Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=76975#98dafe
(ضحكه) جعله يضْحك
كهكه: الكَهَّةُ: الناقةُ الضخمةُ المُسِنَّة. الأَزهري: ناقة كَهَّةٌ
وكَهَاةٌ، لغتان، وهي الضخمة المُسنَّة الثقيلة. والكَهَّةُ: العجوزُ
أَو النابُ، مهزولةً كانت أَو سمينةً. وقد كَهَّت الناقةُ تَكِهُّ كُهوهاً
إذا هَرِمَت. ابن الأَعرابي: جارية كَهْكاهةٌ وهَكْهاكةٌ
إذا كانت سمينةً. وكَهَّ الرجلُ: اسْتُنْكِهَ؛ عن اللحياني. الجوهري:
وكَهَّ السَّكْرانُ إذا اسْتَنْكَهْتَه فكَهَّ في وَجْهِك. أَبو عمرو: يقال
كَهَّ في وجْهِي أَي تنفَّسَ، والأَمْرُ منه كَهَّ وكِهَّ، وقد كَهِهْتُ
أََكَهُّ وكَهَهْتُ أكِهُّ. وفي الحديث: أَن ملَكَ الموتِ قال لموسى،
عليهما السلام، وهو يريدُ قبْضَ رُوحِه: كُهَّ في وجهي، ففَعل، فقبَضَ
رُوحَه، أَي افْتَحْ فاكَ وتنفَّسْ. يقال: كَهَّ يَكُهُّ وكُهَّ يا فلان أَي
أَخْرِجْ نفَسَك، ويروى كَهْ، بهاء واحدة مُسكَّنة بوزن خَفْ، وهو من
كاهَ يَكاهُ بهذا المعنى. والكَهْكَهةُ: ترديدُ البعيرِ هَدِيرَه، وكَهْكَهَ
الأَسدُ في زئيرِه كذلك، وفي التهذيب: كأَنه حكايةُ صوْتِه، والأَسدُ
يُكَهْكِه في زئيره؛ وأَنشد:
سامٍ على الزَّأْآرةِ المُكَهْكِه
والكَهْكَهةُ: حكاية صوتِ الزَّمْرِ؛ قال:
يا حَبَّذا كَهْكَهةُ الغَواني،
وحَبَّذا تَهانُفُ الرَّواني
إلىَّ يومَ رِحْلةِ الأَظْعانِ
والكَهْكَهةُ في الضحك أَيضاً، وهو في الزَّمْرِ أَعْرَفُ منه في الضحك.
وكَهْ كَهْ: حكايةُ الضحِك. وفي التهذيب: وكَهْ حكايةُ الكُهَكِه.
ورجلٌ كُهاكِهٌ: الذي تراه إذا نظرتَ إليه كأَنه ضاحكٌ
وليس بضاحك. وفي الحديث: كان الحجاجُ قصيراً أَصفرَ كُهاكِهةً، التفسير
لشمر حكاه الهروي في الغريبين. وقال ابن الأَثير: هو من الكَهْكهةِ
القهقهةِ، وهذا الحديث في النهاية: أَصعرَ كُهاكِهاً، وفسره كذلك. وكَهْكَهَ
المَقْرُورُ: تنفَّسَ في يدِه ليُسخِّنَها بنفَسه من شدة البرْد فقال كَهْ
كَهْ؛ قال الكميت:
وكهْكَهَ الصَّرِدُ المَقْرُورُ في يدِه،
واستَدْفأَ الكلْبُ في المأْسورِ ذي الذِّئَبِ
وهو أَن يتنفَّس في يده إذا خَصِرَت. وشيخ كَهْكَمٌ: وهو الذي
يُكَهْكِهُ في يده؛ قال:
يا رُبَّ شَيْخٍ، من لُكَيْزٍ كَهْكَمِ،
قَلَّصَ عن ذاتِ شَبابٍ حَذْلَمِ
والكَهْكاهةُ من الرجال: المُتَهيِّبُ؛ قال أَبو العيال الهذلي يَرْثي
ابنَ عمه عبد بن زُهْرة:
ولا كهْكاهةٌ بَرِمٌ،
إذا ما اشتَدَّتِ الحِقَبُ
والحِقَبُ: السِّنونَ، واحدَتُها حِقْبةٌ. وفي الصحاح: ولا كهكاءة
(*
قوله«وفي الصحاح ولا كهكاءة» كذا في الأصل، والذي فيما بأيدينا من نسخ
الصحاح: ولا كهكاهة مثل المذكور قبل). الأَزهري: عن شمر: وكَهْكامةٌ، بالميم،
مثلُ كَهْكاهةٍ للمُتَهيِّب، قال: وكذلك كَهْكَم، وأَصلُه كَهامٌ فزيدت
الكاف. والكَهْكاهُ: الضعيفُ. وتَكَهْكَه عنه: ضَعُف.
حرم: الحِرْمُ، بالكسر، والحَرامُ: نقيض الحلال، وجمعه حُرُمٌ؛ قال
الأَعشى:
مَهادي النَّهارِ لجاراتِهِمْ،
وبالليل هُنَّ عليهمْ حُرُمْ
وقد حَرُمَ عليه الشيء حُرْماً وحَراماً وحَرُمَ الشيءُ، بالضم،
حُرْمَةً وحَرَّمَهُ الله عليه وحَرُمَتِ الصلاة على المرأة حُرُماً وحُرْماً،
وحَرِمَتْ عليها حَرَماً وحَراماً: لغة في حَرُمَت. الأَزهري: حَرُمَت
الصلاة على المرأة تَحْرُمُ حُروماً، وحَرُمَتِ المرأةُ على زوجها تَحْرُمُ
حُرْماً وحَراماً، وحَرُمَ عليه السَّحورُ حُرْماً، وحَرِمَ لغةٌ.
والحَرامُ: ما حَرَّم اللهُ. والمُحَرَّمُ: الحَرامُ. والمَحارِمُ: ما حَرَّم
اللهُ. ومَحارِمُ الليلِ: مَخاوِفُه التي يَحْرُم على الجَبان أَن يسلكها؛
عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
مَحارِمُ الليل لهُنَّ بَهْرَجُ،
حين ينام الوَرَعُ المُحَرَّجُ
(* قوله «المحرج» كذا هو بالأصل والصحاح، وفي المحكم؛ المزلج كمعظم).
ويروى: مخارِمُ الليل أَي أَوائله. وأَحْرَمَ الشيء: جَعله حَراماً.
والحَريمُ: ما حُرِّمَ فلم يُمَسَّ. والحَريمُ: ما كان المُحْرِمون
يُلْقونه من الثياب فلا يَلْبَسونه؛ قال:
كَفى حَزَناً كَرِّي عليه كأَنه
لَقىً، بين أَيْدي الطائفينَ، حَريمُ
الأَزهري: الحَريمُ الذي حَرُمَ مسه فلا يُدْنى منه، وكانت العرب في
الجاهلية إذا حَجَّت البيت تخلع ثيابها التي عليها إذا دخلوا الحَرَمَ ولم
يَلْبسوها ما داموا في الحَرَم؛ ومنه قول الشاعر:
لَقىً، بين أَيدي الطائفينَ، حَريمُ
وقال المفسرون في قوله عز وجل: يا بني آدم خذوا زينَتكم عند كل مَسْجد؛
كان أَهل الجاهلية يطوفون بالبيت عُراةً ويقولون: لا نطوف بالبيت في ثياب
قد أَذْنَبْنا فيها، وكانت المرأة تطوف عُرْيانَةً أَيضاً إلاّ أنها
كانت تَلْبَس رَهْطاً من سُيور؛ وقالت امرأة من العرب:
اليومَ يَبْدو بعضُه أَو كلُّهُ،
وما بَدا منه فلا أُْحِلُّهُ
تعني فرجها أَنه يظهر من فُرَجِ الرَّهْطِ الذي لبسته، فأَمَرَ اللهُ عز
وجل بعد ذكره عُقوبة آدمَ وحوّاء بأَن بَدَتْ سَوْآتُهما بالإستتار
فقال: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد؛ قال الأَزهري: والتَّعَرِّي
وظهور السوءة مكروه، وذلك مذ لَدُنْ آدم. والحَريمُ: ثوب المُحْرم، وكانت العرب
تطوف عُراةً وثيابُهم مطروحةٌ بين أَيديهم في الطواف. وفي الحديث: أَن
عِياضَ بن حِمار المُجاشِعيّ كان حِرْميَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
فكان إذا حج طاف في ثيابه؛ كان أشراف العرب الذي يتَحَمَّسونَ على دينهم
أَي يتشدَّدون إذا حَج أحدهم لم يأكل إلاّ طعامَ رجلٍ من الحَرَم، ولم
يَطُفْ إلاَّ في ثيابه فكان لكل رجل من أَشرافهم رجلٌ من قريش، فيكون كل
واحدٍ منهما حِرْمِيَّ صاحبه، كما يقال كَرِيٌّ للمُكْري والمُكْتَري،
قال: والنَّسَبُ في الناس إلى الحَرَمِ حِرْمِيّ، بكسر الحاء وسكون الراء.
يقال: رجل حِرْمِيّ، فإذا كان في غير الناس قالوا ثوب حَرَمِيّ.
وحَرَمُ مكة: معروف وهو حَرَمُ الله وحَرَمُ رسوله. والحَرَمانِ: مكة
والمدينةُ، والجمع أَحْرامٌ. وأَحْرَمَ القومُ: دخلوا في الحَرَمِ. ورجل
حَرامٌ: داخل في الحَرَمِ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، وقد جمعه بعضهم
على حُرُمٍ.
والبيت الحَرامُ والمسجد الحَرامُ والبلد الحَرام. وقوم حُرُمٌ
ومُحْرِمون. والمُحْرِمُ: الداخل في الشهر الحَرام، والنَّسَبُ إلى
الحَرَم حِرْمِيٌّ، والأُنثى حِرْمِيَّة، وهو من المعدول الذي يأتي على غير
قياس، قال المبرد: يقال امرأة حِرْمِيَّة وحُرْمِيَّة وأَصله من قولهم:
وحُرْمَةُ البيت وحِرْمَةُ البيت؛ قال الأَعشى:
لا تأوِيَنَّ لحِرْمِيٍّ مَرَرْتَ به،
بوماً، وإنْ أُلْقِيَ الحِرْميُّ في النار
وهذا البيت أَورده ابن سيده في المحكم، واستشهد به ابن بري في أَماليه
على هذه الصورة، وقال: هذا البيت مُصَحَّف، وإنما هو:
لا تَأوِيَنَّ لِجَرْمِيٍّ ظَفِرْتَ به،
يوماً، وإن أُلْقِيَ الجَرْميُّ في النّار
الباخِسينَ لِمَرْوانٍ بذي خُشُبٍ،
والدَّاخِلين على عُثْمان في الدَّار
وشاهد الحِرْمِيَّةِ قول النابغة الذبياني:
كادَتْ تُساقِطُني رَحْلي ومِيثَرَتي،
بذي المَجازِ، ولم تَحْسُسْ به نَغَما
من قول حِرْمِيَّةٍ قالت، وقد ظَعنوا:
هل في مُخْفِّيكُمُ مَنْ يَشْتَري أَدَما؟
وقال أَبو ذؤيب:
لَهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشيلِ، كأَنها
ضَرائرُ حِرْميٍّ تفاحشَ غارُها
قال الأَصمعي: أَظنه عَنى به قُرَيْشاً، وذلك لأَن أَهل الحَرَمِ أَول
من اتخذ الضرائر، وقالوا في الثوب المنسوب إليه حَرَمِيّ، وذلك للفرق الذي
يحافظون عليه كثيراً ويعتادونه في مثل هذا. وبلد حَرامٌ ومسجد حَرامٌ
وشهر حرام.
والأَشهُر الحُرُمُ أَربعة: ثلاثة سَرْدٌ أَي متتابِعة وواحد فَرْدٌ،
فالسَّرْدُ ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والمُحَرَّمُ، والفَرْدُ رَجَبٌ. وفي
التنزيل العزيز: منها أَربعة حُرُمٌ؛ قوله منها، يريد الكثير، ثم قال:
فلا تَظْلِموا فيهنَّ أَنفسكم لما كانت قليلة.
والمُحَرَّمُ: شهر الله، سَمَّتْه العرب بهذا الإسم لأَنهم كانوا لا
يستَحلُّون فيه القتال، وأُضيف إلى الله تعالى إعظاماً له كما قيل للكعبة
بيت الله، وقيل: سمي بذلك لأَنه من الأشهر الحُرُمِ؛ قال ابن سيده: وهذا
ليس بقوي. الجوهري: من الشهور أَربعة حُرُمٌ كانت العرب لا تستحل فيها
القتال إلا حَيّان خَثْعَم وطَيِّءٌ، فإنهما كانا يستَحِلاَّن الشهور، وكان
الذين يَنْسؤُون الشهور أَيام المواسم يقولون: حَرّمْنا عليكم القتالَ في
هذه الشهور إلاَّ دماء المُحِلِّينَ، فكانت العرب تستحل دماءهم خاصة في
هذه الشهور، وجمع المُحَرَّم مَحارِمُ ومَحاريمُ ومُحَرَّماتٌ. الأَزهري:
كانت العرب تُسَمِّي شهر رجب الأَصَمَّ والمُحَرَّمَ في الجاهلية؛ وأَنشد
شمر قول حميد بن ثَوْر:
رَعَيْنَ المُرارَ الجَوْنَ من كل مِذْنَبٍ،
شهورَ جُمادَى كُلَّها والمُحَرَّما
قال: وأَراد بالمُحَرَّمِ رَجَبَ، وقال: قاله ابن الأَعرابي؛ وقال
الآخر:أَقَمْنا بها شَهْرَيْ ربيعٍ كِليهما،
وشَهْرَيْ جُمادَى، واسْتَحَلُّوا المُحَرَّما
وروى الأَزهري بإسناده عن أُم بَكْرَةَ: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم،
خَطَبَ في صِحَّته فقال: أَلا إنَّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق
السموات والأرض، السَّنَة اثنا عشر شهراً، منها أَربعة حُرُمٌ، ثلاثةٌ
مُتَوالِياتٌ: ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والمحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الذي بين
جُمادَى وشعبان. والمُحَرَّم: أَول الشهور. وحَرَمَ وأَحْرَمَ: دخل في
الشهر الحرام؛ قال:
وإذْ فَتَكَ النُّعْمانُ بالناس مُحْرِماً،
فَمُلِّئَ من عَوْفِ بن كعبٍ سَلاسِلُهْ
فقوله مُحْرِماً ليس من إحْرام الحج، ولكنه الداخل في الشهر الحَرامِ.
والحُرْمُ، بالضم: الإحْرامُ بالحج. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كنت
أُطَيِّبُه، صلى الله عليه وسلم، لحِلِّهِ ولِحُرْمِه أَي عند إِحْرامه؛
الأَزهري: المعنى أَنها كانت تُطَيِّبُه إذا اغْتسل وأَراد الإِحْرام
والإهْلالَ بما يكون به مُحْرِماً من حج أَو عمرة، وكانت تُطَيِّبُه إذا
حَلّ من إحْرامه؛ الحُرْمُ، بضم الحاء وسكون الراء: الإحْرامُ بالحج،
وبالكسر: الرجل المُحْرِمُ؛ يقال: أَنتَ حِلّ وأَنت حِرْمٌ. والإِحْرامُ: مصدر
أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إحْراماً إذا أَهَلَّ بالحج أَو العمرة
وباشَرَ أَسبابهما وشروطهما من خَلْع المَخِيط، وأَن يجتنب الأشياء التي منعه
الشرع منها كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك، والأَصل فيه المَنْع، فكأنَّ
المُحْرِم ممتنع من هذه الأَشياء. ومنه حديث الصلاة: تَحْرِيمُها
التكبير، كأن المصلي بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعاً من الكلام
والأَفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأَفعالِها، فقيل للتكبير تَحْرِيمٌ
لمنعه المصلي من ذلك، وإنما سميت تكبيرَة الإحْرام أَي الإِحرام
بالصلاة.والحُرْمَةُ: ما لا يَحِلُّ لك انتهاكه، وكذلك المَحْرَمَةُ
والمَحْرُمَةُ، بفتح الراء وضمها؛ يقال: إن لي مَحْرُماتٍ فلا تَهْتِكْها، واحدتها
مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمَةٌ، يريد أن له حُرُماتٍ. والمَحارِمُ: ما لا يحل
إستحلاله.
وفي حديث الحُدَيْبية: لا يسألوني خُطَّةً يعَظِّمون فيها حُرُماتِ الله
إلا أَعْطيتُهم إياها؛ الحُرُماتُ جمع حُرْمَةٍ كظُلْمَةٍ وظُلُماتٍ؛
يريد حُرْمَةَ الحَرَمِ، وحُرْمَةَ الإحْرامِ، وحُرْمَةَ الشهر الحرام.
وقوله تعالى: ذلك ومن يُعَظِّمْ حُرُماتِ الله؛ قال الزجاج: هي ما وجب
القيامُ به وحَرُمَ التفريطُ فيه، وقال مجاهد: الحُرُماتُ مكة والحج
والعُمْرَةُ وما نَهَى الله من معاصيه كلها، وقال عطاء: حُرُماتُ الله معاصي
الله.وقال الليث: الحَرَمُ حَرَمُ مكة وما أَحاط إلى قريبٍ من الحَرَمِ، قال
الأَزهري: الحَرَمُ قد ضُرِبَ على حُدوده بالمَنار القديمة التي بَيَّنَ
خليلُ الله، عليه السلام، مشَاعِرَها وكانت قُرَيْش تعرفها في الجاهلية
والإسلام لأَنهم كانوا سُكان الحَرَمِ، ويعملون أَن ما دون المَنارِ إلى
مكة من الحَرَمِ وما وراءها ليس من الحَرَمِ، ولما بعث الله عز وجل
محمداً، صلى الله عليه وسلم، أَقرَّ قُرَيْشاً على ما عرفوه من ذلك، وكتب مع
ابن مِرْبَعٍ الأَنصاري إلى قريش: أَن قِرُّوا على مشاعركم فإنكم على إرْثٍ
من إرْثِ إبراهيم، فما كان دون المنار، فهو حَرَم لا يحل صيده ولا
يُقْطَع شجره، وما كان وراء المَنار، فهو من الحِلّ يحِلُّ صيده إذا لم يكن
صائده مُحْرِماً. قال: فإن قال قائل من المُلْحِدين في قوله تعالى: أَوَلم
يَرَوْا أَنَّا جعلنا حَرَماً آمناً ويُتَخَطَّف الناس من حولهم؛ كيف
يكون حَرَماً آمناً وقد أُخِيفوا وقُتلوا في الحَرَمِ؟ فالجواب فيه أَنه عز
وجل جعله حَرَماً آمناً أَمراً وتَعَبُّداً لهم بذلك لا إخباراً، فمن آمن
بذلك كَفَّ عما نُهِي عنه اتباعاً وانتهاءً إلى ما أُمِرَ به، ومن
أَلْحَدَ وأَنكر أَمرَ الحَرَمِ وحُرْمَتَهُ فهو كافر مباحُ الدمِ، ومن
أَقَرَّ وركب النهيَ فصاد صيد الحرم وقتل فيه فهو فاسق وعليه الكفَّارة فيما
قَتَلَ من الصيد، فإن عاد فإن الله ينتقم منه. وأَما المواقيت التي يُهَلُّ
منها للحج فهي بعيدة من حدود الحَرَمِ، وهي من الحلّ، ومن أَحْرَمَ منها
بالحج في الأَشهر الحُرُمِ فهو مُحْرِمٌ مأْمور بالانتهاء ما دام
مُحْرِماً عن الرَّفَثِ وما وراءَه من أَمر النساء، وعن التَّطَيُّبِ بالطيبِ،
وعن لُبْس الثوب المَخيط، وعن صيد الصيد؛ وقال الليث في قول الأَعشى:
بأَجْيادِ غَرْبيِّ الصَّفا والمُحَرَّمِ
قال: المُحَرَّمُ هو الحَرَمُ. وتقول: أَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ
وحَرامٌ، ورجل حَرامٌ أَي مُحْرِم، والجمع حُرُم مثل قَذالٍ وقُذُلٍ،
وأَحْرَم بالحج والعمرة لأَنه يَحْرُم عليه ما كان له حَلالاً من قبلُ كالصيد
والنساء. وأَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في الإحْرام بالإِهلال، وأَحْرَمَ إذا
صار في حُرَمِه من عهد أَو ميثاق هو له حُرْمَةٌ من أَن يُغار عليه؛
وأََما قول أُحَيْحَة أَنشده ابن الأَعرابي:
قَسَماً، ما غيرَ ذي كَذِبٍ،
أَن نُبيحَ الخِدْن والحُرَمَه
(* قوله «أن نبيح الخدن» كذا بالأصل، والذي في نسختين من المحكم: أن
نبيح الحصن).
