الدُّفُّ: بالضم وقد يفتح آلة الطرب يضرب بها والكبيرُ المدورَّ يقال له: المزِهر.
الدُّفُّ: بالضم وقد يفتح آلة الطرب يضرب بها والكبيرُ المدورَّ يقال له: المزِهر.
ظلع: الظَّلْعُ: كالغَمْزِ. ظَلَعَ الرجلُ والدابةُ في مَشْيِه يَظْلَعُ
ظَلْعاً: عَرَجَ وغمزَ في مَشْيِه؛ قال مُدْرِكُ بن محصن
(* قوله« محصن»
كذا في الأصل، وفي شرح القاموس حصن) :
رَغا صاحِبي بعد البُكاءِ، كما رَغَتْ
مُوَشَّمَةُ الأَطْرافِ رَخْصٌ عَرِينُها
مِنَ الملْحِ لا تَدْرِي أَرِجْلٌ شِمالُها
بها الظَّلْعُ، لَمَّا هَرْوَلَتْ، أَمْ يَمِينُها
وقال كثيِّر:
وكنتُ كَذاتِ الظَّلْعِ، لَمَّا تحامَلَتْ
على ظَلْعِها يومَ العِثارِ، اسْتَقَلَّتِ
وقال أَبو ذؤَيب يذكر فرساً:
يَعْدُو به نَهِشُ المُشاشِ كأَنَّه
صَدْعٌ سَلِيمٌ، رَجْعُه لا يَظْلَعُ
النَّهِيشُ المُشاشِ: الخَفِيفُ القَوائِمِ، ورَجْعُه: عطْفُ يديه.
ودابّة ظالِعٌ وبِرْذَوْنٌ ظالِعٌ، بغير هاء فيهما، إِن كان مذكراً فعلى
الفعل، وإِن كان مؤنثاً فعلى النسب. وقال الجوهريّ: هو ظالِعٌ والأُنثى
ظالعة.وفي مَثَل: ارْقَ على ظَلْعِكَ أَن يُهاضَا أَي ارْبَعْ على نفسك
وافْعَلْ بقدر ما تُطِيقُ ولا تَحْمِلْ عليها أَكثر مما تطيق. ابن الأَعرابي:
يقال ارْقَ على ظلْعِك، فتقول: رَقِيتُ رُقِيًّا، ويقال: ارْقَأْ على ظلعك،
بالهمز، فتقول: رَقَأْتُ، ومعناه أَصْلِحْ أَمرَك أَوَّلاً. ويقال: قِ
على ظَلْعِك، فتجيبه: وَقَيْتُ أَقي وَقْياً. وروى ابن هانئ عن أَبي زيد:
تقول العرب ارْقَأْ على ظَلْعِكَ أَي كُفَّ فإِني عالم بمَساوِيكَ. وفي
النوادر: فلان يَرْقَأُ على ظَلْعِه أَي يَسكُتُ على دائِه وعَيْبِه،
وقيل: معنى قوله ارْقَ على ظَلْعِكَ أَي تَصَعَّدْ في الجبل وأَنت تعلم أَنك
ظالِعٌ لا تُجْهِدُ نفسَك.
ويقال: فرس مِظْلاعٌ؛ قال الأَجْدَعُ الهَمْدانِيّ:
والخَيْلُ تَعْلَمُ أَنَّني جارَيْتُها
بأَجَشَّ، لا ثَلِبٍ ولا مِظْلاعِ
وقيل: أَصل قوله ارْبَعْ على ظَلْعِكَ من رَبَعْتُ الحجَر إِذا
رَفَعْتَه أَي ارْفعْه بمقدار طاقتك، هذا أَصله ثم صار المعنى ارْفُقْ على نفسك
فيما تحاوله. وفي الحديث: فإِنه لا يَرْبَع على ظَلْعِكَ من ليس يَحْزُنه
أَمرك؛ الظلْع، بالسكون: العَرَجُ؛ المعنى لا يقيم عليك في حال ضعفك
وعرَجِك إِلا مَنْ يهتم لأَمرك وشأْنك ويُحْزِنُه أَمرُك. وفي حديث الأَضاحِي:
ولا العَرْجاءُ البَيِّنُ ظَلَعُها. وفي حديث عليّ يصف أَبا بكر، رضي الله
عنهما: عَلَوْتَ إِذْ ظَلَعُوا أَي انْقَطَعُوا وتأَخَّروا لتَقْصِيرهِم،
وفي حديثه الآخر: ولْيَسْتَأْنِ بِذاتِ النَّقْب
(* قوله« النقب» ضبط في
نسخة من النهاية بالضم وفي القاموس هو بالفتح ويضم.) والظَّالِعِ أَي بذات
الجَرَب والعَرْجاءِ؛ قال ابن بري: وقول بَعْثَر بنِ لقيط:
لا ظَلْعَ لي أَرْقِي عليه، وإِنَّما
يَرْقِي على رَثَياتِه المَنْكُوبُ
أَي أَنا صحيح لا عِلَّة بي.
والظُّلاعُ: يأْخذ في قوائِم الدّوابِّ والإِبل من غير سير ولا تعَب
فَتظْلَعُ منه. وفي الحديث: أُعْطِي قوماً أَخافُ ظَلَعَهم، هو بفتح اللام،
أَي مَيْلَهم عن الحق وضَعْفَ إِيمانهم، وقيل: ذَنْبَهم، وأَصله داء في
قوائم الدابة تَغْمِزُ منه. ورجل ظالِعٌ أَي مائل مُذْنِبٌ، وقيل: المائل
بالضاد، وقد تقدم. وظلَع الكلْبُ: أَراد السِّفادَ وقد سَفِدَ. وروى أَبو
عبيد عن الأَصمعي في باب تأَخّر الحاجة ثم قضائها في آخر وقتها: من أَمثالهم
في هذا: إِذا نام ظالِعُ الكلابِ، قال: وذلك أَن الظالِعَ منها لا
يَقْدِرُ أَن يُعاطِلَ مع صِحاحِها لضعفه، فهو يؤخر ذلك وينتظر فراغ آخرها فلا
ينام حتى إِذا لم يبق منها شيء سَفِدَ حينئذ ثم ينام، وقيل: من أَمثال
العرب: لا أَفعل ذلك حتى ينام ظالِعُ الكلاب، قال: والظالع من الكلاب
الصَّارِفُ؛ يقال صَرَفَتِ الكلبةُ وظَلَعَتْ وأَجْعَلَتْ واسْتَجْعَلَتْ
واسْتَطارَت إِذا اشتهت الفحل. قال: والظالع من الكلاب لا ينام فيضرب مثلاً
للمُهْتَمِّ بأَمره الذي لا ينام عنه ولا يُهْمِلُه؛ وأَنشد خالد بن زيد
قول الحطيئة يُخاطِبُ خَيالَ امرأَةٍ طَرَقَه:
تَسَدَّيْتَنا من بعدِ ما نامَ ظالِعُ الـ
ـكِلابِ، وأخْبى نارَه كلُّ مُوقِدِ
ويروى: وأَخْفى. وقال بعضهم: ظالع الكلاب الكلبة الصارِفُ. يقال:
ظَلَعَت الكلبةُ وصَرَفَت لأَن الذكور يَتْبَعْنها ولا يَدَعْــنَها تنام.
