فحصول صُورَة الْمُعَرّف بِالْكَسْرِ للذهن عِلّة لحُصُول صُورَة الْمُعَرّف بِالْفَتْح لَهُ وَأما الضروريات الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن فَلَيْسَتْ بِحَسب ظرف الذِّهْن لِأَن الضَّرُورِيّ فِي الذِّهْن لَا يُعلل فِيهِ فَهِيَ مستفاضة من المبدأ الْفَيَّاض بإلقائه فِي الذِّهْن وَالْإِلْقَاء فِي الذِّهْن لَيْسَ فِي الذِّهْن بل فِي الْخَارِج وَبِهَذَا الدَّلِيل يعلم امْتنَاع اكْتِسَاب كل وَاحِد مِنْهُمَا من الآخر.
وَلَا يخفى على الذكي الوكيع أَن الزَّاهِد رَحمَه الله تَعَالَى بِمُقْتَضى صفة العنوانية وَإِن ترك الرَّاحَة الجسمانية بِاخْتِيَار التكلفات الشاقة للراحة فِي العاجل لَكِن حصلت لَهُ القباحات فِي الآجل لِأَن مَا هُوَ الْمَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ هُوَ امْتنَاع تَأْثِير الْمَعْدُوم مُطلقًا فِي شَيْء وَأما امْتنَاع تَأْثِير الْمَفْقُود فِي ظرف فِي شَيْء فِي ذَلِك الظّرْف فَغير مَعْلُوم بل غير وَاقع - أَلا ترى أَن الْعلَّة الغائية الْمَوْجُودَة فِي الذِّهْن المعدومة فِي الْخَارِج عِلّة لمعلولها فِي الْخَارِج وَأَن غير الزماني والمكاني مُؤثر فيهمَا بِلَا ريب مريب وإنكار مُنكر - وَالْعجب مِنْهُ أَن الْكَلَام فِي معلولية التَّصْدِيق لَا فِي معلولية مُتَعَلقَة. وَأَنت تعلم أَن التَّصْدِيق هُوَ الإذعان لَا الْهَيْئَة التركيبية أَي صُورَة ثُبُوت الْمَحْمُول للموضوع فَإِنَّهَا مُتَعَلقَة الإذعان لَا نفس الإذعان.
وَقَالَ الْفَاضِل الأحمدآبادي مُحَمَّد نور الدّين فِي شرح تَهْذِيب الْمنطق وَالْأَقْرَب أَن يُقَال فِي بَيَانه أَي بَيَان امْتنَاع اكْتِسَاب التَّصْدِيق من التَّصَوُّر أَن الكاسب والمكسوب فِي النَّوْعَيْنِ هِيَ الصُّورَة الذهنية لَكِن طبيعة التَّصْدِيق بِحَيْثُ إِن لم يكن ضَرُورِيًّا لَا يحصل إِلَّا بِالْعلمِ بِمَا هُوَ مُوجب للمصدق بِهِ وَعلة لثُبُوت الْمَحْمُول للموضوع فالموقع من حَيْثُ هُوَ لَيْسَ إِلَّا مَا هُوَ قَابل للعلية - وَالْمعْنَى التصوري من حَيْثُ هُوَ معنى مُفْرد متساوي النِّسْبَة غير قَابل للعلية أصلا لِأَنَّهُ لَو كَانَ عِلّة لم يكن وجوده وَعَدَمه سَوَاء بِالنّظرِ إِلَى مَا هُوَ فرض معلوله إِذْ لَا دخل لمتساوي الطَّرفَيْنِ نظرا إِلَيْهِ فِي إِيقَاعه فَلَا يَقع بالمفرد بِلَا ضم شَيْء إِلَيْهِ كِفَايَة فِي تَحْصِيل أَمر فَلَا يكون التَّصَوُّر مُؤديا إِلَى التَّصْدِيق وَبعد قرَان شَيْء لَا يكون الْمُؤَدِّي إِلَّا معنى تركيبيا تصديقيا وَلَا كَذَلِك حكم الْموصل إِلَى التَّصَوُّر لِأَن كاسبه لَيْسَ عِلّة إِذْ لَا لمية قبل الهلية وَمعنى الْكسْب فِيهِ الِاحْتِمَال لملاحظة الْمَطْلُوب فِي مرْآة الْكَشْف حَتَّى كَانَ الْحمل مراتبه مَا فِيهِ الْمرْآة والمرئي وَاحِد. ومآل الْوَجْه أَن التَّصَوُّر فِي التعريفات تصور وَاحِد مُتَعَلق بالمعرف بِالْكَسْرِ بِالذَّاتِ وبالمعرف بِالْفَتْح بِالْعرضِ. فَعلم أَن الْموصل فيهمَا هُوَ الْمَعْنى الذهْنِي من حَيْثُ هُوَ إِنَّمَا الْفرق بالكشف عَن وَجه الْمُفْرد كنها أَو وَجها بِلَا احْتِمَال تَوْجِيه أَي اسْتِدْلَال والكشف عَن وَجه التَّرْكِيب فَلَا نقض وَلَا دخل للوجود الْخَارِجِي أَو الذهْنِي فِي الإيصال وَلَيْسَ الْبَيَان مَبْنِيا على مَذْهَب الْمَشَّائِينَ انْتهى.

علم الميزان

علم الميزان
ويسمى علم المنطق تقدم وإنما سمي بالميزان إذ به توزن الحجج والبراهين.
وكان أبو علي يسميه: خادم العلوم إذ ليس مقصودا بنفسه بل هو وسيلة إلى العلوم فهو كخادم لها.
وأبو نصر يسميه: رئيس العلوم لنفاذ حكمه فيها فيكون رئيسا حاكما عليها وإنما سمي بالمنطق لأن النطق يطلق على اللفظ وعلى إدراك الكليات وعلى النفس الناطقة.
ولما كان هذا الفن يقوي الأول ويسلك بالثاني مسلك السداد ويحصل بسببه كمالات الثالث اشتق له اسم منه وهو المنطق.
وهو: علم بقوانين تفيد معرفة طرق الانتقال من المعلومات إلى المجهولات وشرائطها بحيث لا يعرض الغلط في الفكر.
والمعلومات: تتناول الضرورية والنظرية.
والمجهولات: تتناول التصورية والتصديقية وهذا أولى مما ذكره صاحب الكشف تفيد معرفة طرق الانتقال من الضروريات إلى النظريات لأنه يوهم بالانتقال الذاتي علم ما يتبادر من العبارة والمراد الأعم من أن يكون بالذات أو بالواسطة.
وأما احترازاته: فقد ذكرها صاحب كشاف اصطلاحات الفنون وليس إيرادها ههنا من غرضنا في هذا الكتاب.
والمنطق من العلوم الآلية لأن المقصود منه تحصيل المجهول من المعلوم ولذا قيل: الغرض من تدوينه العلوم الحكمية فهو في نفسه غير مقصود ولذا قيل المنطق آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر.
وموضوعه: التصورات والتصديقات أي: المعلومات التصورية والتصديقية لأن بحث المنطقي عن أعراضها الذاتية فإنه يــبحث عن التصورات من حيث إنها توصل إلى تصور مجهول إيصالا قريبا أي بلا واسطة كالحد والرسم أو إيصالا بعيدا ككونها كلية وجزئية وذاتية وعرضية ونحوها فإن مجرد أمر من هذه الأمور لا يوصل إلى التصور ما لم ينضم إليه آخر يحصل منها حد أو رسم.
ويــبحث عن التصديقات من حيث أنها توصل إلى تصديق مجهول إيصالا قريبا كالقياس والاستقراء والتمثيل أو بعيد ككونها قضية وعكس قضية ونقيضها فإنها ما لم تنضم إليه ضميمة لا توصل إلى التصديق.
ويــبحث عن التصورات من حيث أنها توصل إلى التصديق إيصالا أبعد ككونها موضوعات ومحمولات ولا خفاء في أن إيصال التصورات والتصديقات إلى المطالب قريبا أو بعيدا من العوارض الذاتية لها فتكون هي موضوع المنطق.
وذهب أهل التحقيق إلى أن موضوعه المعقولات الثانية لا من حيث إنها ما هي في أنفسها ولا من حيث أنها موجودة في الذهن فإن ذلك وظيفة فلسفية بل من حيث أنها توصل إلى المجهول أو يكون لها نفع في الإيصال.
فإن المفهوم الكلي إذا وجد في الذهن وقيس إلى ما تحته من الجزئيات فباعتبار دخوله في ماهياتها يعرض له الذاتية وباعتبار خروجه عنها العرضية وباعتبار كونه نفس ماهياتها النوعية وما عرض له الذاتية جنس باعتبار اختلاف أفراده وفصل باعتبار آخر وكذلك ما عرض له العرضية إما خاصة أو عرض عام باعتبارين مختلفين.
وإذا ركبت الذاتيات والعرضيات إما منفردة أو مختلطة على وجوه مختلفة عرض لذلك المركب الحدية والرسمية ولا شك أن هذه المعاني أعني كون المفهوم الكلي ذاتيا أو عرضيا أو نوعا ونحو ذلك ليست من الموجودات الخارجية بل هي مما يعرض للطبائع الكلية إذا وجدت في الأذهان وكذا الحال في كون القضية حملية أو شرطية وكون الحجة قياسا أو استقراء أو تمثيلا فإنها بأسرها عوارض تعرض لطبائع النسب الجزئية في الأذهان إما وحدها أو مأخوذة مع غيرها فهي أي المعقولات الثانية موضوع المنطق.
ويــبحث المنطقي عن المعقولات الثالثة وما بعدها من المراتب فإنها عوارض ذاتية للمعقولات الثانية فقط.
فالقضية مثلا معقول ثان يــبحث عن انقسامها وتناقضها وانعكاسها وإنتاجها إذا ركبت بعضها مع بعض فالانعكاس والإنتاج والانقسام والتناقض معقولات واقعة في الدرجة الثالثة من التعقل وإذا حكم على أحد الأقسام أو أحد المتناقضين مثلا في المباحث المنطقية بشيء كان ذلك الشيء في الدرجة الرابعة من التعقل وعلى هذا القياس.
وقيل: موضوعه الألفاظ من حيث أنها تدل على المعاني وهو ليس بصحيح لأن نظر المنطقي ليس إلا في المعاني ورعاية جانب اللفظ إنما هي بالعرض.
والغرض من المنطق: التمييز بين الصدق والكذب في الأقوال والخير والشر في الأفعال والحق والباطل في الاعتقادات.
ومنفعته: القدرة على تحصيل العلوم النظرية والعملية.
وأما شرفه: فهو أن بعضه فرض وهو البرهان لأنه لتكميل الذات وبعضه نقل وهو ماسوى البرهان من أقسام القياس، لأنه للخطاب مع الغير ومن أتقن المنطق فهو على درجة من سائر العلوم، ومن طلب العلوم الغير المتسقة وهي ما لا يؤمن فيها من الغلط ولا يعلم المنطق، فهو كحاطب ليل وكرامد العين لا يقدر على النظر إلى الضوء لا البخل من الموجد بل لنقصان في الأستعداد والصواب الذي يصدر من غير المنطقي كرمي من غير رام، وقد يندر للمنطقي خطأ في النوافل دون المهمات لكنه يمكنه استدراكه بعرضه على القوانين المنطقية. ومرتبته في القراءة أن يقرأ بعد تهذيب الأخلاق وتقويم الفكر ببعض العلوم الرياضية مع الهندسة والحساب.
وأما الأول: فلما قال أبقراط: البدن ليس بنقي كلما غذوته إنما يزيد شرا ووبالا ألا ترى أن الذين لم يهذبوا أخلاقهم إذا شرعوا في المنطق سلكوا منهج الضلال وانخرطوا في سلك الجهال وأنفوا أن يكونوا مع الجماعة ويتقلدوا ذل الطاعة فجعلوا الأعمال الطاهرة والأقوال الظاهرة من البدائع التي وردت بها الشرائع وقر آذانهم والحق تحت أقدامهم وأما الثاني: فلتستأنس طبائعهم إلى البرهان كذا في شرح إشراق الحكمة ومؤلف المنطق ومدونه أرسطو انتهى. ما في كشاف اصطلاحات الفنون.
ولشيخنا الإمام العلامة قاضي القضاة محمد بن علي الشوكاني رسالة في هذا الباب سماه أمنية المتشوق في حكم المنطق قال فيها:
الخلاصة في ذلك أنه ذهب إلى لزوم تعلم المنطق الغزالي وجماعة.
وذهب إلى تكريهه قوم.
وقال بإباحته جمع جم وصرح بتحريمه جماعة.
قال السيوطي في الحاوي: المنطق هو: فن خبيث مذموم يحرم الاشتغال به مبني بعض ما فيه على القول بالهيولي الذي هو كفر يجر إلى الفلسفة والزندقة. وليس له ثمرة دينية أصلا بل ولا دنيوية نص على جميع ما ذكرته أئمة الدين وعلماء الشريعة.
فأول من نص على ذلك الإمام الشافعي ونص عليه من أصحابه إمام المحرمين والغزالي في آخر أمره وابن الصباغ صاحب الشامل وابن القشيري ونصر المقدسي والعماد بن يونس وحفيده والسلفي وابن بندار وابن عساكر وابن الأثير وابن الصلاح وابن دقيق العيد والبرهان الجعبري وأبو حيان والشرف الدمياطي والذهبي والطيبي والملوي والأسنوي والأذرعي والولي العراقي والشرف المقري قال: وأفتى به شيخنا قاضي القضاة شرف الدين المناوي.
ونص عليه من أئمة المالكية ابن أبي زيد صاحب الرسالة والقاضي أبو بكر بن العربي وأبو بكر الطرطوسي وأبو الوليد الباجي وأبو طالب المكي صاحب قوت القلوب وأبو الحسن بن الحصار وأبو عامر بن الربيع وأبو الحسن بن حبيب وأبو حبيب المالقي وابن المنير وابن رشد وابن أبي حمزة وعامة أهل المغرب.
ونص عليه من الأئمة الحنفية: أبو سعيد السيرافي والسراج القزويني وألف في ذمه كتابا سماه نصيحة المسلم المشفق لمن ابتلى بعلم المنطق.
ونصل عليه من أئمة الحنابلة: ابن الجوزي وسعد الدين الحارثي والتقي ابن تيمية وألف في ذمه ونقض قواعده مجلدا كبيرا اسمه نصيحة ذوي الإيمان في الرد على منطق اليونان انتهى كلامه.
ومن عرف معنى الهيولي الذي جعله سببا لتحريم هذا الفن لابتناء بعضه عليه. علم أن السيوطي رحمه الله تعالى في هذا الفن ناقة ولا جمل ورجل ولا حمل فهو معذور. وقد قال بقول هؤلاء جماعة من أهل البيت وابن حزم الظاهري قال في الجوهرة: وقد فرط الغزالي وأفرط. وأما تفريطه: فكونه زعم أنه لا حاجة إلى علم الكلام.
وأما إفراطه: فلأنه شرط للمجتهد ما لم يشترط أحد من علماء الإسلام معرفة صناعة المنطق ولهذا قال المهدي في أوائل البحر: وأما المنطق فالمحققون لا يعدونه لإمكان البرهان دونه يعني لا يعدونه من علوم الاجتهاد.
وفي منهاج القرشي: أن الفلاسفة وضعوا علم المنطق خديعة وتوصلا إلى إبطال مسائل التوحيد لأنهم جعلوا قياس الغائب على الشاهد ظنيا وجميع مسائل التوحيد مبنية عليه فتوصلوا بهذا إلى أن الكلام في إثبات الصانع وصفاته ظني لا يمكن العلم به وتوصلا إلى إبطال مسائل العدل لأنهم جعلوا الحكم بقبح المظلم والكذب ونحو ذلك والحكم بحسن العدل ووجوب رد الوديعة وشكر المنعم ونحو ذلك أمورا مشهورات مسلمات ليس فيها إلا ظن ضعيف فلا يحكم الإنسان بقبح الظلم إلا لرقة قلبه أو الحمية أو لمحبة التعاون على المعاش ونحو ذلك
فتوصلوا بذلك إلى إبطال العدل والوعيد والشرائع وتكلفوا للتوصل إلى هذه الخديعة فنا من أدق الفنون والبراهين الحاصلة عن أشكالهم نوع واحد من أنواع العلوم وهو إلحاق التفصيل بالجملة وهو أقل العلوم كلفة وإن لم يكن ضروريا كمن يعلم أن كل ظلم قبيح ثم يعلم في وقت معين أنه ظلم فإنه يعلم أن هذا المعين قبيح إلحاقا للتفصيل بالجملة ولا يحتاج إلى إيراد مقدمتين في شكل مخصوص انتهى.
قال القاضي علي بن عبد الله بن رادع: ولقد عرفت صحة ما ذكره في المنهاج بسماعي لمعظم كتب المنطق كالرسالة الشمسية وشرحها وغيرهما ووجدت ما يذكرونه في أشكالهم لا فائدة فيه إلى آخر ما قال في شرحه للأثمار ولقد عجبت من قول هذا القاضي حيث قال: بسماعي لمعظم كتب المنطق ثم تكلم بعد ذلك بكلام يشعر بعدم معرفته لأول بحث من مباحث الرسالة الشمسية وكثيرا من يظن أنه قد عرف علم المنطق وهو لا يعرفه لأنه علم دقيق لا يفتح هذه الإشكالات الباردة.
قال ابن رادع في شرح الأثمار: روي عن المؤلف أيده الله أنه قال: إن العلماء المتقدمين كانوا إذا اطلعوا على شيء من ألفاظ الفلاسفة في أي كلام يرد عليهم اكتفوا في رده وإبطاله بكون فيه شيء من عبارة الفلاسفة ولم يتشاغلوا ببيان بطلانه وإن كثيرا من العلماء المتقدمين وكثيرا من المتأخرين نهوا عن الخوض فيه أشد النهي.
وصنف الشيخ جلال الدين السيوطي كتابا سماه القول المشرق في تحريم الاشتغال بالمنطق ولم يشتغل من اشتغل من المتأخرين إلا لما كثر التعبير بقواعده من المخالفين واستعانوا بالخوض فيه على تيسير الرد عليهم بالطريق التي سلكوها وكان الأولى السلوك في طريقة المتقدمين لأن قواعد التعبير بعبارة المنطق كثيرة الغلط وخارجة عن عبارة الكتاب والسنة واللسان العربي مع أنه مفسدة في كل من الأديان وقد روي أن بعض الخلفاء العباسيين لما طلب الفلاسفة ترجم علم المنطق باللغة العربية شاور كبيرا لهم فقال: ترجموه لهم فإن علمنا هذا لا يدخل في دين إلا أفسده.
قال المؤلف رحمه الله: وقد وجد ذلك الكلام صحيحا فإن كثيراً من المتعمقين في علم المنطق من المسلمين قد مال في كثير من الأصول إلى ما يفكر به قطعاً.
وأما غير المسلمين من أهل الكتاب فقد تفلسف أكثرهم ولهذا إن كل من خرج عن الأصول الشرعية والعقلية لا يعتمد غيره مثل الباطنية والصوفية وغيرهم انتهى.
وقال جماعة من العلماء: القول الفصل فيه أنه كالسيف يجاهد به شخص في سبيل الله ويقطع به آخر الطريق.
قال الإمام يحيى بن حمزة: إن كان الإطلاع عليه لقصد حل شبهة ونقضها جاز ذلك بل هو الواجب على علماء الإسلام.
وإن كان لغرض غير ذلك كالاقتفاء لآثارهم والتدين بدينهم فهو الكفر والفرية التي لا شبهة فيها ولا مرية وفي هذا القدر من أقوال العلماء كفاية وإن كان المجال يتسع لأضعاف أضعاف ذلك وليس مرادنا إلا الإشارة إلى الاختلاف في هذا العلم.
وأما ما هو الحق من هذه الأقوال فاعلم أنه لا يشك من له مسكة في صحة أطراف ثلاثة نذكرها هاهنا نجعلها كالمقدمة لما نرجحه.
الطرف الأول: إن علم المنطق علم كفري واضعه الحكيم أرسطاطاليس اليوناني وليس من العلوم الإسلامية بإجماع المسلمين والمنكر لهذا منكر للضرورة وليس للمشتهرين بمعرفته المكبين على تحقيق مطالبه من المسلمين كالفارابي وابن سينا ومن نحا نحوهم إلا التفهم لدقائقه والتعريف بحقائقه ولهذا قال الفارابي وهو أعلم المسلمين بهذا الفن لما قال له قائل: أيما أعلم أنت أم أرسطاطايس؟ فقال: لو أدركته لكنت من أكبر تلامذته.
الطرف الثاني: إن المتأخرين من علماء الإسلام ولا سيما أئمة الأصول والبيان والنحو والكلام والجدل من أهل البيت وغيرهم قد استكثروا من استعمال القواعد المنطقية في مؤلفاتهم في هذه الفنون وغيرها وبالغ المحقق ابن الإمام الحسين بن القاسم في شرح غاية السول فقال:
وهاهنا أبحاث يحتاج إليها.
أما الأول: فلان هذا العلم لما كان علما بكيفية الاستنباط وطريقة الاستدلال عن دلائل وكان المنطق علما بكيفية مطلق الاستدلال والاستنباط شارك المنطق وشابهه من هذه الجهة حتى كأنه جزئي من جزئيات المنطق وفرع من فروعه ولا ريب في أن إتقان الأصل وتدبره أدخل لإتقان الفرع والتبصر فيه انتهى بلفظه.
فانظر كيف جعل علم الأصول جزئيا من جزئيات المنطق وجعله فرعاً والمنطق أصلاً.
وعلى الجملة فاستعمال المتأخرين لفن المنطق في كتبهم معلوم لكل باحث ومن أنكر هذا بحث أي كتاب شاء من الكتب المتداولة بين الطلبة التي هي مدارس أهل العصر في هذه العلوم فإنه يجد معرفة ذلك متعسرة إن لم تكن متعذرة بدون علم المنطق خصوصا علم الأصول. فإنها قد جرت عادة مؤلفيه باستفتاح كتبهم بهذا العلم كابن الحاجب في مختصر المنتهى وشرحه وابن الإمام في غاية السول وشرحها وغيرهما دع عنك المطولات والمتوسطات هذه المختصرات التي هي مدرس المبتدئ في زماننا كالمعيار للإمام المهدي وشروحه والكافل لابن بهران وشروحه قد اشتمل كل واحد منها على مباحث من هذا العلم لا يعرفها إلا أربابه ومن ادعى معرفتها بدون هذا العلم فهو يعرف كذب نفسه.
الطرف الثالث: إن كتب المنطق التي يدرسها طلبة العلوم في زماننا كرسالة إيساغوجي للأبهري وشروحها التهذيب للسعد وشروحه والرسالة الشمسية وشروحها وما يشابه هذه الكتب قد هذبها أئمة الإسلام تهذيبا صفت به عن كدورات أقوال المتقدمين فلا ترى فيها إلا مباحث نفيسة ولطائف شريفة تستعين بها على دقائق العلوم وتحل بها إيجازات المائلين إلى تدقيق العبارات فإن حرمت نفسك معرفتها فلاحظ لك بين أرباب التحقيق ولا صحة لنظرك بين أهل التدقيق فاصطبر على ما تسمعه من وصفك بالبلة والبلادة وقلة الفطنة وقصور الباع.
فإن قلت: السلف أعظم قدوة وفي التشبه بهم فضيلة قلت: لا أشك في قولك ولكنه قد حال بينك وبينهم مئات من السنين وكيف لك بواحدة من أهل القرن الأول والثاني أو الثالث تأخذ عنه المعارف الصافية عن كدر المنطق هيهات هيهات حال بينك وبينهم عصور ودهور فليس في زمانك رجل يسبح في لجج مقدمات علم الكتاب والسنة إلا وعلم المنطق من أول محفوظاته ولا كتاب من على علماء الإسلام فنون هذه المقدمات إلا وقد اشتمل على أبحاث منه فأنت بخير النظرين:
أما الجهل بالعلوم التي لا سبيل إلى معرفة الكتاب والسنة إلا بها.
أو الدخول فيما دخل فيه أبناء عصرك والكون في أعدادهم ولا أقول لك: لا سبيل لك إلى كتب المتقدمين التي لم تشب بهذا لعلم بل ربما وجده منها ما يكفيك عن كتب المتأخرين ولكنك لا تجد أحدا من أبناء عصرك تأخذها عنه بسنده المتصل بطريق السماع كما تجد كتب المتأخرين كذلك ولا أقول لك أيضا: إن علم الكتاب والسنة متوقف لذاته على معرفة علم المنطق فإن دين الله أيسر من أن يستعان على معرفته بعلم كفري ولكن معرفة علم الأصول والبيان والنحو والكلام على التمام والكمال متوقفة على معرفته في عصرنا لما أخبرناك به ومعرفة كتاب الله وسنة نبيه متوقفة على معرفتها على نزاع والمتوقف على المتوقف متوقف.
وسبب التوقف بهذه الواسطة محبة المتأخرين للتدقيق والإغراب في العبارات واستعمال قواعد المناطقة واصطلاحاتهم وليتهم لم يفعلوه فإنه قد تسبب عن ذلك بعد الوصول إلى المطلوب على طالبه وطول المسافة وكثرة المشقة حتى إن طالب الكتاب والسنة بما لا يبلغ حد الكفاءة لقراءتهما إلا بعد تفويت أعوام عديدة ومعاناة معارف شديد فيذهب في تحصيل الآلات معظم مدة الرغبة واشتغال القريحة وجودة الذكاء فيقطعه ذلك عن الوصول إلى المطلوب وقد يصل إليهما بذهن كليل وفهم عليل فيأخذ منه بأنزر نصيب وأحقر حظ وهذا هو السبب الأعظم في إهمال علمي الكتاب والسنة في المتأخرين لأنهم قد أذهبوا رواء الطلب وبهاء الرغبة في غيرهما ولو أنفقوا فيهما بعض ما أنفقوا في آلاتهما لوجدت فيهم الحفاظ المهرة والأئمة الكملة1 والله المستعان. وحاصل الــبحث: أنه لم يأت من قال بتحريم علم المنطق بحجة مرضية إلا قوله أنه علم كفري ونحن نسلم ذلك ولكنا نقول: قد صار في هذه الأعصار بذلك السبب من أهم آلات العلوم حلال أو حرام بل يتوقف كثير من المعارف عليه فاشتغل به اشتغالك بفن من فنون الآلات ولا تعبأ بتشغيبات المتقدمين وبتشنيعات المقصرين وعليك بمختصرات الفن كالتهذيب والشمسية واحذر من مطولاته المستخرجة على قواعد اليونان كشفاء ابن سينا وما يشابهه من كتبه وكتاب الشفاء والإشارات وما يليهما من المطولات والمتوسطات التي خلط فيها أهلها المنطق بالحكمة اليونانية والفلسفة الكفرية يضل أكثر المشتغلين بها ويبعدهم عن الصراط السوي والهدي النبوي الذي أمرنا باتباعه بنصوص الكتاب والسنة والله تعالى أعلم بالصواب.

قصو

قصو


قَصَا(n. ac. قَصْوقَصًا []
قَصَآء []
قُصُوّ [] )
a. Was distant, remote.
b. ['An], Was far, remote from; went away from.
c.(n. ac. قَصْو), Cut, clipped (nails); docked, cropped
slit the ears of (sheep).
قصو: {القصوى}: البعدى. {قصيا}: بعيدا.
(ق ص و) : (الْقَصْوَاءُ) الْمَقْطُوعَةُ طَرْفِ الْأُذُنِ وَأَمَّا مَا فِي نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَذَلِكَ لَقَبٌ لَهَا (الْأَقْصَى) فِي (أي) لَا تَقْصَيَنَّ فِي (ع ص) .
ق ص و : قَصَا الْمَكَانُ قُصُوًّا مِنْ بَابِ قَعَدَ بَعُدَ فَهُوَ قَاصٍ وَبِلَادٌ قَاصِيَةٌ وَالْمَكَانُ الْأَقْصَى الْأَبْعَدُ وَالنَّاحِيَةُ الْقُصْوَى هَذِهِ لُغَةُ أَهْلِ الْعَالِيَةِ وَالْقُصْيَا بِالْيَاءِ لُغَةُ أَهْلِ نَجْدٍ وَالْأَدَانِي وَالْأَقَاصِي الْأَقَارِبُ وَالْأَبَاعِدُ وَقَصَوْتُ عَنْ الْقَوْمِ بَعُدْتُ وَأَقْصَيْتُهُ أَبْعَدْتُهُ. 
ق ص و
قصا المكان قصواً. وبلد قاصٍ. وقصوت عن القوم. وهو بالجانب الأقصى والناحية القصوى: وعرف ذلك الأداني والأقاصي، والأذناب والنواصي، وهو مني بالقصا: بالبعد، وذهبت قصاه: نحوه، ونسبٌ قصاً: بعيدٌ، وأقصيته عني، وتقصّيت المكان: صرت في أقصاه، وهو في قاصية البلد وقاصية العسكر وقواصيه. وكان منهم قاصيتهم. وناقة قصواء: مقطوعة طرف الأذن، وجمل مقصوٌّ، وقد قصوته.


ومن المجاز: رميت المرمى القصيّ: لمن أبعد في ظنّه أو في تأويله. وهذه الناقة قصيّة إبله: خيارها وغايتها، وهي من قصاياها. ويقولون: فيها قصايا نثق بها. وقيل: هي المودّعة التي لا تركب ولا تجهد بالحلب فهي مقصاة عن ذلك. واستقصيت الأمر وتقصيته: بلغت أقصاه في الــبحث عنه. وحديث متقصّى. ونزلنا منزلاً لا يقصّيه البصر أي لا يبلغ أقصاه. وهلمذ أقاصيك أينا أبعد من الشرّ.
قصو
القَصْوُ: قَطْعُ أذُنِ البَعِيرِ، ناقَةٌ قَصْوَاءُ، وبَعِيرٌ مَقْصُوٌ.
والقَصْوَةُ: من السِّمَاتِ في أعْلى الأذُنِ، يُقال: إبلٌ مُقَصّاةٌ.
والقَصَا: مَصْدَرُ الناقَةِ القَصْوَىِ.
والقاصِيَةُ من الناس: ما تَنحّى وكذلك كلُّ شَيْءٍ بَعُدَ فقد قَصَا يَقْصو قُصُوّاً. والقُصْوى والأقْصى، والقُصْيَا: لُغَةٌ فيه.
والقَصَا - مَقْصورٌ -: فِنَاءُ الدارِ، يقولون: " حُطْنِيَ القَصَا " أي تَباعَدْ عنِّي.
وفي المَثَل: " لتَحُوْطَني القَصَا أو لأَعْرُوَنَّكَ العَصَا ". ويُقال: حاطَهُم قَصاهم وبقَصَاهم.
ونَزَلْنا مَنْزِلاً لا يُقْصِيْهِ البَصرُ: أي لا يبْلُغُ أقصاه.
والقَصِيَّةُ: الإِبلُ المَوْدُوْعَةُ التي لا تُجْهَدُ في الحَلَب ولا تُرْكَبُ، وجَمْعُها قَصايا. وهي - أيضاً -: خِيَارُ المال، وقيل: الرَّدِيْئةُ، وهو من الأضداد ونَعْجَةٌ قاصِيَةٌ: أي هِمَّةٌ هرِمَةٌ، ونعَاجٌ قَوَاص.
وإذا بَلَغَتِ العَنَاقُ السِّفَادَ قيل لها القُصْأةُ، والجميَع القِصْئَةُ.
وأحْصَيْتُ الشَّيْءَ وأقْصَيْتُه: أي أحْكَمْتُه وبالَغْت فيه. وتَقَصَّيْتُ الأمرَ واسْتَقْصَيْتُه، وحَدِيثٌ مُقَصّى.
وقَصَّيْتُ أظْفاري: قَصَصْتُها. ونَسَبٌ قَصاً: بَعِيْدٌ. وقَصَوته: بمعنى قَصَوْتُ منه.
باب القاف والصاد و (وا يء) معهما ق ص و، وق ص، ق ي ص، ص ي ق مستعملات

قصو: القًصْوُ: قطع أذن البعير، وناقة قَصْواءُ، وبعير مَقْصُوُّ، والقياس أَقْصَى، ولم يقولوا، وقَصَوْتُ الأذن: قَطَعتُ من طرفها قطعة. وقَصَا يَقْصُو قُصُوّاً أي تنحى في كل شيء، والقاصية من الناس ومن المواضع: المتنحي، يقال: هي القُصْوَى والقُصْيا، وما جاء من فُعْلَى من بنات الواو يحول إلى الياء نحو: الدنيا من دنوت وأشباهه غير القُصوى، فإن الياء لغة فيه. وقصا فهو قاص، والقُصْوَى والأَقْصَى كالكبرى والأكبر. وجاءت الفتيا لغة في الفتوى لأهل المدينة خاصة. والقَصَا، مقصُورٌ: فناء الدار، ومنهم من يمد، قال:

فحاطونا القَصَا ولقد رأونا ... قريباً حيث يستمع السرار

وقص: الوَقْصُ: قصر في العنق، كأنه رد في جوف الصدر، فهو أوْقَصُ والأنثى وَقْصاءُ. وَوقَصْتُ رأسه وَقْصاً: غمزته غمزاً شديداً وربما اندقت منه العنق. والدابة تَقِصُ عنها الذباب وَقْصاً بذنبها، أي تضربه فتقتله، والدواب تَقِصُ رءوس الأكام أي تكسر رءوسها بقوائمها.

قيص: ويقال: قاصَتِ السن تَقيصُ إذا تحركت، ويقال: انقاصَتْ. صيق: الصِّيقُ: الغبار الجائل في الهواء، ويقال: صِيقَةٌ، قال رؤبة:

تترك ترب البيد مجنون الصِّيَقْ

وقال:

كما انقض تحت الصِّيقِ عوار

يعني الخفاش.
الْقَاف وَالصَّاد وَالْوَاو

قصا عَنهُ قصواً، وقصواًّ، وقصاً، وقصاء، وقصى: بعد.

والقصي، والقاصي: الْبعيد. وَالْجمع: أقصاء فيهمَا: كشاهد وأشهاد، ونصير وأنصار. قَالَ غيلَان الربعِي:

كَأَنَّمَا صَوت حفيف المعزاء

مَعْزُول شذان حصاها الأقصاء

صَوت نشيش اللَّحْم عِنْد الغلاء

والقصوى، والقصيا: الْغَايَة الْبَعِيدَة، قلبت فِيهِ الْوَاو يَاء، لِأَن " فعلى " إِذا كَانَت اسْما من ذَوَات الْوَاو ابدلت واوه يَاء، كَمَا ابدلت الْوَاو مَكَان الْيَاء فِي: " فعلى "، فادخلوها عَلَيْهَا فِي " فعلى " ليتكافأ فِي التَّغْيِير هَذَا قَول سِيبَوَيْهٍ، وزدته أَنا بَيَانا. قَالَ: وَقد قَالُوا: القصوى، فأجروها على الأَصْل، لِأَنَّهَا قد تكون صفة بِالْألف وَاللَّام، وَفِي التَّنْزِيل: (إِذْ انتم بالعدوة الدُّنْيَا وهم بالعدوة القصوى) .

وَقَالَ ثَعْلَب: القصيا، والقصوى: طرف الْوَادي، فالقصوى، على قَول ثَعْلَب: من قَوْله تَعَالَى: (بالعدوة القصوى) بدل.

والقاصي، والقاصية، والقصي، والقصية من النَّاس والمواضع: المتنحي الْبعيد.

واقصى الرجل: باعده.

وهلم أقاصيك، يَعْنِي: أَيّنَا أبعد من الشَّيْء.

وقاصاني فقصوته.

والقصا: فنَاء الدَّار، يمد وَيقصر.

وحطني القصا: تبَاعد عني، قَالَ بشر بن أبي خازم:

فحاطونا القصا وَلَقَد رأونا ... قَرِيبا حَيْثُ يستمع السرَار

ويروى:

فحاطونا القصاء وَقد رأونا

والقصا: النّسَب الْبعيد، مَقْصُور.

والقصا: النَّاحِيَة.

وَقَالَ الْكسَائي: لأحوطنك القصا، ولأغزونك القصا، كِلَاهُمَا بِالْقصرِ: أَي ادعك فَلَا اقربك.

قَالَ اللحياني: وَحكى القناني: قصيت أظفاري، فَقَالَ الْكسَائي: أَظُنهُ أَرَادَ: اخذ من قاصيتها، وَلم يحملهُ الْكسَائي على محول التَّضْعِيف، كَمَا حمله أَبُو عبيد عَن ابْن قنان، وَقد تقدم فِي الثنائي أَنه من محول التَّضْعِيف.

والقصا: حذف فِي طرف أذن النَّاقة وَالشَّاة: وَهُوَ أَن يقطع مِنْهُ شَيْء قَلِيل.

وَقد قصا قصوا، وقصاها.

وناقة قصواء: مقصوة، وَكَذَلِكَ: الشَّاة.

وَرجل مقصو، وأقصى. وانكر بَعضهم: أقْصَى.

وَقَالَ اللحياني: بعير اقصى، ومقصى، ومقصو.

وناقة قصواء، ومقصاة، ومقصوة: مَقْطُوعَة طرف الْأذن.

والقصية من الْإِبِل: الْكَرِيمَة المودعة الَّتِي لَا تجهد فِي حلب وَلَا حمل، انشد ابْن الْأَعرَابِي:

تذود القصايا عَن سراة كَأَنَّهَا ... جَمَاهِير تَحت المدجنات الهواضب

وَقيل: القصية من الْإِبِل: رذالتها، وَقَوله:

واختلس الْفَحْل مِنْهَا وَهِي قاصية ... شَيْئا فقد ضمنته وَهُوَ محقور

فسره ابْن الْأَعرَابِي فَقَالَ: معنى قَوْله " قاصية ": هُوَ أَن يتبعهَا الْفَحْل، فيضربها فتلقح فِي أول كومة، فَجعل الكوم لِلْإِبِلِ، وَإِنَّمَا هُوَ للْفرس.

وقصوان: مَوضِع، قَالَ جرير.

نبئت غَسَّان بن واهصة الْخصي ... بقصوان فِي مستكلئين بطان
قصو
قصَا عن يَقصُو، اقْصُ، قَصْوًا وقُصُوًّا، فهو قاصٍ، والمفعول مَقْصُوٌّ عنه
• قصَا المكانُ عن البلدةِ: بَعُدَ ° حضر القاصِي والدَّاني: جمع كثير من النَّاس من بعيد وقريب. 

قصِيَ/ قصِيَ عن يَقصَى، اقْصَ، قصًا وقَصَاءً، فهو قَصِيّ، والمفعول مَقْصِيّ عنه
• قصِي المكانُ: بعُد " {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} ".
• قصِي عن أهله: بعُد عنهم "قصِي عن المكان". 

أقصى يُقْصِي، أقْصِ، إقْصاءً، فهو مُقْصٍ، والمفعول مُقْصًى
• أقصاه عن عمله: أبْعَده عنه "أقصاه عن البلاد" ° نزلنا منزلاً لا يُقصيه البصرُ: لا يَبْلُغ أقصاه. 

استقصى/ استقصى عن/ استقصى في يستقصي، اسْتَقْصِ، اسْتِقْصاءً، فهو مُسْتَقْصٍ، والمفعول مُسْتَقْصًى
• استقصى المَسْألَةَ/ استقصى عن المسألة/ استقصى في المسألة: بَلَغَ الغاية في الــبَحْث عَنْها واستكشفها "اسْتَقْصَى نيّات فلان- اسْتَقْصَى العالِمُ مفردات بحثــه". 

تقصَّى/ تقصَّى عن/ تقصَّى في يتقصَّى، تَقَصَّ، تقصّيًا، فهو مُتقصٍّ، والمفعول مُتَقَصًّى
• تقصَّى الموضوعَ/ تقصَّى عن الموضوع/ تقصَّى في الموضوع: قام بتحقيقه بدقة، وبلغ الغاية في بحثــه "تقصَّى القاضي القضيّةَ" ° لجنة تقصِّي الحقائق: لجنة تحقيق.
• تقصَّى المكانَ: صار في أقصاه وهو غايته.
• تقصَّى خُطاه: تابعه، اقتدى به. 

إقصاء [مفرد]: مصدر أقْصَى. 

أقْصَى [مفرد]: ج أقاصٍ، مؤ قُصْوَى، ج مؤ أقاصٍ:
1 - اسم تفضيل من قصا: أكثر بُعْدًا، عكسه أدنى "في أقْصَى سرعة- إلى أقْصَى حدّ" ° بلَغ الحدّ الأقْصَى: بلغ الرقم القياسيّ/ وصل إلى أعلى درجة.
2 - غاية ما يمكن بلوغه من الشَّيء "عند الضرورة القُصْوَى- ذو أهميّة قُصْوَى: عظيم الأهمّيّة- في أقاصِي الأرض- الشَّرق الأقْصَى- أقْصَى الغابة/ الأفق" ° الحرارة القُصْوى: العُلْيا- الغاية القُصْوى: الأخيرة التي هي أبعد ما تكون- المسجِد الأقْصَى: مسجد بيت المقدس- مِنْ أدناه إلى أقْصَاه: من أوّله إلى آخره. 

استقصاء [مفرد]:
1 - مصدر استقصى/ استقصى عن/ استقصى في.
2 - طريقة في الــبحث تقوم على ملاحظة عدد من الأفراد يُطلَق عليهم اسم عيِّنة "أقام بحثــه على دراسات
 علميّة واستقصاءات ميدانيّة واسعة". 

استقصائيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى استقصاء: "قام بدراسة استقصائيّة لظاهرة الهجرة للخارج".
2 - مصدر صناعيّ من استقصاء: منهج في الــبحث يعتمد على التتبُّع الدقيق للظاهرة حتّى بلوغ الغاية المنشودة "تُعدّ الاستقصائيّة في الــبحث أفضل الطُّرُق للوصول إلى نتائج سليمة". 

قَصا [مفرد]: مصدر قصِيَ/ قصِيَ عن. 

قَصَاء [مفرد]: مصدر قصِيَ/ قصِيَ عن. 

قَصْو [مفرد]: مصدر قصا. 

قُصُوّ [مفرد]: مصدر قصا. 

قَصِيّ [مفرد]: ج أقصاء: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من قصِيَ/ قصِيَ عن: "مكان قَصِيّ". 
قصو
: (و (} قَصَا عَنهُ) {يَقْصُو (} قَصْواً) ، بالفَتْح، ( {وقُصُوًّا) ، كعُلُوَ.
(قصًى) (} وقَصاً) ، بالفَتْح مَقْصورٌ، ( {وقَصاءً) ، بالمدِّ؛ (وقَصِيَ) عَن جوارِهِ يَقْصَى قَصًى: أَي (بَعُدَ) ؛) وكذلكَ قَصَا المَكانُ، (فَهُوَ} قَصِيٌّ {وقاصٍ) للبَعِيدِ، و (جَمْعُهما} أَقْصاءٌ) ، كنَصِيرٍ وأَنْصارٍ وشاهِدٍ وأَشْهادٍ.
وكلُّ شيءٍ تَنَحَّى عَن شيءٍ: فقد {قَصَا} يَقْصُو {قَصْواً فَهُوَ قاصٍ.
والأرضُ} قاصِيَةٌ {وقَصِيَّةٌ.
(} والقُصْوى {والقُصْيا) ، بضمِّهما: (الغايَةُ البعيدَةُ) ، قُلِبَت فِيهِ الواوُ يَاء، لأنَّ فُعْلَى إِذا كَانَت اسْماً مِن ذواتِ الواوِ أُبْدِلَتْ واوُه يَاء كَمَا أُبْدِلَت الواوُ مَكانَ الياءِ فِي فَعْلَى فأدْخَلُوها عَلَيْهِ فِي فُعْلى ليَتكَافآ فِي التَّغْييرِ.
قالَ ابنُ سِيدَه: هَذَا قولُ سِيْبَوَيْه وزِدْتَه بَياناً؛ قالَ: وَقد قَالُوا} القُصْوَى فأَجْرَوْها على الأصْلِ لأنَّها قد تكونُ صِفَةً بالألِفِ والَّلام وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {إِذْ أَنْتُم بالعُدْوَة الدُّنْيَا وهُم بالعُدْوَةِ القُصْوى} . قالَ الفرَّاء: الدُّنْيا ممَّا يلِي المدِينَة،! والقُصْوَى ممَّا يلِي مكَّةَ.
قالَ ابنُ السِّكِّيت: مَا كانَ من النعوتِ مِثْلِ العُلْيا والدُّنْيا فإنَّه يَأْتِي بضمِّ أَوَّله وبالياءِ، لأنَّهم يَسْتَثْقلونَ الواوَ مَعَ ضمّةِ أَوَّلِه، فليسَ فِيهِ اخْتِلافٌ إلاَّ أَنَّ أَهْلَ الحِجازِ قَالُوا القُصْوَى، فأَظْهَرُوا الواوَ، وَهُوَ نادِرٌ، وأَخَرجُوه على القِياسِ إِذْ سكنَ مَا قَبْل الواوِ، وتمِيمُ وغيرُهُم يَقُولُونَ {القُصْيا.
(و) قَالَ ثَعْلبٌ: القُصْوَى} والقُصْيا: (طَرَفُ الوادِي) ؛) {فالقُصْوَى على قوْلِ ثَعْلب فِي الآيةِ بَدَلٌ.
(} وأَقْصاهُ) {إقْصاءً؛ (أَبْعَدَهُ) فَهُوَ} مُقْصًى، وَلَا تَقُلْ مَقْصِيٌّ؛ كَمَا فِي الصِّحاح.
( {وقَاصَانِي) } مُقاصاةً ( {فَقَصَوْتُهُ) } أَقْصُوه: أَي (غَلَبْتُهُ.
( {والقَصَا) ، مَقْصُور: (فِناءُ الدَّارِ، ويُمَدُّ) .
(قالَ ابنُ وَلاَّد: هُوَ بالقَصْرِ والمدِّ: مَا حَوْلَ الدَّارِ.
وقالَ ابنُ السِّكِّيت: المَمْدُودُ مَصْدرُ} قَصَا {يَقْصُو} قَصاءً، كبَدَا يَبْدُو بَداءً، والمَقْصورُ مَصْدرُ قصِيَ عَن جِوارنا {قَصًا إِذا بَعُدَ. ويقالُ أَيضاً: قَصِيَ الشيءُ قَصاً وقَصاءً.
(و) } القَصا: (النَّسَبُ البَعِيدُ) ؛) وأَنْشَدَ أَبو عليَ القالِي:
بِلَا نسبٍ قَصَا مِنْهم بَعِيد
وَلَا خلقٍ يُذَم بِهِ ذمَارِي (و) {القَصا: (النَّاحِيَةُ) .) يقالُ: ذَهَبْتُ} قَصا فلانٍ: أَي ناحِيَته؛ كَمَا فِي الصِّحاح.
وَفِي الأساسِ: نَحْوَه.
وقالَ الأصْمعي: يقالُ حاطَهُم القَصا: إِذا كانَ فِي طُرَّتِهم وناحِيَتِهم.
وَفِي التّهذيبِ: حاطَهُم من بَعِيدٍ وَهُوَ يَتَبَصَّرُهم ويَتَحَرَّزُ مِنْهُم؛ قالَ بِشْرٌ:
فحَاطُونا القَصَا ولَقَدْ رَأَوْنا
قَرِيبا حَيْثُ يُسْتَمَعُ السِّرَارُأَي تَباعَدُوا عنَّا وهُم حَوْلنا وَمَا كنَّا بالبُعدِ عَنْهُم لَو أَرادُوا أَن يَدْنُو منَّا.
وقالَ ثعْلبٌ: فلانٌ يَحْبُو! قصاهم ويَحُوط {قصاهم بمعْنًى واحِدٍ؛ وأَنْشَدَ:
أَفْرَغَ لجَوْفِ وَردِها أَفْرَادعَبَاهِل عَبْهَلها الذّواد يَحْبُو قَصَاها مخدر سناد يحبُو أَي يَحوطُ.
(} كالقاصِيَةِ) ، يقالُ: كنتُ مِنْهُ فِي {قاصِيَتِهِ، أَي فِي ناحِيَتِه.
(و) } القَصا: (حَذْفٌ فِي طَرَفِ أُذُنِ النَّاقَةِ؛ و) كَذلكَ (الشَّاةِ) ؛) عَن أبي زيْدٍ؛ قالَ أَبو عليَ القالِي: يُكْتَبُ بالألِفِ؛ (بأَنْ يُقْطَعَ قليلٌ) مِنْهُ، يقالُ ( {قَصَاها) } يَقْصُوها ( {قَصْواً) ، بالفَتْح، (} وقَصَّاها) ، بالتَّشْديدِ، (فَهِيَ {قَصْواءُ} ومَقْصُوَّةٌ {ومُقَصَّاةٌ) ، مَقْطوعَةُ طَرَفِ الأُذُنِ.
وقالَ الأحْمر:} المُقَصَّاةُ مِن الإِبِلِ: الَّتِي شُقَّ مِن أُذُنِها شيءٌ ثمَّ تركَ مُعَلَّقاً.
(والجَمَلُ {أَقْصَى} وَمَقْصُوٌّ {ومُقَصًّى) وقالَ الأصْمعي: وَلَا يقالُ بَعِيرٌ} أَقْصى. وجاءَ بِهِ اللّحْياني وَهُوَ نادِرٌ؛ قالَهُ أَبو عليَ القالِي.
وَفِي الصِّحاح: وَلَا يقالُ جَمَلٌ أَقْصَى، وإِنَّما يقالُ {مَقْصُوٌّ} ومُقَصًّى، تَرَكُوا فِيهَا القِياسَ لأنَّ أَفْعَل الَّذِي أُنْثاهُ على فَعْلاء إنَّما يكونُ مِن بابِ فَعِلَ يَفْعَل، وَهَذَا إنَّما يقالُ فِيهِ: {قَصَوْت البَعيرَ،} وَقَصْواءُ بائِنَة عَن بابِهِ، ومِثْلُه امْرأَةٌ حَسْناءُ، وَلَا يقالُ رجُلٌ أَحْسَنُ، انتَهَى.
قالَ ابنُ برِّي: قوْلُه: تَرَكوا فِيهَا القِياسُ، يَعْني قَوْله: ناقَةٌ {قَصْواءُ، وكانَ القِياسُ} مَقْصُوَّةٌ، وقِياسُ الناقَةِ أَنْ يقالَ {قَصَوْتها فَهِيَ} مَقْصُوَّةٌ، {وقَصَوْتُ الجَمَلَ فَهُوَ} مَقْصُوٌّ.
(وحُطْنِي! القَصَا) :) أَي (تَباعَدْ عَنِّي) ؛) نقلَهُ ابنُ وَلاَّد فِي المَقْصور والمَمْدود. ( {وتَقْصِيَةُ الأظْفارِ: قَصُّهَا) ؛) حكَاه اللّحْياني والفرَّاء عَن القناني؛ قالَ الكِسائي: أَرادَ أنَّه أَخَذَ من قاصِيَتِها، وَلم يَحْمِله الكِسائي على مُحوّلِ التَّضْعِيفِ، وَحَمَلَه أَبُو عبيدٍ عَن القناني أنَّه مِن مُحوّل التَّضْعيفِ وَقد مَرَّ ذِكْرُه وقيلَ: يقالُ إِن وُلِدَ لكِ ولدٌ} فقَصِّي أُذُنَيْه أَي احْذِفي مِنْهُمَا.
قالَ ابنُ برِّي: هُوَ أَمْرٌ للمُؤَنَّثُ مِن {قَصَّى.
(} والقَصِيَّةُ) ، كَغَنِيَّةٍ: (النَّاقَةُ الكَرِيمةُ النَّجِيبَةُ) المُودَّعةُ (المُبْعَدَةُ عَن الاسْتِعمالِ) ؛) أَي الَّتِي لَا تُجْهَد فِي حَلَب وَلَا حَمْلٍ وَلَا تُرْكَبُ، وَهِي مُتَّدِعةٌ؛ وَعَلِيهِ اقْتَصَرَ الجَوْهرِي.
(و) قيلَ: هِيَ (الرَّذْلَةُ) وَذَلِكَ إِذا جهدَتْ؛ فَهُوَ (ضِدٌّ، ج {قَصايَا) ؛) وأَنْشَدَ ابنُ الأعْرابي فِي} القَصَايَا بمعْنَى خِيار الإِبِلِ:

تَذُود {القَصايَا عَن سَراة كأنَّها
جَماهيرُ تَحْتَ المُدْجِنَاتِ الهَواضِبِ (} وأَقْصَى) الَّرجلُ: (اقْتَنَاها) ، أَي {قَصَايَا الإِبِلِ، وَهِي النِّهايةُ فِي الغَزارَةِ والنَّجابةِ، ومَعْناه أنَّ صاحِبَ الإِبِلِ إِذا جاءَ المُصَدِّق} أَقْصَاها ضِنًّا بهَا.
(و) {أَقْصَى: إِذا (حَفِظَ قَصَا العَسْكَرِ) ، وَهُوَ مَا حَوْلَه.
(ونَعْجَةٌ} قَاصِيَةٌ) :) أَي (هَرِمَةٌ.
( {واسْتَقْصَى فِي المسْأَلَةِ} وتَقَصَّى: بَلَغَ) {قصواها، أَي (الغايَةَ) ؛) وَهُوَ مجازٌ؛ وَكَذَا} تَقَصَّيْت الأَمْرَ {واسْتَقْصَيْته.
(وكسُمَيَ:} قُصَيُّ بنُ كِلابِ) بن مُرَّة، وَهُوَ الجدُّ الخامِسُ لرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم و (اسْمُهُ زَيْدٌ) ، وكُنْيَته أَبو المغيرَةِ؛ قالَهُ ابنُ الأثيرِ؛ ويقالُ يَزِيدُ، حَكَاهُ أَبو أَحمدَ الحاكِمُ عَن الإِمام الشافِعِي؛ (أَو مُجَمِّعٌ) ، كمُحَدِّثٍ،والصّحيحُ أَنَّ مُجَمِّعاً لَقَبُه لجَمْعِه قُرَيْشاً بالرِّحْلَتَيْن، أَو لأَنَّه أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ يَوْم الجُمُعة فخطَبَ، وقيلَ: لأنَّه جَمَعَ قَبائِلَ قُرَيْش بمكَّةَ حِين انْصِرافِه إِلَيْهَا؛ قَالَ مطرود بنُ كَعْبٍ الْخُزَاعِيّ:
أَبُوكُم {قُصَيٌّ كَانَ يُدْعَى مُجَمِّعاً
بِهِ جَمَعَ اللَّهُ القبائِلَ مِن فهْرِويُرْوَى:
وزَيْدٌ أَبُوكُم كَانَ يُدْعَى مُجَمِّعاً وإنَّما قيلَ لَهُ قُصَيّ لأنَّه قَصَا أَي بَعُدَ عَن عَشِيرتِه فِي بِلادِ قُضَاعَةَ حينَ احْتَمَلَتْه أُمُّه فاطِمَة بنْتُ سعْدِ بنِ سيتل الخزاعيَّة. (والنِّسْبَةُ) إِلَى} قُصَيَ: ( {قُصَوِيٌّ) تحذَفُ إحْدَى الياءَيْن وتُقْلب الأُخْرى أَلفاً ثمَّ تُقْلَب واواً كَمَا مَرَّ فِي عُدَوِيَ وأُمَويَ؛ قالَهُ الجَوْهرِي.
(وكسُمَيَ: ثَنِيَّةٌ باليَمَنِ) ؛) هَكَذَا فِي النّسخ وَهُوَ غَلَطٌ والصَّوابُ} القُصَا، بالضمِّ مَقْصورٌ كَمَا ضَبَطَه نَصْرٌ فِي مُعْجمهِ والصَّاغاني فِي تكْمِلتِه.
( {والقَصْوَةُ: سِمَةٌ بأَعْلَى الأُذُنِ) ؛) نقلَهُ الصَّاغاني.
(} وقُصْوانُ، بالضَّمِّ) كَمَا ضَبَطَهُ ابنُ سِيدَه، (ويُفْتَحُ) ، كَمَا هُوَ فِي مُعْجم نَصْرٍ (ع) فِي دِيارِ تيمِ اللَّهِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ بكْرِ بنِ وائِلٍ؛ أَو ماءٌ؛ قالَ جريرٌ:
نُبِّئْتُ غَسَّانَ بنَ وَاهِصَةِ الخُصَى
! بقُصْوانَ فِي مُسْتَكْلِئِينَ بِطانِ وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
{القَصاءُ، مَمْدودٌ: البُعْدُ والناحِيَةُ؛ ويُرْوَى بيتُ بِشْر:
فحاطُونا} القَصَاءُ وَقَدْ رَأَوْنا وَهَكَذَا ذَكَرَه ابنُ وَلاّد أنّه يمُدُّ ويُقْصَرُ.
والقصَاءُ أَيْضاً: مَا حَوْلَ العَسْكَر، يمدُّ ويُقْصَرُ، عَن ابنِ ولاَّد.
وَهُوَ بالمَكانِ {الأقْصَى: أَي الأبْعَدُ.
ويُرَدُّ عَلَيْهِ} أَقْصاهُم: أَي أَبْعَدُهم.
والمَسْجِدُ {الأقْصَى: مَسْجِدُ ببيتِ المَقْدسِ، يُكْتَبُ بالألِفِ.
} والقاصِيَةُ من الشِّياهِ: المُنْفرِدَةُ عَن القَطِيعِ.
{وأَقْصَاهُ} يُقْصِيَه: باعَدَه.
وَهَلُمَّ {أُقاصِيَكَ: أَيُّنا أَبْعَدُ مِن الشرِّ.
} والقَصاةُ: البُعْدُ والناحِيَةُ.
وقالَ الكِسائي: لأَحُوطَنَّك القَصا ولأَغْزُوَنَّك {القَصا، كِلاهُما بالقَصْر، أَي أدَعُكَ فَلَا أَقْرَبُكَ.
ويقالُ: نَزَلْنا مَنْزلاً لَا} تُقْصِيه الإِبِلَ، أَي لَا نَبْلُغُ {أَقْصاهُ.
} وتَقَصَّاهُم: طَلَبَهُم واحِداً واحِداً مِن {أقاصِيَهم.
وَكَانَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ناقَةٌ تُدْعَى} القَصْواء وَلم تَكُنْ مَقْطوعَة الأُذُنِ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي؛ أَي كانَ هَذَا لَقَباً لَهَا، وقيلَ: بل كانتْ مَقْطوعَةَ الأُذُنِ.
وَإِذا حُمِدت إِبِلُ الرَّجلُ قيلَ فِيهَا! قَصايا يثقُ بهَا أَي فِيهَا بقيَّة إِذا اشْتَدَّ الدَّهْرُ. {وتَقَصَّاهُ: صارَ فِي} أَقْصاهُ.
ويقالُ: لمَنْ أَبْعَد فِي ظنِّه أَو تَأْوِيلِه: رَمَيْتَ المَرْمَى {القَصِيَّ، وَهُوَ مجازٌ.
} وقُصَيَّة، كسُمَيَّة: موضِعٌ فِي شِعْرٍ.

الوصف

الوصف: ما دل على الذات باعتبار معنى هو المقصود من جوهر حروفه، أي يدل على الذات بصفة كأحمر، فإنه بجوهر حروفه يدل على معنى مقصود وهو الحمرة. فالوصف والصفة مصدران: والمتكلمون فرقوا بينهما فقالوا: الوصف يقوم بالواصف، والصفة بالموصوف. كذا قرره ابن الكمال. وقال الراغب: الوصف ذكر الشيء بحليته، والصفة التي عليها الشيء من حليته ونعته. والوصف قد يكون حقا وباطلا.
الوصف:
[في الانكليزية] Description ،cause ،consequence ،quality
[ في الفرنسية] Description ،cause ،consequence ،qualite
بالفتح وسكون الصاد المهملة يطلق على معان. منها علّة القياس فإنّ الأصوليين يطلقون الوصف على العلّة كثيرا ومنه الوصف المناسب كما مرّ. وفي نور الأنوار شرح المنار وقد يسمّى المعنى الجامع الوصف مطلقا في عرف الأصوليين سواء كان وصفا أو حكما أو اسما.
ومنها ما هو مصطلح الفقهاء وهو مقابل الأصل في الدرر شرح الغرر في كتاب البيوع وكتاب الإيمان: الوصف في اصطلاح الفقهاء ما يكون تابعا لشيء غير منفصل عنه إذا حصل فيه يزيده حسنا وإن كان في نفسه جوهرا كذراع من ثوب وبناء من دار فإنّ ثوبا هو عشرة أذرع ويساوي عشرة دراهم إذا انتقص منه ذراع لا يساوي تسعة دراهم، بخلاف المكيلات والعدديات فإنّ بعضها منها يسمّى قدرا واصلا ولا يفيد انضمامه إلى بعض آخر كمالا للمجموع فإنّ حنطة هي عشرة أقفزة إذا ساوت عشرة دراهم كانت التسعة منها تساوي تسعة، وقد اختلفوا في تفسير الأصل والوصف والكلّ راجع إلى ما ذكرنا انتهى. وفي البرجندي قال المصنف المراد بالوصف الأمر الذي إذا قام بالمحل يوجب في ذلك المحل حسنا أو قبحا، فالكمية المحضة ليست بوصف بل أصل لأنّ الكمية عبارة عن كثرة الأجزاء وقلّتها والشيء إنّما يوجد بالأجزاء والوصف لا بد أن يكون مؤخّرا عن وجود ذلك الشيء والكمية تختلف بها الكيفية كالذراع في الثوب فإنّه أمر يختلف به حسن المزيد عليه، فالثوب يكفي جبّة ولا يكفي الأقصر لها فزيادة الذراع يزيده حسنا فيصير كالأوصاف الزائدة.
وقيل إنّ ما يتعيب بالتبعيض والتنقيص فالزيادة والنقصان فيه وصف، وما لا يتعيب بهما فالزيادة والنقصان فيه أصل. وقيل الوصف ما لوجوده تأثير في تقويم غيره ولعدمه تأثير في نقصان غيره والأصل ما لا يكون كذلك، وقيل إنّ ما لا ينتقص الباقي بفواته فهو أصل وما ينتقص الباقي بفواته فهو وصف، وكلّ من هذه الوجوه الثلاثة أظهر ممّا ذكره كما لا يخفى.
وذكر في شرح الطحاوي أنّ الأوصاف ما يدخل في البيع من غير ذكر كالبناء والأشجار في الأرض والأطراف في الحيوان والجودة في الكيلي انتهى. ثم الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن إلّا إذا صارت مقصودة بالتناول حقيقة أو حكما. أمّا حقيقة فكما إذا باع عبدا فقطع البائع يده قبل القبض يسقط نصف الثمن لأنّه صار مقصودا بالقطع. وأمّا حكما فبأن يكون امتناع الردّ بحقّ البائع كما إذا تعيب المبيع عند المشتري أو بحقّ الشارع كما إذا زاد المبيع بأن كان ثوبا فخاطه ثم وجد به عيبا، فالوصف صار مقصودا بأحد هذين يأخذ قسطا من الثمن كذا في الكفاية. ومنها ما يحمل على الشيء سواء كان عين حقيقته أو داخلا فيها أو خارجا عنها، فالاتصاف بمعنى الحمل لا بمعنى القيام والعروض كما في المعنى الآتي وهو لا يقتضي إلّا التغاير في المفهوم. ومنها ما يكون خارجا عن الشيء قائما به وبعبارة أخرى الصفة ما يكون قائما بالشيء والقيام العروض كذا في شرح المواقف. قال أحمد جند في حاشية الخيالي في تعريف العلم الصفة هو الأمر الغير القائم بالذات أو القائم بالمحل أي الموضوع أو الأمر القائم بالغير، والتفسير الأخير لا يجري في صفات الله تعالى عند الأشاعرة القائلين بكونها لا عين ولا غير انتهى.
اعلم أنّ قيام الصفة بالموصوف له معنيان فقيل معناه أن يكون تحيّزا لصفة تبعا لتحيّز الموصوف، يعني أنّ هناك تحيّزا واحدا قائما بالمتحيّز بالذات وينسب إلى المتحيّز بالتبع باعتبار أنّ له نوع علاقة بالمتحيّز بالذات كالوصف بحال المتعلّق لا أنّ هناك تحيّزا واحدا بالشخص يقوم بهما بالتّبع، ولا أنّ هناك تحيّزين أحدهما مسبّب الآخر فافهم، فإنّه زلّ فيه الأقدام. وقيل معناه الاختصاص الناعت وهو أن يختصّ شيء بآخر اختصاصا يصير به ذلك الشيء نعتا للآخر والآخر منعوتا به فيسمّى الأول حالا والثاني محلا له كاختصاص السواد بالجسم لا كاختصاص الماء بالكوز، والمراد بالاختصاص هو الارتباط ونسبة النعت إليه مجازي لكونه سببا له، وهذا القول هو المختار لعمومه لأوصاف البارى فإنّها قائمة به من غير شائبة تحيّز في ذاته وصفاته، هكذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح المواقف. وفي قوله لأوصاف الباري إشارة إلى ترادف الوصف والصفة. ومنها العرضي أي الخارج عن الشيء المحمول عليه ويقابله الذات بمعنى الجزء كما عرفت. قال في الأجد حاشية شرح التجريد في بحث استناد القديم إلى الذات صفة الشيء على قسمين أحدهما ما يكون قائما به غير محمول عليه مواطأة كالكتابة بالقياس إلى زيد، والثاني ما يكون محمولا عليه بالمواطأة ولا يكون ذاتيا له كالكاتب بالقياس إليه، وهذا القسم من الصفات لما كانت محمولة على موصوفاتها بالمواطأة كانت عينها ومتحدة بعضها من وجه، وإن كانت مغايرة لها من وجه آخر وهو صحّة الحمل، ومن ثمّ قيل صحّة الحمل الإيجابي في القضايا الخارجية تقتضي اتحاد الطرفين في الخارج وتغايرهما في الذهن.
اعلم أنّ من ذهب إلى أنّ صفاته تعالى ليست زائدة على ذاته قد حصر صفاته في القسم الثاني ونفى القسم الأول من الصفات عنه تعالى فإنّه عين العالم مثلا، لا بأنّ العلم صفة قائمة به تعالى، كما أنّ زيدا عين العالم لعمرو بأنّ علمه لعمرو صفة قائمة به بل بأنّ علمه تعالى نفس ذاته كما أنّ زيدا عين العالم بذاته فإنّ علمه بذاته نفس ذاته فاعرف ذلك انتهى. وربّما يخصّ القسم الأول باسم الصفة والوصف والقسم الثاني باسم الاسم كما يستفاد من أكثر إطلاقات الصوفية، ومما وقع في كتب الفقه في كتاب الإيمان من أنّ القسم يصحّ وباسم من أسمائه تعالى كالرحمن والرحيم، وبصفة يحلف بها عرفا من صفاته تعالى كعزّة الله وجلالته وكبريائه وعظمته وقدرته. قال في فتح القدير المراد بالصفة في هذا المقام اسم المعنى الذي لا يتضمّن ذاتا ولا يحمل عليها بهو هو كالعزة والكبرياء والعظمة، بخلاف العظيم وهي أعمّ من أن يكون صفة فعلية أو ذاتية، والصفة الذاتية ما يوصف بها سبحانه ولا يوصف بأضدادها كالقدرة والجلال والكمال والكبرياء والعظمة والعزة، والصفة الفعلية ما يصحّ أن يوصف بها وبأضدادها كالرحمة والرضى لوصفه سبحانه بالسخط والغضب انتهى. ثم الظاهر أنّ المراد بما قال في الأجد من أنّ صفة الشيء على قسمين أنّ ما يطلق عليه لفظ الصفة على قسمين كما في تقسيم العلّة إلى سبعة أقسام فتأمّل.