قال ابن سيده: فإني أَحسب الحُرَمَةَ لغة في الحُرْمَةِ، وأَحسن من ذلك
أَن يقول والحُرُمَة، بضم الراء، فتكون من باب طُلْمة وظُلُمَةٍ، أَو
يكون أَتبع الضم الضم للضرورة كما أتبع الأَعشى الكسر الكسر أَيضاً
فقال:أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنْفاسَها،
وقد تُكْرَهُ الحربُ بعد السِّلِمْ
إلاَّ أن قول الأَعشى قد يجوز أَن يَتَوَجَّه على الوقف كما حكاه سيبويه
من قولهم: مررت بالعِدِلْ.
وحُرَمُ الرجلِ: عياله ونساؤه وما يَحْمِي، وهي المَحارِمُ، واحدتها
مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمة مَحْرُمة. ورَحِمٌ مَحْرَمٌ: مُحَرَّمٌ
تَزْويجُها؛ قال:
وجارةُ البَيْتِ أَراها مَحْرَمَا
كما بَراها الله، إلا إنما
مكارِهُ السَّعْيِ لمن تَكَرَّمَا
كما بَراها الله أَي كما جعلها. وقد تَحَرَّمَ بصُحْبته؛ والمَحْرَمُ:
ذات الرَّحِم في القرابة أَي لا يَحِلُّ تزويجها، تقول: هو ذو رَحِمٍ
مَحْرَمٍ، وهي ذاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ؛ الجوهري: يقال هو ذو رَحِمٍ منها إذا لم
يحل له نكاحُها. وفي الحديث: لا تسافر امرأة إلا مع ذي مَحْرَمٍ منها،
وفي رواية: مع ذي حُرْمَةٍ منها؛ ذو المَحْرَمِ: من لا يحل له نكاحها من
الأَقارب كالأب والإبن والعم ومن يجري مجراهم.
والحُرْمَة: الذِّمَّةُ. وأَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ
إذا كانت له ذمة؛ قال الراعي:
قَتَلوا ابنَ عَفّان الخليفةَ مُحْرِماً،
ودَعا فلم أَرَ مثلَهُ مَقْتولا
ويروى: مَخْذولا، وقيل: أَراد بقوله مُحْرِماً أَنهم قتلوه في آخر ذي
الحِجَّةِ؛ وقال أَبو عمرو: أَي صائماً. ويقال: أَراد لم يُحِلَّ من نفسه
شيئاً يوقِعُ به فهو مُحْرِمٌ. الأزهري: روى شمر لعُمَرَ أَنه قال الصيام
إحْرامٌ، قال: وإنما قال الصيامُ إحْرام لامتناع الصائم مما يَثْلِمُ
صيامَه، ويقال للصائم أَيضاً
مُحْرِمٌ؛ قال ابن بري: ليس مُحْرِماً في بيت الراعي من الإحْرام ولا من
الدخول في الشهر الحَرام، قال: وإنما هو مثل البيت الذي قبله، وإنما
يريد أَن عثمان في حُرْمةِ الإسلام وذِمَّته لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً
يُوقِعُ به، ويقال للحالف مُحْرِمٌ لتَحَرُّمِه به، ومنه قول الحسن في الرجل
يُحْرِمُ في الغضب أَي يحلف؛ وقال الآخر:
قتلوا كِسْرى بليلٍ مُحْرِماً،
غادَرُوه لم يُمَتَّعْ بكَفَنْ
يريد: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَباه أَبْرَوَيْز بنَ هُرْمُزَ. الأَزهري:
الحُرْمة المَهابة، قال: وإذا كان بالإنسان رَحِمٌ وكنا نستحي مه قلنا: له
حُرْمَةٌ، قال: وللمسلم على المسلم حُرْمةٌ ومَهابةٌ. قال أَبو زيد: يقال
هو حُرْمَتُك وهم ذَوو رَحِمِه وجارُه ومَنْ يَنْصره غائباً وشاهداً ومن
وجب عليه حَقُّه. ويقال: أَحْرَمْت عن الشيء إذا أَمسكتَ عنه، وذكر أَبو
القاسم الزجاجي عن اليزيدي أَنه قال: سألت عمي عن قول النبي، صلى الله
عليه وسلم: كلُّ مُسْلم عن مسلم مُحْرِمٌ، قال: المُحْرِمُ الممسك، معناه
أَن المسلم ممسك عن مال المسلم وعِرْضِهِ ودَمِهِ؛ وأَنشد لمِسْكين
الدارميّ:
أَتتْني هَناتٌ عن رجالٍ، كأَنها
خَنافِسُ لَيْلٍ ليس فيها عَقارِبُ
أَحَلُّوا على عِرضي، وأَحْرَمْتُ عنهُمُ،
وفي اللهِ جارٌ لا ينامُ وطالِبُ
قال: وأَنشد المفضل لأَخْضَرَ بن عَبَّاد المازِنيّ جاهليّ:
لقد طال إعْراضي وصَفْحي عن التي
أُبَلَّغُ عنكْم، والقُلوبُ قُلوبُ
وطال انْتِظاري عَطْفَةَ الحِلْمِ عنكمُ
ليَرْجِعَ وُدٌّ، والمَعادُ قريبُ
ولستُ أَراكُمْ تُحْرِمونَ عن التي
كرِهْتُ، ومنها في القُلوب نُدُوبُ
فلا تأمَنُوا مِنّي كَفاءةَ فِعْلِكُمْ،
فيَشْمَتَ قِتْل أَو يُساءَ حبيبُ
ويَظْهَرَ مِنّاً في المَقالِ ومنكُُمُ،
إذا ما ارْتَمَيْنا في المَقال، عُيوبُ
ويقال: أَحْرَمْتُ الشيء بمعنى حَرَّمْتُه؛ قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ:
إلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ، كأنها
رواهِبُ أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ
قال: والضمير في كأنها يعود على رِكابٍ تقدم ذكرها. وتَحَرَّم منه
بحُرْمَةٍ: تَحَمّى وتَمَنَّعَ. وأََحْرَمَ القومُ إذا دخلوا في الشهر
الحَرامِ؛ قال زهير:
جَعَلْنَ القَنانَ عن يَمينٍ وحَزْنَهُ،
وكم بالقَنانِ من مُحِلٍّ ومُحْرِمِ
وأَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في حُرْمة لا تُهْتَكُ؛ وأَنشد بيت زهير:
وكم بالقنانِ من مُحِلٍّ ومُحْرِمِ
أي ممن يَحِلُّ قتالُه وممن لا يَحِلُّ ذلك منه. والمُحْرِمُ:
المُسالمُ؛ عن ابن الأَعرابي، في قول خِداش بن زهير:
إذا ما أصابَ الغَيْثُ لم يَرْعَ غَيْثَهمْ،
من الناس، إلا مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ
هكذا أَنشده: أَصاب الغَيْثُ، برفع الغيث، قال ابن سيده: وأَراها لغة في
صابَ أَو على حذف المفعول كأنه إذا أَصابَهُم الغَيثُ أَو أَصاب الغيث
بلادَهُم فأَعْشَبَتْ؛ وأَنشده مرة أُخرى:
إذا شَرِبوا بالغَيْثِ
والمُكافِلُ: المُجاوِرُ المُحالِفُ، والكَفيلُ من هذا أُخِذَ.
وحُرْمَةُ الرجل: حُرَمُهُ وأَهله. وحَرَمُ الرجل وحَريمُه: ما يقاتِلُ عنه
ويَحْميه، فجمع الحَرَم أَحْرامٌ، وجمع الحَريم حُرُمٌ. وفلان مُحْرِمٌ بنا أَي
في حَريمنا. تقول: فلان له حُرْمَةٌ أَي تَحَرَّمَ بنا بصحبةٍ أَو بحق
وذِمَّةِ. الأَزهري: والحَريمُ
قَصَبَةُ الدارِ، والحَريمُ فِناءُ المسجد. وحكي عن ابن واصل الكلابي:
حَريم الدار ما دخل فيها مما يُغْلَقُ عليه بابُها وما خرج منها فهو
الفِناءُ، قال: وفِناءُ البَدَوِيِّ ما يُدْرِكُهُ حُجْرَتُه وأَطنابُهُ، وهو
من الحَضَرِيّ إذا كانت تحاذيها دار أُخرى، ففِناؤُهما حَدُّ ما بينهما.
وحَريمُ الدار: ما أُضيف إليها وكان من حقوقها ومَرافِقها. وحَريمُ
البئر: مُلْقى النَّبِيثَة والمَمْشى على جانبيها ونحو ذلك؛ الصحاح: حَريم
البئر وغيرها ما حولها من مَرافقها وحُقوقها. وحَريمُ النهر: مُلْقى طينه
والمَمْشى على حافتيه ونحو ذلك. وفي الحديث: حَريمُ البئر أَربعون ذراعاً،
هو الموضع المحيط بها الذي يُلْقى فيه ترابُها أَي أَن البئر التي يحفرها
الرجل في مَواتٍ فَحريمُها ليس لأَحد أَن ينزل فيه ولا ينازعه عليها،
وسمي به لأَنه يَحْرُمُ منع صاحبه منه أَو لأَنه مُحَرَّمٌ على غيره
التصرفُ فيه.
الأَزهري: الحِرْمُ المنع، والحِرْمَةُ الحِرْمان، والحِرْمانُ نَقيضه
الإعطاء والرَّزْقُ. يقال: مَحْرُومٌ ومَرْزوق. وحَرَمهُ الشيءَ
يَحْرِمُهُ وحجَرِمَهُ حِرْماناً وحِرْماً
(* قوله «وحرماً» أي بكسر فسكون، زاد في
المحكم: وحرماً ككتف) وحَريماً وحِرْمَةً وحَرِمَةً وحَريمةً،
وأَحْرَمَهُ لغةٌ ليست بالعالية، كله: منعه العطيّة؛ قال يصف امرأة:
وأُنْبِئْتُها أَحْرَمَتْ قومَها
لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا
أَي حَرَّمَتْهُم على نفسها. الأَصمعي: أَحْرَمَتْ قومها أَي
حَرَمَتْهُم أَن ينكحوها. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: كل مُسلمٍ
عن مسلم مُحْرِمٌ أَخَوانِ نَصيرانِ؛ قال أَبو العباس: قال ابن الأَعرابي
يقال إنه لمُحْرِمٌ عنك أَي يُحَرِّمُ أَذاكَ عليه؛ قال الأَزهري: وهذا
بمعنى الخبر، أَراد أَنه يَحْرُمُ على كل واحد منهما أَن يُؤْذي صاحبَهُ
لحُرْمة الإسلام المانِعَتِه عن ظُلْمِه. ويقال: مُسلم مُحْرِمٌ وهو الذي
لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يُوقِعُ به، يريد أَن المسلم مُعْتَصِمٌ
بالإسلام ممتنع بحُرْمتِهِ ممن أَراده وأَراد ماله.
والتَّحْرِيمُ: خلاف التَّحْليل. ورجل مَحْروم: ممنوع من الخير. وفي
التهذيب: المَحْروم الذي حُرِمَ الخيرَ حِرْماناً. وقوله تعالى: في أَموالهم
حقٌّ معلوم للسائل والمَحْروم؛ قيل: المَحْروم الذي لا يَنْمِي له مال،
وقيل أَيضاً: إِنه المُحارِفُ الذي لا يكاد يَكْتَسِبُ. وحَرِيمةُ
الربِّ: التي يمنعها من شاء من خلقه. وأَحْرَمَ الرجلَ: قَمَرَه، وحَرِمَ في
اللُّعبة يحْرَمُ حَرَماً: قَمِرَ ولم يَقْمُرْ هو؛ وأَنشد:
ورَمَى بسَهْمِ حَريمةٍ لم يَصْطَدِ
ويُخَطُّ خَطٌّ
فيدخل فيه غِلمان وتكون عِدَّتُهُمْ في خارج من الخَطّ فيَدْنو هؤلاء من
الخط ويصافحُ أَحدُهم صاحبَهُ، فإن مسَّ الداخلُ الخارجَ فلم يضبطه
الداخلُ قيل للداخل: حَرِمَ وأَحْرَمَ الخارِجُ الداخلَ، وإن ضبطه الداخلُ
فقد حَرِمَ الخارِجُ وأَحْرَمَه الداخِلُ. وحَرِمَ الرجلُ حَرماً: لَجَّ
ومَحَكَ. وحَرِمَت المِعْزَى وغيرُها من ذوات الظِّلْف حِراماً
واسْتحْرَمَتْ: أَرادت الفحل، وما أَبْيَنَ حِرْمَتَها، وهي حَرْمَى، وجمعها حِرامٌ
وحَرامَى، كُسِّرَ على ما يُكَسَّرُ عليه فَعْلَى التي لها فَعْلانُ نحو
عَجْلان وعَجْلَى وغَرْثان وغَرْثى، والاسم الحَرَمةُ والحِرمةُ؛ الأَول
عن اللحياني، وكذلك الذِّئْبَةُ والكلبة وأكثرها في الغنم، وقد حكي ذلك
في الإبل. وجاء في بعض الحديث: الذين تقوم عليهم الساعةُ تُسَلَّطُ عليهم
الحِرْمَةُ أَي الغُلْمَةُ ويُسْلَبُون الحياءَ، فاسْتُعْمِل في ذكور
الأَناسِيِّ، وقيل: الإسْتِحْرامُ لكل ذات ظِلْفٍ خاصةً. والحِرْمَةُ،
بالكسر: الغُلْمةُ. قال ابن الأثير: وكأنها بغير الآدمي من الحيوان أَخَصُّ.
وقوله في حديث آدم، عليه السلام: إنه اسْتَحْرَمَ بعد موت ابنه مائةَ سنةٍ
لم يَضْحَكْ؛ هو من قولهم: أَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في حُرْمَةٍ لا
تهْتَكُ، قال: وليس من اسْتِحْرام الشاة. الجوهري: والحِرْمةُ في الشاء
كالضَّبْعَةِ في النُّوقِ، والحِنَاء في النِّعاج، وهو شهوة البِضاع؛ يقال:
اسْتَحْرَمَت الشاةُ وكل أُنثى من ذوات الظلف خاصةً إذا اشتهت الفحل. وقال
الأُمَوِيُّ: اسْتَحْرَمتِ الذِّئبةُ والكلبةُ
إذا أَرادت الفحل. وشاة حَرْمَى وشياه حِرامٌ وحَرامَى مثل عِجالٍ
وعَجالى، كأَنه لو قيل لمذكَّرِهِ لَقِيل حَرْمانُ، قال ابن بري: فَعْلَى
مؤنثة فَعْلان قد تجمع على فَعالَى وفِعالٍ نحو عَجالَى وعِجالٍ، وأَما شاة
حَرْمَى فإنها، وإن لم يستعمل لها مذكَّر، فإنها بمنزلة ما قد استعمل لأَن
قياس المذكر منه حَرْمانُ، فلذلك قالوا في جمعه حَرامَى وحِرامٌ، كما
قالوا عَجالَى وعِجالٌ.
والمُحَرَّمُ من الإبل مثل العُرْضِيِّ: وهو الذَّلُول الوَسَط
(* قوله
«وهو الذلول الوسط» ضبطت الطاء في القاموس بضمة، وفي نسختين من المحكم
بكسرها ولعله أقرب للصواب) الصعبُ التَّصَرُّفِ حين تصَرُّفِه. وناقة
مُحَرَّمةٌ: لم تُرَضْ؛ قال الأَزهري: سمعت العرب تقول ناقة مُحَرَّمَةُ
الظهرِ إذا كانت صعبةً لم تُرَضْ ولم تُذَلَّْلْ، وفي الصحاح: ناقة
مُحَرَّمةٌ أَي لم تَتِمَّ رياضتُها بَعْدُ. وفي حديث عائشة: إنه أَراد البَداوَة
فأَرسل إليَّ ناقة مُحَرَّمةً؛ هي التي لم تركب ولم تُذَلَّل.
والمُحَرَّمُ من الجلود: ما لم يدبغ أَو دُبغ فلم يَتَمَرَّن ولم يبالغ، وجِلد
مُحَرَّم: لم تتم دِباغته. وسوط مُحَرَّم: جديد لم يُلَيَّنْ بعدُ؛ قال
الأَعشى:
تَرَى عينَها صَغْواءَ في جنبِ غَرْزِها،
تُراقِبُ كَفِّي والقَطيعَ المُحَرَّما
وفي التهذيب: في جنب موقها تُحاذر كفِّي؛ أَراد بالقَطيع سوطه. قال
الأَزهري: وقد رأَيت العرب يُسَوُّون سياطَهم من جلود الإبل التي لم تدبغ،
يأخذون الشَّريحة العريضة فيقطعون منها سُيوراً عِراضاً ويدفنونها في
الثَّرَى، فإذا نَدِيَتْ ولانت جعلوا منها أَربع قُوىً، ثم فتلوها ثم علَّقوها
من شِعْبَي خشبةٍ يَرْكُزونها في الأَرض فتُقِلُّها من الأَرض ممدودةً
وقد أَثقلوها حتى تيبس.
وقوله تعالى: وحِرْم على قرية أهلكناها أَنهم لا يرجعون؛ روى قَتادةُ عن
ابن عباس: معناه واجبٌ عليها إذا هَلَكَتْ أن لا ترجع إلى دُنْياها؛
وقال أَبو مُعاذٍ النحويّ: بلغني عن ابن عباس أَنه قرأَها وحَرمَ على قرية
أَي وَجَب عليها، قال: وحُدِّثْت عن سعيد بن جبير أَنه قرأَها: وحِرْمٌ
على قرية أَهلكناها؛ فسئل عنها فقال: عَزْمٌ عليها. وقال أَبو إسحق في
قوله تعالى: وحرامٌ
على قرية أَهلكناها؛ يحتاج هذا إلى تَبْيين فإنه لم يُبَيَّنْ، قال:
وهو، والله أَعلم، أَن الله عز وجل لما قال: فلا كُفْرانَ لسعيه إنا له
كاتبون، أَعْلَمنا أَنه قد حَرَّمَ أعمال الكفار، فالمعنى حَرامٌ على قرية
أَهلكناها أَن يُتَقَبَّل منهم عَمَلٌ، لأَنهم لا يرجعون أَي لا يتوبون؛
وروي أَيضاً عن ابن عباس أَنه قال في قوله: وحِرْمٌ على قرية أَهلكناها،
قال: واجبٌ على قرية أَهلكناها أَنه لا يرجع منهم راجع أَي لا يتوب منهم
تائب؛ قال الأَزهري: وهذا يؤيد ما قاله الزجاج، وروى الفراء بإسناده عن ابن
عباس: وحِرْمٌ؛ قال الكسائي: أَي واجب، قال ابن بري: إنما تَأَوَّلَ
الكسائي وحَرامٌ في الآية بمعنى واجب، لتسلم له لا من الزيادة فيصير المعنى
عند واجبٌ على قرية أَهلكناها أَنهم لا يرجعون، ومن جعل حَراماً بمعنى
المنع جعل لا زائدة تقديره وحَرامٌ على قرية أَهلكناها أَنهم يرجعون،
وتأويل الكسائي هو تأْويل ابن عباس؛ ويقوّي قول الكسائي إن حَرام في الآية
بمعنى واجب قولُ عبد الرحمن بن جُمانَةَ المُحاربيّ جاهليّ:
فإنَّ حَراماً لا أَرى الدِّهْرَ باكِياً
على شَجْوِهِ، إلاَّ بَكَيْتُ على عَمْرو
وقرأ أَهل المدينة وحَرامٌ، قال الفراء: وحَرامٌ أَفشى في القراءة.
وحَرِيمٌ: أَبو حَيّ. وحَرامٌ: اسم. وفي العرب بُطون ينسبون إلى آل
حَرامٍ
(* قوله «إلى آل حرام» هذه عبارة المحكم وليس فيها لفظ آل) بَطْنٌ من
بني تميم وبَطْنٌ في جُذام وبطن في بكر بن وائل. وحَرامٌ: مولى كُلَيْبٍ.
وحَريمةُ: رجل من أَنجادهم؛ قال الكَلْحَبَةُ اليَرْبوعيّ:
فأَدْرَكَ أَنْقاءَ العَرَادةِ ظَلْعُها،
وقد جَعَلَتْني من حَريمةَ إصْبَعا
وحَرِيمٌ: اسم موضع؛ قال ابن مقبل:
حَيِّ دارَ الحَيِّ لا حَيَّ بها،
بِسِخالٍ فأُثالٍ فَحَرِمْ
والحَيْرَمُ: البقر، واحدتها حَيْرَمة؛ قال ابن أَحمر:
تَبَدَّلَ أُدْماً من ظِباءٍ وحَيْرَما
قال الأَصمعي: لم نسمع الحَيْرَمَ إلا في شعر ابن أَحمر، وله نظائر
مذكورة في مواضعها. قال ابن جني: والقولُ في هذه الكلمة ونحوها وجوبُ قبولها،
وذلك لما ثبتتْ به الشَّهادةُ من فَصاحة ابن أَحمر، فإما أَن يكون شيئاً
أَخذه عمن نَطَقَ بلغة قديمة لم يُشارَكْ في سماع ذلك منه، على حدّ ما
قلناه فيمن خالف الجماعة، وهو فصيح كقوله في الذُّرَحْرَح الذُّرَّحْرَحِ
ونحو ذلك، وإما أَن يكون شيئاً ارتجله ابن أَحمر، فإن الأَعرابي إذا
قَوِيَتْ فصاحتُه وسَمَتْ طبيعتُه تصرَّف وارتجل ما لم يسبقه أَحد قبله، فقد
حكي عن رُؤبَة وأَبيه: أَنهما كانا يَرْتَجِلان أَلفاظاً لم يسمعاها ولا
سُبِقا إليها، وعلى هذا قال أَبو عثمان: ما قِيس على كلام العَرَب فهو من
كلام العرب. ابن الأَعرابي: الحَيْرَمُ البقر، والحَوْرَمُ المال الكثير
من الصامِتِ والناطق.
