من (ز ع م) علم منقول عن الجملة الفعلية بمعنى يدّعي ويظن.
من (ز ع م) علم منقول عن الجملة الفعلية بمعنى يدّعي ويظن.
زعم: قال الله تعالى: زَعَمَ الذين كفروا أَن لن يُبْعَثُوا، وقال
تعالى: فقالوا هذا لله بِزَعْمِهِمْ؛ الزَّعْمُ والزُّعْمُ والزِّعْمُ، ثلاث
لغات: القول، زَعَمَ زَعْماً وزُعْماً وزِعْماً أي قال، وقيل: هو القول
يكون حقّاً ويكون باطلاً، وأَنشد ابن الأَعرابي لأُمَيّةَ في الزَّعْم الذي
هو حق:
وإِني أَذينٌ لكم أَنه
سَيُنجِزُكم ربُّكم ما زَعَمْ
وقال الليث: سمعت أَهل العربية يقولون إذا قيل ذكر فلان كذا وكذا فإنما
يقال ذلك لأَمر يُسْتَيْقَنُ أَنه حق، وإذا شُكَّ فيه فلم يُدْرَ لعله
كذب أَو باطل قيل زَعَمَ فلان، قال: وكذلك تفسر هذه الآية: فقالوا هذا لله
بِزَعْمِهِمْ؛ أَي بقولهم الكذب، وقيل: الزَّعْمُ الظن، وقيل: الكذب،
زَعَمَهُ يَزْعُمُــهُ، والزُّعْمُ تميميَّة، والزَّعْمُ حجازية؛ وأَما قول
النابغة:
زَعَمَ الهمامُ بأَنَّ فاها بارِدٌ
وقوله:
زَعَمَ الغِدافُ بأَنَّ رِحْلتنا غَداً
فقد تكون الباء زائدة كقوله:
سُود المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
وقد تكون زَعَمَ ههنا في معنى شَهِدَ فعدّاها بما تُعدّى به شهد كقوله
تعالى: وما شَهِدْنا إلا بما عَلِمْنا. وقالوا: هذا ولا زَعْمَتَكَ ولا
زَعَماتِكَ، يذهب إلى ردّ قوله، قال الأَزهري: الرجل من العرب إذا حدَّث
عمن لا يحقق قوله يقول ولا زَعَماتِه؛ ومنه قوله:
لقد خَطَّ رومِيٌّ ولا زَعَماتِهِ
وزَعَمْتَني كذا تَزْعُمُني زَعْماً: ظَنَنْتني؛ قال أَبو ذؤيب:
فإن تَزْعُمِيني كنتُ أَجهلُ فيكُمُ،
فإني شَرَيْتُ الحِلْمَ بَعْدَكِ بالجهل
وتقول: زَعَمَتْ أَني لا أُحبها وزَعَمَتْني لا أُحبها، يجيء في الشعر،
فأَما في الكلام فأَحسن ذلك أَن يوقع الزَّعْمُ على أَنَّ دون الاسم.
والتَّزَعُّمُ: التَّكَذُّبُ؛ وأَنشد:
وتَزاعَمَ القومُ على كذا تَزاعُماً إذا تضافروا عليه، قال: وأَصله أَنا
صار بعضهم لبعض زَعِيماً؛ وفي قوله مَزاعِمُ أَي لا يوثق به، قال
الأَزهري: الزَّعْمُ إنما هو في الكلام، يقال: أَمر فيه مَزاعِمُ أَي أَمر غير
مستقيم فيه منازعة بعدُ. قال ابن السكيت: ويقال للأَمر الذي لا يوثق به
مَزْعَمٌ أَي يَزْعُمُ هذا أَن كذا ويَزْعُمُ هذا أَنه كذا. قال ابن بري:
الزَّعْمُ يأْتي في كلام العرب على أَربعة أَوجه، يكون بمعنى الكَفالة
والضَّمان؛ شاهده قول عمر بن أَبي ربيعة:
قلت: كَفِّي لك رَهْنٌ بالرِّضى
وازْعُمِي يا هندُ، قالت: قد وَجَب
وازْعُمِي أَي اضمني؛ وقال النابغة
(* هو النابغة الجعديّ لا النابغة
الذبياني) يصف نُوحاً:
نُودِيَ: قُمْ وارْكَبَنْ بأَهْلِكَ إنْـ
ـنَ الله مُوفٍ للناس ما زَعَمَا
زَعَمَ هنا فُسِّرَ بمعنى ضَمِنَ، وبمعنى قال، وبمعنى وعَدَ، ويكون
بمعنى الوعْد، قال عمرو بن شَأْسٍ:
وعاذِلة تَحْشَى الرَّدَى أَن يُصيبَني،
تَرُوحُ وتَغْدُو بالمَلامةِ والقَسَمْ
تقول: هَلَكْنا، إن هَلكتَ وإنما
على الله أَرْزاقُ العِباد كما زَعَمْ
وزَعَمَ هنا بمعنى قال ووعد، وتكون بمعنى القول والذكر؛ قال أَبو
زُبَيْدٍ الطائيّ:
يا لَهْفَ نَفْسِيَ إن كان الذي زَعمُوا
حَقّاً وماذا يَرُدّ اليوم تَلْهِيفِي
إن كان مَغْنَى وُفُودِ الناس راح بِهِ
قومٌ إلى جَدَثٍ، في الغار، مَنْجُوفِ؟
المعنى: إن كان الذي قالوه حقّاً لأَنه سمع من يقول حُمِلَ عثمانُ على
النَّعْش إلى قبره؛ قال المُثَقّبُ العبدي:
وكلامٌ سَيِّءٌ قد وَقِرَتْ
أُذُني عنه، وما بي من صَمَمْ
فتصامَمْتُ، لكَيْما لا يَرَى
جاهلٌ أَنِّي كما كان زَعَمْ
وقال الجميح:
أَنتم بَنُو المرأَةِ التي زَعَمَ الـ
ـناس عليها، في الغيّ، ما زَعَمُوا
ويكون بمعنى الظن؛ قال عُبَيْدُ الله بن عبد الله بن عُتْبَةَ بن مسعود:
فذُقْ هَجْرَها قد كنتَ تَزْعُمُ أَنه
رَشادٌ، أَلا يا رُبَّما كذَبَ الزَّعْمُ
فهذا البيت لا يحتمل سوى الظن، وبيت عمر بن أَبي ربيعة لا يحتمل سوى
الضَّمان، وبيت أَبي زُبَيْدٍ لا يحتمل سوى القول، وما سوى ذلك على ما فسر.
وحكى ابن بري أَيضاً عن ابن خالَوَيْه: الزَّعْمُ يستعمل فيما يُذَمّ
كقوله تعالى: زَعَمَ الذين كفروا أَن لن يُبْعَثُوا؛ حتى قال بعض المفسرين:
الزَّعْمُ أَصله الكذب، قال: ولم يجبئ فيما يُحْمَدُ إلا في بيتين، وذكر
بيت النابغة الجعدي وذكر أَنه روي لأُمية بن أبي الصَّلْتِ، وذكر أَيضاً
بيت عمرو بن شَأْس ورواه لمُضَرِّسٍ؛ قال أَبو الهيثم: تقول العرب قال
إنه وتقول زَعَمَ أَنه، فكسروا الأَلف مع قال، وفتحوها مع زَعَمَ لأَن زعم
فعل واقع بها أي بالأَلف متعدّ إليها، أَلا ترى أَنك تقول زَعَمْتُ عبدَ
الله قائماً، ولا تقول قلت زيداً خارجاً إلا أَن تُدْخِلَ حرفاً من حروف
الاستفهام فتقول هل تقوله فعل كذا ومتى تقولُني خارجاً؛ وأَنشد:
قال الخَلِيطُ: غَداً تَصَدُّعُنا،
فمتى تقول الدارَ تَجْمَعُنا؟
ومعناه فمتى تظن ومتى تَزْعُمُ.
والزَّعُوم من الإبل والغنم: التي يُشَكُّ في سِمنَها فتُغْبَطُ
بالأَيدي، وقيل: الزَّعُوم التي يَزْعُمُ الناس أَن بها نِقْياً؛ قال
الراجز:وبَلْدة تَجَهَّمُ الجَهُوما،
زَجَرْتُ فيها عَيْهَلاً رَسُوما،
مُخْلِصَةَ الأَنْقاءِ أَو زَعُوما
قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
وإنَّا من مَوَدَّة آل سَعْدٍ،
كمن طَلَبَ الإِهالةَ في الزَّعُومِ
وقال الراجز:
إنَّ قُصاراكَ على رعُومِ
مُخْلِصَةِ العِظامِ، أَو زَعُومِ
المُخْلِصَةُ: التي قد خَلَصَ نِقْيُها. وقال الأَصمعي: الزَّعُوم من
الغنم التي لا يُدْرى أَبها شحم أَم لا، ومنه قيل: فلان مُزاعَم أَي لا
يوثق به. والزَّعوم: القليلة الشحم وهي الكثيرة الشحم، وهي المُزْعَمَةُ،
فمن جعلها القليلة الشحم فهي المَزْعُومة، وهي التي إذا أَكلها الناس قالوا
لصاحبها توبيخاً: أَزْعَمْتَ أَنها سمينة؛ قال ابن خالويه: لم يجبئ
أَزْعَمَ في كلامهم إلا في قولهم أزْعَمَتِ القَلُوصُ أَو الناقةُ إذا ظُنَّ
أَن في سنامها شحماً. ويقال: أَزْعَمْتُكَ الشيءَ أَي جعلتك به
زَعِيماً. والزَّعِيمُ: الكفيل. زَعَمَ به يَزْعُمُ
(* قوله «زعم به يزعم إلخ» هو
بهذا المعنى من باب قتل ونفع كما في المصباح) زَعْماً وزَعامَةً أَي
كَفَل. وفي الحديث: الدَّيْن مَقْضِيّ والزَّعِيمُ غارِم؛ والزَّعِيمُ:
الكفيل، والغارم: الضامن. وقال الله تعالى: وأَنا بهِ زَعيمٌ؛ قالوا جميعاً:
معناه وأنا به كفيل؛ ومنه حديث علي، رضوان الله عليه: ذِمَّتي رَهينة
وأَنا به زعِيمٌ. وزَعَمْت به أَزْعُمُ زَعْماً وزَعامةً أَي كَفَلْتُ.
وزَعِيمُ القوم: رئيسهم وسيدهم، وقيل: رئيسهم المتكلم عنهم ومِدْرَهُهُمْ،
والجمع زُعَماء. والزَّعامة: السِّيادة والرياسة، وقد زَعُمَ زَعامَةً؛
قال الشاعر:
حتى إذا رَفَعَ اللِّواء رأَيْتَهُ،
تحت اللِّواء على الخَمِيسِ، زَعِيما
والزَّعامَةُ: السلاح، وقيل: الدِّرْع أَو الدُّروع. وزَعامَةُ المال:
أَفضله وأَكثره من الميراث وغيره؛ وقول لبيد:
تَطِير عَدائِد الأشراكِ شَفْعاً
ووِتْراً، والزعامَةُ للغلام
فسره ابن الأَعرابي فقال: الزَّعامَةُ هنا الدِّرْع والرِّياسة والشرف،
وفسره غيره بأَنه أَفضل الميراث، وقيل: يريد السلاح لأَنهم كانوا إذا
اقتسموا الميراث دفعوا السلاح إلى الابن دون الابنة، وقوله شفعاً ووِتراً
يريد قسمة الميراث للذكر مثل حظ الأُنثيين. وأَما الزَّعامَةُ وهي السيادة
أَو السلاح فلا ينازِع الورثةُ فيها الغلامَ، إذا هي مخصوصة به.
