الجذر: ك س ب
مثال: يَكْسَبُ صداقة الآخرين
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لضبط عين المضارع بالفتح.
الصواب والرتبة: -يَكْسِبُ صداقة الآخرين [فصيحة]
التعليق: الثابت في المعاجم أن الفعل «كَسَبَ» من باب «ضَرَبَ»، فمضارعه مكسور العين.
كسب: الكَسْبُ: طَلَبُ الرِّزْقِ، وأَصلُه الجمع. كَسَبَ يَكْسِبُ
كَسْباً، وتَكَسَّبَ واكْتَسَب. قال سيبويه: كَسَبَ أَصابَ، واكْتَسَب:
تَصَرَّف واجْتَهَد. قال ابن جني: قولُه تعالى: لها ما كَسَبَتْ، وعليها ما اكْتَسَبَتْ؛ عَبَّر عن الحسنة بِكَسَبَتْ، وعن السيئة باكْتَسَبَتْ، لأَن معنى كَسَبَ دون معنى اكْتَسَبَ، لِـما فيه من الزيادة، وذلك أَن كَسْبَ الحسنة، بالإِضافة إِلى اكْتِسابِ السيئة، أَمْرٌ يسير ومُسْتَصْغَرٌ، وذلك لقوله، عَزَّ اسْمُه: من جاءَ بالحسنة فله عَشْرُ أَمثالها، ومن جاءَ بالسيئة فلا يُجْزَى إِلا مِثْلَها؛ أَفلا تَرى أَن الحسنةَ تَصْغُر بـإِضافتها إِلى جَزائها، ضِعْف الواحدِ إِلى العشرة؟ ولما كان جَزاءُ السيئة إِنما هو بمثلها لم تُحْتَقَرْ إِلى الجَزاءِ عنها، فعُلم بذلك قُوَّةُ فِعْلِ السيئة على فِعْلِ الحسنة، فإِذا كان فِعْل السيئة ذاهباً بصاحبه إِلى هذه الغاية البعيدة الـمُتَرامِـيَة، عُظِّمَ قَدْرُها وفُخِّمَ لفظ العبارة عنها، فقيل: لها ما كَسَبَتْ وعليها ما اكْتَسَبَتْ، فزيدَ في لفظ فِعْل السيئة، وانْتُقِصَ من لفظ فِعْل الحسنة، لما ذَكَرْنا. وقولهُ تعالى: ما أَغْنَى عنه مالُه وما كَسَبَ؛ قيل: ما كَسَبَ، هنا، ولَدُه، إِنه لَطَيِّبُ الكَسْب، والكِسْبة، والـمَكْسِـبَة، والـمَكْسَبَةِ، والكَسِـيبةِ، وكَسَبْت الرجلَ خيراً فكَسَبَه وأَكْسَبَه إِياه، والأُولى أَعلى؛ قال:
يُعاتِـبُني في الدَّيْنِ قَوْمي، وإِنما * دُيونيَ في أَشياءَ تَكْسِـبُهم حَمْدا
ويُروى: تُكْسِـبُهم، وهذا مما جاءَ على فَعَلْتُه ففَعَل، وتقول: فلانٌ
يَكْسِبُ أَهلَه خَيْراً. قال أَحمد بن يحيـى، كلُّ الناس يقول:
كَسَبَكَ فلانٌ خَيْراً، إِلا ابنَ الأَعرابي، فإِنه قال: أَكْسَبَكَ فلانٌ
خَيْراً.
وفي الحديث: أَطْيَبُ ما يأْكلُ الرجلُ من كسْبه، ووَلَدُه من كَسْبِه.
قال ابن الأَثير: إِنما جَعَلَ الوَلَد كَسْباً، لأَن الوالدَ طَلَبه، وسَعَى في تحصيله؛ والكَسْبُ: الطَّلَبُ والسَّعْيُ في طَلَبِ الرزق
والـمَعيشةِ؛ وأَراد بالطَّيِّب ههنا الـحَلالَ؛ ونفقةُ الوالِدَيْن واجبة على الولد إِذا كانا محتاجَيْنِ عاجِزَيْن عن السَّعْي، عند الشافعي؛ وغيرُه لا يشترط ذلك. وفي حديث خديجة: إِنك لتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ الـمَعْدُومَ. ابن الأَثير: يقال: كَسَبْتُ زيداً مالاً، وأَكْسَبْتُ زيداً مالاً أَي أَعَنْتُه على كَسْبه، أَو جَعَلْتُه
يَكْسِـبُــه، فإِن كان من الأَوّل، فتُريدُ أَنك تَصِلُ إِلى كلِّ مَعْدوم
وتَنالُه، فلا يَتَعَذَّرُ لبُعْدِه عليك، وإِن جعلته متعدِّياً إِلى اثنين،
فتُريدُ أَنك تُعْطِـي الناس الشيءَ المعدومَ عندهم، وتُوَصِّلُه إِليهم.
قال: وهذا أَوْلَى القَوْلَين، لأَنه أَشبه بما قبله، في باب التَّفَضُّل
والإِنْعامِ، إِذ لا إِنْعام في أَن يَكْسِبَ هو لنفسه مالاً كان معدوماً
عنده، وإِنما الإِنعام أَن يُولِـيَه غيرَه. وباب الحظِّ والسعادة في
الاكتساب، غيرُ
بابِ التفضل والإِنعام. وفي الحديث: أَنه نَهَى عن كَسْب الإِماءِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ مطلقاً في رواية أَبي هريرة، وفي
رواية رافع بن خَديج مُقَيَّداً، حتى يُعْلَم من أَين هو، وفي رواية أُخرى: إِلا ما عَمِلَتْ بيدها، ووجهُ الإِطلاق أَنه كان لأَهل مكة والمدينة إِماءٌ، عليهنَّ ضَرائِبُ، يَخْدُمْنَ الناسَ ويأْخُذْنَ أَجْرَهُنَّ،
ويُؤَدِّينَ ضَرائبَهن، ومن تكون مُتَبَذِّلة داخلةً خارجةً وعليها ضريبةٌ فلا يُؤْمَنُ أَن تَبْدُرَ منها زَلَّة، إِما للاستزادة في المعاش، وإِما لشَهوة تَغلِبُ، أَو لغير ذلك، والمعصومُ قليل؛ فنَهَى عن كَسْبِهنَّ مطلقاً تَنَزُّهاً عنه، هذا إِذا كان للأَمة وجهٌ معلومٌ تَكْسِبُ منه، فكيف إِذا لم يكن لها وجه معلوم؟ ورجل كَسُوبٌ وكَسَّابٌ، وتَكَسَّبَ أَي تَكَلَّف الكَسْبَ.
والكَواسِبُ: الجوارحُ.
وكَسابِ: اسم للذئب، وربما جاءَ في الشِّعر كُسَيباً. الأَزهري: وكَسابِ اسم كَلْبة. وفي الصحاح: كَسابِ مثل قَطامِ، اسم كلبة. ابن سيده: وكَسابِ من أَسماءِ إِناث الكلاب، وكذلك كَسْبةُ؛ قال الأَعشى:
ولَزَّ كَسْبةَ أُخْرى، فَرْعُها فَهِقُ
وكُسَيْبٌ: من أَسماءِ الكلاب أَيضاً، وكلُّ ذلك تَفَؤُّلٌ بالكَسْب
والاكتِسابِ. وكُسَيْبٌ: اسم رجل، وقيل: هو جَدُّ العَجَّاج لأُمِّه؛ قال له بعضُ مُهاجِـيه، أُراه جريراً:
يا ابْنَ كُسَيْبٍ! ما علينا مَبْذَخُ، * قد غَلَبَتْكَ كاعِبٌ تَضَمَّخُ
يعني بالكاعب لَيْلى الأَخْيَلِـيَّة، لأَنها هاجتِ العَجَّاجَ فَغَلَبَتْه.
والكُسْبُ: الكُنْجارَقُ، فارسيةٌ؛ وبعضُ أَهل السَّواد يُسَمِّيه
الكُسْبَجَ. والكُسْبُ، بالضم: عُصارةُ الدُّهْن. قال أَبو منصور: الكُسْبُ مُعَرَّبٌ وأَصله بالفارسية كُشْبٌ، فقُلِـبَت الشين سيناً، كما قالوا سابُور، وأَصله شاه بُور أَي مَلِكُ بُور. وبُورُ: الابْنُ، بلسان الفُرْس؛ والدَّشْت أُعْرِبَ، فقيل الدَّسْتُ الصَّحْراءُ.
وكَيْسَبٌ: اسم.
وابنُ الأَكْسَبِ: رَجل من شعرائهم؛ وقيل: هو مَنِـيعُ بن الأَكْسَب بن الـمُجَشَّر، من بني قَطَن ابن نَهْشَل.
جرح: الجَرْح: الفعلُ: جَرَحه يَجْرَحُه جَرْحاً: أَثَّرَ فيه بالسلاح؛
وجَرَّحَه: أَكثر ذلك فيه؛ قال الحطيئة:
مَلُّوا قِراه، وهَرَّتْه كلابُهُمُ،
وجَرَّحُوه بأَنْيابٍ وأَضْراسِ
والاسم الجُرْح، بالضم، والجمع أَجْراح وجُرُوحٌ وجِراحٌ؛ وقيل: لم
يقولوا أَجْراح إِلا ما جاء في شعر، ووجدت في حواشي بعض نسخ الصحاح الموثوق
بها: قال الشيخ، ولم يسمِّه، عنى بذلك قوله
(* قوله «عنى بذلك قوله» أي
قول عبدة بن الطبيب كما في شرح القاموس.):
وَلَّى، وصُرِّعْنَ، من حيثُ التَبَسْنَ به،
مُضَرَّجاتٍ بأَجْراحٍ، ومَقْتُولِ
قال: وهو ضرورة كما قال من جهة السماع.
والجِراحَة: اسم الضربة أَو الطعنة، والجمع جِراحاتٌ وجِراحٌ، على حدّ
دِجاجَة ودِجاج، فإِما أَن يكون مكسَّراً على طرح الزائد، وإِما أَن يكون
من الجمع الذي لا يفارق واحده إِلا بالهاء. الأَزهري: قال الليث
الجِراحَة الواحدة من طعنة أَو ضربة؛ قال الأَزهري: قول الليث الجراحة الواحدة
خطأٌ، ولكن جُرْحٌ وجِراحٌ وجِراحة، كما يقال حجارة وجِمالة وحِبالة لجمع
الحَجَرِ والجَمَل والحبل.
ورجل جَريح من قوم جَرْحى، وامرأَة جَريح، ولا يجمع جمع السلامة لأَن
مؤنثة لا تدخله الهاء، ونِسْوة جَرْحى كرجال جَرْحى. وجَرَّحَه: شُدِّد
للكثرة. وجَرَحَه بلسانه: شتمه؛ ومنه قوله:
لا تَمْضَحَنْ عِرْضي، فإِني ماضِحُ
عِرْضَك، إِن شاتمتني، وقادِحُ
في ساقِ من شاتَمَني، وجارِحُ
وقول النبي، صلى الله عليه وسلم: العَجْماءُ جَرْحُها جُبار؛ فهو بفتح
الجيم لا غير على المصدر؛ ويقال: جَرَح الحاكمُ الشاهدَ إِذا عَثر منه على
ما تَسْقُطُ به عدالته مِن كذب وغيره؛ وقد قيل ذلك في غير الحاكم، فقيل:
جَرَحَ الرجلَ غَضَّ شهادته؛ وقد اسْتُجْرحَ الشاهدُ.
والاستجراحُ: النقصانُ والعيب والفساد، وهو مِنه، حكاه أَبو عبيد قال:
وفي خطبة عبد الملك: وَعَظْتُكم فلم تَزْدادُوا على الموعظة إِلا
استجراحاً أَي فساداً؛ وقيل: معناه إِلا ما يُكْسِبُــكُم الجَرْحَ والطعن عليكم؛
وقال ابن عَوْن: اسْتَجْرَحَتْ هذه الأَحاديثُ؛ قال الأَزهري: ويروى عن
بعض التابعين أَنه قال: كثرت هذه الأحاديث واسْتَجْرَحَتْ أَي فَسَدَت
وقلَّ صِحاحُها، وهو اسْتَفْعَل من جَرَح الشاهدَ إِذا طعن فيه ورَدَّ قوله؛
أَراد أَن الأَحاديث كثرت حتى أَحوجت أَهل العلم بها إِلى جَرْحِ بعض
رواتها، ورَدِّ روايته.
