من (ج ف ع) قالب الشيء ومن يصرع غيره.
من (ج ف ع) قالب الشيء ومن يصرع غيره.
خبط: خَبَطَه يَخْبِطُه خَبْطاً: ضربه ضرْباً شديداً. وخبَط البعيرُ
بيده يَخْبِطُ خبْطاً: ضرب الأَرض بها؛ التهذيب: الخَبْطُ ضرب البعير الشيءَ
بخُفِّ يدِه كما قال طرفة:
تَخْبِطُ الأَرضَ بِصُمٍّ وُقُحٍ،
وصِلابٍ كالملاطِيسِ سُمُرْ
( ) روي هذا البيت في قصيدة طرفة على هذه الصورة:
جافلاتٍ، فوقَ عُوج عجُل، * رُكِّبَتْ فيها مَلاطِيسُ
سُمُرْ)
أَراد أَنها تَضْرِبُها بأَخْفافِها إِذا سارَتْ. وفي حديث سعد أَنه
قال: لا تَخْبِطُوا خَبْطَ الجمَل ولا تَمُطُّوا بآمِينَ، يقول: إِذا قام
قدَّم رِجْلَه يعني من السُّجودِ، نهاه أَن يُقَدِّمَ رِجْلَه عند القيامِ
من السجود. والخَبْطُ في الدَّوابِّ: الضرْبُ بالأَيْدِي دون الأَرْجُلِ،
وقيل: يكون للبعير باليد والرجل. وكلُّ ما ضرَبه بيده، فقد خبَطه؛ أَنشد
سيبويه:
فَطِرْتُ بمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ،
دَوامِي الأَبْدِ، يَخْبِطْنَ السَّرِيحا
أَراد الأَيْدي فاضْطُرَّ فحذف. وتَخَبَّطَه: كَخَبَطَه؛ ومنه قيل
خَبْطَ عَشْواء، وهي الناقة التي في بَصرها ضَعْفٌ تَخْبِط إِذا مشت لا
تتوَقَّى شيئاً؛ قال زهير:
رأَيتُ المَنايا خَبْطَ عَشْواء مَنْ تُصِبْ
تُمِتْه، ومَنْ تُخْطِئُ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
يقول: رأَيتها تَخْبِطُ الخَلْقَ خَبْطَ العَشْواء من الإِبل، وهي التي
لا تُبْصِرُ، فهي تَخْبِطُ الكل لا تُبْقِي على أَحد، فممّن خَبَطَتْه
المَنايا من تُمِيتُه، ومنهم من تُعِلُّه فيبرأُ والهَرَمُ غايتُه ثم
الموت. وفلان يَخْبِط في عَمْياء إِذا رَكِبَ ما ركب بجَهالةٍ. ورجل أَخْبَطُ
يَخْبِطُ برجليه؛ وقوله:
عَنّا ومَدَّ غايَةَ المُنْحَطِّ،
قَصَّرَ ذُو الخَوالِع الأَخْبَطِّ
إِنما أَراد الأَخْبَطَ فاضطر فشدد الطاء وأَجْراها في الوصل مُجْراها
في الوقف. وفرس خَبِيطٌ وخَبُوطٌ: يخبِطُ الأَرض برجليه. التهذيب:
والخَبُوطُ من الخيل الذي يَخْبِط بيديه. قال شجاع: يقال تَخَبَّطَني برجله
وتخبَّزَني وخبَطَني وخبَزَني. والخَبْطُ: الوَطْء الشديد، وقيل: هو من أَيدي
الدَّوابّ. والخَبَطُ: ما خَبَطَتْهُ الدوابُّ. والخَبيطُ: الحَوْضُ
الذي خَبَطَتْه الإِبل فهدَمَتْه، والجمع خُبُطٌ، وقيل: سمي بذلك لأَن طينه
يُخبَطُ بالأَرجل عند بنائه؛ قال الشاعر:
ونُؤْي كَأَعضاد الخَبِيطِ المُهَدَّمِ
وخبَطَ القومَ بسيفه يَخْبِطُهُم خَبْطاً: جلدَهم. وخبَطَ الشجرة
بالعَصا يَخْبِطُها خَبْطاً: شدّها ثم ضرَبها بالعصا ونفَض ورَقها منها
ليَعْلِفَها الإِبلَ والدوابَّ؛ قال الشاعر:
والصَّقْع من خابِطةٍ وجُرْزِ
قال ابن بري: صواب إِنشاده والصقعِ، بالخفض، لأَن قبله:
بالمَشْرَفيَّات وطَعْنٍ وخْزِ
الوخْزُ: الطعْنُ غير النافذ. والجُرْزُ: عَمودٌ من أَعْمِدةِ الخِباء.
وفي التهذيب أَيضاً: الخَبْطُ ضرْبُ ورق الشجر حتى يَنْحاتَّ عنه ثم
يَسْتَخْلِف من غير أَن يَضُرّ ذلك بأَصل الشجرة وأَغْصانِها. قال الليث:
الخَبَطُ خَبَطُ ورق العِضاهِ من الطَّلْحِ ونحوه يُخْبَطُ يُضْرَبُ بالعصا
فيتناثر ثم يُعْلف الإِبل، وهو ما خَبَطَتْه الدوابُّ أَي كسرَتْه. وفي
حديث تحريم مكة والمدينة: نَهَى أَن تُخْبَطَ شجرُها؛ هو ضرب الشجر بالعصا
ليتناثر ورقها، واسم الورق الساقطِ الخَبَطُ، بالتحريك، فَعَلٌ بمعنى
مَفْعول، وهو من عَلَفِ الإِبل. وفي حديث أَبي عبيدة: خرج في سرية إِلى
أَرض جُهَينةَ فأَصابهم جوع فأَكلوا الخَبَطَ فسُمُّوا جيشَ الخَبَطِ.
والمِخْبَطةُ: القَضِيبُ والعَصا؛ قال كثيِّر:
إِذا خَرَجَتْ مِنْ بيتِها حالَ دُونَها
بِمِخْطةٍ، يا حُسْنَ مَنْ أَنت ضارِبُ
يعني زوجها أَنه يخْبِطُها. وفي الحديث: فضَرَبَتْها ضَرَّتُها بمِخْبَط
فأَسْقَطَتْ جَنِيناً؛ المِخْبَطُ، بالكسر: العصا التي يُخبط بها الشجر.
وفي حديث عمر: لقد رأَيْتُني بهذا الجبل أَحْتَطِبُ مرة وأَخْتَبِطُ
أُخْرى أَي أَضرب الشجر لينتَثِرَ الورقُ منه، وهو الخَبَطُ. وفي الحديث:
سُئل هل يَضُرُّ الغَبْطُ؟ قال: لا إلا كما يَضُرُّ العِضاةَ الخَبْطُ؛
الغبْطُ: حسَدٌ خاصٌّ فأَراد، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَن الغَبْطَ لا يضرّ
ضَررَ الحَسَدِ، وأَنّ ما يَلْحَقُ الغابِطَ من الضَّررِ الراجع إِلى
نُقصان الثواب دونَ الإِحْباط بقدر ما يلحق العِضاهَ من خَبْط ورَقِها الذي
هو دون قَطْعِها واسْتئصالها، ولأَنه يعود بعد الخبْط ورقُها، فهو وإِن
كان فيه طرَفٌ من الحسَدِ فهو دونه في الإثم. والخَبَطُ: ما انْتَفَضَ من
ورقها إِذا خُبِطتْ، وقد اختبط له خبَطاً. والناقةُ تَخْتَبِطُ الشوكَ:
تأْكله؛ أَنشد ثعلب:
حُوكَتْ على نِيْرَيْن، إِذ تُحاكُ،
تَخْتَبِطُ الشَّوْكَ، ولا تُشاكُ
(* قوله: حوكت؛ هكذا ورد على قلب الياء واواً، والقياس حيكت.)
أَي لا يُؤذِيها الشوكُ. وحُوكَتْ على نِيْرَيْنِ أَي أَنها شَحِيمةٌ
قويّةٌ مُكْتَنِزة، وخبَط الليلَ يَخْبِطُه خَبْطاً: سار فيه على غير
هُدىً؛ قال ذو الرمة:
سَرَتْ تخْبِطُ الظَّلْماء من جانِبيْ قَسَا،
وحُبَّ بها من خابِطِ الليلِ زائر
وقولهم ما أَدري أَي خابِطِ الليلِ هو أَو أَيُّ خابِطِ ليلٍ هو أَي
أَيُّ الناس هو. وقيل: الخبط كلُّ سْيرٍ على غير هدى. وفي حديث علي، كرم
اللّه وجهه: خَبّاطُ عَشواتٍ أَي يخبط في الظّلام، وهو الذي يمشي في الليل
بلا مِصْباح فيتحير ويَضلّ، فربما تَردّى في بئر، فهو كقولهم يَخْبِط في
عَمْياء إِذا ركب أَمراً بجَهالة.
