صورة كتابية صوتية من يربوع: حيوان يشبه الفأر الصغير ويعني لدى العامة الحقير.
صورة كتابية صوتية من يربوع: حيوان يشبه الفأر الصغير ويعني لدى العامة الحقير.
دسم: الدَّسَمُ: الوَدكُ، وفي التهذيب: كل شيء له ودَكٌ من اللحم
والشحم، وشيء دَسِمٌ وقد دَسِمَ، بالكسر، يَدْسَمُ فهو دَسِمٌ
وتَدَسّمَ؛ أَنشد سيبويه لابن مُقْبِلٍ:
وقِدْر ككَفِّ القِرْدِ لا مُسْتَعِيرُها
يُعارُ، ولا مَنْ يَأتِها يَتَدَسَّمُ
والدِّسَمُ: الوَضَرُ والدَّنَسُ؛ قال:
لاهُمَّ، إنَّ عامِرَ بن جَهْمِ
أَوْذَمَ حَجّاً في ثِيابٍ دُسْمِ
يعني أَنه حَجَّ وهو مُتَدَنِّسٌ بالذنوب، وأَوْذَمَ الحَجَّ: أَوجبه.
وتَدْسِيم الشيء: جَعْلُ الدَّسَمِ عليه. وثياب دُسْمٌ: وَسِخَةٌ. ويقال
للرجل إذا تَدَنَّسَ بمَذامِّ الأَخلاق: إنه لَدَسِمُ الثوبِ، وهو كقولهم:
فلان أَطْلَسُ الثوبِ. وفلان أدْسَم الثوب ودَنِسُ الثوب إذا لم يكن
زاكياً؛ وقول رؤبة يصف سَيْحَ ماءٍ:
مُنْفَجِرَ الكَوْكَبِ أَو مَدْسُوما،
فَخِمْنَ، إذْ هَمَّ بأنْ يَخِيما
المُنْفَجِرُ: المُنْفَتِحُ الكثير الماء، وكَوْكَبُ كلِّ شيء: معظمه،
والمَدْسُومُ: المَسْدُودُ، والدَّسْمُُ: حَشْوُ الجوف. ودَسَمَ الشيءَ
يَدْسُمُهُ، بالضم، دَسْماً: سَدَّهُ؛ قال رؤبة يصف جُرْحاً:
إذا أَرَدْنا دَسْمَهُ تَنَفَّقا،
بناجِشات المَوْتِ، أَو تَمطَّقا
ويروى: إذا أَرادوا دَسْمَهُ، وتَنَفَّقَ: تشقق من جوانبه وعَمِل في
اللحم كهيئة الأنْفاقِ، الواحد نَفَقٌ، وهو كالسَّرَبِ، ومنه اشْتُقَّ
نافِقاءُ الــيَرْبُوع، والناجِشاتُ: التي تُظْهِرُ الموتَ ونستخرجه، وناجِشُ
الصَّيد: مُسْتَخْرِجُهُ منموضعه، والتَّمَطُّقُ: التَّلَمُّظُ.
والدِّسامُ: ما دُسِمَ به. ما دُسِمَ به. الجوهري: الدِّسامُ، بالكسر،
ما تُسَدُّ به الأُذن والجرح ونحو ذلك، تقول منه: دَسَمْتُهُ أَدْسُمُهُ،
بالضم، دَسْماً. والدِّسامُ: السِّدادُ، وهو ما يُسَد به رأس القارورة
ونحوها. وفي بعض الأحاديث: إن للشيطان لَعُوقاً ودِساماً؛ الدِّسامُ: ما
تسد به الأُذن فلا تَعِي ذِكْراً ولا موعظة، يعني أَن له سِداداً يمنع به
من رؤية الحق؛ وكل شيء سَدَدْتَهُ فقد دَسَمْتَهُ دَسْماً، يعني أَن
وَساوِسَ الشيطان مهْما وَجَدتْ مَنْفَذاً دخلتْ فيه. ودَسَمَ القارورة
دَسْماً: شدَّ رأسها.
والدُّسْمَةُ: ما يُشَدُّ به خَرْقُ السِّقاء. وفي حديث الحسن في
المُسْتَحاضة: تغتسل من الأُولى إلى الأُولى وتَدْسُمُ ما تحتها، قال أَي
تَسُدّ فَرْجَها وتحتشي من الدِّسامِ السِّدادِ.
والدُّسْمَةُ: غُبْرَةٌ إلى السواد، دَسِمَ وهو أَدْسَمُ. ابن
الأَعرابي: الدُّسْمَةُ السواد، ومنه قيل للحَبشيّ: أَبو دُسْمَةَ. وفي حديث
عثمان: رأَى صَبِيّاً تأْخذه العينُ جَمالاً، فقال: دَسِّمُوا نُونَتَهُ أَي
سَوِّدُوها لئلا تصيبه العين، قال: ونُونَتُهُ الدائرة المَليحةُ التي في
حَنَكه، لتردّ العين عنه.وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه خطب
وعلى رأْسه عمامة دَسْماء أَي سوداء؛ وفي حديث آخر: خرج وقد عَصَبَ رأسه
بعمامة دَسِمَةٍ. وفي حديث هند: قالت يوم الفتح لأَبي سُفْيان اقتلوا هذا
الدَّسِمَ الأَحْمَشَ أَي الأَسود الدنيء. والدُّسْمَةُ: الرَّديء من
الرجال، وقيل: الدَّنيء من الرجال، وقيل: الدُّسْمَةُ الرَّديء الرَّذْلُ؛
أَنشد أَبو عمرو لبشير الفِرَبْريّ:
شَنِئْتُ كلَّ دُسْمَةٍ قِرْطَعْنِ
ابن الأَعرابي: الدَّسِيمُ القليلُ الذِّكْرِ، وفي حديث أَبي
الدَّرْداء: أَرَضِيتمْ إن شبعتم عاماً لا تَذْكرون الله إلا دَسْماً، يريد ذِكْراً
قليلاً، من التَّدْسِيم وهو السواد الذي يُجْعَلُ خلف أُذن الصبيِّ
لكيلا تصيبه العين، ولا يكون إلا قليلاً؛ وقال الزمخشري: هو من دَسَمَ
المطرُ الأرْضَ إذا لم يبلغ أن يَبُلَّ الثَّرَى. والدَّسِيمُ: القليل الذكر،
ومنه قوله لا تذكرون الله إلا دَسْماً؛ قال ابن الأَعرابي: يكون هذا
مَدْحاً ويكون ذمّاً، فإذا كان مدحاً فالذكر حَشْوُ قلوبِهِمْ وأَفواهِهِمْ،
وإن كان ذمّاً فإنما هم يذكرون الله ذكراً قليلاً من التَّدْسِيم، قال:
ومثله أَن رجلاً بين يَدَيْ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال:
ذاك رجل لا يَتَوَسَّدُ القرآن؛ يكون هذا أيضاً مدحاً وذمّاً، فالمدح أَنه
لا ينام الليل فلا يَتَوَسَّدُ فيكون القرآن مُتَوَسَّداً معه، والذم
أنه لا يَحْفَطُ من القرآن شيئاً، فإذا نام لم يَتَوَسَّدُ معه القرآن، قال
الأَزهري: والقول هو الأول، وقيل: معناه لا يذكرون الله إلا دَسْماً أي
ما لهم هَمٌّ إلا الأَكل ودَسْم الأَجواف، قال: ونصب دَسْماً على
الخلاف.ودَسَمَ المطرُ الأرضَ: بَلَّها ولم يُبالِغْ.
ويقال: ما أَنت إلاَّ دُسْمَةٌ أي لا خير فيه.
ويقال للرجل إذا غَشِيَ جاريَتَهُ: قد دَسَمها. ودَسَم المرأَة دَسْماً:
نكحها؛ عن كراع. ودُسْمانُ: موضع.
والدَّيْسَمُ: الثعلب، وقيل: وَلَدُ الثعلب من الكَلْبَة. والدَّيْسَمُ:
ولد الذئْب من الكلبة، وقيل: ولد الدُّبِّ، وقيل: قَرْخُ النحل
(* قوله
«فرخ النحل» بالحاء المهملة كما في القاموس والتكملة والمحكم)، وقال ابن
الأَعرابي: الدَّيْسَمُ الدُّبُّ؛ وأَنشد:
إذا سَمعَتْ صَوْتَ الوَبِيل، تَشَنَّعَتْ
تَشَنُّعَ فُدْسِ الغارِ، أو دَيْسَمٍ ذَكَر
وقال المبرد: الدَّيْسَمُ ولد الكلبة من الذئب، والسِّمْعُ ولد الضبع من
الذئب. الجوهري: الدَّيْسَمُ ولد الدُّبِّ، قال: وقلت لأَبي الغَوْث
يقال إنه ولد الذِّئْبِ من الكلبة فقال: ما هو إلا ولد الدُّبِّ. ودَسَمَ
الأَثَرُ: مثل طَسَمَ. والدَّيْسَمُ: الظُّلْمةُ. ودَيْسَم: اسم؛ أَنشد ابن
دُرَيْدٍ:
أَخشى على دَيْسَمَ من بَردِ الثَّرَى،
أَبى قَضاءُ الله إلا ما تَرَى
تَرَكَ صَرْفه للضرورة. وسُئِلَ أَبو الفتح صاحِبُ قُطْرُبٍ، واسم أبي
الفتح دَيْسَم، فقال: الدَّيْسَمُ
(* قوله «ديسم فقال ديسم إلخ» هكذا في
الأصل ومثله في التهذيب، وعبارة التكلمة: واسم أبي الفتح ديسم ما الديسم؟
فقال إلخ) الذُّرَة. وفي الصحاح: الدَّيْسمَةُ الذرة. والدَّيْسَمُ:
نبات.
غزل: غَزَلَت المرأَة القطن والكتان وغيرهما تَغْزله غَزْلاً، وكذلك
اغْتَزَلَتْه وهي تَغْزِل بالمِغْزل، ونسوةٌ غُزَّلٌ غَوازُِلُ؛ قال جندل بن
المثنى الحارثي:
كأَنه، بالصَّحْصَحانِ الأَنْجَلِ،
قُطْنٌ سُخامٌ بأَيادي غُزَّلِ
على أَن الغُزَّلَ قد يكون هنا الرجالَ لأَن فُعَّلاً في جمع فاعلٍ من
المذكر أَكثر منه في جمع فاعِلة. والغَزْلُ أَيضاً: المغزول. والغَزْلُ:
ما تغْزِلُه مذكر، والجمع غُزول؛ قال ابن سيده: وسمى سيبويه ما تنسجه
العنكبوت غَزْلاً فقال في قول العجاج:
كأَنّ نَسْجَ العنكبوت المُرْمَل
الغَزْلُ: مذكر، والعنكبوت أُنثى، كذا قال الغَزْل مذكر وأَضرب عن ذكر
النسج الذي في شعر العجاج؛ واستعمال أَبو النجم الغزل في الجبل
(* قوله
«في الجبل» هكذا في الأصل) فقال:
يَنْفِشُ منه الموت ما لا تَغْزِلُه
واسم ما تَغْزلُ به المرأَة المِغْزَلُ والمُغْزَلُ والمَغْزَلُ، تميم
تكسر الميم وقيس تضمها، والأَخيرة أَقلها، والأَصل الضم، وإِنما هو مِنْ
أُغْزِلَ أَي أُدِيرَ وفُتِل. وأَغْزَلَت المرأَة: أَدارت المِغْزَلَ؛ قال
الشاعر:
من السَّيْلِ والغُثَّاءِ فَلْكة مِغْزَل
قال الفراء: وقد استثقلت العرب الضمة في حروف وكسرت ميمها، وأَصلها
الضم، من ذلك مِصْحَف ومِخْدَع ومِجْسَد ومِطْرَف ومِغْزَل، لأَنها في المعنى
أُخذت من أُصْحِف أَي جُمعت فيه الصحف، وكذلك المِغْزَل إِنما هو من
أُغْزِل أَي فُتِل وأُدير فهو مُغْزَل، وفي كتاب لقوم من اليهود: عليكم كذا
وكذا ورُبع المغْزل أَي ربع ما غَزَلَ نساؤكم؛ قال ابن الأَثير: هو
بالكسر الآلة، وبالفتح موضع الغَزْل، وبالضم ما يجعل فيه الغَزْل، وقيل: هو
حُكْم خص به هؤلاء.
والمُغَيْزِل: حبل دقيق؛ قال ابن سيده: أَراه شُبّه بالمِغْزل لدقته؛
قال: حكى ذلك الحِرْمازي؛ وأَنشد:
وقال اللَّواتي كنّ فيها يَلُمْنَني:
لعل الهوى، يوم المُغَيزِل، قاتِلُهْ
والغَزَلُ: حديثُ الفِتْيان والفَتَيات. ابن سيده: الغَزَلُ اللهو مع
النساء، وكذلك المَغْزَلُ؛ قال:
تقول لِيَ العَبْرَى المُصابُ حَلِيلُها:
أَيا مالكٌ هل في الظَّعائِن مَغْزَلُ؟
ومُغازَلَتُهنّ: مُحادثتُهن ومُراوَدتُهنَّ، وقد غازَلَها،
والتَّغَزُّلُ: التكلّف لذلك؛ وأَنشد:
صُلْب العَصا جافٍ عن التَّغَزُّل
تقول: غازَلْتُها وغازَلَتْني، وتَغَزَّلَ أَي تكلف الغَزَلَ، وقد
غَزِلَ غَزلاً وقد تَغَزَّلَ بها وغازَلَها وغازَلَتْه مُغازَلة. ورجل غَزِلٌ:
مُتَغَزِّلٌ بالنساء على النسب أَي ذو غَزَلٍ. وفي المثل: هو أَغْزَلُ
من امرئ القيس. والعرب تقول: أَغْزَلُ من الحُمَّى؛ يريدون أَنها معتادة
للعليل متكررة عليه فكأَنها عاشقة له مُتَغَزلة به. ورجل غَزِلٌ: ضعيف عن
الأَشياء فاترٌ فيها؛ عن ابن الأَعرابي. وغازَلَ الأَرْبَعين: دَنا
منها؛ عن ثعلب.
والغَزالُ من الظِّباء: الشادِنُ قَبْل الإِثْناءِ حين يتحرك ويمشي،
وتشبه به الجارية في التشبيب فيذكّر النعت والفعل على تذكير التشبيه، وقيل:
هو بَعْد الطَّلا، وقيل: هو غَزالٌ من حين تَلِدُهُ أُمُّه إِلى أَن يبلغ
أَشَدَّ الإِحْضار، وذلك حين يَقْرُن قوائمه فيضعها معاً ويرفعها معاً،
والجمع غِزْلة وغِزْلانٌ مثل غِلْمة وغِلْمان، والأُنثى بالهاء، وقد
أَغْزَلَت الظبيةُ. وظبية مُغْزِلٌ: ذات غَزال. وغَزِلَ الكلبُ، بالكسر،
غَزَلاً إِذا طلب الغَزَالَ حتى إِذا أَدركه وثَغا من فَرَقِه انصرف منه
ولهِيَ عنه. ابن الأَعرابي: الغَزَلُ مِنْ غَزِلَ الكلبُ، بالكسر، أَي فَتَر
وهو أَن يطلب الغَزال فإِذا أَحسَّ بالكلب خَرِقَ أَي لَصِقَ بالأَرض
ولَهِيَ عنه الكلبُ وانصرف، فيقال: غَزِلَ واللهِ كلبُك، وهو كلب غَزِلٌ.
ويقال للضعيف الفاتر عن الشيء: غَزِلٌ، ومنه: رجل غَزِلٌ لصاحب النساء
لضعفه عن غير ذلك.
