(الوقل) يُقَال فرس وعل وَقل صاعد يحسن الدُّخُول بَين الْجبَال
(الوقل) يُقَال فرس وعل وَقل صاعد يحسن الدُّخُول بَين الْجبَال
نقر: النَّقْرُ: ضربُ الرَّحى والحجرِ وغيره بالمِنْقارِ. ونَقَرَهُ
يَنْقُره نَقْراً: ضربه. والمِنْقارُ: حديدة كالفأْس يُنْقَرُ بها، وفي
غيره: حديدة كالفأْس مُشَكَّكَةٌ مستديرة لها خَلْفٌ يُقطع به الحجارة
والأَرض الصُّلْبَةُ. ونَقَرْتُ الشيء: ثَقَبْتُه بالمِنْقارِ. والمِنْقَر،
بكسر الميم: المِعْوَل؛ قال ذو الرمة:
كأَرْحاءِ رَقْدٍ زَلَّمَتْها المَناقِرُ
ونَقَرَ الطائرُ الشيءَ يَنْقُره نَقْراً: كذلك.
ومِنْقارُ الطائر: مِنْسَرُه لأَنه يَنْقُرُ به. ونَقَرَ الطائر
الحَبَّة يَنْقُرُها نَقْراً: التقطها. ومِنْقارُ الطائر والنَّجَّارِ، والجمع
المَناقِيرُ، ومِنْقارُ الخُفِّ: مُقَدَّمُه، على التشبيه.
وما أَغْنى عَنِّي نَقْرَةً يعني نَقْرَةَ الديك لأَنه إِذا نَقَرَ
أَصاب. التهذيب: وما أَغنى عني نَقْرَةً ولا فَتْلَةً ولا زُبالاً. وفي
الحديث: أَنه نهى عن نَقْرَةِ الغراب، يريد تخفيف السجود، وأَنه لا يمكث فيه
إِلا قدر وضع الغراب مِنْقارَهُ فيما يريد أَكله. ومنه حديث أَبي ذر: فلما
فرغوا جعل يَنْقُرُ شيئاً من طعامهم أَي يأْخذ منه بأُصبعه.
والنِّقْرُ والنُّقْرَةُ والنَّقِيرُ: النُّكْتَةُ في النواة كأَنَّ ذلك
الموضعَ نُقِرَ منها. وفي التنزيل العزيز: فإِذاً لا يُؤْتُونَ الناس
نَقيراً؛ وقال أَبو هذيل أَنشده أَبو عمرو بن العلاء:
وإِذا أَرَدْنا رِحْلَةً جَزِعَتْ،
وإِذا أَقَمْنا لم نُفِدْ نِقْرا
ومنه قول لبيد يرثي أَخاه أَرْبَدَ:
وليس النَّاسُ بَعْدَكَ في نَقِيرٍ،
ولا هُمْ غَيْرُ أَصْداءٍ وهامِ
أَي ليسوا بعدك في شيء؛ قال العجاج:
دَافَعْت عنهمْ بِنَقِيرٍ مَوْتتي
قال ابن بري: البيت مغير وصواب إِنشاده: دَافَعَ عَنِّي بِنَقِيرٍ. قال:
وفي دافع ضمير يعود على ذكر الله سبحانه وتعالى لأَنه أَخبر أَن الله عز وجل
أَنقذه من مرض أَشْفى به على الموت؛ وبعده:
بَعْدَ اللُّتَيَّا واللَّتَيَّا والَّتي
وهذا مما يعبر به عن الدواهي. ابن السكيت في قوله: ولا يظلمون نَقِيراً،
قال: النقير النكتة التي في ظهر النواة. وروي عن أَبي الهيثم أَنه قال:
النَّقِيرُ نُقْرَةٌ في ظهر النواة منها تنبت النخلة. والنَّقِيرُ: ما
نُقِبَ من الخشب والحجر ونحوهما، وقد نُقِرَ وانْتُقِرَ. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: على نَقِير من خشب؛ هو جِذْعٌ يُنْقَرُ ويجعل فيه شِبْهُ
المَراقي يُصْعَدُ عليه إِلى الغُرَفِ. والنَّقِيرُ أَيضاً: أَصل خشبة
يُنْقَرُ فَيُنْتَبَذ فيه فَيَشْتَدُّ نبيذه، وهو الذي ورد النهي عنه. التهذيب:
النَّقِيرُ أَصل النخلة يُنْقَرُ فَيُنْبَذُ فيه، ونهى النبي، صلى الله
عليه وسلم، عن الدُّبَّاء والحَنْتَمِ والنَّقِيرِ والمُزَفَّتِ؛ قال
أَبو عبيد: أَما النقير فإِن أَهل اليمامة كانوا يَنْقُرُونَ أَصل النخلة ثم
يَشْدَخُون فيها الرُّطَبَ والبُسْرَ ثم يَدَعُونه حتى يَهْدِرَ ثم
يُمَوَّتَ؛ قال ابن الأَثير: النَّقِيرُ أَصل النخلة يُنْقَرُ وسَطُه ثم ينبذ
فيه التمر ويلقى عليه الماء فيصير نبيذاً مسكراً، والنهي واقع على ما
يعمل فيه لا على اتخاذ النقير، فيكون على حذف المضاف تقديره: عن نبيذ
النَّقِيرِ، وهو فعيل بمعنى مفعول؛ وقال في موضع آخر: النَّقِيرُ النخلة
تُنْقَرُ فيجعل فيها الخمر وتكون عروقها ثابتة في الأَرض. وفَقِيرٌ نَقِيرٌ:
كأَنه نُقِرَ، وقيل إِتباع لا غير، وكذلك حقِير نَقِير وحَقْرٌ نَقْرٌ
إِتباع له. وفي الحديث: أَنه عَطَسَ عنده رجل فقال: حَقِرْتَ ونَقِرْتَ؛
يقال: به نَقِيرٌ أَي قُرُوحٌ وبَثْرٌ، ونَقِرَ أَي صار نَقِيراً؛ كذا قاله
أَبو عبيدة، وقيل نَقِيرٌ إِتباعُ حَقِير.
والمُنْقُر من الخشب: الذي يُنْقَرُ للشراب. وقال أَبو حنيفة:
المِنْقَرُ كل ما نُقِرَ للشراب، قال: وجمعه مَناقِيرُ، وهذا لا يصح إِلا أَن يكون
جمعاً شاذّاً جاء على غير واحده.
والنُّقْرَةُ: حفرة في الأَرض صغيرة ليست بكبيرة. والنُّقْرَةُ:
الوَهْدَةُ المستديرة في الأَرض، والجمع نُقَرٌ ونِقارٌ. وفي خبر أَبي العارم:
ونحن في رَمْلَةٍ فيها من الأَرْطى والنِّقارِ الدَّفَئِيَّةِ ما لا يعلمه
إِلا الله. والنُّقْرَةُ في القفا: مُنْقَطَعُ القَمَحْدُوَةِ، وهي
وَهْدَةٌ فيها. وفلان كَريمُ النَّقِيرِ أَي الأَصل. ونُقْرَةُ العينِ:
وَقْبَتُها، وهي من الوَرِك الثَّقْبُ الذي في وسطها. والنُّقْرَةُ من الذهب
والفضة: القِطْعَةُ المُذابَةُ، وقيل: هو ما سُبِكَ مجتمعاً منها.
والنُّقْرَةُ: السَّبِيكَةُ، والجمع نِقارٌ.
والنَّقَّارُ: النَّقَّاشُ، التهذيب: الذي يَنْقُشُ الرُّكُبَ
واللُّجُمَ ونحوها، وكذلك الذي يَنْقُرُ الرَّحَى.
والنَّقْرُ: الكتابُ في الحَجَرِ. ونَقَرَ الطائرُ في الموضع: سَهَّلَهُ
ليَبِيضَ فيه؛ قال طرفة:
يا لَكِ من قُبَّرَةٍ بِمَعْمَرِ،
خَلا لَكِ الجَوُّ فَبِيضِي واصْفِري،
ونَقِّري ما شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي
وقيل: التَّنْقِيرُ مثلُ الصَّفِير؛ وينشد:
ونَقِّرِي ما شِئْتِ أَنْ تُنَقِّري
والنُّقْرَةُ: مَبِيضُهُ؛ قال المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
لِلقارِياتِ من القَطَا نُقَرٌ
في جانِبَيْهِ، كأَنَّها الرَّقْمُ
ونَقَرَ البَيْضَةَ عن الفَرْخ: نَقَبَها. والنَّقْرُ: ضَمُّكَ الإِبهام
إِلى طَرَفِ الوُسْطَى ثم تَنْقُر فيسمع صاحبك صوت ذلك، وكذلك باللسان.
وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى: ولا يُظْلَمُونَ نَقِيراً؛ وضَعَ
طَرَفَ إِبهامه على باطن سَبَّابَتِهِ ثم نَقَرَها وقال هذا التفسير. وما له
نَقِرٌ أَي ماء.
والمِنْقَرُ والمُنْقُرُ، بضم الميم والقاف: بئر صغيرة، وقيل: بئر ضيقة
الرأْس تحفر في الأَرض الصُّلْبَةِ لئلاَّ تَهَشَّمَ، والجمع المَناقِرُ،
وقيل: المُنْقُر والمِنْقَرُ بئر كثيرة الماء بعيدة القعر؛ وأَنشد الليث
في المِنْقَرِ:
أَصْدَرَها عن مِنْقَرِ السَّنابِرِ
نَقْرُ الدَّنانِيرِ وشُرْبُ الخازِرِ،
واللَّقْمُ في الفاثُورِ بالظَّهائِرِ
الأَصمعي: المُنْقُرُ وجمعها مَناقِرُ وهي آبار صغار ضيقة الرؤُوس تكون
في نَجَفَةٍ صُلْبة لئلاَّ تَهَشَّمَ، قال الأَزهري: القياس مِنْقَرٌ كما
قال الليث، قال: والأَصمعي لا يحكي عن العرب إِلا ما سمعه. والمُنْقُرُ
أَيضاً: الحوض؛ عن كراع. وفي حديث عثمانَ البَتِّيِّ: ما بهذه
النُّقْرَةِ أَعلم بالقضاءِ من ابن سِيْرينَ، أَراد بالبصرة. وأَصل النُّقْرَةِ:
حُفْرَةٌ يُسْتَنْقَعُ فيها الماء.
ونَقَرَ الرجلَ يَنْقُره نَقْراً: عابه ووقع فيه، والاسم النَّقَرَى.
قالت امرأَة من العرب لبعلها: مُرَّ بي على بني نَظَرى ولا تَمُرَّ بي على
بنات نَقَرَى أَي مُرَّ بي على الرجال الذين ينظرون إِليّ ولا تَمُرَّ بي
على النساءِ اللَّوَاتي يَعِبْنَنِي، ويروى نَظَّرَى ونَقَّرَى،
مشدَّدين. وفي التهذيب في هذا المثل: قالت أَعرابية لصاحبة لها مُرِّي بي على
النَّظَرَى ولا تَمُرِّي بي على النَّقَرَى أَي مري بي على من ينظر إِليّ
ولا يُنَقِّرُ. قال: ويقال إِن الرجال بنو النَّظَرَى وإِن النساءَ بنو
النَّقَرَى.
والمُناقَرَةُ: المُنازَعَةُ. وقد ناقَرَهُ أَي نازعه. والمُناقَرَةُ:
مُرَاجَعَةُ الكلام. وببني وبينه مُناقَرَةٌ ونِقارٌ وناقِرَةٌ ونِقْرَةٌ
أَي كلام؛ عن اللحياني؛ قال ابن سيده: ولم يفسره، قال: وهو عندي من
المراجعة. وجاءَ في الحديث: متى ما يَكْثُرْ حَمَلَةُ القرآن يُنَقِّرُوا،
ومتى ما يُنَقِّرُوا يختلفوا؛ التَّنْقِيرُ: التَّفْتِيشُ؛ ورجل نَقَّارٌ
ومُنَقِّرٌ. والمُناقَرَةُ: مراجعةُ الكلام بين اثنين وبَثُّهُما
أَحادِيثَهما وأُمُورَهما. والنَّاقِرَةُ: الداهيةُ. ورَمَى الرامي الغَرَضَ
فَنَقَره أَي أَصابه ولم يُنْفِذْهُ، وهي سِهامٌ نَواقِرُ. ويقال للرجل إِذا
لم يستقم على الصواب: أَخْطَأَتْ نَواقِرُه؛ قال ابن مقبل:
وأَهْتَضِمُ الخَالَ العَزِيزَ وأَنْتَحِي
عليه، إِذا ضَلَّ الطَّرِيقَ نَواقِرُه
وسهم ناقِرٌ: صائبٌ. والنَّاقِرُ: السهم إِذا أَصاب الهَدَفَ. وتقول
العرب: نعوذ بالله من العَواقِرِ والنَّواقِرِ، وقد تقدم ذكر العواقر، وإِذا
لم يكن السهم صائباً فليس بِناقِرٍ. التهذيب: ويقال نعوذ بالله من
العَقَرِ والنَّقَرِ، فالعَقَرُ الزَّمانَة في الجسد، والنَّقَرُ ذهاب المال.
ورماه بِنَواقِرَ أَي بِكَلِمٍ صَوائِبَ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي يف
النواقر من السهام:
خَواطِئاً كأَنها نَواقِرُ
أَي لم تخطئْ إِلاَّ قريباً من الصواب.
وانْتَقَرَ الشيءَ وتَنَقَّرَه ونَقَّرَه ونَقَّرَ عنه، كل ذلك: بحث
عنه. والتَّنْقيرُ عن الأَمرِ: البحث عنه. ورجل نَقَّارٌ: مُنَقِّرٌ عن
الأُمور والأَخبار. وفي حديث ابن المسيب: بلغه قول عكرمة في الحين أَنه ستة
أَشهر فقال: انْتَقَرَها عِكْرِمَةُ أَي استنبطها من القرآن؛ قال ابن
الأَثير: والتَّنْقير البحث هذا إِن أَراد تصديقه، وإِن أَراد تكذيبه فمعناه
أَنه قالها من قِبَل نفسه واختص بها من الانتقار الاختصاص، يقال: نَقَّرَ
باسم فلان وانْتَقَر إِذا سماه من بين الجماعة. وانْتَقَر القومَ:
اختارهم.
ودعاهم النَّقَرَى إِذا دعا بعضاً دون بعض يُنَقِّرُ باسم الواحد بعد
الواحد. قال: وقال الأَصمعي إِذا دعا جماعتهم قال: دَعَوْتُهم الجَفَلَى؛
قال طرفة بن العبد:
نحن في المَشْتَاةِ نَدْعُو الجَفَلَى،
لا تَرَى الآدِبَ فينا يَنْتَقِرْ
الجوهري: دعوتهم النَّقَرَى أَي دَعْوَةً خاصةً، وهو الانْتِقار أَيضاً،
وقد انْتَقَرَهُم؛ وقيل: هو من الانتقار الذي هو الاختيار، أَو من
نَقَرَ الطائر إِذا لقط من ههنا وههنا.
قال ابن الأَعرابي: قال العُقَيليّ ما ترك عندي نُقارَةً إِلاَّ
انْتَقَرَها أَي ما ترك عندي لَفْظَةً مُنْتَخَبَةً مُنْتَقاةً إِلاَّ أَخذها
لذاته. ونَقَّر باسمه: سماه من بينهم. والرجل يُنَقِّرُ باسم رجل من جماعة
يخصه فيدعوه، يقال: نَقَّرَ باسمه إِذا سماه من بينهم، وإِذا ضرب الرجل
رأْس رجل قلت: نَقَرَ رأْسه. والنَّقْرُ: صوت اللسان، وهو إِلزاق طرفه
بمخرج النون ثم يُصَوِّتُ به فَيَنْقُر بالدابة لتسير؛ وأَنشد:
وخانِقٍ ذي غُصَّةٍ جِرْياضِ،
راخَيْتُ يومَ النَّقْرِ والإِنْقاضِ
وأَنشده ابن الأَعرابي:
وخانِقَيْ ذي غُصَّةٍ جَرَّاضِ
وقيل: أَراد بقوله وخانِقَيْ هَمَّيْن خَنَقَا هذا الرجل. وراخيت أَي
فَرَّجْتُ. والنَّقْرُ: أَن يضع لسانه فوق ثناياه مما يلي الحَنَكَ ثم
يَنْقُرَ. ابن سيده: والنَّقْرُ أَن تُلْزِقَ طرف لسانك بحنكك وتَفْتَحَ ثم
تُصَوِّتَ، وقيل: هو اضطراب اللسان في الفم إِلى فوق وإِلى أَسفل؛ وقد
نَقَرَ بالدابة نَقْراً وهو صُوَيْتٌ يزعجه. وفي الصحاح: نَقَرَ بالفرس؛ قال
عبيد بن ماوِيَّةَ الطائي:
أَنا ابنُ ماوِيَّةَ إِذْ جَدَّ النَّقُرْ،
وجاءَتِ الخَيْلُ أَثابِيَّ زُمَرْ
أَراد النَّقْرَ بالخيل فلما وقف نقل حركة الراء إِلى القاف، وهي لغة
لبعض العرب، تقول: هذا بَكُرْ ومررت بِبَكِر، وقد قرأَ بعضهم: وتواصَوْا
بالصَّبِرْ. والأَثابِيُّ: الجماعات، الواحد منهم أُثْبِيَّة. وقال ابن
سيده: أَلقى حركة الراء على القاف إِذ ان ساكناً ليعلم السامع أَنها حركة
الحرف في الوصل، كما تقول هذا بَكُر ومررت بِبَكِر، قال: ولا يكون ذلك في
النصب، قال: وإِن شئت لم تنقل ووقفت على السكون وإِن كان فيه ساكن، ويقال:
أَنْقَرَ الرجلُ بالدابة يُنْقِرُ بها إِنْقاراً ونَقْراً؛ وأَنشد:
طَلْحٌ كأَنَّ بَطْنَهُ جَشِيرُ،
إِذا مَشَى لكَعْبِه نَقِيرُ
والنَّقْرُ: صُوَيْتٌ يسمع من قَرْع الإِبهام على الوُسْطى. يقال: ما
أَثابَهُ نَقْرَةً أَي شيئاً، لا يستعمل إِلا في النفي؛ قال الشاعر:
وهُنَّ حَرًى أَن لا يُثِبْنَكَ نَقْرَةً،
وأَنتَ حَرًى بالنار حين تُثِيبُ
والنَّاقُور: الصُّورُ الذي يَنْقُر فيه المَلَكُ أَي ينفخ. وقوله
تعالى: فإِذا نُقِرَ في النَّاقُور؛ قيل: الناقور الصور الذي يُنْفَخُ فيه
للحشر، أَي نُفِخَ في الصور، وقيل في التفسير: إِنه يعني به النفخة الأُولى،
وروى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي قال: النَّاقُور القلبُ، وقال
الفرّاء: يقال إِنها أَوّل النفختين، والنقير الصوتُ، والنَّقِير الأَصلُ.
وأَنْقَرَ عنه أَي كف، وضربه فما أَنْقَرَ عنه حتى قتله أَي ما أَقلع عنه.
وفي الحديث عن ابن عباس: ما كان الله ليُنْقِرَ عن قاتل المؤمن أَي ما كان
الله ليُقْلِعَ وليَكُفَّ عنه حتى يهلكه؛ ومنه قول ذؤيب بن زُنَيم
الطُّهَوِيِّ:
لعَمْرُك ما وَنَيْتُ في وُدِّ طَيِّءٍ،
وما أَنا عن أَعْداء قَوْمِي بِمُنْقِرِ
والنُّقَرَةُ: داء يأْخذ الشاة فتموت منه. والنُّقَرَةُ، مثل
الهُمَزَةِ: داء يأْخذ الغنم فتَرِمُ منه بطون أَفخاذها وتَظْلَعُ؛ نَقِرَتْ
تَنْقَرُ نَقْراً، فهي نَقِرَةٌ. قال ابن السكيت: النُّقَرَةُ داء يأْخذ
المِعْزَى في حوافرها وفي أَفخاذها فَيُلْتَمَسُ في موضعه، فيُرَى كأَنه وَرَمٌ
فيكوى، فيقال: بها نُقَرَةٌ، وعَنْزٌ نَقِرَةٌ. الصحاح: والنُّقَرَةُ،
مثال الهُمَزَةِ، داء يأْخذ الشاء في جُنُوبها، وبها نُقَرَةٌ؛ قال
المَرَّارُ العَدَوِيُّ:
وحَشَوْتُ الغَيْظَ في أَضْلاعِهِ،
فَهْوَ يَمْشِي خَضَلاناً كالنَّقِرْ
ويقال: النَّقِرُ الغضبان. يقال: هو نَقِرٌ عليك أَي غضبان، وقد نَقِرَ
نَقَراً. ابن سيده: والنُّقَرَةُ داء يصيب الغنم والبقر في أَرجلها، وهو
التواء العُرْقوبَينِ. ونَقِرَ عليه نَقَراً، فهو نَقِرٌ: غضب.