والزَّعَمُ، بالتحريك: الطمع، زَعِمَ يَزْعَمُ زَعَماً وزَعْماً: طمع؛
قال عنترة:
عُلّقْتُها عَرَضاً وأَقْتُلُ قَوْمَها
زَعْماً، وربِّ البيت، ليس بمَزْعَمِ
(* في معلقة عنترة:
زعْماً، لَعَمْرُ أبيكَ، ليسَ بمَزعَمِ).
أَي ليس بمطمع؛ قال ابن السكيت: كان حبها عَرَضاً من الأَعراض اعترضني
من غير أن أَطلبه، فيقول: عُلِّقْتُها وأَنا أَقتل قومها فكيف أُحبها
وأَنا أَقتلهم؟ أَم كيف أَقتلهم وأَنا أُْحبها؟ ثم رجع على نفسه مخاطباً لها
فقال: هذا فعل ليس بفعل مثلي؛ وأَزْعَمْتُه أَنا. ويقال: زعَمَ فلان في
غير مَزْعَمٍ أَي طَمِعَ في غير مطمَع؛ قال الشاعر:
له رَبَّةٌ قد أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهره،
فما فيه للفُقْرى ولا الحَجِّ مَزْعَمُ
وأَمرٌ مُزْعِمٌ أَي مُطْمِعٌ. وأَزْعَمَه: أَطمعه. وشِواءٌ زَعِمٌ
وزَعْمٌ
(* قوله «وشواه زعم وزعم» كذا هو بالأَصل والمحكم بهذا الضبط
وبالزاي فيهما، وفي شرح القاموس بالراء في الثانية وضبطها مثل الأَولى
ككتف): مُرِشّ كثير الدَّسَمِ سريع السَّيَلان على النار. وأَزْعَمَتِ
الأَرضُ: طلع أَول نبتها؛ عن ابن الأَعرابي:
وزاعِمٌ وزُعَيْم: إسمان.
والمِزْعامة: الحية. والزُّعْمُومُ: العَييّ. والزَّعْمِيُّ: الكاذب
(*
قوله «والزعمي الكاذب إلخ» كذا هو مضبوط في الأصل والتكملة بالفتح
ويوافقهما إطلاق القاموس وإن ضبطه فيه شارحه بالضم). والزَّعْمِيّ: الصادق.
والزَّعْمُ: الكذب؛ قال الكميت:
إذا الإكامُ اكتَسَتْ مَآلِيَها،
وكان زَعْمُ اللَّوامعِ الكَذِبُ
يريد السَّراب، والعرب تقول: أَكْذَبُ مِنْ يَلْمَع. وقال شريح:
زَعَمُوا كُنْيَةُ الكَذِب. وقال شمر: الزَّعْمُ والتزاعُمُ أَكثر ما يقال فيما
يُشك فيه ولا يُحَقَّقُ، وقد يكون الزَّعْمُ بمعنى القول، وروي بيت
الجعدي يصف نوحاً، وقد تقدم، فهذا معناه التحقيق؛ قال الكسائي: إذا قالوا
زَعْمَةٌ صادقة لآتينّك، رفعوا، وحِلْفَةٌ صادِقةٌ لأَقومَنَّ، قال: وينصبون
يميناً صادقةً لأَفعلن. وفي الحديث: أَنه ذكر أَيوب، عليه السلام، قال:
كان إذا مر برجلين يَتَزاعَمان فيذكران الله كَفَّر عنهما أي يتداعيان
شيئاً فيختلفان فيه فيحلفان عليه كان يُكَفِّرُ عنهما لآَجل حلفهما؛ وقال
الزمخشري: معناه أَنهما يتحادثان بالزَّعَماتِ وهي ما لا يوثق به من
الأَحاديث، وقوله فيذكران الله أَي على وجه الاستغفار. وفي الحديث: بئس
مَطِيَّةُ الرجل زَعَمُوا؛ معناه أَن الرجل إذا أَراد المَسير إلى بلد
والظَّعْنَ في حاجة ركب مطيته وسار حتى يقضي إرْبَهُ، فشبه مايقدّمه المتكلم أَمام
كلامه ويتوصل به إلى غرضه من قوله زَعَمُوا كذا وكذا بالمطية التي
يُتَوَصَّلُ بها إلى الحاجة، وإنما يقال زَعَمُوا في حديث لا سند له ولا
ثَبَتَ فيه، وإنما يحكى عن الأَلْسُنِ على سبيل البلاغ، فذُمَّ من الحديث ما
كان هذا سبيله. وفي حديث المغيرة: زَعِيمُ الأَنْفاس أي موكَّلٌ بالأَنفاس
يُصَعِّدُها لغلبة الحسد والكآبة عليه، أَو أَراد أَنفاس الشرب كأنه
يَتَجَسَّس كلام الناس ويَعِيبهم بما يُسقطهم؛ قال ابن الأَثير: والزَّعيمُ
هنا بمعنى الوكيل.
أرم: أَرَمَ ما على المائدة يَأْرِمهُ: أَكله؛ عن ثعلب. وأَرَمَتِ
الإِبِلُ تَأْرِمُ أَرْماً: أَكَلَتْ. وأَرَمَ على الشيء يَأْرِمُ، بالكسر،
أَي عَضَّ عليه. وأَرَمَه أَيضاً: أَكَلَه؛ قال الكميت:
ويَأْرِمُ كلَّ نابِتَةٍ رِعاءً،
وحُشَّاشاً لهنَّ وحاطِبينا
أَي من كثرتها؛ قال ابن بري: صوابه ونأْرِم، بالنون، لأَن قبله:
تَضِيقُ بنا الفِجاجُ، وهُنَّ فِيجٌ،
ونَجْهَرُ ماءَها السَّدِمَ الدَّفِينا
ومنه سنَةٌ آرِمةٌ أَي مُسْتأْصِلة. ويقال: أَرَمَتِ السنَةُ بأَموالنا
أَي أَكَلت كل شيء. وقال أَبو حنيفة: أَرَمَتِ السائمة المَرْعَى
تَأْرِمُه أَتَتْ عليه حتى لم تَدَعْ منه شيئاً.
وما فيه إِرْمٌ وأَرْمٌ أَي ضِرس. والأُرَّمُ: الأَضراس؛ قال الجوهري:
كأَنه جمع آرِمٍ. ويقال: فلان يَحْرُقُ عليك الأُرَّم إِذا تغَيَّظ فَحكَّ
أَضْراسه بعضها ببعض، وقيل: الأُرّمُ أَطراف الأَصابع. ابن سيده: وقالوا
هو يَعْلُك عليه الأُرَّم أَي يَصْرِف بأَنيابه عليه حَنَقاً؛ قال:
أُنْبِئْتُ أَحْمَاءَ سُلَيْمَى إِنَّما
أَضْحَوا غِضاباً، يَحْرُقُونَ الأُرَّما
أَنْ قُلْت: أَسْقَى الحَرَّتَيْنِ الدِّيمَا
قال ابن بري: لا يصحُّ فتح أَنَّما إِلاّ على أَن تجعل أَحْماء مفعولاً
ثانياً بإِسقاط حرف الجر، تقديره نُبّئتُ عن أَحْماء سُلَيمْى أَنَّهم
فَعلوا ذلك، فإِن جعلت أَحْماء مفعولاً ثانياً من غير إِسقاط حرف الجر كسرت
إِنَّما لا غير لأَنها المفعولُ الثالثُ، وقال أَبو رياش: الأُرَّمُ
الأَنيابُ؛ وأَنشد لعامر بن شقيق الضبيّ:
بِذِي فِرْقَيْنِ يَوْمَ بَنُو حَبيبٍ،
نُيُوبَهم علينا يَحْرُقُونَا
قال ابن بري: كذا ذكره الجوهري في فصل حَرَق فقال: حَرَقَ نابَه
يَحْرُقه ويَحْرِقُه إِذا سَحَقَه حتى يسمع له صَرِيف. الجوهري: ويقال الأُرَّم
الحِجارة؛ قال النضر بن شميل: سأَلت نوحَ بن جرير بن الخَطَفَى عن قول
الشاعر:
يَلُوكُ من حَرْدٍ عليَّ الأُرَّمَا
قال: الحَصَى. قال ابن بري: ويقال الأُرَّم الأَنياب هنا لقولهم يَحْرُق
عَليَّ الأُرَّمَ، من قولهم حَرَقَ نابُ البعير إِذا صوَّت.
والأَرْمُ: القطع. وأَرَمَتْهم السنَةُ أَرْماً: قطعتهم. وأَرَمَ الرجلَ
يَأْْرِمهُ أَرْماً: ليَّنَه؛ عن كُراع. وأَرْض أَرْماءُ ومَأْرُومَةٌ:
لم يُتْرَك فيها أَصل ولا فَرْعٌ.
والأَرُومةُ: الأَصْل. وفي حديث عُمير بن أَفْصى: أَنا من العرب في
أَرُومة بِنائها؛ قال ابن الأَثير: الأَرُومةُ بوزن الأَكولة الأَصْل.
وفيه كيف تَبْلُغك صَلاتُنا وقد أَرِمْتَ أَي بَلِيت؛ أَرِمَ المالُ
إِذا فَنِيَ. وأَرض أَرِمةٌ: لا تنبت شيئاً، وقيل: إِنما هو أُرِمْتَ من
الأَرْمِ الأَكل، ومنه قيل للأَسْنان الأُرَّم؛ وقال الخطابي: أَصله
أَرْمَمْت أَي بَلِيت وصرت رَمِيماً، فحذف إِحدى الميمين كقولهم ظَلْت في
ظَلِلْت؛ قال ابن الأَثير: وكثيراً ما تروى هذه اللفظة بتشديد الميم، وهي
لغة ناسٍ من بكر بن وائل، وسنذكره في رمم.