والغَزالةُ: الشمس، وقيل: هي الشمس عند طلوعها، يقال: طلعت الغَزالةُ
ولا يقل غابت الغَزالةُ، ويقال: غرَبت الجَوْنةُ، وإِنما سميت جَوْنةً
لأَنها تَسْودّ عند الغُروب، ويقال: الغَزالةُ الشمس إِذا ارتفع النهار،
وقيل: الغَزالةُ عين الشمس، وغَزالةُ الضحى وغَزالاتُه بعدما تنبسط الشمس
وتُضْحي، وقيل: هو أَول الضحى إِلى مَدِّ النهار الأَكْبَرِ حتى يمضي من
النهار نحوٌ من خُمُسِه. يقال: أَتيتُه غَزالاتِ الضُّحى؛ قال:
يا حَبَّذا، أَيامَ غَيْلانَ، السُّرى
ودَعْوةُ القوم: أَلا هل مِنْ فتًى
يَسُوق بالقوم غَزالاتِ الضحى؟
وأَنشد أَبو عبيد لعُتَيبة بن الحرث الــيربوعــي:
تَرَوَّحْنا من اللَّعْباءِ عَصْراً،
فأَعْجَلْنا الغَزالةَ أَن تَؤُوبا
ويقال: فأَعجلنا الإِلاهةَ وهي المَهاة. ويقال: جاءنا فُلان في غَزالةِ
الضحى؛ قال ذو الرمة:
فأَشرفْتُ، الغزالةَ، رأْسَ حُزْوى
أَراقِبُهم، وما أغنى قِبالا
يعني الأَظْعانَ، ونصب الغزالة على الظرف. وقال ابن خالويه: الغزالة في
بيت ذي الرمة الشمس، وتقديرُه عنده فأَشرفتُ طلوعَ الغَزالةِ، ورأْس
حُزْوى مفعول أَشْرَفْت، على معنى علَوْت أَي علوت رأْس حزوى طلوع الشمس،
وجمعُ غَزالةِ الضحى غَزالاتٌ؛ قال:
دَعَتْ سُلَيْمى دَعْوَةً: هل مِنْ فَتًى
يَسُوقُ بالقوم، غَزالاتِ الضُّحى؟
وغَزالةُ والغَزالةُ: المرأَة الحَرُوريّة معروفة، سميت بأَحد هذه
الأَشياء؛ قال أَيْمُنُ بن خُرَيم:
أَقامَت غَزالةُ سُوقَ الضِّراب،
لأَهْلِ العِراقَيْن، حَوْلاً قَمِيطا
وقال آخر:
هلاَّ كَرَرْتَ على غَزالَة في الوَغى؟
بل كان قَلْبُك في جَناحَيْ طائر
(* هذا البيت لعمران بن حِطّان يتهكم فيه الحجَّاج، وفي رواية أخرى:
هلاّ برزت الى غزالة في الوغى).
وغَزالُ شَعْبانَ: ضربٌ من الجنادب. وغَزالٌ: موضع؛ قال سويد بن عمير
الهذلي:
أَقْرَرْت لمَّا أَن رأَيت عَدِيَّنا،
ونَسِيت ما قدّمْت يومَ غَزالِ
وفَيْفاء غَزالٍ، وقَرْنُ غزال: موضعان. والغَزالةُ: عُشْبة من
السُّطَّاح ينفرش على الأَرض يخرج من وسطه قضيب طويل يُقْشَر ويؤكل حلواً. ودمُ
الغَزال: نبات شبيه بنبات البقلة التي تسمى الطَّرْخُون، يؤكل وله حُروفة،
وهو أَخضر وله عِرق أَحمر مثل عرق الأَرْطاة تخطِّط بمائه مَسَكاً
حُمْراً في أَيديهن. وغَزال وغُزَيّل: اسمان.
غبط: الغِبْطةُ: حُسْنُ الحالِ. وفي الحديث: اللهم غَبْطاً لا هَبْطاً،
يعني نسأَلُك الغِبْطةَ ونَعوذُ بك أَن نَهْبِطَ عن حالِنا. التهذيب:
معنى قولهم غَبْطاً لا هَبْطاً أَنَّا نسأَلُك نِعْمة نُغْبَطُ بها، وأَن لا
تُهْبِطَنا من الحالةِ الحسنَةِ إِلى السيئةِ، وقيل: معناه اللهم
ارْتِفاعاً لا اتِّضاعاً، وزيادةً من فضلك لا حَوْراً ونقْصاً، وقيل: معناه:
أَنزلنا مَنْزِلة نُغْبَطُ عليها وجَنِّبْنا مَنازِلَ الهُبوطِ والضَّعةِ،
وقيل: معناه نسأَلك الغِبْطةَ، وهي النِّعْمةُ والسُّرُورُ، ونعوذُ بك من
الذُّلِّ والخُضوعِ.
وفلان مُغْتَبِطٌ أَي في غِبْطةٍ، وجائز أَن تقول مُغْتَبَطٌ، بفتح
الباء. وقد اغْتَبَطَ، فهو مُغْتَبِطٌ، واغْتُبِطَ فهو مُغْتَبَطٌ، كل ذلك
جائز. والاغْتِباطُ: شُكرُ اللّهِ على ما أَنعم وأَفضل وأَعْطى، ورجل
مَغْبوطٌ. والغِبْطةُ: المَسَرَّةُ، وقد أَغْبَطَ.
وغَبَطَ الرجلَ يَغْبِطُه غَبْطاً وغِبْطةً: حسَدَه، وقيل: الحسَدُ أَن
تَتَمنَّى نِعْمته على أَن تتحوّل عنه، والغِبْطةُ أَن تَتَمنَّى مثل حال
المَغْبوطِ من غير أَن تُريد زوالها ولا أَن تتحوّل عنه وليس بحسد، وذكر
الأَزهري في ترجمة حسد قال: الغَبْطُ ضرْب من الحسَد وهو أَخفّ منه،
أَلا ترى أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، لما سئل: هل يَضُرُّ الغَبْطُ؟
قال: نعم كما يضرُّ الخَبْطُ، فأَخبر أَنه ضارٌّ وليس كضَرَرِ الحسَدِ
الذي يتمنى صاحبُه زَيَّ النعمةِ عن أَخيه؛ والخَبْطُ: ضرْبُ ورق الشجر حتى
يَتَحاتَّ عنه ثم يَسْتَخْلِفَ من غير أَن يضرّ ذلك بأَصل الشجرة
وأَغْصانها، وهذا ذكره الأَزهري عن أَبي عبيدة في ترجمة غبط، فقال: سُئل
النبيُّ، صلّى اللّه عليه وسلّم: هل يضرُّ الغَبْطُ؟ فقال: لا إِلاَّ كما يضرّ
العِضاهَ الخَبْطُ، وفسّر الغبطَ الحسَدَ الخاصّ. وروي عن ابن السكيت
قال: غَبَطْتُ الرجل أَغْبِطُه غَبْطاً إِذا اشتهيْتَ أَن يكون لك مثلُ ما
لَه وأَن لا يَزول عنه ما هو فيه، والذي أَراد النبي، صلّى اللّه عليه
وسلّم، أَن الغَبْط لا يضرُّ ضرَر الحسَدِ وأَنَّ ما يلحق الغابِطَ من
الضَّررِ الراجعِ إِلى نُقصان الثواب دون الإِحْباط، بقدر ما يلحق العِضاه من
خبط ورقها الذي هو دون قطعها واستئصالها، ولأَنه يعود بعد الخبط ورقُها،
فهو وإِن كان فيه طرَف من الحسد فهو دونه في الإِثْم، وأَصلُ الحسدِ
القَشْر، وأَصل الغَبْطِ الجَسُّ، والشجر إِذا قُشِر عنها لِحاؤها يَبِسَت
وإِذا خُبِط ورقُها استخلَف دون يُبْس الأَصل. وقال أَبو عَدْنان: سأَلت
أَبا زيد الحنظلي عن تفسير قول سيدنا رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم:
أَيضر الغبطُ؟ قال: نعم كما يَضُرُّ العِضاهَ الخبطُ، فقال: الغبْط أَن
يُغْبَطَ الإِنسانُ وضَرَرُه إِيّاه أَن تُصِيبَه نفس، فقال الأَبانيُّ: ما
أَحسنَ ما استَخْرجها تُصِيبه العينُ فتُغيَّر حالُه كما تُغَيَّرُ
العِضاهُ إِذا تحاتّ ورقُها. قال: والاغْتِباطُ الفَرَحُ بالنِّعمة. قال
الأَزهري: الغَبْطُ ربما جلَبَ إِصابةَ عين بالمَغْبُوطِ فقام مَقام
النَّجْأَةِ المَحْذُورةِ، وهي الإِصابةُ بالعين، قال: والعرب تُكنّي عن الحسد
بالغَبْط. وقال ابن الأَعرابي في قوله: أَيضر الغبط؟ قال: نعم كما يضر
الخبط، قال: الغبْط الحسَدُ. قال الأَزهري: وفرَق اللّهُ بين الغَبط والحَسد
بما أَنزله في كتابه لمن تدبّره واعْتَبره، فقال عزَّ من قائل: ولا
تَتَمنَّوْا ما فَضَّلَ اللّهُ به بعضَكم على بعضٍ، للرِّجالِ نَصِيب مما
اكْتَسَبُوا وللنساءِ نَصِيبٌ مما اكْتَسَبْنَ، واسأَلوا اللّه من فضله؛ وفي
هذه الآية بيان أَنه لا يجوز للرجل أَن يَتَمَنَّى إِذا رأَى على أَخيه
المسلم نِعمة أَنعم اللّه بها عليه أَن تُزْوَى عنه ويُؤْتاها، وجائز له
أَن يتمنى مثلها بلا تَمَنّ لزَيِّها عنه، فالغَبْط أَن يَرى المَغْبُوطَ
في حال حسَنة فيتمنى لنفسه مثلَ تلك الحالِ الحسنة من غير أَن يتمنى
زوالها عنه، وإِذا سأَل اللّهَ مثلها فقد انتهى إِلى ما أَمَرَه به ورَضِيَه
له، وأَما الحسَدُ فهو أَن يشتهِيَ أَن يكون له مالُ المحسود وأَن يزول
عنه ما هو فيه، فهو يَبْغِيه الغَوائلَ على ما أُوتِيَ من حُسْنِ الحال
ويجتهد في إزالتها عنه بَغْياً وظُلماً، وكذلك قوله تعالى: أَم يَحْسُدون
الناس على ما آتاهم اللّه من فضله؛ وقد قدّمنا تفسير الحسد مُشعبَاً. وفي
الحديث: على مَنابِرَ من نور يَغْبِطُهم أَهلُ الجمْع؛ ومنه الحديث
أَيضاً: يأْتي على الناسِ زمان يُغْبَطُ الرجلُ بالوَحْدةِ كما يُغْبَطُ
اليوم أَبو العَشرة، يعني كان الأَئمة في صدْر الإِسلام يَرْزُقون عِيال
المسلمين وذَرارِيَّهم من بيتِ المال، فكان أَبو العَشرة مَغْبُوطاً بكثرة ما
يصل إِليهم من أَرزاقهم، ثم يَجيء بعدَهم أَئمة يَقْطَعون ذلك عنهم
فَيُغْبَطُ الرجلُ بالوحْدةِ لِخِفّة المَؤُونةِ، ويُرْثَى لصاحبِ العِيال.
وفي حديث الصلاة: أَنه جاء وهم يُصلُّون في جماعة فجعل يُغَبِّطُهم؛ قال
ابن الأَثير: هكذا روي بالتشديد، أَي يَحْمِلُهم على الغَبْطِ ويجعل هذا
الفعل عندهم مما يُغْبَطُ عليه، وإِن روي بالتخفيف فيكون قد غَبَطَهم
لتقدُّمِهم وسَبْقِهم إِلى الصلاة؛ ابن سيده: تقول منه غَبَطْتُه بما نالَ
أَغْبِطُه غَبْطاً وغِبْطةً فاغْتَبَطَ، هو كقولك مَنَعْتُه فامْتنَع
وحبستُه فاحتبس؛ قال حُرَيْثُ بن جَبلةَ العُذْريّ، وقيل هو لعُشِّ بن لَبِيدٍ
العذري:
وبَيْنَما المَرءُ في الأَحْياءِ مُغْتَبِطٌ،
إِذا هُو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ
أَي هو مُغْتَبِطٌ؛ قال الجوهري: هكذا أَنْشَدَنِيه أَبو سعِيد، بكسر
الباء، أَي مَغْبُوطٌ. ورجل غَابطٌ من قومٍ غُبَّطٍ؛ قال:
والنَّاس بين شامِتٍ وغُبَّطِ
وغَبَطَ الشاةَ والناقةَ يَغْبِطُهما غَبْطاً: جَسَّهُما لينظر
سِمَنَهما من هُزالِهِما؛ قال رجل من بني عمرو ابن عامر يهْجُو قوماً من
سُلَيْم:إِذا تَحَلَّيْتَ غَلاَّقاً لِتَعْرِفَها،
لاحَتْ من اللُّؤْمِ في أَعْناقِه الكُتب
(* قوله «في أعناقه» أَنشده شارح القاموس في مادة غلق أَعناقها.)
إِني وأَتْيِي ابنَ غَلاَّقٍ ليَقْرِيَني
كالغابطِ الكَلْبِ يَبْغِي الطِّرْقَ في الذَّنَبِ
وناقة غَبُوطٌ: لا يُعْرَف طِرْقُها حتى تُغْبطَ أَي تُجَسّ باليد.
وغَبَطْتُ الكَبْش أَغْبطُه غَبْطاً إِذا جَسَسْتَ أَليته لتَنْظرَ أَبه
طِرْقٌ أَم لا. وفي حديث أَبي وائلٍ: فغَبَطَ منها شاةً فإِذا هي لا تُنْقِي
أَي جَسّها بيده. يقال: غَبَطَ الشاةَ إِذا لَمَسَ منها المَوضع الذي
يُعْرَف به سِمَنُها من هُزالها. قال ابن الأَثير: وبعضهم يرويه بالعين
المهملة، فإِن كان محفوظاً فإِنه أَراد به الذبح، يقال: اعْتَبَطَ الإِبلَ
والغنم إِذا ذبحها لغير داء.
وأَغْبَطَ النباتُ: غَطّى الأَرض وكثفَ وتَدانَى حتى كأَنه من حَبَّة
واحدة؛ وأَرض مُغْبَطةٌ إِذا كانت كذلك. رواه أَبو حنيفة: والغَبْطُ
والغِبْطُ القَبضاتُ المَصْرُومةُ من الزَّرْع، والجمع غُبُطٌ.
الطائِفيّ: الغُبُوطُ القَبضاتُ التي إِذا حُصِدُ البُرّ وُضِعَ قَبْضَة
قَبْضة، الواحد غَبْط وغِبْط. قال أَبو حنيفة: الغُبوطُ القَبَضاتُ
المَحْصودةُ المتَفرّقةُ من الزَّرْع، واحدها غبط على الغالب.