وبنو مِنْقَرٍ: بطن من تميم، وهو مِنْقَرُ بن عبيد بن الحرث بن عمرو بن
كعب بن سعد بن زيد مَنَاة بن تميم. وفي التهذيب: وبنو مِنْقَرٍ حَيّ من
سعد. ونَقْرَةُ: منزل بالبادية. والنَّاقِرَةُ: موضع بين مكة والبصرة.
والنَّقِيرَةُ: موضع بين الأَحْساءِ والبصرة. والنَّقِيرَةُ: رَكِيَّةٌ
معروفة كثيرة الماء بين ثاجَ وكاظِمَةَ. ابن الأَعرابي: كل أَرض مُتَصَوِّبَة
في هَبْطَةٍ فهي النَّقِرَةُ، ومنها سميت نَقِرَةُ بطريق مكة التي يقال
لها مَعْدِنُ النَّقِرَة. ونَقَرَى: موضع؛ قال:
لما رَأَيْتُهُمُ كأَنَّ جُمُوعَهُمُ،
بالجِزْعِ من نَقَرَى، نِجاءُ خَرِيفِ
(* قوله« كأن جموعهم» كذا بالأصل. والذي في ياقوت: كأن نبالهم إلخ، ثم
قال: أي نبالهم مطر الخريف. وقوله: واما قول الهذلي، عبارة ياقوت: مالك بن
خالد الخناعي الهذلي) .
وأَما قول الهُذَليّ :
ولما رَأَوْا نَقْرَى تَسِيلُ أَكامُها
بأَرْعَنَ جَرَّارٍ وحامِيَةٍ غُلْبِ
فإِنه أَسكن ضرورة. ونَقِيرٌ: موضع؛ قال العجاج:
دَافَعَ عَنِّي بِنَقِيرٍ مَوْتَتي
وأَنْقِرَةُ: موضع بالشأْم أَعجمي؛ واستعمله امرؤ القيس على عُجْمَتِهِ:
قد غُودِرَتْ بأَنْقِرَه
وقيل: أَنْقِرَةُ موضع فيه قَلْعَةٌ للروم، وهو أَيضاً جمع نَقِيرٍ مثل
رغيف وأَرْغِفَةٍ، وهو حفرة في الأَرض؛ قال الأَسود بن يَعْفُرَ:
نَزَلوا بأَنْقِرَةٍ يَسِيلُ عليهِمُ
ماءُ الفُرَاتِ، يَجِيءُ من أَطْوَادِ
أَبو عمرو: النَّواقِرُ المُقَرْطِسات؛ قال الشماخ يصف صائداً:
وسَيِّرْهُ يَشْفِي نفسَه بالنَّواقِر
والنَّواقِرُ: الحُجَجُ المُصِيباتُ كالنَّبْلِ المصيبة. وإِنه
لَمُنَقَّرُ العين أَي غائر العين. أَبو سعيد: التَّنَقُّرُ الدعاء على الأَهل
والمال. أَراحني الله منه، ذهب الله بماله. وقوله في الحديث: فأَمَرَ
بنُقْرَةٍ من نحاس فأُحميت؛ ابن الأَثير: النُّقْرَةُ قِدْرٌ يُسَخَّنُ فيها
الماء وغيره، وقيل: هو بالباء الموحدة، وقد تقدم. الليث: انْتَقَرَتِ
الخيلُ بحوافرها نُقَراً أَي احْتَفَرَتْ بها. وإِذا جَرَتِ السُّيُولُ على
الأَرض انْتَقَرتْ نُقَراً يحتبس فيها شيء من الماء. ويقال: ما لفلان
بموضع كذا نَقِرٌ ونَقِزٌ، بالراء وبالزاي المعجمة، ولا مُلْكٌ ولا مَلْكٌ
ولا مِلْكٌ؛ يريد بئراً أَو ماء.
جنز: جَنَزَ الشيءَ يَجْنِزُه جَنْزاً: ستره. وذكروا أَن النَّوَار لما
احْتُضِرَت أَوْصَت أَن يصلي عليها الحسن، فقيل له في ذلك، فقال: إِذا
جَنَزْتُموها فآذِنُوني.
والجِنَازَة والجَنَازة: الميت؛ قال ابن دريد: زعم قوم أَن اشتقاقه من
ذلك، قال ابن سيده: ولا أَدري ما صحته، وقد قيل: هو نَبَطِيّ. والجِنازة:
واحدة الجَنائز، والعامة تقول الجَنازة، بالفتح، والمعنى الميّت على
السرير، فإِذا لم يكن عليه الميت فهو سرير ونَعْش. وفي الحديث: أَن رجلاً كان
له امرأَتان فَرُمِيَتْ إِحداهما في جنازتها أَي ماتت. تقول العرب إِذا
أَخْبَرَتْ عن موت إِنسان: رُمِيَ في جِنازته لأَن الجِنازَة تصير
مَرْمِيًّا فيها، والمراد بالرمي الحَمْل والوَضْع. والجِنازة، بالكسر: الميت
بِسَرِيرِه، وقيل: بالكسر السّرِير، بالفتح الميت. ورُمِيَ في جَنَازته
أَي مات، وطُعِن في جِنازته أَي مات. ابن سيده: الجَنَازَة، بالفتح، الميت،
والجِنازة، بالكسر: السرير الذي يُحْمل عليه الميت؛ قال الفارسي: لا
يسمى جِنَازة حتى يكون عليه ميت، وإِلا فهو سرير أَو نعش؛ وأَنشد
الشماخ:إِذا أَنْبَضَ الرَّامون فيها تَرَنَّمَتْ
تَرَنُّمَ ثَكْلى أَوْجَعَتْها الجَنائِزُ
واستعار بعض مُجَّان العرب الجِنَازة لِزِقِّ الخمر فقال وهو عمرو بن
قعاس:
وكنتُ إِذا أَرى زِقًّا مَرِيضاً
يُناحُ على جِنازَته، بَكَيْتُ
وإِذا ثقل على القوم أَمر أَو اغْتَمُّوا به، فهو جِنَازة عليهم؛ قال:
وما كنتُ أَخْشى أَن أَكُونَ جِنازَةً
عليك، ومَنْ يَغْتَرُّ بالحَدَثان؟
الليث: الجِنازة الإِنسان الميت والشيء الذي قد ثَقُل على قوم
فاغْتَمُّوا به. قال الليث: وقد جرى في أَفواه الناس جَنازة، بالفتح، والنَّحارير
ينكرونه، ويقولون: جُنِزَ الرجلُ، فهو مَجْنوز إِذا جمع. الأَصمعي:
الجِنَازة، بالكسر، هو الميت نفسه والعوام يقولون إِنه السرير. تقول العرب:
تركته جِنَازة أَي ميتاً. النضر: الجِنَازة هو الرجل أَو السرير مع الرجل.
وقال عبد الله بن الحسن: سميت الجِنَازة لأَن الثياب تُجْمع والرجلُ على
السرير، قال: وجُنِزوا أَي جُمِعوا. ابن شميل: ضُرِب الرجُل حتى تُرِك
جِنازةً؛ قال الكميت يذكر النبي، صلى الله عليه وسلم، حيّاً وميتاً:
كانَ مَيْتاً جِنازَةً خير مَيْتٍ
غَيَّبَتْه حَفائِرُ الأَقْوام
جدل: الجَدْل: شِدَّة الفَتْل. وجَدَلْتُ الحَبْلَ أَجْدِلُه جَدْلاً
إِذا شددت فَتْله وفَتَلْتَه فَتْلاً مُحْكَماً؛ ومنه قيل لزمام الناقة
الجَدِيل. ابن سيده: جدل الشيءَ يَجْدُله ويَجْدِله جَدْلاً أَحكم فَتْله؛
ومنه جارية مَجْدُولة الخَلْق حَسَنة الجَدْل. والجَدِيل: الزمام المجدول
من أَدم؛ ومنه قول امرئ القيس:
وكَشْحٍ لطيفٍ كالجَدِيل مُخَصَّرٍ،
وسَاقٍ كأُنْبُوب السَّقِيِّ المُذلَّل
قال: وربما سُمِّي الوِشاح جَدِيلاً؛ قال عبد افيفي بن
عجلان النهدي:
جَديدة سِرْبالِ الشَّبابِ، كأَنَّها
سَقِيّة بَرْدَيٍّ نَمَتْها غُيُولها
كأَنَّ دِمَقْساً أَو فُروعَ غَمامةٍ،
على مَتْنِها، حيث اسْتَقَرَّ جَديلُها
وأَنشد ابن بري لآخر:
أَذكَرْت مَيَّةَ إِذ لها إِتْبُ،
وجَدَائلٌ وأَنامِلٌ خُطْبُ
والجَدِيل: حَبْل مفتول من أَدم أَو شعر يكون في عُنق البعير أَو
الناقة، والجمع جُدُلٌ، وهو من ذلك. التهذيب: وإِنه لَحَسن الأَدَم وحَسَن
الجَدْل إِذا كان حسن أَسْرِ الخَلْق. وجُدُول الإِنسان: قَصَبُ اليدين
والرجلين.
والجَدْل والجِدْل: كل عَظْم مُوَفَّر كما هو لا يكسَر ولا يُخْلَط به
غيرُه. والجِدْل: العضو، وكل عضو جِدْل، والجمع أَجْدال وجُدُول، وقيل: كل
عظم لم يكسر جَدْل وجِدْل. وفي حديث عائشة، رضي افيفي عنها: العَقِيقة
تُقْطَع جُدُولاً لا يُكْسَر لها عَظْم؛ الجدُول: جمع جَدْل وجِدْل، بالفتح
والكسر، وهو العضو.
ورجل مَجْدول، وفي التهذيب: مَجْدول الخَلْق لَطيف القَصَب مُحْكَم
الفَتْل. والمجدول: القَضِيف لا من هُزَال. وغلام جادل: مُشْتَدّ. وساقٌ
مَجْدولة وجدْلاء: حَسنَة الطَّيِّ، وساعد أَجْدَل كذلك؛ قال الجعدي:
فأَخْرَجَهم أَجْدَلُ السَّاعِدَيْـ
نِ، أَصْهَبُ كالأَسَدِ الأَغْلَب
وجَدَل وَلَدُ الناقة والظبية يَجْدُل جُدُولاً: قَوِي وتَبِع أُمه.
والجَادِل من الإِبل: فَوْقَ الرَّاشِح، وكذلك من أَولاد الشَّاءٍ، وهو الذي
قد قَوِي ومَشى مع أُمه، وجَدَل الغلام يَجْدُل جُدُولاً واجْتَدل كذلك.
والأَجدَل: الصَّقْر، صفة غالبة، وأَصله من الجَدْل الذي هو الشِّدَّة،
وهي الأَجادِل، كَسَّروه تكسير الأَسماءِ لغلبة الصفة، ولذلك جعله سيبوبه
مما يكون صفة في بعض الكلام واسماً في بعض اللغات، وقد يقال للأَجدل
أَجْدَليٌّ، ونظيره عَجَمِيٌّ وأَعْجَمِيٌّ؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
كأَنَّ بَني الدعماءِ، إِذ لَحِقُوا بِنا،
فِراخُ القَطَا لاقَيْنَ أَجْدَلَ بازِيَا
الليث: إِذا جَعَلْت الأَجْدل نعتاً قلت صَقْر أَجْدَل وصُقُور جُدْل،
وإِذا تركته اسماً للصَّقْر قلت هذا الأَجْدَل وهي الأَجادل، لأَن
الأَسماء التي على أَفْعَل تجمع على فُعْل إِذا نُعِت بها، فإِذا جعلتها أَسماء
مَحْضة جمعت على أَفَاعل؛ وأَنشد أَبو عبيد:
يَخُوتُونَ أُخْرى القَوْم خَوْتَ الأَجَادل
أَبو عبيد: الأَجادل الصُّقُور، فإِذا ارتفع عنه فهو جادل. وفي حديث
مطرف: يَهْوِي هُوِيَّ الأَجادل؛ هي الصقور، واحدها أَجدل والهمزة فيه
زائدة. والأَجدل: اسم فرس أَبي ذَرٍّ الغِفاري، رحمه افيفي ، على التشبيه بما
تقدم.
وجَدَالة الخَلْق: عَصْبُه وطَيُّه؛ ورَجل مَجْدول وامرأَة مجدولة.
والجَدَالة: الأَرض لشِدَّتها، وقيل: هي أَرض ذات رمل دقيق؛ قال الراجز:
قد أَرْكَب الآلَةَ بعد الآله،
وأَتْرُك العَاجِزَ بالجَدَاله
والجَدْل: الصَّرْع. وجَدَله جَدْلاً وجَدَّله فانْجدل وتَجَدَّل:
صَرَعه على الجَدَالة وهو مجدول، وقد جَدَلْتُه جَدْلاً، وأَكثر ما يقال
جَدَّلْته تَجْديلاً، وقيل للصَّرِيع مُجَدَّل لأَنه يُضْرَع على الجَدَالة.
الأَزهري: الكلام المعتمد: طَعَنَه فَجَدَّله. وفي الحديث: أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، قال: أَنا خاتم النبيين في أُم الكتاب وإِن آدم
لَمُنْجَدِل في طينته؛ شمر: المنجدل الساقط، والمُجَدَّل المُلْقى بالجَدَالة،
وهي الأَرض؛ ومنه حديث ابن صياد: وهو مُنْجَدِل في الشمس، وحديث علي حين
وقف على طلحة وهو قتيل فقال: أَعْزِزْ عَلَيَّ أَبا محمد أَن أَراك
مُجَدَّلاً تحت نُجوم السماء أَي مُلْقىً على الأَرض قَتيلاً. وفي حديث معاوية
أَنه قال لصعصعة: ما مرَّ عليك جَدَّلتْه أَي رميته وصرعته؛ وقال
الهذلي:مُجَدَّل يَتَكَسَّى جِلْدُه دَمَه،
كما تَقَطَّرَ جِذْعُ الدَّوْمة القُطُلُ
يقال: طعنه فجدَله أَي رماه بالأَرض فانجدل سَقَط. يقال: جَدَلتْه،
بالتخفيف، وجَدَّلته، بالتشديد، وهو أَعم. وعَنَاق جَدْلاء: في أُذُنها
قِصَر. والجَدَالة: البَلْحة إِذا اخْضَرَّت واستدارت، والجمع جَدَالٌ؛ قال
بعض أَهل البادية ونسبه ابن بري للمخبل السعدي:
وسارت إِلى يَبْرِينَ خَمْساً، فأَصْبَحَتْ
يَخِرُّ على أَيدي السُّقَاة جَدَالُها
قال أَبو الحسن: قال لي أَبو الوفاء الأَعرابي جَدَالها ههنا أَولادُها،
وإِنما هو للبلح فاستعاره. قال ابن الأَعرابي: الجَدَالة فوق البَلَحة،
وذلك إِذا جَدَلَتْ نَوَاتُها أَي اشتدَّت، واشتُقَّ جُدول، ولد الظبية،
من ذلك؛ قال: ولا أَدري كيف قال إِذا جَدَلَت نواتها لأَن الجَدَالة لا
نواة لها، وقال مرَّة: سمِّيت البُسْرَة جَدَالة لأَنها تشتد نواتها
وتستتم قبل أَن تُزْهِي، شبهت بالجَدَالة وهي الأَرض. الأَصمعي: إِذا اخضرَّ
حَبُّ طَلْع النخيل واستدار قبل أَن يشتد فإِن أَهل نجد يسمونه الجَدَال.
وجَدَل الحَبُّ في السنبل يَجْدُل: وقع فيه؛ عن أَبي حنيفة، وقيل قَوِي.
والمِجْدَل: القَصْر المُشْرِف لوَثَاقَة بنائه، وجمعه مَجَادل؛ ومنه قول
الكميت:
كَسَوْتُ العِلافِيَّاتِ هُوجاً كأَنَّها
مَجَادِلُ، شدَّ الراصفون اجْتِدَالَها
والاجتدال: البنيان، وأَصل الجَدْل الفَتْل؛ وقال ابن بري: ومثله لأَبي
كبير:
في رأُس مُشْرِفة القَذال، كأَنما
أَطْرُ السحابِ بها بَياضُ المِجْدَل
وقال الأَعشى:
في مِجْدَلٍ شُدِّدَ بنيانُه،
يَزِلُّ عنه ظُفُرُ الطائر
(* في الصحاح: شيّد)
ودِرْع جَدْلاءُ ومَجْدولة: مُحْكَمة النسج. قال أَبو عبيد: الجَدْلاء
والمجدولة من الدروع نحوُ المَوْضونة وهي المنسوجة، وفي الصحاح: وهي
المحكمة؛ وقال الحطيئة:
فيه الجِيَادُ، وفيه كل سابغة
جَدْلاءُ مُحْكمة من نَسْج سَلاَّم
الليث: جمع الجَدْلاء جُدْل. وقد جُدِلَت الدروعُ جُدْلاً إِذا أُحكمت.
شمر: سمِّيت الدُّروع جَدْلاً ومجدولة لإِحكام حَلَقِها كما يقال حَبْل
مجدول مفتول؛ وقول أَبي ذؤَيب:
فهن كعِقْبان الشَّرِيج جَوَانِحٌ،
وهم فوقها مُسْتَلْئِمو حَلَق الجَدْل
أَراد حَلَق الدرع المجدولة فوضع المصدر موضع الصفة الموضوعة موضع
المَوصوف. والجَدْل: أَن يُضْرب عُرْضُ الحَديد حتى يُدَمْلَج، وهو أَن تضرب
حروفه حتى تستدير. وأُذُن جَدْلاء: طويلة ليست بمنكسرة، وقيل: هي
كالصَّمْعاءِ إِلاَّ أَنها أَطول، وقيل: هي الوَسَط من الآذان.
والجِدْل والجَدْل: ذَكَر الرجل، وقد جَدَل جُدولاً فهو جَدِل وجَدْل
عَرْدٌ؛ قال ابن سيده: وأُرى جَدِلاً على النسب. ورأَيت جَدِيلَةَ رَأْيه
أَي عزيمتَه. والجَدَل: اللَّدَدُ في الخُصومة والقدرةُ عليها، وقد جادله
مجادلة وجِدالاً. ورجل جَدِل ومِجْدَل ومِجْدال: شديد الجَدَل. ويقال:
جادَلْت الرجل فجَدَلته جَدْلاً أَي غلبته. ورجل جَدِل إِذا كان أَقوى في
الخِصام. وجادَله أَي خاصمه مُجادلة وجِدالاً، والاسم الجَدَل، وهو شدَّة
الخصومة. وفي الحديث: ما أُوتَي الجَدَل قومٌ إِلاَّ ضَلُّوا؛ الجَدَل:
مقابلة الحجة بالحجة؛ والمجادلة: المناظرة والمخاصمة، والمراد به في
الحديث الجَدَلُ على الباطل وطَلَبُ المغالبة به لا إَظهار الحق فإِن ذلك
محمود لقوله عز وجل: وجادلهم بالتي هي أَحسن. ويقال: إِنه لَجَدِل إِذا كان
شديد الخِصام، وإِنه لمجدول وقد جادل. وسورة المُجادَلة: سورة قد سمع الله
لقوله: قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إِلى الله؛ وهما
يَتَجادلان في ذلك الأَمر. وقوله تعالى: ولا جِدال في الحج؛ قال أَبو
إِسحق: قالوا معناه لا ينبغي للرجل أَن يجادل أَخاه فيخرجه إِلى ما لا ينبغي.
والمَجْدَل: الجماعة من الناس؛ قال ابن سيده: أُراه، لأَن الغالب عليهم
إِذا اجتمعوا أَن يتجادلوا؛ قال العجاج:
فانْقَضَّ بالسَّيْر ولا تَعَلَّلِ
بِمَجْدَل، ونِعْم رأْسُ المَجْدَلِ
والجَدِيلة: شَرِيجة الحمام ونحوها، ويقال لصاحب الجَدِيلة: جَدَّال،
ويقال: رجل جَدَّال بَدَّال منسوب إِلى الجَدِيلة التي فيها الحَمام.