والحِرْمِيَّةُ: سِهام تنسب إلى الحَرَمِ، والحَرَمُ قد يكون الحَرامَ،
ونظيره زَمَنٌ وزَمانٌ.
وحَريمٌ الذي في شعر امرئ القيس: اسم رجل، وهو حَريمُ بن جُعْفِيٍّ
جَدُّ الشُّوَيْعِر؛ قال ابن بري يعني قوله:
بَلِّغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَني،
عَمْدَ عَيْنٍ، قَلَّدْتُهُنَّ حَريما
وقد ذكر ذلك في ترجمة شعر. والحرَيمةُ: ما فات من كل مَطْموع فيه.
وحَرَمَهُ الشيء يَحْرِمُه حَرِماً مثل سَرَقَه سَرِقاً، بكسر الراء،
وحِرْمَةً
وحَريمةً وحِرْماناً وأَحْرَمَهُ أَيضاً إذا منعه إياه؛ وقال يصف إمرأة:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَها
لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا
(* قوله «ونبئتها» في التهذيب: وأنبئتها)
قال ابن بري: وأَنشد أَبو عبيد شاهداً على أَحْرَمَتْ بيتين متباعد
أَحدهما من صاحبه، وهما في قصيدة تروى لشَقِيق بن السُّلَيْكِ، وتروى لابن
أَخي زِرّ ابن حُبَيْشٍ الفقيه القارئ، وخطب امرأَة فردته فقال:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قومها
لتَنكِح في معشرٍ آخَرينا
فإن كنتِ أَحْرَمْتِنا فاذْهَبي،
فإن النِّساءَ يَخُنَّ الأَمينا
وطُوفي لتَلْتَقِطي مِثْلَنا،
وأُقْسِمُ باللهِ لا تَفْعَلِينا
فإمّا نَكَحْتِ فلا بالرِّفاء،
إذا ما نَكَحْتِ ولا بالبَنِينا
وزُوِّجْتِ أَشْمَطَ في غُرْبة،
تُجََنُّ الحَلِيلَة منه جُنونا
خَليلَ إماءٍ يُراوِحْنَهُ،
وللمُحْصَناتِ ضَرُوباً مُهِينا
إذا ما نُقِلْتِ إلى دارِهِ
أَعَدَّ لظهرِكِ سوطاً مَتِينا
وقَلَّبْتِ طَرْفَكِ في مارِدٍ،
تَظَلُّ الحَمامُ عليه وُكُونا
يُشِمُّكِ أَخْبَثَ أَضْراسِه،
إذا ما دَنَوْتِ فتسْتَنْشِقِينا
كأَن المَساويكَ في شِدْقِه،
إذا هُنَّ أُكرِهن، يَقلَعنَ طينا
كأَنَّ تَواليَ أَنْيابِهِ
وبين ثَناياهُ غِسْلاً لَجِينا
أَراد بالمارِدِ حِصْناً أَو قَصراً مما تُُعْلى حيطانُه وتُصَهْرَجُ
حتى يَمْلاسَّ فلا يقدر أَحد على ارتقائه، والوُكُونُ: جمع واكِنٍ مثل جالس
وجُلوسٍ، وهي الجاثِمة، يريد أَن الحمام يقف عليه فلا يُذْعَرُ
لارتفاعه، والغِسْل: الخطْمِيُّ، واللَّجِينُ: المضروب بالماء، شبَّه ما رَكِبَ
أَسنانَه وأنيابَِ من الخضرة بالخِطميّ المضروب بالماء. والحَرِمُ، بكسر
الراء: الحِرْمانُ؛ قال زهير:
وإنْ أَتاه خليلٌ يوم مَسْأَلةٍ
يقولُ: لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ
وإنما رَفَعَ يقولُ، وهو جواب الجزاء، على معنى التقديم عند سيبويه
كأَنه قال: يقول إن أَتاه خليل لا غائب، وعند الكوفيين على إضمار الفاء؛ قال
ابن بري: الحَرِمُ الممنوع، وقيل: الحَرِمُ الحَرامُ. يقال: حِرْمٌ
وحَرِمٌ وحَرامٌ بمعنى. والحَريمُ: الـصديق؛ يقال: فلان حَريمٌ
صَريح أَي صَديق خالص. قال: وقال العُقَيْلِيُّونَ حَرامُ
الله لا أَفعلُ ذلك، ويمينُ الله لا أَفعلُ ذلك، معناهما واحد. قال:
وقال أَبو زيد يقال للرجل: ما هو بحارِم عَقْلٍ، وما هو بعادِمِ عقل،
معناهما أَن له عقلاً. الأزهري: وفي حديث بعضهم إذا اجتمعت حُرْمتانِ طُرِحت
الصُّغْرى للكُبْرى؛ قال القتيبي: يقول إذا كان أَمر فيه منفعة لعامَّة
الناس ومَضَرَّةٌ على خاصّ منهم قُدِّمت منفعة العامة، مثال ذلك: نَهْرٌ
يجري لشِرْب العامة، وفي مَجْراه حائطٌ لرجل وحَمَّامٌ يَضُرُّ به هذا
النهر، فلا يُتْرَكُ إجراؤه من قِبَلِ هذه المَضَرَّة، هذا وما أَشبهه، قال:
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: في الحَرامِ كَفَّارةُ يمينٍ؛ هو أَن يقول
حَرامُ الله لا أَفعلُ كما يقول يمينُ اللهِ، وهي لغة العقيلِييّن، قال:
ويحتمل أَن يريد تَحْريمَ الزوجة والجارية من غير نية الطلاق؛ ومنه قوله
تعالى: يا أَيها النبي لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ الله لك، ثم قال عز وجل:
قد فرض الله لكم تَحِلَّةَ أَيْمانِكم؛ ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها:
آلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من نسائه وحَرَّمَ فجعل الحَرامَ
حلالاً، تعني ما كان حَرّمهُ على نفسه من نسائه بالإيلاء عاد فأَحَلَّهُ
وجعل في اليمين الكفارةَ. وفي حديث عليّ
(* قوله «وفي حديث عليّ إلخ» عبارة
النهاية: ومنه حديث عليّ إلخ) في الرجل يقول لامرأته: أَنتِ عليَّ
حَرامٌ، وحديث ابن عباس: من حَرّمَ امرأَته فليس بشيءٍ، وحديثه الآخر: إذا
حَرَّمَ الرجل امرأَته فهي يمينٌ يُكَفِّرُها. والإحْرامُ والتَّحْريمُ
بمعنى؛ قال يصف بعيراً:
له رِئَةٌ قد أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهرِهِ،
فما فيه للفُقْرَى ولا الحَجِّ مَزْعَمُ
قال ابن بري: الذي رواه ابن وَلاَّد وغيره: له رَبَّة، وقوله مَزْعَم
أَي مَطْمع. وقوله تعالى: للسائل والمَحْرُوم؛ قال ابن عباس: هو
المُحارِف.أَبو عمرو: الحَرُومُ الناقة المُعْتاطةُ الرَّحِمِ، والزَّجُومُ التي
لا تَرْغُو، والخَزُوم المنقطعة في السير، والزَّحُوم التي تزاحِمُ على
الحوض.
والحَرامُ: المُحْرِمُ. والحَرامُ: الشهر الحَرامُ. وحَرام: قبيلة من
بني سُلَيْمٍ؛ قال الفرزدق:
فَمَنْ يَكُ خائفاً لأذاةِ شِعْرِي،
فقد أَمِنَ الهجاءَ بَنُو حَرامِ
وحَرَام أَيضاً: قبيلة من بني سعد بن بكر.
والتَّحْرِيمُ: الصُّعوبة؛ قال رؤبة:
دَيَّثْتُ من قَسْوتِهِ التَّحرِيما
يقال: هو بعير مُحَرَّمٌ أَي صعب. وأَعرابيّ مُحَرَّمٌ
أَي فصيح لم يخالط الحَضَرَ. وقوله في الحديث: أَما عَلِمْتَ أَن الصورة
مُحَرَّمةٌ؟ أَي مُحَرَّمَةُ الضربِ أَو ذات حُرْمةٍ، والحديث الآخر:
حَرَّمْتُ الظلمَ على نفسي أَي تَقَدَّسْتُ عنه وتعالَيْتُ، فهو في حقه
كالشيء المُحَرَّم على الناس. وفي الحديث الآخر: فهو حَرامٌ بحُرمة الله أَي
بتحريمه، وقيل: الحُرْمةُ الحق أَي بالحق المانع من تحليله. وحديث
الرضاع: فَتَحَرَّمَ بلبنها أَي صار عليها حَراماً. وفي حديث ابن عباس:
وذُكِرَ عنده قولُ عليٍّ أَو عثمان في الجمع بين الأَمَتَيْن الأُختين:
حَرَّمَتْهُنَّ آيةٌ وأَحَلَّتْهُنَّ آيةٌ، فقال: يُحَرِّمُهُنَّ عليَّ قرابتي
منهن ولا يُحرِّمُهُنَّ قرابةُ بعضهن من بعض؛ قال ابن الأَثير: أَراد ابن
عباس أَن يخبر بالعِلَّة التي وقع من أجلها تَحْريمُ الجمع بين الأُختين
الحُرَّتَين فقال: لم يقع ذلك بقرابة إحداهما من الأخرى إذ لو كان ذلك لم
يَحِلَّ وطءُ الثانية بعد وطء الأولى كما يجري في الأُمِّ مع البنت،
ولكنه وقع من أجل قرابة الرجل منهما فَحُرمَ عليه أَن يجمع الأُختَ إلى
الأُخت لأَنها من أَصْهاره، فكأَن ابن عباس قد أَخْرَجَ الإماءَ من حكم
الحَرائر لأَنه لا قرابة بين الرجل وبين إمائِه، قال: والفقهاء على خلاف ذلك
فإنهم لا يجيزون الجمع بين الأُختين في الحَرائر والإماء، فالآية
المُحَرِّمةُ قوله تعالى: وأَن تجمعوا بين الأُختين إلاَّ ما قد سلف، والآية
المُحِلَّةُ قوله تعالى: وما مَلكتْ أَيْمانُكُمْ.
جثل: الجَثْل والجَثِيل من الشجر والثِّيابِ والشَّعَر: الكثيرُ الملتف،
وقيل: هو من الشعر ما غَلُظ وقَصُر، وقيل: ما كَثُف واسْوَدَّ، وقيل: هو
الضَّخْم الكَثِيف من كل شيء.
جَثُل جَثَالة وجُثولة وجَثِل واجْثَأَلَّ النَّبْتُ: طال وغَلُظَ
والتفَّ، وقيل: اجْثَأَلَّ النبتُ اهتز وأَمكن أَن يُقْبَض عليه. واجْثَأَلَّ
الشَّعَرُ والريشُ: انتفش، وناصية جَثْلة، وتُسْتَحبُّ في نواصي الخيل
الجَثْلَةُ وهي المعتدلة في الكثرة والطول، والاسم الجُثُولة والجَثَالة،
وشجرة جَثْلة إِذا كانت كثيرة الورق ضَخْمة. وشَعَر مُجْثَئِلٌّ أَي
منتفش؛ قال الراجز:
مُعْتَدِلُ القامة مُحْزَئِلُّها،
مُوَفَّرُ اللِّمَّةِ مُجْثَئِلُّها
واجْثَأَلَّ الطائر، بالهمز: تنفش للنَّدَى والبرد. واجْثَأَلَّ الرجلُ
إِذا غضب وتهيَّأَ للشَّرِّ والقتال. والمُجْثَئِلُّ: العَرِيض، والهمزة
على هذا زائدة في كل ذلك. والجُثَال: القُبَّرُ. واجْثَأَلَّ: انتفشت
قُنْزُعَته؛ قال جَنْدَل بن المثنى:
جاء الشِّتَاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ،
وطَلَعَتْ شَمْسٌ عليها مِغْفَرُ،
وجَعَلَتْ عَينُ الحَرُورِ تَسكَرُ
تَسْكَرُ أَي يذهب حَرُّها. واجْثَأَلَّ النبتُ إِذا اهتزَّ وأَمكن لأَن
يُقبض عليه. والمُجْثَئِلُّ من الرجال: المنتصب القائم.
والجَثْلة: النَّملة السوداء، وفي المحكم: النملة العظيمة، والجمع
جَثْلٌ؛ قال:
وتَرَى الذَّمِيم على مَرَاسِنِهم،
غِبَّ الهِيَاجِ، كَمَازِنِ الجَثْل
وعَمَّ بعضُهم به النَّمل. وثَكِلَتْكَ الجَثَل؛ قيل: الجَثَل هنا
الأُم؛ عن أَبي عبيد، وقيل: قَيِّمات البيوت؛ عن ابن الأَعرابي. وجَثْلة
الرجل: امرأَتُه. قال ابن سيده: وأُرَى الجَثَل في قولهم ثَكِلَتْكَ الجَثَل
إِنما يُعْنى به الزوجات فيكون موافقاً لقول ابن الأَعرابي: إِن الجَثَل
من قولهم ثَكِلَتْكَ الجَثَل إِنما يُعْنى به قَيِّمات البيوت لأَن امرأَة
الرجل قَيِّمة بيته. قال ابن بري: ثَكِلَتْكَ الجَثَل، قال: هي الأُمُّ
الرَّعْناء، وكذلك ثَكِلَتْك الرَّعْبَل. وجَثَلَتْه الريحُ: كجَفَلَتْه
سواءً.
والجُثَالة: ما تناثر من ورق الشجر في بعض اللغات.
جمع: جَمَعَ الشيءَ عن تَفْرِقة يَجْمَعُه جَمْعاً وجَمَّعَه وأَجْمَعَه
فاجتَمع واجْدَمَعَ، وهي مضارعة، وكذلك تجمَّع واسْتجمع. والمجموع: الذي
جُمع من ههنا وههنا وإِن لم يجعل كالشيء الواحد. واسْتجمع السيلُ: اجتمع
من كل موضع. وجمَعْتُ الشيء إِذا جئت به من ههنا وههنا. وتجمَّع القوم:
اجتمعوا أَيضاً من ههنا وههنا. ومُتجمَّع البَيْداءِ: مُعْظَمُها
ومُحْتَفَلُها؛ قال محمد بن شَحّاذٍ الضَّبّيّ:
في فِتْيَةٍ كلَّما تَجَمَّعَتِ الـ
ـبَيْداء، لم يَهْلَعُوا ولم يَخِمُوا
أَراد ولم يَخِيمُوا، فحذف ولم يَحْفَل بالحركة التي من شأْنها أَن
تَرُدَّ المحذوف ههنا، وهذا لا يوجبه القياس إِنما هو شاذ؛ ورجل مِجْمَعٌ
وجَمّاعٌ.
والجَمْع: اسم لجماعة الناس. والجَمْعُ: مصدر قولك جمعت الشيء.
والجمْعُ: المجتمِعون، وجَمْعُه جُموع. والجَماعةُ والجَمِيع والمَجْمع
والمَجْمَعةُ: كالجَمْع وقد استعملوا ذلك في غير الناس حتى قالوا جَماعة الشجر
وجماعة النبات.
وقرأَ عبد الله بن مسلم: حتى أَبلغ مَجْمِعَ البحرين، وهو نادر
كالمشْرِق والمغرِب، أَعني أَنه شَذَّ في باب فَعَل يَفْعَلُ كما شذَّ المشرق
والمغرب ونحوهما من الشاذ في باب فَعَلَ يَفْعُلُ، والموضع مَجْمَعٌ
ومَجْمِعٌ مثال مَطْلَعٍ ومَطْلِع، وقوم جَمِيعٌ: مُجْتَمِعون. والمَجْمَع: يكون
اسماً للناس وللموضع الذي يجتمعون فيه. وفي الحديث: فضرب بيده مَجْمَعَ
بين عُنُقي وكتفي أَي حيث يَجْتمِعان، وكذلك مَجْمَعُ البحرين
مُلْتَقاهما. ويقال: أَدامَ اللهُ جُمْعةَ ما بينكما كما تقول أَدام الله أُلْفَةَ
ما بينكما.
وأَمرٌ جامِعٌ: يَجمع الناسَ. وفي التنزيل: وإِذا كانوا معه على أَمر
جامِعٍ لم يَذهبوا حتى يَستأْذِنوه؛ قال الزجاج: قال بعضهم كان ذلك في
الجُمعة قال: هو، والله أَعلم، أَن الله عز وجل أَمر المؤمنين إِذا كانوا مع
نبيه، صلى الله عليه وسلم، فيما يحتاج إِلى الجماعة فيه نحو الحرب وشبهها
مما يحتاج إِلى الجَمْعِ فيه لم يذهبوا حتى يستأْذنوه. وقول عمر بن عبد
العزيز، رضي الله عنه: عَجِبْت لمن لاحَنَ الناسَ كيف لا يَعْرِفُ
جَوامِعَ الكلم؛ معناه كيف لا يَقْتَصِر على الإِيجاز ويَترك الفُضول من
الكلام، وهو من قول النبي، صلى الله عليه وسلم: أُوتِيتُ جَوامِعَ الكَلِم يعني
القرآن وما جمع الله عز وجل بلطفه من المعاني الجَمَّة في الأَلفاظ
القليلة كقوله عز وجل: خُذِ العَفْو وأْمُر بالعُرْف وأَعْرِضْ عن الجاهلين.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان يتكلم بجَوامِعِ الكَلِم أَي
أَنه كان كثير المعاني قليل الأَلفاظ. وفي الحديث: كان يَستحِبُّ الجَوامع
من الدعاء؛ هي التي تَجْمع الأَغْراض الصالحةَ والمَقاصِدَ الصحيحة أَو
تَجْمع الثناء على الله تعالى وآداب المسأَلة. وفي الحديث: قال له
أَقْرِئني سورة جامعة، فأَقرأَه: إَذا زلزلت، أَي أَنها تَجْمَعُ أَشياء من الخير
والشر لقوله تعالى فيها: فمن يَعمل مِثقالَ ذرَّة خيراً يره ومن يَعمل
مثقال ذرَّة شرّاً يره. وفي الحديث: حَدِّثْني بكلمة تكون جِماعاً، فقال:
اتَّقِ الله فيما تعلم؛ الجِماع ما جَمَع عَدداً أَي كلمةً تجمع كلمات.
وفي أَسماء الله الحسنى: الجامعُ؛ قال ابن الأَثير: هو الذي يَجْمع
الخلائق ليوم الحِساب، وقيل: هو المؤَلِّف بين المُتماثِلات والمُتضادّات في
الوجود؛ وقول امرئ القيس:
فلو أَنَّها نفْسٌ تموتُ جَميعةً،
ولكِنَّها نفْسٌ تُساقِطُ أَنْفُسا
إِنما أَراد جميعاً، فبالغ بإِلحاق الهاء وحذف الجواب للعلم به كأَنه
قال لفَنِيت واسْتراحت. وفي حديث أُحد: وإِنَّ رجلاً من المشركين جَمِيعَ
اللأْمةِ أَي مُجْتَمِعَ السِّلاحِ. والجَمِيعُ: ضد المتفرِّق؛ قال قيس بن
معاذ وهو مجنون بني عامر:
فقدْتُكِ مِن نَفْسٍ شَعاعٍ، فإِنَّني
نَهَيْتُكِ عن هذا، وأَنتِ جَمِيعُ
(* قوله «فقدتك إلخ» نسبه المؤلف في مادة شعع لقيس بن ذريح لا لابن
معاذ.)
وفي الحديث: له سَهم جَمع أَي له سهم من الخير جُمع فيه حَظَّانِ،
والجيم مفتوحة، وقيل: أَراد بالجمع الجيش أَي كسهمِ الجَيْشِ من الغنيمة.
والجميعُ: الجَيْشُ؛ قال لبيد:
في جَمِيعٍ حافِظِي عَوْراتِهم،
لا يَهُمُّونَ بإِدْعاقِ الشَّلَلْ
والجَمِيعُ: الحيُّ المجتمِع؛ قال لبيد:
عَرِيَتْ، وكان بها الجَمِيعُ فأَبْكَرُوا
منها، فغُودِرَ نُؤْيُها وثُمامُها
وإِبل جَمّاعةٌ: مُجْتَمِعة؛ قال:
لا مالَ إِلاَّ إِبِلٌ جَمّاعهْ،
مَشْرَبُها الجِيّةُ أَو نُقاعَهْ
والمَجْمَعةُ: مَجلِس الاجتماع؛ قال زهير:
وتُوقدْ نارُكُمْ شَرَراً ويُرْفَعْ،
لكم في كلِّ مَجْمَعَةٍ، لِواءُ
والمَجْمعة: الأَرض القَفْر. والمَجْمعة: ما اجتَمع من الرِّمال وهي
المَجامِعُ؛ وأَنشد:
باتَ إِلى نَيْسَبِ خَلٍّ خادِعِ،
وَعْثِ النِّهاضِ، قاطِعِ المَجامِعِ
بالأُمّ أَحْياناً وبالمُشايِعِ
المُشايِعُ: الدليل الذي ينادي إِلى الطريق يدعو إِليه. وفي الحديث:
فَجَمعْتُ على ثيابي أَي لبستُ الثيابَ التي يُبْرَزُ بها إِلى الناس من
الإِزار والرِّداء والعمامة والدِّرْعِ والخِمار. وجَمَعت المرأَةُ الثيابَ:
لبست الدِّرْع والمِلْحَفةَ والخِمار، يقال ذلك للجارية إِذا شَبَّتْ،
يُكْنى به عن سن الاسْتواء. والجماعةُ: عددُ كل شيءٍ وكثْرَتُه.