والغَبِيطُ: الرَّحْلُ، وهو للنساء يُشَدُّ عليه الهوْدَج؛ والجمع
غُبُطٌ؛ وأَنشد ابن برّيّ لوَعْلةَ الجَرْمِيّ:
وهَلْ تَرَكْت نِساء الحَيّ ضاحِيةً،
في ساحةِ الدَّارِ يَسْتَوْقِدْنَ بالغُبُطِ؟
وأَغْبَطَ الرَّحْلَ على ظهر البعير إِغْباطاً، وفي التهذيب: على ظهر
الدابةِ: أَدامه ولم يحُطَّه عنه؛ قال حميد الأَرقط ونسبه ابن بري لأَبي
النجمِ:
وانْتَسَفَ الجالِبَ منْ أَنْدابهِ
إَغْباطُنا المَيْسَ على أَصْلابِه
جَعَل كل جُزْء منه صُلْباً. وأَغْبَطَتْ عليه الحُمّى. دامتْ. وفي حديث
مرضِه الذي قُبِضَ فيه، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه أَغْبَطَتْ عليه
الحُمّى أَي لَزِمَتْه، وهو من وضْع الغَبِيط على الجمل. قال الأَصْمعيّ:
إِذا لم تفارق الحُمّى المَحْمومَ أَياماً قيل: أَغْبَطَتْ عليه
وأَرْدَمَتْ وأَغْمَطَتْ، بالميم أَيضاً. قال الأَزهري: والإِغْباطُ يكون لازماً
وواقعاً كما ترى. ويقال: أَغْبَطَ فلانٌ الرُّكوب إِذا لَزِمه؛ وأَنشد ابن
السكيت:
حتّى تَرَى البَجْباجةَ الضَّيّاطا
يَمْسَحُ، لَمَّا حالَفَ الإِغْباطَا،
بالحَرْفِ مِنْ ساعِدِه المُخاطا
قال ابن شميل: سير مُغْبِطٌ ومُغْمِطٌ أَي دائم لا يَسْتَريحُ، وقد
أَغْبَطُوا على رُكْبانِهم في السيْرِ، وهو أَن لا يَضَعُوا الرّحالَ عنها
ليلاً ولا نهاراً. أَبو خَيْرةَ: أَغْبَطَ علينا المطَرُ وهو ثبوته لا
يُقْلعُ بعضُه على أَثر بعض. وأَغْبَطَتْ علينا السماء: دام مَطَرُها
واتَّصَلَ. وسَماء غَبَطَى: دائمةُ المطر.
والغَبيطُ: المَرْكَبُ الذي هو مثل أُكُفِ البَخاتِيّ، قال الأَزهري:
ويُقَبَّبُ بِشِجارٍ ويكون للحَرائِر، وقيل: هو قَتَبةٌ تُصْنَعُ على غير
صَنْعةِ هذه الأقْتاب، وقيل: هو رَحْل قَتَبُه وأَحْناؤه واحدة، والجمع
غُبُطٌ؛ وقولُ أَبي الصَّلْتِ الثَّقَفِيّ:
يَرْمُونَ عن عَتَلٍ كَأَنَّها غُبُطٌ
بِزَمْخَرٍ، يُعْجِلُ المَرْمِيَّ إِعْجالا
يعني به خشَب الرِّحالِ، وشبّه القِسِيّ الفارِسيّةَ بها. الليث: فرس
مُغْبَطُ الكاثِبة إِذا كان مرتفع المِنْسَجِ، شبّه بصنعة الغبيط وهو رحْل
قَتَبُه وأَحْناؤه واحدة؛ قال الشاعر:
مُغْبَط الحارِكِ مَحْبُوك الكَفَلْ
وفي حديث ابن ذِي يَزَنَ: كأَنّها غُبُطٌ في زَمْخَرٍ؛ الغُبُطُ: جمع
غَبيطٍ وهو الموضع الذي يُوطَأُ للمرأَة على البعير كالهَوْدَج يعمل من خشب
وغيره، وأَراد به ههنا أَحَدَ أَخشابه
(* قوله «أحد أَخشابه» كذا بالأصل
وشرح القاموس، والذي في النهاية: آخر أخشابه.)، شبه به القوس في
انْحِنائها. والغَبِيطُ: أَرْض مُطْمَئنة، وقيل: الغَبِيطُ أَرض واسعةٌ مستوية
يرتفع طَرفاها. والغَبِيطُ: مَسِيلٌ من الماء يَشُقُّ في القُفّ كالوادي
في السَّعةِ، وما بين الغَبيطَيْنِ يكون الرَّوْضُ والعُشْبُ، والجمع
كالجمع؛ وقوله:
خَوَّى قَليلاً غَير ما اغْتِباطِ
قال ابن سيده: عندي أَنَّ معناه لم يَرْكَن إِلى غَبيطٍ من الأَرض واسعٍ
إِنما خوَّى على مكانٍ ذي عُدَواء غيرِ مطمئن، ولم يفسره ثعلب ولا غيره.
والمُغْبَطة: الأَرض التي خرجت أُصولُ بقْلِها مُتدانِيةً.
والغَبِيطُ: موضع؛ قال أَوس بن حجر:
فمالَ بِنا الغَبِيطُ بِجانِبَيْه
علَى أَرَكٍ، ومالَ بِنا أُفاقُ
والغَبِيطُ: اسم وادٍ، ومنه صحراء الغَبِيطِ. وغَبِيطُ المَدَرةِ: موضع.
ويَوْمُ غَبِيطِ المدرة: يومٌ كانت فيه وقْعة لشَيْبانَ وتَميمٍ
غُلِبَتْ فيه شَيْبانُ؛ قال:
فإِنْ تَكُ في يَوْمِ العُظالَى مَلامةٌ،
فَيَوْمُ الغَبِيطِ كان أَخْزَى وأَلْوَما
غسا: غَسا الليلُ يَغْسُو غُسُوًّا وغَسِيَ يَغْسى؛ قال ابن أَحمر:
كأَنّ الليلَ لا يَغْسى عَليه،
إِذا زَجَر السَّبَنْتاةَ الأَمُونا
وأَغْسى يُغْسي: أَظْلَم، قال ابن أَحمر:
فلما غَسى لَيْلي وأَيْقَنْتُ أَنَّها
هي الأُرَبى، جاءَت بأُمِّ حَبَوْكَرى
وقد ذكره ابن سيده: في معتل الياء أَيضاً؛ قال ابن بري: شاهدُ أَغْسَى
قول الهجيمي:
هَجَوْا شَرَّ يَرْبوعٍ رجالاً وخَيْرَها
نِساءً، إِذا أَغْسى الظلامُ تُزارُ
قال: وقال العجاج:
ومرّ أَعْوام بلَيْلٍ مُغْسِ
وحكى ابنُ جنِّي: غَسى يَغْسى كأَبى يأْبى، قال: وذلك لأَنهم شَبَّهوا
الأَلفَ في آخِره بالهمزة في قَرَأَ يقْرأُ وهَدَأَ يَهْدَأُ، وقد قالوا
غَسِيَ يَغْسى؛ قال ابن سيده: فقَدْ يجوز أَن يكون غَسى يَغْسى من
التركيب، يعني أَنه إِنما قامَ يَغْسى من غَسِيَ ويَغْسُو من غَسا وقد
أَغْسَيْنا، وذلك عند المغرب وبُعَيْده. وأَغْسِ من اللَّيْل أَي لا تَسِرْ
أَوَّله حتى يذهَبَ غُسُوُّه، كما يقال أَفْحِمْ عنك من اللَّيْلِ أَي لا
تَسِرْ حتى تَذْهب فَحْمَتُه. وشيخٌ غاسٍ: قد طالَ عُمْرُه؛ قال ابن سيده: ولم
أَرَها بالغين المعجمة إِلاَّ في كتاب العين؛ قال الأَزهري: الصواب
شيخٌ عاسٍ، بالعين المهملة، ومن قال غاسٍ فقد صحَّف.
والغَساةُ: البَلَحة الصَّغيرةُ، وجمعها غَسَواتٌ وغَساً. وقال أَبو
حنيفة: الغَسا البَلَح فعَمَّ به. وقال مَرَّةً: الغاسِي أَوْلُ ما يخرُجُ
من التَّمْرِ فيكون كأَبْعارِ الفِصالِ، قال: وإنما حملناه على الواو
لمقارَبَتِهِ الغَسواتِ في المعنى.
غبا: غَبِيَ الشيءَ وغَبِيَ عنه غَباً وعباوَةً:
لم يَفْطُنْ له؛ قال الشاعر:
في بَلْدَة يَغَبى بها الخِرَّيتُ
أَي يَخْفَى؛ وقال ابن الرقاع:
أَلا رُبَّ لَهْوٍ آنِسٍ ولَذاذَةٍ،
من العَيْشِ ، يُغبِيِه الخِباءُ المُسَتَّرُ
وغَبِيَ الأَمرُ عني: خَفِيَ فلمْ أَعرفه. وفي حديث الصوم: فإن غَبِيَ
عليكم أَي خَفِيَ، ورواه بعضهم غُبِّيَ، بضم الغين وتشديد الباء المكسورة
لما لم يسم فاعله، وهما من الغَباء شِبه الغَبَرة في السماء. التهذيب:
ابن الأَنباري الغَبا يكتب بالألف لأنه من الواو. يقال: غَبِيت عن الأمْر
غَباوة. الليث: يقال غَبِيَ عن الأَمرِ غَباوَةً ، فهو غَبِيٌّ إذا لم
يَفْطُنْ للخِبِّ ونحوه. يقال: غَبِيَ عليَّ ذلك الأمرُ إذا كان لا يَفطُن
له ولا يعرفُه، والغَباوة المصدر. ويقال: فلان ذو غَباوَةٍ أي تَخْفى
عليه الأُمور. ويقال: غَبِيتُ عن ذلك الأَمرِ إذا كان لا يَفْطُن له.
ويقال: ادْخُلْ في الناس فهو أَغْبى لك أَي أَخفى لك.
ويقال: دَفَن فلان مُغَبَّاةً ثم حَمَلني عليها، وذلك إذا أَلْقاك في
مَكْرٍ أَخْفاّه.
ويقال: غَبِّ شَعْرَك أَي استَأْصِلْهُ، وقد غَبَّى شَعَرَه تَغْبِيةً،
وغَبيتُ الشيءَ أَغْباهُ، وقد غَبِيَ عليَّ مثلُه إذا لم تَعْرفه؛ وقولُ
قيسِ بن ذَريح:
وكَيفَ يَصَلِّي مَنْ إذا غَبِيتْ لهُ
دِماءُ ذوي الذمَّاتِ والعَهْدِ طُلَّتْ
لم يفسر ثعلب غبيَتْ له. وتَغابى عنه: تَغَافَلَ. وفيه غَبْوَة
وغَباوَةَ أَي غَفْلَةٌ. والغَبيُّ، على فَعيل: الغافِلُ القليلُ الفِطْنة، وهو
من الواو، وأَما أَبو علي فاشْتَقَّ الغَبيَّ من قولهم شَجَرَة غَبْياءُ
كأَنَّ جهْلَه غَطَّى عنه ما وَضَح لغيره. وغَبِيَ الرجُلُ غَباوةً
وغَباً، وحكى غيره غَباءً، بالمدّ. وفي الحديث: إلا الشَّياطِينَ وأَغْبِياءَ
بني آدم؛ الأَغبياء: جمع غَبِيٍّ كغني وأَغْنِياء، ويجوز أَن يكون
أَغْباءً كأَيْتامٍ، ومثلُه كمِيٌّ وأَكْماءٌ. وفي الحديث قَلِيلُ الفِقْهِ خيرٌ
كثيرِ العباوةِ. وفي حديث عَليٍّ: تغابَ عن كلِّ ما لا يَصِحُّ لك أَي
تغافَلْ وتَبالَهْ. وحكى ابن خالويه: أَنَّ الغَباء الغُبارُ، وقد يضم
ويقصر فيقال الغُبَى. والغُباءُ: شبيهٌ بالغَبَرَة تكونُ في السماء.
والغَبْيَة: الدفْعَة من المطر؛ وقال امرؤ القيس:
وغَبْيَة شُؤْبُوبٍ من الشِّدِّ مُلْهِب
وهي الدفْعَة من الخُضْر شَبَّهها بدفْعَة المطر. قال ابن سيده:
الغَبْية الدفْعة الشديدةُ من المطر، وقيل: هي المَطْرَة ليست بالكثيرة، وهي
فوقَ البَغْشَةِ؛ قال:
فصَوَّبْتُه، كأَنَّه صَوْبُ غَبْيةٍ
على الأمْعَزِ الضَّاحي، إذا سِيطَ أَحْضَرا
ويقال: أَغْبَتِ السماءُ إغْباءً، فهي مُغْبِيَة؛ قال الراجز:
وغَبَياتٌ بينَهُنَّ وَبْلُ
قال: وربما شُبِّه بها الجَرْيُ الذي يَجِيءُ بعدَ الجَرْي الأَوَّل.
وقال أَبو عبيد: الغَبْية كالوَثْبَة في السَّيْر، والغَبْية صَبٌ كثيرٌ
من ماءٍ ومن سياطٍ ؛ عن ابن الأعرابي؛ أنشد:
إنَّ دَواءَ الطامِحاتِ السَّجْلُ
السَّوْطُ والرِّشاءُ ثم الحَبْلُ،
وغَبَياتٌ بَيْنَهُنَّ هَطْلُ
قال ابن سيده: وأَنا أُرى على التشبيه بغَبَيات المَطر. وجاء على
غَبْيةِ الشمسِ أي غَيْبتها؛ قال: أُراه على القلبِ. وشجرةٌ غَبْياءُ:
مُلْتَفَّة، وغُصن أَغْبَى كذلك. وغَبْية التُّرابِ: ما سَطَعَ منه؛ قال
الأعشى:إذا حالَ من دُونها غَبْيةٌ
من التُّرْبِ، فانْجال سِربالُها
وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب أَنه قال: الحُمَّى في أُصول النَّخْل،
وشَرُّ الغَبَياتِ غَبْية التَّبْل، وشرُّ النساء السُّوَيْداء المِمْراضُ،
وشَرٌّ منها الحُمَيْراءُ المِحْياضُ. وغَبَّى شَعْره: قَصَّر منه، لغة
لعبد القيس، وقد تكلم بها غيرهم؛ قال ابن سيده: وإنما قضينا بأَنَّ
أَلِفَها ياءٌ لأنها ياءٌ واللامُ ياءً أَكثرُ منها واواً. وغَبَّى الشيءَ:
سَتَره؛ قال ابن أَحمر:
فما كَلَّفْتُكِ القَدَرَ المُغَبَّى،
ولا الطَيرَ الذي لا تُعبِرِينَا
الكسائي: غَبَّيت البئرَ إذا غَطَّيت رَأْسها ثم جَلعت فوقَها تُرابًا؛
قال أَبو سعيد: وذلك التُّرابُ هو الغِباءُ.
والغابياءُ: بعضُ جِحَرة الــيَرْبوع.
غدن: الغَدَنُ: سَعَةُ العيش والنَّعْمةُ، وفي المحكم: الاسْتِرْخاء
والفتور؛ وقال القُلاخُ
(* قوله «وقال القلاخ» كذا في الصحاح، قال الصاغاني
في التكملة وقال الجوهري: قال القلاخ ولم تضع إلخ. وللقلاخ بن حزن أرجوزة
على هذه القافية ولم أجد ما ذكره الجوهري فيها اهـ. وفي التهذيب قال عمر
بن لجأٍ: ولم تضع إلخ) :
ولم تُضِعْ أَولادَها من البَطَنْ،
ولم تُصِبْهُ نَعْسَةٌ على غَدَنْ.
أَي على فَتْرَةٍ واسترخاء؛ قال ابن بري والذي أَنشده الأَصمعي فيما
حكاه عنه ابن جني:
أَحْمَرُ لم يُعْرَفْ بِبُؤْسٍ مُذْ مَهَنْ،
ولم تُصِبْه نَعْسَةٌ على غَدَنْ.
