بلفظ مضارع دام يدوم: واد في قول الهذلي أبي جندب أخي أبي خراش:
أقول لأمّ زنباع: أقيمي ... صدور العيس شطر بني تميم
وغرّبت الدعاء وأين منّي ... أناس بين مرّ وذي يدوم؟
أي باعدت الصوت في الاستغاثة، وذو يدوم: باليمن من أعمال مخلاف سنحان قرية معروفة.
قلل: القِلَّةُ: خِلاف الكثرة. والقُلُّ: خلاف الكُثْر، وقد قَلَّ
يَقِلُّ قِلَّة وقُلاًّ، فهو قَليل وقُلال وقَلال، بالفتح؛ عن ابن جني.
وقَلَّله وأقَلَّه: جعله قليلاً، وقيل: قَلَّله جعله قَليلاً. وأَقَلَّ: أَتى
بقَلِيل. وأَقَلَّ منه: كقَلَّله؛ عن ابن جني. وقَلَّله في عينه أَي أَراه
قَليلاً. وأَقَلَّ الشيء: صادَفه قَليلاً. واستقلَّه: رآه قَليلاً.
يقال: تَقَلَّل الشيءَ واستقلَّه وتَقالَّه إِذا رآه قَليلاً. وفي حديث أَنس:
أَن نَفَراً سأَلوه عن عِبادة النبي، صلى الله عليه وسلم، فلما
أُخُبِروا كأَنهم تَقالُّوها أَي استقلُّوها، وهو تَفاعُل من القِلَّة. وفي
الحديث: أَنه كان يُقِلُّ اللَّغْوَ أَي لا يَلْغُو أَصلاً؛ قال ابن الأَثير:
وهذا اللفظ يستعمَل في نفي أَصل الشيء كقوله تعالى: فَقَلِيلاً ما
يؤمنون، قال: ويجوز أَن يريد باللَّغْو الهزْلَ والدُّعاية، وأَن ذلك كان منه
قَليلاً.
والقُلُّ: القِلَّة مثل الذُّلِّ والذِّلَّة. يقال: الحمدلله على القُلّ
والكُثْر، والقِلِّ والكِثْرِ، وما له قُلٌّ ولا كُثْرٌ. وفي حديث ابن
مسعود: الرِّبا، وإِن كَثُر، فهو إِلى قُلٍّ؛ معناه إِلى قِلَّة أَي أَنه
وإِن كان زيادة في المال عاجلاً فإِنه يَؤُول إِلى النقص، كقوله: يمحَق
الله الرِّبا ويُرْبي الصَّدَقات؛ قاله أَبو عبيد وأَنشد قول لبيد:
كلُّ بَني حُرَّةٍ مَصِيرُهُمْ
قُلٌّ، وإِن أَكثرتْ من العَدَدْ
وأَنشد الأَصمعي لخالد بن عَلْقمَة الدَّارمي:
ويْلُ آمّ لَذَّات الشباب مَعِيشه
مع الكُثْرِ يُعْطاه الفَتى المُتْلِف النَّدي
قد يَقْصُر القُلُّ الفَتى دُونَ هَمِّه،
وقد كان، لولا القُلُّ، طَلاَّعَ أَنْجُدِ
وأَنشد ابن بري لآخر:
فأَرْضَوْهُ إِنْ أَعْطَوْه مِنِّي ظُلامَةً،
وما كُنْتُ قُلاًّ، قبلَ ذلك، أَزْيَبا
وقولهم: لم يترُك قَليلاً ولا كثيراً؛ قال أَبو عبيد: فإِنَّهم
يَبْدَؤون بالأَدْوَن كقولهم القَمَران، ورَبِيعة ومُضَر، وسُلَيم
وعامر.والقُلال، بالضم: القَلِيل. وشيء قليل، وجمعه قُلُل: مثل سَرِير وسُرُر.
وشيء قُلٌّ: قَليل. وقُلُّ الشيء: أَقَلُّه. والقَلِيل من الرجال:
القصير الدَّقِيق الجُثَّة، وامرأَة قَلِيلة كذلك. ورجل قُلٌّ: قصير الجُثَّة.
والقُلُّ من الرجال: الخسيس الدِّين؛ ومنه قول الأَعشى:
وما كُنْتُ قُلاًّ، قبلَ ذلك، أَزْيَبا
ووصفَ أَبو حنيفة العَرْض بالقِلَّة فقال: المِعْوَل نَصْل طويلٌ قَلِيل
العَرْض، وقومٌ قَلِيلون وأَقِلاَّءُ وقُلُلٌ وقُلُلون: يكون ذلك في
قِلَّة العَدَد ودِقَّة الجُثَّة، وقومٌ قَلِيل أَيضاً. قال الله تعالى:
واذكروا إِذ كنتم قَليلاً فكثَّركم.
وقالوا: قَلَّما يقوم زيد؛ هَيَّأَتْ ما قَلَّ ليقَعَ بعدها الفعلُ؛ قال
بعض النحويين: قَلَّ من قولك قَلَّما فِعْلٌ لا فاعل له، لأَن ما
أَزالته عن حُكْمه في تقاضيه الفاعل، وأَصارته إِلى حكم الحرف المتقاضِي للفعل
لا الاسم نحو لولا وهلاَّ جميعاً، وذلك في التَّحْضيض، وإِن في الشرط
وحرف الاستفهام؛ ولذلك ذهب سيبويه في قول الشاعر:
صَدَدْت فأَطولت الصُّدودَ، وقَلَّما
وِصالٌ على طُول الصُّدود يَدُومُ
إِلى أَن وِصالٌ يرتفِع بفعل مضمر يدلُّ عليه يَدُوم، حتى كأَنه قال:
وقَلَّما يدوم وِصالٌ، فلما أَضمر يَدُوم فسره بقوله فيما بعدُ يَدومُ،
فجرى ذلك في ارتفاعه بالفعل المضمر لا بالابتداء مجرى قولك: أَوِصالٌ يَدومُ
أَو هَلاَّ وِصال يَدُوم؟ ونظير ذلك حرف الجر في نحو قول الله عز وجل:
رُبَّما يَوَدُّ الذين كفروا؛ فما أَصلحتْ رُبَّ لوقوع الفعل بعدها
ومنعتْها وقوعَ الاسم الذي هو لها في الأَصل بعدها، فكما فارقت رُبَّ بتركيبها
مع ما حكمَها قبل أَن تركَّب معها، فكذلك فارقتْ طالَ وقَلَّ بالتركيب
الحادث فيهما ما كانتا عليه من طلبهما الأَسماء، أَلا ترى أَنْ لو قلتَ
طالما زيد عندنا أَو قَلَّما محمد في الدار لم يجز؟ وبعد فإِنَّ التركيب
يُحْدِث في المركَّبَين معنًى لم يكن قبل فيهما، وذلك نحو إِنَّ مفردة
فإِنها للتحقيق، فإِذا دخلتْها ما كافَّة صارت للتحقير كقولك: إِنَّما أَنا
عبدُك، وإِنما أَنا رسول ونحو ذلك، وقالوا: أَقَلُّ امرأَتين تَقُولان ذلك؛
قال ابن جني: لما ضارع المبتدأ حرفَ النفي بَقَّوُا المبتدأ بلا خبر.
وأَقَلَّ: افتقَرَ. والإِقْلالُ: قِلَّة الجِدَةِ، وقَلَّ مالُه. ورجل
مُقِلٌّ وأَقَلُّ: فقير. يقال: فعل ذلك من بين أَثْرَى وأَقَلَّ أَي من
بين الناس كلهم.
وقالَلْتُ له الماءَ إِذا خفتَ العطش فأَردت أَن تستقِلَّ ماءَك. أَبو
زيد: قالَلْت لفلان، وذلك إِذا قلَّلْت ما أَعطيتَه. وتَقالَلْت ما
أَعطاني أَي استقلَلْته، وتكاثَرْته أَي استكثرته.
وهو قُلُّ بنُ قُلٍّ وضُلُّ بنُ ضُلٍّ: لا يُعرف هو ولا أَبوه، قال
سيبويه: وقالوا قُلُّ رجل يقول ذلك إِلا زيد. وقدم علينا قُلُلٌ من الناس
إِذا كانوا من قَبائل شتَّى متفرِّقين، فإِذا اجتمعوا جمعاً فهم قُلَلٌ.
والقُلَّة: الحُبُّ العظيم، وقيل: الجَرَّة العظيمة، وقيل: الجَرَّة
عامة، وقيل: الكُوز الصغير، والجمع قُلَل وقِلال، وقيل: هو إِناءٌ للعرب
كالجَرَّة الكبيرة؛ وقال جميل بن معمر:
فظَلِلْنا بنِعمة واتَّكَأْنا،
وشَرِبْنا الحَلالَ من قُلَلِهْ
وقِلال هَجَر: شبيهة بالحِبَاب؛ قالَ حسان:
وأَقْفَر من حُضَّارِه وِرْدُ أَهْلِهِ،
وقد كان يُسقَى في قِلالٍ وحَنْتَم
وقال الأَخطل:
يَمْشُون حَولَ مُكَدَّمٍ، قد كَدَّحَتْ
مَتْنَيه حَمْلُ حَناتِمٍ وقِلال
وفي الحديث: إِذا بلَغ الماءُ قُلَّتين لم يحمِل نَجَساً، وفي رواية: لم
يحمِل خَبَثاً؛ قال أَبو عبيد في قوله قُلَّتين: يعني هذه الحِبَاب
العِظام، واحدتها قُلَّة، وهي معروفة بالحجاز وقد تكون بالشام. وفي الحديث في
ذكر الجنة وصفة سِدْرة المُنْتَهَى: ونَبِقُها مثل قِلال هَجَر، وهَجَر:
قرية قريبة من المدينة وليست هَجَر البحرين، وكانت تعمل بها القِلال.