التقسيم:
الصفة بمعنى الخارج القائم بالشيء قالوا هي على قسمين ثبوتية وهي ما لا يكون السّلب معتبرا في مفهومها وسلبية وهي ما يكون السّلب معتبرا في مفهومها، فالصفة أعمّ من العرض لاختصاصه بالموجود دون الصفة. ثم الصفة الثبوتية عند الأشاعرة تنقسم إلى قسمين: نفسية وهي التي تدلّ على الذات دون معنى زائد عليها ككونها جوهرا أو موجودا أو شيئا أو ذاتا، والمراد بالذات ما يقابل المعنى أي ما يكون قائما بنفسه، والحاصل أنّ الصفة النفسية صفة تدلّ على الذات لكونها مأخوذة من نفس الذات ولا تدلّ على أمر قائم بالذات زائد عليه في الخارج وإن كان مغايرا له في المفهوم فلا يتوهّم أنّه كيف لا يكون دالا على معنى زائد على الذات مع كونها صفة، وبهذا ظهر أنّ الصفات السلبية لا تكون نفسية لأنّه يستلزم أن يكون الذات غير السلوب في الخارج، وبعبارة أخرى هي ما لا يحتاج في وصف الذات به إلى تعقّل أمر زائد عليها أي لا يحتاج في توصيف الذات به إلى ملاحظة أمر زائد عليها في الخارج بل يكون مجرّد الذات كافيا في انتزاعها منه ووصفه بها، وبهذا المعنى أيضا لا يجوز أن يكون السلوب صفات نفسية لاحتياجها إلى ملاحظة معنى يلاحظ السلب إليه وتسمّى بصفات الأجناس أيضا. ومعنوية وهي التي تدلّ على معنى زائد على الذات أي تدلّ على أمر غير قائم بذاته زائد على الذات في الخارج والسلوب لا تدلّ على قيام معنى بالذات بل على سلبه كالتحيّز والحدوث، فإنّ التحيّز وهو الحصول في المكان زائد على ذات الجوهر وكذا الحدوث وهو كون الموجود مسبوقا بالعدم زائدا على ذات الحادث، وقد يقال بعبارة أخرى هي ما يحتاج في وصف الذات به إلى تعقّل أمر زائد عليها، هذا على رأي نفاة الأحوال. وبعض أصحابنا كالقاضي وأتباعه القائلين بالحال لم يفسّروا المعنوية والنفسية بما مرّ فإنّ الحال صفة قائمة بموجود فيكون دالا على معنى زائد على الذات فلا يصحّ كونه صفة نفسية بذلك المعنى مع كون بعض أفراده منها كالجوهرية واللونية، بل فسّروا النفسية بما لا يصحّ توهّم ارتفاعه عن الذات مع بقائها أي لا يكون توهّم الارتفاع صحيحا مطابقا للواقع، ولذا لم يفسّر بما لا يتوهّم الخ، فإنّ التوهّم ممكن بل واقع لكن خلاف ما في نفس الأمر كالأمثلة المذكورة، فإنّ كون الجوهر جوهرا أو ذاتا وشيئا ومتحيّزا وحادثا أحوال زائدة على ذات الجوهر عندهم ولا يمكن تصوّر انتفائها مع بقاء الذات. والمعنوية بما يقابلها وهي ما يصحّ توهّم ارتفاعه عن الذات مع بقائها، وهؤلاء قد قسّموا الصفة المعنوية إلى معلّلة كالعالمية والقادرية ونحوهما وإلى معلّلة كالعالمية والقادرية ونحوهما وإلى غير معلّلة كالعلم والقدرة وشبههما، ومن أنكر الأحوال منّا أنكر الصفات المعلّلة، وقال لا معنى لكونه عالما قادرا سوى قيام العلم والقدرة بذاته. وأما عند المعتزلة فالصفة الثبوتية أربعة أقسام: الأول النفسية. قال الجبائي وأتباعه منهم هي أخصّ وصف النفس وهي التي يقع بها التماثل بين المتماثلين والتخالف بين المتخالفين كالسوادية والبياضية، فالنفسية لا بدّ أن تكون مأخوذة من تمام الماهية لا غير إذ المأخوذ من الجنس أعمّ منه صدقا والمأخوذ من الفصل القريب أعمّ منه مفهوما، وإن كان مساويا له صدقا كالناطقية والإنسانية، ولم يجوّزوا اجتماع صفتي النفس في ذات واحدة ولم يجعلوا اللونية مثلا صفة نفسية للسواد والبياض لامتناع أن يكون لشيء واحد ماهيتان. وقال الأكثرون منهم هي الصفة اللازمة للذات فجوّزوا اجتماع صفتي النفس في ذات واحدة لأنّ الصفات اللازمة لشيء واحد متعدّدة ككون السواد سوادا أو لونا وعرضا، وكون الرّبّ تعالى عالما قادرا فإنّه لازم لذاته.
واتفقوا على أنّ النفسية يتصف بها الموجود والمعدوم مطلقا. الثاني الصفة المعنوية فقال بعضهم هي الصفة المعلّلة بمعنى زائد على ذات الموصوف ككون الواحد منا عالما قادرا بخلاف عالمية الواجب تعالى وقادريته فإنّها غير معلّلة عندهم بمعنى زائد على ذات الموصوف بل هما من الصفات النفسية. وقيل هي الصفة الجائزة أي غير اللازمة الثبوت لموصوفها. الثالث الصفة الحاصلة بالفاعل وهي عندهم الحدوث، وليست هذه الصفة نفسية إذ لا تثبت حال العدم ولا معنوية لأنّها لا تعلّل بصفة. الرابع الصفة التابعة للحدوث وهي التي لا تحقّق لها حالة العدم ولا يتصف بها الممكن إلّا بعد وجوده.
فالقيد الأول احتراز عن الصفة النفسية والحدوث، والقيد الثاني أي قولهم لا يتصف الخ احتراز عن الوجود ولا تأثير للفاعل فيها أصلا، وهي منقسمة إلى أقسام: فمنها ما هي واجبة أي يجب حصولها لموصوفها عند حدوثه كالتحيّز وقبول الأعراض للجوهر وكالحلول في المحل والتضاد للأعراض وكإيجاب العلّة لمعلولها وقبح القبيح. ومنها ما هي ممكنة أي غير واجبة الحصول لموصوفها عند حدوثه وهي إمّا تابعة للإرادة ككون الفعل طاعة أو معصية، فإنّ الفعل قد يوجد غير متصف لشيء من ذلك إذا لم يكن هناك قصد وإرادة، وإمّا غير تابعة لها ككون العلم ضروريا فإنّه صفة تابعة لحدوث العلم، ولذا لا يتصف علم الباري بالضرورة والكسب وليست واجبة له لتفاوت العلم بالنظرية والضرورية بالنسبة إلى الأشخاص وليست أيضا تابعة للقصد والإرادة. هذا والحاصل أنّ للمعتزلة تقسيمين: الأول الصفة الثبوتية إمّا أن يكون أخصّ صفات النفس وهي الصفة النفسية أو لا، فهي إمّا أن تكون معلّلة بمعنى زائد على الذات فهي المعلّلة والمعنوية أو لا تكون معلّلة كالعلم والقدرة منّا والعالمية والقادرية للواجب تعالى، فعلى هذا يتحقّق الواسطة بين النفسية والمعنوية أو يقال الصفة الثبوتية إمّا لازمة للذات وهي النفسية أو لا وهي المعنوية، وعلى هذا لا واسطة بينهما. والتقسيم الثاني الصفة إمّا أن تكون حاصلة بتأثير الفاعل وهي الحدوث أو تابعة لها من غير تأثير متجدّد فيها، سواء كانت معلّلة بمعنى زائد أو لا والصفات النفسية خارجة عن القسمين. وأيضا الصفات على الإطلاق نفسية كانت أو لا موجودة كانت أو لا عند المعتزلة إمّا عائدة إلى الجملة أي البنية المركّبة من عدة أمور أو إلى التفصيل إلى كلّ واحد من متعدّد بلا اعتبار تركيب بينها، والقسم الأول الحياة وما يتبعها من القدرة والعلم الإرادة والكراهة وغيرها لأن الحياة مشروطة بالبنية المركّبة من جواهر فردة لكونها اعتدال المزاج أو تابعة له والبواقي مشروطة بها، فهذا القسم مختصّ بالجواهر إذ لا يتصور حلول الحياة في الأعراض المركّبة. والقسم الثاني إمّا للجواهر أو للأعراض، فللجواهر أربعة أوصاف: الأول الصفة الحاصلة للجوهر حالتي العدم والوجود وهي الجوهرية التي هي من صفات الأجناس والثاني الصفة الحاصلة من الفاعل وهو الوجود إذ الفاعل لا تأثير له في الذوات لثبوتها أزلا، ولا في كون الجواهر جوهرا لأنّ الماهيات غير مجعولة، بل في جعل الجوهر موجودا أي متصفا بصفة الوجود.
والثالث ما يتبع وجود الجوهر وهو التحيّز المسمّى بالكون فإنّه صفة صادرة عن صفة الجوهرية بشرط الوجود. والرابع المعلّلة بالتحيّز بشرط الوجود وهو الحصول في الحيّز أي اختصاص الجوهر بالجوهر المسمّى بالكائنية المعلّلة بالكون. وللأعراض الأنواع الثلاثة:
الأول أعني الوصف الحاصل حالتي الوجود والعدم وهو العرضية، وما بالفاعل وهو الوجود، والصفة التابعة للوجود وهو الحصول في المحل. وقال بعضهم الذوات في العدم معرّاة عن جميع الصفات ولا يحصل الصفات إلّا حال الوجود. ومنهم من قال الجوهرية نفس التحيّز، فابن عياش ينفيهما حال العدم وأبو يعقوب الشّحّام يثبتهما فيه مع إثبات الحصول في الحيّز، وأبو عبد الله البصري يثبتهما دون الحصول في الحيّز، والبصري يختصّ من بينهم بإثبات العدم صفة. واتفق من عداه على أنّ المعدوم ليس له بكونه معدوما صفة. ثم جميع القائلين منهم بأنّ المعدومات ثابتة ومتصفة بالصفات اتفقوا على أنّه بعد العلم بأنّ للعالم صانعا قادرا عالما حيّا يحتاج إلى إثباته بالدليل لجواز اتصاف المعدوم بتلك الصفات عندهم.
وقال الإمام الرازي إنّه جهالة وسفسطة. وأيضا صفة الشيء على ثلاثة أقسام: الأول حقيقية محضة وهي ما تكون متقرّرة في الموصوف غير مقتضية لإضافته إلى غيره كالسّواد والبياض والشّكل والحسّ للجسم. الثاني حقيقية ذات إضافة وهي ما تكون متقرّرة في الموصوف غير مقتضية لإضافته إلى غيره، وهذا القسم ينقسم إلى ما لا يتغيّر بتغيّر المضاف إليه مثل القدرة على تحريك جسم ما فإنّها صفة متقرّرة في الموصوف بها يلحقها إضافة إلى أمر كلّي من تحريك جسم ما لزوما أوّليا ذاتيا، وإلى الجزئيّات التي تقع تحت ذلك الكلّي كالحجارة والشجرة والفرس لزوما ثانيا غير ذاتي، بل بسبب ذلك الكلّي، والأمر الكلّي الذي يتعلّق به الصفة لا يمكن أن يتغيّر وإن تغيّرت الجزئيات بتغيّر الإضافات الجزئية العرضية المتعلّقة بها.
فلمّا لم يتغيّر ذلك الأمر الكلّي الذي هو متعلّق الصفة أولا لم تتغيّر الصفة. مثلا القادر على تحريك زيد لا يصير غير قادر في ذاته عند انعدام زيد، ولكن تتغيّر الإضافة فإنّه حينئذ ليس قادرا على تحريك زيد وإن كان قادرا في ذاته، وإلى ما يتغيّر بتغيّر المضاف إليه كالعلم فإنّه صفة متقرّرة في العالم مقتضية لإضافته إلى معلومه المعيّن ويتغيّر بتغيّر المعلوم فإنّ العالم بكون زيد في الدار يتغيّر علمه بخروجه عن الدار وذلك لأنّ العلم يستلزم إضافته إلى معلومه المعيّن حتى إنّ العلم المضاف إلى معنى كلّي لم يكف في ذلك بأن يكون علما لجزئي، بل يكون العلم بالنتيجة علما مستأنفا يلزمه إضافة مستأنفة وهيئة للنفس متجدّدة لها إضافة متجدّدة مخصوصة غير العلم بالمقدّمة وغير هيئة تحقّقها، ليس مثل القدرة التي هي هيئة واحدة لها إضافات شيء، مثاله العلم بأنّ الحيوان جسم لا يقتضي العلم بكون الإنسان جسما ما لم يقترن إلى ذلك علم آخر، وهو العلم بكون الإنسان حيوانا. فإذن العلم بكون الإنسان جسما علم مستأنف له إضافة مستأنفة وهيئة جديدة للنفس لها إضافة جديدة غير العلم بكون الحيوان جسما وغير هيئة تحقّق ذلك العلم، ويلزم من ذلك أن يختلف حال الموصوف بالصفة التي تكون من هذا الصنف باختلاف حال الإضافات المتعلّقة بها لا في الإضافة فقط بل في نفس تلك الصفة. الثالث إضافية محضة مثل كونه يمينا أو شمالا وهي ما لا تكون متقرّرة في الموصوف وتكون مقتضية لإضافته إلى غيره وفي عدادها الصفات السلبية، فما ليس محلا للتغيّر كالباري تعالى لم يجز أن يعرض تغيّر بحسب القسم الأول، ولا بحسب أحد شقّي القسم الثاني، وهو الذي لا يتغيّر بتغيّر الإضافة. وأمّا بحسب الشقّ الآخر منه وبحسب القسم الثالث فقد يجوز، فالواجب الوجود يجب أن يكون علمه بالجزئيات علما زمانيا فلا يدخل الآن والماضي والمستقبل، هذا عند الحكماء.
وأمّا عند الأشاعرة ففي القسم الثاني لا يجوز التغيّر ويجوز في تعلّقه، فنفس العلم والقدرة والإرادة قديمة غير متغيّرة، وتعلّقاتها حادثة متغيّرة، والكرّامية جوّزوا تغيّر صفاته تعالى مطلقا، هذا كله خلاصة ما في شرح شرح المواقف وشرح الطوالع وشرح الإشارات.
ومنها ما هو مصطلح أهل العربية، والصفة في اصطلاحهم يطلق على معان. الأول النعت وهو تابع يدلّ على معنى في متبوعه مطلقا وقد سبق. الثاني الوصف المشتق ويقابله الاسم، وقد يطلق الصفة المعنوية عليه لكن هذا الإطلاق قليل، هكذا ذكر السّيّد السّند في حاشية المطول وهو ما دلّ على ذات مبهمة باعتبار معنى هو المقصود، والمراد بما اللفظ وبهذا المعنى يستعمله النحاة في باب منع الصرف على ما صرّح به السّيّد الشريف في حاشية المطول في باب القصر تدلّ على تعيين الذات أصلا، فإنّ معنى قائم شيء ما أو ذات ما له القيام، ولذا فسّرت أيضا بما دلّ على ذات مبهمة غاية الإبهام باعتبار معنى هو المقصود، فلا يرد على التعريف اسم الزمان والمكان والآلة فإنّها وإن دلّت على ذات باعتبار معنى هو المقصود لكن الذات المعتبرة فيها لها تعيّن المكانية والزمانية والآلية، فإنّ قولك مقام معناه مكان فيه القيام لا شيء ما أو ذات ما فيه القيام، كذا قالوا. ولا يبعد أن يقال المعنى ما قام بالغير والمتبادر منه أن يقوم بالذات المذكورة فامتازت الصفة بهذا الوجه أيضا من هؤلاء الأسماء وفيه نظر إذ يجوز أن يكون ما وضع له اسم المكان ذات يفعل فيها وكذا اسم الزمان، ويكون ما وضع له اسم الآلة ذات يفعل بها، وكأنّه لهذا صرّحوا بأنّ تعريف الصفة هذا غير صحيح لانتقاضه بهؤلاء الأسماء كذا في الأطول في بحث الاستعارة التبعية.
وقيل المعنى هو المقصود الأصلي في الصفات وفي تلك الأسماء المقصود الأصلي هو الذات فلا نقض في التعريف، وفيه بحث لأنّا لا نسلّم أنّ المقصود الأصلي في الصفات هو المعنى بل الأمر بالعكس إذ نفس المعنى يستفاد من نفس تركيب ض ر ب، فالصوغ إلى صيغة فاعل مثلا إنّما يكون للدلالة على ذات يقوم ذلك الوصف به، هكذا في بعض حواشي المطول في بحث القصر. وقيل المراد قيام معنى به أو وقوعه عليه فتخرج هؤلاء الأسماء فإنّ المضرب مثلا لا يدلّ على قيام الضرب بالزمان والمكان ولا وقوعه عليهما بل على وقوعه فيهما، وعلى هذا القياس اسم الآلة. وقوله هو المقصود احتراز عن رجل فإنّه يدلّ على الذات باعتبار معنى به هو البلوغ والذكور، ولكن ذلك المعنى ليس مقصودا بالدلالة فإنّ المقصود هو الموصوف بخلاف ضارب مثلا فإنّه يدلّ على ذات باعتبار معنى هو المقصود بالدلالة عليه وهو اتصافه بصفة الضرب، فالمقصود بالدلالة في نحو رجل هو الموصوف لا الاتصاف، وفي الضارب هو الاتصاف دون الموصوف، هكذا في بعض حواشي الإرشاد في بحث غير المنصرف. وقال مولانا عصام الدين في حاشية الفوائد الضيائية في بحث اسم التفضيل: أسماء الزمان والمكان والآلة لم توضع لزمان أو مكان أو آلة موصوفا بل لزمان أو مكان أو آلة مضافا انتهى. فمعنى المقتل مكان القتل أو زمانه لا مكان أو زمان يقتل فيه، وإلّا لزم أن يكون فيه ضمير راجع إلى المكان أو الزمان، وكذا الحال في الآلة فإنّ معنى المقتل آلة القتل لا آلة يقتل بها وهذا الفرق أظهر، فإنّ أهل اللغة إنّما يفسّرون معانيها بالإضافة غالبا لا بالتوصيف. ولا شكّ أنّ اسم الفاعل ونحوه لا يمكن تفسيره إلّا بالتوصيف، فعلم من هذا أنّها ليست موضوعة لزمان أو مكان أو آلة موصوفا بل مضافا، فلهذا لم يحكم بكونها أوصافا، والنسبة بين المعنيين العموم من وجه لتصادقهما في نحو جاءني رجل عالم وصدق النعت بدون الوصف المشتق في نحو جاءني هذا الرجل والعكس في نحو زيد عالم.
وفي غاية التحقيق الوصف في الاصطلاح يطلق على معنيين: أحدهما كونه تابعا يدلّ على معنى في متبوعه، وثانيهما كونه دالّا على ذات باعتبار معنى هو المقصود انتهى. ولا شكّ أنّ الوصف بكلا المعنيين ليس إلّا اللفظ الدالّ لا كونه دالّا، ففي العبارة مسامحة إشارة إلى أنّ المعتبر في التسمية بالوصف ليس محض اللفظ بل اللفظ بوصف كونه دالّا. وفي الفوائد الضيائية الوصف المعتبر في باب منع الصرف هو بمعنى كون الاسم دالّا على ذات مبهمة مأخوذة مع بعض صفاتها والدلالة أعمّ سواء كانت بحسب أصل الوضع أو بحسب الاستعمال كما في أربع في مررت بنسوة أربع انتهى. وهذا المعنى شامل للنعت والوصف المشتق لكنه يخرج عنه أيضا أسماء الزمان والمكان والآلة، فإنّ هذه الأمور وإن دلّت على الذات لكن لم تدلّ على بعض صفة تلك الذات على ما ذكره المولوي عصام الدين. الثالث الصفة المعنوية وهي تطلق على معنى قائم بالغير والمراد بالمعنى مقابل اللفظ كما هو الظاهر، فبينها وبين النعت تباين، وكذا بينها وبين الوصف المشتقّ. وقد يراد بالمعنى نفس اللفظ تسامحا تسمية للدّال باسم المدلول أو على حذف المضاف أي دالّ معنى، فعلى هذا بينهما عموم من وجه لتصادقهما في أعجبني هذا العلم وصدق المعنوية بدون النعت في نحو العلم حسن، والعكس في نحو مررت بهذا الرجل وبينها وبين الوصف المشتق التباين، وهذا هو المراد بالصفة في قولهم: القصر نوعان قصر الصفة على الموصوف وقصر الموصوف على الصفة. وقد تطلق على معنى أخصّ من هذا كما عرفت في تقسيم الصفة. وقد تطلق على ما تجريه على الغير وتجعل الغير فردا له وذلك بجعله حالا أو خبرا أو نعتا. وأمّا ما قال المحقّق التفتازاني من أنّ المراد بها في القول المذكور الوصف المشتق فبعيد إذ لم يشتهر وصفها بالمعنوية ولا يصحّ في كثير من موارد القصر إلّا بتكلّف أو تعسّف، هكذا يستفاد من الأطول وحواشي المطول. قال في الإنسان الكامل: الصفة عند علماء العربية على نوعين صفة فضائلية وهي التي تتعلّق بذات الإنسان كالحياة وفاضلية وهي التي تتعلّق به وبخارج عنه كالكرم وأمثال ذلك انتهى. والصفة في هذا التقسيم بمعنى ما يقوم بالغير. اعلم أنّ الوصف والصفة في هذه المعاني الثلاثة مترادفان، قال مولانا عبد الحكيم في حاشية الفوائد الضيائية في بحث غير المنصرف: الوصف يقال بمعنى النعت وبمعنى الأمر القائم بالغير وبمعنى ما يقابل الاسم انتهى. وفي المطول والأطول صرّح بأنّ الصفة تطلق على هذه المعاني الثلاثة فعلم أنّ بينهما ترادفا.

الذّات

الذّات:
[في الانكليزية] Fitted with ،possessing
[ في الفرنسية] Pourvu de ،doue ،possesseur
هي النّفس اسم ناقص تمامها ذوات. ألا ترى عند التّثنية تقول ذواتان، مثل نواة ونواتان، كذا في بحر الجواهر. ولهذا ذكرناه مع لفظ الذّاتي وذات الجنب وغيرها.
الذّات:
[في الانكليزية] Essence ،substance ،the self
[ في الفرنسية] Essence ،substance ،le soi
هو يطلق على معان. منها الماهيّة بمعنى ما به الشيء هو هو وقد سبق تحقيقه في لفظ الحقيقة. وعلى هذا قال في الإنسان الكامل:
إنّ مطلق الذّات هو الأمر الذي تستند إليه الأسماء والصّفات في عينها لا في وجودها، فكلّ اسم أو صفة استند إلى شيء، فذلك الشيء هو الذّات، سواء كان معدوما كالعنقاء أو موجودا. والموجود نوعان نوع هو موجود محض وهو ذات الباري سبحانه، ونوع هو موجود ملحق بالعدم وهو ذات المخلوقات.
واعلم أنّ ذات الله تعالى عبارة عن نفسه التي هو بها موجود لأنّه قائم بنفسه، وهو الشيء الذي استحقّ الأسماء والصفات بهويّته، فيتصوّر بكلّ صورة تقتضيها منه كل معنى فيه، أعني اتّصف بكلّ صفة تطلبها كلّ نعت واستحقّ بوجوده كلّ اسم دلّ عل مفهوم يقتضيه الكمال.
ومن جملة الكمالات عدم الانتهاء ونفي الإدراك، فحكم بأنّها لا تدرك، وأنّها مدركة له لاستحالة الجهل عليه تعالى. فذاته غيب الأحديّة التي كلّ العبارات واقعة عليها من كلّ وجه غير مستوفية لمعناها من وجوه كثيرة، فهي لا تدرك بمفهوم عبارة ولا تفهم بمعلوم إشارة، لأنّ الشيء انّما يعرف بما يناسبه فيطابقه، وبما ينافيه فيضادّه، وليس لذاته في الوجود مناسب ولا مناف ولا مضادّ فارتفع من حيث الاصطلاح، إذ أمعنّاه في الكلام، وانتفى لذلك أن يدرك للأنام انتهى.
وفي شرح المواقف للمتكلّمين هاهنا مقامان. الأول الوقوع، فذهب جمهور المحقّقين من الفرق الإسلامية وغيرهم إلى أنّ حقيقة الله تعالى غير معلوم للبشر، وقد خالف فيه كثير من المتكلّمين من أصحاب الأشعري والمعتزلة.
والثاني الجواز، وفيه خلاف. فمنعه الفلاسفة وبعض أصحابنا كالغزالي وإمام الحرمين. ومنهم من توقّف كالقاضي أبي بكر وضرار بن عمرو، وكلام الصوفية في الأكثر مشعر بالامتناع.
اعلم أنّهم اختلفوا في أنّ ذاته تعالى مخالفة لسائر الذوات. فذهب نفاة الأحوال إلى التّخالف وهو مذهب الأشعري وأبي الحسين البصري، فهو منزّه عن المثل والنّدّ. وقال قدماء المتكلّمين ذاته مماثلة لسائر الذّوات في الذاتية والحقيقة، وإنّما يمتاز عن سائر الذوات بأحوال أربعة. الوجوب والحياة والعلم التّام والقدرة التامة أي الواجبيّة والحييّة والعالميّة والقادريّة التامّتين هذا عند الجبائي. وأما عند أبي هاشم فإنه يمتاز بحالة خامسة هي الموجبة لهذه الأربعة وهي المسمّاة بالإلهية. والمذهب الحقّ هو الأول انتهى.
ومنها الماهيّة باعتبار الوجود وإطلاق لفظ الذات على هذا المعنى أغلب من الإطلاق الأول وقد سبق أيضا في لفظ الحقيقة.
ومنها ما صدق عليه الماهيّة من الأفراد كما وقع في شرح التجريد في فصل الماهيّة، وبهذا المعنى يقول المنطقيون: ذات الموضوع ما يصدق عليه ذلك الموضوع من الأفراد. ثم المعتبر عندهم في ذات الموضوع في القضية المحصورة ليس أفراده مطلقا، بل الأفراد الشخصية إن كان الموضوع نوعا أو ما يساويه من الخاصّة والفصل، والأفراد الشخصية والنوعية إن كان جنسا أو ما يساويه من العرض العام. وبعضهم خصّ ذلك مطلقا بالأفراد الشخصيّة وهو قريب إلى التحقيق، وتفصيله يطلب من شرح الشمسية وشرح المطالع في تحقيق المحصورات. وهذه المعاني الثّلاثة تشتمل الجوهر والعرض.
ومنها ما يقوم بنفسه وهذا لا يشتمل العرض، وتقابله الصّفة بمعنى ما لا يقوم بنفسه، ومعنى القيام بالذات يجيء في محله، هكذا ذكر أحمد جند في حاشية شرح الشمسية في بحث التّصوّر والتصديق، والسّيد السّند في حاشية المطول في بحث هل في باب الإنشاء.
ومنها ما يقوم به غيره سواء كان قائما بنفسه كزيد في قولنا: زيد العالم قائم، أو لا يكون قائما بنفسه كالسّواد في قولنا: رأيت السّواد الشديد. وبهذا المعنى وقع في تعريف النّعت بأنّه تابع يدلّ على ذات كذا في چلپي المطول في باب القصر.
ومنها الجسم كما في الأطول وحاشية المطوّل للسّيد السّند في بحث الاستفهامية.
ومنها المستقلّ بالمفهومية أي المفهوم الملحوظ بالذّات، وهذا معنى ما قالوا: الذّات ما يصحّ أن يعلم ويخبر عنه وتقابله الصّفة بمعنى ما لا يستقلّ بالمفهومية، أي ما يكون آلة لملاحظة مفهوم آخر. فالنّسب الحكمية صفات بهذا المعنى، وأطرافها من المحكوم عليه والمحكوم به ذوات لاستقلالهما بالمفهومية؛ هكذا ذكر السّيد الشريف أيضا في بحث هل.
قال في الأطول هذا المعنى للذّات والصّفة الذي ادّعاه السّيد الشريف لم يثبت في ألسنة مشاهير الأنام انتهى. وقد ذكر الچلپي أيضا هذا المعنى في حاشية المطوّل في بحث الاستعارة الأصلية.
ومنها الموضوع سمّي به لأنّه ملحوظ على وجه ثبت له الغير كما هو شأن الذّوات وتقابله الصّفة بمعنى المحمول سمّيت به لأنّه ملحوظ على وجه الثّبوت للغير، هكذا في الأطول في بحث هل، وهكذا في العضدي حيث قال: في المبادئ: المفردان من القضية التي جعلت جزء القياس الاقتراني يسمّيها المنطقيون موضوعا ومحمولا، والمتكلّمون ذاتا وصفة، والفقهاء محكوما عليه ومحكوما به، والنحويون مسندا إليه ومسندا انتهى. قيل ما ذكره من اصطلاح المتكلّمين انّما يصحّ في ما هو موضوع ومحمول بالطّبع كقولنا: الإنسان كاتب لا في عكسه أي الكاتب إنسان. وأجيب بأنّ المحكوم عليه يراد به ما صدق عليه وهو الذات والمحكوم به يراد به المفهوم وهو الصّفة، وما قيل إنّ المسند إليه عند النّحاة قد يكون سورا عند المنطقيين كقولك كلّ إنسان حيوان، فجوابه أنّ المحكوم عليه بحسب المعنى هو الإنسان، هكذا ذكر السّيد الشريف في حاشيته، وبقي أنّ ما ذكره من اصطلاح الفقهاء مخالف لما مرّ في محلّه فلينظر ثمّة. منها الاسم الجامد وتقابله الصّفة بمعنى الاسم المشتق. ومنها الجزء الدّاخل بأن يكون محقّق الذاتي وتقابله الصّفة بمعنى الأمر الخارج، هكذا ذكر أحمد جند في حاشية شرح الشمسية في بحث التصوّر والتّصديق ويجيء ما يتعلق بهذا المقام في لفظ الذّاتي.

علم الهيئة

علم الهيئة
ذكره في كشف الظنون ولم يزد على ذلك. وقال في مدينة العلوم: هو علم يعرف منه أحوال الأجرام البسيطة العلوية والسفلية وأشكالها وأوضاعها ومقاديرها وأبعادها.
وموضوعه الأجرام المذكورة من الحيثية المذكورة وقد يذكر هذا العلم تارة مع براهينها الهندسية كما هو الأصل وهذا هو المذكور في المجسطي لبطليموس ولخصه الأبهري وعربه.
ومن الكتب المختصرة: فيه هيئة ابن أفلح.
ومن المبسوطة: القانون المسعودي لأبي ريحان البيروتي وشرح المجسطي للنيروزي وقد تجرد عن البراهين ويقتصر على التصور والتخيل دون اليقين ويسمى هيئة بسيطة.
ومن المختصر فيه: التذكرة لنصير الدين الطوسي.
ومن المتوسط: هيئة العرضي ومن المبسوطة: أيضا التحفة ونهاية الإدراك كلاهما للعلامة قطب الدين الشيرازي.
ومن المختصرة: الملخص المشهور لمحمود الجغميني وعليه شروح منها: شرح لفضل الله العبيدي وكمال الدين الزاكاني والشريف الجرجاني.
وأحسن الشروح شرح الفاضل قاضي زادة الرومي.
ومن المختصرة النافعة فيه: غاية النفع كتاب النخبة لعلي بن محمد القوشجي وعليه شرح لمولانا سنان الدين وشرحه أستاذي محمود بن محمد بن قاضي زاده الرومي وهو ابن بنت المصنف علي بن محمد القوشجي كتبه عند قراءتي عليه الكتاب المذكور وهذا الشرح من أحسن المؤلفات في هذا الفن وكانت القدماء قد اقتصروا في هيئة الأفلاك على الدوائر المجردة وتسمى: هيئة مسطحة وفيه كتاب لأبي علي بن الهيثم انتهى كلامه.
قال في كشاف اصطلاحات الفنون: علم الهيئة: هو من أصول الرياضي وهو علم يــبحث فيه عن أحوال الأجرام البسيطة العلوية والسفلية من حيث الكمية والكيفية والوضع والحركة اللازمة لها وما يلزم منها.
فالكمية إما منفصلة: كأعداد الأفلاك وبعض الكواكب دون أعداد العناصر فإنها مأخوذة من الطبعيات وأما متصلة: كمقادير الأجرام والأبعاد واليوم وأجزاءه وما يتركب منها.
وأما الكيفية: فكالشكل إذ تتبين فيه استدارة هذه الأجسام وكلون الكواكب وضوئها.
وأما الوضع: فكقرب الكواكب وبعدها عن دائرة معينة وانتصاب دائرة وميلانها بالنسبة إلى سمت رؤوس سكان الأقاليم وحيلولة الأرض بين النيرين والقمر بين الشمس والأبصار ونحو ذلك.
وأما الحركة فالمبحوث عنه في هذا الفن منها هو قدرها وجهتها.
وأما الــبحث عن أصل الحركة وإثباتها للأفلاك فمن الطبعيات والمراد باللازمة الدائمة على زعمهم وهي حركات الأفلاك والكواكب واحترز بها عن حركات العناصر كالرياح والأمواج والزلازل فإن الــبحث عنها من الطبعيات.
وأما حركة الأرض من المغرب إلى المشرق وحركة الهواء بمشايعتها وحركة النار بمشايعة الفلك فمما لم يثبت ولو ثبت فلا يبعد أن يجعل الــبحث عنها من حيث القدر والجهة من مسائل الهيئة والمراد بما يلزم من الحركة الرجوع والاستقامة التذكرة هذا القيد - أعني قيد ما يلزم منها - والظاهر أنه لا حاجة إليه.
والغرض من قيد الحيثية: الاحتراز عن علم السماء والعالم فإن موضوعه البسائط المذكورة أيضا لكن يــبحث فيه عنها لا عن الحيثية المذكورة بل من حيث طبائعها ومواضعها والحكمة في ترتيبها ونضدها وحركاتها إلا باعتبار القدر والجهة.
وبالجملة فموضوع الهيئة الجسم البسيط من حيث إمكان عروض الأشكال والحركات المخصوصة ونحوها وموضوع علم السماء والعالم الذي هو من أقسام الطبعي الجسم البسيط أيضا لكن من حيث إمكان عروض التغير والثبات وإنما زيد لفظ الإمكان إشارة إلى أن ما هو من جزء الموضوع ينبغي أن يكون مسلم الثبوت وهو إمكان العروض لا العروض بالفعل.
وقيل: موضوع كل من العلمين الجسم البسيط من حيث إمكان عروض الأشكال والحركات والتمايز بينهما إنما هو بالبرهان فإن أثبت المطلوب بالبرهان الآني يكون من الهيئة وإن أثبت بالبرهان اللمي يكون من علم السماء والعالم فإن تمايز العلوم كما يكون بتمايز الموضوعات كذلك قد يقع بالمحمولات والقول بأن التمايز في العلوم إنما هو بالموضوع فأمر لم يثبت بالدليل بل هو مجرد رعاية مناسبة.
واعلم أن الناظر في حركات الكواكب وضبطها وإقامة البراهين على أحوالها يكفيه الاقتصار على اعتبار الدوائر ويسمى ذلك هيئة غير مجسمة ومن أراد تصور مبادئ تلك الحركات على الوجه المطابق لقاعد الحكمة فعليه تصور الكرات على وجه تظهر حركات مراكز الكواكب وما يجري مجراها في مناطقها ويسمى ذلك هيئة مجسمة وإطلاق العام على المجسمة مجاز ولهذا قال صاحب التذكرة:
إنها ليست بعلم تام لأن العلوم هو التصديق بالمسائل على وجه البرهان فإذا لم يورد بالبرهان يكون حكاية للمسائل المثبتة بالبرهان في موضع آخر هذا كله خلاصة ما ذكره عبد العلي البرجندي في حواشي شرح الملخص.
والمذكور في علم الهيئة ليس مبينا على المقدمات الطبعية والإلهية وما جرت به العادة من تصدير المصنفين كتبهم بها إنما هو بطريق المتابعة للفلاسفة وليس ذلك أمرا واجبا بل يمكن إثباته من غير ملاحظة الابتناء عليها فإن المذكور فيه بعضه مقدمات هندسية لا يتطرق إليها شبهة مثلا: مشاهدة التشكلات البدرية والهلالية على الوجه المرصود توجب اليقين بان نور القمر مستفاد من نور الشمس وبعضه مقدمات يحكم بها العقل بحسب الأخذ لما هو الأليق والأحرى كما يقولون: إن محدب الحامل يماس محدب الممثل على نقطة مشتركة وكذا مقعره بمقعره ولا مستند لهم غير أن الأولى أن لا يكون في الفلكيات فضل لا يحتاج إليه وكذا الحال في أعداد الأفلاك من أنها تسعة وبعضه مقدمات يذكرونها على سبيل التردد دن الجزم كما يقولون أن اختلاف حركة الشمس بالسرعة والبطء إما بناء على أصل الخارج أو على أصل التدوير من غير جزم بأحدهما فظهر أن ما قيل: من أن إثبات مسائل هذا الفن مبني على أصول فاسدة مأخوذة من الفلاسفة من نفي القادر المختار وعدم تجويز الخرق والالتئام على الأفلاك وغير ذلك ليس بشيء ومنشأه عدم الاطلاع على مسائل هذا الفن ودلائله. وذلك لأن مشاهدة التشكلات البدرية والهلالية على الوجه المرصود توجب اليقين بأن نور القمر حاصل من نور الشمس وإن الخسوف إنما هو بسبب حيلولة الأرض بين النيرين والكسوف إنما هو بسبب حيلولة القمر بين الشمس والبصر مع القول بثبوت القادر المختار ونفي تلك الأصول المذكور فإن ثبوت القادر المختار وانتفاء تلك الأصول لا ينفيان أن يكون الحال ما ذكر غاية الأمر أنهما يجوزان الاحتمالات الآخر مثلا: على تقدير ثبوت القادر المختار يجوز أن يسود القادر بحسب أرادته وينور وجه القمر على ما يشاهد من التشكلات البدرية والهلالية وأيضا يجوز على تقدير الاختلاف في حركات الفلكيات وسائر أحوالها أن يكون أحد نصفي كل من النيرين مضيئا والآخر مظلما ويتحرك النيران على مركزيهما بحيث يصير وجهاهما المظلمان مواجهين لنا في حالتي الخسوف والكسوف إما بالتمام إذا كانا تامين أو بالبعض إن كانا ناقصين وعلى هذا القياس حال التشكلات البدرية والهلالية لكنا نجزم مع قيام الاحتمالات المذكور أن الحال على ما ذكر من استفادة القمر النور من الشمس وأن الخسوف والكسوف بسبب الحيلولة ومثل هذا الاحتمال قائم في العلوم العادية والتجريبية أيضا بل في جميع الضروريات مع أن القادر المختار يجوز أن يجعلها كذلك بحسب إرادته بل على تقدير أن يكون المبدأ موجبا يجوز أن يتحقق وضع غريب من الأوضاع الفلكية فيقتضي ظهور ذلك الأمر الغريب على مذهب القائلين بالإيجاب من استناد الحوادث إلى الأوضاع الفلكية وغير ذلك مما هو مذكور في شبه القادحين في الضروريات.
ولو سلم أن إثبات مسائل هذا الفن يتوقف على تلك الأصول الفاسدة فلا شك أنه إنما يكون ذلك إذا ادعى أصحاب هذا الفن أنه لا يمكن إلا على الوجه الذي ذكرنا.
أما إذا كان دعواهم أنه يمكن أن يكون على ذلك الوجه ويمكن أن يكون على الوجوه الآخر فلا يتصور التوقف حينئذ وكفى بهم فضلا أنهم تخيلوا من الوجوه الممكنة ما تنضبط به أحوال تلك الكواكب مع كثرة اختلافاتها على وجه تيسر لهم أن يعينوا مواضع تلك الكواكب واتصالات بعضها ببعض في كل وقت وأرادوا بحيث يطابق الحس والعيان مطابقة تتحير فيها العقول والأذهان كذا في شرح التجريد وهكذا يستفاد من شرح المواقف في موقف الجواهر في آخر بيان محدد الجهات.
وفي إرشاد القاصد الهيئة: وهو علم تعرف به أحوال الأجرام البسيطة العلوية والسفلية وأشكالها وأوضاعها وأبعاد ما بينها وحركات الأفلاك والكواكب ومقاديرها.
وموضوعه: الأجسام المذكورة من حيث كميتها وأوضاعها وحركاتها اللازمة لها.
وأما العلوم المتفرعة عليه فهي خمسة وذلك لأنه إما أن يــبحث عن إيجاد ما تبرهن بالفعل أولا.
الثاني: كيفية.
الأرصاد والأول: إما حساب الأعمال أو التوصل إلى معرفتها بالآلات.
فالأول منهما: إن اختص بالكواكب المجردة فهو علم الزيجات والتقاويم وإلا فهو علم المواقيت.
والآلات: إما شعاعية أو ظلية فإن كانت شعاعية فهو علم تسطيح الكرة وإن كانت ظلية فعلم الآلات الظلية وقد ذكرنا هذه العلوم في هذا الكتاب على نهج الترتيب المختار فيه.
وقال ابن خلدون: هو علم ينظر في حركات الكواكب الثابتة والمتحركة والمتحيرة ويتسدل بكيفيات تلك الحركات على أشكال وأوضاع للأفلاك لزمت عنها هذه الحركات المحسوسة بطرق هندسة كما يبرهن على أن مركز الأرض مبائن لمركز فلك الشمس بوجود حركة الإقبال والأدبار وكما يستدل بالرجوع والاستقامة للكواكب على وجود أفلاك صغيرة حاملة لها متحركة داخل فلكها الأعظم وكما يبرهن على وجود الفلك الثامن بحركة الكواكب الثابتة وكما يبرهن على تعدد الأفلاك للكوكب الواحد بتعدد الميلول له وأمثال ذلك وإدراك الموجود من الحركات وكيفياتها وأجناسها إنما هو بالرصد فإنا إنما علمنا حركة الإقبال والأدبار به وكذا ترتيب الأفلاك في طبقاتها وكذا الرجوع والاستقامة وأمثال ذلك.
وكان اليونانيون يعتنون بالرصد كثيرا ويتخذون له الآلات التي توضع ليرصد بها حركة الكوكب المعين وكانت تسمى عندهم: ذات الحلق وصناعة عملها والبراهين عليه في مطابقة حركتها بحركة الفلك منقول بأيدي الناس.
وأما في الإسلام: فلم تقع به عناية إلا في القليل وكان في أيام المأمون شيء منه وصنع الآلة المعروفة للرصد المسماة: ذات الحلق وشرع في ذلك فلم يتم ولما مات ذهب رسمه وأغفل واعتمد من بعده على الأرصاد القديمة وليست بمغنية لاختلاف الحركات باتصال الأحقاب.
وإن مطابقة حركة الآلة في الرصد بحركة الأفلاك والكواكب إنما هو بالتقريب ولا يعطى التحقيق فإذا طال الزمان ظهر تفاوت ذلك بالتقريب.
وهذه الهيئة صناعة شريفة وليست على ما يفهم في المشهور إنها تعطي صورة السموات وترتيب الأفلاك والكواكب بالحقيقة بل إنما تعطي أن هذه الصور والهيئات للأفلاك لزمت عن هذه الحركات وأنت تعلم أنه لا يبعد أن يكون الشيء الواحد لازما لمختلفين وإن قلنا:
إن الحركات لازمة فهو استدلال باللازم على وجود الملزوم ولا يعطي الحقيقة بوجه على أنه علم جليل وهو أحد أركان التعاليم.
ومن أحسن التآليف فيه: كتاب المجسطي منسوب لبطليموس وليس من ملوك اليونان الذين أسماهم بطليموس على ما حققه شراح الكتاب وقد اختصره الأئمة من حكماء الإسلام كما فعله ابن سينا وأدرجه في تعاليم الشفاء ولخصه ابن رشد أيضا من حكماء الأندلس وابن السمح وابن الصلت في كتاب الاقتصار ولابن الفرغاني هيئة ملخصة قربها وحذف براهينها الهندسية والله علم الإنسان ما لم يعلم سبحانه لا إله إلا هو رب العلمين انتهى كلام ابن خلدون. وقد بسطنا القول في الهيئة في كتابنا لقطة العجلان فمن شاء أن يطلع عليه فعليه به والله الموفق. 

التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ

التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ: قسم من مُطلق التَّعْرِيف وقسيم للتعريف الْحَقِيقِيّ لِأَن الْمَطْلُوب فِي التَّعْرِيف الْحَقِيقِيّ تَحْصِيل صُورَة غير حَاصِلَة كَمَا مر. وَفِي اللَّفْظِيّ تعْيين صُورَة من الصُّور المخزونة وإحضارها فِي المدركة والالتفات إِلَيْهَا وتصورها بِأَنَّهَا معنى هَذَا اللَّفْظ وَهَذَا هُوَ معنى قَوْلهم إِن الْغَرَض من التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ أَن يحصل للمخاطب تصور معنى اللَّفْظ من حَيْثُ إِنَّه مَعْنَاهُ وَإِلَيْهِ يرجع قَوْلهم التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ مَا يقْصد بِهِ تَفْسِير مَدْلُول اللَّفْظ يَعْنِي أَن التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ تَعْرِيف يكون الْمَقْصُود بِهِ تَصْوِير معنى اللَّفْظ من حَيْثُ إِنَّه مَعْنَاهُ فِي ذهن الْمُخَاطب وَتَفْسِيره وتوضيحه عِنْده أَي جعله ممتازا من بَين الْمعَانِي المخزونة بإضافته إِلَى اللَّفْظ الْمَخْصُوص لَا من حَيْثُ إِنَّه وضع هَذَا اللَّفْظ الْمَخْصُوص لذَلِك الْمَعْنى حَتَّى يكون بحثــا لغويا.

نعم إِن التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ يُفِيد أَمريْن: أَحدهمَا: إِحْضَار معنى اللَّفْظ. وَالثَّانِي: التَّصْدِيق بِأَن هَذَا اللَّفْظ مَوْضُوع لهَذَا الْمَعْنى. فَإِن أورد فِي الْعُلُوم اللُّغَوِيَّة فالمقصود مِنْهُ بِالذَّاتِ التَّصْدِيق الْمَذْكُور وبالعرض التَّصَوُّر إِذْ نظر أَرْبَاب تِلْكَ الْعُلُوم مَقْصُور على الْأَلْفَاظ وَحِينَئِذٍ كَانَ بحثــا لغويا وَمن المطالب التصديقية. وَإِن أورد فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة فالمقصود مِنْهُ بِالذَّاتِ التَّصْوِير والإحضار وبالعرض التَّصْدِيق على مَا تَقْتَضِيه وَظِيفَة هَذِه الْعُلُوم وَحِينَئِذٍ كَانَ تعريفا لفظيا وَمن المطالب التصورية. وَمن هَا هُنَا يرْتَفع النزاع بَين الْفَرِيقَيْنِ الْقَائِل أَحدهمَا بِأَنَّهُ من المطالب التصديقية وَالْآخر بِأَنَّهُ من المطالب التصورية فَإِذا قيل الْخَلَاء محَال فَيُقَال مَا الْخَلَاء فيجاب بِأَنَّهُ بعد موهوم فَإِن قصد السَّائِل بِالذَّاتِ أَن لفظ الْخَلَاء لأي معنى من الْمعَانِي المخزونة مَوْضُوع فِي اللُّغَة فَكَانَ الْجَواب الْمَذْكُور حِينَئِذٍ بحثــا لغويا ووظيفة أَرْبَاب اللُّغَة ومفيدا بِتَصْدِيق إِن لفظ الْخَلَاء مَوْضُوع لهَذَا الْمَعْنى وَإِن قصد تصور معنى لفظ الْخَلَاء لوُقُوعه مَوْضُوعا فِي الْقَضِيَّة الملفوظة أَعنِي الْخَلَاء محَال وَلَا بُد من تصور الْمَوْضُوع فِي التَّصْدِيق ليحكم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ محَال فَكَانَ الْجَواب المسطور حِينَئِذٍ تعريفا لفظيا وَمن المطالب التصورية.

وَالْفرق: بَين التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ والحقيقي بِوُجُوه. الأول: أَن فِي التَّعْرِيف الْحَقِيقِيّ استحصال الصُّورَة ابْتِدَاء وَفِي اللَّفْظِيّ استحصالها ثَانِيًا وَلِهَذَا يعبر عَن هَذَا الاستحصال بالاستحضار فَيُقَال إِن فِي التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ استحضار الصُّورَة. وتفصيل هَذَا الْمُجْمل أَن الصُّورَة قبل التَّعْرِيف الْحَقِيقِيّ لم تكن حَاصِلَة فِي المدركة أصلا ثمَّ بعده صَارَت حَاصِلَة فِيهَا فَفِيهِ استحصال الصُّورَة ابْتِدَاء أَي تَحْصِيل صُورَة غير حَاصِلَة أصلا وَالصُّورَة قبل التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ حَاصِلَة فِي الخيال بعد حُصُولهَا فِي المدركة ثمَّ زَوَالهَا عَنْهَا ثمَّ إِذا أخذت الِالْتِفَات إِلَيْهَا يحصل مرّة أُخْرَى فِي المدركة فَفِي التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ استحضار الصُّورَة واستحصالها ثَانِيًا. فَإِن قلت كثيرا مَا يكون الْمَعْنى مخطورا بالبال حَاضرا فِي المدركة وَمَعَ ذَلِك يحْتَاج إِلَى التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ فَيعلم من هَا هُنَا أَن استحضار الصُّورَة لَا يكون مَطْلُوبا بالتعريف اللَّفْظِيّ وَإِلَّا يلْزم استحضار الْحَاضِر وَهُوَ محَال. قُلْنَا قد علمت أَن الْمَقْصُود من التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ تَصْوِير معنى اللَّفْظ من حَيْثُ إِنَّه مَعْنَاهُ لَا من حَيْثُ إِن هَذَا اللَّفْظ مَوْضُوع لهَذَا الْمَعْنى وَمُجَرَّد حُضُور الْمَعْنى عِنْد المدركة لَا يُفِيد تصَوره من حَيْثُ إِنَّه معنى هَذَا اللَّفْظ. وَالثَّانِي: أَن التَّعْرِيف الْحَقِيقِيّ يكون لنَفسِهِ وَلغيره أَيْضا بِخِلَاف اللَّفْظِيّ فَإِنَّهُ إِحْضَار الصُّورَة الْحَاصِلَة لغيره لَا لنَفسِهِ وَإِلَّا يلْزم تَحْصِيل الْحَاصِل وإحضار الْحَاضِر فَإِن قصد إِحْضَار شَيْء لَا يتَصَوَّر بِدُونِ حُضُوره. وَالثَّالِث: أَن منشأ التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ كَونه مَسْبُوقا بِلَفْظ لم يفهم مَعْنَاهُ بِخِلَاف الْحَقِيقِيّ. وَالرَّابِع: أَن التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ يتَعَلَّق بالبديهيات والنظريات الْحَاصِلَة قبله بِخِلَاف الْحَقِيقِيّ. وَحَاصِل الْكَلَام أَن التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ أَن يكون مَا وضع اللَّفْظ بإزائه مَعْلُوما من حَيْثُ هُوَ مَجْهُولا من حَيْثُ إِنَّه مَدْلُول لفظ آخر فَيعرف ذَلِك الْمَوْضُوع لَهُ من هَذِه الْحَيْثِيَّة بِهِ من حَيْثُ هُوَ مَدْلُول للفظ آخر عرف أَنه مَدْلُول لَهُ. والتعريف على هَذَا الْوَجْه لَيْسَ بدوري إِذْ الشَّيْء من حَيْثُ هُوَ مَدْلُول اللَّفْظ عرف كَونه مدلولا لَهُ لَا يتَوَقَّف تَعْرِيفه على الشَّيْء من حَيْثُ هُوَ مَدْلُول لفظ لم يعرف كَونه مدلولا لَهُ فتغاير الجهتان.
ثمَّ إِنَّهُم اخْتلفُوا فِي أَن التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ إِمَّا من المطالب التصديقية أَو التصورية. فَذهب السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره وَمن تَابعه إِلَى أَنه من المطالب التصديقية. وَذهب الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ وَمن وَافقه إِلَى أَنه من المطالب التصورية والذاهبون إِلَى أَنه من المطالب التصديقية يتمسكون بِلُزُوم الْمحَال بِأَنَّهُ لَو لم يكن من المطالب التصديقية لَكَانَ من المطالب التصورية وَحِينَئِذٍ يلْزم حُصُول الْحَاصِل لحُصُول التَّصَوُّر سَابِقًا وَهُوَ محَال والمستلزم للمحال أَيْضا محَال فَثَبت أَنه من المطالب التصديقية. وَأجِيب أَولا بِالْمَنْعِ يَعْنِي لَا نسلم أَنه لَو كَانَ من المطالب التصورية لزم حُصُول الْحَاصِل لحُصُول التَّصَوُّر سَابِقًا لما مر آنِفا من أَن الصُّورَة الزائلة من المدركة إِلَى الخزانة تصير حَاصِلَة فِي المدركة ثَانِيًا بالتعريف اللَّفْظِيّ فَلَيْسَ فِيهِ حُصُول الْحَاصِل بل فِيهِ استحصال أَمر غير حَاصِل لَكِن ثَانِيًا لَا ابْتِدَاء وَأجِيب ثَانِيًا بالمعارضة بِأَن دليلكم وَإِن دلّ على مطلوبكم لَكِن عندنَا دَلِيل يدل على خلاف مطلوبكم بِأَنا نقُول لَو كَانَ التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ من المطالب التصديقية لَكَانَ بحثــا لغويا وخارجا عَن وَظِيفَة أَرْبَاب الْمَعْقُول وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع لأَنهم اتَّفقُوا على أَن التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ غير الْــبَحْث اللّغَوِيّ كَمَا مر فَهَذَا محَال والمستلزم للمحال محَال فكونه من المطالب التصديقية محَال. وَمَا ذهب إِلَيْهِ الْمُحَقق التفازاني رَحمَه الله وَمن وَافقه حق لَكِن استدلالهم على هَذَا الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ تَعْرِيف اسْمِي وَهُوَ من المطالب التصورية بالِاتِّفَاقِ بعيد عَن الصَّوَاب لأَنهم زَعَمُوا عدم الْفرق بَين التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ والاسمي وَقَالُوا إنَّهُمَا متحدان والتعريف الاسمي من المطالب التصورية فاللفظي أَيْضا كَذَلِك. وَقد عرفت أَن بَينهمَا مباينة لِأَن التَّعْرِيف الاسمي قسم التَّعْرِيف الْحَقِيقِيّ القسيم اللَّفْظِيّ كَيفَ لَا فَإِن البديهي يحْتَمل التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ وَلَا يحْتَمل التَّعْرِيف الاسمي فالدليل على هَذَا الْمطلب أَن الْمَقْصُود مِنْهُ تَصْوِير معنى اللَّفْظ لِأَنَّهُ إِذا قيل الغضنفر وَاقِف مثلا فالمخاطب عَالم قطعا بِأَن للفظ الغضنفر معنى مَا قصد التَّصْدِيق بِثُبُوت هَذَا الْمَحْمُول لَهُ فقد تصَوره بِوَجْه مَا لَكِن لما لم يكن عَالما بِهِ بِخُصُوصِهِ يطْلب تصَوره بِوَجْه آخر يُفِيد الخصوصية فَيَقُول مَا الغضنفر لطلب تصور الْمَعْنى الْمَخْصُوص للفظ الغضنفر أَي لطلب الْمَعْنى الْمعِين من الْمعَانِي المخزونة الْمَعْلُومَة بذاتها فَالْجَوَاب بالأسد إِنَّمَا هُوَ لتَحْصِيل تصَوره بِوَجْه آخر هُوَ خُصُوص مَعْنَاهُ وتعيينه أَعنِي مَفْهُوم الْأسد لَا لإِفَادَة التَّصْدِيق بِأَن لفظ الغضنفر مَوْضُوع لهَذَا الْمَفْهُوم فَثَبت أَنه من المطالب التصورية كَمَا هُوَ الْحق وَلِهَذَا من قَالَ إِنَّه من المطالب التصديقية يَقُول إِن مآله ومرجعه إِلَى التَّصْدِيق بِأَن هَذَا اللَّفْظ مَوْضُوع لهَذَا الْمَعْنى وَأَنت خَبِير بِأَن التَّصْدِيق مَقْصُود فِي الْــبَحْث اللّغَوِيّ دون التَّعْرِيف اللَّفْظِيّ وحصوله مَعَه لَا يُوجب أَن يكون مآله ومرجعه إِلَيْهِ وَإِلَّا فَيرجع جَمِيع أَقسَام التَّعْرِيف إِلَيْهِ لحُصُول ذَلِك التَّصْدِيق مَعَ جَمِيعهَا وَإِن تَأَمَّلت أدنى تَأمل علمت أَن النزاع لَفْظِي كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ.

قصى

قصى: تقصى: بلغ الغاية في الــبحث، تفحص، نقب، ارتاد (عباد 2: 179 رقم 108، 3: 2227 المقري 1: 161، 1772، أماري ص658) وفي حيان (ص103 ن): واستدار العسكر حول بيشتر ستة عشر يوما يستقرى قراها ويتقصي اكنافها بالإحراق والتدمير، والانتياف والتغيير.
وفي مخطوطة كوبنها جن المجهولة الهوية (ص 65): صاروا يتقصون آثار المفسدين. وفي الحلل (ص87 ق): ليس هذا الموضع محلا لبسط القول وتقصي الأنباء إنما نبني على الاختصار.
ويقال أيضا تقصى في المسألة: بلغ الغاية. (محيط المحيط).
تقصى على: تحرى، استعلم. ففي كتاب محمد بن الحارث (ص226): وجعلنا لا نكشفه في مسايلتنا إياه وتقصينا على ما عنده الخ) ويقال أيضا تقصى عن، ففي مخطوطة كوبهاجن المجهولة الهوية (ص50): (قد امتثلنا ما امرنا به من الــبحث عن هذا الشقي والاجتهاد في التقصي عن موضعه الخفي). وفي رياض النفوس (ص90 ق) تقصيت في بلدي عن نسبى.
تقصى: عرض، شرح، وضح، فصل. ففي ابن العوام (1: 204) كما في مخطوطتنا: فأما المختار من القضبان للغراسة فنقول على التقصي والتمام في غير هذا الباب على ما يحضرنا من ذلك إن شاء الله تعالى. وفي (1: 205) وصحته ما يلي: وأتقصى ذلك على حسب ما ألفيته في كتبهم. وفي كتاب الخطيب (ص106 ق): ومنها كتابه الكبير في الهندسة تقضي (تقصى) فيه اجزاءها.
استقصى. استقصى البلاد: بلغ أقصى أي ابعد موضع فيها. (أخبار ص2، معجم الطرائف).
استقصى: بالغ في الــبحث وبلغ أقصاه وتفحصه. (المعجم اللاتيني العربي، عباد 3: 227) وفي المقدمة (1: 22): ومن تأمل أخبارهم واستقصى سير الدولة وسيرهم وجد ذلك محقق الأثر الخ. وفي كتاب الخطيب (مخطوطة الاسكوريال) في ترجمة عبد الله ابن بلاقين بن باديس: وحين استولى يوسف على غرناطة واستقصى ما كان بالقصر فظهر على ما يحول الناظر ويروح الخاطر من الاعلاق والذخيرة والحلي الخ.
ويقال: استقصى في أيضا ففي محيط المحيط: استقصى في المسألة أي بلغ الغاية.
استقصى على فلان: بالغ في الــبحث عنه، واستعلم عنه وتحرى عنه، واجتهد في طلبه. (ألف ليلة برسل 11: 365) وفي رياض النفوس (ص102 و): حين لبس الجبة وجدها على جسمه كالشوك فاستقصى مشتريها على بائعها فوجدها فاسدة الأصل (أي استعلم المشتري من البائع فرأى أنها شيء فيه شبهة. وفي رياض النفوس (ص90 و): فسألته عن القميص فقال لها ذهب فاستقصت الوالدة على خبر القميص الذي عملته له. وفيه (ص102 و) في الكلام عن نعجة: استقصى عليها.
ويقال أيضا: استقصى عن فلان (أماري ديب ص92 ألف ليلة برسل 11: 338) وقد ورد هذا الفعل في معجم فوك، وفيه استقصى عن، واستقصى في بمعنى بحث عن وبحث في.
استقصى: بالغ في الــبحث وفصله (عبد الواحد ص26، ص108) وفي مخطوطة النويري (رقم 273 ص157): لو استقصيناه لطال به التصنيف.
استقصى في: استوفى موضوع الــبحث. (بوشر، دي ساسي طرائف 2: 402).
استقصى على فلان: عامله بأشد قسوة (معجم الطرائف، معجم اللاتيني العربي وفيه: Severitas صدق واستقصاء). وفي كتاب محمد بن الحارث (ص336): أذل الحبيب في نفسه وفي صنائعه واستقصى عليهم. وفيه (ص 338): وفعل ما فعله الآخر في الاستقصاء على الأمناء فوقف أمناء الحبيب موقف الامتحان والاستقصاء.
استقصى عن: ابتعد. ففي ابن خلكان (1: 6):
تأخر القطع عنها وهي سارقة ... فجاءها الكسر يستقصى عن الجبر وقد ترجم دي سلان الشطر الثاني إلى الإنجليزية بما معناه: غير أن كسرا قد أصابها لن يجبر سريعا.
أقصى. بأقصى ثمن: بأغلى ثمن. (ألف ليلة ب 4: 355).
استقصاء: استعلام، استخبار، خبير (بوشر).
قصى
القَصَى: البعد، والْقَصِيُّ: البعيد. يقال:
قَصَوْتُ عنه، وأَقْصَيْتُ: أبعدت، والمكان الأَقْصَى، والناحية الْقَصْوَى، ومنه قوله: وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى [القصص/ 20] ، وقوله: إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى [الإسراء/ 1] يعني: بيت المقدس، فسمّاه الْأَقْصَى اعتبارا بمكان المخاطبين به من النبيّ وأصحابه، وقال: إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى
[الأنفال/ 42] . وقَصَوْتُ البعير: 
قطعت أذنه، وناقة قَصْوَاءُ، وحكوا أنه يقال: بعير أَقْصَى، والْقَصِيَّةُ من الإبلِ: البعيدةُ عن الاستعمال.

قص

ى2 قَصَّى

: see قَصَّصَ.5 تَقَصَّى

: see تَقَصَّصَ. b2: تَقَصَّى شُرْبَ المَآءِ فلم يسئر منه شيأ [He drank the water to the uttermost, not leaving any of it remaining]. (TA, in art. شف.) b3: See 10.10 اِسْتَقْصَى He went to the utmost length, or point, in a question, (K,) and in like manner you say, اِسْتَقْصَى الأَمْرَ and ↓ تَقَصَّاهُ. (TA.) b2: [He exhausted a subject. b3: He proceeded to extremities. He was, or became, extreme, in an action, &c.] b4: اِسْتَقْصَى مَسْأَلَتَهُ [He went to the utmost point in questioning him, or asking him,] respecting a thing, so as to draw forth the utmost that he possessed [of information respecting it]. (S, art. نص.) b5: اِسْتَقْصَى فِى المَسْأَلَةِ and ↓ تَقَصَّى (S, K) both signify the same; (S;) (tropical:) He reached, or attained, [and elicited, and investigated,] the utmost [that was to be reached, &c.] in the question: (K, TA:) and in like manner استقصى الأَمْرَ and ↓ تقصّاهُ (TA) (tropical:) [He investigated, or searched, to the utmost the case, or affair;] he reached, or attained, the utmost of the case, or affair, in investigating it. (MA in explanation of the former phrase.) b6: اِسْتَقْصَى عِلْمَهُ He attained the utmost knowledge of it. b7: اِسْتَقْصَى مَا عِنْدَ نَاقَتِهِ مِنَ السَّيْرِ [He elicited, or exacted, the utmost of his she-camel's pace, or power of going on]. (TA, art. نص.) b8: اِسْتِقْصَآءٌ, metonymically, signifies (tropical:) The being niggardly, stingy, or avaricious. (Az, TA in art. دنق.) b9: اِسْتَقْصَيْتُ المَكَانَ [?] i. q. اِسْتَعْذَيْتُهُ. (TA in art. عذى.) حُطْنِى القَصَا

, and القَصَآءَ: and حَاطُونَا القَصَآءَ: &c.: see art. حوط, and see 1 in art. حبو.

قُصْيَا is like دُنْيَا and عُلْيَا, with و changed into ى. (ISd in TA, voce بُقْوَى.)
قصى يدى وَقَالَ أَبُو عبيد: لم يكن لأهل السوَاد عهد فَلَمَّا أخذت مِنْهُم الْجِزْيَة صَار لَهُم عهد أَو قَالَ: ذمَّة شكّ أَبُو عبيد. وَأما قَوْله: يرد عَلَيْهِم أَقْصَاهُم فَإِن هَذَا فِي الْغَزْو إِذا دخْل الْعَسْكَر أَرض الْحَرْب فَوجه الإِمَام مِنْهُ السَّرَايَا فَمَا غنمت من شَيْء جعل لَهَا مَا سمي لَهَا وردّ مَا بَقِي على أهل الْعَسْكَر لأَنهم وَإِن لم يشْهدُوا الْغَنِيمَة رِدْء للسرايا. وَأما قَوْله: وهم يَد على من سواهُم فَإِنَّهُ يَقُول: إِن الْمُسلمين جَمِيعًا كلمتهم ونصرتهم وَاحِدَة على جَمِيع الْملَل الْمُحَاربَة لَهُم يتعاونون على ذَلِك ويتناصرون وَلَا يخذل بَعضهم بَعْضًا. وَأما قَوْله: وَلَا يقتل مُؤمن بِكَافِر فقد تكلم النَّاس فِي معنى هَذَا قَدِيما قَالَ بَعضهم: لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر كَانَ قَتله فِي الْجَاهِلِيَّة قَالَ: وَقد قَالَ فِيهِ غير هَذَا أَيْضا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: [و -] أما أَنا فَلَيْسَ [لَهُ -] عِنْدِي وَجه وَلَا معنى إِلَّا أَنه لَا يُقَاد مُؤمن بذمي وَإِن قَتله عمدا وَلَكِن يكون عَلَيْهِ الدِّيَة كَامِلَة فِي مَاله وَأما رَأْي أبي حنيفَة وَجَمِيع أَصْحَابه فَإِنَّهُم يرَوْنَ أَن يُقَاد لحَدِيث يرْوى عَن عبد الرَّحْمَن ابْن الْبَيْلَمَانِي أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أقاد معاهدا بِمُسلم وَقَالَ: أَنا أَحَق من وفى بِذِمَّتِهِ وَهَذَا حَدِيث لَيْسَ بِمُسْنَد وَلَا يَجْعَل مثله إِمَامًا يسفك بِهِ دِمَاء الْمُسلمين. وَقَالَ أَبُو عبيد: قلت لزفَر: إِنَّكُم تَقولُونَ: إِنَّا ندرأ الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ وَإِنَّكُمْ جئْتُمْ إِلَى أعظم الشُّبُهَات فأقدمتم عَلَيْهَا قَالَ: وَمَا هُوَ قلت: الْمُسلم يُقتل بالكافر قَالَ: فاشهد أَنْت على رجوعي عَن هَذَا

طلع

(طلع) - في حديث الحَسَن: "أَنَّ هَذِه الأَنفُسَ طُلَعَةٌ" : أي مُسارِعَة إلى الأُمُور يَروِيه بَعضُهم بفَتْح الطَّاءِ وكَسْرِ الَّلام .
قال الأصمَعِىّ: هو بِضَمِّ الطاءِ وفَتحْ الَّلام: أي كَثِيرةُ التَّطُّلع إلى هَوَاهَا وما تَشْتَهيه حتى تُرْدِى صاحِبَها، وامرأةٌ طُلَعَةٌ قُبَعَةٌ: تُبرِزُ رَأْسَها للنَّظَرِ وتؤَخِّره مَرَّةً بعد أُخرَى.
- في حديث سَيف بن ذى يَزَن: "أَطلعتُك طِلْعَه"
: أي أَعْلمتُكَه، والطِّلْع - بالكَسْر - الاسمُ، من قَولِهم: اطَّلَع على الشىّءِ، إذا أشرَف عليه أو عَلِمَه. وهو بِطِلَع الوَادِى: أي بحذائِه. والطَّلْع: وِعاءُ مَبْدأ البُسْر والتَّمرِ.
- في الحديث: "كان كِسْرَى يَسْجُد للطَّالِع"
الطَّالِع ها هُنَا من السِّهامِ؛ الذي يُجاوِز الهَدَف ويعَلوه، وقد أَطلعَه الرَّامِى وكانوا يَعُدُّونه كالمُقَرطِس، وسُجُودُه له أن يَتَطامَن له إذا رَمَى: أي يُسلِم لِرامِيه ويَسْتَسْلم.
- في صِفَة القرآن: "لكل حدٍّ مُطَّلَع"
قال ابن خُزَيْمة: أي مُنْتَهَك يَنْتَهكه مُرْتكِبه. ومعَنَى الحديث: أَنَّ الله تَعالَى لم يُحرِّم حُرمَةً إلاَّ عَلِم أن سَيَطَّلِعُها مُسْتَطلِع.
وقال أبو عبيد: أي لكل حَدٍّ مَصْعَد: أي يُصْعَد منه في مَعِرفَة عِلمِه. والمُطَّلع : المَصْعَد من أَسفَل إلى المكانِ المُشْرِف، وهذا من الأَضْدَادِ.
وقال الحسن: أي جَماعَة يَطَّلعُون يعملون به.
(طلع) النّخل خرج طلعه والكيل وَنَحْوه ملأَهُ
(طلع)
الشَّمْس أَو الْكَوْكَب طلوعا بدا وَظهر من علو. وَيُقَال: طلع مِنْهُ أَو فِيهِ على كَذَا عرفه فِيهِ وَالنَّخْل خرج طلعها وَعَلِيهِ أقبل وهجم وأتى فَجْأَة وَعنهُ غَابَ حَتَّى لَا يرَاهُ والسهم وَنَحْوه عَن الهدف جاوزه وَالشَّيْء وَفِيه علاهُ وَصعد فِيهِ وَالْمَكَان بلغه وقصده
[طلع] نه: فإنه لا يربع على "ظلعك" من ليس يحزنه أمرك، هو بالسكون العرج، من ظلع فهو ظالع، أي لا يقيم عليك حال ضعفك وعرجك إلا من يهتم لأمرك ويحزنه أمرك، وربع في المكان إذا أقام به. ومنه: ولا العرجاء البين "ظلعها". وح على يصف الصديق: علوت إذا "ظلعوا"، أي انقطعوا وتأخروا لتقصيرهم. وح: ليستأن بذات النقب و"الظالع"، أي بذات الجرب والعرجاء. وفيه: أعطى قومًا أخاف "ظلعهم"، هو بفتح لام أي ميلهم عن الحق وضعف إيمانهم، وقيل: ذنبهم، وأصله داء في قوائم الدابة تغمز منها، ورجل ظالع أي مائل مذنب. ك: أخاف "طلعهم"- بفتحتين. غ: ومنه: أربع على "ظلعك"، أي ارفق بنفسك أي أنك ضعيف فانته عما لا تطيقه.
طلع وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث الْحسن لِأَن أعلم أَنِّي بريءٌ من النِّفاق أحَبُّ إليّ من طِلاع الأَرْض ذَهَبا. قَالَ الْأَصْمَعِي: طِلاع الأَرْض مِلْؤُها يُقَال: قَوس طِلاع الكفَّ إِذا كَانَ عَجْسها يمْلَأ الْكَفّ قَالَ أَوْس بن حجر يصف قوسا: (الطَّوِيل)

كَتُومٌ طِلاعُ الكفّ لَا دون مِلئها ... وَلَا عَجْسها عَن مَوضِع الكفِّ أفْضَلا

قَالَ أَبُو عبيد: وأحسب الطَّلاع إِنَّمَا هُوَ أَن يُطالع الشَّيْء بالشَّيْء حَتَّى يُساويه فَجعل مِلأ الأَرْض يُسَاوِي أَعْلَاهَا وَكَذَلِكَ مَا أشبهه. 
طلع وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث عمر حِين قَالَ عِنْد مَوته: لَو أنّ لي مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا لافتديت بِهِ من هول المُطَّلع. قَالَ الْأَصْمَعِي: المطلع هُوَ مَوضِع الِاطِّلَاع من إشراف إِلَى انحدار. قَالَ أَبُو عبيد: فشبّه مَا أشرف عَلَيْهِ من أَمر الْآخِرَة بذلك وَقد يكون المطلع المصعد من أَسْفَل إِلَى الْمَكَان المشرف وَهَذَا من الأضداد. وَمِنْه حَدِيث عبد الله فِي ذكر الْقُرْآن: لكلّ حرف مِنْهُ حدّ ولكلّ حدّ مُطَّلَع. قيل: مَعْنَاهُ لكل حدّ مَصْعَد يصعد إِلَيْهِ يَعْنِي فِي معرفَة علمه وَمِنْه قَول جرير ابْن الخطفي: [الْكَامِل]

إِنِّي إِذا مُضَرٌ عليّ تّحَدَّبَتْ ... لاقيتُ مُطَّلَع الجِبالِ وُعُورا

يَعْنِي مَصْعدها. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: قَوْله: لكل حدّ مُطَّلَع يَقُول: مأتيً يُؤْتى مِنْهُ وَهُوَ شَبيه الْمَعْنى بالْقَوْل الأول يُقَال: مُطَّلع هَذَا الْجَبَل من مَكَان كذاوكذا أَي مصعده ومأتاه.
طلع
طَلَعَ الشمسُ طُلُوعاً ومَطْلَعاً. قال تعالى:
وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ
[طه/ 130] ، حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
[القدر/ 5] ، والمَطْلِعُ: موضعُ الطُّلُوعِ، حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ
[الكهف/ 90] ، وعنه استعير: طَلَعَ علينا فلانٌ، واطَّلَعَ. قال تعالى: هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ
[الصافات/ 54] ، فَاطَّلَعَ
[الصافات/ 55] ، قال: فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى
[غافر/ 37] ، وقال: أَطَّلَعَ الْغَيْبَ [مريم/ 78] ، لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى
[القصص/ 38] ، واسْتَطْلَعْتُ رأيَهُ، وأَطْلَعْتُكَ على كذا، وطَلَعْتُ عنه: غبت، والطِّلاعُ: ما طَلَعَتْ عليه الشمسُ والإنسان، وطَلِيعَةُ الجيشِ: أوّل من يَطْلُعُ، وامرأةٌ طُلَعَةٌ قُبَعَةٌ : تُظْهِرُ رأسَها مرّةً وتستر أخرى، وتشبيها بالطُّلُوعِ قيل: طَلْعُ النَّخْلِ.
لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ
[ق/ 10] ، طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ
[الصافات/ 65] ، أي: ما طَلَعَ منها، وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ
[الشعراء/ 148] ، وقد أَطْلَعَتِ النّخلُ، وقوسٌ طِلَاعُ الكفِّ: ملءُ الكفِّ.
(ط ل ع) : (طُلُوعُ) الشَّمْسِ مَعْرُوفٌ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ كُلُّ مَا بَدَا لَكَ مِنْ عُلُوٍّ فَقَدْ طَلَعَ (وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) حَتَّى تَطْلُعَ الدَّرْبَ قَافِلًا أَيْ تَخْرُجَ مِنْهُ عَلَى حَذْفِ حَرْفِ الْجَارِّ أَوْ مِنْ (طَلَعَ) الْجَبَلَ إذَا عَلَاهُ (وَأَطْلَعَ) مِنْ بَابِ أَكْرَمَ لُغَةٌ فِي اطَّلَعَ بِمَعْنَى أَشْرَفَ (وَمِنْهُ) قَوْلُهُ الَّتِي اطَّلَعَتْ فَهِيَ طَالِقٌ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ (وَالطَّلِيعَةُ) وَاحِدَةُ الطَّلَائِعِ فِي الْحَرْبِ وَهُمْ الَّذِينَ يُبْعَثُونَ لِيَطَّلِعُوا عَلَى أَخْبَارِ الْعَدُوِّ وَيَتَعَرَّفُوهَا قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ وَقَدْ يُسَمَّى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ فِي ذَلِكَ طَلِيعَةً وَالْجَمِيعُ أَيْضًا إذَا كَانُوا مَعًا (وَفِي كَلَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) الطَّلِيعَةُ الثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَهِيَ دُونَ السَّرِيَّةِ (وَالطَّلْعُ) مَا يَطْلُعُ مِنْ النَّخْلَةِ وَهُوَ الْكِمُّ قَبْلَ أَنْ يَنْشَقَّ وَيُقَالُ لِمَا يَبْدُو مِنْ الْكِمِّ طَلْعٌ أَيْضًا وَهُوَ شَيْءٌ أَبْيَضُ يُشْبِهُ بِلَوْنِهِ الْأَسْنَانَ وَبِرَائِحَتِهِ الْمَنِيَّ وَقَوْلُهُ) طَلْعُ الْكُفُرَّى إضَافَةُ بَيَانٍ وَأَطْلَعَ النَّخْلُ خَرَجَ طَلْعُهُ (وَأَطْلَعَ) نَبْتُ الْأَرْضِ خَرَجَ (وَطِلَاعُ الْإِنَاءِ) مِلْؤُهُ لِأَنَّهُ يَطْلُعُ مِنْ نَوَاحِيهِ عِنْدَ الِامْتِلَاءِ.
ط ل ع : طَلَعَتْ الشَّمْسُ طُلُوعًا مِنْ بَابِ قَعَدَ وَمَطْلِعًا بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا وَكُلُّ مَا بَدَا لَك مِنْ عُلُوٍّ فَقَدْ طَلَعَ عَلَيْكَ وَطَلَعْتُ الْجَبَلَ طُلُوعًا يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ أَيْ عَلَوْتُهُ وَطَلَعْتُ فِيهِ رَقَيْتُهُ وَأَطْلَعْتُ زَيْدًا عَلَى كَذَا مِثْلُ أَعْلَمْتُهُ وَزْنًا وَمَعْنًى فَاطَّلَعَ عَلَى افْتَعَلَ أَيْ أَشْرَفَ عَلَيْهِ وَعَلِمَ بِهِ وَالْمُطَّلَعُ مُفْتَعَلٌ اسْمُ مَفْعُولٍ مَوْضِعُ الِاطِّلَاعِ مِنْ الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ إلَى الْمُنْخَفِضِ وَهَوْلُ الْمُطَّلَعِ مِنْ ذَلِكَ شَبَّهَ مَا يُشْرِفُ عَلَيْهِ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ بِذَلِكَ وَالطَّلِيعَةُ الْقَوْمُ يُبْعَثُونَ أَمَامَ الْجَيْشِ يَتَعَرَّفُونَ طِلْعَ الْعَدُوِّ بِالْكَسْرِ أَيْ خَبَرَهُ وَالْجَمْعُ طَلَائِعُ.

وَالطَّلْعُ بِالْفَتْحِ مَا يَطْلُعُ مِنْ النَّخْلَةِ ثُمَّ يَصِيرُ ثَمَرًا إنْ كَانَتْ أُنْثَى وَإِنْ كَانَتْ النَّخْلَةُ ذَكَرًا لَمْ يَصِرْ ثَمَرًا بَلْ يُؤْكَلُ طَرِيًّا وَيُتْرَكُ عَلَى النَّخْلَةِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً حَتَّى يَصِيرَ فِيهِ شَيْءٌ أَبْيَضُ مِثْلُ الدَّقِيقِ
وَلَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ فَيُلْقَحُ بِهِ الْأُنْثَى وَأَطْلَعَتْ النَّخْلَةُ بِالْأَلِفِ أَخْرَجَتْ طَلْعَهَا فَهِيَ مُطْلِعٌ وَرُبَّمَا قِيلَ مُطْلِعَةٌ وَأَطْلَعَتْ أَيْضًا طَالَتْ. 

طلع


طَلَعَ(n. ac. طُلُوْع)
a. Rose, appeared (sun); sprouted, shot up (
vegetation ); came through (tooth).
b. Ascended (mountain).
c.
(n. ac.
طُلُوْع) ['Ala], Came to; came upon; fell upon.
d. Reached, arrived at.
e. ['An], Absented himself from.
f. [Min], Went out from; arose, originated from.
g. ['Ala], Knew, understood, mastered.
h. [ coll. ], Became; turned out
ended ill or well.
i. ['Ala] [ coll. ], Occurred to, came
into ( the mind of ).
طَلَّعَa. Sprouted, budded (palm-tree).
b. Filled (measure).
c. Raised; made to go up higher.
d. [Ala] [ coll. ], Looked at, saw
caught sight of.
طَاْلَعَa. Inspected, examined, surveyed; contemplated;
studied.
b. [acc. & Bi], Explained, expounded to.
أَطْلَعَa. Appeared, rose (star).
b. Sprouted, budded (plant).
c. [acc. & 'Ala], Acquainted with, informed of, communicated to
taught, imparted to.
d. [Ila], Conferred upon (benefit).
e. Vomited.
f. ['Ala], Came to; came upon.
تَطَلَّعَa. Was full (measure).
b. [Ila], Looked at; looked forward to, expected.
c. [Fī], Considered, contemplated, scrutinized, gazed upon.
d. ['Ala], Looked for, sought.
e. see VIII (a)
إِطْتَلَعَ
(ط)
a. Knew, was acquainted with; learned.
b. ['Ala], Saw, perceived; looked at, gazed upon; studied;
scrutinized; inspected, examined.
c. see I (c) (d).
إِسْتَطْلَعَa. Made inquiries about; sought to know, to find
out.

طَلْعa. Spadix; spathe ( of the palmtree ).
b. Number; quantity, measure.
c. see 2 (a)
طَلْعَةa. Aspect, look; face, countenance.
b. Ascent, acclivity; slope, incline.

طِلْعa. Height, acclivity.
b. Tract, region.

مَطْلَع
مَطْلِع
(pl.
مَطَاْلِعُ)
a. Place of rising ( of the stars & c. ).
b. Height; watch-tower.
c. Introduction ( of a poem ).
d. Ladder.

طَاْلِع
(pl.
طَوَاْلِعُ)
a. Rising; appearing.
b. New moon.
c. Early dawn.
d. Horoscope.
e. Arrow that overshoots the mark.
f. A kind of noria.

طِلَاْع
(pl.
طُلْع)
a. Measure; fulness.

طَلِيْعَة
(pl.
طَلَاْئِعُ)
a. Scout.
b. Advanced guard.

طُلُوْع
(pl.
طُلُوْعَات)
a. Rising, ascent.
b. [ coll. ], Pustule, gathering.

طُلَعَآءُa. Vomit.

N. Ag.
طَاْلَعَa. Student.

N. Ag.
إِطْتَلَعَa. Powerful; high, eminent.

طَوْلَع
a. see 43
[طلع] طَلَعَتِ الشمسُ والكوكبُ طُلوعاً ومَطْلِعاً ومطلعاً. والمَطْلَعُ والمَطْلِعُ أيضاً: موضعُ طلوعها. قال ابن السكيت: طَلَعْتُ على القوم، إذا أتيتهم. وقد طَلَعتُ عنهم، إذا غبتَ عنهم. وطَلِعْتُ الجبل بالكسر، أي علوته. وفى الحديث: " لا يهيدنكم الطالِعُ "، يعني الفجر الكاذب . واطَّلعتُ على باطن أمره، وهو افْتَعَلْتُ. وطالعه بكتبه. وطالعت الشئ، أي اطلعت عليه. وتطلعت إلى ورود كتابك. والطَلْعَةُ: الرؤية . والطَلْعُ: طَلْعُ النخلة. واطلعَ النخلُ، إذا خرج طلعُهُ. وأطْلَعْتُكَ على سِرِّي. ونخلةٌ مُطْلِعَةٌ أيضاً، إذا طالَتِ النخيلَ، أي كانت أطولَ من سائرها. وأَطلَعَ الرامي، أي جاز سهمُه من فوق الغَرَض. وأَطْلَعَ، أي قاء. والطلعاء، مثال الغلواء: القئ. واستطلعت رأى فلان. والطِلْعُ بالكسر: الاسم من الإطِّلاع. تقول منه: اطَّلِعْ طِلْعَ العدوِّ. ويقال أيضاً: كُنْ بطِلْعِ الوادي وطلع الوادي، بالفتح والكسر، كلاهما صواب. والمطلع: المأتى. يقال: أين مُطَّلَعُ هذا الأمر، أي مأتاه، وهو موضع الإطِّلاعِ من إشرافٍ إلى انحدارٍ. وفي الحديث: " مِنْ هَوْلِ المُطَّلع " شبَّه ما أشرف عليه من أمر الآخرة بذلك. وطَليعَةُ الجيش: من يُبْعَثُ ليَطَّلِعَ طِلْعَ العدوِّ. وطِلاعُ الشئ: ملؤه. قال الشاعر يصف قوسا كتوم طِلاعُ الكَفِّ لا دونَ مِلْئِها * ولا عَجْسُها عن موضع الكَفِّ أفضلا * وقال الحسن: لان أعلم أنى برئ من النفاق أحبُّ إليَّ من طِلاعِ الأرض ذهبا. قال الاصمعي: طلاع الارض: ملؤها. ونفس طلعة، مثال همزة، أي تكثر التطلع للشئ. وكذلك امرأة طلعة. قال الزبرقان بن بدر: " إنَّ أَبْغَضَ كنائني إلى الطلعة الخبأة ". وطويلع: ماء لبنى تميم بالشاجنة ناحية الصمان. وقال : وأى فتى ودعت يوم طويلع * عشية سلمنا عليه وسلما
طلع
طَلَعَتِ الشَمْسُ طُلُوْعاً وطَلْعاً ومَطْلَعاً.
والمَطْلِعُ: المَكانُ. والوَقْت، وكذلك الطِّلاَع: ما طَلَعَت عليه الشَمْسُ من الأرْض.
وطَلَعَ علينا: هَجَمَ. وأقْبَلَ، طُلُوْعاً. وطَلْعَتُه: رُؤيتُه.
وطَلَعَ عَنّا طُلُوْعاً: أدْبَرَ. وأطْلَعَ رَأسَه واطلَعَ: أشْرَفَ على الشًيْء. والطَلاعُ: الاطَلاَع نَفْسُه. وأطْلَعْتُه على ما لم يَعْلَمْه، والاسْمُ: الطلْعُ؛ تقول: أطْلِعْني طِلْعَ هذا الأمْرِ.
وطالَعْتُه: أتَيْتَه فَعَرَفْتَ ما عِنده. والطلِيْعَةُ: الدَيدَبَانُ، يُقال لِوَاحد وجَمَاعَةٍ، والجَمع الطَلائع.
ونَفْسُه طُلَعَةٌ إلى هذا الأمْر وانَها لَتطًلع إليه: أي تُنَازعُ.
وامْرأةٌ طُلَعَة: تَنْظُر تارةً وتَنْتَحي أخْرى. وأطْلَعَتِ النًخْلَةُ: أخْرَجَت طَلْعَها، الواحدة: طَلْعَة، وهي شَحْمُها، ويُجْمَع الطلْعُ على الطلُوْع. وكذلك يُقال: أطْلَعَ نَبْتُ الأرض: أي خَرَجَ.
ونَخْلَة مُطْلِعَةٌ: التي إِذا طالَتِ النًخْلُ كانتْ أطْوَلَ منها.
والطلَعَاءُ: القَيء، وقد أطْلَعَ: أي قاءَ، وهو من: طَلَعْتُ كَيْلَه فَتَطَلًعَ: أي مَلأته ففاض.
وقَدَحٌ طِلاعٌ: أي مُمْتَلىء. وكذلك عَيْنٌ طِلاعٌ، ومنه: قَوْسٌ طِلاعٌ: أي يَمْلأ مقبضُها الكَف.
والطالِعُ من السهَام: الذي تَجَاوَزَ الغَرَضَ من أعْلاه شيئاً.
وفُلان بِطِلْع الوادي: أي بحِذَائه. والمَطْلَعُ: الطَريقُ في الجَبَل، يُقال: طَلَعْتُ الجَبَلَ وأطلَعْتُه: أي صَعِدْته. وأطْلَعْتُ من الجانب الآخَر: أي انْحدَرْت.
وفي مَثَل: " هو على مَطْلَع الثنِية ": أي ظاهِرٌ بارِز، ومِثْلُه: " الشَر يُلْقى مَطالِعَ الأكَم ".
وهو مُطلِعٌ لذلك الأمْر: أي عالٍ وقاهِر. ويُقال: عافَاكَ اللَهُ من رَجُل لم يَتَطَلَعْ في فِيّ: أي لم يَتَعَقًبْ كَلامي. والمُطلِعُ: الذي يَبْطِش ويُخَاصِم فوقَ قدْرِه. وهو يَتَطَلع: أي يَزِيْفُ في مِشْيته. وأخَذْتُ مالَه واسْتَطْلَعْتُه: ذَهَبْت به.
واسْتَطْلَعْتُ رَأْيَه: نَظَرْت ما عندَه. وطُويلِعُ: ماءٌ لِتميم.
[طلع] فيه: لكل حرف حد ولكل حد "مطلع"، أي لكل حد مصعد يصعد إليه من معرفة علمه، والمطلع مكان إطلاع من موضع عال، مطلع هذا الجبل من مكان كذا أي مأتاه ومصعده، وقيل: معناه أن لكل حد منتهكًا ينتهكه مرتكبه.حتى "تطلع" الثريا، أي مع الفجر الكاذب صباحًا ويقع في أول فصل الصيف عند اشتداد الحر في بلاد الحجاز. ك: ثم "طلع" المنبر- بفتح لام، أي أتاه، وبكسرها أي علاه. وح: حيث "يطلع" قرنا الشيطان، أي من أهل المشرق، فإن الشيطان ينتصب في محاذاة المطلع ليطلع جانبي رأسه فيقع السجدة من عبدة الشمس له. والمطلع الطلوع، هو بفتح لام مصدر وبكسرها اسم مكان. ن: "طلعة" ذكر- بالإضافة، وهو غشاء عليه. بي: حتى "تطلع" الشمس من مغربها، طلوعها منه إما بانعكاس حركة الفلك أو بحركة نفسها. ز: أي بسرعة حركة نفسها من المغرب عكس حركتها الحسية بواسطة حركة الفلك الأعظم. بي: والأول أظهر، وهل يستمر طلوعها بقية عمر العالم أو يومًا فقط لم يرد فيه شيء ومر في تاب. ك: أين تذهب هذه أي الشمس "فتطلع" من مغربها، أي عند قيام الساعة، والحديث مختصر وهو أنها تذهب حتى تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن، يقال لها: ارجعي من حيث تطلع، فتطلع من مغربها، فظهر أن الاستئذان إنما هو بالطلوع عن المشرق. ط: إذا لقد كان يقوم حين "يطلع" الفجر، أي إذا كان كذا أي يطول في القراءة لقد كان يقوم في الصلاة أول الوقت في الغلس.
ط ل ع

طلعت الشمس ومطلعها، وللشمس مطالع ومغارب. وأطلعها الله تعالى.