والغَدَنُ: النَّعْمة واللِّينُ. وإن في بني فلان لغَدَناً أَي نَعْمةً
ولِيناً، وكذلك الغُدُنَّة. وإنهم لفي عَيْشٍ غُدْنَةٍ وغُدُنَّةٍ أَي
رَغْدٍ؛ عن اللحياني؛ قال ابن سيده: وأَشك في الأُولى. وفلان في غُدُنَّةٍ
من عيشه أَي في نَعْمَةٍ ورَفاهيَة. والغُدَانيُّ والمُغْدَوْدِنُ:
الشابُّ الناعم. وشجر مُغْدَوْدِنٌ: ناعم مُتَثَنٍّ؛ قال الراجز:
أَرْضٌ بها التِّينُ مع الرُّمّانِ،
وعِنَبٌ مُغْدَوْدِنُ الأَفنانِ.
واغْدَوْدَنَ النَّبْتُ إذا اخْضَرَّ حتى يَضْرِبَ إلى السوادِ من
شِدَّةِ رِيِّه. وحَرَجَةٌ مُغْدَوْدِنةٌ: وذلك إذا كانت في الرِّمالِ حبال
يَنْبُتُ فيها سَبَطٌ وثُمَامٌ وصَبْغاءُ وثُدّاءُ، ويكون وسَطَ ذلك
أَرْطَى وعَلْقى، ويكون أُخَرُ منها بُلْقاً تراهنَّ بيضاً، وفيها مع ذلك حمرة
ولا تُنْبِتُ من العِيدانِ شيئاً، فيقال لذلك الحَبْلِ الأَشْعَرُ من
جَرَّى نباتِه. شمر: المُغْدَوْدِنةُ الأَرض الكثيرة الكلأِ المُلتَفَّةُ؛
يقال: كلأٌ مُغْدَوْدِنٌ أَي مُلتَفٌّ؛ قال العجاج:
مُغْدَوْدِنُ الأَرْطَى غُدَانيُّ الضَّال.
غُدَانيُّ الضّال أَي كثير رَيّانُ مُسْترْخٍ؛ قال رؤبة:
ودَغْيَةٌ من خَطِلٍ مُغْدَوْدِنِ.
وهو المسترخي المتساقط، وهو عيب في الرجل. وأَرض مُغْدَوْدِنةٌ إذا كانت
مُعْشبةً. وشابٌّ غَدَوْدَنٌ: ناعم؛ عن السيرافي. والشَّبابُ
الغُدَانيُّ: الغَضُّ؛ قال رؤبة:
لما رَأَتْني خَلَقَ المُمَوَّهِ،
بَرَّاقَ أَصْلادِ الجبنِ الأَجْلَهِ،
بَعْدَ غُدَانيُّ الشَّبابِ الأَبْلَهِ.
غُدَانيُّ الشباب: نَعْمَتُه. وشعر غَدَوْدَنٌ ومُغْدَوْدِنٌ: كثير ملتف
طويل. واغْدَوْدَنَ الشعر: طال وتم؛ قال حسان بن ثابت:
وقامتْ تُرائيكَ مُغْدَوْدِناً،
إذا ما تَنُوءُ به آدَها.
أَبو عبيد: المُغْدَوْدِنُ الشعر الطويل. وقال أَبو زيد: شعر
مُغْدَوْدِنٌ شديد السواد ناعم. قال ابن دريد: وأَحسبُ أَن الغُدُنَّة لحمة غليظة
في اللَّهازم. والغِدَانُ: القضيب الذي تُعَلَّقُ عليه الثياب، يمانية.
وبنو غُدْنٍ وبنو غُدَانة: قبيلتان. وغُدانة: حيٌّ من يَرْبوع؛ قال
الأَخطل:
واذْكُرْ غُدَانَة عِدَّاناً مُزَنَّمةً،
من الحَبَلَّقِ، تُبْنَى حولَها الصِّيَرُ.
قال ابن بري: عِدَّاناً جمع عَتُودٍ أَي مثل عِدَّان، قال: وإن شئت
نصبته على الذم، والحَبَلَّقُ: غَنمٌ لِطاف الأَجسام لا تَكْبَرُ.
غدر: ابن سيده: الغَدْرُ ضدُّ الوفاء بالعهد. وقال غيره: الغَدْرُ ترك
الوفاء؛ غدَرَهُ وغَدَر به يَغْدِرُ غَدْراً. تقول: غَدَرَ إِذا نقض
العهد، ورجل غادِرٌ وغَدَّارٌ وغِدِّيرٌ وغَدُور، وكذلك الأُنثى بغير هاء،
وغُدَرُ وأَكثر ما يستعمل هذا في النداء في الشتم يقال: يا غُدَرُ وفي
الحديث: يا غُدَرُ أَلَسْتُ أَسْعَى في غَدْرَتكففقال في الجمع: يالَ غُدَر.
وفي حديث الحديبية: قال عروة بن مسعود للمُغِيرة: يا غُدَرُ، وهل
غَسَلْتَ غَدْرَتك إِلا بالأَمس؟ قال ابن الأًثير: غُدَر معدول عن غادِر
للمبالغة، ويقال للذكر غُدَر والأُنثى غَدارِ كقَطامِ، وهما مختصّان بالنداء في
الغالب؛ ومنه حديث عائشة: قالت للقاسم: اجْلِسْ غُدَرُ أَي يا غُدَرُ
فحذفت حرفَ النداء؛ ومنه حديث عاتكة: يا لَغُدَر يا لَفُجَر قال ابن سيده:
قال بعضهم يقال للرجل يا غُدَر ويا مَغْدَر ويا مَغْدِر ويا ابن مَغْدِر
ومَغْدَر، والأُنثى يا غَدارِ لا يستعمل إِلا في النداء؛ وامرأَة غَدّار
وغدّارة. قال: ولا تقول العرب هذا رجل غُدَر لأَن الغُدَر في حال
المعرفة عندهم. وقال شمر: رجل غُدَرٌ أَي غادِرٌ، ورجل نُصَرٌ أَي ناصرٌ، ورجل
لُكَعٌ أَي لَئيم؛ قال الأَزهري: نَوَّنها كلها خلاف ما قال الليث وهو
الصواب، إِنما يترك صَرْف باب فُعَل إِذا كان اسماً معرفة مثل عُمَر
وزُفَر. وفي الحديث: بين يَدَي الساعة سِنونَ غدّارةٌ يَكثُر المطرُ ويَقِلّ
النبات؛ هي فَعّالة من الغَدْر أَي تُطْمِعُهم في الخِصْب بالمطر ثم
تُخْلِف فجعل ذلك غَدْراً منها. وفي الحديث: أَنه مر بأَرض يقال لها غَدِرة
فسماها خَضِرة كأَنها كانت لا تسمح بالنبات، أَو تنبت ثم تُسْرِع إِليه
الآفةُ، فشبِّهَت بالغادر لأَنه لا يَفِي؛ وقد تكرر ذكر الغَدْرِ على اختلاف
تصرُّفه في الحديث. وغدرَ الرجلُ غَدْراً وغَدَراناً؛ عن اللحياني؛ قال
ابن سيده: ولست منه على ثقة. وقالوا: الئذب غادرٌ أَي لا عهد له، كما
قالوا: الذِّئب فاجر.
والمغادَرة: الترك. وأَغْدَرَ الشيءَ: تركه وبقّاه. حكى اللحياني:
أَعانني فُلانٌ فأَغْدَرَ له ذلك في قلبي مَوَدَّةً أَي أَبْقاها. والغُدرَة:
ما أُغْدِرَ من شيء، وهي الغُدَارة؛ قال الأَفْوه:
في مُضَرَ الحَمْراء لم يَتَّركْ
غُدَارةً، غير النِّساء الجُلوس
وعلى بني فلان غَدَرةٌ من الصدقَة وغَدَرٌ أَي بقيّة. وأَلْقَت الناقةُ
غَدَرَها أَي ما أَغْدَرَتْه رَحِمُها من الدم والأَذى. ابن السكيت:
وأَلقتِ الشاة غُدُورَها وهي بقايا وأَقذاءٌ تبقى في الرحم تلقيها بعد
الولادة. وقال أَبو منصور: واحدة الغِدَر غِدْرة ويجمع غِدَاراً وغِدَرات؛ وروى
بيت الأعشى:
لها غِدَرات واللواحِقُ تَلْحَق
وبه غادِرٌ من مرض وغابِرٌ أَي بقية. وغادَرَ الشيء مُغَادَرة وغِداراً
وأَغْدَرَه: تركه. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ليتني
غُودِرْت مع أَصحاب نُحْصِ الجبل؛ قال أَبو عبيد: معناه يا ليتني
اسْتُشْهدْتُ معهم، النُّحْص: أَصل الجبل وسَفْحُه، وأَراد بأَصحاب النُّحْصِ
قَتْلى أُحُد وغيرهم من الشهداء. وفي حديث بدر: فخرج رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، في أَصحابه حتى بلغ قَرْقَرةَ الكُدْر فأَغْدَرُوه؛ أَي تركوه
وخلَّفوه، وهو موضع. وفي حديث عمر وذكر حسن سياستِه فقال: ولولا ذلك
لأَغْدَرْتُ بعضَ ما أَسُوق أَي خَلَّفْت؛ شَبَّه نَفْسَه بالراعي ورَعِيَّتَه
بالسَّرْح، وروي: لغَدَّرْت أَي لأَلْقَيْتُ الناس في الغَدَر، وهو مكان
كثير الحجارة. وفي التنزيل العزيز: لا يُغادِرُ صغيرة ولا كَبيرة؛ أَي لا
يترك. وغادَرَ وأَغْدَرَ بمعنى واحدٍ. والغَدِير: القطعة من الماء
يُغادِرُها السيل أَي يتركها؛ قال ابن سيده: هذا قول أَبي عبيد فهو إِذاً
فَعِيل في معنى مفعول على اطِّراح الزائد، وقد قيل: إِنه من الغَدْر لأَنه
يَخُونُ وُرَّادَه فيَنْضُب عنهم ويَغْدر بأَهله فينقطع عند شدة الحاجة
إِليه؛ ويقوّي ذلك قول الكميت:
ومِنْ غَدْره نَبَزَ الأَوّلون،
بأَنْ لَقَّبوه، الغَدِير، الغدِيرا
أَراد: من غَدْرِهِ نَبَزَ الأَولون الغَدير بأَن لقَّبوه الغَدِير،
فالغدير الأَول مفعول نَبَزَ، والثاني مفعول لقَّبوه. وقال اللحياني:
الغَدِيرُ اسم ولا يقال هذا ماء غَدِير، والجمع غُدُرٌ وغُدرَانٌ.
واسْتَغْدَرَتْ ثَمَّ غُدْرٌ: صارت هناك غُدْرَانٌ. وفي الحديث: أَن قادماً قدم على
النبي، صلى الله عليه وسلم، فسأَله عن خِصْب البلاد فحدّث أَن سحابة وقعت
فاخضرَّت لها الأَرض، وفيها غُدُرٌ تَنَاخَسُ والصيدُ قد ضَوَى إِليها؛
قال شمر: قوله غُدُرٌ تَناخَسُ أَي يَصُبّ بعضُها في إِثر بعض. الليث:
الغَدِيرُ مستنقع الماء ماءِ المطر، صغيراً كان أَو كبيراً، غير أَنه لا
يبقى إِلى القيظ إِلا ما يتخذه الناس من عِدّ أَو وَجْدٍ أَو وَقْطٍ أَو
صِهْريجٍ أَو حائر. قال أَبو منصور: العِدّ الماءُ الدائم الذي لا انقطاع
له، ولا يسمى الماء الذي يجمع في غَدِير أَو صهريج أَو صِنْعٍ عِدّاً، لأَن
العِدّ ما يدوم مثل ماء العين والرَّكِيَّةِ. المؤرج: غَدَر الرجلُ
يَغْدِرُ غَدْراً إِذا شرب من ماء الغَدِيرِ؛ قال الأَزهري: والقياس غَدِرَ
يَغْدَرُ بهذا المعنى لا غَدَرَ مثل كَرِعَ إِذا شرب الكَرَعَ.
والغَدِيرُ: السيف، على التشبيه، كما يقال له اللُّجّ. والغَدِيرُ: القطعة من
النبات، على التشبيه أَيضاً، والجمع غُدْران لا غير. وغَدِر فلانٌ بعد إِخْوته
أَي ماتوا وبقي هو. وغَدِر عن أَصحابه: تخلَّف. وغَدِرَت الناقةُ عن
الإِبل والشاةُ عن الغنم غَدْراً: تخلفت عنها، فإِن تركها الراعي، فهي
غَديرة، وقد أَغدَرها؛ قال الراجز:
فَقَلَّما طَارَدَ حتى أَغْدَرَا
وسْطَ الغُبَارِ، خَرِباً مُجَوَّرَا
وقال اللحياني: ناقة غَدِرَةٌ غَبِرَةٌ غَمِرةٌ إِذا كانت تخلّف عن
الإِبل في السوق. والغَدُور من الدوابّ وغيرها: المتخلف الذي لم يلحق.
وأَغْدَرَ فلان المائة: خلّفها وجاوزها. وليلة غَدِرَةٌ بَيّنَةُ الغَدَرِ،
ومُغْدِرَةٌ: شديدة الظلمة تحبس الناس في منازلهم وكِنِّهِمْ فيَغْدَرون أَي
يتخلفون. وروي عنه، عليه الصلاة والسلام، أَنه قال: المشي في الليلة
المظلمة المُغْدِرَة إِلى المسجد يوجب كذا وكذا. وغَدِرَت الليلة، بالكسر،
تَغْدَر غَدَراً وأَغْدَرَتْ، وهي مُغْدِرَةٌ، كل ذلك: أَظلمت. وفي
الحديث: من صلى العشاء في جماعة في الليلة المُغْدِرَة فقد أَوجَبَ؛
المُغْدِرَةُ: الشديدة الظلمة التي تُغْدِرُ الناس في بيوتهم أَي تتركهم، وقيل:
إِنما سميت مُغْدِرَةً لطرحها من يخرج فيها في الغَدَر، وهي الجِرَفَةُ. وفي
حديث كعب: لو أَن امرأَة من الحُور العِينِ اطَّلعت إِلى الأَرض في ليلة
ظلماء مُغْدِرَةٍ لأَضاءت ما على الأَرض. وفي النهر غَدَرٌ، وهو أَن
يَنْضُبَ الماء ويبقى الوَحْل، فقالوا: الغدراءُ الظلمة. يقال: خرجنا في
الغدراءِ.
وغَدِرَت الغنم غَدَراً: شبعت في المَرْج في أَول بنته ولم يُسْل
(*
قوله« ولم يسل إلخ» هكذا هو في الأصل) . عن أَحظّها لأَن النبت قد ارتفع أَن
يذكر فيه الغنم.
أَبو زيد: الغَدَرُ والجَرَل والنَّقَل كلُّ هذه الحجارةُ مع الشجر.