وجَرَح الشيءَ واجْتَرَحَه: كَسَبه؛ وفي التنزيل: وهو الذي يتوفاكم
بالليل ويعلم ما جَرَحْتُمْ بالنهار. الأَزهري: قال أَبو عمرو: يقال لإِناث
الخيل جَوارِحُ، واحدتها جارِحَة لأَنها تُكسب أَربابَها نِتاجَها؛ ويقال:
ما له جارِحَة أَي ما له أُنثى ذاتُ رَحِمٍ تَحْمِلُ؛ وما له جارحة أَي
ما له كاسِبٌ. وجَوارحُ المال: ما وَلَد؛ يقال: هذه الجارية وهذه الفرس
والناقة والأَتان من جوارح المال أَي أَنها شابَّة مُقْبِلَة الرَّحِم
والشباب يُرجَى وَلدُها. وفلان يَجْرَحُ لعياله ويَجْتَرِحُ ويَقْرِشُ
ويَقْتَرِشُ، بمعنى؛ وفي التنزيل: أَم حَسِبَ الذين اجْتَرَحُوا السيِّئات؛
أَي اكتسبوها. فلان جارحُ أَهلِه وجارِحَتُهم أَي كاسِبُهم.
والجوارح من الطير والسباع والكلاب: ذواتُ الصيد لأَنها تَجْرَحُ
لأَهلها أَي تَكْسِبُ لهم، الواحدة جارحة؛ فالبازي جارحة، والكلب الضاري جارحة؛
قال الأَزهري: سمِّيت بذلك لأَنها كواسِبُ أَنفُسِها مِن قولك: جَرَح
واجْترَح؛ وفي التنزيل: يسأَلونك ماذا أُحلَّ لهم قل أُحلَّ لكم الطيباتُ
وما عَلَّمْتُمْ من الجوارح مُكَلِّبينَ؛ قال الأَزهري: فيه محذوف، أَراد
الله عز وجل: وأُحِلَّ لكم صيدُ ما علمتم من الجوارح، فحذف لأَن في
الكلام دليلاً عليه. وجَوارِحُ الإِنسان: أَعضاؤُه وعَوامِلُ جسده كيديه
ورجليه، واحدتها جارحة. لأَنهن يَجْرَحْن الخير والشر أَي يكسبــنه.
وجَرَح له من ماله: قطَع له منه قطعة؛ عن ابن الأَعرابي، ورَدَّ عليه
ثعلبٌ ذلك فقال: إِنما هو جَزَح، بالزاي، وكذلك حكاه أَبو عبيد.
وقد سَمَّوْا جَرَّاحاً، وكَنَوْا بأَبي الجَرَّاح.
قرف: القِرْف: لِحاء الشجر، واحدته قِرْفةٌ، وجمع القِرْف قُروفٌ.
والقُرافة: كالقِرْف. والقِرْف: القِشْر. والقِرْفة: القِشرة. والقِرفة:
الطائفة من القِرْف، وكل قشر قِرف، بالكسر، ومنه قِرْف الرُّمَّانة وقِرف
الخُبْز الذي يُقْشَر ويبقى في التَّنُّور. وقولهم: تَرَكْتُه على مِثل
مَقرِف الصَّمْغة وهو موضع القِرْف أَي مَقْشِر الصمغة، وهو شبيه بقولهم
تَرَكْتُه على مِثل ليلة الصَّدَر. ويقال: صَبَغ ثوبه بقِرْفِ السِّدْر أَي
بقِشره؛ وقِرفُ كل شجرة: قِشرها. والقِرْفة: دواء معروف. ابن سيده:
والقِرْف قِشْر شجرة طيبة الريح يوضع في الدواء والطعام، غَلَبَتْ هذه الصفة
عليها غَلَبة الأَسماء لشرفها. والقِرْف من الخُبْز: ما يُقْشر منه.
وقَرَفَ الشجرة يقرِفُها قَرْفاً: نَحَتَ قِرْفَها، وكذلك قَرَف
القَرْحة فَتَقَرَّفَتْ أَي قَشَرَها، وذلك إذا يبِسَتْ؛ قال عنترة:
عُلالَتُنا في كل يومِ كريهةٍ
بأَسْيافِنا، والقَرْحُ لم يَتَقَرَّفِ
أَي لم يعله ذلك؛ وأَنشد الجوهري عجز هذا البيت:
والجُرْحُ لم يَتَقَرَّف
والصحيح ما أَوردناه. وفي حديث الخوارج: إذا رأَيتموهم فاقْرِفوهم
واقتلوهم؛ هو من قَرَفْتُ الشجرة إذا قَشَرْتَ لحاءها. وقَرَفتُ جلد الرجل إذا
اقْتَلَعْته، أَراد استأْصلوهم. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: قال له
رجل من البادية: متى تَحِلُّ لنا المَيْتة؟ قال: إذا وجَدْتَ قِرْف الأَرض
فلا تَقْرَبْها؛ أَراد ما تَقْتَرِف من بَقْل الأَرض وعُروقه أَي
تَقْتَلِع، وأَصلها أَخذ القشر منه. وفي حديث ابن الزبير: ما على أَحدكم إذا
أَتى المسجدَ أَن يُخرج قِرْفَةَ أَنفه أَي قِشْرَته، يريد المُخاط اليابس
الذي لَزِق به أَي يُنَقّي أَنفه منه. وتقرفت القَرْحة أَي تقشَّرَت. ابن
السكيت: القَرْف مصدر قَرَفْتُ القَرْحة أَقرِفُها قَرْفاً إذا
نَكَأْتَها. ويقال للجُرح إذا تَقَشَّر: قد تَقَرَّف، واسم الجِلْدة القِرْفة.
والقَرْف: الأَديم الأَحمر كأنه قُرِفَ أَي قُشِرَ فبَدتْ حُمْرَتُه، والعرب
تقول: أَحمر كالقَرْف؛ قال:
أَحْمر كالقَرْف وأَحْوى أَدْعَج
وأَحمر قَرِفٌ: شديد الحمرة. وفي حديث عبد الملك: أَراك أَحمَرَ
قَرِفاً؛ القَرِف، بكسر الراء: الشديد الحمرة كأَنه قُرِف أَي قُشِر. وقَرَف
السِّدْرَ: قَشَرَهُ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
اقْتَرِبوا قِرْفَ القِمَعْ
يعني بالقِمَع قِمَع الوَطْب الذي يُصَب فيه اللبن، وقِرْفُه ما يَلْزَق
به من وسَخ اللبن، فأَراد أَنّ هؤلاء المخاطبين أَوساخ ونصبه على النداء
أَي يا قِرْفَ القِمَع.
وقَرف الذَّنْبَ وغيره يَقْرِفُه قَرْفاً واقْتَرَفَه: اكتَسبه.
والاقتراف: الاكتساب. اقترف أَي اكتَسب، واقْتَرَفَ ذنباً أَي أَتاه وفَعَلَه.
وفي الحديث: رجل قَرَف على نفسه ذنُوباً أَي كَسَبَها. ويقال: قَرَفَ
الذنبَ واقْتَرَفه إذا عمله. وقارَفَ الذنبَ وغيرَه: داناهُ ولاصَقَهُ.
وقَرفَه بكذا أَي أَضافه إليه واتَّهَمه به. وفي التنزيل العزيز:
وَليَقْتَرِفُوا ما هُم مُقْتَرِفون. واقْتَرَفَ المالَ: اقْتَناه. والقِرْفة:
الكَسْب. وفلان يَقْرِف لعياله أَي يَكْسِب. وبَعير مُقْتَرَفٌ: وهو الذي
اشْتُرِيَ حَديثاً. وإبل مُقتَرَفَة ومُقْرَفةٌ: مُسْتَجَدَّة. وقَرَفْتُ
الرجل أَي عِبْتُه. ويقال: هو يُقْرَفُ بكذا أَي يُرْمى به ويُتَّهم، فهو
مَقْروفٌ. وقَرَفَ الرجلَ بسوء: رماه، وقَرَفْته بالشيء فاقْتَرَفَ به. ابن
السكيت: قَرْفتُ الرجلَ بالذنب قَرْفاً إذا رَمَيْتَه. الأَصمعي: قَرَف
عليه فهو يَقْرِف قَرْفاً إذا بَغى عليه. وقَرَفَ فلانٌ فلاناً إذا وَقَع
فيه، وأَصل القَرْف القَشْر. وقَرَف عليه قَرْفاً: كَذَبَ. وقَرَفَه
بالشيء: اتّهمه. والقِرْفة: التُّهَمَة. وفلان قِرْفتي أَي تُهَمَتي، أَو هو
الذي أَتَّهِمُه. وبنو فلان قِرْفَتي أَي الذين عندهم أَظُنّ طَلِبَتي.
ويقال: سَلْ بَني فلان عن ناقتك فإنهم قِرْفةٌ أَي تَجِدُ خَبَرَها عندهم.
ويقال أَيضاً: هو قَرَفٌ من ثَوْبي للذي تَتَّهِمُه. وفي الحديث: أَن
النبي، صلى اللّه عليه وسلم، كان لا يأْخذ بالقَرَف أَي التهمة، والجمع
القِراف. وفي حديث علي، كرم اللّه وجهه: أَوَلَمْ يَنْهَ أُمَيَّةَ عِلمُها
بي عن قِرافي أَي عن تُهَمَتي بالمشاركة في دم عثمان، رضي اللّه عنه، وهو
قَرَفٌ أَن يَفْعل وقَرِفٌ أَي خَلِيق، ولا يقال: ما أَقْرَفَه ولا
أَقْرِفْ به، وأَجازهما ابن الأعرابي على مثل هذا . ورجل قَرَفٌ من كذا
وقَرَفٌ بكذا أَي قَمِن؛ قال:
والمرءُ ما دامَتْ حُشاشَتُه،
قَرَفٌ من الحِدْثانِ والأَلَمِ
والتثنية والجمع كالواحد. قال أَبو الحسن: ولا يقال قَرِفٌ ولا قَريفٌ.