والظَّالِعُ: المُتَّهَمُ؛ ومنه قوله: ظالِمُ الرَّبِّ ظالِعُ، هذا بالظاء لا
غير؛ وقوله:
وما ذاكَ مِنْ جُرْمٍ أَتَيْتُهُمُ به،
ولا حَسَدٍ مِنِّي لَهُمْ يتَظَلَّعُ
قال ابن سيده: عندي أَن معناه يقوم في أَوْهامِهم ويَسْبِقُ إِلى
أَفهامهم. وظَلَعَ يَظْلَعُ ظَلْعاً: مال؛ قال النابغة:
أَتُوعِدُ عَبْداً لم يَخُنْكَ أَمانةً،
وتَتْرُكُ عَبْداً ظالِماً، وهو ظالِعُ؟
وظَلَعَتِ المرأَةُ عينَها: كسَرَتْها وأَمالَتْها؛ وقول رؤبة:
فإِنْ تَخالَجْنَ العُيُونَ الظُّلَّعا
إِنما أَراد المَظْلُوعة فأَخرجه على النسب. وظَلَعَتِ الأَرضُ بأَهلها
تَظْلَعُ أَي ضاقتْ بهم من كثرتهم والظُّلَعُ: جبل لِسُلَيْم .
وفي الحديث: الحِمْلُ المُضْلِعُ والشَّرُّ الذي لا يَنْقَطِعُ إِظْهارُ
البِدَعِ؛ المُضْلِعُ المُثْقِلُ، وقد تقدم في موضعه؛ قال ابن الأَثير:
ولو روي بالظاء من الظُّلْع العَرَجِ والغَمْزِ
(* قوله «من الظلع العرج
والغمز» تقدم في مادة ضلع ضبط الظلع بتحريك اللام تبعاً لضبط نسخة النهاية)
لكان وجهاً.
زمج: زَمَجَ قِرْبَتَه وسِقاءَه زَمْجاً إِذا ملأَهما، لغة في جَزَمَها؛
قال ابن سيجه: وزعم يعقوب أَنه مقلوب، والمصدر يأْبى ذلك. وزَمَجَ
الرجلُ زَمْجاً: دخل على القوم بغير دعوة فأَكل؛ ابن الأَعرابي: زَمَجَ على
القوم ودَمَقَ ودَمَرَ، بمعنى واحد. والزَّمَجُ، بالتحريك: الغَضَبُ، وقد
زَمِجَ، بالكسر.
الأَصمعي: قال سمعت رجلاً من أَشْجَعَ يقول: ما لي أَراك مُزْمَئِجّاً؟
أَي غَضْبَانَ.
والزِّمِجَّى: مَنْبِتُ ذنب الطائر مثل الزِّمِكَّى. والزُّمَّجُ: طائر
دون العُقاب يصاد به؛ وقيل: هو ذكر العِقْبانِ، وقد يقال: زُمَّجَةٌ؛ قال
ابن سيده: زعم الفارسي عن أَبي حاتم أَنه معرَّب، قال: وذكر سيبويه
الزَّمَّجَ في الصفات، ولم يفسره السيرافي؛ قال: والأَعرف أَنه الزُّمَّحُ،
بالحاء. والزُّمَّجُ، مثل الخُرَّدِ: اسم طير يقال له بالفارسية
(* قوله
«يقال له بالفارسية إلخ» هذه عبارة الجوهري، ولكونه وهم في فارسيته أَتى
بعبارة التهذيب التي هي الصواب، وذلك لان ده معناها عشرة وهو لا يوافق
قولهم: وترجمته أَنه إلخ. ودو معناها اثنان وهو الموافق كما أفاده شارح
القاموس.): دَهْ بِرادَرانْ. التهذيب: الزُّمَّجُ طائر دون العقاب في
قِمَّتِهِ حُمْرةٌ غالبة، تسميه العجم دوبِرادَرانْ، وترجمته أَنه إِذا عجز عن
صيده أَعانه أَخوه على أَخذه. ابن سيده: يقال: رجل زُمَّجٌ وزُماجٌ، وهو
الخفيف الرِّجْلَيْنِ. وجاءني القوم بِزَأْمَجِهمْ، مهموز، أَي بأَجمعهم.
وأَخذ الشيءَ بِزَأْمَجِه وزَأْبَجِهِ وزَأْبَرِهِ إِذا أَخذه كله، ولم
يدع منه شيئاً؛ وحكاه سيبويه غير مهموز عند ذكر العالم والناصر وقد همزا؛
وقيل: الهمزة فيهما أَصلية.
وازْمَأَجَّتِ الرُّطَبَةُ: انتفخت من حَرٍّ أَو ندًى أَو انتهاء؛ عن
الهجري.
شمر: زَأَجَ بين القوم وزَمَجَ إِذا حَرَّشَ.
كمع: كامَعَ المرأَة: ضَاجَعَها، والكِمْعُ والكَمِيعُ: الضَّجِيعُ؛
ومنه قيل للزوج: هو كَمِيعُها؛ قال عنترة:
وسَيْفِي كالعَقِيقة، فهْو كِمْعِي
سِلاحِي، لا أَفَلَّ ولا فُطارا
وأَنشد أَبو عبيد لأَوس:
وهَبَّتِ الشَّمْأَلُ البَلِيلُ، إِذْ
باتَ كَمِيعُ الفَتاةِ مُلْتَفِعا
وقال الليث: يقال كامَعْتُ المرأَة إِذا ضَمَّها إِليه يَصُونُها.