والإِرَمُ: حِجارة تنصب عَلَماً في المَفازة، والجمع آرامٌ وأُرُومٌ مثل
ضِلَع وأَضْلاع وضُلوع. وفي الحديث: ما يوجَد في آرامِ الجاهليَّة
وخِرَبها فيه الخُمْس؛ الآرام: الأَعْلام، وهي حجارة تُجْمَع وتنصَب في
المَفازة يُهْتَدَى بها، واحدها إِرَم كعِنَب. قال: وكان من عادة الجاهلية
أَنهم إِذا وجدوا شيئاً في طريقهم ولا يمكنهم اسْتِصْحابُه تركوا عليه حجارةً
يعرفُونه بها، حتى إِذا عادوا أَخذوه. وفي حديث سلمة بن الأَكْوَع: لا
يطرحون شيئاً إِلاَّ جَعَلْت عليه آراماً. ابن سيده: الإِرَمُ والأَرِمُ
الحجارة، والآرامُ الأَعْلام، وخص بعضهم به أَعْلام عادٍ، واحدُها إِرَمٌ
وأَرِمٌ وأَيْرَمِيٌّ؛ وقال اللحياني: أَرَمِيّ ويَرَمِيّ وإِرَمِيّ.
والأُرومُ أَيضاً: الأَعْلام، وقيل: هي قُبُور عادٍ؛ وعَمَّ به أَبو عبيد في
تفسير قول ذي الرمة:
وساحِرة العُيون من المَوامي،
تَرَقَّصُ في نَواشِرِها الأُرُومُ
فقال: هي الأَعْلام؛ وقوله أَنشده ثعلب:
حتى تَعالى النِّيُّ في آرامها
قال: يعني في أَسْنِمَتِها؛ قال ابن سيده: فلا أَدْري إِن كانت الآرام
في الأَصل الأَسْمة، أو شبَّهها بالآرام التي هي الأَعْلام لعِظَمِها
وطُولها.
وإِرَمٌ: والِدُ عادٍ الأُولَى، ومن ترَك صرف إِرَمٍ جعله اسماً
للقبيلة، وقيل: إِرَمُ عادٌ الأَخيرة، وقيل: إرَم لبَلْدَتِهم التي كانوا فيها.
وفي التنزيل: بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ العِمادِ، وقل فيها أَيضاً أَرامٌ. قال
الجوهري في قوله عز وجل: إِرَمَ ذاتِ العِمادِ، قال: من لم يُضِف جعل
إِرَم اسمَه ولم يَصْرِفه لأَنه جعل عاداً اسم أَبيهم، ومن قرأَة بالإِضافة
ولم يَصْرف جعله اسم أُمّهم أَو اسم بَلدةٍ. وفي الحديث ذكر إِرَمَ ذاتِ
العِماد، وقد اختلف فيها فقيل دِمَشق، وقيل غيرها.
والأَرُوم، بفتح الهمزة: أَصْل الشجرة والقَرْن؛ قال صخر الغيّ يهجو
رجلاً:
تَيْسَ تُيُوسٍ، إِذا يُناطِحُها
يَأْلَمُ قَرْناً، أَرُومه نَقِدُ
قوله: يَأْلَمُ قَرْناً أَي يَأْلَمُ قَرْنَه، وقد جاء على هذا حروف
منها قولهم: يَيْجَع ظَهراً، ويَشْتكي عيناً أَي يَشْتَكي عَينَه، ونصب
تَيْسَ على الذَّمِّ؛ وأَنشد ابن بري لأَبي جندب الهذلي:
أَولئك ناصري وهُمُ أُرُومِي،
وبَعْضُ القوم ليس بذِي أُرُومِ
وقولهم: جارية مَأْرُومَةٌ حسَنة الأَرْمِ إِذا كانت مَجْدُولة الخَلْق.
وإِرَمٌ: اسم جبل؛ قال مُرَقِّش الأَكْبَرُ:
فاذْهَبْ فِدىً لك ابن عَمّك لائحا
(* هنا بياض في الأصل) . . . الأَشيبة وإِرَمْ
والأُرُومةُ والأَرُومة، الأَخيرة تميمة: الأَصلُ، والجمع أُرُومٌ؛ قال
زهير:
لَهُم في الذّاهِبِينَ أُرُومُ صِدْقٍ،
وكان لِكُلِّ ذي حَسَب أُرُومُ
والأَرامُ: مُلْتقى قَبائِلِ
الرأْس. ورَأْس مُؤَرَّمٌ: ضخْم القَبائل. وبَيْضَةٌ مُؤَرَّمةٌ
واسِعَةُ الأَعْلى. وما بالدَّارِ أَرِمٌ وأَرِيمٌ وإِرَميٌّ وأَيْرَميّ
وإِيْرَمِيّ؛ عن ثعلب وأَبي عبيد، أَي ما بها أَحَدٌ، لا يستعمل إِلا في
الجَحْد؛ قال زهير:
دارٌ لأَسْماء بالغَمْرَيْنِ ماثِلةٌ،
كالوَحْيِ ليس بها من أَهْلِها أَرِمُ
ومثله قول الآخر:
تلك القُرونُ وَرِثْنا الأَرضَ بَعْدَهُمُ،
فما يُحَسُّ عليها منهمُ أَرِمُ
قال ابن بري: كان ابن دَرَسْتَوَيْه يُخالف أَهل اللغة فيقول: ما بها
آرِم، على فاعل، قال: وهو الذي يَنْصِب الأَرَمَ وهو العَلَم، أَي ما بها
ناصِبُ عَلَم، قال: والمشهور عند أَهل اللغة ما بها أَرِمٌ، على وزن
حَذِرٍ، وبيتُ زهير وغيره يشهد بصحة قولهم، قال: وعلى أَنه أَيضاً حكى
القَزَّاز وغيره آرِم، قال: ويقال ما بها أَرَمٌ أَيضاً أَي ما بها
علَم.وأَرَمَ الرجلَ يَأْرِمُه أَرْماً: لَيَّنه. وأَرَمْتُ الحَبْل آرِمُه
أَرْماً إِذا فَتَلْتَه فَتْلاً شديداً. وأَرَمَ الشيءَ يَأْرِمُه
أَرْماً: شدَّه؛ قال رؤبة:
يَمْسُدُ أَعْلى لَحْمِه ويَأْرِمُهْ
ويروى بالزاي، وقد ذكر في أَجم.
وآرام: موضع؛ قال:
مِن ذاتِ آرامٍ فجَنبَي أَلعسا
(* قوله «فجني ألعسا» هكذا في الأصل وشرح القاموس).
وفي الحديث ذِكْر إِرَمٍ، بكسر الهمزة وفتح الراء الخفيفة، وهو موضع من
ديار جُذام، أَقْطَعَه سيدُنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بني جِعال
بن رَبيعة.
قصف: القَصْف: الكسر، وفي التهذيب: كسر القَناة ونحوها نِصفين. قَصَفَ
الشيءَ يَقْصِفه قصْفاً: كسره. وفي حديث عائشة تَصِف أَباها، رضي اللّه
عنهما: ولا قصَفُوا له قَناة أَي كسروا. وقد قَصِف قصَفاً، فهو قَصِفٌ
وقصِيفٌ وأَقْصَفُ. وانقَصَف وتَقَصَّفَ: انكسر، وقيل: قَصِفَ انكسر ولم
يَبِن. وانقَصَف: بان؛ قال الشاعر:
وأَسْمَرٌ غيرُ مَجْلُوزٍ على قَصَفِ
(* قوله «وأسمر إلخ» صدره كما في شرح القاموس:
سيفي جريء وفرعي غير مؤتشب)
وقَصَفتِ الرِّيحُ السفينة. والأَقْصَفُ: لغة في الأَقْصَم، وهو الذي
انكسرت ثَنِيّته من النصف. وقصِفت ثنِيّتُه قَصَفاً، وهي قَصْفاء: انكسرت
عَرْضاً؛ قال الأَزهري: الذي نعرفه في الذي انكسرت ثنيته من النصف
الأَقصم. والقَصْفُ: مصدر قصَفْتُ العُود أَقْصِفُه قَصْفاً إذا كسرته. وقَصِفَ
العودُ يَقْصَف قَصَفاً، وهو أَقْصَفُ وقَصِفٌ إذا كان خَوّاراً
ضَعِيفاً، وكذلك الرجل رجل قَصِف سريع الانكسار عن النَّجْدةِ؛ قال ابن بري:
شاهده قول قَيس بن رِفاعة:
أُولو أَناةٍ وأَحْلامٍ إذا غَضِبُوا،
لا قَصِفُونَ ولا سُودٌ رَعابيبُ
ويقال للقوم إذا خَلَوْا عن شيء فَترةً وخِذلاناً: انْقصَفوا عنه. ورجل
قصِفُ البَطن عن الجوع: ضَعِيف عن احتماله؛ عن ابن الأعرابي.
وريح قاصِف وقاصِفة: شديدة تُكَسِّر ما مرَّت به من الشجر وغيره. وروي
عن عبيد اللّه بن عمرو: الرِّياحُ ثمان: أَربعٌ عذاب وأَربع رحمة، فأَما
الرَّحمة فالناشِراتُ والذَّارِياتُ والمُرْسَلاتُ والمُبَشِّرات، وأَما
العذاب فالعاصِفُ والقاصِفُ وهما في البحر، والصَّرْصَر والعَقيمُ وهما في
البرِّ. وقوله تعالى: أَو يُرسِلَ عليكم قاصفاً من الرِّيح؛ أَي ريحاً
تَقْصِف الأَشياء تَكْسِرُها كما تُقْصَف العِيدان وغيرها. وثوب قَصِيف:
لا عَرْض له.
والقَصْفُ والقَصَفة: هدير البعير وهو شدّة رُغائه. قَصَف البعيرُ
يَقْصِفُ قَصْفاً وقُصوفاً وقَصيفاً: صَرَفَ أَنيابه وهَدر في الشٍّقْشِقة.
ورَعْدٌ قاصِفٌ: شديد الصوت. قال أَبو حنيفة: إذا بلَغ الرَّعد الغاية في
الشدَّة فهو القاصف، وقد قصَف يقصِف قصْفاً وقَصيفاً. وفي حديث موسى، على
نبينا وعليه الصلاة والسلام، وضَرْبه البحر: فانتَهى إليه وله قَصِيف
مَخافة أَن يَضْرِبه بعَصاه، أَي صوت هائل يُشبه صوت الرَّعْد؛ ومنه قولهم:
رَعْد قاصِف أَي شديد مُهْلك لصوته. والقَصْف: اللَّهْو واللَّعِب،
ويقال: إنها مُولَّدة. والقَصْفُ: الجَلَبة والإعْلان باللهو. وقَصَفَ علينا
بالطَّعام يَقْصِف قَصْفاً: تابَعَ. ابن الأَعرابي: القُصُوف الإقامة في
الأَكل والشرب.
والقَصْفة: دَفْعة الخيل عند اللِّقاء. والقَصْفةُ: دَفْعة الناس
وقَضَّتُهم وزَحْمتهم، وقد انْقَصَفوا، وربما قالوه في الماء. وقَصْفة القوم:
تَدافُعُهم وازدحامهم. وفي الحديث يرويه نابغة بني جَعدةَ عن النبي، صلى
اللّه عليه وسلم، أَنه قال: أَنا والنبيون فُرَّاطٌّ لقاصِفينَ، وذلك على
باب الجنة؛ قال ابن الأَثير: هم الذين يزدحمون حتى يَقْصِف بعضهم بعضاً،
من القَصْف الكسرِ والدَّفْعِ الشديد، لفَرْط الزِّحام؛ يريد أَنهم
يتقدَّمون الأُممَ إلى الجنة وهم على إثرهم بِداراً مُتدافعين ومُزْدَحِمين.