وقَرَفَ الشيءَ: خَلَطَهُ. والمُقارَفةُ والقِرافُ: المخالَطة، والاسم
القَرَف. وقارفَ فلانٌ الخطيئة أَي خالطها. وقارف الشيءَ: دَاناه؛ ولا تكون
المقارفة إلا في الأَشياء الدنيّة؛ قال طرفة:
وقِرافُ من لا يَسْتَفِيقُ دَعارَةً
يُعْدي، كما يُعْدي الصحيحَ الأَجْرَبُ
وقال النابغة:
وقارَفَتْ، وهْيَ لم تَجْرَبْ، وباعَ لها
من الفَصافِصِ بالنُّمِّيِّ سِفْسِيرُ
أَي قارَبَتْ أَنْ تَجْرَب. وفي حديث الإفك: إنْ كُنْتِ قارَفْتِ ذنباً
فتوبي إلى اللّه، وهذا راجع إلى المُقاربة والمُداناة. وقارَفَ الجَرَبُ
البعيرَ قِرافاً: داناه شيء منه. والقَرَفُ: العَدْوى. وأَقْرَفَ
الجَرَبُ الصِّحاحَ: أَعْداها. والقَرَف: مُقارَفَة الوَباء. أَبو عمرو: القَرَف
الوَباء، يقال: احذَر القَرَفَ في غنمك. وقد اقْتَرَفَ فلان من مرض آل
فلان، وقد أَقْرَفُوه إقْرافاً: وهو أَن يأْتيهم وهم مَرْضَى فيُصيبَه
ذلك. وقارف فلان الغنم: رعى بالأَرض الوبيئة. والقَرَف، بالتحريك: مداناة
المرض. يقال: أَخْشى عليك القَرَف من ذلك، وقد قرِف، بالكسر. وفي الحديث:
أَن قوماً شكَوْا إلى رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، وَباء أَرضهم،
فقال، صلى اللّه عليه وسلم: تَحوَّلوا فإن من القَرَف التَّلَفَ. قال ابن
الأَثير: القَرَف ملابسة الداء ومداناة المرض، والتَّلَف الهلاك؛ قال: وليس
هذا من باب العَدْوى وإنما هو من باب الطِّبِّ، فإن استصلاح الهواء من
أَعون الأَشياء على صحة الأَبدان، وفساد الهواء من أَسرع الأَشْياء إلى
الأَسقام. والقِرْفة: الهُجْنة. والمُقْرِفُ: الذي دانى الهُجْنة من الفرس
وغيره الذي أُمه عربية وأَبوه ليس كذلك لأَن الإقْراف إنما هو من قِبَل
الفَحْل، والهُجْنَة من قِبَل الأُم. وفي الحديث: أَنه رَكِبَ فرساً لأَبي
طلحة مُقْرِفاً؛ المُقْرِفُ من الخيل الهَجين وهو الذي أُمه بِرْذَوْنةٌ
وأَبوه عَربي، وقيل بالعكْس، وقيل: هو الذي دانى الهجنة من قِبَل أَبيه،
وقيل: هو الذي دانى الهجنة وقارَبَها؛ ومنه حديث عمر، رضي اللّه عنه:
كتَبَ إلى أَبي موسى في البَراذين: ما قارَفَ العِتاق منها فاجعل له سهماً
واحداً، أَي قارَبَها وداناها. وأَقْرَفَ الرجلُ وغيره: دَنا من
الهُجْنَة. والمُقْرِف أَيضاً: النَّذْل؛ وعليه وُجّه قوله:
فإن يَكُ إقْرافٌ فَمِنْ قِبَلِ الفَحْلِ
وقالوا: ما أَبْصَرَتْ عَيْني ولا أَقْرَفَتْ يدي أَي ما دنَتْ منه، ولا
أَقْرَفْتُ لذلك أَي ما دانيتُه ولا خالطت أَهله. وأَقْرَفَ له أَي
داناه؛ قال ابن بري: شاهده قول ذي الرمة:
نَتوج، ولم تُقْرِفْ لِما يُمْتَنى له،
إذا نُتِجَتْ ماتَتْ وحَيَّ سَليلُها
لم تُقْرِفْ: لم تُدانِ ماله مُنْية. والمُنْية: انتِظار لَقْح الناقة
من سبعة أَيام إلى خمْسة عَشَر يوماً. ويقال: ما أَقْرَفَتْ يدي شيئاً مما
تَكرَه أَي ما دانَت وما قارَفَتْ. ووَجْه مُقْرِفٌ: غيرُ حَسَن؛ قال ذو
الرمة:
تُريكَ سُنَّةَ وَجْهٍ غيرَ مُقْرِفةٍ،
مَلْساءَ، ليس بها خالٌ ولا نَدَبُ
والمُقارفة والقِراف: الجماع. وقارَف امرأَته: جامعها. ومنه حديث عائشة،
رضي اللّه عنها: إنْ كان النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لَيُصْبِح جُنُباً
من قِرافٍ غير احتلام ثم يصومُ، أَي من جماع. وفي الحديث في دَفْن أُم
كُلثوم: من كان منكم لم يُقارِف أَهله الليلة فليَدْخُل قبرَها. وفي حديث
عبد اللّه بن حُذافة: قالت له أُمه: أَمِنْتَ أَن تكون أُمُّك قارَفَتْ
بعض ما يقارِف أَهلُ الجاهلية، أَرادت الزنا. وفي حديث عائشة: جاء رجل إلى
رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إني رجل مِقْرافٌ للذنوب أَي
كثير المباشرة لها، ومِفْعالٌ من أَبنية المبالغة. والقَرْف: وِعاء من
أَدَمٍ، وقيل: يُدبَغُ بالقِرفة أَي بقُشور الرمان ويُتَّخذ فيه الخَلْع. وهو
لحم يُتَّخذ بتوابِلَ فيُفْرَغُ فيه، وجمعه قُرُوف؛ قال مُعقِّر بن
حِمار البارِقيّ:
وذُبْيانيَّة وصَّت بنيها:
بأَنْ كذَبَ القَراطِفُ والقُرُوفُ
أَي عليكم بالقَراطِف والقُروف فاغْنموها. وفي التهذيب: القَرْف شيء من
جُلود يُعمل فيه الخَلْع، والخَلع: أَن يُؤخذ لحمُ الجَزُور ويُطبَخَ
بشحمه ثم تُجعل فيه توابلُ ثم تُفْرغ في هذا الجلد. وقال أَبو سعيد في قوله
كذَب القراطف والقروف قال: القَرْف الأَديم، وجمعه قُروفٌ. أَبو عمرو:
القُروف الأَدَم الحُمر، الواحد قَرْف. قال: والقُروف والظُّروف بمعنًى
واحد. وفي الحديث: لكل عَشْر من السرايا ما يَحْمِل القِرافُ من التَّمْر؛
القِراف: جمع قَرْف، بفتح القاف، وهو وِعاء من جلد يُدْبَغ بالقِرْفة، وهي
قشور الرُّمان. وقِرْفةُ: اسم رجل؛ قال:
أَلا أَبْلِغْ لديك بني سُوَيدٍ،
وقِرْفةً، حين مالَ به الولاءُ
وقولهم في المثل: أَمْنَعُ من أُم قِرْفة؛ هي اسم امرأَة. التهذيب: وفي
الحديث أَن جاريتين كانتا تُغَنِّيان بما تقارَفَتْ به الأَنصارُ يوم
بُعاثٍ؛ هكذا رُوي في بعض طرقه.
خرج: الخُروج: نقيض الدخول. خَرَجَ يَخْرُجُ خُرُوجاً ومَخْرَجاً، فهو
خارِجٌ وخَرُوجٌ وخَرَّاجٌ، وقد أَخْرَجَهُ وخَرَجَ به. الجوهري: قد يكون
المَخْرَجُ موضعَ الخُرُوجِ. يقال: خَرَجَ مَخْرَجاً حَسَناً، وهذا
مَخْرَجُه. وأَما المُخْرَجُ فقد يكون مصدرَ قولك أَخْرَجَه، والمفعولَ به
واسمَ المكان والوقت، تقول: أَخْرِجْني مُخْرَجَ صِدْقٍ، وهذا مُخْرَجُه،
لأَن الفعل إِذا جاوز الثلاثة فالميم منه مضمومة، مثل دَحْرَجَ، وهذا
مُدَحْرَجُنا، فَشُبِّهَ مُخْرَجٌ ببنات الأَربعة.
والاستخراجُ: كالاستنباط.
وفي حديث بَدْرٍ: فاخْتَرَجَ تَمَراتٍ من قِرْبةٍ أَي أَخْرَجَها، وهو
افْتَعَلَ منه.
والمُخارَجَةُ: المُناهَدَةُ بالأَصابع.
والتَّخارُجُ: التَّناهُدُ؛ فأَما قول الحسين بن مُطَيْرٍ:
ما أَنْسَ، لا أَنْسَ مِنْكُمْ نَظْرَةً شَغَفَتْ،
في يوم عيدٍ، ويومُ العيدِ مَخْرُوجُ
فإِنه أَراد مخروجٌ فيه، فحذف؛ كما قال في هذه القصيدة:
والعينُ هاجِعَةٌ والرُّوح مَعْرُوجُ
أَراد معروج به.
وقوله عز وجل: ذلك يَوْمُ الخُروجِ؛ أَي يوم يخرج الناس من الأَجداث.
وقال أَبو عبيدة: يومُ الخُروجِ من أَسماء يوم القيامة؛ واستشهدَ بقول
العجاج:
أَلَيسَ يَوْمٌ سُمِّيَ الخُرُوجا،
أَعْظَمَ يَوْمٍ رَجَّةً رَجُوجا؟
أَبو إِسحق في قوله تعالى: يوم الخروج أَي يوم يبعثون فيخرجون من
الأَرض. ومثله قوله تعالى: خُشَّعاً أَبصارُهُمُ يَخْرُجون من الأَجْداثِ. وفي
حديث سُوَيْدِ بن عَفَلَةَ: دخل عليَّ عليٌّ، رضي الله عنه، في يوم
الخُرُوج، فإِذا بين يديه فاتُورٌ عليه خُبْزُ السَّمْراء وصحفةٌ فيها
خَطِيفَةٌ. يَوْم الخُروجِ؛ يريد يوم العيد، ويقال له يوم الزينة ويوم المشرق.
وخُبْزُ السَّمْراءِ: الخُشْكارُ، كما قيل لِلُّبابِ الحُوَّارَى
لبياضه.واخْتَرَجَهُ واسْتَخْرجَهُ: طلب إِليه أَن منه أَن يَخْرُجَ. وناقَةٌ
مُخْتَرِجَةٌ إِذا خرجت على خِلْقَةِ الجَمَلِ البُخْتِيِّ. وفي حديث قصة:
أَن الناقة التي أَرسلها الله، عز وجل،آيةً لقوم صالح، عليه السلام، وهم
ثمود، كانت مُخْتَرَجة، قال: ومعنى المختَرَجة أَنها جُبلت على خلقة
الجمل، وهي أَكبر منه وأَعظم.
واسْتُخْرِجَتِ الأَرضُ: أُصْلِحَتْ للزراعة أَو الغِراسَةِ، وهو من ذلك
عن أَبي حنيفة. وخارجُ كلِّ شيءٍ: ظاهرُه. قال سيبويه: لا يُستعمل ظرفاً
إِلا بالحرف لأَنه مخصوص كاليد والرجل؛ وقول الفرزدق:
عَلى حِلْفَةٍ لا أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِماً،
ولا خارِجاً مِن فِيِّ زُورُ كلامِ
أَراد: ولا يخرج خروجاً، فوضع الصفة موضع المصدر لأَنه حمله على عاهدت.
والخُروجُ: خُروجُ الأَديب والسائق ونحوهما يُخَرَّجُ فيَخْرُجُ.
وخَرَجَتْ خَوارجُ فلان إِذا ظهرتْ نَجابَتُهُ وتَوَجَّه لإِبرام
الأُمورِ وإِحكامها، وعَقَلَ عَقْلَ مِثْلِه بعد صباه.
والخارِجِيُّ: الذي يَخْرُجُ ويَشْرُفُ بنفسه من غير أَن يكون له قديم؛
قال كثير:
أَبا مَرْوانَ لَسْتَ بِخارِجيٍّ،
وليس قَديمُ مَجْدِكَ بانْتِحال
والخارِجِيَّةُ: خَيْل لا عِرْقَ لها في الجَوْدَة فَتُخَرَّجُ سوابقَ،
وهي مع ذلك جِيادٌ؛ قال طفيل:
وعارَضْتُها رَهْواً على مُتَتَابِعٍ،
شَديدِ القُصَيْرى، خارِجِيٍّ مُجَنَّبِ
وقيل: الخارِجِيُّ كل ما فاق جنسه ونظائره. قال أَبو عبيدة: من صفات
الخيل الخَرُوجُ، بفتح الخاء، وكذلك الأُنثى، بغير هاءٍ، والجمع الخُرُجُ،
وهو الذي يَطول عُنُقُهُ فَيَغْتالُ بطولها كلَّ عِنانٍ جُعِلَ في لجامه؛
وأَنشد:
كلّ قَبَّاءَ كالهِراوةِ عَجْلى،
وخَروجٍ تَغْتالُ كلَّ عِنانِ
الأَزهري: وأَما قول زهير يصف خيلاً:
وخَرَّجَها صَوارِخَ كلِّ يَوْمٍ،
فَقَدْ جَعَلَتْ عَرائِكُها تَلِينُ
فمعناه: أَن منها ما به طِرْقٌ، ومنها ما لا طِرْقَ به؛ وقال ابن
الأَعرابي: معنى خَرَّجَها أَدَّبها كما يُخَرِّجُ المعلم تلميذه.
وفلانٌ خَرِيجُ مالٍ وخِرِّيجُه، بالتشديد، مثل عِنِّينٍ، بمعنى مفعول
إِذا دَرَّبَهُ وعَلَّمَهُ. وقد خَرَّجَهُ في الأَدبِ فَتَخَرَّجَ.
والخَرْجُ والخُرُوجُ: أَوَّلُ ما يَنْشَأُ من السحاب. يقال: خَرَجَ
لَهُ خُرُوجٌ حَسَنٌ؛ وقيل: خُرُوجُ السَّحَاب اتِّساعُهُ وانْبِساطُه؛ قال
أَبو ذؤَيب:
إِذا هَمَّ بالإِقْلاعِ هَبَّتْ له الصَّبا،
فَعَاقَبَ نَشْءٌ بعْدها وخُرُوجُ
الأَخفش: يقال للماء الذي يخرج من السَّحاب: خَرْجٌ وخُرُوجٌ. الأَصمعي:
يقال أَوَّل ما يَنْشَأُ السحابُ، فهو نَشْءٌ. التهذيب: خَرَجَت السماء
خُروجاً إِذا أَصْحَتْ بعد إِغامَتِها؛ وقال هِمْيان يصف الإِبل
وورودها:فَصَبَّحَتْ جابِيَةً صُهارِجَا؛
تَحْسَبُه لَوْنَ السَّماءِ خارِجَا
يريد مُصْحِياً؛ والسحابةُ تُخْرِجُ السحابةَ كما تُخْرِجُ الظَّلْمَ.
والخَرُوجُ من الإِبل: المِعْناقُ المتقدمة. والخُرَاجُ: ورَمٌ يَخْرُجُ
بالبدن من ذاته، والجمع أَخْرِجَةٌ وخِرْجَانٌ. غيره: والخُرَاجُ ورَمُ
قَرْحٍ يخرج بداية أَو غيرها من الحيوان. الصحاح: والخُرَاجُ ما يَخْرُجُ
في البدن من القُرُوح.
