Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=116561#c4ba15
بويَسْقي
انظر: يَسْقِي.
انظر: يَسْقِي.
خلنج: الخَلَنْجُ: شجر فارسي مُعَرَّبٌ تتخذ من خشبه الأَواني؛ قال عبد
الله بن قيس الرُّقَيَّاتِ:
يلبس الحيش بالحيوش، ويسقي
لبَنَ البُخْتِ في عِسَاسِ الخَلَنْجِ
(* قوله «يلبس الحيش بالحيوش
ويسقي» كذا بالأصل. وفي شرح القاموس: ويلبس الجيش بالجيوش ويسقي. وفيه في
مادة ب خ ت وأَنشد لابن قيس الرقيات:
ان يعش مصعب فأنا بخير * قد أتانا من عيشنا ما نرجي
يهب الأَلف والخيول ويسقي * لبن البخت في قصاع الخلنج)
والجمع الخَلانِجُ؛ قال هِمْيانُ بن قحافة:
حتى إِذا ما قَضَتِ الحَوَائِجا،
ومَلأَتْ حُلاَّبُها الخَلانِجا
منها، وثَمُّوا الأَوْطُبَ النَّواشِجا
وقيل: هو كل جفنة وصحفة وآنية صنعت من خشب ذي طرائق وأَساريع
مُوَشَّاةٍ.
عبد: العبد: الإِنسان، حرّاً كان أَو رقيقاً، يُذْهَبُ بذلك إِلى أَنه
مربوب لباريه، جل وعز. وفي حديث عمر في الفداء: مكانَ عَبْدٍ عَبْدٌ، كان
من مذهب عمر، رضي الله عنه، فيمن سُبيَ من العرب في الجاهلية وأَدركه
الإِسلام، وهو عند من سباه، أَن يُرَدَّ حُرّاً إِلى نسبه وتكون قيمته عليه
يؤَدّيها إِلى من سباه، فَجَعل مكان كل رأْس منهم رأْساً من الرقيق؛
وأَما قوله: وفي ابن الأَمة عَبْدان، فإِنه يريد الرجل العربي يتزوّج أَمة
لقوم فتلد منه ولداً فلا يجعله رقيقاً، ولكنه يُفْدَى بعبدين، وإِلى هذا
ذهب الثوري وابن راهويه، وسائرُ الفقهاء على خلافه. والعَبْدُ: المملوك
خلاف الحرّ؛ قال سيبويه: هو في الأَصل صفة، قالوا: رجل عَبْدٌ، ولكنه
استُعمل استعمال الأَسماء، والجمع أَعْبُد وعَبِيد مثل كَلْبٍ وكَليبٍ، وهو
جَمْع عَزيزٌ، وعِبادٌ وعُبُدٌ مثل سَقْف وسُقُف؛ وأَنشد الأَخفش:
انْسُبِ العَبْدَ إِلى آبائِه،
أَسْوَدَ الجِلْدَةِ من قَوْمٍ عُبُدْ
ومنه قرأَ بعضُهم: وعُبُدَ الطاغوتِ؛ ومن الجمع أَيضاً عِبْدانٌ،
بالكسر، مثل جِحْشانٍ. وفي حديث عليّ: هؤُلاء قد ثارت معهم عِبْدانُكم.
وعُبْدانٌ، بالضم: مثل تَمْرٍ وتُمْرانٍ. وعِبِدَّان، مشدّدة الدال، وأَعابِدُ
جمع أَعْبُدٍ؛ قال أَبو دواد الإِيادي يصف ناراً:
لَهنٌ كَنارِ الرأْسِ، بالْـ
ـعَلْياءِ، تُذْكيها الأَعابِدْ
ويقال: فلان عَبْدٌ بَيِّن العُبُودَة والعُبودِيَّة والعَبْدِيَّةِ؛
وأَصل العُبودِيَّة الخُضوع والتذلُّل. والعِبِدَّى، مقصور، والعبدَّاءُ،
ممدود، والمَعْبوداء، بالمد، والمَعْبَدَة أَسماءُ الجمع. وفي حديث أَبي
هريرة: لا يَقُل أَحدكم لمملوكه عَبْدي وأَمَتي وليقل فتايَ وفتاتي؛ هذا
على نفي الاستكبار عليهم وأَنْ يَنْسُب عبوديتهم إِليه، فإِن المستحق لذلك
الله تعالى هو رب العباد كلهم والعَبيدِ، وجعل بعضهم العِباد لله،
وغيرَه من الجمع لله والمخلوقين، وخص بعضهم بالعِبِدَّى العَبيدَ الذين
وُلِدوا في المِلْك، والأُنثى عَبْدة. قال الأَزهري: اجتمع العامة على تفرقة ما
بين عِباد الله والمماليك فقالوا هذا عَبْد من عِباد الله، وهو لاء
عَبيدٌ مماليك. قال: ولا يقال عَبَدَ يَعْبُدُ عِبادة إِلا لمن يَعْبُد الله،
ومن عبد دونه إِلهاً فهو من الخاسرين. قال: وأَما عَبْدٌ خَدَمَ مولاه
فلا يقال عَبَدَه. قال الليث: ويقال للمشركين هم عَبَدَةُ الطاغوت، ويقال
للمسلمين عِبادُ الله يعبدون الله. والعابد: المُوَحِّدُ. قال الليث:
العِبِدَّى جماعة العَبِيد الذين وُلِدوا في العُبودِيَّة تَعْبِيدَةٌ ابن
تعبيدة أَي في العُبودة إِلى آبائه، قال الأَزهري: هذا غلط، يقال: هؤلاء
عِبِدَّى الله أَي عباده. وفي الحديث الذي جاء في الاستسقاء: هؤلاء
عِبِدَّاكَ بِفِناءِ حَرَمِك؛ العِبِدَّاءُ، بالمد والقصر، جمع العبد. وفي حديث
عامر بن الطفيل: أَنه قال للنبي، صلى الله عليه وسلم: ما هذه العِبِدَّى
حوْلَك يا محمد؟ أَراد فقَراءَ أَهل الصُّفَّة، وكانوا يقولون اتَّبَعَه
الأَرذلون. قال شمر: ويقال للعبيد مَعْبَدَةٌ؛ وأَنشد للفرزدق:
وما كانت فُقَيْمٌ، حيثُ كانت
بِيَثْرِبَ، غيرَ مَعْبَدَةٍ قُعودِ
قال الأَزهري: ومثلُ مَعْبَدة جمع العَبْد مَشْيَخَةٌ جمع الشيْخ،
ومَسْيَفة جمع السَّيْفِ. قال اللحياني: عَبَدْتُ الله عِبادَة ومَعْبَداً.
وقال الزجاج في قوله تعالى: وما خلقتُ الجنّ والإِنس إِلا ليعبدون، المعنى
ما خلقتهم إِلا لأَدعوهم إِلى عبادتي وأَنا مريد للعبادة منهم، وقد علم
الله قبل أن يخلقهم من يعبده ممن يكفر به، ولو كان خلقهم ليجبرهم على
العبادة لكانوا كلهم عُبَّاداً مؤمنين؛ قال الأَزهري: وهذا قول أَهل السنَّة
والجماعة. والَعبْدَلُ: العبدُ، ولامه زائدة.
والتِّعْبِدَةُ: المُعْرِقُ في المِلْكِ، والاسم من كل ذلك العُبودةُ
والعُبودِيَّة ولا فعل له عند أَبي عبيد؛ وحكى اللحياني: عَبُدَ عُبودَة
وعُبودِية. الليث: وأَعْبَدَه عبداً مَلَّكه إِياه؛ قال الأَزهري: والمعروف
عند أَهل اللغة أَعْبَدْتُ فلاناً أَي استَعْبَدْتُه؛ قال: ولست
أُنْكِرُ جواز ما قاله الليث إِن صح لثقة من الأَئمة فإِن السماع في اللغات
أَولى بنا من خَبْطِ العَشْواءِ، والقَوْلِ بالحَدْس وابتداعِ قياساتٍ لا
تَطَّرِدُ. وتَعَبَّدَ الرجلَ وعَبَّده وأَعْبَدَه: صيَّره كالعَبْد،
وتَعَبَّدَ اللَّهُ العَبْدَ بالطاعة أَي استعبده؛ وقال الشاعر:
حَتَّامَ يُعْبِدُني قَوْمي، وقد كَثُرَت
فيهمْ أَباعِرُ، ما شاؤوا، وعِبْدانُ؟
وعَبَّدَه واعْتَبَده واستعبده؛ اتخذه عَبْداً؛ عن اللحياني؛ قال رؤبة:
يَرْضَوْنَ بالتَّعْبِيدِ والتَّأَمِّي
أَراد: والتَّأْمِيَةِ. يقال: تَعَبَّدْتُ فلاناً أَي اتخذْتُه عَبْداً
مثل عَبَّدْتُه سواء. وتأَمَّيْتُ فلانة أَي اتخذْتُها أَمَة. وفي
الحديث: ثلاثة أَنا خَصْمُهم: رجل اعْتَبَدَ مُحَرَّراً، وفي رواية: أَعبَدَ
مُحَرَّراً أَي اتخذه عبداً، وهو أَن يُعْتِقَه ثم يكْتمه إِياه، أَو
يَعْتَقِلَه بعد العِتْقِ فَيَسْتَخْدِمَهُ كُرْهاً، أَو يأْخذ حُرًّا
فيدَّعيه عَبداً. وفي التنزيل: وتلك نِعْمَةٌ تَمُنُّها عليّ أَنْ عَبَّدْتَ بني
إِسرائيل؛ قال الأَزهري: وهذه آية مشكلة وسنذكر ما قيل فيها ونخبر
بالأَصح الأَوضح. قال الأَخفش في قوله تعالى: وتلك نعمة، قال: يقال هذا
استفهام كأَنه قال أَو تلك نعمة تمنها عليّ ثم فسر فقال: أَن عَبَّدْتَ بني
إِسرائيل، فجعله بدلاً من النعمة؛ قال أَبو العباس: وهذا غلط لا يجوز أَن
يكون الاستفهام مُلْقًى وهو يُطْلَبُ، فيكون الاستفهام كالخبر؛ وقد
استُقْبِحَ ومعه أَمْ وهي دليل على الاستفهام، استقبحوا قول امرئ
القيس:تروحُ مِنَ الحَيِّ أَم تَبْتَكِرْ
قال بعضهم: هو أَتَروحُ مِنَ الحَيِّ أَم تَبْتَكِر فحذفُ الاستفهام
أَولى والنفي تام؛ وقال أَكثرهم: الأَوّل خبر والثاني استفهام فأَما وليس
معه أَم لم يقله إِنسان. قال أَبو العباس: وقال الفراء: وتلك نعمة تمنها
عليّ، لأَنه قال وأَنت من الكافرين لنعمتي أَي لنعمة تربيتي لك فأَجابه
فقال: نعم هي نعمة عليّ أَن عبَّدْت بني إسرائيل ولم تستعبدني، فيكون موضع
أَن رفعاً ويكون نصباً وخفضاً، من رفع ردّها على النعمة كأَنه قال وتلك
نعمة تمنها عليّ تَعْبِيدُك بني إِسرائيل ولم تُعَبِّدْني، ومن خفض أَو نصب
أَضمر اللام؛ قال الأَزهري: والنصب أَحسن الوجوه؛ المعنى: أَن فرعون لما
قال لموسى: أَلم نُرَبِّك فينا وليداً ولبثت فينا من عُمُرِكَ سنين،
فاعْتَدَّ فرعون على موسى بأَنه ربَّاه وليداً منذُ وُلدَ إِلى أَن كَبِرَ
فكان من جواب موسى له: تلك نعمة تعتدّ بها عليّ لأَنك عبَّدْتَ بني
إِسرائيل، ولو لم تُعَبِّدْهم لكَفَلَني أَهلي ولم يُلْقُوني في اليمّ، فإِنما
صارت نعمة لما أَقدمت عليه مما حظره الله عليك؛ قال أَبو إِسحق: المفسرون
أَخرجوا هذه على جهة الإِنكار أَن تكون تلك نعمة، كأَنه قال: وأَيّ
نعمة لك عليّ في أَن عَبَّدْتَ بني إِسرائيل، واللفظ لفظ خبر؛ قال: والمعنى
يخرج على ما قالوا على أَن لفظه لفظ الخبر وفيه تبكيت المخاطب، كأَنه قال
له: هذه نعمة أَنِ اتَّخَذْتَ بني إِسرائيلَ عَبيداً ولم تتخذني عبداً.
وعَبُدَ الرجلُ عُبودَةً وعُبودِيَّة وعُبِّدَ: مُلِكَ هو وآباؤَه من
قبلُ.
والعِبادُ: قَوْمٌ من قَبَائِلَ شَتَّى من بطونِ العرب اجتمعوا على
النصرانية فأَِنِفُوا أَن يَتَسَمَّوْا بالعَبِيدِ وقالوا: نحن العِبادُ،
والنَّسَبُ إِليه عِبادِيّ كأَنصاِريٍّ، نزلوا بالحِيرَة، وقيل: هم العَباد،
بالفتح، وقيل لِعَبادِيٍّ: أَيُّ حِمَارَيْكَ شَرٌّ؟ فقال: هذا ثم هذا.
وذكره الجوهري: العَبادي، بفتح العين؛ قال ابن بري: هذا غلط بل مكسور
العين؛ كذا قال ابن دريد وغيره؛ ومنه عَدِيُّ بن زيد العِبادي، بكسر العين،
وكذا وجد بخط الأَزهري.
وعَبَدَ اللَّهَ يَعْبُدُه عِبادَةً ومَعْبَداً ومَعْبَدَةً: تأَلَّه
له؛ ورجل عابد من قوم عَبَدَةٍ وعُبُدٍ وعُبَّدٍ وعُبَّادٍ.
والتَّعَبُّدُ: التَّنَسُّكُ.
والعِبادَةُ: الطاعة.
وقوله تعالى: قل هل أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ من ذلك مَثُوبَةً عند الله من
لعنه الله وغَضِبَ عليه وجعل منهم القِرَدَة والخنازير وعبَدَ الطاغوتَ؛
قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو والكسائي وعَبَدَ الطاغوتَ،
قال الفراء: وهو معطوف على قوله عز وجل: وجعل منهم القِرَدَةَ والخنازير
ومَن عَبَدَ الطاغوتَ؛ وقال الزجاج: قوله: وعَبدَ الطاغوتَ، نسق على مَن
لعنه الله؛ المعنى من لعنه الله ومن عبَدَ الطاغوتَ من دون الله عز وجل،
قال وتأْويلُ عبدَ الطاغوتَ أَي أَطاعه يعني الشيطانَ فيما سَوّلَ له
وأَغواه؛ قال: والطاغوتُ هو الشيطان. وقال في قوله تعالى: إِياك نعبد؛ أَي
نُطِيعُ الطاعةَ التي يُخْضَعُ معها، وقيل: إِياك نُوَحِّد، قال: ومعنى
العبادةِ في اللغة الطاعةُ مع الخُضُوعِ، ومنه طريقٌ مُعَبَّدٌ إِذا كان
مذللاً بكثرة الوطءِ. وقرأَ يحيى بن وَثَّاب والأَعمش وحمزة: وعَبُدَ
الطاغوتِ، قال الفراء: ولا أَعلم له وجهاً إِلا أَن يكون عَبُدَ بمنزلة
حَذُرٍ وعَجُلٍ. وقال نصر الرازي: عَبُدَ وَهِمَ مَنْ قرأَه ولسنا نعرف ذلك في
العربية. قال الليث: وعَبُدَ الطاغوتُ معناه صار الطاغوتُ يُعْبَدُ كما
يقال ظَرُفَ الرجل وفَقُه؛ قال الأَزهري: غلط الليث في القراءة والتفسير،
ما قرأَ أَحد من قرَّاء الأَمصار وغيرهم وعَبُدَ الطاغوتُ، برفع
الطاغوت، إِنما قرأَ حمزة وعَبُدَ الطاغوتِ وأَضافه؛ قال: والمعنى فيما يقال
خَدَمُ الطاغوتِ، قال: وليس هذا بجمع لأَن فَعْلاً لا يُجْمَعُ على فَعُلٍ
مثل حَذُرٍ ونَدُسٍ، فيكون المعنى وخادِمَ الطاغوتِ؛ قال الأَزهري: وذكر
الليث أَيضاً قراءة أُخرى ما قرأَ بها أَحد قال وهي: وعابدو الطاغوتِ
جماعة؛ قال: وكان رحمه الله قليل المعرفة بالقراآت، وكان نَوْلُه أَن لا
يَحكي القراآتِ الشاذَّةَ وهو لا يحفظها، والقارئ إِذا قرأَ بها جاهل، وهذا
دليل أَن إِضافته كتابه إِلى الخليل بن أَحمد غير صحيح، لأَن الخليل كان
أَعقل من أَن يسمي مثل هذه الحروف قراآت في القرآن ولا تكون محفوظة
لقارئ مشهور من قراء الأَمصار، ونسأَل الله العصمة والتوفيق للصواب؛ قال ابن
سيده: وقُرِئَ وعُبُدَ الطاغوتِ جماعةُ عابِدٍ؛ قال الزجاج: هو جمع
عَبيدٍ كرغيف ورُغُف؛ وروي عن النخعي أَنه قرأَ: وعُبْدَ الطاغوتِ، بإِسكان
الباء وفتح الدال، وقرئ وعَبْدَ الطاغوتِ وفيه وجهان: أَحدهما أَن يكون
مخففاً من عَبُدٍ كما يقال في عَضُدٍ عَضْدٌ، وجائز أَن يكون عَبْدَ اسم
الواحد يدل على الجنس ويجوز في عبد النصب والرفع، وذكر الفراء أَن
أُبَيًّا وعبد الله قرآ: وعَبَدوا الطاغوتَ؛ وروي عن بعضهم أَنه قرأَ:
وعُبَّادَ الطاغوتِ، وبعضهم: وعابِدَ الطاغوتِ؛ قال الأَزهري: وروي عن ابن عباس:
وعُبِّدَ الطاغوتُ، وروي عنه أَيضاً: وعُبَّدَ الطاغوتِ، ومعناه عُبَّاد
الطاغوتِ؛ وقرئ: وعَبَدَ الطاغوتِ، وقرئ: وعَبُدَ الطاغوتِ. قال
الأَزهري: والقراءة الجيدة التي لا يجوز عندي غيرها هي قراءة العامّة التي بها
قرأَ القرّاء المشهورون، وعَبَدَ الطاغوتَ على التفسير الذي بينته
أَوّلاً؛ وأَما قَوْلُ أَوْسِ بن حَجَر:
أَبَنِي لُبَيْنَى، لَسْتُ مُعْتَرِفاً،
لِيَكُونَ أَلأَمَ مِنْكُمُ أَحَدُ
أَبَني لُبَيْنى، إِنَّ أُمَّكُمُ
أَمَةٌ، وإِنَّ أَباكُمُ عَبُدُ
فإِنه أَراد وإِن أَباكم عَبْد فَثَقَّل للضرورة، فقال عَبُدُ لأَن
القصيدة من الكامل وهي حَذَّاء. وقول الله تعالى: وقومهما لنا عابدون؛ أَي
دائنون. وكلُّ من دانَ لملك فهو عابد له. وقال ابن الأَنباري: فلان عابد
وهو الخاضع لربه المستسلم المُنْقاد لأَمره. وقوله عز وجل: اعبدوا ربكم؛
أَي أَطيعوا ربكم. والمتعبد: المنفرد بالعبادة. والمُعَبَّد: المُكَرَّم
المُعَظَّم كأَنه يُعْبَد؛ قال:
تقولُ: أَلا تُمْسِكْ عليكَ، فإِنَّني
أَرى المالَ عندَ الباخِلِينَ مُعَبَّدَا؟
سَكَّنَ آخِرَ تُمْسِكْ لأَنه تَوَهَّمَ سِكُعَ
(* هكذا في الأصل.) مَنْ
تُمْسِكُ عليكَ بِناءً فيه ضمة بعد كسرة، وذلك مستثقل فسكن، كقول جرير:
سِيروا بَني العَمِّ، فالأَهْوازُ مَنْزِلُكم
ونَهْرُ تِيرَى، ولا تَعْرِفْكُمُ العَربُ
والمُعَبَّد: المُكَرَّم في بيت حاتم حيث يقول:
تقولُ: أَلا تُبْقِي عليك، فإِنَّني
أَرى المالَ عند المُمْسِكينَ مُعَبَّدا؟
أَي مُعَظَّماً مخدوماً. وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مُكَرَّم.
والعَبَدُ: الجَرَبُ، وقيل: الجربُ الذي لا ينفعه دواء؛ وقد عَبِدَ
عَبَداً.
وبعير مُعَبَّد: أَصابه ذلك الجربُ؛ عن كراع.
وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مهنوء بالقَطِران؛ قال طرفة:
إِلى أَن تَحامَتْني العَشِيرَةُ كُلُّها،
وأُفْرِدْتُ إِفْرادَ البعيرِ المُعَبَّدِ
قال شمر: المُعَبَّد من الإِبل الذي قد عُمَّ جِلدُه كلُّه بالقَطِران؛
ويقال: المُعَبَّدُ الأَجْرَبُ الذي قد تساقط وَبَرهُ فأُفْرِدَ عن
الإِبل لِيُهْنَأَ، ويقال: هو الذي عَبَّدَه الجَرَبُ أَي ذَلَّلَهُ؛ وقال ابن
مقبل:
وضَمَّنْتُ أَرْسانَ الجِيادِ مُعَبَّداً،
إِذا ما ضَرَبْنا رأْسَه لا يُرَنِّحُ
قال: المُعَبَّد ههنا الوَتِدُ. قال شمر: قيل للبعير إِذا هُنِئَ
بالقَطِرانِ مُعَبَّدٌ لأَنه يتذلل لِشَهْوَتِه القَطِرانَ وغيره فلا يمتنع.
وقال أَبو عدنان: سمعت الكلابيين يقولون: بعير مُتَعَبِّدٌ ومُتَأَبِّدٌ
إِذا امتنع على الناس صعوبة وصار كآبِدَةِ الوحش. والمُعَبَّدُ: المذلل.
والتعبد: التذلل، ويقال: هو الذي يُترَك ولا يركب. والتعبيد: التذليل.
وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مُذَلَّلٌ. وطريق مُعَبَّد: مسلوك مذلل، وقيل: هو الذي
تَكْثُرُ فيه المختلفة؛ قال الأَزهري: والمعبَّد الطريق الموطوء في
قوله:وَظِيفاً وَظِيفاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ
وأَنشد شمر:
وبَلَدٍ نائي الصُّوَى مُعَبَّدِ،
قَطَعْتُه بِذاتِ لَوْثٍ جَلْعَدِ
قال: أَنشدنيه أَبو عدنانَ وذكر أَن الكلابية أَنشدته وقالت: المعبَّد
الذي ليس فيه أَثر ولا علَم ولا ماء والمُعَبَّدة: السفينة المُقَيَّرة؛
قال بشر في سفينة ركبها:
مُعَبَّدَةُ السَّقائِفِ ذاتُ دُسْرٍ،
مُضَبَّرَةٌ جَوانِبُها رَداحُ
قال أَبو عبيدة: المُعَبَّدةُ المَطْلِيَّة بالشحم أَو الدهن أَو القار؛
وقول بشر:
تَرى الطَّرَقَ المُعَبَّدَ مِن يَدَيها،
لِكَذَّانِ الإِكامِ به انْتِضالُ
الطَّرَقُ: اللِّينُ في اليَدَينِ. وعنى بالمعبَّد الطرََق الذي لا
يُبْس يحدث عنه ولا جُسُوءَ فكأَنه طريق مُعَبَّد قد سُهِّلَ وذُلِّلَ.
والتَّعْبِيدُ: الاسْتِعْبَادُ وهو أَن يَتَّخِذَه عَبْداً وكذلك
الاعْتِبادُ. وفي الحديث: ورجلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّراً، والإِعبادُ مِثْلُه
وكذلك التَّعَبُّد؛ وقال:
تَعَبَّدَني نِمْرُ بن سَعْدٍ، وقد أُرَى
ونِمْرُ بن سَعْدٍ لي مُطيعٌ ومُهْطِعُ
وعَبِدَ عليه عَبَداً وعَبَدَةً فهو عابِدٌ وعَبدٌ: غَضِب؛ وعدّاه
الفرزدق بغير حرف فقال:
علام يَعْبَدُني قَوْمي، وقد كَثُرَتْ
فيهم أَباعِرُ، ما شاؤوا، وعُبِدانُ؟
أَنشده يعقوب وقد تقدّمت رواية من روى يُعْبِدُني؛ وقيل: عَبِدَ عَبَداً
فهو عَبِدٌ وعابِدٌ: غَضِبَ وأَنِفَ، والاسم العَبَدَةُ. والعَبَدُ: طول
الغضب؛ قال الفراء: عَبِد عليه وأَحِنَ عليه وأَمِدَ وأَبِدَ أَي
غَضِبَ. وقال الغَنَوِيُّ: العَبَدُ الحُزْن والوَجْدُ؛ وقيل في قول
الفرزدق:أُولئِكَ قَوْمٌ إِنْ هَجَوني هَجَوتُهم،
وأَعْبَدُ أَن أَهْجُو كُلَيْباً بِدارِمِ
أَعبَدُ أَي آنَفُ؛ وقال ابن أَحمر يصف الغَوَّاص:
فأَرْسَلَ نَفْسَهُ عَبَداً عَلَيها،
وكان بنَفْسِه أَرِباً ضَنِينا
قيل: معنى قوله عَبَداً أَي أَنَفاً. يقول: أَنِفَ أَن تفوته الدُّرَّة.
وفي التنزيل: قل إِن كان للرحمن ولدٌ فأَنا أَول العابدين، ويُقْرأُ:
العَبِدينَ؛ قال الليث: العَبَدُ، بالتحريك، الأَنَفُ والغَضَبُ
والحَمِيَّةُ من قَوْلٍ يُسْتَحْيا منه ويُسْتَنْكَف، ومن قرأَ العَبِدِينَ فهو
مَقْصُورٌ من عَبِدَ يَعْبَدُ فهو عَبِدٌ؛ وقال الأَزهري: هذه آية مشكلة
وأَنا ذاكر أَقوال السلف فيها ثم أُتْبِعُها بالذي قال أَهل اللغة وأُخبر
بأَصحها عندي؛ أَما القول الذي قاله الليث في قراءَة العبدين، فهو قول أَبي
عبيدة على أَني ما علمت أَحداً قرأَ فأَنا أَول العَبِدين، ولو قرئَ
مقصوراً كان ما قاله أَبو عبيدة محتملاً، وإِذ لم يقرأْ به قارئ مشهور لم
نعبأْ به، والقول الثاني ما روي عن ابن عيينة أَنه سئل عن هذه الآية
فقال: معناه إِن كان للرحمن ولد فأَنا أَوّل العابدين، يقول: فكما أَني لست
أَول من عبد الله فكذلك ليس لله ولد؛ وقال السدي: قال الله لمحمد: قل إِن
كان على الشرط للرحمن ولد كما تقولون لكنت أَوّل من يطيعه ويعبده؛ وقال
الكلبي: إِن كان ما كان وقال الحسن وقتادة إِن كان للرحمن ولد على معنى ما
كان، فأَنا أَوّل العابدين أَوّل من عبد الله من هذه الأُمة؛ قال
الكسائي: قال بعضهم إِن كان أَي ما كان للرحمن فأَنا أَول العابدين أَي
الآنفين، رجل عابدٌ وعَبِدٌ وآنِف وأَنِفٌ أَي الغِضاب الآنفين من هذا القول،
وقال فأَنا أَول الجاحدين لما تقولون، ويقال أَنا أَوَّل من تَعبَّده على
الوحدانية مُخالَفَةً لكم. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه، وقيل له: أَنت
أَمرت بقتل عثمان أَو أَعَنْتَ على قتله فَعَبِدَ وضَمِدَ أَي غَضِبَ
غَضَبَ أَنَفَةٍ؛ عَبِدَ، بالكسر، يَعْبَدُ عَبَداً، بالتحريك، فهو عابِدٌ
وعَبِدٌ؛ وفي رواية أُخرى عن علي، كرم الله وجهه، أَنه قال: عَبِدْتُ
فصَمَتُّ أَي أَنِفْتُ فسَكَتُّ؛ وقال ابن الأَنباري: ما كان للرحمن ولد،
والوقف على الولد ثم يبتدئ: فأَنا أَوّل العابدين له، على أَنه ولد له والوقف
على العابدين تامّ. قال الأَزهري: قد ذكرت الأَقوال وفيه قول أَحْسَنُ
من جميع ما قالوا وأَسْوَغُ في اللغة وأَبْعَدُ من الاستكراه وأَسرع إِلى
الفهم. روي عن مجاهد فيه أَنه يقول: إِن كان لله ولد في قولكم فأَنا
أَوّل من عبد الله وحده وكذبكم بما تقولون؛ قال الأَزهري: وهذا واضح، ومما
يزيده وضوحاً أَن الله عز وجل قال لنبيِّه: قل يا محمد للكفار إِن كان
للرحمن ولد في زعمكم فأَنا أَوّل العابدين إِلهَ الخَلْق أَجمعين الذي لم يلد
ولم يولد، وأَوّل المُوَحِّدِين للرب الخاضعين المطيعين له وحده لأَن من
عبد الله واعترف بأَنه معبوده وحده لا شريك له فقد دفع أَن يكون له ولد
في دعواكم، والله عز وجل واحد لا شريك له، وهو معبودي الذي لا ولَدَ له
ولا والِدَ؛ قال الأَزهري: وإِلى هذا ذهب إِبراهيم بن السريِّ وجماعة من
ذوي المعرفة؛ قال: وهو الذي لا يجوز عندي غيره.
وتَعَبَّدَ كَعَبِدَ؛ قال جرير:
يَرَى المُتَعَبَّدُونَ عليَّ دُوني
حِياضَ المَوْتِ، واللُّجَجَ الغِمارا
وأَعْبَدُوا به: اجتمعوا عليه يضربونه. وأُعْبِدَ بِفُلانٍ: ماتَتْ
راحِلَتُه أَو اعْتَلَّت أَو ذهَبَتْ فانْقُطِعَ به، وكذلك أُبْدِعَ به.
وعَبَّدَ الرجلُ: أَسْرعَ. وما عَبَدَك عَنِّي أَي ما حَبَسَك؛ حكاه ابن
الأَعرابي. وعَبِدَ به: لَزِمَه فلم يُفارِقْه؛ عنه أَيضاً. والعَبَدَةُ:
البَقاءُ؛ يقال: ليس لِثَوبِك عَبَدَةٌ أَي بَقاءٌ وقوّة؛ عن اللحياني.
والعَبَدَةُ: صَلاءَةُ الطيِّب. ابن الأَعرابي: العَبْدُ نَبات طَيِّبُ
الرائحة؛ وأَنشد:
حَرَّقَها العَبْدُ بِعُنْظُوانِ،
فاليَوْمُ منها يومُ أَرْوَنانِ
قال: والعَبْدُ تُكلَفُ به الإِبلُ لأَنه مَلْبَنَة مَسْمَنَةٌ، وهو
حارُّ المِزاجِ إِذا رَعَتْهُ الإِبِلُ عَطِشَتْ فطلَبَت الماء.
والعَبَدَةُ: الناقة الشديدة؛ قال معن بن أَوس:
تَرَى عَبَداتِهِنَّ يَعُدْنَ حُدْباً،
تُناوِلُهَا الفَلاةُ إِلى الفلاةِ
وناقةٌ ذاتُ عَبَدَةٍ أَي ذاتُ قوَّةٍ شديدةٍ وسِمَنٍ؛ وقال أَبو دُوادٍ
الإِيادِيُّ:
إِن تَبْتَذِلْ تَبْتَذِلْ مِنْ جَنْدَلٍ خَرِسٍ
صَلابَةً ذاتَ أَسْدارٍ، لهَا عَبَدَه
والدراهمُ العَبْدِيَّة: كانت دراهمَ أَفضل من هذه الدراهم وأَكثر
وزناً. ويقال: عَبِدَ فلان إِذا نَدِمَ على شيء يفوته يلوم نفسه على تقصير ما
كان منه.
والمِعْبَدُ: المِسْحاةُ. ابن الأَعرابي: المَعَابِدُ المَساحي
والمُرورُ؛ قال عَدِيّ بن زيد العِبَادِي:
إِذ يَحْرُثْنَه بالمَعَابِدِ
(* قوله «إذ يحرثنه إلخ» في شرح القاموس:
وملك سليمان بن داود زلزلت * دريدان إذ يحرثنه
بالمعابد)
وقال أَبو نصر: المَعَابِدُ العَبيدُ.
وتَفَرَّقَ القومُ عَبادِيدَ وعَبابيدَ؛ والعَباديدُ والعَبابيدُ: الخيل
المتفرقة في ذهابها ومجيئها ولا واحد له في ذلك كله، ولا يقع إِلا في
جماعة ولا يقال للواحد عبْدِيدٌ. الفراء: العباديدُ والشَّماطِيطُ لا
يُفْرَد له واحدٌ؛ وقال غيره: ولا يُتكلم بهما في الإِقبال إِنما يتكلم بهما
في التَّفَرُّق والذهاب. الأَصمعيُّ: يقال صاروا عَبادِيدَ وعَبابيدَ أَي
مُتَفَرِّقِين؛ وذهبوا عَباديدَ كذلك إِذا ذهبوا متفرقين. ولا يقال
أَقبلوا عَبادِيدَ. قالوا: والنسبة إِليهم عَبَادِيدِيُّ؛ قال أَبو الحسن
ذهَبَ إِلى أَنه لو كان له واحدٌ لَرُدَّ في النسب إِليه. والعبادِيدُ:
الآكامُ. والعَبادِيدُ: الأَطرافُ البعيدة؛ قال الشماخ:
والقَوْمُ آتَوْكَ بَهْزٌ دونَ إِخْوَتِهِم،
كالسَّيْلِ يَرْكَبُ أَطرافَ العَبَادِيدِ
وبَهْزٌ: حيٌّ من سُلَيمٍ. قال: هي الأَطرافُ البعيدة والأَشياء
المتفَرِّقةُ. قال الأَصمعي: العَبابيدُ الطُّرُقُ المختلفة.
والتَّعْبيدُ: من قولك ما عَبَّدَ أَن فعَلَ ذلك أَي ما لَبِثَ؛ وما
عَتَّمَ وما كَذَّبَ كُلُّه: ما لَبِثَ. ويقال انثَلَّ يَعْدُو وانْكَدَرَ
يَعْدُو وعَبَّدَ يَعْدُو إِذا أَسْرَع بعضَ الإِسْراعِ.
والعَبْدُ: واد معروف في جبال طيء.
وعَبُّودٌ: اسم رجل ضُرِبَ به المَثَلُ فقيل: نامَ نَوْمَةَ عَبُّودٍ،
وكان رجلاً تَماوَتَ على أَهله وقال: انْدُبِيني لأَعلم كيف تَنْدبينني،
فندبته فمات على تلك الحال؛ قال المفضل بن سلمة: كان عَبُّودٌ عَبْداً
أَسْوَدَ حَطَّاباً فَغَبَر في مُحْتَطَبِه أُسبوعاً لم ينم، ثم انصرف وبقي
أُسبوعاً نائماً، فضرب به المثل وقيل: نام نومةَ عَبُّودٍ.
وأَعْبُدٌ ومَعْبَدٌ وعُبَيْدَةُ وعَبَّادٌ وعَبْدٌ وعُبادَةُ وعابِدٌ
وعُبَيْدٌ وعِبْدِيدٌ وعَبْدانُ وعُبَيْدانُ، تصغيرُ عَبْدانَ، وعَبِدَةُ
وعَبَدَةُ: أَسماءٌ. ومنه علقمةُ بن عَبَدَة، بالتحريك، فإِما أَن يكون
من العَبَدَةِ التي هي البَقاءُ، وإِما أَن يكون سمي بالعَبَدَة التي هي
صَلاءَةُ الطِّيبِ، وعَبْدة بن الطَّبيب، بالتسكين. قال سيبويه: النَّسب
إِلى عَبْدِ القيس عَبْدِيٌّ، وهو من القسم الذي أُضيف فيه إِلى الأَول
لأَنهم لو قالوا قيسي، لالتبس بالمضاف إِلى قَيْس عَيْلانَ ونحوه، وربما
قالوا عَبْقَسِيٌّ؛ قال سويد بن أَبي كاهل:
وهْمْ صَلَبُوا العَبْدِيَّ في جِذْعِ نَخْلَةٍ،
فلا عَطَسَتْ شَيْبانُ إِلاَّ بِأَجْدَعَا
قال ابن بري: قوله بِأَجْدَعَا أَي بأَنْفٍ أَجْدَعَ فحَذَفَ الموصوف
وأَقام صفته مكانه.
والعَبيدتانِ: عَبيدَةُ بنُ معاوية وعَبيدَةُ بن عمرو. وبنو عَبيدَة:
حيٌّ، النسب إِليه عُبَدِيٌّ، وهو من نادر معدول النسب. والعُبَيْدُ،
مُصَغَّرٌ: اسم فرس العباس بن مِرْداسٍ؛ وقال:
أَتَجْعَلُ نَهْبي ونَهْبَ العُبَيْـ
ـدِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ والأَقْرَعِ؟
وعابِدٌ: موضع. وعَبُّودٌّ: موضع أَو جبلُ. وعُبَيْدانُ: موضع.
وعُبَيْدانُ: ماءٌ منقطع بأَرض اليمن لا يَقْرَبُه أَنِيسٌ ولا وَحْشٌ؛ قال
النابغة:
فهَلْ كنتُ إِلاَّ نائياً إِذْ دَعَوْتَني،
مُنادَى عُبَيْدانَ المُحَلاَّءِ باقِرُهْ
وقيل: عُبَيْدانُ في البيت رجل كان راعياً لرجل من عاد ثم أَحد بني
سُوَيْدٍ وله خبر طويل؛ قال الجوهري: وعُبَيْدانُ اسم واد يقال إِن فيه حيَّة
قد مَنَعَتْه فلا يُرْعَى ولا يؤتى؛ قال النابغة:
لِيَهْنَأْ لكم أَنْ قد نَفَيْتُمْ بُيوتَنا،
مُنَدَّى عُبَيْدانَ المُحَلاَّءِ باقِرُهْ
يقول: نفيتم بيوتنا إِلى بُعْدٍ كبُعْدِ عُبَيْدانَ؛ وقيل: عبيدان هنا
الفلاة. وقال أَبو عمرو: عبيدان اسم وادي الحية؛ قال ابن بري: صواب
إِنشاده: المُحَلِّئِ باقِرَه، بكسر اللام من المُحَلِّئِ وفتح الراء من
باقِرَه، وأَوّل القصيدة:
أَلا أَبْلِغَا ذُبيانَ عَنِّي رسالة،
فقد أَصْبَحَتْ عن مَنْهَجِ الحَقِّ جائِرَهْ
وقال: قال ابن الكلبي: عُبَيْدانُ راع لرجل من بني سُوَيْدِ بن عاد وكان
آخر عاد، فإِذا حضر عبيدان الماء سَقَى ماشيته أَوّل الناس وتأَخر الناس
كلهم حتى يسقي فلا يزاحمه على الماء أَحد، فلما أَدرك لقمان بن عاد
واشتدّ أَمره أَغار على قوم عبيدان فقتل منهم حتى ذلوا، فكان لقمان يورد
إِبلهُ فَــيَسْقِي ويَسْقِي عُبَيْدانُ ماشيته بعد أَن يَسْقِيَ لقمان فضربه
الناس مثلاً. والمُنَدَّى: المَرْعَى يكون قريباً من الماء يكون فيه
الحَمْضُ، فإِذا شربت الإِبلُ أَوّل شربة نُخِّيَتْ إِلى المُنَدَّى لترعى
فيه، ثم تعاد إِلى الشرب فتشرب حتى تَرْوَى وذلك أَبقى للماءِ في أَجوافها.