والجَدَّال: الذي يَحْصُر الحَمام في الجَدِيلة. وحَمام جَدَليٌّ: صغير ثقيل
الطيران لصغره. ويقال للرجل الذي يأْتي بالرأْي السَّخِيف: هذا رأْي
الجَدّالين والبَدّالين، والبَدَّال الذي ليس له مال إِلاَّ بقدر ما يشتري به
شيئاً، فإِذا باعه اشترى به بَدَلاً منه فمسي بَدَّالاً. والجَدِيلة:
القَبِيلة والناحية. وجَدِيلة الرجل وجَدْلاؤُه: ناحيته. والقوم على جَدِيلة
أَمرهم أَي على حالهم الأَول. وما زال على جَدِيلة واحدة أَي على حال
واحدة وطريقة واحدة. وفي التنزيل العزيز: قل كُلٌّ يعمَلُ على شاكِلَتِه؛
قال الفراء: الشاكلة الناحية والطريقة والجَدِيلة، معناه على جَدِيلته أَي
طريقته وناحيته؛ قال: وسمعت بعض العرب يقول: وعَبْدُ الملك إِذ ذاك على
جَدِيلته وابن الزبير على جَدِيلته، يريد ناحيته. ويقال: فلان على
جَدِيلته وجَدْلائه كقولك على ناحيته. قال شمر: ما رأَيت تصحيفاً أَشبه بالصواب
مما قرأَ مالك بن سليمان عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: قل كلٌّ يعمل
على شاكِلَته، فصحَّف فقال على حَدٍّ يَلِيه، وإِنما هو على جَدِيلته أَي
ناحيته وهو قريب بعضه من بعض. والجَدِيلة: الشاكلة. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: كَتَب في العبد إِذا غزا على جَدِيلته لا ينتفع مولاه بشيء من
خدمته فأَسْهِم له؛ الجَدِيلة: الحالة الأُولى. وركب جَدِيلة رأْيه أَي
عَزيمَته، أَراد أَنه إِذا غَزا منفرداً عن مولاه غير مشغول بخدمته عن الغزو.
والجَدِيلة: الرَّهْط وهي من أَدَم كانت تُصنع في الجاهلية يأْتَزِر بها
الصبيان والنساء الحُيَّض.
ورجل أَجْدَل المَنْكِب: فيه تَطَأْطؤ وهو خلاف الأَشْرَف من المناكب؛
قال الأَزهري: هذا خطأْ والصواب بالحاء، وهو مذكور في موضعه، قال: وكذلك
الطائر، قال بعضهم: به سُمِّي الأَجْدَل والصحيح ما تقدم من كلام
سيبويه.ابن سيده: الجَدِيلة الناحية والقبيلة. وجَدِيلة: بطن من قيس منهم فَهْم
وعَدْوان، وقيل: جَدِيلة حيٌّ من طيِّء وهو اسم أُمهم وهي جَدِيلة بنت
سُبَيْع ابن عمرو بن حِمَيْر، إِليها ينسبون، والنسبة إِليهم جَدَليٌّ مثل
ثَقَفيٍّ.
وجَدِيل: فَحْل لمَهْرة بن حَيْدان، فأَما قولهم في الإِبل جَدَلية
فقيل: هي منسوبة إِلى هذا الفحل، وقيل: إِلى جَديلة طيِّء، وهو القياس، وينسب
إِليهم فيقال: جَدَلِيٌّ. الليث: وجَدِيلة أَسَدٍ قبيلة أُخرى. وجَدِيل
وشَدْقَم: فَحْلان من الإِبل كانا للنعمان ابن المنذر.
والجَدْوَل: النهر الصغير، وحكى ابن جني جِدْوَل، بكسر الجيم، على مثال
خِرْوَع. الليث: الجَدْوَل نهر الحوض ونحو ذلك من الأَنهار الصغار يقال
لها الجَداوِل. وفي حديث البراء في قوله عز وجل: قد جعل ربك تحتك
سَرِيًّا، قال: جَدْوَلاً وهو النهر الصغير. والجَدْوَل أَيضاً: نهر
معروف.
جدن: جَدَنٌ: موضع. وذو جَدَنٍ: قَيْلٌ من أَقيال حِمْير، وقيل: من
مَقاوِلة اليَمَن، وفي التهذيب: اسم ملك من ملوك حِمْيَر؛ قال الأَصمعي:
وأَنشد أَبو عمرو بن العلاء الكلابي:
لو أَنَّني كنتُ من عادٍ ومن إِرَمٍ
غَذِيَّ بَهْم ولُقْماناً وذا جَدَنِ.
ابن الأَعرابي: أَجْدَنَ الرجلُ إذا استغنى بعد فقر.
كفت: الكَفْتُ: صَرْفُكَ الشيءَ عن وَجْهه.
كَفَته يَكْفِتُه كَفْتاً فانْكَفَتَ أَي رَجَعَ راجعاً. وكَفَتَه عن
وَجْهه أَي صَرَفه. وفي حديث عبد الله بن عمر: صلاةُ الأَوَّابين ما بين
أَن يَنْكَفِتَ أَهلُ المَغْرب إِلى أَن يَثُوبَ أَهلُ العُشَراء أَي
يَنْصرِفوا إِلى مَنازلهم. وكَفَتَ يَكْفِتُ كَفْتاً وكَفَتاناً وكِفاتاً:
أَسْرَع في العَدْوِ والطَّيَرانِ وتَقَبَّضَ فيه. والكَفَتانُ من العَدْوِ
والطيران: كالحَيَدانِ في شِدَّة. وفرسٌ كَفْتٌ: سريع؛ وفَرَسٌ كَفِيتٌ
وقَبيضٌ؛ وعَدْوٌ كَفيتٌ أَي سَريع؛ قال رؤْبة:
تَكادُ أَيْديها تَهاوى في الزَّهَقْ،
من كَفْتِها شَدًّا، كإِضْرامِ الحَرَقْ
قال الأَزهري: والكَفْتُ في عَدْوِ ذي الحافر سُرْعةُ قَبْضِ اليَدِ.
الجوهري: الكَفْتُ السَّوْقُ الشَّديد. ورجل كَفْتٌ وكَفِيتٌ: سريع خفيفٌ
دَقيقٌ، مثلُ كَمْشٍ وكَمِيشٍ. وعَدْوٌ كَفِيتٌ وكِفاتٌ: سريعٌ. ومَرُّ
كَفِيتٌ وكِفاتٌ: سريعٌ؛ قال زهير:
مَرًّا كِفاتاً، إِذا ما الماءُ أَسْهَلَها،
حتى إِذا ضُرِبَتْ بالسَّوْطِ تَبْتَرِكُ
وكافَتَهُ: سابَقَهُ.
والكَفِيتُ: الصاحب الذي يُكافِتُكَ أَي يُسابِقُك. والكَفِيتُ: القُوتُ
من العَيْش؛ وقيل: ما يُقِيمُ العَيْشَ. والكَفِيتُ: القُوَّةُ على
النكاح. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: حُبِّبَ إِليّ
النساءُ والطِّيبُ، ورُزِقْتُ الكَفِيتَ أَي ما أَكْفِتُ به مَعِيشَتي أَي
أَضُمُّها وأُصْلِحُها؛ وقيل في تفسير رُزِقْتُ الكَفِيتَ أَي القُوَّة على
الجماع؛ وقال بعضهم في قوله رُزِقْتُ الكَفِيتَ: إِنها قِدْرٌ أُنزلت له
من السماء، فأَكل منها وقَوِيَ على الجماع، كما يروى في الحديث الآخر
الذي يروي أَنه قال: أَتاني جبريلُ بقِدْرٍ يقالُ لها الكَفِيتُ، فوَجَدْتُ
قوَّة أَرْبَعِينَ رجلاً في الجماع.
والكِفْتُ، بالكسر: القِدْرُ الصغيرة، على ما سنذكره في هذا الفصل؛ ومنه
حديث جابر: أُعْطِيَ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، الكَفِيتَ؛ قيل
للحَسَنِ: وما الكَفِيتُ؟ قال: البِضَاعُ. الأَصمعي: إِنه ليَكْفِتُني عن
حاجَتي ويَعْفِتُني عنها أَي يَحْبِسُني عنها. وكَفَتَ الشيءَ يَكْفِتُه
كَفْتاً، وكَفَّتَه: ضَمَّه وقَبَضَه؛ قال أَبو ذؤَيب:
أَتَوْها بِريحٍ حاوَلَتْهُ، فأَصْبَحَتْ
تُكَفَّتُ قد حَلَّتْ، وساغَ شَرابُها
ويقال: كَفَتَه اللهُ أَي قَبَضه اللهُ.
والكِفاتُ: الموضعُ الذي يُضَمُّ فيه الشيءُ ويُقْبَضُ. وفي التنزيل
العزيز: أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرضَ كِفاتاً أَحْياءَ وأَمواتاً. قال ابن سيده:
هذا قول أَهل اللغة، قال: وعندي أَن الكِفاتَ هنا مصدر من كَفَتَ إِذا
ضَمَّ وقَبَضَ، وأَنَّ أَحْياءً وأَمواتاً مُنْتَّصَبٌ به أَي ذاتَ كِفاتٍ
للأَحياء والأَموات. وكِفاتُ الأَرضِ: ظَهْرُها للأَحْياءِ، وبَطْنُها
للأَمْواتِ، ومنه قولهم للمنازل: كِفاتُ الأَحياء، وللمقابر: كِفاتُ
الأَمْواتِ. التهذيب: يُريد تَكْفِتُهم أَحياءً على ظَهْرها في دُورهم
ومَنازلهم، وتَكْفِتُهم أَمواتاً في بَطْنها أَي تَحْفَظُهم وتُحْرِزهم، ونَصَبَ
أَحياءً وأَمواتاً بوُقُوع الكِفاتِ عليه، كأَنك قلت: أَلم نجعل الأَرضَ
كِفاتَ أَحياءٍ وأَمواتٍ؟ فإِذا نَوَّنْتَ، نَصَبْتَ. وفي الحديث: يقول
الله، عز وجل، للكرام الكاتبين: إِذا مَرِضَ عَبْدي فاكْتُبوا له مِثْل
ما كان يَعْمَلُ في صِحَّتهِ، حتى أُعافِيَه أَو أَكْفِتَه أَي أَضُمَّه
إِلى القبر؛ ومنه الحديث الآخر: حتى أُطْلِقَه من وَثاقي، أَو أَكْفِتَه
إِليّ. وفي حديث الشعبي: أَنه كان بظَهْر الكُوفةِ فالْتَفَتَ إِلى
بُيوتها، فقال: هذه كِفاتُ الأَحْياء، ثم الْتَفَتَ إِلى المَقْبُرة، فقال:
وهذه كِفاتُ الأَموات؛ يريد تأْويلَ قوله، عز وجل: أَلم نَجْعل الأَرضَ
كِفاتاً أَحياءً وأَمواتاً.
وبَقِيعُ الغَرْقَد يسمى: كَفْتة، لأَنه يُدْفَنُ فيه، فيَقْبِضُ
ويَضُمُّ.
وكافِتٌ: غارٌ كان في جبل يَأْوِي إِليه اللُّصوصُ، يَكْفِتُون فيه
المتاعَ أَي يَضُمُّونه، عن ثعلب، صفةٌ غالبة. وقال: جاءَ رجالٌ إِلى
إِبراهيم بن المُهاجِرِ العَرَبيّ، فقالوا: إِننا نَشْكو إِليك كافِتاً؛
يَعْنُونَ هذا الغارَ.
وكَفَتُّ الشيءَ أَكْفِتُه كَفْتاً إِذا ضَمَمْته إِلى نفسك. وفي
الحديث: نُهِينا أَن نَكْفِتَ الثِّيابَ في الصلاة أَي نَضُمَّها ونَجْمَعَها
من الانتشار، يريد جمعَ الثَّوْب باليدين، عند الركوع والسجود.
وهذا جِرابٌ كَفِيتٌ إِذا كان لا يُضَيِّعُ شيئاً مما يُجْعَل فيه؛
وجِرابٌ كِفْتٌ، مثله.
وتَكَفَّتَ ثوبي إِذا تَشَمَّر وقَلَصَ. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه قال: اكْفِتُوا صبيانَكم، فإِن للشيطان خَطْفةً؛ قال أَبو
عبيد: يعني ضُمُّوهم إِليكم،واحْبِسُوهم في البيوت؛ يريد عند انْتِشار
الظلام.
وكَفَتَ الدِّرْعَ بالسيف يَكْفِتُها، وكَفَّتها: عَلَّقَها به،
فضَّمَها إِليه؛ قال زهير:
خَدْباءُ يَكْفِتُها نِجادُ مُهَنَّدِ
وكلُّ شيء ضَمَمْتَه إِليكَ، فقد كَفَتَّه؛ قال زهير:
ومُقاضةٍ، كالنِّهْيِ تَنْسُجُه الصَّبا،
بَيْضاءَ، كُفِّتَ فَضْلُها بمُهَنَّدِ
يَّصِفُ دِرْعاً عَلَّق لابسُها، بالسيف، فُضُولَ أَسافِلها، فضَمَّها
إِليه؛ وشَدَّده للمبالغة.
قال الأَزهري: المُكْفِتُ الذي يَلْبَسُ دِرْعاً طويلة، فيَضُمُّ
ذَيْلَها بمعاليقَ إِلى عُرًى في وَسَطها، لتَشَمَّرَ عن لابسها. والمُكْفِتُ:
الذي يَلْبَسُ دِرْعَين، بينهما ثوبٌ.
والكَفْتُ: تَقَلُّبُ الشيء ظَهْراً لبَطْنٍ، وبَطْناً لظَهْر.
وانْكَفَتُوا إِلى منازلهم: انْقَلَبُوا.
والكَفْتُ: المَوْتُ؛ يقال: وقَعَ في الناس كَفْتٌ شديد أَي موت.
والكِفْتُ، بالكسر: القِدْر الصغيرة. أَبو الهيثم في الأَمثال لأَبي
عبيد، قال أَبو عبيدة: من أَمثالهم فيمن يظلم إِنساناً ويُحَمِّلُه مكروهاً
ثم يَزيدُه: كِفْتٌ إِلى وَئِيَّةٍ أَي بَلِيَّةٌ إِلى جَنْبِها أُخْرَى؛
قال: والكِفْتُ في الأَصل هي القِدْر الصغيرة، والوَئِيَّةُ هي الكبيرة
من القُدور؛ قال الأَزهري: هكذا رواه كِفْتٌ، بكسر الكاف، وقاله الفراء
كَفْتٌ، بفتح الكاف، للقِدْر؛ قال أَبو منصور: وهما لغتان، كَفْتٌ
وكِفْتٌ.والكَفِيتُ: فرسُ حَسَّانَ بن قَتادة.
كشك: الكَشْكُ: ماء الشعير.
خرج: الخُروج: نقيض الدخول. خَرَجَ يَخْرُجُ خُرُوجاً ومَخْرَجاً، فهو
خارِجٌ وخَرُوجٌ وخَرَّاجٌ، وقد أَخْرَجَهُ وخَرَجَ به. الجوهري: قد يكون
المَخْرَجُ موضعَ الخُرُوجِ. يقال: خَرَجَ مَخْرَجاً حَسَناً، وهذا
مَخْرَجُه. وأَما المُخْرَجُ فقد يكون مصدرَ قولك أَخْرَجَه، والمفعولَ به
واسمَ المكان والوقت، تقول: أَخْرِجْني مُخْرَجَ صِدْقٍ، وهذا مُخْرَجُه،
لأَن الفعل إِذا جاوز الثلاثة فالميم منه مضمومة، مثل دَحْرَجَ، وهذا
مُدَحْرَجُنا، فَشُبِّهَ مُخْرَجٌ ببنات الأَربعة.
والاستخراجُ: كالاستنباط.
وفي حديث بَدْرٍ: فاخْتَرَجَ تَمَراتٍ من قِرْبةٍ أَي أَخْرَجَها، وهو
افْتَعَلَ منه.
والمُخارَجَةُ: المُناهَدَةُ بالأَصابع.
والتَّخارُجُ: التَّناهُدُ؛ فأَما قول الحسين بن مُطَيْرٍ:
ما أَنْسَ، لا أَنْسَ مِنْكُمْ نَظْرَةً شَغَفَتْ،
في يوم عيدٍ، ويومُ العيدِ مَخْرُوجُ
فإِنه أَراد مخروجٌ فيه، فحذف؛ كما قال في هذه القصيدة:
والعينُ هاجِعَةٌ والرُّوح مَعْرُوجُ
أَراد معروج به.
وقوله عز وجل: ذلك يَوْمُ الخُروجِ؛ أَي يوم يخرج الناس من الأَجداث.
وقال أَبو عبيدة: يومُ الخُروجِ من أَسماء يوم القيامة؛ واستشهدَ بقول
العجاج:
أَلَيسَ يَوْمٌ سُمِّيَ الخُرُوجا،
أَعْظَمَ يَوْمٍ رَجَّةً رَجُوجا؟
أَبو إِسحق في قوله تعالى: يوم الخروج أَي يوم يبعثون فيخرجون من
الأَرض. ومثله قوله تعالى: خُشَّعاً أَبصارُهُمُ يَخْرُجون من الأَجْداثِ. وفي
حديث سُوَيْدِ بن عَفَلَةَ: دخل عليَّ عليٌّ، رضي الله عنه، في يوم
الخُرُوج، فإِذا بين يديه فاتُورٌ عليه خُبْزُ السَّمْراء وصحفةٌ فيها
خَطِيفَةٌ. يَوْم الخُروجِ؛ يريد يوم العيد، ويقال له يوم الزينة ويوم المشرق.
وخُبْزُ السَّمْراءِ: الخُشْكارُ، كما قيل لِلُّبابِ الحُوَّارَى
لبياضه.واخْتَرَجَهُ واسْتَخْرجَهُ: طلب إِليه أَن منه أَن يَخْرُجَ. وناقَةٌ
مُخْتَرِجَةٌ إِذا خرجت على خِلْقَةِ الجَمَلِ البُخْتِيِّ. وفي حديث قصة:
أَن الناقة التي أَرسلها الله، عز وجل،آيةً لقوم صالح، عليه السلام، وهم
ثمود، كانت مُخْتَرَجة، قال: ومعنى المختَرَجة أَنها جُبلت على خلقة
الجمل، وهي أَكبر منه وأَعظم.
واسْتُخْرِجَتِ الأَرضُ: أُصْلِحَتْ للزراعة أَو الغِراسَةِ، وهو من ذلك
عن أَبي حنيفة. وخارجُ كلِّ شيءٍ: ظاهرُه. قال سيبويه: لا يُستعمل ظرفاً
إِلا بالحرف لأَنه مخصوص كاليد والرجل؛ وقول الفرزدق:
عَلى حِلْفَةٍ لا أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِماً،
ولا خارِجاً مِن فِيِّ زُورُ كلامِ
أَراد: ولا يخرج خروجاً، فوضع الصفة موضع المصدر لأَنه حمله على عاهدت.
والخُروجُ: خُروجُ الأَديب والسائق ونحوهما يُخَرَّجُ فيَخْرُجُ.
وخَرَجَتْ خَوارجُ فلان إِذا ظهرتْ نَجابَتُهُ وتَوَجَّه لإِبرام
الأُمورِ وإِحكامها، وعَقَلَ عَقْلَ مِثْلِه بعد صباه.
والخارِجِيُّ: الذي يَخْرُجُ ويَشْرُفُ بنفسه من غير أَن يكون له قديم؛
قال كثير:
أَبا مَرْوانَ لَسْتَ بِخارِجيٍّ،
وليس قَديمُ مَجْدِكَ بانْتِحال
والخارِجِيَّةُ: خَيْل لا عِرْقَ لها في الجَوْدَة فَتُخَرَّجُ سوابقَ،
وهي مع ذلك جِيادٌ؛ قال طفيل:
وعارَضْتُها رَهْواً على مُتَتَابِعٍ،
شَديدِ القُصَيْرى، خارِجِيٍّ مُجَنَّبِ
وقيل: الخارِجِيُّ كل ما فاق جنسه ونظائره. قال أَبو عبيدة: من صفات
الخيل الخَرُوجُ، بفتح الخاء، وكذلك الأُنثى، بغير هاءٍ، والجمع الخُرُجُ،
وهو الذي يَطول عُنُقُهُ فَيَغْتالُ بطولها كلَّ عِنانٍ جُعِلَ في لجامه؛
وأَنشد:
كلّ قَبَّاءَ كالهِراوةِ عَجْلى،
وخَروجٍ تَغْتالُ كلَّ عِنانِ
الأَزهري: وأَما قول زهير يصف خيلاً:
وخَرَّجَها صَوارِخَ كلِّ يَوْمٍ،
فَقَدْ جَعَلَتْ عَرائِكُها تَلِينُ
فمعناه: أَن منها ما به طِرْقٌ، ومنها ما لا طِرْقَ به؛ وقال ابن
الأَعرابي: معنى خَرَّجَها أَدَّبها كما يُخَرِّجُ المعلم تلميذه.