والخُباطُ، بالضم: داء كالجُنون وليس به. وخبَطَه الشيطانُ وتَخَبَّطَه:
مسَّه بأَذىً وأَفسَدَه. ويقال: بفلان خَبْطةٌ من مَسٍّ. وفي التنزيل:
كالذي يَتَخَبَّطُه الشيطانُ من المَسِّ؛ أَي يتوَطَّؤُه فــيصْرَعُــه،
والمَسُّ الجُنون. وفي حديث الدعاء: وأَعوذ بك أَن يَتَخبَّطَني الشيطانُ أَي
يَصْرَعَــني ويَلْعَبَ بي. والخَبْطُ باليدين: كالرَّمْح بالرّجْلَيْنِ.
وخُباطةُ معرفةً: الأَحْمَقُ كما قالوا للبحر خُضارةَ.
وروي عن مكحول: أَنه مر برجل نائم بعد العصر فدفَعَه برجله فقال: لقد
عُوفِيتَ، لقد دُفع عنك، إِنها ساعةُ مَخْرَجِهم وفيها يَنْتَشِرُون، ففيها
تكون الخَبْتةُ؛ قال شمر: كان مكحول في لسانه لُكْنةٌ وإِنما أَراد
الخَبْطةَ من تَخَبَّطَه الشيطانُ إِذا مَسَّه بخَبْلٍ أَو جنُونٍ، وأَصل
الخَبْطِ ضرْبُ البعير الشيءَ بخُفِّ يده. أَبو زيد: خَبَطْتُ الرجلَ
أَخْبِطُه خَبْطاً إِذا وصلْته. ابن بزرج: قالوا عليه خَبْطةٌ جَمِيلةٌ أَي
مَسْحةٌ جميلةٌ في هيئته وسَحْنَتِه. والخَبْطُ: طَلَبُ المعروف، خَبَطَه
يَخْبِطُه خبْطاً واخْتَبَطَه. والمُخْتَبِطُ: الذي يَسْأَلُك بلا وسِيلة
ولا قَرابةٍ ولا معرفة. وخَبَطَه بخير: أَعطاه من غير معرفة بينهما؛ قال
عَلْقَمةُ بن عَبْدةَ:
وفي كلِّ حَيٍّ قد خَبَطْتَ بِنِعْمةٍ،
فَحُقَّ لشَأْسٍ من نَداكَ ذَنُوبُ
وشَأْسٌ: اسم أَخي عَلْقَمةَ، ويروى: قد خَبَطَّ أَراد خَبَطْتَ فقلب
التاء طاء وأَدغم الطاء الأُولى فيها، ولو قال خَبَتَّ يريد خَبَطْتَ لكان
أَقْيَسَ اللغتين، لأَن هذه التاء ليست متصلة بما قبلها اتصال تاء
افْتَعَلْتَ بمثالِها الذي هي فيه، ولكنه شبه تاء خبطْتَ بتاء افتعل فقَلَبها
طاء لوقوع الطاء قبلها كقوله اطَّلَعَ واطَّرَدَ، وعلى هذا قالوا فحَصْطُ
برجلي كما قالوا اصْطَبَرَ؛ قال الشاعر:
ومُخْتَبِطٍ لم يَلْقَ من دُونِنا كُفىً،
وذاتِ رَضِيعٍ لم يُنِمْها رَضِيعُها
وقال لبيد:
لِيَبْكِ على النعْمانِ شَرْبٌ وقَيْنةٌ،
ومُحْتَبِطاتٌ كالسَّعالي أَرامِلُ
ويقال: خبَطَه إِذا سأَلَه؛ ومنه قول زهير:
يَوْماً ولا خابِطاً من مالِه وَرِقا
وقال أَبو زيد: خَبَطْتُ فلاناً أَخْبِطُه إِذا وصلْتَه؛ وأَنشد في
ترجمة جزح:
وإِنِّي، إِذا ضَنَّ الرَّفُودُ برِفْدِه،
لمُخْتَبِطٌ من تالِدِ المالِ جازِحُ
قال ابن بري: يقال اخْتَبَطَني فلان إِذا جاءَ يَطْلُبُ المَعْروفَ من
غير آصِرةٍ؛ ومعنى البيت إِنّي إِذا بَخِل الرَّفُود برفْده فإِني لا
أَبْخَلُ بل أَكون مخْتَبِطاً لمن سأَلني وأُعْطِيه من تالِدِ مالي أَي
القديم. أَبو مالك: الاخْتِباطُ طلَبُ المعْروفِ والكسب. تقول: اخْتَبَطْت
فلاناً واخْتَبَطْتُ مَعْرُوفَه فاختبطني بخير. وفي حديث ابن عامر: قيل له
في مرضه الذي مات فيه قد كنت تَقْري الضيفَ وتُعْطِي المُخْتَبِطَ؛ هو
طالِبُ الرِّفْدِ من غير سابق معرفة ولا وَسِيلةٍ، شُبّه بِخابطِ الورَقِ
أَو خابِطِ الليل. والخِباطُ، بالكسرِ: سمةٌ تكون في الفخذ طويلةٌ عَرْضاً
وهي لبني سعد، وقيل: هي التي تكون على الوجه، حكاه سيبويه، وقال ابن
الأَعرابي: هي فوق الخَدّ، والجمعُ خُبُطٌ؛ قال وَعْلةُ الجَرْمِيُّ:
أَمْ هَلْ صَبَحْتَ بَني الديّانِ مُوضِحةً،
شَنْعاء باقِيةَ التَّلْحِيمِ والخُبُطِ؟
وخَبَطَه خَبْطاً: وسَمه بالخِباطِ؛ قال ابن الرماني في تفسير الخِباط
في كتاب سيبويه: إِنه الوَسْمُ في الوجه، والعِلاطُ والعِراضُ في العُنُق،
قال: والعِراضُ يكون عَرْضاً والعِلاطُ يكون طُولاً. وخبَطَ الرجلُ
خبْطاً: طرح نفسَه حيث كان ونام؛ قال دبّاق الدُّبَيْرِيُّ:
قَوْداء تَهْدي قُلُصاً مَمارِطَا،
يَشْدَخْن باللّيلِ الشُّجاعَ الخابِطا
المَمارِطُ: السِّراعُ، واحدتها مِمْرَطةٌ. أَبو عبيد: خبَطَ مثل هَبَغَ
إِذا نامَ. والخَبْطةُ: كالزَّكْمةِ تأْخذ قبل الشّتاء، وقد خُبط، فهو
مَخْبُوطٌ. والخِبْطةُ: القِطْعةُ من كل شيء. والخِبْطُ والخِبْطةُ
والخِبِيطُ: الماء القليلُ يبقى في الحوْضِ؛ قال:
إِنْ تَسْلَمِ الدَّفْواءُ والضَّروطُ،
يُصْبِحْ لها في حَوْضِها خَبِيطُ
والدَّفْواءُ والضَّرُوطُ: ناقَتانِ. والخِبْطة، بالكسر: اللبَنُ القليل
يبقى في السقاء، ولا فعل له. قال أَبو عبيد: الخِبْطةُ الجَرْعةُ من
الماء تَبْقَى في قِرْبةٍ أَو مَزادة أَو حَوْضٍ، ولا فعل لها؛ قال ابن
الأَعرابي: هي الخِبْطةُ والخَبْطةُ والحِقْلةُ والحَقْلَةُ والفَرْسَة
والفَراسة والسُّحْبةُ والسُّحابةُ، كله: بقية الماء في الغدير. والحَوْضُ
الصغير يقال له: الخَبِيطُ. ابن السكيت: الخِبْطُ والرَّفَضُ نحو من النصف
ويقال له الخَبِيطُ، وكذلك الصَّلْصلةُ. وفي الإِناء خِبْطٌ: وهو نحو
النِّصْفِ، ويقال خَبِيطٌ؛ وأَنشد:
يُصْبِحْ لها في حَوْضِها خَبِيطُ
ويقال خَبِيطةٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
هَلْ رامَني أَحَدٌ يُرِيدُ خَبِيطتي،
أَمْ هَلْ تَعَذَّر ساحَتي ومَكاني؟
والخِبْطةُ: ما بقي في الوِعاء من طعام أَو غيره. قال أَبو زيد:
الخِبْطُ من الماء الرَّفْضُ، وهو ما بين الثلث إِلى النصف من السقاء والحوض
والغدير والإِناء. قال: وفي القِربة خِبْطةٌ من ماء وهو مثل الجرْعة ونحوها.