والباقِرُ: جماعة البَقَر. والمُحَلِّئُ: المانع. الفرَّاء: يقال صُكَّ
به في أُمِّ عُبَيْدٍ، وهي الفلاةُ، وهي الرقَّاصَةُ. قال: وقلت للعتابي:
ما عُبَيْدٌ؟ فقال: ابن الفلاة؛ وعُبَيْدٌ في قول الأَعشى:
لم تُعَطَّفْ على حُوارٍ، ولم يَقْـ
ـطَعْ عُبَيْدٌ عُرُوقَهَا مِن خُمالِ
اسم بَيْطارٍ. وقوله عز وجل: فادْخُلِي في عِبادي وادْخُلي جَنَّتي؛ أَي
في حِزْبي. والعُبَدِيُّ: منسوب إِلى بَطْنٍ من بني عَدِيِّ بن جَنابٍ
من قُضاعَةَ يقال لهم بنو العُبَيْدِ، كما قالوا في النسبة إِلى بني
الهُذَيْل هُذَلِيٌّ، وهم الذين عناهم الأَعشى بقوله:
بَنُو الشَّهْرِ الحَرامِ فَلَسْتَ منهم،
ولَسْتَ من الكِرامِ بَني العُبَيْدِ
قال ابن بَرِّيٍّ: سَبَبُ هذا الشعر أَن عَمْرو بنَ ثعلبةَ بنِ الحَرِث
بنِ حضْرِ بنِ ضَمْضَم بن عَدِيِّ بن جنابٍ كان راجعاً من غَزاةٍ، ومعه
أُسارى، وكان قد لقي الأَعشى فأَخذه في جملة الأُسارى، ثم سار عمرو حتى
نزل عند شُرَيْحِ بنِ حصْنِ بن عمران بن السَّمَوْأَل بن عادياء فأَحسن
نزله، فسأَل الأَعشى عن الذي أَنزله، فقيل له هو شريح بن حِصْنٍ، فقال:
والله لقد امْتَدَحْتُ أَباه السَّمَوْأَل وبيني وبينه خلَّةٌ، فأَرسل
الأَعشى إِلى شريح يخبره بما كان بينه وبين أَبيه، ومضى شريح إِلى عمرو بن
ثعلبة فقال: إِني أُريد أَنْ تَهَبَنِي بعضَ أُساراكَ هؤلاء، فقال: خذ منهم
مَنْ شِئتَ، فقال: أَعطني هذا الأَعمى، فقال: وما تصنع بهذا الزَّمِنِ؟ خذ
أْسيراً فِداؤُه مائةٌ أَو مائتان من الإِبل، فقال: ما أُريدُ إِلا هذا
الأَعمى فإِني قد رحمته، فوهبه له، ثم إِنَّ الأَعشى هجا عمرو بن ثعلبة
ببيتين وهما هذا البيت «بنو الشهر الحرام» وبعده:
ولا مِنْ رَهْطِ جَبَّارِ بنِ قُرْطٍ،
ولا مِن رَهْطِ حارثَةَ بنِ زَيْدِ
فبلغ ذلك عمرو بن ثعلبة فأَنْفَذ إِلى شريح أَنْ رُدَّ عليَّ هِبَتي،
فقال له شريح: ما إِلى ذلك سبيل، فقال: إِنه هجاني، فقال شُرَيْحٌ: لا
يهجوك بعدها أَبداً؛ فقال الأَعشى يمدح شريحاً:
شُرَيْحُ، لا تَتْرُكَنِّي بعدما عَلِقَتْ،
حِبالَكَ اليومَ بعد القِدِّ، أَظْفارِي
يقول فيها:
كُنْ كالسَّمَوْأَلِ إِذْ طافَ الهُمامُ به
في جَحْفَلٍ، كَسَوادِ الليلِ، جَرَّارِ
بالأَبْلَقِ الفَرْدِ مِن تَيْماءَ مَنْزِلهُ،
حِصْنٌ حَصِينٌ، وجارٌ غيرُ غدَّارِ
خَيَّرَه خُطَّتَيْ خَسْفٍ، فقال له:
مَهْمَا تَقُلْه فإِني سامِعٌ حارِي
فقال: ثُكْلٌ وغَدْرٌ أَنتَ بينهما،
فاخْتَرْ، وما فيهما حَظٌّ لمُخْتارِ
فَشَكَّ غيرَ طويلٍ ثم قال له:
أُقْتُلْ أَسِيرَكَ إِني مانِعٌ جاري
وبهذا ضُرِبَ المثلُ في الوفاء بالسَّمَوْأَلِ فقيل: أَوفى مِنَ
السَّمَوْأَل. وكان الحرث الأَعرج الغساني قد نزل على السموأَل، وهو في حصنه،
وكان ولده خارج الحصن فأَسره الغساني وقال للسموأَل: اختر إِمّا أَن
تُعْطِيَني السِّلاحَ الذي أَوْدَعك إِياه امرُؤُ القيس، وإِمّا أَن أَقتل
ولدك؛ فأَبى أَن يعطيه فقتل ولده.
والعَبْدانِ في بني قُشَيْرٍ: عبد الله بن قشير، وهو الأَعور، وهو ابن
لُبَيْنى، وعبد الله بن سَلَمَةَ بن قُشَير، وهو سَلَمَةُ الخير.
والعَبيدَتانِ: عَبيدَةُ ابن معاويةَ بن قُشَيْر، وعَبيدَةُ بن عمرو بن معاوية.
والعَبادِلَةُ: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبدالله بن عمرو بن
العاص.طرد: الطَّرْدُ: الشَّلُّ؛ طَرَدَه يَطْرُدُه طَرْداً وطَرَداً
وطَرَّده؛ قال:
فأُقْسِمُ لولا أَنَّ حُدْباً تَتابَعَتْ
عليَّ، ولم أَبْرَحْ بِدَيْنٍ مُطَرَّدا
حُدْباً: يعني دَواهِيَ، وكذلك اطَّرَدَه؛ قال طريح:
أَمْسَتْ تُصَفِّقُها الجَنُوب، وأَصْبَحَتْ
زَرْقاءَ تَطَّرِدُ القَذَى بِحِباب
والطَّرِيدُ: المَطْرُودُ من الناس، وفي المحكم المَطْرُود، والأُنثى
طَريدٌ وطَريدة؛ وجمعهما مَعاً طَرائِدُ. وناقة طَريدٌ، بغير هاء: طُرِدَتْ
فَذُهِبَ بها كذلك، وجمعها طَرائِدُ. ويقال: طَردْتُ فلاناً فَذَهَبَ،
ولا يقال فاطَّرَدَ. قال الجوهري: لا يُقالُ مِن هذا انْفَعَلَ ولا
افْتَعَلَ إِلا في لغة رديئة.
والطَّرْدُ: الإِبْعَادُ، وكذلك الطَّرَدُ، بالتحريك. والرجل مَطْرُودٌ
وطَريدٌ. ومرَّ فُلانٌ يَطْرُدُهم أَي يَشُلُّهم ويَكْسَو هُمْ.
وطَرَدْتُ الإِبِلَ طَرْداً وطَرَداً أَي ضَمَمْتُها من نواحيها، وأَطْرَدْتُها
أَي أَمرتُ بِطَرْدِها.
وفلانٌ أَطْرَدَه السلطان إِذا أَمر بإِخْراجه عن بَلَده. قال ابن
السكيت: أَطْرَدْتُه إِذا صَيَّرْتَه طريداً، وطَرَدْتُه إِذا نَفَيْتَه عنك
وقلتَ له: اذهب عنا. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَطْرَدْنا
المُعْتَرفِينَ. يقال: أَطْرَدَه السلطانُ وطَرَدَه أَخرجه عن بَلدِه، وحَقِيقَتُه
أَنه صيَّره طريداً. وطَرَدْتُ الرجل طَرْداً إِذا أَبْعَدته، وطَرَدْتُ
القومَ إِذا أَتَيْتَ عليهم وجُزْتَهُم. وفي حديث قيام الليل: هو قُرْبَةٌ
إِلى الله تعالى ومَطْرَدَةُ الداء عن الجَسَد أَي أَنها حالةٌ من شأْنها
إِبْعادُ الداء أَو مكانٌ يَخْتَصُّ به ويُعْرَفُ، وهي مَفْعَلة من
الطَّرْدِ. والطَّريدُ: الرجل يُولَدُ بعدَ أَخيه فالثاني طَريدُ الأَول؛
يقال: هو طريدُه. والليل والنهار طَريدان، كلُّ واحد منهما طريد صاحبه؛ قال
الشاعر:
يُعيدانِ لي ما أَمضيا، وهما معاً
طَريدانِ لاَ يَسْتَلْهِيان قَرارِي
وبَعِيرٌ مُطَّرِدٌ: وهو المتتابع في سيره ولا يَكْبو؛ قال أَبو النجم:
فَعُجْتُ مِنْ مُطَّرِدٍ مَهْديّ
وطَرَدْتُ الرجل إِذا نَحَّيْتَهُ. وأَطْرَدَ الرجلَ: جعله طَريداً
ونفاه. ابن شميل: أَطرَدْتُ الرجل جعلته طريداً لا يأْمن. وطَرَدْتُه:
نَحَّيْتُه ثم يَأْمَنُ. وطَرَدَتِ الكِلابُ الصَّيْدَ طَرْداً: نَحَّتْه
وأَرهَقَتْه. قال سيبويه: يقال طَرَدْتُه فذهب، لا مضارع له من لفظه.
والطريدة: ما طَرَدْتَ من صَيْدٍ وغيره. طَرَّادٌ: واسع يَطَّرِدُ فيه
السَّرابُ. ومكان طَرَّادٌ أَي واسعٌ. وسَطْحُ طَرَّادٌ: مستو واسع؛ ومنه
قول العجاج:
وكم قَطَعْنا من خِفافٍ حُمْسِ،
غُبْرِ الرِّعانِ ورِمالٍ دُهْسِ،
وصَحْصَحَانٍ قَذَفٍ كالتُّرْسِ،
وعْرٍ، نُسامِيها بِسَيْرٍ وَهْسِ،
والوَعْسِ والطَّرَّادِ بَعْدَ الوَعْسِ
قوله نُسامِيها أَي نُغالبها. بسَيْرٍ وهْسٍ أَي ذي وَطْءٍ شديد. يقال:
وهسه أَي وَطِئَه وَطْأً شديداً يَهِسُه وكذلك وعَسَه؛ وخَرَج فلان
يَطْرُد حمر الوحش. والريح تَطْرُد الحصَى والجَوْلانَ على وجْه الأَرض، وهو
عَصْفُها وذَهابُها بِها. والأَرضُ ذاتُ الآلِ تَطْرُد السَّرابَ طَرْداً؛
قال ذو الرمة:
كأَنه، والرَّهاءُ المَرْتُ يَطْرُدُه،
أَغراسُ أَزْهَر تحتَ الريح مَنْتوج
واطَّرَدَ الشيءُ: تَبِعَ بعضُه بعضاً وجرى. واطَّرَدَ الأَمرُ:
استقامَ. واطَّرَدَتِ الأَشياءُ إِذا تَبِعَ بعضُها بعضاً. واطَّرَدَ الكلامُ
إِذا تتابَع. واطَّرَدَ الماءُ إِذا تتابَع سَيَلانُه؛ قال قيس بن
الخطيم:أَتَعْرِفُ رَسْماً كاطِّرادِ المَذاهِبِ
أَراد بالمَذاهب جلوداً مُذْهَبَةً بخطوط يرى بعضها في إِثر بعض فكأَنها
مُتَتابعَة؛ وقولُ الراعي يصف الإِبل واتِّباعَها مواضع القطر:
سيكفيكَ الإِلهُ ومُسْنَماتٌ،
كَجَنْدَلِ لُبْنَ، تَطّرِدُ الصِّلالا
أَي تَتَتابَعُ إِلى الارَضِين الممطورة لتشرب منها فهي تُسْرِعُ
وتَسْتَمرُّ إِليها، وحذَفَ فأَوْصَلَ الفعل وأَعْمَلَه.
والماءُ الطَّرِدُ: الذي تَخُوضه الدوابُّ لأَنها تَطَّرِدُ فيه وتدفعه
أَي تتتابع. وفي حديث قتادة في الرجل يَتَوَضَّأُ بالماءِ الرَّمَلِ
والماءِ الطَّرِدِ؛ هو الذي تَخُوضه الدوابُّ.
ورَمْلٌ مُتَطارِد: يَطْرُدُ بعضُه بعضاً ويتبعه؛ قال كثير عزة:
ذَكَرتُ ابنَ ليْلى والسَّماحَةَ، بعدَما
جَرَى بينَنا مُورُ النَّقَا المُتطَارِد
وجَدْوَلٌ مُطَّرِدٌ: سريعُ الجَرْيَة. والأَنهارُ تطَّرِدُ أَي تَجْري.
وفي حديث الإِسراء: وإِذا نَهْران يَطَّرِدان أَي يَجْرِيان وهما
يَفْتَعِلان. وأَمرٌ مُطَّردٌ: مستقيم على جهته.
وفلان يَمْشي مَشْياً طِراداً أَي مستقيماً.
والمُطارَدَة في القتال: أَن يَطْرُدَ بعضُهم بعضاً. والفارس
يَسْتَطْرِدُ لِيَحْمِلَ عليه قِرْنُه ثم يَكُرُّ عليه، وذلك أَنه يَتَحَيَّزُ في
اسْتِطْرادِه إِلى فئته وهو يَنْتَهِزُ الفُرْصة لمطاردته، وقد
اسْتَطْرَدَ له وذلك ضَرْب من المَكِيدَة. وفي الحديث: كنت أُطارِدُ حيَّةً أَي
أَخْدَعُها لأَصِيدَها؛ ومنه طِرادُ الصَّيْد. ومُطارَدَة الأَقران
والفُرْسان وطِرادُهم: هو أَن يَحْمِلَ بعضهم على بعض في الحرب وغيرها. يقال: هم
فرسان الطِّرادِ.
والمِطْرَدُ: رُمْحٌ قصير تُطْعَنُ به حُمُر الوحش؛ وقال ابن سيده:
المِطْرَد، بالكسر، رمح قصير يُطْرَد به، وقيل: يُطْرَد به الوحش.
والطِّرادُ: الرمح القصير لأَن صاحبه يُطارِدُ به. ابن سيده: والمِطْرَدُ من الرمح
ما بين الجُبَّةِ والعالية.
والطَّرِيدَةُ: ما طَرَدْتَ من وحش ونحوه. وفي حديث مجاهد: إِذا كان عند
اطِّراد الخيل وعند سَلِّ السيوف أَجزأَ الرجلَ أَن تكون صلاتُهُ
تكبيراً. الاضْطِرادُ: هو الطِّرادُ، وهو افتِعالٌ، من طِرادِ الخَيْل، وهو
عَدْوُها وتتابعها، فقلبت تاء الافتعال طاء ثم قلبت الطاء الأَصلية ضاداً.
والطَّريدة: قَصَبَة فيها حُزَّة تُوضَع على المَغازِلِ والعُودِ والقِداح
فَتُنْحَتُ عليها وتُبْرَى بها؛ قال الشماخُ يصف قوساً:
أَقامَ الثِّقافُ والطَّرِيدَةُ دَرْأَها،
كما قَوَّمَت ضِغْنَ الشَّمُوسِ المَهامِزُ
أَبو الهيثم: الطَّرِيدَةُ السَّفَن وهي قَصَبة تُجَوَّفُ ثم يُغْفَرُ
منها مواضع فَيُتَّبَعُ بها جَذْب السَّهْم. وقال أَبو حنيفة: الطَّرِيدَة
قِطْعَةُ عُودٍ صغيرة في هيئة المِيزابِ كأَنها نصف قَصَبة، سَعَتُها
بقدر ما يَلزمُ القَوْسَ أَو السَّهْمَ. والطَّرِيدَةُ: الخِرْقَة الطويلة
من الحرير. وفي حديث مُعاوية: أَنه صَعِدَ المنبر وبيده طَرِيدَةٌ؛
التفسير لابن الأَعرابي حكاه الهرويّ في الغريبين. أَبو عمرو: الجُبَّةُ
الخِرْقَة المُدَوَّرَة، وإِن كانت طويلة، فهي الطَّرِيدَة. ويقال للخِرْقَة
التي تُبَلُّ ويُمْسَحُ بها التَّنُّورُ: المِطْرَدَةُ والطَّرِيدَة.
وثَوْبٌ طَرائد، عن اللحياني، أَي خَلَقٌ. ويوم طَرَّادٌ ومُطَرَّدٌ: كاملٌ
مُتَمَّم؛ قال:
إِذا القَعُودُ كَرَّ فيها حَفَدَا
يَوْماً، جَديداً كُلَّه، مُطَرَّدا
ويقال: مَرَّ بنا يومٌ طَرِيدٌ وطَرَّادٌ أَي طويلٌ. ويومٌ مُطَرَّدٌ
أَي طَرَّادٌ؛ قال الجوهري: وقول الشاعر يصف الفرس:
وكأَنَّ مُطَّرِدَ النَّسِيم، إِذا جرى
بَعْدَ الكَلالِ، خَلِيَّتَا زُنْبُورِ
يعني به الأَنْفَ.
والطَّرَدُ: فِراخُ النحلِ، والجمع طُرُود؛ حكاه أَبو حنيفة.
والطَّرِيدَةُ: أَصلُ العِذْق. والطَّرِيدُ: العُرْجُون.
والطَّرِيدَةُ: بُحَيْرَةٌ من الأَرضِ قلِيلَة العَرْضِ إِنما هي
طَريقَة. والطَّرِيدَةُ: شُقَّةٌ من الثَّوب شُقَّتْ طولاً. والطَّرِيدَة:
الوَسيقَة من الإِبل يُغِيرُ عليها قومٌ فَيَطْرُدُونها؛ وفي الصحاح: وهو ما
يُسْرَقُ من الإِبل. والطَّرِيدَة: الخُطَّة بين العَجْبِ والكاهِلِ؛ قال
أَبو خراش:
فَهَذَّبَ عنها ما يَلي البَطْنَ، وانْتَحَى
طَرِيدَةَ مَتْنٍ بَيْنَ عَجْبٍ وكاهِلِ
والطَّريدَةُ: لُعْبَةُ الصِّبْيانِ، صِبْيانِ الأَعراب، يقال لها
المَاسَّةُ والمَسَّةُ، وليست بِثَبَت؛ وقال الطِّرِمَّاح يَصِفُ جَواري
أَدرَكْنَ فَتَرَفَّعْن عن لَعِب الصّغار والأَحداث:
قَضَتْ من عَيَافٍ والطَّريدَةِ حاجةً،
فهُنَّ إِلى لَهْوِ الحديث خُضُوعُ
وأَطْرَدَ المُسابِقُ صاحِبَه: قال له إِن سَبَقْتَني فلك عليّ كذا. وفي
الحديثِ: لا بأْسَ بالسِّباق ما لم تُطْرِدْه ويُطْرِدْك. قال
الإِطْرادُ أَن تقولَ: إِن سَبَقْتَني فلك عليّ كذا، وإِن سَبَقْتُكَ فلي عليك
كذا. قال ابن بُزُرج: يقال أَطْرِدْ أَخاك في سَبَقٍ أَو قِمارٍ أَو صِراعٍ
فإِن ظَفِرَ كان قد قضى ما عليه، وإِلا لَزِمَه الأَوَّلُ والآخِرُ.
ابن الأَعرابي: أَطْرَدْنا الغَنَم وأَطْرَدْتُمْ أَي أَرْسَلْنا
التُّيوس في الغنم. قال الشافعي: وينبغي للحاكم إِذا شَهِدَ الشهودُ لرجل على
آخر أَن يُحْضِرَ الخَصْم، ويَقْرأَ عليه ما شهدوا به عليه، ويُنْسِخَه
أَسماءَهم وأَنسابهم ويُطْرِدَه جَرْحَهم فإِن لم يأْتِ به حَكَمَ عليه؛
قال أَبو منصور: معنى قوله يُطْرِدَه جرحهم أَن يقول له: قد عُدِّلَ
هؤُلاءِ الشهودُ، فإِن جئتَ بجرحهم وإِلا حَكَمْتُ عليك بما شهدوا به عليك؛
قال: وأَصله من الإِطْرادِ في السِّباق وهو أَن يقول أَحد المتسابقين
لصاحبه: إِن سبقْتني فلك عليّ كذا، وإِن سَبَقْتُ فلي عليك كذا، كأَنَّ الحاكم
يقول له: إِن جئت بجرح الشُّهودِ وإِلا حكمت عليك بشهادتهم.
وبنو طُرُودٍ: بَطْن وقد سَمَّتْ طَرَّاداً ومُطَرِّداً.
عمد: العَمْدُ: ضدّ الخطإِ في القتل وسائر الجنايات. وقد تَعَمَّده
وتعمِد له وعَمَده يعْمِده عَمْداً وعَمَدَ إِليه وله يَعْمَّد عمداً
وتعمَّده واعتَمَده: قصده، والعمد المصدر منه. قال الأَزهري: القتل على ثلاثة
أَوجه: قتل الخطإِ المحْضِ وهو أَن يرمي الرجل بحجر يريد تنحيته عن موضعه
ولا يقصد به أَحداً فيصيب إِنساناً فيقلته، ففيه الدية على عاقلة الرامي
أَخماساً من الإِبل وهي عشرون ابنة مَخاض، وعشرون ابنة لَبُون، وعشرون ابن
لبون، وعشرون حِقَّة وعشرون جَذَعة؛ وأَما شبه العمد فهو أَن يضرب
الإِنسان بعمود لا يقتل مثله أَو بحجر لا يكاد يموت من أَصابه فيموت منه فيه
الدية مغلظة؛ وكذلك العمد المحض فيه ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأَربعون ما
بين ثَنِيَّةٍ إِلى بازِلِ عامِها كلها خَلِفَةٌ؛ فأَما شبه العمد فالدية
على عاقلة القائل، وأَما العمد المحض فهو في مال القاتل. وفعلت ذلك
عَمْداً على عَيْن وعَمْدَ عَيْنٍ أَي بِجدٍّ ويقين؛ قال خفاف بن ندبة:
إِنْ تَكُ خيلي قد أُصِيبَ صَميمُها.
فعَمْداً على عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مالِكا
وعَمَد الحائط يَعْمِدُه عَمْداً: دعَمَه؛ والعمود الذي تحامل الثِّقْلُ
عليه من فوق كالسقف يُعْمَدُ بالأَساطينِ المنصوبة. وعَمَد الشيءَ
يَعْمِدُه عمداً: أَقامه. والعِمادُ: ما أُقِيمَ به. وعمدتُ الشيءَ فانعَمَد
أَي أَقمته بِعِمادٍ يَعْتَمِدُ عليه. والعِمادُ: الأَبنية الرفيعة، يذكر
ويؤَنث، الواحدة عِمادة؛ قال الشاعر:
ونَحْنُ، إِذا عِمادُ الحَيِّ خَرَّتْ
على الأَحَفاضِ، نَمْنَعُ مَنْ يَلِينا
وقوله تعالى: إِرَمَ ذاتِ العِماد؛ قيل: معناه أَي ذات الطُّولِ، وقيل
أَي ذات البناءِ الرفيع؛ وقيل أَي ذات البناءِ الرفيع المُعْمَدِ، وجمعه
عُمُدٌ والعَمَدُ اسم للجمع. وقال الفراء: ذاتِ العِماد إِنهم كانوا أَهل
عَمَدٍ ينتقلون إِلى الكَلإِ حيث كان ثم يرجعون إِلى منازلهم؛ وقال
الليث: يقال لأَصحاب الأَخبِيَة الذين لا ينزلون غيرها هم أَهل عَمود وأَهل
عِماد. المبرد: رجل طويلُ العِماد إِذا كان مُعْمَداً أَي طويلاً. وفلان
طويلُ العِماد إِذا كان منزله مُعْلَماً لزائريه. وفي حديث أُم زرع: زوجي
رفيعُ العِمادِ؛ أَرادت عِمادَ بيتِ شرفه، والعرب تضع البيت موضع الشرف في
النسب والحسب. والعِمادُ والعَمُود: الخشبة التي يقوم عليها البيت.
وأَعمَدَ الشيءَ: جعل تحته عَمَداً.
والعَمِيدُ: المريض لا يستطيع الجلوس من مرضه حتى يُعْمَدَ من جوانبه
بالوَسائد أَي يُقامَ. وفي حديث الحسن وذكر طالب العلم: وأَعْمَدَتاه
رِجْلاه أَي صَيَّرَتاه عَمِيداً، وهو المريض الذي لا يستطيع أَن يثبت على
المكان حتى يُعْمَدَ من جوانبه لطول اعتماده في القيام عليها، وقوله:
أَعمدتاه رجلاه، على لغة من قال أَكلوني البراغيثُ، وهي لغة طيء.
وقد عَمَدَه المرضُ يَعْمِدُه: فَدَحَه؛ عن ابن الأَعرابي؛ ومنه اشتق
القلبُ العَمِيدُ. يَعْمِدُه: يسقطه ويَفْدَحُه ويَشْتَدُّ عليه. قال: ودخل
أَعرابي على بعض العرب وهو مريض فقال له: كيف تَجدُك؟ فقال: أَما الذي
يَعْمِدُني فَحُصْرٌ وأُسْرٌ. ويقال للمريض مَعمود، ويقال له: ما
يَعْمِدُكَ؟ أَي يُوجِعُك. وعَمَده المرض أَي أَضناه؛ قال الشاعر:
أَلا مَنْ لِهَمٍّ آخِرَ الليل عامِدِ
معناه: موجع. روى ثعلب أن ابن الأَعرابي أَنشده لسماك العامليّ:
كما أَبَداً ليلةٌ واحِدَه
وقال: ما مَعْرِفَةٌ فنصب أَبداً على خروجه من المعرفة كان جائزاً
(*
قوله «وقال ما معرفة إلى قوله كان جائزاً» كذا بالأصل).
قال الأَزهري: وقوله ليلة عامدة أَي مُمْرضة موجعة.
واعْتَمَد على الشيء: توكّأَ. والعُمْدَةُ: ما يُعتَمَدُ عليه.
واعْتَمَدْتُ على الشيء: اتكأْتُ عليه. واعتمدت عليه في كذا أَي اتَّكَلْتُ عليه.
والعمود: العصا؛ قال أَبو كبير الهذلي:
يَهْدي العَمُودُ له الطريقَ إِذا هُمُ
ظَعَنُوا، ويَعْمِدُ للطريق الأَسْهَلِ
واعْتَمَد عليه في الأَمر: تَوَرَّك على المثل. والاعتماد: اسم لكل سبب
زاحفته، وإِنما سمي بذلك لأَنك إِنما تُزاحِفُ الأَسباب لاعْتِمادها على
الأَوْتاد. والعَمود: الخشبة القائمة في وسط الخِباء، والجمع أَعْمِدَة
وعُمُدٌ، والعَمَدُ اسم للجمع. ويقال: كل خباء مُعَمَّدٌ؛ وقيل: كل خباء
كان طويلاً في الأَرض يُضْرَبُ على أَعمدة كثيرة فيقال لأَهْلِه: عليكم
بأَهْل ذلك العمود، ولا يقال: أَهل العَمَد؛ وأَنشد:
وما أَهْلُ العَمُودِ لنا بأَهْلٍ،
ولا النَّعَمُ المُسامُ لنا بمالِ
وقال في قول النابغة:
يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاح والعَمَدِ
قال: العمد أَساطين الرخام. وأَما قوله تعالى: إِنها عليهم مؤصدة في
عَمَدٍ مُمَدَّدة؛ قرئت في عُمُدٍ، وهو جمع عِمادً وعَمَد، وعُمعد كما قالوا
إِهابٌ وأَهَبٌ وَأُهُبٌ ومعناه أَنها في عمد من النار؛ نسب الأَزهري
هذا القول إِلى الزجاج، وقال: وقال الفراء: العَمَد والعُمُد جميعاً جمعان
للعمود مثل أَديمٍ وأَدَمٍ وأُدُمٍ وقَضيم وقَضَمٍ وقُضُمٍ. وقوله تعالى:
خلق السموات بغير عمد ترونها؛ قال الزجاج: قيل في تفسيره إِنها بعمد لا
ترونها أَي لا ترون تلك العمد، وقيل خلقها بغير عمد وكذلك ترونها؛ قال:
والمعنى في التفسير يؤول إِلى شيء واحد، ويكون تأْويل بغير عمد ترونها
التأْويل الذي فسر بعمد لا ترونها، وتكون العمد قدرته التي يمسك بها السموات
والأَرض؛ وقال الفراء: فيه قولان: أَحدهما أَنه خلقها مرفوعة بلا عمد
ولا يحتاجون مع الرؤية إِلى خبر، والقول الثاني انه خلقها بعمد لا ترون تلك
العمد؛ وقيل: العمد التي لا ترى قدرته، وقال الليث: معناه أَنكم لا ترون
العمد ولها عمد، واحتج بأَن عمدها جبل قاف المحيط بالدنيا والسماء مثل
القبة، أَطرافها على قاف من زبرجدة خضراء، ويقال: إِن خضرة السماء من ذلك
الجبل فيصير يوم القيامة ناراً تحشر الناس إِلى المحشر.
وعَمُودُ الأُذُنِ: ما استدار فوق الشحمة وهو قِوامُ الأُذن التي تثبت
عليه ومعظمها. وعمود اللسان: وسَطُه طولاً، وعمودُ القلب كذلك، وقيل: هو
عرق يسقيــه، وكذلك عمود الكَبِد. ويقال للوَتِينِ: عَمُودُ السَّحْر، وقيل:
عمود الكبد عرقان ضخمان جَنَابَتَي السُّرة يميناً وشمالاً. ويقال: إِن
فلاناً لخارج عموده من كبده من الجوع. والعمودُ: الوَتِينُ. وفي حديث عمر
بن الخطاب، رضي الله عنه، في الجالِبِ قال: يأْتي به أَحدهم على عمود
بَطْنِه؛ قال أَبو عمرو: عمود بطنه ظهره لأَنه يمسك البطن ويقوِّيه فصار
كالعمود له؛ وقال أَبو عبيد: عندي أَنه كنى بعمود بطنه عن المشقة والتعب
أَي أَنه يأْتي به على تعب ومشقة، وإِن لم يكن على ظهره إِنما هو مثل،
والجالب الذي يجلب المتاع إِلى البلاد؛ يقولُ: يُتْرَكُ وبَيْعَه لا يتعرض له
حتى يبيع سلعته كما شاء، فإِنه قد احتمل المشقة والتعب في اجتلابه وقاسى
السفر والنصَب. والعمودُ: عِرْقٌ من أُذُن الرُّهَابَةِ إِلى السَّحْرِ.
وقال الليث: عمود البطن شبه عِرْق ممدود من لَدُنِ الرُّهَابَةِ إِلى
دُوَيْنِ السّرّة في وسطه يشق من بطن الشاة. ودائرة العمود في الفرس: التي
في مواضع القلادة، والعرب تستحبها. وعمود الأَمر: قِوامُه الذي لا يستقيم
لا به. وعمود السِّنانِ: ما تَوَسَّط شَفْرتَيْهِ من غيره الناتئ في
وسطه. وقال النضر: عمود السيف الشَّطِيبَةُ التي في وسط متنه إِلى أَسفله،
وربما كان للسيف ثلاثة أَعمدة في ظهره وهي الشُّطَبُ والشَّطائِبُ.
وعمودُ الصُّبْحِ: ما تبلج من ضوئه وهو المُسْتَظهِرُ منه، وسطع عمودُ الصبح
على التشبيه بذلك. وعمودُ النَّوَى: ما استقامت عليه السَّيَّارَةُ من
بيته على المثل. وعمود الإِعْصارِ: ما يَسْطَعُ منه في السماء أَو يستطيل
على وجه الأَرض.
وعَمِيدُ الأَمرِ: قِوامُه. والعميدُ: السَّيِّدُ المُعْتَمَدُ عليه في
الأُمور أَو المعمود إِليه؛ قال:
إِذا ما رأَتْ شَمْساً عَبُ الشَّمْسِ، شَمَّرَتْ
إِلى رَمْلِها، والجُلْهُمِيُّ عَمِيدُها
والجمع عُمَداءُ، وكذلك العُمْدَةُ، الواحد والاثنان والجمع والمذكر
والمؤنث فيه سواء. ويقال للقوم: أَنتم عُمْدَتُنا الذين يُعْتَمد عليهم.
وعَمِيدُ القوم وعَمُودُهم: سيدهم. وفلان عُمْدَةُ قومه إِذا كانوا يعتمدونه
فيما يَحْزُبُهم، وكذلك هو عُمْدتنا. والعَمِيدُ: سيد القوم؛ ومنه قول
الأَعشى:
حتى يَصِيرَ عَمِيدُ القومِ مُتَّكِئاً،
يَدْفَعُ بالرَّاح عنه نِسْوَةٌ عُجُلُ
ويقال: استقامَ القومُ على عمود رأْيهم أَي على الوجه الذي يعتمدون
عليه.واعتمد فلان ليلته إِذا ركبها يسري فيها؛ واعتمد فلان فلاناً في حاجته
واعتمد عليه.
والعَمِيدُ: الشديد الحزن. يقال: ما عَمَدَكَ؟ أَي ما أَحْزَنَك.
والعَمِيدُ والمَعْمُودُ: المشعوف عِشْقاً، وقيل: الذي بلغ به الحب مَبْلَغاً.
وقَلبٌ عَمِيدٌ: هدّه العشق وكسره. وعَمِيدُ الوجعِ: مكانه. وعَمِدَ
البعَيرُ عَمَداً، فهو عَمِدٌ والأُنثى بالهاء: وَرِمَ سنَامُه من عَضِّ
القَتَب والحِلْس وانْشدَخَ؛ قال لبيد يصف مطراً أَسال الأَودية:
فَبَاتَ السَّيْلُ يَرْكَبُ جانِبَيْهِ،
مِنَ البَقَّارِ، كالعَمِدِ الثَّقَالِ
قال الأَصمعي: يعني أَن السيل يركب جانبيه سحابٌ كالعَمِد أَي أَحاط به
سحاب من نواحيه بالمطر، وقيل: هو أَن يكون السنام وارياً فَيُحْمَلَ عليه
ثِقْلٌ فيكسره فيموت فيه شحمه فلا يستوي، وقيل: هو أَن يَرِمَ ظهر
البعير مع الغُدَّةِ، وقيل: هو أَن ينشدخ السَّنَامُ انشداخاً، وذلك أَن
يُرْكَب وعليه شحم كثير.
والعَمِدُ: البعير الذي قد فَسَدَ سَنَامُه. قال: ومنه قيل رجل عَمِيدٌ
ومَعْمُودٌ أَي بلغ الحب منه، شُبه بالسنام الذي انشدخ انشداخاً. وعَمِدَ
البعيرُ إِذا انفضح داخلُ سَنَامِه من الركوب وظاهره صحيح، فهو بعير
عَمِدٌ.
وفي حديث عمر: أَنّ نادبته قالت: واعُمراه أَقام الأَودَ وشفى
العَمَدَ. العمد، بالتحريك: ورَمٌ ودَبَرٌ يكون في الظهر، أَرادت به أَنه أَحسن
السياسة؛ ومنه حديث عليّ: لله بلاء فلان فلقد قَوَّم الأَوَدَ ودَاوَى
العَمَدَ؛ وفي حديثه الآخر: كم أُدارِيكم كما تُدارَى البِكارُ العَمِدَةُ؟
البِكار جمع بَكْر وهو الفَتيُّ من الإِبل، والعَمِدَةُ من العَمَدِ:
الورَمِ والدَّبَرِ، وقيل: العَمِدَةُ التي كسرها ثقل حملها. والعِمْدَةُ:
الموضع الذي ينتفخ من سنام البعير وغاربه. وقال النضر: عَمهدَتْ
أَلْيَتَاهُ من الركوب، وهو أَن تَرِمَا وتَخْلَجَا. وعَمدْتُ الرَّجُلَ أَعْمِدُه
عَمْداً إِذا
(* قوله «أعمده عمداً إذا إلخ» كذا ضبط بالأَصل ومقتضى
صنيع القاموس أنه من باب كتب.) ضربته بالعمود. وعَمَدْتُه إِذا ضربت عمود
بطنه. وعَمدَ الخُراجُ عَمَداً إِذا عُصرَ قبل أَن يَنْضَجَ فَوَرِمَ ولم
تخرج بيضته، وهو الجرح العَمِدُ. وعَمِدَ الثَّرى يَعْمَدُ عَمَداً:
بَلَّلَه المطر، فهو عَمِدٌ، تقَبَّضَ وتَجَعَّدَ ونَدِيَ وتراكب بعضه على
بعض، فإِذا قبضت منه على شيء تَعَقَّدَ واجتمع من نُدُوَّته؛ قال الراعي يصف
بقرة وحشية:
حتى غَدَتْ في بياضِ الصُّبْحِ طَيِّبَةً،
رِيحَ المَباءَةِ تَخْدِي، والثَّرَى عَمِدُ
أَراد طيبة ريِحِ المباءَةِ، فلما نَوَّنَ طيبةً نَصعبَ ريح المباءة.
أَبو زيد: عَمِدَتِ الأَرضُ عَمَداً إِذا رسخ فيها المطر إِلى الثرى حتى
إِذ قَبَضْتَ عليه في كفك تَعَقَّدَ وجَعُدَ. ويقال: إَن فلاناً لعَمِدُ
الثَّرَى أَي كثير المعروف.
وعَمَّدْتُ السيلَ تَعْميداً إِذا سَدَدْتَ وَجْهَ جَريته حتى يجتمع في
موضع بتراب أَو حجارة.
والعمودُ: قضِيبُ الحديد.
وأَعْمَدُ: بمعنى أَعْجَبُ، وقيل: أَعْمَدُ بمعنى أَغْضبُ من قولهم
عَمِدَ عليه إِذا غَضِبَ؛ وقيل: معناه أَتَوَجَّعُ وأَشتكي من قولهم عَمعدَني
الأَمرُ فَعَمِدْتُ أَي أَوجعني فَوَجِعتُ.
الغَنَويُّ: العَمَدُ والضَّمَدُ والغَضَبُ؛ قال الأَزهري: وهو العَمَدُ
والأَمَدُ أَيضاً. وعَمِدَ عليه: غَضب كَعَبِدَ؛ حكاه يعقوب في المبدل.
ومن كلامهم: أَعْمَدُ من كَيلِ مُحِقٍّ أَي هل زاد على هذا. وروي عن أَبي
عبيد مُحِّقَ، بالتشديد. قال الأَزهري: ورأَيت في كتاب قديم مسموع من
كَيْلٍ مُحِقَ، بالتخفيف، من المَحْقِ، وفُسِّر هل زاد على مكيال نُقِصَ
كَيْلُه أَي طُفِّفَ. قال: وحسبت أَن الصواب هذا؛ قال ابن بري: ومنه قول
الراجز:
فاكْتَلْ أُصَيَّاعَكَ مِنْهُ وانْطَلِقْ،
وَيْحَكَ هَلْ أَعْمَدُ مِن كَيْلٍ مُحِقْ
وقال: معناه هل أَزيد على أَن مُحِقَ كَيْلي؟ وفي حديث ابن مسعود: أَنه
أَتى أَبا جهل يوم بدر وهو صريع، فوضع رجله على مُذَمَّرِهِ لِيُجْهِزَ
عليه، فقال له أَبو جهل: أَعْمَدُ من سيد قتله قومه أَي أَعْجَبُ؛ قال
أَبو عبيد: معناه هل زاد على سيد قتله قومه، هل كان إِلا هذا؟ أَي أَن هذا
ليس بعار، ومراده بذلك أَن يهوّن على نفسه ما حل به من الهلاك، وأَنه ليس
بعار عليه أَن يقتله قومه؛ وقال شمر: هذا استفهام أَي أَعجب من رجل قتله
قومه؛ قال الأَزهري: كأَن الأَصل أَأَعْمَدُ من سيد فخففت إِحدى
الهمزتين؛ وقال ابن مَيَّادة ونسبه الأَزهري لابن مقبل:
تُقَدَّمُ قَيْسٌ كلَّ يومِ كَرِيهَةٍ،
ويُثْنى عليها في الرَّخاءِ ذُنوبُها
وأَعْمَدُ مِنْ قومٍ كفَاهُمْ أَخوهُمُ
صِدامَ الأَعادِي، حيثُ فُلَّتْ نُيُوبُها
يقول: هل زدنا على أَن كَفَينَا إخوتنا.