وفي حديث أَبي ذرّ: ولا جِماعَ لنا فيما بَعْدُ أَي لا اجتماع لنا.
وجِماع الشيء: جَمْعُه، تقول: جِماعُ الخِباء الأَخْبِيةُ لأَنَّ الجِماعَ ما
جَمَع عدَداً. يقال: الخَمر جِماعُ الإِثْم أَي مَجْمَعهُ ومِظنَّتُه.
وقال الحسين
(* قوله «الحسين» في النهاية الحسن. وقوله «التي جماعها» في
النهاية: فان جماعها.)، رضي الله عنه: اتَّقوا هذه الأَهواء التي جِماعُها
الضلالةُ ومِيعادُها النار؛ وكذلك الجميع، إِلا أَنه اسم لازم.
والرجل المُجتمِع: الذي بَلغ أَشُدَّه ولا يقال ذلك للنساء. واجْتَمَعَ
الرجلُ: اسْتَوت لحيته وبلغ غايةَ شَابِه، ولا يقال ذلك للجارية. ويقال
للرجل إِذا اتصلت لحيته: مُجْتَمِعٌ ثم كَهْلٌ بعد ذلك؛ وأَنشد أَبو
عبيد:قد سادَ وهو فَتًى، حتى إِذا بلَغَت
أَشُدُّه، وعلا في الأَمْرِ واجْتَمَعا
ورجل جميعٌ: مُجْتَمِعُ الخَلْقِ. وفي حديث الحسن، رضي الله عنه: أَنه
سمع أَنس بن مالك، رضي الله عنه، وهو يومئذ جَمِيعٌ أَي مُجْتَمِعُ
الخَلْقِ قَوِيٌّ لم يَهْرَم ولم يَضْعُفْ، والضمير راجع إِلى أَنس. وفي صفته،
صلى الله عليه وسلم: كان إِذا مَشَى مشى مُجْتَمِعاً أَي شديد الحركة
قويَّ الأَعضاء غير مُسْتَرْخٍ في المَشْي. وفي الحديث: إِن خَلْقَ أَحدِكم
يُجْمَعُ في بطن أُمه أَربعين يوماً أَي أَن النُّطفة إِذا وقَعت في
الرحم فأَراد الله أَن يخلق منها بشراً طارتْ في جسم المرأَة تحت كل ظُفُر
وشعَر ثم تمكُث أَربعين ليلة ثم تنزل دَماً في الرحِم، فذلك جَمْعُها،
ويجوز أَن يريد بالجَمْع مُكْث النطفة بالرحم أَربعين يوماً تَتَخَمَّرُ فيها
حتى تتهيَّأَ للخلق والتصوير ثم تُخَلَّق بعد الأَربعين. ورجل جميعُ
الرأْي ومُجْتَمِعُهُ: شديدُه ليس بمنْتشِره.
والمسجدُ الجامعُ: الذي يَجمع أَهلَه، نعت له لأَنه علامة للاجتماع، وقد
يُضاف، وأَنكره بعضهم، وإِن شئت قلت: مسجدُ الجامعِ بالإِضافة كقولك
الحَقُّ اليقين وحقُّ اليقينِ، بمعنى مسجد اليومِ الجامعِ وحقِّ الشيء
اليقينِ لأَن إِضافة الشيء إِلى نفسه لا تجوز إِلا على هذا التقدير، وكان
الفراء يقول: العرب تُضيف الشيءَ إِلى نفسه لاختلاف اللفظين؛ كما قال
الشاعر:فقلت: انْجُوَا عنها نَجا الجِلْدِ، إِنه
سَيُرْضِيكما منها سَنامٌ وغارِبُهْ
فأَضاف النَّجا وهو الجِلْد إِلى الجلد لمّا اختلف اللفظانِ، وروى
الأَزهري عن الليث قال: ولا يقال مسجدُ الجامعِ، ثم قال الأَزهري: النحويون
أَجازوا جميعاً ما أَنكره الليث، والعرب تُضِيفُ الشيءَ إِلى نفْسه وإِلى
نَعْتِه إِذا اختلف اللفظانِ كما قال تعالى: وذلك دِينُ القَيِّمةِ؛ ومعنى
الدِّين المِلَّةُ كأَنه قال وذلك دِين الملَّةِ القيِّمةِ، وكما قال
تعالى: وَعْدَ الصِّدْقِ ووعدَ الحقِّ، قال: وما علمت أَحداً من النحويين
أَبى إِجازته غيرَ الليث، قال: وإِنما هو الوعدُ الصِّدقُ والمسجِدُ
الجامعُ والصلاةُ الأُولى.
وجُمّاعُ كل شيء: مُجْتَمَعُ خَلْقِه. وجُمّاعُ جَسَدِ الإِنسانِ:
رأْسُه. وجُمّاعُ الثمَر: تَجَمُّعُ بَراعيمِه في موضع واحد على حمله؛ وقال ذو
الرمة:
ورأْسٍ كَجُمّاعِ الثُّرَيّا، ومِشْفَرٍ
كسِبْتِ اليمانيِّ، قِدُّهُ لم يُجَرَّدِ
وجُمّاعُ الثريَّا: مُجْتَمِعُها؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ونَهْبٍ كجُمّاعِ الثُرَيّا، حَوَيْتُه
غِشاشاً بمُجْتابِ الصِّفاقَيْنِ خَيْفَقِ
فقد يكون مُجتمِعَ الثُّريا، وقد يكون جُمَّاع الثريا الذين يجتمعون على
مطر الثريا، وهو مطر الوَسْمِيّ،
ينتظرون خِصْبَه وكَلأَه، وبهذا القول الأَخير فسره ابن الأَعرابي.
والجُمّاعُ: أَخلاطٌ من الناس، وقيل: هم الضُّروب المتفرّقون من الناس؛ قال
قيس بن الأَسلت السُّلَمِيّ يصف الحرب:
حتى انْتَهَيْنا، ولَنا غايةٌ،
مِنْ بَيْنِ جَمْعٍ غيرِ جُمّاعِ
وفي التنزيل: وجعلناكم شُعوباً وقَبائلَ؛ قال ابن عباس: الشُّعوبُ
الجُمّاعُ والقَبائلُ الأَفْخاذُ؛ الجُمَّاع، بالضم والتشديد: مُجْتَمَعُ
أَصلِ كلّ شيء، أَراد مَنْشأَ النَّسَبِ وأَصلَ المَوْلِدِ، وقيل: أَراد به
الفِرَقَ المختلفةَ من الناس كالأَوْزاعِ والأَوْشابِ؛ ومنه الحديث: كان
في جبل تِهامةَ جُمّاع غَصَبُوا المارّةَ أَي جَماعاتٌ من قَبائلَ شَتَّى
متفرّقة. وامرأَةُ جُمّاعٌ: قصيرة. وكلُّ ما تَجَمَّعَ وانضمّ بعضُه إِلى
بعض جُمّاعٌ.
ويقال: ذهب الشهر بجُمْعٍ وجِمْعٍ أَي أَجمع. وضربه بحجر جُمْعِ الكف
وجِمْعِها أَي مِلْئها. وجُمْعُ الكف، بالضم: وهو حين تَقْبِضُها. يقال:
ضربوه بأَجماعِهم إِذا ضربوا بأَيديهم. وضربته بجُمْع كفي، بضم الجيم،
وتقول: أَعطيته من الدّراهم جُمْع الكفّ كما تقول مِلْءَ الكفّ. وفي الحديث:
رأَيت خاتم النبوَّة كأَنه جُمْعٌ، يُريد مثل جُمْع الكف، وهو أَن تَجمع
الأَصابع وتَضُمَّها. وجاء فلان بقُبْضةٍ مِلْء جُمْعِه؛ وقال منظور بن
صُبْح الأَسديّ:
وما فعَلتْ بي ذاكَ حتى تَركْتُها،
تُقَلِّبُ رأْساً مِثْلَ جُمْعِيَ عَارِيا
وجُمْعةٌ من تمر أَي قُبْضة منه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: صلى
المغرب فلما انصرف دَرَأَ جُمْعةً من حَصى المسجد؛ الجُمْعةُ: المَجموعةُ.
يقال: أَعطِني جُمعة من تَمْر، وهو كالقُبْضة. وتقول: أَخذْت فلاناً بجُمْع
ثيابه. وأَمْرُ بني فلان بجُمْعٍ وجِمْعٍ، بالضم والكسر، فلا تُفْشُوه
أَي مُجتمِعٌ فلا تفرِّقوه بالإِظهار، يقال ذلك إِذا كان مكتوماً ولم يعلم
به أَحد، وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه ذكر الشهداء فقال:
ومنهم أَن تموت المرأَة بجُمْع؛ يعني أَن تموتَ وفي بطنها ولد، وكسر
الكسائي الجيم، والمعنى أَنها ماتت مع شيء مَجْموع فيها غير منفصل عنها من
حَمْل أَو بَكارة، وقد تكون المرأَة التي تموت بجُمع أَن تموتَ ولم يمسّها
رجل، وروي ذلك في الحديث: أَيُّما امرأَة ماتتْ بجُمع لم تُطْمَثْ دخلت
الجنة؛ وهذا يريد به البكْر. الكسائي: ما جَمَعْتُ بامرأَة قط؛ يريد ما
بَنَيْتُ. وباتتْ فلانةُ منه بجُمْع وجِمْع أَي بكراً لم يَقْتَضَّها. قالت
دَهْناء بنت مِسْحلٍ امرأَة العجاج للعامل: أَصلح الله الأَمير إِني منه
بجُمع وجِمْع أَي عَذْراء لم يَقْتَضَّني. وماتت المرأَة بجُمع وجِمع أَي
ماتت وولدها في بطنها، وهي بجُمع وجِمْع أَي مُثْقلة. أَبو زيد: ماتت
النساء بأَجْماع، والواحدة بجمع، وذلك إِذا ماتت وولدُها في بطنها، ماخِضاً
كانت أَو غير ماخَضٍ. وإِذا طلَّق الرجلُ امرأَته وهي عذراء لم يدخل بها
قيل: طلقت بجمع أَي طلقت وهي عذراء. وناقة جِمْعٌ: في بطنها ولد؛ قال:
ورَدْناه في مَجْرى سُهَيْلٍ يَمانِياً،
بِصُعْرِ البُرى، ما بين جُمْعٍ وخادجِ
والخادِجُ: التي أَلقت ولدها. وامرأَة جامِعٌ: في بطنها ولد، وكذلك
الأَتان أَوّل ما تحمل. ودابة جامِعٌ: تصلحُ للسرْج والإِكافِ.
والجَمْعُ: كل لون من التمْر لا يُعرف اسمه، وقيل: هو التمر الذي يخرج
من النوى.
وجامَعها مُجامَعةً وجَماعاً: نكحها. والمُجامعةُ والجِماع: كناية عن
النكاح. وجامَعه على الأَمر: مالأَه عليه واجْتمع معه، والمصدر كالمصدر.
وقِدْرٌ جِماعٌ وجامعةٌ: عظيمة، وقيل: هي التي تجمع الجَزُور؛ قال
الكسائي: أَكبر البِرام الجِماع ثم التي تليها المِئكلةُ.ويقال: فلان جماعٌ
لِبني فلان إِذا كانوا يأْوُون إِلى رأْيه وسودَدِه كما يقال مَرَبٌّ
لهم.واسَتَجمع البَقْلُ إِذا يَبِس كله. واستجمع الوادي إِذا لم يبق منه
موضع إِلا سال. واستجمع القوم إِذا ذهبوا كلهم لم يَبْق منهم أَحد كما
يَستجمِع الوادي بالسيل.
وجَمَعَ أَمْرَه وأَجمعه وأَجمع عليه: عزم عليه كأَنه جَمَع نفسه له،
والأَمر مُجْمَع. ويقال أَيضاً: أَجْمِعْ أَمرَك ولا تَدَعْه مُنْتشراً؛
قال أَبو الحَسْحاس:
تُهِلُّ وتَسْعَى بالمَصابِيح وسْطَها،
لها أَمْرُ حَزْمٍ لا يُفرَّق مُجْمَع
وقال آخر:
يا ليْتَ شِعْري، والمُنى لا تَنفعُ،
هل أَغْدُوَنْ يوماً، وأَمْري مُجْمَع؟
وقوله تعالى: فأَجمِعوا أَمركم وشُرَكاءكم؛ أَي وادْعوا شركاءكم، قال:
وكذلك هي في قراءة عبد الله لأَنه لا يقال أَجمعت شركائي إِنما يقال جمعت؛
قال الشاعر:
يا ليتَ بَعْلَكِ قد غَدا
مُتَقلِّداً سيْفاً ورُمحا
أَراد وحاملاً رُمْحاً لأَن الرمح لا يُتقلَّد. قال الفرّاء: الإِجْماعُ
الإِعْداد والعزيمةُ على الأَمر، قال: ونصبُ شُركاءكم بفعل مُضْمر كأَنك
قلت: فأَجمِعوا أَمركم وادْعوا شركاءكم؛ قال أَبو إِسحق: الذي قاله
الفرّاء غَلَطٌ في إِضْماره وادْعوا شركاءكم لأَن الكلام لا فائدة له لأَنهم
كانوا يَدْعون شركاءهم لأَن يُجْمعوا أَمرهم، قال: والمعنى فأَجْمِعوا
أَمرَكم مع شركائكم، وإِذا كان الدعاء لغير شيء فلا فائدة فيه، قال: والواو
بمعنى مع كقولك لو تركت الناقة وفَصِيلَها لرضَعَها؛ المعنى: لو تركت
الناقة مع فصيلِها، قال: ومن قرأَ فاجْمَعوا أَمركم وشركاءكم بأَلف موصولة
فإِنه يعطف شركاءكم على أَمركم، قال: ويجوز فاجْمَعوا أَمرَكم مع
شركائكم، قال الفراء: إَذا أَردت جمع المُتَفرّق قلت: جمعت القوم، فهم مجموعون،
قال الله تعالى: ذلك يوم مجموع له الناسُ، قال: وإِذا أَردت كَسْبَ
المالِ قلت: جَمَّعْتُ المالَ كقوله تعالى: الذي جَمَّع مالاً وعدَّده، وقد
يجوز: جمَع مالاً، بالتخفيف. وقال الفراء في قوله تعالى: فأَجْمِعوا
كيْدَكم ثم ائتُوا صفًّا، قال: الإِجماعُ الإِحْكام والعزيمة على الشيء، تقول:
أَجمعت الخروج وأَجمعت على الخروج؛ قال: ومن قرأَ فاجْمَعوا كيدَكم،
فمعناه لا تدَعوا شيئاً من كيدكم إِلاّ جئتم به. وفي الحديث: من لم يُجْمِع
الصِّيامَ من الليل فلا صِيام له؛ الإِجْماعُ إِحكامُ النيةِ والعَزيمةِ،
أَجْمَعْت الرأْي وأَزْمَعْتُه وعزَمْت عليه بمعنى. ومنه حديث كعب بن
مالك: أَجْمَعْتُ صِدْقَه. وفي حديث صلاة المسافر: ما لم أُجْمِعْ مُكْثاً
أَي ما لم أَعْزِم على الإِقامة. وأَجْمَعَ أَمرَه أَي جعلَه جَميعاً
بعدَما كان متفرقاً، قال: وتفرّقُه أَنه جعل يديره فيقول مرة أَفعل كذا
ومرَّة أَفْعل كذا، فلما عزم على أَمر محكم أَجمعه أَي جعله جَمْعاً؛ قال:
وكذلك يقال أَجْمَعتُ النَّهْبَ، والنَّهْبُ: إِبلُ القوم التي أَغار عليها
اللُّصُوص وكانت متفرقة في مراعيها فجَمَعوها من كل ناحية حتى اجتمعت
لهم، ثم طَرَدوها وساقُوها، فإِذا اجتمعت قيل: أَجْمعوها؛ وأُنشد لأَبي ذؤيب
يصف حُمُراً:
فكأَنها بالجِزْعِ، بين نُبايِعٍ
وأُولاتِ ذي العَرْجاء، نَهْبٌ مُجْمَعُ
قال: وبعضهم يقول جَمَعْت أَمرِي. والجَمْع: أَن تَجْمَع شيئاً إِلى
شيء. والإِجْماعُ: أَن تُجْمِع الشيء المتفرِّقَ جميعاً، فإِذا جعلته جميعاً
بَقِي جميعاً ولم يَكد يَتفرّق كالرأْي المَعْزوم عليه المُمْضَى؛ وقيل
في قول أَبي وجْزةَ السَّعْدي:
وأَجْمَعَتِ الهواجِرُ كُلَّ رَجْعٍ
منَ الأَجْمادِ والدَّمَثِ البَثاء
أَجْمعت أَي يَبَّسَتْ، والرجْعُ: الغديرُ. والبَثاءُ: السهْل.
وأَجْمَعْتُ الإِبل: سُقْتها جميعاً. وأَجْمَعَتِ الأَرضُ سائلةً وأَجمعَ المطرُ
الأَرضَ إِذا سالَ رَغابُها وجَهادُها كلُّها. وفَلاةٌ مُجْمِعةٌ
ومُجَمِّعةٌ: يَجتمع فيها القوم ولا يتفرّقون خوف الضلال ونحوه كأَنها هي التي
تَجْمَعُهم. وجُمْعةٌ من أَي قُبْضة منه.
وفي التنزيل: يا أَيها الذين آمنوا إِذا نُودِي للصلاةِ من يوم الجمعة؛
خففها الأَعمش وثقلها عاصم وأَهل الحجاز، والأَصل فيها التخفيف جُمْعة،
فمن ثقل أَتبع الضمةَ الضمة، ومن خفف فعلى الأَصل، والقُرّاء قرؤوها
بالتثقيل، ويقال يوم الجُمْعة لغة بني عُقَيْلٍ ولو قُرِئ بها كان صواباً،
قال: والذين قالوا الجُمُعَة ذهبوا بها إِلى صِفة اليومِ أَنه يَجْمع
الناسَ كما يقال رجل هُمَزةٌ لُمَزَةٌ ضُحَكة، وهو الجُمْعة والجُمُعة
والجُمَعة، وهو يوم العَرُوبةِ، سمّي بذلك لاجتماع الناس فيه، ويُجْمع على
جُمُعات وجُمَعٍ، وقيل: الجُمْعة على تخفيف الجُمُعة والجُمَعة لأَنها تجمع
الناس كثيراً كما قالوا: رجل لُعَنة يُكْثِر لعْنَ الناس، ورجل ضُحَكة يكثر
الضَّحِك. وزعم ثعلب أَن أَوّل من سماه به كعبُ بن لؤيّ جدُّ سيدنا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، وكان يقال له العَرُوبةُ، وذكر السهيلي في
الرَّوْض الأُنُف أَنَّ كعب بن لؤيّ أَوّلُ من جَمَّع يوم العَرُوبةِ، ولم
تسمَّ العَروبةُ الجُمعة إِلا مُذ جاء الإِسلام، وهو أَوَّل من سماها
الجمعة فكانت قريش تجتمِعُ إِليه في هذا اليوم فيَخْطُبُهم ويُذَكِّرُهم
بمَبْعَث النبي، صلى الله عليه وسلم، ويُعلمهم أَنه من ولده ويأْمرهم
باتِّبَاعِه، صلى الله عليه وسلم، والإِيمان به، ويُنْشِدُ في هذا أَبياتاً
منها:
يا ليتني شاهِدٌ فَحْواء دَعْوَتِه،
إِذا قُرَيْشٌ تُبَغِّي الحَقَّ خِذْلانا
وفي الحديث: أَوَّلُ جُمُعةٍ جُمِّعَت بالمدينة؛ جُمّعت بالتشديد أَي
صُلّيت. وفي حديث معاذ: أَنه وجد أَهل مكة يُجَمِّعُون في الحِجْر فنهاهم
عن ذلك؛ يُجمِّعون أَي يصلون صلاة الجمعة وإِنما نهاهم عنه لأَنهم كانوا
يَستظِلُّون بفَيْء الحِجْر قبل أَن تزول الشمس فنهاهم لتقديمهم في الوقت.
وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أَنه قال: إِنما سمي يوم الجمعة
لأَنَّ الله تعالى جَمَع فيه خَلْق آدم، صلى الله على نبينا وعليه وسلم. وقال
أَقوام: إِنما سميت الجمعة في الإِسلام وذلك لاجتماعهم في المسجد. وقال
ثعلب: إِنما سمي يوم الجمعة لأَن قريشاً كانت تجتمع إِلى قُصَيّ في دارِ
النَّدْوةِ. قال اللحياني: كان أَبو زياد
(* كذا بياض بالأصل.) ... وأَبو
الجَرّاح يقولان مضَت الجمعة بما فيها فيُوَحِّدان ويؤنّثان، وكانا
يقولان: مضى السبت بما فيه ومضى الأَحد بما فيه فيُوَحِّدان ويُذَكِّران،
واختلفا فيما بعد هذا، فكان أَبو زياد يقول: مضى الاثْنانِ بما فيه، ومضى
الثَّلاثاء بما فيه، وكذلك الأَربعاء والخميس، قال: وكان أَبو الجراح يقول:
مضى الاثنان بما فيهما، ومضى الثلاثاء بما فيهنّ، ومضى الأَرْبعاء بما
فيهن، ومضى الخميس بما فيهن، فيَجْمع ويُؤنث يُخْرج ذلك مُخْرج العدد.
وجَمَّع الناسُ تَجْمِيعاً: شَهِدوا الجمعة وقَضَوُا الصلاة فيها. وجَمَّع
فلان مالاً وعَدَّده. واستأْجرَ الأَجِيرَ مُجامعة وجِماعاً؛ عن اللحياني:
كل جمعة بِكراء. وحكى ثعلب عن ابن الأَعرابي: لانك جُمَعِيّاً، بفتح
الميم، أَي ممن يصوم الجمعة وحْده. ويومُ الجمعة: يومُ القيامة.
وجمْعٌ: المُزْدَلِفةُ مَعْرفة كعَرَفات؛ قال أَبو ذؤيب:
فباتَ بجَمْعٍ ثم آبَ إِلى مِنًى،
فأَصْبَحَ راداً يَبْتَغِي المَزْجَ بالسَّحْلِ
ويروى: ثم تَمّ إِلى منًى. وسميت المزدلفة بذلك لاجتماع الناس بها. وفي
حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: بعثني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في
الثَّقَل من جَمْعٍ بليل؛ جَمْعٌ علم للمُزْدلفة، سميت بذلك لأَن آدمَ
وحوّاء لما هَبَطا اجْتَمَعا بها.
وتقول: اسْتَجْمَعَ السيْلُ واسْتَجْمَعَتْ للمرء أُموره. ويقال
للمَسْتَجِيش: اسْتَجْمَع كلَّ مَجْمَعٍ. واسْتَجْمَع الفَرَسُ جَرْياً: تكَمَّش
له؛ قال يصف سراباً:
ومُسْتَجْمِعٍ جَرْياً، وليس ببارِحٍ،
تُبارِيهِ في ضاحِي المِتانِ سَواعدُه
يعني السراب، وسَواعِدُه: مَجارِي الماء.
والجَمْعاء: الناقة الكافّة الهَرِمَةُ. ويقال: أَقمتُ عنده قَيْظةً
جَمْعاء وليلة جَمْعاء.
والجامِعةُ: الغُلُّ لأَنها تَجْمَعُ اليدين إِلى العنق؛ قال:
ولو كُبِّلَت في ساعِدَيَّ الجَوامِعُ
وأَجْمَع الناقةَ وبها: صَرَّ أَخلافَها جُمَعَ، وكذلك أَكْمَشَ بها.
وجَمَّعَت الدَّجاجةُ تَجْمِيعاً إِذا جَمَعَت بيضَها في بطنها. وأَرض
مُجْمِعةٌ: جَدْب لا تُفَرَّقُ فيها الرِّكاب لِرَعْي. والجامِعُ: البطن،
يَمانِيةٌ. والجَمْع: الدَّقَلُ. يقال: ما أَكثر الجَمْع في أَرض بني فلان
لنخل خرج من النوى لا يعرف اسمه. وفي الحديث أَنه أُتِيَ بتمر جَنِيب
فقال: من أَين لكم هذا؟ قالوا: إِنا لنأْخُذُ الصاعَ من هذا بالصاعَيْنِ،
فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: فلا تفعلوا، بِعِ الجَمْع بالدّراهم
وابتع بالدراهم جَنِيباً. قال الأَصمعي: كلّ لون من النخل لا يعرف اسمه فهو
جَمع. يقال: قد كثر الجمع في أَرض فلان لنخل يخرج من النوى، وقيل الجمع
تمر مختلط من أَنواع متفرقة وليس مرغوباً فيه وما يُخْلَطُ إِلا
لرداءته.والجَمْعاء من البهائم: التي لم يذهب من بَدَنِها شيء. وفي الحديث: كما
تُنتَجُ البَهِيمةُ بَهِيمةً جَمْعاء أَي سليمة من العيوب مُجتمِعة
الأَعضاء كاملتها فلا جَدْعَ بها ولا كيّ.
وأَجْمَعْت الشيء: جعلته جميعاً؛ ومنه قول أَبي ذؤيب يصف حُمراً:
وأُولاتِ ذِي العَرْجاء نَهْبٌ مُجْمَع
وقد تقدم. وأُولاتُ ذي العرجاء: مواضعُ نسبها إِلى مكان فيه أَكمةٌ
عَرْجاء، فشبه الحُمر بإِبل انْتُهِبتْ وخُرِقتْ من طَوائِفها.
وجَمِيعٌ: يؤكّد به، يقال: جاؤوا جميعاً كلهم. وأَجْمعُ: من الأَلفاظ
الدالة على الإِحاطة وليست بصفة ولكنه يُلَمّ به ما قبله من الأَسماء
ويُجْرَى على إِعرابه، فلذلك قال النحويون صفة، والدليل على أَنه ليس بصفة
قولهم أَجمعون، فلو كان صفة لم يَسْلَم جَمْعُه ولكان مُكسّراً، والأُنثى
جَمْعاء، وكلاهما معرفة لا ينكَّر عند سيبويه، وأَما ثعلب فحكى فيهما
التنكير والتعريف جميعاً، تقول: أَعجبني القصرُ أَجمعُ وأَجمعَ، الرفعُ على
التوكيد والنصب على الحال، والجَمْعُ جُمَعُ، معدول عن جَمعاوات أَو
جَماعَى، ولا يكون معدولاً عن جُمْع لأَن أَجمع ليس بوصف فيكون كأَحْمر وحُمْر،
قال أَبو علي: بابُ أَجمعَ وجَمْعاء وأَكتعَ وكتْعاء وما يَتْبَع ذلك من
بقيته إِنما هو اتّفاق وتَوارُدٌ وقع في اللغة على غير ما كان في وزنه
منها، لأَن باب أَفعلَ وفَعلاء إِنما هو للصفات وجميعُها يجيء على هذا
الوضع نَكراتٍ نحو أَحمر وحمراء وأَصفر وصفراء، وهذا ونحوه صفاتٌ نكرات،
فأَمَّا أَجْمع وجمعاء فاسمانِ مَعْرفَتان ليسا بصفتين فإِنما ذلك اتفاق وقع
بين هذه الكلمة المؤكَّد بها. ويقال: لك هذا المال أَجْمعُ ولك هذه
الحِنْطة جمعاء. وفي الصحاح: وجُمَعٌ جَمْعُ جَمْعةٍ وجَمْعُ جَمْعاء في
تأْكيد المؤنث، تقول: رأَيت النسوة جُمَعَ، غير منون ولا مصروف، وهو معرفة
بغير الأَلف واللام، وكذلك ما يَجري مَجراه منه التوكيد لأَنه للتوكيد
للمعرفة، وأَخذت حقّي أَجْمَعَ في توكيد المذكر، وهو توكيد مَحْض، وكذلك
أَجمعون وجَمْعاء وجُمَع وأَكْتعون وأَبْصَعُون وأَبْتَعُون لا تكون إِلا
تأْكيداً تابعاً لما قبله لا يُبْتَدأُ ولا يُخْبر به ولا عنه، ولا يكون
فاعلاً ولا مفعولاً كما يكون غيره من التواكيد اسماً مرةً وتوكيداً أُخرى
مثل نفْسه وعيْنه وكلّه وأَجمعون: جَمْعُ أَجْمَعَ، وأَجْمَعُ واحد في معنى
جَمْعٍ، وليس له مفرد من لفظه، والمؤنث جَمعاء وكان ينبغي أَن يجمعوا
جَمْعاء بالأَلف والتاء كما جمعوا أَجمع بالواو والنون، ولكنهم قالوا في
جَمْعها جُمَع، ويقال: جاء القوم بأَجمعهم، وأَجْمُعهم أَيضاً، بضم الميم،
كما تقول: جاؤوا بأَكلُبهم جمع كلب؛ قال ابن بري: شاهد قوله جاء القوم
بأَجْمُعهم قول أَبي دَهْبل:
فليتَ كوانِيناً مِنَ اهْلِي وأَهلِها،
بأَجمُعِهم في لُجّةِ البحر، لَجَّجُوا
ومُجَمِّع: لقب قُصيِّ بن كلاب، سمي بذلك لأَنه كان جَمَّع قَبائل قريش
وأَنزلها مكةَ وبنى دار النَّدْوةِ؛ قال الشاعر:
أَبُوكم: قُصَيٌّ كان يُدْعَى مُجَمِّعاً،
به جَمَّع الله القَبائلَ من فِهْرِ
وجامِعٌ وجَمّاعٌ: اسمان. والجُمَيْعَى: موضع.
جدر: هو جَدِيرٌ بكذا ولكذا أَي خَلِيقٌ له، والجمع جَدِيرُونَ
وجُدَراءُ، والأُنثى جَدِيرَةٌ. وقد جَدُرَ جَدارَة، وإِنه لمَجْدَرَةٌ أَن يفعل،
وكذلك الاثنان والجمع، وانها لمَجْدَرَةٌ بذلك وبأَن تفعل ذلك، وكذلك
الاثنتان والجمع؛ كله عن اللحياني. وعنه أَيضاً: لَجدِير أَن يفعل ذلك
وإِنهما لجَدِيرانِ؛ وقال زهير:
جَدِيرُونَ يوماً أَن يَنالوا فَيَسْتَعْلُوا
ويقال للمرأَة: إِنها لجَدِيرَةٌ أَن تفعل ذلك وخليقة، وأَنهن جَدِيراتٌ
وجَدائِرُ؛ وهذا الأَمر مَجْدَرَةٌ لذلك ومَجْدَرَةٌ منه أَي
مَخْلَقَةٌ. ومَجْدَرَةٌ منه أَن يَفْعَل كذا أَي هو جَدِيرٌ بفعله؛ وأَجْدِرْ بِهِ
أَن يفعل ذلك. وحكى اللحياني عن أَبي جعفر الرَّوَاسي: إِنه لمَجْدُورٌ
أَن يفعل ذلك، جاء به على لفظ المفعول ولا فعل له. وحكى: ما رأَيت من
جَدَارتِهِ، لم يزد على ذلك.
والجُدَرِيُّ
(* قوله: «والجدري» هو داء معروف يأخذ الناس مرة في العمر
غالباً. قالوا: أول من عذب به قوم فرعون ثم بقي بعدهم، وقال عكرمة: أوّل
جدري ظهر ما أصيب به أبرهة، أفاده شارح القاموس). والجَدَرِيُّ، بضم
الجيم وفتح الدال وبفتحهما لغتان: قُروحٌ في البدن تَنَفَّطُ عن الجلد
مُمْتَلِئَة ماءً، وتَقَيَّحُ، وقد جُدِرَ جَدْراً وجُدِّرَ وصاحبها جَدِيرٌ
مُجَدَّرٌ، وحكى اللحياني: جَدِرَ يَجْدَرُ جَدَراً. وأَرضٌ مَجْدَرَة: ذات
جُدَرِيّ.
والجَدَرُ والجُدَرُ: سِلَعٌ تكون في البدن خلقة وقد تكون من الضرب
والجراحات، واحدتها جَدَرَة وجُدَرَةٌ، وهي الأَجْدارُ. وقيل: الجُدَرُ إِذا
ارتفعت عن الجلد وإِذا لم ترتفع فهي نَدَبٌ، وقد يدعى النَّدَبُ جُدَراً
ولا يدعى الجُدَرُ نَدَباً. وقال اللحياني: الجُدَرُ السِّلَع تكون
بالإِنسان أَو البُثُورُ الناتئة، واحدتها جُدَرَةٌ. الجوهري: الجَدَرَةُ
خُرَاجٌ، وهي السِّلْعَةُ، والجمع جَدَرٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
يا قاتَلَ اللهُ ذُقَيْلاً ذا الجَدَرْ
والجُدَرُ: آثارُ ضربٍ مرتفعةٌ على جلد الإِنسان، الواحدة جُدَرَةٌ، فمن
قال الجُدَرِيُّ نَسَبَه إِلى الجُدَرِ، ومن قال الجَدَريُّ نسبه إِلى
الجَدَر؛ قال ابن سيده: هذا قول اللحياني، قال: وليس بالحسن.
وجَدِرَ ظهرهُ جَدَراً: ظهرت فيه جُدَرٌ. والجُدَرَةُ في عنق البعير:
السِّلْعَةُ، وقيل: هي من البعير جُدَرَةٌ ومن الإِنسان سِلْعَةٌ وضَواةٌ.
ابن الأَعرابي: الجَدَرَةُ الوَرْمَةُ في أَصل لَحْيِ البعير النضر.
الجَدَرَةُ: غُدَدٌ تكون في عنق البعير يسقيها عِرْقٌ في أَصلها نحو السلعة
برأْس الإِنسان. وجَمَلٌ أَجْدَرُ وناقة جَدْراء. والجَدَرُ: وَرَمٌ يأْخذ
في الحلق. وشاة جَدْراء: تَقَوَّب جلدها عن داء يصيبها وليسَ من
جُدَرِيّ. والجُدَرُ: انْتِبارٌ في عنق الحمار وربما كان من آثار الكَدْمِ، وقد
جَدَرَتْ عنقه جُدُوراً. وفي التهذيب: جَدِرَتْ عنقه جَدَراً إِذا
انْتَبَرَتْ؛ وأَنشد لرؤبة:
أَو جادِرْ اللِّيتَيْنِ مَطْوِيُّ الحَنَقْ
ابن بُزُرج: جَدِرَتْ يدَهُ تَجْدَرُ ونَفِطَتْ ومَجِلَتْ، كل ذلك
مفتوح، وهي تَمْجَلُ وهو المَجْلُ؛ وأَنشد:
إِنِّي لَساقٍ أُمَّ عَمْرٍو سَجْلا،
وابن وجَدْتُ في يَدَيَّ مَجْلا
وفي الحديث: الكَمْأَةُ جُدَرِيُّ الأَرض، شبهها بالجُدَرِيِّ، وهو الحب
الذي يظهر في جسد الصبي لظهورها من بطن الأَرض، كما يظهر الجُدَرِيُّ من
باطن الجلد، وأَراد به ذمّها. ومنه حديث مَسْرُوق: أَتينا عبدالله في
مُجَدَّرِينَ ومُحَصَّبِينَ أَي جماعة أَصابهم الجُدَرِيُّ والحَصْبَةُ.
والحَصْبَةُ: شِبْه الجُدَرِيّ يظهر في جلد الصغير.
وعامِرُ الأَجْدَارِ: أَبو قبيلة من كَلْبٍ، سمي بذلك لِسِلَعٍ كانت في
بدنه.
وجَدَرَ النَّبْتُ والشجر وجَدَّرَ جَدارَةً وجَدْرَ وأَجْدَرَ: طلعت
رؤوسه في أَوّل الربيع وذلك يكون عَشْراً أَو نصف شهر، وأَجْدَرَتِ الأَرض
كذلك. وقال ابن الأَعرابي: أَجْدَرَ الشجرُ وجَدَّرَ إِذا أَخرج ثمره
كالحِمَّصِ؛ وقال الطرماح:
وأَجْدَرَ مِنْ وَادِي نَطاةَ وَلِيعُ
وشجر جَدَرٌ. وجَدَرَ العَرْفَجُ والثُّمامُ يَجْدُر إِذا خرج في
كُعُوبه ومُتَفَرّق عِيدانِه مثلُ أَظافير الطير. وأَجْدَرَ الوَلِيعُ وجادَرَ:
اسْمَرَّ وتغير؛ عن أَبي حنيفة، يعني بالوليع طَلْعَ النخل والجَدَرَةُ:
الحَبَّةُ من الطلع. وجَدَّرَ العنَبُ: صار حبه فُوَيْقَ النَّفَض.
ويقال: جَدِرَ الكَرْمُ يَجْدَرُ جَدَراً إِذا حَبَّبَ وهَمَّ بالإِيراق.
والجِدْرَ: نَبْتٌ؛ وقد أَجْدَرَ المكانُ.
والجَدَرَةُ، بفتح الدال: حَظِيرة تصنع للغنم من حجارة، والجمع جَدَرٌ.
والجَدِيرَة: زَرْبُ الغَنم. والجَدِيرَة: كَنِيفٌ يتخذ من حجارة يكون
لِلْبَهْم وغيرها. أَبو زيد: كنيف البيت مثل الجُحْرَة يجمع من الشجر، وهي
الحظيرة أَيضاً. والحِظَارُ: ما حُظِرَ على نبات شجر، فإِن كانت الحظيرة
من حجارة فهي جَدِيرَة، وإِن كان من طين فهو جِدارٌ.
والجِدارُ: الحائط، والجمع جُدُرٌ، وجُدْرانٌ جمع الجمع مثل بَطْنٍ
وبُطْنانٍ
(* قوله: «مثل بطن وبطنان» كذا في الصحاح. ولعل التمثيل: إِنما هو
بين جدران وبطنان فقط بقطع النظر عن المفرد فيهما. وفي المصباح: والجدار
الحائط والجمع جدر مثل كتاب وكتب والجدر لغة في الجدار وجمعه جدران)؛ قال
سيبويه: وهو مما استغنوا فيه ببناء أَكثر العدد عن بناء أَقله، فقالوا
ثلاثة جُدُرٍ؛ وقول عبدالله بن عمر أَو غيره: إِذا اشتريت اللحم يضحك
جَدْرُ البيت؛ يجوز أَن يكون جَدْرٌ لغةً في جِدارٍ؛ قال ابن سيده: والصواب
عندي تضحك جُدُرُ البيت، وهو جمع جِدارٍ، وهذا مَثَلٌ وإِنما يريد أَن
أَهل الدار يفرحون. الجوهري: الجَدْرُ والجِدَارُ الحائط. وجَدَرَه
يَجْدُرُه جَدْراً: حَوَّطه. واجْتَدَرَهُ: بناه؛ قال رؤبة:
تَشْيِيد أَعْضادِ البِناء المُجْتَدَرْ
وجَدَّرَهُ: شَيَّدَهُ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وآخَرُون كالحَمِيرِ الجُشَّرِ،
كأَنَّهُمْ في السَّطْحِ ذِي المُجَدَّرِ
إِنما أَراد ذي الحائط المجدّر، وقد يجوز أَن يكون أَراد ذي التجدير أَي
الذي جُدّر وشُيِّدَ فأَقام المُفَعَّل مقامَ التَّفْعيل لأَنهما جميعاً
مصدران لفَعَّلَ؛ أَنشد سيبويه:
إِنَّ المُوَقَّى مِثْلُ ما لَقِيتُ
أَي إِن التوقية.
وجَدَرَ الرجلُ: توارى بالجِدارِ؛ حكاه ثعلب، وأَنشد:
إِنَّ صُبَيْحَ بن الزُّبَيْرِ فأَرَا
في الرَّضْمِ، لا يَتْرُك منه حَجَرا
إِلاَّ مَلاه حِنْطَةً وجَدَرا
قال: ويروى حشاه. وفأَر: حفر. قال: هذا سرق حنطة وخبأَها.
والجَدَرَةُ: حَيٌّ من الأَزد بَنَوْا جِدارَ الكعبة فسُمُّوا الجَدَرَة
لذلك. والجَدْرُ: أَصلُ الجِدارِ. وفي الحديث: حتى يبلغ الماء جَدْرَهُ
أَي أَصله، والجمع جِدُورٌ، وقال اللحياني: هي الجوانب؛ وأَنشد:
تَسْقي مَذانِبَ قد طالَتْ عَصِيفتُها،
جُدُورُها من أَتِيِّ الماء مَطْمُومُ
قال: أَفرد مطموماً لأَنه أَراد ما حول الجُدُورِ، ولولا ذلك لقال
مطمومة. وفي حديث الزبير حين اختصم هو والأَنصاري إِلى النبي، صلى الله عليه
وسلم، في سُيول شِراجِ الحَرَّةِ: اسْقِ أَرْضَكَ حتى يَبْلُغَ الماءُ
الجَدْرَ؛ أَراد ما رفع من أَعضاد المزرعة لتُمْسكَ الماء كالجدار، وفي
رواية: قال له احبس الماء حتى يبلغَ الجُدَّ؛ هي المُسنَّاةُ وهو ما رفع حول
المزرعة كالجِدارِ، وقيل: هو لغة في الجدار، وروي الجُدُر، بالضم، جمع
جدار، ويروى بالذال؛ ومنه قوله لعائشة، رضي الله عنها: أَخاف أَن يَدْخُلَ
قُلُوبَهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الجَذْرَ في البيت؛ يريد الحِجْرَ لما فيه من
أُصول حائط البيت. والجُدُرُ: الحواجز التي بين الدِّبارِ الممسكة الماء.