ويقال: كان ذلك بعد خِبْطةٍ من الليل أَي بعد صدْرٍ منه. والخِبْطةُ:
القِطْعة من البيوت والناس، تقول منه: أَتَوْنا خِبْطة خِبْطة أَي قِطْعة
قطعة، والجمع خِبَطٌ؛ قال:
افْزَعْ لِجُوفٍ قد أَتتك خِبَطا،
مِثل الظَّلام والنهار اخْتَلَطا
قال أَبو الربيع الكلابي: كان ذلك بعد خِبْطةٍ من الليل وحِذْفةٍ وخدمة
(* قوله «خدمة» كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس: خذمة.) أَي قِطْعة.
والخَبِيطُ: لبن رائب أَو مَخِيضٌ يُصَبُّ عليه الحليب من اللبن ثم يضرب
حتى يختلط؛ وأَنشد:
أَو قُبْضة من حازٍرٍ خَبِيط
والخِباطُ: الضِّرابُ؛ عن كراع. والخَبْطةُ: ضربة الفحلِ الناقةَ؛ قال
ذو الرمة يصف جملاً:
خَرُوجٌ من الخَرْقِ البعيدِ نِياطُه،
وفي الشَّوْلِ يُرْضَى خَبْطةَ الطَّرْقِ ناجِلُهْ .
بغض: البُغْض والبِغْضةُ: نَقِيضُ الحبّ؛ وقول ساعدة بن كؤية:
ومن العَوادِي أَنْ تَفُتْك بِبِغْضةٍ،
وتَقاذُفٍ منها، وأَنّكَ ترْقُب
قال ابن سيده: فسّره السُّكَّري فقال: بِبِغضةٍ بقوم يبغضونك، فهو على
هذا جمع كغِلْمة وصِبْية، ولولا أَن، المعهود من العرب أَن لا تتشكّى من
محبوب بِغْضةً في أَشعارها لقلنا: إِن البِغْضة هنا الإِبْغاض، والدليل
على ذلك أَنه قد عطف عليها المصدرَ وهو قوله: وتَقاذُفٍ منها، وما هو في
نية المصدر وهو قوله: وأَنك تَرْقُب.
وبَغُضَ الرجلُ، بالضم، بَغاضةً أَي صارَ بَغِيضاً. وبَغَّضَه اللّهُ
إِلى الناس تَبْغِيضاً فأَبْغَضُوه أَي مَقَتُوه.
والبَغْضاءُ والبَغاضةُ، جميعاً: شدة البغْضِ، وكذلك البِغْضة، بالكسر؛
قال معقل بن خويلد الهذلي:
أَبا مَعْقلٍ، لا تُوطِئَنْك بَغاضَتي
رؤوسَ الأَفاعي من مَراصِدِها العُرْم
وقد أَبْغَضه وبَغَضَه؛ الأَخيرة عن ثعلب وحده. وقال في قوله عزّ وجلّ:
إِني لِعَمَلِكم من القَالِينَ، أَي الباغِضِين، فدل هذا على أَن بَغَضَ
عنده لغة. قال: ولولا أَنها لغة عنده لقال من المُبْغِضِين. والبَغُوضُ:
المُبغِض؛ أَنشد سيبويه:
ولكن بَغُوضٌ أَن يقالَ عَدِيمُ
وهذا أَيضاً مما يدل على أَن بَغَضْته لغة لأَن فَعُولاً إِنما هي في
الأَكثر عن فاعِلٍ لا مُفْعِل، وقيل: البَغيض المُبْغِض والمُبْغَض جميعاً
ضدٌّ. والمُباغَضةُ: تَعاطِي البَغْضاء؛ أَنشد ثعلب:
يا رُبَّ مَولىً ساءَني مُباغِضِ،
عليَّ ذي ضِغْنٍ وضَبٍّ فارضِ،
له كقُروء ِ الحائِضِ
(* قوله «وضب فارض» الضب الحقد، والفارض القديم وقيل العظيم. وقوله له
قروء إلخ يقول: لعداوته أوقات تهيج فيها مثل وقت الحائض.)
والتَّباغُضُ: ضد التَّحابّ. ورجل بَغِيض وقد بَغُضَ بَغاضةً وبَغِضَ،
فهو بَغِيضٌ. ورجل مُبَغَّضٌ: يُبْغَضُ كثيراً. ويقال: هو محبوب غير
مُبَغَّضِ، وقد بُغِّض إِليه الأَمرُ وما أَبْغَضَه إِليّ، ولا يقال ما
أَبْغَضَني له ولا ما أَبْغَضَه لي؛ هذا قول أَهل اللغة. قال ابن سيده: وحكى
سيبويه: ما أَبْغَضَني له وما أَبْغَضَه إِلي، وقال: إِذا ما أَبْغَضَني له
فإِنما تخبر أَنك مُبْغَضٌ له، وإِذا قلت ما أَبْغَضَه إِليّ فإِنما
تخبر أَنه مُبْغَضٌ عندك. قال أَبو حاتم: من كلام الحشو أَنا أُبْغِض فلاناً
وهو يُبْغِضني. وقد بَغُضَ إِلي أَي صار بَغِيضاً. وأَبْغِضْ به إِليَّ
أَي ما أَبْغَضَه. الجوهري: قولهم ما أَبْغَضَه لي شاذ لا يقاس عليه؛ قال
ابن بري: إِنما جعله شاذّاً لأَنه جعله من أَبْغَضَ، والتعجب لا يكون من
أَفْعَل إِلا بأَشَدّ ونحوه، قال: وليس كما ظنّ بل هو من بَغُضَ فلان
إِليَّ، قال: وقد حكى أَهل اللغة والنحو: ما أَبْغَضَني له إِذا كنتَ أَنت
المُبغِضَ له، وما أَبْغَضَني إِليه إِذا كان هو المُبْغِضَ لك. وفي
الدعاء: نَعِمَ اللّهُ بك عَيْناً وأَبْغَضَ بِعَدوِّك عَيْناً وأَهل اليمن
يقولون: بَغُضَ جَدُّك كما يقولون عَثَرَ جَدُّك.
وبَغِيض: أَبو قبيلة، وقيل: حيّ من قيس، وهو بَغِيض بن رَيْث بن غَطفان
بن سعد بن قيس عَيْلان.
همسع: الهَمَيْسَعُ: القَوِيُّ الذي لا يُصْرَعُ جَنْبُه من الرجال.
والهَمَيْسَعُ: اسم رجل؛ قال الأَزهري: هو جدّ عدنان بن أُدَد، قال ابن
دريد: أَحسبه بالسُّرْيانية، قال: وقد سمى حِمْير ابنه هَمَيْسَعاً.
هرع: الهَرَعُ والهُراعُ والإِهْراعُ: شدَّة السَّوْقِ وسُرْعةُ
العَدْو؛ قال الشاعر أَورده ابن بري:
كأَنَّ حُمُولَهم، مُتتابِعاتٍ،
رَعِيلٌ يُهْرَعُونَ إِلى رَعيلِ
وقد هُرِعُوا وأُهْرِعُوا. واسْتُهْرِعَتِ الإِبلُ: أَسْرَعَتْ إِلى
الحوضِ. وأْهْرِعَ الرجلُ، على ما لم يسم فاعله: خَفَّ وأُرْعِدَ من سُرْعةٍ
أَو خوْفٍ أَو حِرْصٍ أَو غَضَبٍ أَو حُمَّى. وفي النزيل: وجاءه قومه
يُهْرَعُون إِليه؛ قال أَبو عبيدة: يُسْتَحَثُّون إِليه كأَنه يَحُثُّ بعضهم
بعضاً. وتَهَرَّعَ إِليه: عَجِلَ. قال أَبو العباس: الإِهْراعُ إِسْراعٌ
في طُمَأْنِينةٍ، ثم قيل له: إِسْراعٌ في فَزَعٍ، فقال: نعم. وقال
الكسائي: الإِهْراعُ إِسْراعٌ في رِعْدَةٍ، وقال المهلهل:
فجاؤُوا يُهْرَعُونَ، وهُمْ أُسارَى،
يَقُودُهُمُ على رَغمِ الأُنُوفِ
قال الليث: يُهْرَعُون وهم أُسارى يُساقُون ويُعْجَلُون. يقال: هُرِعُوا
وأُهْرِعُوا. أَبو عبيد: أُهْرِع الرجلُ إِهْراعاً إِذا أَتاكَ وهو
يُرْعَدُ من البَرْدِ، وقد يكون الرجل مُهْرَعاً من الحمى والغضب، وهو حين
يُرْعَدُ، والمُهْرَعُ أَيضاً كالحريص؛ وذكر ذلك كله أَبو عبيد في باب ما
جاء في لفظ مفعول بمعنى فاعل. وقوله تعالى: وهم على آثارِهم يُهْرَعُونَ،
أَي يَسْعَوْن عِجالاً. والعرب تقول: أُهْرِعُوا وهُرِعُوا فهم
مُهْرَعُون ومَهْرُوعُون؛ أَنشد شمر لابن أَحمر يصف الريح:
أَرَبَّتْ عليها كلُّ هَوْجاءَ سَهْوةٍ
زَفُوفِ التَّوالي، رَحْبةِ المُتَنَسَّمِ
إِبارِيّةٍ هَوْجاء، مَوْعِدُها الضُّحَى،
إِذا أَرْزَمَتْ جاءَتْ بِوِرْدٍ غَشَمْشَمِ
زَفُوفٍ نِيافٍ هَيْرَعٍ عَجْرَفِيَّةٍ،
تَرَى البِيدَ، مِنْ إِعْصافِها الجَرْيَ، تَرْتَمي
أَراد بالوِرْد المَطَرَ. ورجُل هَرِعٌ: سَرِيعُ المَشْي. وهَرِعٌ
أَيضاً: سَرِيعُ البُكاءِ. والهَرِعُ: الجاري. وهَرِعَ الشيءُ هَرَعاً، فهو
هَرِعٌ، وهَمَعَ: سال، وقيل: تَتابَعَ في سَيَلانِه؛ قال الشماخ:
عُذَافِرة، كأَنَّ بِذِفْرَيَيْها
كُحَيْلاً، بَضَّ من هَرِعٍ هَمُوعِ
ودم هَرِعٌ أَي جارٍ بَيِّنُ الهَرَعِ، وقد هَرِعَ.