وفلانٌ خَرِيجُ مالٍ وخِرِّيجُه، بالتشديد، مثل عِنِّينٍ، بمعنى مفعول
إِذا دَرَّبَهُ وعَلَّمَهُ. وقد خَرَّجَهُ في الأَدبِ فَتَخَرَّجَ.
والخَرْجُ والخُرُوجُ: أَوَّلُ ما يَنْشَأُ من السحاب. يقال: خَرَجَ
لَهُ خُرُوجٌ حَسَنٌ؛ وقيل: خُرُوجُ السَّحَاب اتِّساعُهُ وانْبِساطُه؛ قال
أَبو ذؤَيب:
إِذا هَمَّ بالإِقْلاعِ هَبَّتْ له الصَّبا،
فَعَاقَبَ نَشْءٌ بعْدها وخُرُوجُ
الأَخفش: يقال للماء الذي يخرج من السَّحاب: خَرْجٌ وخُرُوجٌ. الأَصمعي:
يقال أَوَّل ما يَنْشَأُ السحابُ، فهو نَشْءٌ. التهذيب: خَرَجَت السماء
خُروجاً إِذا أَصْحَتْ بعد إِغامَتِها؛ وقال هِمْيان يصف الإِبل
وورودها:فَصَبَّحَتْ جابِيَةً صُهارِجَا؛
تَحْسَبُه لَوْنَ السَّماءِ خارِجَا
يريد مُصْحِياً؛ والسحابةُ تُخْرِجُ السحابةَ كما تُخْرِجُ الظَّلْمَ.
والخَرُوجُ من الإِبل: المِعْناقُ المتقدمة. والخُرَاجُ: ورَمٌ يَخْرُجُ
بالبدن من ذاته، والجمع أَخْرِجَةٌ وخِرْجَانٌ. غيره: والخُرَاجُ ورَمُ
قَرْحٍ يخرج بداية أَو غيرها من الحيوان. الصحاح: والخُرَاجُ ما يَخْرُجُ
في البدن من القُرُوح.
والخَوَارِجُ: الحَرُورِيَّةُ؛ والخَارِجِيَّةُ: طائفة منهم لزمهم هذا
الاسمُ لخروجهم عن الناس. التهذيب: والخَوَارِجُ قومٌ من أَهل الأَهواء
لهم مَقالَةٌ على حِدَةٍ.
وفي حديث ابن عباس أَنه قال: يَتَخَارَجُ الشَّريكانِ وأَهلُ الميراث؛
قال أَبو عبيد: يقول إِذا كان المتاع بين ورثة لم يقتسموه أَو بين شركاء،
وهو في يد بعضهم دون بعض، فلا بأْس أَن يتبايعوه، وإِن لم يعرف كل واحد
نصيبه بعينه ولم يقبضه؛ قال: ولو أَراد رجل أَجنبي أَن يشتري نصيب بعضهم
لم يجز حتى يقبضه البائع قبل ذلك؛ قال أَبو منصور: وقد جاءَ هذا عن ابن
عباس مفسَّراً على غير ما ذكر أَبو عبيد. وحدَّث الزهري بسنده عن ابن عباس،
قال: لا بأْس أَن يَتَخَارَج القومُ في الشركة تكون بينهم فيأْخذ هذا
عشرة دنانير نقداً، ويأْخذ هذا عشرة دنانير دَيْناً. والتَّخارُجُ:
تَفاعُلٌ من الخُروج، كأَنه يَخْرُجُ كلُّ واحد من شركته عن ملكه إِلى صاحبه
بالبيع؛ قال: ورواه الثوري بسنده على ابن عباس في شريكين: لا بأْس أَن
يتخارجا؛ يعني العَيْنَ والدَّيْنَ؛ وقال عبد الرحمن بن مهدي: التخارج أَن
يأْخذ بعضهم الدار وبعضهم الأَرض؛ قال شمر: قلت لأَحمد: سئل سفيان عن أَخوين
ورثا صكّاً من أَبيهما، فذهبا إِلى الذي عليه الحق فتقاضياه؛ فقال: عندي
طعام، فاشتريا مني طعاماً بما لكما عليَّ، فقال أَحد الأَخوين: أَنا آخذ
نصيبي طعاماً؛ وقال الآخر: لا آخذ إِلاّ دراهم، فأَخذ أَحدهما منه عشرة
أَقفرة بخمسين درهماً بنصيبه؛ قال: جائز، ويتقاضاه الآخر، فإِن تَوَى ما
على الغريم، رجع الأَخ على أَخيه بنصف الدراهم التي أَخذ، ولا يرجع
بالطعام. قال أَحمد: لا يرجع عليه بشيء إِذا كان قد رضي به، والله
أَعلم.وتَخَارَجَ السَّفْرُ: أَخْرَجُوا نفقاتهم.
والخَرْجُ والخَرَاجُ، واحدٌ: وهو شيء يُخْرِجُه القومُ في السَّنَةِ
مِن مالهم بقَدَرٍ معلوم. وقال الزجاج: الخَرْجُ المصدر، والخَرَاجُ: اسمٌ
لما يُخْرَجُ. والخَرَاجُ: غَلَّةُ العبد والأَمة. والخَرْجُ والخَراج:
الإِتاوَةُ تُؤْخذ من أَموال الناس؛ الأَزهري: والخَرْجُ أَن يؤَدي إِليك
العبدُ خَرَاجَه أَي غلته، والرَّعِيَّةُ تُؤَدِّي الخَرْجَ إِلى
الوُلاةِ. وروي في الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: الخَرَاجُ
بالضمان؛ قال أَبو عبيد وغيره من أَهل العلم: معنى الخراج في هذا الحديث
غلة العبد يشتريه الرجلُ فيستغلُّه زماناً، ثم يَعْثُرُ منه على عَيْبٍ
دَلَّسَهُ البائعُ ولم يُطْلِعْهُ عليه، فله رَدُّ العبد على البائع
والرجوعُ عليه بجميع الثمن، والغَّلةُ التي استغلها المشتري من العبد طَيِّبَةٌ
له لأَنه كان في ضمانه، ولو هلك هلك من ماله. وفسر ابن الأَثير قوله:
الخراج بالضمان؛ قال: يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة، عبداً
كان أَو أَمة أَو ملكاً، وذلك أَن يشتريه فيستغله زماناً، ثم يعثر فيه على
عيب قديم، فله رد العين المبيعة وأَخذ الثمن، ويكون للمشتري ما استغله
لأَن المبيع لو كان تلفَ في يده لكان من ضمانه، ولم يكن له على البائع شيء؛
وباء بالضمان متعلقة بمحذوف تقديره الخراج مستحق بالضمان أَي بسببه،
وهذا معنى قول شريح لرجلين احتكما إِليه في مثل هذا، فقال للمشتري: رُدَّ
الداءَ بدائه ولك الغلةُ بالضمان. معناه: رُدَّ ذا العيب بعيبه، وما حصل
في يدك من غلته فهو لك.
ويقال: خَارَجَ فلانٌ غلامَه إِذا اتفقا على ضريبة يَرُدُّها العبدُ على
سيده كلَّ شهر ويكون مُخَلًّى بينه وبين عمله، فيقال: عبدٌ مُخَارَجٌ.
ويُجْمَعُ الخَراجُ، الإِتَاوَةُ، على أَخْراجٍ وأَخَارِيجَ وأَخْرِجَةٍ.
وفي التنزيل: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ. قال
الزجاج: الخَرَاجُ الفَيْءُ، والخَرْجُ الضَّريبَةُ والجزية؛ وقرئ: أَم
تسأَلهم خَرَاجاً. وقال الفراء. معناه: أَمْ تسأَلهم أَجراً على ما جئت
به، فأَجر ربك وثوابه خيرٌ. وأَما الخَرَاجُ الذي وظفه عمرُ بن الخطاب، رضي
الله عنه، على السواد وأَرضِ الفَيْء فإِن معناه الغلة أَيضاً، لأَنه
أَمر بِمَسَاحَةِ السَّوَادِ ودفعها إِلى الفلاحين الذين كانوا فيه على غلة
يؤدونها كل سنة، ولذلك سمي خَراجاً، ثم قيل بعد ذلك للبلاد التي افتتحت
صُلْحاً ووظف ما صولحوا عليه على أَراضيهم: خراجية لأَن تلك الوظيفة
أَشبهت الخراج الذي أُلزم به الفلاَّحون، وهو الغلة، لأَن جملة معنى الخراج
الغلة؛ وقيل للجزية التي ضربت على رقاب أَهل الذِّمَّة: خراج لأَنه كالغلة
الواجبة عليهم. ابن الأَعرابي: الخَرْجُ على الرؤوس، والخَرَاجُ على
الأَرضين. وفي حديث أَبي موسى: مثلُ الأُتْرُجَّةِ طَيِّبٌ رِيحُها، طَيِّبٌ
خَرَاجُها أَي طَعْمُ ثمرها، تشبيهاً بالخَرَاجِ الذي يقع على الأَرضين
وغيرها.
والخُرْجُ: من الأَوعية، معروفٌ، عربيٌّ، وهو هذا الوعاء، وهو جُوالِقٌ
ذو أَوْنَيْنِ، والجمع أَخْراجٌ وخِرَجَةٌ مثلُ جُحْرٍ وجِحَرَة.
وأَرْضٌ مُخَرَّجَةٌ أَي نَبْتُها في مكانٍ دون مكانٍ. وتَخْريجُ
الراعية المَرْتَعَ: أَن تأْكل بعضَه وتترك بعضه. وخَرَّجَت الإِبلُ المَرْعَى:
أَبقت بعضه وأَكلت بعضه.
والخَرَجُ، بالتحريك: لَوْنانِ سوادٌ وبياض؛ نعامة خَرْجَاءُ، وظَلِيمٌ
أَخْرَجُ بَيِّنُ الخَرَجِ، وكَبْشٌ أَخْرَجُ. واخْرَجَّتِ النعامةُ
اخْرِجاجاً، واخْرَاجَّتْ اخْرِيجاجاً أَي صارت خَرْجاءَ. أَبو عمرو:
الأَخْرَجُ من نَعْتِ الظَّلِيم في لونه؛ قال الليث: هو الذي لون سواده أَكثر من
بياضه كلون الرماد. التهذيب: أَخْرَجَ الرجلُ إِذا تزوج بِخِلاسِيَّةٍ.
وأَخْرَجَ إِذا اصْطادَ الخُرْجَ، وهي النعام؛ الذَّكَرُ أَخْرَجُ
والأُنثى خَرْجاءُ، واستعاره العجاج للثوب فقال:
إِنَّا، مُذْكِي الحُرُوبِ أَرَّجا،
ولَبِسَتْ، للْمَوتِ، ثَوباً أَخْرَجا
أَي لبست الحروب ثوباً فيه بياض وحمرة من لطخ الدم أَي شُهِّرَتْ
وعُرِفَتْ كشهرة الأَبلق؛ وهذا الرجز في الصحاح:
ولبست للموت جُلاًّ أَخرجها
وفسره فقال: لبست الحروب جُلاًّ فيه بياض وحمرة. وعامٌ فيه تَخْرِيجٌ
أَي خِصْبٌ وجَدْبٌ. وعامٌ أَخْرَجُ: فيه جَدْبٌ وخِصْبٌ؛ وكذلك أَرض
خَرْجَاءُ وفيها تَخرِيجٌ. وعامٌ فيه تَخْرِيجٌ إِذا أَنْبَتَ بعضُ المواضع
ولم يُنْبِتْ بَعْضٌ. وأَخْرَجَ: مَرَّ به عامٌ نصفُه خِصبٌ ونصفه جَدْبٌ؛
قال شمر: يقال مررت على أَرض مُخَرَّجة وفيها على ذلك أَرْتاعٌ.
والأَرتاع: أَماكن أَصابها مطر فأَنبتت البقل، وأَماكن لم يصبها مطر، فتلك
المُخَرَّجةُ. وقال بعضهم: تخريج الأَرض أَن يكون نبتها في مكان دون مكان، فترى
بياض الأَرض في خضرة النبات. الليث: يقال خَرَّجَ الغلامُ لَوْحَه
تخْريجاً إِذا كتبه فترك فيه مواضع لم يكتبها؛ والكتابٌ إِذا كُتب فترك منه
مواضع لم تكتب، فهو مُخَرَّجٌ. وخَرَّجَ فلانٌ عَمَله إِذا جعله ضروباً
يخالف بعضه بعضاً.
والخَرْجاءُ: قرية في طريق مكة، سمِّيَت بذلك لأَن في أَرضها سواداً
وبياضاً إِلى الحمرة.
والأَخْرَجَةُ: مرحلة معروفة، لونها ذلك.
والنجوم تُخَرِّجُ اللَّوْنَ
(* قوله «والنجوم تخرج اللون إلخ» كذا
بالأصل ومثله في شرح القاموس والنجوم تخرج لون الليل فيتلون إلخ بدليل الشاهد
المذكور.) فَتَلَوَّن بِلَوْنَيْنِ من سواده وبياضها؛ قال:
إِذا اللَّيْلُ غَشَّاها، وخَرَّج لَوْنَهُ
نُجُومٌ، كأَمْثالِ المصابيحِ، تَخْفِقُ
وجَبَلٌ أَخْرَجُ، كذلك. وقارَةٌ خَرْجَاءُ: ذاتُ لَوْنَيْنِ. ونَعْجَةٌ
خَرْجاءٌ: وهي السوداء البيضاءُ إِحدى الرجلين أَو كلتيهما والخاصرتين،
وسائرُهما أَسودُ. التهذيب: وشاةٌ خَرْجاءُ بيضاء المُؤَخَّرِ، نصفها
أَبيض والنصف الآخر لا يضرك ما كان لونه. ويقال: الأَخْرَجُ الأَسْوَدُ في
بياض، والسوادُ الغالبُ. والأَخْرَجُ من المِعْزَى: الذي نصفه أَبيض ونصفه
أَسود. الجوهري: الخَرْجاءُ من الشاء التي ابيضت رجلاها مع الخاصرتين؛
عن أَبي زيد. والأَخْرَجُ: جَبَلٌ معروف للونه، غلب ذلك عليه، واسمه
الأَحْوَلُ. وفرسٌ أَخْرَجُ: أَبيض البطن والجنبين إِلى منتهى الظهر ولم يصعد
إِليه، ولَوْنُ سائره ما كان. والأَخْرَجُ: المُكَّاءُ، لِلَوْنِهِ.
والأَخْرَجانِ: جبلان معروفان، وأَخْرَجَةُ: بئر احتفرت في أَصل
أَحدهما؛ التهذيب: وللعرب بئر احتفرت في أَصل جبلٍ أَخْرَجَ يسمونها أَخْرَجَةَ،
وبئر أُخرى احتفرت في أَصل جبل أَسْوَدَ يسمونها أَسْوَدَةَ، اشتقوا
لهما اسمين من نعت الجبلين. الفراءُ: أَخْرَجَةُ اسم ماءٍ وكذلك أَسْوَدَةُ؛
سميتا بجبلين، يقال لأَحدهما أَسْوَدُ وللآخر أَخْرَجُ.
ويقال: اخْترَجُوه، بمعنى استخرجُوه.
وخَرَاجِ والخَرَاجُ وخَرِيجٌ والتَّخْريجُ، كلُّه: لُعْبةٌ لفتيان
العرب. وقال أَبو حنيفة: الخَرِيجُ لعبة تسمى خَرَاجِ، يقال فيها: خَراجِ
خَرَاجِ مثل قَطامِ؛ وقول أَبي ذؤَيب الهذلي:
أَرِقْتُ له ذَاتَ العِشَاءِ، كأَنَّهُ
مَخَارِيقُ، يُدْعَى تَحْتَهُنَّ خَرِيجُ
والهاء في له تعود على برق ذكره قبل البيت، شبهه بالمخاريق وهي جمع
مِخْرَاقٍ، وهو المِنْديلُ يُلَفُّ ليُضْرَبَ به. وقوله: ذاتَ العِشاءِ أَراد
به الساعة التي فيها العِشاء، أَراد صوت اللاعبين؛ شبه الرعد به؛ قال
أَبو علي: لا يقال خَرِيجٌ، وإِنما المعروف خَراجِ، غير أَن أَبا ذؤيب
احتاج إِلى إِقامة القافية فأَبدل الياءَ مكان الأَلف. التهذيب: الخَرَاجُ
والخَرِيجُ مُخَارجة: لعبة لفتيان الأَعراب.؛ قال الفراء: خَرَاجِ اسم لعبة
لهم معروفة، وهو أَن يمسك أَحدهم شيئاً بيده، ويقول لسائرهم: أَخْرِجُوا
ما في يدي؛ قال ابن السكيت: لعب الصبيان خَرَاجِ، بكسر الجيم، بمنزلة
دَرَاكِ وقَطَامِ.
والخَرْجُ: وادٍ لا مَنفذ فيه، ودارَةُ الخَرْجِ هنالك.
وبَنُو الخَارِجِيَّةِ: بَطْنٌ من العرب ينسبون إِلى أُمّهم، والنسبة
إِليهم خارِجِيٌّ؛ قال ابن دريد: وأَحسبها من بني عمرو بن تميم.
وخارُوجٌ: ضرب من النَّخل.
قال الخليل بن أَحمد: الخُرُوجُ الأَلف التي بعد الصلة في القافية، كقول
لبيد:
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّها فَمُقَامُها
فالقافية هي الميم، والهاء بعد الميم هي الصلة، لأَنها اتصلت بالقافية،
والأَلف التي بعد الهاء هي الخُرُوجُ؛ قال الأَخفَش: تلزم القافية بعد
الروي الخروج، ولا يكون إِلا بحرف اللين، وسبب ذلك أَن هاء الإِضمار لا
تخلو من ضم أَو كسر أَو فتح نحو: ضربه، ومررت به، ولقيتها، والحركات إِذا
أُشبعت لم يلحقها أَبداً إِلا حروف اللين، وليست الهاء حرف لين فيجوز أَن
تتبع حركة هاء الضمير؛ هذا أَحد قولي ابن جني، جعل الخروج هو الوصل، ثم
جعل الخروج غير الوصل، فقال: الفرق بين الخروج والوصل أَن الخروج أَشد
بروزاً عن حرف الروي واكتنافاً من الوصل لأَنه بعده، ولذلك سمي خروجاً لأَنه
برز وخرج عن حرف الروي، وكلما تراخى الحرف في القافية وجب له أَن يتمكن
في السكون واللين، لأَنه مقطع للوقف والاستراحة وفناء الصوت وحسور النفس،
وليست الهاء في لين الأَلف والياء والواو، لأَنهن مستطيلات ممتدات.
والإِخْرِيجُ: نَبْتٌ.
وخَرَاجِ: فَرَسُ جُرَيْبَةَ بن الأَشْيَمِ الأَسدي. والخَرْجُ: اسم
موضع باليمامة. والخَرْجُ: خِلافُ الدَّخْلِ.
ورجل خُرَجَةٌ وُلَجَةٌ مثال هُمَزة أَي كثير الخروج والولوج.
زيد بن كثوة: يقال فلانٌ خَرَّاجٌ وَلاّجٌ؛ يقال ذلك عند تأْكيد
الظَّرْفِ والاحتيال. وقيل: خَرّاجٌ وَلاّجٌ إِذا لم يسرع في أَمر لا يسهل له
الخروج منه إِذا أَراد ذلك.
وقولهم: أَسْرَعُ من نِكاحِ أُمِّ خارجَةَ، هي امرأَة من بَجِيلَةَ،
ولدت كثيراً في قبائلَ من العرب، كانوا يقولون لها: خِطْبٌ فتقول: نِكْحٌ
وخارجةُ ابنها، ولا يُعْلَمُ ممن هو؛ ويقال: هو خارجة بن بكر بن يَشْكُرَ
بن عَدْوانَ بن عمرو بن قيس عَيْلانَ.
وخَرْجاءُ: اسمُ رَكِيَّة بعينها.
وخَرْجٌ: اسم موضع بعينه.
خطر: الخاطِرُ: ما يَخْطُرُ في القلب من تدبير أَو أَمْرٍ. ابن سيده:
الخاطر الهاجس، والجمع الخواطر، وقد خَطَرَ بباله وعليه يَخْطِرُ
ويَخْطُرُ، بالضم؛ الأَخيرة عن ابن جني، خُطُوراً إِذا ذكره بعد نسيان. وأَخْطَرَ
الله بباله أَمْرَ كذا، وما وَجَدَ له ذِكْراً إِلاَّ خَطْرَةً؛ ويقال:
خَطَر ببالي وعلى بالي كذا وكذا يِخْطُر خُطُوراً إِذا وقع ذلك في بالك
ووَهْمِك. وأَخْطَرَهُ اللهُ ببالي؛ وخَطَرَ الشيطانُ بين الإِنسان وقلبه:
أَوصل وَسْواسَهُ إِلى قلبه. وما أَلقاه إِلاَّ خَطْرَةً بعد خَطْرَةٍ
أَي في الأَحيان بعد الأَحيان، وما ذكرته إِلاَّ خَطْرَةً واحدةً. ولَعِبَ
الخَطْرَةَ بالمِخْراق.