والخَوَارِجُ: الحَرُورِيَّةُ؛ والخَارِجِيَّةُ: طائفة منهم لزمهم هذا
الاسمُ لخروجهم عن الناس. التهذيب: والخَوَارِجُ قومٌ من أَهل الأَهواء
لهم مَقالَةٌ على حِدَةٍ.
وفي حديث ابن عباس أَنه قال: يَتَخَارَجُ الشَّريكانِ وأَهلُ الميراث؛
قال أَبو عبيد: يقول إِذا كان المتاع بين ورثة لم يقتسموه أَو بين شركاء،
وهو في يد بعضهم دون بعض، فلا بأْس أَن يتبايعوه، وإِن لم يعرف كل واحد
نصيبه بعينه ولم يقبضه؛ قال: ولو أَراد رجل أَجنبي أَن يشتري نصيب بعضهم
لم يجز حتى يقبضه البائع قبل ذلك؛ قال أَبو منصور: وقد جاءَ هذا عن ابن
عباس مفسَّراً على غير ما ذكر أَبو عبيد. وحدَّث الزهري بسنده عن ابن عباس،
قال: لا بأْس أَن يَتَخَارَج القومُ في الشركة تكون بينهم فيأْخذ هذا
عشرة دنانير نقداً، ويأْخذ هذا عشرة دنانير دَيْناً. والتَّخارُجُ:
تَفاعُلٌ من الخُروج، كأَنه يَخْرُجُ كلُّ واحد من شركته عن ملكه إِلى صاحبه
بالبيع؛ قال: ورواه الثوري بسنده على ابن عباس في شريكين: لا بأْس أَن
يتخارجا؛ يعني العَيْنَ والدَّيْنَ؛ وقال عبد الرحمن بن مهدي: التخارج أَن
يأْخذ بعضهم الدار وبعضهم الأَرض؛ قال شمر: قلت لأَحمد: سئل سفيان عن أَخوين
ورثا صكّاً من أَبيهما، فذهبا إِلى الذي عليه الحق فتقاضياه؛ فقال: عندي
طعام، فاشتريا مني طعاماً بما لكما عليَّ، فقال أَحد الأَخوين: أَنا آخذ
نصيبي طعاماً؛ وقال الآخر: لا آخذ إِلاّ دراهم، فأَخذ أَحدهما منه عشرة
أَقفرة بخمسين درهماً بنصيبه؛ قال: جائز، ويتقاضاه الآخر، فإِن تَوَى ما
على الغريم، رجع الأَخ على أَخيه بنصف الدراهم التي أَخذ، ولا يرجع
بالطعام. قال أَحمد: لا يرجع عليه بشيء إِذا كان قد رضي به، والله
أَعلم.وتَخَارَجَ السَّفْرُ: أَخْرَجُوا نفقاتهم.
والخَرْجُ والخَرَاجُ، واحدٌ: وهو شيء يُخْرِجُه القومُ في السَّنَةِ
مِن مالهم بقَدَرٍ معلوم. وقال الزجاج: الخَرْجُ المصدر، والخَرَاجُ: اسمٌ
لما يُخْرَجُ. والخَرَاجُ: غَلَّةُ العبد والأَمة. والخَرْجُ والخَراج:
الإِتاوَةُ تُؤْخذ من أَموال الناس؛ الأَزهري: والخَرْجُ أَن يؤَدي إِليك
العبدُ خَرَاجَه أَي غلته، والرَّعِيَّةُ تُؤَدِّي الخَرْجَ إِلى
الوُلاةِ. وروي في الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: الخَرَاجُ
بالضمان؛ قال أَبو عبيد وغيره من أَهل العلم: معنى الخراج في هذا الحديث
غلة العبد يشتريه الرجلُ فيستغلُّه زماناً، ثم يَعْثُرُ منه على عَيْبٍ
دَلَّسَهُ البائعُ ولم يُطْلِعْهُ عليه، فله رَدُّ العبد على البائع
والرجوعُ عليه بجميع الثمن، والغَّلةُ التي استغلها المشتري من العبد طَيِّبَةٌ
له لأَنه كان في ضمانه، ولو هلك هلك من ماله. وفسر ابن الأَثير قوله:
الخراج بالضمان؛ قال: يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة، عبداً
كان أَو أَمة أَو ملكاً، وذلك أَن يشتريه فيستغله زماناً، ثم يعثر فيه على
عيب قديم، فله رد العين المبيعة وأَخذ الثمن، ويكون للمشتري ما استغله
لأَن المبيع لو كان تلفَ في يده لكان من ضمانه، ولم يكن له على البائع شيء؛
وباء بالضمان متعلقة بمحذوف تقديره الخراج مستحق بالضمان أَي بسببه،
وهذا معنى قول شريح لرجلين احتكما إِليه في مثل هذا، فقال للمشتري: رُدَّ
الداءَ بدائه ولك الغلةُ بالضمان. معناه: رُدَّ ذا العيب بعيبه، وما حصل
في يدك من غلته فهو لك.
ويقال: خَارَجَ فلانٌ غلامَه إِذا اتفقا على ضريبة يَرُدُّها العبدُ على
سيده كلَّ شهر ويكون مُخَلًّى بينه وبين عمله، فيقال: عبدٌ مُخَارَجٌ.
ويُجْمَعُ الخَراجُ، الإِتَاوَةُ، على أَخْراجٍ وأَخَارِيجَ وأَخْرِجَةٍ.
وفي التنزيل: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ. قال
الزجاج: الخَرَاجُ الفَيْءُ، والخَرْجُ الضَّريبَةُ والجزية؛ وقرئ: أَم
تسأَلهم خَرَاجاً. وقال الفراء. معناه: أَمْ تسأَلهم أَجراً على ما جئت
به، فأَجر ربك وثوابه خيرٌ. وأَما الخَرَاجُ الذي وظفه عمرُ بن الخطاب، رضي
الله عنه، على السواد وأَرضِ الفَيْء فإِن معناه الغلة أَيضاً، لأَنه
أَمر بِمَسَاحَةِ السَّوَادِ ودفعها إِلى الفلاحين الذين كانوا فيه على غلة
يؤدونها كل سنة، ولذلك سمي خَراجاً، ثم قيل بعد ذلك للبلاد التي افتتحت
صُلْحاً ووظف ما صولحوا عليه على أَراضيهم: خراجية لأَن تلك الوظيفة
أَشبهت الخراج الذي أُلزم به الفلاَّحون، وهو الغلة، لأَن جملة معنى الخراج
الغلة؛ وقيل للجزية التي ضربت على رقاب أَهل الذِّمَّة: خراج لأَنه كالغلة
الواجبة عليهم. ابن الأَعرابي: الخَرْجُ على الرؤوس، والخَرَاجُ على
الأَرضين. وفي حديث أَبي موسى: مثلُ الأُتْرُجَّةِ طَيِّبٌ رِيحُها، طَيِّبٌ
خَرَاجُها أَي طَعْمُ ثمرها، تشبيهاً بالخَرَاجِ الذي يقع على الأَرضين
وغيرها.
والخُرْجُ: من الأَوعية، معروفٌ، عربيٌّ، وهو هذا الوعاء، وهو جُوالِقٌ
ذو أَوْنَيْنِ، والجمع أَخْراجٌ وخِرَجَةٌ مثلُ جُحْرٍ وجِحَرَة.
وأَرْضٌ مُخَرَّجَةٌ أَي نَبْتُها في مكانٍ دون مكانٍ. وتَخْريجُ
الراعية المَرْتَعَ: أَن تأْكل بعضَه وتترك بعضه. وخَرَّجَت الإِبلُ المَرْعَى:
أَبقت بعضه وأَكلت بعضه.
والخَرَجُ، بالتحريك: لَوْنانِ سوادٌ وبياض؛ نعامة خَرْجَاءُ، وظَلِيمٌ
أَخْرَجُ بَيِّنُ الخَرَجِ، وكَبْشٌ أَخْرَجُ. واخْرَجَّتِ النعامةُ
اخْرِجاجاً، واخْرَاجَّتْ اخْرِيجاجاً أَي صارت خَرْجاءَ. أَبو عمرو:
الأَخْرَجُ من نَعْتِ الظَّلِيم في لونه؛ قال الليث: هو الذي لون سواده أَكثر من
بياضه كلون الرماد. التهذيب: أَخْرَجَ الرجلُ إِذا تزوج بِخِلاسِيَّةٍ.
وأَخْرَجَ إِذا اصْطادَ الخُرْجَ، وهي النعام؛ الذَّكَرُ أَخْرَجُ
والأُنثى خَرْجاءُ، واستعاره العجاج للثوب فقال:
إِنَّا، مُذْكِي الحُرُوبِ أَرَّجا،
ولَبِسَتْ، للْمَوتِ، ثَوباً أَخْرَجا
أَي لبست الحروب ثوباً فيه بياض وحمرة من لطخ الدم أَي شُهِّرَتْ
وعُرِفَتْ كشهرة الأَبلق؛ وهذا الرجز في الصحاح:
ولبست للموت جُلاًّ أَخرجها
وفسره فقال: لبست الحروب جُلاًّ فيه بياض وحمرة. وعامٌ فيه تَخْرِيجٌ
أَي خِصْبٌ وجَدْبٌ. وعامٌ أَخْرَجُ: فيه جَدْبٌ وخِصْبٌ؛ وكذلك أَرض
خَرْجَاءُ وفيها تَخرِيجٌ. وعامٌ فيه تَخْرِيجٌ إِذا أَنْبَتَ بعضُ المواضع
ولم يُنْبِتْ بَعْضٌ. وأَخْرَجَ: مَرَّ به عامٌ نصفُه خِصبٌ ونصفه جَدْبٌ؛
قال شمر: يقال مررت على أَرض مُخَرَّجة وفيها على ذلك أَرْتاعٌ.
والأَرتاع: أَماكن أَصابها مطر فأَنبتت البقل، وأَماكن لم يصبها مطر، فتلك
المُخَرَّجةُ. وقال بعضهم: تخريج الأَرض أَن يكون نبتها في مكان دون مكان، فترى
بياض الأَرض في خضرة النبات. الليث: يقال خَرَّجَ الغلامُ لَوْحَه
تخْريجاً إِذا كتبه فترك فيه مواضع لم يكتبها؛ والكتابٌ إِذا كُتب فترك منه
مواضع لم تكتب، فهو مُخَرَّجٌ. وخَرَّجَ فلانٌ عَمَله إِذا جعله ضروباً
يخالف بعضه بعضاً.
والخَرْجاءُ: قرية في طريق مكة، سمِّيَت بذلك لأَن في أَرضها سواداً
وبياضاً إِلى الحمرة.
والأَخْرَجَةُ: مرحلة معروفة، لونها ذلك.
والنجوم تُخَرِّجُ اللَّوْنَ
(* قوله «والنجوم تخرج اللون إلخ» كذا
بالأصل ومثله في شرح القاموس والنجوم تخرج لون الليل فيتلون إلخ بدليل الشاهد
المذكور.) فَتَلَوَّن بِلَوْنَيْنِ من سواده وبياضها؛ قال:
إِذا اللَّيْلُ غَشَّاها، وخَرَّج لَوْنَهُ
نُجُومٌ، كأَمْثالِ المصابيحِ، تَخْفِقُ
وجَبَلٌ أَخْرَجُ، كذلك. وقارَةٌ خَرْجَاءُ: ذاتُ لَوْنَيْنِ. ونَعْجَةٌ
خَرْجاءٌ: وهي السوداء البيضاءُ إِحدى الرجلين أَو كلتيهما والخاصرتين،
وسائرُهما أَسودُ. التهذيب: وشاةٌ خَرْجاءُ بيضاء المُؤَخَّرِ، نصفها
أَبيض والنصف الآخر لا يضرك ما كان لونه. ويقال: الأَخْرَجُ الأَسْوَدُ في
بياض، والسوادُ الغالبُ. والأَخْرَجُ من المِعْزَى: الذي نصفه أَبيض ونصفه
أَسود. الجوهري: الخَرْجاءُ من الشاء التي ابيضت رجلاها مع الخاصرتين؛
عن أَبي زيد. والأَخْرَجُ: جَبَلٌ معروف للونه، غلب ذلك عليه، واسمه
الأَحْوَلُ. وفرسٌ أَخْرَجُ: أَبيض البطن والجنبين إِلى منتهى الظهر ولم يصعد
إِليه، ولَوْنُ سائره ما كان. والأَخْرَجُ: المُكَّاءُ، لِلَوْنِهِ.