والهَرِعةُ من النساء: المرأَةُ التي تُنْزِلُ حين يخالِطُها الرجل قبله
شَبَقاً وحرْصاً على الرجال. والمَهْرُوعُ: المجنونُ الذي يُصْرَعُ.
يقال: هو مَهْرُوعٌ مَخْفُوعٌ مَمْسُوسٌ. وقال أَبو عمرو: المَهْرُوعُ
المَصْرُوعُ من الجَهْدِ. والهَيْرَعُ: الذي لا يتَماسَكُ، وهو أَيضاً
الجَبانُ الضعيفُ الجَزُوعُ؛ قال ابن أَحمر:
ولَسْتُ بِهَيْرَعٍ خَفِقٍ حَشاه،
إِذا ما طَيَّرَتْه الرِّيحُ طارَا
والهَيْرَعُ والهَيْلَعُ: الضعيفُ. وإِذا أَشْرَعَ القومُ رِماحَهم ثم
مَضَوْا بها قيل: هَرَّعُوا بها. وتَهَرَّعَتِ الرِّماحُ إِذا أَقْبَلَتْ
شَوارِعَ؛ وأَنشد:
عِنْدَ البَدِيهةِ والرِّماحُ تَهَرَّعُ
وهَرَّعَ القومُ الرماحَ وأَهْرَعُوها: أَشْرَعُوها ومضوا بها.
وتَهَرَّعَتْ هي: أَقْبَلَتْ شَوارِعَ.
والهَيْرَعَةُ: الغُولُ كالعَيْهَرةِ. ورِيحٌ هَيْرَعٌ: سَرِيعةُ
الهُبُوب، وقيل: تَسْفِي الترابَ. وريح هَيْرَعَةٌ. قَصِفةٌ تأْتي بالتُّرابِ.
والهَيْرَعةُ: القَصَبة التي يَزْمِرُ فيها الرَّاعِي، وربما سميت
يَراعةً أَيضاً.
والهَرْعةُ والفَرْعةُ: القَمْلة الصغيرة، وقيل: الضَّخْمة،
والهُرْنُوعُ أَكثر، وقيل: الفَرْعةُ والهَرْعةُ والهَيْرعَةُ والخَيْضَعةُ معناها
واحِدٌ.
والهِرْياعُ: سَفِيرُ ورَق الشجر. والهَرِيعةُ: شُجَيرة دَقِيقةُ
الأَغْصان.
ويَهْرَعُ: موضع.
هضض: الهَضُّ والهَضَضُ: كسْر دُونَ الهَدِّ وفوق الرَّضِّ، وقيل: هو
الكَسْرُ عامّةً، هَضَّه يَهُضُّه هَضّاً أَي كسَره ودقَّه فانْهَضَّ، وهو
مَهْضُوض وهَضِيضٌ ومُنْهَضٌّ. والهَضْهَضةُ كذلك إِلا أَنه في عَجَلةٍ
والهَضّ في مُهْلةٍ، جعلوا ذلك كالمَدّ والترْجِيع في الأَصْوات.
واهْتَضَّه: كسَره؛ قال العجاج:
وكان ما اهْتَضَّ الجِحافُ بَهْرَجا،
تَرُدُّ عنها رأْسَها مُشَجَّجا
واهْتَضَضْتُ نفسي لفلان إِذا اسْتَزَدْتَها له. والهَضْهَضَةُ: الفَحْل
الذي يَهُضُّ أَعْناقَ الفُحول. تقول: هو يُهَضْهِضُ الأَعْناقَ. وفَحْل
هَضّاضٌ: يَهُضُّ أَعناقَ الفُحول، وقيل: هو الذي يَصْرَع الرّجل
والبعير ثم يُنْحِي عليه بكَلْكَلِه، وقيل: هَضْهَضَها. والهَضَضُ: التكسر.
أَبو زيد: هَضَضْتُ الحجرَ وغيره هَضّاً إِذا كسرْته ودقَقْتَه. وجاءت
الإِبل تَهُضُّ السيْرَ هَضّاً إِذا أسرَعت، يقال: لشَدَّ ما هَضَّتْ؛ وقال
رَكّاضٌ الدُّبَيْري:
جاءت تَهُضُّ المَشْيَ أَيَّ هَضِّ،
يَدْفَعُ عنها بعضُها عن بَعْضِ
قال ابن الأَعرابي: يقول هي إِبل غَزِيراتٌ فتدْفع أَلبانُها عنها قطعَ
رُؤوسِها كقوله:
حتى فَدَى أَعْناقَهُنّ المَخْضُ
وهَضَّضَ إِذا دَقّ الأَرض برجليه دقّاً شديداً.
والهَضَّاء: الجماعةُ من الناس والخيل، وهي أَيضاً الكَتِيبةُ لأَنها
تهُضُّ الأَشياء أَي تكسرها. الأَصمعي: الهَضَّاء، بتشديد الضاد، الجماعة
من الناس؛ قال الطرمّاحُ:
قد تجَاوَزْتُها بهَضّاء كالجِنّـ
ـة، يُخْفُون بعضَ قَرْعِ الوِفاضِ
وهو فَعْلاء مثل الصحْراء؛ حكاه ثعلب؛ وأَنشد:
إِليه تَلْجَأُ الهَضّاءُ طُرّاً،
فليسَ بقائِلٍ هُجْراً لجارِ
قال ابن بري: البيت لأَبي دُواد يَرْثي أَبا بِجاد وصوابه: هُجْراً
لجادِي، بالدال؛ وأَول القصيد:
مصِيفُ الهَمِّ يَمْنَعُني رُقادي،
إِليَّ فقد تَجافى بي وِسادِي
لفَقْدِ الأَرْيَحِيِّ أَبي بِجادِ،
أَبي الأَضْيافِ في السَّنة الجَمادِ
ابن الفَرج: جاء يَهُزُّ المَشْيَ ويَهُضُّه إِذا مشى مَشْياً حسناً في
تَدافُعٍ؛ أَنشد ابن الأَعرابي فيما رواه ثعلب عنه:
تَرَوَّحَتْ عن حُرُضٍ وحَمْضِ،
جاءتْ تَهُضُّ الأَرضَ أَيَّ هَضِّ
يَدْفَعُ عنها بعضُها عن بَعْضِ،
مَشْيَ العَذارى شِمْنَ عَيْنَ المُغْضي
قال: تهُضُّ تدُقّ؛ يقول: راحَتْ عن حُرُض فجاءت تهُضُّ المشْيَ مَشْيَ
العَذارى، يقول: العَذارى يَنْظُرْن إِلى المُغْضِي الذي ليس بصاحب رِيبة
ويَتَوَقَّيْنَ صاحبَ الرِّيبة، فشبَّه نظر الإِبل بأَعين العذارى
تَغُضُّ عمن لا خيرَ عنده، وشِمْنَ: نظَرْن.
وهَضْهاضٌ وهُضاضٌ وهِضاضٌ، جميعاً: وادٍ؛ قال مالك بن الحرث الهذلي:
إِذا خَلَّفْتُ باطِنَتَيْ سَرارٍ،
وبَطْنَ هُِضاضَ، حيثُ غَدا صُباحُ
أَنت على إِرادة البُقْعة. وهَضّاضٌ ومِهَضٌّ: اسْمانِ.