والمُكامَعةُ التي نُهِيَ عنها: هي أَن يُضاجِع الرجُلُ الرجلَ في ثوب واحد لا
سِتْرَ بينهما. وفي الحديث: نَهَى عن المُكامَعةِ والمُكاعَمةِ،
فالمُكامَعةُ أَن يَنامَ الرجلُ مع الرجلِ، والمرأَةُ مع المرأَةِ في إِزارٍ
واحد تَماسُّ جُلُودُهما لا حاجزَ بينهما. والمُكامِعُ:القريب منك الذي لا
يخْفى عليه شيء من أَمرك؛ قال:
دَعَوْتُ ابنَ سَلْمَى جَحْوَشاً حين أُحْضِرَتْ
هُمُومِي، وراماني العَدُوُّ المُكامِعُ
وكَمَعَ في الماء كَمْعاً وكرَع فيه: شَرَعَ؛ وأَنشد:
أَو أَعْوجِيٍّ كَبَرْدِ العَضْبِ ذي حجَلٍ،
وغُرّةٍ زَيَّنَتْه كامِعٍ فيها
ويقال: كَمَعَ الفَرسُ والبعِيرُ والرجُلُ في الماء وكَرَعَ، ومعناهما
شَرَعَ؛ قال عدي بن الرقاع:
بَرّاقة الثَّغْرِ تَسْقِي القَلْبَ لَذَّتها،
إِذا مُقَبِّلُها في ثَغْرِها كَمَعا
معناه شَرَعَ بِفِيه في رِيق ثَغرِها. قال الأَزهري: ولو روي: يَشْفِي
القَلْبَ رِيقَتُها، كان جائزاً. أبو حنيفة: الكِمْعُ خَفْضٌ من الأَرض
لَيِّنٌ؛ قال:
وكأَنَّ نَخْلاً في مُطَيْطةَ ثاوِياً،
بالكِمْعِ، بَيْنَ قَرارِها وحَجاها
حَجاها: حَرْفُها. والكِمْعُ: ناحية الوادي؛ وبه فُسِّرَ قول رؤبة:
مِنْ أَنْ عَرفْت المَنْزِلاتِ الحُسَّبا،
بالكِمْعِ، لم تَمْلِكْ لِعَيْنٍ غَرَبا
والكِمعُ: المطمئنُّ من الأَرض، ويقال: مستقَر الماء. وقال أَبو نصر:
الأَكْماعُ أَماكِنُ من الأَرض ترتفع حروفها وتطمئن أَوساطُها، وقال ابن
الأَعرابي: الكِمْعُ الإِمَّعةُ من الرجال والعامة تسميه المَعْمَعِيَّ
واللِّبْدِيَّ. والكِمْعُ: موضعٌ.
ذنب: الذَّنْبُ: الإِثْمُ والجُرْمُ والمعصية، والجمعُ ذُنوبٌ،
وذُنُوباتٌ جمعُ الجمع، وقد أَذْنَب الرَّجُل؛ وقوله، عزّ وجلّ، في مناجاةِ موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ولهم علَيَّ ذَنْبٌ؛ عَنَى بالذَّنْبِ قَتْلَ الرَّجُلِ الذي وَكَزَه موسى، عليه السلام، فقضَى عليه، وكان ذلك الرجلُ من آلِ فرعونَ.
والذَّنَبُ: معروف، والجمع أَذْنابٌ. وذَنَبُ الفَرَسِ: نَجْمٌ على
شَكْلِ ذَنَبِ الفَرَسِ. وذَنَبُ الثَّعْلَبِ: نِبْتَةٌ على شكلِ ذَنَبِ الثَّعْلَبِ.
والذُّنابَـى: الذَّنَبُ؛ قال الشاعر:
جَمُوم الشَّدِّ، شائلة الذُّنابَـى
الصحاح: الذُّنابَـى ذنبُ الطَّائر؛ وقيل: الذُّنابَـى مَنْبِتُ الذَّنَبِ. وذُنابَـى الطَّائرِ: ذَنَبُه، وهي أَكثر من الذَّنَب. والذُّنُبَّى والذِّنِـبَّى: الذَّنَب، عن الـهَجَري؛ وأَنشد:
يُبَشِّرُني، بالبَيْنِ مِنْ أُمِّ سالِمٍ، * أَحَمُّ الذُّنُبَّى، خُطَّ، بالنِّقْسِ، حاجِبُهْ
ويُروى: الذِّنِـبَّى. وذَنَبُ الفَرَس والعَيْرِ، وذُناباهما، وذَنَبٌ
فيهما، أَكثرُ من ذُنابَى؛ وفي جَناحِ الطَّائِرِ أَربعُ ذُنابَى بعدَ
الخَوافِـي. الفرَّاءُ: يقال ذَنَبُ الفَرَسِ، وذُنابَى الطَّائِرِ، وذُنابَة الوَادي، ومِذْنَبُ النهْرِ، ومِذْنَبُ القِدْرِ؛ وجمعُ ذُنابَة الوادي ذَنائِبُ، كأَنَّ الذُّنابَة جمع ذَنَبِ الوادي وذِنابَهُ وذِنابَتَه، مثلُ جملٍ وجمالٍ وجِمَالَةٍ، ثم جِمالات جمعُ الجمع؛ ومنه قوله تعالى:
جِمالاتٌ صفر.
أَبو عبيدة: فَرسٌ مُذانِبٌ؛ وقد ذانَبَتْ إِذا وَقَعَ ولدُها في القُحْقُح، ودَنَا خُرُوج السِّقْيِ، وارتَفَع عَجْبُ الذَّنَبِ، وعَلِقَ به، فلم يحْدُروه.
والعرب تقول: رَكِبَ فلانٌ ذَنَبَ الرِّيحِ إِذا سَبَق فلم يُدْرَكْ؛
وإِذا رَضِـيَ بحَظٍّ ناقِصٍ قيلَ: رَكِبَ ذَنَب البَعير، واتَّبَعَ ذَنَب
أَمْرٍ مُدْبِرٍ، يتحسَّرُ على ما فاته. وذَنَبُ الرجل: أَتْباعُه.