والمُعْمَدُ والعُمُدُّ والعُمُدَّات والعُمَدَّانيُّ: الشابُّ الممتلئ
شباباً، وقيل هو الضخم الطويل، والأُنثى من كل ذلك بالهاء، والجمع
العُمَدَّانِيُّونَ. وامرأَة عُمُدَانِيَّة: ذاتُ جسم وعَبَالَةٍ. ابن
الأَعرابي: العَمودُ والعِمادُ والعُمْدَةُ والعُمْدانُ رئيس العسكر وهو
الزُّوَيْرُ.
ويقال لرِجْلَي الظليم: عَمودانِ. وعَمُودانُ: اسم موضع؛ قال حاتم
الطائي:
بَكَيْتَ، وما يُبْكِيكَ مِنْ دِمْنَةٍ قَفْرِ،
بِسُقفٍ إِلى وادي عَمُودانَ فالغَمْرِ؟
ابن بُزُرج: يقال: جَلِسَ به وعَرِسَ به وعَمِدَ به ولَزِبَ به إِذا
لَزِمَه. ابن المظفر: عُمْدانُ اسم جبل أَو موضع؛ قال الأَزهري: أُراه أَراد
غُمْدان، بالغين، فصحَّفه وهو حصن في رأْس جبل باليمن معروف وكان لآل ذي
يزن؛ قال الأَزهري: وهذا تصحيف كتصحيفه يوم بُعاث وهو من مشاهير أيام
العرب أَخرجه في الغين وصحفه.
صبح: الصُّبْحُ: أَوّل النهار. والصُّبْحُ: الفجر. والصَّباحُ: نقيص
المَساء، والجمع أَصْباحٌ، وهو الصَّبيحةُ والصَّباحُ والإِصْباحُ
والمُصْبَحُ؛ قال الله عز وجل: فالِقُ الإِصْباحِ؛ قال الفراء: إِذا قيل
الأَمْسَاء والأَصْباح، فهو جمع المَساء والصُّبْح، قال: ومثله الإِبْكارُ
والأَبْكارُ؛ وقال الشاعر:
أَفْنَى رِياحاً وذَوِي رِياحِ،
تَناسُخُ الإِمْساءِ والإِصْباحِ
يريد به المَساء والصُّبْحَ. وحكى اللحياني: تقول العربُ إِذا
تَطَيَّرُوا من الإِنسان وغيره: صباحُ الله لا صَباحُك قال: وإِن شئت
نصبتَ.وأَصْبَحَ القومُ: دخلوا في الصَّباح، كما يقال: أَمْسَوْا دخلوا في
المساء؛ وفي الحديث: أَصْبِحُوا بالصُّبحِ فإِنه أَعظم للأَجر أَي صلوها عند
طلوع الصُّبْح؛ يقال: أَصْبَحَ الرجل إِذا دخل في الصُّبْح؛ وفي
التنزيل: وإِنكم لَتَمُرُّون عليهم مُصْبِحِينَ وبالليل؛ وقال سيبويه:
أَصْبَحْنا وأَمْسَينا أَي صرنا في حين ذاك، وأَما صَبَّحْنا ومَسَّيْنا فمعناه
أَتيناه صَباحاً ومساء؛ وقال أَبو عدنان: الفرق بين صَبَحْنا وصَبَّحْنا
أَنه يقال صَبَّحْنا بلد كذا وكذا، وصَبَّحْنا فلاناً، فهذه مُشَدَّدة،
وصَبَحْنا أَهلَها خيراً أَو شرّاً؛ وقال النابغة:
وصَبَّحَه فَلْجاً فلا زال كَعْبُه،
عل كلِّ من عادى من الناسِ، عاليا
ويقال: صَبَّحَه بكذا ومسَّاه بكذا؛ كل ذلك جائز؛ ويقال للرجل يُنَبَّه
من سِنَةِ الغَفْلة: أَصْبِحْ أَي انْتَبِهْ وأَبْصِرْ رُشْدَك وما
يُصْلِحُك؛ وقال رؤبة:
أَصْبِحْ فما من بَشَرٍ مَأْرُوشِ
أَي بَشَرٍ مَعِيبٍ. وقول الله، عز من قائل: فأَخذتهم الصَّيْحةُ
مُصْبِحِين أَي أَخذتهم الهَلَكة وقت دخولهم في الصباح. وأَصْبَحَ فلان عالماً
أَي صار. وصَبَّحك الله بخير: دُعاء له.
وصَبَّحْته أَي قلت له: عِمْ صَباحاً؛ وقال الجوهري: ولا يُرادُ
بالتشديد ههنا التكثير. وصَبَّحَ القومَ: أَتاهم غُدْوَةً وأَتيتهم صُبْحَ
خامِسةٍ كما تقول لِمُسْيِ خامسةٍ، وصِبْحِ خامسة، بالكسر، أَي لِصَباحِ خمسة
أَيام.
وحكى سيبويه: أَتيته صَباحَ مَساءَ؛ من العرب من يبنيه كخمسة عشر، ومنهم
من يضيفه إِلا في حَدِّ الحال أَو الظرف، وأَتيته صَباحاً وذا صَباحٍ؛
قال سيبويه: لا يستعمل إِلاَّ ظرفاً، وهو ظرف غير متمكن، قال: وقد جاء في
لغة لِخَثْعَم اسماً؛ قال أَنس ابنُ نُهَيْكٍ:
عَزَمْتُ على إِقامةِ ذي صباحٍ،
لأَمْرٍ ما يُسَوَّدُ ما يَسُودُ
وأَتيته أُصْبُوحةَ كل يوم وأُمْسِيَّةَ كلِّ يوم. قال الأَزهري:
صَبَحْتُ فلاناً أَتيته صباحاً؛ وأَما قول بُجَيْر بن زُهير المزنيِّ، وكان
أَسلم:
صَبَحْناهمْ بأَلفٍ من سُلَيْمٍ،
وسَبْعٍ من بني عُثمانَ وافى
فمعناه أَتيناهم صَباحاً بأَلف رجل من سُليم؛ وقال الراجز:
نحْنُ صَبَحْنا عامراً في دارِها
جُرْداً، تَعادَى طَرَفَيْ نَهارِها
يريد أَتيناها صباحاً بخيل جُرْد؛ وقول الشَّمَّاخ:
وتَشْكُو بعَيْنٍ ما أَكَلَّ رِكابَها،
وقيلَ المُنادِي: أَصْبَحَ القومُ أَدْلِجِي
قال الأَزهري: يسأَل السائل عن هذا البيت فيقول: الإِدلاج سير الليل،
فكيف يقول: أَصبح القوم، وهو يأْمر بالإِدلاج؟ والجواب فيه: أَن العرب إِذا
قربت من المكان تريده، تقول: قد بلغناه، وإِذا قربت للساري طلوعَ الصبح
وإِن كان غير طالع، تقول: أَصْبَحْنا، وأَراد بقوله أَصبح القومُ: دنا
وقتُ دخولهم في الصباح؛ قال: وإِنما فسرته لأَن بعض الناس فسره على غير ما
هو عليه.
والصُّبْحة والصَّبْحة: نوم الغداة. والتَّصَبُّحُ: النوم بالغداة، وقد
كرهه بعضهم؛ وفي الحديث: أَنه نهى عن الصُّبْحة وهي النوم أَوّل النهار
لأَنه وقت الذِّكر، ثم وقت طلب الكسب. وفلان ينام الصُّبْحة والصَّبْحة
أَي ينام حين يُصْبح، تقول منه: تَصَبَّح الرجلُ،؛ وفي حديث أُم زرع أَنها
قالت: وعنده أَقول فلا أُقَبَّح وأَرْقُدُ فأَتَصَبَّحُ؛ أَرادت أَنها
مَكفِيَّة، فهي تنام الصُّبْحة. والصُّبْحة: ما تَعَلَّلْتَ به
غُدْوَةً.والمِصْباحُ من الإِبل: الذي يَبْرُك في مُعَرَّسه فلا يَنْهَض حتى
يُصبح وإِن أُثير، وقيل: المِصْبَحُ والمِصْباحُ من الإِبل التي تُصْبِحُ في
مَبْرَكها لا تَرْعَى حتى يرتفع النهار؛ وهو مما يستحب من الإستبل وذلك
لقوَّتها وسمنها؛ قال مُزَرِّد:
ضَرَبْتُ له بالسيفِ كَوْماءَ مِصْبَحاً،
فشُبَّتْ عليها النارُ، فهي عَقِيرُ
والصَّبُوحُ: كل ما أُكل أَو شرب غُدْوَةً، وهو خلاف الغَبُوقِ.
والصَّبُوحُ: ما أَصْبَحَ عندهم من شرابهم فشربوه، وحكى الأَزهري عن الليث:
الصَّبُوحُ الخمر؛ وأَنشد:
ولقد غَدَوْتُ على الصَّبُوحِ، مَعِي
شَرْبٌ كِرامُ من بني رُهْمِ
والصَّبُوحُ من اللبن: ما حُلب بالغداة. والصَّبُوحُ والصَّبُوحةُ:
الناقة المحلوبة بالغداة؛ عن اللحياني. حكي عن العرب: هذه صَبُوحِي
وصَبُوحَتي. والصَّبْحُ: سَقْيُكَ أَخاك صَبُوحاً من لبن. والصَّبُوح: ما شرب
بالغداة فما دون القائلة وفعلُكَ الإِصطباحُ؛ وقال أَبو الهيثم: الصَّبُوح
اللبن يُصْطَبَحُ، والناقة التي تُحْلَبُ في ذلك الوقت: صَبُوح أَيضاً؛
يقال: هذه الناقة صَبُوحِي وغَبُوقِي؛ قال: وأَنشدنا أَبو لَيْلَى
الأَعرابي:ما لِيَ لا أَسْقِي حُبيْباتي
صَبائِحي غَبَائقي قَيْلاتي؟
والقَيْلُ: اللبن الذي يشرب وقت الظهيرة.
واصْطَبَحَ القومُ: شَرِبُوا الصَّبُوحَ.
وصَبَحَه يَصْبَحُه صَبْحاً، وصَبَّحَه: سقاه صَبُوحاً، فهو مُصْطَبحٌ؛
وقال قُرْطُ بن التُّؤْم اليَشكُري:
كان ابنُ أَسماءَ يَعْشُوه ويَصْبَحُه
من هَجْمةٍ، كفَسِيلِ النَّخْل، دُرَّارِ
يَعشون: يطعمه عشاء. والهَجْمة: القطعة من الإِبل. ودُرَّار: من صفتها.
وفي الحديث: وما لنا صَبِيٌّ يَصْطَبِحُ أَي ليس لنا لبن بقدر ما يشربه
الصبي بُكْرَة من الجَدْب والقحط فضلاً عن الكثير، ويقال: صَبَحْتُ
فلاناً أَي ناولته صَبُوحاً من لبن أَو خمر؛ ومنه قول طرفة:
متى تَأْتِنِي أَصبَحْكَ كأْساً رَوِيَّةً
أَي أَسقيك كأْساً؛ وقيل: الصَّبُوحُ ما اصْطُبِحَ بالغداة حارًّا.
ومن أَمثالهم السائرة في وصف الكذاب قولهم: أَكْذَبُ من الآخِذِ
الصَّبْحانِ؛ قال شمر: هكذا قال ابن الأَعرابي، قال: وهو الحُوَارُ الذي قد شرب
فَرَوِيَ، فإِذا أَردت أَن تَسْتَدِرَّ به أُمه لم يشرب لِرِيِّه
دِرَّتها، قال: ويقال أَيضاً: أَكذب من الأَخِيذِ الصَّبْحانِ؛ قال أَبو عدنان:
الأَخِيذُ الأَسيرُ. والصَّبْحانُ: الذي قد اصْطَبَحَ فَرَوِيَ؛ قال ابن
الأَعرابي: هو رجل كان عند قوم فصَبَحُوه حتى نَهَض عنهم شاخصاً، فأَخذه
قوم وقالوا: دُلَّنا على حيث كنت، فقال: إِنما بِتُّ بالقَفْر، فبينما هم
كذلك إِذ قعد يبول، فعلموا أَنه بات قريباً عند قوم، فاستدلوا به عليهم
واسْتَباحوهم، والمصدرُ الصَّبَحُ، بالتحريك.
وفي المثل: أَعن صَبُوحٍ تُرَقِّق؟ يُضْرَبُ مثلاً لمن يُجَمْجِمُ ولا
يُصَرِّح، وقد يضرب أَيضاً لمن يُوَرِّي عن الخَطْب العظيم بكناية عنه،
ولمن يوجب عليك ما لا يجب بكلام يلطفه؛ وأَصله أَن رجلاً من العرب نزل برجل
من العرب عِشاءً فغَبَقَه لَبَناً، فلما رَويَ عَلِقَ يحدّث أُمَّ
مَثْواه بحديث يُرَقِّقه، وقال في خِلال كلامه: إِذا كان غداً اصطحبنا وفعلنا
كذا، فَفَطِنَ له المنزولُ عليه وقال: أَعن صَبُوح تُرَقِّق؟ وروي عن
الشَّعْبيِّ أَنَّ رجلاً سأَله عن رجل قَبَّل أُم امرأَته، فقال له الشعبي:
أَعن صبوح ترقق؟ حرمت عليه امرأَته؛ ظن الشعبي أَنه كنى بتقبيله إِياها
عن جماعها؛ وقد ذكر أَيضاً في رقق.
ورجل صَبْحانُ وامرأَة صَبْحَى: شربا الصَّبُوحَ مثل سكران وسَكْرَى.
وفي الحديث أَنه سئل: متى تحلُّ لنا الميتة؟ فقال: ما لم تَصْطَبِحُوا
أَو تَغْتَبِقُوا أَو تَحْتَفُّوا بَقْلاً فشأْنكم بها؛ قال أَبو عبيج:
معناه إِنما لكم منها الصَّبُوحُ وهو الغداء، والغَبُوقُ وهو العَشاء؛
يقول: فليس لكم أَن تجمعوهما من الميتة؛ قال: ومنه قول سَمُرة لبنيه: يَجْزي
من الضَّارُورةِ صَبُوحٌ أَو غَبُوقٌ؛ قال الأَزهري وقال غير أَبي عبيد:
معناه لما سئل: متى تحل لنا الميتة؟ أَجابهم فقال: إِذا لم تجدوا من
اللبن صَبُوحاً تَتَبَلَّغونَ به ولا غَبُوقاً تَجْتزِئون به، ولم تجدوا مع
عَدَمكم الصَّبُوحَ والغَبُوقَ بَقْلَةً تأْكلونها ويَهْجأُ غَرْثُكم
حلَّت لكم الميتة حينئذ، وكذلك إِذا وجد الرجل غداء أَو عشاء من الطعام لم
تحلَّ له الميتة؛ قال: وهذا التفسير واضح بَيِّنٌ، والله الموفق. وصَبُوحُ
الناقة وصُبْحَتُها: قَدْرُ ما يُحْتَلَب منها صُبْحاً.
ولقيته ذاتَ صَبْحة وذا صبُوحٍ أَي حين أَصْبَحَ وحين شرب الصَّبُوحَ؛
ابن الأَعرابي: أَتيته ذاتَ الصَّبُوح وذات الغَبُوق إِذا أَتاه غُدْوَةً
وعَشِيَّةً؛ وذا صَباح وذا مَساءٍ وذاتَ الزُّمَيْنِ وذاتَ العُوَيمِ أَي
مذ ثلاثة أَزمان وأَعوام.
وصَبَحَ القومَ شَرًّا يَصْبَحُهم صَبْحاً: جاءَهم به صَباحاً.
وصَبَحَتهم الخيلُ وصَبَّحَتهم: جاءَتهم صُبْحاً. وفي الحديث: أَنه صَبَّح
خَيْبَر أَي أَتاها صباحاً؛ وفي حديث أَبي بكر:
كلُّ امرئٍ مُصَبَّحٌ في أَهله،
والموتُ أَدْنى من شِراك نَعْلِه
أَي مَأْتيٌّ بالموت صباحاً لكونه فيهم وقتئذ. ويوم الصَّباح: يوم
الغارة؛ قال الأَعشى:
به تُرْعَفُ الأَلْفُ، إِذ أُرْسِلَتْ
غَداةَ الصَّباحِ، إِذا النَّقْعُ ثارا
يقول: بهذا الفرس يتقدَّم صاحبُه الأَلفَ من الخيل يوم الغارة.
والعرب تقول إِذا نَذِرَتْ بغارة من الخيل تَفْجَؤُهم صَباحاً: يا
صَباحاه يُنْذِرونَ الحَيَّ أَجْمَعَ بالنداء العالي. وفي الحديث: لما نزلت.
وأَنْذِرْ عشيرتك الأَقربين؛ صَعَّدَ على الصفا، وقال: يا صباحاه هذه
كلمة تقولها العرب إِذا صاحوا للغارة، لأَنهم أَكثر ما يُغِيرون عند
الصباح، ويُسَمُّونَ يومَ الغارة يوم الصَّباح، فكأَنَّ القائلَ يا صباحاه
يقول: قد غَشِيَنا العدوُّ؛ وقيل: إِن المتقاتلين كانوا إِذا جاءَ الليل
يرجعون عن القتال فإِذا عاد النهار عادوا، فكأَنه يريد بقوله يا صباحاه: قد
جاءَ وقتُ الصباح فتأَهَّبوا للقتال. وفي حديث سَلَمة بن الأَكْوَع: لما
أُخِذَتْ لِقاحُ رسول اًّ، صلى الله عليه وسلم، نادَى: يا صَباحاه
وصَبَح الإِبلَ يَصْبَحُها صَبْحاً: سقاها غُدْوَةً. وصَبَّحَ القومَ الماءَ:
وَرَده بهم صباحاً.
والصَّابِحُ: الذي يَصْبَح إِبلَه الماءَ أَي يسقيــها صباحاً؛ ومنه قول
أَبي زُبَيْدٍ:
حِينَ لاحتَ للصَّابِحِ الجَوْزاء
وتلك السَّقْية تسميها العرب الصُّبْحَةَ، وليست بناجعة عند العرب،
ووقتُ الوِرْدِ المحمودِ مع الضَّحاء الأَكبر. وفي حديث جرير: ولا يَحْسِرُ
صابِحُها أَي لا يَكِلُّ ولا يَعْيا، وهو الذي يسقيــها صباحاً لأَنه
يوردها ماء ظاهراً على وجه الأَرض.
قال الأَزهري: والتَّصْبِيحُ على وجوه، يقال: صَبَّحْتُ القومَ الماءَ
إِذا سَرَيْتَ بهم حتى توردهم الماءَ صباحاً؛ ومنه قوله:
وصَبَّحْتُهم ماءً بفَيْفاءَ قَفْرَةٍ،
وقد حَلَّقَ النجمُ اليمانيُّ، فاستوى
أَرادَ سَرَيْتُ بهم حتى انتهيتُ بهم إِلى ذلك الماء؛ وتقول: صَبَّحْتُ
القوم تصبيحاً إُذا أَتيتهم مع الصباح؛ ومنه قول عنترة يصف خيلاً:
وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوابِساً،
يَهْدِي أَوائِلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ
أَي أَتينا الجِفارَ صباحاً؛ يعني خيلاً عليها فُرْسانها؛ ويقال
صَبَّحْتُ القومَ إِذا سقيتهم الصَّبُوحَ.
والتَّصْبيح: الغَداء؛ يقال: قَرِّبْ إِليَّ تَصْبِيحِي؛ وفي حديث
المبعث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يَتِيماً في حجْر أَبي طالب، وكان
يُقَرَّبُ إِلى الصِّبْيان تَصْبِيحُهم فيختلسون ويَكُفّ أَي يُقَرَّبُ
إِليهم غداؤهم؛ وهو اسم بُني على تَفْعِيل مثل التَرْعِيب للسَّنام
المُقَطَّع، والتنبيت اسم لما نَبَتَ من الغِراس، والتنوير اسم لنَوْر
الشجر.والصَّبُوح: الغَداء، والغَبُوق: العَشاء، وأَصلهما في الشرب ثم استعملا
في الأَكل.
وفي الحديث: من تَصَبَّحَ بسبع تَمراتِ عَجْوَة، هو تَفَعَّلَ من
صَبَحْتُ القومَ إِذا سقيتهم الصَّبُوحَ. وصَبَّحْتُ، بالتشديد، لغة
فيه.والصُّبْحةُ والصَّبَحُ: سواد إِلى الحُمْرَة، وقيل: لون قريب إِلى
الشُّهْبَة، وقيل: لون قريب من الصُّهْبَة، الذكَرُ أَصْبَحُ والأُنثى
صَبْحاء، تقول: رجل أَصْبَحُ وأَسَد أَصْبَح بَيِّنُ الصَّبَح. والأَصْبَحُ من
الشَّعَر: الذي يخالطه بياض بحمرة خِلْقَة أَيّاً كانَ؛ وقد اصْباحَّ.
وقال الليث: الصَّبَحُ شدّة الحمرة في الشَّعَر، والأَصْبَحُ قريب من
الأَصْهَب. وروى شمر عن أَبي نصر قال: في الشعَر الصُّبْحَة والمُلْحَة. ورجل
أَصْبَحُ اللحية: للذي تعلو شعرَه حُمْرةٌ، ومن ذلك قيل: دَمٌ صِباحَيُّ
لشدَّة حمرته؛ قال أَبو زُبيد:
عَبِيطٌ صُباحِيٌّ من الجَوْفِ أَشْقَرا
وقال شمر: الأَصْبَحُ الذي يكون في سواد شعره حمرة؛ وفي حديث الملاعنة:
إِن جاءَت به أَصْبَحَ أَصْهَبَ؛ الأَصْبَحُ: الشديد حمرة الشعر، ومنه
صُبْحُ النهار مشتق من الأَصْبَح؛ قال الأَزهري: ولونُ الصُّبْحِ الصادق
يَضْرِب إِلى الحمرة قليلاً كأَنها لون الشفَق الأَوّل في أَوَّل الليل.
والصَّبَحُ: بَريقُ الحديد وغيره.
والمِصْباحُ: السراج، وهو قُرْطُه الذي تراه في القِنديل وغيره،
والقِراطُ لغة، وهو قول الله، عز وجل: المِصْباحُ في زُجاجةٍ الزُّجاجةُ كأَنها
كوكبٌ دُرِّيٌّ. والمِصْبَحُ: المِسْرَجة. واسْتَصْبَح به: اسْتَسْرَجَ.
وفي الحديث: فأَصْبِحي سِراجَك أَي أَصْلِحيها. وفي حديث جابر في شُحوم
الميتة: ويَسْتَصْبِحُ بها الناسُ أَي يُشْعِلونَ بها سُرُجَهم. وفي حديث
يحيى بن زكريا، عليهما السلام: كان يَخْدُم بيتَ المقدِس نهاراً
ويُصْبِحُ فيه ليلاً أَي يُسْرِجُ السِّراح. والمَصْبَح، بالفتح: موضع الإِصْباحِ
ووقتُ الإِصْباح أَيضاً؛ قال الشاعر:
بمَصْبَح الحمدِ وحيثُ يُمْسِي
وهذا مبني على أَصل الفعل قبل أَن يزاد فيه، ولو بُني على أَصْبَح لقيل
مُصْبَح، بضم الميم؛ قال الأَزهري: المُصْبَحُ الموضع الذي يُصْبَحُ فيه،
والمُمْسى المكان الذي يُمْسَى فيه؛ ومنه قوله:
قريبةُ المُصْبَحِ من مُمْساها
والمُصْبَحُ أَيضاً: الإِصباحُ؛ يقال: أَصْبَحْنا إِصباحاً ومُصْبَحاً؛
وقول النمر بن تَوْلَبٍ:
فأَصْبَحْتُ والليلُ مُسمْتَحْكِمٌ،
وأَصْبَحَتِ الأَرضُ بَحْراً طَما
فسره ابن الأَعرابي فقال: أَصْبَحْتُ من المِصْباحِ؛ وقال غيره: شبه
البَرْقَ بالليل بالمِصْباح، وشدَّ ذلك قولُ أَبي ذؤَيب:
أَمِنْك بَرْقٌ أَبِيتُ الليلَ أَرْقُبُه؟
كأَنه، في عِراصِ الشامِ، مِصْباحُ
فيقول النمر بن تولب: شِمْتُ هذا البرق والليلُ مُسْتَحْكِم، فكأَنَّ
البرقَ مِصْباح إِذ المصابيح إِنما توقد في الظُّلَم، وأَحسن من هذا أَن
يكون البرقُ فَرَّج له الظُّلْمةَ حتى كأَنه صُبْح، فيكون أَصبحت حينئذ من
الصَّباح؛ قال ثعلب: معناه أَصْبَحْتُ فلم أَشْعُر بالصُّبح من شدّة
الغيم؛ والشَّمَعُ مما يُصْطَبَحُ به أَي يُسْرَجُ به. والمِصْبَحُ
والمِصْباحُ: قَدَحٌ كبير؛ عن أَبي حنيفة. والمَصابيح: الأَقْداح التي يُصْطبح
بها؛ وأَنشد:
نُهِلُّ ونَسْعَى بالمَصابِيحِ وَسْطَها،
لها أَمْرُ حَزْمٍ لا يُفَرَّقُ، مُجْمَعُ
ومَصابيحُ النجوم: أَعلام الكواكب، واحدها مِصْباح. والمِصْباح:
السِّنانُ العريضُ. وأَسِنَّةٌ صُباحِيَّةٌ، كذلك؛ قال ابن سيده: لا أَدري
إِلامَ نُسِبَ.
والصَّباحةُ: الجَمال؛ وقد صَبُحَ، بالضم، يَصْبُح صَباحة. وأَما من
الصَّبَح فيقال صَبِحَ
(* قوله «فيقال صبح إلخ» أي من باب فرح، كما في
القاموس.) يَصْبَحُ صَبَحاً، فهو أَصْبَحُ الشعر.
ورجل صَبِيحٌ وصُباحٌ، بالضم: جميل، والجمع صِباحٌ؛ وافق الذين يقولون
فُعال الذين يقولون فَعِيل لاعتِقابهما كثيراً، والأُنثى فيهما، بالهاء،
والجمع صِباحٌ، وافق مذكره في التكسير لاتفاقهما في الوصفية؛ وقد صَبُحَ
صَباحة؛ وقال الليث: الصَّبِيح الوَضِيءُ الوجه. وذو أَصْبَحَ: مَلِكٌ من
ملوك حِمْيَر
(* قوله «ملك من ملوك حمير» من أَجداد الإمام مالك بن أنس.)
وإِليه تنسب السِّياطُ الأَصْبَحِيَّة. والأَصْبَحِيُّ: السوط.
وصَباحٌ: حيّ من العرب، وقد سَمَّتْ صُبْحاً وصَباحاً وصُبَيْحاً
وصَّبَّاحاً وصَبِيحاً ومَضْبَحاً. وبنو صُباح: بطون، بطن في ضَبَّة وبطن في
عبد القَيْس وبطن في غَنِيٍّ. وصُباحُ: حيّ من عُذْرَة ومن عبد القَيْسِ.
وصُنابِحُ: بطن من مُراد.
شرر: الشَّرُّ: السُّوءُ والفعل للرجل الشِّرِّيرِ، والمصدر
الشَّرَارَةُ، والفعل شَرَّ يَشُِرُّ. وقوم أَشْرَارٌ: ضد الأَخيار. ابن سيده:
الشَّرُّ ضدّ الخير، وجمعه شُرُورٌ، والشُّرُّ لغة فيه؛ عن كراع. وفي حديث
الدعاء: والخيرُ كُلُّه بيديك والشَّرُّ ليس إِليك؛ أَي أَن الشر لا يُتقرّب
به إِليك ولا يُبْتَغَى به وَجْهُكَ، أَو أَن الشر لا يصعد إِليك وإِنما
يصعد إِليك الطيب من القول والعمل، وهذا الكلام إِرشاد إِلى استعمال
الأَدب في الثناء على الله، تعالى وتقدس، وأَن تضاف إِليه، عز وعلا، محاسن
الأَشياء دون مساوئها، وليس المقصود نفي شيء عن قدرته وإِثباته لها، فإِن
هذا في الدعاء مندوب إِليه، يقال: يا رب السماء والأَرض، ولا يقال: يا رب
الكلاب والخنازير وإِن كان هو ربها؛ ومنه قوله تعالى: ولله الأَسماء
الحسنى فادعوه بها. وقد شَرَّ يَشِرُّ ويَشُرُّ شَرّاً وشَرَارَةً، وحكى
بعضهم: شَرُرْتُ بضم العين. ورجل شَرِيرٌ وشِرِّيرٌ من أَشْرَارٍ
وشِرِّيرِينَ، وهو شَرٌّ منك، ولا يقال أَشَرُّ، حذفوه لكثرة استعمالهم إِياه، وقد
حكاه بعضهم. ويقال: هو شَرُّهُم وهي شَرُّهُنَّ ولا يقال هو أَشرهم.
وشَرَّ إِنساناً يَشُرُّه إِذا عابه. اليزيدي: شَرَّرَنِي في الناس وشَهَّرني
فيهم بمعنى واحد، وهو شَرُّ الناس؛ وفلان شَرُّ الثلاثة وشَرُّ الاثنين.
وفي الحديث: وَلَدُ الزنا شَرُّ الثلاثة؛ قيل: هذا جاء في رجل بعينه كان
موسوماً بالشَّرّ، وقيل: هو عامٌّ وإِنما صار ولد الزنا شَرّاً من
والديه لأَنه شَرُّهم أَصلاً ونسباً وولادة، لأَنه خلق من ماء الزاني
والزانية، وهو ماء خبيث، وقيل: لأَن الحدّ يقام عليهما فيكون تمحيصاً لهما وهذا
لا يدرى ما يفعل به في ذنوبه. قال الجوهري: ولا يقال أَشَرُّ الناس إِلا
في لغة رديئة؛ ومنه قول امرأَة من العرب: أُعيذك بالله من نَفْسٍ حَرَّى
وعَيْنٍ شُرَّى أَي خبيثة من الشر، أَخرجته على فُعْلَى مثل أَصغر
وصُغْرَى؛ وقوم أَشْرَارٌ وأَشِرَّاءٌ. وقال يونس: واحدُ الأَشْرَارِ رَجُلٌ
شَرٌّ مثل زَنْدٍ وأَزْنَادٍ، قال الأَخفش: واحدها شَرِيرٌ، وهو الرجل ذو
الشَّرِّ مثل يتيم وأَيتام. ورجل شِرِّيرٌ، مثال فِسِّيقٍ، أَي كثير
الشَّرِّ. وشَرَّ يَشُِرُّ إِذا زاد شَرُّهُ. يقال: شَرُرْتَ يا رجل وشَرِرْتَ،
لغتان، شَرّاً وشَرَراً وشَرارَةً. وأَشررتُ الرجلَ: نسبته إِلى الشَّر،
وبعضهم ينكره؛ قال طرفة:
فما زال شُرْبِي الرَّاحَ حتى أَشَرَّنِي
صَدِيقِي، وحتى سَاءَنِي بَعْضُ ذلِكا
فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قوله:
إِذا أَحْسَنَ ابنُ العَمّ بَعْدَ إِساءَةٍ،
فَلَسْتُ لِشَرّي فِعْلَهِ بحَمُول.
إِنما أَراد لِشَرّ فِعْلِهِ فقلب.
وهي شَرَّة وشُرَّى: يذهب بهما إِلى المفاضلة؛ وقال كراع: الشُّرَّى
أُنثى الشَّر الذي هو الأَشَرُّ في التقدير كالفُضْلَى الذي هو تأْنيث
الأَفضل، وقد شَارَّهُ. ويقال: شَارَّاهُ وشَارَّهُ، وفلان يُشَارُّ فلاناً
ويُمَارُّهُ ويُزَارُّهُ أَي يُعاديه. والمُشَارَّةُ: المخاصمة. وفي
الحديث: لا تُشَارِّ أَخاك؛ هو تُفَاعِل من الشر، أَي لا تفعل به شرّاً فتحوجه
إِلى أَن يفعل بك مثله، ويروى بالتخفيف؛ ومنه حديث أَبي الأَسود: ما
فَعَلَ الذي كانت امرأَته تُشَارُه وتُمارُه. أَبو زيد: يقال في مثل: كلَّمَا
تَكْبَرُ تَشِرّ. ابن شميل: من أَمثالهم: شُرَّاهُنَّ مُرَّاهُنَّ. وقد
أَشَرَّ بنو فلان فلاناً أَي طردوه وأَوحدوه.
والشِّرَّةُ: النَّشاط. وفي الحديث: إِن لهذا القرآن شِرَّةً ثم إِن
للناس عنه فَتْرَةً؛ الشِّرَّةُ: النشاط والرغبة؛ ومنه الحديث الآخر: لكل
عابد شِرَّةٌ. وشِرَّةُ الشباب: حِرْصُه ونَشاطه. والشِّرَّةُ؛ مصدر
لِشَرَّ.
والشُّرُّ، بالضم: العيب. حكى ابن الأَعرابي: قد قبلتُ عطيتك ثم رددتها
عليك من غير شُرِّكَ ولا ضُرِّكَ، ثم فسره فقال: أَي من غير ردّ عليك ولا
عيب لك ولا نَقْصٍ ولا إِزْرَاءٍ. وحكى يعقوب: ما قلت ذلك لشُرِّكَ
وإِنما قلته لغير شُرِّكَ أَي ما قلته لشيء تكرهه وإِنما قلته لغير شيء
تكرهه، وفي الصحاح: إِنما قلته لغير عيبك. ويقال: ما رددت هذا عليك من شُرٍّ
به أَي من عيب ولكني آثرتك به؛ وأَنشد:
عَيْنُ الدَّلِيلِ البُرْتِ من ذي شُرِّهِ
أَي من ذي عيبه أَي من عيب الدليل لأَنه ليس يحسن أَن يسير فيه
حَيْرَةً.وعينٌ شُرَّى إِذا نظرت إِليك بالبَغْضَاء. وحكي عن امرأَة من بني عامر
في رُقْيَةٍ: أَرْقيك بالله من نفس حَرَّى وعَين شُرَّى؛ أَبو عمرو:
الشُّرَّى: العَيَّانَةُ من النساء.
والشَّرَرُ: ما تطاير من النار. وفي التنزيل العزيز: إِنها ترمي
بِشَرَرٍ كالقَصْرِ؛ واحدته شَرَرَةٌ وهو الشَّرَارُ واحدته شَرَارَةٌ؛ وقال
الشاعر:
أَوْ كَشَرَارِ الْعَلاَةِ يَضْرِبُها الْـ
ـقَيْنُ، عَلَى كُلِّ وَجْهِهِ تَثِبُ
وشَرَّ اللحْمَ والأَقِطَ والثوبَ ونحوَها يَشُرُّه شَرّاً وأَشَرَّه
وشَرَّرَهُ وشَرَّاهُ على تحويل التضعيف: وضعه على خَصفَةٍ أَو غيرها
ليَجِفَّ؛ قال ثعلب وأَنشد بعض الرواة للراعي:
فأَصْبَحَ يَسْتافُ البِلادَ، كَأَنَّهُ
مُشَرَّى بأَطرافِ البُيوتِ قَديدُها
قال ابن سيده: وليس هذا البيت للراعي إِنما هو للحَلال ابن عمه.
والإِشْرَارةُ: ما يبسط عليه الأَقط وغيره، والجمع الأَشارِيرُ. والشَّرُّ:
بَسْطُك الشيء في الشمس من الثياب وغيره؛ قال الراجز:
ثَوْبٌ على قامَةٍ سَحْلٌ، تَعَاوَرَهُ
أَيْدِي الغَوَاسِلِ، للأَرْوَاحِ مَشْرُورُ
وشَرَّرْتُ الثوبَ واللحم وأَشْرَرْتُ؛ وشَرَّ شيئاً يَشُرُّه إِذا بسطه
ليجف. أَبو عمرو: الشِّرَارُ صفائح بيض يجفف عليها الكَرِيصُ وشَرَّرْتُ
الثوب: بسطته في الشمس، وكذلك التَّشْرِيرُ. وشَرَّرْتُ الأَقِطَ
أَشُرُّهُ شَرّاً إِذا جعلته على خَصِفَةٍ ليجف، وكذلك اللحم والملح ونحوه.
والأَشَارِيرُ: قِطَع قَدِيد. والإِشْرَارَةُ: القَدِيدُ المَشْرُورُ
والإشْرَارَةُ: الخَصَفَةُ التي يُشَرُّ عليها الأَقِطُ، وقيل: هي شُقَّة من
شُقَقِ البيت يُشَرَّرُ عليها؛ وقول أَبي كاهل اليَشْكُرِيِّ:
لها أَشارِيرُ مِنْ لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ،
من الثَّعالِي، وَوَخْزٌ منْ أَرَانِيها
قال: يجوز أَن يعني به الإِشْرَارَة من القَديد، وأَن يعني به الخَصَفَة
أَو الشُّقَّة. وأَرانيها أَي الأَرانب. والوَخْزُ: الخَطِيئَةُ بعد
الخَطيئَة والشيءُ بعد الشيء أَي معدودة؛ وقال الكميت:
كأَنَّ الرَّذاذَ الضَّحْكَ، حَوْلَ كِناسِهِ،
أَشارِيرُ مِلْحٍ يَتَّبِعْنَ الرَّوامِسا
ابن الأَعرابي: الإِشْرَارَةُ صَفِيحَةٌ يُجَفَّفُ عليها القديد، وجمعها
الأَشارِيرُ وكذلك قال الليث: قال الأَزهري: الإِشْرَارُ ما يُبْسَطُ
عليه الشيء ليجف فصح به أَنه يكون ما يُشَرَّرُ من أَقِطٍ وغيره ويكون ما
يُشَرَّرُ عليه. والأَشارِيرُ: جمع إِشْرارَةٍ، وهي اللحم المجفف.
والإِشْرارة: القِطْعة العظيمة من الإِبل لانتشارها وانبثاثها. وقد اسْتَشَرَّ
إِذا صار ذا إِشرارة من إِبل، قال:
الجَدْبُ يَقْطَعُ عَنْكَ غَرْبَ لِسانِهِ،
فإِذا اسْتَشَرَّ رَأَيتَهُ بَرْبَارا
قال ابن بري: قال ثعلب اجتمعت مع ابن سَعْدانَ الراوية فقال لي:
أَسأَلك؟ فقلت: نعم، فقال: ما معنى قول الشاعر؟ وذكر هذا البيت، فقلت له: المعنى
أَن الجدب يفقره ويميت إِبله فيقل كلامه ويذل؛ والغرب: حِدَّة اللسان.
وغَرْبُ كل شيء: حدّته. وقوله: وإِذا استشر أَي صارت له إِشْرَارَةٌ من
الإِبل، وهي القطعة العظيمة منها، صار بَرْباراً وكثر كلامه. وأَشَرَّ
الشيءَ: أَظهره؛ قال كَعْبُ بن جُعَيْلٍ، وقيل: إِنه للحُصَيْنِ بن الحمام
المُرِّيِّ يَذكُرُ يوم صِفِّين:
فما بَرِحُوا حَتَّى رأَى اللهُ صَبْرَهُمْ،
وحَتَّى أُشِرَّتْ بالأَكُفِّ المصاحِفُ
أَي نُشِرَتْ وأُظهرت؛ قال الجوهري والأَصمعي: يروى قول امرئ القيس:
تَجَاوَزْتُ أَحْراساً إِليها ومَعْشَراً
عَلَيَّ حِراصاً، لو يُشِرُّونَ مَقْتَلِي
(* في معلقة امرئ القيس: لو يُسِرّون).
على هذا قال، وهو بالسين أَجود.
وشَرِيرُ البحر: ساحله، مخفف؛ عن كراع. وقال أَبو حنيفة: الشَّرِيرُ مثل
العَيْقَةِ، يعني بالعيقة ساحلَ البحر وناحيته؛ وأَنشد للجَعْدِي:
فَلا زَالَ يَسْقِيــها، ويَسْقِي بلادَها
من المُزْنِ رَجَّافٌ، يَسُوقُ القَوارِيَا
يُسَقِّي شَرِيرَ البحرِ حَوْلاً، تَرُدُّهُ
حَلائبُ قُرْحٌ، ثم أَصْبَحَ غَادِيَا
والشَّرَّانُ على تقدير فَعْلانَ: دَوابُّ مثل البعوض، واحدتها
شَرَّانَةٌ، لغة لأَهل السواد؛ وفي التهذيب: هو من كلام أَهل السواد، وهو شيء
تسميه العرب الأَذى شبه البعوض، يغشى وجه الإِنسان ولا يَعَضُّ.