والجَدِيرُ: المكان يبنى حوله جِدارٌ. الليث: الجَدِيرُ مكان قد بني
حواليه مَجْدورٌ؛ قال الأَعشى:
ويَبْنُونَ في كُلِّ وادٍ جَدِيرا
ويقال للحظيرة من صخر: جَدِيرَةٌ. وجُدُورُ العنب: حوائطه، واحدها
جَدْرٌ. وجَدْراءُ الكَظَامَة: حافاتها، وقيل: طين حافتيها.
والجِدْرُ: نبات
(* قوله: «والجدر نبات إلخ» هو بكسر الجيم وأما الذي من
نبات الرمل فبفتحها كما في القاموس). واحدته جِدْرَةٌ. وقال أَبو حنيفة:
الجَدْرُ كالحلمة غير أَنه صغير يَتَرَبَّلُ وهو من نبات الرمل ينبت مع
المَكْرِ، وجمعه جُدُورٌ؛ قال العجاج ووصف ثوراً:
أَمْسَى بذاتِ الحاذِ والجُدُورِ
التهذيب: الليث: الجَدْرُ ضرب من النبات، الواحدة جَدْرَةٌ؛ قال العجاج:
مَكْراً وجَدْراً واكْتَسَى النَّصِيُّ
قال: ومن شجر الدِّقِّ ضروب تنبت في القِفاف والصِّلابِ، فإِذا أَطلعت
رؤوسها في أَول الربيع قيل: أَجْدَرَتِ الأَرْضُ. وأَجْدَرَ الشجر، فهو
جَدْرٌ، حتى يطول، فإِذا طال تفرقت أَسماؤه.
وجَدَرٌ: موضع بالشام، وفي الصحاح: قرية بالشام تنسب إِليها الخمر؛ قال
أَبو ذؤيب:
فما إِنْ رَحيقٌ سَبَتْها التِّجَا
رُ مِنْ أَذْرِعَاتٍ، فَوَادي جَدَرْ
وخمر جَيْدَرِيَّةٌ: منسوب إِليها، على غير قياس؛ قال معبد بن سعنة:
أَلا يا آصْبَحَاني قَبْلَ لَوْمِ العَواذِلِ،
وقَبْلَ وَدَاعٍ مِنْ رُبَيْبَةَ عاجِلِ
أَلا يا آصْبَحَاني فَيْهَجاً جَيْدَرِيَّةً،
بماءٍ سَحَابٍ، يَسْبِقِ الحَقَّ باطِلي
وهذا البيت أَورده الجوهري أَلا يا آصْبَحِينا، والصواب ما أَوردناه
لأَنه يخاطب صاحبيه. قال ابن بري: والفيهج هنا الخمر وأَصله ما يكال به
الخمر، ويعني بالحق الموت والقيامة، وقد قيل: إِن جَيْدَراً موضع هنالك
أَيضاً فإِن كانت الخمر الجيدرية منسوبة إِليه فهو نسب قياسي.
وفي الحديث ذكر ذي الجَدْرِ، بفتح الجيم وسكون الدال، مَسْرَحٌ على ستة
أَميال من المدينة كانت فيه لِقاحُ النبي، صلى الله عليه وسلم، لما أُغير
عليها. والجَيْدَرُ والجَيْدَرِيُّ والجَيْدَرانُ: القصِير، وقد يقال له
جَيْدَرَةٌ على المبالغة، وقال الفارسي: وهذا كما قالوا له دَحْداحة
ودِنَّبَةٌ وحِنْزَقْرَة. وامرأَة جَيْدَرَةٌ وجَيْدَرِيَّةٌ؛ أَنشد
يعقوب:ثَنَتْ عُنُقاً لم تَثْنِها جَيْدرِيَّةٌ
عَضَادٌ، ولا مَكْنُوزة اللحمِ ضَمْزَرُ
والتَّجْدِيرُ: القِصَرُ، ولا فعل له؛ قال:
إِني لأَعْظُمُ في صَدْرِ الكَمِيِّ، على
ما كانَ فيَّ مِنَ التَّجْدِيرِ والقِصَرِ
أَعاد المعنيين لاختلاف اللفظين، كما قال:
وهِنْدٌ أَتَى من دونِها النَّأَْيُ والبُعْدُ
الجوهري: وجَنْدَرْتُ الكتاب إِذا أَمررت القَلَم على ما دَرَسَ منه
ليتبين؛ وكذلك الثوب إِذا أَعدت وَشْيَه بعدما كان ذهب، قال: وأَظنه
معرّباً.
هلك: لهَلْكُ: الهلاك. قال أَبو عبيد: يقال الهَلْك والهُلْكُ
اوالمُلْكُ والمَلْكُ؛ هَلَكَ يَهْلِكُ هُلْكاً وهَلْكاً وهَلاكاً: مات. ابن جني:
ومن الشاذ قراءة من قرأَ: ويَهْلَكُ الحَرْثُ والنَّسْلُ، قال: هو من باب
رَكَنَ يَرْكَنُ وقَنَطَ يَقْنَطُ، وكل ذلك عند أَبي بكر لغات مختلطة،
قال: وقد يجوز أَن يكون ماضي يَهْلكُ هَلِك كعَطِبَ، فاستغنى عنه بهَلَكَ
وبقيت يَهْلَك دليلاً عليها، واستعمل أَبو حنيفة الهَلَكَة في جُفُوف
النبات وبَيُوده فقال يصف النبات: من لَدُنِ ابتدائه إِلى تمامه، ثم
تَوَلِّيه وإِدباره إِلى هَلَكَتِه وبَيُوده.
ورجل هالِكٌ من قوم هُلَّكٍ وهُلاَّك وهَلْكَى وهَوَالِكَ، الأَخيرة
شاذة؛ وقال الخليل: إِنما قالوا هَلْكَى وزَمْنَى ومَرْضَى لأَنها أَشياء
ضُرِبُوا بها وأُدْخِلوا فيها وهم لها كارهون. الأَزهري: قومٌ هَلْكَى
وهالِكُون. الجوهري: وقد يجمع هالِك على هَلْكَى وهُلاَّك؛ قال زيادُ بن
مُنْقِذ:
تَرَى الأَرامِلَ والهُلاَّكَ تَتْبَعُه،
يَسْتَنُّ منه عليهم وابِلٌ رَزِمُ
يعني به الفقراء؛ وهَلَكَ الشيءَ وهَلَّكه وأَهْلَكَه؛ قال العجاج:
ومَهْمَهٍ هالِكِ مَنْ تَعَرَّجا،
هائلةٍ أَهْوالُه مَنْ أَدْلَجا
يعني مُهْلِك، لغة تميم، كما يقال ليل غاضٍ أَي مُغْضٍ. وقال الأَصمعي
في قوله هالِكِ من تَعَرَّجا أَي هالكِ المُتَعَرِّجين إِن لم يُهَذِّبوا
في السير أَي من تعرَّض فيه هَلَكَ؛ وأَنشد ثعلب:
قالت سُلَيْمى هَلِّكوا يَسارا
الجوهري: هَلَكَ الشيءُ يَهْلِكُ هَلاكاً وهُلوكاً ومَهْلَكاً
ومَهْلِكاً ومَهْلُكاً وتَهْلُكَةً، والاسم الهُلْكُ، بالضم؛ قال اليزيدي:
التَّهْلُكة من نوادر المصادر ليست مما يجري على القياس؛ قال ابن بري: وكذلك
التُّهْلوك الهَلاكُ؛ قال: وأَنشد أَبو نخَيْلة لشَبِيبِ بن شَبَّةَ:
شَبيبُ، عادى اللهُ من يَجْفُوكا
وسَبَّبَ اللهُ له تُهْلوكا
وأَهْلكه غيره واسْتَهْلَكه. وفي الحديث عن أَبي هريرة: إِذا قال الرجلُ
هَلَكَ الناسُ
فهو أَهْلَكهم؛ يروى بفتح الكاف وضمها، فمن فتحها كانت فعلاً ماضياً
ومعناه أَن الغالِين الذين يُؤيِسُون الناسَ
من رحمة ا لله تعالى يقولون هَلَك الناسُ
أَي استوجبوا النار والخلود فيها بسوء أَعمالهم، فإِذا قال الرجل ذلك
فهو الذي أَوجبه لهم لا الله تعالى، أَو هو الذي لما قال لهم ذلك وأَيأَسهم
حملهم على ترك الطاعة والانهماك في المعاصي، فهو الذي أَوقعهم في
الهلاك، وأَما الضم فمعناه أَنه إِذا قال ذلك لهم فهو أَهْلَكهم أَي أَكثرهم
هَلاكاً، وهو الرجلُ يُولَعُ بعيب الناس ويَذْهبُ بنفسه عُجْباً، ويرى له
عليهم فضلاً. وقال مالك في قوله أَهلكهم أَي أَبْسَلُهم. وفي الحديث: ما
خالَطتِ الصدقةُ مالاً إِلاَّ أَهْلَكَتْه؛ قيل: هو حضٌّ على تعجيل الزكاة
من قبل أَن تختلط بالمال بعد وجوبها فيه فتذهب به، وقيل: أَراد تحذير
العُمَّال عن اخْتِزال شيء منها وخلطهم إِياه بها، وقيل: أَن يأْخذ الزكاة
وهو غنّي عنها. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَتاه سائل فقال له:
هَلَكْتُ وأَهْلَكْتُ أَي أَهلكت عيالي. وفي التنزيل: وتلك القُرى أَهْلَكْناهم
لما ظلموا. وقال أَبو عبيدة: أَخبرني رُؤْبة أَنه يقول هَلَكْتَني بمعنى
أَهْلَكتني، قال: وليست بلغتي. أَبو عبيدة: تميم تقول هَلَكَه يَهْلِكُه
هَلْكاً بمعنى أَهْلَكه. وفي المثل: فلان هالِكٌ في الهوالك؛ وأَنشد
أَبو عمرو لابن جذْلِ الطِّعانِ:
تَجاوَزْتُ هِنْداً رَغْبَةً عن قِتالِه،
إِلى مالِكٍ أَعْشُو إِلى ذكْرِ مالكِ
فأَيْقَنْتُ أَني ثائِرُ ابن مُكَدَّمٍ،
غَداةَ إِذٍ، أَو هالِكٌ في الهَوالِكِ
قال: وهذا شاذ على ما فسر في فوارس؛ قال ابن بري: يجوز أَن يريد هالك في
الأُمم الهَوالِك فيكون جمع هالكة، على القياس، وإِنما جاز فوارس لأَنه
مخصوص بالرجال فلا لبس فيه، قال: وصواب إنشاد البيت:
فأَيقنت أَني عند ذلك ثائر
والهَلَكَة: الهَلاكُ؛ ومنه قولهم: هي الهَلَكَة الهَلْكاءُ، وهو توكيد
لها، كما يقال هَمَجٌ هامجٌ.
أبو عبيدة: يقال وقع فلان في الهَلَكَةِ الهَلْكى والسَّوْأَة
السَّوْأى. وقوله عز وجل: وجعلنا لمَهْلِكهِم مَوعِداً؛ أي لوقت هِلاكِهم أجَلاً،
ومن قرأ لمَهْلَكِهم فمعناه لإهلاكهم. وفي حديث أم زرع: وهو إمامُ
القَوْم في المَهالِك؛ أرادت في الحروب وأنه لثِقَته بشجاعته يتقدَّم ولا
يتخلف، وقيل: إنه لعلمه بالطُّرق يتقدَّم القومَ فيهديهم وهم على أثره.
واسْتَهْلَكَ المالَ: أنفقه وأنفده؛ أنشد سيبويه:
تقولُ، إذا اسْتَهْلَكْتُ مالاً للَذَّةٍ،
فُكَيْهَةُ: هَشَّيْءٌ بكَفَّيْكَ لائِقُ
قال سيبويه: يريد هل شيء فأدغم اللام في الشين، وليس ذلك بواجب كوجوب
إدغام الشم والشراب ولا جميعهم يدغم هل شيء. وأهْلَكَ المالَ: باعه. في بعض
أخبار هذيل: أن حَبيباً الهُذَليّ قال لمَعْقِلِ ابن خُوَيْلِد: ارجِعْ
إلى قومك، قال: كيف أصنع بإيلي؟ قال: أهْلِكْها أي بعْها. والمَهْلَكة
والمَهلِكة والمَهْلُكة: المَفازة لأنه يهلك فيها كثيراً. ومفازة هالكةٌ من
سَلَكها أي هالكة للسالكين. وفي حديث التوبة: وتَرْكُها مَهْلِكة أي
موضع لهَلاكِ نفْسه، وجمعها مَهالِكُ، وتفتح لامها وتكسر أيضاً للمفازة.
والهَلَكُونُ: الأَرض الجَدْبة وإن كان فيها ماء. ابن بُزُرج: يقال هذه أرض
آرمَةٌ هَلَكُونٌ، وأرض هَلَكون إذا لم يكن فيها شيء. يقال: هَلَكونُ
نبات أرضين. ويقال: ترَكها آرِمَةً هَلَكِينَ إذا لم يصبها الغَيْثُ منذ دهر
طويل. يقال: مررت بأرض هَلَكِينَ، بفتح الهاء واللام
(* قوله: «هَلَكينَ
بفتح النون دون تنوين»، هكذا في الأصل. وفي القاموس: أرضٌ هَلَكِينٌ
وأرضٌ هَلكونٌ، بتنوين الضمّ).
والهَلَكُ والهَلَكاتُ: السِّنُونَ لأنها مهلكة؛ عن ابن الأعرابي؛ وأنشد
لأسْودَ بن يَعْفُرَ:
قالت له أمُّ صَمْعا، إذ تُؤَامِرُه:
ألا تَرَى لِذَوي الأَموالِ والهَلَكِ؟
الواحدة هَلَكة بفتح اللام أيضاً. والهَلاكُ: الجَهْدُ المُهْلِكُ.
وهَلاكٌ مُهْتَلِكٌ: على المبالغة؛ قال رؤبة:
من السِّنينَ والهَلاكِ المِهْتَلِكْ
ولأَذْهَبَنَّ فإما هُلْكٌ وإما مُلْكٌ، والفتح فيهما لغة، أي
لأَذْهَبَنَّ فإما أن أهْلِكَ وإما أن أمْلِكَ. وهالِكُ أهْلٍ: الذي يَهْلِكُ في
أهْله؛ قال الأَعشى:
وهالِك أهْلٍ يَعودُونه،
وآخَرُ في قَفْزةٍ لم يُجَنْ
قال: ويكون وهالك أهلٍ الذي يُهْلِك أهْلَه. والهَلَكُ: جِيفَةُ الشيء
الهالِك. والهَلَكُ: مَشْرَفَةُ المَهْواةِ من جَوِّ السُّكاكِ لأنها
مَهْلَكة، وقيل: الهَلَكُ ما بين كل أرض إلى التي تحتها إلى الأرض السابعة،
وهو من ذلك؛ فأما قول الشاعر:
الموتُ تأتي لميقاتٍ خَواطِفُه،
وليس يُعْجِزُهُ هَلْكٌ ولا لُوح
فإنه سكن للضرورة، وهو مذهب كوفي، وقد حجر عليه سيبويه إلا في المكسور
والمضموم، وقيل: الهَلَكُ ما بين أعلى الجبل وأسفله ثم يستعار لهواء ما
بين كل شيئين، وكله من الهَلاك، وقيل: الهَلَكُ المَهْواة بين الجبلين؛
وأنشد لامرئ القيس:
أرى ناقَةَ القَيْسِ قد أصْبَحَتْ،
على الأَيْنِ، ذاتَ هِبابٍ نِوارا
رأتْ هَلَكاً بنِجاف الغَبِيط،
فكادَتْ تَجُدُّ الحُقِيّ الهِجارا
ويروى: تَجُدّ لذاك الهِجارا؛ قوله هِباب: نَشاط، ونِواراً: نِفاراً،
وتجدّ: تقطع الحبل نُفوراً من المَهْواةِ، والهِجار: حبل يشدّ في رسغ
البعير. والهَلَكُ: المَهْواة بين الجبلين؛ وقال ذو الرمة يصف امرأة
جَيْداء:تَرى قُرْطَها في واضِحِ اللَّيتِ مُشْرِفاً
على هَلَكٍ، في نَفْنَفٍ يَتَطَوّحُ
والهَلَكُ، بالتحريك: الشيء الذي يَهْوي ويسقُط. والتَّهْلُكَةُ:
الهلاك. وفي التنزيل العزيز: ولا تُلْقوا بأيديكم إلى التَّهْلُكة؛ وقيل:
التَّهْلُكة كل شيء تصير عاقبته إلى الهَلاك. والتُّهْلُوك: الهَلاك؛ وأنشد
بيت شَبيبٍ:
وسَبَّبَ الله له تُهْلوكا
ووقع في وادي تُهْلِّكَ، بضم التاء والهاء واللامُ مشددة، وهو غير مصروف
مثل تُخيبَ أي في الباطل والهلاك كأنهم سَمَّوْه بالفعل.
والاهْتِلاكُ والانْهِلاكُ: رمي الإنسان بنفسه في تَهْلُكة. والقَطاة
تَهْتَلِكُ من خوف البازي أي ترمي بنفسها في المَهالك. ويقال: تَهْتَلِكُ
تجتهد في طيرانها، ويقال منه: اهْتَلَكتِ القَطاةُ. والمِهْتَلِكُ: الذي
ليس له همٌّ إلا أن يَتَضَيَّفه الناسُ، يَظَلُّ نهارَه فإذا جاء الليل
أسرعَ إلى من يَكْفُله خَوْفَ الهَلاكِ لا يتمالك دونَه؛ قال أبو
خِراشٍ:إلى بَيْتِه يأوي الغريبُ إذا شَتا،
ومُهتَلِكٌ بالي الدَّريسَيْنِ عائِلُ
والهُلاّكُ: الصَّعاليك الذين يَنْتابون الناسَ ابتغاء معروفهم من سوء
حالهم، وقيل: الهُلاّك المُنْتَجِعون الذين قد ضلوا الطريق، وكله من ذلك؛
أنشد ثعلب لجَمِيل:
أبِيتُ مع الهُلاّكِ ضَيْفاً لأهْلِها،
وأهْلي قريبٌ مُوسِعُون ذوو فَضْلِ
وكذلك المُتَهَلِّكُون؛ أنشد ثعلب للمُتَنَخِّل الهُذَليّ:
لو أنه جاءني جَوْعانُ مُهْتَلِكٌ،
من بُؤَّس الناس، عنه الخيْرُ مَحْجُوزُ
وافْعَلْ ذلك إما هَلَكَتْ هُلُكُ أي على كل حال، بضم الهاء واللام غير
مصروف؛ قال ابن سيده: وبعضهم لا يصرفه أي على ما خَيَّلَتْ نَفْسُك ولو
هَلَكْتَ، والعامَّة تقول: إن هَلَكَ الهُلُكُ؛ قال ابن بري: حكى أبو علي
عن الكسائي هَلَكَتْ هُلُكُ، مصروفاً وغير مصروف. وفي حديث الدجال: وذكر
صفته ثم قال: ولكن الهُلْكُ كلُّ الهُلْكِ أن ربكم ليس بأعور، وفي رواية:
فإما هَلَكَتْ هُلَّكُ فإن ربكم ليس بأعور؛ الهُلْكُ الهَلاك، ومعنى
الرواية الأولى الهَلاكُ كلُّ الهَلاك للدجال لأنه وإن ادّعى الربوبية
ولَبَّس على الناس بما لا يقدر عليه الشر، فإنه لا يقدر على إزالة العَور لأن
الله منزه عن النقائص والعيوب، وأما الثانية فهُلَّكٌ، بالضم والتشديد،
جمع هالك أي فإن هَلَكَ به ناس جاهلون وضلُّوا فاعلموا أن الله ليس بأعور،
ولو روي: فإما هَلَكَتْ هُلُك على قول العرب افعل كذا إما هَلَكَتْ
هُلَّكُ وهُلُكٌ بالتخفيف منوَّناً وغير منوّن، لكان وجهاً قويّاً ومُجْراه
مُجْرى قولهم افْعَلْ ذلك على ما خَيَّلَتْ أي على كل حال. وهُلُكٌ: صفة
مفردة بمعنى هالكة كناقة سُرُحٌ وامرأة عُطُلٌ، فكأنه قال: فكيفما كان
الأمر فإن ربكم ليس بأعور، وفي رواية: فإما هَلَكَ الهُلُكُ فإن ربكم ليس
بأعور. قال الفراء: العرب تقول افعل ذلك إما هَلَكَتْ هُلُكُ، وهُلُكٌ
بإجراءٍ وغير إجراء، وبعضهم يُضيفه إما هَلَكتْ هُلُكُه أي على ما خَيَّلَتْ
أي على كل حال، وقيل في تفسير الحديث: إن شَبَّه عليكم بكل معنىً وعلى كل
حال فلا يُشَبِّهَنَّ عليكم أنَّ ربكم ليس بأعور، وقوله على ما
خَيَّلَتْ أي أرَتْ وشَبَّهَتْ، وروى بعضهم حديث الدجال وخزيه وبيان كذبه في
عوره.والهَلُوك من النساء: الفاجرة الشَّبِقَةُ المتساقطة على الرجال، سميت
بذلك لأنها تَتهالك أي تَتَمايل وتنثني عند جماعها، ولا يوصف الرجل الزاني
بذلك فلا يقال رجل هَلُوكٌ؛ وقال بعضهم: الهَلُوك الحَسَنة التَّبَعُّلِ
لزوجها. وفي حديث مازِنٍ: إني مُولَعٌ بالخمر والهَلُوكِ من النساء.
