Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=69346#ab4177
(أدجى) دجا وَالشَّيْء دجاه
أجد: الإِجادُ والأُجادُ: طاق قصير. وبناءٌ مُؤَجَّد: مقوًّى وثيق محكم،
وقد أَجَّدَه وأَجَدَهُ.
وناقة مُؤجَدَة: موُثقة الخلق، وأُجُدٌ: مُتصلة الفَقار تراها كأَنها
عظم واحد. وناقة أُجُد أَي قوية موثقة الخلق. والأُجُدُ: اشتقاقه من
الإِجاد، والإِجاد كالطاق القصير؛ يقال: عَقْدٌ مؤجد وناقة مؤجدة القَوى، وناقة
أُجُدٌ وهي التي فقار ظَهرها متصل؛ وآجدها الله فهي مُؤجدة القَرى أَي
موثقة الظهر. وفي حديث خالد بن سنان: وجدت أُجُداً تحثها؛ الأُجُدُ، بضم
الهمزة والجيم: الناقة القوية الموثقة الخلق، ولا يقال للجمل أُجُدٌ؛
ويقال: الحمد لله الذي آجدني بعد ضعف أَي قوّاني.
وإِجدْ، بالكسر: من زجر الخيل.
بعل: البَعْلُ: الأَرض المرتفعة التي لا يصيبها مطر إِلا مرّة واحدة في
السنة، وقال الجوهري: لا يصيبها سَيْح ولا سَيْل؛ قال سلامة
بن جندل:
إِذا ما عَلَونا ظَهْرَ بَعْل عَرِيضةٍ،
تَخَالُ عليها قَيْضَ بَيْضٍ مُفَلَّق
أَنثها على معنى الأَرض، وقيل: البَعْل كل شجر أَو زرع لا يُسْقى، وقيل:
البَعْل والعَذْيُ واحد، وهو ما سفَتْه السماء، وقد اسْتَبْعَل الموضع.
والبَعْلُ من النخل: ما شرب بعروقه من غير سَقْي ولا ماء سماء، وقيل: هو
ما اكتفى بماء السماة، وبه فسر ابن دريد ما في كتاب النبي،صلى الله عليه
وسلم، لأُكَيْدِر بن عبد الملك: لَكُم الضَّامنة من النَّخْل ولنا
الضاحية من البَعْل؛ الضامنة: ما أَطاف به سُورُ المدينة، والضاحية: ما كان
خارجاً أَي التي ظهرت وخرجت عن العِمارة من هذا النَّخيل؛ وأَنشد:
أَقسمت لا يذهب عني بَعْلُها،
أَوْ يَسْتوِي جَثِيثُها وجَعْلُها
وفي حديث صدقة النخل: ما سقي منه بَعْلاً فَفِيه العشر؛ هو ما شرب من
النخيل بعروقه من الأَرض من غير سَقْي سماء ولا غيرها. قال الأَصمعي:
البَعْل ما شرب بعروقه من الأَرض بغير سَقْي من سماء ولا غيرها. والبَعْل: ما
أُعْطِي من الإِتَاوة على سَقْي النخل؛ قال عبدالله بن رواحة الأَنصاري:
هُنالك لا أُبالي نَخْلَ بَعْل،
ولا سَقْيٍ، وإِنْ عَظُم الإِتَاء
قال الأَزهري: وقد ذكره القُتَيبي في الحروف التي ذكر أَنه أَصلح الغلط
الذي وقع فيها وأَلفيته يتعجب من قول الأَصمعي: البَعْل ما شرب بعروقه من
الأَرض من غير سقي من سماء ولا غيرها، وقال: ليت شعري أَنَّى يكون هذا
النخل الذي لا يُسْقى من سماء ولا غيرها؟ وتوهم أَنه يصلح غلطاً فجاء
بأَطَمّ غلط، وجهل ما قاله الأَصمعي وَحَمله جَهْلُه على التَّخبط فيما لا
يعرفه، قال: فرأَيت أَن أَذكر أَصناف النخيل لتقف عليها فَيضِحَ لك ما
قاله الأَصمعي: فمن النخيل السَّقِيُّ ويقال المَسْقَوِيُّ، وهو الذي
يُسْقَى بماء الأَنهار والعيون الجارية، ومن السَّقِيّ ما يُسْقى نَضْحاً
بالدِّلاء والنواعير وما أَشبهها فهذا صنف، ومنها العَذْي وهو ما نبت منها في
الأَرض السهلة، فإِذا مُطِرت نَشَّفت السهولة ماء المطر فعاشت عروقها
بالثرى الباطن تحت الأَرض، ويجيء ثمرها قَعْقَاعاً لأَنه لا يكون رَيَّان
كالسَّقِّيّ، ويسمى التمر إِذا جاء كذلك قَسْباً وسَحّاً، والصنف الثالث من
النخل ما نبت ودِيُّه في أَرض يقرب ماؤها الذي خلقه الله تعالى تحت
الأَرض في رقاب الأَرض ذات النَّزِّ فرَسَخَت عروقُها في ذلك الماء الذي تحت
الأَرض واستغنت عن سَقْي السماء وعن إِجْراء ماء الأَنهار وسَقْيِها
نَضْحاً بالدلاء، وهذا الضرب هو البَعْل الذي فسره الأَصمعي، وتمر هذا الضرب
من التمر أَن لا يكون رَيَّان ولا سَحّاً، ولكن يكون بينهما، وهكذا فسر
الشافعي البَعْل في باب القسم فقال: البَعْل ما رَسَخ عُروقه في الماء
فاسْتَغْنَى عن أَن يُسْقَى؛ قال الأَزهري: وقد رأَيت بناحية البَيْضاء من
بلاد جَذِيمَة عبد القَيْس نَخْلاً كثيراً عروقها راسخة في الماء، وهي
مستغنية عن السَّقْي وعن ماء السماء تُسَمَّى بَعْلاً. واستبعل الموضع
والنخل: صار بَعْلاً راسخ العروق في الماء مستغنياً عن السَّقْي وعن إِجراء
الماء في نَهر أَو عاثور إِليه. وفي الحديث: العَجْوة شِفاء من السُّمِّ
ونزل بَعْلُها من الجنة أَي أَصلها؛ قال الأَزهري: أَراد بِبَعْلِها
قَسْبَها الراسخة عُروقُه في الماء لا يُسْقَى بنَضْح ولا غيره ويجيء تَمْره
يابساً له صوت. واستبْعل النخلُ إِذا صار بَعْلاً. وقد ورد في حديث عروة:
فما زال وارثه بَعْلِيّاً حتى مات أَي غَنِيّاً ذا نَخْل ومال؛ قال
الخطابي: لا أَدري ما هذا إِلا أَن يكون منسوباً إِلى بَعْل النخلِ، يريد أَنه
اقتنى نَخْلاً كَثِيراً فنُسِب إِليه، أَو يكون من البَعْل المَالك