ومن المجاز: طلع علينا فلان: هجم. وطلع عنا: غاب. وطلع فلان من بعيد. وما هذا الإنسانفي طالعة إبلكم: في أولها. وحيّا الله تعالى طلعتك. وطلعت المرأة من خبائها. وامرأة طلعة قبعة. وعن الزبرقان: أبغض كنائني إلى الطلعة الخبأة. وإن نفسك لطلعة إلى هذا الأمر. وإنها لتطلع إليه أي تنازع. وتطلعت إلى ورود كتابك. وطلع النخل وأطلع: أخرج طلعه. وطلع النبات واطلع: خرج. وطلع السهم عن الهدف: جاوزه، وسهم طالع: واقع فوق العلامة وهو يعدل بالمقرطس. قال المرار:

لها أسهم لا قاصرات عن الحشا ... ولا شاخصات عن فؤادي طوالع

ورمى فأطلع وأشخص إذا مر سهمه على رأس الغرض. وملأت له القدح حتى كاد يطلع من نواحيه، ومه: قدح طلاع: ملآن. وقوس طلاع الكف: عجسها يملأ الكف. قال أوس:

كتوم طلاع الكف لا دون ملئها ... ولا عجسها عن موضع الكف أفضلا

وتطلع الماء من الإناء. وطلع كيله: ملأه جداً حتى تطلع. وعافى الله رجلاً لم يتطلع في فيك أي لم يتعقب كلامك. وعين طلاع: ملأى من الدمع. قال:

أمروا أمرهم لنوًى شطون ... فنفسي من ورائهم شعاع

وعيني يوم بانوا فاستمروا ... لنيّتهم وما ربعوا طلاع

ولو أن لي طلاع الأرض ذهباً. واستطلعت رأي فلان. قال عمر بن أبي ربيعة:

ألمّا بذات الخال فاستطلعا لنا ... على العهد باق ودها أم تصرما

وأطلع فلان إذا قاء وهو الطلعاء. وأطلعني على الأمر. وأطلعتك طلعه. واطلعت عليه. وفلان يطلع الوادي وبلبب الوادي: بحذائه. وطلعت الجبل واطلعته: علوته. قال القطامي:

يخفون طوراً وأحياناً إذا طلعوا ... طوداً بدا لي من أجمالهم بادي

وقال الطرماح:

وأثنى ثنايا المجد لم نطلع لهاعلى رغم من لم يطلع منقب المجد ومطلع هذا الجبل من مكان كذا: مصعده. قال جرير:

إني إذا مضر عليّ تحدبت ... لاقيت مطلع الجبال وعورا

ومن أين مطلع هذا الأمر: من أين مأتاه. ولكل أمر مطلع إما وعر وإما سهل. وهو طلاع أنجد. وأعوذ بالله من هول المطلع: من هول ما يأتيه ويطلع عليه من أمر الآخرة. وهذا لك مطلع الأكمة أي حاضر بين ومعناه أنه قريب منك في مقدار ما تطلع الأكمة. ويقال: الشر يلقى مطالع الأكم أي بارزا مكشوفاً. واطلعته عيني: اقتحمته وازدرته. واطلعت الفجر: نظرت إليه حين طلع. قال:

إذا قلت هذا حين أسلو يهيجنينسيم الصبا من حيث يطلع الفجر وروي: يطلع أي يطلع. وفلان مطلع لهذا الأمر: عال له قادر عليه. وأتيت قومي فطالعتهم: نظرت ما عندهم. واطلعت عليه. وطالعت ضيعتي. وأنا أطالعك بحقيقة الأمر: أطلعك عليه. وطالعني كل وقت بكتبك.
(ط ل ع)

طَلَعَتِ الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم، تطْلُعُ طُلُوعا ومَطْلِعا، وَهُوَ أحد مَا جَاءَ من مصَادر " فَعَل يفْعُل " على مَفعِل، وَالْفَتْح فِيهِ لُغَة، وَهُوَ الْقيَاس، وَالْكَسْر أشهر. وآتيك كل يَوْم طَلَعَتْه الشَّمْس: أَي طَلعت فِيهِ. وَفِي الدُّعَاء: طَلَعَت الشَّمْس وَلَا تَطْلُع بِنَفس أحد منا. عَن الَّلحيانيّ أَي لَا مَاتَ وَاحِد منا مَعَ طُلوعها. أَرَادَ: وَلَا طَلَعَتْ، فَوضع الْآتِي مَوضِع الْمَاضِي. وأطلع: لُغَة فِي ذَلِك كُله. قَالَ رؤبة:

كأنَّهُ كَوكبُ غَيْمٍ أطْلَعا

وطِلاع الأَرْض: مَا طَلَعَت عَلَيْهِ الشَّمْس مِنْهَا. وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ: " لَو أَن لي طِلاعَ الأَرْض ذَهَبا لافتديت بِهِ من هول المطلع ". وَقيل: طلاع الأَرْض: ملؤُهَا حَتَّى يُطالِعَ أَعْلَاهُ أَعْلَاهَا، فيساويه. وَمِنْه قَول أَوْس بن حجر، يصف قوسا وَغلظ معجسها:

كَتُومٌ طِلاعُ الكَفّ لَا دُونَ مِلْئِها ... وَلَا عَجْسُها عَن مَوضِع الكَفّ أفْضَلا

وطَلَع الرجل على الْقَوْم يَطْلَعُ ويطلُع طُلوعا، وأطْلَع: هجم. الْأَخِيرَة عَن سِيبَوَيْهٍ. وطَلَع عَلَيْهِم: غَابَ. وَهُوَ من الأضداد.

وطَلْعة الرجل: شخصه وَمَا طَلَع مِنْهُ.

وتطَلَّعه: نظر إِلَى طَلْعَته نظر حب أَو بغضة أَو غَيرهمَا. وَفِي الْخَبَر عَن بَعضهم: انه كَانَت تَطَلَّعُه الْعين صُورَة.

وطَلِعَ الْجَبَل، وطَلَعَه يطْلَعُه طُلُوعا: رقِيه. وطَلَعَت سنّ الصَّبِي: بَدَت شباتها. وكل باد من علو: طالع. وَفِي الحَدِيث: هَذَا بسر قد طَلَع الْيمن، أَي قَصدهَا من نجد.

وأطلَعَ رَأسه: إِذا أشرف على شَيْء. وَكَذَلِكَ اطَّلَع، وأطلعَ غَيره، واطَّلَعَه. وَالِاسْم: الطَّلاعُ.

وأطْلَعَه على الْأَمر: أعلَمه بِهِ. وَالِاسْم: الطِّلْعُ.

وطَلَعَ على الْأَمر يَطْلُع طُلوعا، واطَّلَعَه، وتَطَلَّعَه: علمه.

وطالَعَهُ: أَتَاهُ فَنظر مَا عِنْده. قَالَ قيس ابْن ذريح:

كأنَّكَ بِدْعٌ لم تَرَ النَّاسَ قَبلَهمْ ... وَلم يَطَّلِعْكَ الدَّهْرُ فِيمَن يُطالِعُ

واسْتَطْلَعَ رَأْيه: نظر مَا هُوَ.

والطَّلِيعة: الْقَوْم يبعثون لمطالعة خبر الْعَدو. الْوَاحِد وَالْجمع فِيهِ سَوَاء. وطَليعة الْقَوْم: الَّذِي يَطْلُع من الْجَيْش.

وَامْرَأَة طُلَعَة: تكْثر التَّطَلُّع. وَنَفس طُلَعَة: شهمة متطلعة. على الْمثل. وَكَذَلِكَ الْجَمِيع. وَفِي كَلَام حسن: إِن هَذِه النُّفُوس طُلَعة، فاقدعوها بالمواعظ، وَإِلَّا نرعت بكم إِلَى شَرّ غَايَة.

وَرجل طِلاَّع أنجد: غَالب للأمور. قَالَ:

وَقد يَقْصُرُ القُلُّ الفَتى دُونَ هَمَّهِ ... وَقد كَانَ لَوْلَا القُلُّ طَلاع أنْجُدِ

وتَطَلَّع الرجل: غَلبه وأدركه، أنْشد ثَعْلَب:

وأحْفَظُ جارِي أنْ أُخالِطَ عِرْسَهُ ... ومَوْلايَ بالنَّكْرَاءِ لَا أتَطَلَّعُ

والطِّلْع من الْأَرْضين: كل مطمئن فِي كل ربو، إِذا طَلَعْتَ رَأَيْت مَا فِيهِ. وطِلْع الأكمة: مَا إِذا علوته مِنْهَا، رَأَيْت مَا حولهَا.

ونخلة مُطْلِعَة: مشرفة على مَا حولهَا.

والطَّلْع: نور النَّخْلَة، مَا دَامَ فِي الكافور. الْوَاحِدَة: طَلْعة. وطَلَع النّخل طُلُوعا، وأطْلَعَ وطَلَّع: أخرج طَلْعَه.

وأطْلَعَ الشّجر: أوْرَق. وأطْلَعَ الزَّرْع: بدا.

والطُّلَعاء: الْقَيْء.

وأطْلَع الرجل: قاء.

وقوس طِلاعُ الْكَفّ: يمْلَأ عجسها الْكَفّ، وَهَذَا طِلاع هَذَا: أَي قدره. وَمَا يسرني بِهِ طِلاع الأَرْض ذَهَبا: أَي ملؤُهَا.

وَهُوَ بِطَلْعِ الْوَادي، وطِلْعِ الْوَادي: أَي ناحيته. أجْرى مجْرى وزن الْجَبَل.

والاطِّلاعُ: النجَاة عَن كرَاع.

وأطْلَعَتِ السَّمَاء: بِمَعْنى أقلعت.

وطُوَيْلِع: مَاء لبني تَمِيم.
طلع
طلَعَ/ طلَعَ بـ/ طلَعَ على/ طلَعَ في/ طلَعَ من يَطلُع، طُلُوعًا، فهو طالِع، والمفعول مطلوع (للمتعدِّي)
• طلَع القمرُ أو الشمسُ أو النورُ: بدا وظهر وانكشف "طلَع البدرُ- طلَعت النجومُ- {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ} ".
• طلَع النباتُ: نبَت "طلَع الزرعُ- طلَعت الخُضرةُ" ° طلَعت سِنُّه: برزت.
• طلَعت النخلةُ: خرج طلعها.
• طلَع الجبلَ/ طلَع في الجبل: صَعِدَه وعلاه "طلَع السُّلّم- طلَع في الطائرة".
• طلَعَ بالشَّيء: أظهره، أتى به جديدًا "طلع بفكرة رائعة".
• طلَع على القوم:
1 - أقبل عليهم، أتاهم "طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ [حديث] ".
2 - هجَم عليهم "طلَع عليهم اللِّصُّ لَيْلاً".
• طلَع من بيته: خرَج منه "طلَع من البلاد". 

أطلعَ يُطلع، إطلاعًا، فهو مُطِلع، والمفعول مُطلَع (للمتعدِّي)
• أطلع النَّخلُ: خرج طَلْعُه.
• أطلع الشَّجرُ أو النَّباتُ: أورق.
• أطلع الزَّرعَ بالماء: جعله يبدو ويظهر.
• أطلعه السِّرَّ/ أطلعه على السِّرِّ: أعلمه به، أظهره له "أطلعه على ما حدث في غيابه- أطلعه على مكنون نفسه- {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} ". 

استطلعَ يستطلع، استطلاعًا، فهو مُستطلِع، والمفعول مُستطلَع
• استطلع الرَّأيَ ونحوَه: طلَب الاطّلاعَ عليه وأراد معرفته واستكشافه "استطلع رأيَ صديقه في مسألة- استطلع مواقعَ/ أخبار العدوّ- استطلع هلالَ رمضان".
• استطلع الشَّخصَ:
1 - طلَب طلوعَه.
2 - سأله عن حقيقة أمره. 

اطَّلعَ/ اطَّلعَ إلى/ اطَّلعَ على يَطَّلِع، اطِّلاعًا، فهو مُطَّلِع، والمفعول مُطَّلَع
• اطَّلع الأمرَ/ اطَّلع على الأمر: تعرّف عليه، علم به "اطّلع المحامي على ملف القضيَّة- اطّلع الخبر- {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا} ".
• اطَّلع إلى المستقبل: نظر إليه "اطّلع إلى التطور التكنولوجي- {لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} ".
• اطَّلع على المكان: أشرف عليه. 

تطلَّعَ إلى/ تطلَّعَ في يتَطلَّع، تطلُّعًا، فهو مُتطلِّع، والمفعول مُتطلَّع إليه
• تطلَّع إلى عينيه/ تطلَّع في عينيه: نظر إليهما "تطلَّع في وجوه النَّاس".
• تطلَّع إلى لقاء صديقه: ترقَّب حدوثه بشوق، طمح إليه، تمنَّاه ورغب فيه "تطلَّع إلى ما وراء المستقبل- تطلَّع إلى حياة أفضل" ° فلانٌ كثير التَّطلُّعات: طموح- فلانٌ يتطلَّع في فم فلان: يتعقَّب كلامه. 

طالعَ/ طالعَ في يُطالِع، مطالعةً، فهو مُطالِع، والمفعول مُطالَع
• طالَع الــبحثَ/ طالع في الــبحث: قرأه، أدام النَّظرَ فيه "طالع كتابًا في الشِّعر- طالع روايةً قصيرة" ° قاعة المطالعة: حجرة في مكتبة عامّة تُخصَّص للقراءة والاطِّلاع.
• طالعه بالأمر: عرضه عليه. 

استطلاع [مفرد]:
1 - مصدر استطلعَ.
2 - بحث حول موضوع معين يشمل وصفًا لمختلف جوانبه من خلال مجموعة أسئلة توجَّه إلى مجموعة أشخاص للحصول على معلومات حول موضوع الــبحث ° استطلاع رأي: طريقة فنِّيَّة لجمع المعلومات التي تُستخدم في استطلاع رأي مجموعة من الناس في مكان مُعيَّن ووقت مُعيَّن عن موضوع مُعيَّن، ويتمّ ذلك بمقابلة أفراد هذه المجموعة وسؤالهم أو توزيع الأسئلة عليهم للإجابة عنها- استطلاعٌ صَحَفِيّ: بحث يقوم
 به كاتب أو أكثر، ويشتمل على تحقيق مكان أو حادث بالوصف والتصوير، أو عملية إعداد الأخبار أو المعلومات في تقارير- حُبُّ الاستطلاع: الميل إلى الاطلاع والمعرفة- رحلة استطلاعيَّة: رحلة للتعرف على الأشياء وجمع المعلومات.
3 - محاولة لاكتشاف مواقع العدوّ وضبط تحرّكاته وجمع معلومات عن وسائل دفاعه لتقدير قوّته الحقيقيّة "تقوم الأقمار الصناعيّة بالدور الأكبر في عمليات الاستطلاع" ° طائرة استكشاف أو استطلاع: طائرة تجمع معلومات عن مكان معين، وتقوم بالتقاط الصور لمعرفة حالة العدو. 

تطلُّع [مفرد]:
1 - مصدر تطلَّعَ إلى/ تطلَّعَ في.
2 - رغبة مُلحّة تدفع الفرد إلى تحقيق مستوى أفضل مما هو فيه. 

طالِع [مفرد]: ج طالعون (للعاقل) وطُلّع وطَوَالع:
1 - اسم فاعل من طلَعَ/ طلَعَ بـ/ طلَعَ على/ طلَعَ في/ طلَعَ من.
2 - (فك) ما يتنبّأ به المنجِّم من الحوادث بطلوع كوكب معين "قرأ/ كشف طالعه" ° حسن الطَّالع: محظوظ- سَيِّئ الطالع: سيِّئ الحظ. 

طَلْع [جمع]: جج أَطْلُع وطُلُوع: (نت) غلاف يشبه الكوز ينفتح عن حبٍّ منضود فيه مادّة إخصاب النخلة " {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} ". 

طَلْعة [مفرد]: ج طَلَعات وطَلْعات:
1 - اسم مرَّة من طلَعَ/ طلَعَ بـ/ طلَعَ على/ طلَعَ في/ طلَعَ من.
2 - ما طلع من كلّ شيء "طلعة نخل/ نبات".
3 - وجه، رؤية "أنا مشتاق إلى طلعتك" ° بهيُّ الطَّلعة: جميل الخلق، ذو حُسن وجمال- مَهيب الطلعة: موضع الاحترام.
4 - ارتفاع ممتدّ ينحدر قليلاً من سطح الأرض أو غيره.
5 - (سك) قيام طائرة أو تشكيلة طائرات بالتحليق فوق مناطق العدو إما للاستكشاف وإما لضرب أهداف العدو "قام الطّيار بعدة طلعات- فشِلت أول طلعة للعدوّ". 

طُلَعَة [مفرد]: صيغة مبالغة من طلَعَ/ طلَعَ بـ/ طلَعَ على/ طلَعَ في/ طلَعَ من: كثير التطلُّع أو الطلوع (يستوي فيها المذكر والمؤنث). 

طَلاَّع [مفرد]: صيغة مبالغة من طلَعَ/ طلَعَ بـ/ طلَعَ على/ طلَعَ في/ طلَعَ من: كثير الطلوع "طلاّع إلى المعالي" ° طلاّع الثّنايا: مجرّب للأمور يُحسن تدبيرها بمعرفته وجودة رأيه، جَلْد يتحمل المشاقّ أو ساعٍ لمعالي الأمور. 

طُلوع [مفرد]: مصدر طلَعَ/ طلَعَ بـ/ طلَعَ على/ طلَعَ في/ طلَعَ من. 

طَليعة [مفرد]: ج طَلائِعُ
• طليعة الجيش ونحوه:
1 - مقدّمته، تقال للواحد والجمع "طلائع المحاربين- كان في طليعة الشعراء المجدّدين" ° في الطليعة: متقدِّم، من الأوائل.
2 - من يُبعث قُدَّام الجيش ليطَّلع على أحوال الأعداء. 

طَليعيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى طَليعة: من يتقدَّم أهل زمانه بجرأته وطموحه وبراعته ° الرُّوّاد الطَّليعيّون: جماعة نشطة في الاختراعات وتطبيق تقنيات جديدة في حقل معيَّن، خاصّة في الفنون.
• الأدب الطَّليعيّ: (دب) الأدب الذي يقوم بدور السّلف وبدور مُمهِّد السّبيل لأمر ما. 

مُطَّلِع [مفرد]:
1 - اسم فاعل من اطَّلعَ/ اطَّلعَ إلى/ اطَّلعَ على.
2 - مثقف، قارئ، يعرف الكثير من فروع المعرفة "ناقد مطَّلع". 

مَطْلَع1 [مفرد]: مصدر ميميّ من طلَعَ/ طلَعَ بـ/ طلَعَ على/ طلَعَ في/ طلَعَ من: " {سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} ". 

مَطْلَع2/ مَطْلِع [مفرد]: ج مطالِعُ:
1 - اسم زمان من طلَعَ/ طلَعَ بـ/ طلَعَ على/ طلَعَ في/ طلَعَ من: وقت الطُّلوع "مطلع الشمس السادسة صباحًا".
2 - اسم مكان من طلَعَ/ طلَعَ بـ/ طلَعَ على/ طلَعَ في/ طلَعَ من: " {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلَعَ الشَّمْسِ} [ق]- {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ} ".
3 - أوَّل الشيء "مَطْلَع الشَّباب- مَطْلَع القصيدة: أوّل بيت فيها".
4 - سُلّم، ومِصْعَد.
5 - (سق) مُقدّمة المعزوفة الموسيقيّة "مَطلع أغنية". 

طلع: طَلَعَتِ الشمس والقمر والفجر والنجوم تَطْلُعُ طُلُوعاً

ومَطْلَعاً ومَطْلِعاً، فهي طالِعةٌ، وهو أَحَد ما جاء من مَصادرِ فَعَلَ يَفْعُلُ

على مَفْعِلٍ، ومَطْلَعاً، بالفتح، لغة، وهو القياس، والكسر الأَشهر.

والمَطْلِعُ: الموضع الذي تَطْلُعُ عليه الشمس، وهو قوله: حتى إِذا بلغ

مَطْلِعَ الشمس وجدها تَطْلُع على قوم، وأَما قوله عز وجل: هي حتى مَطْلِعِ

الفجر، فإِن الكسائي قرأَها بكسر اللام، وكذلك روى عبيد عن أَبي عمرو

بكسر اللام، وعبيد أَحد الرواة عن أَبي عمرو، وقال ابن كثير ونافع وابن عامر

واليزيدي عن أَبي عمرو وعاصم وحمزة: هي حتى مَطْلَع الفجر، بفتح اللام،

قال الفراء: وأَكثر القراء على مطلَع، قال: وهو أَقوى في قياس العربية

لأَن المطلَع، بالفتح، هو الطلوع والمطلِع، بالكسر، هو الموضع الذي تطلع

منه، إِلا أَن العرب تقول طلعت الشمس مطلِعاً، فيكسرون وهم يريدون المصدر،

وقال: إِذا كان الحرف من باب فعَل يفعُل مثل دخل يدخل وخرج يخرج وما

أَشبهها آثرت العرب في الاسم منه والمصدر فتح العين،إِلا أَحرفاً من الأَسماء

أَلزموها كسر العين في مفعل، من ذلك: المسجِدُ والمَطْلِعُ والمَغْرِبُ

والمَشْرِقُ والمَسْقِطُ والمَرْفِقُ والمَفْرِقُ والمَجْزِرُ والمسْكِنُ

والمَنْسِكُ والمَنْبِتُ، فجعلوا الكسر علامة للاسم والفتح علامة للمصدر،

قال الأَزهري: والعرب تضع الأَسماء مواضع المصادر، ولذلك قرأَ من قرأَ: هي

حتى مطلِع الفجر، لأَنه ذَهَب بالمطلِع، وإِن كان اسماً، إِلى الطلوع مثل

المَطْلَعِ، وهذا قول الكسائي والفراء، وقال بعض البصريين: من قرأَ

مطلِع الفجر، بكسر اللام، فهو اسم لوقت الطلوع، قال ذلك الزجاج؛ قال

الأَزهري: وأَحسبه قول سيبويه. والمَطْلِعُ والمَطْلَعُ أَيضاً: موضع طلوعها.

ويقال: اطَّلَعْتُ الفجر اطِّلاعاً أَي نظرت إِليه حين طلَع؛ وقال:

نَسِيمُ الصَّبا من حيثُ يُطَّلَعُ الفَجْرُ

(* قوله« نسيم الصبا إلخ» صدره كما في الاساس:

إذا قلت هذا حين أسلو يهيجني)

وآتِيكَ كل يوم طَلَعَتْه الشمسُ أَي طلَعت فيه. وفي الدعاء: طلعت الشمس

ولا تَطْلُع بِنَفْسِ أَحد منا؛ عن اللحياني، أَي لا مات واحد منا مع

طُلُوعها، أَراد: ولا طَلَعَتْ فوضع الآتي منها موضع الماضي، وأَطْلَعَ لغة

في ذلك؛ قال رؤبة:

كأَنه كَوْكَبُ غَيْمٍ أَطْلَعا

وطِلاعُ الأَرضِ: ما طَلعت عليه الشمسُ. وطِلاعُ الشيء: مِلْؤُه؛ ومنه

حديث عمر، رحمه الله: أَنه قال عند موته: لو أَنَّ لي طِلاعَ الأَرضِ ذهباً؛

قيل: طِلاعُ الأَرض مِلْؤُها حتى يُطالِعَ أَعلاه أَعْلاها فَيُساوِيَه.

وفي الحديث: جاءه رجل به بَذاذةٌ تعلو عنه العين، فقال: هذا خير من

طِلاعِ الأَرض ذهباً أَي ما يَمْلَؤُها حتى يَطْلُع عنها ويسيل؛ ومنه قول

أَوْسِ بن حَجَرٍ يصف قوساً وغَلَظَ مَعْجِسها وأَنه يملأُ الكف:

كَتُومٌ طِلاعُ الكَفِّ لا دُونَ مِلْئِها،

ولا عَجْسُها عن مَوْضِعِ الكَفِّ أَفْضَلا

الكَتُوم: القَوْسُ التي لا صَدْعَ فيها ولا عَيْبَ. وقال الليث: طِلاعُ

الأَرضِ في قول عمر ما طَلَعَتْ عليه الشمسُ من الأَرض، والقول الأَوَّل،

وهو قول أَبي عبيد:

وطَلَعَ فلان علينا من بعيد، وطَلْعَتُه: رُؤْيَتُه. يقال: حَيَّا الله

طَلْعتك. وطلَع الرجلُ على القوم يَطْلُع وتَطَلَع طُلُوعاً وأَطْلَع: هجم؛

الأَخيرة عن سيبويه. وطلَع عليهم: أَتاهم. وطلَع عليهم: غاب، وهو من

الأَضْداد. وطَلعَ عنهم: غاب أَيضاً عنهم. وطَلْعةُ الرجلِ: شخْصُه وما طلَع

منه. وتَطَلَّعه: نظر إِلى طَلْعَتِه نظر حُبٍّ أَو بِغْضةٍ أَو غيرهما.

وفي الخبر عن بعضهم: أَنه كانت تَطَلَّعُه العين صورةً. وطَلِعَ الجبلَ،

بالكسر، وطلَعَه يَطْلَعُه طُلُوعاً: رَقِيَه وعَلاه. وفي حديث السُّحور:

لا يَهِيدَنَّكُمُ الطالِعُ، يعني الفجر الكاذِب. وطَلَعَتْ سِنُّ الصبي:

بَدَتْ شَباتُها. وكلُّ بادٍ من عُلْوٍ طالِعٌ. وفي الحديث: هذا بُسْرٌ قد

طَلَعَ اليَمَن أَي قَصَدَها من نجْد. وأطْلَعَ رأْسه إِذا أَشرَف على

شيء، وكذلك اطَّلَعَ وأَطْلَعَ غيرَه واطَّلَعَه، والاسم الطَّلاعُ.

واطَّلَعْتُ على باطِنِ أَمره، وهو افْتَعَلْتُ، وأَطْلَعَه على الأَمر:

أَعْلَمَه به، والاسم الطِّلْعُ. وفي حديث ابن ذي بزَن: قال لعبد المطلب:

أَطْلَعْتُك طِلْعَه أَي أَعْلَمْتُكَه؛ الطِّلع، بالكسر: اسم من اطَّلَعَ على

الشيء إِذا عَلِمَه. وطَلعَ على الأَمر يَطْلُع طُلُوعاً واطَّلَعَ

عليهم اطِّلاعاً واطَّلَعَه وتَطَلَّعَه: عَلِمَه، وطالَعَه إِياه فنظر ما

عنده؛ قال قيس بم ذريح:

كأَنَّكَ بِدْعٌ لمْ تَرَ الناسَ قَبْلَهُمْ،

ولَمْ يَطَّلِعْكَ الدَّهْرُ فِيمَنْ يُطالِعُ

وقوله تعالى: هل أَنتم مُطَّلِعُون فاطَّلَع؛ القرَّاء كلهم على هذه

القراءة إِلا ما رواه حسين الجُعْفِيّ عن أَبي عمرو أَنه قرأَ: هل أَنتم

مُطْلِعونِ، ساكنة الطاء مكسورة النون، فأُطْلِعَ، بضم الأَلف وكسر اللام،

على فأُفْعِلَ؛ قال الأَزهري: وكسر النون في مُطْلِعونِ شاذّ عند النحويين

أَجمعين ووجهه ضعيف، ووجه الكلام على هذا المعنى هل أَنتم مُطْلِعِيّ وهل

أَنتم مُطْلِعوه، بلا نون، كقولك هل أَنتم آمِرُوهُ وآمِرِيَّ؛ وأَما

قول الشاعر:

هُمُ القائِلونَ الخَيْرَ والآمِرُونَه،

إِذا ما خَشُوا من مُحْدَثِ الأَمْرِ مُعْظَما

فوجه الكلام والآمرون به، وهذا من شواذ اللغات، والقراء الجيدة الفصيحة:

هل أَنتم مُطَّلِعون فاطَّلَعَ، ومعناها هل تحبون أَن تطّلعوا فتعلموا

أَين منزلتكم من منزلة أَهل النار، فاطَّلَعَ المُسْلِمُ فرأَى قَرِينَه في

سواء الجحيم أَي في وسط الجحيم، وقرأَ قارئ: هل أَنتم مُطْلِعُونَ، بفتح

النون، فأُطْلِعَ فهي جائزة في العربية، وهي بمعنى هل أَنتم طالِعُونَ

ومُطْلِعُونَ؛ يقال: طَلَعْتُ عليهم واطَّلَعْتُ وأَطْلَعْتُ بمعنًى

واحد.واسْتَطْلَعَ رأْيَه: نظر ما هو. وطالَعْتُ الشيء أَي اطَّلَعْتُ عليه،

وطالَعه بِكُتُبه، وتَطَلَّعْتُ إِلى وُرُودِ كتابِكَ. والطَّلْعةُ:

الرؤيةُ. وأَطْلَعْتُك على سِرِّي، وقد أَطْلَعْتُ من فوق الجبل واطَّلَعْتُ

بمعنى واحد، وطَلَعْتُ في الجبل أَطْلُعُ طُلُوعاً إِذا أَدْبَرْتَ فيه حتى

لا يراك صاحبُكَ. وطَلَعْتُ عن صاحبي طُلُوعاً إِذا أَدْبَرْتَ عنه.

وطَلَعْتُ عن صاحبي إِذا أَقْبَلْتَ عليه؛ قال الأَزهري: هذا كلام العرب.

وقال أَبو زيد في باب الأَضداد: طَلَعْتُ على القوم أَطلُع طُلُوعاً إِذا

غِبْتَ عنهم حتى لا يَرَوْكَ، وطلَعت عليهم إِذا أَقبلت عليهم حتى يروك.

قال ابن السكيت: طلعت على القوم إِذا غبت عنهم صحيح، جعل على فيه بمعنى عن،

كما قال الله عز وجل: ويل لمطففين الذين إِذا اكتالوا على الناس؛ معناه عن

الناس ومن الناس، قال وكذلك قال أَهل اللغة أَجمعون. وأَطْلَعَ الرامي

أي جازَ سَهْمُه من فوق الغَرَض. وفي حديث كسرى: أَنه كان يسجُد للطالِعِ؛

هو من السِّهام الذي يُجاوِزُ الهَدَفَ ويَعْلُوه؛ قال الأَزهري: الطالِع

من السهام الذي يقَعُ وراءَ الهَدَفِ ويُعْدَلُ بالمُقَرْطِسِ؛ قال

المَرَّارُ:

لَها أَسْهُمٌ لا قاصِراتٌ عن الحَشَى،

ولا شاخِصاتٌ، عن فُؤادي، طَوالِعُ

أَخبر أَنَّ سِهامَها تُصِيبُ فُؤادَه وليست بالتي تقصُر دونه أَو

تجاوزه فتُخْطِئُه، ومعنى قوله أَنه كان يسجد للطالع أَي أَنه كان يخفض رأْسه

إِذا شخَص سهمُه فارتفع عن الرَّمِيّةِ وكان يطأْطئ رأْسه ليقوم السهم

فيصيب الهدف.

والطَّلِيعةُ: القوم يُبعثون لمُطالَعةِ خبر العدوّ، والواحد والجمع فيه

سواء. وطَلِيعةُ الجيش: الذي يَطْلُع من الجيش يُبعث لِيَطَّلِعَ طِلْعَ

العدوّ، فهو الطِّلْعُ، بالكسر، الاسم من الاطّلاعِ. تقول منه: اطَّلِعْ

طِلْعَ العدوّ. وفي الحديث: أَنه كان إِذا غَزا بعث بين يديه طَلائِعَ؛

هم القوم الذين يبعثون ليَطَّلِعُوا طِلْع العدوّ كالجَواسِيسِ، واحدهم

طَلِيعةٌ، وقد تطلق على الجماعة، والطلائِعُ: الجماعات؛ قال الأَزهري:

وكذلك الرَّبِيئةُ والشَّيِّفةُ والبَغِيَّةُ بمعنى الطَّلِيعةِ، كل لفظة

منها تصلح للواحد والجماعة.

وامرأَة طُلَعةٌ: تكثر التَّطَلُّعَ.ويقال: امرأَة طُلَعةٌ قُبَعةٌ،

تَطْلُع تنظر ساعة ثم تَخْتَبئُ. وقول الزِّبْرِقانِ بن بَدْرٍ: إِن

أَبْغَضَ كنائِني إِليَّ الطُّلَعةُ الخُبَأَةُ أَي التي تَطْلُعُ كثيراً ثم

تَخْتَبِئُ. ونفس طُلَعةٌ: شَهِيّةٌ مُتَطَلِّعةٌ، على المثل، وكذلك

الجمع؛ وحكى المبرد أَن الأَصمعي أَنشد في الإِفراد:

وما تَمَنَّيْتُ من مالٍ ولا عُمُرٍ

إِلاَّ بما سَرَّ نَفْسَ الحاسِدِ الطُّلَعَهْ

وفي كلام الحسن: إِنَّ هذه النفوسَ طُلَعةٌ فاقْدَعوها بالمواعِظِ وإِلا

نَزَعَتْ بكم إِلى شَرِّ غايةٍ؛ الطُّلَعةُ، بضم الطاء وفتح اللام:

الكثيرة التطلّع إِلى الشيء أَي أَنها كثيرة الميْل إِلى هواها تشتهيه حتى تهلك

صاحبها، وبعضهم يرويه بفتح الطاء وكسر اللام، وهو بمعناه،والمعروف

الأَوَّل.

ورجل طَلاَّعُ أَنْجُدٍ: غالِبٌ للأُمور؛ قال:

وقد يَقْصُرُ القُلُّ الفَتَى دونَ هَمِّه،

وقد كانَ، لولا القُلُّ، طَلاَّعَ أَنْجُدِ

وفلان طَلاَّعُ الثَّنايا وطَلاَّعُ أَنْجُدٍ إِذا كان يَعْلُو الأُمور

فيَقْهَرُها بمعرفته وتَجارِبِه وجَوْدةِ رأْيِه، والأَنْجُد: جمع

النَّجْدِ، وهو الطريق في الجبل، وكذلك الثَّنِيَّةُ. ومن أَمثال العرب: هذه

يَمِينٌ قد طَلَعَتْ في المَخارِمِ، وهي اليمين التي تَجْعل لصاحبها

مَخْرَجاً؛ ومنه قول جرير:

ولا خَيْرَ في مالٍ عليه أَلِيّةٌ،

ولا في يَمِينٍ غَيْرِ ذاتِ مَخارِمِ

والمَخارِمُ: الطُّرُقُ في الجبال، واحدها مَخْرِمٌ. وتَطَلَّعَ الرجلَ:

غَلَبَه وأَدْرَكَه؛ أَنشد ثعلب:

وأَحْفَظُ جارِي أَنْ أُخالِطَ عِرسَه،

ومَوْلايَ بالنَّكْراءِ لا أَتَطَلَّعُ

قال ابن بري: ويقال تَطالَعْتَه إِذا طَرَقْتَه ووافَيْتَه؛ وقال:

تَطالَعُني خَيالاتٌ لِسَلْمَى،

كما يَتَطالَعُ الدَّيْنَ الغَرِيمُ

وقال: كذا أنشده أَبو علي. وقال غيره: إِنما هو يَتَطَلَّعُ لأَن

تَفاعَلَ لا يتعدّى في الأكثر، فعلى قول أَبي عليّ يكون مثل تَخاطأَتِ النَّبْلُ

أَحشاءَه، ومِثْلَ تَفاوَضْنا الحديث وتَعاطَيْنا الكأْسَ وتَباثَثْنا

الأَسْرارَ وتَناسَيْنا الأَمر وتَناشَدْنا الأَشْعار، قال: ويقال

أَطْلَعَتِ الثُّرَيَّا بمعنى طَلَعَتْ؛ قال الكميت:

كأَنَّ الثُّرَيَّا أَطْلَعَتْ، في عِشائِها،

بوَجْهِ فَتاةِ الحَيِّ ذاتِ المَجاسِدِ

والطِّلْعُ من الأَرَضِينَ: كلُّ مطمئِنٍّ في كلِّ رَبْوٍ إِذا طَلَعْتَ

رأَيتَ ما فيه، ومن ثم يقال: أَطْلِعْني طِلْعَ أَمْرِكَ. وطِلْعُ

الأَكَمَةِ: ما إِذا عَلَوْتَه منها رأَيت ما حولها. ونخلة مُطَّلِعةٌ:

مُشْرِفةٌ على ما حولها طالتِ النخيلَ وكانت أَطول من سائرها. والطَّلْعُ:

نَوْرُ النخلة ما دامِ في الكافُور، الواحدة طَلْعةٌ. وطَلَعَ النخلُ طُلوعاً

وأَطْلَعَ وطَلَّعَ: أَخرَج طَلْعَه. وأَطْلَعَ النخلُ الطَّلْعَ

إِطْلاعاً وطَلَعَ الطَّلْعُ يَطْلُعُ طُلُوعاً، وطَلْعُه: كُفُرّاه قبل أَن

ينشقّ عن الغَرِيضِ، والغَرِيضُ يسمى طَلْعاً أَيضاً. وحكى ابن الأَعرابي عن

المفضل الضبّيّ أَنه قال: ثلاثة تُؤْكَلُ فلا تُسْمِنُ: وذلك الجُمَّارُ

والطَّلْعُ والكَمْأَةُ؛ أَراد بالطَّلْع الغَرِيض الذي ينشقّ عنه

الكافور، وهو أَوَّلُ ما يُرَى من عِذْقِ النخلة. وأَطْلَعَ الشجرُ: أَوْرَقَ.

وأَطْلَعَ الزرعُ: بدا، وفي التهذيب: طَلَعَ الزرعُ إِذا بدأَ يَطْلُع

وظهَر نباتُه.

والطُّلَعاءُ مِثالُ الغُلَواء: القَيْءُ، وقال ابن الأَعرابي:

الطَّوْلَعُ الطُّلَعاءُ وهو القيْءُ. وأَطْلَعَ الرجلُ إِطْلاعاً:

قاءَ.وقَوْسٌ طِلاعُ الكَفِّ: يملأُ عَجْسُها الكفّ، وقد تقدم بيت أَوس بن

حجر: كَتُومٌ طِلاعُ الكفِّ وهذا طِلاعُ هذا أَي قَدْرُه. وما يَسُرُّني

به طِلاعُ الأَرض ذهباً، ومنه قول الحسن: لأَنْ أَعْلم أَنِّي بَرِيءٌ من

النِّفاقِ أَحَبُّ إِليَّ من طِلاعِ الأَرض ذهباً.

وهو بِطَلْعِ الوادِي وطِلْعِ الوادي، بالفتح والكسر، أَي ناحيته، أُجري

مجرى وزْنِ الجبل. قال الأَزهري: نَظَرْتُ طَلْعَ الوادي وطِلْعَ

الوادي، بغير الباء، وكذا الاطِّلاعُ النَّجاةُ، عن كراع. وأَطْلَعَتِ السماءُ

بمعنى أَقْلَعَتْ.

والمُطَّلَعُ: المَأْتى. ويقال: ما لهذا الأَمر مُطَّلَعٌ ولا مُطْلَعٌ

أَي ما له وجه ولا مَأْتًى يُؤْتى إِليه. ويقال: أَين مُطَّلَعُ هذا

الأَمر أَي مَأْتاه، وهو موضع الاطِّلاعِ من إِشْرافٍ إِلى انْحِدارٍ. وفي حديث

عمر أَنه قال عند موته: لو أَنَّ لي ما في الأَرض جميعاً لافْتَدَيْتُ به

من هَوْلِ المُطَّلَعِ؛ يريد به الموقف يوم القيامة أَو ما يُشْرِفُ

عليه من أَمر الآخرة عَقِيبَ الموت، فشبه بالمُطَّلَعِ الذي يُشْرَفُ عليه

من موضع عالٍ. قال الأَصمعي: وقد يكون المُطَّلَعُ المَصْعَدَ من أَسفل

إِلى المكان المشرف، قال: وهو من الأَضداد. وفي الحديث في ذكر القرآن: لكل

حرْف حَدٌّ ولكل حدٍّ مُطَّلَعٌ أَي لكل حدٍّ مَصْعَدٌ يصعد إِليه من معرفة

علمه. والمُطَّلَعُ: مكان الاطِّلاعِ من موضع عال. يقال: مُطَّلَعُ هذا

الجبل من مكان كذا أَي مأْتاه ومَصْعَدُه؛ وأَنشد أَبو زيد

(* قوله« وأنشد

أبو زيد إلخ» لعل الأنسب جعل هذا الشاهد موضع الذي بعده وهو ما أنشده

ابن بري وجعل ما أنشده ابن بري موضعه) :

ما سُدَّ من مَطْلَعٍ ضاقَت ثَنِيَّتُه،

إِلاَّ وَجَدْت سَواءَ الضِّيقِ مُطَّلَعا

وقيل: معناه أَنَّ لكل حدٍّ مُنْتَهكاً يَنْتَهِكُه مُرْتَكِبُه أَي

أَنَّ الله لم يحرِّم حُرْمةً إِلاَّ علم أَنْ سَيَطْلُعُها مُسْتَطْلِعٌ،

قال: ويجوز أَن يكون لكل حدٍّ مَطْلَعٌ بوزن مَصْعَدٍ ومعناه؛ وأَنشد ابن

بري لجرير:

إني، إِذا مُضَرٌ عليَّ تحَدَّبَتْ،

لاقَيْتُ مُطَّلَعَ الجبالِ وُعُورا

قال الليث: والطِّلاعُ هو الاطِّلاعُ نفسُه في قول حميد بن ثور:

فكانَ طِلاعاً مِنْ خَصاصٍ ورُقْبةً،

بأَعْيُنِ أَعْداءٍ، وطَرْفاً مُقَسَّما

قال الأَزهري: وكان طِلاعاً أَي مُطالَعةً. يقال: طالَعْتُه طِلاعاً

ومُطالَعةً، قال: وهو أَحسن من أَن تجعله اطِّلاعاً لأَنه القياس في العربية.

وقول الله عز وجل: نارُ اللهِ المُوقَدةُ التي تَطَّلِع على الأَفْئِدةِ؛

قال الفراءُ: يَبْلُغُ أَلَمُها الأَفئدة، قال: والاطِّلاعُ والبُلوغُ قد

يكونان بمعنى واحد، والعرب تقول: متى طَلَعْتَ أَرْضنا أَي متى بَلَغْت

أَرضنا، وقوله تطَّلع على الأَفئدة، تُوفي عليها فَتُحْرِقُها من اطَّلعت

إِذا أَشرفت؛ قال الأَزهري: وقول الفراء أَحب إِليَّ، قال: وإِليه ذهب

الزجاج. ويقال: عافى الله رجلاً لم يَتَطَلَّعْ في فِيكَ أَي لم يتعقَّب

كلامك.أَبو عمرو: من أَسماء الحية الطِّلْعُ والطِّلُّ.

وأَطْلَعْتُ إِليه مَعْروفاً: مثل أَزْلَلْتُ. ويقال: أَطْلَعَني فُلان

وأَرْهَقَني وأَذْلَقَني وأَقْحَمَني أَي أَعْجَلَني.

وطُوَيْلِعٌ: ماء لبني تميم بالشَّاجِنةِ ناحِيةَ الصَّمَّانِ؛ قال

الأَزهري: طُوَيْلِعٌ رَكِيَّةٌ عادِيَّةٌ بناحية الشَّواجِنِ عَذْبةُ الماءِ

قريبة الرِّشاءِ؛ قال ضمرة ابن ضمرة:

وأَيَّ فَتًى وَدَّعْتُ يومَ طُوَيْلِعٍ،

عَشِيَّةَ سَلَّمْنا عليه وسَلَّما

(* قوله« وأي فتى إلخ» أنشد ياقوت في معجمه بين هذين البيتين بيتاً وهو:

رمى بصدور العيس منحرف الفلا

فلم يدر خلق بعدها أين يمما)

فَيا جازيَ الفِتْيانِ بالنِّعَمِ اجْزِه

بِنُعْماه نُعْمَى ، واعْفُ إن كان مُجْرِما

طلع

1 طَلَعَتِ الشَّمْسُ, (S, O, Msb, K,) aor. ـُ [notwithstanding the faucial letter], (Msb, JM, TA,) inf. n. طُلُوعٌ and مَطْلَعٌ and مَطْلِعٌ, (S, O, Msb, K,) the second and third both used as inf. ns., and also as ns. of place [and of time], (S, O, K,) but the former of them is preferable on the ground of analogy as an inf. n., and the latter as a n. of place (Fr, O) or of time, (Zj, O,) The sun rose, (MA,) or appeared; (K;) and in like manner طَلَعَ is said of the moon, (TA,) and of a star, or an asterism; (S, O, K;) and so ↓ اِطَّلَعَ; (K;) [and ↓ أَطْلَعَ, for] أَطْلَعَتِ الثُّرَيَّا means طَلَعَت [i. e. The Pleiades rose], as in a verse of El-Kumeyt [in which, however, the verb may, consistently with the metre, be a mistranscription for اطَّلَعَت]; (IB, TA); and أَطْلَعَ is syn. with طَلَعَ in the saying of Ru-beh, كَأَنَّهُ كَوْكَبُ غَيْمٍ أَطْلَعَا [As though it, or he, were a star in the midst of clouds, that had risen]. (TA.) One says also, آتِيكَ كُلَّ يَوْمٍ طَلَعَتْهُ الشَّمْسُ, meaning طَلَعَتْ فِيهِ [i. e. I will come to thee every day in which the sun rises]: and it is said in a prayer, طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَلَا تَطْلُعُ بِنَفْسِ أَحَدٍ مِنَّا [meaning The sun has risen, and may it not have risen with the soul of any one of us]; i. e., may not any one of us have died with its rising: the future being put in the place of the preterite. (TA.) b2: And طَلَعَ is said of anything that appears to one from the upper part [of a thing, or that comes up out of a thing and appears]. (Mgh, Msb.) It is said in the Ksh that الطُّلُوعُ signifies The appearing by rising, or by becoming elevated. (TA.) One says, طَلَعَتْ سِنُّ الصَّبِىِّ (tropical:) The tooth of the child showed its point. (K, TA.) And طَلَعَ الزَّرْعُ, [aor. ـُ inf. n. طُلُوعٌ, (tropical:) The seed-produce began to come up, and showed its sprouting forth: (T, TA:) and الزَّرْعُ ↓ أَطْلَعَ (tropical:) The seed-produce appeared: (TA:) and نَبْتُ الأَرْضِ ↓ أَطْلَعَ (assumed tropical:) The plants, or herbage, of the earth, or land, came forth: (Mgh:) and الشَّجَرُ ↓ أَطْلَعَ (tropical:) The trees put forth their leaves. (TA.) And طَلَعَ النَّخْلُ, (O, K,) aor. ـُ inf. n. طُلُوعٌ; (TA;) and (O, K) ↓ أَطْلَعَ; (Zj, S, Mgh, O, K;) or أَطْلَعَتِ النَّخْلَةُ; (Msb;) (assumed tropical:) The palm-trees, or -tree, put forth the طَلْع [q. v.]; (Zj, S, Mgh, O, Msb, K;) as also ↓ طلّع, (L, K, TA,) inf. n. تَطْلِيعٌ. (L, TA. [These verbs, in this sense, are app. derived from the subst. طَلْعٌ; but this is obviously from طَلَعَ.]) b3: One says also, مَلَأْتُ لَهُ القَدَحَ حَتَّى يَكَادَ يَطْلُعُ مِنْ نَوَاحِيهِ [I filled for him the drinking-vessel until it nearly overflowed from its sides]. (TA.) And المَآءُ فِى الإِنَآءِ ↓ تَطَلَّعَ (assumed tropical:) The water in the vessel poured forth [or overflowed] from its sides. (TA.) b4: And طَلَعَ الجَبَلَ, (Mgh, Msb, K,) aor. ـُ (TA,) inf. n. طُلُوعٌ, (Msb, TA,) (tropical:) He ascended upon the mountain; (Mgh, Msb, K, TA;) the prep. [عَلَى] being suppressed; (Mgh;) as also طَلِعَ, with kesr; (K;) and الجَبَلَ ↓ اِطَّلَعَ signifies the same as طَلَعَهُ: (TA: [see also مُضْطَلِعٌ, in art. ضلع:]) accord. to ISk, one says, طَلِعْتُ الجَبَلَ, with kesr, meaning (assumed tropical:) I ascended upon the mountain; (S, O;) but others say, طَلَعْتُ, with fet-h. (O.) And (tropical:) He ascended the mountain: (TA:) [or] طَلَعْتُ فِى

الجَبَلِ means (assumed tropical:) I ascended the mountain. (Msb. [See also another explanation of this latter phrase in what follows.]) b5: And طَلَعَ عَلَيْنَا, aor. ـَ and طَلُعَ; and ↓ اِطَّلَعَ; (assumed tropical:) He (a man) came to us; (K;) and came upon us suddenly, or at unawares: (TA:) and طَلَعَ عَنْهُمْ he became absent, or absented himself, or departed, from them: (K:) or طَلَعَ عَلَى القَوْمِ he came forth upon the people, or party: and he looked upon them: (MA:) accord. to ISk, طَلَعْتُ عَلَى القَوْمِ means I came to the people, or party: and طَلَعْتُ عَنْهُمْ I became absent, or absented myself, or departed, from them: (S, O:) and عَلَيْهِمْ ↓ أَطْلَعْتُ signifies the same as طَلَعْتُ: (O:) and طَلَعْتُ عَنْهُمْ has the same meaning [also] as طَلَعْتُ عَنْهُمْ expl. above, accord. to ISk; عَلَى being put in the place of عن: accord. to Az [likewise], طَلَعْتُ عَلَى القَوْمِ, inf. n. طُلُوعٌ, means I became absent from the people, or party, so that they did not see me: and also I advanced, or approached, towards them, so that they saw me: thus having two contr. meanings: and accord. to Az, the Arabs said, طَلَعْتُ فِى الجَبَلِ, inf. n. طُلُوعٌ, as meaning I retired, or went back, into the mountain, so that my companion did not see me: [see another explanation of this phrase in what precedes:] and طَلَعْتُ عَنْ صَاحِبِى, inf. n. طُلُوعٌ, I retired, or went back, from my companion: and طَلَعْتُ عَنْ صَاحِبِى [in which عَنْ seems to be evidently a mistranscription for عَلَى] I advanced, or approached, towards my companion. (TA.) [In all of these phrases, طَلَعَ and طَلَعْتُ may be correctly rendered He, and I, came forth, or went forth. And hence,] it is said in a prov., هٰذِهِ يَمِينٌ قَدْ طَلَعَتْ فِى المَخَارِمِ [expl. in art. خرم, voce مَخْرِمٌ]. (Az, TA.) b6: For another meaning of طَلَعَ followed by عَلَى, see اِطَّلَعَ [which is more common as having that meaning]. b7: طَلَعَ is also syn. with قَصَدَ: so in the phrase طَلَعَ بِلَادَهُ (tropical:) [He tended, repaired, betook himself, or went, to, or towards, his country]: (K, TA:) and so in the saying, in a trad., هٰذَا بُسْرٌ قَدْ طَلَعَ اليَمَنَ, (so in the O,) or هذا بُرٌّ, (so in the TA,) (tropical:) [These are ripening dates, or this is wheat, that have, or has, gone to, or towards, El-Yemen,] meaning from Nejd. (TA.) b8: And syn. with بَلَغَ; as also ↓ اِطَّلَعَ: (O, K:) so the former in the saying, طَلَعَ أَرْضَهُمْ (tropical:) [He reached, or arrived at, their land]; (K, TA;) and مَتَى طَلَعْتَ أَرْضَنَا (tropical:) [When didst thou reach, or arrive at, our land?]: (O, TA:) and so the latter verb in the saying, هٰذِهِ الأَرْضَ ↓ اطّلع [He reached, or arrived at, this land]: (O, K:) and hence, (TA,) عَلَى الأَفْئِدَةِ ↓ الَّتِى تَطَّلِعُ, in the Kur [civ. 7], means (assumed tropical:) Whereof the pain shall reach the hearts: (Fr, O, TA:) or which shall rise above the hearts, (O, TA,) [or overwhelm them,] and burn them. (TA.) 2 طلّع said of the palm-tree: see 1, former half. b2: طلّعهُ, inf. n. تَطْلِيعٌ, meaning He put it forth, or produced it, is a vulgar word. (TA.) b3: طلّع كَيْلَهُ, inf. n. as above, (assumed tropical:) He filled his measure. (O, K.) 3 طالعهُ, (S, O, K,) inf. n. مُطَالَعَةٌ and طِلَاعٌ, (K,) i. q. اِطَّلَعَ عَلَيْهِ; (S, O, K;) i. e., a thing: (S, O:) Lth says that طِلَاعٌ is syn. with اِطِّلَاعٌ; but Az disapproves this: (O:) [the verb is correctly explained in what here follows:] one says, طَالَعْتُ ضَيْعَتِى, meaning نَظَرْتُهَا وَاطَّلَعْتُ عَلَيْهَا (tropical:) [I inspected, or considered with my eye, my estate, and obtained a knowledge of it, or acquainted myself with its condition]: (TA:) or مُطَالَعَةٌ signifies the inspecting a thing well, in order to obtain a knowledge of it. (KL.) [Hence, مُطَالَعَةُ الكُتُبِ (assumed tropical:) The studying, and perusing, of books.]

A2: See also the next paragraph, latter half, in three places.4 أَطْلَعَ see 1, former half, in five places. b2: اطلعت النَّخْلَةُ signifies also (assumed tropical:) The palm-tree became tall. (Msb.) b3: And اطلع, also, (tropical:) He made his arrow to pass above the butt. (S, O, K, TA.) b4: and (tropical:) He vomited. (S, O, K, TA.) b5: And اطلعت السَّمَآءُ i. q. أَقْلَعَت [i. e. (assumed tropical:) The rain cleared away]. (TA.) b6: اطلع followed by عَلَى: see 1, latter half: b7: and see also 8. b8: And اطلع as syn. with أَشْرَفَ: see 8, in two places.

A2: اطلع رَأْسَهُ (assumed tropical:) [He raised his head, looking at a thing; or] he looked at a thing from above; syn. أَشْرَفَ عَلَى

شَىْءٍ. (TA.) b2: اطلعهُ عَلَى كَذَا (assumed tropical:) He made him acquainted with such a thing; acquainted him with it, or made him to know it. (Msb.) إِطْلَاعٌ signifies (assumed tropical:) The making to know, and to see. (KL.) For an ex. [of the latter meaning], in the pass. form of the verb, see 8. You say, اطلعهُ عَلَى سِرِّهِ, (S, O, K, TA,) (tropical:) He made him to know, (TA,) or revealed, or showed, to him, (O, K, TA,) his secret. (O, K, TA.) [See also 8, last sentence.] And بِحَقِيقَةِ الأَمْرِ ↓ أَنَا أُطَالِعُكَ meansأُطْلِعُكَ عَلَيْهِ (tropical:) [I will acquaint thee with the truth of the case]. (TA.) And similar to this is the saying, بِكُتُبِكَ ↓ طَالِعْنِى (TA [and a similar phrase is mentioned without explanation in the S]) [meaning (assumed tropical:) Acquaint thou me with thy letters: and also, by means of thy letters; for] one of the meanings of مُطَالَعَةٌ is The making one to know a thing by writing. (KL.) [And in like manner,] one says also, بِالحَالِ ↓ طالع, (O, K,) inf. n. مُطَالَعَةٌ and طِلَاعٌ, (TA,) (assumed tropical:) He showed, exhibited, or manifested, the case. (O, K.) b3: You say also, اطلع إِلَيْهِ مَعْرُوفًا (assumed tropical:) He did to him, or conferred upon him, a benefit, benefaction, or favour. (O, K.) b4: And اطلع فُلَانًا (assumed tropical:) He made such a one to hasten, or be quick. (O, K, TA.) 5 تطلّع (tropical:) It became full [to the top, or so as to overflow]; said of a measure for corn or the like. (O, K, TA.) b2: See also 1, former half. b3: and (assumed tropical:) He was proud, or self-conceited, [or lofty,] or was quick, with an affected inclining of his body from side to side, (زَافَ,) in his gait: (O:) or so تطلّع فِى مِشْيَتِهِ: (K:) app. syn. with تَتَلَّعَ, meaning he advanced his neck, and raised his head. (TA.) b4: And (tropical:) He raised his eyes, looking [for a thing, or towards a thing]. (K, TA.) You say, تطلّع إِلَى وُرُودِهِ (tropical:) He raised his eyes, looking for its, or his arrival. (K, TA.) And تَطَلَّعْتُ إِلَى

وُرُودِ كِتَابِكَ (S, O, TA) (tropical:) I raised my eyes, looking, (TA,) or I looked continually, (PS,) for the arrival of thy letter: (TA, PS:) or i. q. اِنْتَظَرْتُ [agreeably with what here follows, and with an explanation of the inf. n. in the KL]. (PS.) And تطلّع إِلَى لِقَائِهِ (assumed tropical:) He looked for the meeting him. (MA.) And [hence] one says, عَافَى اللّٰهُ رَجُلًا لَمْ يَتَطَلَّعْ فِى فَمِكَ, meaning (tropical:) [May God preserve from disease, or harm, a man] who has not sought to find some slip, or fault, in thy speech: (O, K, TA:) mentioned by Az, (O, TA,) and by Z. (TA.) [Hence likewise,] التَّطَلُّعُ signifies also الإِشْرَافُ [as meaning (tropical:) The being eager, or vehemently eager, agreeably with what here follows]. (TA.) And التَّطَلُّعُ إِلَى الشَّىْءِ (tropical:) The inclining of the soul to the love of the thing, and the desiring it so that the man perishes. (TA.) and تَطَلُّعُ النَّفْسِ (assumed tropical:) The desiring, or yearning, or longing, of the soul. (TA.) [See an ex. in a verse cited in the first paragraph of art. صبر.]

A2: تطلّعهُ (tropical:) He looked at him with a look of love or of hatred. (TA.) b2: And (tropical:) He overcame him, and overtook him; namely, a man. (TA.) b3: See also 6. b4: And see 8.6 تَطَالَعَتْهُ i. q. طَرَقَتْهُ [i. e. (assumed tropical:) She, or it, or they (referring to irrational things), came to him in the night]: Aboo-'Alee cites [as an ex.], تَطَالَعُنِى خَيَالَاتٌ لِسَلْمَى

كَمَا يَتَطَالَعُ الدَّيْنَ الغَرِيمُ [Apparitions of Selmà come to me in the night, like as the creditor comes in the night to exact the debt]: but accord. to another, or others, it is only ↓ يَتَطَلَّعُ, because تَفَاعَلَ is generally intrans.: so that accord. to Aboo-'Alee, it is like تَفَاوَضْنَا الحَدِيثَ and تَعَاطَيْنَا الكَأْسَ and تَنَاشَدْنَا الأَشْعَارَ. (IB, TA.) 8 اِطَّلَعَ: see 1, first sentence: b2: and near the middle of the paragraph, in two places: b3: and last sentence, in three places. b4: Also (assumed tropical:) i. q. أَشْرَفَ [meaning as expl. in the next sentence]; as also ↓ أَطَلَعَ, of the class of أَكْرَمَ. (Mgh.) One says, اِطَّلَعْتُ مِنْ فَوْقِ الجَبَلِ and ↓ أَطْلَعْتُ (assumed tropical:) [I looked, or looked down, from above the mountain]. (TA.) And اِطَّلَعْتُ الفَجْرَ (tropical:) I looked at the dawn when it rose. (O, TA. *) And اِطَّلَعْتُ عَلَيْهِ (tropical:) I looked down, or from above, upon him, or it; syn. أَشْرَفْتُ. (TA.) [Hence,] هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ فَاطَّلَعَ, in the Kur [xxxvii. 52 and 53], means (assumed tropical:) Would ye [be of those who] look to see (تُحِبُّونَ

أَنْ تَطَّلِعُوا) where is your place of abode among the people of Hell? and he (i. e. the Muslim) shall look (فَاطَّلَعَ المُسْلِمُ) and see his [former] associate in the midst of Hell-fire: but some read ↓ هل انتم مُطْلِعُونَ فَأَطْلِعَ [in the CK فاطَّلَعَ, but it is expressly said in the O that the hemzeh is with damm and the ط quiescent and the ل with kesr; the meaning being (assumed tropical:) Are ye of those who will make me to see? and he shall be made to see; as is indicated in the O and TA]. (K, O.) b5: and (assumed tropical:) He saw. (KL.) You say, اطّلع عَلَيْهِ meaning (assumed tropical:) He saw it. (MA.) [Hence,] it is said in a prov., بَعْدَ اطِّلَاعٍ إِينَاسٌ (O, TA) i. e. (assumed tropical:) After appearance [or rather sight, is knowledge, or certain knowledge]. (Fr, TA in art. انس. [See Freytag's Arab. Prov. i. 181.]) b6: And اطّلع عَلَيْهِ, (Msb, TA,) and اطّلعهُ, and ↓ تطلّعهُ, and عليه ↓ طَلَعَ, inf. n. طُلُوعٌ, (K, TA,) and ↓ أَطْلَعَ عليه, (TA,) (tropical:) He got, or obtained, sight and knowledge of it: (Msb, TA: *) or [simply] he knew it; namely, an affair, or a case, or an event. (K, TA.) One says, اطّلع عَلَى بَاطِنِهِ, (K,) or اضّلع عَلَى بَاطِنِ أَمْرِهِ, (S, O,) (tropical:) He became acquainted with, or obtained knowledge of, or knew, his inward, or intrinsic, state or circumstances, or the inward, or intrinsic, state or circumstances of his affair or case. (K, * TA.) And-accord. to some, اِطِّلَاعُ الحِجَابِ means (assumed tropical:) The stretching out the head [and looking over the veil of Paradise or of Hell]; for he who examines into a thing stretches out his head to see what is behind the veil, or covering. (TA voce حِجَابٌ, q. v.) [And one says also, اطّلع فِيهِ, meaning (assumed tropical:) He looked into it: see an ex. voce هَدَرَ.] b7: اِطَّلَعَتْهُ عَيْنِى means (tropical:) My eye regarded him with contempt. (TA.) A2: [اِطَّلَعَ is used sometimes for اِضْطَلَعَ, as is shown in art. ضلع: see مُضْطَلِعٌ: and see an instance in the first paragraph of art. علو.]

A3: And accord. to Kr, اِلِا طّلَاعُ signifies also النَّجَاةُ. (TA. [But I think that both words are mistranscribed, and that Kr explained الإِطْلَاعُ as meaning النِّجَآءُ, i. e. The acquainting with a secret.]) 10 استطلعهُ signifies طَلَبَ طُلُوعَهُ (assumed tropical:) [He sought, or desired, its, or his, coming forth, or appearance]. (Har p. 47.) [And hence, (assumed tropical:) He sought, or desired, to elicit, or to discover, it: he sought, or desired, information respecting it, مِنْهُ of him: and he asked him to tell him a thing. (See Har pp. 134 and 82.)] You say, استطلع رَأْىَ فُلَانٍ (S, O, K, TA) (tropical:) He looked to see what was the opinion, or advice, of such a one, (O, K, TA,) and what would be shown to him [thereof] respecting his affair, or case. (O, K.) It is doubly trans. [as shown above]: you say, اِسْتَطْلَعْتُ زَيْدًا رَأْيَهُ; as well as استطلعت رَأْىَ زَيْدٍ. (Har p. 322.) b2: And (assumed tropical:) He took it away, or went away with it. (Ibn-'Abbád, O, K.) Yousay, استطلع مَالَهُ (assumed tropical:) He took away, or went away with, his property. (TA.) طَلْعٌ (assumed tropical:) The طَلْع [i. e. spadix, or spadix in its spathe, and sometimes, the spathe alone,] of the palm-tree: (S, O:) the إِغْرِيض [or spadix] of the palm-tree, from over which the كَافُور [or spathe] bursts open longitudinally; or the flowers of the palm-tree, while in the كافور; (TA;) a thing that comes forth from the palm-tree, as though it were two soles, or sandals, closed together, with the حِمْل [meaning flowers] compactly disposed between them, and having the extremity pointed; or the ثَمَرَة [or produce] of the palm-tree, in the first stage of its appearance, the covering [or spathe] of which is called the كُفُرَّى (K, TA) and the كَافُور, (TA,) and what is within this the إِغْرِيض, because of its whiteness; (K, TA;) or the طَلْع is what comes forth from the palm-tree and becomes dates if the tree is female; and if the tree is male it does not become dates, but is eaten in its fresh state, or is left upon the palm-tree a certain number of days until there becomes produced in it a white substance like flour, [i. e. the pollen,] having a strong odour, and with this the female is fecundated; (Msb;) or a certain white thing that appears from the كِمّ [or spathe] of the palm-tree, to the colour of which [that of] the teeth are likened, and to the odour thereof [that of] the sperma: and also, [sometimes,] the كِمّ [or spathe] that comes forth from the palm-tree, before it bursts open longitudinally: [and this is also called the كُفُرَّى, for] the phrase طَلْعُ الكُفُزَّى is an instance of the prefixing of a noun to an explicative thereof: (Mgh:) [or this phrase may mean the spadix of the spathe of a palm-tree: طَلْعٌ, it should be added, is sometimes used as a coll. gen. n.: and its n. un. is with ة: thus in explanations of إِغْرِيضٌ &c.] In the Kur xxxvii. 63, it is applied to (tropical:) The fruit, or produce, of the tree called الزَّقُّوم, in the bottom of Hell, metaphorically, because partaking of the form of the طلع of dates, or because coming forth from the tree. (Bd.) A2: Also (assumed tropical:) i. q. مِقْدَارٌ [as meaning Number, or quantity]: (K, TA:) so in the phrase الجَيْشُ طَلْعُ أَلْفٍ [The army consists of the number of a thousand]. (K, * TA).

A3: See also the next paragraph, in three places.

طِلْعٌ (tropical:) a subst. from الاِطِّلَاعُ: [meaning Knowledge:] whence the saying, اِطَّلَعَ طِلْعَ العَدُوِّ (tropical:) [He learned the knowledge of the enemy; meaning he obtained knowledge of the state, or case, or tidings, or of the secret, or of the inward, or intrinsic, or secret, state or circumstances, of the enemy]; (S, O, K, TA;) [for] طِلْعَ العَدُوِّ means خَبَرَهُ, (Msb,) or سِرَّهُ, (PS,) or بَاطِنَ أَمْرِهِمْ: (Har p. 82:) and [hence also] one says, أَطْلَعْتُهُ طِلْعَ أَمْرِى, meaning (tropical:) I revealed, or showed, to him my secret. (O, K, TA.) A2: Also (assumed tropical:) An elevated place, above what is around it, from which one looks down (يُطَّلَعُ [in the CK erroneously يُطْلَعُ]); as also ↓ طَلْعٌ. (K, TA.) You say, عَلَوْتُ طِلْعَ الأَكَمَةِ, meaning (assumed tropical:) I ascended upon a part of the hill from which I overlooked what was around it. (IDrd, O, TA.) b2: And (assumed tropical:) i. q. نَاحِيَةٌ [A side, or an adjacent tract, or a region, &c.]; as also ↓ طَلْعٌ. (K.) One says, كُنْ بِطِلْعِ الوَادِى and ↓ طَلْعِ الوادى [i. e. بِطَلْعِ الوادى also, meaning, as is indicated in the TA, (assumed tropical:) Be thou in the side, &c., of the valley]: (S, O:) and one says also, فُلَانٌ طِلْع الوَادِى, without ب [(assumed tropical:) Such a one is in the side, &c., of the valley]. (O.) b3: And (assumed tropical:) Any depressed piece of ground: or such as has in it a hill: (K:) [i. e.,] as expl. by As, any depressed piece of ground having in it a hill from which, when you ascend upon it, you see what is in it. (O.) A3: Also the serpent: (AA, O, K:) like طِلٌّ. (TA.) طَلِعٌ (tropical:) [Desirous, eager, or vehemently eager].

نَفْسٌ طَلِعَةٌ and نُفُوسٌ طَلِعَةٌ, like فَرِحَةٌ [in form], mean (tropical:) A soul, and souls, desirous, eager, or vehemently eager. (TA.) [See also طُلَعَةٌ.]

طَلْعَةٌ (tropical:) The aspect; or countenance; syn. رُؤْيَةٌ: (S, O, K, TA:) or person and aspect: (L, TA:) or face: (K:) so in the saying, حَيَّا اللّٰهُ طَلْعَتَهُ (tropical:) [May God preserve his aspect, &c.]. (O, K.) نَفْسٌ طُلَعَةٌ, means نَفْسٌ تُكْثِرُ التَّطَلُّعَ لِلشَّىْءِ, (S, O,) or إِلَى الشَّىْءِ, (K, TA,) i. e. (tropical:) A soul that inclines much to the love of the thing [that it would obtain], and desires it so that the man perishes: and طُلَعَةٌ is used also as applied to a pl., so that one says also نُفُوسٌ طُلَعَةٌ, (TA,) or أَنْفُسٌ طُلَعَةٌ, meaning souls eager, or vehemently eager, for the objects of their love and appetence. (O.) [See also طَلِعٌ.] And in like manner one says اِمْرَأَهٌ طُلَعَةٌ, (S,) or اِمْرَأَةٌ طُلَعَةٌ خُبَأَةٌ: (TA:) or this latter means (tropical:) A woman that comes forth (تَطْلُعُ [in the CK erroneously تَطَّلِعُ]) at one time (مَرَّةً

[omitted in the CK]) and conceals herself at another: (O, K, TA:) and in like manner one says امرأة طُلَعَةٌ قُبَعَةٌ. (TA.) طُلَعَآءُ, (S, O, K,) like غُلَوَآءُ [in form], (S, O,) (tropical:) Vomit: (S, O, K, TA;) as also ↓ طَوْلَعٌ: (IAar, O, K:) or the former signifies a little vomit. (K voce قَنَسٌ.) طَلَاعٌ, like سَحَابٌ [in form], the subst. from الاطلاع [app. الإِطْلَاعُ, i. e. a subst. syn. with

إِطْلَاعٌ; like as صَلَاح is with إِصْلَاحٌ, and فَسَادٌ with إِفْسَادٌ]. (TA.) طِلَاعٌ (tropical:) A thing sufficient in quantity, or dimensions, for the filling of another thing, (S, O, K, TA,) accord. to A 'Obeyd, so as to overflow [an addition not always agreeable with usage]: (TA:) pl. طُلْعٌ. (K.) طِلَاعُ الأَرْضِ ذَهَبًا means (tropical:) What would suffice for the filling of the earth, of gold: (As, S, O, TA:) or, accord. to Lth, what the sun has risen, or appeared, upon, to which Er-Rághib adds and man. (TA.) and you say قَوْسٌ طِلَاعُ الكَفِّ (tropical:) A bow of which the part that is grasped is sufficient in. size for the filling of the hand. (S, * O, * TA.) And هٰذَا طِلَاعُ هٰذَا (assumed tropical:) This is of the quantity, or measure, or size, of this. (TA.) طَلُوعٌ (assumed tropical:) Aspiring to, or seeking the means of attaining, lofty things, or eminence. (Ham p. 655.) طَلِيعَةٌ, of an army, (assumed tropical:) [A scout; and a party of scouts;] a man, (S, O, K, TA,) and a party of men, (O, K, TA,) that is sent, (S, O, K, TA,) and goes forth, (TA,) to obtain knowledge of the state, or case, or tidings, or of the secret, or of the inward, or intrinsic, or secret, state or circumstances, of the enemy, (لِيَطَّلِعَ طِلْعَ العَدُوِّ, S, O, K, TA,) like the جَاسُوس; (TA;) a man, (Mgh,) or a party of men, (Mgh, Msb,) sent (Mgh, Msb) before another party (Msb) to acquaint himself, or themselves, with the tidings, or state, or case, of the enemy; (Mgh, Msb;) accord. to the 'Eyn, applied to a single man, and to a number of men when they are together; and as used by [the Hanafee Imám] Mohammad, three, and four; more than these being termed سَرِيَّةٌ: (Mgh:) pl. طَلَائِعُ. (Mgh, O, Msb, O, Msb, K.) طَلَّاعُ الثَّنَايَا and طَلَّاعُ الأَنْجُدِ (tropical:) [lit. A man wont to ascend mountain-roads; meaning] a man experienced in affairs; wont to surmount them by his knowledge and his experience and his good judgment: or who aspires to lofty things, or the means of attaining eminence: (O, K, TA: [see also ثَنِيَّةٌ:]) أَنْجُدٌ being pl. of نَجْدٌ; which means “ a road in a mountain,” like ثَنِيَّةٌ [of which ثَنَايَا is the pl.]. (TA.) An ex. of the former phrase is presented by a verse of Soheym Ibn-Wetheel cited in art. جلو: and an ex. of the latter by the saying of Mohammad Ibn-AbeeShihádh Ed-Dabbee, said by ISk to be of Ráshid Ibn-Dirwás, وَقَدْ يَقْصُرُ القُلُّ الفَتَى دُونَ هَمِّهِ وَقَدْ كَانَ لَوْلَا القُلُّ طَلَّاعَ أَنْجُدِ [Certainly, or sometimes, or often, poverty withholds the young man from attaining his purpose; and certainly, or sometimes, or often, but for poverty, he would be a surmounter of affairs by his knowledge &c.]. (O, TA.) A2: قَدَحٌ طَلَّاعٌ (tropical:) A full drinking-vessel. (TA.) And عَيْنٌ طَلَّاعٌ [or طَلَّاعَةٌ?] (tropical:) An eye filled with tears. (TA.) طَالِعٌ [Rising, or appearing, as a star &c.:] anything appearing from the upper part [of a thing, or that comes up out of a thing and appears]: (TA:) [or appearing by rising, or by becoming elevated. (See 1.)] b2: [Hence,] one says, طَالِعُهُ سَعِيدٌ, meaning His star [is fortunate]. (TA.) b3: [Hence also,] الطَّالِعُ means The false dawn: (S:) or so الطَّالِعُ المُصْعِدُ. (O.) b4: And The هِلَال [or moon when near the sun, showing a narrow rim of light; probably the new moon, from the sight of which the commencement of the month was reckoned; as appears from what follows]. (O, K.) مَا رَأَيْتُكَ مُنْذُ طَالِعَيْنِ is mentioned as heard from some of the Arabs of the desert, meaning مُنْذُ شَهْرَيْنِ [i. e. I have not seen thee for two months, or during the period since two new moons]. (O.) b5: Also The arrow that falls behind the butt: (Az, O, K:) or that passes beyond the butt, going over it: (TA:) and KT says that they used to reckon that falling above the mark as that which hit the butt: pl. طَوَالِعُ. (O, TA.) It is said of one of the kings, accord. to Sgh, [in the O,] كَانَ يَسْجُدُ لِلطَّالِعِ, (TA,) meaning as expl. in art. سجد: (O, TA: *) or it may mean that he used to lower himself, or bend himself down, to the rising هِلَال, by way of magnifying God. (O, TA.) b6: طَالِعَةُ الإِبِلِ means (assumed tropical:) The first, or foremost, of the camels. (TA.) طَوْلَعٌ: see طُلَعَآءُ.

مَطْلَعٌ and مَطْلِعٌ are inf. ns.: and signify also The place [and the time] of rising of the sun [&c.]: (S, O, K: [see 1, first sentence:]) but by Fr the former is explained as meaning the rising, and the latter as meaning the place of rising: and some of the Basrees say that when one reads حَتَّى مَطْلِعِ الفَجْرِ [in the last verse of ch. xcvii. of the Kur], with kesr to the ل, the meaning is, [until] the time of rising [of the dawn]: (O, TA:) [the pl.] مَطَالِعُ signifies the places [and the times] of rising of the sun [&c.]. (TA.) b2: مَطْلَعُ الجَبَلِ means (assumed tropical:) The place of ascent of the mountain. (TA.) And you say, هٰذَا لَكَ مَطْلَعَ الأَكَمَةِ, meaning (assumed tropical:) This is present before thee; i. e. as near to thee as if thou hadst to ascend for it the hill. (TA.) b3: مَطْلَعُ القَصِيدَةِ means (tropical:) The beginning of the قصيدة [or ode]. (TA.) b4: See also مُطَّلَعٌ.