والشَّرَاشِرُ: النَّفْسُ والمَحَبَّةُ جميعاً. وقال كراع: هي محبة النفس، وقيل: هو
جميع الجسد، وأَلقى عليه شَرَاشِرَهُ، وهو أَن يحبه حتى يستهلك في حبه؛
وقال اللحياني: هو هواه الذي لا يريد أَن يدعه من حاجته؛ قال ذو الرمة:
وكائِنْ تَرى مِنْ رَشْدةٍ في كَرِيهَةٍ،
ومِنْ غَيَّةٍ تُلْقَى عليها الشَّراشِرُ
قال ابن بري: يريد كم ترى من مصيب في اعتقاده ورأْيه، وكم ترى من مخطئ
في أَفعاله وهو جادّ مجتهد في فعل ما لا ينبغي أَن يفعل، يُلْقِي
شَرَاشِرَهُ على مقابح الأُمور وينهَمِك في الاستكثار منها؛ وقال الآخر:
وتُلْقَى عَلَيْهِ، كُلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ،
شَرَاشِرُ مِنْ حَيَّيْ نِزَارٍ وأَلْبُبُ
الأَلْبُبُ: عروق متصلة بالقلب. يقال: أَلقى عليه بنات أَلْبُبه إِذا
أَحبه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
وما يَدْرِي الحَرِيصُ عَلامَ يُلْقي
شَرَاشِرَهُ، أَيُخْطِئُ أَم يُصِيبُ؟
والشَّرَاشِرُ: الأَثقال، الواحدةُ شُرْشُرَةٌ
(* قوله: «الواحدة شرشرة»
بضم المعجمتين كما في القاموس، وضبطه الشهاب في العناية بفتحهما). يقال:
أَلقى عليه شراشره أَي نفسه حرصاً ومحبة، وقيل: أَلقى عليه شَراشره أَي
أَثقاله.
وشَرْشَرَ الشيءَ: قَطَّعَهُ، وكل قطعة منه شِرْشِرَةٌ. وفي حديث
الرؤيا: فَيُشَرْشِرُ بِشِدْقِهِ إِلى قَفاه؛ قال أَبو عبيد: يعني يُقَطِّعُهُ
ويُشَقِّقُهُ؛ قال أَبو زبيد يصف الأَسد:
يَظَلُّ مُغِبّاً عِنْدَهُ مِنْ فَرَائِسٍ،
رُفَاتُ عِظَامٍ، أَو عَرِيضٌ مُشَرشَرُ
وشَرْشَرَةُ الشيء: تَشْقِيقُهُ وتقطيعه. وشَرَاشِرُ الذنَب:
ذَباذِبُهُ. وشَرْشَرَتْهُ الحية: عَضَّتْهُ، وقيل: الشَّرْشَرَةُ أَن تَعَضَّ
الشيء ثم تنفضه. وشَرْشَرَتِ الماشِيَةُ النباتَ: أَكلته؛ أَنشد ابن دريد
لجُبَيْها الأَشْجَعِيِّ:
فَلَوْ أَنَّهَا طافَتْ بِنَبْتٍ مُشَرْشَرٍ،
نَفَى الدِّقَّ عنه جَدْبُه، فَهْوَ كَالحُ
وشَرْشَرَ السِّكِّين واللحم: أَحَدَّهما على حجر. والشُّرْشُور: طائر
صغير مثل العصفور؛ قال الأَصمعي: تسميه أَهل الحجاز الشُّرْشُورَ، وتسميه
الأَعراب البِرْقِشَ، وقيل: هو أَغبر على لطافة الحُمَّرَةِ، وقيل: هو
أَكبر من العصفور قليلاً.
والشَّرْشَرُ: نبت. ويقال: الشَّرْشِرُ، بالكسر. والشَّرْشِرَةُ:
عُشْبَة أَصغر من العَرْفَج، ولها زهرة صفراء وقُضُبٌ وورق ضخام غُبْرٌ،
مَنْبِتُها السَّهْلُ تنبت متفسحة كأَن أَقناءها الحِبالُ طولاً، كَقَيْسِ
الإِنسان قائماً، ولها حب كحب الهَرَاسِ، وجمعها شِرْشِرٌ؛ قال:
تَرَوَّى مِنَ الأَحْدَابِ حَتَّى تَلاحَقَتْ
طَرَائِقُه، واهْتَزَّ بالشِّرْشِرِ المَكْرُ
قال أَبو حنيفة عن أَبي زياد: الشِّرْشِرُ يذهب حِبالاً على الأَرض
طولاً كما يذهب القُطَبُ إِلا أَنه ليس له شوك يؤذي أَحداً؛ الليث في ترجمة
قسر:
وشَِرْشَرٌ وقَسْوَرٌ نَصْرِيُّ
قال الأَزهري: فسره الليث فقال: والشرشر الكلب، والقسور الصياد؛ قال
الأَزهري: أَخطأَ الليث في تفسيره في أَشياء فمنها قوله الشرشر الكلب وإِنما
الشرشر نبت معروف، قال: وقد رأَيته بالبادية تسمن الإِبل عليه
وتَغْزُرُ، وقد ذكره ابن الأَعرابي: من البقول الشَّرْشَرُ. قال: وقيل للأَسدية
أَو لبعض العرب: ما شجرة أَبيك؟ قال: قُطَبٌ وشَرْشَرٌ ووَطْبٌ جَشِرٌ؛
قال: الشِّرْشِرُ خير من الإِسْلِيح والعَرْفَج.
أَبو عمرو: الأَشِرَّةُ واحدها شَرِيرٌ: ما قرب من البحر، وقيل:
الشَّرِيرُ شجر ينبت في البحر، وقيل: الأَشِرَّةُ البحور؛ وقال الكميت:
إِذا هو أَمْسَى في عُبابِ أَشِرَّةٍ،
مُنِيفاً على العَبْرَيْنِ بالماء، أَكْبَدا
وقال الجعدي:
سَقَى بِشَرِيرِ البَحْر حَوْلاً، يَمُدُّهُ
حَلائِبُ قُرْحٌ ثم أَصْبَحَ غادِيا
(* قوله: «سقى بشرير إلخ» الذي تقدم: «تسقي شرير البحر حولاً تردّه»
وهما روايتان كما في شرح القاموس).
وشِوَاءٌ شَرْشَرٌ: يتقاطر دَسَمُه، مثل سَلْسَلٍ. وفي الحديث: لا يأْتي
عليكم عام إِلاَّ والذي بعده شَرٌّ منه. قال ابن الأَثير: سئل الحسن عنه
فقيل: ما بال زمان عمر بن عبد العزيز بعد زمان الحجاج؟ فقال: لا بد
للناس من تنفيس، يعني أَن الله تعالى ينفس عن عباده وقتاً ما ويكشف البلاء
عنهم حيناً. وفي حديث الحجاج: لها كِظَّةٌ تَشْتَرُّ؛ قال ابن الأَثير:
يقال اشْتَرَّ البعير كاجْتَرَّ، وهي الجِرَّةُ لما يخرجه البعير من جوفه
إِلى فمه يمضغه ثم يبتلعه، والجيم والشين من مخرج واحد.
وشُرَاشِرٌ وشُرَيْشِرٌ وشَرْشَرَةُ: أَسماء. والشُّرَيْرُ: موضع، هو من
الجار على سبعة أَميال؛ قال كثير عزة:
دِيارٌ بَأَعْنَاءٍ الشُّرَيْرِ، كَأَنَّمَا
عَلَيْهِنَّ في أَكْنافِ عَيْقَةَ شِيدُ
نضح: النَّضْحُ: الرَّشُّ.
نَضَح عليه الماءَ يَنْضَحُه
(* قوله «نضح عليه الماء ينضحه إلخ» بابه
ضرب ومنع وكذلك نضخ بالخاء المعجمة كما في المصباح.) نَضْحاً إِذا ضربه
بشيء فأَصابه منه رَشاشٌ. ونَضَح عليه الماءُ: ارْتَشَّ. وفي حديث قتادة:
النَّضْحُ من النَّضْحِ؛ يريد من أَصابه نَضْحٌ من البول وهو الشيء اليسير
منه فعليه أَن يَنْضَحَه بالماء وليس عليه غسله؛ قال الزمخشري: هو أَن
يصيبه من البول رَشاشٌ كرؤُوس الإِبَرِ؛ وقال الأَصمعي: نَضَحْتُ عليه
الماءَ نَضْحاً وأَصابه نَضْحٌ من كذا. وقال ابن الأَعرابي: النَّضْح ما كان
على اعتماد وهو ما نَضَحْته بيدك معتمداً، والناقة تَنْضَحُ ببولها.
والنَّضْحُ: ما كان على غير اعتماد، وقيل: هما لغتان بمعنى واحد، وكله رش.
والقربةُ تَنْضَحُ من غير اعتماد . . . فَوطِئَ
(* قوله «اعتماد . . .
فوطئ» هو هكذا مع البياض في الأصل.) على ماء فنَضَح عليه وهو لا يريد ذلك؛
ومنه نَضْحُ البول في حديث إِبراهيم: أَنه لم يكن يرى بنَضْح البول
بأْساً. وحكى الأَزهري عن الليث: النَّضْح كالنَّضْخ ربما اتفقا وربما
اختلفا. ويقولون: النَّضْح ما بقي له أَثر كقولك على ثوبه نَضْحُ دَمٍ، والعين
تَنْضَحُ بالماء نَضْحاً إِذا رأَيتها تفور، وكذلك تَنْضَخُ العين؛ وقال
أَبو زيد: يقال نَضَخَ عليه الماءُ يَنْضَخُ، فهو ناضخٌ؛ وفي الحديث:
يَنْضَخُ البحرُ ساحلَه. وقال الأَصمعي: لا يقال من الخاء فَعَلْتُ، إِنما
يقال أَصابه نَضْخ من كذا؛ وقال أَبو الهيثم: قول أَبي زيد أَصح، والقرآن
يدل عليه، قال الله تعالى: فيهما عينان نَضَّاختان؛ فهذا يشهد به. يقال:
نَضَخَ عليه الماء لأَن العين النَّضَّاخة هي الفَعَّالة، ولا يقال لها:
نَضَّاخة حتى تكون ناضحة؛ قال ابن الفرج: سمعت جماعة من قيس يقولون:
النَّضح والنَّضْخُ واحد؛ وقال أَبو زيد: نَضَحْتُه ونَضَخْته بمعنى واحد؛
قال: وسمعت الغَنَوِيّ يقول: النَّضْح والنَّضْخُ وهو فيما بان أَثره وما
رق بمعنى واحد. قال: وقال الأَصمعي: النَّضْح الذي ليس بينه فُرَجٌ،
والنَّضْخُ أَرَقّ منه؛ وقال أَبو لَيْلى: النَّضْحُ والنَّضْخُ ما رَقَّ
وثَخُن بمعنى واحد.
ونَضَحَ البيتَ يَنْضِحُه، بالكسر، نَضْحاً: رَشَّه؛ وقيل: رشه رشّاً
خفيفاً. وانْتَضَح عليهم الماء أَي تَرَشَّش. وفي الحديث: المدينة كالكِير
تَنْفي خَبَثَها وتَنْضَحُ طِيبَها، روي بالضاد والخاء المعجمتين وبالحاء
المهملة، من النَّضْح وهو رش الماء، وهو مذكور في بضع. ونَضَح الماءُ
العطشَ يَنْضِحُه: رَشَّه فذهب به أَو كاد يذهب به. ونَضَح الماءُ المالَ
يَنْضِحُه: ذهب بعطشه أَو قارب ذلك.
والنَّضَحُ، بفتح الضاد، والنضيح: الحوض لأَنه يَنْضَح العطش أَي
يَبُلُّه؛ وقيل: هما الحوض الصغير، والجمع أَنضاح ونُضُحٌ. وقال الليث: النضيح
من الحياض ما قَرُب من البئر حتى يكون الإِفراغ فيه من الدلو ويكون
عظيماً؛ وقال الأَعشى:
فَغَدَوْنا عليهمُ بُكْرَةَ الوِرْ
دِ، كما تُورِدُ النَّضِيحَ الهِياما
قال ابن الأَعرابي: سمي بذلك لأَنه يَنْضِحُ عطشَ الإِبل أَي يَبُلُّه.
قال أَبو عبيد وقال أَبو عمرو: نَضَحْتُ الرِّيَّ، بالضاد؛ وقال
الأَصمعي: فإِن شرب حتى يَرْوَى قال نَصَحْتُ، بالصاد، نَصْحاً ونَصَعْتُ به
ونَقَعْتُ.
قال: والنَّضْحُ والنَّشْحُ واحد، وهو أَن يشرب دون الرِّيّ.
والنَّضْحُ: سقي الزرع وغيره بالسانية. ونَضَحَ زرعَه: سقاه بالدَّلْو.
والناضحُ: البعير أَو الثور أَو الحمار الذي يستقى عليه الماء، والأُنثى
بالهاء، ناضحة وسانية. وفي الحديث: ما سُقِيَ من الزرع نَضْحاً ففيه نصف
العشر؛ يريد ما سقي بالدِّلاءِ والغُروب والسَّواني ولم يُسْقَ فَتْحاً.
والنواضح من الإِبل: التي يستقى عليها، واحدها ناضح؛ ومنه الحديث: أَتاه
رجل فقال: إِن ناضح بني فلان قد أَبَدَ عليهم. وفي حديث معاوية قال
للأَنصار وقد قعدوا عن تلقيه لما حج: ما فَعَلَتْ نَواضِحُكم؟ كأَنه
يُقَرِّعُهم بذلك لأَنهم كانوا أَهل حَرْثٍ وزَرْعٍ وسَقْيٍ، وقد تكرر ذكره في
الحديث مفرداً ومجموعاً. والنَّضَّاح: الذي يَنْضَحُ على البعير أَي يسوق
السانية ويسقي نخلاً؛ قال أَبو ذؤيب:
هَبَطْنَ بَطْنَ رُهاط واعْتَصَبْنَ، كما
يَسْقِي الجُذُوعَ، خِلالَ الدُّورِ، نَضَّاحُ
وهذه نخل تُنْضَحُ أَي تُسْقَى. ويقال: فلان يَسْقي بالنَّضْحِ، وهو
مصدر.
والنَّضْحاتُ: الشيء اليسير المتفرق من المطر. قال شمر: وقد قالوا في
نَضَحَ المطرُ، بالحاء والخاء. والناضحُ: المطر؛ وقد نَضَحَتْنا السماء.
والنَّضْحُ أَمْثَلُ من الطَّلّ: وهو قَطْرٌ بين قَطْرَيْن. قال: ويقال لكل
شيء يَتَحَلَّب من ماء أَو عَرَقٍ أَو بول: يَنْضَحُ: وأَنشد:
يَنْضَحْنَ في حافاته بالأَبْوال
ونَضَحَ الرجلُ بالعَرَق نَضْحاً: فَضَّ به، وكذلك الفرس. والنَّضِيحُ
والتَّنْضاحُ: العرق؛ قال الراجز:
تَنْضَحُ ذِفْراه بماء صَبِّ
والنَّضُوحُ: الوَجُور في أَيّ الفم كان. ونَضَحَتِ العين تَنْضَحُ
نَضْحاً وانْتَضَحَت: فارت بالدمع؛ وعيناه تَنْضَحانِ. والنَّضْحُ يدعوه
الهَمَلانُ: وهو أَن تمتلئ العين دمعاً ثم تَنْفَضِحَ هَمَلاناً لا ينقطع.
ونَضَحَتِ الخابية والجَرَّة تَنْضَحُ إِذا كانت رقيقة فخرج الماء من
الخَزَف ورشَحَتْ؛ وكذلك الجبل الذي يتحلب الماء بين صخوره. ومَزادةٌ نَضُوح:
تَنْضَِح الماءَ؛ ونَضَحَتْ ذِفْرَى البعير بالعَرَق نَضْحاً؛ وقال
القَطامِيّ:
حَرَجاً كأَنَّ، من الكُحَيْلِ، صُبابةً،
نَضَحَتْ مَغابِنُها به نَضَحَانا
قال: ورواه المُؤَرِّجُ نُضِخَتْ.
واسْتَنْضَح الرجلُ وانْتَضَح: نَضَح شيئاً من ماء على فرجه بعد الوضوء؛
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه عَدَّ عَشْرَ خِلالٍ من
السنَّة وذكر فيها الانتضاحَ بالماءِ، وهو أَن يأْخذ ماء قليلاً فيَنْضَحَ به
مذاكيره ومُؤْتَزَرَه بعد فراغه من الوضوء، لينفي بذلك عنه الوَسْواس: وفي
خبر آخر: انْتِفاض الماء، ومعناهما واحد. وفي حديث عطاء: وسئل عن نَضَحِ
الوضوء؛ هو بالتحريك، ما يَتَرَشَّشُ منه عند التَّوَضُّؤ كالنَّشَرِ.
ونَضَح بالبول على فخذيه: أَصابهما به؛ وكذلك نَضَحَ بالغبار.
ونَضَحَ الجُلَّة يَنْضِحُها نَضْحاً: رَشَّها بالماء ليَتَلازَب
قَمْرُها ويلزم بعضُه بعضاً. ونَضَحَ الجُلَّة أَيضاً: نثر ما فيها؛ وقول
الشاعر:
يَنْضَحُ بالبَوْلِ، والغُبارُ على
فَخْذَيْه، نَضْحَ العِيدِيَّةِ الجُلَلا
يفسر بكل واحد من هاتين. ونَضَحَ الرِّيّ نَضْحاً: شَرِبَ دونه؛ وقيل:
هو أَن يشرب حتى يَرْوَى، فهو من الأَضداد؛ وقال شمر: يقال نَضَحْتُ
الأَدِيمَ بللته أَن لا ينكسر؛ قال الكميت:
نَضَحْتُ أَدِيمَ الوُدِّ بيني وبينكم
بِآصِرةِ الأَرْحامِ، لو تَتَبَلَّلُ
نَضَحْتُ أَي وَصَلْتُ. والنَّضُوحُ، بالفتح: ضرب من الطيب؛ وقد
انْتَضَحَ به. والنَّضْحُ: منه ما كان رقيقاً كالماء، والجمع نُضُوح وأَنْضِحَة،
والنَّضْخُ ما كان منه غليظاً كالخَلُوق والغالية. وفي حديث الإِحرام:
ثم أَصبح محرماً يَنْضَحُ طِيباً أَي يفوح. النَّضُوح: ضرب من الطيب تفوح
رائحته، وأَصل النَّضْح الرَّشْح فشبه كثرة ما يفوح من طيبه بالرشح؛ ومنه
حديث عليّ: وجد فاطمة وقد نَضَحَتِ البيتَ بنَضُوح أَي طَيَّبته وهي في
الحج. وأَرض مُنْضِحة: واسعة. ونَضَّحَتِ الغنم: شَبِعَت. ونَضَحْناهم
بالنَّبْل نَضْحاً: رميناهم ورَشَقْناهم. ونَضَحْناهم نَضْحاً: وذلك إِذا
فرَّقوها فيهم. وفي حديث هجاء المشركين: كما تَرْمُون نَضْحَ النَّبْل.
ويقال: انِْضَحْ عَنَّا الخيلَ أَي ارْمِهم. وفي الحديث أَنه قال للرُّماة
يوم أُحُد: انْضَِحوا عنا الخيل لا نُؤْتَى من خَلْفِنا أَي ارموهم
بالنُّشَّاب. ونَضَحَ عنه: ذَبَّ ودفع. ونَضَح الرجل: ردَّ عنه؛ عن كراع.
ونَضَحَ الرجلُ عن نفسه إِذا دفع عنها بحُجَّة. وهو يَنْضَح عن فلان أَي
يَذُبُّ عنه ويدفع. ورأَيته يَتَنَضَّحُ مما قُرِف به أَي ينتفي ويَتَنَصَّل
منه. وقال شُجاعٌ: مَضَحَ عن الرجل ونَضَح عنه وذَبَّ بمعنى واحد.
ويقال: هو يناضِحُ عن قومه ويُنافِحُ عنهم أَي يذب عنهم؛ وأَنشد:
ولو بَلا، في مَحْفِلٍ، نِضاحِي
أَي ذَبِّي ونَضْحِي عنه. وقَوْس نَضُوح: شديدة الدفع والحَفْز للسهم،
حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد لأَبي النجم:
أَنْحَى شِمالاً هَمَزَى نَضُوحا
أَي مدَّ شماله في القوس. هَمَزَى يعني القوسَ أَنها شديدة.
والنَّضُوحُ: من أَسماء القوس كما تَنْضَحُ بالنبل.
والنَّضَّاحة: الآلة التي تُسَوَّى من النحاس أَو الصُّفْر للنَّفْطِ
وزَرْقِه؛ ابن الأَعرابي: المِنْضَحَة والمَنْضَحة الزَّرَّاقة؛ قال
الأَزهري: وهي عند عوامِّ الناس النَّضَّاحة ومعناهما واحد.
وقال ابن الفرج: سمعت شُجاعاً السُّلَمِيّ يقول: أَمْضَحْتَ عِرْضِي
وأَنْضَحْتَه إِذا أَفسدته؛ وقال خَليفة: أَنضَحْتُه إِذا أَنْهَبْتَه
الناس.وانْتَضَحَ من الأَمر: أَظهر البراءة منه. والرجل يُرْمَى أَو يُقْرَف
بتُهَمَة فيَنْتَضِح منه أَي يُظْهِرُ التَبَرِّي منه. وإِذا ابتدأَ
الدقيق في حب السُّنْبُل وهو رطب فقد نَضَحَ وأَنْضَح، لغتان؛ قال ابن سيده:
وأَنْضَحَ الدقيقُ بدأَ في حَبِّ السنبل وهو رَطْبٌ. ونَضَح الغَضا
نَضْحاً: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ والنبات وعَمَّ بعضُهم به الشجر؛ قال أَبو طالب
بن عبد المطلب:
بُورِكَ المَيِّتُ الغَرِيبُ، كما بُو
رِكَ نَضْحُ الرُّمَّانِ والزَّيْتُونِ
فأَما قول أَبي حنيفة نُضُوح الشجر فلا أَدري أَرآه للعرب أَم هو
أَقْدَمَ فجمع نَضْحَ الشجر على نُضُوح، لأَن بعض المصادر قد يجمع كالمرض
والشُّغْل والعقل، قالوا: أَمراض وأَشغال وعُقُول. ونَضَح الزَّرعُ: غَلُظَت
جثته.
سعد: السَّعْد: اليُمْن، وهو نقيض النَّحْس، والسُّعودة: خلاف النحوسة،
والسعادة: خلاف الشقاوة. يقال: يوم سَعْد ويوم نحس. وفي المثل: في الباطل
دُهْدُرَّيْنْ سَعْدُ القَيْنْ، ومعناهما عندهم الباطل؛ قال الأَزهري:
لا أَدري ما أَصله؛ قال ابن سيده: كأَنه قال بَطَلَ يعدُ القينُ،
فَدُهْدُرَّيْن اسم لِبَطَلَ وسعد مرتفع به وجمعه سُعود. وفي حديث خلف: أَنه سمع
أَعرابيّاً يقول دهدرّين ساعد القين؛ يريد سعد القين فغيره وجعله
ساعداً.وقد سَعِدَ يَسْعَدُ سَعْداً وسَعادَة، فهو سعيد: نقيض شَقى مثل سَلمِ
فهو سَليم، وسُعْد، بالضم، فهو مسعود، والجمع سُعداء والأُنثى بالهاء. قال
الأَزهري: وجائز أَن يكون سعيد بمعنى مسعود من سَعَده الله، ويجوز أَن
يكون من سَعِد يَسْعَد، فهو سعيد. وقد سعَده الله وأَسعده وسَعِد يَسْعَد،
فهو سعيد. وقد سَعده الله وأَسعده وسَعِد جَدُّه وأَسَعده: أَنماه.
ويومٌ سَعْد وكوكبٌ سعد وُصِفا بالمصدر؛ وحكى ابن جني: يومٌ سَعْد وليلةٌ
سعدة، قال: وليسا من باب الأَسْعد والسُّعْدى، بل من قبيل أَن سَعْداً
وسَعْدَةً صفتان مسوقتان على منهاج واستمرار، فسَعْدٌ من سَعْدَة كجَلْد من
جَلْدة ونَدْب من نَدْبة، أَلا تراك تقول هذا يوم سَعْدٌ وليلة سعدة، كما
تقول هذا شَعر جَعْد وجُمَّة جعدة؟ وتقول: سَعَدَ يومُنا، بالفتح، يَسْعَد
سُعودا. وأَسعده الله فهو مسعود، ولا يقال مُسْعَد كأَنهم استَغْنَوا
عنه بمسعود.
والسُّعُد والسُّعود، الأَخيرة أَشهر وأَقيس: كلاهما سعود النجوم، وهي
الكواكب التي يقال لها لكل واحد منها سَعْدِ كذا، وهي عشرة أَنجم كل واحد
منها سعد: أَربعة منها منازلُ ينزل بها القمر، وهي: سعدُ الذابِح وسعدُ
بُلَع وسعد السُّعود وسعدُ الأَخْبِيَة، وهي في برجي الجدي والدلو، وستة
لا ينزل بها القمر، وهي: سعد ناشِرَة وسعد المَلِك وسعْدُ البِهامِ وسعدُ
الهُمامِ وسعد البارِع وسعد مَطَر، وكل سعد منها كوكبان بين كل كوبين في
رأْي العين قدر ذراع وهي متناسقة؛ قال ابن كناسة: سعد الذابح كوكبان
متقاربان سمي أَحدهما ذابحاً لأَن معه كوكباً صغيراً غامضاً، يكاد يَلْزَقُ
به فكأَنه مُكِبٌّ عليه يذبحه، والذابح أَنور منه قليلاً؛ قال: وسعدُ
بُلَع نجمان معترِضان خفيان. قال أَبو يحيى: وزعمت العرب أَنه طلع حين قال
الله: يا أَرض ابلعي ماءك ويا سماء أَقلعي؛ ويقال إِنما سمي بُلَعاً لأَنه
كان لقرب صاحبه منه يكاد أَن يَبْلَعَه؛ قال: وسعد السعود كوكبان، وهو
أَحمد السعود ولذلك أُضيف إِليها، وهو يشبه سعد الذابح في مَطْلَعِه؛ وقال
الجوهري: هو كوكب نَيِّرٌ منفرد. وسعد الأَخبية ثلاثة كواكب على غير طريق
السعود مائلة عنها وفيها اختلاف، وليست بخفية غامضة ولا مضيئة منيرة،
سميت سعد الأَخبية لأَنها إِذا طلعت خرجت حشَراتُ الأَرض وهوامُّها من
جِحَرتها، جُعِلَتْ جِحَرتُها لها كالأَخبية؛ وفيها يقول الراجز:
قد جاء سعدٌ مُقْبِلاً بِجَرِّه،
واكِدَةً جُنودُه لِشَرِّه
فجعل هوامَّ والأَرض جنوداً لسعد الأَخبية؛ وقيل: سعد الأَخبية ثلاثة
أَنجم كأَنها أَثافٍ ورابع تحت واحد منهن، وهي السعود، كلها ثمانية، وهي من
نجوم الصيف ومنازل القمر تطلع في آخر الربيع وقد سكنت رياح الشتاء ولم
يأْت سلطان رياح الصيف فأَحسن ما تكون الشمس والقمر والنجوم في أَيامها،
لأَنك لا ترى فيها غُبْرة، وقد ذكرها الذبياني فقال:
قامت تَراءَى بين سِجْفَيِ كلَّةٍ،
كالشمسِ يوم طُلوعِها بالأَسعَد
والإِسْعاد: المعونة. والمُساعَدة: المُعاونة.
وساعَدَه مُساعدة وسِعاداً وأَسعده: أَعانه. واستَسْعد الرجلُ برؤية
فلان أَي عدّه سَعْداً.
وسعْدَيك من قوله لَبَّيك وسعديك أَي إِسعاداً لك بعد إِسعادٍ. روي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه كان يقول في افتتاح الصلاة: لبيك وسعديك،
والخير في يديك والشر ليس إِليك؛ قال الأَزهري: وهو خبر صحيح وحاجة أَهل
العلم إِلى معرفة تفسيره ماسة، فأَما لبَّيْك فهو مأخوذ من لبَِّ
بالمكان وأَلبَّ أَي أَقام به لَبّاً وإِلباباً، كأَنه يقول أَنا مقيم على
طاعتك إِقامةً بعد إِقامةٍ ومُجيب لك إِجابة بعد إِجابة؛ وحكي عن ابن السكيت
في قوله لبيك وسعديك تأْويله إِلباباً بك بعد إِلباب أَي لزوماً لطاعتك
بعد لزوم وإِسعاداً لأَمرك بعد إِسعاد؛ قال ابن الأَثير أَي ساعدت طاعتك
مساعدة بعد مساعدة وإِسعاداً بعد إِسعاد ولهذا ثنى، وهو من المصادر
المنصوبة بفعل لا يظهر في الاستعمال؛ قال الجَرْميّ: ولم نَسْمَع لسعديك
مفرداً. قال الفراء: لا واحد للبيك وسعديك على صحة؛ قال ابن الأَنباري: معنى
سعديك أَسعدك الله إِسعاداً بعد إِسعاد؛ قال الفراء: وحنَانَيْك رحِمَك
الله رحمة بعد رحمة، وأَصل الإِسعاد والمساعدة متابعةُ العبد أَمرَ ربه
ورضاه. قال سيبويه: كلام العرب على المساعدة والإِسعاد، غير أَن هذا الحرف
جاء مثنى على سعديك ولا فعل له على سعد، قال الأَزهري: وقد قرئ قوله
تعالى: وأَما الذين سُعدوا؛ وهذا لا يكون إِلا من سعَدَه اللهُ وأَسعَدَه
(*
قوله «الا من سعده الله وأسعده إلخ» كذا بالأصل ولعل الأولى إلاّ من سعده
الله بمعنى أسعده.) أَي أَعانه ووفَّقَه، لا من أَسعده الله، ومنه سمي
الرجل مسعوداً. وقال أَبو طالب النحوي: معنى قوله لبيك وسعديك أَي
أَسعَدَني الله إِسعاداً بعد إِسعاد؛ قال الأَزهري: والقول ما قاله ابن السكيت
وأَبو العباس لأَن العبد يخاطب ربه ويذكر طاعته ولزومه أَمره فيقول سعديك،
كما يقول لبيك أَي مساعدة لأَمرك بعد مساعدة، وإِذا قيل أَسعَدَ الله
العبد وسعَدَه فمعناه وفقه الله لما يرضيه عنه فَيَسْعَد بذلك سعادة.
وساعِدَةُ الساق: شَظِيَّتُها.
والساعد: مُلْتَقى الزَّنْدَين من لدن المِرْفَق إِلى الرُّسْغ.
والساعِدُ: الأَعلى من الزندين في بعض اللغات، والذراع: الأَسفلُ منهما؛ قال
الأَزهري: والساعد ساعد الذراع، وهو ما بين الزندين والمرفق، سمي ساعداً
لمساعدته الكف إِذا بَطَشَت شيئاً أَو تناولته، وجمع الساعد سَواعد.
والساعد: مَجرى المخ في العظام ؛ وقول الأَعلم يصف ظليماً:
على حَتِّ البُرايَةِ زَمْخَرِيِّ السَّـ
واعِدِ، ظَلَّ في شَريٍ طِوالِ
عنى بالسواعد مجرى المخ من العظام، وزعموا أَن النعام والكرى لا مخ
لهما؛ وقال الأَزهري في شرح هذا البيت: سواعد الظليم أَجنحة لأَن جناحيه ليسا
كاليدين. والزَّمْخَرِيُّ في كل شيء: الأَجْوف مثل القصب وعظام النعام
جُوف لا مخ فيها. والحتُّ: السريع. والبُرَايَةُ: البقِية؛ يقول: هو سريع
عند ذهاب برايته أَي عند انحسار لحمه وشحمه.
والسواعد: مجاري الماء إِلى النَّهر أَو البَحْر. والساعدة: خشبة تنصب
لِتُمْسِكَ البَكْرَة، وجمعها السواعد. والساعد: إِحْلِيلُ خِلْف الناقة
وهو الذي يخرج منه اللبن؛ وقيل: السواعد عروق في الضَّرْع يجيء منها اللبن
إِلى الإِحليل؛ وقال الأَصمعي: السواعد قَصَب الضرع؛ وقال أَبو عمرو: هي
العروق التي يجيء منها اللبن شبهت بسواعد البحر وهي مجاريه. وساعد
الدَّرّ: عرق ينزل الدَّرُّ منه إِلى الضرع من الناقة وكذلك العرق الذي يؤدي
الدَّرَّ إِلى ثدي المرأَة يسمى ساعداً؛ ومنه قوله:
أَلم تعلمي أَنَّ الأَحاديثَ في غَدٍ
وبعد غَدٍ يا لُبن، أَلْبُ الطَّرائدِ
وكنتم كأُمٍّ لَبَّةٍ ظعَنَ ابُنها
إِليها، فما دَرَّتْ عليه بساعِدِ
رواه المفضل: ظعن ابنها، بالظاء، أَي شخص برأْسه إِلى ثديها، كما يقال
ظعن هذا الحائط في دار فلان أَي شخص فيها.
وسَعِيدُ المَزْرَعَة: نهرها الذي يسقيــها. وفي الحديث: كنا نُزَارِعُ
على السَّعِيدِ.
والساعِدُ: مَسِيلُ الماء لى الوادي والبحر، وقيل: هو مجرى البحر إِلى
الأَنهار. وسواعد البئر: مخارج مائها ومجاري عيونها. والسعيد: النهر الذي
يسقي الأَرض بظواهرها إِذا كان مفرداً لها، وقيل: هو النهر، وقيل: النهر
الصغير، وجمعه سُعُدٌ؛ قال أَوس بن حجر:
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، مُقَفِّيَةً،
نخلٌ مَواقِرُ بينها السُّعُد
ويروى: حوله. أَبو عمرو: السواعد مجاري البحر التي تصب إِليه الماء،
واحدها ساعد بغير هاء؛ وأَنشد شمر:
تأَبَّدَ لأْيٌ منهمُ فَعُتائِدُه،
فذو سَلَمٍ أَنشاجُه فسواعِدُهْ
والأَنشاجُ أَيضاً: مَجَارِي الماء، واحدها نَشَجٌ. وفي حديث سعد: كنا
نَكْرِي الأَرض بما على السَّواقي وما سَعِدَ من الماء فيها فنهانا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك؛ قوله: ما سعد من الماء أَي ما جاء من
الماء سَيْحاً لا يحتاج إِلى دالية يَجِيئُه الماء سيحاً، لأَن معنى ما
سعد: ما جاء من غير طلب. والسَّعيدة: اللِّبْنَةُ لِبْنةُ القميص.
والسعيدة: بيت كان يَحُجه ربيعة في الجاهلية.
والسَّعْدانة: الحمامة؛ قال:
إِذا سَعْدانَةُ الشَّعَفاتِ ناحت
والسَّعدانة: الثَّنْدُوَة، وهو ما استدار من السواد حول الحَلَمةِ.
وقال بعضهم: سعدانة الثدي ما أَطاف به كالفَلْكَة. والسَّعْدانة: كِرْكِرَةُ
البعير، سميت سعدانه لاستدارتها. والسعدانة: مَدْخل الجُرْدان من
ظَبْيَةِ الفرس. والسَّعْدانة: الاست وما تَقبَّضَ من حَتَارِها. والسعدانة:
عُقْدة الشِّسع مما يلي الأَرض والقِبالَ مثلُ الزِّمام بين الإِصبع الوسطى
والتي تليها. والسعدانة: العقدة في أَسفل كفَّة الميزان وهي السعدانات.
والسَّعْدانُ: شوك النخل؛ عن أَبي حنيفة، وقيل: هو بقلة. والسعدان: نبت
ذو شوك كأَنه فَلْكَةٌ يَسْتَلْقِي فينظر إِلى شوكه كالحاً إِذا يبس،
ومََنْبتُهُ سُهول الأَرض، وهو من أَطيب مراعي الإِبل ما دام رطباً، والعرب
تقول: أَطيب الإِبل لبناً ما أَكلَ السَّعْدانَ والحُرْبُثَ. وقال
الأَزهري في ترجمة صفع: والإِبل تسمن على السعدان وتطيب عليه أَلبانها، واحدته
سَعْدانَة؛ وقيل: هو نبت والنون فيه زائدة لأَنه ليس في الكلام فَعْلال
غير خزعال وقَهْقار إِلا من المضاعف، ولهذا النبت شوك يقال له حَسَكَةُ
السعدان ويشبه به حَلَمَةُ الثدي، يقال سعدانة الثُّنْدُوَة. وأَسفلَ
العُجايَة هنَاتٌ بأَنها الأَظفار تسمى: السعدانات. قال أَبو حنيفة: من
الأَحرار السعدان وهي غبراء اللون حلوة يأْكلها كل شيء وليست بكبيرة، ولها إِذا
يبست شوكة مُفَلطَحَة كأَنها درهم، وهو من أَنجع المرعى؛ ولذلك قيل في
المثل: مَرْعًى ولا كالسَّعدان؛ قال النابغة:
الواهِب المائَة الأَبكار، زَيَّنها
سَعدانُ تُوضَح في أَوبارها اللِّبَد
قال: وقال الأَعرابي لأَعرابي أَما تريد البادية؟ فقال: أَما ما دام
السعدان مستلقياً فلا؛ كأَنه قال: لا أُريدها أَبداً. وسئلت امرأَة تزوّجت
عن زوجها الثاني: أَين هو من الأَول؟ فقالت: مرعى ولا كالسعدان، فذهبت
مثلاً، والمراد بهذا المثل أَن السعدان من أَفضل مراعيهم. وخلط الليث في
تفسير السعدان فجعل الحَلَمَة ثمرَ السعدان وجعل له حَسَكاً كالقُطْب؛ وهذا
كله غلط، والقطب شوك غير السعدان يشبه الحسَك؛ وأَما الحَلَمة فهي شجرة
أُخرى وليست من السعدان في شيء. وفي الحديث في صفة من يخرج من النار: يهتز
كأَنه سَعدانة؛ هو نبت ذو شوك. وفي حديث القيامة والصراط: عليها خَطاطيف
وكلاليبُ وحَسَكَةٌ لها شوكة تكون بنجد يقال لها السعدان؛ شَبَّه
الخطاطيف بشوك السعدان.
والسُّعْد، بالضم: من الطيب، والسُّعادى مثله. وقال أَبو حنيفة:
السُّعدة من العروق الطيبة الريح وهي أَرُومَة مُدحرجة سوداء صُلْبَة، كأَنها
عقدة تقع في العِطر وفي الأَدوية، والجمع سُعْد؛ قال: ويقال لنباته
السُّعَادَى والجمع سُعادَيات. قال الأَزهري: السُّعد نبت له أَصل تحت الأَرض
أَسود طيب الريح، والسُّعادى نبت آخر. وقال الليث: السُّعادَى نبت السُّعد.
ويقال: خرج القوم يَتَسَعَّدون أَي يرتادون مرعى السعدان. قال الأَزهري:
والسّعدان بقل له ثمر مستدير مشوك الوجه إِذا يبس سقط على الأَرض
مستلقياً، فإِذا وطئه الماشي عقَر رجله شوْكُه، وهو من خير مراعيهم أَيام
الربيع، وأَلبان الإِبل تحلو إِذا رعت السَّعْدانَ لأَنه ما دام رطباً حُلْوٌ
يتمصصه الإِنسان رطباً ويأْكله.