والرئيس أَي ما زال رئيساً متملكاً. والبَعْل: الذَّكَر من النَّخل. قال
الليث: البَعْلُ من النخل ما هو من الغلط الذي ذكرناه عن القُتَبي، زعم أَن
البَعْل الذكر من النخل والناس يسمونه الفَحْل؛ قال الأَزهري: وهذا غلط
فاحش وكأَنه اعتبر هذا التفسير من لفظ البَعْل الذي معناه الزوج، قال: قلت
وبَعْل النخل التي تُلْقَح فَتَحْمِل، وأَما الفُحَّال فإِن تمره ينتقض،
وإِنما يلْقَح بطَلْعه طَلْع الإِناث إِذا انشقَّ. والبَعْل: الزوج. قال
الليث: بَعَل يَبْعَل بُعولة، فهو باعل أَي مُسْتَعْلِج؛ قال الأَزهري:
وهذا من أَغاليط الليث أَيضاً وإِنما سمي زوج المرأَة بَعْلاً لأَنه سيدها
ومالكها، وليس من الاستعلاج في شيء، وقد بَعَل يَبْعَل بَعْلاً إِذا صار
بَعْلاً لها. وقوله تعالى: وهذا بَعْلي شيخاً؛ قال الزجاج: نصب شيخاً على
الحال، قال: والحال ههنا نصبها من غامض النحو، وذلك إِذا قلت هذا زيد
قائماً، فإِن كنت تقصد أَن تخبر من لم يَعْرِف زيداً أَنه زيد لم يَجُز أَن
تقول هذا زيد قائماً، لأَنه يكون زيداً ما دام قائماً، فإِذا زال عن
القيام فليس بزيد، وإِنما تقول للذي يعرف زيداً هذا زيد قائماً فيعمل في
الحال التنبيه؛ المعنى: انْتَبِه لزيد في حال قيامه أَو أُشيرُ إِلى زيد في
حال قيامه، لأَن هذا إِشارة إِلى من حضر، والنصب الوجه كما ذكرنا؛ ومن
قرأَ: هذا بَعْلي شيخٌ، ففيه وجوه: أَحدها التكرير كأَنك قلت هذا بعلي هذا
شيخ، ويجوز أَن يجعل شيخ مُبِيناً عن هذا، ويجوز أَن يجعل بعلي وشيخ
جميعاً خبرين عن هذا فترفعهما جميعاً بهذا كما تقول هذا حُلْوٌ حامض، وجمع
البَعْل الزوجِ بِعال وبُعُول وبُعُولة؛ قال الله عز وجل: وبُعولتهن أَحق
بردّهن. وفي حديث ابن مسعود: إِلا امرأَة يَئِسَتْ من البُعولة؛ قال ابن
الأَثير: الهاء فيها لتأْنيث الجمع، قال: ويجوز أَن تكون البُعولة مصدر
بَعَلَت المرأَة أَي صارت ذات بَعْل؛ قال سيبويه: أَلحقوا الهاء لتأْكيد
التأْنيث، والأُنثى بَعْل وبَعْلة مثل زَوْج وزَوْجة؛ قال الراجز:
شَرُّ قَرِينٍ للكَبِير بَعْلَتُه،
تُولِغُ كَلْباً سُؤرَه أَو تَكْفِتُه
وبَعَل يَبْعَل بُعولة وهو بَعْل: صار بَعْلاً؛ قال
يا رُبَّ بَعْلٍ ساءَ ما كان بَعَل
واسْتَبْعَلَ: كبَعَلَ. وتَبَعَّلَت المرأَةُ: أَطاعت بَعْلَها،
وتَبَعَّلَت له: تزينتْ. وامرأَة حَسَنَة التَّبَعُّل إِذا كانت مُطاوِعة لزوجها
مُحِبَّة له. وفي حديث أَسماء الأَشهلية: إِذا أَحْسَنْتُنَّ تَبَعُّل
أَزواجكن أَي مصاحبتهم في الزوجية والعِشْرة. والبَعْل والتَّبَعُّل:
حُسْن العِشْرة من الزوجين.
والبِعال: حديث العَرُوسَيْن. والتَّباعل والبِعال: ملاعبة المرءِ
أَهلَه، وقيل: البِعال النكاح؛ ومنه الحديث في أَيام التشريق: إِنها أَيام
أَكل وشرب وبِعال. والمُباعَلة: المُباشَرة. ويروى عن ابن عباس، رضي الله
عنه: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان إِذا أَتى يومُ الجمعة قال:
يا عائشة، اليَوْمُ يومُ تَبَعُّل وقِرانٍ؛ يعني بالقِران التزويجَ. ويقال
للمرأَة: هي تُباعِل زَوْجَها بِعالاً ومُباعَلة أَي تُلاعبه؛ وقال
الحطيئة:
وكَمْ مِن حَصانٍ ذاتِ بَعْلٍ تَرَكْتَها،
إِذا الليل أَدْجَى، لم تَجِدْ من تُباعِلُه
أَراد أَنك قتلت زوجها أَو أَسرته. ويقال للرجل: هو بَعلُ المرأَة،
ويقال للمرأَة: هي بَعْلُه وبَعْلَتُه. وباعلَت المرأَةُ: اتخذت بَعْلاً.
وباعَلَ القومُ قوماً آخرين مُباعلَة وبِعالاً: تَزَوَّجَ بعضهم إِلى بعض.
وبَعْلُ الشيء: رَبُّه ومالِكُه. وفي حديث الايمان: وأَن تَلِدَ الأَمة
بَعْلَها؛ المراد بالبعل ههنا المالك يعني كثرة السبي والتسرّي، فإِذا
استولد المسلم جارية كان ولدها بمنزلة ربها.
وبَعْلٌ والبَعْل جميعاً: صَنَم، سمي بذلك لعبادتهم إِياه كأَنه
رَبُّهم. وقوله عز وجل: أَتدعون بَعْلاً وتَذَرُون أَحسن الخالقين؛ قيل: معناه
أَتدعون ربّاً، وقيل: هو صنم؛ يقال: أَنا بَعْل هذا الشيء أَي رَبُّه
ومالكه، كأَنه قال: أَتدعون رَبّاً سوى الله. وروي عن ابن عباس: أَن ضالَّة
أُنْشِدَت فجاء صاحبها فقال: أَنا بَعْلُها، يريد ربها، فقال ابن عباس: هو
من قوله أَتدعون بعلاً أَي رَبّاً. وورد أَن ابن عباس مَرَّ برجلين
يختصمان في ناقة وأَحدهما يقول: أَنا والله بَعْلُها أَي مالكها ورَبُّها.
وقولهم: مَنْ بَعْلُ هذه الناقة أَي مَنْ رَبُّها وصاحبها. والبَعْلُ: اسم
مَلِك. والبَعْل: الصنم مَعْموماً به؛ عن الزجاجي، وقال كراع: هو صَنَم
كان لقوم يونس، صلى الله على نبينا وعليه؛ وفي الصحاح: البَعْل صنم كان
لقوم إِلياس، عليه السلام، وقال الأَزهري: قيل إِن بَعْلاً كان صنماً من
ذهب يعبدونه.