مُطْلِعٌ (assumed tropical:) A palm-tree (نَخْلَةٌ) putting forth its طَلْع [q. v.]; and sometimes they said مُطْلِعَةٌ. (Msb.) b2: And the latter, (assumed tropical:) A palm-tree taller than the other palm-trees [around it or adjacent to it]. (S, O, K.) مُطَّلَعٌ (assumed tropical:) [A place to which one ascends: or] a place of ascent from a low spot to a place that overlooks. (As, TA.) Hence, (TA,) it is said in a trad. (O, K) of the Prophet, (O,) مَانَزَلَ مِنَ القُرْآنِ آيَةٌ إِلَّا لَهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ وَلِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ وَلِكُلِّ حَدٍّ مُطَّلَعٌ i. e. (O, K) (assumed tropical:) Not a verse of the Kur-án has come down but it has an apparent and known [or exoteric] interpretation and an intrinsic [or esoteric] interpretation, (TA voce ظَهْرٌ, where see more,) [and every word has a scope, and every scope has] a place [meaning point] to which the knowledge thereof may ascend, (O, K, TA,) or, as some say, something that may be violated, God not having forbidden a thing that should be held sacred without his knowing that some one would seek to elicit it. (TA.) b2: And i. q. مَأْتًى; (S, O, K, TA;) مُطَّلَعُ الأَمْرِ meaning مَأْتَاهُ; (S, O, TA;) as also الأَمْرِ ↓ مَطْلَعُ; (TA;) i. e. (assumed tropical:) The way, or manner, of attaining to the doing, or performing, of the affair. (TA.) One says, مَالِهٰذَا الأَمْرِ مُطَّلَعٌ (assumed tropical:) There is no way, or manner, of attaining to the doing, or performing, of this affair. (TA.) And أَيْنَ مُطَّلَعُ هٰذَا الأَمْرِ i. e. مَأْتَاهُ (assumed tropical:) [Where is the way of attaining to the doing, or performing, of this affair?]. (S, O, TA.) b3: And (tropical:) An elevated place from which one looks towards a low place. (S, O, Msb, K, TA.) To this is likened the scene of the events of the world to come, (S, O, Msb, K, TA,) after death, i. e. the station of the day of resurrection, (TA,) in the saying of 'Omar, لَوْ أَنَّ مَا فِى

الأَرْضِ جَمِيعًا لَأَفْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ المُطَّلَعِ (tropical:) [If all that is in the world belonged to me, assuredly I would ransom myself therewith from the terror of the place whence one will look down on the day of resurrection]: (S, * O, Msb, * K, * TA:) or المُطَّلَع means that which is looked upon of such hardships as the interrogation of [the angels] Munkar and Nekeer, and the pressure of the grave, and its solitude, and the like; and is [ for المُطَّلَعِ عَلَيْهِ, or] originally an inf. n. in the sense of الاِطِّلَاع: or it may be a noun of time, and thus applied to the day of resurrection. (Har p.

344-5.) مُطَّلِعٌ Strong, or powerful; high, or eminent; one who subdues, or overcomes: (K:) or strong, or powerful; as also مُضْطَلِعٌ: or the latter has this meaning, from الضَّلَاعَةُ; and the former signifies high, or eminent; one who subdues, or overcomes: (O:) accord. to ISk, one says, هُوَ مُضْطَلِعٌ بِحَمْلِهِ [“ he is one who has strength to bear it ”]; but not مُطَّلِعٌ بحمله. (TA.) [See, however, مُضْطَلِعٌ, in art. ضلع.]

مُطَالَعٌ [pass. part. n. of 3, q. v.]. One says, الشر تلقى مُطَالَعَ الاِسْمِ, [thus in my original, app. الشَّرَّ تَلْقَى الخ,] meaning بَارِزًا مَكْشُوفًا [i. e., if I rightly read it, (assumed tropical:) Evil thou wilt find to be that whereof the name is manifest, or overt; so that, when it is mentioned, it is well known]. (TA.)
طلع
طَلَعَ الكَوْكَبُ والشمسُ والقمَرُ طُلوعاً، ومَطْلَعاً، بفتحِ اللامِ على القياسِ، ومَطْلِعاً بكسرِها، وَهُوَ الْأَشْهر، وَهُوَ أحد مَا جاءَ من مصادرِ فَعَلَ يَفْعُلُ على مَفْعِلٍ. وأمّا قَوْله تَعالى: سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ فإنّ الكِسائيَّ وَخَلَفاً قرآه بِكَسْر اللَّام، وَهِي إِحْدَى الرِّوايتَيْن عَن أبي عمروٍ. قلتُ: وَهِي روايةُ عُبَيْدٍ عَن أبي عمروٍ. وَقَالَ ابنُ كَثيرٍ ونافِعٌ وابنُ عامِرٍ واليَزيديُّ عَن أبي عمروٍ، وعاصِم وحَمْزَة بفتحِ اللَّام، قَالَ الفرّاء: وَهُوَ أقوى فِي الْقيَاس، لأنّ المَطْلَع، بالفَتْح: الطُّلُوع، وبالكَسْر: الموضعُ الَّذِي تَطْلُعُ مِنْهُ، إلاّ أَن العربَ تَقول: طَلَعَتْ الشمسُ مَطْلِعا، فيَكسِرونَ وهم يُرِيدُونَ المصدرَ، وَكَذَلِكَ: المَسجِد، والمَشرِق، والمَغرِب، والمَسقِط، والمَرفِق، والمَنسِك، والمَنبِت، وَقَالَ بعضُ البَصْريِّين: مَن قرأَ مَطْلِعَ الفَجرِ بكسرِ اللامِ فَهُوَ اسمٌ لوَقتِ الطُّلوع، قَالَ ذَلِك الزَّجَّاج، قَالَ الأَزْهَرِيّ: وأحسَبَه قولَ سِيبَوَيْهٍ: ظَهَرَ، كَأَطْلَع. وهما، أَي المَطْلَع والمَطْلِع: اسمانِ للمَوضِع أَيْضا، وَمِنْه قَوْله تَعالى: حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلعَ الشمسِ. طَلَعَ على الأمرِ طُلوعاً: عَلِمَه، كاطَّلَعَه، على افْتَعلَه، وَتَطَلَّعَه اطِّلاعاً وَتَطَلُّعاً، وَكَذَلِكَ اطَّلَع عَلَيْهِ، والاسمُ الطِّلْع، بالكَسْر، وَهُوَ مَجاز. وطَلَعَ فلانٌ علينا، كَمَنَع ونَصَرَ: أَتَانَا وهَجَمَ علينا، وَيُقَال: طَلَعْتُ فِي الجبَلِ طُلوعاً، إِذا أَدْبَرْتَ فِيهِ حَتَّى لَا يراكَ صاحِبُك، وطَلَعْتُ عَن صَاحِبي، إِذا أَقْبَلتَ عَلَيْهِ.
قَالَ الأَزْهَرِيّ: هَذَا كلامُ العربِ، وَقَالَ أَبُو زيدٍ فِي الأضْداد: طَلَعْتُ على القومِ طُلوعاً، إِذا غِبْتَ عَنْهُم حَتَّى لَا يَرَوْكَ، قَالَ ابْن السِّكِّيت: طَلَعْتُ على القومِ، إِذا غِبتَ عَنْهُم، صحيحٌ، جُعِلَ على فِيهِ بِمَعْنى عَن كقَولِه تَعَالَى: وَإِذا اكْتالوا على الناسِ مَعْنَاهُ عَن الناسِ، وَمن النَّاس، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ أهلُ اللُّغَة أَجْمَعون. قلتُ: وَمن الاطِّلاعِ بِمَعْنى الهُجومِ قَوْله تَعالى: لَو اطَّلَعْتَ عَلَيْهِم أَي لَو هَجَمْتَ عَلَيْهِم، وأَوْفَيْتَ عَلَيْهِم. طَلَعَت سِنُّ الصبِيِّ: بَدَتْ شَبَاتُها، وَهُوَ مَجاز،)
وكلُّ بادٍ من عُلْوٍ: طالِعٌ. طَلَعَ أَرْضَهم: بَلَغَها، يُقَال: مَتى طَلَعْت أَرْضَنا أَي مَتى بَلَغْتها، وَهُوَ مَجاز، وطَلَعْتُ أَرْضِي، أَي بَلَغْتُها. طَلَعَ النخْلُ يَطْلُعُ طُلوعاً: خَرَجَ طَلْعُه، وَسَيَأْتِي مَعْنَاهُ قَرِيبا، نَقله الصَّاغانِيّ كَأَطْلَعَ، كَأَكْرَم، نَقله الجَوْهَرِيّ، وَهُوَ قولُ الزّجّاج. وطَلَّعَ تَطْلِيعاً، نَقله صاحبُ اللِّسان. طَلَعَ بلادَه: قَصَدَها، وَهُوَ مَجاز، وَمِنْه الحديثُ: هَذَا بُسْرٌ قد طَلَعَ اليمنَ أَي قَصَدَها من نَجْدٍ. طَلَعَ الجبَلَ يَطْلَعه طُلوعاً: عَلاه ورَقِيَه، كطَلِعَ، بالكَسْر، وَهُوَ مَجاز، الأخيرُ نَقله الجَوْهَرِيّ عَن ابْن السِّكِّيت. يُقَال: حَيَّا اللهُ طَلْعَتَه، أَي رُؤيَتَه وشَخْصَه وَمَا تطَلَّع مِنْهُ، كَمَا فِي اللِّسان، أَو وَجْهَه، وَهُوَ مَجاز، كَمَا فِي الصِّحَاح. والطالِع: السهْمُ الَّذِي يقَعُ وراءَ الهدَفِ، قَالَه الأَزْهَرِيّ، وَقَالَ غيرُه: الَّذِي يُجاوِزُ الهدفَ ويَعلوه، وَقَالَ القُتَيْبيُّ: هُوَ السهمُ الساقِطُ فوقَ العَلامَةِ، ويُعْدَلُ بالمُقْرطِسِ، قَالَ المَرّارُ بنُ سعيدٍ الفَقْعَسيُّ:
(لَهَا أَسْهُمٌ لَا قاصِراتٌ عَن الحَشا ... وَلَا شاخِصاتٌ عَن فُؤَادِي طَوالِعُ)
أخبرَ أنّ سِهامَها تُصيبُ فؤادَه، وَلَيْسَت بِالَّتِي تَقْصُرُ دُونَه، أَو تُجاوِزُه فتُخطِئُه. وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: رُوِيَ عَن بعضِ الْمُلُوك قَالَ الصَّاغانِيّ: هُوَ كِسْرى كَانَ يسجدُ للطالِع. قيل: مَعْنَاهُ أنّه كَانَ يَخْفِضُ رَأْسَه إِذا شَخَصَ سَهْمُه، فارتفعَ عَن الرَّمِيَّةِ، فَكَانَ يُطَأْطِئُ رَأْسَه، ليَتقَوَّمَ السهمُ، فيُصيبَ الدَّارَة. قَالَ الصَّاغانِيّ: وَلَو قيل: الطالِع: الهلالُ، لم يَبْعُدْ عَن الصَّوَاب، فقد جاءَ عَن بعضِ الْأَعْرَاب: مَا رَأَيْتُكَ مُنْذُ طالِعَيْن، أَي مُنْذُ شَهْرَيْن، وأنَّ كِسْرى كَانَ يَتطامَنُ لَهُ إِذا طَلَعَ إعْظاماً لله عزَّ وجلَّ. منَ المَجاز: رجلٌ طَلاّعُ الثَّنايا، وطَلاّعُ الأَنْجُدِ، كشَدّادٍ، أَي مُجَرِّبٌ للأمور، ورَكّابٌ لَهَا أَي غالِبٌ يَعْلُوها، ويقهرُها بمَعرِفَتِه وتَجاربِه وجَوْدَةِ رَأْيِه، وَقيل: هُوَ الَّذِي يَؤُمُّ مَعالي الْأُمُور. والأنْجُد: جَمْعُ نَجْدٍ، وَهُوَ الطريقُ فِي الْجَبَل، وَكَذَلِكَ الثَّنِيَّة، فَمن الأوّل: قولُ سُحَيْم بن وَثيلٍ:
(أَنا ابنُ جَلا وطَلاّعِ الثَّنايا ... مَتى أَضَعُ العِمامَةَ تَعْرِفوني)
وَمن الثَّانِي: قولُ مُحَمَّد بن أبي شِحَاذٍ الضَّبِّيِّ وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: هُوَ لراشِدِ بنِ دِرْواسٍ:
(وَقد يَقْصُرُ القُلُّ الفَتى دونَ هَمِّه ... وَقد كَانَ، لَوْلَا القُلُّ، طَلاّعَ أَنْجُدِ)
والطَّلْع: المِقْدار، تَقول: الجَيشُ طَلْعُ ألفٍ، أَي مِقدارُه. الطَّلْع من النخْلِ: شيءٌ يَخْرُجُ كأنّه نَعْلانِ مُطبِقانِ، والحَمْلُ بَينهمَا مَنْضُودٌ، والطَّرَفُ مُحَدَّدٌ، أَو هُوَ مَا يَبْدُو من ثَمَرَتِه فِي أوّلِ ظُهورِها، وقِشْرُه يُسَمَّى الكُفُرَّى والكافور، وَمَا فِي داخلِه الإغْريضُ، لبَياضِه، وَقد ذُكِرَ كلٌّ)
مِنْهُمَا فِي مَوْضِعه، وَفِيه تَطْوِيلٌ مُخِلٌّ بمُرادِه، وَلَو قَالَ: ومنَ النخلِ: الإغْريضُ يَنْشَقُّ مِنْهُ الكافور، أَو: وَمن النَّخْل: نَوْرُه مَا دامَ فِي الكافورِ، كَانَ أَخْصَرَ. الطِّلْع، بالكَسْر: الاسمُ من الاطِّلاع، وَقد اطَّلَعَه، واطَّلَع عَلَيْهِ، إِذا عَلِمَه، وَقد تقدّم، قَالَ الجَوْهَرِيّ: وَمِنْه اطَّلِعْ طِلْعَ العدُوِّ أَي عِلْمَه، وَمِنْه أَيْضا حَدِيث سَيْفِ بنِ ذِي يَزَنَ قَالَ لعبدِ المُطَّلِبِ: أَطْلَعْتُكَ طِلْعَهُ، وَسَيَأْتِي قَرِيبا. الطِّلْع: المكانُ المُشرِفُ الَّذِي يُطَّلَعُ مِنْهُ، يُقَال: عَلَوْتُ مِنْهَا مَكَانا تُشرِفُ مِنْهُ على مَا حَوْلَها، قَالَه ابْن دُرَيْدٍ. قَالَ: الطِّلْع: الناحيةُ، يُقَال: كن بطِلْعِ الْوَادي، وَيُقَال أَيْضا: فلانٌ طِلْعَ الْوَادي، بغيرِ الباءِ، أُجرِيَ مُجرى وَزْنِ الجبَل، قَالَه الأَزْهَرِيّ، ويُفتَح فيهمَا قَالَ الجَوْهَرِيّ: الكسرُ والفتحُ كِلَاهُمَا صوابٌ، وَفِي العُباب: كِلَاهُمَا يُقَال. قَالَ الأَصْمَعِيّ: الطِّلْعُ كلُّ مُطمَئِنٍّ من الأرضِ أَو ذاتِ رَبْوَةٍ إِذا طَلَعْتَه رَأَيْتَ مَا فِيهِ، وَهُوَ مَجاز. قَالَ أَبُو عمروٍ: من أسماءِ الحَيّةِ: الطِّلْعُ والطِّلُّ. منَ المَجاز: أَطْلَعْتُه طِلْعَ أَمْرِي، بالكَسْر، أَي أَبْثَثْتُه سِرِّي، وَمِنْه حديثُ ابنِ ذِي يَزَنَ المُتَقدِّم. منَ المَجاز: لَو أنّ لي طِلاعَ الأرضِ ذَهَبَاً لافْتَدَيْتُ مِنْهُ. قَالَه عُمرُ رَضِيَ الله عَنهُ عِنْد مَوْتِه، طِلاعُ الشيءِ، ككِتابٍ: مِلْؤُه حَتَّى يَطْلُعَ ويَسيل، قَالَه أَبُو عُبَيْدٍ، وَقَالَ الليثُ: طِلاعُ الأرضِ: مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشمسُ، زادَ الراغبُ: والإنسانُ، قَالَ أَوْسُ بنُ حَجَرٍ يصفُ قَوْسَاً:
(كَتُومٌ طِلاعُ الكَفِّ لَا دونَ مِلْئِها ... وَلَا عَجْسُها عَن مَوْضِعِ الكَفِّ أَفْضَلا)
ج: طُلْعٌ، بالضَّمّ، ككِتابٍ وكُتْبٍ. منَ المَجاز: نَفْسٌ طُلَعَةٌ، كهُمَزَةٍ: تُكثِرُ التَّطَلُّعَ إِلَى الشيءِ، أَي كثيرةُ المَيلِ إِلَى هَواها، تَشْتَهيه حَتَّى تُهلِكَ صاحبَها، المُفرَدُ والجمعُ سَواءٌ، وَمِنْه حَدِيث الحسَن: إنّ هَذِه النفوسَ طُلَعَةٌ، فاقْدَعوها بالمَواعِظ، وإلاّ نَزَعَتْ بكم إِلَى شَرِّ غايةٍ. وَحكى المُبَرِّدُ أنّ الأَصْمَعِيّ أنشدَ فِي الْإِفْرَاد:
(وَمَا تمَنَّيْتُ من مالٍ ومِن عُمُرٍ ... إلاّ بِمَا سَرَّ نَفْسَ الحاسِدِ الطُّلَعَهْ)
منَ المَجاز: امرأةٌ طُلَعَةٌ خُبَأَةٌ، كهُمَزةٍ فيهمَا، أَي تَطْلُعُ مرّةً وتَخْتَبِئُ أُخرى، وَيُقَال: هِيَ الكثيرةُ التَّطلُّعِ والإشرافِ، وَكَذَلِكَ امرأةٌ طُلَعةٌ قُبَعةٌ. وَفِي قولِ الزَّبْرَقانِ بنِ بدرٍ: إنّ أَبْغَضَ كَنائني إليَّ الطُّلَعةُ الخُبَأَة. وَقد مرَّ فِي حرفِ الْهمزَة. وطُوَيْلِعٌ، كقُنَيْفِذٍ: عَلَمٌ، وَهُوَ تصغيرُ طالِعٍ. طُوَيْلِعٌ: ماءٌ لبَني تَميم، بناحيةِ الصَّمَّان، بالشاجِنَة، نَقله الجَوْهَرِيّ، قلتُ: وَهُوَ فِي وادٍ فِي طريقِ البَصْرةِ إِلَى اليَمامةِ بَين الدَّوِّ والصَّمَّانِ أَو: رَكِيَّةٌ عادِيَّةٌ بناحيةِ الشواجِن، عَذْبَةُ الماءِ، قريبةُ)
الرِّشاء. قَالَه الأَزْهَرِيّ. وهما قولٌ واحدٌ، وأنشدَ الجَوْهَرِيّ:
(وأيُّ فَتى وَدَّعْتُ يَوْمَ طُوَيْلِعٍ ... عَشِيَّةَ سَلَّمْنا عليهِ وسَلَّما)
وأنشدَ الصَّاغانِيّ لضَمْرَةَ بنِ ضَمْرَة النَّهْشَليّ:
(فَلَوْ كنتَ حَرْبَاً مَا وَرَدْتُ طُوَيْلِعاً ... وَلَا حَرْفَه إلاّ خَميساً عَرَمْرَما)
قَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: الطَّوْلَع، كَجَوْهَرٍ، وَقَالَ غيرُه: الطُّلَعاءُ، كالفُقهاءِ: القَيءُ، وَهُوَ مَجاز، وَلَو مَثَّلَ الأخيرَ بالغَلْواءِ كَانَ أَحْسَن. وطَليعَةُ الجَيش: من يَطْلُعُ من الْجَيْش، ويُبعَثُ ليَطَّلِعَ طِلْعَ العدوِّ، كالجاسوس، للواحدِ والجميع، قَالَ الأَزْهَرِيّ: وَكَذَلِكَ الرَّبيئةُ، والشِّيفَة، والبَغِيَّةُ بِمَعْنى الطَّليعة، كلُّ لفظةٍ مِنْهَا تصلُحُ للواحدِ والجَماعةِ ج: طَلائِع، وَمِنْه الحَدِيث: كَانَ إِذا غَزا بَعَثَ بينَ يَدَيْهِ طَلائِعَ. وأَطْلَعَ إطْلاعاً: قاءَ، وَهُوَ مَجاز. أَطْلَعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفاً: أَسْدَى مثل أزَلَّ إِلَيْهِ مَعْرُوفا، وَهُوَ مَجاز. أَطْلَعَ الرَّامِي: جازَ سَهْمُه من فوقِ الغرَضِ، يُقَال: رمى فَأَطْلَعَ، وأَشْخَصَ، قَالَه الأسْلَميُّ، وَهُوَ مَجاز. أَطْلَعَ فلَانا: أَعْجَلَه، وَكَذَلِكَ أَرْهَقه، وأَزْلَقه، وأَقْحَمه، وَهُوَ مَجاز. أَطْلَعه على سِرِّه: أَظْهَره وأَعْلَمه، وأبَثَّه لَهُ، وَهُوَ مَجاز، وَمِنْه أَطْلَعتُكَ طِلْعَ أَمْرِي.
ونَخلةٌ مُطْلِعَةٌ، كمُحْسِنَةٍ: مُشرِفَةٌ على مَا حَوْلَها، طالتْ النَّخيلَ وَكَانَت أَطْوَلَ من سائرِها. وطَلَّعَ كَيْلَه تَطْلِيعاً: ملأَه جِدّاً حَتَّى تطَلَّعَ، وَهُوَ مَجاز. واطَّلَعَ على باطنِه، كافْتَعَلَ: ظَهَرَ، قَالَ السَّمينُ فِي قَوْله تَعالى: أَطَّلَعَ الغَيبَ: إنّه يَتَعَدَّى بنَفسِه، وَلَا يَتَعَدَّى بعلى، كَمَا توَهَّمه بعضٌ، حَتَّى يكونَ من الحذفِ والإيصال، نَقله شيخُنا، ثمّ قَالَ: وَلَكِن استدلَّ الشِّهابُ فِي العنايةِ بِمَا للمُصنِّف، فَقَالَ: لَكِن فِي القاموسِ: اطَّلَعَ عَلَيْهِ. فكأنّه يَتَعَدَّى وَلَا يتعدَّى، والاستِدلالُ بغيرِ شاهدٍ غيرُ مفيدٍ. انْتهى. قلتُ: الَّذِي صرَّحَ بِهِ أئمّة اللُّغَة أنّ طَلَعَ عَلَيْهِ، واطَّلَع عَلَيْهِ، وأَطْلَعَ عَلَيْهِ بِمَعْنى واحدٍ، واطَّلَع على باطنِ أمرِه، واطَّلَعه: ظَهَرَ لَهُ وعَلِمَه، فَهُوَ يتعدَّى بنَفسِه وبعلى، كَمَا فِي اللِّسان والعُباب والصحاح، وَكفى بهؤلاءِ قُدوَةً، لَا سِيَّما الجَوْهَرِيّ إِذا قالتْ حَذامِ، فَلَا عِبرَةَ بقولِه: والاستِدلالُ بِهِ إِلَى آخِرِه، وَكَذَا كلامُ السَّمينِ يُتأَمَّلُ فِيهِ، فإنّ إنكارَه قُصورٌ. اطَّلَعَ على هَذِه الأَرْض: بَلَغَها، وَمِنْه قَوْله تَعالى: الَّتِي تَطَّلِعُ على الأفئِدَة، قَالَ الفَرّاءُ: أَي يَبْلُغُ ألَمُها الأفئدة، قَالَ: والاطِّلاعُ والبُلوغُ قد يكون بِمَعْنى واحدٍ، وَقَالَ غيرُه: أَي تُوفِي عَلَيْهَا فتُحرِقُها، من اطَّلَعتُ عَلَيْهِ، إِذا أَشْرَفْتُ، قَالَ الأَزْهَرِيّ: وقولُ الفَرّاءِ أحَبُّ إليَّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزَّجّاج.
والمُطَّلِعُ للمَفْعول: المَأْتِي، يُقَال: مَا لهَذَا الأمرِ مُطَّلَعٌ، أَي وَجْهٌ، وَلَا مَأْتَىً يُؤْتى إِلَيْهِ. وَيُقَال:)
أينَ مُطَّلَعُ هَذَا الأمرِ، أَي مَأْتَاه، هُوَ مَوْضِعُ الاطِّلاعِ من إشْرافٍ إِلَى انحِدارٍ، وَهُوَ مَجاز.
وقولُ عمرَ رَضِيَ الله تَعالى عَنهُ: لَو أنّ لي مَا فِي الأرضِ جَمِيعًا لافْتَديْتُ بِهِ من هَوْلِ المُطَّلَع. يريدُ بِهِ المَوقِفَ يومَ القيامةِ، تشبيهٌ لما يُشرِفُ عَلَيْهِ من أمرِ الآخِرَةِ عَقيبَ الموتِ بذلك، أَي: بالمُطَّلَع الَّذِي يُشرِفُ عَلَيْهِ من مَوْضِعٍ عالٍ. قَالَ الأَصْمَعِيّ: وَقد يكون المُطَّلَع: المَصعَدُ من أسفلَ إِلَى المكانِ المُشرِف، قَالَ: وَهُوَ من الأضداد، وَقد أَغْفَله المُصَنِّف، وَمن ذَلِك فِي الحَدِيث: مَا نَزَلَ من القُرآنِ آيةٌ إلاّ لَهَا ظَهْرٌ وبَطْنٌ، ولكلِّ حرفٍ حَدٌّ، ولكلِّ حَدٍّ مُطَّلَعٌ أَي مَصْعَدٌ يُصعَدُ إِلَيْهِ، يَعْنِي من معرفةِ عِلمِه، وَمِنْه قولُ جَريرٍ يهجو الأخْطلَ:
(إنّي إِذا مُضَرٌ عليَّ تحَدَّبَتْ ... لاقَيْتُ مُطَّلَعَ الجبالِ وُعورا)
هَكَذَا أنشدَه ابنُ بَرّيّ والصَّاغانِيّ وَمن الأولِ قولُ سُوَيْدِ بن أبي كاهِلٍ:
(مُقْعِياً يَرْمِي صَفاةً لم تُرَمْ ... فِي ذُرا أَعْيَطَ وَعْرِ المُطَّلَعْ)
وَقيل: معنى الحَدِيث: أنّ لكلِّ حدٍّ منْتَهكاً يَنْتَهِكُه مُرتَكِبُه، أَي أنّ الله لم يُحرِّم حُرمةً إلاّ عَلِمَ أنْ سَيَطْلُعُها مُسْتَطْلِعٌ. منَ المَجاز: المُطَّلِعُ، بكسرِ اللامِ: القويُّ العالي القاهِر، من قولِهم: اطَّلَعتُ على الثَّنِيَّةِ، أَي عَلَوْتُها، نَقله الجَوْهَرِيّ فِي ضلع وروى أَبُو الهيثَمِ قَوْلَ أبي زُبَيْدٍ:
(أَخُو المَواطِنِ عَيّافُ الخَنَى أُنُفٌ ... للنّائِباتِ وَلَوْ أُضْلِعْنَ مُطَّلِعُ)
أُضْلِعْنَ: أُقِلْنَ. ومُطَّلِعٌ وَهُوَ القويُّ على الأمرِ المُحتَمِل، أرادَ مُضْطَلِعٌ فَأَدْغَم، هَكَذَا رَوَاهُ بخطِّه، قَالَ: ويُروى: مُضْطَلِعٌ وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: يُقَال: هُوَ مُضْطَلِعٌ بحِملِه، كَمَا تقدّم، ويُروى قولُ ابنِ مُقبِلٍ:
(إنّا نقومُ بجُلاّنا فَيَحْمِلُها ... مِنّا طَويلُ نِجادِ السيفِ مُطَّلِعُ)
ويُروى مُضْطَلِعٌ وهما بِمَعْنى. وطالَعَه طِلاعاً، بالكَسْر، ومُطالَعةً: اطَّلَع عَلَيْهِ، وَهُوَ مَجاز، يُقَال: طالَعْتُ ضَيْعَتي، أَي نَظَرْتُها، واطَّلَعْتُ عَلَيْهَا، وَقَالَ الليثُ: هُوَ الاطِّلاعُ، وأنشدَ لحُمَيدِ بنِ ثَوْرٍ:
(فكانَ طِلاعاً من خَصاصٍ ورِقْبَةٍ ... بأَعيُنِ أَعْدَاءٍ وَطَرْفاً مُقَسَّما)
وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: قولُه: طِلاعاً، أَي: مُطالَعةً، يُقَال: طالَعْتُه طِلاعاً ومُطالَعةً، قَالَ: وَهُوَ أحسنُ من أنْ تَجْعَله اطِّلاعاً لأنّه القياسُ فِي العربيَّة. طالَعَ بِالْحَال: عَرَضَها، طِلاعاً، ومُطالَعةً. منَ المَجاز: تطَلَّعَ إِلَى وُرودِه أَو ورودِ كِتابِه: اسْتَشرفَ لَهُ، قَالَ مُتَمِّم بن نُوَيْرةَ، رَضِيَ الله عَنهُ:)
(لَاقَى على جَنْبِ الشَّريعةِ لاطِئاً ... صَفْوَانَ فِي ناموسِه يَتَطَلَّعُ)
تطَلَّعَ فِي مَشْيِه: زافَ نَقَلَه الصَّاغانِيّ، كأنّه لغةٌ فِي تتَلَّعَ، إِذا قدَّمَ عُنُقَه وَرَفَعَ رَأْسَه. تطَلَّعَ المِكيالُ: امْتَلأَ، مُطاوِعُ طلَّعَه تَطْلِيعاً. منَ المَجاز: قولُهم: عافى اللهُ رجُلاً لم يَتَطَلَّعْ فِي فَمِكَ، أَي لم يَتَعَقَّبْ كَلامَك، حَكَاهُ أَبُو زيدٍ، وَنَقله الزَّمَخْشَرِيّ والصَّاغانِيّ. قَالَ ابْن عَبَّادٍ: اسْتَطْلَعَه: ذَهَبَ بِهِ، وَكَذَا اسْتَطلعَ مالَه. منَ المَجاز: اسْتَطلعَ رَأْيَ فلَان، إِذا نَظَرَ مَا عِنْده، وَمَا الَّذِي يَبْرُزُ إِلَيْهِ من أمرِه، وَلَو قَالَ: وَرَأْيه: نَظَرَ مَا هُوَ، كَانَ أَخْصَر. وقَوْله تَعالى: هَل أنتُم مُطَّلِعون، فاطَّلَعَ بتشديدِ الطاءِ وفتحِ النونِ، وَهِي القراءةُ الجيِّدةُ الفَصيحةُ أَي هَل أنتُم تُحِبُّون أَن تَطَّلِعوا فتعلموا أَيْن مَنْزِلة الجَهَنَّمِيِّين، فاطَّلَع المُسلِم، فَرَأى قَرينَه فِي سَواءِ الجَحيم، أَي فِي وسَطِ الجَحيم وَقَرَأَ جماعاتٌ وهم ابنُ عبّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو البَرَهْسَم، وعمّارُ مولى بَني هاشمٍ: هَل أنتُم مُطْلِعون كمُحسِنون فأُطْلِعَ بضمِّ الهمزةِ وسكونِ الطاءِ وكسرِ اللَّام، وَهِي جائزةٌ فِي العربيّةِ على معنى: هَل أَنْتُم فاعِلون بِي ذَلِك. وَقَرَأَ أَبُو عمروٍ وعمار المذكورُ، وَأَبُو سِراجٍ، وابنُ أبي عَبْلَة، بكسرِ النُّون، فأُطلِع، كَمَا مرَّ. قلتُ: وَهِي روايةُ حُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ عَن أبي عمروٍ. قَالَ الأَزْهَرِيّ: وَهِي شاذَّةٌ عِنْد النَّحْوِيِّين أَجْمَعين، ووَجْهُه ضعيفٌ، وَوَجْهُ الكلامِ على هَذَا الْمَعْنى: هَل أَنْتُم مُطْلِعِيَّ، وَهل أَنْتُم مُطْلِعوه، بِلَا نونٍ، كقولِك: هَل أَنْتُم آمِروه، وآمِريَّ. وأمّا قولُ الشَّاعِر:
(همُ القائِلونَ الخَيرَ والآمِرونَه ... إِذا مَا خَشُوا من مُحْدَثِ الأمرِ مُعْظَما) فَوَجْهُ الكلامِ: والآمِرونَ بِهِ، وَهَذَا من شَواذِّ اللُّغَات. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: الطالِع: الفَجرُ الكاذِب، نَقله الجَوْهَرِيّ. اطَّلَع عَلَيْهِ: نَظَرَ إِلَيْهِ حِين طَلَعَ، وَهُوَ مَجاز، نَقله الصَّاغانِيّ والزَّمَخْشَرِيّ، وصاحبُ اللِّسان، وَمِنْه قولُ أبي صَخْرٍ الهُذَليِّ:
(إِذا قلتُ هَذَا حينَ أَسْلُو يَهيجُني ... نَسيمُ الصَّبا من حيثُ يُطَّلعُ الفَجْرُ)
وَيُقَال: آتيكَ كُلَّ يَومٍ طَلَعَتْه الشَّمسُ، أَي طلَعَتْ فِيهِ. وَفِي الدُّعاءِ: طلعَت الشَّمسُ وَلَا تَطلُعُ بنفسِ أَحَدٍ مِنّا، عَن اللِّحيانِيِّ، أَي لَا ماتَ واحِدٌ مِنّا مَعَ طُلوعِها. أَرادَ: وَلَا طَلَعَتْ، فوضَعَ الآتيَ مِنْهَا مَوضِعَ الْمَاضِي. وأَطْلَعَ: لُغَةٌ فِي طَلَعَ، قالَ رُؤْبَةُ: كأَنَّهُ كَوكَبُ غُيْمٍ أَطْلَعا ومطالِعُ الشَّمسِ: مَشارِقُها، ويُقال: شَمسُ مَطالِع، أَو مَغارِب. وتَطَلَّعَه: نظَرَ إِلَيْهِ نَظَرَ حُبٍّ أَو) بُغْضٍ، وَهُوَ مَجازٌ. وأَطْلَعَ الجَبَلَ، كطَلَعَه، نَقله الزَّمخْشَرِيُّ. وأَطْلَعَ رأْسَهُ، إِذا أَشرَف على شيءٍ. والاسمُ من الاطِّلاع: طَلاعٌ، كسَحابٍ. والطُّلوعُ: ظُهورٌ على وَجْهِ العُلُوِّ والتَّمَلُّكِ، كَمَا فِي الكَشَّافِ. ويُقال: أَنا أُطالِعُكَ بِحَقِيقَة الأَمر، أَي أُطْلِعُكَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَجازٌ، كَمَا فِي الأَساسِ، وَكَذَا قولُهُم: طالِعني بكٌ تُبِكَ. واطَّلَعْتُ من فوقِ الجَبَلِ، وأَطْلَعْتُ بمَعنى واحِد. ونَفْسٌ طَلِعَةٌ، كفَرِحَة: شَهِيَّةٌ مُتَطَلِّعَةٌ، على المَثَلِ، وَبِه رُويَ قولُ الحَسَنِ: إنَّ هَذِه النُّفوسَ طَلِعَةٌ، وطَلَّعَه تَطليعاً، أَخرجَه، عامِّيَّةُ. وَمن أَمثال الْعَرَب: هَذِه يَمينٌ قد طلعَت فِي المَخارِمِ، وَهِي الْيَمين الَّتِي تجعلُ لِصاحبِها مَخرَجاً، وَمِنْه قولُ جَريرٍ:
(وَلَا خَيْرَ فِي مالٍ عَلَيْهِ أَلِيَّةٌ ... وَلَا فِي يَمينٍ غيرِ ذاتِ مَخارِمِ)
والمَخارِمُ: الطُّرُقُ فِي الجِبال. وتطَلَّعَ الرَّجُلَ: غلبَه وأَدركَه، وأَنشدَ ثعلَبٌ:
(وأَحفَظُ جاري أَن أُخالِطَ عِرْسَه ... ومَولايَ بالنَّكراءِ لَا أَتَطَلَّعُ)
وَقَالَ ابْن برّيّ: ويُقال: تطالَعْتُهُ: إِذا طرَقْتُهُ، وأَنشدَ أَبو عليٍّ: تَطالَعُني خَيالاتٌ لسَلمى كَمَا يَتطالَعُ الدَّيْنُ الغَريمُ قَالَ: كَذَا أَنشدَهُ، وَقَالَ غيرُه: إنَّما هُوَ يَتَطَلَّع، لأَنَّ تَفاعَلَ لَا يَتعَدَّى فِي الأَكثَرِ، فعلى قولِ أَبي عليٍّ يكونُ مثلَ تَفاوَضْنا الحَديثَ، وتعاطَيْنا الكأْسَ، وتناشَدْنا الأَشعارَ. قالَ: ويُقال: أَطْلَعَتِ الثُّرَيّا، بمَعنى طَلَعَتْ، قَالَ الكُمَيْتُ:
(كأَنَّ الثُّرَيَّا أَطْلَعَتْ فِي عِشائها ... بوَجْهِ فَتاةِ الحَيِّ ذاتِ المَجاسِدِ)
وأَطْلَعَ الشَّجَرُ: أَورَقَ. وأَطْلَعَ الزَّرْعُ: ظَهَرَ، وَهُوَ مَجازٌ. وَفِي التَّهْذِيب: طلعَ الزَّرْعُ طُلوعاً، إِذا بدأَ يَطْلُعُ وظَهَرَ نباتُه. وقَوسٌ طِلاعُ الكَفِّ: يَملأُ عَجْسُها الكَفَّ، وَقد تقدَّمَ شاهِدُه. وَهَذَا طِلاعُ هَذَا، ككِتابٍ، أَي قَدْرُه. والاطِّلاعُ: النَّجاةُ، عَن كُراع. وأَطْلَعَتْ السماءُ، بِمَعْنى أَقْلَعَتْ. ومَطْلَعُ الأمرِ، كَمَقْعَدٍ: مَأْتَاه ووَجْهُه الَّذِي يُؤتى إِلَيْهِ، ومَطْلَعُ الجبلِ: مَصْعَدُه، وأنشدَ أَبُو زيدٍ:
(مَا سُدَّ من مَطْلَعٍ ضاقَتْ ثَنِيَّتُه ... إلاّ وَجَدْتُ سَواءَ الضِّيقِ مُطَّلَعا)
وطالِعَةُ الإبلِ: أوَّلُها. وَكَذَا مَطْلَعُ القَصيدةِ: أوَّلُها، وَهُوَ مَجاز. وتطَلُّعُ النَّفْسِ: تشَوُّفُها ومُنازَعَتُها. وَيَقُولُونَ: هُوَ طالِعُه سعيدٌ: يَعْنُونَ الكَوكبَ. وملأْتُ لَهُ القدَحَ حَتَّى كادَ يَطْلَعُ من نواحيه، وَمِنْه قدَحٌ طِلاعٌ، أَي مَلآن، وَهُوَ مَجاز، وعَينٌ طِلاَعٌ: مَلأى من الدمع، وَهُوَ مَجاز.
وتطَلَّعَ الماءُ من الإناءِ: تدَفَّقَ من نواحيه. وَيُقَال: هَذَا لَك مَطْلَعُ الأكَمَةِ، أَي حاضِرٌ بَيِّنٌ، وَمَعْنَاهُ)
أنّه قريبٌ منكَ فِي مِقدارِ مَا تَطْلُعُ لَهُ الأكَمَةُ، وَيُقَال: الشرُّ يُلقى مَطالِعَ الأكمِ. أَي بارِزاً مكشوفاً. واطَّلَعَتْه عَيْني: اقْتحمَتْه وازْدَرتْه، وكلُّ ذَلِك مَجازٌ. وَفِي المثَل: بعدَ اطِّلاعٍ إيناسٌ.
قَالَه قَيْسُ بنُ زُهَيْرٍ فِي سِباقِه حُذَيْفة بنَ بدرٍ لمّا اطَّلَعتْ فرسُه الغَبْراءُ، فَقَالَ قيسٌ ذَلِك فذهبتْ مَثَلاً، والإيناس: النظَرُ والتثَبُّت، وَذَلِكَ لأنّ الغَبْراءَ سَبَقَت فِي المكانِ الصُّلبِ، فلمّا صِرْنَ فِي الوعَثِ سَبَقَ داحِسٌ بقُوَّتِه، فَلِذَا قَالَ: رُوَيْدَ يَعْلُون الجَدَدْ وإيّاه عَنى الشَّمَّاخُ بقولِه:
(ليسَ بِمَا ليسَ بِهِ باسٌ باسْ ... وَلَا يَضُرُّ البَرَّ مَا قالَ الناسْ)
وإنّه بعدَ اطِّلاع إيناسْ ويُروى: قبلَ اطِّلاعٍ. أَي قبلَ أنْ تطَّلِعَ تُؤْنِسُ بالشيءِ. والمَلِكُ الصالحُ طَلائِعُ بنُ رُزَّيْك، وزيرُ مِصر، الَّذِي وَقَفَ بِرْكَةَ الحَبَشِ على الطالِبِيِّين، وَسَيَأْتِي ذِكرُه فِي رزك.
طلع وَقَالَ أَبُو عبيد فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: مَا نزل من الْقُرْآن آيَة إِلَّا لَهَا 
ط ل ع: (طَلَعَتِ) الشَّمْسُ وَالْكَوْكَبُ مِنْ بَابِ دَخَلَ وَ (مَطْلِعًا) أَيْضًا بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا. وَ (الْمَطْلَعُ) أَيْضًا بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا مَوْضِعُ طُلُوعِهَا. وَ (طَلِعَ) الْجَبَلَ بِالْكَسْرِ (طُلُوعًا) عَلَاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا يَهِيدَنَّكُمُ (الطَّالِعُ) » يَعْنِي الْفَجْرَ الْكَاذِبَ. قُلْتُ: أَيْ لَا تَكْتَرِثُوا لَهُ فَتَمْتَنِعُوا عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ. وَ (اطَّلَعَ) عَلَى بَاطِنِ أَمْرِهِ وَهُوَ افْتَعَلَ. وَطَالَعَهُ بِكُتُبِهِ. وَ (طَالَعَ) الشَّيْءَ أَيِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ. وَ (تَطَلَّعَ) إِلَى وُرُودِ كِتَابِهِ. وَ (الطَّلْعَةُ) الرُّؤْيَةُ. قُلْتُ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَنَا مُشْتَاقٌ إِلَى طَلْعَتِكَ. وَ (الطَّلْعُ) طَلْعُ النَّخْلَةِ، وَ (أَطْلَعَ) النَّخْلُ أَخْرَجَ (طَلْعَهُ) . وَ (أَطْلَعَهُ) عَلَى سِرِّهِ.
وَ (اسْتَطْلَعَ) رَأْيَهُ. وَ (الْمُطَّلَعُ) الْمَأْتَى، يُقَالُ: أَيْنَ مُطَّلَعُ هَذَا الْأَمْرِ أَيْ مَأْتَاهُ. وَهُوَ أَيْضًا مَوْضِعُ (الِاطِّلَاعِ) مِنْ إِشْرَافٍ إِلَى انْحِدَارٍ. وَفِي الْحَدِيثِ: «مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلِعِ» شَبَّهَ مَا أَشْرَفَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ بِذَلِكَ. وَ (طُوَيْلَعٌ) مُصَغَّرًا مَاءٌ لِبَنِي تَمِيمٍ. 