وفي الحديث: فتهالَكْتُ عليه فسألته أي سقطت عليه ورميت بنفسي فوقه.
وتَهالك الرجلُ على المتاع والفِراشِ: سقط عليه، وتَهالَكَتِ المرأةُ في
مشيها: من ذلك.
والهالِكِيُّ: الحدَّادُ، وقيل الصَّيْقَل؛ قال ابن الكلبي: أوّل من
عَمِلَ الحديدَ من العرب الهالكُ بن عمرو بن أسَد بن خُزيْمة، وكان حدّاداً
نسب إليه الحدّاد فقيل الهالِكيُّ، ولذلك قيل لبني أسد القُيونُ؛ وقال
لبيد:
جُنوحَ الهالِكِيِّ على يدَيْهِ،
مُكِبّاً يَجْتَلي نُقَبَ النِّصالِ
أراد بالهالِكيّ الحداد؛ وقال آخر:
ولا تَكُ مِثلَ الهالِكيِّ وعِرْسِه،
سَقَتْه على لَوْحٍ سِمامَ الذَّرارِحِ
فقالت: شَرابٌ بارِدٌ قد جَدَحْتُه،
ولم يَدْر ما خاضَتْ له بالمَجادِحِ
أي خلطته بالسويق. قال عرّام في حديثه: كنت أتَهَلَّكُ في مَفاوز أي كنت
أدور فيها شِبْهَ المتحير؛ وأنشد:
كأنها قَطرةٌ جاد السحابُ بها،
بين السماء وبين الأرْضِ تَهْتَلِكُ
واسْتَهْلَكَ الرجلُ في كذا إذا جَهَدَ نَفْسَه، واهْتَلَكَ معه؛ وقال
الراعي:
لهنَّ حديثٌ فاتِنٌ يَتْرُك الفَتى
خفيفَ الحشا، مُسْتَهْلِكَ الرِّبْح، طامِعا
أي يَجْهَدُ قَلْبَه في إثرها. وطريق مُسْتَهْلِكُ الوِرْد أي يُجْهِدُ
من سَلَكَه؛ قال الحُطَيئة يصف الطريق:
مُسْتَهْلِكُ الوِرْدِ، كالأُسْتيِّ، قد جعَلَتْ
أيدي المَطيِّ به عاديَّةً رُكُبا
الأُسْتِيُّ والأُسْديُّ: يعني به السَّدى والسَّتى؛ شبَّه شَرَك الطريق
بسَدَى الثوب. وفلان هِلْكَةٌ من الهِلَكِ أي ساقطة من السواقط أي
هالِكٌ. والهَلْكى: الشَّرِهُونَ من النساء والرجال، يقال: رجال هَلْكى ونساء
هَلْكى، الواحد هالِكٌ وهالكة. ابن الأَعرابي: الهالِكَة النفس
الشَّرِهَة؛ يقال: هَلَكَ يَهْلِكُ هَلاكاً إذا شَرِهَ؛ ومنه قوله:
ولم أهلِكْ إلى اللَّبَنِ
(* تمامه كما في شرح القاموس:
جللته السيف إذا مالت كوارته * تحت العجاج ولم اهلك إلى
اللبن)
أي لم أشْرَهْ. ويقال للمُزاحِمِ على الموائد: المُتَهالِكُ والمُلاهسُ
والوارش والحاضِرُ
(* قوله «والحاضر» كذا بالأصل. والذي في مادّة حضر:
رجل حضر ككتف وندس: يتحين طعام الناس ليحضره.) واللَّعْوُ، فإذا أكل بيد
ومنع بيد فهو جَرْدَبانُ؛ وأنشد شمر:
إنَّ سَدى خَيْرٍ إلى غيرِ أهْلِه،
كَهالِكَةٍ من السحابِ المُصَوِّبِ
قال: هو السحاب الذي يَصُوبُ المَطَر ثم يُقلِعُ فلا يكون له مطر فذلك
هَلاكه.
غير: التهذيب: غَيْرٌ من حروف المعاني، تكون نعتاً وتكون بمعنى لا، وله
باب على حِدَة. وقوله: ما لكم لا تَناصَرُون؛ المعنى ما لكم غير
مُتَناصرين. وقولهم: لا إِلَه غيرُك، مرفوع على خبر التَّبْرِئة، قال: ويجوز لا
إِله غيرَك بالنصب أَي لا إِله إِلاَّ أَنت، قال: وكلَّما أَحللت غيراً
محلّ إِلا نصبتها، وأَجاز الفراء: ما جاءني غيرُك على معنى ما جاءني إِلا
أَنت؛ وأَنشد :
لا عَيْبَ فيها غيرُ شُهْلَة عَيْنِها
وقيل: غير بمعنى سِوَى، والجمع أَغيار، وهي كلمة يوصف بها ويستثنى، فإِن
وصف بها أَتبعتها إِعراب ما قبلها، وإِن استثنيت بها أَعربتها بالإِعراب
الذي يجب للاسم الواقع بعد إِلا، وذلك أَن أَصل غير صفة والاستثناء
عارض؛ قال الفراء: بعض بني أَسد وقُضاعة ينصبون غيراً إِذا كان في معنى
إِلاَّ، تمَّ الكلام قبلها أَو لم يتم، يقولون: ما جاءني غيرَك وما جاءني أَحد
غيرَك، قال: وقد تكون بمعنى لا فتنصبها على الحال كقوله تعالى: فمنِ
اضطُرّ غيرَ باعٍ ولا عادٍ، كأَنه تعالى قال: فمنِ اضطرّ خائفاً لا باغياً.
وكقوله تعالى: غيرَ ناظِرِين إنَاهُ، وقوله سبحانه: غَيرَ مُحِلِّي
الصيد. التهذيب: غير تكون استثناء مثل قولك هذا درهم غيرَ دانق، معناه إِلا
دانقاً، وتكون غير اسماً، تقول: مررت بغيرك وهذا غيرك. وفي التنزيل العزيز:
غيرِ المغضوب عليهم؛ خفضت غير لأَنها نعت للذين جاز أَن تكون نعتاً
لمعرفة لأَن الذين غير مَصْمود صَمْده وإِن كان فيه الأَلف واللام؛ وقال أَبو
العباس: جعل الفراء الأَلف واللام فيهما بمنزلة النكرة. ويجوز أَن تكون
غيرٌ نعتاً للأَسماء التي في قوله أَنعمتَ عليهم وهي غير مَصْمود
صَمْدها؛ قال: وهذا قول بعضهم والفراء يأْبى أَن يكون غير نعتاً إِلا للّذين
لأَنها بمنزلة النكرة، وقال الأَخفش: غير بَدل، قال ثعلب: وليس بممتنع ما
قال ومعناه التكرير كأَنه أَراد صراط غيرِ المغضوب عليهم، وقال الفراء:
معنى غير معنى لا، وفي موضع آخر قال: معنى غير في قوله غير المغضوب عليهم
معنى لا، ولذلك رُدّت عليها لا كما تقول: فلان غير محسِن ولا مُجْمِل،
قال: وإِذا كان غير بمعنى سِوى لم يجز أَن يكرّر عليها، أَلا ترى أَنه لا
يجوز أَن تقول عندي سوى عبدالله ولا زيدٍ؟ قال: وقد قال مَنْ لا يعرِف
العربية إِن معنى غَير ههنا بمعنى سوى وإِنّ لا صِلَة؛ واحتجّ بقوله:
في بِئرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
قال الأَزهري: وهذا قول أَبي عبيدة، وقال أَبو زيد: مَن نصَب قوله غير
المغضوب فهو قطْع، وقال الزجاج: مَن نصَب غيراً، فهو على وجهين: أَحدهما
الحال، والآخر الاستثناء. الفراء والزجاج في قوله عز وجل: غيرَ مُحِلِّي
الصَّيْد: بمعنى لا، جعلا معاً غَيْرَ بمعنى لا، وقوله عز وجل: غيرَ
مُتَجانفٍ لإِثمٍ، غيرَ حال هذا. قال الأَزهري: ويكون غيرٌ بمعنى ليس كما تقول
العرب كلامُ الله غيرُ مخلوق وليس بمخلوق. وقوله عز وجل: هل مِنْ خالقٍ
غيرُ الله يرزقكم؛ وقرئ: غَيْرِ الله، فمن خفض ردَّه على خالق، ومن رفعه فعلى
المعنى أَراد: هل خالقٌ؛ وقال الفراء: وجائز هل من خالق
(* قوله« هل من
خالق إلخ» هكذا في الأصل ولعل أصل العبارة بمعنى هل من خالق إلخ) . غيرَ
الله، وكذلك: ما لكم من إِله غيرَه، هل مِنْ خالقٍ إِلا الله وما لكم من إِله
إِلا هُوَ، فتنصب غير إِذا كانت محلَّ إِلا.
وقال ابن الأَنباري في قولهم: لا أَراني الله بك غِيَراً؛ الغِيَرُ: من
تغيَّر الحال، وهو اسم بمنزلة القِطَع والعنَب وما أَشبههما، قال: ويجوز
أَن يكون جمعاً واحدته غِيرَةٌ؛ وأَنشد:
ومَنْ يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ الغِيَرْ
وتغيَّر الشيءُ عن حاله: تحوّل. وغَيَّرَه: حَوَّله وبدّله كأَنه جعله
غير ما كان. وفي التنزيل العزيز: ذلك بأَن الله لم يَكُ مُغَيِّراً نِعْمةً
أَنعمها على قوم حتى يُغَيِّروا ما بأَنفسهم؛ قال ثعلب: معناه حتى
يبدِّلوا ما أَمرهم الله. والغَيْرُ: الاسم من التغيُّر؛ عن اللحياني؛
وأَنشد:إِذْ أَنا مَغْلوب قليلُ الغيَرْ
قال: ولا يقال إِلا غَيَّرْت. وذهب اللحياني إِلى أَن الغَيْرَ ليس
بمصدر إِذ ليس له فعل ثلاثي غير مزيد. وغَيَّرَ عليه الأَمْرَ: حَوَّله.
وتَغَايرتِ الأَشياء: اختلفت. والمُغَيِّر: الذي يُغَيِّر على بَعيره أَداتَه
ليخفف عنه ويُريحه؛ وقال الأَعشى:
واسْتُحِثَّ المُغَيِّرُونَ من القَوْ
مِ، وكان النِّطافُ ما في العَزَالي
ابن الأَعرابي: يقال غَيَّر فلان عن بعيره إِذا حَطّ عنه رَحْله وأَصلح
من شأْنه؛ وقال القُطامي:
إِلا مُغَيِّرنا والمُسْتَقِي العَجِلُ
وغِيَرُ الدهْرِ: أَحوالُه المتغيِّرة. وورد في حديث الاستسقاء: مَنْ
يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ الغِيَرَ أَي تَغَيُّر الحال وانتقالَها من الصلاح
إِلى الفساد. والغِيَرُ: الاسم من قولك غَيَّرْت الشيء فتغيَّر. وأَما ما
ورد في الحديث: أَنه كَرِه تَغْيِير الشَّيْب يعني نَتْفَه، فإِنّ تغيير
لونِه قد أُمِر به في غير حديث.
وغارَهُم الله بخير ومطَرٍ يَغِيرُهم غَيْراً وغِياراً ويَغُورهم: أَصابهم
بمَطر وخِصْب، والاسم الغِيرة. وأَرض مَغِيرة، بفتح الميم، ومَغْيُورة
أَي مَسْقِيَّة. يقال: اللهم غِرْنا بخير وعُرْنا بخير. وغارَ الغيثُ
الأَرض يَغِيرها أَي سقاها. وغارَهُم الله بمطر أَي سقاهم، يَغِيرهم ويَغُورهم.
وغارَنا الله بخير: كقولك أَعطانا خيراً؛ قال أَبو ذؤيب:
وما حُمِّلَ البُخْتِيُّ عام غِيَارهِ،
عليه الوُسُوقُ بُرُّها وشَعِيرُها
وغارَ الرجلَ يَغُورُه ويَغِيره غَيْراً: نفعه؛ قال عبد مناف بن ربعيّ
الهُذَلي:
(* قوله «عبد مناف» هكذا في الأصل، والذي في الصحاح: عبد
الرحمن).
ماذا يَغير ابْنَتَيْ رِبْعٍ عَوِيلُهُما
لا تَرْقُدانِ، ولا يُؤْسَى لِمَنْ رَقَدَا
يقول: لا يُغني بُكاؤهما على أَبيهما من طلب ثأْرِه شيئاً. والغِيرة،
بالكسر، والغِيارُ: المِيرة. وقد غارَهم يَغِيرهم وغارَ لهم غِياراً أَي
مارَهُم ونفعهم؛ قال مالك بن زُغْبة الباهِليّ يصِف امرأَة قد كبِرت وشاب
رأْسها تؤمِّل بنيها أَن يأْتوها بالغنيمة وقد قُتِلوا:
ونَهْدِيَّةٍ شَمْطاءَ أَو حارِثِيَّةٍ،
تُؤَمِّل نَهْباً مِنْ بَنِيها يَغِيرُها
أَي يأْتِيها بالغَنيمة فقد قُتِلوا؛ وقول بعض الأَغفال:
ما زِلْتُ في مَنْكَظَةٍ وسَيْرِ
لِصِبْيَةٍ أَغِيرُهم بِغَيْرِ
قد يجوز أَن يكون أَراد أَغِيرُهم بِغَيرٍ، فغيَّر للقافية، وقد يكون
غَيْر مصدر غارَهُم إِذا مارَهُم. وذهب فلان يَغيرُ أَهله أَي يَمِيرهم.
وغارَه يَغِيره غَيْراً: وَداهُ؛ أَبو عبيدة: غارَني الرجل يَغُورُني
ويَغيرُني إِذا وَداك، من الدِّيَة. وغارَه من أَخيه يَغِيره ويَغُوره
غَيْراً: أَعطاه الدية، والاسم منها الغِيرة، بالكسر، والجمع غِيَر؛ وقيل:
الغِيَرُ اسم واحد مذكَّر، والجمع أَغْيار. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، قال لرجل طلَب القَوَد بِوَليٍّ له قُتِلَ: أَلا تَقْبَل
الغِيَر؟ وفي رواية أَلا الغِيَرَ تُرِيدُف الغَيَرُ: الدية، وجمعه أَغْيار
مثل ضِلَع وأَضْلاع. قال أَبو عمرو: الغِيَرُ جمع غِيرةٍ وهي الدِّيَةُ؛
قال بعض بني عُذْرة:
لَنَجْدَعَنَّ بأَيدِينا أُنُوفَكُمُ،
بَنِي أُمَيْمَةَ، إِنْ لم تَقْبَلُوا الغِيَرَا
(* قوله« بني أميمة» هكذا في الأصل والأَساس، والذي في الصحاح: بني
أمية.)
وقال بعضهم: إِنه واحد وجمعه أَغْيار. وغَيَّرَه إِذا أَعطاه الدية،
وأَصلها من المُغايَرة وهي المُبادَلة لأَنها بدَل من القتل؛ قال أَبو
عبيدة: وإِنما سمّى الدِّية غِيَراً فيما أَرى لأَنه كان يجب القَوَد فغُيّر
القَوَد ديةً، فسمّيت الدية غِيَراً، وأَصله من التَّغْيير؛ وقال أَبو
بكر: سميت الدية غِيَراً لأَنها غُيِّرت عن القَوَد إِلى غيره؛ رواه ابن
السكِّيت في الواو والياء. وفي حديث مُحَلِّم
(* قوله« وفي حديث محلم» أي
حين قتل رجلاً فأبى عيينة بن حصن أن يقبل الدية، فقام رجل من بني ليث فقال:
يا رسول الله اني لم أجد إلخ.ا هـ. من هامش النهاية) . بن جثَّامة: إني لم
أَجد لِمَا فعَل هذا في غُرَّة الإِسلام مثلاً إِلا غَنَماً وردَتْ
فَرُمِيَ أَوَّلُها فنَفَرَ آخرُها: اسْنُن اليومَ وغَيِّر غداً؛ معناه أَن
مثَل مُحَلِّمٍ في قتْله الرجلَ وطلَبِه أَن لا يُقْتَصَّ منه وتُؤخذَ منه
الدِّية، والوقتُ أَول الإِسلام وصدرُه، كمَثل هذه الغَنَم النافِرة؛
يعني إِنْ جَرى الأَمر مع أَوْلِياء هذا القتيل على ما يُريد مُحَلِّم
ثَبَّطَ الناسَ عن الدخول في الإِسلام معرفتُهم أَن القَوَد يُغَيَّر
بالدِّية، والعرب خصوصاً، وهمُ الحُرَّاص على دَرْك الأَوْتار، وفيهم الأَنَفَة
من قبول الديات، ثم حَثَّ رسولَ الله،صلى الله عليه وسلم، على الإِقادة منه
بقوله: اسْنُن اليوم وغَيِّرْ غداً؛ يريد: إِنْ لم تقتَصَّ منه غَيَّرْت
سُنَّتَك، ولكنَّه أَخرج الكلام على الوجه الذي يُهَيّج المخاطَب
ويحثُّه على الإِقْدام والجُرْأَة على المطلوب منه. ومنه حديث ابن مسعود: قال
لعمر، رضي الله عنهما، في رجل قتل امرأَة ولها أَولياء فعَفَا بعضهم وأَراد
عمر، رضي الله عنه، أَن يُقِيدَ لمن لم يَعْفُ، فقال له: لو غَيَّرت بالدية
كان في ذلك وفاءٌ لهذا الذي لم يَعْفُ وكنتَ قد أَتممت لِلْعافي
عَفْوَه، فقال عمر، رضي الله عنه: كَنِيفٌ مُلئ عِلْماً؛ الجوهري: الغِيَرُ الاسم
من قولك غَيَّرت الشيء فتَغَيَّر. والغَيْرة، بالفتح، المصدر من قولك
غار الرجل على أَهْلِه. قال ابن سيده: وغار الرجل على امرأَته، والمرأَة
على بَعْلها تَغار غَيْرة وغَيْراً وغاراً وغِياراً؛ قال أَبو ذؤيب يصِف
قُدوراً:
لَهُنَّ نَشِيجٌ بالنَّشِيلِ كأَنَّها
ضَرائِرُ حِرْمِيٍّ، تَفاحَشَ غارُها
وقال الأَعشى:
لاحَهُ الصَّيْفُ والغِيارُ وإِشْفا
قٌ على سَقْبَةٍ، كقَوْسِ الضَّالِ
ورجل غَيْران، والجمع غَيارَى وغُيَارَى، وغَيُور، والجمع غُيُرٌ، صحَّت
الياء لخفّتها عليهم وأَنهم لا يستثقلون الضمة عليها استثقالهم لها على
الواو، ومن قال رُسْل قال غُيْرٌ، وامرأَة غَيْرَى وغَيُور، والجمع
كالجمع؛ الجوهري: امرأَة غَيُور ونسوة غُيُرٌ وامرأَة غَيْرَى ونسوة غَيارَى؛
وفي حديث أُم سلمة، رضي الله عنها: إِنَّ لي بِنْتاً وأَنا غَيُور، هو
فَعُول من الغَيْرة وهي الحَمِيّة والأَنَفَة. يقال: رجل غَيور وامرأَة
غَيُور بلا هاء لأَنّ فَعُلولاً يشترِك فيه الذكر والأُنثى. وفي رواية: امرأَة
غَيْرَى؛ هي فَعْلى من الغَيْرة. والمِغْيارُ: الشديد الغَيْرة؛ قال
النابغة:
شُمُسٌ موانِعُ كُلِّ لَيْلَةِ حُرَّةٍ،
يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ
ورجل مِغْيار أَيضاً وقوم مَغايِير. وفلان لا يَتَغَيَّر على أَهله أَي
لا يَغار وأَغارَ أَهلَه: تزوّج عليها فغارت. والعرب تقول: أَغْيَرُ من
الحُمَّى أَي أَنها تُلازِم المحموم مُلازَمَةَ الغَيُور لبعْلها.
وغايَرَه مُغايَرة: عارضه بالبيع وبادَلَه. والغِيارُ: البِدالُ؛ قال
الأَعشى:
فلا تَحْسَبَنّي لكمْ كافِراً،
ولا تَحْسبَنّي أُرِيدُ الغِيارَا
تقول للزَّوْج: فلا تحسَبَنّي كافراً لِنعْمتك ولا مِمَّن يريد بها
تَغْيِيراً. وقولهم: نزل القوم يُغَيِّرون أَي يُصْلِحون الرحال. وبَنُو
غِيَرة: حيّ.