والأَخْرَجانِ: جبلان معروفان، وأَخْرَجَةُ: بئر احتفرت في أَصل
أَحدهما؛ التهذيب: وللعرب بئر احتفرت في أَصل جبلٍ أَخْرَجَ يسمونها أَخْرَجَةَ،
وبئر أُخرى احتفرت في أَصل جبل أَسْوَدَ يسمونها أَسْوَدَةَ، اشتقوا
لهما اسمين من نعت الجبلين. الفراءُ: أَخْرَجَةُ اسم ماءٍ وكذلك أَسْوَدَةُ؛
سميتا بجبلين، يقال لأَحدهما أَسْوَدُ وللآخر أَخْرَجُ.
ويقال: اخْترَجُوه، بمعنى استخرجُوه.
وخَرَاجِ والخَرَاجُ وخَرِيجٌ والتَّخْريجُ، كلُّه: لُعْبةٌ لفتيان
العرب. وقال أَبو حنيفة: الخَرِيجُ لعبة تسمى خَرَاجِ، يقال فيها: خَراجِ
خَرَاجِ مثل قَطامِ؛ وقول أَبي ذؤَيب الهذلي:
أَرِقْتُ له ذَاتَ العِشَاءِ، كأَنَّهُ
مَخَارِيقُ، يُدْعَى تَحْتَهُنَّ خَرِيجُ
والهاء في له تعود على برق ذكره قبل البيت، شبهه بالمخاريق وهي جمع
مِخْرَاقٍ، وهو المِنْديلُ يُلَفُّ ليُضْرَبَ به. وقوله: ذاتَ العِشاءِ أَراد
به الساعة التي فيها العِشاء، أَراد صوت اللاعبين؛ شبه الرعد به؛ قال
أَبو علي: لا يقال خَرِيجٌ، وإِنما المعروف خَراجِ، غير أَن أَبا ذؤيب
احتاج إِلى إِقامة القافية فأَبدل الياءَ مكان الأَلف. التهذيب: الخَرَاجُ
والخَرِيجُ مُخَارجة: لعبة لفتيان الأَعراب.؛ قال الفراء: خَرَاجِ اسم لعبة
لهم معروفة، وهو أَن يمسك أَحدهم شيئاً بيده، ويقول لسائرهم: أَخْرِجُوا
ما في يدي؛ قال ابن السكيت: لعب الصبيان خَرَاجِ، بكسر الجيم، بمنزلة
دَرَاكِ وقَطَامِ.
والخَرْجُ: وادٍ لا مَنفذ فيه، ودارَةُ الخَرْجِ هنالك.
وبَنُو الخَارِجِيَّةِ: بَطْنٌ من العرب ينسبون إِلى أُمّهم، والنسبة
إِليهم خارِجِيٌّ؛ قال ابن دريد: وأَحسبها من بني عمرو بن تميم.
وخارُوجٌ: ضرب من النَّخل.
قال الخليل بن أَحمد: الخُرُوجُ الأَلف التي بعد الصلة في القافية، كقول
لبيد:
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّها فَمُقَامُها
فالقافية هي الميم، والهاء بعد الميم هي الصلة، لأَنها اتصلت بالقافية،
والأَلف التي بعد الهاء هي الخُرُوجُ؛ قال الأَخفَش: تلزم القافية بعد
الروي الخروج، ولا يكون إِلا بحرف اللين، وسبب ذلك أَن هاء الإِضمار لا
تخلو من ضم أَو كسر أَو فتح نحو: ضربه، ومررت به، ولقيتها، والحركات إِذا
أُشبعت لم يلحقها أَبداً إِلا حروف اللين، وليست الهاء حرف لين فيجوز أَن
تتبع حركة هاء الضمير؛ هذا أَحد قولي ابن جني، جعل الخروج هو الوصل، ثم
جعل الخروج غير الوصل، فقال: الفرق بين الخروج والوصل أَن الخروج أَشد
بروزاً عن حرف الروي واكتنافاً من الوصل لأَنه بعده، ولذلك سمي خروجاً لأَنه
برز وخرج عن حرف الروي، وكلما تراخى الحرف في القافية وجب له أَن يتمكن
في السكون واللين، لأَنه مقطع للوقف والاستراحة وفناء الصوت وحسور النفس،
وليست الهاء في لين الأَلف والياء والواو، لأَنهن مستطيلات ممتدات.
والإِخْرِيجُ: نَبْتٌ.
وخَرَاجِ: فَرَسُ جُرَيْبَةَ بن الأَشْيَمِ الأَسدي. والخَرْجُ: اسم
موضع باليمامة. والخَرْجُ: خِلافُ الدَّخْلِ.
ورجل خُرَجَةٌ وُلَجَةٌ مثال هُمَزة أَي كثير الخروج والولوج.
زيد بن كثوة: يقال فلانٌ خَرَّاجٌ وَلاّجٌ؛ يقال ذلك عند تأْكيد
الظَّرْفِ والاحتيال. وقيل: خَرّاجٌ وَلاّجٌ إِذا لم يسرع في أَمر لا يسهل له
الخروج منه إِذا أَراد ذلك.
وقولهم: أَسْرَعُ من نِكاحِ أُمِّ خارجَةَ، هي امرأَة من بَجِيلَةَ،
ولدت كثيراً في قبائلَ من العرب، كانوا يقولون لها: خِطْبٌ فتقول: نِكْحٌ
وخارجةُ ابنها، ولا يُعْلَمُ ممن هو؛ ويقال: هو خارجة بن بكر بن يَشْكُرَ
بن عَدْوانَ بن عمرو بن قيس عَيْلانَ.
وخَرْجاءُ: اسمُ رَكِيَّة بعينها.
وخَرْجٌ: اسم موضع بعينه.
جرم: الجَرْمُ: القَطْعُ. جَرَمَه يَجْرِمُه جَرْماً: قطعه. وشجرة
جَرِيمَةٌ: مقطوعة. وجَرَمَ النَّخْلَ والتَّمْرَ يَجْرِمه جَرْماً وجِراماً
وجَراماً واجْتَرَمه: صَرَمَه: عن اللحياني، فهو جارمٌ، وقوم جُرَّمٌ
وجُرَّام، وتمر جَرِيم: مَجْرُوم. وأَجْرَمَ: حان جِرامُه؛ وقول ساعدة بن
جؤية:
(* قوله «وقول ساعدة بن جؤية» أي يصف سحاباً كما في ياقوت وقبله:
أفعنك لا برق كأنّ وميضه * غاب تشيمه ضرام مثقب
قال الأزهري: ساد أي مهمل، وقال أَبو عمرو: السادي الذي يبيت حيث يمسي.
وتجرم أي قطع ثمانياً في البضيع وهي جزيرة بالبحر. يلوي بماء البحر: أي
يحمله ليمطره ببلده).
سَادٍ تَجَرَّمَ في البَضِيع ثمانِياً،
يَلْوِي بعَيْقاتِ البحار ويَجْنُبُ
يقول: قطع ثماني ليال مقيماً في البضيع يشرب الماء؛ والجَرِيم:
النَّوَى، واحدته جَرِيمة، وهو الجَرامُ أَيضاً؛ قال ابن سيده: ولم أَسمع للجَرام
بواحد، وقيل: الجَرِيمُ والجَرامُ، بالفتح، التمر اليابس؛ قال:
يَرَى مَجْداً ومَكْرُمَةً وعِزّاً،
إذا عَشَّى الصَّديِقَ جَرِيمَ تمرِ
والجُرامَة: التمر المَجْرُوم، وقيل: هو ما يُجْرَمُ منه بعدما يُصْرَمُ
يُلْقَطُ من الكَرَب؛ وقال الشماخ:
مُفِجُّ الحَوامِي عن نُسُورٍ، كأَنَّها
نَوَى القَسْبِ تَرَّتْ عن جَرِيم مُلَجْلَجِ
(* قوله «عن نسور» الذي في نسخة التهذيب: من، بالميم).
أَراد النوى؛ وقيل: الجَرِيم البُؤْرَةُ التي يُرْضَحُ فيها النَّوَى.
أَبو عمرو: الجَرام، بالفتح، والجَرِيمُ هما النوى وهما أَيضاً التمر
اليابس؛ ذكرهما ابن السكيت في باب فَعِيل وفَعالٍ مثل شَحاجٍ وشَحيج وكَهامٍ
وكَهِيم وعَقامٍ وعَقِيمٍ وبَجَالٍ وبَجِيل وصَحاحِ الأَدِيم وصَحِيح.
قال: وأَما الجِرام، بالكسر، فهو جمع جَرِيم مثل كريم وكرام. يقال: جِلَّةٌ
جَرِيمٌ أي عِظامُ الأَجْرام، والجِلَّة: الإبلُ المَسانُّ. وروي عن
أَوْس بن حارثَةَ أنه قال: لا والذي أَخْرَجَ العِذْقَ من الجَريمة والنارَ
من الوثِيمةِ؛ أَراد بالجريمة النواةَ أَخرج الله تعالى منها النخلة.
والوَثِيمةُ: الحجارة المكسورة. والجَريمُ: التمر المَصْرُوم.
والجُرامةُ: قِصَدُ البُرِّ والشعير، وهي أَطرافه تُدَقُّ ثم تُنَقَّى،
والأعرفُ الجُدَامَة، بالدال، وكله من القَطْع.
وجَرَمَ النَّخْلَ جَرْماً واجْتَرَمَه: خَرَصَه وجَرَّه.
والجِرْمةُ: القومُ يَجْتَرِمون النخلَ أي يَصْرِمُون؛ قال امرؤ القيس:
عَلَوْنَ بأَنْطاكِيَّةٍ، فَوْقَ عَقْمَةٍ،
كجِرْمةِ نَخْلٍ أو كجَنَّة يَثْرِبِ
الجِرْمَةُ: ما جُرِمَ وصُرِمَ من البُسْر، شبه ما على الهودج من وَشْيٍ
وعِهْنٍ بالبُسْر الأَحمر والأَصفر، أو بجنة يثرب لأنها كثيرة النخل،
والعَقْمةُ: ضرب من الوَشْيِ.
الأصمعي: الجُرامة، بالضم، ما سقط من التمر إذا جُرِمَ، وقيل: الجُرامة
ما الْتُقِطَ من التمر بعدما يُصْرَمُ يُلْقَط من الكَرَبِ. أَبو عَمْرو:
جَرِمَ الرجل
(* قوله «أبو عمرو جرم الرجل إلخ» عبارة الازهري: عمرو عن
أبيه جرم إلخ) إذا صار يأْكل جُرامة النخل بين السَّعَفِ. ويقال: جاء
زمنُ الجِرامِ والجَرام أي صِرامِ النخل. والجُرَّامُ: الذي يِصْرِمونَ
التمر. وفي الحديث: لا تَذْهَبُ مائةُ سنةٍ وعلى الأرض عَيْنٌ تَطْرِفُ،
يريد تَجَرُّم ذلك القَرْنِ. يقال: نَجَرَّم ذلك القَرْنُ أي انْقَضَى
وانْصَرَم، وأصله من الجَرْم القَطْعِ، ويروى بالخاء المعجمة من الخَرْم، وهو
القطع.
وجَرَمْتُ صُوفَ الشاة أَي جَزَزْته، وقد جَرَمْتُ منه إذا أَخذت منه
مثل جَلَمْتُ.
والجُرْمُ: التَّعدِّي، والجُرْمُ: الذنب، والجمع أَجْرامٌ وجُرُومٌ،
وهو الجَرِيَمةُ، وقد جَرَمَ يَجْرِمُ جَرْماً واجْتَرَمَ وأَجْرَم، فهو
مُجْرِم وجَرِيمٌ. وفي الحديث: أَعظمُ المسلمين في المسلمين جُرْماً من
سأَل عن شيء لم يُجَرَّمْ عليه فَحُرِمَ من أجل مسألته؛ الجُرْم: الذنب.
وقولُه تعالى: حتى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخياط وكذلك نَجْزي
المُجْرِمين؛ قال الزجاج: المُجْرِمون ههنا، والله أعلم، الكافرون لأن الذي ذكر من
قِصَّتهم التكذيب بآيات الله والاستكبار عنها.