والسُّعُد: ضرب من التمر؛ قال:
وكأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ، مُدْبِرةً،
نَخْلٌ بِزارَةَ حَمْله السُّعُدُ
وفي خطبة الحجاج: انج سَعْدُ فقد قُتِلَ سُعَيْد؛ هذا مثل سائر وأَصله
أَنه كان لِضَبَّة بن أُدٍّ ابنان: سَعْدٌ وسُعَيْدٌ، فخرجا يطلبان إِبلاً
لهما فرجع سعد ولم يرجع سعيد، فكان ضبةُ إِذا رأَى سواداً تحت الليل قال:
سَعْد أَم سُعَيْد؟ هذا أَصل المثل فأُخذ ذلك اللفظ منه وصار مما
يتشاءَم به، وهو يضرب مثلاً في العناية بذي الرحم ويضرب في الاستخبار عن
الأَمرين الخير والشر أَيهما وقع؛ وقال الجوهري في هذا المكان: وفي المثل:
أَسعد أَم سعيد إِذا سئل عن الشيء أَهو مما يُحَبّ أَو يُكْرَه.
وفي الحديث أَنه قال: لا إِسعادَ ولا عُفْرَ في الإِسلام؛ هو إِسعاد
النساء في المَناحات تقوم المرأَة فتقوم معها أُخرى من جاراتها إِذا أُصيبت
إِحداهنَّ بمصيبة فيمن يَعِزُّ عليها بكت حولاً، وأَسْعَدها على ذلك
جاراتها وذواتُ قراباتها فيجتمعن معها في عِداد النياحة وأََوقاتها
ويُتابِعْنها ويُساعِدْنها ما دامت تنوح عليه وتَبْكيه، فإِذا أُصيبت صواحباتها
بعد ذلك بمصيبة أَسعدتهن فنهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن هذا الإِسعاد.
وقد ورد حديث آخر: قالت له أُم عطية: إِنَّ فلانه أَسْعَدَتْني فأُريد
أُسْعِدُها، فما قال لها النبي، صلى الله عليه وسلم، شيئاً. وفي رواية
قال: فاذْهَبي فأَسْعِدِيها ثم بايعيني؛ قال الخطابي: أَما الإِسعاد فخاص في
هذا المعنى، وأَما المُساعَدَة فعامَّة في كل معونة. يقال إِنما سُمِّيَ
المُساعَدَةَ المُعاونَةُ من وضع الرجل يدَه على ساعد صاحبه، إِذا
تماشيا في حاجة وتعاونا على أَمر.
ويقال: ليس لبني فلان ساعدٌ أَي ليس لهم رئيس يعتمدونه. وساعِدُ القوم:
رئيسهم؛ قال الشاعر:
وما خَيرُ كفٍّ لا تَنُوءُ بساعد
وساعدا الإِنسان: عَضْداه. وساعدا الطائر: جناحاه. وساعِدَةُ: قبيلة.
وساعِدَةُ: من أَسماء الأَسد معرفة لا ينصرف مثل أُسامَةَ.
وسَعِيدٌ وسُعَيْد وسَعْد ومَسْعُود وأَسْعَدُ وساعِدَةُ ومَسْعَدَة
وسَعْدان: أَسماءُ رجال، ومن أَسماءِ النساء مَسْعَدَةُ.
وبنو سَعْد وبنو سَعِيدٍ: بطنان. وبنو سَعْدٍ: قبائل شتى في تميم وقيس
وغيرهما؛ قال طرفة بن العبد:
رأَيتُ سُعوداً من شُعوبٍ كثَيرة،
فلم ترَ عَيْني مثلَ سَعِد بنِ مالك
الجوهري: وفي العرب سعود قبائل شتى منها سَعْدُ تَميم وسَعْد هُذيل وسعد
قَيْس وسَعد بَكر، وأَنشد بيت طرفة؛ قال ابن بري: سعود جمع سُعد اسم
رجل، يقول: لم أَرَ فيمن سمي سعداً أَكرم من سعد بن مالك بن ضَبيعة بن قيَس
بن ثَعْلبة بن عُكابَة، والشُّعوبُ جمع شَعْب وهو أَكبر من القبيلة. قال
الأَزهري: والسعود في قبائل العرب كثير وأَكثرها عدداً سَعْدُ بن زيد
مَناةَ بن تَميم بن ضُبَيعة بن قيس بن ثعلبة، وسَعْدُ بن قيس عَيْلان، وسعدُ
بنُ ذُبْيانَ بن بَغِيضٍ، وسعدُ بن عَدِيِّ بن فَزارةَ، وسعدُ بن بكر بن
هَوازِنَ وهم الذين أَرضعوا النبي، صلى الله عليه وسلم، وسعد بن مالك بن
سعد بن زيد مناة؛ وفي بني أَسد سَعْدُ بن ثعلبة بن دُودان، وسَعْد بن
الحرث بن سعد بن مالك بن ثعلبة بن دُودان؛ قال ثابت: كان بنو سعد بن مالك
لا يُرى مثلُهم في بِرِّهم ووفائهم، وهؤُلاء أَرِبَّاءُ النبي، صلى الله
عليه وسلم، ومنها بنو سعد بن بكر في قيس عيَلان، ومنها بنو سَعْدِ هُذَيم
في قُضاعة، ومنها سعد العشيرة. وفي المثل: في كل واد بنو سعد؛ قاله
الأَضْبطُ بن قُريع السَّعدي لما تحوَّل عن قومه وانتقل في القبائل فلما لم
يُحْمِدهم رجع إِلى قومه وقال: في كل زادٍ بنو سعد، يعني سعد بن زيد مناة
بن تميم. وأَما سعد بكر فهم أَظآر سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
قال اللحياني: وجمعُ سَعِيد سَعِيدون وأَساعِدُ. قال ابن سيده: فلا
أَدري أَعَنى له الاسم أَم الصفة غير أَن جمع سعَيدٍ على أَساعد شاذ.
وبنو أَسعَد: بطن من العرب، وهو تذكير سُعْدَى. وسعُادُ: اسم امرأَة،
وكذلك سُعْدى. وأَسعدُ: بطن من العرب وليس هو من سُعْدى كالأَكبر من الكبرى
والأَصغر من الصغرى، وذلك أَن هذا إِنما هو تَقاوُدُ الصفة وأَنت لا
تقول مررت بالمرأَة السعدى ولا بالرجل الأَسعد، فينبغي على هذا أَن يكون
أَسعدُ من سُعْدى كأَسْلَمَ من بُشْرى، وذهب بعضهم إِلى أَن أَسعد مذكر
سعدى؛ قال ابن جني: ولو كان كذلك حَريَ أَن يجيءَ به سماع ولم نسمعهم قط
وصفوا بسعدى، وإِنما هذا تَلاقٍ وقع بين هذين الحرفين المتفي اللفظ كما يقع
هذان المثالان في المُخْتَلِفَيْه نحو أَسلم وبشرى.
وسَعْدٌ: صنم كانت تعبده هذيل في الجاهلية.
وسُعْدٌ: موضع بنجد، وقيل وادٍ، والصحيح الأَول، وجعله أَوْسُ بن حَجَر
اسماً للبقعة، فقال:
تَلَقَّيْنَني يوم العُجَيرِ بِمَنْطِقٍ،
تَرَوَّحَ أَرْطَى سُعْدَ منه، وضَالُها
والسَّعْدِيَّةُ: ماءٌ لعمرو بن سَلَمَة؛ وفي الحديث: أَن عمرو بن
سَلَمَةَ هذا لما وَفَد على النبي، صلى الله عليه وسلم، استقطعه ما بين
السَّعدية والشَّقْراء.
والسَّعْدان: ماء لبني فزارة؛ قال القتال الكلابي:
رَفَعْنَ من السَّعدينِ حتى تفَاضَلَت
قَنابِلُ، من أَولادِ أَعوَجَ، قُرَّحُ
والسَّعِيدِيَّة: من برود اليمن.
وبنو ساعدَةَ: قوم من الخزرج لهم سقيفة بني ساعدة وهي بمنزلة دار لهم؛
وأَما قول الشاعر:
وهل سَعدُ إِلاَّ صخرةٌ بتَنُوفَةٍ
من الأَرضِ، لا تَدْعُو لِغَيٍّ ولا رُشْدِ؟
فهو اسم صنم كان لبني مِلْكانَ بن كنانة.
وفي حديث البَحِيرة: ساعدُ اللهِ أَشَدُّ ومُِوسَاه أَحدُّ أَي لو أَراد
الله تحريمها بشقِّ آذانها لخلقها كذلك فإِنه يقول لها: كوني فتكون.
عذا: العَذَاةُ: الأَرضُ الطَّيِّبة التُّرْبَةِ الكَريمَةُ المَنْبِتِ
التي ليستْ بسَبِخَةٍ، وقيل: هي الأَرضُ البعيدةُ عن الأَحْساءِ
والنُّزُورِ والريف، السَّهْلَة المَريئَة التي يكون كَلَؤُها مَريئاً ناجِعاً،
وقيل: هي البعيدةُ من الأَنْهارِ والبُحورِ والسِّبَاخِ، وقيل: هي البعيدة
من الناس، ولا تكونُ العَذاةُ ذات وخامَةٍ ولا وَباءٍ؛ قال ذو الرمة:
بأَرْضٍ هِجانِ التُّرْب وسْمِيَّةِ الثَّرى،
عَذَاةٍ نَأَتْ عنها المُلوحة والبَحْرُ
والجمع: عَذَواتٌ وعَذاً. والعِذْيُ: كالعَذاةِ، قلبَت الواوُ ياءً لضعف
الساكن أَن يَحْجُز كما قالوا صِبْية، وقد قيل إِنه ياءٌ، والاسم
العَذاءُ، وكذلك أَرضٌ عَذِيَةٌ مثلُ خَرِبَةٍ. أَبو زيد: وعَذُوَتِ الأَرض
وعَذِيَتْ أَحسنَ العَذاةِ وهي الأَرضُ الطيبةُ التُّرْبةِ البعيدةُ من
الماء. وقال حُذَيفة لرجل: إِن كنت لا بدَّ نازلاً بالبَصْرة فانْزِلْ
عَذَواتِها ولا تَنْزِلْ سُرَّتها؛ جمعُ عَذاةٍ، وهي الأَرضُ الطيبة التربة
البعيدة من المِياه والسِّباخ. واسْتَعْذَيْتُ المكانَ واسْتَقْمَأْتُه، وقد
قامأَني فلانٌ أَي وافَقَني. وأَرْضٌ عَذاةٌ إِذا لم يكن فيها حَمْضٌ
ولم تكنْ قَريبةً من بلاده. والعَذاة: الخَامَةُ من الزَّرْعِ. يقال:
رَعَيْنا أَرْضاً عَذَاةً ورَعَيْنا عَذَواتِ الأَرْض، ويقال في تصريفه: عَذيَ
يَعْذى عَذىً، فهو عَذِيٌّ وعِذْيٌ، وجمع العِذْيِ أَعْذاءٌ.
وقال ابن سيده في ترجمة عذي بالياء: العِذْيُ اسم للموضع الذي يُنبت في
الصيف والشتاءِ من غير نَبْعِ ماءٍ، والعِذْيُ، بالتسكين: الزَّرْع الذي
لا يُسْقي إِلاَّ من ماءِ المَطَرِ لبُعْدِه من المِياهِ، وكذلك
النَّخْلُ، وقيل: العِذْي من النَّخِيل ما سَقَتْه السماءُ، والبَعْلُ ما شَرِبَ
بعُرُوقه من عيونِ الأَرض من غيرِ سَماءٍ ولا سَقْيٍ، وقيل: العِذْيُ
البَعْل نَفْسُه، قال: وقال أَبو حنيفة العِذْيُ كلُّ بَلَدٍ لا حَمْضَ
فيه.وإبلٌ عَواذٍ إِذا كانت في مَرْعىً لا حَمْض فيه، فإِذا أَفْرَدْت قلتَ
إِبل عاذِيَة؛ قال ابن سيده: ولا أَعْرِفُ معنى هذا، وذهبَ ابنُ جني إِلى
أَنَّ ياءَ عِذْيٍ بدلٌ من واوٍ لقولهم أَرَضُونَ عَذَواتٌ، فإِن كان
ذلك فبابُه الواو. وقال أَبو حنيفة: إِبلٌ عاذِيَةٌ وعَذَوِيَّة تَرْعى
الخُلَّة. والليث: والعِذْيُ موضعٌ بالبادية؛ قال الأَزهري: لا أَعرِفُه ولم
أَسْمَعْه لغيرِه، وأَما قوله في العِذْيِ أَيضاً إِنه اسم للموضع الذي
يُنْبِتُ في الشتاء والصيف من غير نَبْعِ ماءٍ فإِن كلام العرب على غيره،
وليس العِذْيُ اسماً للموضع، ولكن العِذْيُ من الزروع والنخيلِ ما لا
يُسْقَى إِلاَّ بماء السماء، وكذلك عِذْيُ الكَلإِ والنباتِ ما بَعُدَ عن
الرِّيفِ وأَنْبَتَه ماءُ السماءِ.
قال ابن سيده: والعَذَوانُ النَّشِيطُ الخفيف الذي ليس عنده كبِيرُ
حِلمٍ ولا أَصالةٍ؛ عن كراع، والأُنثى بالهاء.
وعَذا يَعْذُو إذا طابَ هَواؤه.
حلب: الحَلَبُ: استِخراجُ ما في الضَّرْعِ من اللبَنِ، يكونُ في الشاءِ والإِبِل والبَقَر. والحَلَبُ: مَصْدَرُ حَلَبها يَحْلُبُها ويَحْلِبُها
حَلْباً وحَلَباً وحِلاباً، الأَخيرة عن الزجاجي، وكذلك احْتَلَبها، فهو
حالِبٌ. وفي حديث الزكاة: ومِن حَقِّها حَلَبُها على الماءِ، وفي رواية: حَلَبُها يومَ وِرْدِها.
يقال: حَلَبْت الناقَة والشاةَ حَلَباً، بفتح اللام؛ والمراد بحَلْبِها على الماء ليُصِيبَ الناسُ من لَبَنِها. وفي الحديث أَنه قال لقَوْمٍ: لا
تسْقُونِي حَلَبَ امرأَةٍ؛ وذلك أَن حَلَب النساءِ عَيْبٌ عند العَرَب
يُعَيَّرون به، فلذلك تَنَزَّه عنه؛ وفي حديث أَبي ذَرٍّ: هل يُوافِقُكم
عَدُوُّكم حَلَبَ شاةٍ نَثُورٍ؟ أَي وَقْتَ حَلَب شاةٍ، فحذف المضاف.
وقومٌ حَلَبةٌ؛ وفي المثل: شَتَّى حتى تؤُوب(1)
(1 قوله «شتى حتى تؤوب إلخ» هكذا في أُصول اللسان التي بأيدينا، والذي في أمثال الميداني شتى تؤوب إلخ، وليس في الأَمثال الجمع بين شتى وحتى فلعل ذكر حتى سبق قلم.)
الحَلَبةُ، ولا تَقُل الحَلَمة، لأَنهم إِذا اجْتَمَعوا لحَلْبِ النَّوقِ،
اشْتَغَل كلُّ واحدٍ منهم بحَلْبِ ناقَتِه أَو حَلائِبِه، ثم يؤُوبُ الأَوَّلُ
فالأَوَّلُ منهم؛
قال الشيخ أَبو محمد بن بري: هذا المثل ذكره الجوهري:
شتى تؤُوبُ الحَلَبةُ، وغَيَّره ابنُ القَطَّاع، فَجَعَل بَدَلَ شَتَّى
حَتَّى، ونَصَبَ بها تَؤُوب؛ قال: والمعروف هو الذي ذَكَرَه الجَوْهريّ، وكذلك ذكره أَبو عبيد والأَصْمعي، وقال: أَصْلُه أَنهم كانوا يُورِدُونَ إِبلَهُم الشريعة والحَوْض جميعاً، فإِذا صَدَروا تَفَرَّقُوا إِلى مَنازِلِهم، فحَلَب كلُّ واحد منهم في أَهلِه على حِيالِه؛ وهذا المثل ذكره أَبو عبيد في باب أَخلاقِ الناسِ في اجتِماعِهِم وافْتِراقِهم؛ ومثله:
الناسُ إِخوانٌ، وَشتَّى في الشِّيَمْ، * وكلُّهُم يَجمَعُهم بَيْتُ الأَدَمْ
الأَزهري أَبو عبيد: حَلَبْتُ حَلَباً مثلُ طَلَبْتُ طَلَباً وهَرَبْتُ هَرَباً.
والحَلُوبُ: ما يُحْلَب؛ قال كعبُ بنُ سَعْدٍ الغَنَوِيُّ يَرْثِي أَخاه:
يَبِيتُ النَّدَى، يا أُمَّ عَمْرٍو، ضَجِيعَهُ، * إِذا لم يكن، في الـمُنْقِياتِ، حَلُوبُ
حَلِيمٌ، إِذا ما الحِلْمُ زَيَّنَ أَهلَه، * مع الحِلْمِ، في عَيْنِ العَدُوِّ مَهيبُ
إِذا ما تَراءَاهُ الرجالُ تَحَفَّظُوا، * فلم تَنْطِقِ العَوْراءَ، وهْوَ قَريب
الـمُنْقِياتُ: ذَواتُ النِقْيِ، وهُو الشَّحْمُ؛ يُقال: ناقةٌ مُنْقِيَةٌ، إِذا كانت سَمينَةً، وكذلك الحَلُوبةُ وإِنما جاءَ بالهاءِ لأَنك تريدُ الشيءَ الذي يُحْلَبُ أَي الشيءَ الذي اتخذوه ليَحْلُبوه، وليس لتكثيرِ الفعْلِ؛ وكذلك القولُ في الرَّكُوبةِ وغيرها. وناقةٌ حلوبة وحلوبٌ: للتي
تُحْلَبُ، والهاءُ أَكثر، لأَنها بمعنى مفعولةٍ. قال ثعلب: ناقة حَلوبة:
مَحْلوبة؛ وقول صخر الغيّ:
أَلا قُولاَ لعَبْدِالجَهْلِ: إِنَّ * الصَّحيحة لا تُحالِبُها التَّلُوثُ
أَراد: لا تُصابِرُها على الحَلْبِ، وهذا نادرٌ. وفي الحديث: إِياكَ
والحلوبَ أَي ذاتَ اللَّبَنِ. يقالُ: ناقةٌ حلوبٌ أَي هي مـما يُحلَب؛
والحَلوبُ والحَلوبةُ سواءٌ؛ وقيل: الحلوبُ الاسمُ، والحَلُوبةُ الصفة؛ وقيل: الواحدة والجماعة؛ ومنه حديث أُمِّ مَعْبَدٍ: ولا حَلوبَةَ في البيت أَي شاة تُحْلَبُ، ورجلٌ حلوبٌ حالِبٌ؛ وكذلك كلُّ فَعُول إِذا كان في معنى مفعولٍ، تثبُتُ فيه الهاءُ، وإِذا كان في معنى فاعِلٍ، لم تَثْبُتْ فيه الهاءُ. وجمعُ الحلوبة حَلائِبُ وحُلُبٌ؛ قال اللحياني: كلُّ فَعولةٍ من هذا الضَّرْبِ من الأَسماءِ إِن شئت أَثْبَتَّ فيه الهاءَ، وإِن شئتَ حذَفْتَه.
وحَلوبةُ الإِبلِ والغنم: الواحدةُ فَما زادتْ؛ وقال ابن بري: ومن العرب مَن يجعل الحلوبَ واحدةً، وشاهدهُ بيتُ كعبِ ابنِ سعدٍ الغَنَوي يَرثِي أَخاه:
إِذا لم يكن، في الـمُنْقِياتِ، حَلُوبُ
ومنهم من يجعله جمعاً، وشاهده قول نهيك بنِ إِسافٍ الأَنصاري:
تَقَسَّم جيراني حَلُوبي كأَنما، * تَقَسَّمها ذُؤْبانُ زَوْرٍ ومَنْوَرِ
أَي تَقَسَّم جِيراني حَلائِبي؛ وزَوْرٌ ومَنْوَر: حيّان مِن أَعدائه؛
وكذلك الحَلُوبة تكونُ واحدةً وجمعاً، فالحَلُوبة الواحدة؛ شاهِدُه قول الشاعر:
ما إِنْ رَأَيْنَا، في الزَّمانِ، ذي الكلَبْ، * حَلُوبةً واحدةً، فتُحْتَلَبْ
والحَلُوبة للجميع؛ شاهدهُ قول الجُمَيح بن مُنْقِذ:
لـمَّا رأَت إِبلي، قَلَّتْ حَلُوبَتُها، * وكلُّ عامٍ عليها عامُ تَجْنيبِ
والتَّجْنيب: قلةُ اللَّبَنِ يقال: أَجْنَبَت الإِبلُ إِذا قلَّ لَبَنُها.
التهذيبُ: أَنشد الباهلي للجَعْدي:
وبنُو فَزَارة إِنـَّها * لا تُلْبِثُ الحَلَبَ الحَلائِبْ
قال: حُكي عن الأَصمعي أَنه قال: لا تُلْبِثُ الحَلائِبَ حَلَبَ ناقةٍ،
حتى تَهْزِمَهُم. قال وقال بعضهم: لا تُلْبِثُ الحلائبَ أَن يُحْلَب
عليها، تُعاجِلُها قبلَ أَن تأْتيها الأَمْداد. قال: وهذا زَعمٌ
أَثْبَتُ.اللحياني: هذه غَنَم حُلْبٌ، بسكون اللام، للضأْنِ والـمَعَز. قال : وأُراه مُخَفَّفاً عن حُلُب. وناقةٌ حلوبٌ: ذاتُ لَبَنٍ، فإِذا صَيَّرْتهَا اسْماً، قلتَ: هذه الحَلُوبة لفلان؛ وقد يُخرجون الهاءَ من الحَلُوبة، وهم يَعْنُونها، ومثله الرَّكوبة والرَّكُوبُ لِما يَرْكَبون، وكذلك الحَلوبُ والحلوبةُ لما يَحْلُبُون. والمِحْلَب، بالكسر والحلابُ: الإِناءُ الذي يَحْلَبُ فيه اللبَنُ؛ قال:
صَاحِ! هَلْ رَيْتَ، أَوْ سَمِعْتَ بِراعٍ * رَدَّ في الضَّرْعِ ما قَرَا في الحِلابِ؟
ويُروى: في العِلابِ؛ وجمعه الـمَحَالِبُ. وفي الحديث: فَإِنْ رَضِيَ حِلابَها أَمـْسَكَها. الحِلابُ: اللَّبَنُ الذي تَحْلُبُه. وفي الحديث: كان إِذا اغْتَسَل دَعَا بِشَيءٍ مثلِ الحِلابِ، فأَخَذَ بكَفِّه، فَبَدَأَ بشِقِّ رَأْسِهِ الأَيمَنِ، ثم الأَيْسَرِ؛ قال ابن الأَثير: وقد رُوِيَتْ
بالجيم. وحُكي عن الأَزهري أَنه قال: قال أَصحاب المعاني إِنَّه الحِلابُ، وهو ما يُحْلَب فيهِ الغَنم كالمِحْلَب سَواءً، فصُحِّفَ؛ يَعْنُون أَنه كانَ يَغْتَسِلُ من ذلك الحِلابِ أَي يضَعُ فيه الماءَ الذي يَغْتَسِل منه. قال: واخْتارَ الجُلاّب، بالجيم، وفسَّره بماءِ الوَرْد. قال: وفي الحديث في كتاب البُخارِيِّ إِشكالٌ، وربَّما ظُنَّ انه تأَوَّله على الطيب، فقال: بابُ مَن بَدأَ بالحِلابِ والطِّيبِ عندَ الغُسْلِ. قال: وفي بعض النسخ: أَو الطيب، ولم يذكر في هذا الباب غير هذا الحديث، أَنـَّه كان إِذا اغْتَسَلَ دَعَا بشيءٍ مثلِ الحِلابِ. قال: وأَما مسلم فجمعَ الأَحادِيثَ الوارِدَة في هذا الـمَعْنى، في موضِعٍ واحدٍ، وهذا الحديث منها. قال: وذلك من فِعْلِهِ، يدُلُّك على أَنـَّه أَراد الآنِيَة والمقادِيرَ.
قال: ويحتمل أَن يكون البُخَاري ما أَراد إِلاّ الجُلاَّب، بالجيم، ولهذا تَرْجَم البابَ بِه، وبالطِّيب، ولكن الذي يُرْوَى في كتابِه إِنما هو بالحاءِ، وهو بها أَشْبَهُ، لأَنَّ الطِّيبَ، لمَنْ يَغْتَسِلُ بعدَ الغُسْل،
أَلْيَقُ مِنْه قَبلَهُ وأَوْلى، لأَنـَّه إِذا بَدَأَ بِه ثم اغْتَسَل، أَذْهَبَه الماءُ.
والحَلَبُ، بالتحريك: اللَّبَنُ الـمَحْلُوبُ، سُمِّيَ بالـمَصْدَرِ، ونحوُه كثير.
والحلِيب: كالحَلَب، وقيل: الحَلَبُ: المحلوب من اللَّبن، والحَلِيبُ
مَا لم يَتَغَيَّر طعْمه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
كانَ رَبيب حَلَبٍ وقارِصِ
قال ابن سيده: عندي أَنَّ الحَلَب ههنا، هو الحَلِيبُ
لـمُعادلَته إِياه بالقارِصِ، حتى كأَنـَّه قال: كان ربيب لَبَنٍ حلِيبٍ، ولبنٍ قارِصٍ، وليس هو الحَلَب الذي هو اللَّبن الـمَحْلُوبُ. الأَزهري: الحَلَب: اللَّبَنُ الحَلِيبُ؛ تَقولُ: شَرِبْتُ لَبَناً حَلِيباً وحَلَباً؛ واستعارَ بعضُ الشعراءِ الحَلِيبَ لشَراب التَّمْرِ فقال يصف النَّخْل:
لهَا حَلِيبٌ كأَنَّ المِسْكَ خَالَطَه، * يَغْشَى النَّدامَى عَلَيه الجُودُ والرَّهَق
والإِحْلابَة: أَن تَحلُب لأَهْلِكَ وأَنتَ في الـمَرْعى لَبَناً، ثم تَبْعَثَ به إِلَيْهم، وقد أَحْلَبَهُم. واسمُ اللَّبَنِ: الإِحْلابَة أَيضاً.
قال أَبو منصور: وهذا مَسْمُوعٌ عن العَرَب، صَحِيحٌ؛ ومنه الإِعْجالَةُ والإِعْجالاتُ. وقيل: الإِحْلابَةُ ما زادَ على السِّقَاءِ من اللَّبَنِ، إِذا جاءَ به الراعِي حين يورِدُ إِبلَه وفيه اللَّبَن، فما زادَ على السِّقَاءِ فهو إِحْلابَةُ الحَيِّ. وقيل: الإِحْلابُ والإِحلابَةُ من اللَّبَنِ أَن تكون إِبِلُهم في الـمَرْعَى، فمَهْما حَلَبُوا جَمَعُوا، فَبَلَغَ
وَسْقَ بَعيرٍ حَمَلوه إِلى الحَيِّ. تقولُ مِنهُ: أَحْلَبْتُ أَهْلي. يقال:
قد جاءَ بإِحْلابَينِ وثَلاثَة أَحاليبَ، وإِذا كانوا في الشاءِ والبَقَر،
ففَعلوا ما وَصَفْت، قالوا جاؤُوا بإِمْخَاضَيْنِ وثَلاثةِ أَماخِيضَ.
ابن الأَعرابي: ناقَةٌ حَلْباةٌ رَكْباةٌ أَي ذاتُ لَبَنٍ تُحْلَبُ وتُرْكَبُ، وهي أَيضاً الحَلْبانَةُ والرَّكْبانَة. ابن سيده: وقالوا: ناقةٌ حَلْبانَةٌ وحَلْباةٌ وحَلَبُوت: ذاتُ لَبَنٍ؛ كما قالوا رَكْبانَةٌ ورَكْباةٌ ورَكَبُوتٌ؛ قال الشاعر يصف ناقة:
أَكْرِمْ لـنَا بنَاقَةٍ أَلوفِ
حَلْبانَةٍ، رَكْبانَةٍ، صَفُوفِ،
تَخْلِطُ بينَ وَبَرٍ وصُوفِ
قوله رَكْبانَةٍ: تَصْلُح للرُّكُوب؛ وقوله صَفُوفٍ: أَي تَصُفُّ أَقْداحاً من لَبَنِها، إِذا حُلِبَت، لكَثْرة ذلك اللَّبن. وفي حديث نُقادَةَ الأَسَدِيِّ: أَبْغِني ناقَةً حَلْبانَةً رَكْبانَةً أَي غزيرةً تُحْلَبُ، وذَلُولاً تُرْكَبُ، فهي صالِحَة للأَمـْرَين؛ وزيدَت الأَلِفُ والنونُ في بِنائهِما، للمبالغة. وحكى أَبو زيد: ناقَةٌ حَلَبَاتٌ، بلَفْظِ الجمع، وكذلك حكى: ناقَةٌ رَكَباتٌ وشاةٌ تُحْلُبَةٌ(1)
(1 قوله «وشاة تحلبة إلخ» في القاموس وشاة تحلابة بالكسر وتحلبة بضم التاء واللام وبفتحهما وكسرهما وضم التاء وكسرها مع فتح اللام.) وتِحْلِبة وتُحْلَبة إِذا خَرَج من
ضَرْعِها شيءٌ قبلَ أَن يُنْزَى عليها، وكذلك الناقَة التي تُحْلَب قبلَ
أَن تَحمِلَ، عن السيرافي.
وحَلَبَه الشاةَ والناقَةَ: جَعَلَهُما لَه يَحْلُبُهُما، وأَحْلَبَه إِيَّاهما كذلك؛ وقوله:
مَوَالِيَ حِلْفٍ، لا مَوالي قَرابَةٍ، * ولكِنْ قَطِيناً يُحْلَبُونَ الأَتَاوِيا
فإِنه جَعَلَ الإِحْلابَ بمَنْزلة الإِعطاءِ، وعدَّى يُحْلَبونَ إِلى مفعولين في معنى يُعْطَوْنَ.
وفي الحديث: الرَّهْن مَحْلُوبٌ أَي لِـمُرْتَهنِه أَن يَأْكُلَ لَبَنَهُ، بقدر نَظَرهِ عليه، وقِيامِه بأَمْره وعَلفِه.
وأَحْلَبَ الرَّجُلُ: ولدَتْ إِبِلُه إِناثاً؛ وأَجْلَبَ: وَلدَتْ لهُ ذُكوراً. ومِن كلامهم: أَأَحْلَبْتَ أَمْ أَجْلَبْتَ؟ فمعنى أَأَحْلَبْتَ: أَنُتِجَت نُوقُك إِناثاً؟ ومعنى أَمْ أَجْلَبْت: أَم نُتِجَت ذكوراً؟
وقد ذكر ذلك في ترجمة جَلَب. قال، ويقال: ما لَه أَجْلَبَ ولا أَحْلَبَ؟ أَي نُتِجَتْ إِبلُهُ كلُّها ذكوراً، ولا نُتِجَتْ إِناثاً فتُحْلَب. وفي
الدعاءِ على الإِنْسانِ: ما لَه حَلَبَ ولا جَلَبَ، عن ابن الأَعرابي، ولم يفسره؛ قال ابن سيده: ولا أَعْرِفُ وَجْهَه. ويدعُو الرَّجُلُ على الرَّجُلِ فيقول: ما لَه أَحلب ولا أَجْلَبَ، ومعنى أَحْلَبَ أَي وَلدَت إِبِلُه الإِناثَ دون الذُّكور، ولا أَجْلَب: إِذا دَعا لإِبِلِه أَن لا تَلِدَ الذُّكورَ، لأَنه الـمَحْقُ الخَفِيُّ لذَهابِ اللَّبنِ وانْقِطاعِ
النَّسْلِ.واستَحْلَبَ اللبنَ: اسْتَدَرَّه.
وحَلَبْتُ الرجُلَ أَي حَلَبْتُ له، تقول منه: احلُبْني أَي اكْفِني
الحَلْبَ، وأَحْلِبْني، بقَطْعِ الأَلِفِ، أَي أَْعِنِّي على الحَلبِ.
والحَلْبَتانِ: الغَداةُ والعَشِيُّ، عن ابن الأَعرابي؛ وإِنما سُمِّيَتا
بذلك للحَلَبِ الذي يكونُ فيهما.
وهاجِرةٌ حَلُوبٌ: تَحلُبُ العَرَقَ.
وتَحَلَّبَ العَرَقُ وانْحَلَبَ: سال. وتَحَلَّبَ بَدَنُه عَرَقاً: سالَ
عَرَقُه؛ أَنشد ثعلب:
وحَبَشِيَّيْنِ، إِذا تَحَلَّبا، * قالا نَعَمْ، قالا نَعَمْ، وصَوَّبَا
تَحَلَّبا: عَرِقا.
وتَحَلَّبَ فُوه: سالَ، وكذلك تَحَلَّب النَّدَى إِذا سالَ؛ وأَنشد:
وظلَّ كتَيْسِ الرَّمْلِ، يَنْفُضُ مَتْنَه، * أَذاةً به مِنْ صائِكٍ مُتَحَلِّبِ
شبّه الفَرَسَ بالتَّيْس الذي تَحَلَّبَ عليه صائِكُ الـمَطَرِ مِن الشَّجَر؛ والصائِك: الذي تَغَيَّرَ لَوْنُه ورِيحُه.
وفي حديث ابن عُمَر، رضي اللّه عنهما، قال: رأَيت عمر يَتَحَلَّبُ فُوه، فقال: أَشْتَهي جراداً مَقْلُوّاً أَي يَتَهَيَّأُ رُضابُه للسَّيَلانِ؛
وفي حديث طَهْفَة: ونَسْتَحْلِبُ الصَّبِيرَ أَي نَسْتَدِرُّ السَّحابَ.
وتَحَلَّبَتْ عَيْناهُ وانْحَلَبَتا؛ قال:
وانْحَلَبَتْ عَيْناهُ من طُولِ الأَسى
وحَوالِبُ البِئْرِ: منابع مائِها، وكذلك حَوالِبُ العُيونِ الفَوَّارَةِ، وحَوالِبُ العُيونِ الدَّامِعَةِ؛ قال الكميت:
تَدَفَّق جُوداً، إِذا ما الْبِحا * رُ غاضَتْ حَوالِبُها الحُفَّلُ
أَي غارَتْ مَوَادُّها.
ودَمٌ حَلِيبٌ: طرِيٌّ، عن السُكَّري؛ قال عَبْدُ ابْنُ حَبِيبٍ
الهُذَلِيُّ:
هُدُوءًا، تحتَ أَقْمَرَ مُسْتَكِفٍّ، * يُضِيءُ عُلالَةَ العَلَقِ الحَلِيبِ
والحَلَبُ من الجِبايَةِ مثلُ الصَّدَقَةِ ونحوِها مـما لا يكونُ وظِيفَةً مَعْلومَةَ: وهي الإِحْلابُ في دِيوانِ الصَّدَقَاتِ، وقد تَحَلَّبَ الفَيْءُ.
الأَزهري أَبو زيد: بَقَرةٌ مُحِلٌّ، وشاة مُحِلٌّ، وقد أَحَلَّتْ إِحْلالاً إِذا حَلَبَتْ، بفتح الحاءِ، قبلَ وِلادها؛ قال: وحَلَبَتْ أَي أَنْزَلَتِ اللبَنَ قبلَ وِلادِها.
والحَلْبَة: الدَّفْعَة من الخَيْلِ في الرِّهانِ خاصَّة، والجمعُ حَلائِبُ على غير قياسٍ؛ قال الأَزهري:
(يتبع...)
(تابع... 1): حلب: الحَلَبُ: استِخراجُ ما في الضَّرْعِ من اللبَنِ، يكونُ في الشاءِ... ...
ولا يقال للواحدِ منها حَلِيبَة ولا حِلابَة؛ وقال العجاج:
وسابِقُ الحَلائِبِ اللِّهَمُّ
يريد جَماعَة الحَلْبة. والحَلْبَة، بالتَّسْكِين: خَيْلٌ تُجْمع للسِّباقِ من كلِّ أَوْبٍ، لا تَخْرُجُ من مَوْضِعٍ واحِدٍ، ولكن من كلِّ حَيٍّ؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
نَحْنُ سَبَقْنَا الحَلَبَاتِ الأَرْبَعَا، * الفَحْلَ والقُرَّحَ في شَوْطٍ مَعَا
وهو كما يقالُ للقومِ إِذا جاؤُوا من كلِّ أَوْبٍ للنُّصْرَةِ قد أَحْلَبُوا. الأَزهري: إِذا جاءَ القومُ من كلِّ وَجْهٍ، فاجْتَمَعُوا لحَرْبٍ
أَو غير ذلك، قيل: قد أَحْلَبُوا؛ وأَنشد:
إِذا نَفَرٌ، منهم، رَؤبة أَحْلَبُوا * عَلى عامِلٍ، جاءَتْ مَنِيَّتُهُ تَعْدُو 1
(1 قوله «رؤبة» هكذا في الأصول.)
ابن شميل: أَحْلَبَ بنو فلانٍ مع بَني فلانٍ إِذا جاؤُوا أَنْصاراً لهم.
والـمُحْلِبُ: الناصِرُ؛ قال بشرُ بنُ أَبي خازِمٍ:
ويَنْصُرُه قومٌ غِضابٌ عَلَيْكُمُ، * مَتى تَدْعُهُمْ، يوماً، إِلى الرَّوْعِ، يَرْكَبوا
أَشارَ بِهِمْ، لَمْعَ الأَصَمِّ، فأَقْبَلُوا * عَرانِينَ لا يَأْتِيه، للنَّصْرِ، مُحْلِبُ
قوله: لَمْعَ الأَصَمِّ أَي كما يُشِيرُ الأَصمُّ بإِصْبَعِهِ، والضمير في
أَشار يعود على مُقَدَّمِ الجَيْش؛ وقوله مُحْلِبُ، يقول: لا يَأْتِيهِ
أَحدٌ ينصره من غير قَوْمِه وبَنِي عَمِّه. وعَرانِينَ: رُؤَساءَ. وقال في التهذيب: كأَنـَّه قال لَمَعَ لَمْع الأَصَمِّ، لأَن الأَصَمَّ لا يسمعُ
الجوابَ، فهو يُدِيمُ اللَّمْعَ، وقوله: لا يَأْتِيهِ مُحْلِبُ أَي لا
يأْتِيهِ مُعِينٌ من غيرِ قَوْ مِهِ، وإِذا كان الـمُعِين مِن قَوْمِه، لم
يَكُنْ مُحْلِباً؛ وقال:
صَريحٌ مُحْلِبٌ، مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، * لِحَيٍّ بينَ أَثْلَةَ والنِّجَامِ(2)
(2 قوله «صريح» البيت هكذا في أصل اللسان هنا وأورده في مادة نجم:
نزيعاً محلباً من أَهل لفت
إلخ. وكذلك أَورده ياقوت في نجم ولفت، وضبط لفت بفتح اللام وكسرها مع اسكان الفاء.)
وحالَبْت الرجُلَ إِذا نَصَرْتَه وعاوَنْتَه. وحَلائِبُ الرجُلِ:أَنْصارُه من بَني عَمِّه خاصَّةً؛ قال الحرِثُ بن حلزة:
ونَحْنُ، غَداةَ العَيْن، لَـمَّا دَعَوْتَنَا، * مَنَعْناكَ، إِذْ ثابَتْ عَلَيْكَ الحَلائِبُ
وحَلَبَ القَوْمُ يَحْلُبونَ حَلْباً وحُلُوباً: اجْتَمَعوا وتأَلَّبُوا من كلِّ وَجْه.
وأَحْلَبُوا عَلَيك: اجْتَمَعُوا وجاؤُوا من كلِّ أَوْبٍ. وأَحْلَبَ القَوْمُ أَصْحابَهُم: أَعانُوهُم. وأَحْلَبَ الرجُلُ غيرَ قَوْمِهِ: دَخَل بَيْنَهم فَأَعانَ بعضَهُم على بَعْضٍ، وهو رَجُلٌ مُحْلِبٌ. وأَحْلَبَ الرَّجُلُ صاحِبَه إِذا أَعانَه على الحَلْبِ. وفي المثل: لَيْسَ لهَا رَاعٍ، ولكِنْ حَلَبَة؛ يُضْرَب للرجُل، يَسْتَعِينُك فتُعِينُه، ولا مَعُونَةَ عِنْدَه.