وأَذنابُ الناسِ وذَنَبَاتُهم: أَتباعُهُم وسِفْلَتُهُم دون الرُّؤَساءِ، على
الـمَثَلِ؛ قال:
وتَساقَطَ التَّنْواط والذَّ * نَبات، إِذ جُهِدَ الفِضاح
ويقال: جاءَ فلانٌ بذَنَبِه أَي بأَتْباعِهِ؛ وقال الحطيئة يمدَحُ
قوماً:
قومٌ همُ الرَّأْسُ، والأَذْنابُ غَيْرُهُمُ، * ومَنْ يُسَوِّي، بأَنْفِ النَّاقَةِ، الذَّنَبا؟
وهؤُلاء قومٌ من بني سعدِ بن زيدِ مَناةَ، يُعْرَفُون ببَني أَنْفِ
النَّاقَةِ، لقول الحُطَيْئَةِ هذا، وهمْ يَفْتَخِرُون به. ورُوِيَ عن عليٍّ،
كرّم اللّه وجهه، أَنه ذَكَرَ فِتْنَةً في آخِرِ الزَّمان، قال: فإِذا كان ذلك، ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بِذَنَـبِهِ، فتَجْتَمِـعُ الناسُ؛ أَراد أَنه يَضْرِبُ أَي يسِـيرُ في الأَرض ذاهباً بأَتباعِهِ، الذين يَرَوْنَ رَأْيَه، ولم يُعَرِّجْ على الفِتْنَةِ.
والأَذْنابُ: الأَتْباعُ، جمعُ ذَنَبٍ، كأَنهم في مُقابِلِ الرُّؤُوسِ،
وهم المقَدَّمون.
والذُّنابَـى: الأَتْباعُ.
وأَذْنابُ الأُمورِ: مآخيرُها، على الـمَثَلِ أَيضاً. والذَّانِبُ: التَّابِـعُ للشيءِ على أَثَرِهِ؛ يقال: هو يَذْنِـبُه أَي يَتْبَعُهُ؛ قال الكلابي:
وجاءَتِ الخيلُ، جَمِـيعاً، تَذْنِـبُهْ
وأَذنابُ الخيلِ: عُشْبَةٌ تُحْمَدُ عُصارَتُها على التَّشْبِـيهِ.
وذَنَبَه يَذْنُبُه ويَذنِـبُه، واسْتَذْنَبَه: تلا ذَنَبَه فلم يفارقْ أَثَرَه.
والـمُسْتَذْنِبُ: الذي يكون عند أَذنابِ الإِبِلِ، لا يفارق أَثَرَها؛
قال:
مِثْل الأَجيرِ اسْتَذْنَبَ الرَّواحِلا(1)
(1 قوله «مثل الأجير إلخ» قال الصاغاني في التكملة هو تصحيف والرواية «شل الأجير» ويروى شدّ بالدال والشل الطرد، والرجز لرؤبة اهـ. وكذلك أنشده صاحب المحكم.)
والذَّنُوبُ: الفَرسُ الوافِرُ الذَّنَبِ، والطَّويلُ الذَّنَبِ. وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: كان فرْعَونُ على فرَسٍ ذنُوبٍ أَي وافِر شَعْرِ الذَّنَبِ. ويومٌ ذَنُوبٌ: طويلُ الذَّنَبِ لا يَنْقَضي، يعني طول شَرِّه. وقال غيرُه: يومٌ ذَنُوبٌ: طويل الشَّر لا ينقضي، كأَنه طويل الذَّنَبِ.
ورجل وَقَّاحُ الذَّنَب: صَبُورٌ على الرُّكُوب. وقولهم: عُقَيْلٌ طَويلَةُ الذَّنَبِ، لم يفسره ابن الأَعرابي؛ قال ابن سيده: وعِنْدي أَنَّ معناه: أَنها كثيرة رُكُوبِ الخيل. وحديثٌ طويلُ الذَّنَبِ: لا يَكادُ يَنْقَضِـي، على الـمَثَلِ أَيضاً.
ابن الأَعرابي: الـمِذْنَبُ الذَّنَبُ الطَّويلُ، والـمُذَنِّبُ الضَّبُّ، والذِّنابُ خَيْطٌ يُشَدُّ به ذَنَبُ البعيرِ إِلى حَقَبِه لئَلاَّ يَخْطِرَ بِذَنَـبِه، فَيَمْـلأَ راكبَه.
وذَنَبُ كلِّ شيءٍ: آخرُه، وجمعه ذِنابٌ. والذِّنابُ، بكسر الذال:
عَقِبُ كلِّ شيءٍ. وذِنابُ كلِّ شيءٍ: عَقِـبُه ومؤَخَّره، بكسر الذال؛
قال:
ونأْخُذُ بعدَه بذِنابِ عَيْشٍ * أَجَبِّ الظَّهْرِ، ليسَ له سَنامُ
وقال الكلابي في طَلَبِ جَمَلِهِ: اللهم لا يَهْدينِـي لذنابتِه(2)
(2 قوله «لذنابته» هكذا في الأصل.) غيرُك. قال، وقالوا: مَنْ لك بذِنابِ لَوْ؟ قال الشاعر:
فمَنْ يَهْدِي أَخاً لذِنابِ لَوٍّ؟ * فأَرْشُوَهُ، فإِنَّ اللّه جارُ
وتَذَنَّبَ الـمُعْتَمُّ أَي ذَنَّبَ عِمامَتَه، وذلك إِذا أَفْضَلَ منها شيئاً، فأَرْخاه كالذَّنَبِ.