والغَدَر: الموضع الظَّلِف الكثير الحجارة. والغَدَر: الحجارة والشجر. وكل
ما واراك وسدّ بصَرَك: غَدَرٌ. والغَدَرُ: الأَرض الرِّخْوَة ذات
الجِحَرَة والجِرَفةِ واللَّخَاقيقِ المُتَعادِية. وقال اللحياني: الغَدَر
الجِحَرَة والجِرَفَة في الأَرض والأَخَاقيق والجَراثِيم في الأَرض، والجمع
أَغْدار. وغَدِرَت الأَرض غَدَراً: كثر غَدَرُها. وكل موضع صعب لا تكاد
الدابة تنفُذ فيه: غَدَرٌ. ويقال: ما أَثبت غَدَرَهُ أَي ما أَثبته في
الغَدَر، ويقال ذلك للفرس والرجل إِذا كان لسانه يثبت في موضع الزَّلَل
والخصومة؛ قال العجاج:
سَبابِكُ الخيل يُصَدّعْنَ الأَيَرّْ،
من الصَّفا القاسي ويَدْعَسْنَ الغَدَرْ
ورجل ثَبْتُ الغَدَرِ: يثبت في مواضع القتال والجَدَل والكلام، وهو من
ذلك. يقال أَيضاً: إِنه لثَبْت الغَدَر إِذا كان ثَبْتاً في جميع ما يأْخذ
فيه. وقال اللحياني: معناه ما أَثبت حجته وأَقل ضرر الزَّلَق والعِثار
عليه. قال: وقال الكسائي: ما أَثْبَتَ غَدَرَ فلان أَي ما بقي من عقله،
قال ابن سيده: ولا يعجبني. قال الأَصمعي: الجِحَرَةُ والجِرَفَة والأَخاقيق
في الأَرض فتقول: ما أثبت حجته وأَقل زَلَقه وعِثاره. وقال ابن بزرج:
إِنه لثَبْتُ الغَدر إِذا كان ناطَقَ الرجالَ ونازَعَهم كان قويّاً. وفرس
ثَبْت الغَدَر: يثبت في موضع الزلل. والغَدائِرُ: الذوائب، واحدتها
غَدِيرة. قال الليث: كل عَقِيصة غَدِيرة، والغَدِيرتان: الذُّؤابتان اللتان
تسقطان على الصدر، وقيل: الغَدائِرُ للنساء وهي المضفورة والضفائر للرجال.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: قَدِمَ مكّة وله أَربعُ غَدائِرَ؛ هي
الذوائب، واحدتها غَدِيرة. وفي حديث ضِمام: كان رجلاً جَلْداً أَشْعَرَ ذا
غَدِيرتن. الفراء: الغَدِيرة والرَّغيدة واحدة.
وقد اغْتَدَر القومُ إِذا جعلوا الدقيقَ في إِناء وصبُّوا عليه اللبن ثم
رَضَفُوه بالرِّضاف.
ابن الأَعرابي: المُغْدِرة البئر تُحْفَر في آخر الزرع لتسقي مَذانِبَه.
والغَيْدرة: الشر؛ عن كراع. ورجل غَيْدارٌ: سيء الظن يَظُنّ فيُصِيب.
والغَدِير: اسم رجل. وآل غُدْرانٍ: بطن.
ضبر: ضَبَرَ الفَرَسُ يَضْبُر ضَبْراً وضَبَراناً إِذا عَدَا، وفي
المحكم: جَمَع قوائمه ووَثَبَ، وكذلك المقيَّد في عَدْوه. الأَصمعي: إِذا وثَب
الفرسُ فوقع مجوعةً يداه فذلك الضَّبْر؛ قال العجاج يمدح عمر بن
عبيدالله بن معمر القرشي:
لَقَدْ سَمَا ابن مَعْمَرٍ حين اعْتَمَرْ
مَغْزًى بَعيداً مِنْ بَعيد وضَبَرْ،
تَقَضِّيَ البَازِي إِذا البَازِي كَسَرْ
يقول: ارتفع قَدْرُه حين غَزَا موضعاً بعيداً من الشام وجمع لذلك جيشاً.
وفي حديث سعد بن أَبي وقَّاصٍ: الضَّبْر ضَبر البَلْقاء والطعن طعن أَبي
مِحْجَنٍ؛ البَلْقاء: فرس سعد، واكن أَبو مِحْجن قد حبسه سعدٌ في شرب
الخمر وهم في قتال الفُرْس، فلما كان يوم القَادِسِيَّة رأَى أَبو محْجن
الثقفي من الفُرْس قوّة، فقال لامرأَة سعد: أَطلقيني ولكِ اللهَ عليَّ أَن
أَرجع حتى أَضع رِجْلي في القيد؛ فحلته، فركب فَرَساً لسعد يقال لها
البَلْقاء، فَجَعَل لا يَحْمِل على ناحية من نواحي العدوّ إِلا هزمهم، ثم رجع
حتى وضع رِجْله في القيد ووَفى لها بذمَّته، فلما رجع سعد أَخبرته بما
كان من أَمره فخلى سبيله.
وفرس ضِبِرٌّ، مثال طِمِرٍّ، فِعِلٌّ منه، أَي وثَّاب، وكذلك الرجل.
وضَبَّر الشيءَ: جمعه. والضَّبْر والتَّضْبِير: شدة تَلْزِيز العظام واكتناز
اللحم؛ جَمَلٌ مَضْبُور ومُضَبَّر، وفرس مُضَبَّر الخلق أَي مُوَثَّقُ
الخلق، وناقة مُضَبَّرة الخَلْق. ورجل ضِبِرٌّ: شديد. ورجل ذو ضَبَارَةٍ
في خلقه: مجتمع الخلق، وقيل: وَثِيقُ الخلق؛ وبه سمي ضَبَارَةُ، وابن
ضَبَارة كان رجلاً من رؤساء أَجناد بني أُمية. والمَضْبُور: المجتمع الخلق
الأَملس؛ ويقال للمِنْجل: مَضْبُور. الليث: الضَّبْر شدة تَلْزِيز العظام
واكتناز اللحم، وجمل مُضَبَّر الظهر؛ وأَنشد:
مُضَبَّر اللَّحْيَيْن نَسْراً مِنْهَسا
وأَسد ضُبَارِم وضُبَارِمَة منه فُعالم عند الخليل.
والإِضْبَارَةُ: الحُزْمة من الصُّحُف، وهي الإِضْمَامَة. ابن السكيت:
يقال جاء فلان بإِضْبَارَةٍ من كُتب وإِضْمامةٍ من كُتب، وهي الأَضَابِير
والأَضَامِيم. الليث: إِضْبارَةٌ من صُحُف أَو سهام أَي حُزْمة،
وضُبَارَةُ لغة، وغير الليث لا يجيز ضُبَارة من كُتُب، ويقول: أَضْبَارة
وإِضْبارة. وضَبَّرت الكُتب وغيرها تضبِيراً: جمعتها. الجوهري: ضَبَرت الكُتب
أَضْبُرُها ضَبْراً إِذا جعلتها إِضْبارَة.
وفي حديث النبي،
صلى الله عليه وسلم، أَنه ذكر قوماً يخرجون من النار ضَبَائِرَ
ضَبَائِرَ، كأَنها جمع ضِبَارَةٍ مثل عِمَارَةٍ وعَمائِر. وكل مجتمع: ضِبَارَة.
والضَّبَائِر: جماعات الناس. يقال: رأَيتهم ضَبائرَ أَي جماعات في
تَفْرقة. وفي حديثٍ آخر: أَتَتْه الملائكةُ بحريرة فيها مِسْك ومن ضَبائِر
الريحان. والضُِّبَار: الكُتُب، لا واحد لها؛ قال ذو الرمة:
أَقولُ لِنَفْسي واقِفاً عند مُشْرِفٍ،
على عَرَصَاتٍ، كالضبَارِ النَّوَاطق
والضَّبْر: الجماعة يغزون على أَرجلهم؛ وقال في موضع آخر: الجماعة
يغزون. يقال: خرج ضَبْرٌ من بني فلان؛ ومنه قول ساعدة بن جؤية الهذلي:
بَيْنا هُمُ يَوْماً كذلك رَاعَهُمْ
ضَبْرٌ، لباسُهُمُ القَتيرُ مُؤَلَّبُ
القَتِير: مسامير الدروع وأَراد به ههنا الدروع. ومؤلب: مُجمَّع، ومنه
تَأَلَّبُوا أَي تجمَّعوا. والضَّبْر: الرَّجَّالة. والضَّبْر: جلد
يُغَشَّى خَشَباً فيها رجال تُقَرَّبُ إِلى الحُصون لقتال أَهلها، والجمع
ضُبُورٌ، ومنه قولهم: إِنا لا نأْمَنُ أَن يأْتوا بضُبُور؛ هي الدَّبَّابات
التي تُقَرَّب للحصون لتنقب من نحتها، الواحدة ضَبْرة. وضَبَرَ عليه
الصَّخْر يَضْبُره أَي نَضَّدَه؛ قال الراجز يصف ناقة
(* قوله: «يصف ناقة» في
شرح القاموس قال الصاغاني: والصواب يصف جملاً، وهذا موضع المثل: استنوق
الجمل. والرجز لأَبي محمد الفقعسي والرواية شؤون رأسه):
ترى شُؤُون رأْسِها العَوارِدا
مَضْبُورَةً إِلى شَباً حَدائِدا،
ضَبْرَ بَراطِيلَ إِلى جَلامِدا
والضَّبْرُ والضَّبِر: شجر جَوْز البرّ ينوّر ولا يعقد؛ وهو من نبات
جبال السَّرَاةِ، واحدته ضَبِرَة؛ قال ابن سيده: ولا يمتنع ضَبْرَة غير أَني
لم أَسمعه. وفي حديث الزهري: أَنه ذكر بني إِسرائيل فقال: جعل الله
عِنَبَهُمُ الأَرَاكَ وجَوْزَهم الضَّبْرَ ورُمَّانهم المَظَّ؛ الأَصمعي:
الضَّبْر جَوْز البر، الجوهري: وهو جوز صلب، قال: وليس هو الرُّمان البري،
لأَن ذلك يسمى المَظّ.
والضُّبَّار: شجر طيّب الحَطَب؛ عن أَبي حنيفة. وقال مرة: الضُّبَّار
شجر قريب الشبه من شجر البَلُّوط وحَطَبه جيد مثل حطب المَظّ، وإِذا جمع
حطبه رطباً ثم أُشعلت فيه النار فَرْقَعَ فَرْقَعَة المَخَاريق، ويفعل ذلك
بقرب الغيَاض التي تكون فيها الأُسْد فتهرب، واحدته ضُبَّارة. ابن
الأَعرابي: الضَّبْر الفقر، والضَّبْر الشد، والضَّبْر جمع الأَجزاء؛
وأَنشد:مضبورةً إِلى شباً حدائدا،
ضبر براطيلَ إِلى جلامدا
وقول العجاج يصف المنجنيق:
وكل أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا،
تُنْتَجُ حين تَلْقَح ابْتِقارا
قد ضُبِرَ القومُ لها اضْطبارا،
كأَنما تجمَّعوا قُبّارا
أَي يخرج حجرها من وسطها كما تُبْقر الدابة. والقُبّار من كلام أَهل
عمان: قومٌ يجتمعون فيحوزون ما يقع في الشِّباك من صَيْد، البحر، فشبه جَذْب
أُولئك حِبالَ المنْجَنِيق بجذب هؤُلاء الشباك بما فيها.
ابن الفرج: الضِّبْر والضِّبْن الإِبْط؛ وأَنشد لجندل:
ولا يَؤُوبُ مُضْمَراً في ضِبْرِي
زادِي، وقد شَوَّلَ زَادُ السَّفْرِ
أَي لا أَخْبَأُ الطعام في السفر فَأَؤُوب به إِلى بيتي وقد نفد زاد
أَصحابي ولكني أُطعمهم إِياه. ومعنى شَوَّلَ أَي خف، وقلَّما تُشَوِّلُ
القِرْبةُ إِذا قلّ ماؤها. وعامر بن ضَبارة، بالفتح
(* قوله: «وعامر بن ضبارة
بالفتح» كذا بالأَصل. وفي القاموس وشرحه: وعمرو بن ضبارة، بالضم، وضبطه
بعضهم بالفتح). وضُبَيْرَة: اسم امرأَة؛ قال الأَخطل:
بَكْرِيَّةٌ لم تكُنْ دَارِي لها أَمَماً،
ولا ضُبَيْرَةُ مِمَّن تَيَّمَت صَدَدُ
ويروى صُبَيْرَةُ. وضَبَّار: اسم كلب؛ قال:
سَفَرَتْ فَقُلْت لَها: هَجٍ، فَتَبَرْقَعَتْ،
فَذَكَرْتُ حين تَبَرْقَعَتْ ضَبَّارا
دمن: دِمْنةُ الدار: أَثَرُها. والدِّمْنة: آثارُ الناس وما سَوَّدوا،
وقيل: ما سَوَّدوا من آثار البَعَر وغيره، والجمع دِمَن، على بابه،
ودِمْنٌ، الأَخيرة كسِدْرة وسِدْر. والدِّمْن: البَعَر. ودَمَّنتِ الماشيةُ
المكانَ: بَعَرت فيه وبالت. ودَمَّن الشاءُ الماء، هذا من البَعَر؛ قال ذو
الرمة يصف بقرة وحشية:
إذا ما عَلاها راكِبُ الصّيْفِ لم يَزَلْ
يَرَى نَعْجةً في مَرْتَع، فيُثيرُها
مُوَلَّعةً خَنْساءَ ليْستْ بنعْجة،
يُدَمِّن أَجْوافَ المِياه وَقِيرُها.
ودَمّن القومُ الموضعَ: سوّدوه وأَثَّروا فيه بالدِّمْن؛ قال عَبيد بن
الأَبرص:
مَنْزِلٌ دَمّنه آباؤُنا الـ
ـمُورثُون المَجْدَ في أُولى اللَّيالي.
والماء مُتَدَمِّن إذا سقَطَت فيه أَبعار الغَنَم والإِبل. والدِّمْن:
ما تَلَبَّد من السِّرقِينِ وصار كِرْساً على وجه الأَرض. والدِّمْنة:
الموضع الذي يَلْتبدُ فيه السِّرقِين، وكذلك ما اختلط من البعر والطين عند
الحوض فتَلَبَّد. الصحاح: الدِّمْن البَعر؛ قال لبيد:
راسِخُ الدِّمْن على أَعضادِه،
ثَلَمَتْه كُلُّ رِيحٍ وسَبَلْ.
ودمَنْتُ الأَرضُ: مثل دَمَلْتها، وقيل: الدِّمْن اسم للجنس مثل
السِّدْر اسم للجنس. والدِّمَن: جمع دِمْنة، ودِمْنٌ
(* قوله «ودمن» بالرفع عطف
على والدمن). ويقال: فلانِ دِمْنُ مالٍ كما يقال إزاءُ مالٍ. والدِّمْنة:
الموضع القريب من الدار. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال:
إيّاكم وخَضْراءَ الدِّمَن، قيل: وما ذاك؟ قال: المرأَة الحسناء في
المَنْبت السُّوء؛ شبه المرأَة بما ينبت في الدِّمَن من الكلأِ يُرى له غَضارة
وهو وَبيء المرْعى مُنْتِن الأَصل؛ قال زُفَر بن الحرث:
وقد يَنْبُت المَرْعى على دِمَن الثَّرَى،
وتَبْقى حَزازاتُ النُّفوسِ كما هيَا والدِّمْنة: الحقد المُدَمِّن
للصدر، والجمع دِمن، وقيل: لا يكون الحقد دِمْنة حتى يأْتي عليه الدهر وقد
دَمِن عليه. وقد دَمِنَت قلوبُهم، بالكسر، ودَمِنْت على فلان أَي ضَغِنْت؛
وقال أَبو عبيد في تفسير الحديث: أَراد فسادَ النَّسَب إذا خيف أَن تكون
لغير رِشْدة، وإنما جعلها خضراء الدِّمَن تشبيهاً بالبقلة الناضرة في
دمنة البعر، وأَصل الدِّمْن ما تُدَمِّنه الإِبل والغنم من أَبعارها
وأَبوالها أَي تُلَبِّده في مرابضها، فربما نبت فيها النباتُ الحسن النَّضِير،
وأَصله من دِمْنة، يقول: فَمَنظَرُها أَنيق حسن؛ ومنه الحديث: فيَنْبُتون
نباتَ الدِّمْن في السيل؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، بكسر
الدال وسكون الميم، يريد البعر لسرعة ما ينبت فيه؛ ومنه الحديث: فأَتينا على
جُدْجُد مُتَدَمِّن أَي بئر حولها الدِّمْنة. وفي حديث النخعيّ: كان لا
يرى بأْساً بالصلاة في دِمْنة الغنم. والدِّمنة: بقية الماء في الحوض،
وجمعها دِمْن؛ قال علقمة بن عَبْدَة:
تُرادى على دِمْن الحِياضِ، فإِن تَعَفْ
فإِنّ المُنَدَّى رِحْلَةٌ فَرُكوبُ.