وفي حديث سَعْدِ بن مُعاذٍ: ظَنَّ أَنَّ الأَنْصارَ لا
يَسْتَحْلِبُونَ لَه على ما يُريدُ أَي لا يَجْتَمِعُون؛ يقال: أَحْلَبَ القَو مُ
واسْتَحْلَبُوا أَي اجْتَمَعُوا للنُّصْرة والإعانَةِ، وأَصلُ الإِحْلابِ
الإِعانَةُ على الحَلْبِ؛ ومن أَمثالهم:
لَبِّثْ قَلِيلاً يَلْحَقِ الحَلائِب
يعني الجَماعَاتِ. ومن أَمْثالِهِم: حَلَبْتَ بالساعِدِ الأَشَدِّ أَي اسْتَعَنْتَ بمَنْ يَقُوم بأَمْرِكَ ويُعْنى بحاجَتِكَ. ومن أَمـْثالِهِم في الـمَنْع: لَيْسَ في كلِّ حين أُحْلَبُ فأُشْرَبُ؛ قال الأَزهري: هكذا رواه الـمُنْذِريُّ عن أَبي الهَيْثم؛ قال أَبو عبيد: وهذا المَثَلُ يُرْوى عن سَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، قاله في حديث سُئِلَ عنه، وهو يُضْرَبُ في كلِّ شيءٍ يُمْنَع. قال، وقد يقال: ليس كلّ حِينٍ أَحْلُبُ فأَشْرَب. ومن
أَمثالهم: حَلَبَتْ حَلْبَتَها، ثم أَقْلَعَتْ؛ يُضْرَبُ مثلاً للرجُلِ
يَصْخَبُ ويَجْلُبُ، ثم يَسْكُتُ من غير أَن يَكونَ منه شَيءٌ غير
جَلَبَتِه وصِياحِه.
والحالِبانِ: عِرْقان يَبْتَدَّانِ الكُلْيَتَيْنِ من ظَاهِرِ البَطْنِ، وهُما أَيضاً عِرقانِ أَخْضَرانِ يَكتنِفان السُّرَّة إِلى البَطْن؛ وقيل هُما عِرْقان مُسْتَبْطِنَا القَرْنَيْن. الأَزهري: وأَما قولُ الشمَّاخ:
تُوائِلُ مِنْ مِصَكٍّ، أَنْصَبَتْه، * حَوالِبُ أَسْهَرَيْهِ بالذَّنِينِ
فإِن أَبا عمرو قال: أَسْهَراهُ: ذكَرُه وأَنْفُه؛ وحَوالِبُهُما: عُرُوقٌ تَمُدُّ الذَّنِين من الأَنْفِ، والـمَذْيَ مِن قَضِيبِه. ويُروَى حَوالِبُ أَسْهَرَتْهُ، يعني عُرُوقاً يَذِنُّ منْها أَنْفُه.
والحَلْبُ: الجُلُوسُ على رُكْبَةٍ وأَنـْتَ تَأْكُلُ؛ يقال: احْلُبْ فكُلْ. وفي الحديث: كان إِذا دُعِيَ إِلى طَعام جَلَسَ جُلُوسَ الحَلَبِ؛ هو
الجلوسُ على الرُّكْبة ليَحْلُبَ الشاةَ. يقال: احْلُبْ فكُلْ أَي اجْلِسْ، وأَراد به جُلوسَ الـمُتَواضِعِين.
ابن الأَعرابي: حَلَبَ يَحْلُبُ: إِذا جَلَسَ على رُكْبَتَيْهِ.
أَبو عمرو: الحَلْبُ: البُروكُ، والشَّرْبُ: الفَهْم. يقال: حَلَبَ يَحْلُبُ حَلْباً إِذا بَرَكَ؛ وشَرَب يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ. ويقال للبَلِيدِ: احْلُبْ ثم اشْرُبْ.
والحلباءُ: الأَمَةُ الباركةُ من كَسَلِها؛ وقد حَلَبَتْ تَحْلُب إِذا بَرَكَت على رُكْبَتَيْها.
وحَلَبُ كلِّ شيءٍ: قشره، عن كُراع.
والحُلْبة والحُلُبة: الفَريقةُ. وقال أَبو حنيفة: الحُلْبة نِبْتة لها حَبٌّ أَصْفَر، يُتَعالَجُ به، ويُبَيَّتُ فيُؤْكَلُ. والحُلْبة: العَرْفَجُ والقَتَادُ. وصَارَ ورقُ العِضَاهِ حُلْبةً إِذا خرج ورقُه وعَسا واغْبَرَّ، وغَلُظَ عُودُه وشَوْكُه. والحُلْبة: نَبْتٌ معروفٌ، والجمع حُلَب. وفي حديث خالدِ ابنِ مَعْدانَ: لَوْيَعْلَمُ الناسُ ما في الحُلْبةِ لاشْتَرَوْها، ولو بوزنِها ذَهَباً. قال ابن الأَثير: الحُلْبةُ: حَبٌّ معروف؛ وقيل: هو من ثَمَرِ العِضاه؛ قال: وقد تُضَمُّ اللامُ.
والحُلَّبُ: نباتٌ يَنْبُت في القَيْظِ بالقِيعانِ، وشُطْآنِ الأَوْدية، ويَلْزَقُ بالأَرضِ، حتى يَكادَ يَسوخُ، ولا تأْكلُه الإِبل، إِنما تأْكلُه الشاءُ والظِّباءُ، وهي مَغْزَرَة مَسْمَنةٌ، وتُحْتَبلُ عليها الظِّباءُ. يقال: تَيْسُ حُلَّبٍ، وتَيْسٌ ذُو
حُلَّبٍ، وهي بَقْلة جَعْدةٌ غَبْراءُ في خُضْرةٍ، تَنْبسِطُ على الأَرضِ، يَسِيلُ منها اللَّبَنُ، إِذا قُطِعَ منها شيءٌ؛ قال النابغة يصف فرساً:
بعارِي النَّواهِقِ، صَلْتِ الجَبِينِ، * يَسْتَنُّ، كالتَّيْسِ ذي الحُلَّبِ
ومنه قوله:
أَقَبَّ كَتَيْسِ الحُلَّبِ الغَذَوانِ
وقال أَبو حنيفة: الحُلَّبُ نبتٌ يَنْبَسِطُ على الأَرض، وتَدُومُ
خُضْرتُه، له ورقٌ صِغارٌ، يُدبَغُ به. وقال أَبو زيادٍ: من الخِلْفةِ
الحُلَّبُ، وهي شجرة تَسَطَّحُ على الأَرض، لازِقةٌ بها، شديدةُ الخُضْرةِ، وأَكثرُ نباتِها حين يَشْتَدُّ الحرُّ. قال، وعن الأَعراب القُدُم: الحُلَّبُ يَسْلَنْطِحُ على الأَرض، له ورقٌ صِغارٌ مرٌّ، وأَصلٌ يُبْعِدُ في الأَرض، وله قُضْبانٌ صِغارٌ، وسِقاءٌ حُلَّبيٌّ ومَحْلوبٌ، الأَخيرة عن أَبي حنيفة، دُبِغَ بالحُلَّبِ؛ قال الراجز:
دَلْوٌ تَمَأّى، دُبِغَتْ بالحُلَّبِ
تَمَأّى أَي اتَّسَعَ. الأَصمعي: أَسْرَعُ الظِّباءِ تَيْسُ الحُلَّبِ، لأَنه قد رَعَى الرَّبيعَ والرَّبْلَ؛ والرَّبْلُ ما تَرَبَّلَ من الرَّيِّحة في أَيامِ الصَّفَرِيَّة، وهي عشرون يوماً من آخر القَيْظِ، والرَّيِّحَة تكونُ منَ الحُلَّبِ، والنَّصِيِّ والرُّخامى والـمَكْرِ، وهو أَن يظهَر النَّبْتُ في أُصوله، فالتي بَقِيَتْ من العام الأَوَّل في الأَرضِ، تَرُبُّ الثَّرَى أَي تَلْزَمُه.
والـمَحْلَبُ: شَجَرٌ له حَبٌّ يُجْعَلُ في الطِّيبِ، واسمُ ذلك الطِّيبِ الـمَحْلَبِيَّةُ، على النَّسَبِ إِليه؛ قال أَبو حنيفة: لم يَبْلُغْني أَنه يَنْبُتُ بشيءٍ مِنْ بلادِ العَرَبِ. وحَبُّ الـمَحْلَبِ: دواءٌ من الأَفاويهِ، وموضِعُه الـمَحْلَبِيَّة.
والحِلِبْلابُ: نبتٌ تَدومُ خُضْرَتُه في القَيْظِ، وله ورقٌ أَعْرَضُ
من الكَفِّ، تَسْمَنُ عليه الظِّباءُ والغنمُ؛ وقيل: هو نَباتٌ سُهْليٌّ
ثُلاثيٌّ كسِرِطْرَاطٍ، وليس برُباعِيٍّ، لأَنه ليس في الكَلامِ
كَسِفِرْجالٍ.
وحَلاَّبٌ، بالتشديد: اسمُ فَرَسٍ لبَني تَغْلبَ. التهذيبُ: حَلاَّبٌ من
أَسماءِ خيلِ العرب السابقة. أَبو عبيدة: حَلاَّبٌ من نِتاجِ الأَعْوجِ.
الأَزهري، عن شمر: يومٌ حَلاَّبٌ، ويومٌ هَلاَّبٌ، ويومٌ همَّامٌ، ويومٌ
صَفْوانُ ومِلْحانُ وشِيبانُ؛ فأَما الهَلاَّبُ فاليابسُ بَرْداً، وأَما
الحَلاَّب ففيه نَدىً، وأَما الهَمَّامُ فالذي قد هَمَّ بالبَرْد.
وحَلَبُ: مدينةٌ بالشامِ؛ وفي التهذيب: حَلَبُ اسمُ بَلَدٍ من الثُّغُورِ الشامِيَّة.
وحَلَبانُ: اسمُ مَوْضعٍ؛ قال الـمُخَبَّل السعدي:
صَرَمُوا لأَبْرَهَةَ الأُمورَ، مَحَلُّها * حَلَبانُ، فانْطَلَقُوا مع الأَقْوالِ
ومَحْلَبةُ ومُحْلِب: مَوْضِعانِ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
يا جارَ حَمْراءَ، بأَعْلى مُحْلِبِ،
مُذْنِبَةٌ، فالقـــــــــاعُ غَيْرُ مُذْنِبِ،
لا شيءَ أَخْزَى مِن زِناءِ الأَشْيَب
قوله:
مُذنِبَة، فالْقـــــــاعُ غيرُ مُذْنِبِ
يقول: هي المذنبة لا القاعُ، لأَنه نَكَحَها ثَمَّ.
ابن الأَعرابي: الحُلُبُ السُّودُ من كلِّ الحَيوانِ. قال: والحُلُبُ
الفُهَماءُ من الرِّجالِ.
الأَزهري: الحُلْبُوبُ اللَّوْنُ الأَسْودُ؛ قال رؤْبة:
واللَّوْنُ، في حُوَّتِه، حُلْبُوبُ
والحُلْبُوبُ: الأَسْوَدُ من الشَّعَرِ وغيره. يقال: أَسْوَدُ حُلْبُوبٌ أَي حالِكٌ. ابن الأَعرابي: أَسْوَدُ حُلْبُوبٌ وسُحْكُوكٌ وغِرْبيبٌ؛ وأَنشد:
أَمـَا تَرانِي، اليَوْمَ، عَشّاً ناخِصَا، * أَسْوَدَ حُلْبوباً، وكنتُ وابِصَا
عَشّاً ناخِصاً: قليلَ اللحم مَهْزُولاً. ووابِصاً: بَرَّاقاً.
برد: البَرْدُ: ضدُّ الحرّ. والبُرودة: نقيض الحرارة؛ بَرَدَ الشيءُ
يبرُدُ بُرودة وماء بَرْدٌ وبارد وبَرُودٌ وبِرادٌ، وقد بَرَدَه يَبرُدُه
بَرْداً وبَرَّدَه: جعله بارداً. قال ابن سيده: فأَما من قال بَرَّدَه
سَخَّنه لقول الشاعر:
عافَتِ الماءَ في الشتاء، فقلنا:
بَرِّديه تُصادفيه سَخِينا
فغالط، إِنما هو: بَلْ رِدِيه، فأَدغم على أَن قُطْرباً قد قاله.
الجوهري: بَرُدَ الشيءُ، بالضم، وبَرَدْتُه أَنا فهو مَبْرُود وبَرّدته
تبريداً، ولا يقال أَبردته إِلاّ في لغة رديئة؛ قال مالك بن الريب، وكانت المنية
قد حضرته فوصى من يمضي لأَهله ويخبرهم بموته، وأَنْ تُعَطَّلَ قَلُوصه
في الركاب فلا يركبهَا أَحد ليُعْلم بذلك موت صاحبها وذلك يسرّ أَعداءه
ويحزن أَولياءه؛ فقال:
وعَطِّلْ قَلُوصي في الركاب، فإِنها
سَتَبْرُدُ أَكباداً، وتُبْكِي بَواكيا
والبَرود، بفتح الباء: البارد؛ قال الشاعر:
فبات ضَجيعي في المنام مع المُنَى
بَرُودُ الثَّنايا، واضحُ الثغر، أَشْنَبُ
وبَرَدَه يَبْرُدُه: خلطه بالثلج وغيره، وقد جاء في الشعر. وأَبْرَدَه:
جاء به بارداً. وأَبْرَدَ له: سقاهُ بارداً. وسقاه شربة بَرَدَت فؤَادَه
تَبْرُدُ بَرْداً أَي بَرَّدَتْه. ويقال: اسقني سويقاً أُبَرِّد به كبدي.
ويقال: سقيته فأَبْرَدْت له إِبراداً إِذا سقيته بارداً. وسقيته شربةً
بَرَدْت بها فوؤَادَه من البَرود؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
إِنِّي اهْتَدَيْتُ لِفِتْية نَزَلُوا،
بَرَدُوا غَوارِبَ أَيْنُقٍ جُرْب
أَي وضعوا عنها رحالها لتَبْرُدَ ظهورها. وفي الحديث: إِذا أَبصر أَحدكم
امرأَة فليأْت زوجته فإِن ذلك بَرْدُ ما في نفسه؛ قال ابن الأَثير: هكذا
جاء في كتاب مسلم، بالباء الموحدة، من البَرْد، فإِن صحت الرواية فمعناه
أَن إِتيانه امرأَته يُبرِّد ما تحركت له نفسه من حر شهوة الجماع أَي
تسكنه وتجعله بارداً، والمشهور في غيره يردّ، بالياء، من الرد أَي يعكسه.
وفي حديث عمر: أَنه شرب النبيذ بعدما بَرَدَ أَي سكن وفَتَر. ويُقال: جدّ
في الأَمر ثم بَرَدَ أَي فتر. وفي الحديث: لما تلقاه بُرَيْدَةُ الأَسلمي
قال له: من أَنت؟ قال: أَنا بريدة، قال لأَبي بكر: بَرَدَ أَمرنا وصلح
(* قوله «برد أمرنا وصلح» كذا في نسخة المؤلف والمعروف وسلم، وهو المناسب
للأسلمي فانه، صلى الله عليه وسلم، كان يأخذ الفأل من اللفظ). أَي سهل.
وفي حديث أُم زرع: بَرُودُ الظل أَي طيب العشرة، وفعول يستوي فيه الذكر
والأُنثى.
والبَرَّادة: إِناء يُبْرِد الماء، بني على أَبْرَد؛ قال الليث:
البَرَّادةُ كوارَةٌ يُبَرَّد عليها الماء، قال الأَزهري: ولا أَدري هي من كلام
العرب أَم كلام المولدين. وإِبْرِدَةُ الثرى والمطر: بَرْدُهما.
والإِبْرِدَةُ: بَرْدٌ في الجوف.
والبَرَدَةُ: التخمة؛ وفي حديث ابن مسعود: كل داء أَصله البَرَدة وكله
من البَرْد؛ البَرَدة، بالتحريك: التخمة وثقل الطعام على المعدة؛ وقيل:
سميت التخمةُ بَرَدَةً لأَن التخمة تُبْرِدُ المعدة فلا تستمرئ الطعامَ
ولا تُنْضِجُه.
وفي الحديث: إِن البطيخ يقطع الإِبردة؛ الإِبردة، بكسر الهمزة والراء:
علة معروفة من غلبة البَرْد والرطوبة تُفَتِّر عن الجماع، وهمزتها زائدة.
ورجل به إِبْرِدَةٌ، وهو تقطِير البول ولا ينبسط إِلى النساء.
وابْتَرَدْتُ أَي اغتسلت بالماء البارد، وكذلك إِذا شربته لتَبْرُدَ به كبدك؛ قال
الراجز.
لَطالَما حَلأْتُماها لا تَرِدْ،
فَخَلِّياها والسِّجالَ تَبْتَرِدْ،
مِنْ حَرِّ أَيامٍ ومِنْ لَيْلٍ وَمِدْ
وابْتَرَد الماءَ: صَبَّه على رأَسه بارداً؛ قال:
إِذا وجَدْتُ أُوَارَ الحُبِّ في كَبِدي،
أَقْبَلْتُ نَحْوَ سِقاء القوم أَبْتَرِدُ
هَبْنِي بَرَدْتُ بِبَرْدِ الماءِ ظاهرَهُ،
فمَنْ لِحَرٍّ على الأَحْشاءِ يَتَّقِدُ؟
وتَبَرَّدَ فيه: استنقع. والبَرُودُ: ما ابْتُرِدَ به.
والبَرُودُ من الشراب: ما يُبَرِّدُ الغُلَّةَ؛ وأَنشد:
ولا يبرِّد الغليلَ الماءُ
والإِنسان يتبرّد بالماء: يغتسل به.
وهذا الشيء مَبْرَدَةٌ للبدن؛ قال الأَصمعي: قلت لأَعرابي ما يحملكم على
نومة الضحى؟ قال: إِنها مَبْرَدَةٌ في الصيف مَسْخَنَةٌ في الشتاء.
والبَرْدانِ والأَبرَدانِ أَيضاً: الظل والفيء، سميا بذلك لبردهما؛ قال
الشماخ بن ضرار:
إِذا الأَرْطَى تَوَسَّدَ أَبْرَدَيْهِ
خُدودُ جَوازِئٍ، بالرملِ، عِينِ
سيأْتي في ترجمة جزأَ
(* وهي متأخرة عن هذا الحرف في تهذيب الأزهري.) ؛
وقول أَبي صخر الهذلي:
فما رَوْضَةٌ بِالحَزْمِ طاهرَةُ الثَّرَى،
ولَتْها نَجاءَ الدَّلْوِ بَعْدَ الأَبارِدِ
يجوز أَن يكون جمع الأَبردين اللذين هما الظل والفيء أَو اللذين هما
الغداة والعشيّ؛ وقيل: البردان العصران وكذلك الأَبردان، وقيل: هما الغداة
والعشي؛ وقيل: ظلاَّهما وهما الرّدْفانِ والصَّرْعانِ والقِرْنانِ. وفي
الحديث: أَبْرِدُوا بالظهر فإِن شدّة الحرّ من فيح جهنم؛ قال ابن الأَثير:
الإِبراد انكسار الوَهَج والحرّ وهو من الإِبراد الدخول في البَرْدِ؛
وقيل: معناه صلوها في أَوّل وقتها من بَرْدِ النهار، وهو أَوّله. وأَبرد
القومُ: دخلوا في آخر النهار. وقولهم: أَبرِدوا عنكم من الظهيرة أَي لا
تسيروا حتى ينكسر حرّها ويَبُوخ. ويقال: جئناك مُبْرِدين إِذا جاؤوا وقد باخ
الحر. وقال محمد بن كعب: الإِبْرادُ أَن تزيغ الشمس، قال: والركب في
السفر يقولون إِذا زاغت الشمس قد أَبردتم فرُوحُوا؛ قال ابن أَحمر:
في مَوْكبٍ، زَحِلِ الهواجِر، مُبْرِد
قال الأَزهري: لا أَعرف محمد بن كعب هذا غير أَنّ الذي قاله صحيح من
كلام العرب، وذلك أَنهم ينزلون للتغوير في شدّة الحر ويقيلون، فإِذا زالت
الشمس ثاروا إِلى ركابهم فغيروا عليها أَقتابها ورحالها ونادى مناديهم:
أَلا قد أَبْرَدْتم فاركبوا قال الليث: يقال أَبرد القوم إِذا صاروا في وقت
القُرِّ آخر القيظ. وفي الحديث: من صلى البَرْدَيْنِ دخل الجنة؛
البردانِ والأَبْرَدانِ: الغداةُ والعشيّ؛ ومنه حديث ابن الزبير: كان يسير بنا
الأَبْرَدَيْنِ؛ وحديثه الآخر مع فَضالة بن شريك: وسِرْ بها
البَرْدَيْن.وبَرَدَنا الليلُ يَبْرُدُنا بَرْداً وبَرَدَ علينا: أَصابنا برده.
وليلة باردة العيش وبَرْدَتُه: هنيئته؛ قال نصيب:
فيا لَكَ ذا وُدٍّ، ويا لَكِ ليلةً،
بَخِلْتِ وكانت بَرْدةَ العيشِ ناعِمه
وأَما قوله: لا بارد ولا كريم؛ فإِن المنذري روى عن ابن السكيت أَنه
قال: وعيش بارد هنيء طيب؛ قال:
قَلِيلَةُ لحمِ الناظرَيْنِ، يَزِينُها
شبابٌ، ومخفوضٌ من العيشِ بارِدُ
أَي طاب لها عيشها. قال: ومثله قولهم نسأَلك الجنة وبَرْدَها أَي طيبها
ونعيمها.
قال ابن شميل: إِذا قال: وابَرْدَهُ
(* قوله «قال ابن شميل إِذا قال
وابرده إلخ» كذا في نسخة المؤلف والمناسب هنا أن يقال: ويقول وابرده على
الفؤاد إذا أصاب شيئاً هنيئاً إلخ.) على الفؤاد إِذا أَصاب شيئاً هنيئاً،
وكذلك وابَرْدَاهُ على الفؤاد. ويجد الرجل بالغداة البردَ فيقول: إِنما هي
إِبْرِدَةُ الثرى وإِبْرِدَةُ النَّدَى. ويقول الرجل من العرب: إِنها
لباردة اليوم فيقول له الآخر: ليست بباردة إِنما هي إِبْرِدَةُ الثرى. ابن
الأَعرابي: الباردة الرباحة في التجارة ساعة يشتريها. والباردة: الغنيمة
الحاصلة بغير تعب؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الصوم في الشتاء
الغنيمة الباردة لتحصيله الأَجر بلا ظمإٍ في الهواجر أَي لا تعب فيه ولا
مشقة. وكل محبوب عندهم: بارد؛ وقيل: معناه الغنيمة الثابتة المستقرة من
قولهم بَرَدَ لي على فلان حق أَي ثبت؛ ومنه حديث عمر: وَدِدْتُ أَنه
بَرَدَ لنا عملُنا. ابن الأَعرابي: يقال أَبرد طعامه وبَرَدَهُ
وبَرَّدَهُ.والمبرود: خبز يُبْرَدُ في الماءِ تطعمه النِّساءُ للسُّمْنة؛ يقال:
بَرَدْتُ الخبز بالماءِ إِذا صببت عليه الماء فبللته، واسم ذلك الخبز
المبلول: البَرُودُ والمبرود.
والبَرَدُ: سحاب كالجَمَد، سمي بذلك لشدة برده. وسحاب بَرِدٌ وأَبْرَدُ:
ذو قُرٍّ وبردٍ؛ قال:
يا هِندُ هِندُ بَيْنَ خِلْبٍ وكَبِدْ،
أَسْقاك عني هازِمُ الرَّعْد برِدْ
وقال:
كأَنهُمُ المَعْزاءُ في وَقْع أَبْرَدَا
شبههم في اختلاف أَصواتهم بوقع البَرَد على المَعْزاء، وهي حجارة صلبة،
وسحابة بَرِدَةٌ على النسب: ذات بَرْدٍ، ولم يقولوا بَرْداء. الأَزهري:
أَما البَرَدُ بغير هاء فإِن الليث زعم أَنه مطر جامد. والبَرَدُ: حبُّ
الغمام، تقول منه: بَرُدَتِ الأَرض. وبُرِدَ القوم: أَصابهم البَرَدُ،
وأَرض مبرودة كذلك. وقال أَبو حنيفة: شجرة مَبْرودة طرح البَرْدُ ورقها.
الأَزهري: وأَما قوله عز وجل: وينزل من السماء من جبال فيها من بَرَدٍ فيصيب
به؛ ففيه قولان: أَحدهما وينزل من السماء من أَمثال جبال فيها من بَرَدٍ،
والثاني وينزل من السماء من جبال فيها بَرَداً؛ ومن صلة؛ وقول الساجع:
وصِلِّياناً بَرِدَا
أَي ذو برودة. والبَرْد. النوم لأَنه يُبَرِّدُ العين بأَن يُقِرَّها؛
وفي التنزيل العزيز: لا يذوقون فيها بَرْداً ولا شراباً؛ قال العَرْجي:
فإِن شِئت حَرَّمتُ النساءَ سِواكمُ،
وإِن شِئت لم أَطعَمْ نُقاخاً ولا بَرْدا
قال ثعلب: البرد هنا الريق، وقيل: النقاخ الماء العذب، والبرد النوم.
الأَزهري في قوله تعالى: لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً؛ روي عن ابن عباس
قال: لا يذوقون فيها برد الشراب ولا الشراب، قال: وقال بعضهم لا يذوقون
فيها برداً، يريد نوماً، وإِن النوم ليُبَرِّد صاحبه، وإِن العطشان لينام
فَيَبْرُدُ بالنوم؛ وأَنشد الأَزهري لأَبي زُبيد في النوم:
بارِزٌ ناجِذاه، قَدْ بَرَدَ المَوْ
تُ على مُصطلاه أَيَّ برود
قال أَبو الهيثم: بَرَدَ الموتُ على مُصْطلاه أَي ثبت عليه. وبَرَدَ لي
عليه من الحق كذا أَي ثبت. ومصطلاه: يداه ورجلاه ووجهه وكل ما برز منه
فَبَرَدَ عند موته وصار حرّ الروح منه بارداً؛ فاصطلى النار ليسخنه.
وناجذاه: السنَّان اللتان تليان النابين. وقولهم: ضُرب حتى بَرَدَ معناه حتى
مات. وأَما قولهم: لم يَبْرُدْ منه شيء فالمعنى لم يستقر ولم يثبت؛
وأَنشد:اليومُ يومٌ باردٌ سَمومه
قال: وأَصله من النوم والقرار. ويقال: بَرَدَ أَي نام؛ وقول الشاعر
أَنشده ابن الأَعرابي:
أُحِبُّ أُمَّ خالد وخالدا
حُبّاً سَخَاخِينَ، وحبّاً باردا
قال: سخاخين حب يؤْذيني وحباً بارداً يسكن إِليه قلبي. وسَمُوم بارد أَي
ثابت لا يزول؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمومه،
مَن جَزِعَ اليومَ فلا تلومه
وبَرَدَ الرجل يَبْرُدُ بَرْداً: مات، وهو صحيح في الاشتقاق لأَنه عدم
حرارة الروح؛ وفي حديث عمر: فهَبَره بالسيف حتى بَرَدَ أَي مات. وبَرَدَ
السيفُ: نَبا. وبَرَدَ يبرُدُ بَرْداً: ضعف وفتر عن هزال أَو مرض.
وأَبْرَده الشيءُ: فتَّره وأَضعفه؛ وأَنشد بن الأَعرابي:
الأَسودانِ أَبْرَدَا عِظامي،
الماءُ والفتُّ ذوا أَسقامي
ابن بُزُرج: البُرَاد ضعف القوائم من جوع أَو إِعياء، يقال: به بُرادٌ.
وقد بَرَد فلان إِذا ضعفت قوائمه. والبَرْد: تبرِيد العين. والبَرود:
كُحل يُبَرِّد العين: والبَرُود: كل ما بَرَدْت به شيئاً نحو بَرُود العينِ
وهو الكحل. وبَرَدَ عينَه، مخففاً، بالكُحل وبالبَرُود يَبْرُدُها
بَرْداً: كَحَلَها به وسكَّن أَلَمها؛ وبَرَدت عينُه كذلك، واسم الكحل
البَرُودُ، والبَرُودُ كحل تَبْردُ به العينُ من الحرِّ؛ وفي حديث الأَسود: أَنه
كان يكتحل بالبَرُود وهو مُحْرِم؛ البَرُود، بالفتح: كحل فيه أَشياء
باردة. وكلُّ ما بُرِدَ به شيءٌ: بَرُود. وبَرَدَ عليه حقٌّ: وجب ولزم. وبرد
لي عليه كذا وكذا أَي ثبت. ويقال: ما بَرَدَ لك على فلان، وكذلك ما ذَابَ
لكَ عليه أَي ما ثبت ووجب. ولي عليه أَلْفٌ بارِدٌ أَي ثابت؛ قال:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمُومه،
مَنْ عجز اليومَ فلا تلومُه
أَي حره ثابت؛ وقال أَوس بن حُجر:
أَتاني ابنُ عبدِاللَّهِ قُرْطٌ أَخُصُّه،
وكان ابنَ عمٍّ، نُصْحُه لِيَ بارِدُ
وبَرَد في أَيديهم سَلَماً لا يُفْدَى ولا يُطْلَق ولا يُطلَب.
وإِن أَصحابك لا يُبالون ما بَرَّدوا عليك أَي أَثبتوا عليك. وفي حديث
عائشة، رضي الله تعالى عنها: لا تُبَرِّدي عنه أَي لا تخففي. يقال: لا
تُبَرِّدْ عن فلان معناه إِن ظلمك فلا تشتمه فتنقص من إِثمه، وفي الحديث: لا
تُبَرِّدوا عن الظالم أَي لا تشتموه وتدعوا عليه فتخففوا عنه من عقوبة
ذنبه.
والبَرِيدُ: فرسخان، وقيل: ما بين كل منزلين بَرِيد. والبَريدُ: الرسل
على دوابِّ البريد، والجمع بُرُد. وبَرَدَ بَرِيداً: أَرسله. وفي الحديث:
أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال: إِذا أَبْرَدْتم إِليَّ بَرِيداً فاجعلوه
حسن الوجه حسن الاسم؛ البَرِيد: الرسول وإِبرادُه إِرساله؛ قال الراجز:
رأَيتُ للموت بريداً مُبْردَا
وقال بعض العرب: الحُمَّى بَرِيد الموتِ؛ أَراد أَنها رسول الموت تنذر
به. وسِكَكُ البرِيد: كل سكة منها اثنا عشر ميلاً. وفي الحديث: لا
تُقْصَرُ الصلاةُ في أَقلَّ من أَربعة بُرُدٍ، وهي ستة عشر فرسخاً، والفرسخ
ثلاثة أَميال، والميل أَربعة آلاف ذراع، والسفر الذي يجوز فيه القصر أَربعة
برد، وهي ثمانية وأَربعون ميلاً بالأَميال الهاشمية التي في طريق مكة؛
وقيل لدابة البريد: بَريدٌ، لسيره في البريد؛ قال الشاعر:
إِنِّي أَنُصُّ العيسَ حتى كأَنَّني،
عليها بأَجْوازِ الفلاةِ، بَرِيدا
وقال ابن الأَعرابي: كل ما بين المنزلتين فهو بَرِيد. وفي الحديث: لا
أَخِيسُ بالعَهْدِ ولا أَحْبِسُ البُرْدَ أَي لا أَحبس الرسل الواردين
عليّ؛ قال الزمخشري: البُرْدُ، ساكناً، يعني جمعَ بَرِيد وهو الرسول فيخفف عن
بُرُدٍ كرُسُلٍ ورُسْل، وإِنما خففه ههنا ليزاوج العهد. قال: والبَرِيد
كلمة فارسية يراد بها في الأَصل البَرْد، وأَصلها «بريده دم» أَي محذوف
الذنَب لأَن بغال البريد كانت محذوفة الأَذناب كالعلامة لها فأُعربت
وخففت، ثم سمي الرسول الذي يركبه بريداً، والمسافة التي بين السكتين بريداً،
والسكة موضع كان يسكنه الفُيُوجُ المرتبون من بيت أَو قبة أَو رباط، وكان
يرتب في كل سكة بغال، وبُعد ما بين السكتين فرسخان، وقيل أَربعة.
الجوهري: البريد المرتب يقال حمل فلان على البريد؛ وقال امرؤ القيس:
على كلِّ مَقْصوصِ الذُّنَابَى مُعاودٍ
بَرِيدَ السُّرَى بالليلِ، من خيلِ بَرْبَرَا
وقال مُزَرِّدٌ أَخو الشماخ بن ضرار يمدح عَرابَة الأَوسي:
فدتْك عَرابَ اليومَ أُمِّي وخالتي،
وناقتيَ النَّاجي إِليكَ بَرِيدُها
أَي سيرها في البرِيد. وصاحب البَرِيد قد أَبردَ إِلى الأَمير، فهو
مُبْرِدٌ. والرسول بَرِيد؛ ويقال للفُرانِق البَرِيد لأَنه ينذر قدَّام
الأَسد.
والبُرْدُ من الثيابِ، قال ابن سيده: البُرْدُ ثوب فيه خطوط وخص بعضهم
به الوشي، والجمع أَبْرادٌ وأَبْرُد وبُرُودٌ.
والبُرْدَة: كساء يلتحف به، وقيل: إِذا جعل الصوف شُقة وله هُدْب، فهي
بُرْدَة؛ وفي حديث ابن عمر: أَنه كان عليه يوم الفتح بُرْدَةٌ فَلُوتٌ
قصيرة؛ قال شمر: رأَيت أَعرابيّاً بِخُزَيْمِيَّةَ وعليه شِبْه منديل من صوف
قد اتَّزَر به فقلت: ما تسميه؟ قال: بُرْدة؛ قال الأَزهري: وجمعها
بُرَد، وهي الشملة المخططة. قال الليث: البُرْدُ معروف من بُرُود العَصْب
والوَشْي، قال: وأَما البُرْدَة فكساء مربع أَسود فيه صغر تلبسه الأَعراب؛
وأَما قول يزيد بنِ مُفَرّغ الحميري:
وشَرَيْتُ بُرْداً ليتني،
من قَبْلِ بُرْدٍ، كنتُ هامَهْ
فهو اسم عبد. وشريت أَي بعت. وقولهم: هما في بُرْدة أَخْمَاسٍ فسره ابن
الأَعرابي فقال: معناه أَنهما يفعلان فعلاً واحداً فيشتبهان كأَنهما في
بُرَدة، والجمع بُرَد على غير ذلك؛ قال أَبو ذؤيب:
فسَمعَتْ نَبْأَةً منه فآسَدَها،
كأَنَّهُنَّ، لَدَى إِنْسَائِهِ، البُرَد
يريد أَن الكلاب انبسطنَ خلف الثور مثل البُرَدِ؛ وقول يزيد بن المفرّغ:
مَعاذَ اللَّهِ رَبَّا أَن تَرانا،
طِوالَ الدهرِ، نَشْتَمِل البِرادا
قال ابن سيده: يحتمل أَن يكون جمع بُرْدةٍ كبُرْمةٍ وبِرام، وأَن يكون
جمع بُرْد كقُرطٍ وقِراطٍ.
وثوب بَرُودٌ: ليس فيه زِئبِرٌ. وثوب بَرُودٌ إِذا لم يكن دفِيئاً ولا
لَيِّناً من الثياب.
وثوب أَبْرَدُ: فيه لُمَعُ سوادٍ وبياض، يمانية.
وبُرْدَا الجراد والجُنْدُب: جناحاه؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رجْلا مُقْطَفٍ عَجِلٍ،
إِذا تَجاوَبَ من بُرْدَيْه تَرْنِيمُ
وقال الكميت يهجو بارقاً:
تُنَفِّضُ بُرْدَيْ أُمِّ عَوْفٍ، ولم يَطِرْ
لنا بارِقٌ، بَخْ للوَعيدِ وللرَّهْبِ
وأُم عوف: كنية الجراد.
وهي لك بَرْدَةُ نَفْسِها أَي خالصة. وقال أَبو عبيد: هي لك بَرْدَةُ
نَفْسِها أَي خالصاً فلم يؤَنث خالصاً.
وهي إِبْرِدَةُ يَمِيني؛ وقال أَبو عبيد: هو لِي بَرْدَةُ يَمِيني إِذا
كان لك معلوماً.
وبَرَدَ الحدِيدَ بالمِبْرَدِ ونحوَه من الجواهر يَبْرُدُه: سحله.
والبُرادة: السُّحالة؛ وفي الصحاح: والبُرادة ما سقط منه. والمِبْرَدُ: ما
بُرِدَ به، وهو السُّوهانُ بالفارسية. والبَرْدُ: النحت؛ يقال: بَرَدْتُ
الخَشَبة بالمِبْرَد أَبْرُدُها بَرْداً إِذا نحتها.
والبُرْدِيُّ، بالضم: من جيد التمر يشبه البَرْنِيَّ؛ عن أَبي حنيفة.
وقيل: البُرْدِيّ ضرب من تمر الحجاز جيد معروف؛ وفي الحديث: أَنه أَمر أَن
يؤْخذ البُرْدِيُّ في الصدقة، وهو بالضم، نوع من جيد التمر.
والبَرْدِيُّ، بالفتح: نبت معروف واحدته بَرْدِيَّةٌ؛ قال الأَعشى:
كَبَرْدِيَّةِ الفِيلِ وَسْطَ الغَريـ
ـفِ، ساقَ الرِّصافُ إِليه غَديرا
وفي المحكم:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وَسْطَ الغَريـ
ـفِ، قد خالَطَ الماءُ منها السَّريرا
وقال في المحكم: السرير ساقُ البَرْدي، وقيل: قُطْنُهُ؛ وذكر ابن برّيّ
عجز هذا البيت:
إِذا خالط الماء منها السُّرورا
وفسره فقال: الغِيل، بكسر الغين، الغيضة، وهو مغيض ماء يجتمع فينبت فيه
الشجر. والغريف: نبت معروف. قال: والسرور جمع سُرّ، وهو باطن
البَرْدِيَّةِ. والأَبارِدُ: النُّمورُ، واحدها أَبرد؛ يقال للنَّمِرِ الأُنثى
أَبْرَدُ والخَيْثَمَةُ.
وبَرَدَى: نهر بدمشق؛ قال حسان:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عليهِمُ
بَرَدَى، تُصَفَّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
أَي ماء بَرَدَى
والبَرَدانِ، بالتحريك: موضع؛ قال ابن مَيَّادة:
ظَلَّتْ بِنهْيِ البَرَدانِ تَغْتَسِلْ،
تَشْرَبُ منه نَهَلاتٍ وتَعِلْ
وبَرَدَيَّا: موضع أَيضاً، وقيل: نهر، وقيل: هو نهر دمشق والأَعرف أَنه
بَرَدَى كما تقدم.