ابن الأَعرابي: البَعَل الضَّجَر والتَّبَرُّم بالشيء؛ وأَنشد:
بَعِلْتَ، ابنَ غَزْوانٍ، بَعِلْتَ بصاحبٍ
به قَبْلَكَ الإِخْوَانُ لم تَكُ تَبْعَل
وبَعِل بِأَمره بَعَلاً، فهو بَعِلٌ: بَرِمَ فلم يدر كيف يصنع فيه.
والبَعَل: الدَّهَش عند الرَّوع. وبَعِل بَعَلاً: فَرِق ودَهِشَ، وامرأَة
بَعِلة. وفي حديث الأَحنف: لما نَزَل به الهَياطِلَة وهم قوم من الهند بَعِل
بالأَمر أَي دَهِش، وهو بكسر العين. وامرأَة بَعِلة: لا تُحْسِن لُبْسَ
الثياب. وباعَله: جالَسه. وهو بَعْلٌ على أَهله أَي ثِقْلٌ عليهم. وفي
الحديث: أَن رجلاً قال للنبي،صلى الله عليه وسلم: أُبايعك على الجهاد،
فقال: هل لك من بَعْلٍ؟ البَعْل: الكَلُّ؛ يقال: صار فلان بَعْلاً على قومه
أَي ثِقْلاً وعِيَالاً، وقيل: أَراد هل بقي لك من تجب عليك طاعته
كالوالدين. وبَعَل على الرجل: أَبى عليه. وفي حديث الشورى: فقال عمر قوموا
فتشاوروا، فمن بَعَل عليكم أَمرَكم فاقتلوه أَي من أَبى وخالف؛ وفي حديث آخر:
من تأَمَّر عليكم من غير مَشُورة أَو بَعَل عليكم أَمراً؛ وفي حديث آخر:
فإِن بَعَل أَحد على المسلمين، يريد شَتَّت أَمرهم، فَقدِّموه فاضربوا
عنقه.
وبَعْلَبَكُّ: موضع، تقول: هذا بَعْلَبَكُّ ودخلت بَعْلَبَكَّ ومررت
ببَعْلَبَكَّ، ولا تَصْرف،ومنهم من يضيف الأَول إِلى الثاني ويُجري الأَول
بوجوه الإِعراب؛ قال الجوهري: القول في بعلبك كالقول في سامِّ أَبْرَص؛
قال ابن بري: سامُّ أَبرص اسم مضاف غير مركب عند النحويين.
غسق: غَسَقَتْ عينه تَغْسِقُ غَسْقاً وغَسَقاناً: دمعت، وقيل: انصبَّت،
وقيل: أَظلمت. والغَسَقان: الانصباب. وغَسَق اللبنُ غَسْقاً: انصب من
الضَّرْع. وغَسَقت السماء تَغْسِق غَسْقاً وغَسَقاناً: انصبَّت وأَرَشَّتْ؛
ومنه قول عمر، رضي الله عنه: حين غَسَق الليل على الظِّراب أي انصب الليل
على الجبال. وغَسَق الجرحُ غَسْقاً وغَسَقاناً أي سال منه ماء أَصفر؛
وأَنشد شمر في الغاسق بمعنى السائل:
أَبْكِي لفَقْدِهُم بعَينٍ ثَرَّة،
تَجْري مَساربُها بعينٍ غاسِق
أي سائل وليس من الظلمة في شيء. أَبو زيد: غَسَقت العين تَغْسِق
غَسْقاً، وهو هَمَلان العين بالعَمَش
والماء. وغَسَق الليل يَغْسِق غَسْقاً وغَسَقاناً وأَغْسَقَ؛ عن ثعلب:
انصبّ وأَظلم؛ ومنه قول ابن الرُّقَيّات:
إن هذا الليل قد غَسَقا،
واشْتَكَيْتُ الهَمَّ والأَرَقا
قال: ومنه حديث عمر حين غَسق الليل على الظُِّراب؛ وغَسَقُ الليل:
ظلمته، وقيل أَول ظلمته، وقيل غَسَقُه إذا غاب الشِّفَقُ. وأَغسَقَ المؤذِّن
أي أَخَّر المغرب إلى غَسَق الليل. وفي حديث الربيع بن خثيم: أنه قال
لمؤذنه يوم الغيم أَغْسِقْ أَغْسِق أَي أَخِّر المغرب حتى يَغْسِق الليل، وهو
إظلامه، لم نسمع ذلك في غير هذا الحديث. وقال الفراء في قوله تعالى: إلى
غَسَقِ الليل، هو أَول ظلمته، الأخفش: غَسَقُ الليل ظلمته.
وقوله تعالى: ومن شر غاسِقٍ إذا وَقَبَ؛ قيل: الغاسِقُ هذا الليل إذا
دخل في كل شيء، وقيل القمر إذا دخل في ساهورِه، وقيل إذا خَسَفَ. ابن
قتيبة: الغاسِقُ القمر سمي به لأنه يُكْسَفُ فيَغْسِقُ أي يذهب ضوءُه ويسودّ
ويُظلم. غَسَقَ يَغْسِقُ غُسوقاً إذا أَظلم. قال ثعلب: وفي الحديث أن
عائشة، رضي الله عنها، قالت: أَخذ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بيدي لما
طلع القمر ونظر إليه فقال: هذا الغاسِقُ إذا وَقَبَ فتعوَّذي بالله من شره
أي من شره إذا كُسِفَ. وروي عن أَبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه
وسلم، في قوله ومن شر غاسِقٍ إذا وَقَبَ، قال: الثُّرَيّا؛ وقال الزجاج: يعني
به الليل، وقيل لِلَّيل غاسِقٌ، والله أعلم، لأنه أَبرد من النهار.
والغاسِق: البارد. غيره: غَسَقُ الليل حين يُطَخْطِخُ بين العشاءين. ابن
شميل: غَسَقُ الليل دخول أَوَّله؛ يقال: أَتيته حين غَسَق الليل أي حين يختلط
ويعتكر ويسدّ المَناظرَ، يغْسِقُ غَسْقاً. وفي الحديث: فجاء رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، بعدما أَغْسَقَ أي دخل في الغَسَق وهي ظلمة الليل.
وفي حديث أبي بكر: أَنه أَمر عامر بن فُهَيْرة وهما في الغار أَن يُرَوِّح
عليهما غنمه مُغْسِقاً. وفي حديث عمر: لا تفطروا حتى يَغْسِق الليل على
الظِّراب أي حتى يغشى الليل بظلمته الجبال الصغار. والغاسِقُ: الليل؛ إذا
غاب الشفق أَقبل الغَسَقُ. وروي عن الحسن أَنه قال: الغاسِقُ أَول
الليل. والغَسَّاقُ: كالغاسِقِ وكلاهما صفة غالبة؛ وقول أبي صخر الهذلي:
هِجانٌ فَلا في الكَوْنِ شَامٌ يَشِينُهُ،
ولا مَهَقٌ يَغْشى الغَسِيقاتِ مُغْرَبُ
قال السكري: الغَسِيقاتُ الشديدات الحمرة. والغَسَّاق: ما يَغْسِقُ
ويسيل من جلود أَهل النار وصديدهم من قيح ونحوه.