والدَّمْن والدَّمان: عَفَن النخلة وسوادُها، وقيل: هو أَن يُنسِغَ
النخل عن عَفَن وسواد. الأَصمعي: إذا أَنْسَغَت النخلة عن عفن وسواد قيل قد
أَصابه الدَّمَان، بالفتح. وقال ابن أَبي الزِّناد: هو الأَدَمانُ. وقال
شمر: الصحيح إذا انْشَقَّت النخلةُ عن عفن لا أَنْسَغَت، قال: والإِنْساغ
أَن تُقْطَع الشجرةُ ثم تَنْبت بعد ذلك. وفي الحديث: كانوا يَتَبايَعُون
الثِّمَار قبل أَن يَبْدُو صَلاحُها، فإِذا جاء التقاضي قالوا أَصاب
الثمرَ الدَّمانُ؛ هو بالفتح وتخفيف الميم فساد الثمر وعفَنُه قبل إدراكه حتى
يسودّ، من الدِّمْن وهو السرقين. ويقال: إذا أَطلعت النخلة عن عَفَن
وسواد قيل أَصابها الدَّمانُ، ويقال: الدَّمال أَيضاً، باللام وفتح الدال
بمعناه؛ ابن الأَثير: كذا قيده الجوهري وغيره بالفتح، قال: والذي جاء في
غريب الخطّابي بالضم، قال: وكأَنه أَشبه لأَن ما كان من الأَدواء والعاهات
فهو بالضم كالسُّعال والنُّحاز والزُّكام. وقد جاء في هذا الحديث:
القُشام والمُراض، وهما من آفات الثمرة، ولا خلاف في ضمِّهما، وقيل: هما لغتان،
قال الخطابي: ويروى الدَّمار، بالراء، قال: ولا معنى له. والدَّمان:
الرَّماد. والدَّمان: السّرْجين. والدَّمان: الذي يُسَرقِنُ الأَرضَ أَي
يَدْبِلها ويَزْبِلُها. وأَدْمَن الشرابَ وغيرَه: لم يُقْلِعْ عنه؛ وقوله
أَنشده ثعلب:
فَقُلنا: أَمِن قبَرْ خَرَجْتَ سَكَنْتَه؟
لكَ الوَيْلُ أَم أَدْمَنْتَ جُحْرَ الثَّعالب؟
معناه: لزمتَه وأَدْمَنْت سُكناه، وكأَنه أَراد أَدْمنْت سُكنى جُحْر
الثعالب لأَن الإِدْمان لا يقع إلا على الأَعراض. ويقال: فلان يُدْمِنُ
الشُّرب والخمر إذا لزِم شربها. يقال: فلان يُدْمِنُ كذا أَي يُديمه.
ومُدْمِن الخمر الذي لا يُقْلع عن شربها. يقال: فلان مُدْمن خمر أَي مُداومُ
شربِها. قال الأَزهري: واشتقاقه من دَمْنِ البعر. وفي الحديث: مُدْمِن
الخمر كعابد الوثَن؛ هو الذي يُعاقِر شربها ويلازمه ولا ينفك عنه، وهذا تغليظ
في أَمرها وتحريمِهِ. ويقال: دَمَّن فلان فِناءَ فلان تَدْمِيناً إذا
غشيه ولزمه؛ قال كعب بن زهير:
أَرْعى الأَمانةَ لا أَخُونُ ولا أُرى،
أَبداً، أُدَمِّن عَرْصَة الإِخْوانِ
(* قوله «عرصة الإخوان» كذا بالأصل
والتهذيب، والذي في التكملة: عرصة الخوَّان. ودَمَّن الرجلَ: رخَّص له؛
عن كراع. والمُدَمَّن: أَرض. ودَمُّون؛ بالتشديد: موضع، وقيل: أَرض؛ حكاه
ابن دريد؛ وأَنشد لامرئ القيس:
تَطاولَ الليلُ علينا دَمُّون،
دَمُّون إنَّا مَعشَرٌ يمانُونْ،
وإِنَّنا لأَهْلِنا مُحِبُّونْ.
وعبد الله بن الدُّمَيْنة: من شعرائهم.
دول: الدَّوْلةُ والدُّولةُ: العُقْبة في المال والحَرْب سَواء، وقيل:
الدُّولةُ، بالضم، في المال، والدَّوْلةُ، بالفتح، في الحرب، وقيل: هما
سواء فيهما، يضمان ويفتحان، وقيل: بالضم في الآخرة، وبالفتح في الدنيا،
وقيل: هما لغتان فيهما، والجمع دُوَلٌ ودِوَلٌ. قال ابن جني: مجيء فُعْلَة
على فُعَلٍ يريك أَنها كأَنها جاءت عندهم من فُعْلة، فكأَن دَوْلة دُولة،
وإنما ذلك لأَن الواو مما سبيله أَن يأْتي تابعاً للضمة، وهذا مما يؤكد
عندك ضعف حروف اللين الثلاثة، وقد أَدالَه. الجوهري: الدَّوْلة، بالفتح،
في الحرب أَن تُدال إِحدى الفئتين على الأُخرى، يقال: كانت لنا عليهم
الدَّوْلة، والجمع الدُّوَلُ، والدُّولة، بالضم، في المال؛ يقال: صار الفيء
دُولة بينهم يَتَداوَلونه مَرَّة لهذا ومرة لهذا، والجمع دُولات ودُوَلٌ.
وقال أَبو عبيدة: الدُّولة، بالضم، اسم للشيء الذي يُتَداوَل به بعينه،
والدَّولة، بالفتح، الفعل. وفي حديث أَشراط الساعة: إِذا كان المَغْنَم
دُوَلاً جمع دُولة، بالضم، وهو ما يُتداوَل من المال فيكون لقوم دون قوم.
الأَزهري: قال الفراء في قوله تعالى: كي لا يكون دُولة بين الأَغْنِياء
منكم؛ قرأَها الناس برفع الدال إِلا السُّلَمِيَّ فيما أَعلم فإِنه قرأَها
بنصب الدال، قال: وليس هذا للدَّوْلة بموضع، إِنما الدَّولة للجيشين
يهزِم هذا هذا ثم يُهْزَم الهازم، فتقول: قد رَجَعَت الدَّوْلة على هؤلاء
كأَنها المرَّة؛ قال: والدُّولة، برفع الدال، في المِلْك والسُّنن التي
تغيَّر وتُبدَّل عن الدهر فتلك الدُّولُة والدُّوَلُ. وقال الزجاج: الدُّولة
اسم الشيء الذي يُتداول، والدَّوْلةُ الفعل والانتقال من حال إِلى حال،
فمن قرأَ كي لا يكون دُولة فعلى أَن يكون على مذهب المال، كأَنه كي لا
يكون الفيء دُولة أَي مُتداوَلاً؛ وقال ابن السكيت: قال يونس في هذه الآية
قال أَبو عمرو بن العلاء: الدُّولة بالضم في المال، والدَّولة بالفتح في
الحرب، قال: وقال عيسى ابن عمر: كلتاهما في الحرب والمال سواء؛ وقال يونس:
أَمَّا أَنا فوالله ما أَدري ما بينهما. وفي حديث الدعاء: حَدِّثْني
بحديث سمعتَه من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لم يتداوله بينك وبينه
الرِّجال أَي لم يتناقَلْه الرجال وتَرْويه واحداً عن واحد، إِنما ترويه
أَنتَ عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم. الليث: الدَّوْلة والدُّولة لغتان،
ومنه الإِدالةُ الغَلَبة. وأَدَالَنا الله من عدوّنا: من الدَّوْلة؛
يقال: اللهم أَدِلْنِي على فلان وانصرني عليه. وفي حديث وفد ثقيف: نُدالُ
عليهم ويُدالون علينا؛ الإِدالةُ: الغَلَبة، يقال: أُدِيل لنا على أَعدائنا
أَي نُصِرْنا عليهم، وكانت الدَّوْلة لنا، والدَّوْلة: الانتقال من حال
الشدَّة إِلى الرَّخاء؛ ومنه حديث أَبي سُفْيان وهِرَقْلَ: نُدالُ عليه
ويُدالُ علينا أَي نَغْلِبه مرة ويَغلبنا أُخرى. وقال الحجاج: يوشِك أَن
تُدال الأَرضُ منا كما أُدِلْنا منها أَي يُجعل لها الكَرَّةُ والدَّوْلة
علينا فتأْكل لحومَنا كما أَكلنا ثِمارها وتَشرب دماءنا كما شربنا
مياهها.وتَداوَلْنا الأَمرَ: أَخذناه بالدُّوَل. وقالوا: دَوالَيْك أَي
مُداوَلةً على الأَمر؛ قال سيبويه: وإِن شئت حملته على أَنه وقع في هذه الحال.
ودالَت الأَيامُ أَي دارت، والله يُداوِلها بين الناس. وتَداولته الأَيدي:
أَخذته هذه مرَّة وهذه مرَّة. ودالَ الثوبُ يَدُول أَي بَلِي. وقد جَعَل
ودُّه يَدُول أَي يَبْلى.
ابن الأَعرابي: يقال حَجازَيْك ودَوالَيْكَ وهَذاذَيك، قال: وهذه حروف
خِلْقَتُها على هذا لا تُغيَّر، قال: وحَجازيك أَمَرَه أَن يَحْجُزَ
بينهم، ويحتمل أَن يكون معناه كُفَّ نَفْسَك، وأَمّا هذاذيك فإِنه يأْمره أَن
يقطع أَمر القوم، ودَوالَيْك مِنْ تَداوَلوا الأَمر بينهم يأْخذ هذا
دَولة وهذا دَولة، وقولهم دَوالَيْك أَي تَداوُلاً بعد تداول؛ قال عبد
بني الحَسْحاس:
إِذا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بالبُرْدِ مِثْلُه،
دَوالَيْكَ حتى ليس لِلْبُرْد لابِسُ
(* قوله «حتى ليس للبرد لابس» قال في التكملة: الرواية:
إذا شق برد شق بالبرد برقع
دواليك حتى كلنا غير لابس).
الفراء: جاء بالدُّوَلة والتوَلةِ وهما من الدَّواهي. ويقال: تَداوَلْنا
العملَ والأَمر بيننا بمعنى تعاوَرْناه فعَمِل هذا مَرَّة وهذا مرة؛
وأَنشد ابن الأَعرابي بيت عبد
بني الحَسْحاس:
إِذا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بُرْداكِ مِثله،
دَوالَيْك حتى ما لِذا الثوب لابِسُ
قال: هذا الرجل شَقَّ ثياب امرأَة لينظر إِلى جسدها فشَقَّت هي أَيضاً
عليه ثوبه. وقال ابن بُزُرْج: ربما أَدخلوا الأَلف واللام على دَوالَيْك
فجعل كالاسم مع الكاف؛ وأَنشد في ذلك:
وصاحبٍ صاحَبْتُه ذي مَأْفَكَهْ،
يَمْشي الدَّوالَيْكَ ويَعْدُو البُنَّكَهْ
قال: الدَّوالَيْك أَن يَتَحَفَّزَ في مِشيته إِذا حاك، والبُنَّكةُ
يعني ثِقْله إِذا عدا؛ قال ابن بري: ويقال دوال؛ قال الضباب بن سَبْع بن عوف
الحنظلي:
جَزَوْني بما رَبَّيْتُهم وحَمَلْتهم،
كذلك ما إِنَّ الخُطوب دوال
والدَّوَلُ: النَّبْل المُتداوَل؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
يَلُوذُ بالجُودِ من النَّبْلِ الدَّوَلْ
وقول أَبي دُواد:
ولقد أَشْهَدُ الرِّماحَ تُدالي،
في صُدورِ الكُماةِ، طَعْنَ الدَّرِيَّه
قال أَبو علي: أَراد تُداوِل فقلب العين إِلى موضع اللام.
وانْدال ما في بطنه من مِعًى أَو صِفاق: طُعِن فخرج ذلك. واندالَ بطنُه
أَيضاً: اتسع ودنا من الأَرض. وانْدال بطنُه: استَرْخى. واندال الشيء:
ناسَ وتَعَلَّق؛ أَنشد ابن دريد:
فَياشِلٌ كالحَدَجِ المُنْدال
بَدَوْنَ مِن مُدَّرِعي أَسْمالِ
(* قوله «مدّرعي» ضبط في مادة حدج بفتح العين على أنه مثنى، والصواب
كسرها كما ضبط في المحكم هنا).
قال ابن سيده: وأَما السيرافي فقال: مُنْدال مُنْفَعِل من التَّدَلِّي
مقلوب عنه، فعلى هذا لا يكون له مصدر لأَن المقلوب لا مصدر له. واندالَ
القومُ: تحوّلوا من مكان إِلى مكان. والدُّوَلةُ: لغة التُّوَلة. يقال:
جاءنا بدُوَلاتِه أَي بدَواهِيه، وجاءنا بالدُّوَلة أَي بالدَّاهية. أَبو
زيد: يقال وقَعوا من أَمرهم في دُولُول أَي في شدّة وأَمر عظيم؛ قال
الأَزهري: جاء به غير مهموز.
والدَّوِيلُ: النَّبْتُ العامِيُّ اليابس، وخص بعضهم به يَبِيسَ
النَّصِيِّ والسَّبَط؛ قال الرَّاعي:
شَهْرَيْ رَبِيعٍ لا تَذُوقُ لَبُونُهم
إِلا حُموضاً وخْمَةً ودَوِيلا
وهو فَعِيل. أَبو زيد: الكَلأُ الدَّويل الذي أَتت عليه سَنتانِ فهو لا
خير فيه. ابن الأَعرابي: الدالةُ الشُّهْرة ويجمع الدَّالَ. يقال:
تركناهم دالةً أَي شُهْرة. وقد دَالَ يَدُول دالة ودَوْلاً إِذا صار
شُهْرة.والدَّوالي: ضَرْب من العنب بالطائف أَسود يضرب إِلى الحُمْرة، وروى
الأَزهري بسنده إِلى أُم المنذر العَدَوِيَّة قالتْ: دخل علينا رسولُ الله،
صلى الله عليه وسلم، ومعه علي بن أَبي طالب، رضي الله عنه، وهو ناقِةٌ،
قالت: ولنا دَوالٍ مُعلَّقة، قالت: فقام رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
فأَكل وقام علي، رضي الله عنه، يأْكل فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم:
مَهْلاً فإِنك ناقِهٌ، فجلس علي، رضي الله عنه، وأَكل منها النبي، صلى
الله عليه وسلم، ثم جعلت لهم سِلْقاً وشعيراً، فقال له النبي، صلى الله
عليه وسلم: من هذا أَصِبْ فإِنه أَوْفقُ لك؛ قال: الدَّوالي جمع دالية وهي
عِذْقُ بُسْرٍ يُعلَّق فإِذا أَرْطَب أُكل، والواو فيه منقلبة عن
الأَلف.والدُّولُ: حَيٌّ من حَنِيفة ينسب إِليهم الدُّوليُّ. والدِّيلُ: في
عبدالقيس. ودالانُ: من هَمْدانَ، غير مهموز.
والدال: حرف هجاء وهو حرف مجهور يكون في الكلام أَصلاً وبدلاً؛ قال ابن
سيده: وإِنما قضينا على أَلفها أَنها منقلبة عن واو لما قدّمت في
أَخواتها مما عينه أَلف، والله أَعلم.