والأُبَيْرِد: لقب شاعر من بني يربوع؛ الجوهري: وقول الشاعر:
بالمرهفات البوارد
قال: يعني السيوف وهي القواتل؛ قال ابن برّي صدر البيت:
وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغَصَّني
مَغَصَّهما بالمُرْهَفاتِ البَوارِدِ
رأَيت بخط الشيخ قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان في كتاب ابن برّي ما
صورته: قال هذا البيت من جملة أَبيات للعتابي كلثوم بن عمرو يخاطب بها
زوجته؛ قال وصوابه:
وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغصَّني
مَغَصَّهُما بالمُشْرِقاتِ البَوارِدِ
قال: وإِنما وقع الشيخ في هذا التحريف لاتباعه الجوهري لأَنه كذا ذكره
في الصحاح فقلده في ذلك، ولم يعرف بقية الأَبيات ولا لمن هي فلهذا وقع في
السهو. قال محمد بن المكرّم: القاضي شمس الدين بن خلكان، رحمه الله، من
الأَدب حيث هو، وقد انتقد على الشيخ أَبي محمد بن برّي هذا النقد، وخطأَه
في اتباعه الجوهري، ونسبه إلى الجهل ببقية الأَبيات، والأَبيات مشهورة
والمعروف منها هو ما ذكره الجوهري وأَبو محمد بن بري وغيرهما من العلماء،
وهذه الأَبيات سبب عملها أَن العتابي لما عمل قصيدته التي أَوّلها:
ماذا شَجاكَ بِجَوَّارينَ من طَلَلٍ
ودِمْنَةٍ، كَشَفَتْ عنها الأَعاصيرُ؟
بلغت الرشيد فقال: لمن هذه؟ فقيل: لرجل من بني عتاب يقال له كلثوم، فقال
الرشيد: ما منعه أَن يكون ببابنا؟ فأَمر بإِشخاصه من رَأْسِ عَيْنٍ
فوافى الرشِيدَ وعليه قيمص غليظ وفروة وخف، وعلى كتفه مِلحفة جافية بغير
سراويل، فأَمر الرشيد أَن يفرش له حجرة، ويقام له وظيفة، فكان الطعام إِذا
جاءَه أَخذ منه رقاقة وملحاً وخلط الملح بالتراب وأَكله، وإِذا كان وقت
النوم نام على الأَرض والخدم يفتقدونه ويعجبون من فعله، وأُخْبِرَ الرشِيدُ
بأَمره فطرده، فمضى إِلى رأْس عَيْنٍ وكان تحته امرأَة من باهلة فلامته
وقالت: هذا منصور النمريّ قد أَخذ الأَموال فحلى نساءه وبني داره واشترى
ضياعاً وأَنت. كما ترى؛ فقال:
تلومُ على تركِ الغِنى باهِليَّةٌ،
زَوَى الفقرُ عنها كُلَّ طِرْفٍ وتالدِ
رأَتْ حولَها النّسوانَ يَرْفُلْن في الثَّرا،
مُقَلَّدةً أَعناقُها بالقلائد
أْسَرَّكِ أَني نلتُ ما نال جعفرٌ
من العَيْش، أَو ما نال يحْيَى بنُ خالدِ؟
وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغَصَّنِي
مَغَصِّهُما بالمُرْهَفات البَوارِدِ؟
دَعِينِي تَجِئْنِي مِيتَتِي مُطْمَئِنَّةً،
ولم أَتَجَشَّمْ هولَ تلك المَوارِدِ
فإنَّ رَفيعاتِ الأُمورِ مَشُوبَةٌ
بِمُسْتَوْدَعاتٍ، في بُطونِ الأَساوِدِ
دير: التهذيب: الدير الدارات في الرمل، ودَيْرُ النصارى، أَصله الواو،
والجمع أَدْيارٌ. والدَّيْرَانِيُّ: صاحب الدَّيْرِ. ابن سيده: الدَّيْرُ
خان النصارى؛ وفي التهذيب: دَيْرُ النصارى، والجمع أَدْيارٌ، وصاحبه الذي
يسكنه ويعمره دَيَّارٌ ودَيْرَانِيٌّ، نسب على غير قياس. قال ابن سيده:
وإِنما قلنا إِنه من الياء وإِن كان دور أَكْثَرَ وأَوسع لأَن الياء قد
تصرفت في جمعه وفي بناء فَعَّالٍ، ولم نقل إِنها معاقبة لأَن ذلك لو كان
لكان حَرِيّاً أَن يسمع في وجه من وجوه تصاريفه. ابن الأَعرابي: يقال
للرجل إِذا رأَس أَصحابه: هو رأْس الدَّيْرِ.
كرع: كَرِعَت المرأَةُ كَرَعاً، فهي كَرِعةٌ: اغْتَلَمَتْ وأَحَبَّتِ
الجِماعَ. وجارية كرِعةٌ: مِغْلِيمٌ، ورجل كَرِعٌ، وقد كَرِعَتْ إِلى
الفحْلِ كَرَعاً.
والكُراعُ من الإِنسان: ما دون الركبة إِلى الكعب، ومن الدوابِّ: ما دون
الكَعْبِ، أُنْثَى. يقال: هذه كُراعٌ وهو الوظيف؛ قال ابن بري: وهو من
ذواتِ الحافِرِ ما دُونَ الرُّسْغِ، قال: وقد يُسْتَعْمَلُ الكُراعُ أَيضاً
للإِبل كما استعمل في ذوات الحافر؛ قالت الخنساءُ
(* قوله« قالت
الخنساء» كذا بالأصل هنا، ومر في مادة كوس: قالت عمرة أُخت العباس بن مرداس
وأمها الخنساء ترثي أخاها وتذكر أنه كان يعرقب الابل: فظلت تكوس على إلخ): فقامَتْ تَكُوسُ على أَكْرُعٍ
ثلاثٍ، وغادَرْتَ أُخْرَى خَضِيبا
فجعلت لها أَكارِعَ أَربعاً، وهو الصحيح عند أَهل اللغة في ذوات
الأَربع، قال: ولا يكون الكراع في الرِّجل دون اليد إِلا في الإِنسان خاصّة،
وأَما ما سواه فيكون في اليدين والرجلين، وقال اللحياني: هما مما يؤنث
ويذكر، قال: ولم يعرف الأَصمعي التذكير، وقال مرة أُخرى: هو مذكر لا غير، وقال
سيبويه: أَما كُراعٌ فإِن الوجه فيه ترك الصرْف، ومن العرب من يصرفه
يشبهه بذراع، وهو أَخبث الوجهين، يعني أَن الوجه إِذا سمي به أَن لا يصرف
لأَنه مؤنث سمي به مذكر، والجمع أَكْرُعٌ، وأَكارِعُ جمع الجمع، وأَما
سيبويه فإِنه جعله مما كسر على ما لا يكسّر عليه مثلُه فِراراً من جمع الجمع،
وقد يكسر على كِرْعانٍ. والكُراعُ من البقر والغنم: بمنزلة الوَظِيفِ من
الخيل والإِبل والحُمُرِ وهو مُسْتدَقُّ الساقِ العاري من اللحم، يذكر
ويؤنث، والجمع أَكْرُعٌ ثم أَكارِعُ. وفي المثل: أُعْطِيَ العبدُ كُراعاً
فطلَب ذِرعاً، لأَن الذراع في اليد وهو أَفضل من الكُراع في الرجْلِ.
وكَرَعَه: أَصابَ كُراعَه. وكَرِعَ كَرَعاً: شَكا كُراعَه. ويقال للضعيف
الدِّفاعِ: فلان ما يُنْضجُ الكُراعَ. والكَرَعُ: دِقَّةُ الأَكارِعِ،
طويلةً كانت أَو قصيرةً، كَرِعَ كَرَعاً، وهو أَكْرَعُ، وفيه كَرَعٌ أَي
دِقَّةٌ. والكَرَعُ أَيضاً: دِقَّةُ الساقِ، وقيل: دقة مُقَدَّمِها وهو
أَكْرعُ، والفِعْلُ كالفِعْلِ والصِّفةُ كالصِّفةِ. وفي حديث الحوض:
فَبَدَأَ الله بكُراعٍ أي طرَفٍ من ماءِ الجنةِ مُشَبَّهٍ بالكراع لقلته، وإِنه
كالكُراعِ من الدابة.
وتَكَرَّعَ للصلاة: غَسَل أَكارِعَه، وعمّ بعضهم به الوضوء. قال
الأَزهري: تَطَهَّرَ الغلام وتَكَرَّعَ وتَمكَّنَ إِذا تطهر للصلاة.
وكُراعاً الجُنْدَبِ: رجلاه؛ ومنه قول أَبي زبيد:
ونَفَى الجُنْدَبُ الحَصى بِكُراعَيْـ
ـه، وأوْفَى في عُودِه الحِرْباءُ
وكُراعُ الأَرض: ناحِيَتُها. وأَكارِعُ الأَرض: أَطْرافُها القاصِيةُ،
شبهت بأَكارِعِ الشاء وهي قوائمُها. وفي حديث النخعي: لا بأْس بالطَّلَبِ
في أَكارِعِ الأَرض أَي نواحيها وأَطْرافِها. والكُراعُ: كلُّ أَنف سالَ
فتقدم من جبل أَو حَرّةٍ. وكُراع كلِّ شيء: طَرَفُه، والجمع في هذا كله
كِرْعانٌ وأَكارِعُ. وقال الأَصمعي: العُنُقُ من الحَرّة يمتدّ؛ قال عوف بن
الأَحوص:
أَلم أَظْلِفْ عن الشُّعَراءِ عِرْضِي،
كما ظُلِفَ الوَسِيقةُ بالكُراعِ؟
وقيل: الكُراعُ ركن من الجبل يَعْرِضُ في الطريق. ويقال: أَكْرَعَكَ
الصيْدُ وأَخْطَبَكَ وأَصْقَبَك وأَقْنى لكَ بمعنى أَمْكَنَكَ. وكَرِعَ
الرجلُ بِطِيبٍ فَصاكَ به أَي لَصِقَ به. والكُراعُ: اسم يجمع الخيل.
والكُراعُ: السلاحُ، وقيل: هو اسم يجمع الخيل والسلاح.
وأَكْرَعَ القومُ إِذا صَبَّتْ عليهم السماءُ فاسْتَنْقَعَ الماءُ حتى
يَسْقُوا إِبلهم من ماء السماء، والعرب تقول لماء السماء إِذا اجتمع في
غَدِيرٍ أَو مَساكٍ: كَرَعٌ. وقد شَرِبْنا الكَرَعَ وأَرْوَيْنا نَعَمَنا
بالكَرَعِ. والكَرَعُ. والكُراعُ: ماء السماء يُكْرَعُ فيه. ومنه حديث
معاوية: شربت عُنْفُوانَ المكْرَعِ أَي في أَوّلِ الماءِ، وهو مَفْعَلٌ من
الكَرَعِ، أَراد به عَزَّ فَشَرِبَ صافِيَ الماء وشرب غيره الكَدِرَ؛ قال
الراعي يصف إِبلاً وراعِيَها بالرِّفْقِ في رِعايةِ الإِبلِ، ونسبه
الجوهري لابن الرّقاع:
يَسُنُّها آبِلٌ، ما إِنْ يُجَزِّئُها
جَزْأً شَديداً، وما إِنْ تَرْتَوي كَرَعا
وقيل: هو الذي تَخُوضُه الماشِيةُ بأَكارِعِها. وكل خائِضِ ماءٍ كارِعٌ،
شرِبَ أَو لم يشرب. والكَرّاعُ: الذي يسقي ماله بالكَرَعِ وهو ماء
السماء. وفي الحديث: أَنّ رجلاً سمع قائلاً يقول في سَحابة: اسق كَرَعَ فلان،
قال: أَراد موضعاً يجتمع فيه ماءُ السماء فــيسقي به صاحبه زرعه. ويقال:
شربت الإِبل بالكَرَعِ إِذا شربت من ماءِ الغَدِيرِ.
وكَرَعَ في الماء يَكْرَعُ كُرُوعاً وكَرْعاً: تناوله بِفِيه من موضعه
من غير أَن يشرب بِكَفَّيْه ولا بإِناء، وقيل: هو أَن يدخل النهر ثم يشرب،
وقيل: هو أَن يُصَوِّبَ رأْسَه في الماء وإِن لم يشرب. وفي الحديث: أَنه
دخل على رجل من الأَنصار في حائِطه فقال: إِن كان عندك ماءٌ بات في
شَنِّه وإِلا كَرَعْنا؛ كَرَعَ إِذا تناوَلَ الماءَ بِفِيه من موضعه كما تفعل
البهائم لأَنها تدخل أَكارِعَها، وهو الكَرْعُ؛ ومنه حديث عكرمة: كَرِهَ
الكَرْعَ في النهر. وكل شيء شربت منه بنيك من إِناءٍ أَو غيره، فقد
كَرَعْتَ فيه؛ وقال الأَخطل:
يُرْوِي العِطاشَ لَها عَذْبٌ مُقَبَّلُه،
إِذا العِطاشُ على أَمثالِه كَرَعُوا
والكارِعُ: الذي رمى بفمه في الماء. والكَرِيعُ: الذي يشرب بيديه من
النهر إِذا فَقَدَ الإِناء. وكَرَعَ في الإِناء إِذا أَمال نحوه عنقه فشرب
منه؛ وأَنشد للنابغة:
بِصَهْباءَ في أَكْنافِها المِسْك كارِعُ
قال: والكارِعُ الإِنسانُ أَي أَنت المِسْكُ لأَنك أَنت الكارِعُ فيها
المسْكَ. ويقال: اكْرَعْ في هذا الإِناءِ نَفَساً أَو نفسين، وفيه لغة
أُخرى: كَرِع يَكْرَعُ كَرَعاً، وأَكْرَعُوا: أَصابوا الكَرَعَ، وهو ماء
السماء، وأَوْرَدُوا.
والكارِعاتُ والمُكْرِعاتُ: النخل
(* قوله«والمكرعات النخل» هو بكسر
الراء كما في سائر نسخ الصحاح افاده شارح القاموس وعليه يتمشى ما بعده، واما
المكرعات في البيت فضبط بفتح الراء في الأصل ومعجم ياقوت وصرح به في
القاموس حيث قال: وبفتح الراء ما غرس في الماء إلخ.) التي على الماء، وقد
أَكْرَعَتْ وكَرَعَتْ، وهي كارِعةٌ ومُكْرعةٌ؛ قال أَبو حنيفة: هي التي لا
يفارق الماءُ أُصولَها؛ وأَنشد:
أَو المُكْرَعات من نَخِيلِ ابن يامِنٍ،
دُوَيْنَ الصَّفا، اللاَّئي يَلِينَ المُشَقَّرا
قال: والمُكْرَعاتُ أَيضاً النخل القَرِيبةُ من المَحَلِّ، قال:
والمُكْرَعاتُ أَيضاً من النخل التي أُكْرِعَتْ في الماء؛ قال لبيد يصف نخلاً
نابتاً على الماء:
يَشْرَبْنَ رِفْهاً عِراكاً غير صادِرةٍ،
فكلُّها كارِعٌ في الماءِ مُغْتَمِرُ
قال: والمُكْرَعاتُ أَيضاً الإِبل تُدْنى من البيوت لتَدْفَأَ
بالدُّخانِ، وقيل: هي اللَّواتي تُدْخِلُ رؤوسَها إِلى الصِّلاءِ فَتَسْوَدُّ
أَعْناقُها، وفي المصنف المُكْرَباتُ؛ وأَنشد أَبو حنيفة للأَخطل:
فلا تَنْزلْ بِجَعْدِيٍّ إِذا ما
تَرَدَّى المُكْرعاتُ من الدُّخانِ
وقد جعلت المُكْرِعاتُ هنا النخيل النابتة على الماء.
وكَرَعُ الناس: سَفِلَتُهم. وأَكارِعُ الناسِ: السَّفِلَةُ شُبِّهُوا
بأَكارِعِ الدوابِّ، وهي قوائِمُها. والكَرَّاعُ: الذي يُخادِنُ الكَرَعَ
وهم السَّفِلُ من الناس، يقال للواحد: كَرَعٌ ثم هلم جرّاً. وفي حديث
النجاشي: فهل يَنْطِقُ فيكم الكَرَعُ؟ قال ابن الأَثير: تفسيره في الحديث
الدَّنيءُ النفْسِ. وفي حديث علي: لو أَطاعَنا أَبو بكر فيما أَشَرْنا به
عليه من ترْكِ قِتالِ أَهلِ الرِّدّةِ لَغَلَبَ على هذا الأَمْرِ الكَرَعُ
والأَعْرابُ؛ قال: هم السَّفِلَةُ والطَّعامُ من الناسِ.
وكُراعُ الغَمِيم: موضع معروف بناحية الحجاز. وفي الحديث: خرَج عامَ
الحُدَيْبِيةِ حتى بَلَغَ كُراعَ الغَمِيم، هو اسم موضع بين مكة والمدينة.
وأَبو رِياشٍ سُوَيْدُ بن كُراعَ: من فٌرْسانِ العرب وشعرائهم، وكُراعُ
اسم أُمه لا ينصرف، قال سيبويه: هو من القسم الذي يقع فيه النسب إِلى الثاني
لأَن تَعَرُّفَه إِنما هو به كابن الزُّبَيْرِ وأَبي دَعْلَجٍ، وأَما
الكَرّاعةُ التي تَلْفِظُ بها العامّةُ فكلمة مُوَلَّدة.
ملح: المِلْح: ما يطيب به الطعام، يؤنث ويذكر، والتأْنيث فيه أَكثر.
وقد مَلَحَ القِدْرَ
(* قوله «وقد ملح القدر إلخ» بابه منع وضرب وأَما
ملح الماء فبابه كرم ومنع ونصر كما في القاموس.) يَمْلِحُها ويَمْلَحُها
مَلْحاً وأَملَحَها: جعل فيها مِلْحاً بقَدَرٍ. ومَلَّحها تَمْليحاً:
أَكثر مِلْحها فأَفسدها، والتمليح مثله. وفي الحديث: إِن الله تعالى ضرب
مَطْعَم ابن آدم للدنيا مثلاً وإِن مَلَحه أَي أَلقى فيه المِلْح بقَدْر
الإِصلاح. ابن سيده عن سيبويه: مَلَحْتُه ومَلَّحْته وأَمْلَحْته بمعنىً؛
ومَلَح اللحمَ والجلدَ يَمْلَحُه مَلْحاً، كذلك؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
تُشْلي الرَّمُوحَ، وهِيَ الرَّمُوحُ،
حَرْفٌ كأَنَّ غُبْرَها مَمْلُوحُ
وقال أَبو ذؤيب:
يَسْتَنُّ في عُرُضِ الصحراء فائِرُه،
كأَنه سَبِطُ الأَهْدابِ مَمْلُوحُ
يعني البحر شبّه السَّرابَ به. وتقول: مَلَحْتُ الشيءَ ومَلَّحْته، فهو
مملوح مُمَلَّحٌ مَلِيحٌ.
والمِلْحُ والمَلِيح خلاف العَذْب من الماء، والجمع مِلْحَةٌ ومِلاح
وأَمْلاح ومِلَح؛ وقد يقال: أَمواهٌ مِلْح ورَكيَّة مِلْحة وماء مِلْح، ولا
يقال مالح إِلاَّ في لغة رديئة. وقد مَلُحَ مُلُوحة ومَلاحة ومَلَح
يَمْلَح مُلوحاً، بفتح اللام فيهما؛ عن ابن الأَعرابي، فإِن كان الماء عذباً
ثم مَلُحَ قال: أَمْلَحَ؛ وبقلة مالِحة. وحكى ابن الأَعرابي: ماء مالحٌ
كمِلْحٍ، وإِذا وصفت الشيءَ بما فيه من المُلوحة قلت: سمك مالح وبقلة
مالحة. قال ابن سيده: وفي حديث عثمان، رضي الله عنه، وأَنا أَشرب ماءَ المِلْح
أَي الشديدَ المُلوحة. الأَزهري عن أَبي العباس: أَنه سمع ابن الأَعرابي
قال: ماء أُجاجٌ وقُعاع وزُعاق وحُراق، وماءٌ يَفْقَأُ عينَ الطائر، وهو
الماء المالح؛ قال وأَنشدنا:
بَحْرُكَ عَذْبُ الماءِ، ما أَعَقَّهُ
رَبُّك، والمَحْرُومُ من لم يُسْقَهُ
أَراد: ما أَقَعَّه من القُعاع، وهو الماء المِلْحُ فقلَب. ابن شميل:
قال يونس: لم أَسمع أَحداً من العرب يقول ماء مالح، ويقال سَمك مالح،
وأَحسن منهما: سَمك مَلِيح ومَمْلوح؛ قال الجوهري: ولا يقال مالح، قال: وقال
أَبو الدُّقَيْش: يقال ماء مالِح ومِلْحٌ؛ قال أَبو منصور: هذا وإِن وُجد
في كلام العرب قليلاً لغة لا تنكر؛ قال ابن بري: قد جاء المالِح في
أَشعار الفصحاء كقول الأَغْلَبِ العِجْلِيِّ يصف أُتُناً وحماراً:
تخالُه من كَرْبِهِنَّ كالِحا،
وافْتَرَّ صاباً ونَشُوقاً مالِحا
وقال غَسَّان السَّلِيطيّ:
وبِيضٍ غِذاهُنَّ الحَليبُ، ولم يكنْ
غِذاهُنَّ نِينانٌ من البحر مالِحُ
أَحَبُّ إِلينا من أُناسٍ بقَرْيةٍ،
يَموجُونَ مَوْجَ البحرِ، والبحرُ جامحُ
وقال عمر بن أَبي ربيعة:
ولو تَفلتْ في البحرِ، والبحرُ مالحٌ،
لأَصْبَحَ ماءُ البحرِ من رِيقها عَذْبا
قال ابن بري: وجدت هذا البيت المنسوب إِلى عمر ابن أَبي ربيعة في شعر
أَبي عُيَيْنَةَ محمد بن أَبي صُفْرة في قصيدة أَوّلها:
تَجَنَّى علينا أَهلُ مَكتومةَ الذَّنْبا،
وكانوا لنا سِلْماً، فصاروا لنا حَرْبا
وقال أَبو زِياد الكلابي:
صَبَّحْنَ قَوًّا، والحِمامُ واقِعُ،
وماءُ قَوٍّ مالِحٌ وناقِعُ
وقال جرير:
إِلى المُهَلَّبِ جَدَّ اللهُ دابِرَهُمْ
أَمْسَوا رَماداً، فلا أَصلٌ ولا طَرَفُ
كانوا إِذا جَعَلوا في صِيرِهِمْ بِصَلاً،
ثم اشْتَوَوا كَنْعَداً من مالحٍ جَدَفوا
قال وقال ابن الأَعرابي: يقال شيء مالح كما يقال حامض؛ قال ابن بري:
وقال أَبو الجَرَّاحِ: الحَمْضُ المالح من الشجر. قال ابن بري: ووجه جواز
هذا من جهة العربية أَن يكون على النسب، مثل قولهم ماء دافق أَي ذو دَفْق،
وكذلك ماء مالح أَي ذو مِلْح، وكما يقال رجل تارِسٌ أَي ذو تُرْس، ودارِع
أَي ذو دِرْع؛ قال: ولا يكون هذا جارياً على الفعل؛ ابن سيده: وسَمك
مالح ومَليح ومَمْلوح ومُمَلَّح وكره بعضهم مَليحاً ومالحاً، ولم يَرَ بيتَ
عُذافِرٍ حُجَّةً؛ وهو قوله:
لو شاءَ رَبي لم أَكُنْ كَرِيَّا،
ولم أَسُقْ لِشَعْفَرَ المَطِيَّا
بِصْرِيَّةٍ تزوَّجت بِصْرِيَّا،
يُطْعِمُها المالحَ والطَّرِيَّا
وقد عارض هذا الشاعرَ رجلٌ من حنيفة فقال:
أَكْرَيْتُ خَرْقاً ماجداً سَرِيَّا،
ذا زوجةٍ كان بها حَفِيَّا،
يُطْعِمُها المالِحَ والطَّرِيَّا
وأَمْلَح القومُ: وَرَدُوا ماء مِلْحاً. وأَملَحَ الإِبلَ: سقاها ماء
مِلْحاً. وأَمْلَحَتْ هي: وردت ماء مِلْحاً. وتَمَلَّحَ الرجلُ: تَزَوَّدَ
المِلْحَ أَو تَجَرَ به؛ قال ابن مقبل يصف سحاباً:
تَرَى كلَّ وادٍ سال فيه، كأَنما
أَناخَ عليه راكبٌ مُتَمَلِّحُ
والمَلاَّحَةُ: مَنْبِتُ المِلْح كالبَقَّالة لمنبت البَقْل.
والمَمْلَحةُ: ما يجعل فيه الملح.
والمَلاَّح: صاحب المِلْح؛ حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد:
حتى تَرَى الحُجُراتِ كلَّ عَشِيَّةٍ
ما حَوْلَها، كمُعَرَّسِ المَلاَّحِ
ويروى الحَجَرات. والمَلاَّحُ: النُّوتيّ؛ وفي التهذيب: صاحب السفينة
لملازمته الماءَ المِلْح، وهو أَيضاً الذي يتعهد فُوهَةَ النهر ليُصْلحه
وأَصله من ذلك، وحِرْفَتُه المِلاحَةُ والمُلاَّحِيَّةُ؛ وأَنشد الأَزهري
للأَعشى:
تَكافَأَ مَلاَّحُها وَسْطَها،
من الخَوْفِ، كَوْثَلَها يَلتَزِمْ
ابن الأَعرابي: المِلاحُ الريح التي تجري بها السفينة وبه سمي
المَلاَّحُ مَلاَّحاً، وقال غيره: سمي السَّفَّانُ مَلاَّحاً لمعالجته الماءَ
المِلْحَ بإِجراء السفن فيه؛ ويقال للرجل الحديد: مِلْحُه على رُكْبتيه؛ قال
مِسكينٌ الدَّارِميّ:
لا تَلُمْها، إِنها من نِسْوَةٍ
مِلحُها مَوْضوعةٌ فوق الرُّكَبْ
قال ابن سيده: أَنث فإِما أَن يكون جمعَ مِلْحة، وإِما أَن يكون
التأْنيث في المِلْح لغة؛ وقال الأَزهري: اختلف الناس في هذا البيت فقال
الأَصمعي: هذه زِنجِيَّة والمِلْح شحمها ههنا وسِمَنُ الزِّنْج في أَفخاذها؛
وقال شمر: الشحم يسمى مِلْحاً؛ وقال ابن الأَعرابي في قوله:
ملحُها موضوعة فوق الرُّكَبْ
قال: هذه قليلة الوفاء، والمِلْحُ ههنا يعني المِلْحَ. يقال: فلان
مِلْحُه على ركبتيه إِذا كان قليل الوفاء. قال: والعرب تحلف بالمِلْح والماء
تعظيماً لهما. ومَلَحَ الماشيةَ مَلْحاً ومَلَّحها: أَطعمها سَبِخَةَ
المِلْح، وهو مِلْح وتُراب، والملح أَكثر، وذلك إِذا لم يقدر على الحَمْضِ
فأَطعمها هذا مكانه.
والمُلاَّحَة: عُشبة من الحُمُوضِ ذات قُضُبٍ وورقٍ مَنْبِتُها
القِفافُ، وهي مالحة الطعم ناجعة في المال، والجمع مُلاَّحٌ. الأَزهري عن الليث:
المُلاَّحُ من الحَمْضِ؛ وأَنشد:
يَخْبِطْنَ مُلاَّحاً كذاوي القَرْمَلِ
قال أَبو منصور: المُلاَّحُ من بقول الرياض، الواحدة مُلاَّحة، وهي بقلة
غَضَّة فيها مُلُوحة مَنابِتُها القِيعانُ؛ وحكى ابن الأَعرابي عن أَبي
النَّجِيبِ الرَّبَعِيِّ في وصفه روضةً: رأَيتُها تَنْدى من بُهْمَى
وصُوفانَةٍ ويَنَمَةٍ ومُلاَّحةٍ ونَهْقَةٍ.
والمُلاَّحُ، بالضم والتشديد: من نبات الحَمْضِ؛ وفي حديث ظَبْيانَ:
يأْكلون مُلاَّحَها ويَرْعَوْنَ سِراحَها: المُلاَّح: ضرب من النبات،
والسِّراحُ: جمع سَرْح، وهو الشجرُ؛ وقال ابن سيده: قال أَبو حنيفة: المُلاَّحُ
حَمْضَة مثل القُلاَّم فيه حمرة يؤكل مع اللبن يُتَنَقَّلُ به، وله حب
يجمع كما يجمع الفَثُّ ويُخْبز فيؤكل، قال: وأَحْسِبُه سمي مُلاَّحاً
للَّوْن لا للطعم؛ وقال مَرَّةً: المُلاَّحُ عُنْقُود الكَباثِ من الأَراك
سمي به لطعمه، كأَن فيه من حرارته مِلْحاً، ويقال: نبتٌ مِلْح ومالح
للحَمْضِ. وقَلِيبٌ مَليح أَي ماؤه مِلْح؛ قال عنترة يصف جُعَلاً:
كأَنَّ مُؤَشّرَ العَضُدَينِ حَجْلاً،
هَدُوجاً بين أَقْلِبةٍ مِلاحِ
والمِلْحُ: الحُسْنُ من المَلاحة. وقد مَلُحَ يَمْلُحُ مُلُوحةً
ومَلاحةً ومِلْحاً أَي حَسُنَ، فهو مَليح ومُلاحٌ ومُلاَّح. والمُلاَّحُ
أَمْلَحُ من المَليح؛ قال:
تَمْشي بجَهْمٍ حَسَنٍ مُلاَّحِ،
أُجِمَّ حتى هَمَّ بالصِّياحِ
يعني فرجها، وهذا المثال لما أَرادوا المبالغة، قالوا: فُعَّال فزادوا
في لفظه لزيادة معناه؛ وجمع المَلِيحِ مِلاحٌ وجمع مُلاحٍ ومُلاَّحٍ
مُلاحُون ومُلاَّحُونَ، والأُنثى مَلِيحة. واستَمْلَحه: عَدَّه مَلِيحاً؛
وقيل: جمع المَلِيح مِلاحٌ وأَمْلاح؛ عن أَبي عمرو، مثل شَرِيف
وأَشْراف.وفي حديث جُوَيرية: وكانت امرأَة مُلاحةً أَي شديدة المَلاحة، وهو من
أَبنية المبالغة. وفي كتاب الزمخشري: وكانت امرأَة مُلاحة أَي ذات مَلاحة،
وفُعالٌ مبالغة في فعيل مثل كريم وكُرام وكبير وكُبارٍ، وفُعَّالٌ
مَشدّداً أَبلغ منه. التهذيب: والمُلاَّحُ أَمْلَحُ من المَليح. وقالوا: ما
أُمَيْلِحَه فَصَغَّروا الفعل وهم يريدون الصفة حتى كأَنهم قالوا مُلَيْحٌ،
ولم يصغروا من الفعل غيره وغير قولهم ما أُحَيْسِنَه؛ قال الشاعر:
يا ما أُمَيْلِحَ غِزْلاناً عَطَونَ لنا،
من هؤُلَيَّاءِ، بين الضَّالِ والسَّمُرِ
والمُلْحة والمُلَحةُ: الكلمة المَليحة.
وأَمْلَح: جاء بكلمة مَليحة. الليث: أَمْلَحْتَ يا فلانُ بمعنيين أَي
جئت بكلمة مَلِيحة وأَكثرت مِلْحَ القِدْرِ.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت لها امرأَة: أَزُمُّ جَمَلي هل
عليَّ جُناحٌ؟ قالت: لا، فلما خرجت قالوا لها: إِنها تعني زوجها، قالت:
رُدُّوها عليَّ، مُلْحةٌ في النار اغسلوا عني أَثرها بالماء والسِّدْرِ؛
المُلْحَة: الكلمة المليحة، وقيل: القبيحة. وقولها: اغسلوا عني أَثرها تعني
الكلمة التي أَذِنَتْ لها بها، ردُّوها لأُعلمها أَنه لا يجوز. قال أَبو
منصور: الكلام الجيد مَلَّحْتُ القِدْر إِذا أَكثرت مِلْحَها، بالتشديد،
ومَلَّحَ الشاعرُ إِذا أَتى بشيء مَلِيح. والمُلْحَةُ، بالضم: واحدة
المُلَحِ من الأَحاديث. قال الأَصمعي: بَلَغْتُ بالعلم ونِلْتُ بالمُلَح؛
والمَلْح: المُلَحُ من الأَخبار، بفتح الميم. والمِلْحُ: العلم. والمِلْحُ:
العلماء.
وأَمْلِحْني بنفسك: زَيِّنِّي؛ التهذيب: سأَل رجل آخر فقال: أُحِبُّ أَن
تُمْلِحَني عند فلان بنفسك أَي تُزَيِّنَني وتُطْريَني.
الأَصمعي: الأَمْلَحُ الأَبْلَقُ بسواد وبياض. والمُلْحة من الأَلوان:
بياض تشوبه شعرات سود. والصفة أَمْلَح والأُنثى مَلْحاء. وكل شعر وصوف
ونحوه كان فيه بياض وسواد: فهو أَمْلح، وكبش أَمْلَحُ: بَيِّنُ المُلْحةِ
والمَلَح. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أُتيَ بكبشين
أَمْلَحَينِ فذبحهما؛ وفي التهذيب: ضَحَّى بكبشين أَملحين؛ قال الكسائي
وأَبو زيد وغيرهما: الأَمْلَح الذي فيه بياض وسواد ويكون البياض أَكثر.
وقد امْلَحَّ الكبش امْلِحاحاً: صار أَمْلَح؛ وفي الحديث: يُؤْتى بالموت
في صورة كبش أَمْلَح؛ ويقال: كبش أَمْلَحُ إِذا كان شعره خَلِيساً. قال
أَبو دُبْيانَ ابنُ الرَّعْبَلِ: أَبْغَضُ الشيوخ إِليَّ الأَقْلَحُ
الأَملَحُ الحَسُوُّ الفَسُوُّ.
وفي حديث خَبَّاب: لكنْ حمزةُ لم يكن له إِلاَّ نَمِرةٌ مَلْحاءُ أَي
بُرْدَة فيها خطوط سود وبيض، ومنه حديث عبيد بن خالد
(* قوله «ومنه حديث
عبيد بن خالد إلخ» نصه كما بهامش النهاية: كنت رجلاً شاباً بالمدينة فخرجت
في بردين وأَنا مسبلهما فطعنني رجل من خلفي، اما باصبعه واما بقضيب كان
معه، فالتفت إلخ.): خرجت في بردين وأَنا مُسْبِلُهما فالتفتُّ فإِذا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، فقلت: إِنما هي مَلْحاء، قال: وإِن كانت
مَلْحاء أَما لك فيَّ أُسْوَةٌ؟ والمَلْحاء من النِّعاج: الشَّمطاءُ تكون
سوداء تُنْفِذها شعرةٌ بيضاء. والأَمْلَحُ من الشَّعَرِ نحو الأَصْبَح وجعل
بعضهم الأَمْلَح الأَبيضَ النقيَّ البياض وقيل: المُلْحة بياض إِلى الحمرة
ما هو كلون الظبي؛ أَبو عبيدة: هو الأَبيض الذي ليس بخالص فيه عُفْرة.
ورجل أَمْلَحُ اللحية إِذا كان يعلو شعرَ لحيته بياضٌ من خِلْقةٍ، ليس من
شيب، وقد يكون من شيب ولذلك وصف الشيب بالمُلحَة؛ أَنشد ثعلب:
لكلِّ دَهْرٍ قد لَبِسْتُ أَثْوُبا،
حتى اكتَسَى الشيبُ قِناعاً أَشْهَبا،
أَمْلَح لا لَذًّا ولا مُحَبَّبا
وقيل: هو الذي بياضه غالب لسواده وبه فسر بعضهم هذا البيت. والمُلْحة
والمَلَحُ: في جميع شعر الجسد من الإِنسان وكلِّ شيء بياضٌ يعلو السواد.
والمُلْحة: أَشدُّ الزَّرَق حتى يَضْرِب إِلى البياض؛ وقد مَلِح مَلَحاً
وامْلَحَّ وأَمْلَح؛ الأَزهري: الزُّرْقَةُ إِذا اشتدّت حتى تضرب إِلى
البياض قيل: هو أَمْلَحُ العين، ومنه كتيبة مَلْحاءُ؛ وقال حَسانُ بن ربيعة
الطائي:
وإِنا نَضْرِبُ المَلْحَاءَ حتى
تُوَالِّي، والسُّيُوفُ لنا شُهودُ
قال ابن بري: المشهور من الرواية: وأَنا نضرب الملحاء، بفتح الهمزة؛
وقبله:
لقد عَلِمَ القبائلُ أَن قومي
ذَوو حَدٍّ، إِذا لُبِسَ الحَديدُ
قال: ومعنى قوله حتى تولي أَي حتى تفرّ مولية يعني كتيبة أَعدائه، وجعل
تفليل السيوف شاهداً على مقارعة الكتائب ويروى: لها شهود، فمن روى لنا
شهود فإِنه جعل فُلولَها شُهوداً لهم بالمقارعة، ومن روى لها أَراد أَن
السيوف شهود على مقارعتها، وذلك تفليلها. ومَِلْحانُ: جُمادَى الآخرة؛ سمي
بذلك لابيضاضه بالثلج؛ قال الكميت:
إِذا أَمْسَتِ الآفاقُ جُمْراً جُنُوبُها،
لِشَيْبانَ أَو مَلْحانَ، واليومُ أَشْهَبُ
شَِيبْانُ: جُمادَى الأُولى وقيل: كانون الأَول. ومَِلْحانُ: كانون
الثاني، سمي بذلك لبياض الثلج. الأَزهري: عمرو بن أَبي عمرو: شِيبانُ، بكسر
الشين، ومَِلْحان من الأَيام إِذا ابيضت الأَرض من الجَلِيتِ والصَّقِيعِ.
الجوهري: يقال لبعض شهور الشتاء مَِلْحانُ لبياض ثلجه.
والمُلاَّحِيُّ، بالضم وتشديد اللام: ضرب من العنب أَبيض في حبه طول،
وهو من المُلْحة؛ وقال أَبو قيس ابنُ الأَسْلَت:
وقد لاحَ في الصبحِ الثرَيَّا كما ترى،
كعُنْقودِ مُلاَّحِيَّةٍ، حين نَوَّرا
ابن سيده: عنب مُلاحِيٌّ أَبيض؛ قال الشاعر:
ومن تَعاجيبِ خَلْقِ اللهِ غاطِيَةٌ،
يُعْصَرُ منها مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ
قال: وحكى أَبو حنيفة مُلاَّحِيّ، وهي قليلة. وقال مرة: إِنما نسبه إِلى
المُلاَّحِ، وإِنما المُلاَّحُ في الطَّعْم، والمُلاحِيُّ من الأَراك
الذي فيه بياض وشُهْبة وحُمْرة؛ وأَنشد لمُزاحِمٍ العُقيْلِيّ:
فما أُمُّ أَحْوَى الطُّرَّتَيْنِ خَلا لَها،
بقُرَّى، مُلاحِيٌّ من المَرْدِ ناطِفُ
والمُلاحِيُّ: تِينٌ صِغار أَمْلَحُ صادق الحلاوة ويُزَبَّبُ.
وامْلاحَّ النخلُ: تلوَّن بُسْرُه بحمرة وصفرة.
وشجرةٌ مَلْحاء: سقط ورقها وبقيت عيدانها خُضْراً. والمَلْحاء من
البعير: الفِقَرُ التي عليها السَّنامُ؛ ويقال: هي ما بين السَّنامِ إِلى
العَجُز؛ وقيل: المَلْحاء لَحْمُ مُسْتَبْطِنِ الصُّلْبِ من الكاهل إِلى
العجز؛ قال العجاج:
موصولة المَلْحاءِ في مُسْتَعْظمِ،
وكَفَلٍ من نَحْضِه مُلَكَّمِ
والمَلْحاءُ: ما انْحَدَرَ عن الكاهل إِلى الصلب؛ وقوله:
رَفَعُوا رايةَ الضِّرابِ ومَرُّوا،
لا يبالونَ فارسَ المَلْحاءِ
يعني بفارس المَلْحاءِ ما على السَّنام من الشحم. التهذيب: والمَلْحاءُ
وَسَط الظهر بين الكاهل والعجز، وهي من البعير ما تحت السَّنام، قال: وفي
المَلْحاءِ سِتّ مَحالاتٍ والجمع مَلْحاوات.
الفرّاء: المَلِيحُ الحليم والراسِبُ والمِرَبُّ الحليم.
ابن الأَعرابي: المِلاحُ المِخْلاة. وجاء في الحديث: أَن المختار لما
قتل عمر بن سعد جعل رأْسه في مِلاح وعَلَّقه؛ المِلاحُ: المِخْلاة بلغى
هذيل؛ وقيل: هو سِنانُ الرمح، قال: والمِلاحُ السُّترة. والمِلاحُ: الرمح.
والمِلاحُ: أَن تَهُبَّ الجَنُوبُ بعد الشَّمال.
ويقال: أَصبنا مُلْحةً من الربيع أَي شيئاً يسيراً منه. وأَصاب المالُ
مُلْحَةً من الربيع: لم يستمكن منه فنال منه شيئاً يسيراً.