والخَطْرُ: مصدر خَطَرَ الفحلُ بذنبه يَخْطِرُ خَطْراً وخَطَراناً
وخَطِيراً: رَفَعَهُ مرة بعد مرة، وضرب به حاذيْهِ، وهما ما ظهر من فَخِذيْه
حيث يقع شَعَرُ الذَّنَبِ، وقيل: ضرب به يميناً وشمالاً. وناقةٌ
خَطَّارَةٌ: تَخْطِرُ بذنبها. والخَطِيرُ والخِطَارُ: وَقْعُ ذنب الجمل بين
وَرَكَيْهِ إِذا خَطَرَ؛ وأَنشد:
رَدَدْنَ فَأَنْشَفْنَ الأَزِمَّةَ بعدما
تَحَوَّبَ، عن أَوْراكِهِنَّ، خَطِيرُ
والخاطِرُ: المُتَبَخْتِرُ؛ يقال: خَطَرَ يَخْطِرُ إِذا تَبَخْتَرَ.
والخَطِيرُ والخَطَرَانُ عند الصَّوْلَةِ والنَّشَاطِ، وهو التَّصَاوُل
والوعيد؛ قال الطرماح:
بالُوا مَخافَتَهُمْ على نِيرانِهِمْ،
واسْتَسْلَمُوا، بعد الخَطِيرِ، فَأَُخْمِدُوا
التهذيب: والفحل يَخْطِرُ بذنبه عند الوعيد من الخُيَلاءِ. وفي حديث
مَرْحَبٍ: فخرج يَخْطِرُ بسيفه أَي يَهُزُّهُ مُعْجباً بنفسه مُتَعَرِّضاً
للمــبارزة، أَو أَنه كان يَخْطِرُ في مشيه أَي يتمايل ويمشي مِشْيَةَ
المُعْجبِ وسيفه في يده، يعني كان يَخْطِرُ وسيفه معه، والباء للملابسة.
والناقةُ الخَطَّارَةُ: تَخْطِرُ بذنبها في السير نشاطاً. وفي حديث الاستسقاء:
والله ما يَخْطِرُ لنا جمل؛ أَي ما يحرك ذنبه هُزَالاً لشدة القَحْطِ
والجَدْبِ؛ يقال: خَطَرَ البعيرُ بذنبه يَخْطِرُ إِذا رفعه وحَطَّهُ،
وإِنما يفعل ذلك عند الشَّبَعِ والسِّمَنِ؛ ومنه حديث عبد الملك لما قَتَلَ
عَمْرو بْنَ سَعِيدٍ: والله: لقد قَتَلْتُه، وإِنه لأَعز عليّ من جِلْدَةِ
ما بَيْنَ عَيْنَيَّ، ولكن لا يَخْطِرُ فحلانِ في شَوْلٍ؛ وفي قول
الحجاج لما نَصَبَ المِنْجَنيقَ على مكة:
خَطَّارَةٌ كالجَمَلِ الفَنِيقِ
شبه رميها بِخَطَرَانِ الفحل. وفي حديث سجود السهو: حتى يَخْطِرَ
الشيطانُ بين المرء وقلبه؛ يريد الوسوسة. وفي حديث ابن عباس: قام نبيّ الله
يوماً يصلي فَخَطَر خَطْرَةً، فقال المنافقون: إِن له قلبين. والخَطِيرُ:
الوعيد والنشاط؛ وقوله:
هُمُ الجَبَلُ الأَعْلَى، إِذا ما تَنَاكَرَتْ
مُلُوكُ الرِّجالِ، أَو تَخاطَرَتِ البُزْلُ
يجوز أَن يكون من الخطير الذي هو الوعيد، ويجوز أَن يكون من قولهم
خَطَرَ البعير بذنبه إِذا ضرب به. وخَطَرَانُ الفحل من نشاطه، وأَما خطران
الناقة فهو إِعلام للفحل أَنها لاقح. وخَطَرَ البعير بذنبه يَخْطِرُ،
بالكسر، خَطْراً، ساكن، وخَطَرَاناً إِذا رفعه مرة بعد مرة وضرب به فخذيه.
وخَطَرَانُ الرجلِ: اهتزازُه في المشي وتَبَخْتُرُه. وخَطَر بسيفه ورمحه
وقضيبه وسوطه يَخْطِرُ خَطَراناً إِذا رفعه مرة ووضعه أُخْرَى. وخَطَرَ في
مِشْيَتِه يَخْطِرُ خَطِيراً وخَطَراناً: رفع يديه ووضعهما. وقيل: إِنه
مشتق من خَطَرانِ البعير بذنبه، وليس بقويّ، وقد أَبدلوا من خائه غيناً
فقالوا: غَطَرَ بذنبه يَغْطِرُ، فالغين بدل من الخاء لكثرة الخاء وقلة الغين،
قال ابن جني: وقد يجوز أَن يكونا أَصلين إِلاَّ أَنهم لأَحدهما أَقلُّ
استعمالاً منهم للآخر. وخَطَرَ الرجلُ بالرَّبِيعَةِ يَخْطُر خَطْراً:
رفعها وهزها عند الإِشالَةِ؛ والرَّبِيعَةُ: الحَجَرُ الذي يرفعه الناس
يَخْتَبِرُونَ بذلك قُواهُمْ.
الفراء: الخَطَّارَةُ حَظِيرَةُ الإِبل.
والخَطَّارِ: العطَّار؛ يقال: اشتريت بَنَفْسَجاً من الخَطَّارِ.
والخَطَّارُ: المِقْلاعُ؛ وأَنشد:
جُلْمُودُ خَطَّارٍ أُمِرَّ مِجْذَبُهْ
ورجل خَطَّارٌ بالرمحِ: طَعَّانٌ به؛ وقال:
مَصالِيتُ خَطَّارونَ بالرُّمْحِ في الوَغَى
ورمح خَطَّارٌ: ذو اهتزاز شديد يَخْطِرُ خَطَراناً، وكذلك الإِنسان إِذا
مشى يَخْطِرُ بيديه كثيراً. وخَطَرَ الرُّمْحُ يَخْطِرُ: اهْتَزَّ، وقد
خَطَرَ يَخْطِرُ خَطَراناً.
والخَطَرُ: ارتفاعُ القَدْرِ والمالُ والشرفُ والمنزلة. ورجلٌ خَطِيرٌ
أَي له قَدْرٌ وخَطَرٌ، وقد خَطُرَ، بالضم، خُطُورَةً. ويقال: خَطَرانُ
الرمح ارتفاعه وانخفاضه للطعن. ويقال: إِنه لرفيع الخَطَرِ ولئيمه. ويقال:
إِنه لعظيم الخَطَرِ وصغير الخَطَرِ في حسن فعاله وشرفه وسوء فعاله
ولؤمه. وخَطَرُ الرجلِ: قَدْرُه ومنزلته، وخص بعضهم به الرفعة، وجمعه
أَخْطارٌ. وأَمْرٌ خَطِيرٌ: رفيعٌ. وخَطُرَ يَخْطُرُ خَطَراً وخُطُوراً إِذا
جَلَّ بعد دِقَّةٍ. والخَطِيرُ من كل شيء: النَّبِيلُ. وهذا خَطِيرٌ لهذا
وخَطَرٌ له أَي مِثْلٌ له في القَدْرِ، ولا يكون إِلاَّ في الشيء المَزِيزِ؛
قال: ولا يقال للدون إِلاَّ للشيء السَّرِيِّ. ويقال للرجل الشريف: هو
عظيم الخَطَرِ. والخَطِيرُ: النَّظِيرُ. وأَخْطَرَ به: سَوَّى.
وأَخْطَرَهُ: صار مثله في الخَطَرِ. الليث: أُخْطِرْتُ لفلان أَي صُيِّرْتُ نظيره
في الخَطَرِ. وأَخْطَرَني فلانٌ، فهو مُخْطِرٌ إِذا صار مثلك في الخَطَرِ.
وفلانٌ ليس له خَطِيرٌ أَي ليس له نظير ولا مثل. وفي الحديث: أَلا هل
مُشَمِّرٌ للجنة فإِن الجنة لا خَطَرَ لها؛ أَي لا عِوَضَ عنها ولا مِثْلَ
لها؛ ومنه: أَلاَّ رَجُلٌ يُخاطِرُ بنفسه وماله؛ أَي يلقيها في
الهَلَكَةِ بالجهاد. والخَطَرُ، بالتحريك: في الأَصل الرهن، وما يُخاطَرُ عليه
ومِثْلُ الشيء وَعَدِلْهُ، ولا يقال إِلاَّ في الشيء الذي له قدر ومزية؛
ومنه حديث عمر في قسمة وادِي القُرَى: وكان لعثمان فيه خَطَرٌ ولعبد الرحمن
خَطَرٌ أَي حظ ونصيب؛ وقول الشاعر:
في ظِلِّ عَيْشٍ هَنِيٍّ ماله خَطَرُ
أَي ليس له عَِدْلٌ. والخَطَرُ: العَِدْلُ؛ يقال: لا تجعل نفسك خَطَراً
لفلان وأَنت أَوْزَنُ منه. والخَطَرُ: السَّبَقُ الذي يترامى عليه في
التراهن، والجمع أَخْطارٌ. وأَخْطَرَهُمْ خَطَراً وأَخْطَرَه لهم: بذل لهم
من الخَطَرِ ما أَرضاهم. وأَخْطَرَ المالَ أَي جعله خَطَراً بين
المتراهنين. وتَخاطَرُوا على الأَمر: تراهنوا؛ وخاطَرَهم عليه: راهنهم. والخَطَرُ؛
الرَّهْنُ بعينه. والخَطَرُ: ما يُخاطَرُ عليه؛ تقول: وَضَعُوا لي
خَطَراً ثوباً ونحو ذلك؛ والسابق إِذا تناول القَصَبَةَ عُلِمَ أَنه قد
أَحْرَزَ الخَطَرَ. والخَطَرُ والسَّبَقُ والنَّدَبُ واحدٌ، وهو كله الذي يوضع
في النِّضالِ والرِّهانِ، فمن سَبَقَ أَخذه، ويقال فيه كله: فَعَّلَ،
مشدّداً، إِذا أَخذه؛ وأَنشد ابن السكيت:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ، ولم أَقُمْ
على نَدَبٍ يوماً، ولي نَفْسُ مُخْطِرِ؟
والمُخْطِرُ: لذي يجعل نفسه خَطَراً لِقِرْنِه فيــبارزه ويقاتله؛ وقال:
وقلتُ لمن قد أَخْطَرَ الموتَ نَفْسَه:
أَلا مَنْ لأَمْرٍ حازِمٍ قد بَدَا لِيَا؟
وقال أَيضاً:
أَين عَنَّا إِخْطارُنا المالَ والأَنْـ
ـفُسَ، إِذ ناهَدُوا لِيَوْمِ المِحَالِ؟
وفي حديث النعمان بن مُقَرِّنٍ أَنه قال يوم نَهاوَنْدَ، حين التقى
المسلمون مع المشركين: إِن هؤلاء قد أَخْطَرُوا لكم رِثَةً ومَتاعاً،
وأَخْطَرتم لهم الدِّينَ، فَنافِحُوا عن الدين؛ الرِّثَةُ: رَدِيء المتاع، يقول:
شَرَطُوها لكم وجعلوها خَطَراً أَي عِدْلاً عن دينكم، أَراد أَنهم لم
يُعَرِّضُوا للهلاك إِلاَّ متاعاً يَهُونُ عليهم وأَنتم قد عَرَّضْتُمْ لهم
أَعظم الأَشياء قَدْراً، وهو الإِسلام.
والأَخطارُ من الجَوْزِ في لَعِب الصبيان هي الأَحْرازُ، واحدها خَطَرٌ.
والأَخْطارُ: الأَحْرازُ في لعب الجَوْز.
والخَطَرُ: الإِشْرافُ على هَلَكَة. وخاطَرَ بنفسه يُخاطِرُ: أَشْفَى
بها على خَطَرِ هُلْكٍ أَو نَيْلِ مُلْكٍ. والمَخاطِرُ: المراقي. وخَطَرَ
الدهرُ خَطَرانَهُ، كما يقال: ضرب الدهرُ ضَرَبانَهُ؛ وفي التهذيب: يقال
خَطَرَ الدهرُ من خَطَرانِهِ كما يقال ضَرَبَ من ضَرَبانِه. والجُنْدُ
يَخْطِرُونَ حَوْلَ قائدهم يُرُونَهُ منهم الجِدَّ، وكذلك إِذا احتشدوا في
الحرب.
والخَطْرَةُ: من سِماتِ الإِبل؛ خَطَرَهُ بالمِيسَمِ في باطن الساق؛ عن
ابن حبيب من تذكرة أَبي علي كذلك.
قال ابن سيده: والخَطْرُ ما لَصِقَ
(* قوله: «والخطر ما لصق إلخ» بفتح
الحاء وكسرها مع سكون الطاء كما في القاموس). بالوَرِكَيْنِ من البول؛ قال
ذو الرمة:
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائِلَ. بعدما
تَقَوَّبَ، عن غِرْبانِ أَوْرَاكِها، الخَطْرُ
قوله: تقوّب يحتمل أَن يكون بمعنى قوّب، كقوله تعالى: فتقطَّعوا أَمرهم
بينهم؛ أَي قطعوا، وتقسمت الشيء أَي قسمته. وقال بعضهم: أَراد تقوّبت
غربانها عن الخطر فقلبه.
والخِطْرُ: الإِبل الكثيرة؛ والجمع أَخطار، وقيل الخِطْرُ مائتان من
الغنم والإِبل، وقيل: هي من الإِبل أَربعون، وقيل: أَلف وزيادة؛ قال:
رَأَتْ لأَقْوامٍ سَوَاماً دَثْراً،
يُرِيحُ رَاعُوهُنَّ أَلْفاً خَِطِرْا،
وبَعْلُها يَسُوقُ مِعْزَى عَشْرا
وقال أَبو حاتم: إِذا بلغت الإِبل مائتين، فهي خَِطْرٌ، فإِذا جاوزت ذلك
وقاربت الأَلف، فهي عَِرْجٌ.
وخَطِيرُ الناقة: زمامُها؛ عن كراع. وفي حديث علي، عليه السلام، أَنه
أَشار لعَمَّارٍ وقال: جُرُّوا له الخَطِيرَ ما انْجَرَّ لكم، وفي رواية:
كا جَرَّهُ لكم؛ معناه اتَّبِعُوه ما كان فيه مَوْضِعٌ مُتَّبَعٌ،
وتَوَقَّوْا ما لم يكن فيه موضع؛ قال: الخطير زمام البعير، وقال شمر في الخطير:
قال بعضهم الخَطِير الحَبْلُ، قال: وبعضهم يذهب به إِلى إِخْطارِ النفس
وإِشْرَاطِهَا في الحرب؛ المعنى اصبروا لعمَّار ما صبر لكم.
وتقول العرب: بيني وبينه خَطْرَةُ رَحِمٍ؛ عن ابن الأَعرابي، ولمن
يفسره، وأُراه يعني شُبْكَةَ رَحِمٍ، ويقال: لا جَعَلَها اللهُ خَطْرَتَه ولا
جعلها آخر مَخْطَرٍ منه أَي آخِرَ عَهْدٍ منه، ولا جعلها الله آخر
دَشْنَةٍ
(* قوله: «آخر دشنة إلخ» كذا بالأَصل وشرح القاموس). وآخر دَسْمَةٍ
وطَيَّةٍ ودَسَّةٍ، كلُّ ذلك: آخِرَ عَهْدٍ؛ وروي بيت عدي بن زيد:
وبِعَيْنَيْكَ كُلُّ ذاك تَخَطَرْا
كَ، ويمْضِيكَ نَبْلُهُمْ في النِّضَالِ
قالوا: تَخَطْراكَ وتَخَطَّاكَ بمعنى واحد، وكان أَبو سعيد يرويه تخطاك
ولا يعرف تخطراك، وقال غيره: تَخَطْرَاني شَرُّ فلان وتخطاني أَي جازني.
والخِطْرَةُ: نبت في السهل والرمل يشبه المَكْرَ، وقيل: هي بقلة، وقال
أَبو حنيفة: تَنْبُتُ الخِطْرَةُ مع طلوع سهيل، وهي غَبْراءُ حُلْوَةٌ طيبة
يراها من لا يعرفها فيظن أَنها بقلة، وإِنما تنبت في أَصل قد كان لها
قبل ذلك، وليست بأَكثر مما يَنْتَهِسُ الدابةُ بفمه، وليس لها ورق، وإِنما
هي قُضْبانٌ دِقَاقٌ خُضْرٌ، وقد تُحْتَبَلُ بها الظِّباءُ، وجمعها
خِطَرٌ مثل سِدْرَةٍ وسِدَرٍ. غيره: الخِطْرَةُ عُشْبَةٌ معروفة لها قَضْبَةٌ
يَجْهَدُها المالُ ويَغْزُرُ عليها، والعرب تقول: رَعَيْنا خَطَرات
الوَسْمِيّ، وهي اللُّمَعُ من المَراتِعِ والبُقَعِ؛ وقال ذو الرمة:
لها خَطَراتُ العَهْدِ من كُلِّ بَلْدَةٍ
لِقَوْمٍ، ولو هاجَتْ لهم حَرْبُ مَنْشِمِ
والخِطَرَةُ: أَغصان الشجرة، واحدتها خِطْرٌ، نادر أَو على توهم طرح
الهاء. والخِطْرُ، بالكسر: نبات يجعل ورقه في الخضاب الأَسود يختضب به؛ قال
أَبو حنيفة: هو شبيه بالْكَتَمِ، قال: وكثيراً ما ينبت معه يختضب به
الشيوخ؛ ولحية مَخْطُورَةٌ ومُخَطَّرَةٌ: مَخْضُوبَةٌ به؛ ومنه قيل اللبن
الكثير الماء: خِطْرٌ.
والخَطَّارُ: دهن من الزيت ذو أَفاويه، وهو أَحد ما جاء من الأَسماء على
فَعَّال.
والخَطْرُ: مكيال ضخم لأَهل الشام.
والخَطَّارُ: اسم فرس حذيفة بن بدر الفَزارِيِّ.
متن: المَتْنُ من كل شيء: ما صَلُبَ ظَهْرُه، والجمع مُتُون ومِتَانٌ؛
قال الحرث بن حِلِّزة:
أَنَّى اهتَدَيْتِ، وكُنتِ غيرَ رَجِيلةٍ،
والقومُ قد قطَعُوا مِتَانَ السَّجْسج
أَراد مِتانَ السَّجاسِج فوضع الواحد موضع الجمع، وقد يجوز أَن يريد
مَتْنَ السَّجْسَجِ فجمع على أَنه جعل كلَّ جزء منه مَتْناً. ومَتْنُ كل
شيء: ما ظهر منه. ومَتْنُ المَزادة: وجهُها الــبارزُ. والمَتْنُ: ما ارتفع من
الأَرض واستوَى، وقيل: ما ارتفع وصَلُبَ، والجمع كالجمع. أَبو عمرو:
المُتُونُ جوانب الأَرض في إِشْراف. ويقال: مَتْنُ الأَرض جَلَدُها. وقال
أَبو زيد: طَرَّقوا بينهم تَطْريقاً ومَتَّنُوا بينهم تمتيناً،
والتَّمْتِين: أَن يجعلوا بين الطرائق مُتُناً من شَعَر، واحدها مِتانٌ. ومَتَّنُوا
بينهم: جعلوا بين الطرائق مُتُناً من شعر لئلا تُخرّقه أَطرافُ الأَعمدة.
والمَتْنُ والمِتانُ: ما بين كل عمودين، والجمع مُتُنٌ. والتَّمْتِينُ
والتِّمْتِين والتِّمْتانُ: الخَيْط
(* قوله «والتمتان الخيط» ضبطه المجد
بكسر التاء والصاغاني بفتحها) الذي يُضَرَّبُ به الفُسْطاطُ؛ قال ابن
بري: التَّمْتِينُ، على وزن تَفْعِيل، خُيوط تُشدُّ بها أَوْصالُ الخِيام.
ابن الأَعرابي: التَّمْتِينُ تَضريبُ المَظَالِّ والفَساطِيطِ بالخُيوطِ.
يقال: مَتِّنْها تمتِيناً. ويقال: مَتِّنْ خِباءَكَ تمتيناً أَي أَجِدْ
مَدَّ أَطْنابه، قال: وهذا غير معنى الأَول. وقال الحِرْمازي: التَّمْتِين
أَن تقول لمن سابقك تقَدَّمني إِلى موضع كذا وكذا ثم أَلْحَقك، فذلك
التَّمتين. يقال: مَتَّنَ فلانٌ لفلان كذا وكذا ذراعاً ثم لَحِقَه.