هطر: هَطَرَ الكلبَ يَهْطِرُه هَطْراً: قتله بالخشب. قال الليث: هَطَرَه
يَهْطِرُه هَطْراً كما يُهَيِّجُ الكلبَ بالخشبة. ابن الأَعرابي:
الهَطْرَةُ تَذَلُّلُ الفقير للغنيّ إِذا سأَله.
دمل: الدَّمَالُ: التمر العَفِن الأَسود الذي قد قَدُم، يقال: جاء بتمر
دَمَال، والدَّمَالُ فساد الطلع قبل إِدْراكه حتى يَسْوَدّ. والدَّمَال:
ما رَمَى به البحرُ من الصَّدَف والمناقِيف والنَّبَّاح. الليث: الدَّمال
السِّرْقِينُ ونحوُه، وما رَمَى به البحرُ من خُشارة ما فيه من الخَلْق
مَيِّتاً نحو الأَصداف والمَناقِيف والنَّبَّاح، فهو دَمَال؛ وأَنشد:
دَمالُ البُحورِ وحيِتانُها
وقول أُمية بن أَبي عائذ الهُذَلي:
خَيال لعَبْدَة قد هاجَ لي
خَبالاً من الدَّاء، بعدَ انْدِمالِ
قال: الاندمالُ الذَّهابُ. انْدملَ القَوْمُ إِذا ذهبوا. والدَّمال: ما
تَوَطَّأَتْهُ الدابة من البعر والوَأْلةِ وهي البعر مع التراب؛ قال:
فَصَبَّحَتْ أَرْعَلَ كالنِّقال،
ومُظْلِماً ليس على دَمال
وقد فسر هذا البيت في موضعه. والدَّمال، بالفتح: السِّرجين ونحوه.
ودَمَل الأَرضَ يَدْمُلُها دَمْلاً دَمْلاً ودَمَلاناً وأَدْمَلَها:
أَصْلَحها بالدَّمال، وقيل: دَمَلها أَصْلَحها، وأَدْمَلَها: سَرْقَنَها.
والدَّمَّال: الذي يُدْمِل الأَرض يُسَرْقِنُها. وتَدَمَّلَتِ الأَرضُ:
صَلَحت بالدَّمال؛ أَنشد يعقوب:
وقد جَعَلَتْ منازِلُ آل لَيْلى،
وأُخْرَى لم تُدَمَّلْ يَسْتَوِينا
وفي حديث سعد بن أَبي وَقَّاص: أَنه كان يَدْمُل أَرْضه بالعُرَّة؛ قال
الأَحمر: يَدْمُل أَرْضَه أَي يُصْلِحُها ويُحْسِن معالجتها بها وهي
السِّرْجِين؛ ومنه قيل للجرح: قد انْدَمل إِذا تَماثَل وصَلَح. ودَمَل بين
القوم يَدْمُل دَمْلاً: أَصْلح. وتَدامَلوا: تصالحوا؛ قال الكميت:
رَأَى إِرَةً منها تُحَشُّ لِفتْنة،
وإِيقاد راجٍ أَن يكون دَمالَها
يقول: يرجو أَن يكون سبب هذه الحرب كما أَن الدَّمَالَ يكون سبباً
لإِشعال النار.
والدُّمَّلُ: واحد دَماميل القُروح. والدُّمَلُ: الخُرَاجُ على
التَّفاؤل بالصَّلاح، والجمع دَمامِيلُ نادر. ودَمِل جُرحُه وانْدَمَلَ بَرِيءَ
والتَحم وتَماثَل؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
فكيفَ بِنَفْسٍ كُلَّما قلتُ: أَشْرَفَتْ
على البُرْءِ من دَهْماء، هِيضَ اندِمالُها؟
ودَمَله الدَّواءُ يَدْمُله؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وجُرْحُ السيفِ تَدْمُلُه فَيَبْرا،
ويَبْقَى الدَّهْرَ، ما جَرَح اللِّسانُ
(* قوله «ويبقى الدهر» كذا في النسخ، والذي في المحكم وشرح القاموس:
وجرح الدهر).
والانْدِمال: التَّماثُل من المرض والجُرْحِ، وقد دَمَلَه الدَّواءُ
فانْدَمَل. وفي حديث أَبي سَلمةَ: دَمِل جُرْحُه على بَغْيٍ ولا يَدْري به
أَي انخَتَم على فساد ولا يعلم به. والدُّمَّل: مستعمل بالعربية يجمع
دَمامِيل؛ وأَنشد:
وامْتَهَدَ الغارِبُ فِعْلَ الدُّمَّلِ
(* قوله «وامتهد الغارب فعل الدمل» هكذا ضبط في التهذيب هنا وعدة نسخ من
الصحاح، وتقدم لنا ضبطه في مهد برفع اللام من فعل، ووقع في المحكم
والتهذيب في مادة مهد بالنصب فيهما).
وقيل لهذه القُرْحَة دُمَّل لأَنها إِلى البُرْء والانْدِمال ما هي.
وانْدَمَل المريض: تماثَل، واندمَل من وجَعه كذلك، ومن مرَضه إِذا ارتفع من
مرضِه ولم يَتِمِّ بُرْؤه. والدَّمْل: الرِّفْق. ودامَلَ الرجلَ: داراه
ليُصْلح ما بينه وبينه؛ قال أَبو الأَسود:
شَنِئْتُ من الإِخْوان من لستُ زائِلاً
أُدامِلُه دَمْلَ السِّقاء المُخَرَّقِ
والمُدامَلةُ: كالمُداجاة؛ وأَنشد ابن بري لابن الطَّيْفان الدارِمي
والطَّيْفانُ أُمُّه:
ومَوْلىً كمَوْلى الزِّبْرِقان دَمَلْتُه،
كما اندَمَلَتْ ساقٌ يُهاضُ بها الكَسْر
ويقال: ادْمُل القومَ أَي اطْوِهم على ما فيهم، ويقال للسِّرْجين
الدَّمال لأَن الأَرض تُصْلَح به.
دحل: الدَّحْل: نَقْب ضيِّق فَمُه ثم يتسع أَسفله حتى يُمْشي فيه، وربما
أَنبت السِّدْر، وقيل: هو مَدْخَل تحت الجُرُف أَو في عُرْض خَشَب البئر
في أَسفلها ونحو ذلك من المَوارد والمَناهل، والجمع أَدْحُل وأَدحالٌ
ودِحال ودُحُول ودُحْلانٌ. وقد دَحَلْت فيه أَدْحَل أَي دَخَلت في
الدَّحْل؛ ورُبَّ بيتٍ من بيوت الأَعراب يجعل له دَحْل تدخل فيه المرأَة إِذا
دَخَل عليهم داخل. قال أَبو عبيد: وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه:
ادْحَلْ في كِسْر البيت، أَي ادْخُل، من ذلك. وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله
عنه: أَن رجلاً سأَله فقال له إِنِّي رجل مِصْراد أَفأُدْخِل المِبْوَلة
معي في البيت؟ قال: نعم، وادْحَل في الكِسْر؛ قال أَبو عبيد: الدَّحْل
هُوَّة تكون في الأَرض وفي أَسافل الأَودية يكون في رأْسها ضيق ثم يتسع
أَسفلها، وكِسْر الخِباء جانبُه؛ قال أَبو عبيد: فشَبَّه أَبو هريرة جوانب
الخِباء ومداخله بالدَّحْل؛ قال: هو مأْخوذ من الدَّحْل، أَي صِرْ في جانب
الخِباء كالذي يصير في الدَّحْل، ويروى: وادْحُ لها في الكسر أَي وَسِّع
لها موضعاً في زاوية منه؛ قال الأَزهري: وقد رأَيت بالخَلْصاء ونواحي
الدَّهْناء دُحْلاناً كثيرة، وقد دَخَلْت غير دَحْلٍ منها، وهي خلائق
خَلَقها الله تعالى تحت الأَرض، يذهب الدَّحْل منها سَكًّا في الأَرض قامةً أَو
قامتين أَو أَكثر من ذلك، ثم يَتَلَجَّف يميناً أَو شمالاً فمَرَّة يضيق
ومرة يتسع في صفاة مَلْساء لا تَحِيك فيها المَعاوِلُ المحدَّدة
لصلابتها، وقد دَخلت منها دَحْلاً فلما انتهيت إِلى الماء إِذا جَوٌّ من الماء
الراكد فيه لم أَقف على سَعته وعُمْقه وكثرته لإِظلام الدَّحْل تحت
الأَرض، فاستقيت أَنا مع أَصحابي من مائه فإِذا هو عَذْب زُلال لأَنه من ماء
السماء يسيل إِليه من فوق ويجتمع فيه؛ قال: وأَخبرني جماعة من الأَعراب أَن
دُحْلانَ الخَلْصاء لا تخلو من الماء، ولا يستقى منها إِلاّ للشِّفاء
والخَبْل لتعذر الاستقاء منها وبُعْدِ الماء فيها من فَوْهَة الدَّحْل،
قال: وسمعتهم يقولون دَحَل فلانٌ الدَّحْلَ، بالحاء، إِذا دَخَله؛ ابن سيده:
فأَما ما يعتاده الشعراء من ذكرهم الدَّحْلَ مع أَسماء المواضع كقول ذي
الرمة:
إِذا شئتُ أَبكاني لجَرْعاء مالكٍ،
إِلى الدَّحْل، مسْتَبْدىً لِمَيٍّ ومَحْضَرُ
فقد يكون سمي الموضع باسم الجنس، وقد يجوز أَن يكون غلب عليه اسم الجنس
كما قالوا الزُّرْق في بِرَك معروفة، وإِنما سميت بذلك لبياض مائها
وصفائها. والدَّحْلة: البئر؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
نَهَيْتُ عَمْراً ويَزِيدَ والطَّمَع،
والحِرْص يَضْطَرُّ الكريم فيَقَع،
في دَحْلةٍ فلا يَكاد يُنْتَزَع
وقوله: والطَّمَع، أَي نهيتهما فقلت لهما إِيّاكما والطَّمَع، فحذف لأَن
قوله نهيت عَمْراً ويَزِيدَ في قوة قولك قُلْت لهما إِيّاكما.
والدَّحُول: الرَّكِيَّة التي تُحْفَر فيوجد ماؤُها تحت أَجْوَالها
فتحفر حتى يُسْتَنْبَط ماؤها من تحت جالها. وبئرٌ دَحُولٌ: ذات تَلَجُّف في
نواحيها، وقيل: بئر دَحُول واسعة الجوانب. وبئر دَحُول أَي ذات تَلَجُّف
إِذا أَكل الماء جَوانبها. ودَحَلْت البئر أَدْحَلها إِذا حَفَرت في
جوانبها. وناقة دَحُولٌ: تُعارِض الإِبل مُتَنَحِّيةً عنها.
والدَّحِل من الرجال: المسترخي، وقيل العظيم البطن. أَبو عمرو: الدَّحِل
والدَّحِن البَطِين العريض البَطن. ورجل دَحِلٌ بَيِّن الدَّحَل أَي
سمين قَصِير مُنْدَلِق البطن. والدَّحِل: الداهية الخَدَّاع للناس الخبيث.
الأَزهري: الدَّحِل والدَّحِن الخَبُّ الخبيث، وقد دَحِلَ دَحَلاً، وقيل:
الدَّحَل الدَّهاء في كَيْسٍ وحِذْق. قال أَبو حاتم: وسأَلت الأَصمعي عن
قول الناس فلانٌ دَحْلانِيٌّ، نسبوه إِلى قرية بالموصل أَهلُها أَكراد
لُصُوص.
والدَّواحِيل: خَشَبات على رؤُوسها خِرَقٌ كأَنها طَرَّادات قِصَارٌ
تُرْكَز في الأَرض لصَيْد الحُمُر والظِّباء، واحدها داحُول، وقيل:
الدَّاحُول ما ينصبه صائد الظباء من الخَشَب، ويقال للذي يصيد الظِّباء
بالدَّواحِيل دَحَّال، وربما نَصَب الدَّحَّال حِبالَه بالليل للظبِّاء ورَكَز
دَواحِيلَه وأَوقد لها السُّرُج؛ قال ذو الرمة يذكر ذلك:
ويَشْرَبْن أَجْناً، والنُّجومُ كأَنها
مصابيح دَحَّالٍ يُذَكِّي ذُبَالَها
ويقال للصائد دَحَّال، ولم يخصَّ صائد الظِّباء دون غيره.
الأَزهري: يقال دَحَل فلان عَنِّي وزَحَل أَي تباعد؛ وروى بعضهم قول ذي
الرمة:
من العَضِّ بالأَفخاذ أَو حَجَباتها،
إِذا رابه استعصاؤها ودِحَالُها
ورواه بعضهم: وحِدَالها، وهما قريبا المعنى من السواء، وقد تقدم في
ترجمة حدل. قال شمر: سمعت عَليَّ
بن مُصْعَب يقول لا تَدْحَل، بالنَّبَطِيَّة، أَي لا تَخَفْ. الأَزهري:
فلان يَدْحَل عني أَي يَفِرُّ، وأَنشد:
ورَجُل يَدْحَلُ عني دَحْلا،
كدَحَلان البَكْر لاقَى الفَحْلا
قال شمر: فكأَن معنى لا تَدْحَلْ لا تَهْرُب. وفي حديث أَبي وائل قال:
ورد علينا كتاب عمر ونحن بخانِقِين إِذا قال الرجلُ للرجل لا تَدْحَل فقد
أَمَّنه؛ يقال: دَحَلَ يَدْحَل إِذا فَرَّ وهَرَب، معناه إِذا قال له لا
تَفِرَّ ولا تَهْرُبْ فقد أَعطاه بذلك أَماناً. ثعلب عن ابن الأَعرابي:
الدَّاحِل الحَقُود، بالدال. النضر: الدَّحِل من الناس عند البيع من
يُدَاحِل الناس ويماكسهم حتى يَسْتمكن من حاجته، وإِنَّه ليُدَاحِله أَي
يخادعه.
درك: الدَّرَكُ: اللحَاق، وقد أَدركه. ورجل دَرَّاك: مُدْرِك كثير
الإدْراك، وقلما يجئ فَعَّال من أَفْعَلَ يُفْعِل إلا أَنهم قد قالوا حَسَّاس
دَرّاك، لغة أَوازدواج، ولم يجئ فَعَّال من أَفْعَلَ إلاَّ دَرَّاك من
أَدْرَك، وجَبّار من أَجبره على الحكم أَكرهه، وسَأْآر من قوله أَسأَر في
الكأْس إِذا أَبقى فيها سؤْراً من الشراب وهي البقية، وحكى اللحياني:
رجل مُدْرِكةٌ، بالهاء، سريع الإدْراكِ، ومُدْرِكةُ: إسم رجل مشتق من ذلك.
وتَدَاركَ القومُ: تلاحقوا أَي لَحِق آخرُهم أَولَهم. وفي التنزيل: حتى
إذا ادّارَكُوا فيها جميعاً؛ وأَصله تَدَاركوا فأدغمت التاء في الدال
واجتلبت الألف ليسلم السكون. وتَدَارك الثَّرَيان أَي أَدرك ثرى المطر ثرى
الأرض. الليث: الدَّرَك إدراك الحاجة ومَطْلبِه. يقال: بَكِّرْ ففيه دَرَك.
والدَّرَك: اللَّحَقُ من التَّبِعَةِ، ومنه ضمان الدَّرَكِ في عهدة
البيع. والدَّرَك: اسم من الإدْراك مثل اللَّحَق. وفي الحديث: أَعوذ بك من
دَرْك الشَّقاء؛ الدَّرْك: اللَّحاق والوصول إلى الشيء، أدركته إدْراكاً
ودركاً وفي الحديث: لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دَرَكاً له في حاجته.