علم التفسير

علم التفسير
وهو: علم باحث عن معنى نظم القرآن، بحسب الطاقة البشرية، وبحسب ما تقتضيه القواعد العربية.
ومباديه: العلوم العربية، وأصول الكلام، وأصول الفقه، والجدل،... وغير ذلك من العلوم الجمة.
والغرض منه: معرفة معاني النظم.
وفائدته: حصول القدرة على استنباط الأحكام الشرعية، على وجه الصحة.
وموضوعه: كلام الله - سبحانه وتعالى - الذي هو: منبع كل حكمة، ومعدن كل فضيلة.
وغايته: التوصل إلى فهم معاني القرآن، واستنباط حكمه، ليفاز به إلى السعادة الدنيوية، والأخروية.
وشرف العلم وجلالته، باعتبار شرف موضوعه وغايته، فهو أشرف العلوم، وأعظمها.
هذا ما ذكره: أبو الخير، وابن صدر الدين.
وذكر العلامة الفناري، في تفسير الفاتحة، فصلا مفيدا في تعريف هذا العلم، ولا بأس بإيراده، إذ هو مشتمل على لطائف التعريف.
قال مولانا: قطب الدين الرازي، في: (شرحه للكشاف) : هو ما يــبحث فيه عن مراد الله - سبحانه وتعالى - من قرآنه المجيد، ويرد عليه: أن الــبحث فيه ربما كان عن أحوال الألفاظ، كمباحث: القراءات، وناسخية الألفاظ، ومنسوخيتها، وأسباب نزولها، وترتيب نزولها،... إلى غير ذلك.
فلا يجمعها حده، وأيضا يدخل في الــبحث في الفقه الأكبر، والأصغر، عما يثبت بالكتاب، فإنه بحث عن مراد الله - تعالى - من قرآنه، فلا يمنعه حده، فكان الشارح التفتازاني إنما عدل عنه لذلك، إلى قوله:
هو: العلم الباحث عن: أحوال ألفاظ كلام الله - سبحانه وتعالى، من حيث: الدلالة على مراد الله - تعالى -.
ويرد على مختاره أيضا: وجوه.
الأول: أن الــبحث المتعلق بألفاظ القرآن، ربما لا يكون بحيث يؤثر في المعنى المراد بالدلالة والبيان، كمباحث علم القراءة، عن أمثال التفخيم، والإمالة، إلى ما لا يحصى، فإن علم القراءة: جزء من علم التفسير، أفرز عنه لمزيد الاهتمام إفراز الكحالة من الطب، والفرائض من الفقه، وقد خرج بقيد الحيثية، ولم يجمعه، فإن قيل: أراد تعريفه بعد إفراز علم القراءة، قلنا: فلا يناسب الشرح المشروح للــبحث في التفسير، عما لا يتغير به المعنى في مواضع لا تحصى.
الثاني: أن المراد بالمراد، إن كان المراد بمطلق الكلام، فقد دخل العلوم الأدبية، وإن كان مراد الله - تعالى - بكلامه، فإن أريد مراده في نفس الأمر، فلا يفيده بحث التفسير، لأن طريقه غالبا: إما رواية الآحاد، أو الدراية بطريق العربية، وكلاهما ظني كما عرف، ولأن فهم كل واحد بقدر استعداده.
ولذلك أوصى المشايخ - رحمهم الله - في الإيمان: أن يقال: آمنت بالله، وبما جاء من عنده، على مراده، وآمنت برسول الله، وبما قاله على مراده، ولا يعين بما ذكره أهل التفسير.
ويكرر ذلك: علم الهدى، في تأويلاته، وإن أريد مراد الله - سبحانه وتعالى - في زعم المفسر، ففيه: حزازة من وجهين:
الأول: كون علم التفسير بالنسبة إلى كل مفسر إلى كل أحد شيئا آخر، وهذا مثل ما اعترض، أي التفتازاني على حد الفقه، لصاحب (التنقيح)، وظن وروده، وإلا فإني أجيب عنه: بأن التعدد ليس في حقيقته النوعية، بل في جزئياتها المختلفة، باختلاف القوابل.
وأيضا، ذكر الشيخ: صدر الدين القونوي، في تفسير: (مالك يوم الدين..) أن جميع المعاني المفسر بها لفظ القرآن رواية أو دراية صحيحتين، مراد الله - سبحانه وتعالى -، لكن بحسب المراتب والقوابل، لا في حق كل أحد.
الثاني: أن الأذهان تنساق بمعاني الألفاظ، إلى ما في نفس الأمر على ما عرف، فلا بد لصرفها عنه، من أن يقال من حيث الدلالة على ما يظن أنه مراد الله - سبحانه وتعالى -.
الثالث: أن عبارة العلم الباحث في المتعارف، ينصرف إلى الأصول، والقواعد، أو ملكتها، وليس لعلم التفسير قواعد يتفرع عليها الجزئيات، إلا في مواضع نادرة، فلا يتناول غير تلك المواضع، إلا بالعناية.
فالأَوْلَى أن يقال: علم التفسير: معرفة أحوال كلام الله - سبحانه وتعالى - من حيث: القرآنية، ومن حيث: دلالته على ما يعلم أو يظن أن مراد الله - سبحانه وتعالى - بقدر الطاقة الإنسانية، فهذا يتناول أقسام البيان بأسرها. انتهى كلام الفناري بنوع تلخيص.
ثم أورد فصولا: في تقسيم هذا الحد إلى: تفسير، وتأويل، وبيان الحاجة إليه، وجواز الخوض فيهما، ومعرفة وجوههما، المسماة: بطونا، أو ظهرا، وبطنا، وحدا، فمن أراد الاطلاع على حقائق علم التفسير، فعليه مطالعته، ولا ينبؤه مثل خبير.
ثم إن المولى: أبا الخير، أطال في (طبقات المفسرين).
ونحن أشرنا: إلى من ليس لهم تصنيف فيه، من مفسري الصحابة، والتابعين، إشارة إجمالية، والباقي مذكور عند ذكر كتابه.
أما المفسرون من الصحابة، فمنهم:
الخلفاء الأربعة.
وابن مسعود.
وابن عباس.
وأبي بن كعب.
وزيد بن ثابت.
وأبو موسى الأشعري.
وعبد الله بن الزبير.
وأنس بن مالك.
وأبو هريرة.
وجابر.
وعبد الله بن عمرو بن العاص، - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين -.
ثم اعلم: أن الخلفاء الأربعة، أكثر من روي عنه: علي بن أبي طالب، والرواية عن الثلاثة، في ندرة جدا.
والسبب فيه: تقدم وفاتهم، وأما علي - رضي الله عنه - فروي عنه الكثير.
عن ابن مسعود، أنه قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن، وإن عليا - رضي الله تعالى عنه - عنده من الظاهر والباطن.
وأما بن مسعود - رضي الله تعالى عنهم -، فروي عنه أكثر مما روي عن علي - رضي الله تعالى عنه -.
مات: بالمدينة، سنة 32، اثنتين وثلاثين.
وأما ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -.
المتوفى: سنة 68، ثمان وستين، بالطائف.
فهو ترجمان القرآن، وحبر الأمة، ورئيس المفسرين، دعا له النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل).
وقد ورد عنه: في التفسير، ما لا يحصى كثرة، لكن أحسن الطرق عنه: طريقة: علي بن أبي طلحة الهاشمي.
المتوفى: سنة 143، ثلاث وأربعين ومائة.
واعتمد على هذه البخاري في (صحيحه).
ومن جيد الطرق عنه: طريق: قيس بن مسلم الكوفي.
المتوفى: سنة 120، عشرين ومائة.
عن عطاء بن السائب.
وطريق: ابن إسحاق صاحب (السير).
وأوهى طريقته: طريق الكلبي، عن أبي صالح.
والكلبي: هو: أبو النصر: محمد بن السائب.
المتوفى: بالكوفة، سنة 146، ست وأربعين ومائة.
فإن انضم إليه رواية: محمد بن مروان السدي الصغير.
المتوفى: سنة 186، ست وثمانين ومائة.
فهي سلسلة الكذب.
وكذلك: طريق: مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي.
المتوفى: سنة 150، خمسين ومائة.
إلا أن الكلبي: يفضل عليه، لما في مقاتل من المذاهب الرديئة.
وطريق: الضحاك بن مزاحم الكوفي.
المتوفى: سنة 102، اثنتين ومائة.
عن: ابن عباس منقطعة، فإن الضحاك لم يلقه.
وإن انضم إلى ذلك: رواية: بشر بن عمارة، فضعيفة ضعف بشر.
وقد أخرج عنه:
ابن جرير.
وابن أبي حاتم.
وإن كان من رواية: جرير عن الضحاك، فأشد ضعفا، لأن جريرا شديد الضعف، متروك.
وإنما أخرج منه:
ابن مردويه.
وأبو الشيخ: ابن حبان.
دون: ابن جرير.
وأما: أبي بن كعب.
المتوفى: سنة 20، عشرين، على خلاف فيه.
فعنه نسخة كبيرة.
يرويها: أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عنه، وهذا إسناد صحيح.
وهو أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن، على عهد رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم -.
وكان أقرأ الصحابة، وسيد القراء.
ومن الصحابة: من ورد عنه اليسير من التفسير، غير هؤلاء، منهم:
أنس بن مالك بن النضر.
المتوفى: بالبصرة، سنة 91، إحدى وتسعين.
وأبو هريرة: عبد الرحمن بن صخر، على خلاف.
المتوفى: بالمدينة، سنة 57، سبع وخمسين.
وعبد الله بن عمر بن الخطاب.
المتوفى: بمكة المكرمة، سنة 73، ثلاث وسبعين.
وجابر بن عبد الله الأنصاري.
المتوفى: بالمدينة، سنة 74، أربع وسبعين.
وأبو موسى: عبد الله بن قيس الأشعري.
المتوفى: سنة 44، أربع وأربعين.
وعبد الله بن عمرو بن العاص السهمي.
المتوفى: سنة 63، ثلاث وستين.
وهو: أحد العبادلة الذين استقر عليهم أمر العلم، في آخر عهد الصحابة.
وزيد بن ثابت الأنصاري.
وأما المفسرون من التابعين، فمنهم:
أصحاب ابن عباس.
وهم علماء مكة المكرمة - شرفها الله تعالى -.
ومنهم:
مجاهد بن حبر المكي.
المتوفى: سنة 103، ثلاث ومائة.
قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة.
واعتمد على تفسيره: الشافعي، والبخاري.
وسعيد بن جبير.
المتوفى: سنة 94، أربع وتسعين.
وعكرمة، مولى: ابن عباس.
المتوفى: بمكة، سنة 105، خمس ومائة.
وطاووس بن كيسان اليماني.
المتوفى: بمكة، سنة 106، ست ومائة.
وعطاء بن أبي رباح المكي.
المتوفى: سنة 114، أربع عشرة ومائة.
ومنهم:
أصحاب ابن مسعود.
وهم: علماء الكوفة.
كعلقمة بن قيس.
المتوفى: سنة 102، اثنتين ومائة.
والأسود بن يزيد.
المتوفى: سنة 75، خمس وسبعين.
وإبراهيم النخعي.
المتوفى: سنة 95، خمس وتسعين.
والشعبي.
المتوفى: سنة 105، خمس ومائة.
ومنهم:
أصحاب: زيد بن أسلم.
كعبد الرحمن بن زيد.
ومالك بن أنس.
ومنهم:
الحسن البصري.
المتوفى: سنة 121، إحدى وعشرين ومائة.
وعطاء بن أبي سلمة ميسرة الخراساني.
المتوفى: سنة...
ومحمد بن كعب القرظي.
المتوفى: سنة 117، سبع عشرة ومائة.
وأبو العالية: رفيع بن مهران الرياحي.
المتوفى: سنة 90، تسعين.
والضحاك بن زاحم.
وعطية بن سعيد العوفي.
المتوفى: سنة 111، إحدى عشرة ومائة.
وقتادة بن دعامة السدوسي.
المتوفى: سنة 117، سبع عشرة ومائة.
وربيع بن أنس السدي.
ثم بعد هذه الطبقة:
الذين صنفوا كتب التفاسير، التي تجمع أقوال الصحابة، والتابعين:
كسفيان بن عيينة.
ووكيع بن الجراح.
وشعبة بن الحجاج.
ويزيد بن هارون.
وعبد الرزاق.
وآدم بن أبي إياس.
وإسحاق بن راهويه.
وروح بن عبادة.
وعبد الله بن حميد.
وأبي بكر بن أبي شيبة.
... وآخرين.
وسيأتي ذكر كتبهم.
ثم بعد هؤلاء: طبقة أخرى، منهم:
عبد الرزاق.
وعلي بن أبي طلحة.
وابن جرير.
وابن أبي حاتم.
وابن ماجة.
والحاكم.
وابن مردويه.
وأبو الشيخ: ابن حبان.
وابن المنذر ... في آخرين.
ثم انتصبت طبقة بعدهم:
إلى تصنيف: تفاسير مشحونة بالفوائد، محذوفة الأسانيد، مثل:
أبي إسحاق الزجاج.
وأبي علي الفارسي.
وأما:
أبو بكر النقاش.
وأبو جعفر النحاس.
فكثيرا ما استدرك الناس عليهما.
ومثل: مكي بن أبي طالب.
وأبي العباس المهدوي.
ثم ألف في التفسير طائفة من المتأخرين:
فاختصروا الأسانيد، ونقلوا الأقوال بتراء، فدخل من هنا الدخيل، والتبس الصحيح بالعليل، ثم صار كل من سنح له قول يورده، ومن خطر بباله شيء يعتمده، ثم ينقل ذلك خلف عن سلف، ظانا أن له أصلا، غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح، ومن هم القدوة في هذا الباب.
قال السيوطي: رأيت في تفسير قوله - سبحانه وتعالى -: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، نحو: عشرة أقول، مع أن الوارد عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وجميع الصحابة، والتابعين: ليس غير اليهود والنصارى.
حتى قال ابن أبي حاتم: لا أعلم في هذا اختلافا من المفسرين.
ثم صنف بعد ذلك: قوم برعوا في شيء من العلوم.
ومنهم: من ملأ كتابه بما غلب على طبعه من الفن، واقتصر فيه على: ما تمهر هو فيه، كأن القرآن انزل لأجل هذا العلم لا غير، مع أن فيه تبيان كل شيء.
فالنحوي: تراه ليس له هم إلا الإعراب، وتكثير الأوجه المحتملة فيه، وإن كانت بعيدة، وينقل قواعد النحو، ومسائله، وفروعه، وخلفياته:
كالزجاج.
والواحدي في: (البسيط).
وأبي حيان في: (البحر والنهر).
والإخباري: ليس له شغل إلا القصص واستيفاؤها، والأخبار عمن سلف، سواء كانت صحيحة أو باطلة.
ومنهم:
الثعلبي.
والفقيه: يكاد يسرد فيه الفقه جميعا، وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية، التي لا تعلق لها بالآية أصلا، والجواب عن أدلة المخالفين:
كالقرطبي.
وصاحب: (العلوم العقلية).
خصوصا:
الإمام: فخر الدين الرازي.
قد ملأ تفسيره: بأقوال الحكماء، والفلاسفة، وخرج من شيء إلى شيء، حتى يقضي الناظر العجب.
قال أبو حيان في (البحر) : جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة، لا حاجة بها في علم التفسير.
ولذلك قال بعض العلماء: فيه كل شيء إلا التفسير.
والمبتدع: ليس له قصد إلا تحريف الآيات، وتسويتها على مذهبه الفاسد، بحيث أنه لو لاح له شاردة من بعيد اقتنصها، أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال سارع إليه.
كما نقل عن البلقيني، أنه قال: استخرجت من (الكشاف) اعتزالا بالمناقيش، منها:
أنه قال في قوله - سبحانه وتعالى -: (فمن زحزح عن النار، وأدخل الجنة فقد فاز)، أي: فوز أعظم من دخول الجنة، أشار به إلى عدم الرؤية.
والملحد: فلا تسأل عن كفره، وإلحاده في آيات الله - تعالى -، وافترائه على الله - تعالى - ما لم يقله.
كقول بعضهم (إن هي إلا فتنتك) : ما على العباد أضر من ربهم.
وينسب هذا القول إلى صاحب: (قوت القلوب)، أبي طالب المكي.
ومن ذلك القبيل: الذين يتكلمون في القرآن بلا سند، ولا نقل عن السلف، ولا رعاية للأصول الشرعية، والقواعد العربية.
كتفسير: محمود بن حمزة الكرماني.
في مجلدين.
سماه: (العجائب، والغرائب).
ضمنه: أقوالا، هي عجائب عند العوام، وغرائب عما عهد عن السلف، بل هي أقوال منكرة، لا يحل الاعتقاد عليها، ولا ذكرها، إلا للتحذير.
من ذلك قول من قال في (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا) : إنه الحب والعشق.
ومن ذلك قولهم في (ومن شر غاسق إذا وقب) : إنه الذكر إذا قام.
وقولهم في (من ذا الذي يشفع عنده) : معناه: (من ذل)، أي: من الذل، و(ذي) : إشارة إلى النفس، و(يشف) : من الشفاء، جواب: مَنْ، و(عِ) : أمر من الوعي.
وسئل البلقيني: عمن فسر بهذا؟ فأفتى بأنه: ملحد.
وأما: كلام الصوفية في القرآن، فليس بتفسير.
قال ابن الصلاح في (فتاواه) : وجدت عند الإمام الواحدي، أنه قال: صنف السلمي (حقائق التفسير)، إن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير، فقد كفر.
قال النسفي في (عقائده) : النصوص تحمل على ظواهرها، والعدول عنها، إلى معان يدعيها أهل الباطن، إلحاد.
وقال التفتازاني في (شرحه) : سميت الملاحدة: باطنية، لادعائهم أن النصوص ليست على ظواهرها، بل لها معان باطنة.
وقال: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين، من أن النصوص على ظواهرها، ومع ذلك فيها إشارات خفية، إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك، يمكن التطبيق بينها، وبين الظواهر المرادة، فهو من كمال العرفان، ومحض الإيمان.
وقال تاج الدين، عطاء الله، في (لطائف المنن) : اعلم: أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله - سبحانه وتعالى -، وكلام رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - بالمعاني الغريبة، ليست إحالة الظاهر عن ظاهره، ولكن ظاهر الآية مفهوم، منه ما جلبت الآية له، ودلت عليه في عرف اللسان، وثَمَّ أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث، لمن فتح الله - تعالى - قلبه.
وقد جاء في الحديث: (لكل آية ظهر وباطن...).
فلا يصدنك عن تلقي هذه المعاني منهم، أن يقول لك ذو جدل: هذا إحالة لكلام الله - تعالى -، وكلام رسول الله، فليس ذلك بإحالة؛ وإنما يكون إحالة، لو قال: لا معنى للآية إلا هذا.
وهم يقولون ذلك، بل يفسرون الظواهر على ظواهرها، مرادا بها موضوعاتها. انتهى.
قال صاحب (مفتاح السعادة) : الإيمان بالقرآن هو: التصديق بأنه كلام الله - سبحانه وتعالى -، قد أنزل على رسوله محمد - صلى الله تعالى عليه وسلم -، بواسطة جبرائيل - عليه السلام -، وأنه دال على صفة أزلية له - سبحانه وتعالى -، وأن ما دل هو عليه بطريق القواعد العربية، مما هو مراد الله - سبحانه وتعالى - حق لا ريب فيه، ثم تلك الدلالة على مراده - سبحانه وتعالى - بواسطة القوانين الأدبية، الموافقة للقواعد الشرعية، والأحاديث النبوية، مراد الله - سبحانه وتعالى -.
ومن جملة ما علم من الشرائع: أن مراد الله - سبحانه وتعالى - من القرآن، لا ينحصر في هذا القدر، لما قد ثبت في الأحاديث: (إن لكل آية ظهرا وبطنا..).
وذلك المراد الآخر لما لم يطلع عليه كل أحد، بل من أعصى فهما وعلما، من لدنه - تعالى - يكون الضابط في صحته: أن لا يرفع ظاهر المعاني المنفهمة، عن الألفاظ بالقوانين العربية، وأن لا يخالف القواعد الشرعية، ولا يباين إعجاز القرآن، ولا يناقض النصوص الواقعة فيها، فإن وجد هذه الشرائط، فلا يطعن فيه، وإلا فهو بمعزل عن القبول.
قال الزمخشري: من حق تفسير القرآن أن يتعاهد بقاء النظم على حسنه، والبلاغة على كمالها، وما وقع به التحدي سليما من القادح، وأما الذين تأيدت فطرتهم النقية، بالمشاهدات الكشفية، فهم القدوة في هذه المسالك، ولا يمنعون أصلا عن التوغل في ذلك.
ثم ذكر ما وجب على المفسر من الآداب، وقال:
ثم اعلم: أن العلماء - كما بينوا في التفسير شرائط - بينوا أيضا في المفسر شرائط، لا يحل التعاطي لمن عري عنها، أو هو فيها راجل، وهي: أن يعرف خمسة عشر علما، على وجه الإتقان، والكمال:
اللغة، والنحو، والتصريف، والاشتقاق، والمعاني، والبيان، والبديع، والقراآت، وأصول الدين، وأصول الفقه، وأسباب النزول، والقصص، والناسخ والمنسوخ، والفقه، والأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم، وعلم الموهبة، وهو: علم يورثه الله - سبحانه وتعالى - لمن عمل بما علم، وهذه العلوم التي لا مندوحة للمفسر عنها، وإلا فعلم التفسير لا بد له من التبحر في كل العلوم.
ثم إن تفسير القرآن ثلاثة أقسام:
الأول: علم لم يطلع الله - سبحانه وتعالى - عليه أحدا من خلقه، وهو: ما استأثر به من علوم أسرار كتابه، من معرفة: كنه ذاته، ومعرفة حقائق أسمائه، وصفاته، وهذا لا يجوز لأحد الكلام فيه.
والثاني: ما أطلع الله - سبحانه وتعالى - نبيه عليه من أسرار الكتاب، واختص به، فلا يجوز الكلام فيه، إلا له - عليه الصلاة والسلام -، أو لمن أذن له.
قيل: وأوائل السور من هذا القسم، وقيل: من الأول.
والثالث: علوم علمها - الله تعالى - نبيه، مما أودع كتابه من المعاني الجلية، والخفية، وأمره بتعليمها.
وهذا ينقسم إلى قسمين:
منه: ما لا يجوز الكلام فيه، إلا بطريق السمع، كأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والقراآت، واللغات، وقصص الأمم، وأخبار ما هو كائن.
ومنه: ما يؤخذ بطريق النظر، والاستنباط، من الألفاظ، وهو قسمان:
قسم: اختلفوا في جوازه ، وهو: تأويل الآيات المتشابهات.
وقسم: اتفقوا عليه، وهو: استنباط الأحكام الأصلية، والفرعية، والإعرابية، لأن مبناها على الأقيسة.
وكذلك: فنون البلاغة، وضروب المواعظ، والحكم، والإشارات، لا يمتنع استنباطها منه، لمن له أهلية ذلك؛ وما عدا هذه الأمور هو: التفسير بالرأي، الذي نهي عنه.
وفيه خمسة أنواع:
الأول: في التفسير، من غير حصول العلوم، التي يجوز معها التفسير.
الثاني: تفسير المتشابه، الذي لا يعلمه إلا الله - سبحانه وتعالى -.
الثالث: التفسير المقرر للمذهب الفاسد، بأن يجعل المذهب أصلا، والتفسير تابعا له، فيرد إليه بأي طريق أمكن، وإن كان ضعيفا.
الرابع: التفسير بأن مراد الله - سبحانه وتعالى - كذا على القطع، من غير دليل.
الخامس: التفسير بالاستحسان والهوى.
وإذا عرفت هذه الفوائد، وإن أطنبنا فيها، لكونها رأس العلوم، ورئيسها.
فاعلم: أن كتب التفاسير كثيرة، ذكرنا منها هاهنا ما هو مسطور في هذا السفر على ترتيبه.
(الإبانة، في تفسير آية الأمانة).
(الإتقان، في علوم القرآن).
(أبين الحصص، في أحسن القصص).
(أحكام القرآن).
كثيرة.
(إرشاد العقل السليم).
لأبي مسعود.
(إرشاد ابن برجان).
(أسباب النزول).
سبق كتبه في فنه.
(إعراب القرآن).
مر ذكر كتبه في فنه.
(أسئلة القرآن).
(إعجاز القرآن).
(إغاثة اللهف، تفسير الكهف).
(أقاليم التعاليم).
(أقسام القرآن).
(الإقناع).
في تفسير: آية الانتصار.
للزمخشري، من أبي المنير.
(الانتصاف، شرح الكشاف).
(الإنصاف، في الجمع بين: الثعلبي والكشاف).
(أنوار التنزيل).
للبيضاوي.
ومتعلقاته.
(أنوار ابن مقسم).
(إيجاز البيان).
(الإيجاز في الناسخ والمنسوخ).
(الإيضاح).
فيه أيضا.
(بحار القرآن).
(بحر الحقائق).
(بحر الدرر).
(بحر العلوم).
(البرهان، في علوم القرآن).
(البرهان، في تفسير القرآن).
(بحر البحور).
(البرهان، في تناسب السور).
(البرهان، في إعجاز القرآن).
(بسيط الواحدي).
(بصائر ذوي التمييز).
(بصائر).
فارسي.
(البيان، في تأويلات القرآن).
(البيان، في مبهمات القرآن).
(البيان، في علوم القرآن).
(البيان، في شواهد القرآن).
(تاج المعاني).
(تاج التراجم).
(تأويلات القرآن).
(تأويلات الماتريدي).
(التبصرة في التفسير).
(تبصير الرحمن).
(التبيان، في إعراب القرآن).
(التبيان، في تفسير القرآن).
(التبيان، في أقسام القرآن).
(التبيان، في مسائل القرآن).
(التبيان، في متشابه القرآن).
(تبيين القرآن).
(تحف الأنام).
(تحقيق البيان).
(التحبير، في علوم التفسير).
(ترجمان القرآن).
(الترجمان في التفسير).
(تعداد الآي).
(التعظيم والمنة).
(تعلق الآي).
علم التفسير: أي تفسير القرآن
هو: علم باحث عن معنى نظم القرآن بحسب الطاقة البشرية وبحسب ما تقتضيه القواعد العربية.
ومباديه: العلوم العربية وأصول الكلام وأصول الفقه والجدل وغير ذلك من العلوم الجمة.
والغرض منه: معرفة معاني النظم بقدر الطاقة البشرية.
وفائدته: حصول القدرة على استنباط الأحكام الشرعية على وجه الصحة والاتعاظ بما فيه من القصص والعبر والاتصاف بما تضمنه من مكارم الأخلاق إلى غير ذلك من الفوائد التي لا يمكن تعدادها لأنه بحر لا تنقضي عجائبه وسبحانه من أنزله وأرشد به عباده.
وموضوعه: كلام الله - سبحانه وتعالى - الذي هو: منبع كل حكمة ومعدن كل فضيلة.
وغايته: التوصل إلى فهم معاني القرآن واستنباط حكمه ليفاز به إلى السعادة الدنيوية والأخروية وشرف العلم وجلالته باعتبار شرف موضوعه وغايته فهو أشرف العلوم وأعظمها هذا ما ذكره أبو الخير وابن صدر الدين والأرتيقي.
قال في: كشاف اصطلاحات الفنون: علم التفسير: علم يعرف به نزول الآيات وشؤونها وأقاصيصها والأسباب النازلة فيها ثم ترتيب مكيها ومدنيها ومحكمها ومتشابهها وناسخها ومنسوخها وخاصها وعامها ومطلقها ومقيدها ومجملها ومفسرها وحلالها وحرامها ووعدها ووعيدها وأمرها ونهيها وامتثالها وغيرها.
قال أبوحيان: التفسير: علم يــبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي يحمل عليه حالة التركيب وتتمات ذلك.
وقال الزركشي: التفسير: علم يفهم به كتاب الله المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات وأما وجه الحاجة إليه فقال بعضهم: اعلم أن من المعلوم أن الله تعالى إنما خاطب خلقه بما يفهمونه ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه وأنزل كتابه على لغتهم وإنما احتيج إلى التفسير لما سيذكر بعد تقرير قاعدة وهي: أن كل من وضع من البشر كتاب فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح وإنما احتيج إلى الشروح لأمور ثلاثة:
أحدها: كمال فضيلة المصنف فإنه بقوته العلمية بجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز فربما عسر فهم مراده فقصد بالشروح ظهور تلك المعاني الدقيقة من ههنا كان شرح بعض الأئمة لتصنيفه أدل على المراد من شرح غيره له"
وثانيها: إغفاله بعض متممات المسئلة أو شروطها اعتمادا على وضوحها أو لأنها من علم آخر فيحتاج الشارح لبيان المتروك ومراتبه.
وثالثها: احتمال اللفظ لمعان مختلفة كما في المجاز والاشتراك ودلالة الالتزام فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنف وترجيحه وقد يقع في التصانيف ما لا يخلو عنه بشر من السهو والغلط أو تكرار الشيء أو حذف المهم أو غير ذلك فيحتاج الشارح للتنبيه على ذلك وإذا تقرر هذا فنقول:
إن القرآن إنما نزل بلسان عربي في زمن فصحاء العرب وكانوا يعلمون ظاهره وأحكامه أما دقائق باطنه فإنما كانت تظهر لهم بعد الــبحث والنظر مع سؤالهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الأكثر كسؤالهم لما نزل: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} فقالوا:
وأينا لم يظلم نفسه ففسره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشرك واستدل عليه {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وغير ذلك مما سألوا عنه - صلى الله عليه وسلم - ونحن محتاجون إلى ما كانوا يحتاجون إليه مع أحكام الظاهر لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلم فنحن أشد احتياجا إلى التفسير.
وأما شرفه: فلا يخفى قال الله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} .
وقال الأصبهاني: شرفه من وجوه:
أحدها: من جهة الموضوع: فإن موضوعه كلام الله تعالى الذي ينبوع كل حكمة ومعدن كل فضيلة.
وثانيها: من جهة الغرض: فإن الغرض منه الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية التي هي الغاية القصوى.
وثالثها: من جهة شدة الحاجة: فإن كل كمال ديني أو دنيوي مفتقر إلى العلوم الشرعية والمعارف الدينية وهي متوقفة على العلم بكتاب الله تعالى.
واختلف الناس في تفسير القرآن: هل يجوز لكل أحد الخوض فيه؟ فقال قوم: لا يجوز لأحد أن يتعاطى تفسير شيء من القرآن وأن كان عالما أديبا متسعا في معرفة الأدلة والفقه والنحو والأخبار والآثار، وليس له إلا أن ينتهي إلى ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.
ومنهم من قال: يجوز تفسيره لمن كان جامعا للعلوم التي يحتاج المفسر إليها وهي خمسة عشر علما: اللغة والنحو والتصريف والاشتقاق والمعاني والبيان والبديع وعلم القراءات: لأنه يعرف به كيفية النطق بالقرآن وبالقراءات يرجح بعض الوجوه المحتملة على بعض وأصول الدين: أي الكلام وأصول الفقه وأسباب النزول والقصص إذ بسبب النزول يعرف معنى الآية المنزلة فيه بحسب ما أنزلت فيه والناسخ والمنسوخ ليعلم المحكم من غيره والفقه والأحاديث المبينة لتفسير المبهم والمجمل وعلم الموهبة وهو علم يورثه الله لمن عمل بما علم وإليه الإشارة بحديث: من عمل بما علم أورثه الله تعالى علم ما لم يعلم.
قال البغوي والكواشي وغيرهما: التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها تحتملها الآية غير مخالف للكتاب والسنة غير محظور على العلماء بالتفسير كقوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} .
وقيل: أغنياء وفقراء.
وقيل: نشاطا أو غير نشاط.
وقيل: أصحاء ومرضى وكل ذلك سائغ والآية تحتمله.
وأما التأويل المخالف للآية والشرخ فمحظور لأنه تأويل الجاهلين مثل تأويل الروافض قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} أنهما علي وفاطمة {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} يعني الحسن والحسين. انتهى.
وذكر العلامة الفناري في: تفسير الفاتحة فصلا مفيدا في تعريف هذا العلم ولا بأس بإيراده اذ هو مشتمل على لطائف التعريف.
قال قطب الدين الرازي في شرحه ل: الكشاف: هو ما يــبحث فيه عن مراد الله - سبحانه وتعالى - من قرآنه المجيد ويرد عليه أن الــبحث فيه ربما كان عن أحوال الألفاظ: كمباحث القراءات وناسخية الألفاظ ومنسوخيتها وأسباب نزولها وترتيب نزولها إلى غير ذلك فلا يجمعها أحده.
وأيضا يدخل فيه الــبحث في الفقه الأكبر والأصغر عما يثبت بالكتاب فإنه بحث عن مراد الله تعالى من قرآنه فلا يمنعه أحد فكان الشارح التفتازاني إنما عدل عنه لذلك إلى قوله: هو العلم الباحث عن أحوال الألفاظ كلام الله - سبحانه وتعالى - من حيث الدلالة على مراد الله وترد على مختاره أيضا وجوه:
الأول: أن الــبحث المتعلق بألفاظ القرآن ربما لا يكون بحيث يؤثر في المعنى المراد بالدلالة والبيان: كمباحث علم القراءة عن أمثال التفخيم والإمالة إلى ما لا يحصى فإن علم القراءة جزء من علم التفسير أفرز عنه لمزيد الاهتمام إفراز الكحالة من الطب والفرائض من الفقه.
وقد خرج بقيد الحيثية ولم يجمعه فإن قيل: أراد تعريفه بعد إفراز علم القراءة
قلنا: فلا يناسب الشرح المشروح للــبحث في التفسير عما لا يتغير به المعنى في مواضع لا تحصى
الثاني: أن المراد بالمراد إن كان المراد بمطلق الكلام فقد دخل العلوم الأدبية وإن كان مراد الله تعالى بكلامه.
فإن أريد مراده في نفس الأمر فلا يفيده بحث التفسير لأن: طريقه غالبا إما رواية الآحاد أو الدراية بطريق العربية وكلاهما ظني كما عرف ولأن فهم كل أحد بقدر استعداده ولذلك أوصى المشائخ - رحمهم الله - في الإيمان أن يقال: آمنت بالله وبما جاء من عنده على مراده وآمنت برسول الله وبما قاله على مراده ولا يعين بما ذكره أهل التفسير ويكرر ذلك على الهدي في تأويلاته.
وإن أريد مراد الله - سبحانه وتعالى - في زعم المفسر ففيه خرازة من وجهين:
الأول: كون علم التفسير بالنسبة إلى كل مفسر بل إلى كل أحد شيئا آخر وهذا مثل ما اعترض على حد الفقه لصاحب: التنقيح وظن وروده وإلا فإني أجيب عنه بأن التعدد ليس في حقيقته النوعية بل في جزئياتها المختلفة باختلاف القوابل.
وأيضا ذكر الشيخ صدر الدين القونوي في تفسير: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} : أن جميع المعاني المفسر بها لفظ القرآن رواية أو دراية صحيحتين مراد الله - سبحانه وتعالى - لكن بحسب المراتب والقوابل لا في حق كل أحد.
الثاني: أن الأذهان تنساق بمعاني الألفاظ إلى ما في نفس الأمر على ما عرف فلا بد لصرفها عنه من أن يقال من حيث الدلالة على ما يظن أنه مراد الله سبحانه وتعالى.
الثالث: أن عبارة العلم الباحث في المتعارف ينصرف إلى الأصول والقواعد أو ملكتها وليس لعلم التفسير قواعد يتفرع عليها الجزئيات إلا في مواضع نادرة فلا يتناول غير تلك المواضع إلا بالعناية فالأولى: أن يقال علم التفسير معرفة أحوال كلام الله سبحانه وتعالى من حيث القرآنية ومن حيث دلالته على ما يعلم أو يظن أنه مراد الله سبحانه وتعالى بقدر الطاقة الإنسانية فهذا يتناول أقسام البيان بأسرها. انتهى كلام الفناري بنوع تلخيص.
ثم أورد فصولا في تقسيم هذا الحد إلى تفسير وتأويل وبيان الحاجة إليه وجواز الخوض فيهما ومعرفة وجوههما المسماة بطونا أو ظهرا أو بطنا فمن أراد الإطلاع على حقائق علم التفسير فعليه بمطالعته ولا ينبؤه مثل خبير.
ثم إن أبا الخير أطال في ذكر: طبقات المفسرين ونحن أشرنا إلى من ليس لهم تصنيف فيه من مفسري الصحابة والتابعين إشارة جمالية والباقي مذكور عند ذكر كتابه.
أما المفسرون من الصحابة فمنهم: الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن الزبير وأنس بن مالك وأبو هريرة وجابر وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم.
ثم اعلم أن الخلفاء الأربعة أكثر من روي عنه علي بن أبي طالب والرواية عن الثلاثة في ندرة جدا والسبب فيه تقدم وفاتهم وأما علي رضي الله عنه فروي عنه الكثير وروي عن ابن مسعود أنه قال إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن وإن عليا - رضي الله عنه - عنده من الظاهر والباطن.
وأما ابن مسعود فروي عنه أكثر مما روي عن علي مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين.
وأما ابن عباس المتوفى سنة ثمان وستين بالطائف فهو: ترجمان القرآن وحبر الأمة ورئيس المفسرين دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل".
وقد روي عنه في التفسير ما لا يحصى كثرة لكن أحسن الطرق عنه طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي المتوفى سنة ثلاث وأربعين ومائة واعتمد على هذه البخاري في صحيحه.
ومن جيد الطرق عنه طريق قيس بن مسلم الكوفي المتوفى سنة عشرين ومائة عن عطاء بن السائب.
وطريق ابن إسحاق صاحب: السير.
وأوهى طريقة طريق الكلبي عن أبي صالح والكلبي: هو أبو النصر محمد بن السائب المتوفى بالكوفة سنة ست وأربعين ومائة فإن انضم إليه رواية محمد بن مروان السدي الصغير المتوفى سنة ست وثمانين ومائة فهي سلسلة الكذب وكذلك طريق مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي المتوفى سنة خمسين ومائة إلا أن الكلبي يفضل عليه لما في مقاتل من المذاهب الردية وطريق ضحاك بن مزاحم الكوفي المتوفى سنة اثنتين مائة عن ابن عباس منقطعة فإن الضحاك لم يلقه وإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة فضعيفة لضعف بشر وقد أخرج عنه ابن جرير وابن أبي حاتم وإن كان من رواية جرير عن الضحاك فأشد ضعفا لأن جريرا شديد الضعف متروك وإنما أخرج عنه ابن مردويه وأبو الشيخ ابن حبان دون ابن جرير وأما أبي ابن كعب المتوفى سنة عشرين على خلاف فيه فعن نسخة كبيرة يرويها أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عنه وهذا إسناد صحيح وهو أحد الأربعة الذي جمعوا القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أقرأ الصحابة وسيد القراء.
ومن الصحابة من ورد عنه اليسير من التفسير غير هؤلاء منهم أنس بن مالك بن النضر المتوفى بالبصرة سنة إحدى وتسعين.
وأبو هريرة عبد الرحمن بن صخر على خلاف المتوفى بالمدينة سنة سبع وخمسين.
وعبد الله بن عمر بن الخطاب المتوفى بمكة المكرمة سنة ثلاث وسبعين.
وجابر بن عبد الله الأنصاري المتوفى بالمدينة سنة أربع وسبعين.
وأبو موسى عبد الرحمن بن قيس الأشرعي المتوفى سنة أربع وأربعين.
وعبد الله بن عمرو بن العاص السهمي المتوفى سنة ثلاث وستين وهو أحد العبادلة الذين استقر عليهم أمر العلم في آخر عهد الصحابة.
وزيد بن ثابت الأنصاري كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - المتوفى سنة خمس وأربعين
وأما المفسرون من التابعين فمنهم أصحاب ابن عباس وهم: علماء مكة المكرمة - شرفها الله تعالى.
ومنهم: مجاهد بن جبر المكي المتوفى سنة ثلاث ومائة قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة واعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري.
وسعيد بن جبير المتوفى سنة أربع وتسعين.
وعكرمة مولى ابن عباس المتوفى بمكة سنة خمس ومائة.
وطاووس بن كيسان اليماني المتوفى بمكة سنة ست ومائة.
وعطاء بن أبي رباح المكي المتوفى سنة أربع عشرة ومائة. ومنهم أصحاب ابن مسعود وهم علماء الكوفة.
كعلقمة بن قيس المتوفى سنة اثنتين ومائة والأسود بن يزيد المتوفى سنة خمس وسبعين.
وإبراهيم النخعي المتوفى سنة خمس وتسعين.
والشعبي المتوفى سنة خمس ومائة.
ومنهم: أصحاب زيد بن أسلم كعبد الرحمن بن زيد ومالك بن أنس.
ومنهم: الحسن البصري المتوفى سنة إحدى وعشرين ومائة وعطاء بن أبي سلمة ميسرة الخراساني ومحمد بن كعب القرظي المتوفى سنة سبع عشرة ومائة وأبو العالية رفيع بن مهران الرياحي المتوفى سنة تسعين والضحاك بن مزاحم وعطية بن سعيد العوفي المتوفى سنة إحدى عشرة ومائة وقتادة بن دعامة السدوسي المتوفى سنة عشرة ومائة والربيع بن أنس والسدي
ثم بعد هذه الطبقة الذين صنفوا كتب التفاسير التي تجمع أقوال الصحابة والتابعين كسفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح وشعبة بن الحجاج ويزيد بن هارون وعبد الرزاق وآدم بن أبي إياس وإسحاق بن راهويه وروح بن عبادة وعبد لله بن حميد وأبي بكر بن أبي شيبة وآخرين.
ثم بعد هؤلاء طبقة أخرى منهم: عبد الرزاق علي بن أبي طلحة وابن جرير وابن أبي حاتم وابن ماجة والحاكم وابن مردويه وأبو الشيخ ابن حبان وابن المنذر في آخرين.
ثم انتصبت طبقة بعدهم إلى تصنيف تفاسير مشحونة بالفوائد محذوفة الأسانيد مثل: أبي أسحق الزجاج وأبي علي الفارسي.
وأما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس فكثيرا ما استدرك الناس عليهما ومثل مكي بن أبي طالب وأبي العباس المهدوي.
ثم ألف في التفسير طائفة من المتأخرين فاختصروا الأسانيد ونقلوا الأقوال بترا فدخل من هنا الدخيل والتبس الصحيح بالعليل ثم صار كل من سنح له قول يورده ومن خطر بباله شيء يعتمده ثم ينقل ذلك خلف عن سلف ظانا أن له أصلا غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح ومن هم القدوة في هذا الباب.
ثم صنف بعد ذلك قوم برعوا في شيء من العلوم ومنهم من ملأ كتابه بما غلب على طبعه من الفن واقتصر فيه على ما تمهر هو فيه وكان القرآن أنزل لأجل هذا العلم لا غير مع أن فيه تبيان كل شيء.
فالنحوي تراه ليس له إلا الإعراب وتكثير الأوجه المحتملة فيه وإن كانت بعيدة وينقل قواعد النحو ومسائله وفروعه وخلافياته ك: الزجاج و: الواحدي في البسيط وأبي حيان في: البحر والنهر.
والإخباري ليس له شغل إلا القصص واستيفاؤها والأخبار عن سلف سواء كانت صحيحة أو باطلة ومنهم الثعلبي.
والفقيه يكاد يسرد فيه الفقه جميعا وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية التي لا تعلو لها بالآية أصلا والجواب عن الأدلة للمخالفين كالقرطبي.
وصاحب العلوم العقلية خصوصا الإمام فخر الدين الرازي قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة وخرج من شيء إلى شيء حتى يقضي الناظر العجب قال أبو حيان في البحر: جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة بها في علم التفسير ولذلك قال بعض العلماء فيه: كل شيء إلا التفسير وللمبتدع ليس له قصد إلا تحريف الآيات وتسويتها على مذهبه الفاسد بحيث أنه لو لاح له شاردة من بعيد اقتنصها أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال سارع إليه كما نقل عن البلقيني أنه قال: استخرجت من: الكشاف اعتزالا بالمناقيش منها أنه قال في قوله - سبحانه وتعالى -: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} أي فوز أعظم من دخول الجنة أشار به إلى عدم الرؤية والملحد لا تسأل عن كفره وإلحاده في آيات الله تعالى وافترائه على الله تعالى ما لم يقله كقول بعضهم: {ِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ} وما علي العباد أضر من ربهم وينسب هذا القول إلى صاحب قوت القلوب أبي طالب المكي.
ومن ذلك القبيل الذين يتكلمون في القرآن بلا سند ولا نقل عن السلف ولا رعاية للأصول الشرعية والقواعد العربية كتفسير محمود بن حمزة الكرماني في مجلدين سماه: العجائب والغرائب ضمنه أقوالا هي: عجائب عند العوام وغرائب عما عهد عن السلف بل هي أقوال منكرة لا يحل الاعتقاد عليها ولا ذكرها إلا للتحذير من ذلك قول من قال في: {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} إنه الحب والعشق ومن ذلك قولهم في: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} إنه الذكر إذا قام وقولهم: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ} معناه من ذل أي من الذل وذي إشارة إلى النفس ويشف من الشفاء جواب من وع أمر من الوعي.
وسئل البلقيني عمن فسر بهذا؟ فأفتى بأنه ملحد.
وأما كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير.
قال ابن الصلاح في فتاواه: وجدت عن الإمام الواحدي أنه قال: صنف السلمي حقائق التفسير إن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر.
قال النسفي في: عقائده: النصوص تحمل على ظواهرها والعدول عنها إلى معان يدعيها أهل الباطن إلحادا وقال التفتازاني في: شرحه: سميت الملاحدة باطنية لادعائهم أن النصوص ليست على ظواهرها بل لها معان باطنة لا يعلمها إلا المعلم وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية.
وقال: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من النصوص على ظواهرها ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة فهو من كمال الإيمان ومحض العرفان.
وقال تاج الدين عطاء الله في: لطائف المنن: اعلم أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله - سبحانه وتعالى - وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالمعاني الغريبة ليست إحالة الظاهر عن ظاهره ولكن ظاهر الآية مفهوم منه ما جلبت الآية له ودلت عليه في عرف اللسان وثم أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث لمن فتح الله تعالى قلبه.
وقد جاء في الحديث: لكل آية ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع فلا يصدنك عن تلقي هذه المعاني منهم أن يقول لك ذو جدل: هذا إحالة كلام الله - تعالى - وكلام رسوله فليس ذلك بإحالة وإنما يكون إحالة لو قال: لا معنى للآية إلا هذا وهم لا يقولون ذلك بل يفسرون الظواهر على ظواهرها مرادا بها موضوعاتها. انتهى. قال في: كشاف اصطلاحات الفنون: أما الظهر والبطن ففي معناهما أوجه ثم ذكرها قال: قال بعض العلماء: لكل آية ستون ألف فهم فهذا يدل على أن في فهم المعاني من القرآن مجالا متسعا وأن المنقول من ظاهر التفسير ليس ينتهي الإدراك فيه بالنقل والسماع لا بد منه في ظاهر التفسير لتتقى به مواضع اللغط ثم بعد ذلك يتسع الفهم والاستنباط ولا يجوز التهاون في حفظ التفسير الظاهر بل لا بد منه أولا إذ لا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر وإن شئت الزيادة فارجع إلى: الإتقان. انتهى.
قال صاحب مفتاح السعادة: الإيمان بالقرآن هو التصديق بأنه كلام الله - سبحانه وتعالى - قد أنزل على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - بواسطة جبريل - عليه السلام - وأنه دال على صفة أزلية له - سبحانه وتعالى - وأن ما دل هو عليه بطريق القواعد العربية مما هو مراد الله - سبحانه وتعالى - حق لا ريب فيه ثم تلك الدلالة على مراده - سبحانه وتعالى - بواسطة القوانين الأدبية الموافقة للقواعد الشرعية والأحاديث النبوية مراد الله سبحانه وتعالى.
ومن جملة ما علم من الشرائع أن مراد الله - سبحانه - من القرآن لا ينحصر في هذا القدر لما قد ثبت في الأحاديث أن لكل آية ظهرا وبطنا وذلك المراد الآخر لما لم يطلع عليه كل أحد بل من أعطي فهما وعلما من لدنه تعالى يكون الضابط في صحته أن لا يرفع ظاهر المعاني المنفهمة عن الألفاظ بالقوانين العربية وأن لا يخالف القواعد الشرعية ولا يباين إعجاز القرآن ولا يناقض النصوص الواقعة فيها فإن وجد فيه هذه الشرائط فلا يطعن فيه وألا فهو بمعزل عن القبول.
قال الزمخشري: من حق تفسير القرآن أن يتعاهد بقاء النظم على حسنه والبلاغة على كمالها وما وقع به التحدي سليما من القادح وأما الذين تأيدت فطرتهم النقية بالمشاهدات الكشفية فهم القدوة في هذه المسالك ولا يمنعون أصلا عن التوغل في ذلك ثم ذكر ما وجب على المفسر من آداب.
وقال: ثم اعلم أن العلماء كما بينوا في التفسير شرائط بينوا في المفسر أيضا شرائط لا يحل التعاطي لمن عري عنها وهو فيها راجل وهي: أن يعرف خمسة عشر علما على وجه الإتقان والكمال: اللغة والنحو والتصريف والاشتقاق والمعنى والبيان والبديع والقراءات وأصول الدين وأصول الفقه وأسباب النزول والقصص والناسخ والمنسوخ والفقه والأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم وعلم الموهبة وهو: علم يورثه الله - سبحانه وتعالى - لمن عمل بما علم وهذه العلوم التي لا مندوحة للمفسر عنها وإلا فعلم التفسير لا بد له من التبحر في كل العلوم.
ثم إن تفسير القرآن ثلاثة أقسام:
الأول: علم ما لم يطلع الله تعالى عليه أحدا من خلقه وهو ما استأثر به من علوم أسرار كتابه من معرفة كنه ذاته ومعرفة حقائق أسمائه وصفاته وهذا لا يجوز لأحد الكلام فيه.
والثاني: ما أطلع الله - سبحانه وتعالى - نبيه عليه من أسرار الكتاب واختص به فلا يجوز الكلام فيه إلا له عليه الصلاة والسلام أو لمن أذن له قيل: وأوائل السور من هذا القسم وقيل: من الأول.
والثالث علوم علمها الله تعالى نبيه مما أودع كتابه من المعاني الجلية والخفية وأمره بتعليمها وهذا ينقسم إلى قسمين: منه ما لا يجوز الكلام فيه إلا بطريق السمع: كأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والقرآن واللغات وقصص الأمم وأخبار ما هو كائن.
ومنه ما يؤخذ بطريق النظر والاستنباط من الألفاظ وهو قسمان:
قسم اختلفوا في جوازه وهو: تأويل الآيات المتشابهات.
وقسم اتفقوا عليه وهو: استنباط الأحكام الأصلية والفرعية والإعرابية: لأن مبناها على الأقيسة وكذلك فنون البلاغة وضروب المواعظ والحكم والإشارات لا يمتنع استنباطها منه لمن له أهلية ذلك وما عدا هذه الأمور هو التفسالمسمى ب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ثم تفسير هذا العبد القاصر المسمى ب: فتح البيان في مقاصد القرآن وقد طبع - بحمد الله تعالى - بمطبعتنا ببلدة بهوبال وكان المصروف في وليمة طبعه عشرين ألف ربية وسارت به الركبان من بلاد الهند إلى بلاد العرب والعجم ورزق القبول من علماء الكتاب والسنة القاطنين ببلد الله الحرام ومدينة نبيه - عليه الصلاة والسلام - ومحدثي اليمن وصنعاء والقدس والمغرب وغير هؤلاء ولله الحمد كل الحمد على ذلك.
فصل
قال ابن خلدون في: بيان علوم القرآن من التفسير والقراءات:
أما التفسير فاعلم أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه وكان ينزل جملا جملا وآيات آيات لبيان التوحيد والفروض الدينية بحسب الوقائع منها: ما هو في العقائد الإيمانية ومنها: ما هو في أحكام الجوارح ومنها: ما يتقدم ومنها: ما يتأخر ويكون ناسخا له وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين المجمل ويميز الناسخ من المنسوخ ويعرفه أصحابه فعرفوه وعرفوا سبب نزول الآيات ومقتضى الحال منها منقولا عنه كما علم من قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} : أنها نعي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمثال ذلك ونقل ذلك عن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وتداول ذلك التابعون من بعدهم ونقل ذلك عنهم ولم يزل ذلك متناقلا بين الصدر الأول والسلف حتى صارت المعارف علوما ودونت الكتب فكتب الكثير من ذلك ونقلت الآثار الواردة فيه عن الصحابة والتابعين وانتهى ذلك إلى الطبري والواقدي والثعالبي وأمثال ذلك من المفسرين فكتبوا فيه ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار.
ثم صارت علوم اللسان صناعية من الكلام في موضوعات اللغة وأحكام الإعراب والبلاغة في التراكيب فوضعت الدواوين في ذلك بعد أن كانت ملكات للعرب لا يرجع فيها إلى نقل ولا كتاب فتنوسي ذلك وصارت تتلقى من كتب أهل اللسان فاحتيج إلى ذلك في تفسير القرآن لأنه بلسان العرب وعلى منهاج بلاغتهم وصار التفسير على صنفين: تفسير نقلي مسند إلى الآثار المنقولة عن السلف وهي: معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ومقاصد الآي وكل ذلك لا يعرف إلا بالنقل عن الصحابة والتابعين وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا إلا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغث والسمين والمقبول والمردود والسبب في ذلك: أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ويستفيدونه منهم وهم أهل التوراة من اليهود من تبع دينهم من النصارى وأهل التوراة الذين بين العرب يومئذ بادية مثلهم ولا يعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب ومعظمهم من حمير الذين أخذوا بدين اليهودية فلما أسلموا بقوا على ما كان عندهم مما لا تعلق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها مثل: أخبار بدء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان والملاحم وأمثال ذلك وهؤلاء مثل: كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم وفي أمثال هذه الأغراض أخبار موقوفة عليهم وليست مما يرجع إلى الأحكام فيتحرى في الصحة التي يجب بها العمل ويتساهل المفسرون في مثل ذلك وملئوا كتب التفسير بهذه المنقولات وأصلها كما قلنا عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ير بالرأي الذي نهى عنه وفيه خمسة أنواع:
الأول: التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها.
التفسير الثاني: تفسير المتشابه الذي لا يعلمه ألا الله - سبحانه وتعالى -.
الثالث: التفسير المقرر للمذهب الفاسد بأن يجعل المذهب أصلا والتفسير تابعا له فيرد إليه بأي طريق أمكن وإن كان ضعيفا.
والرابع: التفسير بأن مراد الله - سبحانه وتعالى - كذا على القطع من غير دليل.
الخامس: التفسير بالاستحسان والهوى.
وإذا عرفت هذه الفوائد وإن أطنبنا فيها لكونه رأس العلوم ورئيسها فاعلم أن كتب التفاسير كثيرة ذكرنا منها في كتابنا: الإكسير في أصول التفسير ما هو مسطور في: كشف الظنون وزدنا عليه أشياء على ترتيب حروف الهجاء.
قال في: مدينة العلوم: والكتب المصنفة في التفسير ثلاثة أنواع: وجيز ووسيط وبسيط.
ومن الكتب الوجيزة فيه: زاد المسيرة لابن الجوزي و: الوجيز للواحدي و: تفسير الواضح للرازي و: تفسير الجلالين إذ عمل نصفه الآخر جلال الدين المحلى وكمله جلال الدين السيوطي والشهير لأبي حيان ومن الكتب المتوسطة: الوسيط للواحدي و: تفسير الماتريدي و: تفسير التيسير لنجم الدين النسفي و: تفسير الكشاف للزمخشري و: تفسير الطيبي و: تفسير البغوي و: تفسير الكواشي و: تفسير البيضاوي و: تفسير القرطبي و: تفسير سراج الدين الهندي و: تفسير مدارك التنزيل لأبي البركات النسفي.
ومن الكتب المبسوطة: البسيط للواحدي و: تفسير الراغب للأصفهاني وتفسير أبي حيان المسمى ب: البحر و: التفسير الكبير للرازي و: تفسير العلامي ورأيته في أربعين مجلدا و: تفسير ابن عطية الدمشقي و: تفسير الخرقي نسبة إلى بائع الخرق والثياب و: تفسير الحوفي و: تفسير القشيري1 و: تفسير ابن عقيل وتفسير السيوطي المسمى ب: الدر المنثور في التفسير المأثور و: تفسير الطبري ومن التفاسير: إعراب القرآن للسفاقسي. انتهى.
قلت: ومن الحسن التفاسير المؤلفة في هذا الزمان الأخير تفسير شيخنا الإمام المجتهد العلامة قاضي القضاة بصنعاء اليمن محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة خمس وخمسين ومائتين وألف الهجرية المسمى بفتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ثم تفسير هذا العبد القاصر المسمى بفتح البيان في مقاصد القرآن وقد طبع - بحمد الله تعالى - بمطبعتنا ببلدة بهوبال وكان المصروف في وليمة طبعه عشرين ألف ربية وسارت به الركبان من بلاد الهند إلى بلاد العرب والعجم ورزق القبول من علماء الكتاب والسنة القاطنين ببلد الله الحرام ومدينة نبيه - عليه الصلاة والسلام - ومحدثي اليمن وصنعاء والقدس والمغرب وغير هؤلاء ولله الحمد كل الحمد على ذلك.
فصل
قال ابن خلدون في: بيان علوم القرآن من التفسير والقراءات:
أما التفسير فاعلم أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه وكان ينزل جملا جملا وآيات آيات لبيان التوحيد والفروض الدينية بحسب الوقائع منها: ما هو في العقائد الإيمانية ومنها: ما هو في أحكام الجوارح ومنها: ما يتقدم ومنها: ما يتأخر ويكون ناسخا له وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين المجمل ويميز الناسخ من المنسوخ ويعرفه أصحابه فعرفوه وعرفوا سبب نزول الآيات ومقتضى الحال منها منقولا عنه كما علم من قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} : أنها نعي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمثال ذلك ونقل ذلك عن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وتداول ذلك التابعون من بعدهم ونقل ذلك عنهم ولم يزل ذلك متناقلا بين الصدر الأول والسلف حتى صارت المعارف علوما ودونت الكتب فكتب الكثير من ذلك ونقلت الآثار الواردة فيه عن الصحابة والتابعين وانتهى ذلك إلى الطبري والواقدي والثعالبي وأمثال ذلك من المفسرين فكتبوا فيه ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار.
ثم صارت علوم اللسان صناعية من الكلام في موضوعات اللغة وأحكام الإعراب والبلاغة في التراكيب فوضعت الدواوين في ذلك بعد أن كانت ملكات للعرب لا يرجع فيها إلى نقل ولا كتاب فتنوسي ذلك وصارت تتلقى من كتب أهل اللسان فاحتيج إلى ذلك في تفسير القرآن لأنه بلسان العرب وعلى منهاج بلاغتهم وصار التفسير على صنفين: تفسير نقلي مسند إلى الآثار المنقولة عن السلف وهي: معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ومقاصد الآي وكل ذلك لا يعرف إلا بالنقل عن الصحابة والتابعين وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا إلا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغث والسمين والمقبول والمردود والسبب في ذلك: أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ويستفيدونه منهم وهم أهل التوراة من اليهود من تبع دينهم من النصارى وأهل التوراة الذين بين العرب يومئذ بادية مثلهم ولا يعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب ومعظمهم من حمير الذين أخذوا بدين اليهودية فلما أسلموا بقوا على ما كان عندهم مما لا تعلق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها مثل: أخبار بدء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان والملاحم وأمثال ذلك وهؤلاء مثل: كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم وفي أمثال هذه الأغراض أخبار موقوفة عليهم وليست مما يرجع إلى الأحكام فيتحرى في الصحة التي يجب بها العمل ويتساهل المفسرون في مثل ذلك وملئوا كتب التفسير بهذه المنقولات وأصلها كما قلنا عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ينقلونه من ذلك إلا أنهم بعد صيتهم وعظمة أقدارهم لما كانوا عليه من المقامات في الدين والملة فتلقيت بالقبول من يومئذ لما رجع الناس إلى التحقيق والتمحيض.
وجاء أبو محمد بن عطية من المتأخرين بالغرب فلخص تلك التفاسير كلها وتحرى ما هو أقرب إلى الصحة منها ووضع ذلك في كتاب متداول بين أهل المغرب والأندلس حسن المنحى.
وتبعه القرطبي في تلك الطريقة على منهاج واحد في كتاب آخر مشهور بالمشرق.
والصنف الآخر من التفسير وهو: ما يرجع إلى اللسان من معرفة اللغة والإعراب والبلاغة في تأدية المعنى بحسب المقاصد والأساليب وهذا الصنف من التفسير قل أن ينفرد عن الأول إذ الأول هو المقصود بالذات وإنما جاء هذا بعد أن صار اللسان وعلومه صناعة نعم قد يكون في بعض التفاسير غالبا ومن أحسن ما اشتمل عليه هذا الفن من التفاسير كتاب: الكشاف للزمخشري من أهل خوارزم العراق إلا أن مؤلفه من أهل الاعتزال في العقائد فيأتي بالحجاج على مذاهبهم الفاسدة حيث تعرض له في أي في القرآن من طرق البلاغة فصار بذلك للمحققين من أهل السنة انحراف عنه وتحذير للجمهور من مكامنه مع إقرارهم برسوخ قدمه فيما يتعلق باللسان والبلاغة وإذا كان الناظر فيه واقفا مع ذلك على المذاهب السنية محسنا للحجاج عنها فلا جرم أنه مأمون من غوائله فلتغتنم مطالعته لغرابة فنونه في اللسان ولقد وصل إلينا في هذه العصور تأليف لبعض العراقيين وهو شرف الدين الطيبي من أهل توريز من عراق العجم شرح فيه كتاب الزمخشري هذا وتتبع ألفاظه وتعرض لمذاهبه في الاعتزال بأدلة تزيفها وتبين أن البلاغة إنما تقع في الآية على ما يراه أهل السنة لا على ما يراه المعتزلة فأحسن في ذلك ما شاء مع إمتاعه في سائر فنون البلاغة - وفوق كل ذي علم عليم -. انتهى كلامه
فصل
قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} وقال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"ستكون فتن", قيل: وما المخرج منها؟ قال: "كتاب الله: فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم" أخرجه الترمذي وغيره.
وقال أبو مسعود: من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خير الأولين والآخرين أخرجه سعيد بن منصور في سننه قال البيهقي: أراد به أصول العلم.
وقال بعض السلف: ما سمعت حديثا إلا التمست له آية من كتاب الله تعالى
وقال سعيد بن جبير: ما بلغني حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم وآله وسلم - على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله أخرجه ابن أبي حاتم.
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: أنزل في هذا القرآن كل علم وميز لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لو أغفل شيئا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة" أخرجه أبو الشيخ في كتاب: العظمة.
وقال الشافعي: جميع ما حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو ما فهمه من القرآن قلت: ويؤيد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه" رواه بهذا اللفظ الطبراني في الأوسط من حديث عائشة رضي الله عنها.
وقال الشافعي أيضا: ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها لا يقال: إن من الأحكام ما ثبت ابتداء بالسنة لأن ذلك مأخوذ من كتاب الله تعالى في الحقيقة لأن الله تعالى أوجب علينا اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غير موضع من القرآن وفرض علينا الأخذ بقوله دون من عداه ولهذا نهى عن التقليد وجميع السنة شرح للقرآن وتفسير للفرقان.
قال الشافعي مرة بمكة المكرمة: سلوني عما شئتم أخبركم عنه من كتاب الله.
فقيل له: ما تقول في المحرم يقتل الزنبور.
فقال: بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ثم روى عن حذيفة بن اليمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنده أنه قال: "اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" ثم روى عن عمر بن الخطاب أنه أمر بقتل المحرم الزنبور ومثل ذلك حكاية ابن مسعود في لعن الواشمات وغيرهن واستدلاله بالآية الكريمة المذكورة وهي معروفة رواها البخاري.
ونحوه حكاية المرأة التي كانت لا تتكلم إلا بالقرآن وهي:
أنها قال عبد الله بن المبارك: خرجت قاصدا بيت الله الحرام وزيارة مسجد النبي - عليه الصلاة والسلام - فبينما أنا سائر في الطريق وإذا بسواد فمررت به وإذا هي عجوز عليها درع من صوف وخمار من صوف فقلت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقالت: {سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} فقلت لها يرحمك الله تعالى ما تصنعين في هذا المكان؟
فقالت: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ} فقلت: أنها ضالة عن الطريق فقلت: أين تريدين؟
فقالت: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} فعلمت أنها قضت حجها وتريد بيت المقدس فقلت: أنت مذ كم في هذا المكان؟
فقالت: ثلاث ليال سويا فقلت أما أرفعك طعاما.
فقالت: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} فقلت لها ليس هذا شهر رمضان.
فقالت: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} فقلت لها قد أبيح لنا الإفطار في السفر.
فقالت: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} فقلت لها لم لا تكلميني مثل ما أكلمك به فقالت: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} فقلت لها: من أي الناس أنت؟
فقالت: {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} فقلت لها: قد أخطأت فاجعلني في حل. فقالت: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم قلت لها: هل لك أن أحملك على ناقتي وتلحقي القافلة؟
قالت: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} فأنخت مطيتي لها.
فقالت: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} فغضضت بصري عنها فقلت: اركبي فلما أرادت أن تركب نفرت الناقة بها ومزقت ثيابها.
فقال: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} فقلت لها: اصبري حتى أعقلها.
فقالت: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} فشددت لها الناقة وقلت لها: اركبي فلما ركبت قالت: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} فأخذت بزمام الناقة وجعلت أسعى وأصيح طربا.
فقالت لي: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} فجعلت أمشي وأترنم بالشعر.
فقالت: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} فقلت: ليس هو بحرام.
قالت: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} فطرقت عنها ساعة فقلت لها: هل لك ربع؟
قالت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} فسكت عنها ولم أكملها حتى أدركت بها القافلة فقلت: لها هذه القافلة فمن لك فيها؟
فقالت: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فعلمت أن لها أولادا ومالا فقلت لها: ما شأنهم في الحاج؟
قالت: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} فعلمت أنهم أدلاء الركب فقصدت بي القبابات والعمارات فقلت: من لك فيها؟
فقالت: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} فناديت: يا إبراهيم يا موسى يا يحيى فجاءوني بالتلبية فإذا هم شبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا فلما استقر بهم الجلوس قالت لهم: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ} فقام أحدهم فاشترى طعاما فقدموه بين يدي وقالت:
{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} فقلت لهم: طعامكم هذا علي حرام حتى تخبروني بامرأتكم هذه فقالوا: هذه لها أربعون سنة ما تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل في كلامها فيسخط الله عليها - فسبحان الله القادر على كل شيء -. انتهت الحكاية1 وهي تدل على أن القرآن الكريم فيه كل شيء.
قال بعض السلف: ما من شيء إلا ويمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله حتى أن بعضهم استنبط عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا وستين سنة من قوله تعالى في سورة المنافقين: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} فإنها رأس ثلاث وستين وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده.
قال المرسي: جمع القرآن وعلوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علما حقيقة إلا المتكلم به ثم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلا ما استأثر به سبحانه ثم ورث عنه معظم ذلك سادة الصحابة وأعلامهم مثل الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس حتى قال: لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله ثم ورث عنهم التابعون بإحسان ثم تقاصرت الهمم وفترت العزائم وتقال أهل العلم وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه فنوعوا علمه وقامت كل طائفة بفن من فنونه فاعتزم قوم بضبط لغاته وتحرير كلماته ومعرفة مخارج حروفه وعدد كلماته وآياته وسوره وأجزائه وأنصافه وأرباعه وعدد سجداته والتعليم عند كل عشر آيات إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهات والآيات المتماثلات من غير تعرض لمعانيه ولا تدبر لما أودع فيه فسموا: القراء.
واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال والحروف العاملة وغيرها وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها وضروب الأفعال واللازم والمتعدي ورسوم خط الكلمات وجميع ما يتعلق به حتى إن بعضهم أعرب مشكله وبعضهم أعربه كلمة كلمة.
واعتنى المفسرون بألفاظه فوجدوا منه لفظا يدل على معنى واحد ولفظا يدل على معنيين ولفظا يدل على أكثر فأجروا الأول على حكمه وأوضحوا معنى الخفي منه وخاضوا في ترجيح أحد محتملات ذي المعنيين والمعاني وأعمل كل منهم فكره وقال بما اقتضاه نظره.
واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية والشواهد الأصلية والنظرية مثل قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده وبقائه وقدمه وقدرته وعلمه وتنزيهه عما لا يليق به وسموا هذا العلم ب: أصول الدين
وتأملت طائفة منهم معاني خطابه وإن منها ما يقتضي العموم ومنها ما يقتضي الخصوص إلى غير ذلك فاستنبطوا منه أحكام اللغات من الحقيقة والمجاز وتكلموا في التخصيص والإضمار والنص والظاهر والمجمل والمحكم والمتشابه والأمر والنهي والنسخ إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة واستصحاب الحال والاستقراء وسموا هذا الفن: أصول الفقه.
وأحكمت طائفة صحيح النظر وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام وسائر الأحكام فابتنوا أصوله وفروعه وبسطوا القول في ذلك بسطا حسنا وسموه ب: علم الفروع وب: الفقه أيضاً.
وتلمحت طائفة ما فيه من قصص القرون السابقة والأمم الخالية ونقلوا أخبارهم ودونوا آثارهم ووقائعهم حتى ذكروا بدء الدنيا أول الأشياء حتى سموا ذلك بالتاريخ والقصص.
وتنبه آخرون لما فيه من الحكم والأمثال والمواعظ التي ترقق قلوب الرجال وتكاد تدكدك شوامخ الجبال فاستنبطوا مما فيه من الوعد والوعيد والتحذير والتبشير وذكر الموت والمعاد والنشر والحشر والحساب والعقاب والجنة والنار فصولا من المواعظ وأصولا من الزواجر فسموا بذلك: الخطباء والوعاظ.
واستنبط قوم مما فيه من أصول التعبير مثل ما ورد في قصة يوسف في البقرات السمان وفي منامي صاحبي السجن وفي رؤياه الشمس والقمر والنجوم ساجدة وسموه: تعبير الرؤيا
واستنبطوا تفسير كل رؤيا من الكتاب فإن عز عليهم إخراجها منه فمن السنة التي هي شارحة للكتاب فإن عسر فمن الحكم والأمثال.
ثم نظروا إلى اصطلاح العوام في مخاطبتهم وعرف عادمهم الذي أشار إليه القرآن بقوله: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} .
وأخذ قوم مما في آية المواريث من ذكر السهام وأربابها وغير ذلك: علم الفرائض واستنبطوا منها من ذكر النصف والثلث والربع والسدس والثمن حساب الفرائض ومسائل العول1 واستخرجوا منها أحكام الوصايا. ونظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدالة على الحكم الباهرة في الليل والنهار والشمس والقمر ومنازله والنجوم والبروج غير ذلك فاستخرجوا منه علم المواقيت.
ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جلالة اللفظ وبديع النظم وحسن السياق والمبادئ والمقاطع والمخالص والتلوين في الخطاب والإطناب والإيجاز وغير ذلك فاستنبطوا منه المعاني والبيان والبديع.
ونظر فيه أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة فلاح لهم من ألفاظه معان ودقائق جعلوا لها أعلاما اصطلحوا عليها من الفناء والبقاء والحضور والخوف والهيبة والأنس والوحشة والقبض والبسط وما أشبه ذلك.
هذه الفنون التي أخذتها الملة الإسلامية منه وقد احتوى على علوم أخر مثل: الطب والجلد والهيئة والهندسة والجبر والمقابلة والنجامة وغير ذلك.
أما الطب: فمداره على حفظ نظام الصحة واستحكام القوة وغير ذلك وإنما يكون باعتدال المزاج بتفاعل الكيفيات المتضادة وقد جمع ذلك في آية واحدة وهي قوله: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} وعرفنا فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاطه وحدوث الشفاء للبدن بعد إعلاله في قوله: {شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} ثم زاد على طب الأجساد بطب القلوب: {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} .
وأما الهيئة: ففي تضاعيف سور من الآيات التي ذكر فيها من ملكوت السموات والأرض وما بث في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات.
وأما الهندسة: ففي قوله تعالى: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ} {لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} فإن فيه القاعدة الهندسية وهي: أن الشكل المثلث لا ظل له.
وأما الجدل: فقد حوت آياته من البراهين والمقدمات والنتائج والقول بالموجب والمعارضة وغير ذلك شيئا كثيرا ومناظرة إبراهيم أصل في ذلك عظيم.
وأما الجبر والمقابلة: فقد قيل: أن أوائل السور فيها ذكر مدد أعوام وأيام وتواريخ أمم سابقة وإن فيها تاريخ بقاء هذه الأمة وتاريخ هذه الدنيا وما مضى وما بقي مضروب بعضها في بعض.
وأما النجامة: ففي قوله: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} فقد فسره ابن عباس بذلك وفيه أصول الصنائع وأسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها فمن الصنائع: الخياطة في قوله: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ} والحدادة في قوله: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} وقوله: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} والبناء في آيات
والنجارة: {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} .
والغزل: {َقَضَتْ غَزْلَهَا} .
والنسج: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً} .
والفلاحة: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} وفي آيات أخر.
والصيد في آيات.
والغوص: {كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ} {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً} .
والصياغة: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً} . والزجاجة: {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} و: {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ} .
والفخارة: {فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ} .
والملاحة: {أَمَّا السَّفِينَةُ} الآية.
والكتابة: {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} وفي آيات أخر.
والخبز والعجن: {أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً} .
والطبخ: {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} .
والغسل والقصارة: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} و {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ} وهم القصارون.
والجزارة: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} والبيع والشراء في آيات كثيرة.
والصبغ {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} و {بِيضٌ وَحُمْرٌ} .
والحجارة: {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً} والكيالة والوزن في آيات كثيرة.
والرمي: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} .
وفيه من أسماء الآلات وضرب المأكولات والمشروبات والمنكوحات وجميع ما وقع ويقع في الكائنات ما يحقق معنى قوله: ما فرطنا في الكتاب من شيء. انتهى كلام المرسي ملخصا مع زيادات.
قال السيوطي في: الإكليل: وأنا أقول: قد اشتمل كتاب الله العزيز على كل شيء أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسئلة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها وفيه علم عجائب المخلوقات وملكوت السموات والأرض وما في الأفق الأعلى وتحت الثرى وبدء الخلق وأسماء مشاهير الرسل والملائكة وعيون أخبار الأمم السابقة: كقصة آدم مع إبليس في إخراجه من الجنة.
وفي الولد الذي سماه عبد الحارث ورفع إدريس وغرق قوم نوح.
وقصة عاد الأولى والثانية وقوم تبع ويونس وأصحاب الرس وثمود والناقة وقوم لوط وقوم شعيب الأولين والآخرين فإنه أرسل مرتين وقصة موسى في ولادته وإلقائه في اليم وقتله القبطي ومسيره إلى مدين وتزوجه ابنة شعيب وكلامه تعالى بجانب الطور ومجيئه إلى فرعون وخروجه وإغراق عدوه وقصة العجل والقوم الذين خرج بهم وأخذتهم الصاعقة وقصة القتيل وذبح البقرة وقصته في قتل الجبارين وقصته مع الخضر والقوم ساروا في سرب من الأرض إلى الصين وقصة طالوت وداود مع جالوت وفتنته وقصة سليمان وخبره مع ملكة سبأ وفتنته وقصة القوم الذي خرجوا فرارا من الطاعون فأماتهم الله ثم أحياهم وقصة إبراهيم في مجادلة قومه ومناظرة نمرود وقصة وضعه ابنه إسماعيل مع أمه بمكة وبنائه البيت وقصة الذبيح وقصة يوسف وما أبسطها وأحسنها قصصا وقصة مريم وولادتها عيسى وإرساله ورفعه وقصة زكريا وابنه يحيى وقصة أيوب وذي الكفل وقصة ذي القرنين ومسيره إلى مطلع الشمس ومغربها وبناء السد وقصة أهل الكهف وقصة أصحاب الرقيم وقصة بخت نصر وقصة الرجلين اللذين لأحدهما الجنة وقصة أصحاب الجنة وقصة مؤمن آل يس وقصة أصحاب الفيل وقصة الجبار الذي أراد أن يصعد إلى السماء. انتهى.
وبقيت قصص لم يشر إليها السيوطي منها: قصة قتل قابيل أخاه هابيل وقصة دفن هابيل بدلالة الغراب وقصة وصية يعقوب بنيه إلى غير ذلك قال: وفيه من شأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوة إبراهيم وبشارة عيسى وبعثه وهجرته.
ومن غزواته: غزوة بدر في سورة الأنفال وأحد في آل عمران وبدر الصغرى فيها والخندق في الأحزاب والنضير في الحشر والحديبية في الفتح وتبوك في براءة وحجة الوداع في المائدة.
ونكاحة زينب بنت جحش وتحريم سرية وتظاهر أزواجه عليه وقصة الإفك وقصة الإسراء وانشقاق القمر وسحر اليهود.
وفيه بدء خلق الإنسان إلى موته وكيفية الموت وقبض الروح وما يفعل بها بعد عودها إلى السماء وفتح الباب للمؤمنة وإلقاء الكافرة وعذاب القبر والسؤال فيه ومقر الأرواح وأشراط الساعة الكبرى العشرة وهي: نزول عيسى وخروج الدجال ويأجوج ومأجوج والدابة والدخان ورفع القرآن وطلوع الشمس من مغربها وغلق باب التوبة والخسف وأحوال البعث: من نفخ الصور للفزع وللصعق وللقيام والحشر والنشر وأهوال الموقف وشدة الشمس وظل العرش والصراط والميزان والحوض والحساب لقوم ونجاه آخرين.
ومنه: شهادة الأعضاء وإيتاء الكتب بالأيمان والشمائل وخلف الظهر والشفاعة أي بالإذن. والجنة1 وأبوابها وما فيها من الأنهار والأشجار والثمار والحلي والأواني والدرجات ورؤية الله تعالى.
والنار2 وما فيها من الأودية وأنواع العقاب وأصناف العذاب والزقوم والحميم إلى غير ذلك مما لو بسط لجاء في مجلدات
وفي القرآن جميع أسمائه تعالى الحسنى كما ورد في الحديث وفيه من أسمائه مطلقا ألف اسم
وفيه: من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة أي سبعون اسما ذكرها السيوطي في آخر: الإكليل.
وفيه: شعب الإيمان البضع والسبعون.
وفيه: شرائع الإسلام الثلاثمائة وخمسة عشر وفيه: أنواع الكبائر وكثير من الصغائر وفيه تصديق كل حديث روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال الحسن البصري: أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها: التوارة والإنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان ثم أودع علوم الفرقان المفصل ثم أودع علوم الفصل فاتحة الكتاب فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة. أخرجه البيهقي.
قلت: ولذلك كانت قراءتها في كل ركعة من الصلاة وإن كان مأموما واجبة عند أهل المعرفة بالحق وكانت السبع المثاني والقرآن العظيم وقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها ما خلا ما صرح بوضعها أهل النقد من علم الحديث وقد فسرها جماعة من أهل العلم مفردة بالتأليف وأبسطوا القول فيها وأجملوا واستنبط الفخر الرازي الإمام منها عشرة آلاف مسئلة كما صرح بذلك في أول: تفسيره الكبير وكل ذلك يدل على عظم مرتبة الكتاب العزيز ورفعة شأن الفرقان الكريم قال الشافعي - رحمه الله -: جميع ما تقول الأئمة شرح للسنة وجميع السنة شرح للقرآن.
قلت: ولذا كان الحديث والقرآن أصلي الشرع لا ثالث لهما وقول الأصوليين أن أدلة الشرع وأصوله أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس تسامح ظاهر كيف وهما كفيلان لحكم كل ما حدث في العالم ويحدث فيه إلى يوم القيامة دلت على ذلك آيات من الكتاب العزيز وآثار من السنة المطهرة وإلى ذلك ذهب أهل الظاهر وهم الذين قال فيهم رسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" الحديث قال بعض السلف: ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من شيء إلا وهو في القرآن أو فيه أصله قرب أو بعد فهم من فهم وعمي منه من عمي وكذا كل ما حكم أو قضى به. انتهى.
فإذا كانت السنة شرحا للكتاب فماذا يقال من فضل الكتاب نفسه وكفى له شرفا أنه كلام ربنا الخلاق الرزاق المنعم بلا استحقاق أنزله حكما عدلا جامعا للعلوم والفضائل كلها والفنون بأسرها والفواضل والمحاسن والمكارم والمحامد والمناقب والمراتب بقلها وكثرها لا يساويه كتاب ولا يوازيه خطاب وهذه جملة القول فيه.
وقد أكثر الناس التصنيف في أنواع علوم القرآن وتفاسيرها وألف الشيخ الحافظ جلال الدين السيوطي - رحمه الله - في جملة من أنواعه: كأسباب النزول والمعرب والمبهمات ومواطن الورود وغير ذلك وما من كتاب منها إلا وقد فاق الكتب المؤلفة في نوعه ببديع اختصاره وحسن تحريره وكثرة جمعه.
وقد أفرد الناس في أحكامه كتبا: كالقاضي إسماعيل والبكر بن العلاء وأبي بكر الرزاي والكيا الهراسي وأبي بكر بن العربي وابن الفرس والموزعي وغيرهم وكل منهم أفاد وأجاد وجمع فأبدع وأوعى.
وللسيوطي في ذلك كتاب: الإكليل في استنباط التنزيل أورد فيه كل ما استنبط منه واستدل به عليه من مسئلة فقهية أو أصولية أو اعتقادية فاشدد بذلك الكتاب يديك وعض عليه بناجذيك.
وألفت أنا في الأحكام خاصة كتاب: نيل المرام من تفسير آيات الأحكام وبالجملة فعلوم الكتاب لا تحصى وتفاسيره لا تستقصى وفنونه لا تتناهى وبركاته لا تقف عند حد وأنواره لا ترسم برسم ولا تحد بحد.
وإذا تقرر ذلك عرفت أن العلوم التي ذكرناها في هذا الكتاب كلها موجودة في ذلك الكتاب دلالة وإشارة منطوقا أو مفهوما مفسرا أو مجملا ولا يعرفها إلا من رسخ قدمه في الكمال وسبح فهمه في بحار العلم بالتفصيل والإجمال والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

فرغ

(فرغ) الشَّيْء أخلاه يُقَال فرغ الْإِنَاء وَفرغ الْمَكَان وَمَا فِي الْوِعَاء صبه
(فرغ) : فَرَغَ يَفْرَغُ: لغة في فَرَغَ يَفْرُغ، وفَرِغَ يَفْرَغُ.
(فرغ) : الفِراغُ: العِدْلُ من الأَحْمالِ، بلغة طَيِّئٍ. 
(فرغ)
الشَّيْء فراغا وفروغا خلا يُقَال فرغ الْإِنَاء وَفرغ الْفُؤَاد وَمن الشَّيْء أتمه وَإِلَى الشَّيْء وَله قَصده وَيُقَال فِي الْوَعيد لأفرغن لَك وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {سنفرغ لكم أَيهَا الثَّقَلَان}

(فرغ) الْفرس فراغة توسع فِي سيره وسرعته والطعنة اتسعت فَهُوَ فريغ وَهِي فريغ وفريغة
ف ر غ: فَرَغَ مِنَ الشُّغْلِ مِنْ بَابِ دَخَلَ وَ (فَرَاغًا) أَيْضًا. وَ (تَفَرَّغَ) لِكَذَا. وَ (اسْتَفْرَغَ) مَجْهُودَهُ فِي كَذَا أَيْ بَذَلَهُ. وَ (فَرِغَ) الْمَاءُ بِالْكَسْرِ (فَرَاغًا) أَيِ انْصَبَّ وَ (أَفْرَغَهُ) غَيْرُهُ. وَحَلْقَةٌ (مُفْرَغَةٌ) أَيْ مُصْمَتَةُ الْجَوَانِبِ. وَ (تَفْرِيغُ) الظُّرُوفِ إِخْلَاؤُهَا. 
ف ر غ : فَرَغَ مِنْ الشُّغْلِ فُرُوغًا مِنْ بَابِ قَعَدَ وَفَرِغَ يَفْرَغُ مِنْ بَابِ تَعِبَ لُغَةٌ لِبَنِي تَمِيمٍ وَالِاسْمُ الْفَرَاغُ وَفَرَغْتُ لِلشَّيْءِ وَإِلَيْهِ قَصَدْتُ وَفَرَغَ الشَّيْءُ خَلَا وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ أَفْرَغْتُهُ وَفَرَّغْتُهُ وَأَفْرَغَ اللَّهُ عَلَيْهِ الصَّبْرَ إفْرَاغًا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ وَأَفْرَغْتُ الشَّيْءَ صَبَبْتُهُ إذَا كَانَ يَسِيلُ أَوْ مِنْ جَوْهَرٍ ذَائِبٍ وَاسْتَفْرَغْتُ الْمَجْهُودَ أَيْ اسْتَقْصَيْتُ الطَّاقَةَ. 
[فرغ] فَرَغْتُ من الشغل أفْرُغُ فُروغاً وفَراغاً وتَفَرَّغْتُ لكذا. واسْتَفْرَغْتُ مجهودي في كذا، أي بذلته. وفَرِغَ الماءُ بالكسر يَفْرَغُ فَراغاً، مثل سمع سماعا، أي انصبّ. وأفْرَغْتُهُ أنا. وحلقةٌ مُفْرَغَةٌ، أي مصمَتَةُ الجوانب. وأفْرَغْتُ الدلاءَ: أرقْتُها. وفَرَّغْتُهُ تفريغاً، أي صببته. وافرغت، أي صببت الماء على نفسي. وتفريغُ الظروف: إخلاؤها. ويزيد بن مفرغ بكسرالراء: شاعر من حمير. والفَرْغُ: مخرَجُ الماء من الدلو من بين العراقيّ، ومنه سمَّي الفرغان: فرغ الدلو المقدم، وفرغ الدلو المؤخَّر، وهما من منازل القمر. وكلُّ واحدٍ منهما كوكبان، بين كل كوكبين قدر خمس أذرع في رأى العين. والفراغة: ماء الرجل، وهو النطفة. وفرسٌ فَريغٌ: واسع المشي. وضربةٌ فَريغَةٌ: واسعةٌ. والطعنةُ الفَرْغاءُ: ذاتُ الفَرْغِ، وهو السَعَةُ. وذهب دمُه فَرْغاً وفِرْغاً، أي هدراً لم يُطلب به.
فرغ
الفَرَاغُ: خلاف الشّغل، وقد فَرَغَ فَرَاغاً وفُرُوغاً، وهو فَارِغٌ. قال تعالى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ
[الرحمن/ 31] ، وقوله تعالى:
وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً
[القصص/ 10] ، أي: كأنّما فَرَغَ من لبّها لما تداخلها من الخوف وذلك كما قال الشاعر:
كأنّ جؤجؤه هواء
وقيل: فَارِغاً من ذكره، أي أنسيناها ذكره حتى سكنت واحتملت أن تلقيه في اليمّ، وقيل:
فَارِغاً، أي: خاليا إلّا من ذكره، لأنه قال: إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها [القصص/ 10] ، ومنه قوله تعالى: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ
[الشرح/ 7] ، وأَفْرَغْتُ الدّلو:
صببت ما فيه، ومنه استعير: أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً
[الأعراف/ 126] ، وذهب دمه فِرْغاً ، أي: مصبوبا. ومعناه: باطلا لم يطلب به، وفرس فَرِيغٌ: واسع العدو كأنّما يُفْرِغُ العدو إِفْرَاغاً، وضربة فَرِيغَةٌ: واسعة ينصبّ منها الدّم.
فرغ
فَرَغَ يَفرُغُ وفَرِغَ يَفْرَغُ فَرَاغاً. وقُرِىء: " حتّى إِذا فُرِّغَ عن قًلُوبِهم ".وقَوْلُه تعالى: " وأصْبَحَ فؤادُ أمِّ مُوسى فارِغاً " أي خالِياً من الصَّبْر، ويُقْرأ: " فرُغاً " أي مُفَرَّغاً.
والفَرْغُ: فَرْغ الدلْوِ وهو حَرْفُها الذي يأخُذُ الماءَ. والفِرَاغُ: ناحِيَتُها.
والإِفْرَاغُ: الصَبُّ، من قَوْله تعالى: " أفْرِغْ علينا صَبْراً " وافْتَرَغْتُ الماءَ: كذلك.
ودِرْهَمٌ مُفْرَغٌ: مَصْبُوبٌ في قالَبِ ليس بمَضْرُوب. وفَرَسٌ فَرِيْغُ المَشْي: هِمْلاجٌ وَسًاعٌ، وقد فَرُغَ فَرَاغَةً. والفِرَاغُ: القَدَحُ الضخْمُ الذي لا يُطاقُ حَمْلُه، وجَمْعُه أفْرِغَةٌ.
والقَوْسُ الفِرَاغُ: هي البَعِيدةُ الرمْي، وقيل: هي العُطُلُ التي لا وَتَرَ عليها.
والفَرِيْغَةُ: المَزَادَةُ الكَثيرةُ الأخْذِ للماء، وتُجْمَعُ فَرَايغَ.
والفِرَاغُ من الإِبل: الغَزِيرةُ الواسِعَةُ حِرَابِ الضَّرْع، وكذلك المُسْتَفْرِغَةُ.
ورَجُلٌ فرَاغُ المَشْي: أي سَرِيْعُهُ واسِعُ الخُطى. والفِرْغُ: الكَثِيرُ من كُلِّ شَيْءٍ. والمَرِحُ من القَوْم. والأرضُ المُجْدِبَةُ. وذَهَبَ دَمُه فِرْغاً: أي هدَراً باطلاً.
والفَرِيْغُ: مُسْتَوىً من الأرض كأنَه طَرِيقٌ.
ف ر غ

هذا إناء ودرهم مفرغٌ ومفرّغ: مصبوب في القالب غير مضروبٍ. و" هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها ". ودلوٌ واسعة الفروغ وهي مفارغ الماء بين العراقي، واحدها فرغٌ، وبه سميَ: فرغاً الدلو وهما كوكبان:

كأن شدقيه إذا تهكّما ... فرغان من غربين قد تخرّما

تهكّم: تغنّى. وقال أمية بن أبي عائذ الهذليّ:

وذكرها فيح نجم الفرو ... غ من صيهب الحرّ برد السمال

وذهب دمه ودماؤهم فرغاً أي هدراً. وقال:

هم الحاملون المحسنون بقومهم ... إذا ما الدماء الفرغ هيب احتمالها

وتقول: اللهم إني أسألك العيش الرافغ، والبال الفارغ. ورأيته بين يديه الماء يغترفه ثم يفترغه أي يفرغه على نفسه.

ومن المجاز: " ربنا أفرغ علينا صبراً ". وهذا كلام فارغ، ولأفرغنّ لك وعيدٌ. وأصابته ضربة ذات فرغٍ: شبهت سعتها بفرغ الدلو وفريغ. وتحته فرس فريغ: وساع. وطريق فريغ: واسع، وفرغ فراغةً. وقد أفرغ عليه ذنوباً إذا ناطقه بما تشوّر منه. وقال الأخطل للشعبي: أنا أستفرغ من إناء واحد وهو يستفرغ من أوعية شتّى: يريد سعة حفظ الشعبي وكثرة ما حار به وتعاظمه. واستفرغ مجهوده. وفرس مستفرغ: لا يدخر من عدوه. قال:

مستفرغ كاهله أشمّ

فرغ


فَرَغَ(n. ac. فَرَاْغ
فُرُوْغ)
a. Became vacant, empty; was unoccupied
unemployed.
b. [Min], Finished with, ended, completed.
c. [La
or
Ila], Was ready for; undertook; devoted himself to.
d.(n. ac. فُرُوْغ), Died.
فَرِغَ(n. ac. فَرَاْغ
فُرُوْغ)
a. see supra
(b)b.(n. ac. فَرَغ), Was poured out (water).
فَرُغَ(n. ac. فَرَاْغَة)
a. Was anxious, fearful.
b. Was deep (wound).
فَرَّغَa. Emptied; made vacant.
b. Poured out; sent down (water).
c. [acc. & La], Gave Leisure for.
أَفْرَغَa. see I (a)b. Poured out; spilt, shed (blood).
c. Cast, moulded (metal).
تَفَرَّغَa. Was free, at leisure.
b. [La], Was soccupied exclusively in; exerted himself in.

إِفْتَرَغَa. Poured water ( upon himself ).
إِسْتَفْرَغَa. see II (a)b. Vomited; expectorated.
c. see V (b)
فَرْغ
(pl.
فُرُوْغ)
a. Mouth, lip, sout, brim ( of a jug & c. ).
b. Width, breadth.
c. see 2
فِرْغa. Emptiness; vacancy.

فَرِغa. see 21
أَفْرَغُa. see 21 (a) (b).
c. Emptier; emptiest.

مَفْرَغ
(pl.
مَفَاْرِغُ)
a. see 1 (a)
فَاْرِغ
(pl.
فُرَّاْغ)
a. Empty, vacant; void; devoid of.
b. Unoccupied, unemployed; disengaged, at leisure
free.

فَرَاْغa. see 2b. Liesure.

فِرَاْغ
(pl.
أَفْرِغَة)
a. see 1 (a)b. Large bowl.
c. Watering-trough.
d. Udder.
c. Saddle-bag.
f. Swift (horse).
فُرَاْغَةa. Sperm.

فَرِيْغa. Wide, ample; capacious.
b. Road; path.
c. see 23 (f)
فَرِيْغَةa. fem. of
فَرِيْغb. Large water-skin.

فُرُوْغa. Constellation of the Gemini.

N. Ag.
أَفْرَغَa. Founder, caster, smelter.

N. P.
أَفْرَغَa. Minted, coined.

N. Ac.
إِسْتَفْرَغَa. Vomiting, sickness.

فَِرْغًا
a. Uselessly lost.

بِالفَارِغ
a. Uselessly; tono purpose.

بَيْتُ الفَرَاغ
a. Privy, Water-closet.

أَفْرَغَ جَهْدَهُ
a. He exerted his atmost.
[فرغ] فيه: كان يفرغ على رأسه ثلاث "إفراغات"، جمع إفراغة: المرة من الإفراغ، من: أفرغت الإناء وفرّغته- إذا قلبت ما فيه. ك: ومنه: ثم "تفرغانه" في أفواه القوم، من: أفرغ. بي: "فأفرغها" في صدري، ضمير المفعول للطشت لا للحكمة وإلا كان إفراغ الإيمان مسكوتًا عنه وإفراغهما لا يتصور، فهو كناية عن إفراغ شيء يحصل به كمال الإيمان أو الحكمة، والتعبير بالثلج كان في صغره وبالحكمة في حال نبوته. تو: أفرغ الماء وفرّغه، لغتان، وفرغ فراغًا من سمع، أي انصب. نه: وفي ح أبي بكر: "أفرغ" إلى أضيافك، أي اعمد واقصد، ويجوز كونه بمعنى التخلي والفراغ ليتوفر على قراهم والاشتغال بهم. وفيه: حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على حمار لنا قطوف فنزل عنه فإذا هو "فراغ" لا يساير، أي سريع المشي واسع الخطو. ن: ولا يعجلن حتى "يفرغ" منه، أي يأكل حاجته بكمالها، وفيه رد لمن أراد القلة بأكل لقم تكسر شدة جوع. وح الجنازة: حتى "يفرغ" منها فله قيراطان، أي حتى يوضع في اللحد، وهو دليل لمن يقول: إنه يحصل بمجرد الوضع، ويفرغ- بضم ياء وفتح راء وعكسه، والأول أحسن، وفيه أن المنصرف لا يحتاج إلى الاستئذان. ك: وفيه: وددت عملًا أعمله "فأفرغ" منه، بالرفع والنصب لأن في الودادة معنى التمني، يعني أنها تمنت لو كان بدل قولها: عليّ نذر- عليّ إعتاق أو علي صوم شهر ونحوه من أعمال معينة حتى يكون كفارتها معلومة ويفرغ منها بإتيانها بخلاف: علي نذر، فإنه مبهم لم يطمئن قلبها بإعتاق رقبة أو رقبتين، أو تمنت أن يدوم لها العمل الذي عملته للكفارة، يعني أكون دائمًا أعتق العبد لها، أو تمنت أنها كفرت حين حلفت ولم يقع الهجرة في هذه المدة. زر: تريد أن القدر المبهم يحمل على إطلاقه على أكثر مما فعلت، فلو كان شيئًا معلومًا كان يتحقق براءة ذمتها. ط: وح: "لتستفرغ" صحفتها ولتنكح فإن لها ما قدر لها، نهى المخطوبة أن تسأل طلاق التي في نكاح الخاطب وسماها أختها ليتحنن عليها، ولتنكح- عطف على: لتستفرغ، وكلاهما علة للنهي، أي ليجعل صحفتها فارغة لتفوز بحظها وتنكح زوجها، واستفراغها من الأطعمة اللذيذة استعارة عن الانفراد بحظوظها وتمتعاتها. وح: "فرغ" إلى كل عبد من خلقه- مر في أثره. غ: ((فؤاد أم موسى "فارغًا")) أي خاليًا من الصبر أو من الاهتمام لوعد الله تعالى برده عليها. و (("سنفرغ" لكم)) سنعمل. و (("أفرغ" علينا صبرًا)) اصبب. وقوس "فراغ"، سريع النبل. ش: اشربا منه "وأفرغا"، بفتح همزة مقطوعة.
(ف ر غ)

الفَراغ: الْخَلَاء.

فَرَغ يَفْرغَ، ويَفْرُغ، فراغا وفُروغا: وفَرِغَ يَفْرَغ، وَفِي التَّنْزِيل: (واصبح فُؤَاد أم مُوسَى فَارغًا) ، أَي: خَالِيا من الصَّبْر.

وفَرَّغ الْمَكَان: اخلاه، وَقد قُريء: (حَتَّى إِذا فُرِّغ من قُلُوبهم) .

وفَرَغ الرجل: مَاتَ، مثل " قَضى "، على الْمثل، لِأَن جِسْمه خلا من روحه.

وإناء فُرُغٌ: مُفَرَّغ.

وقَوْس فُرُغ، وفِرَاغ: بِغَيْر وتر، وَقيل: بِغَيْر سهم.

وناقة فرَاغ، بِغَيْر سَمة.

والفِرَاغ من الْإِبِل: الصفىّ الواسعة جراب الضّرع.

والفَرْغُ: السعَة والسيلان.

وطعنة فَرغاء، وَذَات فَرْغ: وَاسِعَة يسيل دَمهَا.

وَكَذَلِكَ ضُربة فريغة، وفريغ.

وَطَرِيق فَرِيغ: وَاسع. وَقيل: هُوَ الَّذِي قد أثر فِيهِ لِكَثْرَة مَا وُطيء، قَالَ أَبُو كَبِير:

فأجَزْته بأفَلَّ تَحسب أَثره نَهْجاً أبان بذِي فَريغ مَخْرَف

وسَهم فريغ: جَدِيد، قَالَ النَّمر بنُ تولب:

فَريغ الغِرارة على قَدره فشَكً نواهِقه والفَما

وسكِّين فريغ، كَذَلِك.

وَرجل فَرِيغ: حَدِيد اللِّسَان.

وَفرس فَرِيغ: جواد بعيد الشَّحْوة، قَالَ:

ويَكاد يَهلك فِي تَنُوفته شَأوُ الفَريغ وعَقْب ذُو العَقْب

وَقد فَرُغ الْفرس فراغَةً.

وهِمْلاجٌ فَرِيغ: سريع، أَيْضا، عَن كرَاع. والمعْنيان مقترنان، وَفِي التَّنْزِيل: (رَبّنا افرغ علينا صبرا) ، أَي: انْزِلْ صبرا يشْتَمل علينا، وَهُوَ على الْمثل.

وافْتَرغ: افرغ على نَفسه المَاء.

وافرغ عِنْد الْجِمَاع: صب مَاءَهُ.

وافرغ الذَّهَب وَالْفِضَّة، وَنَحْوهمَا من الْجَوَاهِر الذائبة: صبها فِي قالب.

وحَلقة مُفْرغة: مصمتة الجوانب غير مَقْطُوعَة.

ومَفْرغ الدَّلْو: مَا يَلِي مقدم الْحَوْض.

والمفرَغ، والفرَغ: مخرج المَاء من بَين عَراقي الدَّلْو، وَالْجمع: فُروغ.

وفِراغ الدَّلو: ناحيتها الَّتِي يُصَب مِنْهَا المَاء.

والفَرْغ: نجم من منَازِل الْقَمَر فِي الدَّلْو، وهما فرُغَان: الفَرغ الْمُقدم، والفَرغ الْمُؤخر.

والفِراغ، الْإِنَاء بِعَيْنِه، عَن ابْن الْأَعرَابِي.

والفِرَاغ: الأودية، عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَلم يذكر لَهَا وَاحِدًا، وَلَا اشتقها من شَيْء.

وَذهب دَمه فِرْغاً، وفِرْغاً، أَي: هدرا بَاطِلا. 
فرغ: فرغت: يقال عما بعد وقته. (بوشر).
فرغ: تخلص من، تملص من. خلا من (بوشر).
فرغ الشيء: عامية فرغ منه أي أتمه، وأنجزه، وأكمله. وأنهاه (معجم أبي الفدا).
فرغ بفلان: تخلص منه، أجهز عليه. (أخبار ص35).
فرغ من: استهلك الزاد، استنفذه (بوشر).
فرغ من فلان: أجهز عليه، قتله. (أخبار ص90) فرغ: خلا، شغر. (بوشر).
فرغ: قصدن ويقال أيضا: فرغ إلى (عباد 1: 249).
فرغ: انتهى، انقضى، ويستعمل مجازا بمعنى: قضى، توفي. مات، بوشر الجريدة الآسيوية 1848، 2: 245).
فرغ: استنفذ، استهلك، نفد، فني- (الجريدة الآسيوية 1851، 1، 55)، وفي رياض النفوس (ص23 و): قال أصلحك الله كتاب أتاني من البادية أخبروني فيه أن الزريعة قد فرغت فابعث إلينا بالزريعة.
لا يفرغ: لا ينضب، لا ينفد، ر يفنى. (بوشر).
فرغ: تم، أنجز، كمل، انتهى. (ألف ليلة 1: 253).
فرغ: خلا، خوى، كان فارغا، خاليا، خاويا (معجم الإدريسي).
فرغ: ذوب، أذاب، صهر، (معجم الإدريسي). وفي المعجم اللاتيني العربي: conflo, fundo أسيل (وأذيب وافرغ). وعند دوكانج: إساحة، إذابة، تذويب صهر المعادن و ( fusills و productilis: مفروغ). المقري 1: 658) وفي معجم فوك: فرغ ومفروغ بمعنى مذاب ومصهور.
فرغ: افرغ، صب بين حجارة البناء رصاصا مصهورا لمربطها. (معجم الإدريسي).
فرغ (بالتشديد). فرغ المكان: أخلاه. (بوشر).
فرغ معدته: تقيأ، استفرغ، قذف ما في معدته. (بوشر).
فرغ: أنزل الحمل وأخرجه من المركب. (معجم الإدريسي).
تفريغ التصبيرة: إلقاء صأبورة مركب، تخفيف حمولة المركب. (بوشر).
فرغ: أطلق سلاحا ناريا، وأخلاه من الرصاص. (بوشر).
فرغ: صفى، صفق. نقل الخمر من برميل إلى آخر لتصفيتها، ونقل السائل من إناء إلى آخر لتصفيته. (بوشر، فوك).
فرغ، روق الخمر وصفاها (همبرت ص203).
فرغ: صرف الماء. ففي الإدريسي (القسم الرابع، الفصل الثالث): وفي هذه القنطرة منافس تفرغ من البحر إلى البحيرة ومن البحيرة إلى البحر.
فرغ: ذوب، أذاب، صهر. (معجم الإدريسي).
فرغ: ثبت الحجارة في البناء بالرصاص المصهور أو بالكلس. (معجم الإدريسي).
فرغ فلانا أو على فلان: البسه، كساه، سربله. (فوك) وانظرها في مادة افرغ.
افرغ: أخلى. (لين، معجم الطرائف، رتجرز ص176، 178).
افرغ: حل الطرود. ففي ألف ليلة (1: 59): وافرغوا ما في القفص ووضعوا كل شيء في محله.
افرغ: قدم دجاجة مشوية على صحفة. (ابن بطوطة 4: 69).
افرغ: ذوب، أذاب، صهر. (معجم الإدريسي فوك).
افرغ: ثبت الحجارة في البناء بالرصاص المصهور أو بالكلس. (معجم الإدريسي).
افرغ: أسبغ أضفى على. ففي تاريخ البربر (1: 106): ويشتملون الصماء بالأكسية المعلمة ويفرغون عليها البرانس الكحل. وفي كوسج (طرائف ص80): افرغ عليه درعه. وانظر مادة فرغ.
تفرغ: كان حر التصرف. (أخبار 3: 11) تفرغ إلى: كان له متسع من الوقت ليخصصه إلى، كرس وقت فراغه إلى. ففي كتاب الخطيب (ص136 ق): ويفرغ إليه الطاغية ففغر عليه فمه.
تفرغ ل: تخلى من الشغل لينصرف إلى، خصص، وقف نفسه على (لين). وفي كتاب لخطيب (ص112 ق): وكان له يوم في كل جمعة يتفرغ للمناظرة.
تفرغ من: انصب من، أنسكب من. (فوك).
تفرغ (مصدر تفرغ): تدفق، اندفاق، انسكاب، الصب من إناء إلى آخر (الكالا).
تفرغ من: خلا من. ففي كرتاس (ص231): قد تفرغت مخازنهم من الزرع.
انفرغ: تخلص، ارتاح. (أبو الوليد ص548 رقم 50).
أنفرغ: أنصهر. (فوك).
استفرغ: فرغ حمولة المركب (تاريخ البربر 1: 394).
استفرغ معدته: قذف ما في معدته، قاء، تقيأ، (بوشر).
استفرغ بطنه: تغوط، خرئ، (بوشر).
استفرغ: اندفق، تدفق، فاض، طفح (بوشر).
استفرغ: خارت قوته. تبددت قواه. (أبو الوليد ص789 رقم 23).
استفرغ: انطفأ. يقال: استفرغت النار، واستفرغت الشمعة. إذا انطفأت لنفاد الوقود. (الكتلا) وفيه: مستفرغ.
استفرغ: زال، اضمحل. (فوك).
استفرغ: غشي عليه، أغمي عليه (فوك، الكالا).
استفرغ ضحكا: أفرط في الضحك، استغرب في الضحك، بالغ فيه. (المقري 1: 472).
استفرغ: سبب الغثيان، تسبب بالإغماء (الكالا).
فَرْغ: ملاط، لياط، خليط من الرمل والكلس، زرقاء. (فوك).
فراغ: انتهاء، انقضاء، أجل الاستحقاق، أجل لدفع الدين. (بوشر).
فراغ: خلو، خواء، خلاء. (بوشر).
فراغ: عطلة عن العمل، زمن البطالة (بوشر).
معجم البيان، معجم الطرائف.
أحوال الفراغ. (المقدمة 2: 360) وانظر المقدمة (1: 9). وقد ترجمها السيد دي سلان إلى الفرنسية بما معناه: أمور الملذات البسيطة.
وفي المقدمة (2: 361) مجالس الفراغ واللهو.
وفي المقدمة (1: 3): الفراغ والفرح.
سيلان الفراغ: إفراغ البلغم وإبرازه وإخراجه (باين سميث 1698).
فراغ: إناء، وعاء. والجمع فراغات (بوشر).
فروغ: انتهاء، انقضاء، أجل الاستحقاق، أجل لدفع الدين. (بوشر).
فروغ: خلو، خلاء، خواء. (بوشر).
فروغ: تبذير، إسراف. (بوشر).
فراغة: تجويف، فجوة، صثب، (بوشر).
فراغ: شباك، صاهر المعادن. (فوك).
فروغ: فارغ، خال. (فوك).
فروغ: باطل، لا طائل تحته، عبث، سدى (فوك).
فروغة: يزال، صنبور، حنفية برميل (ماكالا).
فروغة القزاز: قصب، زمارة قصب، مزمار من قصب، ناي. (فوك).
فارغ: خال من العمل، عاطل من العمل، بطال. (بوشر).
فارغ: فاض. قاعد عن العمل، بطال عاطل (المقري 1: 136).
فارغ: عبث، سدى، باطل. (فوك).
فارغ أو بالفارغ: عبثا، للا جدوى. (الكالا).
فارغ: أجوف، مجوف، مقعر، مفرغ. (معجم الإدريسي).
فارغ: مخلوع، معزول، مقال، مجرد من، محروم من. (بوشر).
فارغ: عيار عديل، ثقل إضافي يوضع في إحدى كفتي حسابه. (بوشر).
الأيام الفارغة: هي الأيام المشهورة بأنها أيام مشؤومة للزراعة في الشهر القمري. (ابن العوام 1: 222، 223، 224) وانظر الزراعيون لفرجيل (ج1، البيت 276) مع تعليقة هين.
البحر الفارغ: جزر البحر، انحسار ماء البحر. (بوشر بربرية).
فارغ العنق: فرس في عنقه عيب أو علة، (ابن العوام 2: 497).
تفريغ: مبلغ من الدراهم يدفع لتنزيل البضائع من المركب. (أماري ديب ص132).
تفريغ: تساقط الأوراق من الشجر حسب تفسير ابن العوام (1: 626) وهذا صواب قراءتها كما يقول كليمنت - موليه. وكذلك في (1: 21).
مفرغ: تصحيف مفرغ، والجمع مفارغ. قمع وهو إناء مخروطي الشكل يوضع فم الوعاء ليصب فيه السائل. (فوك).
مفرغات: بلاغم. (باين سميث 1701، بار علي رقم 4636).
مفرغ الدلو= مفرغ. (لين، الكامل ص633). استفراغات نفاسية: سيلان الدم ونزيفه بعد الولادة. (بوشر).

فرغ: الفَراغُ: الخَلاءُ، فَرَغَ يَفْرَغُ ويَفْرُغُ فَراغاً وفُروغاً

وفَرِغَ يَفْرَغُ. وفي التنزيل: وأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ موسى فارِغاً، أَي

خالياً من الصبر، وقرئ فُرُغاً أَي مُفَرَّغاً. وفَرَّغَ المكانَ:

أَخلاه، وقد قرئ: حتى إِذا فُرِّغَ عن قلوبِهم، وفسر: فَرَّغَ قلوبَهم من

الفَزَعِ. وتَفْرِيغُ الظُّرُوفِ: إِخْلاؤها. وفَرَغْتُ من الشُّغُلِ

أَفْرُغُ فُروغاً وفَراغاً وتَفَرَّغْتُ لكذا واستَفْرَغْتُ مَجْهُودِي في

كذا أَي بذلتُه. يقال: اسْتَفْرَغَ فلان مَجْهُودَه إِذا لم يُبْق من

جُهْدِه وطاقتِه شيئاً. وفَرَغَ الرجلُ: ماتَ مثل قَضَى، على المثَل، لأَن

جسمه خَلا من رُوحِه.

وإِناءٌ فُرُغٌ: مُفَرَّغٌ. قال ابن الأَعرابي: قال أَعرابي تَبَصَّرُوا

الشَّيِّفانَ، فإِنه يَصُوكُ على شَعَفةِ المَصادِ كأَنه قِرْشامٌ على

فَرْغِ صَقْرٍ؛ يَصُوك أَي يَلْزَمُ، والمَصادُ الجبل، والقِرْشامُ

القُرادُ، والفَرْغُ الإِناء الذي يكون فيه الصَّقْرُ، وهو الدُّوشابُ.

وقَوْسٌ فُرُغٌ وفِراغٌ: بغير وَتَرٍ، وقيل: بغير سَهْمٍ. وناقة فِراغٌ:

بغير سِمةٍ. والفِراغُ من الإِبل: الصَّفِيُّ الغَزِيرةُ الواسِعةُ

جِرابِ الضَّرْعِ. والفَرْغُ: السَّعةُ والسَّيَلانُ. الأَصمعي: الفِراغُ

حَوْضٌ من أَدَمٍ واسِعٌ ضَخْمٌ؛ قال أَبو النجم:

طافَ به جَنْبَيْ فِراغٍ عَثْجَل

ويقال: عنى بالفِراغِ ضَرْعها أَنه قد جَفَّ ما فيه من اللَّبَن

فَتَغَضَّنَ؛ وقال امرؤُ القيس:

ونَحَتْ له عن أَرزِ تالئة

فِلْقٍ فِراغٍ مَعابِلٍ طُحْل

أَراد بالفِراغِ ههنا نِصالاً عَرِضةً، وأَراد بالأَرْزِ القَوْسَ

نفسَها، شبَّهها بالشجرة التي يقال لها الأَرْزةُ، والمِعْبَلةُ: العَرِيضُ من

النِّصالِ.