والتَّذْنُوبُ: البُسْرُ الذي قد بدا فيه الإِرطابُ من قِـبَلِ ذَنَـبِه. وذنَبُ البُسْرة وغيرِها من التَّمْرِ: مؤَخَّرُها. وذنَّـبَتِ البُسْرَةُ، فهي مُذَنِّبة: وكَّـتَتْ من قِـبَلِ ذَنَـبِها؛ الأَصمعي: إِذا بَدَتْ نُكَتٌ من الإِرْطابِ في البُسْرِ من قِـبَلِ ذَنَـبِها، قيل: قد ذَنَّـبَتْ. والرُّطَبُ: التَّذْنُوبُ، واحدتُه تَذْنُوبةٌ؛ قال:
فعَلِّقِ النَّوْطَ، أَبا مَحْبُوبِ، * إِنَّ الغَضا ليسَ بذِي تَذْنُوبِ
الفرَّاءُ: جاءَنا بتُذْنُوبٍ، وهي لغة بني أَسَدٍ. والتَّميمي يقول:
تَذْنُوب، والواحدة تَذْنُوبةٌ. وفي الحديث: كان يكرَه الـمُذَنِّبَ من
البُسْرِ، مخافة أن يكونا شَيْئَيْنِ، فيكون خَلِـيطاً. وفي حديث أَنس: كان لا يَقْطَعُ التَّذْنُوبِ من البُسْرِ إِذا أَراد أَن يَفْتَضِخَه. وفي
حديث ابن المسَيَّب: كان لا يَرَى بالتَّذْنُوبِ أَن يُفْتَضَخَ بأْساً.
وذُنابةُ الوادي: الموضعُ الذي يَنتهي إِليه سَيْلُهُ،
وكذلك ذَنَبُه؛ وذُنابَتُه أَكثر من ذَنَـبِه.
وذَنَبَة الوادي والنَّهَر، وذُنابَتُه وذِنابَتُه: آخرُه، الكَسْرُ عن ثعلب. وقال أَبو عبيد: الذُّنابةُ، بالضم: ذَنَبُ الوادي وغَيرِه.
وأَذْنابُ التِّلاعِ: مآخيرُها.
ومَذْنَبُ الوادي، وذَنَبُه واحدٌ، ومنه قوله المسايل(1)
(1 قوله «ومنه قوله المسايل» هكذا في الأصل وقوله بعده والذناب مسيل إلخ هي أول عبارة المحكم.).
والذِّنابُ: مَسِـيلُ ما بين كلِّ تَلْـعَتَين، على التَّشبيه بذلك، وهي الذَّنائبُ.
والـمِذْنَبُ: مَسِـيلُ ما بين تَلْـعَتَين، ويقال لِـمَسيل ما بين التَّلْـعَتَين: ذَنَب التَّلْعة.
وفي حديث حذيفة، رضي اللّه عنه: حتى يَركَبَها اللّهُ بالملائِكةِ، فلا يَمْنَع ذَنَبَ تَلْعة؛ وصفه بالذُّلِّ والضَّعْف، وقِلَّة الـمَنَعة،
والخِسَّةِ؛ الجوهري: والـمِذْنَبُ مَسِـيلُ الماءِ في الـحَضيضِ،
والتَّلْعة في السَّنَدِ؛ وكذلك الذِّنابة والذُّنابة أَيضاً، بالضم؛
والـمِذْنَبُ: مَسِـيلُ الماءِ إِلى الأَرضِ. والـمِذْنَبُ: الـمَسِـيل في
الـحَضِـيضِ، ليس بخَدٍّ واسِع.
وأَذنابُ الأَوْدِية: أَسافِلُها. وفي الحديث: يَقْعُد أَعرابُها على
أَذنابِ أَوْدِيَتِها، فلا يصلُ إِلى الـحَجِّ أَحَدٌ؛ ويقال لها أَيضاً
الـمَذانِبُ. وقال أَبو حنيفة: الـمِذْنَبُ كهيئةِ الجَدْوَل، يَسِـيلُ عن
الرَّوْضَةِ ماؤُها إِلى غيرِها، فيُفَرَّقُ ماؤُها فيها، والتي يَسِـيلُ
عليها الماءُ مِذْنَب أَيضاً؛ قال امرؤُ القيس:
وقد أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُناتِها، * وماءُ النَّدَى يَجْري على كلِّ مِذْنَبِ
وكلُّه قريبٌ بعضُه من بعضٍ.
وفي حديث ظَبْيانَ: وذَنَبُوا خِشانَه أَي جَعلوا له مَذانِبَ ومجَاريَ.
والخِشانُ: ما خَشُنَ من الأَرضِ؛ والـمِذْنَبَة والـمِذْنَبُ: الـمِغْرَفة لأَنَّ لها ذَنَباً أَو شِبْهَ الذَّنَبِ، والجمع مَذانِبُ؛ قال أَبو ذُؤَيب الهذلي:
وسُود من الصَّيْدانِ، فيها مَذانِبُ النُّـ * ـضَارِ، إِذا لم نَسْتَفِدْها نُعارُها
ويروى: مَذانِبٌ نُضارٌ. والصَّيْدانُ: القُدورُ التي تُعْمَلُ من
الحجارة، واحِدَتُها صَيْدانة؛ والحجارة التي يُعْمَل منها يقال لها:
الصَّيْداءُ. ومن روى الصِّيدانَ، بكسر الصاد، فهو جمع صادٍ، كتاجٍ وتِـيجانٍ، والصَّاد: النُّحاسُ والصُّفْر.
والتَّذْنِـيبُ للضِّبابِ والفَراشِ ونحو ذلك إِذا أَرادت التَّعاظُلَ
والسِّفَادَ؛ قال الشاعر:
مِثْل الضِّبابِ، إِذا هَمَّتْ بتَذْنِـيبِ
وذَنَّبَ الجَرادُ والفَراشُ والضِّباب إِذا أَرادت التَّعاظُلَ والبَيْضَ، فغَرَّزَتْ أَذنابَها. وذَنَّبَ الضَّبُّ: أَخرجَ ذَنَبَه من أَدْنَى الجُحْر، ورأْسُه في داخِلِه، وذلك في الـحَرِّ. قال أَبو منصور: إِنما
يقال للضَّبِّ مُذَنِّبٌ إِذا ضرَبَ بذَنَبِه مَنْ يريدُه من مُحْتَرِشٍ
أَو حَـيَّةٍ. وقد ذَنَّبَ تَذْنِـيباً إِذا فَعَل ذلك.
وضَبٌّ أَذنَبُ: طويلُ الذَّنَبِ؛ وأَنشد أَبو الهيثم:
لم يَبْقَ من سُنَّةِ الفاروقِ نَعْرِفُه * إِلاَّ الذُّنَيْبـي، وإِلاَّ الدِّرَّةُ الخَلَقُ
قال: الذُّنَيْبـيُّ ضرب من البُرُودِ؛ قال: ترَكَ ياءَ النِّسْبةِ، كقوله:
مَتى كُنَّا، لأُمِّكَ، مَقْتَوِينا
وكان ذلك على ذَنَبِ الدَّهرِ أَي في آخِره.