وفي التنزيل: هذا فليذوقوه حَميم وغَساقٌ، وقد قرأَه أَبو عمرو
بالتخفيف، وقرأَه الكسائي بالتشديد، ثقلها يحيى بن وَثَّاب وعامة أَصحاب عبد
الله، وخففها الناس بعد، واختار أَبو حاتم غَساق، بتخفيف السين، وقرأَ حفص
وحمزة والكسائي وغَسَّاق مشدَّدة، ومثله في عَمَّ يتساءلون، وقرأَ الباقون
وغَسَاقاً، خفيفاً في السورتين، وروي عن ابن عباس وابن مسعود أَنهما قرآ
غَسّاق، وبالتشديد، وفسَّراه الزَّمْهَرِير. وفي الحديث عن أبي سعيد عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: لو أن دَلْواً من غَساق يُهَراقُ في
الدنيا لأَنْتَنَ أَهل الدنيا؛ الغَساق، بالتخفيف والتشديد: ما يسيل من
صَدِيد أَهل النا وغُسالتهم، وقيل: ما يسيل من دموعهم، وقيل: الغَسَاق
والغَسَّاق المنتن البارد الشديد البرد الذي يُحْرِقُ من برده كإحراق الحميم،
وقيل: البارد فقط؛ قال الفراء: رُفِعَت الحَمِيمُ والغَسَّاقُ بهذا
مقدَّماً ومؤخراً، والمعنى هذا حَميم وغَسَّاق فليذوقوه.
الفراء: الغَسَق من قُماشِ الطَّعام. ويقال: في الطَّعام زَوَانٌ
وزُوَانٌ وزُؤَانٌ، بالهمز، وفيه غَسَقٌ وغَفاً، مقصور، وكَعابِير ومُرَيْراء
وقَصَلٌ كلُّه من قُماش الطَّعام.
كفهر: المُكْفَهِرُّ من السحاب: الذي يَغْلُظُ ويَسْوَدُّ ويركب بعضُه
بعضاً، والمُكْرَهِفُّ مثله. وكلُّ مُتَراكِبٍ: مُكْفَهِرّ. ووجه
مُكْفَهِرٌّ: قليل اللحم غليظ الجلد لا يَسْتَحِي من شيء، وقيل: هو العَبُوسُ،
ومنه قول ابن مسعود: إِذا لقيت الكافر فالْقَه بوجه مُكْفَهِرّ أَي بوجه
منقبض لا طَلاقةَ فيه، يقول: لا تَلْقَه بوجه مُنْبَسِط. وفي الحديث
أَيضاً: الُقَوُا المُخالِفِين بوجه مُكْفَهِرٍّ أَي عابس قَطوبٍ، وعامٌ
مُكْفَهِرٌّ كذلك. ويقال: رأَيته مُكْفَهِرَّ الوجه. وقد اكْفَهَرَّ الرجلُ
إِذا عَبَّسَ، واكْفَهَرَّ النجم إِذا بدا وَجْهُه وضوءُه في شدة ظلمة
الليل؛ حكاه ثعلب؛ وأَنشد:
إِذا الليل أَدْجَى واكْفَهَرَّتْ نُجومُه،
وصاحَ من الأَفْراطِ هامٌ جواثِمُ
والمُكْرَهِفُّ: لغة في المُكْفَهِرّ. وفلان مُكْفَهِرُّ الوجه إِذا
ضَرَبَ لوْنُه إِلى الغُبْرة مع الغِلَظ؛ قال الراجز:
قامَ إِلى عَذْراءَ في الغُطَاطِ
يَمْشِي بمِثْلِ قائِم الفُسْطاطِ
بمُكْفَهِرِّ اللَّوْنِ ذي حَطاطِ
أَبو بكر: فلان مُكْفَهِرٌّ أَي منقبض كالح لا يُرَى فيه أَثرُ بِشْرٍ
ولا فَرَحٍ. وجَبَلٌ مُكْفَهِرٌّ: صلب شديد لا يناله حادِثٌ.
والمُكْفَهِرُّ: الصُّلْبُ الذي لا تغيره الحوادث.
فرط: الفارِطُ: المتقدّم السابقُ، فرَطَ يَفْرُط فُروطاً. قال أَعرابي
للحسَن: يا أَبا سَعِيدٍ، عَلِّمْني ديناً وَسُوطاً، لا ذاهباً فُروطاً،
ولا ساقِطاً سُقوطاً أَي دِيناً مُتوسِّطاً لا مُتقدِّماً بالغُلُوِّ ولا
متأَخِّراً بالتُّلُوِّ، قال له الحسن: أَحسنت يا أَعرابي خيرُ الأُمورِ
أَوْساطُها. وفرَّطَ غيرَه؛ أَنشد ثعلب:
يُفَرِّطُها عن كُبّةِ الخَيْلِ مَصْدَقٌ
كَرِيمٌ، وشَدٌّ ليس فيه تَخاذُلُ
أَي يُقَدِّمُها. وفرَّطَ إِليه رسولَه: قدَّمه وأَرسله. وفرَّطَه في
الخُصومةِ: جَرَّأَه. وفرَط القومَ يفرطهم فَرْطاً وفَراطاً وفَراطةً:
تقدَّمهم إِلى الوِرْدِ لإِصلاح الأَرْشِيةِ والدِّلاء ومَدْرِ الحِياض
والسَّقْيِ فيها. وفرَطْتُ القومَ أَفْرِطُهم فَرْطاً أَي سبقْتُهم إِلى
الماء، فأَنا فارِطٌ وهم الفرَّاطُ؛ قال القُطامي:
فاسْتَعْجَلُونا وكانوا من صَحابَتِنا،
كما تَقَدَّمَ فُرّاطٌ لِوُرَّادِ
وفي الحديث أَنه قال بطريق مكة: مَن يَسْبِقُنا إِلى الأَثايةِ
فَيَمْدُر حوْضَها ويُفْرِطُ فيه فيَمْلَؤُه حتى نأْتِيَه، أَي يُكْثر من صبّ
الماء فيه. وفي حديث سراقة: الذي يُفْرِطُ في حوْضِه أَي يَمْلَؤُه؛ ومنه
قصيد كعب:
تَنْفي الرِّياحُ القَذَى عنه وأَفْرَطَه
أَي ملأَه، وقيل: أَفْرَطَه ههنا بمعنى تركَه.