ضرر: في أَسماء الله تعالى: النَّافِعُ الضَّارُّ، وهو الذي ينفع من
يشاء من خلقه ويضرّه حيث هو خالق الأَشياء كلِّها: خيرِها وشرّها ونفعها
وضرّها. الضَّرُّ والضُّرُّ لغتان: ضد النفع. والضَّرُّ المصدر، والضُّرّ
الاسم، وقيل: هما لغتان كالشَّهْد والشُّهْد، فإِذا جمعت بين الضَّرّ
والنفع فتحت الضاد، وإِذا أَفردت الضُّرّ ضَمَمْت الضاد إِذا لم تجعله مصدراً،
كقولك: ضَرَرْتُ ضَرّاً؛ هكذا تستعمله العرب. أَبو الدُّقَيْش: الضَّرّ
ضد النفع، والضُّر، بالضم، الهزالُ وسوء الحال. وقوله عز وجل: وإِذا مسّ
الإِنسانَ الضُّرُّ دعانا لِجَنْبه؛ وقال: كأَن لم يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ
مسَّه؛ فكل ما كان من سوء حال وفقر أَو شدّة في بدن فهو ضُرّ، وما كان
ضدّاً للنفع فهو ضَرّ؛ وقوله: لا يَضُرّكم كيدُهم؛ من الضَّرَر، وهو ضد
النفع.
والمَضَرّة: خلاف المَنْفعة. وضَرَّهُ يَضُرّه ضَرّاً وضَرّ بِه وأَضَرّ
بِه وضَارَّهُ مُضَارَّةً وضِراراً بمعنى؛ والاسم الضَّرَر. وروي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ في الإسلام؛
قال: ولكل واحد من اللفظين معنى غير الآخر: فمعنى قوله لا ضَرَرَ أَي لا
يَضُرّ الرجل أَخاه، وهو ضد النفع، وقوله: ولا ضِرار أَي لا يُضَارّ كل واحد
منهما صاحبه، فالضِّرَارُ منهما معاً والضَّرَر فعل واحد، ومعنى قوله:
ولا ضِرَار أَي لا يُدْخِلُ الضرر على الذي ضَرَّهُ ولكن يعفو عنه، كقوله
عز وجل: ادْفَعْ بالتي هي أَحسن فإِذا الذي بينك وبينه عداوة كأَنه
ولِيٌّ حَمِيمٌ؛ قال ابن الأَثير: قوله لا ضَرَرَ أَي لا يَضُرّ الرجل أَخاه
فَيَنْقُصه شيئاً من حقه، والضِّرارُ فِعَالٌ من الضرّ، أَي لا يجازيه على
إِضراره بإِدخال الضَّرَر عليه؛ والضَّرَر فعل الواحد، والضِّرَارُ فعل
الاثنين، والضَّرَر ابتداء الفعل، والضِّرَار الجزاء عليه؛ وقيل:
الضَّرَر ما تَضُرّ بِه صاحبك وتنتفع أَنت به، والضِّرار أَن تَضُره من غير أَن
تنتفع، وقيل: هما بمعنى وتكرارهما للتأْكيد.
وقوله تعالى: غير مُضَارّ؛ مَنع من الضِّرَار في الوصية؛ وروي عن أَبي
هريرة: من ضَارَّ في وَصِيَّةٍ أَلقاه الله تعالى في وَادٍ من جهنم أَو
نار؛ والضِّرار في الوصية راجع إِلى الميراث؛ ومنه الحديث: إِنّ الرجلَ
يعمَلُ والمرأَة بطاعة الله ستين سنةً ثم يَحْضُرُهما الموتُ فَيُضَارِران
في الوصية فتجبُ لهما النار؛ المُضارَّةُ في الوصية: أَن لا تُمْضى أَو
يُنْقَصَ بعضُها أَو يُوصى لغير أَهلها ونحو ذلك مما يخالف السُّنّة.
الأَزهري: وقوله عز وجل: ولا يُضَارَّ كاتب ولا شهيد، له وجهان: أَحدهما لا
يُضَارّ فَيُدْعى إِلى أَن يكتب وهو مشغول، والآخر أَن معناه لا يُضَارِرِ
الكاتبُ أَي لا يَكْتُبْ إِلا بالحق ولا يشهدِ الشّاهد إِلا بالحق،
ويستوي اللفظان في الإِدغام؛ وكذلك قوله: لا تُضَارَّ والدةٌ بولدها؛ يجوز أَن
يكون لا تُضَارَرْ على تُفاعَل، وهو أَن يَنْزِع الزوجُ ولدها منها
فيدفعه إِلى مُرْضعة أُخرى، ويجوز أَن يكون قوله لا تُضَارَّ معناه لا
تُضَارِرِ الأُمُّ الأَبَ فلا ترضِعه.
والضَّرَّاءُ: السَّنَة. والضَّارُوراءُ: القحط والشدة.
والضَّرُّ: سوء الحال، وجمعه أَضُرٌّ؛ قال عديّ بن زيد العبّادي:
وخِلالَ الأَضُرّ جَمٌّ من العَيْـ
شِ يُعَفِّي كُلُومَهُنَّ البَواقي
وكذلك الضَّرَرُ والتَّضِرَّة والتَّضُرَّة؛ الأَخيرة مثل بها سيبويه
وفسرها السيرافي؛ وقوله أَنشده ثعلب:
مُحَلًّى بأَطْوَاقٍ عِتاقٍ يُبِينُها،
على الضَّرّ، رَاعي الضأْنِ لو يَتَقَوَّفُ
إِنما كنى به عن سوء حاله في الجهل وقلة التمييز؛ يقول: كرمُه وجوده
يَبِينُ لمن لا يفهم الخير فكيف بمن يفهم؟ والضَّرَّاءُ: نقيض السَّرَّاء.
وفي الحديث: ابْتُلِينَا بالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنا، وابتلينا بالسَّرَّاء
فلم نَصْبِرْ؛ قال ابن الأَثير: الضَّرَّاءُ الحالة التي تَضُرُّ، وهي
نقيض السَّرَّاء، وهما بناءان للمؤنث ولا مذكر لهما، يريد أَنا اخْتُبِرْنا
بالفقر والشدة والعذاب فصبرنا عليه، فلما جاءتنا السَّرَّاءُ وهي الدنيا
والسَّعَة والراحة بَطِرْنا ولم نصبر. وقوله تعالى: وأَخذناهم بالبأْساءِ
والضَّرَّاءِ؛ قيل: الضَّرَّاءُ النقص في الأَموال والأَنفس، وكذلك
الضَّرَّة والضَّرَارَة، والضَّرَرُ: النقصان يدخل في الشيء، يقال: دخل عليه
ضَرَرٌ في ماله. وسئل أَبو الهيثم عن قول الأَعشى:
ثُمَّ وَصّلْت ضَرَّةً بربيع
فقال: الضَّرَّةُ شدة الحال، فَعْلَة من الضَّرّ، قال: والضُّرّ أَيضاً
هو حال الضَّرِيرِ، وهو الزَّمِنُ. والضَّرَّاءُ: الزَّمانة. ابن
الأَعرابي: الضَّرَّة الأَذاة، وقوله عز وجل: غير أُولي الضَّرَر؛ أَي غير أُولي
الزَّمانة. وقال ابن عرفة: أَي غير من به عِلَّة تَضُرّه وتقطعه عن
الجهاد، وهي الضَّرَارَة أَيضاً، يقال ذلك في البصر وغيره، يقول: لا يَسْتَوي
القاعدون والمجاهدون إِلا أُولو الضَّرَرِ فإِنهم يساوون المجاهدين؛
الجوهري: والبَأْساءُ والضَّرَّاء الشدة، وهما اسمان مؤنثان من غير تذكير،
قال الفراء: لو جُمِعَا على أَبْؤُسٍ وأَضُرٍّ كما تجمع النَّعْماء بمعنى
النِّعْمة على أَنْعُم لجاز. ورجل ضَرِيرٌ بَيِّن الضَّرَارَة: ذاهب
البصر، والجمع أَضِرَّاءُ. يقال: رجل ضَرِيرُ البصرِ؛ وإِذا أَضَرَّ به
المرضُ يقال: رجل ضَرِير وامرأَة ضَرِيرَة. وفي حديث البراء: فجاء ابن أُمّ
مكتوم يشكو ضَرَارَتَه؛ الضَّرَارَة ههنا العَمَى، والرجل ضَرِيرٌ، وهي من
الضَّرّ سوء الحال. والضَّرِيرُ: المريض المهزول، والجمع كالجمع،
والأُنثى ضَرِيرَة. وكل شيء خالطه ضُرٌّ، ضَرِيرٌ ومَضْرُورٌ. والضَّرائِرُ:
المَحاويج.
والاضطِرَارُ: الاحتياج إِلى الشيء، وقد اضْطَرَّه إِليه أَمْرٌ، والاسم
الضَّرَّة؛ قال دريد بن الصمة:
وتُخْرِجُ منهُ ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً،
وَطُولُ السُّرَى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ
أَي تَلأْلُؤَ عَضْب، ويروى: ذَرِّيَّ عضب يعني فِرِنْدَ السيف لأَنه
يُشَبَّه بمَدَبِّ النمْلِ.