وذِنابة العين، وذِنابها، وذَنَبُها: مؤخَّرُها. وذُنابة النَّعْل: أَنْفُها. ووَلَّى الخَمْسِـين ذَنَباً: جاوزَها؛ قال ابن الأَعرابي: قلتُ للكِلابِـيِّ: كم أَتَى عَليْك؟ فقال: قد وَلَّتْ ليَ الخَمْسون ذَنَبَها؛ هذه حكاية ابن الأَعرابي، والأَوَّل حكاية يعقوب.
والذَّنُوبُ: لَـحْمُ الـمَتْنِ، وقيل: هو مُنْقَطَعُ الـمَتْنِ، وأَوَّلُه، وأَسفلُه؛ وقيل: الأَلْـيَةُ والمآكمُ؛ قال الأَعشى:
وارْتَجَّ، منها، ذَنُوبُ الـمَتْنِ، والكَفَلُ
والذَّنُوبانِ: الـمَتْنانِ من ههنا وههنا. والذَّنُوب: الـحَظُّ والنَّصيبُ؛ قال أَبو ذؤيب:
لَعَمْرُك، والـمَنايا غالِباتٌ، * لكلِّ بَني أَبٍ منها ذَنُوبُ
والجمع أَذنِـبَةٌ، وذَنَائِبُ، وذِنابٌ.
والذَّنُوبُ: الدَّلْو فيها ماءٌ؛ وقيل: الذَّنُوب: الدَّلْو التي يكون الماءُ دون مِلْئِها، أَو قريبٌ منه؛ وقيل: هي الدَّلْو الملأَى. قال: ولا يقال لها وهي فارغة، ذَنُوبٌ؛ وقيل: هي الدَّلْوُ ما كانت؛ كلُّ ذلك
مذَكَّر عند اللحياني. وفي حديث بَوْل الأَعْرابـيّ في المسجد: فأَمَر بذَنوبٍ من ماءٍ، فأُهَرِيقَ عليه؛ قيل: هي الدَّلْو العظيمة؛ وقيل: لا تُسَمَّى ذَنُوباً حتى يكون فيها ماءٌ؛ وقيل: إِنَّ الذَّنُوبَ تُذكَّر وتؤَنَّث، والجمع في أَدْنى العَدد أَذْنِـبة، والكثيرُ ذَنائبُ كَقلُوصٍ وقَلائصَ؛ وقول أَبي ذؤيب:
فكُنْتُ ذَنُوبَ البئرِ، لـمَّا تَبَسَّلَتْ، * وسُرْبِلْتُ أَكْفاني، ووُسِّدْتُ ساعِدِي
استعارَ الذَّنُوبَ للقَبْر حين جَعَله بئراً، وقد اسْتَعْمَلَها أُمَيَّة بنُ أَبي عائذٍ الهذليُّ في السَّيْر، فقال يصفُ حماراً:
إِذا ما انْتَحَيْنَ ذَنُوبَ الـحِضا * ر، جاشَ خَسِـيفٌ، فَريغُ السِّجال
يقول: إِذا جاءَ هذا الـحِمارُ بذَنُوبٍ من عَدْوٍ، جاءت الأُتُنُ
بخَسِـيفٍ. التهذيب: والذَّنُوبُ في كلامِ العرب على وُجوهٍ، مِن ذلك قوله تعالى: فإِنَّ للذين ظَلَموا ذَنُوباً مثلَ ذَنُوبِ أَصحابِهم. وقال الفَرَّاءُ: الذَّنُوبُ في كلامِ العرب: الدَّلْوُ العظِـيمَةُ، ولكِنَّ العربَ تَذْهَبُ به إِلى النَّصيب والـحَظِّ، وبذلك فسّر قوله تعالى: فإِنَّ للذين ظَلَموا، أَي أَشرَكُوا، ذَنُوباً مثلَ ذَنُوبِ أَصحابِهِم أَي حَظّاً من العذابِ كما نزلَ بالذين من قبلِهِم؛ وأَنشد الفرَّاءُ:
لَـها ذَنُوبٌ، ولَـكُم ذَنُوبُ، * فإِنْ أَبَيْـتُم، فَلَنا القَلِـيبُ
وذِنابةُ الطَّريقِ: وجهُه، حكاه ابن الأَعرابي. قال وقال أَبو الجَرَّاح لرَجُلٍ: إِنك لم تُرْشَدْ ذِنابةَ الطَّريق، يعني وجهَه.
وفي الحديث: مَنْ ماتَ على ذُنابَـى طريقٍ، فهو من أَهلِهِ، يعني على قصْدِ طَريقٍ؛ وأَصلُ الذُّنابَـى مَنْبِتُ الذَّنَبِ.
والذَّنَبانُ: نَبْتٌ معروفٌ، وبعضُ العرب يُسمِّيه ذَنَب الثَّعْلَب؛
وقيل: الذَّنَبانُ، بالتَّحريكِ، نِبْتَة ذاتُ أَفنانٍ طِوالٍ، غُبَيْراء الوَرَقِ، تنبت في السَّهْل على الأَرض، لا ترتَفِـعُ، تُحْـمَدُ في الـمَرْعى، ولا تَنْبُت إِلا في عامٍ خَصيبٍ؛ وقيل: هي عُشْبَةٌ لها سُنْبُلٌ في أَطْرافِها، كأَنه سُنْبُل
الذُّرَة، ولها قُضُبٌ ووَرَق، ومَنْبِتُها بكلِّ مكانٍ ما خَلا حُرَّ الرَّمْلِ، وهي تَنْبُت على ساقٍ وساقَين، واحِدتُها ذَنَبانةٌ؛ قال أَبو محمد الـحَذْلَمِـي:
في ذَنَبانٍ يَسْتَظِلُّ راعِـيهْ
وقال أَبو حنيفة: الذَّنَبانُ عُشْبٌ له جِزَرَة لا تُؤْكلُ، وقُضْبانٌ
مُثْمِرَةٌ من أَسْفَلِها إِلى أَعلاها، وله ورقٌ مثلُ ورق الطَّرْخُون،
وهو ناجِـعٌ في السَّائمة، وله نُوَيرة غَبْراءُ تَجْرُسُها النَّحْلُ،
وتَسْمو نحو نِصْفِ القامةِ، تُشْبِـعُ الثِّنْتانِ منه بعيراً، واحِدَتُه
ذَنَبانةٌ؛ قال الراجز:
حَوَّزَها من عَقِبٍ إِلى ضَبُعْ،
في ذَنَبانٍ ويبيسٍ مُنْقَفِـعْ،
وفي رُفوضِ كَلإٍ غير قَشِـع
والذُّنَيْباءُ، مضمومَة الذال مفتوحَة النون، ممدودةً: حَبَّةٌ تكون في
البُرّ، يُنَقَّى منها حتى تَسْقُط.