والفارِطُ والفَرَطُ، بالتحريك: المتقدِّم إِلى الماء يتقدَّمُ
الوارِدةَ فُيهَيِّء لهم الأَرْسانَ والدِّلاءَ ويملأُ الحِياضَ ويستقي لهم، وهو
فَعَلٌ بمعنى فاعِلٍ مثل تَبَعٍ بمعنى تابِعٍ؛ ومنه قول النبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم: أَنا فرَطُكم على الحوْضِ أَي أَنا متقدِّمُكم إِليه؛ رجل
فرَطٌ وقوم فرَطٌ ورجل فارِطٌ وقوم فُرَّاطٌ؛ قال:
فأَثارَ فارِطُهم غَطاطاً حُثَّماً،
أَصْواتُها كتَراطُنٍ الفُرْسِ
ويقال: فرَطْتُ القومَ وأَنا أَفرُطُهم فُروطاً إِذا تقدَّمْتَهم،
وفرَّطْت غيري: قدَّمْتُه، والفَرَطُ: اسم للجمع. وفي الحديث: أَنا والنبيّون
فُرَّاطٌ لقاصِفينَ، جمع فارِطٍ، أَي متقدّمون إِلى الشَّفاعةِ، وقيل:
إِلى الحوْضِ، والقاصِفونَ: المُزْدَحِمون.
وفي حديث ابن عباس قال لعائشة، رضي اللّه عنهم: تَقْدَمِينَ على فَرَطِ
صِدْقٍ، يعني رسولَ اللّه، صلّى الله عليه وسلّم، وأَبا بكر، رضي اللّه
عنه، وأَضافهما إِلى صِدْقٍ وصفاً لهما ومَدْحاً؛ وقوله:
إِنَّ لها فَوارِساً وفَرَطا
يجوز أَن يكون من الفَرَط الذي يقع على الواحد والجمع، وأَن يكون من
الفَرط الذي هو اسم لجمع فارِطٍ، وهذا أَحسن لأَن قبله فوارساً فَمُقابلة
الجمع باسم الجمع أَوْلى في قوة الجمع. والفَرَطُ: الماء المتقدّمُ لغيره
من الأَمْواه.
والفُراطةُ: الماء يكون شَرَعاً بين عدَّةِ أَحْياء مَن سبَق إِليه فهو
له، وبئر فُراطةٌ كذلك. ابن الأَعرابي: الماء بينهم فُراطةٌ أَي
مُسابَقة. وهذا ماء فُراطة بين بني فلان وبني فلان، ومعناه أَيُّهم سبَق إِليه
سَقى ولم يُزاحِمْه الآخَرُون. الصحاح: الماء الفِراطُ الذي يكون لمن سبق
إِليه من الأَحْياء.
وفُرَّاطُ القَطا: متقدِّماتُها إِلى الوادي والماء؛ قال نِقادَةُ
الأَسدي:
ومَنْهَلٍ ورَدْتُه التِقاطا،
لم أَرَ، غِذْ ورَدْتُه، فُرّاطا
إِلاَّ الحَمام الوُرْقَ والغَطاطا
وفرَطْت البئرَ إِذا تركتَها حتى يَثوب ماؤها؛ قال ذلك شمر وأَنشد في
صفة بئر:
وهْيَ، إِذا ما فُرِطَتْ عَقْدَ الوَذَمْ،
ذاتُ عِقابٍ همشٍ، وذاتُ طَمْ،
يقول: إِذا أُجِمَّتْ هذه البئرُ قَدْرَ ما يُعْقَدُ وذَمُ الدلْوِ ثابت
بماء كثير. والعِقابُ: ما يَثوب لها من الماء، جمع عَقبٍ؛ وأَما قول
عمْرو بن معديكرب:
أَطَلْتُ فِراطَهم، حتى إِذا ما
قَتَلْتُ سَراتَهم، كانت قَطاطِ
أَي أَطَلْت إِمْهالَهم والتَّأَني بهم إِلى أَن قتلتُهم. والفرَطُ: ما
تقدَّمك من أَجْرٍ وعَمَل. وفرَطُ الولد: صِغاره ما لم يُدْرِكوا، وجمعُه
أَفراط، وقيل: الفرَطُ يكون واحداً وجمعاً. وفي الدعاء للطِّفل الميت:
اللهم اجعله لنا فَرَطاً أَي أَجراً يتقدَّمُنا حتى نَرِدَ عليه. وفرَطَ
فلانٌ وُلْداً وافْتَرطَهم: ماتوا صِغاراً. وافْتُرِطَ الوَلدُ: عُجِّلَ
موتُه؛ عن ثعلب. وأَفرطَتِ المرأَةُ أَولاداً: قدَّمتهم. قال شمر: سمعتُ
أَعرابية فصيحة تقول: افْتَرَطْتُ ابنينِ. وافترَط فلان فرَطاً له أَي
أَولاداً لم يبلغوا الحُلُم. وأَفْرَطَ فلان ولداً إِذا مات له ولد صغير قبل
أَن يبلغُ الحُلُم. وافترط فلان أَولاداً أَي قدَّمهم.
والإِفْراط: أَن تَبعث رسولاً مجرَّداً خاصّاً في حوائجك.
وفارَطْتُ القومَ مُفَارَطة وفِرطاً أَي سابقتُهم وهم يتَفارَطون؛ قال
بشر:
إِذا خَرَجَتْ أَوائلُهُنَّ شُعْثاً
مُجَلِّحةً، نَواصيها قتامُ
يُنازِعْنَ الأَعِنَّةَ مُصْغِياتٍ،
كما يتَفارَطُ الثَّمْدَ الحَمامُ
ويُروى: الحِيامُ. وفلانٌ لا يُفْتَرَطُ إِحسانه وبِرُّه أَي لا
يُفْتَرص ولا يُخاف فَوْتُه؛ وقول أَبي ذؤيب:
وقد أَرْسَلُوا فُرَّاطَهم فتَأَثَّلُوا
قَلِيباً سَفاهاً، كالإِماءِ القَواعِدِ
يعني بالفُرَّاط المتقدِّمين لحفر القَبْرِ، وكله من التقدُّم والسبقِ.
وفرَط إِليه مِنِّي كلامٌ وقولٌ: سبَق؛ وفي الدعاء: على ما فرَط مِنِّي
أَي سبق وتقدَّم. وتكلم فلانٌ فِراطاً أَي سبقت منه كلمة. وفَرَّطْته:
تركتُه وتقدّمته؛ وقول ساعدة بن جؤية:
معه سِقاءٌ لا يُفَرِّط حَمْلَه
صُفْنٌ، وأَخْراصٌ يَلُحْنَ، ومِسْأَبُ
أَي لا يترك حملَه ولا يُفارقه. وفرَط عليه في القول يَفْرُط: أَسرف
وتقدَّم. وفي التنزيل العزيز: إِنّا نَخاف أَن يفرُط علينا أَو أَن يَطْغَى؛
والفُرُطُ: الظُّلْم والاعتداء.
قال اللّه تعالى: وكان أَمْرُهُ فُرُطاً. وأَمره فُرُطٌ أَي مَتْروك.
وقوله تعالى: وكان أَمرُه فُرُطاً، أَي متروكاً تَرَك فيه الطاعة وغَفَل
عنها، ويقال: إِيّاك والفُرُطَ؛ وفي حديث سَطيح:
إِنْ يُمْسِ مُلْكُ بَنِي ساسانَ أَفْرَطَهم
أَي تَرَكهم وزال عنهم. وقال أَبو الهيثم: أَمرٌ فُرُطٌ أَي متهاوَنٌ به
مضيَّع؛ وقال الزجاج: وكان أَمرُه فُرُطاً، أَي كان أَمرُه التفريطَ وهو
تقديم العَجْز، وقال غيره: وكان أَمرُه فُرطاً أَي نَدَماً ويقال
سَرَفاً.