والضَّرُورةُ: كالضَّرَّةِ. والضِّرارُ: المُضَارَّةُ؛ وليس عليك ضَرَرٌ
ولا ضَرُورةٌ ولا ضَرَّة ولا ضارُورةٌ ولا تَضُرّةٌ. ورجل ذو ضارُورةٍ
وضَرُورةٍ أَي ذُو حاجةٍ، وقد اضْطُرَّ إِلى الشَّيءِ أَي أُلْجئَ إِليه؛
قال الشاعر:
أَثِيبي أَخا صارُورةٍ أَصْفَقَ العِدى
عليه، وقَلَّتْ في الصَّدِيق أَواصِرُهْ
الليث: الضّرُورةُ اسمٌ لمصْدرِ الاضْطِرارِ، تقول: حَمَلَتْني
الضّرُورَةُ على كذا وكذا. وقد اضْطُرّ فلان إِلى كذا وكذا، بِناؤُه افْتَعَلَ،
فَجُعِلَت التاءُ طاءً لأَنَّ التاءَ لم يَحْسُنْ لفْظُه مع الضَّادِ.
وقوله عز وجل: فمن اضطُرّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ؛ أَي فمن أُلْجِئَ إِلى أَكْل
الميْتةِ وما حُرِّم وضُيِّقَ عليه الأَمْرُ بالجوع، وأَصله من
الضّرَرِ، وهو الضِّيقُ. وقال ابن بزرج: هي الضارُورةُ والضارُوراءُ ممدود. وفي
حديث عليّ، عليه السلام، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنَّه نهى عن بيع
المُضْطَرّ؛ قال ابن الأَثير: هذا يكون من وجهين: أَحدُهما أَنْ
يُضْطَرّ إِلى العَقْدِ من طَرِيقِ الإِكْراهِ عليه، قال: وهذا بيعٌ فاسدٌ لا
يَنْعَقِدُ، والثاني أَنْ يُضْطَرَّ إِلى البليعِ لِدَيْن رَكِبَه أَو
مَؤونةٍ ترْهَقُه فيَبيعَ ما في يَدِه بالوَكْسِ للضَّرُروةِ، وهذا سبيلُه في
حَقِّ الدِّينِ والمُروءةِ أَن لا يُبايَعَ على هذا الوجْهِ، ولكن
يُعَان ويُقْرَض إِلى المَيْسَرَةِ أَو تُشْتَرى سِلْعَتُه بقِيمتها، فإِنْ
عُقِدَ البَيْع مع الضرورةِ على هذا الوجْه صحَّ ولم يُفْسَخْ مع كراهةِ
أَهلِ العلْم له، ومعنى البَيْعِ ههنا الشِّراءُ أَو المُبايَعةُ أَو
قَبُولُ البَيْعِ. والمُضْطَرُّ: مُفْتَعَلٌ من الضّرِّ، وأَصْلُه مضْتَرَرٌ،
فأُدْغِمَت الراءُ وقُلِبَت التاءُ طاءً لأَجْلِ الضادِ؛ ومنه حديث ابن
عمر: لا تَبْتَعْ من مُضْطَرٍّ شَيْئاً؛ حملَه أَبو عُبَيْدٍ على
المُكْرَهِ على البَيْعِ وأَنْكَرَ حَمْلَه على المُحْتاج. وفي حديث سَمُرَةَ:
يَجْزِي من الضَّارُورة صَبُوحٌ أَو غَبُوق؛ الضارروةُ لغةٌ في الضّرُورةِ،
أَي إِنَّما يَحِلّ للمُضْطَرّ من المَيْتة أَنْ يأْكُلَ منها ما يسُدُّ
الرَّمَقَ غَداءً أَو عَشاءً، وليس له اين يَجْمعَ بينهما. والضَّرَرُ:
الضِّيقُ. ومكانٌ ذو ضَرَرٍ أَي ضِيقٍ. ومكانٌ ضَرَرٌ: ضَيِّقٌ؛ ومنه قول
ابن مُقْبِل:
ضِيف الهَضْبَةِ الضَّرَر
وقول الأَخطل:
لكلّ قَرارةٍَ منها وفَجٍّ
أَضاةٌ، ماؤها ضَرَرٌ يَمُور
قال ابن الأَعرابي: ماؤها ضرَرٌ أَي ماءٌ نَمِيرٌ في ضِيقٍ، وأَرادَ
أَنَّه غَزِيرٌ كثيرٌ فَمجارِيه تَضِيقُ به، وإِن اتَّسَعَتْ. والمُضِرُّ:
الدَّاني من الشيْءِ؛ قال الأَخْطل:
ظَلَّتْ ظِياءٌ بَني البَكَّاءِ راتِعَةً،
حتى اقْتُنِصْنَ على بُعْدٍ وإِضْرار
وفي حديث معاذ: أَنَّه كان يُصَلِّي فأَضَرَّ به غُصْنٌ فمَدَّ يَده
فكَسَرَهُ؛ قوله: أَضَرَّ به أَي دنا منه دُنُوّاً شديداً فآذاه. وأَضَرَّ
بي فلانٌ أَي دَنا منّي دُنُوّاً شديداً وأَضَرَّ بالطريقِ: دنَا منه ولم
يُخالِطْه؛ قال عبدالله بن عَنْمة
(* قوله: «ابن عنمة» ضبط في الأصل
بسكون النون وضبط في ياقوت بالتحريك). الضَّبِّي يَرْثي بِسْطَامَ ابْنَ
قَيْسٍ:
لأُمِّ الأَرْضِ ويْلٌ ما أَجَنَّتْ
غداةَ أَضَرَّ بالحسَنِ السَّبيلُ؟
(* قوله: «غداة» في ياقوت بحيث).
يُقَسِّمُ مالَه فِينا فَنَدْعُو
أَبا الصَّهْبا، إِذا جَنَحَ الأَصِيلُ
الحَسَنُ: اسمُ رَمْلٍ؛ يَقُولُ هذا على جهة التعجُّبِ، أَي وَيْلٌ
لأُمِّ الأَرْضِ ماذا أَجَنَّت من بِسْطام أَي بحيث دَنَا جَبَلُ الحَسَنِ من
السَّبِيلِ. وأَبو الصهباء: كُنْيَةُ بسْطام. وأَضَرَّ السيْلُ من
الحائط: دَنَا منه. وسَحابٌ مُضِرٌّ أَي مُسِفٌّ. وأَضَرَّ السَّحابُ إِلى
الأَرْضِ: دَنَا، وكلُّ ما دَنا دُنُوّاً مُضَيَّقاً، فقد أَضَرَّ. وفي
الحديث: لا يَضُرُّه أَنْ يَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كانَ له؛ هذه الكلمةُ
يَسْتَعْمِلُها العرَبُ ظاهرُها الإِباحَةُ ومعناها الحَضُّ
والتَّرْغِيبُ.والضَّرِيرُ: حَرْفُ الوادِي. يقال: نَزَلَ فلانٌ على أَحدِ ضِرِيرَي
الوادِي أَي على أَحَدِ جانِبَيْهِ، وقال غيرُه: بإِحْدَى ضَفَّتَيْه.