والذَّنائِبُ: موضِعٌ بنَجْدٍ؛ قال ابن بري: هو على يَسارِ طَرِيقِ
مَكَّة.
والـمَذَانِبُ: موضع. قال مُهَلْهِل بن ربيعة، شاهد الذّنائب:
(يتبع...)
(تابع... 1): ذنب: الذَّنْبُ: الإِثْمُ والجُرْمُ والمعصية، والجمعُ ذُنوبٌ، ... ...
فَلَوْ نُبِشَ الـمَقابِرُ عن كُلَيْبٍ، * فتُخْبِرَ بالذَّنائِبِ أَيَّ زِيرِ
وبيت في الصحاح، لـمُهَلْهِلٍ أَيضاً:
فإِنْ يَكُ بالذَّنائِبِ طَالَ لَيْلي، * فقد أَبْكِـي على الليلِ القَصيرِ
يريد: فقد أَبْكِـي على لَيالي السُّرورِ، لأَنها قَصِـيرَةٌ؛ وقبله:
أَلَيْـلَـتَنا بِذِي حُسَمٍ أَنيرِي! * إِذا أَنْتِ انْقَضَيْتِ، فلا تَحُورِي
وقال لبيد ، شاهد المذانب :
أَلَمْ تُلْمِمْ على الدِّمَنِ الخَوالي، * لِسَلْمَى بالـمَذانِبِ فالقُفَالِ؟
والذَّنُوبُ: موضع بعَيْنِه؛ قال عبيد بن الأَبرص:
أَقْفَرَ مِن أَهْلِه مَلْحوبُ، * فالقُطَبِـيَّاتُ، فالذَّنُوبُ
ابن الأَثير: وفي الحديث ذكْرُ سَيْلِ مَهْزُورٍ ومُذَيْنِب، هو بضم
الميم وسكون الياء وكسر النون، وبعدها باءٌ موحَّدةٌ: اسم موضع بالمدينة، والميمُ زائدةٌ.
الصحاح، الفرَّاءُ: الذُّنابَـى شِبْهُ الـمُخاطِ، يَقَع من أُنوفِ الإِبل؛ ورأَيتُ، في نُسَخ متَعدِّدة من الصحاح، حواشِـيَ، منها ما هو بِخَطِّ الشيخ الصَّلاح الـمُحَدِّث، رحمه اللّه، ما صورته: حاشية من خَطِّ الشيخ أَبي سَهْلٍ الـهَرَوي، قال: هكذا في الأَصل بخَطِّ الجوهري، قال: وهو تصحيف، والصواب: الذُّنانَى شِبهُ الـمُخاطِ، يَقَع من أُنوفِ الإِبل، بنُونَيْنِ بينهما أَلف؛ قال: وهكذا قَرَأْناهُ على شَيخِنا أَبي أُسامة، جُنادةَ بنِ محمد الأَزدي، وهو مأْخوذ من الذَّنين، وهو الذي يَسِـيلُ من فَمِ الإِنسانِ والـمِعْزَى؛ ثم قال صاحب الحاشية: وهذا قد صَحَّفَه الفَرَّاءُ أَيضاً، وقد ذكر ذلك فيما ردَّ عليه من تصحيفه، وهذا مما فاتَ الشَّيخ ابن برّي،
ولم يذكره في أَمالِـيه.
جرن: الجِرانُ: باطن العُنُق، وقيل: مُقدَّم العنق من مذبح البعير إلى
منحره، فإذا برَك البعيرُ ومدّ عنُقَه على الأَرض قيل: أَلقى جِرانَه
بالأَرض. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: حتى ضرَب الحقُّ بجِرانِه، أَرادت
أَن الحقَّ استقام وقَرَّ في قَراره، كما أَن البعير إذا بَرَك واستراح
مدّ جِرانَه على الأَرض أَي عُنُقَه. الجوهري: جِرانُ البعير مقدَّم عُنقه
من مذبحه إلى منحره، والجمع جُرُنٌ، وكذلك من الفرس. وفي الحديث: أَن
ناقتَه، عليه السلام، تَلَحْلحَتْ عند بيت أَبي أَيوب وأَرْزَمتْ ووَضَعتْ
جِرانَها؛ الجِران: باطن العُنق. اللحياني: أَلقى فلانٌ على فلان أَجْرانه
وأَجرامَه وشَراشِره، الواحد جِرْمٌ
وجِرْنٌ، إنما سمعتُ في الكلام أَلقى عليه جِرانَه، وهو باطن العُنق،
وقيل: الجِران هي جلدة تَضْطرب على باطِن العنق من ثُغْرة النحر إلى منتهى
العُنق في الرأْس؛ قال:
فَقَدَّ سَراتَها والبَرْكَ منها،
فخَرَّتْ لليَدَيْنِ وللجِرانِ.
والجمع أَجْرِنة وجُرنٌ. وفي الحديث: فإذا جملان يَصْرفان فدَنا منهما
فوَضَعا جُرُنهما على الأَرض؛ واستعار الشاعر الجِران للإنسان؛ أَنشد
سيبويه:
مَتى تَرَ عَيْنَيْ مالكٍ وجِرانَه
وجَنْبَيه، تَعْلمْ أَنه غيرُ ثائرِ.
وقول طرَفة في وصف ناقة:
وأَجرِنةٍ لُزَّتْ بِدَأْيٍ مُنَضَّدِ.
إنما عظَّم صدرَها فجعل كلَّ جزء منه جِراناً كما حكاه سيبويه من قولهم
للبعير ذو عَثانين. وجِران الذكَر: باطنُه، والجمع أَجرِنةٌ وجُرُنٌ.