وتَجَرَّم عَليَّ فُلانٌ أي ادَّعَى ذنباً لم أفعله؛ قال الشاعر:
تَعُدُّ عَليَّ الذَّنْبَ، إنْ ظَفِرَتْ به،
وإلاَّ تَجِدْ ذَنْباً عَليَّ تَجَرَّم
ابن سيده: تَجَرَّم ادَّعَى عليه الجُرْمَ وإن لم يُجْرِم؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
قد يُعْتَزَى الهِجْرانُ بالتَّجَرُّم
وقالوا: اجْتَرَم الذنبَ فَعَدَّوْه؛ قال الشاعر أَنشده ثعلب:
وتَرَى اللبيبَ مُحَسَّداً لم يَجْتَرِمْ
عِرْضَ الرجالِ، وعِرْضُه مَشْتُومُ
وجَرَمَ إليهم وعليهم جَرِيمة وأَجْرَم: جَنَى جِناية، وجَرُمَ إذا
عَظُمَ جُرْمُه أي أَذنب. أَبو العباس: فلان يَتَجَرَّمُ علينا أي يَتَجَنَّى
ما لم نَجْنه؛ وأَنشد:
ألا لا تُباتلي حَرْبَ قَومٍ تَجَرَّمُوا
قال: معناه تَجَرَّمُوا الذنوب علينا. والجَرِمَةُ: الجُرْمُ، وكذلك
الجَرِيمَةُ؛ قال الشاعر:
فإنَّ مَوْلايَ ذو يُعَيِّرُني،
لا إحْنَةٌ عِنْدَه ولا جَرِمَهْ
وقوله أَنشده ابن الأعرابي:
ولا مَعْشَرٌ شُوسُ العُيون كأَنَّهم
إليَّ، ولم أجْرِمْ بهم، طالِبُو ذحْلِ
قال: أَراد لم أجْرِم إليهم أَو عليهم فأَبدل الباء مكان إلى أو على.
والجُرْم: مصدر الجارِم الذي يَجْرِم نَفْسَه وقومه شَرّاً. وفلان له
جَرِيمةٌ إليَّ أَي جُرْم. والجارمُ: الجاني. والمُجْرِم: المذنب؛ وقال:
ولا الجَارِمُ الجاني عليهم بمُسْلَم
قال: وقوله عز وجل: ولا يَجْرِمَنَّكم شنَآنُ قوم، قال الفراء:
القُرّاءُ قرؤوا ولا يَجْرِمَنَّكم، وقرأَها يحيى بن وَثَّابٍ والأَعْمَشُ ولا
يُجْرِمَنَّكم، من أَجْرَمْتُ، وكلام العرب بفتح الياء، وجاء في التفسير:
ولا يَحْمِلَنَّكم بُغْضُ قوم أن تَعْتَدُوا، قال: وسمعت العرب يقولون
فلان جَريمَة أَهله أي كاسبهم. وخرج يَجْرِمُ أَهْلَه أي يَكْسبــهم، والمعنى
فيهما متقارب لا يَكْسِبَــنَّكم بُغْضُ قوم أن تعتدوا. وجَرَمَ يَجْرِمُ
واجْتَرم: كَسَبَ؛ وأنشد أبو عبيدة للهَيْرُدانِ السَّعْدِيِّ أَحدِ لُصوص
بني سَعْد:
طَريدُ عَشِيرةٍ، ورهينُ جُرْمٍ
بما جَرَمَتْ يَدي وجنَى لِساني
وهو يَجْرِمُ لأَهله ويَجْتَرِمُ: يَتَكَسَّبُ ويطلب ويَحْتالُ.
وجَريمةُ القوم: كاسِبُهم. يقال: فلان جارِمُ أَهْلِهِ وجَريمَتُهم أي كاسبهم؛
قال أَبو خِراشٍ الهُذَليُّ يصف عُقاباً تَرْزُق فَرخَها وتَكْسِبُ له:
جَريمَةُ ناهِضٍ في رأْسِ نِيقٍ،
تَرى لِعظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا
جَريمَةُ: بمعنى كاسبة، وقال في التهذيب عن هذا البيت: قال يصف عُقاباً
تصيد فَرْخَها الناهضَ ما تأْكله من لحم طير أكلته، وبقي عظامه يسيل منها
الودك. قال ابن بري: وحكى ثعلب أن الجَريمة النَّواة. وقال أَبو إسحق:
يقال: أَجْرَمَني كذا وجَرَمَني وجَرَمْتُ وأَجْرَمْت بمعنى واحد، وقيل في
قوله تعالى لا يُجْرِمنَّكم: لا يُدْخِلَنَّكم في الجُرم، كما يقال
آثَمْتُه أي أَدخلته في الإثم. الأَخفش في قوله ولا يَجْرِمَنَّكم شَنآنُ قوم
أي لا يُحِقَّنَّ لكم لأن قوله: لا جَرَمَ أن لهم النار، إنما هو حَقٌّ
أن لهم النار؛ وأَنشد:
جَرَمَتْ فَزارةُ بعدَها أن يَغْضَبوا
يقول: حَقَّ لها. قال أَبو العباس: أما قوله لا يُحِقَّنَّ لكم فإنما
أَحْقَقْتُ الشيءَ إذا لم يكن حَقّاً فجعلته حقّاً، وإنما معنى الآية،
والله أَعلم، في التفسير لا يَحْملَنَّكُم ولا يَكْسبَــنَّكم، وقيل في قوله
ولا يَجْرِمَنَّكم قال: لا يَحْمِلَنَّكم
(* قوله «وقيل في قوله ولا
يجرمنكم قال لا يحملنكم»، هذا القول ليونس كما نص عليه الأزهري)، وأنشد بيت أبي
أَسماء.
والجِرْمُ، بالكسر: الجَسَدُ، والجمع القليل أَجرام؛ قال يزيدُ بن
الحَكَمِ الثَّقَفيُّ:
وكم مَوْطِنٍ، لَوْلاي، طِحْتَ كما هَوى
بأَجْرامِه من قُلَّة النِّيقِ مُنْهَوي
وجَمَعَ، كأنه صَيَّر كل جزء من جِرْمه جِرْماً، والكثير جُرُومٌ
وجُرُم؛ قال:
ماذا تقُولُ لأَشْياخ أُولي جُرُمٍ،
سُودِ الوُجوهِ كأمْثالِ المَلاحِيبِ
التهذيب: والجِرْمُ أَلْواحُ الجَسد وجُثْمانه. وأَلقى عليه أَجْرامه؛
عن اللحياني ولم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أنه يريد ثَقَلَ جِرْمِه،
وجمع على ما تَقَدَّم في بيت يزيد. وفي حديث عليّ: اتّقُوا الصُّبْحة فإنها
مَجْفَرة مَنْتَنَة للجِرْم؛ قال ثعلب: الجِرْمُ البَدَنُ. ورجل جَريمٌ:
عظيم الجِرْم؛ وأَنشد ثعلب:
وقد تَزْذَري العينُ الفَتى، وهو عاقِلٌ،
ويُؤفَنُ بَعْضُ القومِ، وهو جَريمُ
ويروى: وهو حزيم، وسنذكره، والأُنثى جَريمة ذات جِرْم وجِسْم. وإبل
جَريمٌ: عِظامُ الأَجْرام؛ حكى يعقوب عن أَبي عمرو: جِلَّةٌ جَريمٌ، وفسره
فقال: عِظام الأَجْرام يعني الأَجسام. والجِرْم: الحَلْقُ؛ قال مَعْنُ بن
أَوْسٍ:
لأسْتَلّ منه الضِّغْنَ حتى اسْتَلَلْتُه،
وقد كانَ ذا ضِغْنٍ يَضِيقُ به الجِرْمُ
يقول: هو أمر عظيم لا يُسِيغُه الحَلْقُ. والجِرْمُ: الصوت، وقيل:
جَهارَتُه، وكرهها بعضهم. وجِرْمُ الصوت: جَهارته. ويقال: ما عرفته إلا
بِجِرْم صوته. قال أَبو حاتم: قد أُولِعَتِ العامَّةُ بقولهم فلان صافي الجِرْم
أي الصوت أو الحَلْق، وهو خطأٌ. وفي حديث بعضهم: كان حَسَنَ الجِرْم؛
قيل: الجِرْم هنا الصوت، والجِرْمُ البَدَنُ، والجِرْم اللَّوْنُ؛ عن ابن
الأعرابي. وجَرِمَ لونُه
(* قوله «وجرم لونه» وكذلك جرم إذا عظم بدنه،
وبابهما فرح كما ضبط بالأصل والتهذيب والتكملة وصوّبه السيد مرتضى على قول
المجد: وأَجرم عظم لونه وصفا) إذا صفا.
وحَوْلٌ مُجَرَّمٌ: تامٌّ. وسنة مُجَرَّمة: تامَّة، وقد تَجَرَّم. أَبو
زيد: العامُ المُجَرَّمُ الماضي المُكَمَّلُ؛ وأَنشد ابن بري لعمر بن
أَبي ربيعة:
ولكنَّ حُمَّى أَضْرَعَتْني ثلاثَةً
مُجَرَّمةً، ثم اسْتَمَرَّتْ بنا غِبَّا
ابن هانئ: سَنَةٌ مُجَرَّمةٌ وشهر مُجَرَّمٌ وكَريتٌ فيهما، ويوم
مُجَرَّمٌ وكَريتٌ، وهو التام، الليث: جَرَّمْنا هذه السنةَ أي خَرَجْنا منها،
وتَجَرَّمَتِ السنةُ أي انقضت، وتَجَرَّمَ الليلُ ذهب؛ قال لبيد:
دِمَنٌ، تَجَرَّم، بَعدَ عَهْدِ أَنِيسِها،
حِجَجٌ خَلَوْنَ: حَلالُها وحَرامُها
أي تَكَمَّل؛ قال الأَزهري: وهذا كله من القَطْع كأَنّ السنة لما مضت
صارت مقطوعة من السنة المستقبلة. وجَرَّمْنا القومَ: خرجنا عنهم.
ولا جَرَم أي لا بدّ ولا محالة، وقيل: معناه حَقّاً؛ قال أَبو أسماء بن
الضَّريبَةِ:
ولقد طَعَنْتُ أبا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً
جَرَمَتْ فَزارةَ، بعدَها، أن يَغْضَبُوا
أي حَقَّتْ لها الغَضَبَ، وقيل: معناه كسَبَتْها الغَضَبَ. قال سيبويه:
فأما قوله تعالى: لا جَرَمَ أنَّ لهم النارَ، فإن جَرَم عَمِلَتْ لأَنها
فعل، ومعناها لقد حَقَّ أن لهم النار، وقول المفسرين: معناها حَقّاً أن
لهم النارَ يَدُلُّك على أنها بمنزلة هذا الفعل إذا مثَّلْتَ، فَجَرَمَ
عَمِلَتْ بعدُ في أَنّ، والعرب تقول: لا جرم لآتِيَنَّك، لا جَرَم لقد
أَحْسَنْتَ، فتراها بمنزلة اليمين، وكذلك فسرها المفسرون حَقّاً أنهم في
الآخرة هم الأَخْسَرُون، وأصلها من جَرَمْتُ أي كَسَبْتُ الذنبَ؛ وقال
الفراء: وليس قول من قال إن جَرَمْتُ كقولك حُقِقْتُ أو حَقَقْتُ بشيء، وإنما
لَبَّس عليه قولُ الشاعر:
جَرَمَتْ فَزارةُ بعدها أن يَغْضَبُوا
فرفعوا فَزارة وقالوا: نجعل الفعل لفَزارة كأَنها بمنزلة حَقَّ لها أو
حُقَّ لها أن تَغْضَبَ، قال: وفزارة منصوب في البيت، المعنى جَرَمَتْهُم
الطعنةُ الغَضَبَ أي كَسَبَتْهم. وقال غير الفراء: حقيقة معنى لا جَرَم أن
لا نَفْيٌ ههنا لَمَّا ظنوا أنه ينفعهم؛ فرُدَّ ذلك عليهم فقيل: لا
ينفعهم ذلك، ثم ابتدأ فقال:
جَرَم أنهم في الآخرة هم الأَخْسَرونَ؛ أي كَسَبَ ذلك العملُ لهم
الخُسْرانَ، وكذلك قوله: لا جَرَم أن لهم النارَ وأنهم مُفْرَطُونَ؛ المعنى لا
ينفعهم ذلك، ثم ابتدأ فقال: جَرَم إفْكُهم وكَذِبُهم لهم عذابَ النار أي
كَسَبَ بهم عَذابَها. قال الأزهري: وهذا من أَبْيَن ما قيل فيه. الجوهري:
قال الفراء لا جَرَم كلمةٌ كانت في الأصل بمنزلة لا بد ولا محالة،
فَجَرتْ على ذلك وكثرت حتى تَحَوَّلتْ إلى معنى القَسَم وصارت بمنزلة حقّاً،
فلذلك يجاب عنها باللام كما يجاب بها عن القسم، ألا تراهم يقولون لا جَرَم
لآتينك؟ قال: وليس قول من قال جَرَمْتُ حَقَقْتُ بشيء، وإنما لبس عليه
الشاعر أَبو أَسماء بقوله: جَرَمْتَ فَزارة؛ وقال أَبو عبيدة: أَحَقّت
عليهم الغضَبَ أي أَحَقَّتْ الطعنةُ فزارة أن يغضبوا، وحَقَّتْ أيضاً: من
قولهم لا جَرَمَ لأَفْعَلَنَّ كذا أي حَقّاً؛ قال ابن بري: وهذا القول ردٌّ
على سيبويه والخليل لأنهما قَدَّراه أَحَقَّتْ فزارةَ الغضَبَ أي
بالغَضَبِ فأسقط الباء، قال: وفي قول الفراء لا يحتاج إلى إسقاط حرف الجرّ فيه
لأن تقديره عنده كسَبَتْ فَزارةَ الغضبَ عليك، قال: والبيت لأَبي أَسماء
بن الضَّريبة، ويقال لعَطِية بن عفيف، وصوابه: ولقد طعنتَ أَبا عُيَيْنة،
بفتح التاء، لأَنه يخاطب كُرْزاً العُقَيليَّ ويَرْثيه؛ وقبل البيت:
يا كُرْزُ إنَّك قد قُتِلْتَ بفارسٍ
بَطَلٍ، إذا هابَ الكُماةُ وجَبَّبُوا
وكان كُرْزٌ قد طعن أبا عيينة، وهو حِصْنُ بن حذيفة بن بَدْر الفَزاريّ.