والضَّرِيرانِ: جانِبا الوادِي؛ قال أَوس بن حَجَر:
وما خَلِيجٌ من المَرُّوتِ ذُو شُعَبٍ،
يَرْمِي الضَّرِيرَ بِخُشْبِ الطَّلْحِ والضَّالِ
واحِدُهما ضَرِيرٌ وجمعُه أَضِرَّةٌ. وإِنه لَذُو ضَرِيرٍ أَي صَبْرٍ
على الشرِّ ومُقَاساةٍ له. والضَّرِيرُخ من النَّاسِ والدوابِّ: الصبُورُ
على كلّ شيء؛ قال:
باتَ يُقاسي كُلَّ نابٍ ضِرزَّةٍ،
شَدِيدة جَفْنِ العَيْنِ ذاتِ ضَريرِ
وقال:
أَما الصُّدُور لا صُدُورَ لِجَعْفَرٍ،
ولكنَّ أَعْجازاً شديداً ضَرِيرُها
الأَصمعي: إِنه لَذُو ضَرِيرٍ على الشيءِ والشِّدَةِ إِذا كان ذا صبرٍ
عليه ومُقَاساةٍ؛ وأَنشد:
وهمَّامُ بْنُ مُرَّةَ ذو ضَرِيرِ
يقال ذلك في الناس والدوابِّ إِذا كان لها صبرٌ على مقاساةِ الشرِّ؛ قال
الأَصمعي في قول الشاعر:
بمُنْسَحَّةِ الآباطِ طاحَ انْتِقالُها
بأَطْرافِها، والعِيسُ باقٍ ضَرِيرُها
قال: ضريرُها شدَّتُها؛ حكاه الباهِليُّ عنه؛ وقول مليح الهذلي:
وإِنِّي لأَقْرِي الهَمَّ، حين يَنوبني،
بُعَيدَ الكَرَى منه، ضَرِيرٌ مُحافِلُ
أَراد مُلازِم شَدِيد. وإِنَّه لَضِرُّ أَضْرارٍ أَي شَدِيدُ
أَشِدَّاءَ، وضِلُّ أَضْلالٍ وصِلُّ أَصْلالٍ إِذا كان داهِيَةً في رأْيه؛ قال أَبو
خراش:
والقوم أَعْلَم لو قُرْطٌ أُرِيدَ بها،
لكِنَّ عُرْوةَ فيها ضِرُّ أَضْرارِ
أَي لا يستنقذه ببَأْسهه وحِيلَهِ. وعُرْوةُ: أَخُو أَبي خِراشٍ، وكان
لأَبي خراشٍ عند قُرْطٍ مِنَّةٌ، وأَسَرَتْ أَزد السَّراةِ عُرْوةَ فلم
يحمَد نيابَة قُرْطٍ عنْه في أَخيه:
إِذا لَبُلَّ صَبِيُّ السَّيْفِ من رَجُلٍ
من سادةِ القَومِ، أَوْ لالْتَفَّ بالدَّار
الفراء: سمعت أَبَا ثَروانَ يقول: ما يَضُرُّكَ عليها جارِيَةً أَي ما
يَزِيدُكَ؛ قال: وقال الكسائي سمعتهم يقولون ما يَضُرُّكَ على الضبِّ
صَبْراً، وما يَضِيرُكَ على الضبِّ صَبْراً أَي ما يَزِيدُكَ. ابن
الأَعرابي: ما يَزِيدُك عليه شيئاً وما يَضُرُّكَ عليه شيئاً، واحِدٌ. وقال ابن
السكيت في أَبواب النفي: يقال لا يَضُرُّك عليه رجلٌ أَي لا تَجِدُ رجلاً
يَزِيدُكَ على ما عند هذا الرجل من الكفاية، ولا يَضُرُّكَ عليه حَمْلٌ
أَي لا يَزِيدُك. والضَّرِيرُ: اسمٌ للْمُضَارَّةِ، وأَكْثُر ما
يُسْتَعْمَل في الغَيْرةِ. يقال: ما أَشَدَّ ضَرِيرَه عَلَيها. وإِنه لذُو ضَرِيرٍ
على امرأَته أَي غَيْرة؛ قال الراجز يصف حماراً:
حتى إِذا ما لانَ مِنْ ضَرِيرِه
وضارّه مُضارَّةً وضِراراً: خالَفَه؛ قال نابغةُ بنِي جَعْدة:
وخَصْمَيْ ضِرارٍ ذَوَيْ تُدْارَإِ،
متى باتَ سِلْمُها يَشْغَبا
وروُي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قيل له: أَنَرَى رَبَّنا يومَ
القيامةِ؟ فقال: أَتُضارُّونَ في رُؤْيَةِ الشمْسِ في غيرِ سَحابٍ؟
قالوا: لا، قال: فإِنَّكم لا تُضارُّون في رُؤْيتِه تباركَ وتعالى؛ قال أَبو
منصور: رُوِي هذا الحرفُ بالتشديد من الضُّرّ، أَي لا يَضُرُّ بعضُكم
بَعْضاً، وروي تُضارُونَ، بالتخفيف، من الضَّيْرِ. ومعناهما واحدٌ؛ ضارَهُ
ضَيْراً فضَرَّه ضَرّاً، والمعنى لا يُضارُّ بعْضُكم بعْضاً في رُؤْيَتِهِ
أَي لا يُضايِقُه ليَنْفَرِدَ برُؤْيتِه. والضرَرُ: الضِّيقُ، وقيل: لا
تُضارُّون في رُؤْيته أَي لا يُخالِفُ بعضُكم بعضاً فيُكَذِّبُه. يقال:
ضارَرْت الرجُلَ ضِراراً ومُضارَّةً إِذا خالَفْته، قال الجوهري: وبعضُهم
يقول لا تَضارّون، بفتح التاء، أَي لا تَضامُّون، ويروى لا تَضامُّون في
رُؤْيته أَي لا يَنْضمُّ بعضُكم إِلى بعْضٍ فيُزاحِمُه ويقولُ له:
أَرِنِيهِ، كما يَفْعَلُون عند، النَّظَرِ إِلى الهِلالِ، ولكن يَنْفَردُ كلٌّ
منهم برُؤْيته؛ ويروى: لا تُضامُون، بالتخفيف، ومعناه لا يَنالُكْم
ضَيْمٌ في رؤيته أَي تَرَوْنَه حتى تَسْتَوُوا في الرُّؤْيَةِ فلا يَضِيم
بعضُكم بعْضاً. قال الأَزهري: ومعاني هذه الأَلفاظِ، وإِن اخْتلفت،
مُتَقارِبةٌ، وكلُّ ما رُوِي فيه فهو صحيحٌ ولا يَدْفَعُ لَفْظٌ منها لفظاً، وهو
من صحاح أَخْبارِ سيّدِنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، وغُرَرِها ولا
يُنْكِرُها إِلاَّ مُبْتَدِعٌ صاحبُ هَوًى؛ وقال أَبو بكر: مَنْ رواه: هل
تَضارُّون في رؤيته، مَعْناه هل تَتَنازَعون وتَخْتَلِفون، وهو
تَتَفاعلُونَ من الضَّرارِ، قال: وتفْسيرُ لا تُضارُّون لا يقعُ بِكُم في رؤيته
ضُرٌّ، وتُضارُون، بالتخفيف، من الضَّيْرِ، وهو الضُّرُّ، وتُضامُون لا
يَلْحَقُكم في رؤيته ضَيْمٌ؛ وقال ابنُ الأَثير: رُوِيَ الحديثُ بالتخفيف
والتَّشْديد، فالتشْديدُ بمعنى لا تَتَخالَفُون ولا تَتَجادلُون في صِحّةِ
النَّظر إِليه لِوُضُوحِه وظُهُوره، يقال: ضارَّةُ يُضارُّه مِثْل
ضَرَّه يَضُرُّه، وقيل: أَرادَ بالمُضارّةِ الاجْتِمَاعَ والازْدحامَ عند
النَّظرِ إِليه، وأَما التخْفيفُ فهو من الضَّيرِ لُغَة في الضرِّ،
والمَعْنَى فيه كالأَوّل، قال ابن سيده: وأَما مَنْ رواه لا تُضارُون في رؤيته على
صيغةِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه فهو من المُضايقَةِ، أَي لا تَضامُّون
تَضامّاً يَدْنُو به بعضُكم من بعضٍ فتُضايَقُون.
وضَرَّةُ المَرْأَةِ: امرأَةُ زَوْجِها. والضَّرَّتان: امرأَتا الرجُلِ،
كلُّ واحدَةٍ منهما ضَرَّةٌ لصاحِبَتِها، وهو من ذلك، وهُنَّ الضرائِرُ،
نادِرٌ؛ قال أَبو ذُؤَيب يصِفُ قُدُوراً:
لَهُنَّ نَشُيجٌ بالنَّضِيل كأَنَّها
ضَرائِرُ جِرْمِيٍّ، تَفاحَشَ غارُها
وهي الضِّرُّ. وتزوَّجَ على ضِرٍّ وضُرٍّ أَي مُضارَّة بينَ
امْرَأَتينِ، ويكون الضِّرُّ للثَّلاثِ. وحَكى كُراعٌ: تَزوَّجْتُ المرأَةَ على
ضِرٍّكُنَّ لَها، فإِذا كان كذلك فهو مَصْدَرٌ على طَرْح الزائدِ أَو جَمْعٌ
لا واحدَ له. والإِضْرارُ: التزْويجُ على ضَرَّةٍ؛ وفي الصحاح: أَنْ
يتزوّجَ الرجلُ على ضَرَّةِ؛ ومنه قيل: رجلٌ مُضِرٌّ وامرأَةٌ مُضِرٌّ.