وروى شمر عن ابن جريج قال: أَخبرني من رأَى قِلال هجر تسع القُلَّة منها
الفَرَق؛ قال عبد الرزاق: الفَرَق أَربعة أَصْوُع بصاع سيدنا رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، وروي عن عيسى بن يونس قال: القُلَّة يؤتى بها من ناحية
اليمن تسع فيها خمس جِرار أَو سِتّاً؛ قال أَحمد بن حنبل: قدر كل كل
قُلَّة قِرْبتان، قال: وأَخشى على القُلَّتين من البَوْل، فأَما غير البَوْل
فلا ينجسه شيء، وقال إِسحق: البول وغيره سواء إِذا بلغ الماء قُلَّتين
لم ينجسه شيء، وهو نحو أَربعين دَلْواً أكثر ما قيل في القُلَّتين، قال
الأَزهري. وقِلال هَجر والأَحْساء ونواحيها معروفة تأْخذ القُلَّة منها
مَزادة كبيرة من الماء، وتملأُ الرواية قُلَّتين، وكانوا يسمونها الخُرُوس،
واحدها خَرْس، ويسمونها القلال، واحدتها قُلَّة، قال: وأَراها سميت
قِلالاً لأَنها تُقَلُّ أَي ترفَع إِذا ملئت وتحمَل.
وفي حديث العباس: فحَثَا في ثوبه ثم ذهب يُقِلُّه فلم يستطِع؛ يقال:
أَقَلَّ الشيءَ يُقِلُّه واستقلَّه يستقلُّه إِذا رفعه وحمله. وأَقَلَّ
الجَرَّة: أَطاق حملها. وأَقَلَّ الشيء واستقبلَّه: حمله ورفعه.
وقُلَّة كل شيء: رأْسه. والقُلَّة: أَعلى الجبل. وقُلَّة كل شيء:
أَعلاه، والجمع كالجمع، وخص بعضهم به أَعلى الرأْس والسنام والجبل. وقِلالة
الجبل: كقُلَّته؛ قال ابن أَحمر:
ما أُمُّ غَفْرٍ في القِلالة، لم
يَمْسَسْ حَشاها، قبله، غَفْر
ورأْس الإِنسان قُلَّة؛ وأَنشد سيبويه:
عَجائب تُبْدِي الشَّيْبَ في قُلَّة الطِّفْل
والجمع قُلَل؛ ومنه قول ذي الرمة يصف فِراخ النعامة ويشبه رؤوسها
بالبنادق:
أَشْداقُها كصُدُوع النَّبْع في قُلَلٍ،
مثل الدَّحارِيج لم يَنْبُت لها زَغَبُ
وقُلَّة السيف: قَبِيعَتُه. وسيف مُقَلَّل إِذا كانت له قَبِيعة؛ قال
بعض الهذليين:
وكُنَّا، إِذا ما الحربُ ضُرِّس نابُها،
نُقَوِّمُها بالمَشْرَفِيِّ المُقَلَّل
واستقلَّ الطائر في طيرانه: نَهض للطيران وارتفع في الهواء. واستقلَّ
النبات: أَنافَ. واستقلَّ القوم: ذهبوا واحتملوا سارِين وارتحلوا؛ قال الله
عز وجل: حتى إِذا أَقَلَّتْ سحاباً ثِقالاً؛ أَي حَمَلت. واستقلَّت
السماء: ارتفعت. وفي الحديث: حتى تَقالَّت الشمس أَي استقلَّت في السماء
وارتفعت وتعالَتْ. وفي حديث عمرو بن عَنْبسة: قال له إِذا ارتفعت الشمس
فالصلاة مَحْظُورة حتى يستقلَّ الرُّمْحُ بالظِّل أَي حتى يبلُغ ظل الرمح
المغروس في الأَرض أَدنى غاية القِلَّة والنقص، لأَن ظل كل شخص في أَوَّل
النهار يكون طويلاً ثم لا يزال ينقص حتى يبلُغ أَقصره، وذلك عند انتِصاف
النهار، فإِذا زالت الشمس عاد الظل يزيد، وحينئذ يدخُل وقت الظهر وتجوز
الصلاة ويذهب وقت الكراهة، وهذا الظل المتناهي في القصر هو الذي يسمَّى ظل
الزوال أَي الظل الذي تزول الشمس عن وسط السماء وهو موجود قبل الزيادة،
فقوله يستقِلُّ الرمحُ بالظل، هو من القِلَّة لا من الإِقْلال والاسْتقلالِ
الذي بمعنى الارتفاع والاسْتبداد.
والقِلَّة والقِلُّ، بالكسر: الرِّعْدة، وقيل: هي الرِّعْدة من الغضب
والطمَع ونحوه يأْخذ الإِنسان، وقد أَقَلَّته الرِّعْدة واستقلَّته؛ قال
الشاعر:
وأَدْنَيْتِني حتى إِذا ما جَعَلْتِني
على الخَصْرِ أَو أَدْنَى، اسْتَقَلَّك راجِفُ
يقال: أَخذه قِلُّ من الغضب إِذا أُرْعِد ويقال للرجل إِذا غضب: قد
استقلَّ.
الفراء: القَلَّة النَّهْضة من عِلَّة أَو فقر، بفتح القاف. وفي حديث
عمر: قال لأَخيه زيد لمَّا ودَّعه وهو يريد اليمامة: ما هذا القِلُّ الذي
أَراه بك؟ القِلُّ، بالكسر: الرِّعْدة.
والقِلالُ: الخُشُب المنصوبة للتَّعريش؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد:
من خَمر عانَةَ، ساقِطاً أَفنانُها،
رفَع النَّبيطُ كُرُومَها بقِلال
أَراد بالقِلال أَعْمِدة ترفَع بها الكُروم من الأَرض، ويروى بظلال.
وارتحل القوم بقِلِّيَّتِهم أَي لم يَدَعوا وراءهم شيئاً. وأَكل
الضَّبَّ بقِلِّيَّتِه أَي بعظامه وجلده. أَبو زيد: يقال ما كان من ذلك قلِيلةٌ
ولا كَثِيرةٌ وما أَخذت منه قليلةً ولا كثيرة بمعنى لم آخُذ منه شيئاً،
وإِنما تدخل الهاء في النفي. ابن الأَعرابي: قَلَّ إِذا رفَع، وقَلَّ إِذا
علا.
وبنو قُلٍّ: بطن.
وقَلْقَل الشيءَ قَلْقَلَةً وقِلْقالاً وقَلْقالاً فَتَقَلْقَل
وقُلْقالاً؛ عن كراع وهي نادرة أَي حرَّكه فتحرَّك واضطرب، فإِذا كسرته فهو مصدر،
وإِذا فتحته فهو اسم مثل الزِّلْزال والزَّلْزال، والاسم القُلْقال؛
وقال اللحياني: قَلْقَل في الأَرض قَلْقَلةً وقِلْقالاً ضرَب فيها، والاسم
القَلْقالُ. وتَقَلْقل: كقَلْقَل. والقُلْقُل والقُلاقِلُ: الخفيف في
السفَر المِعْوان السريع التَّقَلْقُل. ورجل قَلْقال: صاحبُ أَسفار.
وتَقَلْقَل في البلاد إِذا تقلَّب فيها. وفرس قُلْقُل وقُلاقِل: جواد سريع.
وقَلْقَل أَي صوَّت،. وهو حكاية. قال أَبو الهيثم: رجل قُلْقُل بُلْبُل إِذا
كان خفيفاً ظريفاً، والجمع قَلاقِل وبَلابِل. وفي حديث عليّ: قال أَبو عبد
الرحمن السلمي خرج علينا عليٌّ وهو يَتَقَلْقَل؛ التَّقَلْقُل: الخفَّة
والإِسراع، من الفَرَسِ القُلْقُلِ، بالضم، ويروى بالفاء، وقد تقدم. وفي
الحديث: ونَفْسه تَقَلْقَل في صدره أَي تتحرك بصوت شديد وأَصله الحركة
والاضطراب. والقَلْقَلة: شدّة الصياح. وذهب أَبو إِسحق في قَلْقَل وصَلْصَل
وبابُه أَنه فَعْفَل. الليث: القَلْقَلة والتَّقَلْقُل قِلَّة الثبوت في
المكان. والمِسْمارُ السَّلِسُ يَتَقلْقَل في مكانه إِذا قَلِق.
والقَلْقَلة: شدّة اضطراب الشيء وتحركه، وهو يَتَقَلْقَل ويَتَلقْلَق. أَبو
عبيد: قَلْقَلْت الشيء ولَقْلَقْتُه بمعنى واحد.