وطَعْنةٌ فَرْغاءُ وذاتُ فَرْغٍ: واسِعةٌ يَسِيلُ دَمُها، وكذلك ضَرْبة

فرِيغةٌ وفَرِيغٌ. والطعنةُ الفَرْغاءُ: ذات الفَرْغ وهو السَّعةُ.

وطرِيقٌ فرِيغٌ: واسِعٌ، وقيل: هو الذي قد أُثِّرَ فيه لكثرة ما وُطِئَ؛

قال أَبو كبير:

فأَجَزْتُه بأَفَلَّ تَحْسَبُ أَثْرَه

نَهْجاً ، أَبانَ بِذِي فَرِيغٍ مَخْرَفِ

والفَرِيغُ: العرِيضُ؛ قال الطرمّاح يصف سِهاماً:

فِراغٌ عَوارِي اللِّيطِ ، تُكْسَى ظُباتُها

سَبائِبَ ، منها جاسِدٌ ونَجِيعُ

وقوله تعالى: سَنَفْرُغُ لكم أَيُّها الثَّقَلانِ؛ قال ابن الأَعرابي:

أَي سَنَعْمِد، واحتج بقول جرير:

ولَمَّا اتَّقَى القَيْنُ العَراقيَ بِاسْتِه،

فَرَغْتُ إلى العَبْدِ المُقَيَّدِ في الحِجْلِ

قال: معنى فَرَغْتُ أَي عَمَدْتُ. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه:

افْرُغْ إلى أَضْيافِك أَي اعْمِدْ واقْصِدْ، ويجوز أَن يكون بمعنى التخَلّي

والفَراغِ لتَتَوَفَّرَ على قِراهم والاشتِغالِ بهم. وسَهْمٌ فَرِيغٌ:

حَدِيدٌ؛ قال النَّمِر بن تَوْلَبٍ:

فَرِيغَ الغِرارِ على قدره ،

فَشَكَّ نَواهِقَه والفَما

وسِكِّينٌ فَرِيغٌ كذلك، وكذلك رجل فَرِيغٌ: حديد اللِّسانِ. وفرس

فَرِيغٌ: واسِعُ المَشْي، وقيل: جَوادٌ بِعِيدٌ الشَّحْوةِ؛ قال:

ويَكادُ يَهْلِكُ في تَنُوفَتِه

شأْوُ الفَرِيغِ، وعَقْبُ ذي العَقْبِ

وقد فَرُغَ الفرسُ فَراغَةً. وهِمْلاجٌ فَرِيغٌ: سريع أَيضاً؛ عن كراع،

والمَعْنَيانِ مُقْتَرِبانِ. وفرس فَرِيغُ المَشْي: هِمْلاجٌ وَساعٌ.

وفرس مُسْتَفْرِغٌ: لا يَدَّخِرُ من حُضْرِه شيئاً.

ورجل فِراغٌ: سريع المشي واسعُ الخِطاءِ، ودابّة فِراغُ السَّيْرِ كذلك.

وفي الحديث: أَن رجلاً من الأَنصار قال: حَمَلْنا رسولَ اللهِ، صلى الله

عليه وسلم، على حِمارٍ لنا قَطُوفٍ فنزل عنه فإِذا هو فِراغٌ لا

يُسايَرُ أَي سَرِيعُ المَشْي واسعُ الخَطْوةِ

(* قوله «الخطوة» كذا بالأَصل

وشرح القاموس، والذي في النهاية: سريع الخطو.). والإِفراغُ: الصَّبُّ.

وفَرَغَ عليه الماءَ وأَفْرَغَه: صَبَّه؛ حكى الأَوَّل ثعلب؛ وأَنشد:

فَرَغْنَ الهَوى في القَلْبِ ، ثم سَقَيْنَه

صُباباتِ ماءِ الحُزْنِ بالأَعْيُنِ النُّجْلِ

وفي التنزيل: رَبَّنا أَفْرِغْ علينا صَبْراً؛ أَي اصْبُبْ، وقيل: أَي

أَنْزِلْ علينا صبراً يشتمل علينا، وهو على المثل.

وافْتَرَغَ: أَفْرَغَ على نفسه الماء وصَبَّه عليه. وفَرِغَ الماءُ،

بالكسر، يَفْرَغُ فَراغاً مثال سَمِعَ يَسْمَعُ سَماعاً أَي انْصَبَّ،

وأَفرغته أَنا. وفي حديث الغسل: كان يُفْرِغُ على رأْسِه ثلاث إفراغاتٍ، وهي

المرة الواحدة من الإِفراغِ. يقال: أَفْرَغْتُ الإِناءَ إِفرْاغاً

وفَرَّغْتُه تَفْرِيغاً إِذا قَلَبْتَ ما فيه. وأَفْرَغْتُ الدِّماءَ:

أَرَقتُها. وُفَرَّغْتُه تَفْرِيغاً أَي صببته.

ويقال: ذَهَب دمُه فَرْغاً وفِرْغاً أَي باطِلاً هَدَراً لم يُطْلَبْ

به؛ وأَنشد:

فإنْ تَكُ أَذْوادٌ أُخِذْنَ ونِسْوةٌ ،

فَلَنْ تَذْهَبُوا فَرْغاً بِقَتْلِ حِبالِ

والفُراغة: ماء الرجل وهو النُّطْفةُ. وأَفْرَغَ عند الجماع: صَبَّ

ماءَه. وأَفْرَغَ الذهبَ والفِضَّةَ وغيرهما من الجواهر الذائبة: صَبَّها في

قالَبٍ. وحَلْقة مُفْرَغةٌ: مُصْمَتةُ الجَوانِب غيرُ مَقْطُوعةٍ.

ودِرْهم مُفْرَغٌ: مَصْبُوب في قالب ليس بمضروب. والفَرْغُ: مَفْرَغُ الدَّلْو

وهو خَرْقُه الذي يأْخذ الماء. ومَفْرَغُ الدلوِ: ما يلي مُقَدَّم

الحَوْضِ. والمَفْرَغُ والفَرْغُ والثَّرْغُ: مَخْرَجُ الماء من بين عَراقي

الدلو، والجمع فُرُوغٌ وثُرُوغٌ. وفِراغُ الدلو: ناحِيَتها التي يُصَبُّ

منها الماء؛ وأَنشد:

تسْقي به ذات فِراغٍ عَثْجَلا

وقال:

كأَنَّ شِدْقَيْه ، إذا تَهَكَّما،

فَرْغانِ مِنْ غَرْبَيْن قَدْ تخَرَّما

قال: وفَرْغُه سَعةُ خَرْقِه، ومن ذلك سمي الفَرْغانِ. والفَرْغُ: نجم

من مَنازِلِ القمر، وهما فَرْغانِ مَنزِلان في بُرْج الدلو: فَرْغُ الدلو

المُقَدَّمُ، وفرغ الدلو المُؤَخَّرُ، وكل واحد منهما كَوْكَبانِ

نَيّرانِ، بين كل كوكبين قدر خمس أَذرع في رأْي العين. والفِراغُ: الإِناء

بعينه؛ عن ابن الأَعرابي. التهذيب: وأَما الفِراغُ فكل إناءِ عند العرب

فِراغٌ. والفَرْغانُ: الإِناءُ الواسِعُ. والفِراغُ: الأَوْدِية؛ عن ابن

الأَعرابي ولم يذكر لها واحداً ولا اشْتَقَّها. قال ابن بري: الفَرْغُ الأَرض

المُجْدِبةُ؛ قال مالك العليمي:

أُنْجُ نجاءً من غَرِيمٍ مَكْبُولْ،

يُلْقى عليه النَّيْدُلانُ والغُولْ

واتَّقِ أَجْساداً بِفَرْغٍ مَجْهُولْ

ويَزِيدُ بن مُفَرِّغ، بكسر الراء: شاعرٌ من حِمْيَر.

فرغ
فرَغَ/ فرَغَ إلى/ فرَغَ لـ/ فرَغَ من يَفْرَغ ويَفرُغ، فَراغًا وفُروغًا، فهو فارغ وفَرِغ، والمفعول مفروغ إليه
• فرَغ الإناءُ: خلا "فرَغ قلبه من الوساوس- {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا}: خاليًا إلا من موسى عليه السلام، خاليًا من الصبر، والهًا ناسيًا ذاهلاً- {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ}: خلوت من الشُّغل" ° انتظر بفارغ الصَّبر: بصبر كاد ينفد، بجزع بحيث لم يعد يقوى على الاحتمال- قول فارغ/ كلام فارغ: خالٍ من المحتوى، لا قيمة له.
• فرَغ صبرُه: نفِد.
• فرَغ إلى المذاكرة/ فرَغ للمذاكرة: أقبل عليها مواظبًا، خصّص لها كلَّ وقته، قصَدها، توجَّه إليها بكامله "فرغ إلى عمله/ القراءة والكتابة- {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ}: سنحاسبكم محاسبة المتفرّغ للأمر غير المنشغل عنكم بشيء"? لأفرغنّ لك: يقال في الوعيد.
• فرَغَ من عمله: أتمّه، أكمله وأنجزه "فرغ من إلقاء المحاضرة"? مفروغ منه: لا جدال فيه، مقرّر. 

فرِغَ من يَفرَغ، فَراغًا وفُروغًا، فهو فارغ، والمفعول مفروغ منه
• فرِغ من الأمر: خلا منه " {فَإِذَا فَرِغْتَ فَانْصَبْ} [ق]: خَلَوْت من الشُّغل". 

أفرغَ يُفرغ، إفراغًا، فهو مُفْرِغ، والمفعول مُفْرَغ
• أفرغ الوعاءَ: أخلاه مما فيه "أفرغ الإناء/ المكان/ عُلْبة- أفرغ العمال السفينة- أفرغ مسدسه: أطلق النار- أفرغ شحنة كهربائية من مكثف" ° حَلْقة مفرغة: متصلة لا قطع فيها، فارغة الجوف غير مقطوعة الجوانب- دارَ في حلقة مفرغة: لم يخرج بنتيجة، عمل عملاً دون فائدة.
• أفرغ ما في الوعاء: أخرجه منه "أفرغ البضاعة/ ما في جيبه"? أفرغ ما في بطنه: تقيّأ- أفرغ ما في جَعْبَتِه: باح بسرِّه، باح بمكنون صدره.
• أفرغ السَّائلَ في الإناء: سكبه، صبَّه فيه "أفرغ الذهبَ في قالب- {حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ ءَاتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} ".
• أفرغ اللهُ الصَّبرَ عليه: أنزله وأسبغه عليه " {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} ".
• أفرغ جهدَه/ أفرغ مواهِبَه: بذل كلّ ما في وسعه "أفرغ مجهوده في عمله". 

استفرغَ يستفرغ، استفراغًا، فهو مُستفِرغ، والمفعول مُستفرَغ (للمتعدِّي)
• استفرغ فلانٌ: تقيّأ.
• استفرغ الطَّعامَ: قاءَه.
• استفرغ مجهودَه في العمل/ استفرغ مجهودَه للعمل: بذله كله فيه، بذل طاقته فيه واستقصاه "استفرغ مجهوده في بحثــه عن الحقيقة- لا بد أن يستفرغ الباحثُ طاقتَه ثمَّ يخرج برأي راجح". 

تفرَّغَ/ تفرَّغَ لـ يتفرّغ، تفرُّغًا، فهو متفرِّغ، والمفعول متفرَّغ له
• تفرَّغ الشَّخصُ: خلا من أيّ عمل.
• تفرَّغ لعمله: خصّص له كلَّ وقته ومجهوده "تفرّغ للــبحث العلمي/ لدراسته/ لإنجاز مُهمته" ° أُستاذ غير متفرِّغ: أستاذ جامعيّ يشتغل بالــبحث والتّدريس ويمكنه تولّي مناصب قياديّة- أُستاذ متفرِّغ: أستاذ جامعيّ يتفرَّغ للــبحث والتّدريس ولا يتولَّي مناصب قياديّة. 

فرَّغَ يفرِّغ، تفريغًا، فهو مُفرِّغ، والمفعول مُفرَّغ
• فرَّغ الإناءَ: أخلاه مما فيه "فرّغ المكانَ/ الخزانة/ سفينة شحن- فرّغ مسدّسًا: أطلق ما فيه من رصاص- فرَّغ الهواءَ/ الغازَ".
• فرَّغَ الحَجَرَ: نقره، جوّفه "فرّغ قطعة خشب".
• فرَّغ ما في الوِعاء:
1 - أخرجه منه "فرّغ العمال البضاعة".
2 - صبَّه "فرّغ الماءَ/ الزَّيتَ/ السَّائلَ- لوحٌ به أشكال مُفرَّغة".
• فرَّغ الشَّخصَ لعمل ما: جعله يخصِّص كلَّ وقته له "فرَّغه للدراسة والــبحث- فرَّغ نفسَه لعمل مهمّ". 

تَفْريغ [مفرد]: مصدر فرَّغَ.
• التَّفريغ الكهربائيّ:
1 - (فز) زوال الشُّحنة عن موصل مشحون.
2 - (فز) مرور تيَّار كهربائيّ خلال غاز.
• التَّفريغ التَّوهجيّ: (فز) التفريغ الكهربائيّ في أنبوب مفرَّغ.
• تشغيل بالتَّفريغ الكهربائيّ: (فز) تشغيل يتمّ بإزالة جُسَيْمات معدنيّة من المشغولات بواسطة شرارة كهربائيّة تُولَّد في مائع عازل.
• مِضَخّة تفريغ: مضخَّة تُستخدم لتفريغ محتويات انحباسيَّة. 

فارِغ [مفرد]: ج فارغون وفوارغُ (لغير العاقل):
1 - اسم فاعل من فرَغَ/ فرَغَ إلى/ فرَغَ لـ/ فرَغَ من: لا يحتوي شيئًا.
2 - لا معنى له.
3 - خال من الكتابة أو الصُّور أو العلامات.
4 - مستنزف الطّاقة الكهربائيّة.
• فوارغ ناريّة: ظُروف خلت من شحنتها الناريّة بعد الإطلاق "تمّ العثور على أربعة فوارغ رصاص أمام منزل المتَّهم". 

فَراغ [مفرد]: ج فراغات (لغير المصدر):
1 - مصدر فرِغَ من وفرَغَ/ فرَغَ إلى/ فرَغَ لـ/ فرَغَ من ° فراغ عاطفيّ.
2 - مكان خالٍ "امْلأ الفراغ بالكلمة المناسبة- ترك موته فراغًا كبيرًا".
3 - (فز) حيِّز خال من المادَّة بصورها الثلاث أو حيِّز أزيل ما به من هواء "أوجد الفراغ بامتصاص الهواء".
• وقت الفَراغ: وقت خالٍ من العمل، وقت الراحة "شغل أوقات فراغه بممارسة هواياته" ° سدَّ فراغًا أو نقصًا: كان ذا أهمية. 

فَراغِيَّة [مفرد]: اسم مؤنَّث منسوب إلى فَراغ: "ألقى محاضرات عن الهندسة الفَرَاغيّة". 

فَرِغ [مفرد]: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من فرَغَ/ فرَغَ إلى/ فرَغَ لـ/ فرَغَ من: خالٍ. 

فُروغ [مفرد]: مصدر فرِغَ من وفرَغَ/ فرَغَ إلى/ فرَغَ لـ/ فرَغَ من. 

مُفرِّغ [مفرد]:
1 - اسم فاعل من فرَّغَ.
2 - (طب) مُسهِل ضد الإمساك "دواء مُفرِّغ". 
فرغ فَرَغْتُ من الشغل أفْرُغُ فُرُوْغاً وفَرَاغاً، وفَرعَ يَفْرَغُ - مثال سَمعَ يَسْمَعُ - لغة فيه، وكذلك فَرغَ - بالكسر - يَفْرُغُ - بالضم - مركب من لغتين. وقال يونس في كتاب اللغات: فَرَغَ يَفْرَغُ - بالفتح فيهما - لغة أيضاً. وقرأ قتادة وسعيد بن جبير والأعرج وعُمارة الدّارعُ:) سَنَفْرَغُ لكم (بفتح الراء، على فَرِغَ يَفْرَغُ وفَرَغَ يَفْرَغُ، وقرأ أبو عمرو وعيسى بن عمر وأبو السمال: " سَنِفْرِغُ " بكسر النون وفتح الراء على لغة من يكسر أول المستقبل، وقرأ أبو عمرو أيضاً: " سَنِفْرغُ " بكسر الراء مع كسر النون، وزعم أن تميما تقول: نعلم.
ورجل فَرِغٌ: أي فارغٌ، كَفَرِهٍ وفارِهٍ وفَكِهٍ وفاكِهٍ، ومنه قراءة أبي الهذيل:) وأصبح فؤاد أُمِّ موسى فَرِغاً (، وقرأ الخليل: فُرُغاً - بضمتين - بمعنى مُفَرَّغٍ، كذُلُلٍ بمعنى مُذَللٍ. وقوله تعالى:) وأصبح فؤاد أُمِّ موسى فارغاً (أي خاليا من الصبر، ومنه يقال: إناء فارغ، وقيل: خالياً من كل شيء إلا من ذكر موسى - صلوات الله عليه -، وقيل: فارغاً من الاهتمام به لأن الله تعالى وعدها أن يرده إليها بقوله عز وجل:) إنا رادوه إليك (.
والفراغ في اللغة على وجهين: الفَرَاغُ من الشغل معروف، والآخر: القصد للشيء، والله تعالى لا يشغله شيء عن شيء، ومنه قيل في قوله تعالى:) سَنَفْرُغُ لكم (أي سنقصد. ويقال - أيضاً -: فَرَغَ إليه، قال جرير:
ألاَنَ وقد فَرَغْتُ إلى نُمير ... فهذا حين كنت لهم عِقابا
وقال جرير - أيضاً - يرد على البعيث ويهجو الفرزدق:
ولما اتقى القين العراقي باستهِ ... فَرَغْتُ إلى القين المقيد في الحجل
ويقال: فَرَغَ فُرُوْغاً: أي مات.
والفَرْغُ: مخرج الماء من الدلو من بين العَرَاقي، ومنه سمي الفَرْغانِ؛ فَرْغُ الدلو المقدم وفَرْغُ الدلو المؤخر، وهما من منازل القمر، قال أمية بن أبي عائذ الهذلي يصف الحَمير:
وذكرها فيح نجم الفُرُوْغِ ... من صيهد الحر برد الشمال
ويروى: " فأوْرَدَها "، ويروى: " من صَيْهَدِ الصيف ". وقال ابن قتيبة في كتاب الأنواء: غَلِطَ هذا الشاعر، لأن الفَرْغَ لا يكون في طلوعه ولا في سقوطه صيهد وهو شدة الحر.
وقال أبو خراش الهذلي:
وظل لنا يوم كأن أواره ... ذكا النار من فيح الفُرُوْغ طويل
ويروى: " الفُرُوْغ " بالعين المهملة: أي من أعاليه، وإنما جمع الفُروغَ بما حول الفَرْغَيْنِ من الكواكب.
وقال الجمحي: الجوزاء تسمى الفُرُوْغَ، وقال الكُميت:
يا أرضنا هذا أوان تحيين ... كيف بغير العَتَكِيِّ تَرْوَيْنْ
أم كيف إلا بنداه تَنْدَيْنْ ... قد طالما حُرِمْتِ نوء الفَرْغَيْنْ
العتكي: هو مخلد بن يزيد بن المهلب.
وكل واحد منهما كوكبان بين كل كوكبين قدر خمس أذرع في رأي العين.
والفَرغُ - أيضا -: الإناء الذي فيه الصقر؛ وهو الدبس، وقال أعرابي: تبصروا الشَّيفان فإنه يصوك على شَعَفِةِ المصاد كانه قرشام على فَرْغِ صقر. الشَّيِّفانُ: الطليعة؛ وأصله شَيْوفانٌ، والمصاد: الجبل، والقِرشامُ: القُرادُ.
وفَرْغُ القبة وفَرْغُ الحفر: بلدان لتميم.
وفَرْغانَةُ: ناحية بالمشرق تشتمل على أربع مدن وقصبات كثيرة، فالمدن: أوشُ وأوزْجَنْدُ وكاسَانُ ومَرْغِبْنان، وليست فَرْغانَةُ بلدة بعينها.
وفَرْغانَة - ويقال: فَرْغانُ -: من قرى فارس.
وفَرْغانُ: بلد باليمن من مخلاف بني زبيد.
وأبو الحسن احمد بن الفتح بن عبد الله بن فَرْغَانَ الموصلي: من أصحاب الحديث.
والأفْرَاغُ: مواضع حول مكة - حرسها الله تعالى -.
وأفْرَاغَةُ: مدينة بالأندلس.
وفَرُغَتِ الضربة تَفْرُغُ - مثال كَرُمَتْ تَكْرُمُ -. أي اتسعت، فهي فَرِيْغَةٌ - بالهاء -، قال لبيد - رضي الله عنه -:
وكل فَرِيْغَةٍ عجلى رموحٍ ... كان رشاشها لهب الضِّرَامِ
والفَرِيغَةُ - أيضا -: المَزَادَةُ الكثيرة الأخذ للماء.
والفَرِبْغُ: مستوى من الأرض كأنه طريق، وقيل له: فَرِيْغٌ كأنه قد أثر فيه لطول ما وطئ، قال أبو كبير الهذلي:
فأجَزْتُهُ بأفل تحسب أثره ... نهجا أبان بذي فَرِيْغٍ مخرف
شبه بياض الفرند بوضوح هذا الطريق، ويروى: " فأجَزْتَه " أي أجزت هذا المرثي ومعك سيف، وروى ابن حبيب: " مِجْرَفِ " أي يجرف كل شيء. وفرس فَرِيْغٌ وفِرَاغٌ: واسع المشي هملاج.
والفِرَاغُ - بالكسر -: ناحية الدلو التي تصب الماء منه، قال:
يسقي به ذاة فِرَاغٍ عثجلا
وقال أبو عمرو: الفِرَاغُ: العِدُلُ من الأحمال بلغة طيئ.
وقال ابن الأعرابي: كل إناء عند العرب فِرَاغٌ.
وقال الأصمعي: الفِرَاغُ: حوض من أدم واسع ضخم، قال أبو النجم:
تهدي بها كل نِيَافٍ عندل ... طاويةٍ جنبي فِرَاغ عَثْجَل
ويقال: عنى بالفِرَاغُ ضرعها أنه قد جف ما فيه من اللبن فتغضن.
وقال أبو زيد: الفِرَاغُ من النوق: الغزيرة الواسعة جراب الضرع.
والفِرَاغُ: في قول امرئ القيس:
ونحت له عن أزر تألبةٍ ... فلق فِرَاغِ معابل طُحْلِ
القوس الواسعة جرح النصل نحتْ: تحرفتْ؛ أي: رمته عن قوس، وله: لامرئ القيس، وأزر: قوة وزيادة، وقيل: الفِرَاغُ النصال العريضة، وقيل: الفِرَاغُ: القوس البعيدة السهم، ويروى: " فِرَاغَ - بالنصب -؛ أي: نحت فِرَاغَ؛ والمعنى: كأن هذه المرأة رمته بسهم في قلبه.
وقال ابن عباد: الفِرَاغُ: القدح الضخم الذي لا يطاق حمله، وجمعه: أفْرِغَةٌ. وفَرِغَ الماء - بالكسر -: أي انصب.
والفَرَاغَةُ: الجزع، قال:
يكاد من الفَراغَةِ يُسْتَطارُ
والفِرْغُ - بالكسر - الفُرّاغُ، قال طليحة بن خويلد الأسدي في قتل ابن أخيه حبال بن سلمة بن خويلد:
فما ظنكم بالقوم إذ تقتلونهم ... أليسوا وإن لم يُسلموا برجالِ
فإن تكُ أذواد أُصِبْنَ ونسوة ... فلن تذهبوا فِرْغاً بقتل حبال
ويقال: ذهب دمه فِرْغاً وفَرْغاً: أي هدرا لم يطلب به.
والافْرَغُ: الفارغ، قال رؤبة:
لو كنت أسطيعك لم يُشَغْشَغِ ... شربي وما المشغول مثل الأفْرَغِ
والطعنة الفَرْغاءُ: ذاة الفَرْغِ وهو السعة.
والأفْرَاغُ: الصب، وقوله تعالى:) ربنا أفْرِغْ علينا صبراً (أي اصبب؛ كما تفرغ الدلو: أي تصب.
وحلقة مُفْرَغَةٌ: أي مصمتة الجوانب.
ويروى قول رؤبة:
بمدفق الغرب رحيب المَفْرَغِ
بضم الميم وفتحها، فالضم بمعنى الإفْرَاغِ، والفتح بمعنى الموضع، وقال أبو وجزة السعدي:
أفْرِغْ لجوف وردها أفراد ... عباهل عبهلها الذُّوّادُ
وأفْرَغْتُ الدماء: أرقتها.
وفَرَّغْتُه تَفْرِيْغاً: أي صببته. وتَفْرِيغُ الظروف: إخلاؤها.
ويزيد بن ربيعة بن مُفَرِّغٍ الحميري الشاعر، وقيل له مُفَرِّغ لأنه راهن على أن يشرب عساً من لبن ففَرَّغَه شربا. وقال ابن الكلبي في نسب حمير: هو يزيد بن زياد بن ربيعة مُفَرِّغ، وكان حليفاً لآل خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية، قال: وله اليوم عَقِبٌ بالبصرة.
وقرأ الحسن البصري وأبو رجاءٍ والنخعي وعمران بن جرير:) حتى إذا فُرِّغَ عن قلوبهم (.
والمُسْتفرِغَةُ من الإبل: الغزيرة.
والإسْتِفْرَاغُ في اصطلاح الأطباء: تكلف القيىء.
واسْتَفْرَغَ فلان مجهوده: إذا لم يبق من جهده وطاقته شيئاً. وفرس مُسْتَفْرغٌ: لا يدخر من حُضْرِه شيئاً.
وافْتَرَغْتُ: أي صببت على نفسي. وافْتَرَغْتُ من المزادة لنفسي ماء: إذا اصطَبَبْتَه.
وتَفَرَّغَ: تخلى من الشغل، ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: تَفَرَّغوا من هموم الدنيا ما استطعتم.
والتركيب يدل على خُلُو ذرعٍ.

فرغ

1 فَرَغَ, [aor. ـُ and app. فَرِغَ, aor. ـَ and فَرُغَ, as below; inf. n. فُرُوغٌ and فَرَاغٌ; or, accord. to some, the latter is a simple subst., but it is more commonly used than the former;] said of a thing, It was, or became, empty, vacant, void, devoid, destitute, or unoccupied; syn. خَلَا. (Msb.) [You say, فَرَغَ مِنْ كَذَا It was, or became, empty, vacant, void, devoid, or destitute, of such a thing; or unoccupied thereby.] And فَرَغَ لَكَ الشَّىْءُ [The thing was, or became, vacant, or unoccupied, for thee; as though it were a place, or a vessel: and hence, the thing was, or became, exclusively for thee]. (TA voce خَلَا.) b2: [Hence,] فَرَغَ (O, * K, * TA) said of a man, (TA,) [and app. فَرِغَ also, as below,] inf. n. فُرُوغٌ, (tropical:) He died; (O, K, TA;) because his body became devoid of his soul, or spirit. (TA.) b3: And فَرَغَ مِنَ الشُّغْلِ, (S, O, Msb, K, *) aor. ـُ inf. n. فُرُوغٌ (S, O, Msb, K) and [more commonly] فَرَاغٌ, (S, O, K,) or the latter is a simple subst.; (Msb;) and فَرَغ, aor. ـَ (O, K,) mentioned by Yoo; (O;) and فَرِغَ, aor. ـَ (O, Msb, K,) of the dial. of Temeem; (Msb;) and فَرِغَ, aor. ـُ a compound of two dial. vars.; (O, Msb;) He was, or became, vacant from, devoid of, or free from, business, occupation, or employment; unoccupied, unemployed, or at leisure. (K, * TA.) [See also 5.] b4: [And hence, فَرَغَ مِنَ الأَمْرِ He ceased from, ended, or finished, the affair.] b5: And فَرَغَ لَهُ and إِلَيْهِ, (O, Msb, K, TA,) aor. ـُ and فَرَغَ; (TA;) and فَرِغَ, (O, * Msb, K, * TA,) aor. ـَ inf. n. فُرُوغٌ and [more commonly] فَرَاغٌ; (TA;) He made him, or it, his object, or the object to which he directed himself; syn. قَصَدَ: (O, Msb, K, TA:) [or he made him, or it, his exclusive object; agreeably with an explanation of the phrase here following]: whence, in the Kur [lv. 31], لَكُمْ سَنَفْرُغُ We will make you our object; expl. by IAar as meaning سَنَعْمِدُ [which is syn. with سَنَقْصِدُ]; (TA;) and some read سَنَفْرَغُ; (O, TA;) and some, سَنِفْرَغُ; (O;) and some, سَنِفْرِغُ, asserting that Temeem say نِعْلِمُ; (O, TA;) and some, سَنَفْرَغُ إِلَيْكُمْ, meaning سَنَقْصِدُ

إِلَيْكُمْ; or سَنَفْرُغُ لَكُمْ means We will apply ourself exclusively (سَنَتَجَرَّدُ) to the reckoning with, and the requiting of, you; and it is said to be a threat; (Bd;) a metaphorical phrase, from a man's saying to him whom he threatens, سَأَفْرُغُ لَكَ, (Ksh, Bd,) meaning I will apply myself exclusively to the making an assault upon thee: (Ksh:) one says [also] in threatening, لَأَفْرُغَنَّ لَكَ [meaning in like manner I will assuredly apply myself &c.]. (TA.) [See, again, 5.] b6: فَرِغَ المَآءُ, (S, O, K,) aor. ـَ (S, K,) inf. n. فَرَاغٌ, (S, TA,) The water poured out or forth, or became poured out or forth. (S, O, K.) A2: فَرُغَ, [aor. ـُ inf. n. فَرَاغَةٌ, (tropical:) He (a horse) was easy, or good, and quick, in pace, and wide in step. (TA.) b2: فَرُغَتِ الضَّرْبَةُ (tropical:) The [wound made by a] stroke, or blow, was wide; (O, K, TA;) likened to the فَرْغ of the leathern bucket. (TA.) b3: And فَرَاغَةٌ (as an inf. n. of which the verb is فَرُغَ, TK) signifies The being impatient, and disquieted or disturbed or agitated. (O, K.) A3: فَرَغَ as trans.: see 4.2 فَرَّغْتُهُ I made it empty, vacant, void, devoid, destitute, or unoccupied; as also ↓ أَفْرَغْتُهُ. (Msb.) تَفْرِيغُ الظُّرُوفِ signifies The making the receptacles empty. (S, O, K.) And some read [in the Kur xxxiv. 22], حَتَّى إِذَا فُرِّغَ عَنْ قُلُوبِهِمْ, (O, TA,) expl. as meaning Until, when their hearts shall be made void of fear, or fright: or, accord. to IJ, فُرِّغَ and فُزِّعَ and افْرَنْقَعَ [which are all mentioned as readings in the same passage] have one meaning. (TA. [See 2 in art. فزع.]) b2: [Hence one says, فرّغهُ لِكَذَا He made him to be, or become, or he left him, vacant from, devoid of, or free from, business, occupation, or employment; or made him to be unoccupied, unemployed, or at leisure; so that he might apply himself exclusively to such a thing.] b3: See also the next paragraph.4 أَفْرَغَ see 2, first sentence. b2: افرغهُ, (S, O, K,) inf. n. إِفْرَاغٌ and مُفْرَغٌ, (O,) signifies [also] He poured it out, or forth; (S, O, K;) namely, water [&c.]; (S;) as also ↓ فرّغهُ, (S, O, K,) inf. n. تَفْرِيغٌ; (S, O;) and افرغ likewise signifies he poured forth blood; (S, O, K;) and عَلَيْهِ ↓ فَرَغَ المَآءَ, meaning he poured out, or forth, upon him, the water, is mentioned by Th, who has cited as an ex., فَرَغْنَ الهَوَى فِى القَلْبِ ثُمَّ سَقَيْنَهُ صُبَابَاتِ مَآءِ الحُزْنِ بِالأَعْيُنِ النُّجْلِ [They (referring to women) poured desirous love into the heart; then they gave him to drink the remains of the water of grief, by looking with the wide eyes: but perhaps فَرَغْنَ is here used for فَرَّغْنَ, by poetic license, for the sake of the metre]: (TA:) إِفْرَاغَةٌ signifies A single act of إِفْرَاغ; and hence the trad. كَانَ يُفْرِغُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ إِفْرَاغَاتٍ

[He used to pour upon his head three pourings]. (TA.) b3: [Hence,] رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا, in the Kur [ii. 251 and vii. 123], means (tropical:) O our Lord, pour forth upon us patience, like as [the water of] the leathern bucket is poured forth: (O, TA:) or send down upon us patience (Msb, * TA) that shall envelop us: (TA:) or أَفْرَغَ اللّٰهُ عَلَيْهِ الصَّبْرَ means (assumed tropical:) God inspired him with patience. (Msb in art. ربط.) b4: [Hence, also,] أَفْرَغَ عَلَيْهِ ذَنُوبًا [lit. He poured forth upon him a bucketful of water] means (tropical:) he talked with him of that in consequence of which he was confounded, or perplexed, by shame. (TA.) b5: افرغ also signifies He poured metal, such as gold and silver &c., in a molten state, into a mould. (TA.) And He cast a thing, i. e. formed it by pouring molten metal into a mould. (Msb. [See its pass. part. n., مُفْرَغٌ.]) b6: And افرغ عِنْدَ الجِمَاعِ He poured forth his مَآء [or sperma] on the occasion of جماع. (TA.) 5 تفرّغ He was, or became, or he made himself to be, vacant from, devoid of, or free from, business, occupation, or employment; unoccupied, unemployed, or at leisure; syn. تَخَلَّى مِنَ الشُّغْلِ. (O, K.) [See also فَرَغَ مِنَ الشُّغْلِ.] Hence the trad. of the Prophet, تَفَرَّغُوا مِنْ هُمُومِ الدُّنْيَا مَا اسْتَطَعْتُمْ [Be ye, or make yourselves to be, vacant, or free, from the anxieties of the present state of existence as much as ye are able]. (O.) b2: and تَفَرَّغْتُ لِكَذَا [I was, or became, or I made myself to be, vacant, or free, from business, occupation, or employment; or unoccupied, unemployed, or at leisure; for such a thing: and I applied myself exclusively to such a thing]: (S: [these meanings are there indicated, but not expressed; and are well known:]) one says, تفرّغ لِلْعِبَادَةِ [He applied himself exclusively to religious service]: (Msb in art. بتل:) and تَفَرَّغْتُ لِلْأَمْرِ means [also, simply,] تَصَدَّيْتُ لَهُ [i. e. I addressed, or applied, or directed, myself, or my regard, or attention, or mind, to the affair]. (Msb in art. صد.) [See also فَرَغَ لَهُ and إِلَيْهِ.] b3: And تفرّغ بِهِ signifies تَخَلَّى

بِهِ [meaning He confined himself exclusively to it; or contented himself with it exclusively of other things]. (K and TA in art. خلو.) 8 اِفْتَرَغْتُ I poured forth upon myself (S, O) water: (S:) [and so افترغت عَلَى نَفْسِى; for one says,] رَأَيْتُهُ يَغْتَرِفُ المَآءَ ثُمَّ يَفْتَرِغُهُ عَلَى نَفْسِهِ [I saw him taking, or lading out, the water; then pouring it forth upon himself]. (A, TA.) And اِفْتَرَغْتُ لِنَفْسِى مَآءً I poured out for myself water. (O, K.) 10 استفرغِ [He drew forth water &c.]. One says, استفرغ مَا فِى الرَّاوِيَةِ مِنَ المَآءِ [He drew forth what was in the leathern water-bag, or pair of leathern water-bags, of water]. (TA in art. عزل.) El-Akhtal said respecting Esh-Shaabee, meaning to denote the largeness of the latter's retentive faculty, أَنَا أَسْتَفْرِغُ مِنْ إِنَآءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ يَسْتَفْرِغُ مِنْ

أَوَانِىَ شَتَّى (tropical:) [I draw from one vessel, and he draws from divers vessels]. (TA.) b2: Also He vomited intentionally; or constrained himself to vomit: (O, K:) thus it signifies in the conventional language of the physicians. (O.) b3: اِسْتَفْرَغَ فُلَانٌ مَا فِى صَحْفَتِهِ is a prov., meaning Such a one [exhausted, or] chose for himself, as his share, [the whole of] what was in his صحفة [or large bowl]. (TA in art. صحف.) b4: And one says, استفرغ فُلَانٌ مَجْهُودَهُ (tropical:) Such a one exhausted his power, or ability; or exerted it unsparingly, or to the utmost; (S, * O, Msb, * K, * TA;) فِى كَذَا [in such a thing]. (S, TA.) فَرْغٌ Width, breadth, or ampleness. (S, O, TA.) b2: And The place whence the water pours forth, between the cross-pieces of wood (العَرَاقِى), of the leathern-bucket; (S, O, K;) as also ↓ فِرَاغٌ: (K: [expl. in the O as signifying the side of the leathern bucket from which the water pours forth:]) pl. of the former فُرُوغٌ (TA) and مَفَارِغُ, [which is anomalous, like مَشَابِهُ and مَحَاسِنُ &c.,] (A, TA,) or this is pl. of ↓ مَفْرَغٌ. (TA.) b3: Hence الفَرْغَانِ, (S, O,) فَرْغُ الدَّلْوِ المُقَدَّمُ and فَرْغُ الدَّلْوِ المُؤَخَّرُ, (S, O, K,) or الفَرْغُ الأَوَّلُ and الفَرْغُ الثَّانِى, (Kzw,) Two of the Mansions of the Moon, (S, O, K,) the Twenty-sixth Mansion and the Twentyseventh; four stars, wide apart, forming the corners of a square, or four-sided figure; (Kzw;) each consisting of two stars, (S, O, K, and Kzw,) of two bright stars, (S,) the apparent distance between each two stars being the measure of five cubits, (S, O, L,) or the measure of a spear; (K;) [see ذِرَاعٌ and رُمْحٌ; the former pair consists of the stars a and b of Pegasus; and the latter, of g in Pegasus together with the bright star in the head of Andromeda; as is shown by what here follows:] the Arabs name الدَّلْوُ the four bright stars in Pegasus which form a square, or four-sided figure; i. e., that at the extremity of the neck, which is called مَتْنُ الفَرَسِ, and that which is called مَنْكِبُ الفَرَسِ, and that which is called جَنَاحُ الفَرَسِ, and the star that belongs to both Pegasus and Andromeda: (Kzw, descr. of Pegasus:) [these two pairs of stars are what are commonly known as the فَرْغَانِ; and are plainly indicated by the periods assigned to the auroral settings thereof: but the periods assigned to their auroral risings would lead us to apply the appel-lation of the فرغان to some other stars, not easily determinable, in Aquarius: see نَوْءٌ: and see also مَنَازِلُ القَمَرِ, in art. نزل.] The pl. الفُرُوغُ is said to be applied to The فَرْغَانِ with the stars around them: (O, TA:) and (accord. to El-Jumahee, O, TA) الفُرُوغُ [in the CK erroneously written الفَرُوغُ] signifies [The constellation called] الجَوْزَآءُ. (O, K, TA. [But see فُرُوعُ الجَوْزَآءِ, in art. فرع.]) b4: فَرْغٌ also signifies A vessel in which is [the exuded, or expressed, juice termed] دِبْس, (O, K,) and صَقْر. (O.) b5: Also Land affected with drought, or barrenness. (IB, TA.) b6: See also the next paragraph.

فِرْغٌ: see فَارِغٌ. b2: ذَهَبَ دَمُهُ فِرْغًا and ↓ فَرْغًا mean His blood went for nothing, as a thing of no account, unretaliated, and uncompensated by a mulct, (S, O, K,) and retaliation for it was not sought: (S, O:) and in like manner one says, ذَهَبَتْ دِمَاؤُهُمْ فِرغًا [Their bloods went for nothing, &c.]. (Z, TA.) Hence, in the Kur xxviii. 9, accord. to one reading, وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فِرْغًا (Ksh and Bd) i. e. And the heart, or mind, of the mother of Moses became [as though it were] a thing that was lost, or that had gone away. (Ksh. [See فَارِغٌ.]) فَرِغٌ: see فَارِغٌ, first quarter.

فُرُغٌ i. q. مُفَرَّغٌ [Made empty, vacant, void, &c.]: (O, TA:) so in the phrase إِنَآءٌ فُرُغٌ [An emptied vessel]: (TA:) and so in the saying [in the Kur xxviii. 9], accord. to the reading of Kh, وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فُرُغًا [And the heart of the mother of Moses became rendered void of patience, or of anxiety, &c.: see فَارِغٌ]. (O, TA.) b2: Applied to a bow, as also ↓ فِرَاغٌ, it means Without a string: or, as some say, without an arrow. (TA.) فَرْغَان [whether with or without tenween is not shown] A wide, or capacious, vessel. (TA.) فَرَاغٌ [generally mentioned as an inf. n., and much used as such; but accord. to the Msb, a simple subst.: as a simple subst., it means Emptiness, vacancy, or vacuity, &c.: b2: and vacancy, or freedom, from business, &c.; or contr. of شُغْلٌ, as is said in the K, in art. شغل: and cessation from an affair: b3: &c.: see 1]. b4: [بَيْتُ الفَرَاغِ means The privy.]

فِرَاغٌ A great bowl, that cannot be carried: pl. أَفْرِغَةٌ. (Ibn-'Abbád, O, K.) b2: A wide, or capacious, large, watering-trough, of hides. (As, O, K.) b3: A vessel (IAar, T, O, K) of any kind. (IAar, T, O.) b4: An udder. (O.) b5: The half of a load, such as is on either of the two sides of a camel: (AA, O, K:) so in the dial. of Teiyi. (AA, O.) b6: See also فَرْغٌ, second sentence.

A2: [As a pl.,] Valleys, or torrent-beds: from IAar, who has not mentioned a sing. thereof, nor the derivation. (TA.) b2: And [probably as pl. of ↓ فَرِيغٌ, agreeably with analogy,] Broad نِصَال [or arrow-heads; the word نصال being app. understood]. (O, K.) A3: [As a sing. epithet,] A she-camel having no brand, or mark made with a hot iron. (TA.) b2: Also A she-camel having much milk, ample in the integument of the udder. (Az, O, L, K.) b3: And A bow of which the arrowhead makes a wide wound: or of which the arrow goes far. (O, K.) b4: See also فُرُغٌ. b5: And see the next paragraph, in two places.

فَرِيغٌ Broad, or wide. (TA.) See فِرَاغٌ.

[Hence,] ضَرْبَةٌ فَرِيغٌ (S) or فَرِيغَةٌ (O, K) (tropical:) A wide [wound made by a] stroke, or blow; (S, O, K, TA;) likened to the فَرْغ of the leathern bucket: (TA:) and ↓ طَعْنَةٌ فَرْغَآءُ, likewise, signifies (tropical:) a wide [wound made by a] piercing [with a spear &c.], (S, O, K, TA,) of which the blood flows. (TA.) b2: And فَرِيغَةٌ (tropical:) A مَزَادَة [or leathern water-bag] that takes in much water; (O, K, TA;) as though having فَرْغ, i. e. width. (TA.) b3: And فرِيغٌ signifies also (tropical:) Land, or ground, that is even, or flat, as though it were a road, (O, K, TA,) and wide: (TA:) or that is marked by much treading: to such Aboo-Kebeer El-Hudhalee likens the whiteness of the أَثْر, i. e. فِرِنْد, of a sword. (O, TA.) A2: And (tropical:) A horse wide in step, (S, O, K, TA,) easy, or good, and quick, in pace; as also ↓ فِرَاغٌ: (O, K, TA:) or swift and excellent, wide in step: or quick in pace, wide in step, applied to a horse or the like; and so ↓ فِرَاغٌ, applied to an ass, and likewise to a man: and, accord. to Z, فَرِيغٌ applied to an ass signifies wide in step. (TA.) b2: Also Sharp, applied to an arrow, and likewise to a knife. (TA.) And (assumed tropical:) Sharp-tongued, applied to a man. (TA.) فُرَاغَةٌ The sperma of a man. (S, ISd, K.) فَارِغٌ Empty, vacant, void, devoid, destitute, or unoccupied; syn. خَالٍ; as in the phrase إِنَآءٌ فارِغٌ [an empty vessel]: (O, TA:) and likewise applied to a man, (O, TA, *) meaning vacant from, devoid of, or free from, business, occupation, or employment; (K, * TA;) as also ↓ فَرِغٌ: (O, K, TA:) [and often, used elliptically, meaning vacant from, devoid of, or free from, business &c., and care or anxiety or disquietude; unoccupied, unemployed, or at leisure:] and ↓ أَفْرَغُ is syn. with فَارِغٌ; (O, K;) as in the phrase, of Ru-beh, مَا المَشْغُولُ مِثْلُ الأَفْرَغِ [The busied is not like the free from business]: (O, TA:) [فُرَّاغٌ is pl. of فَارِغٌ: and] ↓ فِرْغٌ is syn. with فُرَّاغٌ; (O, K; [in the former, as is often the case, the sign of tesh-deed in this word has been carelessly omitted; and in the CK, الفرَغُ is put for الفُرَّاغُ, and has been erroneously supposed to be for الفَرَاغُ;]) for ex., Tuleyhah Ibn-Khuweylid El-Asadee says, in relation to the slaying of his brother's son, Hibál Ibn-Selemeh Ibn-Khuweylid, فَمَا ظَنُّكُمْ بِالقَوْمِ إِذْ تَقْتُلُونَهُمْ

أَلَيْسُوا وَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا بِرِجَالِ فَإِنْ تَكُ أَذْوَادٌ أُصِبْنَ وَنِسْوَةٌ فَلَنْ تَذْهَبُوا فِرْغًا بِقَتْلِ حِبَالِ [And what is your opinion of the party when ye slay them? Are they not (though they have not become Muslims) men? And if some small numbers of camels have been smitten (and carried off). and some women, ye will not go away free from care by reason of the slaying of Hibál]. (O, TA.) It is said in the Kur [xxviii. 9], وَأَصْبَحَ فؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا, meaning And the heart, or mind, of the mother of Moses became devoid of patience: or devoid of everything except remembering of Moses: or devoid of anxiety; because of God's having promised to restore him to her, (O, TA,) by words in the next but one of the preceding verses. (O.) [See also another reading voce فِرْغٌ; and another, voce فُرُغٌ.] And it is said in a form of prayer, اَللّٰهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ العَيْشِ الرَّافِغِ وَالمَالَ الفَارِغَ [O God, I ask of Thee ample, or abundant, and pleasant, or good, means of subsistence, and cattle free from labour]. (TA.) And one says, فُلَانٌ فَارِغٌ مَشْغُولٌ, meaning (assumed tropical:) Such a one is devoted to that which is unprofitable. (TA in art. شغل.) And هٰذَا كَلَامٌ فَارِغٌ (tropical:) [This is empty talk or language]. (TA.) أَفْرَغُ [More, and most, empty &c.: and more, and most, free from business &c.]. أَفْرَغُ مِنْ فُؤَادِ

أُمِّ مُوسَى [More void than the heart, or mind, of the mother of Moses] is a prov. (Meyd. [See فَارِغٌ, latter half.]) See also another prov., voce حَجَّامٌ.

A2: Also i. q. فَارِغٌ, q. v.: (O, K:) fem.

فَرْغَآءُ: see فَرِيغٌ.

مَفْرَغٌ A place of pouring out or forth: (O, TA:) and [particularly] the part of the leathern bucket that is next to the fore part of the wateringtrough. (TA.) See فَرْغٌ, second sentence.

A2: Also i. q. سيلان [app. سَيَلَانٌ i. e. The flowing of water &c.; as an inf. n. of فَرِغَ said of water]. (TA.) دِرْهَمٌ مُفْرَغٌ A dirhem [cast, i. e.] poured into a mould; not مَضْرُوب [coined or minted]. (TA.) And حَلْقَةٌ مُفْرَغَةٌ A ring that is solid (S, O, K, TA) in the sides [that compose the round], (S, O,) and [continuous,] not cut. (TA.) One says, هُمْ كَالْحَلْقَةِ المُفْرَغَةِ لَا يُدْرَى أَيْنَ طَرَفَاهَا [They are like the solid and continuous ring, of which it is not known where are the two ends]: (A, TA:) a prov., applied to a company of men united in words and action. (TA in art. حلق.) A2: مُفْرَغٌ is also an inf. n. of أَفْرَغَهُ [q. v.]. (O.) مُسْتَفْرِغَةٌ A she-camel having much milk. (O, K. [See also فِرَاغٌ.]) b2: And مُسْتَفْرِغٌ (tropical:) A horse that does not reserve aught of his run [i. e. of his power of running, for the time of need; that exhausts his power thereof]. (O, K, TA.)
فرغ
فَرَغَ مِنْهُ، أَي: منَ الشُّغْلِ، كمَنَعَ، وسَمِعَ ونَصَرَ، الأُوَلى ذكَرَهَا يُونُسُ فِي كِتَابِ اللُّغَاتِ، وهِيَ والثّانِيَةُ لُغَتَانِ فِي الثّالثَةِ، قالَ الصّاغَانِيُّ: وكذلكَ فَرِغَ، بالكَسْرِ، يَفْرُغُ بالضَّمِّ مُرَكَّبٌ منْ لُغَتَيْنِ، فُرُوغاً، وفَرَاغاً، فهُوَ فَرِغٌ ككَتِفٍ، وفارِغٌ، أَي: خلا ذَرْعُه، ومنْهُ قَوْلُه تَعَالَى: وأصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فارِغاً أَي خالِياً من الصَّبْرِ، ومنْهُ يُقَالُ: أَنا فارِغٌ، وقيلَ: خالِياً منْ كُلِّ شَيءٍ إِلَّا منْ ذكْرِ مُوسَى عليهِ السلامُ، وقيلَ: فارِغاً منَ الاهْتِمامِ بهِ، لأنَّ اللهَ تَعَالَى وَعَدَها أنْ يَرُدَّهُ إليْهَا، ورَجُلٌ فَرِغٌ، أَي: فارِغٌ، كفَكِه وفاكِهٍ، وفَرِهٍ وفارِهٍ، وَمِنْه قِرَاءَةُ أبي الهُذَيْلِ، وأصْبحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فرِغاً.
وفَرَغَ لهُ، وإليْهِ، كمَنَعَ وسَمِعَ، ونَصَرَ، فُرُوغاً وفَرَاغاً: قَصَدَ فالفَرَاغُ فِي اللُّغَةِ على وَجْهَيْنِ: الفَرَاغُ منَ الشُّغْلِ، والآخَرُ: القَصْدُ للشَّيءِ، ومنَ الأخِيرِ قَوْلُه تَعَالَى: سنَفْرَغُ لكُمْ أيُّهَا الثَّقَلانِ، لأنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَشْغَلُه شيءٌ عنْ شَيءِ، قالَ ابنُ الأعْرَابِيّ: أَي سَنَعْمِدُ، واسْتَدَّلَ بقَوْلِ الفَرَزْدَقَ:
(ولمَّا اتَّقَى القَيْنُ العِرَاقِيَّ باسْتِه ... فَرَغْتُ إِلَى القَيْنِ المُقَيَّدِ بالحِجْلِ)
قالَ: أَي عَمَدْتُ، وَفِي حديثِ أبي بكْرٍ رَضِي الله عَنهُ: افْرُغْ إِلَى أضْيافِكَ، أَي: اعْمِدْ واقْصِدْ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ بمَعْنَى التَّخَلِّي والفَرَاغِ، ليَتَوَفَّرَ على قِرَاهُم، والاشتِغَال بهِمْ، وقَرَأَ قَتَادَةُ وسَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ، والأعْرَجُ، وعُمَارَةُ الدّارِعُ: سنَفْرَغُ لَكُمْ بِفَتْح الرّاءِ، على فَرِغَ يَفْرَغُ، وفَرَغَ يَفْرَغُ، وقَرَأ أَبُو عَمْروٍ وعِيسَى بنُ عُمَرَ، وَأَبُو السّمَّالِ سَنِفْرَغُ بكَسْرِ النُّونِ وفَتْحِ الرّاءِ، على لُغَةِ منْ يَكْسِرُ أوَّلَ المُسْتَقْبَلِ، وقَرَأ أَبُو عَمْروٍ أيْضاً: سَنِفْرِغُ بكَسْرِ النُّونِ والرّاءِ، وزَعَمَ أنَّ تَمِيماً تَقُول: نِعْلِمُ.
وَمن المَجَازِ: فَرَغَ الرَّجُلُ فُرُوغاً، أَي: ماتَ مِثْلُ قضَى، لأنَّ جِسْمَهُ خَلا منْ رُوحِه.
والفَرْغُ: مَخْرَجُ الماءِ منَ الدَّلْوِ بَيْنَ العَرَاقِي، وكذلكَ الثَّرْغُ، وجَمْعُهُمَا: فُلرُوغٌ، وثُرُوغٌ، كالفِراغ، ككِتَابٍ، وهُوَ ناحِيَةُ الدَّلْوِ الّتِي تَصُبُّ الماءَ منْهُ، قالَ الشّاعِرُ: كأنَّ شِدْقَيْه إِذا تَهَكَّمَا فَرْغَانِ منْ غَرَبَيْنِ قدْ تَخَرَما وقالَ آخَرُ: يَسْقِي بهِ ذاتَ فِرَاغِ عَثْجَلا والفَرْغُ: الإناءُ فيهِ الدِّبْسُ، وقالَ أعْرَابِيٌّ: تَبَصَّرُوا الشَّيَّفانَ، فإنَّهُ يَصُوكُ على شَعَفَةِ المَصَادِ، كأنَّهُ قِرْشَامٌ على فَرْغِ صَقْرٍ، الشَّيَّفانُ، كهَيَّبان: الطَّلِيعَةُ، والمَصَادُ: الجَبَلُ، ويَصُوكُ، أَي: يَلْزَمُ،)
والقِرْشَامُ: القُرَادُ، والصَّقْرُ: الدِّبْسُ.
ومنْ فَرْغِ الدَّلْوِ سُمِّيَ الفَرْغانِ: فَرْغُ الدَّلْو المُقَدَّمُ، وفَرْغُ الدَّلْوِ المُؤَخَّرُ، وهُمَا: مَنْزِلانِ للقَمَرِ فِي بُرْجِ الدَّلْوِ، كُلّ واحدٍ منْهُمَا كَوْكَبَان نَيِّرانِ، بَيْنَ كُلِّ كَوْكَبَيْنِ فِي المَرْأى قَدْرُ رُمْحٍ، وَفِي اللِّسانِ: قَدْرُ خَمْسِ أذْرُعٍ فِي رَأْيِ العَيْنِ وقدْ يُجْمَعُ، فيُقالُ: الفُرُوغُ بِمَا حَوْلَهُمَا منَ الكَواكِبِ، قالَ أَبُو خَراشِ الهُذَلِيُّ: (وظَلَّ لَنا يَوْمٌ كأنَّ أُوَارَهُ ... ذكَا النّارِ منْ فَيْحِ الفُروغِ طَوِيلُ)
وقالَ الجُمَحِيُّ: الفُرُوغُ: الجَوْزَاءُ، وَفِي شَرْحِ الدِّيوانِ: فُرُوغُ الجَوْزَاءِ: نُجُومُ أعاليها.
وفَرْغُ القِبَةِ بكَسْرِ القافِ وفَتْح المُوَحَدَّةِ الخَفِيفَةِ، وفَرْغُ الحَفَرِ بفَتْحِ الحاءِ والفاءِ: بَلَدانِ لتَميمٍ بينَ الشَّقِيقِ وأود، فِيهَا ذِئابٌ تأْكُلُ النّاسَ.
وفَرْغانَةُ: ناحِيَةٌ بالمَشْرِقِ تَشْتَمِلُ على أرْبَعِ مُدُنٍ وقَصَباتٍ كَثِيرَةٍ، فالمُدُنُ: أُوشُ وأوزْجَنْدُ، وكاسانُ ومَرْغِينانُ، ولَيْسَتْ فَرْغَانَةُ بَلْدَةً بعَيْنِهَا.
وفَرْغانُ: ة، بفارِسَ ويُقَالُ لَهَا أيْضاً فَرْغانَةُ.
وفَرْغَانُ: د، باليَمَنِ منْ مِخْلافِ بَنِي زُبَيْدٍ.
وفَرْغانُ: جَدٌّ لأبي الحَسَنِ أحْمَدَ بنِ الفَتْحِ بنِ عَبْدِ اللهِ المَوْصِلِيِّ المُحَدِّثِ عَن عُبَيدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ القَاضِي عَن أبي يَعْلَى.
والأفْراغُ: مَوَاضِعُ حَوْلَ مَكَّةَ حرسها الله تَعَالَى، هَكَذَا فِي سائِرِ النُسَخِ، ومِثْلُه فِي العُبَابِ، وهُوَ غَلَطٌ منَ الصّاغَانِيُّ والمُصَنِّف قَلَّدَهُ والصَّوابُ: مَوْضِعٌ حَوْلَ مَكَّةَ، كَمَا حَقَّقَه ياقُوت فِي المُعْجَم، وأنْشَدَ قَوْلَ الفَضْلِ اللَّهَبِيِّ:
(فالهَاوَتانِ فكَبْكَبٌ فَجُتاوِبٌ ... فالبَوْصُ فالأفْرَاغُ منْ أشْقَابِ)
وإفْرَاغَةُ: د، بالأنْدَلُسِ من أعْمَالِ مارِدَةَ كَثِيرَةُ الزَّيتُونِ، تَمَلَّكَها الفِرِنْجُ فِي سنة فِي أيامِ عليِّ بنِ يُوسُفَ بنِ تاشفِينَ المُلَثَّمِ، ثمَّ ظاهِرُ سِياقِ المُصَنِّف كالصّاغَانِيُّ أنّه بفَتْحِ الهَمْزَةِ، والصَّوابُ أنَّهُ بكَسْرِهَا، كَمَا ضَبَطَهُ ياقُوت وغَيْرُه.
وفَرُغَتِ الضَّرْبَةُ، ككَرُمَ: اتَّسَعَتْ فَهِيَ فَرِيغَةٌ، أَي: جائِفَةٌ ذاتُ فَرْغٍ، أَي: سَعَةٍ، شُبِّهَتْ لِسَعَتِها بفَرْغِ الدَّلْوِ، وهوَ مجازٌ، قالَ لَبيدٌ رَضِي الله عَنهُ:
(وكُلُّ فَرِيغَةٍ عَجْلَى رَمُوحٍ ... كأنَّ رَشَاشَها لَهَبُ الضِّرامِ)

وكذلكَ ضَرْبَةٌ فَرِيغٌ، بِلَا هاءٍ أيْضاً.
والفَرِيغُ: مُسْتَوَىً منَ الأرْضِ كأنَّهُ طَرِيقٌ، وهُوَ الوَاسِعُ وهُوَ مجازٌ، وقيلَ: هُوَ الّذِي قَدْ أُثِّرَ فيهِ، لكَثْرَةِ مَا وُطئَ، قالَ أَبُو كَبِيرٍ الهُذَلِيُّ:
(فأجَزْتُه بأفَلَّ يُحْسَبُ أثْرُه ... نَهْجاً أبانَ بذِي فَرِيغٍ مَخْرَفِ)
شَبَهَ بَيَاَ الفِرِنْدِ بوُضُوحِ هَذَا الطَّرِيق.
والفَرِيغُ منَ الخَيْلِ: الهِمْلاجُ الوَاسِعُ المَشْيِ، كالفراغِ، ككِتَابٍ، وقدْ فَرُغَ فَرَاغَةً، وَهُوَ مجَازٌ.
وقيلَ: الفَرِيغُ: هُوَ الجَوَادُ البَعِيدُ الشَّحْوَةِ، قالَ الشّاعِرُ:
(ويَكادُ يَهْلِكُ فِي تَنُوفَتِه ... شَأْوُ الفَرِيغِ وعَقْبُ ذِي العَقْبِ)
وقالَ كُراع: هِمْلاجٌ فَرِيغٌ: سَرِيعٌ أيْضاً والمَعْنَيانِ مُتَقَارِبَان.
ويُقَالُ: دَابَّهٌ فِراغُ السَّيْرِ، أَي: سَرِيعُ المَشْيِ، واسِعُ الخُطَا، وَفِي الحديثِ: أنَّ رَجُلاً منَ الأنْصَارِ قالَ: حَمَلْنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على حمارٍ لنا قَطُوفٍ، فنَزَلَ عَنْهُ، فَإِذا هُوَ فِراغٌ لَا يُسَايَرُ أَي: سَرِيعُ المَشْيِ، واسِعُ الخُطْوَةِ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: حِمارٌ فَرِيغٌ: واسِعُ المَشْيِ، وقدْ عُلِمَ من ذلكَ أنَّه يُطْلَقُ على غَيْرِ الخَيْلِ أيْضاً.
والفَرِيغَةُ: المَزَادَةُ الكَثِيرَةُ الأخْذِ للماءِ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ كأنَّهَا ذاتُ فَرْغٍ، أَي: سعَةٍ، وهُو مجازٌ.
والفِراغُ، ككِتابٍ: العِدْلُ منْ الأحْمَالِ، بلُغَةِ طَيِّئٍ، قالَهُ أَبُو عَمْروٍ.
وقالَ الأصْمَعِيُّ: الفِرَاغُ: حَوْضٌ واسِعٌ ضَخْمٌ منْ أدَمٍ، قالَ أَبُو النَّجْمِ: تَهْدِي بهَا كُلَّ نِيافٍ عَنْدَلِ طاوِيَةٍ جَنْبَيْ فِرَاغٍ عَثْجَلِ والفِراغُ: الإنَاءُ بعَيْنِه، عَن ابْنِ الأعْرَابِيِّ، وَفِي التّهْذِيبِ: كُلُّ إناءٍ عِنْدَ العَرَبِ: فِراغٌ.
وقالَ أَبُو زَيْدٍ: الفِرَاغُ: الغَزِيرَةُ منَ النُّوقِ، الوَاسِعَةُ جِرَابِ الضَّرْعِ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ وصاحِبُ اللِّسانِ.
والفِرَاغُ فِي قَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ:
(ونَحَتْ لَهُ عنْ أزْرِ تَأْلبَةٍ ... فِلْقٍ فِرَاغِ مَعَابِلٍ طُحْلِ)
القَوْسُ الوَاسِعَةُ جُرْحِ النَّصْلِ، ونَحَتْ: تَحَرَّفَتْ، أَي: رَمَتْهُ عَن قَوْس، وأزْر: قُوَّةٌ وزِيَادَةٌ، والضَّمِيرُ فِي لَهُ لامْرِئ القَيْسِ.)
أَو الفِرَاغُ هُنَا: القَوْسُ البَعِيدَةُ السَّهْمِ ويُرْوَى فِرَاغَ بالنَّصْبِ، أَي: نَحَتْ فِرَاغَ، والمَعْنَى كأنَّ هَذِه المَرْأَةَ رَمَتْهُ بسَهْمٍ فِي قَلْبِه.
وقالَ ابنُ عَبّادٍ: الفِراغُ: القَدَحُ الضَّخْمُ، الّذِي لَا يُطَاقُ حَمْلُه، ج: أفْرِغَةٌ، كجِرَابٍ وأجْرِبَةٍ.
وقيلَ: الفِرَاغُ فِي قَوْل امْرِئِ القَيْسِ السّابِقِ: النِّصالُ العَرِيضَةُ، وأرادَ بالأرْزِ: القَوْسَ نَفْسَها.
وفَرِغَ الماءُ، كفَرِحَ: انْصَبَّ، الأوْلَى كسَمِعَ، ليُطابِقَ مَصْدَرَه، فَرِغَ فَرَاغاً كسَمِعَ سَمَاعاً، وهُوَ نَصُّ اللِّسانِ، وَفِي العُبابِ: فَرِغَ الماءُ، بالكَسْرِ، ففيهِ إشارَةٌ لمَا قُلْنا، وأمّا إِذا كانَ كفَرِحَ فيَلْزَمُ أنْ يكُونَ مَصْدَرُه فَرَغاً، مُحَرَّكَةً، وَلَا قائِلَ بهِ، فتأمَّلْ.
والفَرَاغَةُ: الجَزَعُ والقَلَقُ، قالَ: يَكادُ منَ الفَرَاغَةِ يُسْتَطارُ والفُرَاغَةُ، بالضَّمِّ: نُطْفَةُ الرَّجُلِ، أَي مَنِيُّه، نَقَلَه ابنُ سِيدَه والجَوْهَرِيُّ.
والفِرْغُ، بالكَسْرِ: الفَرَاغُ، قالَ طُلَيْحَةُ بنُ خُوَيْلِدٍ الأسَدِيُّ فِي قَتْلِ ابنِ أخيهِ حِبَالِ بنِ سَلَمَةَ بنِ خُوَيْلِدٍ:
(فَمَا ظَنُّكُمْ بالقَوْمِ إذْ تَقْتُلُونَهُمْ ... ألَيْسُوا وإنْ لَمْ يُسْلِمُوا برِجَالِ)
وأنشدَ:
(فإنْ تَكُ أذْوادٌ أُخِذْنَ ونِسْوَةٌ ... فلَمْ تَذْهَبُوا فِرْغاً بقَتْلِ حِبَالِ)
ويُقَالُ: ذَهَبَ دَمُهُ فِرْغاً، بالكَسْرِ: ويُفْتَحُ، أَي: باطِلاً هَدرَاً لم يُطْلَبْ بهِ، وزادَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَكَذَا ذَهَبَتْ دِماؤُهُمْ فَرْغاً.
والأفْرَغُ: الفارِغُ، ومنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ: لَوْ كُنْتُ أسْطِيعُكَ لمْ يُشَغْشَغِ شِرْبِي وَمَا المَشْغُولُ مِثْلُ الأفْرَغِ وَمن المَجَازِ: الطَّعْنَةُ الفَرْغَاءُ، هِيَ: الوَاسِعَةُ يَسِيلُ دَمُها، كأنَّها ذاتُ فَرْغٍ، شُبِّهَتْ لِسَعَتِهَا بِفَرْغِ الدَّلْوِ.
وأفْرَغَهُ إفْرَاغاً: صَبَّهُ، كفَرَّغَهُ تَفْرِيغاً، وَفِي التنزيلِ رَبنَا أفْرِغْ عليْنَا صَبْراً، أَي: اصْبُبْ كَمَا تُفْرَغُ الدَّلْوُ، أَي: تُصَبُّ وقيلَ: أنْزِلْ عَلَيْنَا صَبْراً يَشْتَمِلُ عَلَيْنَا، وهُوَ مجازٌ.
وأفْرَغَ الدِّماءَ: أراقَهَا.
ويُقَالُ: حَلْقَةٌ مُفْرَغَةٌ: إِذا كانَتْ مُصْمَتَة الجَوَانِبِ غَيْرَ مَقْطُوعَةٍ، وَفِي الأساسِ: هُمْ كالحَلْقَةِ المُفْرَغَةِ)
لَا يُدْرَى أيْنَ طَرَفَاهَا.
وتَفْرِيغُ الظُّرُوفِ: إخْلاؤُها، وقَرَأ الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَأَبُو رجاءٍ والنَّخَعِيُّ، وعِمْرَانُ بنُ جَرِيرٍ: حَتَّى إِذا فُرِّغَ عنْ قُلُوبِهِمْ وتَفْسيرُه: أخْلَى قلُوبَهُمْ منَ الفَزَعِ، وقالَ ابنُ جِنِّي فِي كتابِ الشَّواذِّ فُرِّغَ، وفُزِّعَ، وافْرُنْقِعَ بمَعْنَىً واحِدٍ.
ويَزِيدُ بنُ رَبِيعَةَ بنِ مُفَرِّغٍ، كمُحَدِّثٍ الحِمْيَرِيُّ: شاعِرٌ يُقَالُ: إنَّ جَدّه راهَنَ على أنْ يَشْرَبَ عُسّاً منْ لَبَنٍ، ففَرَّغَهُ شُرْباً، وقالَ ابنُ الكَلْبِيِّ فِي نَسَبِ حِمْيَرَ هُوَ يَزِيدُ بن زِيادِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ مُفَرِّغٍ، وكانَ حَلِيفاً لآلِ خالِدِ بنِ أسِيدِ بنِ أبي العِيصِ بن أُمَيَّةَ، قالَ: ولَهُ اليَوْمَ عَقِبٌ بالبَصْرَةِ، وَهَكَذَا قَرَأْتُه فِي أنْسَابِ أبي عُبَيْدٍ أيْضاً.
والمُسْتَفْرِغَةُ منَ الإبِل: الغَزِيرَةُ اللَّبَنِ. وَمن المَجَازِ: المُسْتَفْرِغَةُ منَ الخَيْلِ: الّتِي لَا تُدَّخِرُ منْ حُضْرِها شَيئاً، أَي: منْ عَدْوهَا.
واسْتَفْرَغَ: تَقَيَّأ وَفِي اصْطِلاحِ الأطِبّاءِ: تَكَلَّفَ القَيءَ.
وَمن المَجَازِ: اسْتَفْرَغَ مَجْهُودَهُ فِي كَذَا، أَي: بَذَلَ طاقَتَهُ ولَمْ يُبْقِ منْ جُهْدِه شَيئاً.
وتَفَرَّغَ، أَي تَخَلَّى منَ الشُّغْلِ، يُقَالُ: تَفَرَّغَ لكَذا، ومنْ كَذَا ومنْهُ الحديثُ: تَفَرَّغُوا منْ هُمُومِ الدُّنْيا مَا اسْتَطَعْتُم.
وافْتَرَغْتُ لِنَفْسِي مَاء: صَبَبْتُه وَفِي العُبابِ: افْتَرَغْتُ: صَبَبْتُ على نَفْسِي: وافْتَرَغْتُ منَ المَزَادَةِ لنَفْسِي مَاء: إِذا اصْطَبَبْتَهُ وَفِي اللِّسانِ: افْتَرَغَ: أفْرَغَ على نَفْسِه الماءَ، وصَبَّهُ عليهِ، وَفِي الأساسِ: رَأيْتُهُ يَغْتَرِفُ الماءَ، ثُمَّ يَفْتَرِغُه على نَفْسِه.
وممّا يستدْرَكُ عليهِ: إناءٌ فُرُغٌ، بضمَّتَيْنِ أَي: مُفَرَّغٌ، كذُلُلٍ بمَعْنَى مُذَلَّلٍ، وَبِه قَرَأَ الخَلِيلُ: وأصْبَحَ فُؤَادث أُمِّ مُوسَى فُرُغاً أَي: مُفَرَّغاً.
وقَوْسٌ فُرُغٌ، بضَمَّتَيْنِ، وفِراغٌ، ككِتَابٍ: بغَيْرِ وَتَرٍ، وقيلَ: بِغَيْرِ سَهْمٍ.
وناقَةٌ فِرَاغٌ، بالكَسْرِ: بغَيْرِ سِمَةٍ.
والفَرْغُ، بالفَتْحِ: السَّيَلان.
وفِرَاغث النّاقَةِ، بالكَسْرِ: ضَرْعُها، وَهَكَذَا فُسِّرَ بهِ قَوْلُ أبي النَّجْمِ السّابِقُ، أرادَ أنَّه قدْ جَفَّ مَا فيهِ منَ اللَّبَنِ فتَغَضَّنَ.)
والفَرِيغُ، كأمِيرٍ: العَرِيضُ.
وسَهْمٌ فَرِيغٌ، أَي حديدٌ، قالَ النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ، رَضِي الله عَنهُ:
(فَرِيغَ الغِرارِ على قَدْرِهِ ... فشَكَّ نَوَاهِقَهُ والْفَمَا) وسِكِّينٌ فَرِيغٌ كذلكَ، وكذلكَ رَجُلٌ فَرِيغٌ: إِذا كانَ حَدِيدَ اللِّسانِ.
ورَجُلٌ فِرَاغٌ، ككِتَابٍ: سَريع المَشْيِ، واسِعُ الخُطَا.
وفَرَغَ عليهِ الماءَ: صَبَّهُ عنْ ثَعْلَبٍ، وأنْشَدَ:
(فَرَغْنَ الهَوَى فِي القَلْبِ ثُمَّ سَقَيْنَهُ ... صُباباتِ مَاء الحُزْنِ بالأعْيُنِ النُّجْلِ)
والإفْرَاغَةُ: المَرَّةُ الواحِدَةُ من الإفْرَاغِ، ومنْهُ الحَدِيثُ: كانَ يُفْرِغُ على رَأْسِه ثلاثَ إفْرَاغاتٍ.
وأفْرَغَ عِنْدَ الجِماعِ: صَبَّ ماءَهُ.
وأفْرَغَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ وغَيْرَهُمَا منَ الجَوَاهِرِ الذّائِبَةِ: صَبَّهَا فِي قالَبٍ. ودِرْهَمٌ مُفْرَغٌ، كمُكْرَمٍ، مَصْبُوبٌ فِي قالَبٍ، لَيْسَ بمَضْرُوبٍ ومَفْرَغُ الدَّلْوِ، كمَقْعَدٍ: مَا يَلِي مُقَدَّمَ الحَوْضِ.
والفَرْغَانُ: الإنَاءُ الوَاسِعُ.
والفِرَاغُ بالكَسْرِ: الأوْدِيَةُ عَن ابْنِ الأعْرَابِيِّ، وَلم يَذْكُرْ لَهَا وَاحِدًا، وَلَا اشْتَقَّها.
وقالَ ابنُ بَرِّيّ: الفَرْغُ: الأرْضُ المُجْدِبَةُ قالَ مالكٌ العَلِيمِيُّ: انْجُ نَجاءً منْ غَرِيمٍ مَكْبُولْ يُلْقَى عَلَيه النَّيْدُلانُ والغُولْ واتَّقِ أجْساداً بفَرْغٍ مَجْهُولْ ومَفَارِغُ الدَّلْوِ: مَصَابُّهَا، جَمْعُ فَرْغٍ، كَمَا فِي الأساسِ، أوْ جَمْعُ مَفْرَغٍ.
وَفِي الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أسْأَلُكَ العَيْشَ الرّافِغَ، والبالَ الفَارِغَ.
وَمن المَجَازِ: يُقَالُ: هَذَا كلامٌ فارِغٌ.
ويُقَالُ فِي الوَعِيدِ: لأفْرَغَنَّ لَكَ. وقدْ أفْرَغَ عليهِ ذَنُوباً: إِذا ناطَقَه بِمَا يُتَشَوَّرُ منْه، أَي: يُسْتَحْيَا ويُخْجِلُ، ومنْهُ قَوْلُ الأخْطَلِ فِي حقِّ الشَّعْبِيِّ: أَنا اسْتَفْرِغُ من إناءٍ واحِدٍ، وَهُوَ يسْتَفْرِغُ منْ أوانٍ شَتَّى يُرِيدُ سَعَةَ حِفْظِ الشَّعْبِيِّ.
والمَفْرَغُ: بضمِ المِيمِ وفَتْحِهَا، فالضَّمُّ: بمَعْنَى الإفْراغِ، والفَتْحُ بمَعْنَى المَوْضِعِ، وبِهِمَا فُسِّرَ قَوْلُ رُؤْبَةَ:)
بمِدْفَقِ الغَرْبِ رَحِيبِ المَفْرَغِ

جسس

جسس: {تجسسوا}: تــبحثــوا.
(جسس) : الجَسِيسُ: الجاسُوسُ.
(جسس) - في حَديثٍ تَمِيمٍ ، رَضى الله عنه، قالت: "أَنَا الجَسَّاسَة"
إنما سُمِّيت به، لأنها تَتَجسَّس الأَخبَار للدَّجَّال.
ج س س: (جَسَّهُ) بِيَدِهِ أَيْ مَسَّهُ وَبَابُهُ رَدَّ، وَ (اجْتَسَّهُ) أَيْضًا مِثْلُهُ وَ (جَسَّ) الْأَخْبَارَ وَ (تَجَسَّسَهَا) تَفَحَّصَ عَنْهَا وَمِنْهُ (الْجَاسُوسُ) . 
جسس
قال الله تعالى: وَلا تَجَسَّسُوا
[الحجرات/ 12] ، أصل الجَسِّ: مسُّ العرق وتعرّف نبضه للحكم به على الصحة والسقم، وهو أخص من الحسّ، فإنّ الحس تعرّف ما يدركه الحس. والجَسُّ: تعرّف حال ما من ذلك، ومن لفظ الجسّ اشتق الجاسوس .

جسس


جَسَّ(n. ac. جَسّ)
a. Felt, touched.
b. Scrutinized, scanned, investigated; explored.
c. Spied out, pried into.

تَجَسَّسَa. see I (b) (c).
إِجْتَسَسَa. Enquired into, about.

مَجْسَس
مَجْسَسَة
(pl.
مَجَاْسِسُ)
a. Seat of feeling: mouth, palate; bosom &c.

جَسَّاْسa. see 40

جَاْسُوْس
(pl.
جَوَاْسِيْسُ)
a. Informer, spy.
b. Busy-body.
ج س س

جس الطبيب يده، ومجسته حارة. وجس الشاة: غبطها. وكيف ترى مجستها فتقول: دالة على السمن.

وفي مثل " أفواهها مجاسها " أي إذا رأيتها تجيد الأكل أولاً فكأنما جسستها.