والمَتْنُ: الظَّهْرُ، يذكر ويؤنث؛ عن اللحياني، والجمع مُتونٌ، وقيل: المَتْنُ
والمَتْنةُ لغتان، يذكر ويؤنث، لَحمتان مَعصُوبتان بينهما صُلْبُ الظهر
مَعْلُوَّتان بعَقَب. الجوهري: مَتْنا الظهر مُكتَنَفا الصُّلْبِ عن يمين
وشمال من عَصَبٍ ولحم، يذكر ويؤنث، وقيل: المَتْنانِ والمَتْنَتانِ
جَنَبَتا الظهر، وجمعُهما مُتُون، فمَتْنٌ ومُتُون كظهْرٍ وظُهُور، ومَتْنَة
ومُتُونٌ كمَأْنةٍ ومُؤُون؛ قال امرؤ القيس يصف الفرس في لغة من قال
مَتْنة:لها مَتْنَتانِ خَظَاتا، كما
أَكَبَّ على ساعِدَيْهِ النَّمِرْ
ومَتَنه مَتْناً: ضَرب مَتْنه. التهذيب: مَتَنْتُ الرجل مَتْناً إِذا
ضربته، ومَتَنه مَتْناً إِذا مَدَّه، ومَتَنَ به مَتْناً إِذا مضى به يومه
أَجمع، وهو يَمْتُنُ به. ومَتْنُ الرُّمح والسهم: وسطُهُما، وقيل: هو من
السهم ما دون الزَّافِرة إِلى وسطه، وقيل: ما دون الريش إِلى وسطه.
والمَتْنُ: الوَتر. ومَتَنه بالسَّوْط مَتْناً: ضربه به أَيَّ موضع كان منه،
وقيل: ضربه به ضرباً شديداً. وجِلْدٌ له مَتْنٌ أَي صَلابة وأَكْلٌ
وقُوَّة. ورجل مَتْنٌ: قَوِيٌّ صُلْب. ووَتَرٌ مَتِين: شديد. وشيء متين: صُلْب.
وقوله عز وجل: إِن الله هو الرَّزَّاقُ ذو القُوَّة المَتِين: معناه ذو
الاقتدار والشِّدَّة، القراءة بالرفع، والمَتِينُ صفة لقوله ذو القُوَّة،
وهو الله تبارك وتقَدَّس، ومعنى ذو القُوَّة المَتِينُ ذو الاقتدار
الشديد، والمَتِينُ في صفة الله القَوِيُّ؛ قال ابن الأَثير: هو القوي الشديد
الذي لا يلحقه في أَفعاله مشقةٌ ولا كُلْفة ولا تعَبٌ، والمَتانةُ:
الشِّدَّة والقُوَّة، فهو من حيث أَنه بالغ القدرة تامُّها قَوِيّ، ومن حيث
أَنه شديد القُوَّة متِينٌ؛ قال ابن سيده: وقرئ المَتينِ بالخفض على
النعت للقُوَّة، لأَن تأْنيث القُوَّة كتأْنيث الموعظة من قوله تعالى: فمن
جاءه مَوْعِظَة؛ أَي وَعْظٌ. والقوّة: اقْتدارٌ. والمَتِينُ من كل شيء:
القَوِيُّ. ومَتُنَ الشيء، بالضم، مَتَانةً، فهو مَتِين أَي صُلْبٌ. قال ابن
سيده: وقد مَتُنَ مَتانة ومَتَّنه هو.
والمُماتَنة: المُباعدة في الغاية. وسير مُماتِنٌ: بعيد. وسار سيراً
مُماتِناً أَي بعيداً، وفي الصحاح أَي شديداً. ومَتَن به مَتْناً: سار به
يومه أَجمع. وفي الحديث: مَتَنَ بالناس يوم كذا أَي سار بهم يومه أَجمع.
ومَتَنَ في الأَرض إِذا ذهب. وتَمْتِينُ القَوْس بالعَقَب والسقاء
بالرُّبِّ: شَدُّه وإِصلاحُه بذلك. ومَتَنَ أُنْثَيَي الدابة والشاة يَمْتُنُهما
مَتْناً: شَقَّ الصَّفْنَ عنهما فسلَّهما بعروقهما، وخصَّ أَبو عبيد به
التَّيسَ. الجوهري: ومَتَنْتُ الكَبشَ شققت صَفْنه واستخرجت بيضته
بعروقها. أَبو زيد: إِذا شققتَ الصَّفَنَ وهو جلدة الخُصْيَتين فأَخرجتهما
بعروقهما فذلك المَتْنُ، وهو مَمْتُون، ورواه شمر الصَّفْن، ورواه ابن جَبَلة
الصَّفَن. والمَتْنُ: أَن تُرَضَّ خُصْيتا الكبش حتى تسترخيا. وماتَنَ
الرجلَ: فعَلَ به مثل ما يفعل به، وهي المُطاولة والمُماطَلة. وماتَنه:
ماطَله. الأُمَوِيّ: مَثَنْته بالأَمر مَثْناً، بالثاء، أَي غَتَتُّه به
غَتّاً؛ قال شمر: لم أَسمع مَثَنْته بهذا المعنى لغير الأُموي؛ قال أَبو
منصور: أَظنه مَتَنْته مَتْناً، بالتاء لا بالثاء، مأْخوذ من الشيء المَتينِ
وهو القوي الشديد، ومن المُماتنة في السير. ويقال: ماتَنَ فلانٌ فلاناً
إِذا عارضه في جَدَلٍ أَو خصومة. قال ابن بري: والمُماتَنة والمِتانُ هو
أَن تُباقيه
(* قوله: تباقيه؛ هكذا في الأصل، ولم نجد فعل باقى في
المعاجم التي بين أيدينا). في الجَرْي والعطية؛ وقال الطرماح:
أَبَوْا لِشَقائِهم إِلاّ انْبِعاثي،
ومِثْلي ذو العُلالةِ والمِتانِ
ومَتَنَ بالمكان مُتُوناً: أَقام. ومَتَنَ المرأَةَ: نكحها، والله
أَعلم.
نتأ: نَتَأَ الشيءُ يَنْتَأُ نَتْأً ونُتُوءاً: انْتَبَر وانْتَفَخَ.
وكلُّ ما ارْتَفَعَ من نَبْتٍ وغيره، فقد نَتَأَ، وهو ناتِئٌ، وأَما قول
الشاعر:
قَدْ وَعَدَتْنِي أُمُّ عَمْرو أَنْ تا
تَمْسَحَ رَأْسِي، وتُفَلِّيني وا
وتَمْسَحَ القَنْفَاءَ، حتى تَنْتا
فإِنه أراد حتى تَنْتَأَ. فإِمَّا أَن يكون خَفَّفَ تخفيفاً قِياسِيًّا، على ما ذَهب إليه أَبو عثمان في هذا النحو، وإِما أَن يكون أَبدلَ إِبدالاً صحيحاً، على ما ذهب إليه الأَخفش. وكل ذلك ليوافق قوله تا من قوله:
وعدتني أُمُّ عمرو أَن تا
ووَا من قوله:
تمسح رأْسي وتفلِّيني وا
ولو جعلها بين بين لكانت الهمزة الخفيفة في نية المحققة، حتى كأَنه قال: تَنْتَأُ، فكان يكون تا تَنْتَأُ مستفعلن.
وقوله: رن أَن تا: مفعولن. وليني وا: مفعولن، ومفعولن لا يجيءٌ مع مستفعلن، وقد أَكْفَأَ هذا الشاعر بين التاءِ والواو، وأَراد أَن تَمْسَح وتُفَلِّيَنِي وتَمْسَحَ، وهذا مِن أَقْبَحِ ما جاءَ في الإِكْفَاءِ. وإِنما ذهب الأَخفش: أَن الرويَّ من تا ووا التاءُ والواو من قِبَل أَنَّ الأَلف فيهما إِنما هي لإِشباع فتحة
التاءِ والواو، فهي مدّ زائد لإِشباع الحركة التي قبلها، فهي إِذاً كالأَلف والياءِ والواو في الجَرعا والأَيَّامِي والخِيامُو.
ونَتَأَ مِنْ بَلَدٍ الى بَلَدٍ: ارتفع. ونَتَأَ الشيءُ: خَرَج من مَوْضِعه من غير أَن يَبِينَ، وهو النُّتُوءُ. ونَتَأَتِ القُرْحةُ: وَرِمَتْ. ونَتَأْتُ
على القوم: اطَّلَعْتُ عليهم، مثل نَبَأْت. ونَتَأَتِ الجارِيةُ: بَلَغَتْ وارْتَفَعَتْ. ونَتَأَ على القوم نَتْأً: ارْتَفَعَ. وكلُّ ما ارْتَفَع فهو ناتِئٌ.
وانْتَتَأَ إِذا ارْتَفَعَ (1)
(1 قوله «وانتتأ إِذا ارتفع إلخ» كذا في النسخ والتهذيب. وعبارة التكملة انتتأ أي ارتفع، وانتتأ أَيضاً انبرى وبكليهما فسر قول أبي حازم العكلي: فلما إلخ.) . وأَنشد أَبو حازم:
فَلَمَّا انْتَتَأْتُ لِدِرِّيئِهِمْ، * نَزَأْتُ عليه الْوَأَى أَهْذَؤُهْ
لِدِرِّيئِهمْ أَي لعَرِّيفِهم. نَزَأْتُ عليه أَي هَيَّجْتُ عليه ونَزَعْتُ الْوَأَى، وهو السَّيْف. أَهْذَؤُه: أَقْطَعُه. وفي المثل: تَحْقِرُه ويَنْتَأُ أَي يَرْتَفِعُ. يقال هذا للذي ليس له شاهِدُ مَنْظَر وله باطِنُ مَخْبَر، أَي تَزْدَرِيهِ لسُكُونه، وهو يُجاذِبُكَ. وقيل: معناه تَسْتَصْغِرُه ويَعْظُمُ. وقيل: تَحْقِرُه ويَنْتُو، بغير همز، وسنذكره في موضعه.
نيب: النَّابُ مذكر (1)
(1 قوله «الناب مذكر» مثله في التهذيب والمصباح.) :
من الأَسنانِ. ابن سيده: النَّابُ هي السِّنُّ التي خلف الرَّباعِـيَةِ،
وهي أُنثى. قال سيبويه: أَمالوا ناباً، في حَدِّ الرفع، تشبيهاً له
بأَلِف رَمَى، لأَنها منقلبة عن ياءٍ، وهو نادر؛ يعني أَن الأَلِف المنقلبة عن الياءِ والواو، إِنما تمال إِذا كانت لاماً، وذلك في الأَفعال خاصة، وما جاء من هذا في الاسم، كالـمَكا، نادر؛ وأَشذُّ منه ما كانت أَلفه منقلبة عن ياء عيناً، والجمع أَنْيُبٌ، عن اللحياني، وأَنْيابٌ ونُيُوبٌ وأَناييبُ، الأَخيرة عن سيبويه، جمعُ الجمع كأَبْياتٍ وأَبايِيتَ.
ورجل أَنْيَبُ: غَليظُ النابِ، لا يَضْغَمُ شيئاً إِلاَّ كَسَرَه، عن
ثعلب؛ وأَنشد:
فَقُلْتُ: تَعَلَّمْ أَنـَّني غيرُ نائمٍ * إِلى مُسْتَقِلٍّ بالخِـيانَةِ، أَنْيَبا
ونُيُوبٌ نُيَّبٌ: على الـمُبالغة؛ قال:
مَجُوبةٌ جَوْبَ الرَّحَى، لم تُثْقَبِ، * تَعَضُّ منها بالنُّيُوبِ النُّيَّبِ
ونِـبْتُه: أَصَبْتُ نابه، واستعار بعضُهم الأَنْيابَ للشَّرِّ؛ وأَنشد
ثعلب:
أَفِرُّ حِذارَ الشَّرِّ، والشَّرُّ تارِكي، * وأَطْعُنُ في أَنْيابِه، وهو كالِـحُ
والنَّابُ والنَّيُوبُ: الناقةُ الـمُسِنَّة، سَمَّوْها بذلك حين طال نابُها وعَظُم، مؤَنثة أَيضاً، وهو مما سُمِّي فيه الكُلُّ باسم الجُزْءِ.
وتصغيرُ النَّابِ من الإِبل: نُيَيْبٌ، بغير هاء، وهذا على نحو قولهم للمرأَة: ما أَنتِ إِلاَّ بُطَيْنٌ، وللمهزولة: إِبْرةُ الكَعْبِ وإِشْفَى
الـمِرْفَقِ. والنَّيُوبُ: كالنَّابِ، وجمعهما معاً أَنْيابٌ ونُـيُوبٌ ونِـيبٌ، فذهب سيبويه إِلى أَن نِـيباً جمعُ نابٍ، وقال: بَنَوها على فُعْل، كما بَنَوا الدارَ على فُعْل، كراهية نُـيُوبٍ، لأَنها ضمة في ياءٍ، وقبلها ضمة، وبعدها واو، فكرهوا ذلك، وقالوا فيها أَيضاً: أَنْيابٌ، كقَدَم وأَقْدامٍ؛ هذا قوله قال ابن سيده، والذي عندي أَنَّ أَنْياباً جمع نابٍ، على ما فعلت في هذا النحو، كقَدَمٍ وأَقْدامٍ؛ وأَن نِـيباً جمع نَـيُوب، كما حكى هو عن يونس، أَن من العرب من يقول صِـيدٌ وبِـيضٌ، في جمع صَيُود وبَـيُوض، على من قال رُسْل، وهي التميميَّة؛ ويقوّي مذهب سيبويه أَن نِـيباً، لو كانت جمع نَـيُوبٍ، لكانتْ خَليقةً بِنُيُب، كما قالوا في
صَيُود صُيُد، وفي بَيُوض بُيُض، لأَنهم لا يكرهون في الياءِ، من هذا الضرب، كما يكرهون في الواو، لخفَّتها وثقل الواو، فإِن لم يقولوا نُيُب، دليلٌ على أَن نِـيباً جمعُ نابٍ، كما ذهب إِليه سيبويه، وكلا المذهبين قياسٌ إِذا صحت نَيُوب، وإِلاَّ فنِـيبٌ جمع نابٍ، كما ذهب إِليه سيبويه، قياساً على دُورٍ. ونابه يَنِـيبُه أَي أَصابَ نابه.
ونَيَّبَ سَهْمَه أَي عَجمَ عُودَه، وأَثـَّرَ فيه بنابه. والنَّابُ: الـمُسِنَّة من النُّوق. وفي الحديث: لهم من الصَّدَقةِ الثِّلْبُ والنَّابُ. وفي الحديث، أَنه قال لقَيْسِ بن عاصمٍ: كيفَ أَنْتَ عِنْدَ القِرَى؟ قال: أُلْصِقُ بالنَّاب الفانيةِ، والجمع النِّيبُ. وفي المثل: لا أَفْعَلُ ذلك ما حَنَّتِ النِّيبُ؛ قال مَنْظُورُ ابنُ مَرْثَدٍ الفَقْعَسِـيُّ:
حَرَّقَها حَمْضُ بلادٍ فِلِّ، * فما تَكادُ نِـيبُها تُوَلِّي
أَي تَرْجِـعُ من الضَّعْفِ، وهو فُعْلٌ، مِثْلُ أَسَدٍ وأُسْدٍ، وإِنما كَسروا النون لتسلم الياءُ؛ ومنه حديث عمر: أَعْطاهُ ثلاثةَ أَنيابٍ جَزائر؛ والتصغير نُيَيْبٌ، يقال: سُمِّيَتْ لطول نابِها، فهو كالصفة، فلذلك
لم تَلْحقه الهاء، لأَن الهاءَ لا تَلحقُ تصغير الصفات. تقول منه:
نَيَّبَتِ الناقةُ أَي صارت هَرِمَـةً؛ ولا يقال للجمل نابٌ. قال سيبويه: ومن العرب من يقول في تصغير نابٍ: نُوَيْبٌ، فيجيءُ بالواو، لأَن هذه الأَلف يكثر انقلابُها من الواوات، وقال ابن السراج: هذا غلط منه. قال ابن بري: ظاهر هذا اللفظ أَن ابن السراج غلَّط سيبويه، فيما حكاه، قال: وليس الأَمر كذلك، وإِنما قوله: وهو غَلَطٌ منه، من تتمة كلام سيبويه، إِلاَّ أَنه قال: منهم؛ وغَيَّره ابن السراج، فقال: منه، فإِن سيبويه قال: وهذا غلط منهم أَي من العرب الذين يقولونه كذلك. وقول ابن السراج غَلَطٌ منه، هو بمعنى غلط من قائله، وهو من كلام سيبويه، ليس من كلام ابن السراج. وقال اللحياني: النَّابُ من الإِبل مؤَنثة لا غير، وقد نَيَّـبَتْ وهي مُنَيِّبٌ.وفي حديث زيد بن ثابتٍ: أَن ذِئْباً نَيَّبَ في شاة، فذَبَحُوها بمَرْوَة أَي أَنْشَبَ أَنْيابَه فيها.
والنَّابُ: السِّنُّ التي خلف الرَّباعِـية. ونابُ القوم: سيدُهم. والنَّابُ: سيدُ القوم، وكبيرهم؛ وأَنشد أَبو بكر قولَ جَمِـيلٍ:
رَمَى اللّهُ في عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بالقَذَى، * وفي الغُرِّ من أَنْيابِها، بالقَوادِحِ
قال: أَنْيابُها ساداتُها أَي رَمَى اللّهُ بالهلاك والفساد في أَنيابِ
قَومِها وساداتِها إِذ حالوا بينها وبين زيارتي؛ وقوله:
رَمَى اللّهُ في عَيْنَيْ بُثَيْنةَ بالقَذَى
كقولك: سُبحانَ اللّهِ ما أَحْسَنَ عَيْنَها. ونحوٌ منه: قاتَله اللّهُ
ما أَشْجَعه، وهَوَتْ أُمُّه ما أَرْجَلَه.
وقالت الكِنْدِيَّة تَرْثي إِخْوَتَها:
هَوَتْ أُمُّهُمْ، ما ذامُهُمْ يَوْمَ صُرِّعُوا، * بنَيْسانَ من أَنْيابِ مَجْدٍ تَصَرَّمَا
ويقال: فلانٌ جَبَلٌ من الجِـبالِ إِذا كان عزيزاً، وعِزُّ فلانٍ يُزاحِمُ الجِـبالَ؛ وأَنشد:
أَلِلبأْسِ، أَمْ لِلْجُودِ، أَمْ لـمُقاوِمٍ، * من العِزِّ، يَزْحَمْنَ الجِـبالَ الرَّواسِـيا؟
ونَيَّبَ النَّبْتُ وتَنَيَّبَ: خرجتْ أَرومَتُه، وكذلك الشَّيْبُ؛ قال
ابن سيده: وأُراه على التَّشْبيه بالنَّابِ؛ قال مُضَرِّسٌ:
فقالت: أَما يَنْهاكَ عن تَبَع الصِّبا * مَعالِـيكَ، والشَّيْبُ الذي قد تَنَيَّبا؟
نور: في أَسماء الله تعالى: النُّورُ؛ قال ابن الأَثير: هو الذي
يُبْصِرُ بنوره ذو العَمَاية ويَرْشُدُ بهداه ذو الغَوايَةِ، وقيل: هو الظاهر
الذي به كل ظهور، والظاهر في نفسه المُظْهِر لغيره يسمى نوراً. قال أَبو
منصور: والنُّور من صفات الله عز وجل، قال الله عز وجل: الله نُورُ
السموات والأَرض؛ قيل في تفسيره: هادي أَهل السموات والأَرض، وقيل: مَثل نوره
كمشكاة فيها مصباح؛ أَي مثل نور هداه في قلب المؤمن كمشكاة فيها مصباح.
والنُّورُ: الضياء. والنور: ضد الظلمة. وفي المحكم: النُّور الضَّوْءُ،
أَيًّا كان، وقيل: هو شعاعه وسطوعه، والجمع أَنْوارٌ ونِيرانٌ؛ عن ثعلب.