وقال غيره: الانْقِصافُ الانْدِفاع. يقال: انْقَصَفوا عنه إذا تركوه
ومرُّوا؛ معنى الحديث أَن النبيين يتقدمون أُممهم في الجنة والأُمم على أَثرهم
يبادرون دخولها فيَقْصِفُ بعضُهم بعضاً أَي يَزْحَمُ بعضُهم بعضاً
بِداراً إليها. وقال ابن الأَنباري: معناه أَنا والنبيون متقدمون في الشفاعة
كثيرين متدافعين مُزْدَحِمين. ويقال: سمعت قَصْفة الناسِ أَي دَفْعَتهم
وزَحْمتَهم؛ قال العجاج:
كقَصْفةِ الناسِ من المُحْرَنْجِمِ
وروي في حديث عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم: لما يَهُمُّني من
انْقِصافهم على باب الجنة أَهَمُّ عندي من تمام شفاعَتي؛ قال ابن الأَثير: أَي
أَنّ اسْتِسْعادَهم بدخول الجنة وأَن يَتِمَّ لهم ذلك أَهمُّ عندي من أَن
أَبلغ أَنا منزلة الشافعين المُشَفَّعين، لأَن قبول شفاعته كرامة له،
فوصولهم إلى مبتغاهم آثَرُ عنده من نَيل هذه الكرامة لفَرْط شفَقته، صلى
اللّه عليه وسلم، على أُمته. وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: كان يصلي
ويَقرأُ القرآن فتَتَقَصَّفُ عليه نساء المشركين وأَبناؤهم أَي يَزْدَحِمون.
وفي حديث اليهوديّ: لما قَدِمَ المدينة قال: تركت بني قَيْلة
يَتَقاصَفون على رجل يزعم أَنه نبي. وفي الحديث: شَيَّبَتْني هُود وأَخواتُها
قَصَّفْن عليَّ الأُمم أَي ذُكر لي فيها هلاك الأُمم وقُصّ عليَّ فيها
أَخبارهم حتى تقاصَف بعضُها على بعض، كأَنَّها ازدحمت بِتتابُعها. ورجل صَلِفٌ
قَصِفٌ:كأَنه يُدافع بالشرّ. وانْقَصفُوا عليه: تتابَعُوا.
والقَصْفةُ: رِقَّةٌ تخرج في الأَرْطى، وجمعها قَصْفٌ، وقد أَقْصَفَ،
وقيل: القَصْفة قِطعة من رمل تَتَقَصَّف من مِعْظَمِه؛ حكاه ابن دريد،
والجمع قَصْف وقُصْفانٌ مثل تَمْرة وتَمْر وتُمْران، والقَصْفة: مِرْقاة
الدرجة مثل القَصْمة، وتسمى المرأَة الضَّخْمة القِصاف. وفي الحديث: خرج
النبي، صلى اللّه عليه وسلم، على صَعْدةٍ يتبعها حُذاقيٌّ عليها قوْصَفٌ لم
يَبق منه إلا قَرْقَرُها؛ قال: والصَّعْدة الأَتانُ، الحُذاقيُّ الجَحْش،
والقَوصَفُ القَطِيفة، والقَرْقر ظهرها.
والقَصِيف: هَشيم الشجر. والتَّقَصُّف: التكسُّر. ويقال: قَصِف النبْتُ
يَقْصَفُ قَصَفاً، فهو قَصِفٌ إذا طال حتى انحنى من طُوله؛ قال لبيد:
حتى تَزَيَّنَتِ الجِواءُ بفاخِرٍ
قَصِفٍ، كأَلوان الرِّجال، عَميم
أَي نَبْتٍ فاخِر. والبَرْدِيُّ إذا طال يقال له القَصِيفُ.
وبنو قِصافٍ: بطن.
عفر: العَفْرُ والعَفَرُ: ظاهر التراب، والجمع أَعفارٌ. وعَفَرَه في
التُّراب يَعْفِره عَفْراً وعَفَّره تَعْفِيراً فانْعَفَر وتَعَفَّرَ:
مَرَّغَه فيه أَو دَسَّه. والعَفَر: التراب؛ وفي حديث أَبي جهل: هل يُعَفَّرُ
مُحمدٌ وَجْهَه بين أَظْهُرِكم؟ يُرِيدُ به سجودَه في التُّرابِ، ولذلك
قال في آخره: لأَطَأَنّ على رقبته أَو لأُعَفِّرَنّ وجْهَه في التراب؛
يريد إِذلاله؛ ومنه قول جرير:
وسارَ لبَكْرٍ نُخْبةٌ من مُجاشِعٍ،
فلما رَأَى شَيْبانَ والخيلَ عَفّرا
قيل في تفسيره: أَراد تَعَفَّر. قال ابن سيده: ويحتمل عندي أَن يكون
أَراد عَفّرَ جَنْبَه، فحذف المفعول. وعَفَرَه واعْتَفَرَه: ضرَبَ به
الأَرض؛ وقول أَبي ذؤيب:
أَلْفَيْتُ أَغْلَب من أُسْد المُسَدِّ حَدِيـ
ـدَ الناب، أَخْذتُه عَفْرٌ فتَطْرِيحُ
قال السكري: عَفْر أَي يَعْفِرُه في التراب. وقال أَبو نصر: عَفْرٌ
جَذْب؛ قال ابن جني: قول أَبي نصر هو المعمول به، وذلك أَن الفاء مُرَتِّبة،
وإِنما يكون التَّعْفِير في التراب بعد الطَّرْح لا قبله، فالعَفْرُ
إِذاً ههنا هو الجَذْب، فإِن قلت: فكيف جاز أَن يُسمّي الجذب عَفْراً؟ قيل:
جاز ذلك لتصوّر معنى التَّعْفِير بعد الجَذْب، وأَنه إِنما يَصِير إِلى
العَفَر الذي هو التراب بعد أَن يَجْذِبَه ويُساوِرَه؛ أَلا ترى ما أَنشده
الأَصمعي:
وهُنَّ مَدّا غَضَنَ الأَفِيق
(* قوله: «وهن مداً إلخ» هكذا في الأَصل).
فسَمَّى جلودَها، وهي حيةٌ، أَفِيقاً؛ وإِنما الأَفِيقُ الجلد ما دام في
الدباغ، وهو قبل ذلك جلد وإِهاب ونحو ذلك، ولكنه لما كان قد يصير إِلى
الدباغ سَمَّاه أَفِيقاً وأَطلق ذلك عليه قبل وصوله إِليه على وجه تصور
الحال المتوقعة. ونحوٌ منه قولُه تعالى: إِني أَراني أَعْصِرُ خمْراً؛ وقول
الشاعر:
إِذا ما ماتَ مَيْتٌ مِن تمِيمٍ،
فسَرَّك أَن يَعِيشَ، فجِئْ بزادِ
فسماه ميتاً وهو حيّ لأَنه سَيموت لا محالة؛ وعليه قوله تعالى أَيضاً:
إِنك مَيِّتٌ وإِنهم مَيِّتون؛ أَي إِنكم ستموتون؛ قال الفرزدق:
قَتَلْتَ قَتِيلاً لم يَرَ الناسُ مِثْلَه،
أُقَلِّبُه ذا تُومَتَيْنِ مُسَوَّرا
وإِذ جاز أَن يسمى الجَذْبُ عَفْراً لأَنه يصير إِلى العَفْر، وقد يمكن
أَن لا يصير الجذبُ إِلى العَفْر، كان تسميةُ الحيِّ ميتاً لأَنه ميّت لا
محالة أَجْدَرَ بالجواز. واعْتَفَرَ ثَوْبَه في التراب: كذلك. ويقال:
عَفّرْت فلاناً في التراب إِذا مَرَّغْته فيه تَعْفِيراً. وانْعَفَرَ
الشيء: تترّب، واعْتَفَرَ مثله، وهو مُنْعَفِر الوجه في التراب ومُعَفَّرُ
الوجه. ويقال: اعْتَفَرْتُه اعْتِفاراً إِذا ضربت به الأَرض فمَغَثْتَه؛ قال
المرار يصف امرأَة طال شعرُها وكَثُفَ حتى مسَّ الأَرض:
تَهْلِك المِدْراةُ في أَكْنافِه،
وإِذا ما أَرْسَلَتْه يَعْتَفِرْ
أَي سقط شعرها على الأَرض؛ جعَلَه من عَفَّرْته فاعْتَفَر. وفي الحديث:
أَنه مرّ على أَرضٍ تُسَمَّى عَفِرةً فسماَّها خَضِرَةً؛ هو من العُفْرة
لَوْنِ الأَرض، ويروى بالقاف والثاء والدال؛ وفي قصيد كعب:
يعدو فيَلْحَمُ ضِرْغامَيْنِ، عَيْشُهما
لَحْمٌ، من القوم، مَعْفُورٌ خَراذِيلُ
المَعْفورُ: المُترَّبُ المُعَفَّرُ بالتراب. وفي الحديث: العافِر
الوجْهِ في الصلاة؛ أَي المُترّب.
والعُفْرة: غُبْرة في حُمْرة، عَفِرَ عَفَراً، وهو أَعْفَرُ. والأَعْفَر
من الظباء: الذي تَعْلو بياضَه حُمْرَةٌ، وقيل: الأَعْفَرُ منها الذي في
سَراتِه حُمْرةٌ وأَقرابُه بِيضٌ؛ قال أَبو زيد: من الظباء العُفْر،
وقيل: هي التي تسكن القفافَ وصلابة الأَرض. وهي حُمْر، والعُفْر من الظباء:
التي تعلو بياضَها حمرة، قِصار الأَعناق، وهي أَضعف الظباء عَدْواً؛ قال
الكميت:
وكنّا إِذا جَبّارُ قومٍ أَرادَنا
بكَيْدٍ، حَمَلْناه على قَرْنِ أَعْفَرا
يقول: نقتله ونَحْمِل رأْسَه على السِّنَان، وكانت تكون الأَسِنَّة فيما
مضى من القرون. ويقال: رماني عن قَرْن أَعْفَرَ أَي رماني بداهية؛ ومنه
قول ابن أَحمر:
وأَصْبَحَ يَرْمِي الناسَ عن قَرْنِ أَعْفَرا
وذلك أَنهم كانوا يتخذون القُرونَ مكانَ الأَسِنّة فصار مثلاً عندهم في
الشدة تنزل بهم. ويقال للرجل إِذا بات ليلَته في شدة تُقْلِقُه: كنتَ على
قَرْن أَعْفَرَ؛ ومنه قول امرئ القيس:
كأَني وأَصْحابي على قَرْنِ أَعْفَرا
وثَرِيدٌ أَعْفَرُ: مُبْيَضٌّ، وقد تعافَرَ. ومن كلامهم
(* كذا بياض في
الأصل) . . . هم ووصف الحَرُوقة فقال: حتى تعافرَ من نَفْثها أَي
تَبَيَّض. والأَعْفَرُ: الرَّمْل الأَحمر؛ وقول بعض الأَغفال:
وجَرْدَبَت في سَمِلٍ عُفَيْر
يجوز أَن يكون تصغير أَعْفَر على تصغير الترخيم أَي مصبوغ بِصِبْغ بين
البياض والحمرة. والأَعْفَر: الأَبْيضُ وليس بالشديد البياض. وماعِزةٌ
عَفْراء: خالصة البياض. وأَرض عَفْراء: بيضاء لم تُوطأْ كقولهم فيها بيحان
اللون
(* قوله: «بيحان اللون» هو هكذا في الأصل). وفي الحديث: يُحْشَرُ
الناسُ يوم القيامة على أَرض عَفْراء.