والقِلْقِل: شجر أَو نبت له حبٌّ أَسود؛ قال أَبو النجم:
وآضَتِ البُهْمَى كنَبْلِ الصَّيْقَلِ،
وحازَتِ الرِّيحُ يَبِيس القِلْقِل
وفي المثل:
دَقَّك بالمِنْحازِ حَبَّ القِلْقِل
والعامة تقول حب الفُلْفُل؛ قال الأَصمعي: وهو تصحيف، إِنما هو بالقاف،
وهو أَصلب ما يكون من الحبوب، حكاه أَبو عبيد. قال ابن بري: الذي ذكره
سيبويه ورواه حب الفُلْفُل، بالفاء، قال: وكذا رواه عليّ بن حمزة؛
وأَنشد:وقد أَراني في الزمانِ الأَوَّلِ
أَدُقُّ في جارِ اسْتِها بمِعْوَلِ،
دَقَّك بالمِنْحازِ حبَّ الفُلْفُلِ
وقيل: القِلْقِل نبت ينبت في الجَلَد وغَلْظ السَّهْل ولا يكاد ينبُت في
الجبال، وله سِنْف أُفَيْطِحُ ينبُت في حبات كأَنهنّ العدَس، فإِذا
يَبِس فانتفَخ وهبَّت به الريحُ سمعْت تَقلقُلَه كأَنه جَرَس، وله ورَق أَغبر
أَطْلس كأَنه ورَق القَصَب. والقُلاقِل والقُلْقُلان: نَبْتان. وقال
أَبو حنيفة: القِلْقِل والقُلاقِل والقُلْقُلان كله شيء واحد نَبْت، قال:
وذكر الأَعراب القُدُم أَنه شجر أَخضر ينهَض على ساقٍ، ومَنابتُه الآكام
دون الرياض وله حب كحبِّ اللُّوبِياء يؤكَل والسائمةُ حريصة عليه؛
وأَنشد:كأَنّ صوتَ حَلْيِها، إِذا انْجَفَلْ،
هَزُّ رِياحٍ قُلْقُلاناً قد ذَبَلْ
والقُلاقِلُ: بَقْلة بَرِّيَّة يُشْبِه حبُّها حبَّ السِّمْسِم ولها
أَكمام كأَكمامها. الليث: القِلْقِل شجر له حبٌّ عِظام ويؤْكل؛ وأَنشد:
أَبْعارُها بالصَّيْفِ حَبُّ القِلقِل
وحب القِلقِل مُهَيِّج على البِضاع يأْكله الناس لذلك؛ قال الراجز
وأَنشده أَبو عمرو لليلى:
أَنْعَتُ أَعْياراً بأَعلى قُنَّهْ
أَكَلْنَ حَبَّ قِلْقِلٍ، فَهُنَّهْ
لهنّ من حُبّ السِّفادِ رِنَّهْ
وقال الدينَوَري: القِلْقِل والقُلاقِل والقُلْقُلانُ كله واحد له حب
كحَب السِّمْسِم وهو مهيّج للباهِ؛ وقال ذو الرمة في القِلقِل ووصف
الهَيْف:وساقَتْ حَصادَ القُلْقُلان، كأَنما
هو الخَشْلُ أَعْرافُ الرِّياحِ الزَّعازِع
والقُلْقُلانِيُّ: طائر كالفاخِتة.
وحُروف القَلْقلة: الجيمُ والطاءُ والدالُ والقاف والباء؛ حكاها سيبويه،
قال: وإِنما سميت بذلك للصوت الذي يحدث عنها عند الوقف لأَنك لا تستطيع
أَن تقِف عنده إِلا معه لشدة ضَغْط الحرف.
دوم: دامَ الشيءُ يَدُومُ ويَدامُ؛ قال:
يا مَيّ لا غَرْوَ ولا مَلامَا
في الحُبِّ، إن الحُبَّ لن يَدامَا
قال كراع: دامَ يَدُومُ فَعِلَ يَفْعُلُ، وليس بقَوِيٍّ، دَوْماً
ودَواماً ودَيْمومَةً؛ قال أَبو الحسن: في هذه الكلمة نظر، ذهب أهل اللغة في
قولهم دِمْتَ تَدُومُ إلى أنها نادرة كمِتَّ تَموتُ، وفَضِلَ يَفْضُلُ،
وحَضِرَ يَحْضُرُ، وذهب أبو بكر إلى أنها متركبة فقال: دُمْتَ تَدُومُ
كقُلْتَ تَقُولُ، ودِمْتَ تَدامُ كخِفْتَ تَخافُ، ثم تركبت اللغتان فظنّ قوم
أن تَدُومُ على دِمْتَ، وتَدامُ على دُمْتَ، ذهاباً إلى الشذوذ وإيثاراً
له، والوَجْه ما تقدم من أَن تَدامُ على دِمْتَ، وتَدُومُ على دُمْتَ، وما
ذهبوا إليه من تَشْذيذ دِمْتَ تَدومُ أخف مما ذهبوا إليه من تَسَوُّغِ
دُمْتَ تَدامُ، إذ الأُولى ذات نظائر، ولم يُعْرَفْ من هذه الأخيرة إلاَّ
كُدْتَ تَكادُ، وتركيب اللغتين باب واسع كَقَنَطَ يَقْنَطُ ورَكَنَ
يَرْكَنُ، فيحمله جُهَّالُ أهل اللغة على الشذوذ. وأَدامَهُ واسْتَدامَهُ:
تأَنَّى فيه، وقيل: طلب دوَامَهُ، وأَدْومَهُ كذلك. واسْتَدَمْتُ الأمر إذا
تأَنَّيْت فيه؛ وأنشد الجوهري للمَجْنون واسمه قَيسُ بن مُعاذٍ:
وإنِّي على لَيْلى لَزارٍ، وإنَّني،
على ذاكَ فيما بَيْنَنا، مُسْتَدِيمُها
أي منتظر أن تُعْتِبَني بخير؛ قال ابن بري: وأَنشد ابن خالويه في
مُسْتَديم بمعنى مُنْتَظِر:
تَرَى الشُّعراءَ من صَعِقٍ مُصابٍ
بصَكَّتِه، وآخر مُسْتَدِيمِ
وأَنشد أَيضاً:
إذا أَوقَعْتُ صاعِقةً عَلَيْهِمْ،
رأَوْا أُخْرَى تُحَرِّقُ فاسْتَدامُوا
الليث: اسْتِدامَةُ الأَمرِ الأَناةُ؛ وأَنشد لقَيْسِ ابن زُهَيرٍ:
فلا تَعْجَلْ بأَمرِكَ واسْتَدِمْهُ،
فما صَلَّى عَصاكَ كَمُسْتَدِيمِ
وتَصْلِيةُ العصا: إدارتها على النار لتستقيم، واسْتدامتها: التَّأَنِّي
فيها، أي ما أَحْكَمَ أَمْرَها كالتَّأَنِّي. وقال شمر: المُسْتَدِيمُ
المُبالِغُ في الأمر. واسْتَدِمْ ما عند فلان أي انتظره وارْقُبْهُ؛ قال:
ومعنى البيت ما قام بحاجتك مثلُ من يُعْنى بها ويحب قضاءها. وأَدامه
غيرهُ، والمُداومَةُ على الأمر: المواظبة عليه. والدَّيُّومُ: الدائِمُ منه
كما قالوا قَيُّوم.
والدِّيمةُ: مطر يكون مع سكون، وقيل: يكون خمسة أَيَّامٍ أو ستة وقيل:
يوماً وليلة أو أكثر، وقال خالد بن جَنْبَةَ: الدِّيمةُ من المطر الذ لا
رَعْدَ فيه ولا بَرْقَ تَدُومُ يَوْمَها، والجمع دِيَمٌ، غُيِّرَت الواو
في الجمع لتَغَيُّرِها في الواحد. وما زالت السماءُ دَوْماً دَوماً
ودَيْماً دَيْماً، الياء على المعاقبة، أي دائمة المطر؛ وحكى بعضهم: دامَتِ
السماءُ تَدِيمُُ دَيْماً ودَوَّمَتْ وديَّمَتْ؛ وقال ابن جني: هو من الواو
لاجتماع العرب طُرّاً على الدَّوامِ، وهو أَدْوَمُ من كذا، وقال أيضاً:
من التدريج في اللغة قولهم دِيمةٌ ودِيَمٌ، واستمرار القلب في العين إلى
الكسرة قبلها
(* قوله «إلى الكسرة قبلها» هكذا في الأصل)، ثم تجاوزوا ذلك
لما كثر وشاع إلى أن قالوا دَوَّمَتِ السماءُ ودَيَّمَتْ، فأَما
دَوَّمَتْ فعلى القياس، وأما دَيَّمَتْ فلاستمرار القلب في دِيمَةٍ ودِيَمٍ؛
أَنشد أبو زيد:
هو الجَوادُ ابنُ الجَوادِ ابنِ سَبَل،
إنْ دَيَّمُوا جادَ، وإنْ جادُوا وَبَلْ
ويروى: دَوَّمُوا. شمر: يقال دِيمةٌ ودِيْمٌ؛ قال الأَغْلَبُ:
فَوارِسٌ وحَرْشَفٌ كالدِّيْمِ،
لا تَتَأَنَّى حَذَرَ الكُلُومِ
روي عن أبي العَمَيْثَلِ أنه قال: دِيمَة وجمعها دُيومٌ بمعنى
الدِّيمةِ. وأَرض مَدِيمَةٌ ومُدَيَّمَةٌ: أصابتها الدِّيَمُ، وأَصلها الواو؛ قال
ابن سيده: وأَرى الياء معاقبة؛ قال ابن مقبل:
عَقِيلَةُ رَمْلٍ دافعَتْ في حُقوفِهِ
رَخاخَ الثَّرَى، والأُقْحُوانَ المُدَيَّمَا
وسنذكر ذلك في ديم. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، أنها سئلت: هل كان
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يُفَضِّلُ بعض الأَيام على بعض؟ وفي
رواية: أنها ذكرَتْ عَمَل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالت: كان عَمَلُهُ
دِيمَةً؛ شبهتْه بالدِّيمَةِ من المطر في الدَّوامِ والاقتصاد. وروي عن
حُذَيْقَة أنه ذكر الفتن فقال: إنها لآتِيَتُكُمْ دِيَماً، يعني أنها
تملأ الأرض مع دَوامٍ؛ وأَنشد:
دِيمَةٌ هَطْلاءُ فيها وَطَفٌ،
طَبَّقَ الأَرْضَ، تَحَرَّى وتَدُرّ
والمُدامُ: المَطر الدائم؛ عن ابن جني.