ومن المجاز: جسوه بأعينهم، وفلان واسع المجس، كما تقول: رحيب الذراع، وفي ضده ضيق المجس، وإنّ في مجستك لضيقاً. وتجسسوا الأخبار وهو من جواسيس العدو. واجتست الإبل البارض: التمسته بأفواهها.
[جسس] جَسَّهُ بيده واجْتَسَّهُ، أي مسّه. والمَجَسَّةُ: الموضع الذي يَجُسُّهُ الطبيب. وفى المثل: " أفواهها مجاسها " ; لان الابل إذا أحسنت الاكل اكتفى الناظر إليها بذلك في معرفة سمنها من أن يجسها. وجسست الاخبار وتجسستها، أي تفحصت عنها. ومنه الجاسوس. وحكى عن الخليل: الجواس: الحواس. وقال ابن دريد: قد يكون الجس بالعين. وأنشد: فاعصوصبوا ثم جسوه بأعينهم * ثم اختفوه وقرن الشمس قد زالا * وجساس بن مرة الشيباني: قاتل كليب وائل.
(ج س س) : (الْجَسُّ) اللَّمْسُ بِالْيَدِ لِلتَّعَرُّفِ يُقَالُ جَسَّهُ الطَّبِيبُ إذَا مَسَّةُ لِيَعْرِفَ حَرَارَتَهُ مِنْ بُرُودَتِهِ وَجَسَّ الشَّاةَ لِيَعْرِفَ سِمَنَهَا مِنْ هُزَالِهَا مِنْ بَابِ طَلَبَ وَالْمَجَسَّةُ مَوْضِعُ الْجَسِّ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ شَاةُ لَحْمٍ فَلَا بُدَّ مِنْ (الْمَجَسَّةِ) عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَوْ عَلَى أَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمَصْدَرِ وَقَوْلُهُ (فَاجْتَسَّ) لَهُمْ أَمْرَ الْقَوْمِ أَيْ نَظَرَ فِيهِ وَالْتَمَسَهُ مِنْ الْجَاسُوسِ وَيُرْوَى بِالْحَاءِ مِنْ الْحَاسَّةِ.
ج س س : جَسَّهُ بِيَدِهِ جَسًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَاجْتَسَّهُ لِيَتَعَرَّفَهُ وَجَسَّ الْأَخْبَارَ وَتَجَسَّسَهَا تَتَبَّعَهَا وَمِنْهُ الْجَاسُوسُ لِأَنَّهُ يَتَتَبَّعُ الْأَخْبَارَ وَيَفْحَصُ عَنْ بَوَاطِنِ الْأُمُورِ ثُمَّ اُسْتُعِيرَ لِنَظَرِ الْعَيْنِ وَقِيلَ فِي الْإِبِلِ أَفْوَاهُهَا مَجَاسُّهَا لِأَنَّ الْإِبِلَ إذَا أَحْسَنَتْ الْأَكْلَ اكْتَفَى النَّاظِرُ إلَيْهَا بِذَلِكَ فِي مَعْرِفَةِ سِمَنِهَا وَقِيلَ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي يَمَسُّهُ الطَّبِيبُ مِجَسَّةٌ وَالْجَاسَّةُ لُغَةٌ فِي الْحَاسَّةِ وَالْجَمْعُ الْجَوَاسُّ. 
باب الجيم مع السين ج س س، س ج ج مستعملان

جسس: جَسستُه بيدي أي لمستُه لأنظُرَ مَجَسَّه أي مَمَسَّه. والجَسُّ جَسُّ الخبر، ومنه التَّجَسُّسُ للجاسُوسِ. والجَسّاسةُ: دابَّةٌ في جَزيرة البحر تُجسّ الأخبارَ وتأتي الدَّجّال. والجَواسُّ من الإنسانِ: اليَدان والعَينان والفَمُ والشَّمُّ، الواحدةُ جاسَّةُ، ويقال بالحاء.

سجج: رمانة سجسجة أي لا حامِضةٌ ولا حُلوة.

وفي الحديث: الجَنَّةُ سَجسَجٌ. لا فيها حَرٌ يؤذي ولا بَردٌ.

والسَّجاجُ: لبن رقيق. 
[جسس]: "لا تجسسوا" ولا تحسسوا، هو بالجيم التفتيش عن بواطن الأمور في الشر غالباً، والجاسوس صاحب سر الشر. وقيل- بالجيم أن يطلبه لغيره- وبالحاء لنفسه، وقيل- بالجيم: الــبحث عن العورات- وبالحاء: الاستماع، وقيل بمعنى واحد في تطلب معرفة الأخبار. ك: الأول بجيم والثاني بحاء أو بعكسه. ط: بالجيم تعرف الخبر بتلطف، وبالحاء تطلبه بحاسة كاستراق السمع وإبصار الشيء خفية، وقيل: الأول في الشر والثاني يعم الخير والشر. ومنه ح تميم: أنا "الجساسة" يعني الدابة، سميت به لأنها تجسس الأخبار وهي بفتح جيم وتشديد مهملة، وروى: فإذا بامرأة فأما أن يكون له جساسان أو لأنه يتمثل تارة بصورة امرأة وأخرى بصوت دابة، أو سمي المرأة دابة، قوله: في الدير، أي دير النصارى، قوله: إما إن ذلك أي الإطاعة خير لهم، وأن يطيعوه بدل للتفسير، فإن قيل: هو مخذول ملعون كيف يتصور مدحه؟ قلت: لعله أراد الخير في الدنيا بالخلاص عن الاستيصال، أو صرفه الله عن الطعن فيه، قوله: في بحر الشام أو بحر اليمن، ردد الأمر لما رأى في الإلباس من المصلحة، ثم أضرب عن القولين مع حصول اليقين في أحدهما فقال: لا بل من قبل المشرق، قيل: لعله صلى الله عليه وسلم كان شاكاً في موضعه ثم أوحى أنه من قبل المشرق فجزم، وما في ما هو زائدة أو موصولة أي الذي هو فيه أو يخرج منه. ك ومنه: "فجسها" رجل بيده، وروى: فحسنها، من التحسين، وح: يصلي حيث شاء ولا "يتجسس" بجيم أو بحاء مهملة وبالضم أو بالجزم أي لا يتفحص موضعاً يصلي فيه.

جسس: الجَسُّ: اللَّمْسُ باليد. والمَجَسَّةُ: مَمَسَّةُ ما تَمَسُّ.

ابن سيده: جَسَّه بيده يَجُسُّه جَسّاً واجْتَسَّه أَي مَسَّه ولَمَسَه.

والمَجَسَّةُ: الموضع الذي تقع عليه يده إِذا جَسَّه. وجَسَّ الشخصَ بعينه:

أَحَدَّ النظر إِليه ليَسْتَبِينَه ويَسْتَثْبِتَه؛ قال:

وفِتْيَةٍ كالذُّبابِ الطُّلْسِ قلت لهم:

إِني أَرى شَبَحاً قد زالَ أَوْ حالا

فاعْصَوْصَبْوا ثم جَسُّوه بأَعْيُنِهم،

ثم اخْتَفَوْه وقَرنُ الشمس قد زالا

اختفوه: أَظهروه. والجَسُّ: جَسُّ الخَبَرِ، ومنه التَجَسُّسُ. وجَسَّ

الخَبَرَ وتَجَسَّسه: بحث عنه وفحَصَ. قال اللحياني: تَجَسَّسْتُ فلاناً

ومن فلان بحثــت عنه كتَحَسَّسْتُ، ومن الشاذ قراءة من قرأَ: فَتَجَسَّسُوا

من يوسف وأَخيه. والمَجَسُّ والمَجَسَّة: مَمَسَّةُ ما جَسَسْتَه بيدك.

وتَجَسَّسْتُ الخبر وتَحَسَّسْته بمعنى واحد. وفي الحديث: لا تَجَسَّسُوا؛

التَّجَسُّسُ، بالجيم: التفتيش عن بواطن الأُمور، وأَكثر ما يقال في

الشر. والجاسُوسُ: صاحب سِرِّ الشَّر، والناموسُ: صاحب سرِّ الخير، وقيل:

التَّجَسُّسُ، بالجيم، أَن يطلبه لغيره، وبالحاء، أَن يطلبه لنفسه، وقنيل

بالجيم: الــبحث عن العورات، وبالحاء الاستماع، وقيل: معناهما واحد في تطلب

معرفة الأَخبار. والعرب تقول: فلان ضَيِّقُ المَجَسِّ إِذا لم يكن واسع

السِّرْبِ ولم يكن رَحيب الصدر. ويقال: في مَجَسِّكَ ضِيقٌ. وجَسَّ إِذا

اختبر. والمَجَسَّةُ: الموضع الذي يَجُسُّه الطبيب. والجاسُوسُ: العَيْنُ

يَتَجَسَّسُ الأَخبار ثم يأْتي بها، وقيل: الجاسُوسُ الذي يَتَجَسَّس

الأَخبار.

والجَسَّاسَةُ: دابة في جزائر البحر تَجُسُّ الأَخبار وتأْتي بها

الدجالَ، زعموا. وفي حديث تميم الداري: أَنا الجَسَّاسَة يعني الدابة التي رآها

في جزيرة البحر، وإِنما سميت بذلك لأَنها تجُسُّ الأَخبار للدجال.

وجَواسُّ الإِنسان: معروفة، وهي خمس: اليدان والعينان والفم والشم

والسمع، والواحدة جاسَّة، ويقال بالحاء؛ قال الخليل: الجَواسُّ الحَواسُّ. وفي

المثل: أَفواهُها مَجاسُّها، لأَن الإِبل إِذا أَحسنت الأَكل اكتفى

الناظر بذلك في معرفة سمنها من أَن يَجُسَّها. قال ابن سيده: والجَواسُّ عند

الأَوائل الحَواسُّ.

وجَسَّاس: اسم رجل؛ قال مُهَلْهِلٌ:

قَتِيلٌ، ما قَتِيلُ المَرْءِ عَمْرٍو؟

وجَسَّاسُ بنُ مُرَّةَ ذو ضَريرِ

وكذلك جِسَاسٌ؛ أَنشد ابن الأعرابي:

أَحْيا جِساساً، فلما حانَ مَصْرَعُه،

خَلّى جِساساً لأَقْوام سَيَحْمُونَه

وجَسَّاسُ بنُ مُرَّة الشَّيْباني: قاتلُ كُلَيبِ وائلٍ: وجِسْ: زَجْرٌ

للإِبل.

جسس
جسَّ جَسَسْتُ، يَجُسّ، اجْسُسْ/جُسَّ، جَسًّا، فهو جاسّ، والمفعول مَجْسوس
• جسَّ الخبَرَ: بحث عنه وفحصه.
• جسَّ الأرضَ: وَطِئها.
• جسَّ الطَّبيبُ بطنَ المريض: مسَّها، فحصها بلمس اليد "جسَّ طريقَه في الظَّلام- جسّ نبضَ الرأي العام: حاول معرفته، استطلعه" ° جسَّ نبضَ فلان: حاول مَعْرِفة رأيه أو ميوله. 

تجسَّسَ/ تجسَّسَ على يتجسَّس، تجسُّسًا، فهو مُتجسِّس، والمفعول مُتجسَّس
• تجسَّس الخبرَ: استطلعه وبحث عنه، تفحَّصه بطريقة غير مشروعة "تجسَّس له أخبارًا- {وَلاَ تَجَسَّسُوا} ".
• تجسَّس الشَّخصَ/ تجسَّس على الشَّخصِ: قام بجمع المعلومات عنه لجهةٍ ما "تجسَّس على الأعداء- ضبطت المخابرات شبكة تجسُّسٍ جديدة". 

جاسوس [مفرد]: ج جواسيسُ: مَنْ يقوم بجمع معلومات سِرّيَّة لجهة معيَّنة "من جواسيس العدوّ- تمّ ضبط عدد من الجواسيس في الآونة الأخيرة" ° جاسوس مزدوج: مَنْ يعمل لحساب طرفين متنافسين، أو يعمل في خدمة دولتين في الوقت نفسه ويخدع إحداهما أو الاثنتين معًا. 

جاسوسيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى جاسوس: "مهمّة/ شبكة جاسوسيّة".
2 - مصدر صناعيّ من جاسوس: مهارة جمع المعلومات عن شخص أو جهة أو نحوهما لصالح فرد أو جهة أخرى معادية "الجاسوسيّة جريمة ضدّ أمن الدَّولة".
3 - مُنظَّمة تؤلِّفها الدول لتتجسَّس لها الأخبار وتستطلعها. 

جَسّ [مفرد]: مصدر جسَّ. 
1175 - 
مَجَسّ [مفرد]: ج مَجاسُّ: اسم مكان من جسَّ ° أفواهُها مجاسُّها: أي من ظاهر الأشياء تُعرف البواطن- خشِن المَجَسّ: ذو سطح خَشِن- ضيِّق المَجَسّ: ليس برحب الصَّدر. 

مِجَسّ [مفرد]: ج مِجاسُّ: اسم آلة من جسَّ: مِجْهَر؛ آلة يستعان بها على رؤية الذرّات الصغيرة في الأجزاء الدقيقة واستعملت في مقام الآلة المعروفة بالمِكرسكوب ° مِجَسّ ميكانيكيّ: آلة استشعاريّة من شأنها كشف الموادّ المتفجِّرة. 

مِجَسَّة [مفرد]: ج مِجاسّ ومِجَسَّات: اسم آلة من جسَّ: مِجَسّ، مِجْهرٌ؛ آلة يُستعان بها على رؤية الذرّات الصغيرة والأجزاء الدقيقة واستعملت في مقام الآلة المعروفة بالمِكرسكوب. 
جسس
جَسَّه بِيَدِه: أي مَسَّه.
والمَجَسَّة - بالفتح -: الموضع الذي يَجُسُّه الطبيب.
وفي المَثَل: أفواهها مَجَاسُّها. لأن الإبل إذا أحسَنَتِ الأكل اكتفى الناظر بذلك في معرفة سِمَنِها من أن يَجُسَّها ويَضْبِثَها. ويُروى أحناكُها مجاسُّها، قال أبو زيد: إذا طَلَبَت كلأً جَسَّت برؤوسها وأحناكها، فإن وَجَدتَ مَرْتَعاً رمت برؤوسها فَرَتَعَت وإلاّ مَرّت، فالمَجاسُّ - على هذا - المواضع التي تجسًّ بها هي. يَضْرَبُ في الرواية الأولى في شواهد الأشياء الظاهرة التي تعرب عن بواطنها.
والعرب تقول: فلان ضيَّق المَجَسَّة: إذا لم يكن واسع السَّرب ولم يكن رَحيب الصدر. ويقال: في مَجَسِّكَ ضِيْقٌ.
وقال ابن عبّاد: الجَسُّ: جَسُّ النَّصِيِّ والصِّلِّيان حيث يخرج من الأرض على غير أرُومة.
وجسَسْتُ الأخبار أجُسُّها جَسّاً: أي تَفَحَّصْتَ عنها. ومنه الجاسوس: وهو صاحب سِرِّ الشرِّ، والحاسوس والناموس: صاحب سرِّ الخير.
وحُكِيَ عن الخليل: الجَواسُّ: الحَواسُّ. وقال ابن دريد: وقد يكون الجَسُّ بالعينِ؟ أيضاً -، يُقال جَسَّ الشَّخصُ بعينِه: إذا أحَدَّ النظر إليه ليَسْتَثْبِتَ، وانشد:
وفِتيَةٍ كالذئاب الطُّلْسِ قُلتُ لهم ... إنّي أرى شبحاً قد زال أو حالا
فاعْصَوْصَبُوا ثمَّ جَسُّوه بأعيُنِهم ... ثم اخْتَفَوهُ وقَرْنُ الشَّمْسِ قد زالا
قال: اختَفَوه: أظْهَروه، يقال خَفَيتُ الشيءَ: إذا أظهرتَه؛ واختفى - افتَعَل -: من ذلك. انتهى ما قاله ابن دريد. قال الصَّغاني مؤلف هذا الكِتاب: الصَّوابَ " حَسُّوْه " بالحاء المهملة، يقال: حَسَّه وأحَسَّه، والبَيتان لعُبَيد بن أيوب العنبري، والرِّواية في البيت الثاني:
فاهْزَوْزَعُوا ثمَّ حَسُّوهُ بأعيُنِهم ... ثمَّ اخْتَتَوْهُ
بتاءين. اهْزَوْزَعُوا: أي تحرَّكوا وتنَبَّهوا حتى رأوه، واختَتَوه: أي أخذوه.
والجَسيس: الجاسوس.
وقال الليث: الجَسّاسّة: دابَّة تكون في جزائر البَحَر تَجُسُّ الأخبار فتأتي بها الدَّجّال.
والجسّاس: الأسد الذي يؤثِّر في الفريسة ببراثِنِه فكأنَّه قد جَسَّها، ومنه قول مالك بن خالد الخُناعي؛ ويُروى لأبي ذؤيب الهُذَلي - أيضاً -؛ في صفةِ الأسد:
صعب البديهة مَشبوب أظافِره ... مُواثِبٌ أهْرَتُ الشِّدْقَيْنِ جَسّاس
ويُروى: نِبراس. وقال أبو سعيد الحسن بن الحسين السُّكَّري: جَسّاس: يَجُسُّ الأرض أي يَطَؤها.
وجَسّاس بن قُطَيب أبو المقدام: راجِز.
وجَسّاس بن مُرَّة بن ذهل بن شيبان: قاتل كُلَيب وائل.
وعبد الرحمن بن جسّاس المِصري: من أتباع التابعين.
وجِسَاس - بالكسر وتخفيف السين -: هو جِساس بن نُشْبة بن ربيع بن عمرو بن عبد الله بن لؤي بن عمرو بن الحارث بن تَيم الله بن عبد مناة بن أُدٍّ.
وقال ابن دريد جِسَّ - بالكسر -: زَجرُ للبعير لا يتصرّف له فِعْل.
وقوله تعالى:) ولا تَجَسَّسُوا (قال مجاهد: أي خُذوا ما ظَهَرَ ودَعُوا ما سَتَرَ الله عزَّ وجل. والتجسُّس: التَّفَحُّص عن بواطِن الأمور، وأكثر ما يقال ذلك في الشر. وقيل: التجسُّس: الــبحث عن العورات.
واجْتَسَّت الإبل الكَلأَ: رَعَتْه بمَجَاسِّها.
واجتَسَّ الشيء: أي جسَّه بيدِه.
والتركيب يدل على تَعَرُّف الشيء بِمَسٍ لطيف.
جسس
{الجَسُّ: المَسُّ باليَد،} كالاجْتِساس، وَقد {جَسَّهُ بيدِه} واجْتَسَّه، أَي مَسَّه وَلَمَسه. ومَوْضِعُه الَّذِي تقعُ عَلَيْهِ يَدَاهُ إِذا جَسَّه: المَجَسَّة، {كالمجَسِّ، وَيُقَال:} مَجَسَّتُه حارَّةٌ. منَ المَجاز: الجَسُّ: تَفَحُّصُ الأخبارِ والــبحثُ عَنْهَا، {كالتَّجَسُّس، قَالَ اللِّحْيانيُّ:} تجَسَّسْتُ فلَانا، وَمن فلانٍ: بَحَثْــتُ عَنهُ، {كَتَجَسَّسْتُ، وَمن الشاذِّ قراءةُ من قَرَأَ:} فَتَجَسَّسُوا من يوسُفَ وأخيه وَقيل: {التَّجَسُّسُ بِالْجِيم: أَن يَطْلُبَه لغَيرِه، وَبِالْحَاءِ: أَن يَطْلُبَه لنَفسِه، وَقيل: بِالْجِيم: الــبحثُ عَن العَورات، وَبِالْحَاءِ: الاستِماع، ومعناهما واحدٌ فِي تطَلُّبِ مَعْرِفةِ الأخبارِ وَمِنْه} الجاسوسُ {والجَسيسُ، كأميرٍ: لصاحبِ سِرِّ الشَّرِّ، وَهُوَ العَينُ الَّذِي} يَتَجَسَّسُ الأخبارَ، ثمّ يَأْتِي بهَا، والناموس: صاحبُ سِرِّ الخَير. قَالَ الْخَلِيل: {الجَوَاسُّ: الحَواسُّ. ونسَبُه ابنُ سِيدَه للأوائل، وَهِي خَمْسٌ: اليَدانِ والعَينانِ والفَمُ، والشَّمُّ، والسَّمعُ، والواحدةُ حاسَّةٌ، وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: وَقد يكون بالعَينِ أَيْضا. قلتُ: واستِعمالُه فِي غيرِ اليدِ مَجازٍ. وَفِي المثَل: أَحْنَاكُها، أَو يُقَال: أَفْوَاهُها} مَجَاسُّها، وإنّما قيل ذَلِك لأنّ الإبلَ إِذا أَحْسَنتْ الأكلَ اكْتفى الناظرُ بذلك فِي مَعْرِفةِ سِمَنِها من أَن {يَجُسَّها ويَضْبِثَها. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: إِذا رَأَيْتَها تُجيدُ الأكلَ أوّلاً فكأنّما} جَسَسْتَها، وَيَقُولُونَ: كَيفَ ترىَ {مَجَسَّتَها فَتَقول: دالَّةٌ على السِّمَن. يُضرَبُ فِي شَواهِدِ الأشياءِ الظاهرةِ المُعْرِبَةِ عَن بَواطِنِها. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: إِذا طَلَبَتْ كَلأً} جَسَّتْ برؤوسِها وأَحْنَاكِها فَإِن وَجَدَتْ مَرْتَعاً رَمَتْ برؤوسِها فَرَتَعتْ، وإلاّ مَرَّتْ،.
{فالمَجاسُّ على هَذَا: المَواضِعُ الَّتِي} تجُسُّ بهَا هِيَ. منَ المَجاز قولُهم: فلانٌ ضَيِّقُ {المَجَسَّةِ} والمَجَسِّ، إِذا كَانَ غير رَحيبَ الصَّدْر وَلم يكن واسعَ السِّرْب، وَيُقَال: فِي {مَجَسِّكَ ضِيقٌ. منَ المَجاز عَن ابنِ دُرَيْد:} جَسَّه بعَينِه، إِذا أحَدَّ النَّظرَ إِلَيْهِ ليَسْتَثْبِتَ ويَستَبين، قَالَ الشَّاعِر:
(وفِتْيةٍ كالذِّئابِ الطُّلْسِ قلتُ لهمْ ... إنِّي أرى شَبَحَاً قد زالَ أوْحالا)

(فاعْصَوْصَبُوا ثمّ! جَسُّوه بأَعيُنِهم ... ثمّ اخْتفَوْهُ وقَرْنُ الشمسِ قد زَالا)
اخْتَفَوْه: أَظْهَروه، وَهَكَذَا أنْشدهُ الجَوْهَرِيّ، وَحَكَاهُ عَن ابنِ دُرَيْدٍ، وَقَالَ الصَّاغانِيّ: هُوَ فِي حكايته عَنهُ صادقٌ، وَلكنه تَصحيفٌ، والروايةُ حَسُّوه بِالْحَاء، يُقَال: حَسَّهُ وأَحَسَّه بِمَعْنى، والبيتان لعُبَيْدِ بنِ أيوبَ العَنْبَريِّ، وَالرِّوَايَة:
(فاهْزَوْزَعوا ثمّ حَسُّوه بأَعيُنِهم ... ثمّ اخْتَتَوْهُ وقَرنُ الشمسِ قد زَالا) اهْزَوْزَعوا: تحرَّكوا وانتبهوا حَتَّى رَأَوْه، واخْتَتَوْه: أَخَذُوهُ. قلتُ: ومثلُه بخطِّ أبي زكرِيّا فِي دِيوانِه، وَقَالَ: حَسُّوه، وأَحَسُّوا بِمَعْنى. {والجَسّاسَة: دابّةٌ تكونُ فِي الجزائرِ} تَجُسُّ الْأَخْبَار، فتأتي بهَا الدَّجَّال. قَالَه اللَّيْث، زَاد فِي اللِّسان: زَعَمُوا. وَهِي المَذكورةُ فِي حديثِ تميمٍ الدّارِيِّ. منَ المَجاز: {الجَسّاسُ ككَتّانٍ: الأسدُ المُؤَثِّرُ فِي الفريسةِ ببَراثِنِه، فكأنّه قد} جَسَّها، وَمِنْه قولُ مالكِ بنِ خالدٍ الخُناعيِّ ويُروى لأبي ذُؤَيْبٍ أَيْضا، فِي صفةِ الْأسد:
(صَعْبُ البَديهةِ مَشْبُوبٌ أظافِرُه ... مُواثِبٌ أَهْرَتُ الشِّدْقَيْنِ {جَسّاسُ)
وَقَالَ أَبُو سعيدٍ الحسنُ بنُ الْحُسَيْن السُّكَّرِيُّ: جَسَّاسٌ} يَجُسُّ الأرضَ، أَي يَطَؤُها. {جَسّاسُ بنُ قُطَيْبٍ أَبُو المِقْدامِ: راجِزٌ.} جَسّاسُ بنُ مُرَّةَ الشَّيْبانيُّ: قاتلُ كُلَيْبِ بنِ وائلِ وبسبَبِه هاجَتْ حَرْبُ بكرٍ وتَغلِبَ بنِ وائلٍ، كَمَا تقدّم فِي بسّ، وَفِيه يَقُول مُهْلَهِلٌ:
(قَتيلٌ مَا قَتيلُ المَرءِ عَمْروٍ ... {وجَسّاسُ بنُ مُرَّةَ ذُو ضَريرِ)
وَقَتَله هِجْرِسُ بنُ كُلَيْبٍ، وَله كلامٌ تقدّم فِي زرر. وعبدُ الرحمنِ بنُ جَسّاسٍ المِصريّ: من أتباعِ التَّابِعين.} وجَسّاسُ بنُ محمدٍ: من المُحدِّثين.! جِسَاسٌ، ككَتِابٍ ابنُ نُشْبَةَ بن رَبيع التَّميميّ بنِ عَمْرِو بنِ عَبْد الله بنِ لؤيِّ بنِ عَمْرِو بنِ الحارثِ بنِ تَيْمِ الله بنِ عبدِ مَناةَ بنِ أُدّ: أَبُو قبيلةٍ، من ولَدِه مُزاحِمُ بنُ زُفَرَ بنِ عِلاج بن الحارثِ بنِ عامرِ بنِ جَسّاسٍ، عَن شُعبَةَ، وَعنهُ أَبُو الربيعِ الزَّهْرانيُّ، أَخُوهُ عثمانُ بنُ زُفَر: حدَّثَ عَن يوسفَ بن مُوسَى القَطّانِ وغَيرِه، وَأنْشد ابْن الأَعْرابِيّ:
(أَحْيَا {جِسَاساً فلمّا حانَ مَصْرَعُه ... خَلَّى جِسَاساً لأقوامٍ سَيَحْمونَهْ)
} وجِسْ، بالكَسْر: زَجْرٌ للبعير، قَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: لم يَتَصَرَّفْ لَهُ فِعلٌ. قَوْله تَعالى: وَلَا {تَجَسَّسُوا قَالَ مُجاهد: أَي خُذوا مَا ظَهَرَ ودَعوا مَا سَتَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ، أَو لَا تَفْحَصوا عَن بَواطنِ الْأُمُور، أَو لَا تــبحثــوا على العَوْرات، كلّ ذَلِك من مَعَاني} التَّجَسُّس، بِالْجِيم، وَقد تقدّم الفرقُ بَينه وَبَين)
التَّحَسُّس، بالحاءِ، وَهُوَ مَجاز. منَ المَجاز: {اجْتَسَّتِ الإبلُ الكَلأَ، إِذا رَعَتْه} بمَجاسِّها، أَي أَفْوَاهِها، وَفِي الأساس: الْتَمَسَتْه بأَفْواهِها. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: {الجَسُّ:} جَسُّ النَّصِيِّ والصِّلِّيَانِ حيثُ يخرجُ من الأرضِ على غيرِ أُرُومةٍ. وَيُقَال: {جَسَّ الأرضَ} جَسَّاً: وَطِئَها، وَمِنْه سُمِّيَ الأسدُ {جَسّاساً. وهاشمُ بنُ عبدِ الواحدِ} الجَسّاس: كُوفيٌّ روى عَن جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّد بنِ شاكرٍ، وإبراهيمُ بنُ الوليدِ الجَسّاسُ يروي عَن أبي بكرٍ الرَّماديّ. وعبدُ السلامِ بنُ حمدون! جَسُّوس كتَنُّورٍ: حدَّثَ عَن إمامِ الجماعةِ سيِّدي عبدِ القادرِ الفاسيِّ وغيرِه، وَعَن شيخِ مَشايِخنا مُحَمَّد بن عَبْد الله السِّجِلْماسيِّ، وَمُحَمّد بنُ عبد الرزّاقِ بنِ عبدِ الْقَادِر بنِ! جَسّاسٍ الأَرِيحيُّ الدمشقيُّ، سَمِعَ على الزَّيْنِ العراقيِّ والهَيْثَميِّ، مَاتَ سنة.

علم الإلهي

علم الإلهي
هو علم يــبحث فيه عن الحوادث من حيث هي موجودات.
وموضوعه الوجود من حيث هو.
وغايته تحصيل الاعتقادات الحقة والتصورات المطابقة لتحصيل السعادة الأبدية والسيادة السرمدية كذا في: مفتاح السعادة.
وفي كشاف اصطلاحات الفنون: هو علم بأحوال ما يفتقر في الوجودين أي الخارجي والذهني إلى المادة.
ويسمى أيضا بالعلم الأعلى وبالفلسفة الأولى وبالعلم الكلي وبما بعد الطبيعة وبما قبل الطبيعة
والــبحث فيه عن الكميات المتصلة والكيفيات المحسوسة والمختصة بالكميات وأمثالها مما يفتقر إلى المادة في الوجود الخارجي استطرادي وكذا الــبحث عن الصورة مع أن الصورة تحتاج إلى المادة في التشكل كذا في العلمي وفي الصدر أمن الحكمية النظرية ما يتعلق بأمور غير مادية مستغنية القوام في نحوي الوجود العيني والذهني عن اشتراط المادة كالإله الحق والعقول الفعالة والأقسام الأولية للموجود كالواجب والممكن والواحد والكثير والعلة والمعلول والكلي والجزئي وغير ذلك فإن خالط شيء منها المواد الجسمانية فلا يكون على سبيل الافتقار والوجوب.
وسموا هذا القسم: العلم الأعلى فمنه العلم الكلي المشتمل على تقاسيم الوجود المسمى بالفلسفة الأولى ومنه الإلهي الذي هو فن من المفارقات.
وموضوع هذين الفنين: أعم الأشياء وهو الموجود المطلق من حيث هو. انتهى.
وأصول الإلهي خمسة:
الأول: الأمور العامة.
الثاني: إثبات الواجب وما يليق به.
الثالث: إثبات الجواهر الروحانية.
الرابع: بيان ارتباط الأمور الأرضية بالقوى السماوية.
الخامس: بيان نظام الممكنات.
وفروعه قسمان:
الأول: الــبحث عن كيفية الوحي وصيرورة العقل محسوسا ومنه تعريف الإلهيات ومنه الروح الأمين.
الثاني: العلم بالمعاد الروحاني. انتهى.
وقال صاحب: إرشاد القاصد: يعبر عنه بالإلهي لاشتماله على علم الربوبية.
وبالعلم الكلي لعمومه وشموله لكليات الموجودات.
وبعلم ما بعد الطبيعة لتجرد موضوعه عن المواد ولواحقها.
قال: وأجزاؤه الأصلية خمسة: الأول: النظر في الأمور العامة مثل الوجود والماهية والوجوب والإمكان والقدم والحدوث والوحدة والكثرة.
والثاني: النظر في مبادئ العلوم كلها وتبيين مقدماتها ومراتبها. والثالث: النظر في إثبات وجود الإله ووجوبه والدلالة على وحدته وصفاته.
والرابع: النظر في إثبات الجواهر المجردة من العقول والنفوس والملائكة والجن والشياطين وحقائقها وأحوالها.
والخامس: النظر في أحوال النفوس البشرية بعد مفارقتها وحال المعاد.
ولما اشتدت الحاجة إليه اختلفت الطرق.
فمن الطالبين: من رام إدراكه بالــبحث والنظر وهؤلاء زمرة الحكماء الباحثين ورئيسهم أرسطو وهذا الطريق أنفع للتعلم لو وفى بجملة المطالب وقامت عليها براهين يقينية وهيهات.
ومنهم: من سلك طريق تصفية النفس بالرياضة وأكثرهم يصل إلى أمور ذوقية يكشفها له العيان ويجل أن توصف بلسان ومنهم: ابتدأ أمره بالــبحث والنظر وانتهى إلى التجريد وتصفية النفس فجمع بين الفضيلتين وينسب مثال هذا الحال إلى سقراط وأفلاطون والسهروردي والبيهقي. انتهى.
وقال أبو الخير: وهذا العلم هو المقصد الأقصى والمطلب الأعلى لكن لمن وقف على حقائقه واستقام في الإطلاع على دقائقه لأن حظي به فقد فاز فوزا عظيما ومن زلت فيه قدمه أو طغى به قلمه فقد ضل ضلالا بعيدا وخسر خسرانا مبينا إذ الباطل يشاكل الحق في مأخذه والوهم يعارض العقل في دلائله جل جناب الحق عن أن يكون شريعة الكل وارد أو يطلع على سرائر قدسه إلا واحد بعد واحد وقلما يوجد إنسان يصفو عقله عن كدر الأوهام ويخلص فهمه عن مهاوي الإيهام ويستسلم لما قرره الأعلام.
واعلم أن من النظر رتبة تناظر طريق التصفية ويقرب حدها من حدها وهو طريق الذوق ويسمونه الحكمة الذوقية.
وممن وصل إلى هذه الرتبة في السلف السهروردي وكتاب: حكمة الإشراق له صادر عن هذا المقام برمز أخفى من أن يعلم وفي المتأخرين: الفاضل الكامل مولانا شمس الدين الفناري في بلاد الروم ومولانا جلال الدين الدواني في بلاد العجم ورئيس هؤلاء الشيخ صدر الدين القونوي والعلامة قطب الدين الشيرازي. انتهى. ملخصا أو سيأتي تمام التفصيل في الحكمة عند تحقيق الأقسام إن شاء الله العزيز العلام.
واعلم أن منبع العلوم الحكمية النظرية وأستاذ الكل فيها إدريس عليه السلام آتاه الله الحكمة والنبوة وأنزل عليه ثلاثين صحيفة وعلم النجوم. وأفهمه عدد السنين والحساب وعلمه الألسنة حتى تكلم الناس في زمنه باثنين وتسعين لسانا ولد بمصر وسموه هرمس الهرامس وباليونانية أرمس بمعنى عطارد وعرب بهرمس واسمه الأصلي هنوخ وعرب أخنوخ وسماه الله تعالى في كتابه العربي المبين إدريس لكثرة دراسة كتاب الله تعالى.
وقيل: إن معلمه غوثاديمون أو أغثاذيمون المصري وتفسيره السعيد الجد قيل: وهو شيث عليه السلام.
ثم إن إدريس عرف الناس صفة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه يكون بريئا عن المذمات والآفات كلها كاملا في الفضائل الممدوحات لا يقصر عما يسأل عنه مما في الأرض والسماء ومما فيه دواء وشفاء وأنه يكون مستجاب الدعوة في كل ما يطلبه ويكون مذهبه ودينه ما يصلح به العالم.
وكانت قبلة إدريس جهة الجنوب على خط نصف النهار كان رجلا تام الخلقة حسن الوجه أجلح كث اللحية مليح الشمائل والتخاطيط تام الباع عريض المنكبين ضخم العظام قليل اللحم براق العين أكحلها متأنيا في كلامه كثير الصمت وإذا اغتاظ أخذ يحرك سبابته إذا تكلم وكانت مدة مقامه في الأرض اثنتين وثمانين سنة ثم دفعه الله مكانا عليا.
وهو أول من خاط الثياب وحكم بالنجوم وأنذر بالطوفان وأول من بنى الهياكل ومجد الله فيها وأول من نظر في الطب وأول من ألف القصائد والأشعار وهو الذي بنى أهرام بمصر وصور فيها جميع العلوم والصناعات وآلاتها خشية أن يذهب رسمها بالطوفان.
واعلم أيضا أن من أساتذة الحكمة الحكيم أفلاطون أحد الأساطين الخمسة للحكمة من يونان كبير القدر مقبول القول البليغ في مقاصده.
أخذ عن فيثاغورس وشارك مع سقراط في الأخذ عنه وصنف في الحكمة كتبا لكن اختار فيها الرمز والإغلاق وكان يعلم تلاميذه وهو ماش ولهذا سموا المشائين وفوض الدرس في آخر عمره إلى أرشد أصحابه وانقطع هو للعبادة وعاش ثمانين سنة وولد في مدينة أنيس ولازم سقراط خمسين سنة وكان عمره إذ ذاك عشرون سنة وتزوج امرأتين وكانت نفسه في التعليم مباركة تخرج بها علماء اشتهروا من بعده.
ومن جملة أساتذة الحكمة أرسطاطاليس تلميذ أفلاطون لازم خدمته مدة عشرين سنة وكان أفلاطون يؤثر على غيره ويسميه العقل وهو خاتم حكماءهم وسيد علمائهم وأول من استخرج المنطق وله كتب شريفة في الفلسفة وكان معلم الإسكندر بن فيلقوس وبآدابه وسياسته عمل هو فظهر الخير وفاض العدل وبه انقمع الشرك في بلاد اليونانيين.
ومعنى أرسطاطاليس محب الحكمة أو الفاضل الكامل عاش سبعا وستين سنة ومصنفاته تنيف على ثمانين وكان أبيض أجلح حسن القامة عظيم العظام صغير العينين والفم عريض الصدر كث اللحية أشهل العينين أقنى الأنف يسرع في مشيته ناظرا في الكتب دائما يقف عند كل كلمة ويطيل الإطراق عند السؤال قليل الجواب ينتقل في أوقات النهار في الفيافي ونحو الأنهار محبا لاستماع الألحان والاجتماع بأهل الرياضة وأصحاب الجدل منصفا في نفسه إذا خصم ويعرف بموضع الإصابة والخطأ معتدلا في الملابس والمآكل مات وله ثمان وتسعين سنة ثم إنه تخلف عن خدمة الملوك وبنى موضع التعليم وأقبل على العناية بمصالح الناس.
وكان جليل القدر كثير التلاميذ من الملوك وأبناءهم وكان أهل مدينة أسطا إذا أشكل عليهم أمر يجتمعون إلى قبره حتى يفتح لهم ويزعمون أن قبره يصحح فكرهم ويذكي عقولهم واستيفاء أخباره لا يمكن إلا في مجلد.
ومن جملة أساتذة الحكمة الفارابي وهو أبو نصر محمد بن محمد كان ذكيا حكيما مشهورا صاحب التصانيف في المنطق والمحكمة وغيرهما من العلوم وهو أكبر فلاسفة الإسلاميين لم يكن فيهم من بلغ رتبته في فنونه وتخرج ابن سينا في كتبه وبعلومه انتفع في تصانيفه كان رجلا تركيا تنقلت به الأسفار إلى أن وصل بغداد وهو يعرف كثيرا من اللغات غير العربي ثم تعلمه وأتقنه.
ثم اشتغل بالحكمة فقرأ على أبي بشر - متى بن يونس الحكيم - من شرح كتاب أرسطو في المنطق سبعين سفرا وكان هو شيخا كبيرا له صيت عظيم يجتمعون في حلقته كل يوم المئون من المنطقيين ثم أخذ طرفا من المنطق من أبي حنا ابن خيلان الحكيم النصراني بمدينة حران ثم نقل إلى بغداد وقرأ بها علوم الفلسفة وتمهر في كتب أرسطو جميعها يقال وجد كتاب النفس لأرسطو عليه مكتوب بخط الفار أبي: إني قرأت هذا الكتاب مائتي مرة وقال: قرأت السماع الطبعي لأرسطو أربعين مرة ومع ذلك إني محتاج إلى معاودته وكان يقول: لو أدركت أرسطو لكنت أكبر تلامذته.
ثم سافر إلى دمشق ثم إلى مصر ثم عاد إلى دمشق فأحسن إليه سلطانها1 سيف الدولة بن حمدان وأجرى عليه كل يوم أربعة دراهم لأنه كان أزهد الناس في الدنيا لا يحتفل بأمر مكتسب ولا مسكن لذلك أقتصر على أربعة دراهم وكان منفردا بنفسه لا يكون إلا في مجتمع ماء أو مشبك رياض ويؤلف كتبه هناك وكان أكثر تصانيفه في الرقاع ولم يصنف في الكراريس إلا قليلا فلذلك كانت أكثر تصانيفه فصولا وتعليقات وبعضها ناقصا.
يحكى أن الآلات المسماة بالقونون من تركيبه.
توفي سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة بدمشق وقد ناهز ثمانين سنة.
وعدد مصنفاته من الكتب والرسالة سبعون كلها نافعة سيما كتابان في العلم الإلهي والمدني لا نظير لهما.
أحدهما: المعروف بالسياسة المدنية.
والأخرى: بالسيرة الفاضلة وصنف كتابا شريفا في إحصاء العلوم والتعريف بأغراضها لم يسبق إليه أحد ولا ذهب أحد مذهبه ولا يستغني عنه أحد من طلاب العلم وكذا كتابه في أغراض أفلاطون وأرسطو أطلع فيه على أسرار العلوم وثمارها علما علما وبين كيفية التدرج من بعضها إليها بعض شيئا فشيئا ثم بدأ بفلسفة أرسطو ووصف أغراضه في تواليفه المنطقية والطبيعية فلا أعلم كتابا أجدى على طلب الفلسفة منه.
وفاراب: إحدى مدن الترك فيما وراء النهر. ومن جملة أساطين الحكمة: أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا الحكيم المشهور وكان أبوه من بلخ ثم انتقل منها إلى بخارا وكان من العمال الكفاة وتولى العمل بقرية من بخارا يقال لها هرمين ثم انتقلوا إلى بخارا وانتقل الرئيس بعد ذلك في البلاد وأشتغل بالعلوم وحصل الفنون ولما بلغ عشر سنين من عمره أتقن علم القرآن العزيز والأدب وحفظ أشياء من أصول الدين وحساب الهندسة والجبر والمقابلة ثم قرأ كتاب: إيساغوجي علي أبي عبد الله النابلي وأحكم عليه ظواهر المنطق: لأنه لم يكن يعرف دقائقها ثم حل هو نفسه دقائق غفل عنها الأوائل وأحكم عليه إقليدس والمجسطي وفاقه أضعافا كثيرة.
وكان مع ذلك يختلف في الفقه إلى إسماعيل الزاهد يقرأ ويــبحث ويناظرهم ثم اشتغل بتحصيل الطبعي والإلهي وغير ذلك وفتح الله عليه أبواب العلوم ثم فاق في علم الطب الأوائل والأواخر في أقل مدة وأصبح عديم القرين فقيد المثيل.
وقرأ عليه فضلاء هذا الفن أنواعه والمعالجات المقتبسة من التجربة وسنه إذ ذاك نحو ستة عشر وفي مدة اشتغاله لم ينم ليلة واحدة بكمالها ولم يشتغل في النهار بشيء سوى العلم والمطالعة وكان إذا أشكلت عليه مسئلة توضأ وقصد المسجد الجامع وصلى ودعا الله عز وجل أن يسهلها عليه ويفتح مغلقها له فتح الله - تبارك وتعالى – مشكلاتها.
ثم اتصل بخدمة نوح بن نصر الساماني صاحب خراسان بسبب الطب ودخل إلى خزانة كتبه واطلع على كتب لم تقرع آذان الزمان بمثلها وحصل نخب فوائدها وتحلى بنفائس فرائدها.
ويحكى عنه أنه لم يطلع على مسئلة إلى آخر عمره إلا وكان يعرفها وكان في ثمانية عشر سنين من سنه حتى حكي عنه أنه قال: كل ما علمته في ذلك الوقت فهو كما علمته الآن لم أزد عليه إلى اليوم وهذا أمر عظيم لا يكاد يقبله العقل لولا عرف حد ذكائه.
ثم تنقلت به الأحوال بأمور يطول شرحها حتى استوزر ثم عزل وحبس وبعد هذه الأحوال كلها مرض ثم صلح ثم دخل إلى أن ضعف جدا ثم اغتسل وتاب1 وتصدق بما معه على الفقراء ورد المظالم على من عرفه وأعتق مماليكه وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة ثم مات يوم الجمعة من رمضان سنة ثمان وعشرين وأربعمائة بهمذان وكانت ولادته سنة سبعين وثلاثمائة في شهر صفر وقيل: توفي بأصبهان وفضائله كثيرة شهيرة وكان نادرة عصره في علمه وذكائه وتصانيفه.
وعدة مؤلفاته ثمانية وستون على الأشهر وقيل: يقارب مائة مصنف ما بين مطول ومختصر. ورسائله بديعة منها: رسالة حي بن يقظان و: رسالة سلامان و: إبسال و: رسالة الطب و: قصيدة الورقاء يرمز بها عن النفس الناطقة.
ومن جملة أساطين الحكمة الإمام فخر الدين الرازي وممن نحا نحو ابن سينا والرازي:
نصير الدين الطوسي وهو محمد بن محمد سلطان الحكماء المدققين وقدوتهم في زمانه جامع علوم المتقدمين والمتأخرين.
ولد يوم السبت حادي عشر جمادى الأولى سنة سبع وتسعين وخمسمائة توفي آخر نهار الاثنين ثامن عشر ذي الحجة وقت مغيب الشمس سنة اثنتين وسبعين وستمائة ودفن بالمشهد الكاظمي.
وكان آية في التدقيق والتحقيق وحل المواضع المشكلة سيما: لطف التحرير الذي لم يلتفت إليه المتقدمون بل التفتوا إلى جانب المعنى فقط ثم إن الفاضل الشريف قلده في أمر التحرير والتقرير كما يظهر ذلك بالنظر في تصانيفهما.
وكان1 غاليا في التشيع كما يفصح عنه المقصد السادس من التجريد إلا أن الشيخ أكمل الدين قال: في أواخر شرحه للتجريد سمعت شيخي العلامة قطب الدين الشيرازي قال: كان الناس مختلفين في أن هذا الكتاب يعني التجريد لخواجه نصير الدين أولا فسأل عن ذلك ابنه خواجه أصيل الدين فقال: كان والدي وضعه إلى باب الإمامة وتوفي فكمله ابن المطهر الحلي وكان من الشيعة وهو زائغ زيغا عظيما فعلى هذه الرواية يكون بريئا عن نقيصة التشيع إلا أن المشهور عند الجمهور خلاف.
وبمن يلي هؤلاء في معرفة الحكمة الشيخ شهاب الدين السهروردي بل فاق كثيرا في الحكمة الذوقية.
وممن خرط في سلكهم الشيخ قطب دن الشيرازي والشيخ قطب الدين الرازي وسعد الدين التفتازاني والسيد الشريف الجرجاني ثم الجلال الدواني.
قال الأرنيقي: بعد ما ذكر في: مدينة العلوم ومن فضلاء بلادنا مولانا مصلح الدين مصطفى الشهير بخواجه زاده ومصلح الدين مصطفى الشهير بالقسطلاني لكن هؤلاء السبعة قد فاقوا على أكثر المتقدمين في الحديث والتفسير والأصول والفروع إلا أن الإمام فخر الدين الرازي فإنه تمهر فيها مع مشاركته لهؤلاء في علوم الحكمة بأقسامها وإن اتقانه أقوى من إتقانهم. انتهى
قلت: وفي قوله فاق على أكثر المتقدمين إلى آخره نظرا لأن العلم المجرد بالحديث والتفسير لا يكفي في صحة الاعتقاد والعمل حتى يستعملها على وجههما ويقول بمقتضاهما ويحقق فحواهما وأنى لهم التناوش من مكان بعيد.
والفخر الرازي أكثر كلاما من هؤلاء في علوم التفسير ولكن قال أهل التحقيق في حق كتابه: مفاتيح الغيب فيه كل شيء إلا التفسير وقد بحث في تفسيره هذا عن كل شيء لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وقد أخطأ في مواضع مما يتعلق بفهم القرآن الكريم ويقال: إنه لم يكمل تفسيره بل كمله بعض من جاء بعده والخطأ منه وقد أصاب في مواضع منها: رد التقليد واثبات الاتباع. والله أعلم.
ثم قال في: مدينة العلوم: إن الكتب المؤلفة في العلم الإلهي لما لم يخل عن الرياضي والطبعي أيضا أحببنا أن نذكره بعد الفراغ عن الكل - اللهم إلا نادرا -: كالمباحث المشرقية للإمام فخر الدين الرازي وأمثاله ولا تظن أن العلوم الحكمية مخالفة للعلوم الشرعية مطلقا بل الخلاف في مسائل يسيرة وبعضها مخالف في مسائل قليلة ظاهرا لكن إن حقق يصافح أحدهما الآخر ويعانقه. انتهى.
قال في: كشف الظنون ثم اعلم أن الــبحث والنظر في هذا العلم لا يخلو إما: أن يكون على طريق النظر أو: على طريق الذوق فالأول: إما على قانون فلاسفة المشائين فالمتكفل له كتب الحكمة أو على قانون المتكلمين فالمتكفل حينئذ كتب الكلام لأفاضل المتأخرين والثاني: إما على قانون فلاسفة الإشراقين فالمتكفل له حكمة الإشراق ونحوه أو على قانون الصوفية واصطلاحهم فكتب التصوف.
وقد علم موضوع هذا الفن ومطالبه فلا تغفل فإن هذا التنبيه والتعليم مما فات عن أصحاب الموضوعات - وفوق كل ذي علم عليم.
وعبارة ابن خلدون في: تاريخه هكذا.
قال: علم الإلهيات: هو علم ينظر في الوجود المطلق.
فأولا: في الأمور العامة للجسمانيات والروحانيات من الماهيات والوحدة والكثرة والوجوب والإمكان وغير ذلك.
ثم ينظر في مبادئ الموجودات وأنها روحانيات.
ثم في كيفية صدور الموجودات عنها ومراتبها.
ثم في أحوال النفس بعد مفارقة الأجسام وعودها إلى المبدأ.
وهو عندهم: علم شريف يزعمون أنه يوقفهم على معرفة الوجود على ما هو عليه وإن ذلك عين السعادة في زعمهم وسيأتي الرد عليهم وهو تال للطبيعيات في ترتيبهم ولذلك يسمونه: علم ما وراء الطبيعة وكتب المعلم الأول فيه موجود بين أيدي الناس ولخصه ابن سينا في كتاب: الشفاء والنجاة وكذلك لخصها ابن رشد من حكماء الأندلس.
ولما وضع المتأخرون في علوم القوم ودونوا فيها رد عليهم الغزالي ما رد منها ثم خلط المتأخرون من المتكلمين مسائل علم الكلام بمسائل الفلسفة لعروضها في مباحثهم وتشابه موضوع علم الكلام بموضوع الإلهيات ومسائله بمسائلها فصارت كأنها فن واحد ثم غيروا ترتيب الحكماء في مسائل الطبيعيات والإلهيات وخلطوهما فنا واحدا قدموا الكلام في الأمور العامة ثم أتبعوه بالجسمانيات وتوابعها إلى آخر العلم كما فعله الإمام ابن الخطيب في: المباحث المشرقية وجميع من بعده من علماء الكلام وصار علم الكلام مختلطا بمسائل الحكمة وكتبه محشوة بها كان الغرض من موضوعهما ومسائلهما واحد والتبس ذلك على الناس وهي غير صواب لأن مسائل علم الكلام إنما هي عقائد ملتقاة من الشريعة كما نقلها السلف من غير رجوع فيها إلى العقل ولا تعويل عليه بمعنى أنها لا تثبت إلا به فإن العقل معزول عن الشرع وأنظاره وما تحدث فيه المتكلمون من إقامة الحجج فليس بحثــا عن الحق فيها فالتعليل بالدليل بعد أن لم يكن معلوما هو شأن الفلسفة بل إنما هو التماس حجة عقلية تعضد عقائد الإيمان ومذاهب السلف فيها وتدفع شبه أهل البدع عنها الذين زعموا أن مداركهم فيها عقلية وذلك بعد أن تفرض صحيحة بالأدلة النقلية كما تلقاها السلف واعتقدوها وكثيرا ما بين المقامين من التفاوت في ذلك مدارك صاحب الشريعة أوسع لاتساع نطاقها عن مدارك الأنظار العقلية فهي فوقها ومحيطة بها لاستمدادها من الأنوار الإلهية فلا تدخل تحت قانون النظر الضعيف والمدارك المحاط بها فإذا هدانا الشارع إلى مدرك فينبغي أن نقدمه على مداركنا ونثق به دونها ولا ننظر في تصحيحه بمدارك العقل ولو عارضه نعتمد ما أمرنا به اعتقادا وعلما ونسكت عما لم نفهم من ذلك ونفوضه إلى الشارع ونعزل العقل عنه.
والمتكلمون إنما دعاهم إلى ذلك كلام أهل الإلحاد في معارضات العقائد السلفية بالبدع النظرية فاحتاجوا إلى الرد عليهم من جنس معارضاتهم واستدعى ذلك الحجج النظرية والبطلان فليس من موضوع علم الكلام ولا من جنس أنظار المتكلمين فاعلم ذلك لتميز به بين الفنين فإنهما مختلطان عند المتأخرين في الوضع والتأليف والحق مغايرة كل منه لصاحبه بالموضوع والمسائل وإنما جاء الالتباس من اتحاد المطالب عند الاستدلال وصار احتجاج أهل الكلام كأنه إنشاء لطلب الاعتداد بالدليل وليس كذلك بل إنما هو رد على الملحدين
والمطلوب مفروض الصدق معلومه وكذا جاء المتأخرين من غلاة المتصوفة المتكلمين بالمواجد أيضا فخلطوا مسائل الفنين بفنهم وجعلوا الكلام واحدا فيه كلها مثل كلامهم في النبوات والاتحاد والحلول والوحدة وغير ذلك.
والمدارك في هذه الفنون الثلاثة متغايرة مختلفة وأبعدها من جنس الفنون والعلوم مدارك المتصوفة لأنهم يدعون فيها الوجدان ويفرون عن الدليل والوجدان بعيد عن المدارك العلمية وأبحاثها وتوابعها كما بيناه ونبينه - والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم -. انتهى كلامه.

الحرف

الحرف: الزائد، ما سقط في بعض تصاريف الكلمة.
الحرف: الأصلي، ما ثبت في تصاريف الكلمة لفظا أو تقديرا.
الحَرف: أعني حرف المباني وهي الحروف الهجائية قال القاري: "قالوا في تعريف الحرف: هو صوتٌ معتمد على مقطع محقق وهو أن يكون اعتمادُه على جزء معين من أجزاء الحلق واللسان والشفة أو مقطع مقدرٌ وهو هواء الفم".
الحرف:
[في الانكليزية] Particle
[ في الفرنسية] Particule
في اصطلاح النحاة كلمة دلّت على معنى في غيره ويسمّى بحرف المعنى أيضا، وبالأداة أيضا. ويسمّيه المنطقيون بالأداة. ومعنى قولهم على معنى في غيره على معنى ثابت في لفظ غيره، فإنّ اللام في قولنا الرجل مثلا يدلّ بنفسه على التعريف الذي هو في الرجل، وهل في قولنا هل قام زيد يدلّ بنفسه على الاستفهام الذي هو في جملة قام زيد. وقيل المعنى على معنى حاصل في غيره أي باعتبار متعلّقه لا باعتباره في نفسه. وهذا هو التحقيق؛ وقد مرّ ذلك مستوفى في لفظ الاسم.
ثم الحروف بعضها عاملة جارة كانت أو جازمة أو ناصبة صرفة كان وأخواتها، أو مع الرفع كالحروف المشبّهة بالفعل وهي إنّ وأنّ وكأنّ وليت ولعلّ ولكنّ فإنها تنصب الاسم وترفع الخبر على عكس ما ولا المشبّهتين بليس، وبعضها غير عاملة كحروف العطف كالواو وأو وبل ونحوها مما يحصل به العطف، وحروف الزيادة التي لا يختلّ بتركها أصل المعنى كإن المكسورة المخففة وتسمّى بحروف الصّلة كما يجيء في لفظ الصلة. وحروف النفي الغير العاملة، وحروف النداء التي يحصل بها النداء كيا، وحروف الاستثناء وحروف الاستفهام، وحروف الإيجاب كنعم وبلى، وحروف التنبيه كها وألا، وحروف التحضيض كهلا وألّا، وحروف التفسير كأي، وحروف التنفيس كالسين وسوف، وحرف التوقّع كقد، وحرف الردع أي الزجر والمنع وهو كلّا، وغير ذلك. وإن شئت تفاصيل هذه فارجع إلى كتب النحو.
الحرف:
* " صوت مُعتمد على مقطع محقق أو مقدر "، وهو ما يتألف منه الكلام، وهي (أ، ب، ت .. إلخ، والمشهور في عدتها تسعة وعشرون حرفاً، منها عشرة أحرف زائدة، وتسعة عشر حرفاً أصلياً، أما (الحروف الزائدة) فمجموعة في (سألتمونيها) وهي التي لا يقع في كلام العرب حرف زائدة في اسم ولا فعل إلا من هذه الأحرف العشرة، والمقصود بالزيادة هناك أن يأتي زائداً على وزن (فعل) أي ليس بفاء الكلمة ولا عينها ولا لامها، نحو (استكبر)، وتقع هذه الزوائد في مواضع أخرى أصلاً، ولذلك تلقب بـ (الحروف المذبذبة) وأما (الحروف الأصلية) فهي ما عدا الحروف الزائدة المذكورة وعدتها تسعة عشر حرفاً، وإنما سميت بذلك لأنها لا تقع في كلام العرب إلا أصولاً. وثمة خمسة حروف فرعية زائدة على التسعة والعشرين مستعملة في كلام العرب ونزل بها القرآن الكريم وهي النون الخفيفة والألف الممالة والألف المغلظة كما في طريق الأزرق (ت في حدود 240 هـ) عن ورش (ت 197 هـ) في تغليظ اللامات والصاد المشمة صوت الزاي كما في (صراط) وما أشبه عن حمزة (ت 156 هـ) والهمزة المسهلة بَينَ بَينَ، ويقال لها: (الحروف المشربة) و (الحروف المشوبة) و (الحروف المخالطة)؛ لأنها مشربة بغيرها وتتخالط في اللفظ مع غيرها.
القراءة، " فمعناه أن قراءة كل إمام تسمى حرفاً، كما يقال: قرأ بحرف نافع وبحرف أبي وبحرف ابن مسعود، وكذلك قراءة كل إمام تسمى حرفاً ".
الحرف:
[في الانكليزية] Letter ،phoneme
[ في الفرنسية] Lettre ،phoneme
بالفتح وسكون الراء المهملة في العرف أي عرف العرب كما في شرح المواقف يطلق على ما يتركب منه اللفظ نحو اب ت لا ألف وباء وتاء، فإنّها أسماء الحروف لا أنفسها كما في النظامي شرح الشافية ويسمّى حرف التهجي وحرف الهجاء وحرف المبني. وماهيته واضحة بديهية وجميع ما ذكر في تعريفها المقصود منها التنبيه على خواصها وصفاتها.
وبهذا الاعتبار عرفه القرّاء بأنه صوت معتمد على مقطع محقّق وهو أن يكون اعتماده على جزء معين من أجزاء الحلق واللسان والشفة، أو مقطّع مقدّر وهو هواء الفم إذ الأنف لا معتمد له في شيء من أجزاء الفم بحيث إنه ينقطع في ذلك الجزء، ولذا يقبل الزيادة والنقصان ويختصّ بالإنسان وضعا كذا في تيسير القاري.
وعرّفه ابن سينا بأنه كيفية تعرض للصوت بها أي بتلك الكيفية يمتاز الصوت عن صوت آخر مثله في الحدة والثقل تمييزا في المسموع. فقوله كيفية أي هيئة وضعية. وقوله تعرض للصوت أراد به ما يتناول عروضها له في طرفه عروض الآن للزمان، فلا يرد ما قيل إنّ التعريف لا يتناول الصوامت كالتاء والطاء والدال فإنها لا توجد إلّا في الآن الذي هو بداية زمان الصوت أو نهايته فلا تكون عارضة له حقيقة، إذ العارض يجب أن يكون موجودا مع المعروض، وهذه الحروف الآنية لا توجد مع الصوت الذي هو زماني. وتوضيح الدفع أنها عارضة للصوت عروض الآن للزمان والنقطة للخط، فإنّ عروض الشيء للشيء قد يكون بحيث يجتمعان في الزمان وقد لا يكون، وحينئذ يجوز أن يكون كلّ واحد من الحروف الآنية طرفا للصوت عارضا له عروض الآن للزمان. وقوله مثله في الحدّة والثقل ليخرج عن التعريف الحدّة والثّقل فإنّهما وإن كانتا صفتين مسموعتين عارضتين للصوت يمتاز بهما ذلك الصوت عما يخالفه في تلك الصفة العارضة، إلّا أنه لا يمتاز بالحدّة صوت عن صوت آخر يماثله في الحدّة ولا بالثقل صوت عما يشاركه فيه. وقوله تمييزا في المسموع ليخرج الغنّة وهي التي تظهر من تسريب الهواء بعضها إلى جانب الأنف وبعضها إلى الفم مع انطباق الشفتين، والبحوحة التي هي غلظ الصوت الخارج من الحلق، فإنّ الغنّة والبحوحة سواء كانتا ملذتين أو غير ملذتين صفتان عارضتان للصوت يمتاز بهما عما يشاركه في الحدّة والثّقل، لكنهما ليسا مسموعين، فلا يكون التمييز الحاصل منهما تمييزا في المسموع من حيث هو مسموع ونحوهما كطول الصوت وقصره، وكونه طيبا وغير طيب، فإنّ هذه الأمور ليست مسموعة أيضا. أما الطول والقصر فلأنهما من الكميات المحضة والمأخوذة مع الإضافة ولا شيء منهما بمسموع وإن كان يتضمن هاهنا المسموع، فإنّ الطول إنما يحصل من اعتبار مجموع صوتين صوت حاصل في ذلك الوقت وهو مسموع وصوت حاصل قبل ذلك الوقت وهو ليس بمسموع. وأمّا كون الصوت طيبا أي ملائما للطبع أو غير طيب فأمر يدركه الوجدان دون السمع فهما مطبوعان لا مسموعان، إذ قد تختلف هذه الأمور أعني الغنّة والبحوحة ونحوهما والمسموع واحد، وقد تتّحد والمسموع مختلف، وذلك لأنّ هذه الأمور وإن كانت عارضة للصوت المسموع إلّا أنها في أنفسها ليست مسموعة فلا يكون اختلافها مقتضيا لاختلاف المسموع، ولا اتحادها مقتضيا لاتحاده، بخلاف العوارض المسموعة فإنّ اختلافها يقتضي اختلاف المسموع الذي هو مجموع الصوت وعارضه واتحادها يقتضي اتحاد المسموع لا مطلقا بل باعتبار ذلك العارض المسموع. والحق أنّ معنى التمييز في المسموع ليس أن يكون ما به التمييز مسموعا بل أن يحصل به التمييز في نفس المسموع بأن يختلف باختلافه ويتّحد باتحاده، كالحرف بخلاف الغنّة والبحوحة ونحوهما، كذا في شرح المواقف في مــبحث الأصوات.
ويعرّف الحرف عند أهل الجفر بأنّه بناء مفرد مستقل بالدلالة وتسمّى دلالة الحروف دلالة أولية، ودلالة الكلمة دلالة ثانية، وهو موضوع علم الجفر، وبهذا صرح في بعض رسائل الجفر. ولذا يسمّى علم الجفر بعلم الحروف.
تقسيمات حروف الهجاء
الأول إلى المعجمة وهي المنقوطة وغير المعجمة وهي غير المنقوطة وتسمى بالمهملة أيضا. الثاني إلى نوراني وظلماني. قال أهل الجفر الحروف النورانية حروف فواتح السور ومجموعها صراط علي حق نمسكه والباقية ظلمانية. ومنهم من يسمّى الحروف النورانية بحروف الحق والظلمانية بحروف الخلق. ومنهم من قال: النورانية تسمّى الأعلى والظلمانية قسمان. منها سبعة حروف تسمّى الأدنى وهي:
ب، ت، د، ذ، ض، و، غ، والسبعة الباقية تسمّى أدنى الأدنى. كذا في بعض رسائل الجفر. الثالث: إلى المسروري والملبوبي والملفوظي. وفي بعض رسائل الجفر: الحروف ثلاثة أقسام: 1 - ملفوظى: وهي التي تلفظ بواسطة 3 حروف مثل: ألف وجيم ودال. وهذه 13 حرفا تنحصر في قسمين: قسم زائد الحركة مثل الألف التي وسطها متحرك وقسم زائد الأول وهو ثلاثة حروف: الميم والنون والواو.
2 - 
ملبوبي: وهو ما يلفظ بحرفين وهي 12 حرفا. انتهى كلامه. وينبغي أن يعلم أنّ الحرف الملفوظي يشترك فيه أن لا يكون أوّله وآخره نفس الحرف، وإلّا فالمسروري يمكن اعتباره من الملفوظي. فحينئذ يلغي التقابل بين الأقسام. وهذا مبطل للتّقسيم الثلاثي ومؤيّد لما ذكره في قاموس جهانگيري حيث قال: إنّ علماء العربية ذكروا أنواع الحروف وقسّموها إلى ثلاثة أقسام: الأول: مسروري وهو ما يتم لفظه بواسطة حرفين اثنين وعددها: 12 حرفا وهي با تا ثا حا خا را زا طا ظا فا ها يا.

والثاني: ملفوظى: وهو ما يلفظ بثلاثة أحرف لا يكون آخرها مثل أوّلها: وهي 13 حرفا: الف جيم دال ذال سين شين صاد ضاد عين غين قاف كاف لام.

والقسم الثالث: يقال له: ملبوبي ومكتوبي:
وهو ثلاثي الحروف وآخره مثل أوله ومجموعه 3 أحرف هي: الميم والنون والواو. انتهى.
ولا يخفى أنّه في هذا الكلام أطلق اسم الملبوبي على المسروري بعكس الكلام السابق.

الرابع: إلى المنفصلة وغيرها في أنواع البسط يأتي بالألف والدال والذال والراء والزاي والواو ولا، ويسمّيها الحروف السبعة المنفصلة وما عداها يقال لها: غير منفصلة.

الخامس: إلى المفردة والمتزاوجة التي تسمّى بالمتشابهة أيضا. ويقول في أنواع البسط:
الحروف إما متشابهة، وتسمّى أيضا متزاوجة، وهي الحروف التي لا اختلاف بينها في الصورة إلّا في النقط مثل الحاء والخاء.

وإمّا مفردة: وهي التي ليست كذلك. السادس إلى المصوّتة والصامتة فالمصوتة حروف المدّ واللين أي حروف العلّة الساكنة التي حركة ما قبلها مجانسة لها. والصامتة ما سواها سواء كانت متحركة أو ساكنة ولكن ليس حركة ما قبلها من جنسها. فالألف أبدا مصوتة لوجوب كونها ساكنة وما قبلها مفتوحا. وإطلاق اسم الألف على الهمزة بالاشتراك اللفظي. وأما الواو والياء فقد تكونان صامتتين أيضا كذا في شرح المواقف. السابع إلى زمانية وآنية. وفي شرح المواقف الحروف إمّا زمانية صرفة كالمصوتة فإنها زمانية عارضة للصوت باقية معه زمانا بلا شبهة. وكذا بعض الصوامت كالفاء والقاف والسين والشين ونحوها ممّا يمكن تمديدها بلا توهّم تكرار، فإنّ الغالب على الظنّ أنها زمانية أيضا. وإمّا آنية صرفة كالتاء والطاء وغيرهما من الصوامت التي لا يمكن تمديدها أصلا فإنها لا توجد في آخر زمان حبس النفس كما في لفظ بيت وفرط، أو في أوله كما في لفظ تراب، أو في آن يتوسطهما، كما إذا وقعت تلك الصوامت في أوساط الكلم فهي بالنسبة إلى الصوت كالنقطة والآن بالنسبة إلى الخط والزمان. وتسميتها بالحروف أولى من تسميتها بغيرها لأنها أطراف الصوت والحرف هو الطرف. وأما آنية تشبه الزمانية وهي أن تتوارد افرادا آنية مرارا فيظن أنها فرد زماني كالراء والحاء والخاء، فإنّ الغالب على الظن أنّ الراء في آخر الدار مثلا راءات متوالية، كلّ واحد منها آني الوجود، إلّا أنّ الحسّ لا يشعر بامتياز أزمنتها فيظنها حرفا واحدا زمانيا، وكذا الحال في الحاء والخاء كذا في شرح المواقف. الثامن إلى المتماثلة والمتخالفة. فالمتماثلة ما لا اختلاف بينها بذواتها ولا بعوارضها المسمّاة بالحركة والسكون كالياءين المتحركين بنوع واحد من الحركة. والمتخالفة ما ليس كذلك سواء كانت متخالفة بالذات والحقيقة كالياء والميم، أو بالعرض كالياء الساكنة والمتحركة كذا في شرح المواقف. هذا لكن المذكور في فن الصرف أنّ المتماثلة هي المتفقة في الحقيقة وإن كانت مختلفة بالعوارض. قال في الإتقان في بحث الإدغام نعني بالمتماثلين ما اتفقا مخرجا وصفة كالياءين واللامين، وبالمتجانسين ما اتفقا مخرجا واختلفا صفة كالطاء والتاء والظاء والثاء، وبالمتقاربين ما تقاربا مخرجا أو صفة كالدال والسين والضاد والشين انتهى. فالحروف على هذا أربعة أقسام. المتماثلة والمتجانسة والمتقاربة وما ليس شيئا منها. التاسع إلى المجهورة والمهموسة فالمجهورة ما ينحصر جري النّفس مع تحركه. والمهموسة بخلافها أي ما لا ينحصر جري النفس مع تحركه.
والانحصار الاحتباس وهي السين والشين والحاء والخاء والثاء المثلثة والتاء المثناة الفوقانية والصاد المهملة والفاء والهاء والكاف.
والمجهورة ما سواها، ففي المجهورة يشبع الاعتماد في موضعه. فمن إشباع الاعتماد يحصل ارتفاع الصوت، والجهر هو ارتفاع الصوت فسمّيت بها. وكذا الحال في المهموسة لأنه بسبب ضعف الاعتماد يحصل الهمس وهو الإخفاء، فإذا أشبعت الاعتماد وجرى الصوت كما في الضاد والزاء والعين والغين والياء فهي مجهورة رخوة، وإذا أشبعته ولم يجر الصوت كالقاف والجيم والطاء والدال فهي مجهورة شديدة. قيل المجهورة تخرج أصواتها من الصدر، والمهموسة تخرج أصواتها من مخارجها في الفم وذلك مما يرخي الصوت، فيخرج الصوت من الفم ضعيفا. ثم إن أردت الجهر بها وإسماعها أتبعت صوتها بصوت من الصدر لتفهم. وتمتحن المجهورة بأن تكرّرها مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة، رفعت صوتك بها أو أخفيته، سواء أشبعت الحركات حتى تتولّد الحروف نحو قا قا قا، أو قو قو قو، أو قي قي قي، أو لم تشبعها نحو ققق فإنّك ترى الصوت يجري ولا ينقطع، ولا يجري النّفس إلّا بعد انقضاء الاعتماد وسكون الصوت. وأما مع الصوت فلا يجري وذلك لأنّ النّفس الخارج من الصدر وهو مركّب الصوت يحتبس إذا اشتدّ اعتماد الناطق على مخرج الحرف، إذ الاعتماد على موضع من الحلق أو الفم يحبس النّفس وإن لم يكن هناك صوت، وإنّما يجري النّفس إذا ضعف الاعتماد. وإنّما كرّرت الحروف في الامتحان لأنك لو نطقت بواحد منها غير مكرّر فعقيب فراغك منه يجري النّفس بلا فصل فيظن أنّ النفس إنّما خرج مع المجهورة لا بعده، فإذا تكرّر وطال زمان الحرف ولم يخرج النّفس مع تلك الحروف المكرّرة عرفت أنّ النطق بالحروف هو الحابس للنفس. وإنّما جاز إشباع الحركات لأنّ الواو والألف والياء أيضا مجهورة، فلا يجري مع صوتها النّفس. وأما المهموسة فإنّك إذا كرّرتها مع إشباع الحركة أو بدونها فإنّ جوهرها لضعف الاعتماد على مخارجها لا يحبس النّفس، فيخرج النّفس ويجري كما يجري الصوت نحوك، وقس على هذا. العاشر إلى الشديدة والرخوة وما بينهما. فالشديدة ما ينحصر جري صوته في مخرجه عند إسكانه فلا يجري الصوت والرخوة بخلافها. وأما ما بينهما فحروف لا يتم لها الانحصار ولا الجري. وإنما اعتبر إسكان الحروف لأنّك لو حرّكتها، والحركات أبعاض الحروف من الواو والياء والألف وفيها رخاوة ما، لجرت الحركات لشدة اتصالها بالحروف الشديدة إلى شيء من الرخاوة فلم يتبين شدتها. فقيد الإسكان لامتحان الشديدة من الرخوة. فالحروف الشديدة الهمزة والجيم والدال والطاء المهملتان والباء الموحدة والتاء المثناة الفوقانية والكاف والقاف. والرخوة ما عدا هذه الحروف المذكورة، وما عدا حروف لم يرو عنا فإنها ليست شديدة ولا رخوة فهي مما بينهما. وإنّما جعل هذه الأحرف الثمانية أي اللام والميم والياء المثناة التحتانية والراء المهملة والواو والعين المهملة والنون والألف مما بينهما أي بين الشديدة والرخوة لأنّ الشديدة هي التي ينحصر الصوت في مواضعها عند الوقف، وهذه الأحرف الثمانية ينحصر الصوت في مواضعها عند الوقف أيضا لكن يعرض لها إعراض توجب حصر الصوت من غير مواضعها.
أما العين فينحصر الصوت عند مخرجه لكن لقربه من الحاء التي هي من المهموسة ينسلّ صوته قليلا فكأنّك وقفت على الحاء. وأما اللام فمخرجها أعني طرف اللسان لا يتجافى عن موضعه من الحنك عند النطق به، فلا يجري منه صوت، لكن لمّا لم يسدّ طريق الصوت بالكلية كالدال بل انحرف طرف اللسان عند النطق به خرج الصوت عند النطق به من متشدّق اللسان فويق مخرجه. وأمّا الميم والنون فإنّ الصوت لا يخرج عن موضعهما من الفم، لكن لمّا كان لهما مخرجان في الفم والخيشوم جرى الصوت من الأنف دون الفم لأنّك لو أمسكت أنفك لم يجر الصوت بهما. وأمّا الراء فلم يجر الصوت في ابتداء النطق به لكنه جرى شيئا لانحرافه وميله إلى اللام كما قلنا في العين المائل إلى الحاء، وأيضا والراء مكرّر فإذا تكرّر جرى الصوت معه في أثناء التكرير. وكذلك حروف العلّة لا يجري الصوت معها كثيرا، لكن لمّا كان مخارجها تتسع لهواء الصوت أشدّ من اتساع غيرها من المجهورة كان الصوت معها يكثر فيجري منه شيء. واتساع مخرج الألف لهواء صوته أكثر من اتساع مخرجي الواو والياء لهواء صوتهما، فلذلك سمّي الهاوي أي ذا الهواء كالناشب والنابل. وإنّما كان الاتساع للألف أكثر لأنّك تضم شفتيك للواو فتضيق المخرج وترفع لسانك قبل الحنك للياء. وأما الألف فلا يعمل له شيء من هذا، فأوسعهنّ مخرجا الألف ثم الياء ثم الواو، فهذه الحروف أخفى الحروف لاتساع مخارجها وأخفاهن الألف لسعة مخرجها أكثر.
اعلم أنّ الفرق بين الشديدة والمجهورة أن الشديدة لا يجري الصوت بها بل إنّك تسمع به في آن ثم ينقطع. والمجهورة لا اعتبار فيها لعدم جري الصوت بل الاعتبار فيها لعدم جري النّفس عند التصويت بها. هذا كله ما ذهب إليه ابن الحاجب واختاره الرضي. وبعضهم أخرج من المجهورة الأحرف السبعة التي هي من الرخوة أي الضاد والطاء والذال والزاء والعين والغين والياء، فيبقى فيها الحروف الشديدة، وأربعة أحرف مما بينهما وهي اللام والميم والواو والنون، فيكون مجموع المجهورة عنده اثنى عشر حرفا، وهي حروف ولمن أجدك قطبت. وهذا القائل ظنّ أنّ الرخاوة تنافي الجهر وليس بشيء لأنّ الرخاوة أن يجري الصوت بالحرف، والجهر رفع الصوت بالحرف سواء جرى الصوت أو لم يجر. الحادي عشر إلى المطبقة والمنفتحة. فالمطبقة ما ينطبق معه الحنك على اللسان لأنّك ترفع اللسان إليه فيصير الحنك كالطبق على اللسان، فتكون الحروف التي يخرج بينهما مطبقا عليهما، وهي الصاد والضاد والطاء والظاء. وأما قول ابن الحاجب من أنّها ما ينطبق على مخرجه الحنك فليس بمطّرد لأنّ مخرج الضاد حافّة اللسان وحافته ينطبق عليها الأضراس وباقي اللسان ينطبق عليه الحنك. قال سيبويه لولا الإطباق في الصاد لكان سينا وفي الظاء لكان ذالا وفي الطاء لكان دالا، ولخرجت الضاد من الكلام لأنه ليس شيء من الحروف في موضعها غيرها.
والمنفتحة بخلافها لأنه ينفتح ما بين اللسان والحنك عند النطق بها، وهي ما سوى الحروف الأربعة المطبقة. الثاني عشر إلى المستعلية والمنخفضة. فالمستعلية ما يرتفع بسببها اللسان وهي الحروف الأربعة المطبقة والخاء والغين المعجمتان والقاف لأنه يرتفع بهذه الثلاثة أيضا اللسان، لكن لا إلى حدّ انطباق الحنك عليها. والمنخفضة ما ينخفض معه اللسان ولا يرتفع وهي ما عدا المستعلية. وبالجملة فالمستعلية أعمّ من المطبقة إذ لا يلزم من الاستعلاء الإطباق ويلزم من الإطباق الاستعلاء.
ولذا يسمّى الأحرف الأربعة المطبقة مستعلية مطبقة. الثالث عشر إلى حروف الذّلاقة والمصمتة، فحروف الذّلاقة ما لا ينفك عنه رباعي أو خماسي إلّا شاذا كالعسجد والدهدقة والزهزقة والعسطوس، وهي الميم والراء المهملة والباء الموحدة والنون والفاء واللام. والمصمتة بخلافها وهي حروف ينفك عنها رباعي وخماسي وهي ما سوى حروف الذلاقة.
والذلاقة الفصاحة والخفة في الكلام، وهذه الحروف أخفّ الحروف. ولذا لا ينفك عنها رباعي وخماسي فسمّيت بها. والشيء المصمت هو الذي لا جوف له فيكون ثقيلا فسمّيت بذلك لثقلها على اللسان. الرابع عشر إلى حروف القلقلة وغيرها. فحروف القلقلة ما ينضم إلى الشدّة فيها ضغط في الوقف وذلك لاتفاق كونها شديدة مجهورة معا. فالجهر يمنع النّفس أن يجري معها، والشدّة تمنع الصوت أن يجري معها، فلذلك يحصل ما يحصل من الضغط للمتكلّم عند النطق بها ساكنة فيحتاج إلى قلقلة اللسان وتحريكه عن موضع، حتى يجري صوتها فيسمع، وهي القاف والدال المهملة والطاء المهملة والباء الموحدة والجيم. وقال المبرّد ليس القاف منها بل الكاف وغيرها ما سواها.
الخامس عشر إلى حروف الصفير وغيرها.
فحروف الصفير ما يصفر بها أي يصوت بها وهي الزاء المعجمة والصاد والسين المهملتان، سمّيت بها لوجود الصفير عند النطق بها وغيرها غيرها. السادس عشر إلى حروف العلّة وغيرها. فحروف العلة الألف والواو والياء، سمّيت بها لكثرة دورانها على لسان العليل فإنّه يقول واي وغيرها غيرها. وحروف العلّة تسمّى بالحروف الجوفية أيضا لخروجها من الجوف. ثم إنّ حروف العلّة إذا سكنت تسمّى حروف لين، ثم إذا جانسها حركة ما قبلها فتسمّى حروف مدّ، فكلّ حرف مدّ حرف لين ولا ينعكس. والألف حرف مدّ أبدا والواو والياء تارة حرفا مدّ وتارة حرفا لين، هكذا ذكر في بعض شروح المفصل. وكثيرا ما يطلقون على هذه الحروف حرف المدّ واللين مطلقا، فهو إمّا محمول على هذا التفصيل أو تسمية الشيء باسم ما يئول إليه. هكذا في جاربردي شرح الشافية في بحث التقاء الساكنين. وقيل بتباين المدّ واللين وعدم صدق أحدهما على الآخر، لكن من المحققين من جعل بينهما عموما وخصوصا مطلقا كذا في تيسير القاري. السابع عشر إلى حروف اللين والمدّ وغيرها وقد عرفت قبيل هذا. الثامن عشر إلى الأصلية والزائدة.
فالأصلية ما ثبت في تصاريف اللفظ كبقاء حروف الضرب في متصرفاته. والزائدة ما سقط في بعضها كواو قعود في قعد. ثم إذا أريد تعليم المتعلمين فالطريق أن يقال إذا وزن اللفظ فما كان من حروفه في مقابلة الفاء والعين واللام الأولى والثانية والثالثة فهو أصلي وما ليس كذلك فهو زائد. وليس المراد من الزائد هاهنا ما لو حذف لدلّ الكلمة على ما دلّت عليه وهو فيها، فإنّ ألف ضارب زائدة لو حذفت لم يدل الباقي على اسم الفاعل، كذا في جاربردي حاشية الشافية. وحروف الزيادة حروف: اليوم تنساه، أعني أنه إذا وجد في الكلمة زائد لا يكون إلّا من تلك الحروف لا من غيرها.
ولمعرفة الزائد من الأصلي طرق كالاشتقاق وعدم النظير وغيرهما يطلب من الشافية وشروحه في بحث ذي الزيادة.
والحروف في اصطلاح الصوفية الصورة المعلومية في عرضة العلم الإلهي قبل انصباغها بالوجود العيني. كذا قال الشيخ الكبير صدر الدين في النفحات. ويجيء في لفظ الكلمة. وفي الإنسان الكامل في باب أم الكتاب: أمّا الحروف فالمنقوطة منها عبارة عن الأعيان الثابتة في العلم الإلهي، والمهملة منها نوعان، مهملة تتعلق بها الحروف ولا تتعلّق هي بها وهي خمسة: الألف والدال والراء والواو واللام، فالألف إشارة إلى مقتضيات كمالاته وهي خمسة، الذات والحياة والعلم والقدرة والإرادة إذ لا سبيل إلى وجود هذه الأربعة إلّا للذات، فلا سبيل إلى كمالات الذات إلّا بها.
ومهملة تتعلّق بها الحروف وتتعلّق هي بها وهي تسعة. فالإشارة بها إلى الإنسان الكامل لجمعه بين الخمسة الإلهية والأربعة الخلقية وهي العناصر الأربع مع ما تولّد منها فكانت أحرف الإنسان الكامل غير منقوطة لأنّه خلقها على صورته، ولكن تميّزت الحقائق المطلقة الإلهية عن الحقائق المقيّدة الإنسانية لاستناد الإنسان إلى موجد يوجده. ولو كان هو الموجد فإنّ حكمه أن يستند إلى غيره. ولذا كانت حروفه متعلّقة بالحروف وتتعلّق الحروف بها. ولما كان حكم واجب الوجود أنّه قائم بذاته غير محتاج في وجوده إلى غيره مع احتياج الكلّ إليه.
كانت الحروف المشيرة إلى هذا المعنى من الكتاب مهملة تتعلّق بها الحروف ولا تتعلق هي بحرف منها. ولا يقال إنّ لام ألف حرفان فإن الحديث النبوي قد صرّح بأن لام ألف حرف واحد فافهم.
واعلم أنّ الحروف ليست كلمات لأنّ الأعيان الثابتة لا تدخل تحت كلمة كن إلّا عند الإيجاد العيني، وأمّا هي ففي أوجهها وتعيينها العلمي فلا يدخل عليها اسم التكوين، فهي حقّ لا خلق، لأنّ الخلق عبارة عمّا دخل تحت كلمة كن، وليست الأعيان في العلم بهذا الوصف، لكنها ملحقة بالحدوث إلحاقا حكميا لما تقتضيه ذواتها من استناد وجود الحادث في نفسه إلى قديم. فالأعيان الموجودة المعبّر عنها بالحروف ملحقة في العالم العلمي بالعلم الذي هو ملحق بالعالم فهي بهذا الاعتبار الثاني قديمة انتهى كلامه.