والعُفْرُ من لَيالي الشهر: السابعةُ والثامنةُ والتاسعةُ، وذلك لبياض
القمر. وقال ثعلب: العُفْرُ منها البِيضُ، ولم يُعَيِّنْ؛ وقال أَبو
رزمة:ما عُفُرُ اللَّيالي كالدَّآدِي،
ولا تَوالي الخيلِ كالهَوادِي
تواليها: أَواخرها. وفي الحديث: ليس عُفر الليالي كالدَّآدِي؛ أَي
الليالي المقمرةُ كالسود، وقيل: هو مثَل. وفي الحديث: أَنه كان إِذا سجد جافى
عَضُدَيْهِ حتى يُرى من خلفه عُفْرَة إِبْطَيْهِ؛ أَبو زيد والأَصمعي:
العُفْرَةُ بياض ولكن ليس بالبياض الناصع الشديد. ولكنه كلون عَفَر الأَرض
وهو وجهها؛ ومنه الحديث: كأَني أَنظر إِلى عُفْرَتَيْ إِبْطَيْ رسول
الله، صلى الله عليه وسلم؛ ومنه قيل للظِّباء عُفْر إِذا كانت أَلوانها كذلك،
وإِنما سُميت بعَفَر الأَرض. ويقال: ما على عَفَرِ الأَرض مِثْلَهُ أَي
ما على وجهها. وعَفَّر الرجلُ: خلَط سُودَ غنمِه وإِبلِه بعُفْرٍ. وفي
حديث أَبي هريرة: في الضَّحِيَّةِ: لَدَمُ عَفْرَاء أَحَبُّ إِليّ من دم
سَوْدَاوَيْنِ والتَّعْفِير: التبييض. وفي الحديث: أَن امرأَة شكت إِليه
قِلَّةَ نَسْل غنمها وإِبلها ورِسْلِها وأَن مالها لا يَزْكُو، فقال: ما
أَلوانُها؟ قالت: سُودٌ. فقال: عَفِّرِي أَي اخُلِطيها بغنم عُفْرٍ، وقيل:
أَي اسْتَبْدِلي أَغناماً بيضاً فإِن البركة فيها. والعَفْراءُ من
الليالي: ليلة ثلاثَ عشْرة. والمَعْفُورةُ: الأَرض التي أُكِل نبتُها.
واليَعْفور واليُعْفور: الظبي الذي لونه كلون العَفَر وهو التراب، وقيل:
هو الظبي عامة، والأُنثى يَعْفورة، وقيل: اليَعْفور الخِشْف، سمي بذلك
لصغره وكثرة لُزوقِه بالأَرض، وقيل: اليَعْفُور ولد البقرة الوحشية، وقيل:
اليَعَافيرُ تُيُوس الظباء. وفي الحديث: ما جَرَى اليَعْفُورُ؛ قال ابن
الأَثير: هو الخِشْف، وهو ولد البقرة الوحشية، وقيل: تَيْس الظباء،
والجمع اليَعافِرُ، والياء زائدة. واليَعفور أَيضاً: جزء من أَجزاء الليل
الخمسة التي يقال لها: سُدْفة وسُتْفة وهَجْمة ويَعْفور وخُدْرة؛ وقول
طرفة:جازت البِيدَ إِلى أَرْحُلِنا،
آخرَ الليل، بيَعْفورٍ خَدِرْ
أَراد بشخصِ إِنسانٍ مثل اليَعْفور، فالخَدِرُ على هذا المتخلف عن
القطيع، وقيل: أَراد باليَعْفُورِ الجزء من أَجزاء الليل، فالخَدِرُ على هذا
المُظْلِمُ.
وعَفَّرت الوحشيّة ولدَها تُعَفِّرُه: قطعت عنه الرِّضاعَ يوماً أَو
يومين، فإِن خافت اين يضرّه ذلك ردّته إِلى الرضاع أَياماً ثم أَعادته إِلى
الفِطام، تفعل ذلك مرّات حتى يستمر عليه، فذلك التَّعْفير، والولد
مُعَفَّر، وذلك إِذا أَرادت فِطامَه؛ وحكاه أَبو عبيد في المرأَة والناقة، قال
أَبو عبيد: والأُمُّ تفعل مثل ذلك بولدها الإِنْسِيّ؛ وأَنشد بيت لبيد
يذكر بقرةً وحشيةً وولدَها:
لمُعَفَّر قَهْدٍ، تَنَازَعُ شِلْوَه
غُبْسٌ كَواسِبُ ما يُمَنُّ طَعامُها
قال الأَزهري: وقيل في تفسير المُعَفَّر في بيت لبيد إِنه ولدها الذي
افْتَرَسَتْه الذئابُ الغُبْسُ فعَفَّرته في التراب أَي مرّغته. قال: وهذا
عندي أَشْبَه بمعنى البيت. قال الجوهري: والتَّعْفِيرُ في الفِطام أَن
تَمْسَحَ المرأَةُ ثَدْيَها بشيء من التراب تنفيراً للصبي. ويقال: هو من
قولهم لقيت فلاناً عن عُفْر، بالضم، أَي بعد شهر ونحوه لأَنها ترضعه بين
اليوم واليومين تَبْلو بذلك صَبْرَه، وهذا المعنى أَراد لبيد قوله: لمعفر
قَهْدٍ. أَبو سعيد: تَعَفَّر الوحشيُّ تَعَفُّراً إِذا سَمِن؛ وأَنشد:
ومَجَرُّ مُنْتَحِر الطَّلِيِّ تَعَفَّرتْ
فيه الفِراءُ بجِزْع وادٍ مُمْكِنِ
قال: هذا سحاب يمر مرّاً بطيئاً لكثرة مائه كأَنه قد انْتَحَر لكثرة
مائه. وطَلِيُّه: مَناتحُ مائه، بمنزلة أَطْلاءِ الوحش. وتَعَفَّرت:
سَمِنَت. والفِراءُ: حُمُر الوحش. والمُمْكِنُ: الذي أَمكن مَرْعاه؛ وقال ابن
الأَعرابي: أَراد بالطَّلِيّ نَوْءَ الحمَل، ونَوءُ الطَّلِيّ والحمَلِ
واحدٌ عنده. قال: ومنتحر أَراد به نحره فكان النوء بذلك المكان من الحمل.
قال: وقوله واد مُمْكِن يُنْبِت المَكْنان، وهو نبتٌ من أَحرار البقول.
واعْتَفَرَه الأَسد إِذا افْتَرَسَه.
ورجل عِفْرٌ وعِفْرِيةٌ ونِفْرِيةٌ وعُفارِيةٌ وعِفْرِيتٌ بيّن
العَفارةِ: خبيث مُنْكَر داهٍ، والعُفارِيةُ مثل العِفْريت، وهو واحد؛ وأَنشد
لجرير:
قَرَنْتُ الظالمِين بمَرْمَرِيسٍ،
يَذِلّ لها العُفارِيةُ المَرِيدُ
قال الخليل: شيطان عِفْرِيةٌ وعِفْريتٌ، وهم العَفارِيَةُ والعَفارِيت،
إِذا سَكّنْتَ الياء صَيَّرت الهاء تاء، وإِذا حرّكتها فالتاء هاء في
الوقف؛ قال ذو الرمة:
كأَنّه كَوْكَبٌ في إِثْرِ عِفْرِية،
مُسَوّمٌ في سوادِ الليل مُنْقَضِب
والعِفْرِيةُ: الداهية. وفي الحديث: أَول دينكم نُبُوَّةٌ ورَحْمة ثم
مُلْكٌ أَعْفَرُ؛ أَي مُلْكٌ يُسَاسُ بالدَّهاء والنُّكْر، من قولهم للخبيث
المُنْكَر: عِفْر. والعَفارةُ: الخُبْث والشَّيْطنةُ؛ وامرأَة عِفِرَّة.
وفي التنزيل: قال عِفْرِيتٌ من الجِنّ أَنا آتِيكَ به؛ وقال الزجاج:
العِفْرِيت من الرجال النافذُ في الأَمر المبالغ فيه مع خُبْثٍ ودَهاءٍ، وقد
تَعَفْرَت، وهذا مما تحملوا فيه تَبْقِيةَ الزائدَ مع الأَصل في حال
الاشتقاق تَوْفِيةً للمعنى ودلالةً عليه. وحكى اللحياني: امرأَة عِفْرِيتةٌ
ورجلٌ عِفرِينٌ وعِفِرّينٌ كَعِفْرِيت. قال الفراء: من قال عِفْرِية
فجمعه عَفارِي كقولهم في جمع الطاغوت طَواغِيت وطَواغِي، ومن قال عِفْرِيتٌ
فجمعه عَفارِيت. وقال شمر: امرأَة عِفِرّة ورجل عِفِرٌّ، بتشديد الراء؛
وأَنشد في صفة امرأَة غير محمودة الصفة:
وضِبِرّة مِثْل الأَتانِ عِفِرّة،
ثَجْلاء ذات خواصِرٍ ما تَشْبَعُ
قال الليث: ويقال للخبيث عفَرْنى أَي عِفْرٌ، وهم العَفَرْنَوْنَ.
والعِفْرِيت من كل شيء: المبالغ. يقال: فلان عِفْرِيتٌ وعِفرِيةٌ نِفْرِية.
وفي الحديث: إِن الله يُبْغِضُ العِفْرَِيةَ النِّفْرِيةَ الذي لا يُرْزَأُ
في أَهلٍ ولا مالٍ؛ قيل: هو الداهي الخبيثُ الشِّرِّيرُ، ومنه
العِفْرِيت، وقيل: هو الجَمُوع المَنُوع، وقيل: الظَّلُوم. وقال الزمخشري: العِفْر
والعِفْريةُ والعِفْرِيت والعُفارِيةُ القوي المُتَشيْطِن الذي يَعْفِر
قِرْنَه، والياء في عَفِرِيةٍ وعُفارِيةٍ للإِلحاق بشرذمة وعُذافِرة،
والهاء فيهما للمبالغة، والتاء في عِفْرِيتٍ للإِلحاق بِقِنْدِيل. وفي كتاب
أَبي موسى: غَشِيَهم يومَ بَدْرٍ لَيْثاً عِفِرِّيّاً أَي قَوِيّاً
داهياً. يقال: أَسدٌ عِفْرٌ وعِفِرٌّ بوزن طِمِرّ أَي قويّ عظيم. والعِفْرِيةُ
المُصَحَّحُ والنِّفْرِية إِتباع؛ الأَزهري: التاء زائدة وأَصلها هاء،
والكلمة ثُلاثِيّة أَصلها عِفْرٌ وعِفْرِية، وقد ذكرها الأَزهري في
الرباعي أَيضاً، ومما وضع به ابنُ سيده من أَبي عبيد القاسم بن سلام قوله في
المصنف: العِفْرِية مثال فِعْلِلة، فجعل الياء أَصلاً، والياء لا تكون
أَصلاً في بنات الأَربعة.