وقد نارَ نَوْراً وأَنارَ واسْتَنارَ ونَوَّرَ؛ الأَخيرة عن اللحياني،
بمعنى واحد، أَي أَضاء، كما يقال: بانَ الشيءُ وأَبانَ وبَيَّنَ
وتَبَيَّنَ واسْتَبانَ بمعنى واحد. واسْتَنار به: اسْتَمَدَّ شُعاعَه. ونَوَّرَ
الصبحُ: ظهر نُورُه؛ قال:
وحَتَّى يَبِيتَ القومُ في الصَّيفِ ليلَةً
يقولون: نَوِّرْ صُبْحُ، والليلُ عاتِمُ
وفي الحديث: فَرَض عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، للجدّ ثم أَنارَها زيدُ
بن ثابت أَي نَوَّرَها وأَوضحها وبَيَّنَها. والتَّنْوِير: وقت إِسفار
الصبح؛ يقال: قد نَوَّر الصبحُ تَنْوِيراً. والتنوير: الإِنارة. والتنوير:
الإِسفار. وفي حديث مواقيت الصلاة: أَنه نَوَّرَ بالفَجْرِ أَي صلاَّها،
وقد اسْتنار لأُفق كثيراً. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: نائرات
الأَحكام ومُنِيرات الإِسلام؛ النائرات الواضحات البينات، والمنيرات كذلك،
فالأُولى من نارَ، والثانية من أَنار، وأَنار لازمٌ ومُتَعَدٍّ؛ ومنه: ثم
أَنارها زيدُ بن ثابت. وأَنار المكانَ: وضع فيه النُّورَ. وقوله عز وجل: ومن
لم يجعل الله له نُوراً فما له من نُورٍ؛ قال الزجاج: معناه من لم يهده
الله للإِسلام لم يهتد. والمنار والمنارة: موضع النُّور. والمَنارَةُ:
الشَّمْعة ذات السراج. ابن سيده: والمَنارَةُ التي يوضع عليها السراج؛ قال
أَبو ذؤيب:
وكِلاهُما في كَفِّه يَزَنِيَّةٌ،
فيها سِنانٌ كالمَنارَةِ أَصْلَعُ
أَراد أَن يشبه السنان فلم يستقم له فأَوقع اللفظ على المنارة. وقوله
أَصلع يريد أَنه لا صَدَأَ عليه فهو يبرق، والجمع مَناوِرُ على القياس،
ومنائر مهموز، على غير قياس؛ قال ثعلب: إِنما ذلك لأَن العرب تشبه الحرف
بالحرف فشبهوا منارة وهي مَفْعَلة من النُّور، بفتح الميم، بفَعَالةٍ
فَكَسَّرُوها تكسيرها، كما قالوا أَمْكِنَة فيمن جعل مكاناً من الكَوْنِ، فعامل
الحرف الزائد معاملة الأَصلي، فصارت الميم عندهم في مكان كالقاف من
قَذَالٍ، قال: ومثله في كلام العرب كثير. قال: وأَما سيبويه فحمل ما هو من
هذا على الغلط. الجوهري: الجمع مَناوِر، بالواو، لأَنه من النور، ومن قال
منائر وهمز فقد شبه الأَصلي بالزائد كما قالوا مصائب وأَصله مصاوب.
والمَنار: العَلَم وما يوضع بين الشيئين من الحدود. وفي حديث النبي، صلى الله
عليه وسلم: لعن الله من غَيَّر مَنارَ الأَرض أَي أَعلامها. والمَنارُ:
عَلَم الطريق. وفي التهذيب: المنار العَلَمُ والحدّ بين الأَرضين.
والمَنار: جمع منارة، وهي العلامة تجعل بين الحدّين، ومَنار الحرم: أَعلامه التي
ضربها إِبراهيم الخليل، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، على أَقطار
الحرم ونواحيه وبها تعرف حدود الحَرَم من حدود الحِلِّ، والميم زائدة. قال:
ويحتمل معنى قوله لعن الله من غيَّر منار الأَرض، أَراد به منار الحرم،
ويجوز أَن يكون لعن من غير تخوم الأَرضين، وهو أَن يقتطع طائفة من أَرض
جاره أَو يحوّل الحدّ من مكانه. وروى شمر عن الأَصمعي: المَنار العَلَم
يجعل للطريق أَو الحدّ للأَرضين من طين أَو تراب. وفي الحديث عن أَبي هريرة،
رضي الله عنه: إِن للإِسلام صُوًى ومَناراً أَي علامات وشرائع يعرف بها.
والمَنارَةُ: التي يؤذن عليها، وهي المِئْذَنَةُ؛ وأَنشد:
لِعَكٍّ في مَناسِمها مَنارٌ،
إِلى عَدْنان، واضحةُ السَّبيل
والمَنارُ: مَحَجَّة الطريق، وقوله عز وجل: قد جاءَكم من الله نور وكتاب
مبين؛ قيل: النور ههنا هو سيدنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
أَي جاءكم نبي وكتاب. وقيل إِن موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، قال
وقد سئل عن شيء: سيأْتيكم النُّورُ. وقوله عز وجل: واتَّبِعُوا النُّورَ
الذي أُنزل معه؛ أَي اتبعوا الحق الذي بيانه في القلوب كبيان النور في
العيون. قال: والنور هو الذي يبين الأَشياء ويُرِي الأَبصار حقيقتها، قال:
فَمَثلُ ما أَتى به النبي، صلى الله عليه وسلم، في القلوب في بيانه وكشفه
الظلمات كمثل النور، ثم قال: يهدي الله لنوره من يشاء، يهدي به الله من
اتبع رضوانه. وفي حديث أَبي ذر، رضي الله عنه، قال له ابن شقيق: لو
رأَيتُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كنتُ أَسأَله: هل رأَيتَ ربك؟ فقال:
قد سأَلتُه فقال: نُورٌ أَنَّى أَرَاه أَي هو نور كيف أَراه. قال ابن
الأَثير: سئل أَحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: ما رأَيتُ مُنْكِراً له وما
أَدري ما وجهه. وقال ابن خزيمة: في القلب من صحة هذا الخبر شيء، فإِن ابن
شقيق لم يكن يثبت أَبا ذر، وقال بعض أَهل العلم: النُّورُ جسم وعَرَضٌ،
والباري تقدّس وتعالى ليس بجسم ولا عرض، وإِنما المِراد أَن حجابه النور،
قال: وكذا روي في حديث أَبي موسى، رضي الله عنه، والمعنى كيف أَراه
وحجابه النور أَي أَن النور يمنع من رؤيته. وفي حديث الدعاء: اللهمّ اجْعَلْ
في قلبي نُوراً وباقي أَعضائه؛ أَراد ضياء الحق وبيانه، كأَنه قال: اللهم
استعمل هذه الأَعضاء مني في الحق واجعل تصرفي وتقلبي فيها على سبيل
الصواب والخير.
قال أَبو العباس: سأَلت ابن الأَعرابي عن قوله: لا تَسْتَضِيئُوا بنار
المشركين، فقال:
النار ههنا الرَّأْيُ، أَي لا تُشاورُوهم، فجعل الرأْي مَثَلاً للضَّوءِ
عند الحَيْرَة، قال: وأَما حديثه الآخر أَنا بريء من كل مسلم مع مشرك،
فقيل: لم يا رسول الله؟ ثم قال: لا تَراءَى ناراهُما. قال: إِنه كره النزول
في جوار المشركين لأَنه لا عهد لهم ولا أَمان، ثم وكده فقال: لا تَراءَى
ناراهما أَي لا ينزل المسلم بالموضع الذي تقابل نارُه إِذا أَوقدها نارَ
مشرك لقرب منزل بعضهم من بعض، ولكنه ينزل مع المسلمين فإنهم يَدٌ على من
سواهم. قال ابن الأَثير: لا تراءَى ناراهما أَي لا يجتمعان بحيث تكون نار
أَحدهما تقابل نار الآخر، وقيل: هو من سمة الإِبل بالنار. وفي صفة
النبي، صلي الله عليه وسلم: أَنْوَرُ المُتَجَرَّدِ أَي نَيِّر الجسم. يقال
للحسَنِ المشرِق اللَّوْنِ: أَنْوَرُ، وهو أَفعلُ من النُّور. يقال: نار
فهو نَيِّر، وأَنار فهو مُنِيرٌ. والنار: معروفة أُنثى، وهي من الواو لأَن
تصغيرها نُوَيْرَةٌ. وفي التنزيل العزيز: أَن بُورِكَ من في النار ومن
حولها؛ قال الزجاج: جاءَ في التفسير أَن من في النار هنا نُور الله عز وجل،
ومن حولها قيل الملائكة وقيل نور الله أَيضاً. قال ابن سيده: وقد تُذَكَّرُ
النار؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد في ذلك:
فمن يأْتِنا يُلْمِمْ في دِيارِنا،
يَجِدْ أَثَراً دَعْساً وناراً تأَجَّجا
ورواية سيبويه: يجد حطباً جزلاً وناراً تأَججا؛ والجمع أَنْوُرٌ
(*
قوله« والجمع أنور» كذا بالأصل. وفي القاموس: والجمع أنوار. وقوله ونيرة كذا
بالأصل بهذا الضبط وصوبه شارح القاموس عن قوله ونيرة كقردة.) ونِيرانٌ،
انقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها، ونِيْرَةٌ ونُورٌ ونِيارٌ؛ الأَخيرة عن
أَبي حنيفة. وفي حديث شجر جهنم: فَتَعْلُوهم نارُ الأَنْيارِ؛ قال ابن
الأَثير: لم أَجده مشروحاً ولكن هكذا روي فإن صحت الرواية فيحتمل أَن يكون
معناه نارُ النِّيرانِ بجمع النار على أَنْيارٍ، وأَصلها أَنْوارٌ لأَنها
من الواو كما جاء في ريح وعيد أَرْياحٌ وأَعْيادٌ، وهما من الواو.
وتَنَوَّرَ النارَ: نظر إِليها أَو أَتاها. وتَنَوَّرَ الرجلَ: نظر إِليه عند
النار من حيث لا يراه. وتَنَوَّرْتُ النارَ من بعيد أَي تَبَصَّرْتُها.
وفي الحديث: الناسُ شُركاءُ في ثلاثة: الماءُ والكلأُ والنارُ؛ أَراد
ليس لصاحب النار أَن يمنع من أَراد أَن يستضيءَ منها أَو يقتبس، وقيل:
أَراد بالنار الحجارةَ التي تُورِي النار، أَي لا يمنع أَحد أَن يأْخذ منها.
وفي حديث الإِزار: وما كان أَسْفَلَ من ذلك فهو في النار؛ معناه أَن ما
دون الكعبين من قَدَمِ صاحب الإِزارِ المُسْبَلِ في النار عُقُوبَةً له
على فعله، وقيل: معناه أَن صنيعه ذلك وفِعْلَه في النار أَي أَنه معدود
محسوب من أَفعال أَهل النار. وفي الحديث: أَنه قال لعَشَرَةِ أَنْفُسٍ فيهم
سَمُرَةُ: آخِرُكُمْ يموت في النار؛ قال ابن الأَثير: فكان لا يكادُ
يَدْفَأُ فأَمر بِقِدْرٍ عظيمة فملئت ماء وأَوقد تحتها واتخذ فوقها مجلساً،
وكان يصعد بخارها فَيُدْفِئُه، فبينا هو كذلك خُسِفَتْ به فحصل في النار،
قال: فذلك الذي قال له، والله أَعلم. وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه:
العَجْماءُ جُبارٌ والنار جُبارٌ؛ قيل: هي النار التي يُوقِدُها الرجلُ في
ملكه فَتُطِيرها الريح إِلى مال غيره فيحترق ولا يَمْلِكُ رَدَّها فيكون
هَدَراً. قال ابن الأَثير: وقيل الحديث غَلِطَ فيه عبدُ الرزاق وقد تابعه
عبدُ الملك الصَّنْعانِيُّ، وقيل: هو تصحيف البئر، فإِن أَهل اليمن
يُمِيلُونَ النار فتنكسر النون، فسمعه بعضهم على الإِمالة فكتبه بالياء،
فَقَرؤُوه مصفحاً بالياء، والبئر هي التي يحفرها الرجل في ملكه أَو في موات
فيقع فيها إِنسان فيهلك فهو هَدَرٌ؛ قال الخطابي: لم أَزل أَسمع أَصحاب
الحديث يقولون غلط فيه عبد الرزاق حتى وجدته لأَبي داود من طريق أُخرى. وفي
الحديث: فإِن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً؛ قال ابن الأَثير: هذا
تفخيم لأَمر البحر وتعظيم لشأْنه وإِن الآفة تُسْرِع إِلى راكبه في غالب
الأَمر كما يسرع الهلاك من النار لمن لابسها ودنا منها. والنارُ:
السِّمَةُ، والجمع كالجمع، وهي النُّورَةُ. ونُرْتُ البعير: جعلت عليه ناراً. وما
به نُورَةٌ أَي وَسْمٌ. الأَصمعي: وكلُّ وسْمٍ بِمِكْوًى، فهو نار، وما
كان بغير مِكْوًى، فهو حَرْقٌ وقَرْعٌ وقَرمٌ وحَزٌّ وزَنْمٌ. قال أَبو
منصور: والعرب تقول: ما نارُ هذه الناقة أَي ما سِمَتُها، سميت ناراً
لأَنها بالنار تُوسَمُ؛ وقال الراجز:
حتى سَقَوْا آبالَهُمْ بالنارِ،
والنارُ قد تَشْفي من الأُوارِ
أَي سقوا إِبلهم بالسِّمَة، أَي إِذا نظروا في سِمَةِ صاحبه عرف صاحبه
فَسُقِيَ وقُدِّم على غيره لشرف أَرباب تلك السمة وخلَّوا لها الماءَ. ومن
أَمثالهم: نِجارُها نارُها أَي سمتها تدل على نِجارِها يعني الإِبل؛ قال
الراجز يصف إِبلاً سمتها مختلفة:
نِجارُ كلِّ إِبلٍ نِجارُها،
ونارُ إِبْلِ العالمين نارُها
يقول: اختلفت سماتها لأَن أَربابها من قبائل شتى فأُغِيرَ على سَرْح كل
قبيلة واجتمعت عند من أَغار عليها سِماتُ تلك القبائل كلها. وفي حديث
صعصة ابن ناجية جد الفرزدق: وما ناراهما أَي ما سِمَتُهما التي وُسِمَتا بها
يعني ناقتيه الضَّالَّتَيْنِ، والسِّمَةُ: العلامة.ونارُ المُهَوِّل:
نارٌ كانت للعرب في الجاهلية يوقدونها عند التحالف ويطرحون فيها ملحاً
يَفْقَعُ، يُهَوِّلُون بذلك تأْكيداً للحلف. والعرب تدعو على العدوّ فتقول:
أَبعد الله داره وأَوقد ناراً إِثره قال ابن الأَعرابي: قالت العُقَيْلية:
كان الرجل إِذا خفنا شره فتحوّل عنا أَوقدنا خلفه ناراً، قال فقلت لها:
ولم ذلك؟ قالت: ليتحَوّلَ ضبعهم معهم أَي شرُّهم؛ قال الشاعر:
وجَمَّة أَقْوام حَمَلْتُ، ولم أَكن
كَمُوقِد نارٍ إِثْرَهُمْ للتَّنَدُّم
الجمة: قوم تَحَمَّلوا حَمالَةً فطافوا بالقبائل يسأَلون فيها؛ فأَخبر
أَنه حَمَلَ من الجمة ما تحملوا من الديات، قال: ولم أَندم حين ارتحلوا
عني فأُوقد على أَثرهم. ونار الحُباحِبِ: قد مر تفسيرها في موضعه.
والنَّوْرُ والنَّوْرَةُ، جميعاً: الزَّهْر، وقيل: النَّوْرُ الأَبيض
والزهر الأَصفر وذلك أَنه يبيضُّ ثم يصفر، وجمع النَّوْر أَنوارٌ.
والنُّوّارُ، بالضم والتشديد: كالنَّوْرِ، واحدته نُوَّارَةٌ، وقد نَوَّرَ الشجرُ
والنبات. الليث: النَّوْرُ نَوْرُ الشجر، والفعل التَّنْوِيرُ،
وتَنْوِير الشجرة إِزهارها. وفي حديث خزيمة: لما نزل تحت الشجرة أَنْوَرَتْ أَي
حسنت خضرتها، من الإِنارة، وقيل: إِنها أَطْلَعَتْ نَوْرَها، وهو زهرها.
يقال: نَوَّرَتِ الشجرةُ وأَنارَتْ، فأَما أَنورت فعلى الأَصل؛ وقد سَمَّى
خِنْدِفُ بنُ زيادٍ الزبيريُّ إِدراك الزرع تَنْوِيراً فقال:
سامى طعامَ الحَيِّ حتى نَوَّرَا
وجَمَعَه عَدِيّ بن زيد فقال:
وذي تَناوِيرَ مَمْعُونٍ، له صَبَحٌ
يَغْذُو أَوَابِدَ قد أَفْلَيْنَ أَمْهارَا
والنُّورُ: حُسْنُ النبات وطوله، وجمعه نِوَرَةٌ. ونَوَّرَتِ الشجرة
وأَنارت أَيضاً أَي أَخرجت نَوْرَها. وأَنار النبتُ وأَنْوَرَ: ظَهَرَ
وحَسُنَ. والأَنْوَرُ: الظاهر الحُسْنِ؛ ومنه صفته، صلي الله عليه وسلم: كان
أَنْوَرَ المُتَجَرَّدِ.
والنُّورَةُ: الهِناءُ. التهذيب: والنُّورَةُ من الحجر الذي يحرق
ويُسَوَّى منه الكِلْسُ ويحلق به شعر العانة. قال أَبو العباس: يقال انْتَوَرَ
الرجلُ وانْتارَ من النُّورَةِ، قال: ولا يقال تَنَوَّرَ إِلا عند إِبصار
النار. قال ابن سيده: وقد انْتارَ الرجل وتَنَوَّرَ تَطَلَّى
بالنُّورَة، قال: حكى الأَوّل ثعلب، وقال الشاعر:
أَجِدَّكُما لم تَعْلَما أَنَّ جارَنا
أَبا الحِسْلِ، بالصَّحْراءِ، لا يَتَنَوَّرُ
التهذيب: وتأْمُرُ من النُّورةِ فتقول: انْتَوِرْ يا زيدُ وانْتَرْ كما
تقول اقْتَوِلْ واقْتَلْ؛ وقال الشاعر في تَنَوّر النار:
فَتَنَوَّرْتُ نارَها من بَعِيد
بِخَزازَى* ؛ هَيْهاتَ مِنك الصَّلاءُ
(* قوله« بخزازى» بخاء معجمة فزايين معجمتين: جبل بين منعج وعاقل،
والبيت للحرث بن حلزة كما في ياقوت)
قال: ومنه قول ابن مقبل:
كَرَبَتْ حياةُ النارِ للمُتَنَوِّرِ
والنَّوُورُ: النَّيلَجُ، وهو دخان الشحم يعالَجُ به الوَشْمُ ويحشى به
حتى يَخْضَرَّ، ولك أَن تقلب الواو المضمومة همزة. وقد نَوَّرَ ذراعه
إِذا غَرَزَها بإِبرة ثم ذَرَّ عليها النَّؤُورَ.