وقال الشيخ عبد الرزاق الكاشي: إنّ حروف الحقائق بسيطة وهي من الأعيان، وأمّا الحروف العالية فهي للشئون الذاتية وهي كامنة في غيب الغيوب، كالشّجرة في النواة. واعلم أنّ أهل الجفر يقولون لبعض حروف الزمام حروف أوتاد. وذلك كالأوّل والرابع، ومثل هذين الحرفين يتجاوزونهما ويأخذون الحرف الثالث كما سيرد في بحث الوتد. ويقول بعضهم: الحروف أدوار. وهي دائما أربعة:

الأول: حرف زمام، والثاني: الحرف الأخير، والثالث: الحرف الأول للزمام الأخير. والحرف الرابع: الحرف الأخير لذلك. ويسمّى بعضهم الحروف قلوبا. وتلك الحروف هي التي وسط الزمام. وعليه فإذا كانت الحروف والسطور كل منها شفعا فتكون حروف القلوب أربعة وهي وسط جميع الحروف، وإذا كانت مفردة كلاهما. فهو واحد (أي حرف القلب) وفي غير هذا الشّكل حروف القلوب اثنان. مثلا: إذا كان عدد الحروف والسطور كلّ منها تسعة. وعليه فحرف القلب هو الخامس من السطر الخامس.
وإذا كان عدد الحروف ثمانية وعدد السطور أربعة فالحرف الرابع والخامس من كلّ من السطر الثاني والثالث هي حروف قلوب. يعني كل أربعة وإذا كانت الحروف سبعة والسطور أربعة، فالحرف الرابع من كلّ السطرين الثاني والثالث هي حروف قلوب. وإذا كانت الحروف عشرة والسطور خمسة، فالخامس والسادس من السطر الثالث هي حروف قلوب. وعلى هذا فقس. كذا في أنواع البسط. 

تجريد الكلام

تجريد الكلام
للعلامة، المحقق، نصير الدين، أبي جعفر: محمد بن محمد الطوسي.
المتوفى: سنة اثنتين وسبعين وستمائة.
أوله: (أما بعد، حمد واجب الوجود... الخ).
قال: فإني مجيب إلى ما سئلت من: تحرير مسائل الكلام، وترتيبها على أبلغ النظام، مشيرا إلى غرر فرائد الاعتقاد، ونكت مسائل الاجتهاد، مما قادني الدليل إليه، وقوي اعتقادي عليه.
وسميته: (بتجريد العقائد).
وهو على: ستة مقاصد.
الأول: في الأمور العامة.
الثاني: في الجواهر والأعراض.
الثالث: في إثبات الصانع، وصفاته.
والرابع: في النبوة.
الخامس: في الإمامة.
السادس: في المعاد.
وهو: كتاب مشهور، اعتنى عليه الفحول، وتكلموا فيه بالرد والقبول.
له: شروح كثيرة، وحواش عليها.
فأول من شرحه:
جمال الدين: حسن بن يوسف بن مطهر الحلي، شيخ الشيعة.
المتوفى: سنة ست وعشرين وسبعمائة.
وهو شرح: بقال، أقول.
أوله: (الحمد لله الذي جعل الإنسان الكامل أعلم من الملك... الخ).
وشرحه:
شمس الدين: محمود بن عبد الرحمن بن أحمد الأصفهاني.
المتوفى: سنة ست وأربعين وسبعمائة.
وهو: الأصفهاني، المتأخر، المفسر.
أورد من المتن فصلا.
ثم شرحه.
أوله: (الحمد لله المتوحد بوجوب الوجود... الخ).
ذكر فيه: أن المتن لغاية إيجازه كالألغاز، فقرر قواعده، وبين مقاصده، ونبه على ما ورد عليه من الاعتراضات، خصوصا على مباحث الإمامة، فإنه قد عدل فيها عن سمت الاستقامة.
وسماه: (بتشييد القواعد، في شرح تجريد العقائد).
وقد اشتهر بين الطلاب: (بالشرح القديم).
وعليه حاشية عظيمة:
للعلامة، المحقق، السيد، الشريف: علي بن محمد الجرجاني.
المتوفى: سنة ست عشرة وثمانمائة.
وقد اشتهر هذا الكتاب بين علماء الروم: (بحاشية التجريد).
والتزموا تدريسه، بتعيين بعض السلاطين الماضية، ولذلك كثرت عليه: الحواشي، والتعليقات، منها:
حاشية: محيي الدين: محمد بن حسن السامسوني.
المتوفى: سنة تسع عشرة وتسعمائة.
وحاشية: شجاع الدين: إلياس الرومي.
المتوفى: سنة تسع وعشرين وتسعمائة.
وحاشية: سنان الدين: يوسف، المعروف: بعجم سنان.
المتوفى: مفتيا بأماسية.
كتبها ردا على: (حاشية ابن الخطيب).
وهي حاشية:
المولى: محمد بن إبراهيم، الشهير: بخطيب زاده.
المتوفى: سنة إحدى وتسعمائة.
أولها: (أما بعد، حمد من استحق الحمد لذاته وصفاته... الخ).
ذكر فيها: السلطان: بايزيد خان.
روي: أن المولى: خواجه زاده، لما طالع هذه الحاشية، أعني: (حاشية ابن الخطيب)، على (حاشية السيد)، وكان محل مطالعته في: بحث العقاقير، من تقسيم الموجودات، فقرأ عليه: الصاروخاني، فلم يعجبه، وقال: اتركوه، إذ قد علم حاله من مقاله، في هذا المقام.
ولما طالع (حاشية الجلال) على الشرح الجديد، أعجبه.
وذكر: أن المولى: لطفي قصد أن يزيف تلك الحاشية، ولما سمعه المولى المزبور، دعاه إلى ضيافة، وأبرم عليه بذكر بعض المواضع المردودة، وحلف بالله - سبحانه وتعالى - أن لا يتكدر عليه.
فذكر المولى: لطفي نبذا منها، فأجاب عنه، وألزم بحيث لا يشتبه على أحد، فقال المولى لطفي: إن تقريره لا يطابق تحريره.
ثم إنه فرغ عن رد كتابه، ثم إن المولى: المحشي حكم بزندقته، وإباحة دمه.
لما قتل قال: خلصت كتابي من يده.
ذكره بعض الأهالي في هامش: (كتاب الشقائق).
ومن الحواشي على (حاشية السيد الشريف) :
حاشية: المولى: ابن المعيد.
لخص فيه: (حاشية خطيب زاده).
ومنها:
حاشية: الفاضل: أحمد الطالشي، الجيلي.
أولها: (الحمد لله الذي تقدس كنه ذاته عن إدراك العقول... الخ).
وحاشية: المولى: أحمد بن موسى، الشهير: بالخيالي.
المتوفى: سنة سبعين وثمانمائة.
وهي تعليقة على الأوائل.
وحاشية: محيي الدين: محمد بن قاسم، الشهير: بأخوين.
المتوفى: سنة أربع وتسعمائة.
وحاشية: محمد بن محمود المغلوي، الوفائي.
المتوفى: سنة أربعين وتسعمائة.
وحاشية: حسام الدين: حسين بن عبد الرحمن التوقاتي.
المتوفى: سنة ست وعشرين وتسعمائة.
وحاشية: السيد، المولى: علي بن أمر الله، الشهير: بابن الحنائي.
المتوفى: سنة تسع وسبعين وتسعمائة.
فرغ منها: سنة 953.
وحاشية: عبد الرحمن، الشهير: بغزالي زاده.
وهي تعليقة على بعض المواضع.
وحاشية: خضر بن عبد الكريم.
المتوفى: سنة 999.
وحاشية: شجاع الدين الكوسج.
وحاشية: سليمان بن منصور الطوسي، المعروف: بشيخي.
أولها: (الحمد لله المتكلم بكلام ليس من جنس الحروف والأصوات... الخ).
علقها على (حاشية السيد)، و(حاشية ابن الخطيب) معا.
وأشار إلى قول الشارح: بقال الشارح، وإلى قول السيد: بقال الشريف، وإلى قول ابن الخطيب: بقوله.
حاشية: شاه محمد بن حرم.
المتوفى: سنة 978.
وحاشية: ابن البردعي.
وحاشية: المولى: أحمد بن مصطفى، الشهير: بطاشكبري زاده.
المتوفى: سنة اثنتين وستين وتسعمائة.
كتبها إلى: مباحث الماهية.
وجمع فيها: أقوال القوشي، والدواني، ومير: صدر الدين، وابن الخطيب.
وأداها بأخصر عبارة، ثم ذكر ما خطر له بباله في تحقيق المقام.
ومن الحواشي أيضا:
حاشية: محيي الدين: أحمد بن إبراهيم النحاس، الدمشقي.
علقها على: بحث الماهية.
وحاشية: شمس الدين: أحمد بن محمود، المعروف: بقاضي زاده، المفتي.
المتوفى: سنة ثمان وثمانين وتسعمائة.
علقها على: مــبحث الماهية أيضا.
وحاشية: المولى: عبد الغني بن أمير شاه بن محمود.
المتوفى: سنة إحدى وتسعين وتسعمائة.
وحاشية:
للمولى: محمد، المعروف: بسباهي زاده.
المتوفى: سنة 997، سبع وتسعين وتسعمائة.
وحاشية: المولى: محمد بن عبد الكريم، المعروف: بزلف نكار.
المتوفى: سنة أربع وستين وتسعمائة.
ثم شرح: المولى، المحقق، علاء الدين: علي بن محمد، الشهير: بقوشجي.
المتوفى: سنة تسع وسبعين وثمانمائة.
شرحا لطيفا ممزوجا.
أوله: (خير الكلام حمد الملك العلام... الخ).
لخص فيه: فوائد الأقدمين أحسن تلخيص.
وأضاف إليها: نتائج فكره، مع تحرير سهل.
سوَّده: بكرمان.
وأهداه إلى: السلطان: أبي سعيد خان.
وقد اشتهر هذا الشرح: (بالشرح الجديد).
قال في ديباجته، بعد مدح الفن والمصنف: إن كتاب (التجريد) الذي صنفه المولى الأعظم، قدوة العلماء الراسخين، أسوة الحكماء المتألهين، نصير الحق والملة والدين، تصنيف مخزون بالعجائب، وتأليف مشحون بالغرائب، فهو وإن كان صغير الحجم، وجيز النظم، هو كثير العلم، جليل الشان، حسن النظام، مقبول الأئمة العظام، لم يظفر بمثله علماء الأعصار، مشتمل على: إشارات إلى مطالب هي الأمهات، مملوء بجواهر كلها كالفصوص، متضمن لبيانات معجزة، في عبارات موجزة - بيت -:
يفجر ينبوع السلاسة من لفظه * ولكن معانيه لها السحر يسجد
وهو في الاشتهار، كالشمس في رابعة النهار، تداولته أيدي النظار، ثم إن كثيرا من الفضلاء، وجهوا نظرهم إلى شرح هذا الكتاب، ونشر معانيه.
ومن تلك الشروح، وألطفها مسلكا:
هو الذي صنفه: العالم الرباني، مولانا، شمس الدين الأصبهاني.
فإنه بقدر طاقته، حام حول مقاصده، وتلقاه الفضلاء بحسن القبول.
حتى إن: السيد الفاضل، قد علق عليه: حواشي، تشتمل على: تحقيقات رائقة، وتدقيقات شائقة، تنفرج من ينابيع تحريراته أنهار الحقائق، وتنحدر من علو تقريراته سيول الدقائق، ومع ذلك كان كثير من مخفيات رموز ذلك الكتاب باقيا على حاله، بل كان الكتاب على ما كان كونه كنزا مخفيا، وسرا مطويا، كدرة لم تثقب، لأنه كتاب غريب في صنعته، يضاهي الألغاز لغاية إيجازه، ويحاكي الإعجاز في إظهار المقصود، وإبرازه.
وإني بعد أن صرفت في الكشف عن حقائق هذا العلم شطرا من عمري، ووقفت على الفحص عن دقائقه قدرا من دهري، فما من كتاب في هذا العلم إلا تصفحت سينه وشينه، بعثني - أبت نفسي - أن يبقي تلك البدائع تحت غطاء من الإبهام، فرأيت أن أشرحه شرحا يذلل صعابه، ويكشف نقابه، وأضيف إليه فوائد التقطتها من سار الكتب، وزوائد استنبطتها بفكري القاصر، فتصديت بما عنيت، فجاء - بحمد الله تعالى - كما يحبه الأودّاء، لا مطولا فيمل، ولا مختصرا فيخل، مع تقرير لقواعده، وتحرير لمعاقده، وتفسير لمقاصده. انتهى ملخصا.
وإنما أوردته، ليعلم قدر المتن والماتن، وفضل الشرح والشارح.
ثم إن: الفاضل، العلامة، المحقق، جلال الدين: محمد ابن أسعد الصديقي، الدواني.
المتوفى: سنة سبع وتسعمائة.
كتب: حاشية لطيفة على (الشرح الجديد).
حقق فيها وأجاد.
وقد اشتهرت هذه بين الطلاب: (بالحاشية القديمة الجلالية).
ثم كتب: المولى، المحقق، مير، صدر الدين: محمد الشيرازي.
المتوفى: في حدود سنة ثلاثين وتسعمائة.
حاشية لطيفة على (الشرح الجديد) أيضا.
وأهداها: إلى السلطان: بايزيد خان، مع المولى: ابن المؤيد.
وفيها: اعتراضات على الجلال.
ثم كتب: المولى: الجلال الدواني.
حاشية أخرى.
ردا على (حاشية الصدر)، وجوابا على اعتراضاته.
وتعرف هذه: (بالحاشية الجديدة الجلالية).
ثم كتب: العلامة، الصدر.
(حاشية ثانية).
ردا على (حاشية الجلال)، وجوابا عن اعتراضاته.
وأول هذه الحاشية: (صدر كلام أرباب التجريد... الخ).
ذكر فيه: أنه قد يقع لبعض أجلة الناس، فيما كتبه على الشرح اشتباه، والتباس، وأن بعضا من ضعفاء الطلبة، ينظر إلى من يقول لجلالة شأنه، ولا ينظر إلى ما يقول.
فكتب ثانيا:
حاشية محققة: لما في الشرح، والحاشية.
بما لا مزيد عليه.
وأورد فيها: نبذا من توفيقات ولده: منصور، سيما في مقصد الجواهر، فإن له فيها ما يجلو النواظر.
وصدر خطبته باسم السلطان: بايزيد خان.
ثم كتب: العلامة الدواني:
(حاشية ثالثة).
ردا، وجوابا، عن الصدر.
وتعرف هذه: (بالحاشية الأَجَدّ الجلالية).
ويقال لهذه الحواشي: (الطبقات الصدرية، والجلالية).
ولما مات: العلامة الصدر، وفات عنه إعادة الجواب.
كتب ولده: الفاضل، مير، غياث الدين: منصور الحسيني.
المتوفى: سنة 949، تسع وأربعين وتسعمائة.
حاشية: ردا على الجلال.
وهذا صدر خطبة ما كتبه:
ربِّ يسر وتمم يا غياث المستغيثين، قد كشف جمالك على الأعالي، كنه حقائق المعالي، وحجب جلالك الدواني، عن فهم دقائق المعاني، فأسألك التجريد عن أغشية الجلال، بالشوق إلى مطالعة الجمال، وبعدُ: لما كانت العلوم الحقيقية في هذه الأزمنة، غير ممنوع عن غير أهلها، أكب عليه القواصي والدواني، فصارت مشوشة، معلولة، مزخرفة، مدخولة، وعاد كما قيل من كثرة الجدل والخلاف، كعلم الخلاف، غير مثمر، كالخلاف.
ولهذا ما ينال العالم به من الجاهل مزيدا، ولا الشقي به يصير سعيدا، سيما ما في تجريد الكلام، فإنه قد اشتغل به بعض الأعلام، وغشاه بأمثال ما جرده المصنف عنه.
وسماه: (تحقيق المقام).
ولما اعتقد بعض الطلبة صحة رقمه، رأيت أن أنبه على ما نبذ من مزال قدمه، فإن الإشارة إلى كلها، بل إلى جلها، يفضي إلى إسهاب على الأصحاب، فعلقت على ما استقر عليه رأيه في هذا الزمان، بعد تغييرات كثيرة: حواشي، اقتصرت فيها على الإشارة إلى فساد كلامه، والتنبيه على مزال أقدامه، وأردت أن أسمي هذه الحواشي: (بتجريد الغواشي). انتهى ملخصا.
ومن الحواشي على (الشرح الجديد)، و(الحاشية القديمة) :
حاشية: المولى، المحقق: ميرزا جان حبيب الله الشيرازي.
المتوفى: سنة أربع وتسعين وتسعمائة.
وهي حاشية مقبولة، تداولتها أيدي الطلاب.
وبلغ إلى: مباحث الجواهر والأعراض.
وحاشية: العلامة، كمال الدين: حسين بن عبد الحق الإربيلي، الإلهي.
المتوفى: في حدود سنة أربعين وتسعمائة.
وهي على الشرح فقط إلى: مــبحث العلة، والمعلول.
لكنها تشتمل على: أقوال المحققين، كالدواني، وأمثاله.
أولها: (أحسن كلام نزل من سماء التوحيد... الخ).
يقال: هو أول من علق على (الشرح الجديد).
وحاشية: مير، فخر الدين: محمد بن الحسن الحسيني، الأسترابادي.
إلى آخر المقصد الرابع.
أولها: (الحمد لله الغفور الرحيم... الخ).
وحاشية: المدقق: عبد الله النخجواني، الشهير: بمير مرتاض.
علقها على (الشرح)، و(الحاشية الجديدة).
أولها: (حمدا لمن لا كلام لنا في وجوده... الخ).
وحاشية: المولى، المحقق: حسن جلبي بن الفناري.
المتوفى: سنة 886.
وحاشية: المولى: محمد بن الحاج حسن.
المتوفى: سنة إحدى عشرة وتسعمائة.
جعلها محاكمة بين: الجلال، ومير صدر الدين.
وحاشية: العلامة، شمس الدين: محمد الخفري.
وهي على: نمط: (المحاكمات، بين الطبقات).
وحاشية: حافظ الدين: محمد بن أحمد العجم.
المتوفى: سنة سبع وخمسين وتسعمائة.
أورد فيها: الردود، والاعتراضات على الشراح، ولم يغادر صغيرة، ولا كبيرة، مما يتعلق به.
وسماه: (محاكمات التجريد).
ومن شروح (التجريد) :
شرح: أبي عمرو: أحمد بن محمد المصري.
المتوفى: سنة سبع وخمسين وسبعمائة.
سماه: (المفيد).
وشرح: العلامة، أكمل الدين: محمد بن محمود البابرتي.
المتوفى: سنة ست وثمانين وسبعمائة.
وهو شرح: بالقول.
وشرح: الفاضل: خضر شاه بن عبد اللطيف المنتشوي.
المتوفى: سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة.
وشرح: قوام الدين: يوسف بن حسن، المعروف: بقاضي بغداد.
المتوفى: سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة.
ومنها: (تسديد النقائد، في شرح تجريد العقائد).
ذكر الأصل، ثم الشرح، وميز لفظ الأصل والشرح بالمداد الأحمر.

اسْتِعْمَال «لا» لنفي الفعل الماضي

اسْتِعْمَال «لا» لنفي الفعل الماضي

مثال: لا زال العلماء يواصلون الــبحث في هذه المسألة
الرأي: مرفوضة عند الأكثرين
السبب: لأن الفعل الماضي لا ينفى بـ «لا».

الصواب والرتبة: -لا يزال العلماء يواصلون الــبحث في هذه المسألة [فصيحة]-ما زال العلماء يواصلون الــبحث في هذه المسألة [فصيحة]-لا زال العلماء يواصلون الــبحث في هذه المسألة [مقبولة]
التعليق: (انظر: نفي الفعل الماضي بـ «لا»).

فلسف

فلسف: الفَلْسفة: الحِكْمة، أَعجمي، وهو الفَيْلسوف وقد تَفَلْسَفَ.

(فلسف)
الشَّيْء فسره تَفْسِيرا فلسفيا (مو)

فلسف


فَلْسَفَ
تَفَلْسَفَa. Was a philosopher; philosophized, reasoned.

فَلْسَفَة
G.
a. Philosophy; science.
فَلْسَفِيّa. Philosophic, philosophical.

فَيْلَسُوْف (pl.
فَلَاْسِفَة), G.
a. Philosopher.
b. [art.], Aristotle.
فلسف
مِمَّا يُستدركُ عَلَيْهِ: الفَلْسَفَةُ: الحِكْمَةُ، أَعجَمِيٌّ، وَهُوَ الفَيْلَسُوفُ، وَقد تَفَلْسَفَ، هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِه، وَقد ذَكَره، المُصَنِّفُ اسْتِطْراداً فِي س وف كذِكْرِه سَمَرْقَندَ فِي ش م ر وفيهِ مُعاياةٌ للطَّلَبة، فتأمَّل.
فلسف: فلسف: بحث في الفلسفة، فسر تفسيرا فلسفيا. (فوك، الكالا).
تفلسف: تعاطى الفلسفة وتحذق بالشيء (فوك، بوشر، محيط المحيط، المقري 1: 591).
تفلسف: تكلف طريقه الفلاسفة دون أن يحسنها. (بوشر).
الفلسفة: في اصطلاح الصوفية التشبه بالإله حسب الطاقة البشرية لتحصيل السعادة الأبدية. (محيط المحيط).
الفلسفة: التأنق في المسائل العلمية والتفنن فيها. ومنه قول الشاعر:
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة ... عرفت شيئا وغابت عنك أشياء
فيلسوف: الباحث في فروع الفلسفة، والعالم بالفلسفة، وتجمع على فلاسف أيضا (فوك).
لفيلسوف (معرفة بأل): لقب أرسطو طاليس. (محيط المحيط).
فيلسوفي: يقال فتاة لها أخلاق فيلسوفية وقد ذكرت في ألف ليلة (1: 58).
فلسف
فلسفَ يفلسف، فَلْسَفةً، فهو مُفَلْسِف، والمفعول مُفَلْسَف
• فلسف الشيءَ: فسَّره تفسيرًا فلسفيًّا، أي عرَّفه بعِلله وأسبابه اعتمادًا على العقل "أخذ يفلسف الأمور". 

تفلسفَ/ تفلسفَ في يتفلسف، تفلسُفًا، فهو مُتفلسِف، والمفعول متفلسفٌ فيه
 • تفلسف الطَّالبُ/ تفلسف الطَّالبُ في الــبحث:
1 - سلك طريق الفلاسفة في الــبحث.
2 - ادّعى العلم وتظاهر بالحذق "الكلُّ يعرف حقيقة جهله ولو حاول أن يتفلسف".
3 - تأنَّق وتفنَّن في المسائل العلميّة. 

فَلْسَفة [مفرد]:
1 - مصدر فلسفَ.
2 - حكمة ° مذهب فلسفيّ.
3 - (سف) علم يُعنى بدراسة المبادئ والعلل الأولى للأشياء وتفسير الأحداث والظواهر تفسيرًا عقليًّا، ويشمل: المنطق والأخلاق وعلم الجمال وما وراء الطبيعة وتاريخ الفلسفة "مدرسة فلسفيّة- تفكير فلسفيّ".
• الفلسفة المدرسيّة: (نف) الفلسفة المبنيَّة على فلسفة أرسطو الكلامية، وتتميز بإخضاع الفلسفة للاهوت، وإقامة صلة بين العقل والدِّين. 

فَيْلَسوف [مفرد]: ج فَلاسِفَة: عالم في الفلسفة؛ عالم يــبحث في المبادئ الأولى للأشياء وفي الأسباب القصوى، أو مفكِّر يعمل على تحليل الأمور والظَّواهر وتفسيرها تفسيرًا عقليًّا ° فيلسوف عصره: عبارة تقال لمدَّعي الفلسفة. 

الْعرض أَعم من العرضي

الْعرض أَعم من العرضي: قَالَ فِي الْحَوَاشِي الْقَدِيمَة الْأَبْيَض إِذا أَخذ لَا بِشَرْط شَيْء فَهُوَ عرضي وَإِذا أَخذ بِشَرْط شَيْء فَهُوَ الثَّوْب الْأَبْيَض مثلا وَإِذا أَخذ بِشَرْط لَا شَيْء فَهُوَ الْعرض الْمُقَابل للجوهر فَكَمَا أَن طبيعة الذاتي جنس ومادة باعتبارين أَو فصل وَصُورَة باعتبارين فطبيعة العرضي عرض وعرضي باعتبارين. وَهَذَا تَحْقِيق الْفرق بَين الْعرض والعرضي لَا مَا يتخيل من أَن الْفرق بَينهمَا بِالذَّاتِ فالمدرك بالبصر أَولا وبالذات هُوَ الْأَبْيَض ثمَّ من خَارج يعلم أَن الْأَبْيَض مُقَارن بموجود آخر هُوَ ثوب أَو حجر أَو غَيرهمَا حَتَّى لَو لم تكن تِلْكَ الملاحظة لم يعلم أَنه شَيْء أَبيض بل جَازَ أَن يكون أَبيض بِذَاتِهِ كَمَا أَن الثَّوْب ثوب بِذَاتِهِ وَحِينَئِذٍ كَانَ بَيَاضًا وأبيض فَيكون أَبيض ببياض هُوَ عين ذَاته إِذْ الْبيَاض هُوَ الْأَبْيَض بِاعْتِبَار التحصل وَلذَلِك لَا يحمل على مَجْمُوع المعروض والعارض. وَذَلِكَ كَمَا أَن الْبدن اسْم للجسم من حَيْثُ هُوَ مَادَّة للنَّفس وَلذَلِك لَا يحمل على مَجْمُوع النَّفس وَالْبدن بِخِلَاف الْجِسْم فَإِنَّهُ اسْم لَهُ بِأَيّ اعْتِبَار أَخذ فَلذَلِك يحمل على الْمَجْمُوع إِذا أَخذ لَا بِشَرْط شَيْء وَهَذَا وَإِن كَانَ مُخَالفا لظَاهِر أقاويل الْمُتَأَخِّرين حَتَّى الشَّيْخ فِي الشِّفَاء فَهُوَ الْحق ويلوح إِلَيْهِ كَلَام الْمعلم الثَّانِي فِي الْمدْخل الْأَوْسَط وَيُوَافِقهُ تَعْلِيم الْمعلم الأول بِحَسب ترجمتي حنين بن اسحاق فَإِنَّهُ عبر عَن أَكثر المقولات بالمشتقات كالفاعل والمنفعل والمضاف وَغَيرهَا. وَأَرَادَ فِي التَّمْثِيل المشتقات وَمَا فِي حكمهَا كَالْأَبِ وَالِابْن وَفِي الدَّار وَفِي الْوَقْت ونظائرها وَيشْهد بِهِ الْفطْرَة السليمة من ذَوي فطنة قويمة انْتهى.
وَقَالَ الزَّاهِد فِي حَوَاشِيه على الْأُمُور الْعَامَّة من شرح المواقف وَبِهَذَا يظْهر أَن الْعرض أَعم من العرضي والمشتقات وَمَا فِي حكمهَا أَعْرَاض كَمَا يلوح إِلَيْهِ مَا نقل من الْمعلم الأول فَافْهَم فَإِنَّهُ مَعَ وضوحه لَا يَخْلُو عَن دقة انْتهى.
وَقَالَ زبدة الْعلمَاء أُسْوَة الْفُضَلَاء مَوْلَانَا مُحَمَّد أكبر الْمُفْتِي فِي أَحْمد آباد رَحْمَة الله عَلَيْهِ فِي حَوَاشِيه على تِلْكَ الْحَوَاشِي. قَوْله: وَبِهَذَا ظهر أَي بِإِرَادَة الاتصاف الْأَعَمّ الشَّامِل للمواطأة والاشتقاق فِي مَفْهُوم النَّعْت يظْهر عُمُوم الْعرض وشموله للعرضي فَإِن المشتقات عرضيات بِلَا ريب. وبهذه الْإِرَادَة صَار الْعرض متناولا لَهَا تنَاوله للمبادىء الَّتِي اعراض بِلَا رِيبَة. وَلَو اقْتصر على إِرَادَة الاتصاف بِوَاسِطَة ذُو لَا يظْهر ذَلِك.
فَإِن قيل قد تنبهت مِمَّا أسلفنا أَن المشتقات على تَحْقِيق الْمُحَقق بِاعْتِبَار شَرط لَا أَعْرَاض ومحمول بِوَاسِطَة ذُو فعلى الِاقْتِصَار أَيْضا يكون الْعرض متناولا للعرضيات (قُلْنَا) الْكَلَام فِي هَذِه الْمرتبَة على زعم الْمحشِي وَهُوَ غافل عَنهُ إِذْ نقُول الْمَقْصُود تنَاول الْعرض للعرضي من حَيْثُ إِنَّه عرضي وَهُوَ مقتصر على إِرَادَة الْأَعَمّ وَفِي الِاقْتِصَار إِنَّمَا يظْهر التَّنَاوُل لما صدق عَلَيْهِ الْعرض لَا من حَيْثُ إِنَّه عرضي فَتدبر فَإِنَّهُ دَقِيق. وانتظر لما نتكلم عَلَيْهِ فَإِنَّهُ بالتكلم حقيق.
قَوْله والمشتقات وَمَا فِي حكمهَا إِلَى آخِره إِمَّا دَاخل تَحت الظُّهُور أَو اسْتِئْنَاف دفعا لما يتَوَهَّم على الظَّاهِر من الْمُخَالفَة المشتهرة بَين الْأَلْسِنَة فَإِن كَلِمَات الْمُتَأَخِّرين حَتَّى الشَّيْخ فِي الشِّفَاء صَرِيحَة فِي الْفرق بَين الْعرض والعرضي وَإِن المشتقات عرضيات لَيست بأعراض. والمبادىء أَعْرَاض لَيست بعرضيات بِأَن مَا نقل من الْمعلم الأول يلوح إِلَيْهِ حَيْثُ عبر عَن أَكثر المقولات بالمشتقات وَمثل لَهَا أَيْضا بالمشتقات وَمَا فِي حكمهَا على مَا سَيظْهر بعد. فَقَوله كَمَا يلوح إِلَيْهِ على الأول مُرْتَبِط بقوله يظْهر. وعَلى الثَّانِي بالمستأنف كَمَا لَا يخفى على المتأمل. وَبِالْجُمْلَةِ الْمَقْصُود أَنه وَإِن كَانَ مُخَالفا لمُخَالفَة الْمُتَأَخِّرين لكنه مُوَافق لكَلَام من هُوَ أفضل مِنْهُم من القدماء. قَوْله وَمَا فِي حكمهَا أَي مثل ذِي سَواد. قَوْله فَافْهَم فَإِنَّهُ مَعَ وضوحه دَقِيق فهم هَذَا المرام وتنقيح هَذَا الْمقَام دَاع إِلَى نوع بسط فِي الْكَلَام.
فَاعْلَم إِن السوَاد عرض وَالْأسود عرضي على مَا هُوَ الْمَشْهُور وَالْمَفْهُوم من كَلَام الْمُتَأَخِّرين حَتَّى الشَّيْخ فِي الشِّفَاء كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ آنِفا وَأَن الْفرق بَينهمَا والتغاير بِالذَّاتِ وَأَن الأول مَحْمُول اشتقاقا _ وَالثَّانِي مَحْمُول مواطأة وَالْعرض مُقَابل الْجَوْهَر غير العرضي الْمُقَابل للذاتي.
وَخَالفهُم الْمُحَقق الْأُسْتَاذ الدواني مستنبطا من كَلَام القدماء على مَا لوحنا إِلَيْهِ. وَقَالَ إنَّهُمَا متحدان ذاتا لَا تغاير بَينهمَا إِلَّا اعْتِبَارا فالأسود هُوَ السوَاد وَكَذَا الْعَكْس إِلَّا أَنه إِذْ أَخذ لَا بِشَرْط شَيْء عرضي مَحْمُول مواطأة. وبشرط لَا شَيْء عرض مَحْمُول اشتقاقا ومبنى كَلَامه هَذَا على مَا يظْهر من الْحَاشِيَة الْقَدِيمَة على أَمريْن.
أَحدهمَا: أَن الْمدْرك بالبصر أَولا وبالذات هُوَ الْأسود أَو الْأَبْيَض ثمَّ من خَارج يعلم أَن الْأسود والأبيض مُقَارن لموجود آخر هُوَ ثوب أَو حجر أَو غَيرهمَا حَتَّى لَو لم يكن تِلْكَ الملاحظة لم يعلم أَنه شَيْء أسود أَو أَبيض _ بل جَازَ أَن يكون أسود وأبيض بِذَاتِهِ كَمَا أَن الثَّوْب ثوب بِذَاتِهِ وَحِينَئِذٍ كَانَ بَيَاضًا وأبيض وسوادا وأسود.
وتوضيحه إِنَّه إِذا رُؤِيَ شَيْء أَبيض مثلا فالمرئي بِالذَّاتِ هُوَ الْبيَاض على مَا قَالُوا ونعلم بِالضَّرُورَةِ أَنا قبل مُلَاحظَة أَن الْبيَاض عرض وَأَن الْعرض لَا يُوجد قَائِما بِنَفسِهِ نحكم بِأَنَّهُ بَيَاض وأبيض _ فَفِي تِلْكَ الْمرتبَة كَمَا يحكم بِأَنَّهُ بَيَاض يحكم بِأَنَّهُ أَبيض وَلَوْلَا الِاتِّحَاد بِالذَّاتِ بَينهمَا لم يجوز الْعقل قبل مُلَاحظَة تِلْكَ الْمُقدمَات كَونه أَبيض.
وَثَانِيهمَا: أَنه لَا يدْخل فِي مَفْهُوم الْمُشْتَقّ الْمَوْصُوف وَلَا النِّسْبَة فَيكون عين الصّفة. وتفصيله أَن فِي معنى الْمُشْتَقّ أقوالا _ الأول مَا هُوَ الْمَشْهُور من أَنه مركب من الذَّات وَالصّفة وَالنِّسْبَة. وَالثَّانِي مَا اخْتَارَهُ السَّيِّد السَّنَد الْأُسْتَاذ الْعَلامَة الشريف وَهُوَ أَنه مركب من نِسْبَة والمشتق مِنْهُ فَقَط. وَمعنى القَوْل الأول ظَاهر لَا ستْرَة فِيهِ فَإِن تَفْسِير الْكَاتِب مثلا على مَا اشْتهر وَدَار على الْأَلْسِنَة أَعنِي شَيْء لَهُ الْكِتَابَة صَرِيح الدّلَالَة عَلَيْهِ ومطمح نظر السَّيِّد السَّنَد قدس سره أَنه لَا يُمكن اعْتِبَار مَفْهُوم الشَّيْء وَلَا مَا صدق عَلَيْهِ فِيهِ للُزُوم دُخُول الْعرض الْعَام فِي الْفِعْل على الأول وَدخُول النَّوْع فِيهِ مَعَ لُزُوم انقلاب مُشْتَقّ الْإِمْكَان بِالْوُجُوب على الثَّانِي فَمَا بَقِي إِلَّا الصّفة وَالنِّسْبَة.
والمحقق لما رأى أَن دُخُول النِّسْبَة الَّتِي هِيَ غير مُسْتَقلَّة المفهومية فِي حَقِيقَة مُسْتَقلَّة من غير دُخُول المنتسبين أَمر غير مَعْقُول ذهب إِلَى أَن الْمُشْتَقّ أَمر بسيط غير مُشْتَمل على النِّسْبَة إِذْ لَا يرى أَنه يعبر عَن معنى الْأسود والأبيض (بسياه وسفيد) . (كَذَا) على الْمَوْصُوف لَا عَاما وَلَا خَاصّا بل عبارَة عَن الْمُشْتَقّ مِنْهُ فَقَط وَلَيْسَ بَينه وَبَين الْمُشْتَقّ مِنْهُ تغاير بِحَسب الْحَقِيقَة فَهُوَ إِذا أَخذ لَا بِشَرْط شَيْء فَهُوَ عرضي ومشتق. وَإِذا أَخذ بِشَرْط لَا شَيْء فَهُوَ عرض ومشتق مِنْهُ مَحْمُول اشتقاقا كَمَا ذكرنَا آنِفا وَهَذَا هُوَ القَوْل الثَّالِث.
وَقد يُؤَيّد هَذَا القَوْل بِمَا قَالُوا إِن الضَّوْء إِذا كَانَ قَائِما بِنَفسِهِ كَانَ ضوءا مضيا على مَا يُشِير إِلَيْهِ كَلَام بهمنيار وَإِن الْوُجُود إِذا كَانَ قَائِما بِنَفسِهِ كَانَ وجودا وموجودا حَقِيقَة وَإِن الْحَرَارَة إِذا كَانَت قَائِمَة بِنَفسِهَا وَكَانَت يَتَرَتَّب عَلَيْهَا الْآثَار الْمَطْلُوبَة يُقَال إِنَّهَا حرارة وحارة كَمَا بَين فِي بحث عَيْنِيَّة الْوُجُود للْوَاجِب وَمن الْمَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ إِن الضَّوْء بِمُجَرَّد قِيَامه بِذَاتِهِ لَا يتبدل ذَاته وجوهره فَإِذا كَانَ عِنْد الْقيام بِالنَّفسِ مضيا ومتحدا مَعَه بِحَسب الذَّات وَالْمَفْهُوم وَلَا شكّ أَنه حِينَئِذٍ لَا يتَصَوَّر دُخُول أَمر فِيهِ يتَوَهَّم اعْتِبَاره كالموصوف وَالنِّسْبَة علم أَنَّهُمَا ليسَا بمتغائرين _ بل هما متحدان ذاتا ثمَّ إِنَّه مُتَعَلق أَيْضا بِمَا نقل من الْمعلم الأول ومترجم كَلَامه حَيْثُ عبروا عَن المقولات بالمشتقات وَمثل أَكْثَرهم بهَا فَإِنَّهُ لَوْلَا الِاتِّحَاد لما صَحَّ ذَلِك إِلَّا بالتكلف وَاعْتِبَار الْمُسَامحَة.
وَأَيْضًا وَقع النزاع فِي عرضية بعض الْأَعْرَاض كالألوان وَلَو كَانَ حَقِيقَتهَا مبادىء الِاشْتِقَاق لم يكن النزاع ضَرُورَة أَن السوَاد وَالْبَيَاض بِمَعْنى المبدأ ليسَا بجوهرين. وَأَنت خَبِير بِمَا فِي مبْنى هَذَا القَوْل من الْوَجْهَيْنِ وَغَيرهمَا من التأييد وَالتَّعْلِيق من قدح ووهن. أما فِي الْوَجْه الأول فبأنا إِذا فَرضنَا أَن أحدا لم يسمع لفظ الْبيَاض والأبيض والجسم وَغَيره وَلم يتَصَوَّر مَعَاني هَذِه ثمَّ رأى جسما أَبيض فَفِي هَذِه الْحَالة يدْرك الْبيَاض أَي هَذَا الْعرض الْخَاص وَحده وَلم يعلم أَن هَا هُنَا شَيْئا آخر ثمَّ إِذا شَاهد أَن الْأَمر قد زَالَ وَبَقِي شَيْء آخر علم إِن هَا هُنَا شَيْء آخر كَانَ ذَلِك الْأَمر حَالا فِيهِ وَهَذَا هُوَ المُرَاد بالأبيض. وَلَا شكّ أَن هَذَا الْمَعْنى الْأَخير الَّذِي أدْركهُ آخر غير الْمَعْنى الأول وَلَا نعني بالأبيض إِلَّا هَذَا نعم لَو اصْطلحَ أحد على أَن يَجْعَل الْأَبْيَض بِمَعْنى مَا يصدر عَنهُ الْأَثر الَّذِي يُشَاهد من الْجِسْم ذِي الْبيَاض أَعنِي تَفْرِيق الْبَصَر مثلا فَحِينَئِذٍ يَصح أَن الشَّخْص الْمَفْرُوض حِين مُشَاهدَة الْبيَاض بمشاهدة الْآثَار الَّتِي تترتب عَلَيْهِ يتخيل فِي بادىء الرَّأْي أَن الشَّيْء الَّذِي تترتب عَلَيْهِ تِلْكَ الْآثَار هُوَ ذَلِك الْأَمر الْمشَاهد أَعنِي الْبيَاض لَكِن على هَذَا يصير النزاع لفضيا على إننا حِينَئِذٍ أَيْضا نقُول إِنَّه بِمُجَرَّد أَن يتخيل فِي بادىء الرَّأْي أَن الْبيَاض هُوَ الْأَبْيَض لَا يلْزم أَن يكون مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا بِالذَّاتِ مغائرا بِالِاعْتِبَارِ. أَلا ترى أَن من أدْرك أَولا الصُّورَة الجسمية ووجدها بِحَيْثُ تتصل وتنفصل يتخيل أَن الْقَابِل للاتصال والانفصال هُوَ الْأَمر ثمَّ بعد مُلَاحظَة الْبُرْهَان يظْهر لَهُ أَن الْقَابِل لَيْسَ هُوَ ذَلِك الْأَمر بل أَمر آخر وبمجرد هَذَا التخيل فِي بادىء الرَّأْي لَا يلْزم أَن يكون الْقَابِل فِي الْوَاقِع هُوَ ذَلِك فضلا عَن أَن يكون مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا وَمَعَ ذَلِك نقُول إِنَّه لَا شكّ أَن الْبيَاض والجسم موجودان فِي الْخَارِج بِوُجُود مغائر. وَلَا شكّ أَن المتغاير فِي الْوُجُود الْخَارِجِي لَا يُمكن حمل أَحدهمَا على الآخر بِأَيّ اعْتِبَار أَخذ من الاعتبارات الثَّلَاثَة. وَأما فِي الْوَجْه الثَّانِي فبأن الْمَوْصُوف لَا يدْخل فِيهِ على وَجه الْعُمُوم وَلَا على وَجه الْخُصُوص حَتَّى يرد عَلَيْهِ مَا ذكر بل بعنوان مُتَعَلق الْحَدث الَّذِي هُوَ مَأْخَذ الِاشْتِقَاق كَمَا يدل عَلَيْهِ تَفْسِير الْقَوْم إِيَّاه بِمَا يدل على ذَات مُبْهمَة بِاعْتِبَار معنى معِين فَفِي الْأَبْيَض مثلا لَا يدْخل الْمَوْصُوف فِي مَفْهُومه لَا بعنوان الشيئية وَلَا بعنوان الثوبية بل بعنوان المنسوبية إِلَى الْبيَاض وَذي الْبيَاض لَا بِمَعْنى أَنه معنى مفصل بل هُوَ أَمر إجمالي إِذا فصل وحلل يعبر عَنهُ بالمنسوب إِلَى الْبيَاض. وَهَذَا كَمَا يَقُولُونَ إِن التَّصْدِيق عبارَة عَن إِدْرَاك أَن النِّسْبَة وَاقعَة ومرادهم أَنه أَمر بسيط إجمالي يفصله الْعقل إِلَى ذَلِك لَا أَنه معنى تفصيلي فَلَا يلْزم التسلسل على مَا توهم ثمَّ إِنَّه كَمَا يدْخل الْمَوْصُوف إِجْمَالا يدْخل النِّسْبَة ومبدء الِاشْتِقَاق إِجْمَالا أَيْضا وَعدم المعقولية إِنَّمَا هُوَ إِذا كَانَ بِدُونِ الْمَوْصُوف تَفْصِيلًا _ وَهَذَا تَحْقِيق مَا حَقَّقَهُ السَّيِّد السَّنَد صدر الدّين رَحمَه الله بِحَيْثُ انْدفع بِهِ مَا أورد عَلَيْهِ الْأُسْتَاذ الْمُحَقق الجديدة كَمَا يظْهر على من يطالع كَلَام الأستاذين فِي الحاشيتين.
وَالتَّحْقِيق إِن مصداق حمل الْمُشْتَقّ على شَيْء قيام مبدء الِاشْتِقَاق بِهِ. وَالْقِيَام إِمَّا قيام (حَقِيقِيّ) وَهُوَ فِيمَا إِذا كَانَ مبدء الِاشْتِقَاق غير الْمَوْصُوف ذاتا أَو اعْتِبَارا أَو (غير حَقِيقِيّ) وَهُوَ فِيمَا إِذا لم يكن غَيره أصلا بل يكون حَاصِلا بِنَفسِهِ وَأما فِي التأييد فَمَا ذكره الْمحشِي المدقق فِي بحث الْأَجْزَاء أَنه اشْتِبَاه مَفْهُوم الْمُشْتَقّ بِمَا صدق عَلَيْهِ.
ومحصله إِن مَا يعلم من هَذَا الَّذِي فالوا إِن الضَّوْء على تَقْدِير الْقيام بِالنَّفسِ يكون فَردا للمضيء لَا أَنه يكون عين مَفْهُوم المضيء وَحَقِيقَته. وَالْكَلَام إِنَّمَا هُوَ فِيهِ وَلَو قَالَ الْمُؤَيد إِنَّا سلمنَا مَا قلت وَنحن أَيْضا نعلمهُ كَمَا قلت لِأَنَّك خَبِير بِأَن صدق المضيء عَلَيْهِ لَيْسَ كصدقه على الْجِسْم المضيء بِهِ بِأَن يكون هَا هُنَا ذَات وَنسبَة وَوصف فَإِنَّهُ لَيْسَ إِلَّا ضوء فَقَط فَلَا يكون الصدْق إِلَّا بِاعْتِبَار أَنه ضوء فَلَو لم يكن الِاتِّحَاد بَين الضَّوْء والمضيء لم يكن الصدْق. وَهَذَا لَيْسَ من اشْتِبَاه فِي شَيْء بل الِاسْتِدْلَال من الصدْق والفردية على الِاتِّحَاد فِي الْمَفْهُوم والحقيقة يدْفع مَا قَالَ فَإنَّك خَبِير أَيْضا بِمَا قَالُوا إِن الضَّوْء إِذا كَانَ قَائِما بِغَيْرِهِ إِن لم يكن مضيئا بل الْغَيْر مضيء بِهِ وَإِن وجودات الممكنات لَيست بموجودة وَكَذَا الْبيَاض الْقَائِم بِالثَّوْبِ لَيْسَ بأبيض فَلَو كَانَ الِاتِّحَاد صدق المضيء وَالْمَوْجُود والأبيض على مبادئها وَلَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ مَعْلُوم الانتفاء بِالضَّرُورَةِ.
وَمَا يتَوَهَّم إِن وجودات الممكنات موجودات والضوء الْقَائِم بِغَيْرِهِ مضيء وَكَذَا الْبيَاض الْقَائِم بِغَيْرِهِ أَبيض إِلَّا أَن لَا يُطلق عَلَيْهِ فِي عرف اللُّغَة لاشْتِرَاط الْقيام بِالنَّفسِ فِي الاطلاق فَلَو تمّ لَا يتم كليا ضَرُورَة إِن عدم كَون وجودات الممكنات مَوْجُودَة لَيْسَ بِاعْتِبَار أَمر لَفْظِي بل هُوَ أَمر معنوي إِذْ من الْمَعْلُوم بديهة إِنَّهَا لَيست بموجودة بِالْمَعْنَى البديهي الْعَام الَّذِي نفهمه من لفظ الْمَوْجُود ونحمله على الماهيات من دون أَن يلاحظه الْعرف واللغة.
فَاعْلَم إِن صدق المضيء على الضَّوْء الْقَائِم بِنَفسِهِ لَيْسَ مَبْنِيا على الِاتِّحَاد. بل التَّحْقِيق إِن مصداق حمل الْمُشْتَقّ على شَيْء قيام مبدء الِاشْتِقَاق بِهِ قيَاما (حَقِيقِيًّا) وَهُوَ فِيمَا إِذا كَانَ الْوَصْف غير الشَّيْء الْمَوْصُوف سَوَاء كَانَ غَيره بِالذَّاتِ كَمَا فِي الضَّوْء الْقَائِم بالشمس وَالْبَيَاض الْقَائِم بِالثَّوْبِ أَو بِالِاعْتِبَارِ كحصة الْوُجُود الْقَائِم بِهِ لَو اعْتبر الْوُجُود مَوْجُودا أَو غير حَقِيقِيّ وَهُوَ فِيمَا إِذا كَانَ الْوَصْف حَاصِلا بِنَفسِهِ والوجود الْقَائِم بِنَفسِهِ وَالْبَيَاض الَّذِي يكون كَذَلِك فَإِنَّهُ لَيْسَ قَائِما بِالْغَيْر لَا ذاتا وَلَا اعْتِبَارا.
وَلَا شكّ فِي أَن الْقيام بكلا قسميه فِي الضَّوْء وَالْبَيَاض القائمين بِغَيْرِهِمَا مُنْتَفٍ. أما الثَّانِي فَظَاهر. وَأما الأول فلَان الْبيَاض الْقَائِم بِالثَّوْبِ مثلا إِنَّمَا هُوَ وصف لَهُ وَاعْتبر قِيَامه بِهِ وَلم يعْتَبر فِيهِ قيام بَيَاض آخر مغائر لَهُ حَقِيقَة أَو اعْتِبَارا فَلَا يكون ذَلِك مصداق حمل الْأَبْيَض أصلا بِخِلَاف الْقَائِم بِنَفسِهِ. فَإِن الْقيام على النَّحْو الثَّانِي مُتَحَقق فِيهِ. (نعم) لَو اعْتبر الْبيَاض الْقَائِم بِغَيْرِهِ فِي مرتبَة الْمَوْصُوف وَاعْتبر قيام بَيَاض آخر بِهِ مغائر لَهُ اعْتِبَارا كَمَا فِي حِصَّة الْوُجُود الْقَائِم بالوجود يكون مصداقا لذَلِك لكنه حِينَئِذٍ لَا يكون فِي مرتبَة الْوَصْف والمبدء بل فِي مرتبَة الْمَوْصُوف. وَلَيْسَ الْكَلَام فِيهِ وَلَو اتَّحد الْبيَاض والأبيض ذاتا ومفهوما لَكَانَ فِي مرتبَة الوصفية لغيره أَيْضا أَبيض وَلَيْسَ فَلَيْسَ. فَإِن قيل إِن الْبيَاض الْقَائِم بِنَفسِهِ لم يعْتَبر فِيهِ أَيْضا قيام بَيَاض آخر بِهِ فَمَا الْفرق بَينه وَبَين الْبيَاض الْقَائِم بِغَيْرِهِ فِي أَن لَا يكون فِي الثَّانِي قيام غير حَقِيقِيّ وَيكون فِي الأول. قُلْنَا الْفرق ظَاهر فَإِنَّهُ فِيمَا إِذا كَانَ قَائِما بِذَاتِهِ يَتَرَتَّب عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّب فِي الْقَائِم بِغَيْرِهِ على مَجْمُوع الذَّات وَالْوَصْف فَيكون هَذَا فِي مرتبَة الذَّات وَالْوَصْف وَالنِّسْبَة فَكَأَنَّهُ ذَات قَامَ بِهِ وصف لَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى اعْتِبَار قيام وصف آخر بِهِ وَلَو اعْتِبَارا. بِخِلَاف الْقَائِم بِغَيْرِهِ. فَإِنَّهُ لَا يَتَرَتَّب فِيهِ على مُجَرّد الْوَصْف بل على ذَات مَعَ ذَلِك فَلَيْسَ فِي تِلْكَ الْمرتبَة قَائِما مقَام الذَّات وَالْوَصْف بل يحْتَاج فِي كَونه أَبيض إِلَى مُلَاحظَة قيام حِصَّة الْبيَاض بِهِ وَهُوَ فِي هَذِه الْمرتبَة لَيْسَ من قبيل الْوَصْف والمبدء. وَأما مَا تعلق بِهِ مِمَّا نقل من الْمعلم الأول من التَّعْبِير والتمثيل فَهُوَ لَا يُوجب إِلَّا أَن يكون الْمُشْتَقّ عرضا وَهُوَ لَيْسَ بمستلزم لِأَن يكون مَعْنَاهُ عين معنى المبدء بل الْمُشْتَقّ مَعَ كَونه مغائرا لَهُ لَهُ اعتباران. بِاعْتِبَار عرض. وَبِاعْتِبَار عرضي على مَا يظْهر فِيمَا يذكر بعد عَن الْمحشِي وَكَذَا وُقُوع النزاع فِي عرضية بعض الْأَعْرَاض كالألوان لَا يدل على مَا رامه. فَإِن الْبيَاض المحسوس وَأَمْثَاله لَيْسَ مِمَّا يَأْبَى الْعقل كَونه صُورَة نوعية بديهية حَتَّى لَا يتَصَوَّر النزاع فِيهِ على تَقْدِير كَونه عبارَة عَن نفس المبدء.
وَبِالْجُمْلَةِ مَا قَالَه الْمُحَقق وَتفرد بِهِ مستبعد جدا مُخَالف لما يشْهد بِهِ الوجدان والبرهان. وَلما رأى الْمحشِي المدقق مَا رَأينَا وأريناك مَا ارتضى بذلك. وَقَالَ فِي بحث الْأَجْزَاء أَنَّهُمَا متغائران ذاتا وَحَقِيقَة. وَمعنى الْمُشْتَقّ أَمر بسيط ينتزعه الْعقل عَن الْمَوْصُوف نظرا إِلَى الْوَصْف الْقَائِم بِهِ. والموصوف وَالْوَصْف وَالنِّسْبَة كل مِنْهَا لَيْسَ عينه وَلَا دَاخِلا فِيهِ وَهُوَ يصدق على الْمَوْصُوف. وَرُبمَا يصدق على الْوَصْف وَالنِّسْبَة انْتهى.
وتوضيحه إِن الْمَوْصُوف لَيْسَ بداخل فِيهِ لَا عَاما وَلَا خَاصّا وَلَا عينه وَكَذَا الْوَصْف وَالنِّسْبَة بل هُوَ معنى بسيط انتزاعي ينتزعه الْعقل عَن الْمَوْصُوف بملاحظة قيام الْوَصْف بِهِ سَوَاء كَانَ الْقيام حَقِيقِيًّا كَمَا إِذا كَانَ الْوَصْف غير الْمَوْصُوف غيرا بِالذَّاتِ أَو غيرا بِالِاعْتِبَارِ. أَو غير حَقِيقِيّ كَمَا إِذا كَانَ حَاصِلا بِلَا مَحل على مَا عرفت. وَصدقه على الْمَوْصُوف ظَاهر وَأما صدقه على الْوَصْف وَالنِّسْبَة وَإِن كَانَ لَيْسَ كليا فَإِنَّهُ لَا يصدق الْأَبْيَض على الْبيَاض الْقَائِم بِغَيْرِهِ وعَلى نِسْبَة الْبيَاض وَلَا على الْمَجْمُوع. لكنه قد يصدق كالموجود الْمُطلق فَإِنَّهُ يصدق على الْوُجُود وَالنِّسْبَة. وَفِيه كَلَام نذكرهُ فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَقَالَ أَيْضا قبل هَذَا الْكَلَام بأوراق أَن الْحمل يُطلق على ثَلَاثَة معَان: الأول: الْحمل اللّغَوِيّ وَهُوَ الحكم بِثُبُوت الشَّيْء وانتفائه عَنهُ وَحَقِيقَة الإذعان وَالْقَبُول. وَالثَّانِي: الْحمل الاشتقاقي وَيُقَال لَهُ الْحمل بِوُجُود شَيْء يتوسط ذُو. وَحَقِيقَة الْحُلُول وَهُوَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بالمبادىء بل يجْرِي فِي المشتقات أَيْضا. فَإِن الْعرض أَعم من العرضي كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ سَابِقًا.
وَقَالَ فِي هَامِش الْحَاشِيَة فالعرضي هُوَ الْعرض لَكِن باعتبارين فَإِذا أَخذ لَا بِشَرْط شَيْء كَانَ عرضيا ومحمولا مواطاة وَإِذا أَخذ بِشَرْط لَا كَانَ عرضا ومحمولا بالاشتقاق _ وَأما مَا ذهب إِلَيْهِ بعض الْمُحَقِّقين من أَن الْعرض والعرضي كالسواد وَالْأسود متحدان بِالذَّاتِ ومتغائران بِالِاعْتِبَارِ _ فَإِن أَخذ بِشَرْط الْأسود عرض _ والمأخوذ لَا بِشَرْط أسود عرضي. فَكَلَام بعيد هُوَ متفرد عَسى أَن يطلع عَلَيْهِ من مُسْتَقْبل القَوْل إِن شَاءَ الله تَعَالَى انْتهى الكلامان.
ولعلك استنبطت من هَذِه الْكَلِمَات أمورا: أَحدهَا: إِن الْمُشْتَقّ والمبدأ متغائران حَقِيقَة. وَالثَّانِي: إِن الْمُشْتَقّ مَعَ كَونه مغائرا للمبدأ لَهُ اعتباران بِاعْتِبَار عرض وَبِاعْتِبَار عرضي. وَالثَّالِث: إِن الْعرض يصدق على مَا يصدق عَلَيْهِ العرضي لَكِن بِاعْتِبَار آخر. وَالرَّابِع: إِن الْمُعْتَبر فِي اعْتِبَار الْعرض كَونه مَحْمُولا اشتقاقا وَفِي العرضي كَونه مَحْمُولا مواطأة. وَالْخَامِس: إِن الْحمل الاشتقاقي غير مُخْتَصّ بالمبادىء بل يجْرِي فِي المشتقات أَيْضا بِاعْتِبَار _ وعساك تنبهت الْفرق أَيْضا بَين مَا عِنْد الْمُحَقق فِي هَذَا المــبحث بِوُجُوه _ أما: أَولا: فبأن الْمُشْتَقّ عِنْد الْمُحَقق عبارَة عَن نفس المبدأ وَعند الْمحشِي عَن أَمر بسيط انتزاعي لَيْسَ بداخل فِيهِ فضلا عَن أَن يكون عينه كَمَا عرفت _ وَأما ثَانِيًا: فبأن الاعتبارين اللَّذين يكون الْمُشْتَقّ عرضا وعرضيا بحسبهما إِنَّمَا هما للمبدأ عِنْد الْمُحَقق وَعند الْمحشِي لَيْسَ كَذَلِك بل البدء عرض فَقَط والاعتباران الْمَذْكُورَان عِنْده للمعنى الْبَسِيط الانتزاعي المغائر لَهُ. وَكَذَا الْحمل الاشتقاقي وَالْحمل الموطاتي يكونَانِ للمبدأ فِي الْحَقِيقَة عِنْد الْمُحَقق وَعند الْمحشِي إِنَّمَا هُوَ الْمَعْنى المغائر لَهُ الانتزاعي _ وَأما: ثَالِثا: فبأن الْعرض والعرضي متساويان فِي التَّحْقِيق عِنْد الْمُحَقق _ وَعند الْمحشِي الْعرض أَعم من العرضي فَإِن المبدأ عرض وَلَيْسَ بعرضي بِلَا خَفَاء والمشتق المغائر لَهُ عرض كَمَا هُوَ عرضي باعتبارين عِنْده بِخِلَافِهِ عِنْد الْمُحَقق فَإِن الْمُشْتَقّ عِنْده لَيْسَ إِلَّا المبدأ وَهُوَ عرض بِاعْتِبَار كَمَا هُوَ عرضي بِاعْتِبَار على مَا حققت آنِفا إِلَّا أَنَّهُمَا متفقان فِي أَن الْمُعْتَبر فِي جِهَة العرضية كَونه مَحْمُولا اشتقاقا.
وَإِذا مَا لاحظت جَمِيع جَوَانِب الْكَلَام. وتنقح عنْدك مَا هُوَ تَحْقِيق المرام. فَاعْلَم إِن كَلَام الْمحشِي الَّذِي وَقع هَا هُنَا أَعنِي قَوْله وَبِهَذَا يظْهر أَن الْعرض أَعم من العرضي مَعْنَاهُ بِالنّظرِ إِلَى هَذِه الْكَلِمَات أَن الْعرض أَعم مِنْهُ تحققا فَإِنَّهُ يتَحَقَّق فِي كل من المبدأ والمشتق بِخِلَاف العرضي فَإِنَّهُ لَا يتَحَقَّق إِلَّا فِي الْمُشْتَقّ أَو صدقا إِن أُرِيد بالعرضي مُجَرّد ذَات العرضي لَا من حَيْثُ أَنه عرضي فَإِن الْعرض لَا يصدق على العرضي من حَيْثُ هُوَ عرضي لِأَنَّك تفطنت مِمَّا نقلنا أَن الْعرض يصدق عَلَيْهِ بِاعْتِبَار لَا يصدق عَلَيْهِ العرضي بذلك الِاعْتِبَار فَلَا يكون مَا هُوَ عرضي فَردا للعرض _ وَمعنى قَوْله والمشتقات أَعْرَاض إِنَّهَا أَعْرَاض بِاعْتِبَار غير اعْتِبَار كَونهَا عرضيات.
قَوْله على مَا يلوح إِلَيْهِ مَا نقل من الْمعلم الأول. فِيهِ تلويح إِلَى أَن مَا نقل من التَّعْبِير والتمثيل لَا يدل على أَن المشتقات عبارَة عَن المبدأ وَإِنَّهَا عينه. بل إِنَّمَا يدل على كَون المشتقات أعراضا وَهُوَ غير موجوب لَهُ فَإِن للمشتق مَعَ كَونه عبارَة عَن معنى بسيط انتزاعي كَمَا عرفت اعتبارين أَيْضا بِاعْتِبَار عرض ومحمول اشتقاقا وَبِاعْتِبَار عرضي مَحْمُول مواطأة فَإِن الْأَبْيَض مَعْنَاهُ (سبيد) فَإِن لوحظ لَا بِشَرْط فَهُوَ عرضي يحمل مواطأة على الثَّوْب وَإِن لوحظ بِشَرْط لَا وتجريده عَن الثَّوْب فَهُوَ عرض يحمل اشتقاقا _ وَيُقَال إِنَّه ذُو (سبيدي) _ أَولا يرى أَن الثَّوْب فِيمَا إِذا كَانَ أسود وأبيض وأحمر وأخضر يُقَال إِنَّه ذُو هَذِه الْأَوْصَاف والنعوت. فَفِي هَذِه الْحَالة إِنَّمَا يعْتَبر المشتقات بِشَرْط لَا _ وَهَذَا وَإِن استبعد بِهِ فِي بادىء الرَّأْي إِلَّا أَنَّك لَو رجعت إِلَى الوجدان لوجدت بِهَذَا العنوان فَظهر بِهَذَا الْبَيَان أَن الملحوظ فِي جِهَة كَونهَا اعراضا هُوَ الِاعْتِبَار الَّذِي بِهِ هَا هُنَا يكون مَحْمُولَة اشتقاقا فَالْمُعْتَبر فِي الْعرض هُوَ الْحمل الاشتقاقي لَكِن قَوْله وَالْمرَاد بالنعت مَا يَتَّصِف بِهِ الشَّيْء مواطأة واشتقاقا مشْعر بِأَن الْعرض يصدق على العرضي من حَيْثُ عرضي حَيْثُ اعْتبر الاتصاف فِيهِ أَعم من أَن يكون مواطاة واشتقاقا فَيكون المشتقات اعراضا بِالِاعْتِبَارِ الَّذِي يكون عرضيات ومحمولات مواطاة فَيكون الْمُعْتَبر فِي الْعرض الْحمل الْمُطلق لَا الاشتقاقي فَقَط.
وَإِن توهم أحد أَنه لَا يلْزم من جعل النَّعْت أَعم من مَا يَتَّصِف بِهِ الشَّيْء مواطاة أَو اشتقاقا لإدخال المشتقات فِي الْعرض اعْتِبَار الْحمل أَيْضا أَعم فِي كَون الشَّيْء عرضا فَإِنَّهُ يَصح بِأَن يكون مَا هُوَ مَحْمُول مواطاة عرضا بِاعْتِبَار يكون بذلك مَحْمُولا اشتقاقا إِنَّمَا يلْزم ذَلِك لَو لم يكن للمحمولات مواطاة اعْتِبَار بهَا يَصح كَونهَا محمولات اشتقاقا وَلَيْسَ كَذَلِك فتوهمه توهم مَحْض فَإِنَّهُ لَو كَانَ الْأَمر كَذَلِك لما كَانَ لإيراده على الْمُحَقق بِخُرُوج المشتقات لاقتصاره على الْحمل الاشتقاقي وَجه. وَأَيْضًا مَا نقل عَنهُ فِي هَامِش الْحَاشِيَة هَا هُنَا أَعنِي قَوْله الصِّفَات المشتقة لَهَا اخْتِصَاص بموصوفاتها هُوَ منشأ لاتحادها مَعهَا اتحادا بِالْعرضِ وَحملهَا عَلَيْهَا حمل المواطاة انْتهى صَرِيح فِي أَن صدق الْعرض على المشتقات بِاعْتِبَار حمل المواطاة. ثمَّ إِن قَوْله فِيهِ اتحادا بِالْعرضِ إِشَارَة إِلَى مَا حقق الْمُحَقق الدواني فِي مَوْضِعه. وَيَجِيء فِي هَذِه الْحَاشِيَة أَيْضا أَن اتِّحَاد الذاتيات لما هِيَ ذاتيات لَهُ اتِّحَاد بِالذَّاتِ واتحاد العرضيات اتِّحَاد بِالْعرضِ.
وَقد خَالف فِيهِ السَّيِّد السَّنَد صدر الدّين ونفصل الْكَلَام بعون الله الْملك العلام. فِي ذَلِك الْمقَام. بَقِي هَا هُنَا شَيْء وَهُوَ أَن كَلَام الْمُحَقق الدواني لَيْسَ ينص فِي الِاقْتِصَار على الْحمل الاشتقاقي فِي تَعْرِيف الْحُلُول إِنَّمَا استنبط مِنْهُ الْمحشِي المدقق من طَرِيقَته جَوَابه وَسِيَاق كَلَامه فِي الْحَاشِيَة الْقَدِيمَة فِي بحث الْجَوَاهِر. وَلَا يخفى هَذَا على من نظر فِيهِ من أهل البصائر إِنَّمَا أطنبنا الْكَلَام. فِي هَذَا الْمقَام. لِأَنَّهُ كَانَ من مزال أَقْدَام الْعلمَاء الْأَعْلَام. فَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ التَّام. والاستعانة بالعليم العلام. انْتهى.
اعلموا أَيهَا الناظرون أَن هَذَا الْمُؤلف الضَّعِيف العَاصِي عَفا الله عَنهُ تلمذ أَكثر كتب التَّحْصِيل من خدمَة أُسْوَة الْفُضَلَاء وزبدة الْعلمَاء الحبر النحرير صَاحب التَّقْرِير والتحرير الشَّيْخ الْأَجَل مَوْلَانَا مُحَمَّد محسن ابْن الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الصديقي الأحمد آبادي وَهُوَ من تلاميذ أستاذ الْكل من الْكل الْفَاضِل الْكَامِل الْمُحَقق والمدقق ملا مُحَمَّد أكبر بن مُحَمَّد أشرف الدهلوي الْمُفْتِي فِي أَحْمد آباد نور الله مضجعهما بِنور الْمَغْفِرَة والرضوان وَأنزل عَلَيْهِمَا شآبيب الرَّحْمَة والغفران.
الْعرض أَعم من العرضي: فَإِن الْبيَاض عرض لَيْسَ بعرضي والأبيض عرض وعرضي على مَذْهَب كَمَا ستقف عَلَيْهِ. وَالشَّيْخ الرئيس صرح بِأَن الْعرض الْمُقَابل للجوهر غير العرضي الْمُقَابل للذاتي وَهَذَا هُوَ الْحق لَا ريب فِيهِ. وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره الْعرض هُوَ العرضي بِحَذْف الْيَاء تَخْفِيفًا وَبعد الْحَذف جَاءَ الِاشْتِبَاه نعم هَذَا الْعرض يُقَابل الْجَوْهَر بِمَعْنى الأَصْل كَمَا يُقَال أَي شَيْء هُوَ فِي جوهره أَو عرضه ثمَّ إِنَّه فِي الإشارات رُبمَا قَالُوا الْعرض محذوفا عَنهُ الْيَاء انْتهى.
وتفصيل هَذَا الْمقَام وتنقيح هَذَا المرام أَنهم اخْتلفُوا فِي أَن الْعرض غير العرضي ومبائن لَهُ حَقِيقَة أم اعْتِبَارا وَفِي أَن الْعرض يباين الْمحل حَقِيقَة أم اعْتِبَارا. وَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَن الْعرض غير العرضي وَغير الْمحل حَقِيقَة. وَاسْتَدَلُّوا على مُغَايرَة الْعرض للعرضي ومباينته لَهُ حَقِيقَة بِأَن الْعرض يباين الْمحل والعرضي يتحد مَعَه وَاخْتِلَاف اللوازم يدل على اخْتِلَاف الملزومات وعَلى أَن الْعرض مباين للمحل بِأَنَّهُ يُقَال وجدت الْأَعْرَاض فَقَامَتْ بالموضوعات، فللأعراض وجود سوى وجود الموضوعات وَوُجُود الْإِعْرَاض مُتَأَخّر عَن وجود موضوعاتها.
أَلا ترى أَن وجود الْبيَاض مُتَأَخّر عَن وجود الْمَوْضُوع وَبِه يمتاز عَن العدميات كالعمى فَإِن الْعقل إِذا لاحظ مَفْهُوم الْأَعْمَى بِحَدّ أَنه لَا يتَوَقَّف الاتصاف بِهِ إِلَّا على سلب الْبَصَر عَمَّا يصلح لَهُ بِالْقُوَّةِ الشخصية أَو النوعية أَو الجنسية من غير أَن يزِيد هُنَاكَ أَمر فِي الْوُجُود بِخِلَاف الْأَبْيَض فَإِن الْجِسْم إِنَّمَا يصير أَبيض إِذا زَاد عَلَيْهِ شَيْء فِي الْوُجُود بِهِ يصير أَبيض فَذَلِك الزَّائِد الْمُتَأَخر هُوَ الْبيَاض والجسم الْمَزِيد عَلَيْهِ الْمُتَقَدّم مَحَله.
وَمَا قَالَ الشَّيْخ الرئيس وجود الْأَعْرَاض فِي أَنْفسهَا هُوَ وجودهَا لمحالها وَإِن كَانَ صَرِيحًا فِي أَن الْعرض عين الْمحل وَلَا يباينه وَلِهَذَا تمسك بِهِ من يَدعِي الِاتِّحَاد والعينية لَكِن الْحق أَن مُرَاده وجود الْإِعْرَاض فِي أَنْفسهَا وجودهَا فِي موضوعاتها فَلَا يجوز حمل كَلَامه على الظَّاهِر كَيفَ لَا فَإِنَّهُ قَالَ فِي التعليقات وجود الْأَعْرَاض فِي أَنْفسهَا هُوَ وجودهَا فِي موضوعاتها سوى الْعرض الَّذِي هُوَ الْوُجُود لاستغنائه عَن الْوُجُود انْتهى. وَأَيْضًا حمل كَلَامه على الظَّاهِر يُوجب إثارة الْخلَل وَالْفساد فَإِن الْوُجُود وجودان أُصَلِّي يتَعَدَّى بفي، وتبعي يتَعَدَّى بِاللَّامِ وَالثَّانِي للأحوال عِنْد الْقَائِلين بهَا الأول لغَيْرهَا إعْرَاضًا كَانَ أَو جَوَاهِر فَلَو كَانَت الْإِعْرَاض مَوْجُودَة بِالثَّانِي لزم أَن تكون أحوالا والفلاسفة يُنْكِرُونَهَا وَذهب جلال الْعلمَاء وَمن تَابعه إِلَى أَن بَينهَا اتحادا بِالذَّاتِ وتغايرا بِالِاعْتِبَارِ فَإِن لطبيعة الْعرض ثَلَاث اعتبارات لَا بِشَرْط شَيْء وبشرط شَيْء وبشرط لَا شَيْء فَإِذا أخذت لَا بِشَرْط شَيْء أَي من حَيْثُ هِيَ هِيَ مَعَ قطع النّظر عَن مُقَارنَة الْمَوْضُوع وَعدمهَا فَهِيَ عرضي مَحْمُول. وَإِذا أخذت بِشَرْط شَيْء أَي بِشَرْط مُقَارنَة الْمَوْضُوع مَعهَا فعين الْمحل. وَإِذا أخذت بِشَرْط لَا شَيْء أَي بِشَرْط عدم مُقَارنَة الْمَوْضُوع مَعهَا فَعرض مُقَابل للجوهر فالبياض مثلا بِالِاعْتِبَارِ الأول يكون أَبيض وعرضيا مَحْمُولا وَبِالثَّانِي ثوبا أَبيض وبالثالث بَيَاضًا وعرضا مبائنا للموضوع.
ف (70)
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.