والعُفْرُ: الشجاع الجَلْدُ، وقيل: الغليظ الشديد، والجمع أَعْفارٌ
وعِفارٌ؛ قال:
خلا الجَوْفُ من أَعْفارِ سَعْدٍ فما به،
لمُسْتَصْرِخٍ يَشْكُو التُّبولَ، نَصِيرُ
والعَفَرْنى: الأَسَدُ، وهو فَعَلْنى، سمي بذلك لشدته. ولَبْوةٌ
عَفَرْنى أَيضاً أَي شديدة، والنون للإِلحاق بسفرجل. وناقة عَفَرناة أَي قوية؛
قال عمر ابن لجإِ التيمي يصف إِبلاً:
حَمَّلْتُ أَثْقالي مُصَمِّماتِها
غُلْبَ الذَّفارى وعَفَرْنَياتِها
الأَزهري: ولا يقال جمل عَفَرْنى؛ قال ابن بري وقبل هذه الأَبيات:
فوَرَدَتْ قَبْل إِنَى ضَحَائِها،
تفَرّش الحيّات في خِرْشائِها
تُجَرُّ بالأَهْونِ من إِدْنائِها،
جَرَّ العجوزِ جانِبَيْ خِفَائِها
قال: ولما سمعه جرير ينشد هذه الأُرجوزة إِلى أَن بلغ هذا البيت قال له:
أَسأْت وأَخْفَقْتَ قال له عمر: فكيف أَقول؟ قال: قل:
جرَّ العروس الثِّنْيَ من رِدائِها
فقال له عمر: أَنت أَسْوَأُ حالاً مني حيث تقول:
لَقَوْمِي أَحْمى للحَقِيقَة مِنْكُم،
وأَضْرَبُ للجبّارِ، والنقعُ ساطِعُ
وأَوْثَقُ عند المُرْدَفات عَشِيّةً
لَحاقاً، إِذا ما جَرَّدَ السيفَ لامِعُ
والله إِن كنّ ما أُدْرِكْنَ إِلا عِشاءً ما أُدْرِكْن حتى نكحن، والذي
قاله جرير: عند المُرْهَفات، فغيّره عُمَر، وهذا البيت هو سبب التَّهاجي
بينهما؛ هذا ما ذكره ابن بري وقد ترى قافية هذه الأُرجوزة كيف هي، والله
تعالى أَعلم.
وأَسد عِفْرٌ وعِفْرِيةٌ وعُفارِيةٌ وعِفْرِيت وعَفَرْنى: شديد قويّ،
ولَبُوءَة عِفِرْناة إِذا كانا جَرِيئين، وقيل: العِفِرْناة الذكر
والأُنثى؛ إِما أَن يكون من العَفَر الذي هو التراب، وإِما أَن يكون من العَفْر
الذي هو الاعتِفَار، وإِما أَن يكون من القوة والجلَدِ. ويقال: اعْتَفَرَه
الأَسد إِذا فَرَسَه.
وليثُ عِفِرِّينَ تُسَمِّي به العربُ دُوَيْبّة مأْواها التراب السهل في
أُصول الحِيطان، تُدَوِّرُ دُوّارةَ ثم تَنْدَسّ في جوفها، فإِذا هِيجَت
رَمَتْ بالتراب صُعُداً. وهي من المُثُل التي لم يجدها سيبويه. قال ابن
جني: أَما عِفِرِّين فقد ذكر سيبويه فِعِلاًّ كطِمِرٍّ وحِبِرٍّ فكأَنه
أَلحق علم الجمع كالبِرَحِين والفِتَكْرِين إِلا أَن بينهما فرقاً، وذلك
أَن هذا يقال فيه البِرَحُون والفِتَكْرون، ولم يسمع في عِفِرِّين في
الرفع، بالياء، وإِنما سمع في موضع الجر، وهو قولهم: ليثُ عِفِرِّينَ، فيجوز
أَن يقال فيه في الرفع هذا عِفِرُّون، لكن لو سمع في موضع الرفع بالياء
لكان أَشبه بأَن يكون فيه النظر، فأَما وهو في موضع الجر فلا تُسْتَنْكرُ
فيه الياء. ولَيْثُ عِفِرِّين: الرجلُ الكامل ابن الخَمْسِين، ويقال: ابن
عَشْر لَعّابٌ بالقُلِينَ، وابن عشْرين باعي نسّين
(* قوله: «باعي نسين»
كذا بالأصل). وابن الثَّلاثين أَسْعى الساعِينَ، وابن الأَرْبَعِين
أَبْطَشُ الأَبْطَشِين، وابن الخمسين لَيْثُ عِفِرِّين، وابن السِّتِّين
مُؤُنِسُ الجَلِيسِين، وابن السَّبْعِين أَحْكمُ الحاكِمينَ، وابن الثمانين
أَسرعُ الحاسِبين، وابن التِّسْعِين واحد الأَرْذَلين، وابن المائة لا جا
ولا سا؛ يقول: لا رجل ولا امرأَة ولا جنّ ولا إِنس. ويقال: إِنه لأَشْجَع
من لَيْثِ عِفِرِّين، وهكذا قال الأَصمعي وأَبو عمرو في حكاية المثل
واختلفا في التفسير، فقال أَبو عمرو: هو الأَسد، وقال أَبو عمر: هو دابّةٌ
مثل الحِرْباء تتعرّض للراكب، قال: وهو منسوب إِلى عِفِرِّين اسم بلد؛
وروى أَبو حاتم الأَصمعي أَنه دابة مثل الحِرْباء يَتَصَدّى للراكب
ويَضْرِبُ بذنبه. وعِفِرِّين: مَأْسَدة، وقيل لكل ضابط قوي: لَيْثُ عِفِرِّين،
بكسر العين، والراء مشددة. وقال الأَصمعي: عِفِرِّين اسم بلد. قال ابن
سيده: وعِفِرُّون بلد.
وعِفْرِيةُ الدِّيكِ: رِيشُ عُنُقِه، وعِفْريةُ الرأْس، خفيفة على مثال
فِعْلِلة، وعَفْراة الرأْس: شعره، وقيل: هي من الإِنسان شعر الناصية، ومن
الدابة شعرُ القفا؛ وقيل: العِفْرِيةُ والعِفْراة الشعرات النابتات في
وسط الرأْس يَقْشَعِررن عند الفزع؛ وذكر ابن سيده في خطبة كتابه فيما قصد
به الوضع من أَبي عبيد القاسم بن سلام قال: وأَي شيء أَدلّ على ضعف
المُنَّة وسخافة الجُنَّة من قول أَبي عبيد في كتابه المصنف: العِفْرِية مثال
فِعْلِلَة، فجعل الياء أَصلاً والياء لا تكون أَصلاً في بنات الأَربعة.
والعُفْرة، بالضم: شعرة القَفا من الأَسد والديك وغيرهما وهي التي
يُرَدِّدُها إِلى يافوخِه عند الهِراش؛ قال: وكذلك العِفْرِية والعِفْراة،
فيها بالكسر. يقال: جاء فلان نافشاً عِفْرِيَته إِذا جاء غَضْبان. قال ابن
سيده: يقال جاء ناشِراً عِفْرِيَته وعِفْراتَه أَي ناشراً شعرَه من
الطَّمَع والحِرْص والعِفْر، بالكسر: الذكر الفحل من الخنازير. والعُفْر:
البُعْد. والعُفْر: قلَّة الزيارة. يقال: ما تأْتينا إِلا عن عُفْرٍ أَي بعد
قلة زيارة. والعُفْرُ: طولُ العهد. يقال: ما أَلقاه إِلا عن عُفْرٍ
وعُفُرٍ أَي بعد حين، وقيل: بعد شهر ونحوه؛ قال جرير:
دِيارَ جميعِ الصالحين بذي السِّدْرِ،
أَبِيني لَنا، إِن التحيةَ عن عُفْرِ
وقول الشاعر أَنشده ابن الأَعرابي:
فلئن طَأْطَأْتُ في قَتْلِهمُ،
لَتُهاضَنَّ عِظامِي عن عُفُرْ
عن عُفُرٍ أَي عن بُعْد من أَخوالي، لأَنهم وإِن كانوا أَقْرِباءَ،
فليسوا في القُرْب مثل الأَعمام؛ ويدل على أَنه عنى أَخوالَه قولُه قبل
هذا:إِنَّ أَخوالي جميعاً من شَقِرْ،
لَبِسُوا لي عَمَساً جِلْدَ النَّمِرْ
العَمَسُ ههنا، كالحَمَسِ: وهي الشدّة. قال ابن سيده: وأَرى البيت
لضبّاب بن واقد الطُّهَوِي؛ وأَما قول المرار:
على عُفُرٍ من عَنْ تَناءٍ، وإِنما
تَداني الهَوَى مِن عَن تَناءٍ وعن عُفْرِ
وكان هَجَرَ أَخاه في الحبْس بالمدينة فيقول: هجرت أَخي على عُفْرٍ أَي
على بُعْدٍ من الحيّ والقرابات أَي وعن غيرنا، ولم يكن ينبغي لي أَن
أَهجره ونحن على هذه الحالة.
ويقال؛ دخلتُ الماء فما انْعَفَرَتْ قَدَمايَ أَي لم تَبْلُغا الأَرضَ؛
ومنه قول امرئ القيس:
ثانِياً بُرْثُنَه ما يَنْعَفِر
ووقع في عافور شَرٍّ كعاثورِ شَرٍّ، وقيل هي على البدل أَي في شدة.