والضِّرُّ، بالكَسْرِ: تزوُّجُ المرأَةِ على ضَرَّةٍ. يقال: نكَحْتُ فُلانة
على ضُرٍّ أَي على امرأَةٍ كانت قبْلَها. وحكى أَبو عبدالله الطُّوَالُ:
تَزَوَّجْتُ المرأَةَ على ضِرٍّ وضُرٍّ، بالكسر والضمِّ. وامرأَةٌ مُضِرٌّ
أَيضاً: لها ضرائر، يقالُ فلانٌ صاحبُ ضِرٍّ، ويقال: امرأَةٌ مُضِرٌّ
إِذا كان لها ضَرَّةٌ، ورجلٌ مُضِرٌّ إِذا كان له ضَرائرُ، وجمعُ الضَّرَّةِ
ضرائرُ. والضَّرَّتانِ: امرأَتانِ للرجل، سُمِّيتا ضَرَّتَينِ لأَنَّ
كلَّ زاحدةٍ منهما تُضارُّ صاحِبتَها، وكُرِهَ في الإِسْلامِ أَن يقالَ لها
ضَرَّة، وقيل: جارةٌ؛ كذلك جاء في الحديث. الأَصمعي: الإِضْرارُ
التزْوِيجُ على ضَرَّةٍ؛ يقال منه: رجلٌ مُضِرٌّ وامرأَةٌ مُضرٌّ، بغير هاء. ابن
بُزُرج: تزوج فلانٌ امرأَةً، إِنَّها إِلى ضَرَّةِ غِنًى وخَيرٍ. ويقال:
هو في ضَرَرِ خَيرٍ وإِنه لفي طَلَفَةِ خيرٍ وضفَّة خير وفي طَثْرَةِ
خيرٍ وصَفْوَةٍ من العَيْشِ. وقوله في حديث عَمْرو بن مُرَّةَ: عند
اعْتِكارِ الضرائرِ؛ هي الأُمُور المُخْتَلِفَةُ كضرائرِ النساءِ لا
يَتَّفِقْنِ، واحِدتُها ضَرَّةٌ.
والضَّرَّتانِ: الأَلْيةُ من جانِبَيْ عَظْمِها، وهُما الشَّحْمتان، وفي
المحكم: اللَّحْمتانِ اللَّتانِ تَنْهَدلانِ من جانِبَيْها. وضَرَّةُ
الإِبْهام: لَحْمَةٌ تحتَها، وقيل: أَصْلُها، وقيل: هي باطنُ الكَفِّ
حِيالَ الخِنْصَرِ تُقابِلُ الأَلْيةَ في الكَفِّ. والضَّرَّةُ: ما وَقَع عليه
الوطْءُ من لَحْمِ باطنِ القَدَمِ مما يَلي الإِبْهامَ. وضَرَّةُ
الضَّرْعِ: لَحْمُها، والضَّرْعُ يذكّر ويؤنث. يقال: ضَرَّةٌ شَكْرَى أَي
مَلأَى من اللَّبَنِ. والضَّرَّةُ: أَصلُ الضرْعِ الذي لا يَخْلُو من اللَّبَن
أَو لا يكادُ يَخْلُو منه، وقيل: هو الضرْعُ كلُّه ما خَلا الأَطباءَ،
ولا يسمى بذلك إِلاَّ أَن يكونَ فيه لَبنٌ، فإِذا قَلَصَ الضرْعُ وذهَبَ
اللَبنُ قيل له: خَيْفٌ، وقيل: الضَّرَّةُ الخِلْفُ؛ قال طرفة يصف نعجة:
من الزَّمِراتِ أَسْبَلَ قادِماها،
وضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرُورُ
وفي حديث أُمّ مَعْبَدٍ: له بصَرِيحٍ ضَرَّةُ الشاةِ مُزبِد؛
الضَّرَّةُ: أَصْلُ الضرْعِ. والضرَّةُ: أَصْلُ الثَّدْيِ، والجمعُ من ذلك كُلِّه
ضرائرُ، وهو جَمْعٌ نادِرٌ؛ أَنشد ثعلب:
وصار أَمْثَالَ الفَغَا ضَرائِرِي
إِنما عَنَى بالضرائرِ أَحدَ هذه الأَشياءِ المُتَقَدّمَةِ. والضرَّةُ:
المالُ يَعْتَمِدُ عليه الرجلُ وهو لغيره من أقارِبه، وعليه ضَرَّتانِ
من ضأْنٍ ومعَزٍ. والضرَّةُ: القِطْعَةُ من المال والإِبلِ والغنمِ، وقيل:
هو الكثيرُ من الماشيةِ خاصَّةً دُون العَيْرِ. ورجلٌ مُضِرٌّ: له
ضَرَّةٌ من مالٍ. الجوهري: المُضِرّ الذي يَروحُ عليه ضَرَّةٌ من المال؛ قال
الأَشْعَرُ الرَّقَبانُ الأَسَدِيّ جاهِليّ يَهْجُو ابن عمِّه رضوان:
تَجانَفَ رِضْوانُ عن ضَيْفِه،
أَلَمْ يَأْتِ رِضْوانَ عَنِّي النُّدُرْ؟
بِحَسْبك في القَوم أَنْ يَعْلَمُوا
بأَنَّك فيهمْ غَنيٌّ مُضِرْ
وقد علم المَعْشَرُ الطَّارِحون
بأَنَّكَ، للضَّيْفِ، جُوعٌ وقُرْ
وأَنتَ مَسِيخٌ كَلَحْمِ الحُوار،
فلا أَنَتَ حُلْوٌ، ولا أَنت مُرْ
والمَسِيخ: الذي لا طَعْمَ له. والضَّرّة: المالُ الكثيرُ.
والضَّرّتانِ: حَجَر الرّحى، وفي المحكم: الرحَيانِ. والضَّرِير: النفْسُ وبَقِيَّةُ
الجِسْمِ؛ قال العجاج:
حامِي الحُمَيَّا مَرِس الضَّرِيرِ
ويقال: ناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ إِذا كانت شَدِيدةَ النفْسِ بَطِيئةَ
اللُّغُوبِ، وقيل: الضَّرِير بقيةُ النفْسِ وناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ: مُضِرَّةٌ
بالإِبل في شِدَّةِ سَيْرِها؛ وبه فُسِّرَ قولُ أُمَيَّة بن عائذٍ
الهذلي:تُبارِي ضَرِيسٌ أُولاتِ الضَّرِير،
وتَقْدُمُهُنّ عَتُوداً عَنُونا
وأَضَرَّ يَعْدُو: أَسْرَعَ، وقيل: أَسْرعَ بَعْضَ الإِسْراعِ؛ هذه
حكاية أَبي عبيد؛ قال الطوسي: وقد غَلِظَ، إِنما هو أَصَرَّ.
والمِضْرارُ من النِّساءِ والإِبِلِ والخَيْلِ: التي تَنِدُّ وتَرْكَبُ
شِدْقَها من النَّشاطِ؛ عن ابن الأَعرابي: وأَنشد:
إِذْ أَنت مِضْرارٌ جَوادُ الخُضْرِ،
أَغْلَظُ شيءٍ جانباً بِقُطْرِ
وضُرٌّ: ماءٌ معروف؛ قال أَبو خراش:
نُسابِقُِم على رَصَفٍ وضُرٍّ،
كدَابِغةٍ، وقد نَغِلَ الأَدِيمُ
وضِرارٌ: اسمُ رجلٍ. ويقال: أَضَرَّ الفرسُ على فأْسِ اللَّجامَ إِذا
أَزَمَ عليه مثل أَضَزَّ، بالزاي. وأَضَرَّ فلانٌ على السَّيرِ الشديدِ أَي
صَبَرَ. وإِنه لَذُو ضَرِيرٍ على الشيء إِذا كان ذا صبْر عليه ومُقاساة
له؛ قال جرير:
طَرَقَتْ سَوَاهِمَ قد أَضَرَّ بها السُّرَى،
نَزَحَتْ بأَذْرُعِها تَنائِفَ زُورَا
من كلِّ جُرْشُعَةِ الهَواجِرِ، زادَها
بُعْدُ المفاوِزِ جُرْأَةً وضَرِيرَا
من كلِّ جُرْشُعَة أَي من كل ناقةٍ ضَخْمَةٍ واسعةِ الجوفِ قَوِيَّةٍ في
الهواجر لها عليها جُرْأَةٌ وصبرٌ، والضمير في طَرَقَتُْ يعُودُ على
امرأَة تقدّم ذكرُها، أَي طَرقَتَهْم وهُمْ مسافرون، أَراد طرقت أَصْحابَ
إِبِلٍ سَوَاهِمَ ويُريدُ بذلك خيالَها في النَّومِ، والسَّواهِمُ:
المَهْزُولةُ، وقوله: نَزَحَتْ بأَذْرُعِها أَي أَنْفَدَت طُولَ التنائف
بأَذْرُعِها في السير كما يُنْفَذُ ماءُ البِئْرِ بالنَّزْحِ. والزُّورُ: جمع
زَوْراءَ. والتَّنائِفُ: جمع تَنُوفَةٍ، وهي الأَرْضُ القَفْرُ، وهي التي
لا يُسارُ فيها على قَصْدٍ بل يأْخذون فيها يَمْنَةً ويَسْرَةً.