والمُدامُ والمُدامَةُ: الخمر، سميت مُدامَةً لأنه ليس شيء تُستطاع
إدامَةُ شربه إلا هي، وقيل: لإدامتها في الدَّنِّ زماناً حتى سكنتْ بعدما
فارَتْ، وقيل: سُمِّيَتْ مُدامَةً إذا كانت لا تَنْزِفُ من كثرتها، فهي
مُدامَةٌ ومُدامٌ، وقيل: سميت مُدامَةً لِعتْقها.
وكل شيء سكن فقد دامَ؛ ومنه قيل للماء الذي يَسْكن فلا يجري: دائِمٌ.
ونهى النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يُبالَ في الماء الدائم ثم يُتَوضَّأَ
منه، وهو الماء الراكد الساكنُ، من دامَ يَدُومُ إذا طال زمانه. ودامَ
الشيءُ: سكن. وكل شيء سكَّنته فقد أَدَمْتَه. وظلٌّ دَوْمٌ وماء دَوْمٌ:
دائم، وصَفُوهُما بالمصدر.
والدَّأْماءُ: البحر لدَوامِ مائه، وقد قيل: أصله دَوْماء، فإعْلاله على
هذا شاذ. ودامَ البحرُ يَدُومُ: سكن؛ قال أَبو ذؤيب:
فجاء بها ما شِئْتَ من لَطَمِيَّةٍ،
تَدُومُ البحارُ فوقها وتَمُوجُ
ورواه بعضهم: يَدُومُ الفُراتُ، قال: وهذا غلط لأن الدُّرَّ لا يكون في
الماء العذب.
والدَّيْمومُ والدَّيْمومَةُ: الفلاة يَدُومُ السير فيها لبعدها؛ قال
ابن سيده: وقد ذكرت قول أبي عليّ أنها من الدَّوامِ الذي هو السخ
(* قوله:
السخَّ، هكذا في الأصل). والدَّيْمُومةُ: الأرض المستوية التي لا أَعلام
بها ولا طريق ولا ماء ولا أنيس وإن كانت مُكْلِئَةً، وهنَّ الدَّيامِيمُ.
يقال: عَلَوْنا دَيْمومةً بعيدة الغَوْرِ، وعَلَوْنا أرضاً دَيْمومة
مُنكَرةً. وقال أبو عمرو: الدَّيامِيمُ الصَّحاري المُلْسُ المتباعدة
الأَطرافِ.
ودَوَّمَتِ الكلابُ: أمعنت في السير؛ قال ذو الرمة:
حتى إذا دَوَّمَتْ في الأرض راجَعَهُ
كِبْرٌ، ولو شاء نَجّى نفسَه الهَرَبُ
أي أمعنت فيه؛ وقال ابن الأعرابي: أدامَتْهُ، والمعنيان مقتربان؛ قال
ابن بري: قال الأصمعي دَوَّمَتْ خطأٌ منه، لا يكون التَّدْويم إلا في
السماء دون الأرض؛ وقا الأخفش وابن الأعرابي: دَوَّمَتْ أبعدت، وأصله من دامَ
يَدُومُ، والضمير في دَوَّمَ يعود على الكلاب؛ وقال عليُّ بن حمزة: لو
كان التَّدْويمُ لا يكون إلا في السماء لم يجز أَن يقال: به دُوامٌ كما
يقال به دُوارٌ، وما قالوا دُومَةُ الجَنْدَلِ وهي مجتمعة مستديرة. وفي حديث
الجارية المفقودة: فَحَمَلني على خافيةٍ ثم دَوَّمَ بي في السُّكاك أي
أدارني في الجوّ. وفي حديث قُسٍّ والجارُود: قد دَوَّمُوا العمائم أي
أَداروها حول رؤوسهم. وفي التهذيب في بيت ذي الرمة: حتى إذا دَوَّمَتْ، قال
يصف ثوراً وحشيّاً ويريد به الشمس، قال: وكان ينبغي له أن يقول دَوَّتْ
فدَوَّمَتْ استكراه منه. وقال أبو الهيثم: ذكر الأصمعي أن التَّدْويمَ لا
يكون إِلا من الطائر في السماء، وعاب على ذي الرمة موضعه؛ وقد قال رؤبة:
تَيْماء لا يَنْجو بها من دَوَّما،
إذا عَلاها ذو انْقِباضٍ أَجْذَما
أي أَسرع. ودَوَّمَتِ الشمس في كَبِد السماء. ودَوَّمَت الشمس: دارت في
السماء. التهذيب: والشمس لها تَدْويمٌ كأنها تدور، ومنه اشْتُقَّتْ
دُوّامَةُ الصبي التي تدور كدَوَرانها؛ قال ذو الرمة يصف جُنْدَباً:
مُعْرَوْرِياً رَمَضَ الرَّضْراض يَرْكُضُهُ،
والشَّمْسُ حَيْرى لها في الجَوّ تَدْوِيمُ
كأَنها لا تمضي أي قد رَكِبَ حَرَّ الرَّضْراض، والرَّمَضُ: شدة الحر،
مصدر رَمِضَ يَرمَضُ رَمَضاً، ويركُضُهُ: يضربه برجله، وكذا يفعل
الجُندَبُ. قال أبو الهيثم: معنى قوله والشمس حَيْرى تقف الشمس بالهاجِرَةِ على
المَسير مقدار ستين فرسخاً
(* قوله مقدار ستين فرسخاً» عبارة التهذيب
مقدار ما تسير ستين فرسخاً). تدور على مكانها. ويقال: تَحَيَّرَ الماء في
الروضة إذا لم يكن له جهة يمضي فيها فيقول كأنها مُتَحَيِّرَة لدَوَرانها،
قال: والتَّدْويمُ الدَّوَرانُ، قال أبو بكر: الدائم من حروف الأضداد،
يقال للساكن دائم، وللمتحرِّك دائم. والظل الدَّوْمُ: الدائم؛ وأَنشد ابن
بري للَقِيط بن زُرارَةَ في يوم جَبَلَة:
يا قَوْمِ، قدْ أحْرَقْتُموني باللَّوْمْ،
ولم أُقاتِلْ عامِراً قبلَ اليَوْمْ
شَتَّانَ هذا والعِناقُ والنَّوْم،
والمَشْرَبُ البارِدُ والظِّلُّ الدَّوْم
ويروى: في الظل الدَّوْم. ودَوَّمَ الطائر إذا تحرك في طَيَرانه، وقيل:
دَوَّمَ الطائر إذا سَكَّنَ جناحيه كَطَيَرَانِ الحِدَإِ والرَّخَم.
ودَوَّمَ الطائرُ واستدامَ: حَلَّقَ في السماء، وقيل: هو أن يُدَوِّمَ في
السماء فلا يحرك جناحيه، وقيل: أن يُدَوِّمَ ويحوم؛ قال الفارسي: وقد
اختلفوا في الفرق بين التَّدوِيمِ والتَّدْوِيَةِ فقال بعضهم: التَّدْويمُ في
السماء، والتَّدْوِيَةُ في الأَرض، وقيل بعكس ذلك، قال: وهو الصحيح، قال
جَوَّاسٌ، وقيل هو لعمرو بن مِخْلاةِ الحمارِ:
بيَوْمٍ ترى الرايات فيه، كأَنها
عَوافي طيورٍ مُسْتَديم وواقِع
ويقال: دَوَّم الطائرُ في السماء إذا جعل يَدُور، ودَوَّى في الأرض، وهو
مثل التَّدْويمِ في السماء. الجوهري: تَدْويمُ الطائر تَحْلِيقُهُ في
طَيَرانِهِ ليرتفع في السماء، قال: وجعل ذو الرمة التَّدْوِيمَ في الأَرض
بقوله في صفة الثور: حتى إذا دَوَّمَتْ في الأرض (البيت) وأَنكر الأصمعي
ذلك وقال: إنما يقال دَوَّى في الأَرض ودَوَّمَ في السماء، كما قدمنا
ذكره، قال: وكان بعضهم يُصَوِّبُ التَّدْويم في الأرض ويقول: منه اشتقت
الدُّوَّامَةُ، بالضم والتشديد، وهي فَلْكَةٌ يرميها الصبي بخيط فتُدَوِّمُ
على الأرض أي تدور، وغيره يقول: إنما سُمِّيَت الدُّوَّامَةَ من قولهم
دَوَّمْتُ القِدْرَ إذا سكَّنْتَ غليانها بالماء لأنها من سرعة دَورَانها قد
سكنتْ وهَدَأَتْ.
والتَّدْوامُ: مثل التَّدْويمِ؛ وأنشد الأحمر في نعت الخيل:
فَهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائِداتِها،
جُنْحَ النَّواصِي نحْوَ أَلْوِياتها،
كالطير تَبْقي مُتَداوِماتِها
قوله تَبْقي أي تنظر إِليها أنت وتَرْقُبُها، وقوله مُتَداوِمات أي
مُدَوِّمات دائرات عائفات على شيء. وقال بعضهم: تَدْويمُ الكلب إمعانُهُ في
الهَرَبِ، وقد تقدم. ويقال للطائ إذا صَفّ جناحيه في الهواء وسَكَّنهما
فلم يحركهما كما تفعل الحِدَأُ والرَّخَمُ: قد دَوَّمَ الطائر تَدْوِيماً،
وسُمِّي تدويماً لسكونه وتركه الخَفَقان بجناحيه. الليث: التَّدْويمُ
تَحْلِيقُ الطائر في الهواء ودَوَرانه.