وفي حديث علي، رضوان اللّه عليه: لا يُرى الجاهلُ إِلا مُفْرِطاً أَو
مُفَرِّطاً؛ هو بالتخفيف المُسرف في العمل، وبالتشديد المقصِّر فيه؛ ومنه
الحديث: أَنه نام عن العشاء حتى تفرّطت أَي فات وقتُها قبل أَدائها. وفي
حديث توبةِ كعبٍ: حتى أَسرعوا وتَفارَطَ الغَزْوُ أَي فات وقتُه. وأَمر
فُرُط أَي مجاوَزٌ فيه الحدّ؛ ومنه قوله تعالى: وكان أَمرُه فُرُطاً.
وفَرَط في الأَمر يَفْرُط فَرْطاً أَي قصَّر فيه وضيَّعه حتى فات، وكذلك
التفريطُ. والفُرُط: الفرَس السريعة التي تَتَفَرَّط الخيلَ أيُ تتقدَّمُها.
وفرس فُرُط: سريعة سابقة؛ قال لبيد:
ولقد حَمَيْتُ الحيَّ تحمِل شِكَّتي
فُرُطٌ وِشاحي، إِذ غدوتُ، لجامُها
وافترَط إِليه في هذا الأَمر: تقدّم وسبَق.
والفُرْطة، بالضم: اسمٌ للخروج والتقدّم، والفَرْطة، بالفتح: المرّة
الواحدة منه مثل غُرْفة وغَرْفة وحُسْوة وحَسْوة؛ ومنه قولُ أُمّ سلمة
لعائشة: إِن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، نهاكِ عن الفُرْطة في
البِلاد. غيره: وفي حديث أُم سلمة قالت لعائشة، رضي اللّه عنهما: إِن رسول
اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، نهاكِ عن الفُرْطة في الدِّين يعني السبْق
والتقدّم ومجاوزة الحدّ.
وفلان مُفْتَرِط السِّجال إِلى العُلى أَي له فيه قُدْمة؛ وأَنشد:
ما زِلْت مُفْتَرِطَ السِّجال إِلى العُلى،
في حَوْضِ أَبْلَجَ، تَمْدُرُ التُّرْنُوقا
ومَفارِطُ البلد: أَطرافه؛ وقال أَبو زبيد:
وسَمَوْا بالمَطِيِّ والذُّبَّلِ الصُّمِّ
لعَمْياءَ في مَفارِط بيدِ
وفلان ذو فُرْطة في البلاد إِذا كان صاحبَ أَسفار كثيرة. ابن الأَعرابي:
يقال أَلْقاه وصادَفه وفارَطَه وفالَطَه ولاقَطَه كله بمعنى واحد. وقال
بعض الأَعراب: فلان لا يُفْتَرَط إِحسانه وبرُّهُ أَي لا يُفْتَرص ولا
يُخاف فَوْتُه.
والفارِطان: كَوْكَبان مُتباينان أَمام سَرِير بَنات نَعْشٍ
يتقدَّمانها.وأَفراطُ الصَّباح: أَولُ تَباشيره لتقدّمها وإِنذارها بالصبح، واحدها
فُرْطٌ؛ وأَنشد لرؤبة:
باكَرْتُه قبل الغَطاط اللُّغَّطِ،
وقبل أَفْراط الصَّباح الفُرَّطِ
والإِفراطُ: الإِعجال والتقدُّم. وأَفْرَطَ في الأَمر: أَسرف وتقدَّم.
والفُرُط: الأَمر يُفْرَط فيه، وقيل: هو الإِعجال، وقيل: النَّدَم. وفرَط
عليه يَفْرُط: عَجِل عليه وعَدا وآذاه. وفرط: تَوانَى ونَسِيَ.
والفَرَطُ: العَجلة. وقال الفراء في قوله تعالى: إِنّا نَخاف أَن يَفْرُط علينا،
قال: يَعْجَل إِلى عُقوبتنا. والعرب تقول: فَرَط منه أَي بَدَر وسبَق.
والإِفْراط: إِعجالُ الشيء في الأَمر قبل التثبُّت. يقال: أَفْرَط فلان في
أَمره أَي عَجِل فيه، وأَفْرَطه أَي أَعجله، وأَفرطت السِّقاءَ ملأْته،
والسحابةُ تُفْرط الماء في أَول الوَسْمِيّ أَي تُعجله وتُقدِّمه.
وأَفْرَطت السحابة بالوسمي: عَجَّلت به، قال سيبويه: وقالوا فَرّطْت إِذا كنت
تُحذّره من بين يديه شيئاً أَو تأْمره أَن يتقدَّم، وهي من أَسماء الفعل
الذي لا يتعدّى.
وفَرْطُ الشهوة والحزن: غلبتهما. وأَفْرط عليه: حَمَّله فوق ما يُطيق.
وكلُّ شيء جاوز قَدْرَه، فهو مُفْرِط. يقال: طول مُفْرِط وقِصَر مُفْرِط.
والإِفراط: الزيادة على ما أُمرت. وأَفرطْت المَزادةَ: ملأْتها. ويقال:
غَدِير مُفْرَط أَي ملآن؛ وأَنشد ابن بري:
يَرَجِّعُ بين خُرْمٍ مُفْرَطاتٍ
صَوافٍ، لم يُكدِّرْها الدِّلاء
وأَفرط الحوضَ والإِناءَ: ملأَه حتى فاض؛ قال ساعدة بن جؤية:
فأَزال ناصِحَها بأَبْيَض مُفْرطٍ،
من ماء أَلْهابٍ بهِنَّ التَّأْلَبُ
أَي مزَجها بماء غَدِير مملوءٍ؛ وقول أَبي وجزة:
لاعٍ يكادُ خَفِيُّ الزَّجْرِ يُفْرِطُه،
مُسْتَرْفِع لِسُرَى المَوْماة هَيَّاج
(* قوله «مسترفع لسرى» أورده في مادة ربع مستربع بسرى وفسره هناك.)
يُفْرِطُه: يملؤه رَوْعاً حتى يذهَب به.