والدَّرَك: التَّبِعةُ، يسكن ويحرك. يقال: ما لَحِقك من دَرَكٍ فعليَّ
خلاصُه. والإدْراكُ: اللحوق. يقال: مشيت حتى أَدْرَكته وعِشْتُ حتى
أَدْرَكْتُ زمانه. وأَدْرَكْتُه ببصري أَي رأَيته وأَدْرَكَ الغلامُ وأَدْرَكَ
الثمرُ أَي بلغ، وربما قالوا أَدْرَكَ الدقيق بمعنى فَنِيَ. واستَدْرَكْت
ما فات وتداركته بمعنى. وقولهم: دَرَاكِ أَي أَدْرِكْ، وهو اسم لفعل
الأَمر، وكسرت الكاف لاجتماع الساكنين لأَن حقها السكون للأَمر؛ قال ابن بري:
جاء دَرَاك ودَرَّاك وفَعَال وفَعَّال إِنما هو من فعل ثلاثي ولم يستعمل
منه فعل ثلاثي، ون كان قد استعمل منه الدَّرْكُ؛ قال جَحْدَر بن مالك
الحنظلي يخاطب الأَسد:
لَيْثٌ ولَيْثٌ في مَجالٍ ضنكِ،
كلاهما ذو أنَف ومَحْكِ
وبَطْشةٍ وصِوْلةٍ وفَتْك،
إن يَكْشِف الله قِناع الشك
بظَفَرٍ من حاجتي ودَرْك،
فذا أَحَقُّ مَنْزِل بتَرْكِ
قال أَبو سعيد: وزادني هفّان في هذا الشعر:
الذئب يَعْوي والغُراب يَبْكي
قال الأصمعي: هذا كقول ابن مُفَرِّغ
الريحُ تَبْكي شَجْوَها،
والبرقُ يَضحك في الغَمَامة
قال: ثم قال جحدر أَيضاً في ذلك:
يا جُمْلُ إِنكِ لو شهِدْتِ كَرِيهتي،
في يوم هَيْجٍ مُسْدِفٍ وعَجاجِ،
وتَقَدُّمِي لليث أَرْسُف نحوه،
كَيْما أكابِرَه على الأَحْرَاجِ
قال: وقال قيس بن رفاعة في دَرَّاك:
وصاحب الوَتْرِ ليس الدهر مُدْرِكَهُ
عندي، وإني لدَرَّاكٌ بأَوْتارِ
والدَّرك: لحاق الفرسِ الوحْشَ وغيرها. وفرس دَرَك الطَّريدة يُدْرِكها
كما قالوا فرس قَيْدُ الأَوَابِدِ أَي أَنه يُقَيِّدها. والدَّرِيكة:
الطَّريدةُ.
والدَّراك: اتباع الشيء بعضه على بعضٍ في الأَشياء كلها، وقد تَدَارك،
والدِّراك: المُداركة. يقال: دَارَك الرجل صوته أَي تابعه. وقال اللحياني:
المُتَدَارِكة غير المُتَوَاتِرة. المُتَواتِرُ: الشيءُ الذي يكون
هُنَيَّةً ثم يجيءُ الآخر، فإذا تتابعت فليست مُتَوَاتِرة، هي مُتَداركة
متواترة.
الليث: المُتَدَارِك من القَوَافي والحروف المتحركة ما اتفق متحركان
بعدهما ساكن مثل فَعُو وأَشباه ذلك؛ قال ابن سيده: والمُتَدَارِكُ من
الشِّعْر كل قافية توالى فيها حرفان متحركان بين ساكنين، وهي متفاعِلُنْ
ومستفعلن ومفاعِلُنْ، وفَعَلْ إذا اعتمد على حرف ساكن نحو فَعُولُنْ فَعَلْ،
فاللام من فعل ساكنة، وفُلْ إذا اعتمد على حرف متحرك نحو فَعُولُ فُلْ،
اللام من فُلْ ساكنة والواو من فَعُولُ ساكنة، سمي بذلك لتوالي حركتين فيها،
وذلك أَن الحركات كما قدمنا من آلات الوصل وأَماراته، فكأنَّ بعض
الحركات أدرك بعضاً ولم يَعُقْده عنه اعتراض الساكن بين المتحركين.
وطَعَنَهُ طعناً دِراكاً وشرِب شرباً دِراكاً، وضرب دِراكٌ: متتابع.
والتَّدْرِيكُ: من المطر: أَن يُدَارِكَ القَطْرُ كأنه يُدْرِك بعضُه
بعضاً؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد أَعرابي يخاطب ابنه:
وَابِأَبي أَرْواحُ نَشْرِ فِيكا،
كأَنه وهْنٌ لمن يَدْرِيكا
إذا الكَرى سنَاتِهِ يُغْشِيكا،
رِيحَ خُزامَى وُلِّيَ الرَّكِيكا،
أَقْلَعَ لمَّا بَلَغَ التَّدْرِيكا
واسْتَدْرَك الشيءَ بالشيءِ: حاول إِدْراكه به، واستعمل هذا الأَخفش في
أَجزاء العروض فقال: لأَنه لم ينقص من الجزء شيء فيستدركه.
وأَدْرَكَ الشيءُ: بلغ وقته وانتهى. وأَدْرَك أَيضاً: فَنِيَ. وقوله
تعالى: بل ادَّارَكِ علمهم في الآخرة؛ روي عن الحسن أَنه قال: جهلوا علم
الآخرة أَي لا علم عندهم في أَمر الآخرة. التهذيب: وقوله تعالى: قل لا يعلم
مَنْ في السموات والأَرض الغيب إلا الله وما يشعرون أَيَّان يُبْعثون بل
ادَّارَكَ علمهم في الآخرة؛ قرأَ شيبة ونافع بل ادَّرَاك وقرأَ أَبو عمرو
بل أَدْرَكَ، وهي في قراءة مجاهد وأَبي جعفر المدني، وروي عن ابن عباس
أَنه قرأَ: بَلى آأَدْرَك علمهم، يستفهم ولا يشدد، فأَما من قرأَ بل
ادَّارَكَ فإن الفراء قال: معناه لغةً تَدَارَك أَي تتابع علمهم في الآخرة،
يريد بعلم الآخرة تكون أو لا تكون، ولذلك قال: بل هم في شك منها بل هم منها
عَمُون، قال: وهي في قراءة أَُبيّ تَدارَكَ، والعرب تجعَل بل مكان أَم
وأَم مكان بل إذا كان في أَول الكلمة استفهام مثل قول الشاعر:
فوالله ما أَدْرِي، أَسَلْمَى تَغَوَّلَتْ،
أَم البُومُ، أَم كلٌّ إِليَّ حَبِيبُ
معنى أَم بل؛ وقال أَبو معاذ النحوي: ومن قرأَ بل أَدْرَك ومن قرأَ بل
ادّارك فمعناهما واحد، يقول: هم علماء في الآخرة كقول الله تعالى: أَسْمعْ
بهم وأَبْصِرْ يوم يأْتوننا، ونحو ذلك. قال السدي في تفسيره، قال: اجتمع
علمهم في الآخرة ومعناها عنده أَي عَلِمُوا في الآخرة أَن الذي كانوا
يوعَدُون به حق؛ وأَنشد للأَخطل:
وأَدْرَكَ عِلْمي في سوَاءَة أَنها
تقيم على الأَوْتار والمَشْرَب الكدر
أَي أَحاط علمي بها أَنها كذلك. قال الأَزهري: والقول في تفسير أَدْرَكَ
وادَّارَكَ ومعنى الآية ما قال السدي وذهب إليه أَبو معاذ وأَبو سعيد،
والذي قاله الفراء في معنى تَدَارَكَ أَي تتَابع علمهم في الآخرة أَنها
تكون أَو لا تكون ليس بالبَيِّنِ، إِنما المعنى أَنه تتَابع علمهم في
الآخرة وتواطأَ حين حَقَّت القيامة وخسروا وبان لهم صدق ما وُعِدُوا، حين لا
ينفعهم ذلك العلم، ثم قال سبحانه: بل هم اليوم في شك من علم الآخرة بل هم
منها عَمُون، أَي جاهلون، والشَّك في أَمر الآخرة كفر. وقال شمر في قوله
تعالى: بل أَدْرَكَ علمهم في الآخرة؛ هذه الكلمة فيها أَشياء، وذلك أَنا
وجدنا الفعل اللازم والمتعدي فيها في أَفْعَلَ وتَفَاعَلَ وافْتَعَلَ
واحداً، وذلك أَنك تقول أَدْرَكَ الشيءَ وأَدْرَكْتُه وتَدَارك القومُ
وادَّارَكوا وادَّرَكُوا إذا أَدرَكَ بعضهم بعضاً. ويقال: تَدَاركتهُ
وادَّارَكْتُه وادَّرَكْتُه؛ وأَنشد:
تَدَاركتُما عَبْساً وذُبْيان بعدما
تفانَوْا، ودَقُّوا بينهم عِطْر مَنْشِمِ
وقال ذو الرمة:
مَجَّ النَّدَى المُتَدارِكِ
فهذا لازم؛ وقال الطرماح:
فلما ادَّرَكْناهُنَّ أَبدَيْنَ للهَوَى
وهذا متعد. وقال الله تعالى في اللازم: بل ادَّارَكَ علمهم. قال شمر:
وسمعت عبد الصمد يحدث عن الثوري في قوله: بل ادَّارَكَ علمُهم في الآخرة
قال مجاهد: أَم تواطأَ علمهم في الآخرة؛ قال الأَزهري: وهذا يوافق قول
السدي لأَن معنى تواطأَ تحقق واتفق حين لا ينفعهم، لا على أنه تواطأَ
بالحَدْس كما ظنه الفراء؛ قال شمر: وروي لنا حرف عن ابن المظفر قال ولم أَسمعه
لغيره ذكر أَنه قال أَدْرَكَ الشيءُ إذا فَنِيَ، فإن صح فهو في التأويل
فَنِيَ علمُهم في معرفة الآخرة، قال أَبو منصور: وهذا غير صحيح في لغة
العرب، قال: وما علمت أَحداً قال أَدْرك الشيءُ إذا فني فلا يعرّج على هذا
القول، ولكن يقال أَدْرَكتِ الثِّمار إذا بلغت إناهَا وانتهى نُضْجها؛
وأَما ما روي عن ابن عباس أَنه قرأَ بلى آأَدْرَكَ عِلْمهم في الآخرة، فإنه
إن صح استفهام فيه ردّ وتهكّم، ومعناه لم يُدْرِكْ علمهم في الآخرة، ونحو
ذلك روى شعبة عن أَبي حمزة عن ابن عباس في تفسيره؛ ومثله قول الله عز
وجل: أَم له البَناتُ ولكم البنُون؛ معنى أَم أَلف الإستفهام كأَنه قال أَله
البنات ولكم البنون، اللفظ لفظ الإستفهام ومعناه الردّ والتكذيب لهم،
وقول الله سبحانه وتعالى: لا تخاف دَرَكا ولا تخشى؛ أَي لا تخاف أَن يُدْرِ
كَكَ فرعونُ ولا تخشاه، ومن قرأَ لا تَخَفْ فمعناه لا تَخَفْ أَن يُدْرِ
كَكَ ولا تخشَ الغرق.
والدَّرْكُ والدَّرَكُ: أَقصى قَعْر الشيء، زاد التهذيب: كالبحر ونحوه.
شمر: الدَّرَكُ أَسفل كل شيء ذي عُمْق كالرَّكِيَّة ونحوها. وقال أَبو
عدنان: يقال أَدْرَكوا ماء الرَّكيّة إِدراكاً، ودَرَك الرَّكِيَّة قعرها
الذي أُدرِكَ فيه الماء، والدَّرَكُ الأَسفل في جهنم، نعوذ بالله منها:
أَقصى قعرها، والجمع أَدْرَاك. ودَرَكاتُ النارِ: منازل أَهلها، والنار
دَرَكات والجنة درجات، والقعر الآخر دَرْك ودَرَك، والدَّرَك إلى أَسفل
والدَّرَجُ إلى فوق، وفي الحديث ذكر الدَّرَك الأسفل من النار، بالتحريك
والتسكين، وهو واحد الأَدْراك وهي منازل في النار، نعوذ بالله منها. التهذيب:
والدَّرَكُ واحد من أَدْرَاك جهنم من السبع، والدَّرْكُ لغة في
الدَّرَك. الفراء في قوله تعالى: إن المنافقين في الدَّرْك الأَسفل من النار،
يقال: أَسفل دَرَجِ النار. ابن الأَعرابي: الدَّرْك الطَّبَقُ من أَطباق
جهنم، وروي عن ابن مسعود أَنه قال: الدَّرْكُ الأَسفل توابِيتُ من حديد
تصَفَّدُ علهيم في أَسفل النار؛ قال أَبو عبيدة: جهنم دَرَكاتٌ أَي منازل
وأَطباق، وقال غيره: الدَّرَجات منازل ومَرَاقٍ بعضها فوق بعض، فالدَّرَكات
ضد الدَّرَجات. وفي حديث العباس: أَنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
أَما كان ينفع عَمَّك ما كان يصنع بك؟ كان يحفظك ويَحْدَب عليك، فقال: لقد
أُخْرِجَ بسببي من أَسفل دَرَك من النار فهو في ضَحْضَاحٍ من نار، ما
يَظُنُّ أَن أَحداً أَشدُّ عذاباً منه، وما في النار أَهون عذاباً منه؛
العذاب لجعله، صلى الله عليه وسلم، إياه ضدّاً للضَّحضاح أو كالضد له،
والضَّحضاح أُريد به القليل من العذاب مثل الماء الضحضاح الذي هو ضد الغَمْر؛
وقيل لأَعرابي: إن فلاناً يدعي الفضل عليك، فقال: لو كان أَطول من مسيرة
شهر ما بلغ فضلي ولو وقع في ضَحْضاح لغَرِقَ أَي لو وقع في القليل من مياه
شَرَفي وفضلي لغرق فيه. قال الأَزهري: وسمعت بعض العرب يقول للحبل الذي
يعلق في حَلْقةِ التَّصْديرِ فيشد به القَتَبُ الدَّرَكَ والتَّبْلِغَةَ،
ويقال للحبل الذي يشد به العَرَاقي ثم يُشَدّ الرِّشاءُ فيه وهو مثني
الدَّرَكُ. الجوهري: والدَّرَك، بالتحريك، قطعة حبل يشد في طرف الرِّشاءِ
إِلى عَرْقُوَةِ الدلو ليكون هو الذي يلي الماء فلا يعفَن الرِّشاءُ. ابن
سيده: والدَّرَك حبل يُوَثَّقُ في طرف الحبل الكبير ليكون هو الذي يلي
الماء فلا يعفَن بعض الرشاء عند الإستقاء.
والدِّرْكةُ: حَلْقة الوَتَرِ التي تقع في الفُرْضة وهي أَيضاً سير
يوصَلُ بوَتَر القَوْس العربية؛ قال اللحياني: الدَّرْكة القطعة التي توصل
الحبل إذا قَصُر أَو الحِزام.
ويقال: لا بارَك الله فيه ولا دارَك ولا تارَك، إتباع كله بمعنى.
ويوم الدَّرَكِ: يوم معروف من أَيامهم.
ومُدْرِك ومُدْرِكَةُ: اسمان. ومُدْرِكةُ: لقب عمرو بن إِلياس بن مُضَر،
لقبه بها أَبوه لما أَدرك الإبل. ومُدْرك بن الجازي: فرس لكُلْثوم بن
الحرث. ودِراكٌ: اسم كلب؛ قال الكميت يصف الثور والكلاب:
فاخْتلَّ حِضْنَيْ دِراكٍ وانْثَنى حرِجاً،
لزارعٍ طَعْنَةٌ في شِدْقها نَجَلُ
أي في جانب الطعنة سعة. وزارع أَيضاً: اسم كلب.