والعَفارُ، بالفتح: تلقيحُ النخل وإِصلاحُه. وعَفَّرَ النخل: فرغ من
تلقيحه. والعَفَرُ: أَولُ سَقْية سُقِيها الزرعُ. وعَفْرُ الزَّرْع: أَن
يُسْقَى فيها حتى يعطش، ثم يُسْقَى فيصلح على ذلك، وأَكثر ما يفعل ذلك
بخِلْف الصَّيفِ وخَضْراواته. وعَفَرَ النخلَ والزرع: سَقاهما أَوَّلَ
سَقْيةٍ؛ يمانية. وقال أَبو حنيفة: عَفَرَ الناسُ يَعْفِرون عَفْراً إِذا سَقَوا
الزرع بعد طَرْح الحبّ. وفي حديث هلال: ما قَرِبْتُ أَهْلي مُذُ
عَفَّرْنَ النخلَ. وروي أَن رجلاً جاء إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال:
إِني ما قَرِبْتُ أَهْلي مُذْ عَفار النخل وقد حَمَلَتْ، فلاعَنَ بينهما؛
عَفارُ النخل تلقيحُها وإِصلاحُها؛ يقال: عَفَّرُوا نخلَهم يُعَفِّرون،
وقد روي بالقاف؛ قال ابن الأَثير: وهو خطأٌ. ابن الأَعرابي: العَفارُ أَن
يُتْرك النخلُ بعد السقي أَربعين يوماً لا يسقى لئلا ينتفِضَ حملُها، ثم
يسقى ثم يترك إِلى أَن يَعْطَشَ، ثم يُسقَى، قال: وهو من تَعْفِير
الوحشيّة ولدَها إِذا فَطَمَتَهْ، وقد ذكرناه آنفاً. والعَفَّارُ: لَقَّاحُ
النخيل. ويقال: كنا في العَفارِ، وهو بالفاء أَشهرُ منه بالقاف. والعَفارُ:
شجرٌ يتخذ منه الزنادُ وقيل في قوله تعالى: أَفرأَيتم النار التي تُورون
أَأَنتم أَنْشَأْتُم شجرتَها؛ إِنها المَرْخُ والعَفارُ وهما شجرتان
فيهما نارٌ ليس في غيرهما من الشجر، ويُسَوَّى من أَغصانها الزنادُ
فيُقْتَدَحُ بها.
قال الأَزهري: وقد رأَيتهما في البادية والعربُ تضرب بهما المثل في
الشرف العالي فتقول: في كل الشجر نار. واسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَقار أَي
كثرت فيهما على ما في سائر الشجر. واسْتَمجَدَ: اسْتَكْثَر، وذلك أَن هاتين
الشجرتين من أَكثرِ الشجر ناراً، وزِنادُهما أَسرعُ الزناد وَرْياً،
والعُنَّابُ من أَقلّ الشجر ناراً وفي المثل: اقْدَحُ بِعَفارٍ
(* قوله:
«وفي المثل أقدح بعفار إلخ» هكذا في الأَصل. والذي في أمثال الميداني: اقدح
بدفلي في مرخ ثم اشدد بعد أو ارخ. قال المازني: أَكثر الشجر ناراً المرخ
ثم العفار ثم الدفلى، قال الأَحمر: يقال هذا إِذا حملت رجلاً فاحشاً على
رجل فاحش فلم يلبثا أَن يقع بينهما شر. وقال ابن الأَعرابي: يضرب للكريم
الذي لا يحتاج أَن تكدّه وتلح عليه). أَو مَرْخ ثم اشدُدْ إِن شئْتَ أَو
أَرْخ؛ قال أَبو حنيفة: أَخبرني بعضُ أَعراب السراة أَن العَفَارَ
شَبِيةٌ بشجرة الغُبَيراء الصغيرة، إِذا رأَيتها من بعيد لم تَشُكَّ أَنها شجرة
غُبَيراء، ونَوْرُها أَيضاً كنَوْرِها، وهو شجر خَوَّار ولذلك جاد
للزِّناد، واحدته عَفارةٌ. وعَفَارةُ: اسم امرأَة، منه؛ قال الأَعشى:
باتَتْ لِتَحْزُنَنا عَفارهْ،
يا جارتا، ما أَنْتِ جارهْ
والعَفِيرُ: لحمٌ يُجَفَّف على الرمل في الشمس، وتَعْفِيرُه: تَجْفِيفُه
كذلك. والعَفِيرُ: السويقُ المَلتوتُ بلا أُدْمٍ. وسَويقٌ عَفِير
وعَفَارٌ: لا يُلَتُّ بأُدْم، وكذلك خُبز عَفِير وعَفار؛ عن ابن الأَعرابي.
يقال: أَكلَ خُبزاً قَفاراً وعَفاراً وعَفِيراً أَي لا شيء معه. والعَفارُ:
لغة في القَفار، وهو الخبز بلا أُدم. والعَفِير: الذي لا يُهْدِي شيئاً،
المذكر والمؤنث فيه سواء؛ قال الكميت:
وإِذا الخُرَّدُ اعْتَرَرْن من المَحـ
ـلِ، وصارَتْ مِهْداؤهُنَّ عَفِيرا
قال الأَزهري: العَفِيرُ من النساء التي لا تُهْدِي شيئاً؛ عن الفراء،
وأَورد بيت الكميت. وقال الجوهري: العَفِيرُ من النساء التي لا تُهْدِي
لجارتها شيئاً.
وكان ذلك في عُفْرةِ البرد والحرّ وعُفُرَّتِهما أَي في أَولهما. يقال:
جاءنا فلان في عُفَّرةِ الحر، بضم العين والفاء لغة في أُفُرَّة الحر
وعُفْرةِ الحر أَي في شدته. ونَصْلٌ عُفارِيّ: جيِّد. ونَذِيرٌ عَفِيرٌ:
كثير، إِتباع. وحكي ابن الأَعرابي: عليه العَفارُ والدَّبارُ وسوءُ الدارِ،
ولم يفسره.
ومَعافِرُ: قبيلة؛ قال سيبويه: مَعافِر بن مُرّ فيما يزعمــون أَخو تميم
بن مُرّ، يقال: رجل مَعافِريّ، قال: ونسب على الجمع لأَن مَعافِر اسم لشيء
واحد، كما تقول لرجل من بني كلاب أَو من الضِّباب كِلابيّ وضِبابيّ،
فأَما النسب إِلى الجماعة فإِنما تُوقِع النسب على واحد كالنسب إِلى مساجد
تقول مَسْجِدِيّ وكذلك ما أَشبهه. ومَعافِر: بلد باليمن، وثوب مَعافِريّ
لأَنه نسب إِلى رجل اسمه مَعافِر، ولا يقال بضم الميم وإِنما هو معافِر
غير منسوب، وقد جاء في الرجز الفصيح منسوباً. قال الأَزهري: بُرْدٌ
مَعافِريّ منسوب إِلى معافِر اليمنِ ثمن صار اسماً لها بغير نسبة، فيقال:
مَعافِر. وفي الحديث: أَنه بعَث مُعاذاً إِلى اليمَن وأَمره أَن يأْخذ من كل
حالِمٍ ديناراً أَو عِدْلَه من المَعافِرِيّ، وهي برود باليمن منسوبة إِلى
مَعافِر، وهي قيبلة باليمن، والميم زائدة؛ ومنه حديث ابن عمر: أَنه دخل
المسجد وعليه بُرْدانِ مَعافِريّانِ. ورجل مَعافِريٌّ: يمشي مع الرُّفَق
فينال فَضْلَهم. قال ابن دريد: لا أَدري أَعربي هو أَم لا؛ وفي الصحاح: هو
المُعافِرُ بضم الميم، ومَعافِرُ، بفتح الميم: حيٌّ من هَمْدانَ لا
ينصرف في معرفة ولا نكرة لأَنه جاء على مثال ما لا ينصرف من الجمع، وإِليهم
تنسب الثياب المَعافِريَّة. يقال: ثوب مَعافِريٌّ فتصرفه لأَنك أَدخلت
عليه ياء النسبة ولم تكن في الواحد. وعُفَيْرٌ وعَفَار ويَعْفور ويَعْفُرُ:
أَسماء. وحكي السيرافي: الأَسْودَ بن يَعْفُر ويُعْفِر ويُعْفُر، فأَما
يَعْفُر ويُعْفِر فأَصْلانِ، وأَما يُعْفُر فعلى إِتباع الياء ضمة الفاء،
وقد يكون على إِتباع الفاء من يُعْفُر ضمة الياء من يُعْفُر، والأَسود بن
يَعْفُر الشاعر، إِذا قُلْتَه بفتح الياء لم تصرفه، لأَنه مثل يَقْتُل.
وقال يونس: سمعت رؤبة يقول أَسود بن يُعْفُر، بضم الياء، وهذا ينصرف
لأَنه قد زال عنه شبَهُ الفعل. ويَعْفَورٌ: حمارُ النبي، صلى الله عليه وسلم،
وفي حديث سعد ابن عُبادة: أَنه خرج على حِمارِه يَعْفور ليعودَه؛ قيل:
سُمِّيَ يَعْفوراً لكونه من العُفْرة، كما يقال في أَخْضَر يَخْضور، وقيل:
سمي به تَشْبِيهاً في عَدْوِه باليَعْفور، وهو الظَّبْيُ. وفي الحديث:
أَن اسم حمار النبي، صلى الله عليه وسلم، عُفَيْر، وهو تصغير ترخيم
لأَعْفَر من العُفْرة، وهي الغُبْرة ولون التراب، كما قالوا في تصغير أَسْوَد
سُوَيْد، وتصغيره غير مرخم: أُعَيْفِر كأُسَيْودِ. وحكي الأَزهري عن ابن
الأَعرابي: يقال للحمار الخفيف فِلْوٌ ويَعْفورٌ وهِنْبِرٌ وزِهْلِق.
وعَفْراء وعُفَيرة وعَفارى: من أَسماء النساء. وعُفْر وعِفْرَى: موضعان؛
قال أَبو ذؤيب:
لقد لاقَى المَطِيَّ بنَجْدِ عُفْرٍ
حَدِيثٌ، إِن عَجِبْتَ له، عَجِيبُ
وقال عدي بن الرِّقَاع:
غَشِيتُ بِعِفْرَى، أَو بِرجْلَتِها، رَبْعَا
رَماداً وأَحْجاراً بَقِينَ بها سُفْعا
عزم: العَزْمُ: الجِدُّ. عَزَمَ على الأَمر يَعْزِمُ عَزْماً ومَعْزَماً
ومَعْزِماً وعُزْماً
وعَزِيماً وعَزِيمةً وعَزْمَةً واعْتَزَمَه واعْتَزمَ عليه: أَراد
فِعْلَه. وقال الليث: العَزْمُ ما عَقَد عليه قَلْبُك من أَمْرٍ أَنَّكَ
فاعِلُه؛ وقول الكميت:
يَرْمي بها فَيُصِيبُ النَّبْلُ حاجَته
طَوْراً، ويُخْطِئُ أَحْياناً فيَعْتَزِمُ
قال: يَعودُ في الرَّمْي فَيَعْتَزِمُ
على الصواب فيَحْتَشِدُ فيه، وإِن شئت قلت يَعْتزِمُ على الخطإِ
فَيَلِجُ فيه إن كان هَجاهُ. وتَعَزَّم: كعَزَم؛ قال أَبو صخر الهذلي:
فأَعْرَضنَ، لَمَّا شِبْتُ، عَني تَعَزُّماً،
وهَلْ لِيَ ذَنْبٌ في اللَّيالي الذُّواهِبِ؟
قال ابن بري: ويقال عَزَمْتُ على الأَمر وعَزَمْتُه؛ قال الأَسْود بن
عُمارة النَّوْفَليُّ.