والنَّؤُورُ: حصاة مثل الإِثْمِدِ تُدَقُّ فَتُسَفُّها اللِّثَةُ أَي
تُقْمَحُها، من قولك: سَفِفْتُ الدواء. وكان نساءُ الجاهلية يَتَّشِمْنَ
بالنَّؤُور؛ ومنه وقول بشر:
كما وُشِمَ الرَّواهِشُ بالنَّؤُورِ
وقال الليث: النَّؤُور دُخان الفتيلة يتخذ كحلاً أَو وَشْماً؛ قال أَبو
منصور: أما الكحل فما سمعت أَن نساء العرب اكتحلن بالنَّؤُورِ، وأَما
الوشم به فقد جاء في أَشعارهم؛ قال لبيد:
أَو رَجْع واشِمَةٍ أُسِفَّ نَؤُورُها
كِفَفاً، تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشامُها
التهذيب: والنَّؤُورُ دخان الشحم الذي يلتزق بالطَّسْتِ وهو الغُنْجُ
أَيضاً. والنَّؤُورُ والنَّوَارُ: المرأَة النَّفُور من الريبة، والجمع
نُورٌ. غيره: النُّورُ جمع نَوارٍ، وهي النُّفَّرُ من الظباء والوحش وغيرها؛
قال مُضَرِّسٌ الأَسديُّ وذكر الظباء وأَنها كَنَسَتْ في شدّة الحر:
تَدَلَّتْ عليها الشمسُ حتى كأَنها،
من الحرِّ، تَرْمي بالسَّكِينَةِ نُورَها
وقد نارتْ تَنُورُ نَوْراً ونَواراً ونِواراً؛ ونسوةٌ نُورٌ أَي نُفَّرٌ
من الرِّيبَةِ، وهو فُعُلٌ، مثل قَذالٍ وقُذُلٍ إِلا أَنهم كرهوا الضمة
على الواو لأَن الواحدة نَوارٌ وهي الفَرُورُ، ومنه سميت المرأَة؛ وقال
العجاج:
يَخْلِطْنَ بالتَّأَنُّسِ النَّوارا
الجوهري: نُرْتُ من الشيء أَنُورُ نَوْراً ونِواراً، بكسر النون؛ قال
مالك بن زُغْبَةَ الباهلي يخاطب امرأَة:
أَنَوْراً سَرْعَ ماذا يا فَرُوقُ،
وحَبْلُ الوَصْلِ مُنْتَكِثٌ حَذِيقُ
أَراد أَنِفاراً يا فَرُوقُ، وقوله سَرْعَ ماذا: أَراد سَرُعَ فخفف؛ قال
ابن بري في قوله:
أَنوراً سرع ماذا يا فروق
قال: الشعر لأَبي شقيق الباهلي واسمه جَزْءُ بن رَباح، قال: وقيل هو
لزغبة الباهلي، قال: وقوله أَنوراً بمعنى أَنِفاراً سَرُعَ ذا يا فروق أَي
ما أَسرعه، وذا فاعل سَرُعَ وأَسكنه للوزن، وما زائدة. والبين ههنا:
الوصل، ومنه قوله تعالى: لقد تَقَطَّعَ بَيْنُكُم؛ أَي وصْلُكم، قال: ويروى
وحبل البين منتكث؛ ومنتكث: منتقض. وحذيق: مقطوع؛ وبعده:
أَلا زَعَمَتْ علاقَةُ أَنَّ سَيْفي
يُفَلِّلُ غَرْبَه الرأْسُ الحَليقُ؟
وعلاقة: اسم محبوبته؛ يقول: أَزعمت أَن سيفي ليس بقاطع وأَن الحليف يفلل
غربه؟ وامرأَة نَوارٌ: نافرة عن الشر والقبيح. والنَوارُ: المصدر،
والنِّوارُ: الاسم، وقيل: النِّوارُ النِّفارُ من أَي شيء كان؛ وقد نارها
ونَوَّرها واستنارها؛ قال ساعدة بن جؤية يصف ظبية:
بِوادٍ حَرامٍ لم يَرُعْها حِبالُه،
ولا قانِصٌ ذو أَسْهُمٍ يَسْتَنِيرُها
وبقرة نَوَارٌ: تنفر من الفحل. وفي صفة ناقة صالح، على نبينا وعليه
الصلاة والسلام: هي أَنور من أَن تُحْلَبَ أَي أَنْفَرُ. والنَّوَار:
النِّفارُ. ونُرْتُه وأَنرْتُه: نَفَّرْتُه. وفرس وَدِيق نَوارٌ إِذا
استَوْدَقَت، وهي تريد الفحل، وفي ذلك منها ضَعْفٌ تَرْهَب صَوْلَةَ
الناكح.ويقال: بينهم نائِرَةٌ أَي عداوة وشَحْناء. وفي الحديث: كانت بينهم
نائرة أَي فتنة حادثة وعداوة. ونارُ الحرب ونائِرَتُها: شَرُّها وهَيْجها.
ونُرْتُ الرجلَ: أَفْزَعْتُه ونَفَّرْتُه؛ قال:
إِذا هُمُ نارُوا، وإِن هُمْ أَقْبَلُوا،
أَقْبَلَ مِمْساحٌ أَرِيبٌ مِفْضَلُ
ونار القومُ وتَنَوَّرُوا انهزموا. واسْتَنارَ عليه: ظَفِرَ به وغلبه؛
ومنه قول الأَعشى:
فأَدْرَكُوا بعضَ ما أَضاعُوا،
وقابَلَ القومُ فاسْتَنارُوا
ونُورَةُ: اسم امرأَة سَحَّارَة؛ ومنه قيل: هو يُنَوِّرُ عليه أَي
يُخَيِّلُ، وليس بعربيّ صحيح. الأَزهري: يقال فلان يُنَوِّرُ على فلان إِذا
شَبَّهَ عليه أَمراً، قال: وليست هذه الكلمة عربية، وأَصلها أَن امرأَة
كانت تسمى نُورَةَ وكانت ساحرة فقيل لمن فعل فعلها: قد نَوَّرَ فهو
مُنَوِّرٌ.
قال زيد بن كُثْوَةَ: عَلِقَ رجلٌ امرأَة فكان يَتَنَوَّرُها بالليل،
والتَّنَوُّرُ مثل التَّضَوُّء، فقيل لها: إِن فلاناً يَتَنَوَّرُكِ،
لتحذره فلا يرى منها إِلا حَسَناً، فلما سمعت ذلك رفعت مُقَدَّمَ ثوبها ثم
قابلته وقالت: يا مُتَنَوِّراً هاه فلما سمع مقالتها وأَبصر ما فعلت قال:
فبئسما أَرى هاه وانصرفت نفسه عنها، فصيرت مثلاً لكل من لا يتقي قبيحاً
ولا يَرْعَوي لحَسَنٍ. ابن سيده: وأَما قول سيبويه في باب الإِمالة ابن
نُور فقد يجوز أَن يكون اسماً سمي بالنور الذي هو الضوء أَو بالنُّورِ الذي
هو جمع نَوارٍ، وقد يجوز أَن يكون اسماً صاغه لتَسُوغَ فيه الإِمالة
فإِنه قد يَصوغ أَشياء فَتَسوغ فيها الإِمالة ويَصُوغ أَشياءَ أُخَرَ لتمتنع
فيها الإِمالة. وحكى ابن جني فيه: ابن بُور، بالباء، كأَنه من قوله
تعالى: وكنتم قوماً بُوراً، وقد تقدم. ومَنْوَرٌ: اسم موضع صَحَّتْ فيه
الواوُ صِحَّتَها في مَكْوَرَةَ للعلمية؛ قال بشر بن أَبي خازم:
أَلَيْلى على شَحْطِ المَزارِ تَذَكَّرُ؟
ومن دونِ لَيْلى ذو بِحارٍ ومَنْوَرُ
قال الجوهري: وقول بشر:
ومن دون ليلى ذو بحار ومنور
قال: هما جبلان في ظَهْر حَرَّةِ بني سليم. وذو المَنار: ملك من ملوك
اليمن واسمه أَبْرَهَةُ بن الحرث الرايش، وإِنما قيل له ذو المنار لأَنه
أَوّل من ضرب المنارَ على طريقه في مغازيه ليهتدي بها إِذا رجع.
غزز: أَغَزَّت البَقَرَةُ، وهي مُغِزٌّ إِذا عَسُرَ حملها؛ قال
الأَزهري: الصواب أَغْزَتْ
(* قوله« الصواب أغزت إلخ» أي فيكون من المعتل، واقتصر
الجوهري على ذكره في المعتل، وقد ذكره القاموس في المعتل والصحيح معاً)،
فهي مُغْزٍ، من ذوات الأَربعة أَي من أَربعة أَحرف، فَغَزَا إِذا قلت
منه أَغْزَتْ حصل منه أَربعة أَحرف، وإِذا قلتَ من القول قلتُ حصل ثلاثة
أَحرف فهذه من ذوات الثلاثة، وأَغْزَتْ وما أَشبهه من ذوات الأَربعة. ويقال
للناقة إِذا تأَخر حملها فاستأْخر نَتاجُها: قد أَغْزَتْ، فهي مُغْزٍ؛
ومنه قول رؤبة:
والحَرْبُ عَسْراءُ اللِّقاحِ مُغْزِي
أَراد بُطْءَ إِقلاع الحرب؛ وقال ذو الرمة:
بَلَحْيَيْهِ صَكُّ المُغْزِياتِ الرَّواكِدِ
شَمِر: أَغَزَّت الشجرة إِغْزازاً، فهي مُغِزٌّ إِذا كثر شوكها
والتفَّت. أَبو عمرو: الغَزَزُ الخُصوصية؛ تقول العرب: قد غَزَّ فلانٌ بفلان
واغْتَزَّ به واغْتَزَى به إِذا اخْتَصَّه من بين أَصحابه: وأَنشد ابن
نَجْدَةَ عن أَبي زيد:
فَمَنْ يَعْصِبْ بِلِيَّته اغْتِزازاً،
فإِنك قد مَلأْتَ يَداً وشَاما
قال أَبو العباس: مَن شرط ههنا؛ ويعصب: يلزم. بليته: بقراباته. اغتزازاً
أَي اختصاصاً. واليد ههنا: يريد اليمن؛ قال: معناه من يلزم بِبِرِّه
أَهلَ بيته فإِنك قد ملأْت بمعروفك من اليمن إِلى الشام.
والغُزْغُزُ: الشِّدْقُ في بعض اللغات، والراء لغة. ابن الأَعرابي:
الغُزَّانِ الشِّدْقانِ، واحدُهما غُزٌّ. وفي الحديث: إِن المَلَكَيْنِ
يجلسان على ناجِذَيِ الرجلِ يكتبان خيره وشره ويَسْتَمِدَّانِ من غُزَّيْهِ؛
الغُزَّانِ، بالضم والتشديد: الشِّدْقانِ، الواحد غُزٌّ. وفي حديث الأَحنف
(* قوله« وفي حديث الاحنف إلخ» عبارة ياقوت: وقيل للاحنف بن قيس لما
احتضر ما تتمنى؟ قال: شربة من ماء الغزيز، وهو ماء مرّ، وكان موته بالكوفة
والفرات جاره): شَرْبَةً من ماء الغُزَيزِ، بضم الغين وفتح الزاي
الأُولى، ماء قُرْبَ اليمامة.
وغَزَّةُ: موضع بمَشَارِف الشام بها قبر هاشم جَدِّ النبي، صلى الله
عليه وسلم، وجاء في الشعر غَزَّات وغَزَّاة كأَذْرِعاتٍ وأَذرعاة وعانات
وعاناة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
مَيْتٌ بِرَدْمانَ، ومَيْتٌ بِسَلْـ
ـمانَ، ومَيْتٌ عند غَزَّاتِ
قال الأَزهري: ورأَت بالسَّوْدَةِ في ديار سَعْدِ بنِ زَيْد مَناةَ
رَمْلَةً يقال لها غَزَّةُ وفيها أَحْساءٌ جَمَّة. والغُزُّ: جنس من
التُّرْكِ.
نجز: نَجِزَ ونَجَزَ الكلامُ: انقطع. ونَجَزَ الوعْدُ يَنْجُزُ نجْزاً:
حَضَر، وقد يقال: نَجِزَ. قال ابن السكيت: كأَنَّ نَجِزَ فَنِيَ وانقضى،
وكأَنَّ نَجَزَ قَضَى حاجَتَه؛ وقد أَنْجَزَ الرعدَ ووَعْدٌ ناجِزٌ
ونَجِيزٌ وأَنْجَزتُه أَنا ونَجَزْتُ به. وإِنْجازُكَهُ: وفاؤُك به. ونَجَزَ
هو أَي وَفَى به، وهو مثل قولك حضرت المائدة. ونَجَزَ الحاجةَ
وأَنْجَزَها: قضاها. وأَنت على نَجْزِ حاجتك ونُجْزِها، بفتح النون وضمها، أَي على
شَرَفٍ من قضائها. واسْتَنْجَزَ العِدَةَ والحاجةَ وتَنَجَّزَه إِياها:
سأَله إِنْجازَها واستنجحها. قال سيبويه: وقالوا أَبِيعُكَهُ الساعةَ
ناجِزاً بناجِزٍ أَي مُعَجَّلاً، انتصبت الصفة هنا كما انتصب الاسم في قولهم:
بِعْتُ الشاءَ شاةً بدرهم. والنَّاجِزُ: الحاضر. ومن أَمثالهم: ناجِزاً
بناجِزٍ كقولك: يَداً بيدٍ وعاجِلاً بعاجِلٍ؛ وأَنشد:
رَكْض الشَّمُوسِ ناجِزاً بناجِزِ
وقال الشاعر:
وإِذا تُباشِرُكَ الهُمُو
مُ فإِنه كالٍ وناجِزْ
وقال ابن الأَعرابي في قولهم:
جَزا الشَّمُوسِ ناجِزاً بناجِزِ
أَي جَزَيْتَ جزاءَ سَوْءٍ فَجَزَيْتُ لك مثله؛ وقال مرة: إِنما ذلك
إِذا فعل شيئاً ففعلت مثله لا يقدر أَن يَفُوتك ولا يَجُوزك في كلام أَو
فعل. وفي الحديث: لا تَبِيعُوا حاضراً
(* قوله« وفي الحديث لا تبيعوا حاضراً
إلخ» لم يذكر هذا الحديث في النهاية) بناجِزٍ. وفي حديث الصَّرْف:
إِلاَّ ناجِزاً بناجِزٍ أَي حاضراً بحاضر. ولأُنْجِزَتَّكَ نَجِيزَنَكَ أَي
لأَجْزِيَنَّك جزاءَك.
والمُناجَزَةُ في القتال: المُــبارزةُ والمقاتلة، وهو أَن يَتَــبَارَزَ
الفارسان فيتمارسا حتى يَقْتُلَ كلُّ واحد منهما صاحبه أَو يُقْتَلَ
أَحدهما؛ قال عبيد:
كالهُنْدُوانِيِّ المُهَنْـ
ـنَدِ، هَزَّهُ القِرْنُ المُناجِزْ
وقال الشاعر:
ووَقَفْت، إِذْ جَبُنَ المُشَيْـ
ـيَعُ مَوْقِفَ القِرْنِ المُناجِزْ
قال: وهذا عَرُوضٌ مُرَفَّلٌ من ضرب الكامل على أَربعة أَجزاء متفاعلن
في آخره حرفان زائدان، وهو مقيد لا يطلق.
وتَناجَزََ القوم: تسافكوا دماءَهم كأَنهم أَسرعوا في ذلك.
وتَنَجَّزَ الشرابَ: أَلَحَّ في شربه؛ هذه عن أَبي حنيفة.
والتَّنَجُّزُ: طلبُ شيءٍ قد وُعِدْتَهُ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت لابن
السائب: ثلاثٌ تَدَعُهُنَّ أَو لأُناجِزَنَّك أَي لأُقاتلنك وأُخاصمنك. أَبو
عبيد: من أَمثالهم: إِذا أَردتَ المُحاجَزَةَ فَقَبْلَ المُناجَزَة، يضرب
لمن يطلب الصلح بعد القتال.
ونَجَزَ ونَجِزَ الشيءُ: فَنِيَ وذهب فهو ناجز؛ قال النابغة الذبياني:
وكنتَ رَبيعاً لليتامَى وعِصْمَةً،
فَمُلْكُ أَبي قابوسَ أَضْحَى وقد نَجَزْ
أَبو قابوس: كنية للنعمان بن المنذر، يقول: كنت لليتامى في إِحسانك
إِليهم بمنزلة الربيع الذي به عيش الناس. والعِصْمَةُ: ما يَعْتَصِمُ به
الإِنسانُ من الهلاك. وروى أَبو عبيد هذا البيت نجز، بفتح الجيم، وقال: معناه
فني وذهب، وذكره الجوهري بكسر الجيم، والأَكثر على قول أَبي عبيد، ومعنى
البيت أَي انقضَى وَقْتَ الضحى لأَنه مات في ذلك الوقت.
ونَجَزَتِ الحاجةُ إِذا قُضيت، وإِنْجازُكَها: قضاؤُها. ونَجَزَ حاجَتَه
يَنْجُزها، بالضم، نَجْزاً: قضاها، ونَجَزَ الوعدُ. ويقال: أَنْجَزَ
حُرٌّ ما وَعَد. ابن السكيت: نَجِزَ فَنِيَ، ونَجَزَ قضى حاجته. قال أَبو
المقدام السلمي: أَنْجَزَ عليه وأَوْجَزَ عليه وأَجْهَدَ.
نفش: النَفَشُ: الصُّوفُ. والنَّفْشُ: مَدُّكَ الصُّوفَ حتى يَنْتَفِشَ
بعضه عن بعض، وعِهْنٌ مَنْفُوشٌ، والتَّنْفِيشُ مثلُه. وفي الحديث: أَنه
نَهَى عن كسْب الأَمَةِ إِلاَّ ما عَمِلَت بيدَيْها نحو الخَبْزِ
والغَزْل والنَفْشِ؛ هو نَدْفُ القُطْن والصُّوفِ، وإِنما نَهَى عن كَسْبِ
الإِماء لأَنه كانت عليهن ضَرائِبُ فلم يَأْمَن أَن يكونَ منهنّ الفُجورُ،
ولذلك جاء في رواية: حتى يُعْلم من أَيْنَ هُو. ونَفَشَ الصوفَ وغيره
يَنْفُشه نَفْشاً إِذا مَدّه حتى يتجوَّف، وقد انْتَفَش. وأَرْنَبةٌ
مُنْتَفِشةٌ ومُتَنَفِّشةٌ: مُنبَسطة على الوجه. وفي حديث ابن عباس: وإِن أَتاكَ
مُنْتَفِش المَنْخِرَين أَي واسعً مَنْخِرَي الأَنفِ وهو من التفريق.
وتَنَفَّشَ الضِّبْعانُ والطائرُ إِذا رأَيته مُتَنَفّشَ الشعَر والرِّيشِ
كأَنه يَخاف أَو يُرْعَد، وأَمَةٌ مُتَنَفِّشةُ الشعرِ كذلك. وكلُّ شيء تراه
مُنْتَبِراً رِخْوَ الجَوْفِ، فهو مُتَنَفِّشٌ ومُنْتَفِشٌ. وانْتَفَشَت
الهِرّةُ وتَنَفَّشَت أَي ازْبَأَرّتْ. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه:
أَنه أَتى على غُلام يَبِيعُ الرَّطْبةَ فقال: انفُشْها فإِنه أَحْسنُ لها
أَي فَرِّق ما اجتمع منها لتَحْسُنَ في عين المشتري.
والنَّفَشُ: المتاعُ المُتفرّق. ابن السكيت: النَّفْشُ أَن تَنْتَشِر
الإِبلُ بالليل فتَرْعَى، وقد أَنْفَشْتها إِذا أَرْسَلْتها في الليل
فتَرْعَى، بِلا راعٍ. وهي إِبل نُفّاشٌ.
ويقال نَفَشَت الإِبل تَنْفُش وتَنفِشُ ونَفِشَت تَنفَش إِذا تفرّقت
فرَعَتْ بالليل من غير عِلْم راعيها، والاسمُ النفَشُ، ولا يكون النَّفَشُ
إِلا بالليل، والهَمَلُ يكون ليلاً ونهاراً. ويقال: باتت غنمُه نَفَشاً،
وهو أَن تَفَرّقَ في المرعى من غير علم صاحبها. وفي حديث عبد اللَّه بن
عمرو: الحَبّةُ في الجنّةِ مثلُ كَرِشِ البعير يَبِيتُ نافِشاً أَي راعياً
بالليل. ويقال: نَفَشَت السائمةُ تَنْفِش وتَنْفُشُ نُفُوشاً إِذا رَعَت
ليلاً بلا راعٍ، وهَمَلَتْ إِذا رعت نهاراً. ونَفَشَت الإِبلَ والغنم
تَنْفُش وتَنْفِش نَفَشاً ونُفُوشاً: انتشرت ليلاً فرعت، ولا يكون ذلك
بالنهار، وخص بعضهم به دخولَ الغنم في الزرع. وفي التنزيل: إِذْ نَفَشَت فيه
غنَمُ القومِ؛ وإبل نَفَشٌ ونُفِّشٌ ونُفّاشٌ ونَوافِشُ. وأَنْفَشَها
راعِيها: أَرْسَلَها لَيْلاً ترعى ونامَ عنها، وأَنْفشْتها أَنا إِذا تركتها
ترعى بلا راع؛ قال:
اجْرِشْ لها يا ابنَ أَبي كِباشٍ
(* قوله «اجرش» كذا في الأصل بهمزة الوصل وبشين آخره وهي رواية ابن
السكيت، قال في الصحاح: والرواة على خلافه، يعني أَجرس بهمزة القطع وسين
آخره.)،
فما لها اللَّيْلةَ من إِنْفاشِ،
إِلا السُّرَى وسائقٍ نَجّاشِ
قال أَبو منصور: إِلاَّ بمعنى غير السُّرى كقوله عز وجل: لو كان فيهما
آلهة إلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا؛ أَراد لو كان فيهما آلهة غير اللَّه
لفسدتا، فسبحان اللَّه وقد يكون النَفْش في جميع الدواب وأَكثرُ ما يكون في
الغنم، فأَما ما يخص الإِبل فَعَشَتْ عَشْواً، وروى المنذري عن أَبي طالب
أَنه قال قولهم: إِن لم يكن شَحْمٌ فنَفَشٌ، قال: قال ابن الأَعرابي:
معناه إِن لم يكن فِعْلٌ فرِياءٌ.