ابن سيده: وزعم الخليل أن جَرَم إنما تكون جواباً لما قبلها من الكلام،
يقول الرجل: كان كذا وكذا وفعلوا كذا فتقول: لا جَرَمَ أنهم سيندمون، أو
أَنه سيكون كذا وكذا. وقال ثعلب: الفراء والكسائي يقولان لا جَرَمَ
تَبْرِئةٌ. ويقال: لا جَرَم
(* قوله «ويقال لا جرم إلخ» زاد الصاغاني: لا جرم
بضم فسكون، ولا جرم بوزن كرم، ومعنى لا ذا جرم ولا أن ذا جرم استغفر
الله، والاجرام: متاع الراعي. والاجرام من السمك: لونان مستدير بلون وأسود له
أجنحة) ولا ذا جَرَم ولا أنْ ذا جَرَم ولا عَنْ ذا جَرَم ولا جَرَ،
حذفوه لكثرة استعمالهم إياه. قال الكسائي: من العرب من يقول لا ذا جرم ولا أن
ذا جرم ولا عن ذا جرم ولا جَرَ، بلا ميم، وذلك أنه كثر في الكلام فحذفت
الميم، كما قالوا حاشَ للهِ وهو في الأصل حاشَى، وكما قالوا أَيْشْ وإنما
هو أيُّ شيء، وكما قالوا سَوْ تَرَى وإنما هو سوفَ تَرَى. قال الأزهري:
وقد قيل لا صلة في جَرَم والمعنى كَسَبَ لهم عَمَلُهم النَّدَم؛ وأَنشد
ثعلب:
يا أُمَّ عَمْرٍو، بَيِّني لا أو نَعَمْ،
إن تَصْرمِي فراحةٌ ممن صَرَمْ،
أو تَصِلِي الحَبْلَ فقد رَثَّ ورَمّ
قُلْتُ لها: بِينِي فقالت: لا جَرَمْ
أنَّ الفِراقَ اليومَ، واليومُ ظُلَمْ
ابن الأعرابي: لا جَرَ لقد كان كذا وكذا أي حقّاً، ولا ذا جَرَ ولا ذا
جَرَم، والعرب تَصِلُ كلامها بذي وذا وذو فتكون حَشْواً ولا يُعْتَدُّ
بها؛ وأَنشد:
إن كِلاباً والِدِي لا ذا جَرَمْ
وفي حديث قَيْس بن عاصم: لا جَرَمَ لأَفُلَّنَّ حَدَّها؛ قال ابن
الأَثير: هذه كلمة تَرِدُ بمعنى تحقيق الشيء، وقد اختلف في تقديرها فقيل أصلها
التبرئة بمعنى لا بُدَّ، وقد استعملت في معنى حقّاً، وقيل: جَرَمَ بمعنى
كَسَب، وقيل: بمعنى وَجَبَ وحَقَّ ولا رَدٌّ لما قبلها من الكلام ثم
يبتدأُ بها كقوله تعالى: لا جَرَم أن لهم النار؛ أي ليس الأْمْرُ كما قالوا،
ثم ابتدأَ وقال: وَجَبَ لهم النار.
والجَرْمُ: الحَرُّ، فارسي معرَّب. وأَرض جَرْمٌ: حارّة، وقال أَبو
حنيفة: دَفِيئةٌ، والجمع جُرُومٌ، وقال ابن دُرَيْدٍ: أَرْضٌ جَرْمٌ توصف
بالحرِّ، وهو دخيل. الليث: الجَرْمُ نَقِيض الصَّرْد؛ يقال: هذه أَرض جَرْمٌ
وهذه أَرض صَرْدٌ، وهما دخِيلان
(* قوله «وهما دخيلان إلخ» عبارة
التهذيب: دخيلان مستعملان). في الحرِّ والبرد. الجوهري: والجُروُمُ من البلاد
خلافُ الصُّرُودِ. والجَرْمُ: زَورَقٌ من زوارقِ اليَمَن، والجمع من كل
ذلك جُرُومٌ.
والمُدّ يُدْعَى بالحجاز: جَرِيماً. يقال: أَعطيته كذا وكذا جَرِيماً من
الطعام.
وجَرْمٌ: بَطْنانِ بطنٌ في قُضاعة وهو جَرْمُ بنُ زَيَّانَ، والآخر في
طيِّء. وبنو جارِمٍ: بطنانِ بطنٌ في بني ضَبَّة، والآخر في بني سَعْدٍ.
الليث: جَرْمٌ قبيلة من اليمن، وبَنُو جارِمٍ: قومٌ من العرب؛ وقال:
إذا ما رَأَتْ حَرْباً عَبُ الشمسِ شَمَّرَتْ
إلى رَمْلِها، والجارمِيُّ عَمِيدُها
(* قوله «إذا ما إلخ» تقدم في عمد: شمساً بدل حرباً والجلهمي بدل
الجارميّ، والذي هناك هو ما في المحكم).
عَبُ الشَّمْس: ضَوْءُها، وقد يثقل، وهو أَيضاً اسم قبيلة.
لا: الليث: لا حَرْفٌ يُنْفَى به ويُجْحَد به، وقد تجيء زائدة مع اليمين
كقولك لا أُقْسِمُ بالله. قال أَبو إِسحق في قول الله عز وجل: لا
أُقْسِمُ بيومِ القيامة، وأَشْكالِها في القرآن: لا اختلاف بين الناس أَن
معناه أُقْسِمُ بيوم القيامة، واختلفوا في تفسير لا فقال بعضهم لا لَغْوٌ،
وإِن كانت في أَوَّل السُّورة، لأَن القرآن كله كالسورة الواحدة لأَنه متصل
بعضه ببعض؛ وقال الفرّاء: لا ردٌّ لكلام تقدَّم كأَنه قيل ليس الأَمر
كما ذكرتم؛ قال الفراء: وكان كثير من النحويين يقولون لا صِلةٌ، قال: ولا
يبتدأُ بجحد ثم يجعل صلة يراد به الطرح، لأَنَّ هذا لو جاز لم يُعْرف خَبر
فيه جَحْد من خبر لا جَحْد فيه، ولكن القرآن العزيز نزل بالردّ على
الذين أَنْكَروا البَعْثَ والجنةَ والنار، فجاء الإِقْسامُ بالردّ عليهم في
كثير من الكلام المُبْتدإ منه وغير المبتدإ كقولك في الكلام لا واللهِ لا
أَفعل ذلك، جعلوا لا، وإِن رأَيتَها مُبتدأَةً، ردًّا لكلامٍ قد مَضَى،
فلو أُلْغِيَتْ لا مِمّا يُنْوَى به الجوابُ لم يكن بين اليمين التي تكون
جواباً واليمين التي تستأْنف فرق. وقال الليث: العرب تَطرح لا وهي
مَنْوِيّة كقولك واللهِ أضْرِبُكَ، تُريد والله لا أَضْرِبُكَ؛ وأَنشد:
وآلَيْتُ آسَى على هالِكِ،
وأَسْأَلُ نائحةً ما لَها
أَراد: لا آسَى ولا أَسأَلُ. قال أَبو منصور: وأَفادَنِي المُنْذري عن
اليزِيدي عن أَبي زيد في قول الله عز وجل: يُبَيِّن اللهُ لكم أَن
تَضِلُّوا؛ قال: مَخافَة أَن تَضِلُّوا وحِذارَ أَن تَضِلوا، ولو كان يُبَيّنُ
الله لكم أَنْ لا تَضِلوا لكان صواباً، قال أَبو منصور: وكذلك أَنْ لا
تَضِلَّ وأَنْ تَضِلَّ بمعنى واحد. قال: ومما جاء في القرآن العزيز مِن هذا
قوله عز وجل: إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السمواتِ والأَرضَ أَنْ تَزُولا؛ يريد
أَن لا تزولا، وكذلك قوله عز وجل: أَن تَحْبَطَ أَعمالُكم وأَنتم لا
تَشْعُرون؛ أَي أَن لا تَحْبَطَ، وقوله تعالى: أَن تقولوا إِنما أُنْزِلَ
الكتابُ على طائفَتَيْنِ مِن قَبْلنا؛ معناه أَن لا تقولوا، قال: وقولك
أَسأَلُك بالله أَنْ لا تقولَه وأَنْ تَقُولَه، فأَمَّا أَنْ لا تقولَه
فجاءَت لا لأَنك لم تُرد أَن يَقُوله، وقولك أَسأَلك بالله أَن تقوله سأَلتك
هذا فيها معنى النَّهْي، أَلا ترى أَنك تقول في الكلام والله أَقول ذلك
أَبداً، والله لا أَقول ذلك أَبداً؟ لا ههنا طَرْحُها وإِدْخالُها سواء
وذلك أَن الكلام له إِباء وإِنْعامٌ، فإِذا كان من الكلام ما يجيء من باب
الإِنعام موافقاً للإٍباء كان سَواء وما لم يكن لم يكن، أَلا ترى أَنك
تقول آتِيكَ غَداً وأَقومُ معك فلا يكون إِلا على معنى الإِنعام؟ فإذا قلت
واللهِ أَقولُ ذلك على معنى واللهِ لا أَقول ذلك صَلَحَ، وذلك لأَنَّ
الإِنْعام واللهِ لأَقُولَنَّه واللهِ لأَذْهَبَنَّ معك لا يكون واللهِ أَذهب
معك وأَنت تريد أَن تفعل، قال: واعلم أَنَّ لا لا تكون صِلةً إِلاَّ في
معنى الإِباء ولا تكون في معنى الإِنعام. التهذيب: قال الفراء والعرب
تجعل لا صلة إِذا اتصلت بجَحْدٍ قبلَها؛ قال الشاعر:
ما كانَ يَرْضَى رسولُ اللهِ دِيْنَهُمُ،
والأَطْيَبانِ أَبو بَكْرٍ ولا عُمَر
أَرادَ: والطَّيِّبانِ أَبو بكر وعمر. وقال في قوله تعالى: لِئلاَّ
يَعْلَمَ أَهْلُ الكتابِ أَنْ لا يَقْدِرُونَ على شيء من فَضْلِ اللهِ؛ قال:
العرب تقول لا صِلةً في كلّ كلام دخَل في أَوَّله جَحْدٌ أَو في آخره جحد
غير مُصرَّح، فهذا مما دخَل آخِرَه الجَحْدُ فجُعلت لا في أَوَّله
صِلةً، قال: وأَما الجَحْدُ السابق الذي لم يصرَّحْ به فقولك ما مَنَعَكَ أَن
لا تَسْجُد، وقوله: وما يُشْعِرُكُمْ أَنها إِذا جاءت لا يُؤْمِنون،
وقوله عز وجل: وحَرامٌ على قَرْيةٍ أَهْلَكْناها أَنهم لا يَرْجِعُون؛ وفي
الحَرام معنى جَحْدٍ ومَنْعٍ، وفي قوله وما يُشْعركم مثله، فلذلك جُعِلت لا
بعده صِلةً معناها السُّقوط من الكلام، قال: وقد قال بعضُ مَن لا يَعرف
العربية، قال: وأُراه عَرْضَ بأَبِي عُبيدة، إِن معنى غير في قول الله عز
وجل: غير المغضوب عليهم، معنى سِوَى وإِنَّ لا صلةٌ في الكلام؛ واحتج
بقوله:
في بئْرِ لا حُورٍ سرى وما شَعَرْ
بإِفْكِه، حَتَّى رَأَى الصُّبْحَ جَشَرْ
قال: وهذا جائز لأَن المعنى وقَعَ فيما لا يتبيَّنْ فيه عَمَلَه، فهو
جَحْدُ محض لأَنه أَراد في بئرِ ما لا يُحِيرُ عليه شيئاً، كأَنك قلت إِلى
غير رُشْد توجَّه وما يَدْرِي. وقال الفراء: معنى غير في قوله غير
المغضوب معنى لا، ولذلك زِدْتَ عليها لا كما تقول فلان غيرُ مُحْسِنٍ ولا
مُجْمِلٍ، فإِذا كانت غير بمعنى سِوَى لم يجز أَن تَكُرّ عليه، أَلا ترَى أَنه
لا يجوز أَن تقول عندي سِوَى عبدِ الله ولا زيدٍ؟ وروي عن ثعلب أَنه سمع
ابن الأَعرابي قال في قوله:
في بئر لا حُورٍ سرى وما شَعَر
أَراد: حُؤُورٍ أَي رُجُوع، المعنى أَنه وقع في بئرِ هَلَكةٍ لا رُجُوعَ
فيها وما شَعَرَ بذلك كقولك وَقع في هَلَكَةٍ وما شَعَرَ بذلك، قال:
ويجيء لا بمعنى غير؛ قال الله عز وجل: وقِفُوهُمْ إِنَّهم مسؤُولون ما لكم
لا تَناصَرُون؛ في موضع نصب على الحال، المعنى ما لكم غيرَ مُتناصِرين؛
قاله الزجاج؛ وقال أَبو عبيد: أَنشد الأَصمعي لساعدة الهذلي:
أَفَعَنْك لا بَرْقٌ كأَنَّ وَمِيضَه
غابٌ تَسَنَّمه ضِرامٌ مُثْقَبُ
قال: يريد أَمِنك بَرْقٌ، ولا صلة. قال أَبو منصور: وهذا يخالف ما قاله
الفراء إِن لا لا تكون صلة إِلا مع حرف نفي تقدَّمه؛ وأَنشد الباهلي
للشماخ:
إِذا ما أَدْلَجْتْ وضَعَتْ يَداها،
لَها الإِدْلاج لَيْلَه لا هُجُوعِ
أَي عَمِلَتْ يَداها عَمَلَ الليلةِ التي لا يُهْجَعُ فيها، يعني الناقة
ونَفَى بلا الهُجُوعَ ولم يُعْمِلْ، وترك هُجُوع مجروراً على ما كان
عليه من الإِضافة؛ قال: ومثله قول رؤبة:
لقد عرَفْتُ حِينَ لا اعْتِرافِ
نَفى بلا وترَكَه مجروراً؛ ومثله:
أَمْسَى بِبَلْدَةِ لا عَمٍّ ولا خال
وقال المبرد في قوله عز وجل: غَيْرِ المَغْضوبِ عليهم ولا الضالِّين؛
إِنما جاز أَن تقع لا في قوله ولا الضَّالين لأَن معنى غير متضمن معنى
النَّفْي، والنحويون يُجيزون أَنتَ زيداً غَيْرُ ضارِبٍ لأَنه في معنى قولك
أَنتَ زيداً لا ضارِبٌ، ولا يجيزون أَنت زيداً مِثْلُ ضارِب لأَن زيداً من
صلة ضارِبٍ فلا تتقدَّم عليه، قال: فجاءت لا تُشَدِّد من هذا النفي الذي
تضمنه غيرُ لأَنها تُقارِبُ الداخلة، أَلا ترى أَنك تقول جاءَني زيد
وعمرو، فيقول السامع ما جاءَك زيد وعَمرو؟ فجائز أَن يكون جاءَه أَحدُهما،
فإِذا قال ما جاءَني زيد ولا عمرو فقد تَبَيَّن أَنه لم يأْت واحد منهما.