خَلِيلَيَّ منْ سُعْدَى، أَلِمّاً فسَلِّمَا
على مَرْيَمٍ، لا يُبْعِدُ اللهُ مَرْيَمَا
وقُولا لها: هذا الفراقُ عَزَمْتِه
فهلْ مَوْعِدٌ قَبْل الفِراقِ فيُعْلَما؟
وفي الحديث: قال لأَبي بَكْرٍ مَتى تُوتِرُ؟ فقال: أَوَّلَ الليلِ، وقال
لِعُمَر: متى تُوتِرُ؟ قال: مِن آخرِ
الليلِ، فقال لأَبي بَكرٍ: أَخَذْتَ بالحَزْم، وقال لِعُمَر: أَخَذْتَ
بالعَزْمِ؛ أَراد أَن أَبا بكرٍ حَذِرَ فَوات الوِتْرِ بالنَّوْم فاحْتاطَ
وقدَّمَه، وأَن عُمَر وَثِقَ بالقوّةِ على قيام الليل فأَخَّرَه، ولا
خَيرَ في عَزْمٍ بغير حَزْمٍ، فإِن القُوَّة إِذا لم يكن معها حَذَرٌ
أَوْرَطَتْ صاحبَها. وعَزَمَ الأَمرُ: عُزِمَ عليه. وفي التنزيل: فإِذا عَزَمَ
الأَمرُ؛ وقد يكون أَراد عَزَمَ أَرْبابُ الأَمْرِ؛ قال الأَزهري: هو
فاعل معناه المفعول، وإنما يُعْزَمُ الأَمرُ ولا يَعْزِم، والعَزْمُ
للإنسان لا لِلأمرَِ، وهذا كقولهم هَلكَ الرجلُ، وإنما أُهْلِك. وقال الزجاج في
قوله فإذا عَزَمَ الأَمرُ: فإذا جَدَّ الأَمرُ ولَزِمَ فَرْضُ القتال،
قال: هذا معناه، والعرب تقول عَزَمْتُ الأمرَ وعَزَمْتُ عليه؛ قال الله
تعالى: وإن عَزَموا الطَّلاقَ فإن الله سميع عليم. وتقول: ما لِفلان
عَزِيمةٌ أي لا يَثْبُت على أمرٍ يَعْزِم عليه. وفي الحديث: أنه، صلى الله عليه
وسلم، قال: خَيرُ الأُمُورِ عَوازِمُها أي فَرائِضُها التي عَزَمَ اللهُ
عليك بِفِعْلِها، والمعنى ذواتُ عَزْمِها التي فيه عَزْمٌ، وقيل: معناه
خيرُ الأُمورِ ما وَكَّدْتَ رَأْيَك وعَزْمَك ونِيَّتَك عليه وَوَفَيْتَ
بعهد الله فيه. وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إن الله يُحِبُّ أن
تُؤتَى رُخَصُه كما يُحِبُّ أن تُؤتَى عَزائِمُه؛ قال أبو منصور:
عَزائِمُه فَرائِضُه التي أَوْجَبَها الله وأَمَرنا بها. والعَزْمِيُّ من الرجال:
المُوفي بالعهد. وفي حديث الزكاة: عَزْمةٌ مِنْ عَزَماتِ اللهِ أي حَقٌّ
مِنْ حُقوقِ الله وواجبٌ مِنْ واجباته. قال ابن شميل في قوله تعالى:
كُونوا قِرَدَةً؛ هذا أَمرٌ عَزْمٌ، وفي قوله تعالى: كُونوا رَبَّانِيِّينَ؛
هذا فرْضٌ وحُكْمٌ. وفي حديث أُمّ سَلَمة: فَعزَمَ اللهُ لي أي خَلَقَ
لي قُوَّةٌ وصبْراً. وعَزَم عليه ليَفْعَلنَّ: أَقسَمَ. وعَزَمْتُ عليكَ
أي أَمَرْتُك أمراً جِدّاً، وهي العَزْمَةُ. وفي حديث عُمر: اشْتدَّتِ
العزائمُ؛ يريد عَزَماتِ الأُمراء على الناس في الغَزْو إلى الأقطار البعيدة
وأَخْذَهُم بها. والعزائمُ: الرُّقَى. وعَزَمَ الرَّاقي: كأَنه أَقْسَمَ
على الدَّاء. وعَزَمَ الحَوَّاءُ إذا اسْتَخْرَجَ الحيّة كأَنه يُقْسِم
عليها. وعزائمُ السُّجودِ: ما عُزِمَ على قارئ آيات السجود أن يَسْجُدَ
لله فيها. وفي حديث سجود القرآن: ليستْ سَجْدَةُ صادٍ من عزائِمِ
السُّجودِ. وعزائمُ القُرآنِ: الآياتُ التي تُقْرأُ على ذوي الآفاتِ لما يُرْجى
من البُرْءِ بها. والعَزِيمةُ مِنَ الرُّقَى: التي يُعزَمُ بها على
الجِنّ والأَرواحِ. وأُولُو العَزْمِ من الرُّسُلِ: الذينَ عَزَمُوا على أَمرِ
الله فيما عَهِدَ إليهم، وجاء في التفسير: أن أُولي العَزْمِ نُوحٌ
(*
قوله «نوح إلخ» قد اسقط المؤلف من عددهم على هذا القول سيدنا عيسى عليه
الصلاة والسلام كما في شرح القاموس) وإبراهيمُ وموسى، عليهم السلام،
ومحمّدٌ، صلى الله عليه وسلم، مِنْ أُولي العَزْم أَيضاً. وفي التنزيل:
فاصْبِرْ كما صَبَرَ أُولو العَزْمِ، وفي الحديث: ليَعْزِم المَسأَلة أي يَجِدَّ
فيها ويَقْطَعها. والعَزْمُ: الصَّبْرُ. وقوله تعالى في قصة آدمَ:
فنَسِيَ ولم نَجدْ له عَزْماً؛ قيل: العَزْمُ والعَزِيمةُ هنا الصَّبرُ أي لم
نَجِدْ له صَبْراً، وقيل: لم نَجِدْ له صَرِيمةً ولا حَزْماً فيما
فَعَلَ، والصَّرِيمةُ والعَزِيمةُ واحدةٌ، وهي الحاجة التي قد عَزَمْتَ على
فِعْلِها. يقال: طَوَى فلانٌ فُؤادَه على عَزِيمةِ أمرٍ إذا أَسرَّها في
فُؤادِه، والعربُ تقولُ: ما لَه مَعْزِمٌ ولا مَعْزَمٌ ولا عَزِيمةٌ ولا
عَزْمٌ ولا عُزْمانٌ، وقيل في قوله لم نَجِدْ له عَزْماً أي رَأْياً
مَعْزوماً عليه، والعَزِيمُ والعزيمةُ واحدٌ. يقال: إنَّ رأْيَه لَذُو عَزِيمٍ.
والعَزْمُ: الصَّبْرُ في لغة هذيل، يقولون: ما لي عنك عَزْمٌ أي صَبْرٌ.
وفي حديث سَعْدٍ: فلما أصابَنا البَلاءُ اعْتَزَمْنا لذلك أي
احْتَمَلْناه وصبَرْنا عليه، وهو افْتَعَلْنا من العَزْم. والعَزِيمُ: العَدْوُ
الشديد؛ قال ربيعة بن مَقْرُومٍ الضَّبّيُّ:
لولا أُكَفْكِفُه لكادَ، إذا جَرى
منه العَزِيمُ، يَدُّقُّ فَأْسَ المِسْحَلِ
والاعْتِزامُ: لزُومُ القَصدِ في الحُضْر والمَشْي وغيرهما؛ قال رؤبة:
إذا اعْتَزَمْنَ الرَّهْوَ في انْتِهاضِ
والفَرسُ إذا وُصِفَ بالاعْتِزامِ فمعناه تَجْلِيحُه في حُضْرِه غير
مُجِيبٍ لراكبِه إذا كَبَحَه؛ ومنه قول رؤبة:
مُعْتَزِم التَّجْلِيحِ مَلاَّخ المَلَق
واعْتَزَمَ الفَرَسُ في الجَرْيِ: مَرَّ فيه جامِحاً. واعْتَزَمَ الرجلُ
الطريقَ يَعْتَزِمُه: مَضَى فيه ولم يَنْثَنِ؛ قال حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ:
مُعْتَزِماً للطُّرُقِ النَّواشِطِ
والنَّظَرِ الباسِطِ بَعْدَ الباسِطِ
وأُمُّ العِزْم وأُمُّ عِزْمَةَ وعِزْمةُ: الاسْتُ. وقال الأَشْعَث
لعَمْرو بن مَعْديكربَ: أمَا واللهِ لئِن دَنَوْتَ لأُضْرِطَنَّكَ قال:
كلاَّ، والله إنها لَعَزُومٌ مُفَزَّعَةٌ؛ أراد بالعَزُومِ اسْته أي صَبُورٌ
مُجِدّةٌ صحيحةُ العَقْدِ، يريد أَنها ذاتُ عَزْمٍ وصرامةٍ وحَزْمٍ
وقُوَّةٍ، ولَيْسَتْ بِواهِيةٍ فتَضْرطَ، وإنما أراد نَفْسَه، وقوله
مُفَزَّعَةٌ بها تَنْزِل الأَفزاعُ فتجْلِيها. ويقال: كَذَبَتْه أُمُّ
عِزْمَة.والعَزُومُ والعَوْزَمُ والعَوْزَمَةُ: الناقةُ المُسِنَّةُ وفيها
بَقِيَّةُ شَبابٍ؛ أَنشد ابن الأعرابي للمَرَّارِ الأَسَدِيِّ:
فأَمَّا كلُّ عَوْزَمةٍ وبَكرٍ،
فمِمَّا يََسْتَعِينُ به السَّبِيلُ
وقيل: ناقة عَوْزَمٌ أَكِلَتْ أَسْنانُها من الكِبَر، وقيل: هي
الهَرِمَةُ الدِّلْقِمُ. وفي حديث أَنجَشةَ: قال له رُوَيْدَكَ سَوْقاً
بالعَوازِمِ؛ العَوازِمُ: جمعُ عَوْزَمٍ وهي الناقةُ المُسِنَّة وفيها بَقِيَّةٌ،
كَنَى بها عن النِّساء كما كَنَى عنهنّ بالقوارير، ويجوز أن يكون أَرادَ
النُّوق نفسَها لضَعفها. والعَوْزَم: العجوز؛ وأَنشد الفراء:
لقدْ غَدَوْتُ خَلَقَ الأثوابِ،
أحمِلُ عِدْلَينِ من التُّرابِ
لعَوْزَمٍ وصِبْيةٍ سِغابِ،
فآكِلٌ ولاحِسٌ وآبِي
والعُزُمُ: العجائز، واحدتهنّ عَزُومٌ. والعَزْمِيُّ: بَيّاع الثَّجير.
والعُزُمُ: ثَجِير الزَّبيب، واحدها عَزْمٌ. وعُزْمةُ الرجل: أُسرَتُه
وقبيلته، وجماعتها العُزَمُ. والعَزَمة: المصحِّحون للموَدَّة.