والفَرْطُ، بفتح الفاء: الجبل الصغير، وجمعه فُرُط؛ عن كراع. الجوهري:
والفُرُط واحد الأَفْراط وهي آكام شبيهات بالجبال. يقال: البُوم تَنوح على
الأَفْراط؛ عن أَبي نصر؛ وقال وعْلَة الجَرْمي:
سائلْ مُجاوِرَ جَرْمٍ: هل جَنَيْتُ لهم؟
حَرْ بأَتُفَرِّقُ بين الجِيرةِ الخُلُطِ؟
وهل سَمَوْتُ بجرّارٍ له لَجَبٌ،
جَمِّ الصَّواهِلِ، بين السَّهْلِ والفُرُطِ؟
والفُرْط: سَفْحُ الجبال وهو الجَرُّ؛ عن اليزيدي؛ قال حسان:
ضاقَ عَنّا الشِّعْبُ إِذ نَجْزَعُه،
ومَلأْنا الفُرْطَ منكم والرِّجَلْ
وجمعه أَفراط؛ قال امرؤ القيس:
وقد أُلْبِسَت أَفْراطها ثِنْيَ غَيْهَب
والفَرْط: العَلَم المستقيم يُهتدى به. والفَرْط: رأْس الأَكَمَة
وشخصها، وجمعه أَفْراط وأَفْرُط؛ قال ابن بَرّاقة:
إِذا الليلُ أَدْجَى واكْفَهَرَّت نُجومُه،
وصاح من الأَفْراط بُومٌ جواثِمُ
وقيل: الأَفْراط ههنا تَباشير الصبح لأَن الهامَ تَزْقو عند ذلك، قال:
والأَول أَولى، ونسَب ابن بري هذا البيت للأَجدع الهمداني وقال: أَراد
كأَن الهامَ لما أَحسَّت بالصباح صَرَخت.
وأَفرطْتُ في القول أَي أَكثرت.
وفرَّط في الشيء وفرَّطه: ضيعه وقدَّم العجز فيه. وفي التنزيل العزيز:
أَن تقولَ نفسٌ يا حَسْرتا على ما فرَّطْت في جنْب اللّه؛ أَي مَخافة أَن
تصيروا إِلى حال الندامة للتفريط في أَمر اللّه، والطريق الذي هو طريق
اللّه الذي دعا إِليه، وهو توحيد اللّه والإِقرار بنبوّة رسوله، صلّى اللّه
عليه وسلّم؛ قال صخر البغيّ:
ذلك بَزِّي، فَلَن أُفَرِّطَه،
أَخافُ أَن يُنْجِزوا الذي وعَدُوا
يقول: لا أُخلّفه فأَتقدّم عنه؛ وقال ابن سيده: يقول لا أُضيّعه، وقيل:
معناه لا أُقدّمه وأَتخلّف عنه. والفَرَطُ: الأَمر الذي يفرِّط فيه صاحبه
أَي يضيّع. وفرَّطَ في جَنْب اللّه: ضيَّع ما عنده فلم يعمل له.
وتفارطَت الصلاة عن وقتها: تأَخرت. وفرَّط اللّه عنه ما يكره أَي نَحّاه،
وقَلّما يستعمل إِلا في الشعر؛ قال مُرَقِّش:
يا صاحبَيَّ، تَلَبَّثا لا تُعْجَلا،
وَقِفا برَبْعِ الدار كَيْما تَسْأَلا
فلَعَلَّ بُطْأَ كما يُفَرِّط سَيِّئاً،
أَو يَسْبِق الإِسراعُ خَيْراً مُقْبِلا
والفَرْط: الحِين: يقال: إِنما آتيه الفَرْطَ وفي الفَرْط، وأَتيته
فَرْط أَشهر أَي بعدها؛ قال لبيد:
هلِ النفْسُ إِلاَّ مُتْعةٌ مُسْتعارةٌ،
تُعارُ، فَتَأْتي رَبَّها فَرْطَ أَشهُر؟
وقيل: الفَرْط أَن تأْتيه في الأَيام ولا تكون أَقلّ من ثلاثة ولا أَكثر
من خمس عشرة ليلة. ابن السكيت: الفَرْط أَن يقال آتيك فَرْط يوم أَو
يومين. والفَرْط: اليوم بعد اليومين. أَبو عبيد: الفَرْط أَن تلقَى الرجل
بعد أَيام. يقال: إِنما تلقاه في الفَرْط، ويقال: لقيته في الفَرْط بعد
الفَرْطِ أَي الحِين بعد الحِين. وفي حديث ضُباعة: كان الناس إِنما يذهبون
فَرْطَ يوم أَو يومين فيَبْعَرُون كما تَبْعَرُ الإِبل أَي بعد يومين.
وقال بعض العرب: مضيت فَرْط ساعة ولم أُومِنْ أَنْ أَنْفَلِت، فقيل لهع: ما
فرْط ساعة؟ فقال: كمُذ أَخذت في الحديث، فأَدخل الكاف على مُذْ، وقوله
ولم أومِن أَي لم أَثِقْ ولم أُصدِّق أَني أَنفلِت. وتفارطَتْه الهموم:
أَتته في الفَرْط: وقيل: تسابقت إِليه.
وفَرَّط: كَفَّ عنه وأَمهلَه. وفرَّطْت الرجل إِذا أَمهلتَه.
والفِراط: التَّرْك. وما أَفرط منهم أَحداً أَي ما ترك. وما أَفْرَطْت
من القوم أَحداً أَي ما تركت. وأَفْرَط الشيءَ: نَسِيه. وفي التنزيل:
وأَنَّهم مُفْرَطون؛ قال الفراء: معناه منسيُّون في النار، وقيل: منسيُّون
مضيَّعون متروكون، قال: والعرب تقول أَفْرَطْت منهم ناساً أَي خَلَّفتهم
ونَسِيتهم، قال: ويُقرأُ مُفْرِطون، يقال: كانوا مُفْرِطِين على أَنفسهم في
الذنوب، ويروى مُفَرِّطون كقوله تعالى: يا حَسْرتا على ما فَرَّطْتُ في
جَنْب اللّه، يقول: فيما ترَكْتُ وضيَّعت.