وقوله تعالى: ولا تَسْتَوي الحَسَنةُ ولا السَّيِّئةُ؛ يقارب ما ذكرناه
وإِن لم يَكُنْه. غيره: لا حرفُ جَحْد وأَصل ألفها ياء، عند قطرب، حكاية
عن بعضهم أَنه قال لا أَفعل ذلك فأَمال لا. الجوهري: لا حرف نفي لقولك
يَفْعَل ولم يقع الفعل، إِذا قال هو يَفْعَلُ غَداً قلت لا يَفْعَلُ غداً،
وقد يكون ضدّاً لبَلَى ونَعَمْ، وقد يكون للنَّهْي كقولك لا تَقُمْ ولا
يَقُمْ زيد، يُنهى به كلُّ مَنْهِيٍّ من غائب وحاضِر، وقد يكون لَغْواً؛
قال العجاج:
في بِئرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
وفي التنزيل العزيز: ما مَنَعَك أَن لا تَسْجُد؛ أَي ما منعك أَن
تسْجُد، وقد يكون حرفَ عطف لإِخراج الثاني مما دخل فيه الأَول كقولك رأَيت
زيداً لا عَمراً، فإَن أَدْخَلْتَ عليها الواو خَرَجَتْ من أَن تكون حَرْفَ
عطفٍ كقولك لم يقم زيد ولا عمرو، لأَن حُروف النسق لا يَدخل بعضُها على
بعض، فتكون الواو للعطف ولا إِنما هي لتأْكيد النفي؛ وقد تُزاد فيها التاء
فيقال لاتَ؛ قال أَبو زبيد:
طَلَبُوا صُلْحَنا ولاتَ أَوانٍ
وإِذا استقبلها الأَلف واللام ذهبت أَلفه كما قال:
أَبَى جُودُه لا البُخْلَ، واستَعْجلتْ نَعَمْ
بهِ مِنْ فَتًى، لا يَمْنَعُ الجُوعَ قاتِلَهْ
قال: وذكر يونس أَن أَبا عمرو بن العلاء كان يجرّ البُخل ويجعل لا
مُضافة إِليه لأَنَّ لا قد تكون للجُود والبُخْلِ، أَلا ترى أَنه لو قيل له
امْنَعِ الحَقَّ فقال لا كان جُوداً منه؟ فأَمَّا إِنْ جَعَلْتَها لغواً
نصَبْتَ البُخل بالفعل وإِن شئت نصَبْتَه على البدل؛ قال أَبو عمرو: أَراد
أَبَى جُودُه لا التي تُبَخِّلُ الإِنسان كأَنه إِذا قيل له لا تُسْرِفُ
ولا تُبَذِّرْ أَبَى جُوده قولَ لا هذه، واستعجلت نعم فقال نَغَم
أَفْعلُ ولا أَترك الجُودَ؛ قال: حكى ذلك الزجاج لأَبي عمرو ثم قال: وفيه قولان
آخران على رواية مَن روى أَبَى جُودُه لا البُخْل: أَحدهما معناه أَبَى
جُوده البُخْلَ وتَجعل لا صِلةً كقوله تعالى: ما منَعك أَن لا تَسْجُدَ،
ومعناه ما منعكَ أَن تسجُدَ، قال: والقول الثاني وهو حَسَن، قال: أرى أَن
يكون لا غيرَ لَغْوٍ وأَن يكون البُخل منصوباً بدلاً من لا، المعنى: أبي
جُودُه لا التي هي للبُخْل، فكأَنك قلت أَبَى جُوده البُخْلَ وعَجَّلَتْ
به نَعَمْ. قال ابن بري في معنى البيت: أَي لا يَمْنَعُ الجُوعَ
الطُّعْمَ الذي يَقْتُله؛ قال: ومن خفض البُخْلَ فعلى الإِضافةِ، ومَن نصب
جَعَله نعتاً للا، ولا في البيت اسمٌ، وهو مفعول لأَبَى، وإِنما أَضاف لا إِلى
البُخل لأَنَّ لا قد تكون للجُود كقول القائل: أَتَمْنَعُني من عَطائك،
فيقول المسؤول: لا، ولا هنا جُودٌ. قال: وقوله وإِن شئت نصبته على البدل،
قال: يعني البخل تنصبه على البدل من لا لأَن لا هي البُخل في المعنى،
فلا يكون لَغْواً على هذا القول.
لا التي تكون للتبرئة: النحويون يجعلون لها وجوهاً في نصب المُفرد
والمُكَرَّر وتنوين ما يُنوَّنُ وما لا يُنوَّن، والاخْتِيارُ عند جميعهم
أَن يُنصَب بها ما لا تُعادُ فيه كقوله عز وجل: أَلم ذلك الكتابُ لا
رَيْبَ فيه؛ أَجمع القراء على نصبه. وقال ابن بُزرْج: لا صلاةَ لا رُكُوعَ
فيها، جاء بالتبرئة مرتين، وإِذا أَعَدْتَ لا كقوله لابَيْعَ لا بَيْعَ فيه
ولا خُلَّة ولا شفاعة فأَنتَ بالخيار، إِن شئت نصبت بلا تنوين، وإِن شئت
رَفَعْتَ ونوَّنْتَ، وفيها لُغاتٌ كثيرة سوى ما ذكرتُ جائزةٌ عندهم.
وقال الليث: تقول هذه لاء مَكْتوبةٌ فتَمُدُّها لتَتِمَّ الكلمة اسماً، ولو
صغرت لقلت هذه لُوَيَّةٌ مكتوبة إِذا كانت صغيرة الكِتْبة غيرَ جَليلةٍ.
وحكى ثعلب: لَوَّيْت لاء حَسَنَةً عَمِلْتها، ومدَّ لا لأَنه قد صيَّرَها
اسماً، والاسمُ لا يكون على حرفين وَضْعاً، واخْتارَ الأَلف من بين حروف
المَدِّ واللين لمكان الفَتْحة، قال: وإِذا نسبت إِليها قلت لَوَوِيٌّ
(* قوله« لووي إلخ» كذا في الأصل وتأمله مع قول ابن مالك:
وضاعف الثاني من ثنائي * ثانيه ذو لين كلا ولائي)
وقصِيدةٌ لَوَوِيَّةٌ: قافِيَتُها لا. وأَما قول الله عز وجل: فلا
اقْتَحَمَ العَقَبةَ، فلا بمعنى فَلَمْ كأَنه قال فلم يَقْتَحِمِ العَقَبةَ،
ومثله: فلا صَدَّقَ ولا صَلَّى، إِلاَّ أَنَّ لا بهذا المعنى إِذا
كُرِّرَتْ أَسْوَغُ وأَفْصَحُ منها إِذا لم تُكَرَّرْ؛ وقد قال الشاعر:
إِنْ تَغْفِرِ اللهمَّ تَغْفِرْ جَمَّا،
وأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لا أَلَمَّا؟
وقال بعضهم في قوله: فلا اقْتَحَمَ العَقَبةَ؛ معناها فما، وقيل:
فَهَلاَّ، وقال الزجاج: المعنى فلم يَقْتَحِم العقبةَ كما قال فلا صَدَّق ولا
صَلَّى ولم يذكر لا ههنا إِلاَّ مرة واحدة، وقلَّما تتَكَلَّم العرب في
مثل هذا المكان إِلاَّ بلا مَرَّتَيْنِ أَو أَكثر، لا تكاد تقول لا
جِئْتَني تُريد ما جِئْتَني ولا نري صلح
(*قوله «نري صلح» كذا في الأصل بلا نقط
مرموزاً له في الهامش بعلامة وقفة.) والمعنى في فلا اقْتَحَمَ موجود لأَن
لا ثابتة كلها في الكلام، لأَن قوله ثم كان من الذين آمنوا يَدُلُّ على
معنى فلا اقْتَحَمَ ولا آمَنَ، قال: ونحوَ ذلك قال الفراء، قال الليث:
وقد يُرْدَفُ أَلا بِلا فيقال أَلا لا؛ وأَنشد: فقامَ
يَذُودُ الناسَ عنها بسَيْفِه
وقال: أَلا لا من سَبيلٍ إِلى هِنْدِ
ويقال للرجل: هل كان كذا وكذا؟ فيقال: أَلا لا ؛ جَعَلَ أَلا تَنْبيهاً
ولا نفياً. وقال الليث في لي قال: هما حَرْفانِ مُتباينان قُرِنا
واللامُ لامُ الملكِ والياء ياء الإضافة؛ وأَما قول الكميت:
كَلا وكَذا تَغْمِيضةً ثمَّ هِجْتُمُ
لَدى حين أَنْ كانُوا إِلى النَّوْمِ، أَفْقَرا
فيقول: كانَ نَوْمُهم في القِلَّةِ كقول القائل لا وذا، والعرب إِذا
أَرادوا تَقْلِيل مُدَّة فِعْلٍ أَو ظهور شيء خَفِيَ قالوا كان فِعْلُه
كَلا، وربما كَرَّروا فقالوا كلا ولا؛ ومن ذلك قول ذي الرمة:
أَصابَ خَصاصةً فبَدا كَليلاً
كلا، وانْغَلَّ سائرُه انْغِلالا
وقال آخر:
يكونُ نُزولُ القَوْمِ فيها كَلا ولا