ودُوَّامة الغلام، برفع الدال وتشديد الواو: وهي التي تلعب بها الصبيان
فَتُدار، والجمع دُوَّامٌ، وقد دَوَّمْتُها. وقال شمر: دُوَّامةٌ الصبي،
بالفارسية، دوابه وهي التي تلعب بها الصبيان تُلَفُّ بسير أو خيط ثم
تُرْمى على الأرض فتَدور؛ قال المُتَلَمِّسُ في عمرو بن هند:
ألَك السَّدِيرُ وبارِقٌ،
ومَرابِضٌ، ولَكَ الخَوَرْنَقْ،
والقَصْرُ ذو الشُّرُفاتِ من
سِنْدادَ، والنَّخْلُ المُنَبَّقْ،
والقادِسِيَّةُ كلُّها،
والبَدْوُ من عانٍ ومُطْلَقْ؟
وتَظَلُّ، في دُوَّامةِ الـ
ـمولودِ يُظْلَمُها، تَحَرَّقْ
فَلَئِنْ بَقيت، لَتَبْلُغَنْ
أرْماحُنا منك المُخَنَّقْ
ابن الأعرابي: دامَ الشيءُ إذا دار، ودام إذا وقَف، ودام إذا تَعِبَ.
ودَوَّمَتْ عينُه: دارت حدقتها كأنها في فَلْكةٍ، وأَنشد بيت رؤبة:
تَيْماء لا يَنْجُو بها من دَوَّمَا
والدُّوامُ: شبه الدُّوارِ في الرأْس، وقد دِيمَ به وأُدِيمَ إذا أخذه
دُوارٌ. الأَصمعي: أخذه دُوَامٌ في رأْسه مثل الدُّوارِ، وهو دُوارُ
الرأْس. الأَصمعي: دَوّمَتِ الخمر شاربها إذا سكر فدارَ. وفي حديث عائشة: أنها
كانت تَصِفُ من الدُّوامِ سبع تمرات من عَجْوَةٍ في سبع غَدَواتٍ على
الريق؛ الدُّوامُ، بالضم والتخفيف: الدُّوارُ الذي يَعْرِضُ في الرأْس.
ودَوَّمَ المرقةَ إذا أَكثر فيها الإهالة حتى تَدُور فوقها، ومرقة داوِمة
نادر، لأن حق الواو في هذا أن تقلب همزة. ودَوَّمَ الشيء: بَلَّةُ، قال ابن
أحمر:
هذا الثَّناءُ، وأَجْدِرْ أَن أُصاحِبَهُ
وقد يُدَوِّمُ ريقَ الطامِعِ الأَمَلُ
أي يبلُّه؛ قال ابن بري: يقول هذا ثنائي على النُّعْمان ابن بشير،
وأجْدر أن أُصاحبه ولا أُفارقه، وأَملي له يُبْقي ثنائي عليه ويُدَوِّمُ ريقي
في فمي بالثناء عليه. قال الفراء: والتَّدْويمُ أن يَلُوكَ لسانَه لئلا
ييبس ريقُه؛ قال ذو الرُّمَّةِ يصف بعيراً يَهْدِرُ في شِقْشِقتِه:
في ذات شامٍ تَضْرِبُ المُقَلَّدَا،
رَقْشَاءَ تَنْتاخُ اللُّغامَ المُزْبِدَا،
دَوَّمَ فيها رِزُّه وأَرْعَدَا
قال ابن بري: وقوله في ذات شامٍ يعني في شِقْشِقَةٍ، وشامٌ: جمع شامةٍ،
تَضْرب المُقَلَّدَا أي يخرجها حتى تبلغ صفحة عنقه؛ قال: وتَنْتاخُ عندي
مثل قول الراجز:
يَنْباعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ حُرَّةٍ
على إشباع الفتحة، وأَصله تَنْتَخ وتَنْبَعُ، يقال: نَتَخَ الشوكة من
رجله إذا أَخرجها، والمِنْتاخُ: المِنْقاش، وفي شعره تَمْتاخ أي تخرج،
والماتِخُ: الذي يخرج الماء من البئر. ودَوَّمَ الزعفرانَ: دافَهُ؛ قال
الليث: تَدْوِيمُ الزعفران دَوْفُه وإدارَتُه في دَوْفِه؛ وأَنشد:
وهُنَّ يَدُفْنَ الزَّعفران المُدَوَّمَا
وأدامَ القِدْرَ ودَوَّمَها إذا غَلَت فنضحها بالماء البارد ليسكن
غَلَيانها؛ وقيل: كَسَرَ غليانها بشيء وسكَّنَهُ؛ قال:
تَفُورُ علينا قِدْرُهُمْ فنُدِيمُها،
ونَفْثَؤُها عَنَّا إذا حَمْيها غلى
قوله نُدِيمُها: نُسَكِّنها، ونَفْثَؤُها: نكسرها بالماء؛ وقال جرير:
سَعَرْتُ عليكَ الحَربَ تَغلي قُدورُها،
فهَلأَّ غَداةَ الصِّمَّتَيْنِ تُدِيمُها
يقال: أَدام القِدْرَ إذا سكَّن غَلَيانها بأن لا يُوقدَ تحتها ولا
يُنزِلَها، وكذلك دَوَّمَها. ويقال للذي تُسَكَّنُ به القدر: مِدْوامٌ. وقال
اللحياني: الإدامةُ أن تترك القدر على الأثافيِّ بعد الفراغ، لا ينزلها
ولا يوقدها. والمِدْوَمُ والمِدْوامُ: عود أو غيره يُسَكَّنُ به غليانها؛
عن اللحياني.
واسْتَدامَ الرجلُ غريمه: رفَق به، واسْتَدْماهُ كذلك مقلوب منه؛ قال
ابن سيده: وإنما قضينا بأَنه مقلوب لأَنَّا لم نجد له مصدراً؛ واسْتَدْمَى
مَوَدَّته: ترقبها من ذلك، وإن لم يقولوا فيه اسْتَدام؛ قال كُثَيِّرٌ:
وما زِلْتُ أَسْتَدْمِي، وما طَرَّ شارِبي،
وِصالَكِ، حتى ضَرَّ نفسي ضَمِيرُها
قوله وما طَرَّ شارِبي جملة في موضع الحال. وقال ابن كَيْسانَ في باب
كان وأخواتها: أما ما دامَ فما وَقتٌ، تقول: قُمْ ما دام زيدٌ قائماً، تريد
قُمْ مُدَّةَ قيامه؛ وأَنشد:
لَتَقْرَبَنَّ قَرَباً جُلْذِيَّا،
ما دام فيهِنَّ فَصِيل حَيَّا
أي مدَّة حياة فُصْلانها، قال: وأما صار في هذا الباب فإنها على
ضَرْبين: بلوغ في الحال، وبلوغ في المكان، كقولك صار زيد إلى عمرو، وصار زيد
رجلاً، فإذا كانت في الحال فهي مثل كان في بابه، فأَما قولهم ما دام فمعناه
الدَّوامُ لأن ما اسم موصول بدامَ ولا يُسْتَعْمَلُ إلا ظَرْفاً كما
تستعمل المصادر ظروفاً، تقول: لا أَجلس ما دُمْتَ قائماً أي دَوامَ قيامِكَ،
كما تقول: ورَدْتُ مَقْدَمَ الحاجّ.
والدَّوْمُ: شجر المُقْلِ، واحدته دَوْمَةٌ، وقيل: الدَّوْمُ شجر معروف
ثَمَرُهُ المُقْلُ. وفي الحديث: رأَيت النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو في
ظل دَوْمة؛ قال ابن الأثير: هي وادة الدَّوْمِ وهو ضخام الشجر، وقيل:
شجر المُقْلِ. قال أَبو حنيفة: الدَّوْمَةُ تَعْبُلُ وتَسْمُو ولها خُوصٌ
كخُوصِ النحل وتُخرِجُ أَقْناءً كأَقْناء النخلة. قال: وذكر أبو زياد
الأعرابي أن من العرب من يسمي النَّبْقَ دَوْماً. قال: وقال عُمَارَةُ
الدَّوْمُ العظامُ من السِّدْرِ. وقال ابن الأَعرابي: الدَّوْمُ ضِخام الشجر
ما كان؛ وقال الشاعر:
زَجَرْنَ الهِرَّ تحت ظلال دَوْمٍ،
ونَقَّبْنَ العَوارِضَ بالعُيونِ
وقال طُفَيْلٌ:
أَظُعْنٌ بِصَحْراء الغَبيطَينِ أم نَخْلُ
بَدَتْ لك، أمْ دَومٌ بأَكمامِها حَمْلُ؟
قال ابو منصور: والدَّوْمُ شجر يشبه النخل إلاَّ أنه يُثْمِر المُقْلَ،
وله لِيفٌ وخُوص مثل ليف النخل. ودُومَةُ الجَنْدَلِ: موضع، وفي الصحاح:
حِصْنٌ، بضم الدال، ويسميه أهل الحديث دَوْمَة، بالفتح، وهو خطأٌ، وكذلك
دُوماء الجَنْدَلِ. قال أَبو سعيد الضرير: دَوْمَةُ الجَنْدَلِ في غائط
من الأرض خمسة فراسِخَ، ومن قِبَلِ مغربه عين تَثُجُّ فتسقي ما به من
النخل والزرع، قال: ودَوْمَةُ ضاحِيَةٌ بين غائطها هذا، واسم حصنها مارِدٌ،
وسميت دَوْمَةَ الجَنْدَلِ لأن حصنها مبني بالجندل، قال: والضاحِيةُ من
الضَّحْل ما كان بارزاً من هذا الغَوْطِ والعينِ التي فيه، وهذه العين لا
تسقي الضاحية، وقيل: هو دُومة، بضم الدال، قال ابن الأثير: وقد وردت في
الحديث، وتضم دالها وتفتح، وهي موضع؛ وقول لبيد يصف بنات الدهر:
وأَعْصَفْنَ بالدُّومِيِّ من رأْس حِصْنِهِ،
وأَنْزَلْنَ بالأَسباب ربَّ المُشَقَّرِ
يعني أُكَيْدِر، صاحب دُومَةِ الجَنْدَلِ. وفي حديث قصر الصلاة: وذكر
دَوْمِين؛ قال ابن الأَثير: هي بفتح الدال وكسر الميم، قرية قريبة من
حِمْص.والإدامَةُ: تَنْقيرُ السهم على الإبْهام. ودُوِّمَ السهم: فُتِل
بالأَصابع؛ وأنشد أبو الهيثم للكميت:
فاسْتَلَّ أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّلُهُ،
عند الإدامَةِ، حتى يَرْنُوَ الطَّرِبُ
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: قالت لليَهُود عليكم السامُ الدامُ أَي
الموت الدائم، فحذفت الياء لأجل السام.