ضرغد: قال في ترجمة ضرغط: ضَرْغَطُ اسم جبل، وقيل: هو موضع ماء ونخل،
ويقال له أَيضاً: ذو ضَرْغَد؛ قال:
إِذا نَزَلُوا ذا ضَرْغَدٍ فَقُتائِداً،
يُغَنِّيهِمُ فيها نَقِيقُ الضفَّادِعِ
وقيل: ضَرْغَد جبل؛ قال عامر بن الطفيل:
فَلأَبْغِيَنَّكُمُ قَناً وعُوارِضاً،
ولأُقْبِلَنَّ الخَيْلَ لابَةَ ضَرْغَدِ
ويقال: مَقْبُرَةٌ تُصْرفُ من الأَوّل ولا تُصْرفُ من الثاني. ومعنى
قوله: لأَبْغِيَنَّكُمُ قَناً وعُوارِضاً أَي لأَطْلُبَنَّكُم بِقَناً
وعُوارِضٍ، وهما مكانان معروفان، فأَسقط الباء فلما سَقَط الخافضُ تَعَدَّى
الفعلُ إِليهما فَنصبهما، وأُقْبِلُ فِعْل يتعدّى إِلى مفعولين منقول من
قولهم قَبَلَ الدابةُ الوادِيَ إِذا استقبله. واللاَّبَةُ: الحَرَّة.
التهذيب: الليث: ضَرْغَد اسم جبل.
دركل: الدِّرَكْلة: لُعْبة يلعب بها الصبيان، وقيل: هي لُعْبة للعجم
مُعَرَّب؛ قال ابن دريد: أَحسبها حَبَشية مُعَرَّبة، وقال أَبو عمرو: هو ضرب
من الرَّقْص. الأَزهري: قرأْت بخط شمر قال: قرئ على أَبي عبيد وأَنا
شاهد في حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه مر على أَصحاب الدِّرَكْلة
فقال: جِدُّوا يا بني أرْفَدة حتى يَعْلم اليهودُ والنصارى أَن في ديننا
فُسْحة؛ قال ابن الأَثير: هذا الحرف يروى بكسر الدال وفتح الراء وسكون
الكاف بوزن الرِّبَحْلة، ويروى بكسر الدال وسكون الراء وكسر الكاف وفتحها،
ويروى بالقاف عوض الكاف، وقد تقدم؛ قال شمر: قال أَبو عدنان أَنشدت
أَعرابيّاً من بكر ابن وائل.
أَسْقى الإِلهُ صَدَى لَيْلى ودِرْكِلَها،
إِن الدَّراكل كالحَلْفاء في الأَجَم
فقال: إِن الدِّرْكِلة وَحْياً، فانظر ما هِيَه؛ قال ثم أَنشدت جابر بن
الأَزرق الكلابي كما أَنشدت هذا الأَعرابي فقال: الدِّرْقِل لغة قوم لست
أَعرفهم وأَزعم أَن دَرَاقِلها أَولادُها، قال: فقلت كَلاَّ إِنه قد
قال:لو دَرْقَل الفيلُ ما انْفَكَّتْ فَرِيصتُه
تَنْزو، ويَحْبِقُ من ذُعْرٍ ومن أَلَم
قال: فماذا يُشَرِّدُه؟ لا فَرَّج الله عنه؛ قلت وقال آخر:
لو دَرْكَل الليثُ لم يَشْعُر به أَحدٌ،
حتى يَخِرَّ على لَحْيَيه في طَرَق
فقال: أَبعده الله اللهم لا تسمع لأَصحاب هذا القول، هؤلاء لَعَّابون
أَجمعون غُواة يركب أَحدهم مِذْرَويْه، قد لَهِج بِرَويٍّ يُضْحِك به،
قلت: فما معناه؟ قال: لا أَدري.
درك: الدَّرَكُ: اللحَاق، وقد أَدركه. ورجل دَرَّاك: مُدْرِك كثير
الإدْراك، وقلما يجئ فَعَّال من أَفْعَلَ يُفْعِل إلا أَنهم قد قالوا حَسَّاس
دَرّاك، لغة أَوازدواج، ولم يجئ فَعَّال من أَفْعَلَ إلاَّ دَرَّاك من
أَدْرَك، وجَبّار من أَجبره على الحكم أَكرهه، وسَأْآر من قوله أَسأَر في
الكأْس إِذا أَبقى فيها سؤْراً من الشراب وهي البقية، وحكى اللحياني:
رجل مُدْرِكةٌ، بالهاء، سريع الإدْراكِ، ومُدْرِكةُ: إسم رجل مشتق من ذلك.
وتَدَاركَ القومُ: تلاحقوا أَي لَحِق آخرُهم أَولَهم. وفي التنزيل: حتى
إذا ادّارَكُوا فيها جميعاً؛ وأَصله تَدَاركوا فأدغمت التاء في الدال
واجتلبت الألف ليسلم السكون. وتَدَارك الثَّرَيان أَي أَدرك ثرى المطر ثرى
الأرض. الليث: الدَّرَك إدراك الحاجة ومَطْلبِه. يقال: بَكِّرْ ففيه دَرَك.
والدَّرَك: اللَّحَقُ من التَّبِعَةِ، ومنه ضمان الدَّرَكِ في عهدة
البيع. والدَّرَك: اسم من الإدْراك مثل اللَّحَق. وفي الحديث: أَعوذ بك من
دَرْك الشَّقاء؛ الدَّرْك: اللَّحاق والوصول إلى الشيء، أدركته إدْراكاً
ودركاً وفي الحديث: لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دَرَكاً له في حاجته.
والدَّرَك: التَّبِعةُ، يسكن ويحرك. يقال: ما لَحِقك من دَرَكٍ فعليَّ
خلاصُه. والإدْراكُ: اللحوق. يقال: مشيت حتى أَدْرَكته وعِشْتُ حتى
أَدْرَكْتُ زمانه. وأَدْرَكْتُه ببصري أَي رأَيته وأَدْرَكَ الغلامُ وأَدْرَكَ
الثمرُ أَي بلغ، وربما قالوا أَدْرَكَ الدقيق بمعنى فَنِيَ. واستَدْرَكْت
ما فات وتداركته بمعنى. وقولهم: دَرَاكِ أَي أَدْرِكْ، وهو اسم لفعل
الأَمر، وكسرت الكاف لاجتماع الساكنين لأَن حقها السكون للأَمر؛ قال ابن بري:
جاء دَرَاك ودَرَّاك وفَعَال وفَعَّال إِنما هو من فعل ثلاثي ولم يستعمل
منه فعل ثلاثي، ون كان قد استعمل منه الدَّرْكُ؛ قال جَحْدَر بن مالك
الحنظلي يخاطب الأَسد:
لَيْثٌ ولَيْثٌ في مَجالٍ ضنكِ،
كلاهما ذو أنَف ومَحْكِ
وبَطْشةٍ وصِوْلةٍ وفَتْك،
إن يَكْشِف الله قِناع الشك
بظَفَرٍ من حاجتي ودَرْك،
فذا أَحَقُّ مَنْزِل بتَرْكِ
قال أَبو سعيد: وزادني هفّان في هذا الشعر:
الذئب يَعْوي والغُراب يَبْكي
قال الأصمعي: هذا كقول ابن مُفَرِّغ
الريحُ تَبْكي شَجْوَها،
والبرقُ يَضحك في الغَمَامة
قال: ثم قال جحدر أَيضاً في ذلك:
يا جُمْلُ إِنكِ لو شهِدْتِ كَرِيهتي،
في يوم هَيْجٍ مُسْدِفٍ وعَجاجِ،
وتَقَدُّمِي لليث أَرْسُف نحوه،
كَيْما أكابِرَه على الأَحْرَاجِ
قال: وقال قيس بن رفاعة في دَرَّاك:
وصاحب الوَتْرِ ليس الدهر مُدْرِكَهُ
عندي، وإني لدَرَّاكٌ بأَوْتارِ
والدَّرك: لحاق الفرسِ الوحْشَ وغيرها. وفرس دَرَك الطَّريدة يُدْرِكها
كما قالوا فرس قَيْدُ الأَوَابِدِ أَي أَنه يُقَيِّدها. والدَّرِيكة:
الطَّريدةُ.
والدَّراك: اتباع الشيء بعضه على بعضٍ في الأَشياء كلها، وقد تَدَارك،
والدِّراك: المُداركة. يقال: دَارَك الرجل صوته أَي تابعه. وقال اللحياني:
المُتَدَارِكة غير المُتَوَاتِرة. المُتَواتِرُ: الشيءُ الذي يكون
هُنَيَّةً ثم يجيءُ الآخر، فإذا تتابعت فليست مُتَوَاتِرة، هي مُتَداركة
متواترة.
الليث: المُتَدَارِك من القَوَافي والحروف المتحركة ما اتفق متحركان
بعدهما ساكن مثل فَعُو وأَشباه ذلك؛ قال ابن سيده: والمُتَدَارِكُ من
الشِّعْر كل قافية توالى فيها حرفان متحركان بين ساكنين، وهي متفاعِلُنْ
ومستفعلن ومفاعِلُنْ، وفَعَلْ إذا اعتمد على حرف ساكن نحو فَعُولُنْ فَعَلْ،
فاللام من فعل ساكنة، وفُلْ إذا اعتمد على حرف متحرك نحو فَعُولُ فُلْ،
اللام من فُلْ ساكنة والواو من فَعُولُ ساكنة، سمي بذلك لتوالي حركتين فيها،
وذلك أَن الحركات كما قدمنا من آلات الوصل وأَماراته، فكأنَّ بعض
الحركات أدرك بعضاً ولم يَعُقْده عنه اعتراض الساكن بين المتحركين.
وطَعَنَهُ طعناً دِراكاً وشرِب شرباً دِراكاً، وضرب دِراكٌ: متتابع.
والتَّدْرِيكُ: من المطر: أَن يُدَارِكَ القَطْرُ كأنه يُدْرِك بعضُه
بعضاً؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد أَعرابي يخاطب ابنه:
وَابِأَبي أَرْواحُ نَشْرِ فِيكا،
كأَنه وهْنٌ لمن يَدْرِيكا
إذا الكَرى سنَاتِهِ يُغْشِيكا،
رِيحَ خُزامَى وُلِّيَ الرَّكِيكا،
أَقْلَعَ لمَّا بَلَغَ التَّدْرِيكا
واسْتَدْرَك الشيءَ بالشيءِ: حاول إِدْراكه به، واستعمل هذا الأَخفش في
أَجزاء العروض فقال: لأَنه لم ينقص من الجزء شيء فيستدركه.
وأَدْرَكَ الشيءُ: بلغ وقته وانتهى. وأَدْرَك أَيضاً: فَنِيَ. وقوله
تعالى: بل ادَّارَكِ علمهم في الآخرة؛ روي عن الحسن أَنه قال: جهلوا علم
الآخرة أَي لا علم عندهم في أَمر الآخرة. التهذيب: وقوله تعالى: قل لا يعلم
مَنْ في السموات والأَرض الغيب إلا الله وما يشعرون أَيَّان يُبْعثون بل
ادَّارَكَ علمهم في الآخرة؛ قرأَ شيبة ونافع بل ادَّرَاك وقرأَ أَبو عمرو
بل أَدْرَكَ، وهي في قراءة مجاهد وأَبي جعفر المدني، وروي عن ابن عباس
أَنه قرأَ: بَلى آأَدْرَك علمهم، يستفهم ولا يشدد، فأَما من قرأَ بل
ادَّارَكَ فإن الفراء قال: معناه لغةً تَدَارَك أَي تتابع علمهم في الآخرة،
يريد بعلم الآخرة تكون أو لا تكون، ولذلك قال: بل هم في شك منها بل هم منها
عَمُون، قال: وهي في قراءة أَُبيّ تَدارَكَ، والعرب تجعَل بل مكان أَم
وأَم مكان بل إذا كان في أَول الكلمة استفهام مثل قول الشاعر:
فوالله ما أَدْرِي، أَسَلْمَى تَغَوَّلَتْ،
أَم البُومُ، أَم كلٌّ إِليَّ حَبِيبُ
معنى أَم بل؛ وقال أَبو معاذ النحوي: ومن قرأَ بل أَدْرَك ومن قرأَ بل
ادّارك فمعناهما واحد، يقول: هم علماء في الآخرة كقول الله تعالى: أَسْمعْ
بهم وأَبْصِرْ يوم يأْتوننا، ونحو ذلك. قال السدي في تفسيره، قال: اجتمع
علمهم في الآخرة ومعناها عنده أَي عَلِمُوا في الآخرة أَن الذي كانوا
يوعَدُون به حق؛ وأَنشد للأَخطل:
وأَدْرَكَ عِلْمي في سوَاءَة أَنها
تقيم على الأَوْتار والمَشْرَب الكدر
أَي أَحاط علمي بها أَنها كذلك. قال الأَزهري: والقول في تفسير أَدْرَكَ
وادَّارَكَ ومعنى الآية ما قال السدي وذهب إليه أَبو معاذ وأَبو سعيد،
والذي قاله الفراء في معنى تَدَارَكَ أَي تتَابع علمهم في الآخرة أَنها
تكون أَو لا تكون ليس بالبَيِّنِ، إِنما المعنى أَنه تتَابع علمهم في
الآخرة وتواطأَ حين حَقَّت القيامة وخسروا وبان لهم صدق ما وُعِدُوا، حين لا
ينفعهم ذلك العلم، ثم قال سبحانه: بل هم اليوم في شك من علم الآخرة بل هم
منها عَمُون، أَي جاهلون، والشَّك في أَمر الآخرة كفر. وقال شمر في قوله
تعالى: بل أَدْرَكَ علمهم في الآخرة؛ هذه الكلمة فيها أَشياء، وذلك أَنا
وجدنا الفعل اللازم والمتعدي فيها في أَفْعَلَ وتَفَاعَلَ وافْتَعَلَ
واحداً، وذلك أَنك تقول أَدْرَكَ الشيءَ وأَدْرَكْتُه وتَدَارك القومُ
وادَّارَكوا وادَّرَكُوا إذا أَدرَكَ بعضهم بعضاً. ويقال: تَدَاركتهُ
وادَّارَكْتُه وادَّرَكْتُه؛ وأَنشد:
تَدَاركتُما عَبْساً وذُبْيان بعدما
تفانَوْا، ودَقُّوا بينهم عِطْر مَنْشِمِ
وقال ذو الرمة:
مَجَّ النَّدَى المُتَدارِكِ
فهذا لازم؛ وقال الطرماح:
فلما ادَّرَكْناهُنَّ أَبدَيْنَ للهَوَى
وهذا متعد. وقال الله تعالى في اللازم: بل ادَّارَكَ علمهم. قال شمر:
وسمعت عبد الصمد يحدث عن الثوري في قوله: بل ادَّارَكَ علمُهم في الآخرة
قال مجاهد: أَم تواطأَ علمهم في الآخرة؛ قال الأَزهري: وهذا يوافق قول
السدي لأَن معنى تواطأَ تحقق واتفق حين لا ينفعهم، لا على أنه تواطأَ
بالحَدْس كما ظنه الفراء؛ قال شمر: وروي لنا حرف عن ابن المظفر قال ولم أَسمعه
لغيره ذكر أَنه قال أَدْرَكَ الشيءُ إذا فَنِيَ، فإن صح فهو في التأويل
فَنِيَ علمُهم في معرفة الآخرة، قال أَبو منصور: وهذا غير صحيح في لغة
العرب، قال: وما علمت أَحداً قال أَدْرك الشيءُ إذا فني فلا يعرّج على هذا
القول، ولكن يقال أَدْرَكتِ الثِّمار إذا بلغت إناهَا وانتهى نُضْجها؛
وأَما ما روي عن ابن عباس أَنه قرأَ بلى آأَدْرَكَ عِلْمهم في الآخرة، فإنه
إن صح استفهام فيه ردّ وتهكّم، ومعناه لم يُدْرِكْ علمهم في الآخرة، ونحو
ذلك روى شعبة عن أَبي حمزة عن ابن عباس في تفسيره؛ ومثله قول الله عز
وجل: أَم له البَناتُ ولكم البنُون؛ معنى أَم أَلف الإستفهام كأَنه قال أَله
البنات ولكم البنون، اللفظ لفظ الإستفهام ومعناه الردّ والتكذيب لهم،
وقول الله سبحانه وتعالى: لا تخاف دَرَكا ولا تخشى؛ أَي لا تخاف أَن يُدْرِ
كَكَ فرعونُ ولا تخشاه، ومن قرأَ لا تَخَفْ فمعناه لا تَخَفْ أَن يُدْرِ
كَكَ ولا تخشَ الغرق.
والدَّرْكُ والدَّرَكُ: أَقصى قَعْر الشيء، زاد التهذيب: كالبحر ونحوه.
شمر: الدَّرَكُ أَسفل كل شيء ذي عُمْق كالرَّكِيَّة ونحوها. وقال أَبو
عدنان: يقال أَدْرَكوا ماء الرَّكيّة إِدراكاً، ودَرَك الرَّكِيَّة قعرها
الذي أُدرِكَ فيه الماء، والدَّرَكُ الأَسفل في جهنم، نعوذ بالله منها:
أَقصى قعرها، والجمع أَدْرَاك. ودَرَكاتُ النارِ: منازل أَهلها، والنار
دَرَكات والجنة درجات، والقعر الآخر دَرْك ودَرَك، والدَّرَك إلى أَسفل
والدَّرَجُ إلى فوق، وفي الحديث ذكر الدَّرَك الأسفل من النار، بالتحريك
والتسكين، وهو واحد الأَدْراك وهي منازل في النار، نعوذ بالله منها. التهذيب:
والدَّرَكُ واحد من أَدْرَاك جهنم من السبع، والدَّرْكُ لغة في
الدَّرَك. الفراء في قوله تعالى: إن المنافقين في الدَّرْك الأَسفل من النار،
يقال: أَسفل دَرَجِ النار. ابن الأَعرابي: الدَّرْك الطَّبَقُ من أَطباق
جهنم، وروي عن ابن مسعود أَنه قال: الدَّرْكُ الأَسفل توابِيتُ من حديد
تصَفَّدُ علهيم في أَسفل النار؛ قال أَبو عبيدة: جهنم دَرَكاتٌ أَي منازل
وأَطباق، وقال غيره: الدَّرَجات منازل ومَرَاقٍ بعضها فوق بعض، فالدَّرَكات
ضد الدَّرَجات. وفي حديث العباس: أَنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
أَما كان ينفع عَمَّك ما كان يصنع بك؟ كان يحفظك ويَحْدَب عليك، فقال: لقد
أُخْرِجَ بسببي من أَسفل دَرَك من النار فهو في ضَحْضَاحٍ من نار، ما
يَظُنُّ أَن أَحداً أَشدُّ عذاباً منه، وما في النار أَهون عذاباً منه؛
العذاب لجعله، صلى الله عليه وسلم، إياه ضدّاً للضَّحضاح أو كالضد له،
والضَّحضاح أُريد به القليل من العذاب مثل الماء الضحضاح الذي هو ضد الغَمْر؛
وقيل لأَعرابي: إن فلاناً يدعي الفضل عليك، فقال: لو كان أَطول من مسيرة
شهر ما بلغ فضلي ولو وقع في ضَحْضاح لغَرِقَ أَي لو وقع في القليل من مياه
شَرَفي وفضلي لغرق فيه. قال الأَزهري: وسمعت بعض العرب يقول للحبل الذي
يعلق في حَلْقةِ التَّصْديرِ فيشد به القَتَبُ الدَّرَكَ والتَّبْلِغَةَ،
ويقال للحبل الذي يشد به العَرَاقي ثم يُشَدّ الرِّشاءُ فيه وهو مثني
الدَّرَكُ. الجوهري: والدَّرَك، بالتحريك، قطعة حبل يشد في طرف الرِّشاءِ
إِلى عَرْقُوَةِ الدلو ليكون هو الذي يلي الماء فلا يعفَن الرِّشاءُ. ابن
سيده: والدَّرَك حبل يُوَثَّقُ في طرف الحبل الكبير ليكون هو الذي يلي
الماء فلا يعفَن بعض الرشاء عند الإستقاء.
والدِّرْكةُ: حَلْقة الوَتَرِ التي تقع في الفُرْضة وهي أَيضاً سير
يوصَلُ بوَتَر القَوْس العربية؛ قال اللحياني: الدَّرْكة القطعة التي توصل
الحبل إذا قَصُر أَو الحِزام.
ويقال: لا بارَك الله فيه ولا دارَك ولا تارَك، إتباع كله بمعنى.
ويوم الدَّرَكِ: يوم معروف من أَيامهم.
ومُدْرِك ومُدْرِكَةُ: اسمان. ومُدْرِكةُ: لقب عمرو بن إِلياس بن مُضَر،
لقبه بها أَبوه لما أَدرك الإبل. ومُدْرك بن الجازي: فرس لكُلْثوم بن
الحرث. ودِراكٌ: اسم كلب؛ قال الكميت يصف الثور والكلاب:
فاخْتلَّ حِضْنَيْ دِراكٍ وانْثَنى حرِجاً،
لزارعٍ طَعْنَةٌ في شِدْقها نَجَلُ
أي في جانب الطعنة سعة. وزارع أَيضاً: اسم كلب.