والمِلْحُ: السِّمَنُ القليل. وأَمْلَحَ البعيرُ إِذا حمل الشحم،
ومُلِح، فهو مَمْلوحٌ إِذا سمن. ويقال: كان ربيعنا مَمْلوحاً، وكذلك إِذا
أَلْبَنَ القومُ وأَسْمَنُوا. ومُلِّحَت الناقة، فهي مُمَلَّحٌ: سمنَت قليلاً؛
ومنه قول عروة بن الورد:
أَقَمْنا بها حِيناً، وأَكثرُ زادِنا
بقيةُ لَحْمٍ من جَزُورٍ مُمَلَّحِ
وجَزُورٌ مُمَلَّحٌ: فيها بقية من سمن؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
ورَدَّ جازِرُهُم حَرْفاً مُصَهَّرَةً،
في الرأْسِ منها وفي الرِّجْلَيْنِ تَمْلِيحُ
أَي سِمَنٌ؛ يقول: لا شحم لها إِلا في عينها وسُلاماها؛ كما قال:
ما دام مُخٌّ في سُلامَى أَو عَيْن
قال: أَول ما يبدأُ السِّمَنُ في اللسان والكَرِش، وآخر ما يبقى في
السُّلامَى والعين.
وتَمَلَّحتِ الإِبلُ: كَمَلَّحَتْ، وقيل: هو مقلوب عن تَحَلَّمَتْ أَي
سمنت، وهو قول ابن الأَعرابي؛ قال ابن سيده: ولا أُرى للقلب هنا وجهاً،
قال: وأُرى مَلَحتِ الناقةُ، بالتخفيف، لغة في مَلَّحتْ. وتَمَلَّحَت
الضِّبابُ: كَتَحَلَّمت أَي سمنت. ومَلَّحَ القِدْرَ: جعل فيها شيئاً من شحم.
التهذيب عن أَبي عمرو: أَمْلَحْتُ القِدْرَ، بالأَلف، إِذا جعلت فيها
شيئاً من شحم.
وروي عن ابن عباس أَنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: الصادقُ
يُعْطى ثلاثَ خصال: المُلْحَةَ والمَهابةَ والمحبةَ؛ الملحة، بالضم:
البركة. يقال: كان ربيعنا مَمْلُوحاً فيه أَي مُخْصِباً مباركاً، وهي من
مَلَّحَتِ الماشيةُ إِذا ظهر فيها السِّمَنُ من الربيع، والمِلْحُ: البركة؛
يقال: لا يُبارِك الله فيه ولا يُمَلِّحُ، قاله ابن الأَنباري. وقال ابن
بُزُزْجٍ: مَلَحَ الله فيه فهو مَمْلوحٌ فيه أَي مبارك له في عيشه وماله؛
قال أَبو منصور: أَراد بالمُلْحة البركة. وإِذا دُعِيَ عليه قيل: لا
مَلَّحَ الله فيه ولا بارك فيه وقال ابن سيده في قوله: الصادق يُعْطى
المُلْحةَ، قال: أُراه من قولهم تَمَلَّحَتِ الإِبلُ سمنت فكأَنه يريد الفضل
والزياجة. وفي حديث عمرو ابن حُرَيْثٍ
(* قوله «وفي حديث عمرو بن حريث
إلخ» صدره كما بهامش النهاية، قال عبد الملك لعمرو بن حريث: أي الطعام أَكلت
أحب اليك؟ قال: عناق قد أجيد إلخ.): عَناقٌ قد أُجيدَ تَمْلِيحُها
وأُحْكِمَ نُضْجُها؛ ابن الأَثير: التمليح ههنا السَّمْطُ، وهو أَخذ شعرها
وصوفها بالماء؛ وقيل: تمليحها تسمينها من الجزور المُمَلَّح وهو السمين؛
ومنه حديث الحسن: ذكرت له التوراة فقال: أَتريدون أَن يكون جلدي كجلد الشاة
المَمْلوحة؟ يقال: مَلَحْتُ الشاةَ ومَلَّحْتها إِذا سَمَطْتها.
والمِلْحُ: الرَّضاعُ؛ قال أَبو الطَّمَحانِ وكانت له إِبل يَسْقِي
قوماً من أَلبانها ثم أَغاروا عليها فأَخذوها:
وإِني لأَرْجُو مِلْحها في بُطُونِكم،
وما بَسَطَتْ من جِلْدِ أَشْعَثَ أَغْبَرا
وذلك أَنه كان نزل عليه قوم فأَخذوا إِبله فقال: أَرجو أَن تَرْعَوْا ما
شَرِبْتُم من أَلبنان هذه الإِبل وما بَسَطتْ من جلود قوم كأَنَّ جلودهم
قد يبست فسمنوا منها؛ قال ابن بري: صوابه أَغبر بالخفض والقصيدة مخفوضة
الروي وأَوَّلها:
أَلا حَنَّتِ المِرْقالُ واشْتاقَ رَبُّها؟
تَذَكَّرُ أَرْماماً، وأَذْكُرُ مَعْشَرِي
قال: يقول إِني لأَرجو أَن يأْخذكم الله بحرمة صاحبها وغَدْرِكم به،
وكانوا استاقوا له نَعماً كان يسقيــهم لبنها؛ ورأَيت في بعض حواشي نسخ الصحاح
أَن ابن الأَعرابي أَنشد هذا البيت في نوادره:
وما بَسَطتْ من جِلدِ أَشعَثَ مُقْتِرِ
الجوهري: والمَلْح، بالفتح، مصدر قولك مَلَحْنا لفلان مَلْحاً
أَرْضعناه؛ وقول الشاعر:
لا يُبْعِد اللهُ رَبُّ العِبا
دِ والمِلْح ما وَلَدَت خالِدَهْ
يعني بالمِلْح الرَّضاع؛ قال أَبو سعيد: المِلْحُ في قول أَبي
الطَّمَحانِ الحرمة والذِّمامُ. ويقال: بين فلان وفلان مِلْحٌ ومِلْحَةٌ إِذا كان
بينهما حرمة، فقال: أَرجو أَن يأْخذكم الله بحرمة صاحبها وغَدْرِكم بها.
قال أَبو العباس: العرب تُعَظِّمُ أَمر المِلح والنار والرماد. الأَزهري:
وقولهم مِلْح فلان على رُكْبَتيه فيه قولان: أَحدهما أَنه مُضَيِّعٌ
لحقِّ الرضاع غير حافظ له فأَدنى شيء يُنْسيه ذِمامَه كما أَن الذي يضع
المِلْح على ركبتيه أَدنى شيء يُبَدِّدُه؛ والقول الآخر أَنه سَيء الخلق يغضب
من أَدنى شيء كما أَنَّ المِلح على الرُّكْبة يَتَبَدَّدُ من أَدنى
شيء.وروي قوله: والمِلح ما ولدت خالده، بكسر الحاء، عطفه على قوله لا يبعد
الله وجعل الواو واو القسم. ابن الأَعرابي: المِلْحُ اللبنُ. ابن سيده:
مَلَحَ رَضعَ. الأَزهري يقال: مَلَحَ يَمْلَحُ ويَمْلُحُ إِذا رضع، ومَلَح
الماءُ ومَلُحَ يَمْلُحُ مَلاحةً.
والمِلاحُ: المُراضَعة؛ الليث: المِلاحُ الرَّضاعُ، وفي حديث وَفْدِ
هَوازِنَ: أَنهم كلموا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سَبْيِ عَشائرهم
فقال خطيبُهم: إِنا لو كنا مَلَحْنا للحرث بن أَبي شَمِر أَو للنعمان بن
المنذِرِ ثم نزل مَنْزِلك هذا منا لحفظ ذلك لنا، وأَنت خير المكفولين
فاحفظ ذلك؛ قال الأَصمعي: في قوله مَلَحْنا أَي أَرْضَعْنا لهما، وإِنما قال
الهَوازِنيُّ ذلك لأَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان مُسْتَرضَعاً
فيهم أَرضعته حليمة السعدية.
والمُمَالَحة: المُراضعة والمُواكلة. قال ابن بري: قال أَبو القاسم
الزجاجي لا يصح أَن يقال تَمالَحَ الرجلان إِذا رضع كل واحد منهما صاحبه، هذا
مُحال لا يكون، وإِنما المِلْحُ رَضاع الصبي المرأَةَ وهذا ما لا تصح
فيه المفاعلة، فالمُمَالحة لفظة مولَّدة وليست من كلام العرب، قال: ولا يصح
أَن يكون بمعنى المواكلة ويكون مأْخوذاً من المِلْح لأَن الطعام لا يخلو
من الملح، ووجه فساد هذا القول أَن المفاعلة إِنما تكون مأْخوذة من مصدر
مثل المُضاربة والمقاتلة، ولا تكون مأْخوذة من الأَسماء غير المصادر،
أَلا ترى أَنه لا يحسن أَن يقال في الاثنين إِذا أَكلا خبزاً بينهما
مُخَابزَة، ولا إِذا أَكلا لحماً بينهما مُلاحَمة؟ وفي الحديث: لا تُحَرِّمُ
المَلْحةُ والمَلْحتان أَي الرَّضْعة والرَّضْعتان، فأَما بالجيم، فهو
المصَّة وقد تقدمت. والمَِلْح، بالفتح والكسر: الرَّضْعُ.
والمَلَحُ: داء وعيب في رجل الدابة؛ وقد مَلِحَ مَلَحاً، فهو أَمْلَحُ.
والمَلَحُ، بالتحريك. وَرَم في عُرْقوب الفرس دون الجَرَدِ، فإِذا
اشتدَّ، فهو الجَرَدُ.
والمَلْحُ: سرعة
(* قوله «والملح سرعة إلخ» يقال ملح الطائر كمنع كثرت
سرعة خفقانه كما في القاموس.) خَفَقانِ الطائر بجناحيه؛ قال:
مَلْح الصُّقُورِ تحتَ دَجْنٍ مُغْيِنِ
قال أَبو حاتم: قلت للأَصمعي أَتراه مقلوباً من اللَّمْح؟ قال: لا،
إِنما يقال لَمَحَ الكوكَبُ ولا يقال مَلَح، فلو كان مقلوباً لَجَاز أَن يقال
مَلَح.
والأَمْلاحُ: موضع؛ قال طَرَفَةُ بن العَبْد:
عَفا من آلِ لَيْلَى السَّهْـ
ـبُ، فالأَمْلاحُ، فالغَمْرُ
وهذه كلها أَسماء أَماكن. ابن سيده: ومُلَيْح والمُلَيْحُ ومُلَيْحَةُ
وأَمْلاحٌ ومَلَحٌ والأُمَيْلِحُ والأَمْلَحانِ وذاتُ مِلْحٍ: كلها مواضع؛
قال جرير:
كأَنَّ سَلِيطاً في جَواشِنِها الحَصى،
إِذا حَلَّ، بينَ الأَمْلَحَيْنِ، وَقِيرُها
قوله في جواشِنَها الحضى أَي كأَنَّ أَفْهاراً في صدورهم، وقيل: أَراد
أَنهم غلاظ كأَنَّ في قلوبهم عُجَراً؛ قال الأَخطل:
بمُرْتَجِزٍ داني الرِّبابِ كأَنه،
على ذاتِ مِلْحٍ، مُقْسِمٌ ما يَرِيمُها
وبنو مُلَيْحٍ: بطن، وبنو مِلْحانَ كذلك. والأُمَيْلِحُ: موضع في بلاد
هُذَيل كانت به وقعة؛ قال المتنخل:
لا يَنْسَأُ الله مِنَّا مَعْشَراً شَهِدُوا
يومَ الأُمَيْلِح، لا غابُوا ولا جَرَحوا
يقول: لم يغيبوا فنُكْفَى أَن يُؤْسَرُوا أَو يُقْتَلوا، ولا جَرَحوا
أَي ولا قاتلوا إِذ كانوا معنا.
ويقال للنَّدَى الذي يسقط بالليل على البَقْل: أَمْلَحُ، لبياضه؛ وقول
الراعي يصف إِبلاً:
أَقامتْ به حَدَّ الربيعِ، وَجارُها
أَخُو سَلْوَةٍ، مَسَّى به الليلُ، أَمْلَحُ
يعني الندى؛ يقول: أَقامت بذلك الموضع أَيام الربيع، فما دام الندى، فهو
في سلوة من العيش، وإِنما قال مَسَّى به لأَنه يسقط بالليل؛ أَراد
بجارها ندى الليل يجيرها من العطش.
والمَلْحاءُ والشَّهْباء: كتيبتان كانتا لأَهل جَفْنَة؛ قال الجوهري:
والمَلْحاء كتيبة كانت لآل المُنْذِر؛ قال عمرو بن شاسٍ الأَسَدِيّ:
يُفَلِّقْنَ رأْسَ الكوكَبِ الفَخْمِ، بعدَما
تَدُورُ رَحَى المَلْحاءِ في الأَمرِ ذي البَزْلِ
والكوكبُ: الرئيسُ المُقَدَّم. والبَزْل: الشدة. ومُلْحةُ: اسم رجل.
ومُلْحةُ الجَرْمِيّ: شاعر من شعرائهم. ومُلَيْحٌ، مصغراً: حَيّ من خُزاعة
والنسبة إِليهم مُلَحِيٌّ مثال هُذَليٍّ.
التهذيب: والمِلاحُ أَن تشتكي الناقة حَياءَها فتؤخذَ خِرْقةٌ ويُطْلى
عليها دواء ثم تُلْصَقَ على الحياء فيَبرَأَ. وقال أَبو الهيثم: تقول
العرب للذي يَخْلِطُ كذباً بصِدْقٍ: هو يَخْصف حِذاءَه وهو يَرْتَثِئُ إِذا
خَلَط كذباً بحق، ويَمْتَلِحُ مثله، فإِذا قالوا فلان يَمْتَلِح، فهو
الذي لا يُخْلِصُ الصدق، وإِذا قالوا عند فلان كذب قليل، فهو الصَّدُوق الذي
لا يكذب، وإِذا قالوا إِن فلاناً يَمْتَذِقُ، فهو الكذوب.
نظر: النَّظَر: حِسُّ العين، نَظَره يَنْظُره نَظَراً ومَنْظَراً
ومَنْظَرة ونَظَر إِليه. والمَنْظَر: مصدر نَظَر. الليث: العرب تقول نَظَرَ
يَنْظُر نَظَراً، قال: ويجوز تخفيف المصدر تحمله على لفظ العامة من المصادر،
وتقول نَظَرت إِلى كذا وكذا مِنْ نَظَر العين ونَظَر القلب، ويقول
القائل للمؤمَّل يرجوه: إِنما نَنْظُر إِلى الله ثم إِليك أَي إِنما
أَتَوَقَّع فضل الله ثم فَضْلك. الجوهري: النَّظَر تأَمُّل الشيء بالعين، وكذلك
النَّظَرانُ، بالتحريك، وقد نَظَرت إِلى الشيء. وفي حديث عِمران بن حُصَين
قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: النَّظَر إِلى وجه عليّ عِبادة؛
قال ابن الأَثير: قيل معناه أَن عليًّا، كرم الله وجهه، كان إِذا بَرَزَ
قال الناس: لا إِله إِلا الله ما أَشرفَ هذا الفتى لا إِله إِلا الله
ما أَعلمَ هذا الفتى لا إِله إِلا الله ما أَكرم هذا الفتى أَي ما
أَتْقَى، لا إِله إِلا الله ما أَشْجَع هذا الفتى فكانت رؤيته، عليه السلام،
تحملُهم على كلمة التوحيد.
والنَّظَّارة: القوم ينظُرون إِلى الشيء. وقوله عز وجل: وأَغرقنا آل
فرعون وأَنتم تَنظُرون. قال أَبو إِسحق: قيل معناه وأَنتم تَرَوْنَهم
يغرَقون؛ قال: ويجوز أَن يكون معناه وأَنتم مُشاهدون تعلمون ذلك وإِن شَغَلهم
عن أَن يَروهم في ذلك الوقت شاغل. تقول العرب: دُور آل فلان تنظُر إِلى
دُور آل فلان أَي هي بإِزائها ومقابِلَةٌ لها. وتَنَظَّر: كنَظَر. والعرب
تقول: داري تنظُر إِلى دار فلان، ودُورُنا تُناظِرُ أَي تُقابِل، وقيل:
إِذا كانت مُحاذِيَةً. ويقال: حَيٌّ حِلالٌ ونَظَرٌ أَي متجاورون ينظر
بعضهم بعضاً.
التهذيب: وناظِرُ العَيْنِ النُّقْطَةُ السوداء الصافية التي في وسط
سواد العين وبها يرى النَّاظِرُ ما يَرَى، وقيل: الناظر في العين كالمرآة
إِذا استقبلتها أَبصرت فيها شخصك. والنَّاظِرُ في المُقْلَةِ: السوادُ
الأَصغر الذي فيه إِنْسانُ العَيْنِ، ويقال: العَيْنُ النَّاظِرَةُ. ابن
سيده: والنَّاظِرُ النقطة السوداء في العين، وقيل: هي البصر نفسه، وقيل: هي
عِرْقٌ في الأَنف وفيه ماء البصر. والناظران: عرقان على حرفي الأَنف
يسيلان من المُوقَين، وقيل: هما عرقان في العين يسقيــان الأَنف، وقيل: الناظران
عرقان في مجرى الدمع على الأَنف من جانبيه. ابن السكيت: الناظران عرقان
مكتنفا الأَنف؛ وأَنشد لجرير:
وأَشْفِي من تَخَلُّجِ كُلِّ جِنٍّ،
وأَكْوِي النَّاظِرَيْنِ من الخُنَانِ
والخنان: داء يأْخذ الناس والإِبل، وقيل: إِنه كالزكام؛ قال الآخر:
ولقد قَطَعْتُ نَواظِراً أَوجَمْتُها،
ممن تَعَرَّضَ لي من الشُّعَراءِ
قال أَبو زيد: هما عرقان في مَجْرَى الدمع على الأَنف من جانبيه؛ وقال
عتيبة بن مرداس ويعرف بابن فَسْوة:
قَلِيلَة لَحْمِ النَّاظِرَيْنِ، يَزِينُها
شَبَابٌ ومخفوضٌ من العَيْشِ بارِدُ
تَناهَى إِلى لَهْوِ الحَدِيثِ كأَنها
أَخُو سَقْطَة، قد أَسْلَمَتْهُ العَوائِدُ
وصف محبوبته بأَسالة الخدّ وقلة لحمه، وهو المستحب. والعيش البارد: هو
الهَنِيُّ الرَّغَدُ. والعرب تكني بالبَرْدِ عن النعيم وبالحَرِّ عن
البُؤسِ، وعلى هذا سُمِّيَ النَّوْمُ بَرْداً لأَنه راحة وتَنَعُّمٌ. قال الله
تعالى: لا يذوقون فيها بَرْداً ولا شَراباً؛ قيل: نوماً؛ وقوله: تناهى
أَي تنتهي في مشيها إِلى جاراتها لِتَلْهُوَ مَعَهُنَّ، وشبهها في
انتهارها عند المشي بعليل ساقط لا يطيق النهوض قد أَسلمته العوائد لشدّة
ضعفه.وتَناظَرَتِ النخلتان: نَظَرَتِ الأُنثى منهما إِلى الفُحَّالِ فلم
ينفعهما تلقيح حتى تُلْقَحَ منه؛ قال ابن سيده: حكى ذلك أَبو حنيفة.
والتَّنْظارُ: النَّظَرُ؛ قال الحطيئة:
فما لَكَ غَيْرُ تَنْظارٍ إِليها،
كما نَظَرَ اليَتِيمُ إِلى الوَصِيِّ
والنَّظَرُ: الانتظار. ويقال: نَظَرْتُ فلاناً وانْتَظَرْتُه بمعنى
واحد، فإِذا قلت انْتَظَرْتُ فلم يُجاوِزْك فعلك فمعناه وقفت وتمهلت. ومنه
قوله تعالى: انْظُرُونا نَقْتَبِسْ من نُوركم، قرئ: انْظُرُونا
وأَنْظِرُونا بقطع الأَلف، فمن قرأَ انْظُرُونا، بضم الأَلف، فمعناه انْتَظِرُونا،
ومن قرأَ أَنْظِرُونا فمعناه أَخِّرُونا؛ وقال الزجاج: قيل معنى
أَنْظِرُونا انْتَظِرُونا أَيضاً؛ ومنه قول عمرو بن كلثوم:
أَبا هِنْدٍ فلا تَعْجَلْ علينا،
وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينا
وقال الفرّاء: تقول العرب أَنْظِرْني أَي انْتَظِرْني قليلاً، ويقول
المتكلم لمن يُعْجِلُه: أَنْظِرْني أَبْتَلِع رِيقِي أَي أَمْهِلْنِي. وقوله
تعالى: وُجُوهٌ يومئذ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ؛ الأُولى بالضاد
والأُخرى بالظاءِ؛ قال أَبو إِسحق: يقول نَضِرَت بِنَعِيم الجنة
والنَّظَرِ إِلى ربها. وقال الله تعالى: تَعْرِفُ في وُجُوههم نَضْرَةَ النَّعِيم؛
قال أبو منصور: ومن قال إِن معنى قوله إِلى ربها ناظرة يعني منتظرة فقد
أَخطأَ، لأَن العرب لا تقول نَظَرْتُ إِلى الشيء بمعنى انتظرته، إِنما
تقول نَظَرْتُ فلاناً أَي انتظرته؛ ومنه قول الحطيئة:
نَظَرْتُكُمُ أَبْناءَ صَادِرَةٍ
لِلْوِرْدِ، طَالَ بها حَوْزِي وتَنْساسِي
وإِذا قلت نَظَرْتُ إِليه لم يكن إِلا بالعين، وإِذا قلت نظرت في الأَمر
احتمل أَن يكون تَفَكُّراً فيه وتدبراً بالقلب.
وفرس نَظَّارٌ إِذا كان شَهْماً طامِحَ الطَّرْفِ حدِيدَ القلبِ؛ قال
الراجز أَبو نُخَيْلَةَ:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّةً لم تُهْجَمِ
نَظَّارِيَّةٌ: ناقة نجيبة من نِتاجِ النَّظَّارِ، وهو فحل من فحول
العرب؛ قال جرير:
والأَرْحَبِيّ وجَدّها النَّظَّار
لم تُهْجَم: لم تُحْلَبْ.
والمُناظَرَةُ: أَن تُناظِرَ أَخاك في أَمر إِذا نَظَرْتُما فيه معاً
كيف تأْتيانه.
والمَنْظَرُ والمَنْظَرَةُ: ما نظرت إِليه فأَعجبك أَو ساءك، وفي
التهذيب: المَنْظَرَةُ مَنْظَرُ الرجل إِذا نظرت إِليه فأَعجبك، وامرأَة
حَسَنَةُ المَنْظَرِ والمَنْظَرة أَيضاً. ويقال: إِنه لذو مَنْظَرَةٍ بلا
مَخْبَرَةٍ. والمَنْظَرُ: الشيء الذي يعجب الناظر إِذا نظر إِليه ويَسُرُّه.
ويقال: مَنْظَرُه خير من مَخْبَرِه. ورجل مَنْظَرِيٌّ ومَنْظَرانيٌّ،
الأَخيرة على غير قياس: حَسَنُ المَنْظَرِ؛ ورجل مَنْظَرانيٌّ مَخْبَرانيّ.
ويقال: إِن فلاناً لفي مَنْظَرٍ ومُستَمَعٍ، وفي رِيٍّ ومَشْبَع، أَي
فيما أَحَبَّ النَّظَرَ إِليه والاستماع. ويقال: لقد كنت عن هذا المَقامِ
بِمَنْظَرٍ أَي بمَعْزَل فيما أَحْبَبْتَ؛ وقال أَبو زيد يخاطب غلاماً قد
أَبَقَ فَقُتِلَ:
قد كنتَ في مَنْظَرٍ ومُسْتَمَعٍ،
عن نَصْرِ بَهْرَاءَ ، غَيرَ ذي فَرَسِ
وإِنه لسديدُ النَّاظِرِ أَي بَرِيءٌ من التهمة ينظر بمِلءِ عينيه.
وبنو نَظَرَى ونَظَّرَى: أَهلُ النَّظَرِ إِلى النساء والتَّغَزُّل بهن؛
ومنه قول الأَعرابية لبعلها: مُرَّ بي على بَني نَظَرَى، ولا تَمُرَّ بي
على بنات نَقَرَى، أَي مُرَّ بي على الرجال الذين ينظرون إِليّ فأُعجبهم
وأَرُوقُهم ولا يَعِيبُونَني من ورائي، ولا تَمُرَّ بي على النساء
اللائي ينظرنني فيَعِبْنَني حسداً ويُنَقِّرْنَ عن عيوب من مَرَّ بهن.
وامرأَة سُمْعُنَةٌ نُظْرُنَةٌ وسِمْعَنَةٌ نِظْرَنة، كلاهما بالتخفيف؛
حكاهما يعقوب وحده: وهي التي إِذا تَسَمَّعَتْ أَو تَنَظَّرَتْ فلم تَرَ
شيئاً فَظَنَّتْ. والنَّظَرُ: الفكر في الشيء تُقَدِّره وتقيسه منك.
والنَّظْرَةُ: اللَّمْحَة بالعَجَلَة؛ ومنه الحديث: أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، قال لعلي: لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فإِن لك
الأُولى وليست لك الآخرةُ. والنَّظْرَةُ: الهيئةُ. وقال بعض الحكماء: من لم
يَعْمَلْ نَظَرُه لم يَعْمَلْ لسانُه؛ ومعناه أَن النَّظْرَةَ إِذا خرجت
بإِبكار القلب عَمِلَتْ في القلب، وإِذا خرجت بإِنكار العين دون القلب لم
تعمل، ومعناه أَن من لم يَرْتَدِعْ بالنظر إِليه من ذنب أَذنبه لم يرتدع
بالقول. الجوهري وغيره: ونَظَرَ الدَّهْرُ إِلى بني فلان فأَهلكهم؛ قال
ابن سيده: هو على المَثَلِ، قال: ولستُ منه على ثِقَةٍ.
والمَنْظَرَةُ: موضع الرَّبِيئَةِ. غيره: والمَنظَرَةُ موضع في رأْس جبل
فيه رقيب ينظر العدوَّ يَحْرُسُه. الجوهري: والمَنظَرَةُ المَرْقَبَةُ.
ورجلٌ نَظُورٌ ونَظُورَةٌ وناظُورَةٌ ونَظِيرَةٌ: سَيِّدٌ يُنْظَر
إِليه، الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء. الفراء: يقال فلان
نَظُورةُ قومه ونَظِيرَةُ قومهِ، وهو الذي يَنْظُرُ إِليه قومه فيمتثلون ما
امتثله، وكذلك هو طَرِيقَتُهم بهذا المعنى. ويقال: هو نَظِيرَةُ القوم
وسَيِّقَتُهم أَي طَلِيعَتُهم. والنَّظُورُ: الذي لا يُغٌفِلُ النَّظَرَ إِلى
ما أَهمه.
والمَناظِر: أَشرافُ الأَرضِ لأَنه يُنْظَرُ منها. وتَناظَرَتِ
الدَّارانِ: تقابلتا. ونَظَرَ إِليك الجبلُ: قابلك. وإِذا أَخذت في طريق كذا
فَنَظَر إِليك الجبلُ فَخُذْ عن يمينه أَو يساره. وقوله تعالى: وتَراهُمْ
يَنْظُرونَ إِليك وهم لا يبصرون؛ ذهب أَبو عبيد إِلى أَنه أَراد الأَصنام
أَي تقابلك، وليس هنالك نَظَرٌ لكن لما كان النَّظَرُ لا يكون إِلا
بمقابلةٍ حَسُنَ وقال: وتراهم، وإِن كانت لا تعقل لأَنهم يضعونها موضع من
يعقل.والنَّاظِرُ: الحافظ. وناظُورُ الزرع والنخل وغيرهما: حَافِظُه؛ والطاء
نَبَطِيَّة.
وقالوا: انْظُرْني اي اصْغ إِليَّ؛ ومنه قوله عز وجل: وقولوا انْظُرْنا
واسمعوا. والنَّظْرَةُ: الرحمةُ. وقوله تعالى: ولا يَنْظُر إِليهم يوم
القيامة؛ أَي لا يَرْحَمُهُمْ. وفي الحديث: إِن الله لا يَنْظُر إِلى
صُوَرِكم وأَموالكم ولكن إِلى قلوبكم وأَعمالكم؛ قال ابن الأَثير: معنى النظر
ههنا الإِحسان والرحمة والعَطْفُ لأَن النظر في الشاهد دليل المحبة، وترك
النظر دليل البغض والكراهة، ومَيْلُ الناسِ إِلى الصور المعجبة والأَموال
الفائقة، والله سبحانه يتقدس عن شبه المخلوقين، فجعل نَظَرَهُ إِلى ما هو
للسَّرِّ واللُّبِّ، وهو القلب والعمل؛ والنظر يقع على الأَجسام والمعاني،
فما كان بالأَبصار فهو للأَجسام، وما كان بالبصائر كان للمعاني. وفي
الحديث: مَنِ ابتاعَ مِصَرَّاةً فهو بخير النَّظَرَيْنِ أَي خير الأَمرين
له: إِما إِمساك المبيع أَو ردُّه، أَيُّهما كان خيراً له واختاره فَعَلَه؛
وكذلك حديث القصاص: من قُتل له قتيل فهو بخير النَّظَرَيْنِ؛ يعني
القصاص والدية؛ أَيُّهُما اختار كان له؛ وكل هذه معانٍ لا صُوَرٌ. ونَظَرَ
الرجلَ ينظره وانْتَظَرَه وتَنَظَّرَه: تَأَنى عليه؛ قال عُرْوَةُ بن
الوَرْدِ:
إِذا بَعُدُوا لا يأْمَنُونَ اقْتِرابَهُ،
تَشَوُّفَ أَهلِ الغائبِ المُنتَنَظَّرِ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ولا أَجْعَلُ المعروفَ حلَّ أَلِيَّةٍ،
ولا عِدَةً في النَّاظِرِ المُتَغَيِّبِ
فسره فقال: الناظر هنا على النَّسَبِ أَو على وضع فاعل موضع مفعول؛ هذا
معنى قوله، ومَثَّلَه بِسِّرٍ كاتم أَي مكتوم. قال ابن سيده: وهكذا وجدته
بخط الحَامِضِ
(* قوله« الحامض» هو لقب ابي موسى سليمان بن محمد بن أحمد
النحوي أخذ عن ثعلب، صحبه اربعين سنة وألف في اللغة غريب الحديث وخلق
الانسان والوحوش والنبات، روى عنه أبو عمر الزاهد وأبو جعفر الاصبهاني. مات
سنة ؟؟) ، بفتح الياء، كأَنه لما جعل فاعلاً في معنى مفعول استجاز
أَيضاً أَن يجعل مُتَفَعَّلاً في موضع مُتَفَعِّلٍ والصحيح المتَغَيِّب،
بالكسر. والتَّنَظُّرُ: تَوَقَّع الشيء. ابن سيده: والتَّنَظُّرُ تَوَقُّعُ
ما تَنْتَظِرُهُ. والنَّظِرَةُ، بكسر الظاء: التأْخير في الأَمر. وفي
التنزيل العزيز: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ، وقرأَ بعضهم: فناظِرَةٌ، كقوله
عز وجل: ليس لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ؛ أَي تكذيبٌ. ويقال: بِعْتُ فلاناً
فأَنْظَرْتُه أَي أَمهلتُه، والاسم منه النَّظِرَةُ. وقال الليث: يقال
اشتريته منه بِنَظِرَةٍ وإِنْظارٍ. وقوله تعالى: فَنَظِرَة إِلى مَيْسَرَةٍ؛
أَي إِنظارٌ. وفي الحديث: كنتُ أُبايِعُ الناس فكنتُ أُنْظِر المُعْسِرَ؛
الإِنظار: التأْخير والإِمهال. يقال: أَنْظَرْتُه أُنْظِره. ونَظَرَ
الشيءَ: باعه بِنَظِرَة. وأَنْظَرَ الرجلَ: باع منه الشيء بِنَظِرَةٍ.
واسْتَنْظَره: طلب منه النَّظرَةَ واسْتَمْهَلَه. ويقول أَحد الرجلين لصاحبه:
بيْعٌ، فيقول: نِظْرٌ أَي أَنْظِرْني حتى أَشْتَرِيَ منك. وتَنَظَّرْه
أَي انْتَظِرْهُ في مُهْلَةٍ.
وفي حديث أَنس: نَظَرْنا النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، ذاتَ ليلة حتى
كان شَطْرُ الليلِ. يقال: نَظَرتُهُ وانْتَظَرْتُه إِذا ارْتَقَبْتَ
حضورَه. ويقال: نَظَارِ مثل قَطامِ كقولك: انْتَظِرْ، اسم وضع موضع الأَمر.
وأَنْظَرَه: أَخَّرَهُ. وفي التنزيل العزيز: قال أَنْظِرْني إِلى يوم
يُبْعَثُونَ.
والتَّناظُرُ: التَّراوُضُ في الأَمر. ونَظِيرُك: الذي يُراوِضُك
وتُناظِرُهُ، وناظَرَه من المُناظَرَة. والنَّظِيرُ: المِثْلُ، وقيل: المثل في
كل شيء. وفلان نَظِيرُك أَي مِثْلُك لأَنه إِذا نَظَر إِليهما النَّاظِرُ
رآهما سواءً. الجوهري: ونَظِيرُ الشيء مِثْلُه. وحكى أَبو عبيدة:
النِّظْر والنَّظِير بمعنًى مثل النِّدِّ والنَّدِيدِ؛ وأَنشد لعبد يَغُوثَ بن
وَقَّاصٍ الحارِثيِّ:
أَلا هل أَتى نِظْرِيُ مُلَيْكَةَ أَنَّني
أَنا الليثُ، مَعْدِيّاً عليه وعادِيا؟
(* روي هذا البيت في قصيدة عبد يغوث على الصورة التالية:
وقد عَلِمت عِرسِي مُلَيكةُ أنني * أنا الليثُ، مَعدُوّاً عليّ
وعَاديا)
وقد كنتُ نَجَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِلَ الْـ
ـسَطِيِّ، وأَمْضِي حيثُ لا حَيَّ ماضِيَا
ويروى: عِرْسِي مُلَيْكَةَ بدل نِظْرِي مليكة. قال الفرّاء: يقال
نَظِيرَةُ قومه ونَظُورَةُ قومه للذي يُنْظَر إِليه منهم، ويجمعان على
نَظَائِرَ، وجَمْعُ النَّظِير نُظَرَاءُ، والأُنثى نَظِيرَةٌ، والجمع النَّظائر
في الكلام والأَشياء كلها. وفي حديث ابن مسعود: لقد عرفتُ النَّظائِرَ
التي كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَقُومُ بها عشرين سُورَةً من
المُفَصَّل، يعني سُوَرَ المفصل، سميت نظائر لاشتباه بعضها ببعض في الطُّول.
وقول عَديّ: لم تُخطِئْ نِظارتي أَي لم تُخْطِئْ فِراسَتي. والنَّظائِرُ:
جمع نَظِيرة، وهي المِثْلُ والشِّبْهُ في الأَشكال، الأَخلاق والأَفعال
والأَقوال. ويقال: لا تُناظِرْ بكتاب الله ولا بكلام رسول الله، وفي رواية:
ولا بِسُنَّةِ رسول الله؛ قال أَبو عبيد: أَراد لا تجعل شيئاً نظيراً لكتاب
ا ولا لكلام رسول الله فتدعهما وتأْخذ به؛ يقول: لا تتبع قول قائل من كان
وتدعهما له. قال أَبو عبيد: ويجوز أَيضاً في وجه آخر أَن يجعلهما مثلاً
للشيء يعرض مثل قول إِبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أَن يذكروا الآية عند
الشيء يَعْرِضُ من أَمر الدنيا، كقول القائل للرجل إِذا جاء في الوقت الذي
يُرِيدُ صاحبُه: جئت على قَدَرٍ يا موسى، هذا وما أَشبهه من الكلام،
قال: والأَوّل أَشبه. ويقال: ناظَرْت فلاناً أَي صِرْتُ نظيراً له في
المخاطبة. وناظَرْتُ فلاناً بفلان أَي جعلته نَظِيراً له. ويقال للسلطان إِذا
بعث أَميناً يَسْتبرئ أَمْرَ جماعةِ قريةٍ: بَعث ناظِراً.
وقال الأَصمعي: عَدَدْتُ إِبِلَ فلان نَظائِرَ أَي مَثْنَى مثنى،
وعددتها جَمَاراً إِذا عددتها وأَنت تنظر إِلى جماعتها.
والنَّظْرَةُ: سُوءُ الهيئة. ورجل فيه نَظْرَةٌ أَي شُحُوبٌ؛ وأَنشد
شمر:وفي الهامِ منها نَظْرَةٌ وشُنُوعُ
قال أَبو عمرو: النَّظْرَةُ الشُّنْعَةُ والقُبْحُ. ويقال: إِن في هذه
الجارية لَنَظْرَةً إِذا كانت قبيحة. ابن الأَعرابي: يقال فيه نَظْرَةٌ
ورَدَّةٌ أَي يَرْتَدُّ النظر عنه من قُبْحِهِ. وفيه نَظْرَةٌ أَي قبح؛
وأَنشد الرِّياشِيُّ:
لقد رَابَني أَن ابْنَ جَعْدَةَ بادِنٌ،
وفي جِسْمِ لَيْلى نَظْرَةٌ وشُحُوبُ
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، رأَى جارية فقال: إِن بها
نَظْرَةً فاسْتَرْقُوا لها؛ وقيل: معناه إِن بها إِصابة عين من نَظَرِ
الجِنِّ إِليها، وكذلك بها سَفْعَةٌ؛ ومنه قوله تعالى: غيرَ ناظِرِينَ
إِناهُ؛ قال أَهل اللغة: معناه غير منتظرين بلوغه وإِدراكه. وفي الحديث: أَن
عبد الله أَبا النبي، صلى الله عليه وسلم، مرّ بامرأَة تَنْظُرُ وتَعْتافُ،
فرأَتْ في وجهه نُوراً فدعته إِلى أَن يَسْتَبْضِعَ منها وتُعْطِيَهُ
مائةً من الإِبل فأَبى، قوله: تَنْظُرُ أَي تَتَكَهَّنُ، وهو نَظَرُ
تَعَلُّمٍ وفِراسةٍ، وهذه المرأَة هي كاظمةُ بنتُ مُرٍّ، وكانت مُتَهَوِّدَةً قد
قرأَت الكتب، وقيل: هي أُختُ ورَقَةَ بن نَوْفَلٍ. والنَّظْرَةُ: عين
الجن. والنَّظْرَةُ: الغَشْيَةُ أَو الطائف من لجن، وقد نُظِرَ. ورجل فيه
نَظْرَةٌ أَي عيبٌ.
والمنظورُ: الذي أَصابته نَظْرَةٌ. وصبي مَنْظُورٌ: أَصابته العين.
والمنظورُ: الذي يُرْجَى خَيْرُه. ويقال: ما كان نَظِيراً لهذا ولقد
أَنْظَرْتُه، وما كان خَطِيراً ولقد أَخْطَرْتُه. ومَنْظُورُ بن سَيَّارٍ: رجلٌ.
ومَنْظُورٌ: اسمُ جِنِّيٍّ؛ قال:
ولو أَنَّ مَنْظُوراً وحَبَّةَ أَسْلما
لِنَزْعِ القَذَى، لم يُبْرِئا لي قَذَاكُما
وحَبَّةُ: اسم امرأَة عَلِقَها هذا الجني فكانت تَطَبَّبُ بما
يُعَلِّمُها. وناظِرَةُ: جبل معروف أَو موضع. ونَواظِرُ: اسم موضع؛ قال ابن
أَحمر:وصَدَّتْ عن نَواظِرَ واسْتَعَنَّتْ
قَتَاماً، هاجَ عَيْفِيًّا وآلا
(* قوله « عيفياً» كذا بالأصل.)
وبنو النَّظَّارِ: قوم من عُكْلٍ، وإِبل نَظَّاريَّة: منسوبة إِليهم؛
قال الراجز:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّة سَعُومَا
السَّعْمُ: ضَرْبٌ من سير الإِبل.