ودَوْمانُ: اسم رجل. ودَوْمانُ: اسم قبيلة. ويَدُومُ: جبل؛ قال الراعي:
وفي يَدُومَ، إذا اغْبَرَّتْ مَناكِبُهُ،
وذِرْوة الكَوْر عن مَرْوانَ مُعْتزل
وذو يَدُومَ: نهر من بلاد مُزَيْنَة يدفع بالعقيق؛ قال كُثَيِّرُ
عَزَّةَ:
عَرَفْتُ الدار قد أَقْوَتْ بِرِئْمٍ
إلى لأْيٍ، فمَدْفَعِ ذي يَدُومِ
وأَدام: موضع؛ قال أَبو المُثَلَّمِ:
لقد أُجْرِي لمصْرَعِهِ تَلِيدٌ،
وساقَتْهُ المَنِيَّةُ من أَداما
قال ابن جني: يكون أَفْعَلَ من دامَ يَدُومُ فلا يصرف كما لا يصرف
أَخْزَمُ وأَحمر، وأصله على هذا أدْوَم، قال: وقد يكون من د م ي، وهو مذكور في
موضعه، والله أعلم.
ختعر: الخَيْتَعُورُ: السَّرَابُ؛ وقيل: هو ما يبقى من السراب لا يلبث
أَن يضمحل؛ وقال كراع: هو ما يبقى من آخر السراب حين يتفرّق فلا يلبث أَن
يضمحل، وخَتْعَرَتُه: اضمِحْلالُه. والخَيْتَعُور: الذي ينزل من الهواء
في شدة الحر أَبيضَ الخُيوطِ أَو كنسج العنكبوت. والخُيْتَعُور: الغادِرُ.
والخَيْتَعورُ: الدنيا، على المَثَلِ، وقيل: الذئب، سمي بذلك لأَنه لا
عهد له ولا وفاء، وقيل: الغُولُ لتلّوّنها. وامرأَة خَيْتَعُورٌ: لا يدوم
وُدُّها، مشبهة بذلك، وقيل:كُلُّ شيء يتلوّن ولا يدوم على حال
خَيْتَعُورٌ؛ قال:
كلُّ أُنْثَى، وإِن بَدا لَكَ منها
آيةُ الحُبِّ، حُبُّها خَيْتَعُورُ
كذلك رواه ابن الأَعرابي بتاء ذات نقطتين. الفراء: يقال للسلطان
الخَيْتَعُورُ.
والخَيْتَعُورُ: دُوَيْبَّةٌ سوداء تكون على وجه الماء لا تلبث في موضع
إِلاَّ رَيْثَما تَطْرِفُ. والخَيْتَعُور: الداهية. ونَوًى خَيْتَعُورٌ،
وهي التي لا تستقيم؛ وقوله أَنشده يعقوب:
أَقولُ، وقد نَأَتْ بهم غُرْبَةُ النِّوَى:
نَوًى خَيْتَعُورٌ لا تَشِطُّ دِيارُك
يجوز أَن تكون الداهية، وأَن تكون الكاذبة، وأَن تكون التي لا تبقى. ابن
الأَثير: ذئب العقبة يقال له الخَيْتَعُورُ؛ يريد شيطان العَقَبَةِ فجعل
الختَعُورُ اسماً له، هو كل من يضمحل ولا يدوم على حالة واحدة أَو لا
يكون له حقيقة كالسراب ونحوه، والياء فيه زائدة.
لأي: الَّلأَى: الإِبْطاء والاحْتِباس، بوزن اللَّعا، وهومن المصادر
التي يعمل فيها ما ليس مِن لفظها، كقولك لَقِيته التِقاطاً وقَتَلْته
صَبْراً ورأَيته عِياناً؛ قال زهير:
فَلأْياً عَرفت الدارَ بعد توهُّم
وقال اللحياني: الَّلأْيُ اللُّبْثُ، وقد لأَيْت أَلأَى لأْياً، وقال
غيره: لأأَيْت في حاجتي، مشدَّد، أَبطأْت. والتَأَتْ هي: أَبْطَأَت.
التهذيب: يقال لأَى يَلأَى لأْياً والتَأى يَلْتَئي إِذا أَبطأَ. وقال الليث:
لم أَسمع العرب تجعلها معرفة، ويقولون: لأْياً عرفْتُ وبَعدَ لأْيٍ فعلت
أَي بعد جَهْد ومشقة. ويقال: ما كِدْت أَحمله إِلاَّ لأْياً، وفعلت كذا
بعد لأْيٍ أَي بعد شدَّة وإِبْطاء. وفي حديث أُم أَيمن، رضي الله عنها:
فبِلأْيٍ ما استَغْفَرَلهم رسولُ الله أَي بعد مشقة وجهدْ وإِبْطاء؛ ومنه
حديث عائشة، رضي الله عنها، وهِجْرَتِها ابنَ الزُّبَيْرِ: فبِلأْيٍ مَّا
كَلَّمَتْهُ. واللأَى: الجَهْد والشدَّة والحاجة إِلى الناس؛ قال العجير
السلولي:
وليس يُغَيِّرُ خِيمَ الكَريم
خُلُوقةُ أَثْوابِه واللأَى
وقال القتيبي في قوله:
فَلأْياً بِلأْيٍ مَّا حَمَلْنا غُلامَنا
أَي جَهْداً بعد جَهْد قَدَرْنا على حَمْله على الفرس. قال: واللأْيُ
المشقة والجهد. قال أَبو منصور: والأَصل في اللأْي البُطْء؛ وأَنشد أَبو
الهيثم لأَبي زبيد:
وثارَ إِعْصارُ هَيْجا بينَهُمْ، وخَلَتْ
بالكُورِ لأْياً، وبالأَنساع تَمْتَصِعُ
قال: لأْياً بعد شدَّة، يعني أَن الرجل قتله الأَسد وخلت ناقته بالكور،
تمتصع: تحرك ذنبها. واللأَى: الشدة في العيش، وأَنشد بيت العجير السلولي
أَيضاً. وفي الحديث: مَن كان له ثلاثُ بنات فصَبَر على لأْوائهن كُنَّ له
حجاباً من النار؛ اللأْواء الشدة وضيق المعيشة؛ ومنه الحديث: قال له
أَلَسْتَ تَحْزَنُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُك اللأْواء؟ ومنه الحديث الآخر: مَن صبر
على لأْوء المَدينة؛ واللأْواء المشَقة والشدة، وقيل: القَحْط، يقال:
أَصابتهم لأْواء وشَصاصاء، وهي الشدة، قال: وتكون اللأْواء في العلة؛ قال
العجاج:
وحالَتِ اللأْواء دون نسعي
وقد أَلأَى القومُ، مثل أَلعى، إِذا وقعوا في اللأْواء. قال أَبو عمرو:
اللأْلاء الفرح التام.
والْتَأَى الرجل: أَفلَسَ
واللأَى، بوزن اللَّعا: الثَّوْر الوحشيّ؛ قال اللحياني: وتثنيته
لأَيان، والجمع أَلآء مثل أَلْعاعٍ مثل جبَل وأَجبال، والأُنثى لآة مثل لَعاةٍ
ولأَىً، بغير هاء، هذه عن اللحياني، وقال: إِنها البقرة من الوحش خاصة.