دجا: الدُّجى: سَوادُ الليلِ مَعَ غَيْمٍ، وأَنْ لا ترى نَجْماً ولا
قمَراً، وقيل: هو إذا أَلْبَسَ كلَّ شيءٍ ولَيْس هو من الظُّلْمة، وقالوا:
لَيْلة دُجىً وليالً دُجىً، لا يُجْمع لأَنه مصدر وُصِفَ به، وقد دَجا
الليلُ يدْجُو دَجْواً ودُجُوّاً، فهو داجٍ ودَجِيٌّ، وكذلك أَدْجى وتَدجَّى
الليل؛ قال لبيد:
واضْبِطِ الليلَ، إذا رُمْتَ السُّرى،
وتَدَجَّى بعد فَوْرٍ واعْتَدَلْ
فَوْرَتُه: ظُلْمَتُه. وتَدَجِّيه: سكونُه؛ وشاهد أَدْجى الليلُ قول
الأَجْدَعِ الهَمْداني:
إذا الليلُ أَدْجى واسْتَقَلَّتْ نُجُومُهُ،
وصاحَ من الأَفْراطِ هامٌ حَوائِمُ
الأَفْراطُ: جمع فُرُطٍ وهي الأَكَمة. وكلُّ ما أَلْبَس فقد دجا؛ قال
الشاعر:
فما شِبْهُ كَعْبٍ غَيرَ أَغْتَمَ فاجِرٍ
أَبى، مُذْ دَجا الإسْلامُ، لا يَتَحَنَّفُ
يعني أَلْبَس كُلَّ شيءٍ، وهذا البيتُ شاهِدُ دَجا بمعنى أَلْبَس
وانْتَشَر؛ ومنه قولهم: دَجا الإسلامُ أَي قَوِيَ وأَلْبَسَ كلَّ شيءٍ. وحكي عن
الأَصْمعي أَنَّ دَجا الليلُ بمعنى هَدَأَ وسَكَن؛ وشاهده قول بشر:
أَشِحُّ بها، إذا الظَّلْماءُ أَلْقَتْ
مَراسِيَها، وأَرْدَفَها دُجاها
وفي الحديث: أَنه بعث عُيَيْنة بن بَدْرٍ حين أَسلَم الناسُ ودَجا
الإسْلامُ فأَغارَ على بني عَدِيٍّ، أَي شاع الإسلام وكَثُر، من دَجا الليلُ
إذا تَمَّتْ ظُلْمَته وأَلْبس كلَّ شيء. ودَجا أَمْرُهم على ذلك أَي
صَلَح. وفي الحديث: ما رُؤِيَ مثلُ هذا مُنْذُ دَجا الإسْلامُ، وفي رواية: منذ
دَجَتِ الإسْلامُ فأَنَّث على معنى المِلَّة؛ ومنه الحديث: مَن شَقَّ
عَصا المُسْلِمِين وهُمْ في إسْلامٍ داجٍ، ويروى: دامِجٍ. وفي حديث علي،
كرم الله وجهه: يُوشِكُ أَنْ يَغشاكُمْ دواجي ظُلَلِه أَي ظُلَمُها،
واحِدتها داجِيَةٌ. والدُّجى: جمعُ دُجْيَة وهذه الكلمة واوية ويائية بتقاربِ
المعنى. ودَياجي الليل: حَنادِسُه كأَنه جمع دَيْجاةٍ. ودجا الشيءُ الشيءَ
إذا سَتَرَهُ؛ قال: ومعنى قوله:
أَبى مُذْ دَجا الإسْلامُ لا يَتحَنَّفُ
قال: لَجَّ هذا الكافر أَن يُسْلِم بعدما غَطَّى الإسلامُ بثَوْبِه كُلّ
شيءٍ. ابن سيده: وذهب ابن جني إلى أَن الدُّجى الظُّلْمة واحِدَتها
دُجْية، قال:
وليس من دَجا يَدْجُو ولكنه في معناه. وليل دَجِيٌّ: داجٍ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
والصُّبْحُ خَلْفَ الفَلَق الدَّجِيِّ
والدُّجُوُّ: الظلمة. وليلةٌ داجِيةٌ: مُدْجِية، وقد دَجَتْ تَدْجُو.
وداجى الرجلَ: ساتَرَه بالعَداوة وأَخْفاها عنه فكأَنه أَتاه في
الظُّلمة، وداجاه أَيضاً: عاشَرَه وجامَله. التهذيب: ويقال داجَيْتُ فلاناً إذا
ماسَحْتَه على ما في قلبه وجامَلْته. والمُداجاةُ: المُداراةُ.
والمُداجاةُ: المُطاولة. وداجَيْتُه أَي داريته، وكأَنك ساترته العَداوَةَ؛ وقال
قَعْنَبُ بن أُمِّ صاحِبٍ:
كلٌّ يُداجي على البَغْضاءِ صاحِبَهُ،
ولن أُعالِنَهُمْ إلا بما عَلَنُوا
وذكر أَبو عمرو أَن المُداجاةَ أَيضاً المَنْعُ بين الشِّدَّةِ
والإرْخاء. والدُّجْيَةُ، بالضم: قُتْرةُ الصائد، وجمعها الدُّجى؛ قال
الشَّماخ:عليها الدُّجى المُسْتَنْشَآتُ، كأَنَّها
هوادِجُ مَشْدُودٌ عليها الجزاجِزُ
والدُّجْيَةُ: الصُّوف الأَحمر، وأَراد الشماخ هذا، ويقال دُجىً؛ قال
ابن بري: وقول أُمية بن أَبي عائذ:
به ابنُ الدُّجى لاطِئاً كالطِّحالْ
قيل: الدُّجى جمع دُجْية لقُتْرةِ الصائد، وقيل: جمع دُجْيةٍ للظلمة
لأَنه ينام فيها ليلاً؛ وقال الطِّرِمَّاح في الدُّجْية لقُتْرةِ
الصائد:مُنْطَوٍ في مُسْتوى دُجْيةٍ،
كانْطواءِ الحُرِّ بَيْنَ السِّلامْ
ودُجْيَة القَوْس: جلْدَةٌ قدرُ إصْبَعَين توضع في طَرَف السير الذي
تُعَلَّق به القوس وفيه حَلْقة فيها طرف السير، وقال: الدُّجَة على أَربع
أَصابع من عُنْتُوت القَوْس، وهو الحَزُّ الذي تدخل فيه الغانَة، والغانَة
حَلْقة رأْسِ الوتَر. قال أَبو حنيفة: إذا التَأَمَ السحابُ وتَبَسَّطَ
حتى يَعُمَّ السماء فقد تَدَجَّى. ودجا شَعَرُ الماعزة: أَلْبَس ورَكِب
بَعضُه بَعْضاً ولم يَنْتَفِشْ. وعَنْزٌ دَجْواءُ: سابِغة الشَّعَر، وكذلك
الناقة. ونِعْمة داجِيةَ: سابِغَة؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وإنْ أَصابَتْهُمُ نَعْماءُ داجِيَةٌ
لم يَبْطَرُوها، وإن فاتَتْهُمُ صَبَروُا
ويقال: إنه لفي عَيْشٍ داجٍ دَجِيٍّ، كأَنه يُرادُ به الخَفْضُ؛ وأَنشد:
والعَيْشُ داجٍ كَنفاً جِلْبابُه
ابن الأَعرابي: الدُّجَى صِغارُ النَّحْل، والدُّجْية ولد النَّحْلة،
وجَمْعُها دُجىً؛ قال الشاعرِ:
تَدِبُّ حُمَيَّا الكأْسِ فيهمْ، إذا انْتَشَوْا،
دَبِيبَ الدُّجَى وَسْطَ الضَّرِيبِ المُعَسَّلِ
والدُّجَة: الزِّرُّ، وفي التهذيب: زِرُّ القميص. يقال: أَصلح دُجَة
قمِيصك، والجمع دُجاتٌ ودُجىً. والدُّجَة: الأَصابع وعليها اللُّقْمة. ابن
الأَعرابي قال: محاجاةٌ للأَعْراب: يقولون ثلاثُ دُجَهْ يَحْمِلْنَ دُجَهْ
إلى الغَيْهبانِ فالمِنْثَجَهْ؛ قال: الدُّجَةُ الأَصابعُ الثلاثُ،
والدُّجَةُ اللُّقْمة، والغَيْهَبانُ البَطْنُ، والمِنْثَجَةُ الاسْتُ،
والدَّجْوُ الجِماع؛ وأَنشد:
لَمَّا دَجاها بِمِتَلٍّ كالقَصَب
(* قوله «كالقصب» كذا في الأصل والتهذيب والمحكم، والذي في التكملة:
كالصقب بتقديم الصاد على القاف الساكنة أي كالعمود).