أَبو عمرو: اللأَى البقرة، وحكي: بكَمْ لآك هذه أَي بقرتُك هذه؛ قال
الطرماح:
كظَهْرِ اللأَى لو يُبْتَغى رَيَّةٌ بها،
لَعَنَّتْ وشَقَّتْ في بُطُون الشَّواجِنِ
ابن الأَعرابي: لآةٌ وأَلاة بوزن لَعاة وعَلاة. وفي حديث أَبي هريرة،
رضي الله عنه: يَجِيء من قِبَل المَشْرِق قَوم وصفَهم، ثم قال: والرّاوية
يَومئذٍ يُسْتَقى عليها أَحَبُّ إِليَّ من لاءٍ وشاءٍ؛ قال ابن الأَثير:
قال القتيبي هكذا رواه نَقَلة الحديث لاء بوزن ماء، وإِنما أَلآء بوزن
أَلْعاع، وهي الثِّيران، واحدها لأَىً بوزن قَفاً، وجمعه أَقْفاء، يريد
بَعِير يُسْتقى عليه يومئذ خير من اقتناء البقر والغنم، كأَنه أَراد الزراعة
لأَن أَكثر من يَقْتَني الثيران والغنم الزرَّاعون. ولأْيٌ ولُؤَيُّ:
اسمان، وتصغير لأْي لُؤَيٌّ، ومنه لؤيّ بن غالب أَبو قريش. قال أَبو منصور:
وأَهل العربية يقولون هو عامر بن لُؤيّ، بالهمز، والعامة تقول لُوَيّ،
قال علي بن حمزة: العرب في ذلك مختلفون، من جعله من اللأْي همزه، ومن جعله
من لِوَى الرَّمْل لم يهمزه. ولأْيٌ: نهر من بلاد مُزَيْنةَ يدفع في
العقيق؛ قال كثير عزة:
عَرَفْتُ الدَّار قدْ أَقْوَتْ برِيمِ
إِلى لأْيٍ، فمَدْفَعِ ذِي يَدُومِ
(* قوله« إلى لأي» هذا ما في الأصل، وفي معجم ياقوت: ببطن لأي بوزن
اللعا، ولم يذكر لأي بفتح فسكون.)
واللاَّئي: بمعنى اللَّواتي بوزن القاضي والدَّاعي. وفي التنزيل العزيز:
واللاَّئي يَئِسْنَ من المَحِيض. قل ابن جني: وحكي عنهم اللاَّؤو فعلوا
ذلك يريد اللاَّؤون، فحذف النون تخفيفاً.
صوم: الصَّوْمُ: تَرْكُ الطعامِ والشَّرابِ والنِّكاحِ والكلامِ، صامَ
يَصُوم صَوْماً وصِياماً واصْطامَ، ورجل صائمٌ وصَوْمٌ من قومٍ صُوَّامٍ
وصُيّامٍ وصُوَّمٍ، بالتشديد، وصُيَّم، قلبوا الواو لقربها من الطرف؛
وصِيَّمٍ؛ عن سيبويه، كسروا لمكان الياء، وصِيَامٍ وصَيَامى، الأَخير نادر،
وصَوْمٍ وهو اسمٌ للجمع، وقيل: هو جمعُ صائمٍ. وقوله عز وجل: إني
نَذَرْتُللرَّحْمَنِ صَوْماً؛ قيل: معناه صَمْتاً، ويُقوِّيه قولهُ تعالى: فلن
أُكلِّمَ اليومَ إنْسِيّاً. وفي الحديث: قال النبي، صلى الله عليه وسلم،
قال الله تعالى كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلاّ الصَّومَ فإنه لي؛ قال أَبو
عبيد: إنما خص الله تبارك وتعالى الصَّومَ بأَنه له وهو يَجْزِي به، وإنْ
كانت أَعمالُ البِرِّ كلُّها له وهو يَجْزِي بها، لأَن الصَّوْمَ ليس
يَظْهَرُ من ابنِ آدمَ بلسانٍ ولا فِعْلٍ فتَكْتُبه الحَفَظَةُ، إنما هو
نِيَّةٌ في القلب وإمْساكٌ عن حركة المَطْعَم والمَشْرَب، يقول الله تعالى:
فأنا أَتوَلَّى جزاءه على ما أُحِبُّ من التضعيف وليس على كتابٍ كُتِبَ
له، ولهذا قال النبي، صلى الله عليه وسلم: ليس في الصوم رِياءٌ، قال: وقال
سفيان بن عُيَيْنة: الصَّوْمُ هُو الصَّبْرُ، يَصْبِرُ الإنسانُ على
الطعام والشراب والنكاح، ثم قرأ: إنما يُوَفَّى الصابرونَ أَجْرَهم بغير
حِساب. وقوله في الحديث: صَوْمُكُمْ يومَ تَصُومون أَي أَن الخَطأَ موضوع عن
الناس فيما كان سبيلُه الاجتهادَ، فَلو أنَّ قوماً اجتهدُوا فلم يَرَوا
الهِلال إلا بعدَ الثلاثين ولم يُفْطِروا حتى اسْتَوْفَوا العددَ، ثم
ثَبَت أَن الشهرَ كان تِسْعاً وعشرين فإن صَوْمَهم وفطْرهم ماضٍ ولا شيء
عليهم من إثْم أَو قضاءٍ، وكذلك في الحج إذا أَخطؤُوا يومَ عَرفة والعيد فلا
شيء عليهم. وفي الحديث: أَنه سئل عمَّنْ يَصُومُ الدهرَ فقال: لا صامَ
ولا أَفْطَرَ أَي لم يَصُمْ ولم يُفْطِرْ كقوله تعالى: فلا صَدَّق ولا
صَلَّى؛ وهو إحْباطٌ لأَجْرِه على صَوْمِه حيث خالف السنَّةَ، وقيل: هو
دُعاءٌ عليه كراهِيةً
لصنيعهِ. وفي الحديث: فإنِ امْرُؤٌ قاتَلَهُ أَو شاتَمه فَلْيَقُلْ إني
صائمٌ؛ معناه أن يَرُدَّه بذلك عن نفسه ليَنْكَفَّ، وقيل: هو أَن يقول
ذلك في نفسه ويُذَكِّرَها به فلا يَخُوضَ معه ولا يُكافِئَه على شَتْمِه
فَيُفْسِدَ صَوْمَه ويُحْبِطَ أَجْرَه. وفي الحديث: إذا دُعِيَ أَحدُكم إلى
طعام وهو صائمٌ فَلْيَقُلْ إني صائم؛ يُعَرِّفُهم بذلك لئلا يُكْرِهُوه
على الأَكل أَو لئلا تَضِيقَ صدورُهم بامتناعه من الأكل. وفي الحديث:
مَنْ مات وهو صائمٌ فلْيَصُمْ عنه وَليُّه. قال ابن الأَثير: قال بظاهرِه
قومٌ من أَصحاب الحديث، وبه قال الشافعي في القديم، وحَمَلَه أَكثرُ
الفقهاء على الكفَّارة وعَبَّر عنها بالصوم إذ كانت تُلازِمُه. ويقال: رجلٌ
صَوْمٌ ورجُلانِ صَوْمٌ وقوم صَوْمٌ
وامرأَة صَوْمٌ، لا يثنى ولا يجمع لأَنه نعت بالمصدر، وتلخيصه رجلٌ ذو
صَوْمٍ وقوْم ذو صوم وامرأَة ذاتُ صَوْمٍ. ورجل صَوَّامٌ قَوَّامٌ إذا كان
يَصُوم النهارَ ويقومُ الليلَ، ورجالٌ ونِساءٌ صُوَّمٌ وصُيَّمٌ
وصُوَّامٌ وصُيَّامٌ. قال أَبو زيد: أَقمتُ بالبصرة صَوْمَينِ أي رَمضانينِ.
وقال الجوهري: رجل صَوْمانُ أي صائمٌ. وصامَ الفرسُ صَوْماً أي قام على غير
اعْتلافٍ. المحكم: وصامَ الفرَسُ على آرِيِّه صَوْماً وصِياماً إذا لم
يَعْتَلِفْ، وقيل: الصائمُ من الخيل القائمُ الساكنُ الذي لا يَطْعَم
شيئاً؛ قال النابغة الذُّبياني:
خَيْلٌ صِيامٌ وخيلٌ غيرُ صائمةٍ،
تحتَ العَجاجِ، وأُخرى تَعْلُكُ اللُّجُما
الأَزهري في ترجمة صون: الصائِنُ من الخيل القائمُ على طرَفِ حافِره من
الحَفاء، وأما الصائمُ فهو القائمُ على قوائمه الأَربع من غير حَفاء.
التهذيب: الصَّوْمُ في اللغة الإمساكُ عن الشيء والتَّرْكُ له، وقيل للصائم
صائمٌ لإمْساكِه عن المَطْعَم والمَشْرَب والمَنْكَح، وقيل للصامت صائم
لإمساكه عن الكلام، وقيل للفرس صائم لإمساكه عن العَلَفِ مع قيامِه.
والصَّوْمُ: تَرْكُ الأَكل. قال الخلىل: والصَّوْمُ قيامٌ بلا عمل. قال أَبو
عبيدة: كلُّ مُمْسكٍ عن طعامٍ أَو كلامٍ أَو سيرٍ فهوصائمٌ. والصَّوْمُ:
البِيعةُ. ومَصامُ الفرسِ ومَصامَتُه: مَقامُه ومَوْقِفُه؛ وقال امرؤ
القيس:
كأنَّ الثُّرَيّا عُلِّقَتْ في مَصامِها،
بأمْراسِ كَتَّانٍ إلى صُمِّ جَنْدَلِ
ومَصَامُ النَّجْمِ: مُعَلَّقُه. وصامَتِ الريحُ: رَكَدَتْ. والصَّوْمُ:
رُكُودُ الريحِ. وصامَ النهارُ صَوماً إذا اعْتَدَلَ وقامَ قائمُ
الظهيرة؛ قال امرؤ القيس.
فدَعْها، وسَلِّ الهَمَّ عنْكَ بِجَسْرةٍ
ذَمُولٍ، إذا صامَ النهارُ، وهَجَّرا
وصامَت الشمسُ: استوت. التهذيب: وصامَت الشمسُ عند انتصاف النهار إذا
قام ولم تَبْرَحْ مكانَها. وبَكْرةٌ صائمةٌ إذا قامت فلم تَدُرْ؛ قال
الراجز:
شَرُّ الدِّلاءِ الوَلْغَةُ المُلازِمَهْ،
والبَكَراتُ شَرُّهُنَّ الصَّائِمهْ
يعني التي لا تَدُورُ. وصامَ النَّعامُ إذا رَمَى بِذَرْقِه وهو
صَوْمُه. المحكم: صامَ النعامُ صَوْماً أَلْقَى ما في بطنه. والصَّوْمُ: عُرَّةُ
النَّعامِ، وهو ما يَرْمي به من دُبُرِه. وصامَ الرجلُ إذا تَظَلَّلَ
بالصَّوْمِ، وهو شجرٌ؛ عن ابن الأَعرابي. والصَّوْمُ: شجرٌ
على شَكْل شخص الإنسانِ كرِيهُ المَنْظَر جِدّاً، يقال لِثَمرِه رؤُوس
الشياطين، يُعْنى بالشياطين الحَيّاتُ، وليس له وَرَقٌ؛ وقال أَبو حنيفة:
للصَّوْم هَدَبٌ ولا تَنْتَشِرُ أَفْنانُه ينْبُتُ نباتَ الأثْل ولا
يَطُولُ طُولَه، وأكثرُ مَنابِته بلادُ بني شَبابة؛ قال ساعدة بن
جُؤَيَّة:مُوَكَّلٌ بشُدوفِ الصَّوْمِ يَرْقُبُها،
من المَناظِر، مَخْطوفُ الحَشَا زَرِمُ
شُدُوفُه: شُخوصُه، يقول: يَرْقُبها من الرُّعْبِ يَحْسَبُها ناساً،
واحدتُه صَوْمة. الجوهري: الصَّوْمُ شجرٌ
في لغة هُذَيْل، قال ابن بري: يعني قول ساعدة:
موكَّل بشدوف الصوم يبصرها،
من المعازب، مخطوفُ الحَشَا زَرِمُ
وفسره فقال: من المَعازب من حيث يَعْزُبُ عنه الشيء أَي يتباعد، ومخطوفُ
الحَشا: ضامِرُه، وزَرِم: لا يَثْبُتُ في مكان، والشُّدُوفُ: الأَشخاص،
واحدها شَدَفٌ.
قال ابن بري: وصَوامٌ جَبَلٌ؛ قال الشاعر:
بمُسْتَهْطِعٍ رَسْلٍ، كأَنَّ جَدِيلَه
بقَــيْدُومِ رعْنٍ مِنْ صَوامٍ مُمَنَّع
جعع: الجَعْجاعُ: الأَرض، وقيل: هو ما غَلُظَ منه. وقال أَبو عمرو:
الجَعْجاع الأَرض الصُّلْبة. وقال ابن بري: قال الأَصمعي الجَعْجاع الأَرض
التي لا أَحد بها؛ كذا فسره في بيت ابن مقبل:
إِذا الجَوْنةُ الكدْراء نالَتِ مَبِيتَنا،
أَناخَتْ بجَعْجاعٍ جَناحاً وكَلْكَلا
وقال نُهَيْكةُ الفزاري:
صَبْراً بَغِيضَ بن رَيْثٍ، إِنها رَحِمٌ
حُبْتُمْ فأَناخَتْكم بجَعْجاعِ
وكلُّ أَرض جَعْجاعٌ ؛ قال الشماخ:
وشُعْثٍ نَشاوى من كَرًى ، عند ضُمَّرٍ،
أَنَخْنَ بجَعْجاعٍ جَدِيبِ المُعَرَّجِ
وهذا البيت لم يُستَشْهد إلاَّ بعَجُزه لا غير، وأَوردوه: وباتوا
بجَعْجاع؛ قال ابن بري: وصوابه أَنخْن بجعجاع كما أَوردناه.
والجَعْجَعُ: ما تَطامَنَ من الأَرض. وجَعْجَعَ بالبعير: نَحَرَه في ذلك
الموضع. قال إِسحق بن الفَرَج: سمعت أَبا الربيع البكْرِيّ يقول:
الجَعْجَعُ والجَفْجَفُ من الأَرض المُتطامِنُ، وذلك أَن الماء يَتَجَفْجَف فيه
فيقوم أَي يَدُوم، قال: وأَرَدْتُه على يَتَجَعْجع فلم يقلها في الماء.
ومكانٌ جَعْجَعٌ وجَعْجاعٌ: ضَيّق خَشِن غَلِيظ؛ ومنه قول تأَبّط شرًّا:
وبما أَبْرَكَها في مُناخٍ
جَعْجَعٍ ، يَنْقَبُ فيه الأَظَلُّ
أَبركها: جَثَّمها وأَجْثاها؛ وهذا يقوِّي رواية من روى قول أَبي قيْس
بن الأَسْلَتِ:
مَن يَذُقِ الحَرْب، يَذُقْ طَعْمَها
مُرًّا، وتُبْرِكْه بجَعْجاعِ
والأَعرف: وتَتْرُكْه، واستشهد الجوهري بهذا البيت في الأَرض الغليظة.
وجَعْجَعَ القومُ أَي أَناخوا، ومنهم من قَيَّد فقال: أَناخوا
بالجَعْجاع؛ قال الراجز:
إِذا عَلَوْنَ أَرْبَعاً بأَرْبَعِ،
بجَعْجَعٍ مَوْصِيَّةٍ بجَعْجَعِ،
أَنَنَّ أَنَّاتِ النُّفوسِ الوُجَّعِ
أَربعاً: يعني الأَوْظِفةَ، بأَربع: يعني الذِّراعَين والساقين؛ ومثله
قول كعب بن زهير:
ثَنَتْ أَرْبَعاً منها على ثِنْي أَرْبَعٍ،
فهُنَّ بمَثْنِيّاتِهنَّ ثَمان
وجَعَّ فلان فلاناً إِذا رَماه بالجَعْوِ، وهو الطِّينُ، وجَعَّ إِذا
أَكل الطين، وفَحْل جَعْجاع: كثيرُ الرُّغاء؛ قال حُمَيْد بن ثَور:
يُطِفْنَ بجَعْجاعٍ ، كأَن جِرانَه
نَجِيبٌ على جالٍ من النهْر أَجْوَف
والجَعْجاع من الأَرض: مَعْرَكةُ الأَبطال. والجَعْجعةُ: أَصوات الجمال
إِذا اجتمعت. وجَعْجَعَ الإِبلَ وجَعْجَعَ بها: حرَّكها للإِناخة أَو
النُّهوض؛ قال الشاعر:
عَوْد إِذا جُعْجِعَ بعدَ الهَبِّ
وقال أَوْسُ بن حَجَر:
كأَنَّ جُلودَ النُّمْرِ جِيبَتْ عليهِمُ،
إِذا جَعْجَعوا بين الإِناخةِ والحَبْسِ
قال ابن بري: معنى جَعْجَعُوا في هذا البيت نزلوا في موضع لا يُرْعَى
فيه ، وجعله شاهداً على الموضع الضيِّق الخَشن. وجَعْجَعَ بهم أَي أناخ بهم
وأَلزمهم الجَعْجاعَ. وفي حديث علي، رضي الله عنه: فأَخذنا عليهم
(*
قوله «فأَخذنا عليهم إلخ» هو هكذا في الأصل والنهاية.) أَن يُجَعْجِعا عند
القرآن ولا يُجاوزاه أَي يُقيما عنده. وجَعْجَعَ البعيرُ أَي بَرَك
واسْتناخَ؛ وأَنشد:
حتى أَنَخْنا عِزَّه فَجَعْجعا
وجَعْجَع بالماشية وجَفْجَفَها إِذا حَبَسها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
نَحُلُّ الدِّيارَ وَراء الدِّيا
ر، ثم نُجَعْجع فيها الجُزُرْ
نُجَعْجِعُها: نَحْبِسُها على مكروهها. والجَعْجاعُ: المَحْبِسُ.
والجَعْجَعَةُ: الحَبْسُ. والجَعْجاعُ: مُناخُ السَّوْء من حَدَب أَو غيره.
والجَعْجعةُ: القُعود على غير طُمأْنينةٍ. والجَعْجعةُ: التضْيِيق على
الغَرِيم في المُطالَبة. والجَعْجَعةُ: التَّشْريدُ بالقوم، وجَعْجَعَ به:
أَزْعجَه. وكتب عبيد الله بن زياد إلى عَمرو بن سعد: أَن جَعْجِعْ بالحسين
بن علي بن أَبي طالب أَي أَزْعِجْه وأَخْرِجه، وقال الأَصمعي: يعني
احْبِسْه، وقال ابن الأَعرابي: يعني ضَيِّقْ عليه، فهو على هذا من الأَضداد؛
قال الأَصمعي: الجَعْجَعةُ الحَبْس، قال: وإنما أَراد بقوله جَعْجِعْ
بالحسين أَي احْبِسْه؛ ومنه قول أَوْس بن حَجَر:
إِذا جَعْجَعُوا بين الإِناخةِ والحَبْسِ
والجَعْجَعُ والجَعْجَعة: صوت الرَّحَى ونحوها. وفي المثل: أَسْمَعُ
جَعْجَعةً ولا أَرى طحْناً؛ يضرب للرجل الذي يُكثر الكلام ولا يَعْمَلُ
وللذي يَعِدُ ولا يفعل. وتَجَعْجَعَ البعيرُ وغيره أَي ضرب بنفسه الأَرض
باركاً من وجَعٍ أَصابَه أَو ضَربٍ أَثْخَنه؛ قال أَبو ذؤيب:
فأَبَدّهُنّ حُتوفَهنّ فَهارِبٌ
بذَمائِه ، أَو بارِكٌ مَتَجَعْجِعُ