وجَرَنَ الثوبُ والأَديمُ يَجْرُن جُروناً، فهو جارِن وجَرين: لان وانسحق،
وكذلك الجلد والدرع والكتاب إذا درَس، وأَدِيم جارِن؛ وقال لبيد يصف
غَرْبَ السانية:
بمُقابَلٍ سَرِبِ المَخارِزِ عِدْلُه،
قَلِقُ المَحالةِ جارِنٌ مَسْلومُ.
قال ابن بري يصف جِلداً عُمل منه دَلوٌ. والجارِنُ: الليِّن،
والمَسْلوم: المدبوغ بالسَّلَم. قال الأَزهري: وكلُّ سِقاءٍ قد أَخلَق أَو ثوب فقد
جَرَن جُروناً، فهو جارِن. وجَرَن فلانٌ على العَذْلِ ومَرَن ومَرَدِ
بمعنى واحد. ويقال للرجل والدابة إذا تعَوَّد الأَمرَ ومَرَن عليه: قد
جَرَنَ يَجْرُن جُروناً؛ قال ابن بري: ومنه قول الشاعر:
سَلاجِم يَثْرِبَ الأُولى،
عليها بيَثْرِبَ كرَّةٌ بعد الجُرونِ.
أَي بعد المُرون. والجارِنة: الليِّنة من الدروع. أَبو عمرو: الجارِنة
المارِنة. وكلُّ ما مَرَن فقد جَرَن؛ قال لبيد يصف الدروع:
وجَوارِن بيض، وكلّ طِمرَّةٍ
يَعْدُو عليها القَرَّتَيْن غُلام.
يعني دُروعاً ليِّنة. والجارِن: الطريق الدارِس. والجَرَنُ: الأَرض
الغليظة؛ وأَنشد أَبو عمرو لأَبي حبيبة الشيباني:
تَدَكَّلَتْ بَعْدي وأَلْهَتْها الطُّبَنْ،
ونحنُ نَغْدو في الخَبار والجَرَنْ،
ويقال: هو مبدل من الجَرَل. وجَرَنَت يدُه على العمل جُروناً: مرنَت.
والجارِن من المتاع: ما قد اسْتُمْتِع به وبَلْيَ. وسِقاءٌ جارِن: يَبِس
وغلُظ من العمل. وسَوْطٌ مُجَرَّن: قد مَرَن قَدُّه. والجَرين: موضع
البُرّ، وقد يكون للتمر والعنب، والجمع أَجرِنة وجُرُن، بضمتين، وقد أَجرَن
العنبَ. والجَرينُ: بَيْدَر الحَرْث يُجْدَر أَو يُحْظَر عليه. والجُرْنَ
والجَرين: موضع التمر الذي يُجَفَّف فيه. وفي حديث الحدود: لا قَطْعَ في
ثمر حتى يُؤْوِيَهُ الجَرينُ؛ هو موضع تجفيف الثمر، وهو له كالبَيدر
للحنطة، وفي حديث أُبَيّ مع الغول: أَنه كان له جُرُنٌ من تمر. وفي حديث ابن
سيرين في المُحاقَلة: كانوا يشترطُون قُمامةَ الجُرُنِ، وقيل: الجَرينُ
موضع البَيْدر بلغة اليمن. قال: وعامَّتُهم يَكسِر الجيمَ، وجمعه جُرُنٌ.
والجَرينُ: الطِّحْنُ، بلغة هُذيل؛ وقال شاعرهم:
ولِسَوْطِه زَجَلٌ، إذا آنَسْتَه
جَرَّ الرَّحى بجَرينِها المَطْحونِ.
الجَرين: ما طَحَنتَه، وقد جُرِنَ الحبُّ جَرْناً شديداً. والجُرْنُ:
حجر منقورُ يُصبُّ فيه الماء فيُتوضأُ به، وتسميه أَهلُ المدينة المِهْراسَ
الذي يُتَطهَّر منه. والجارِنُ: ولدُ الحية من الأَفاعي. التهذيب:
الجارن ما لانَ من أَولاد الأَفاعي. قال ابن سيده: والجِرْنُ الجسم، لغة في
الجِرْم زعموا؛ قال: وقد تكون نونه بدلاً من ميم جِرْم، والجمع أَجْران،
قال: وهذا مما يقوي أَن النون غير بدل لأَنه لا يكاد يُتصرَّف في البلد هذا
التصرف. وأَلقى عليه أَجرانَه وجِرانه أَي أَثقاله. وجِرانُ العَوْدِ:
لقَب لبعض شعراء العرب؛ قال الجوهري: هو من نُمير واسمه المُسْتورِد
(*
قوله «واسمه المستورد» غلطه الصاغاني حيث قال وإنما اسم جران العود بن
الحرث بن كلفة أي بالضم، وقيل كلفة بالفتح). وإنما لقِّب بذلك لقوله يخاطب
امرأَتيه:
خُذا حَذَراً، يا جارَتَيَّ، فإنَّني
رأَيتُ جِرانَ العَوْدِ قد كاد يَصْلَحُ.
أَراد بِجران العَوْد سوطاً قدَّه من جِران عَوْدٍ نَحَره وهو أَصلب ما
يكون. الأَزهري: ورأَيت العرب تسوَّي سياطها من جُرُن الجِمال البُزْل
لصَلابتِها، وإنما حذَّر امرأَتيه سوطَه لنُشوزهما عليه، وكان قد اتخذ من
جلد البعير سوْطاً ليضرب به نساءَه. وجَيرُون: باب من أَبواب دمشق، صانها
الله عز وجل. والجِرْيانُ: لغة في الجِرْيال، وهو صِبْغ أَحمر. والمجرين
(* قوله «والمجرين» هكذا في الأصل بدون ضبط).: الميت؛ عن كراع. وسفَر
مِجْرَنٌ: بعيد؛ قال رؤبة:
بعد أَطاوِيحِ السِّفار المِجْرن
قال ابن سيده: ولم أَجد له اشتقاقاً.
جثا: جَثَا يَجْثُو ويَجْثِي جُثُوّاً وجُثِيّاً، على فعول فيهما: جلس
على ركبتيه للخصومة ونحوها. ويقال: جَثَا فلان على ركبتيه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
إنَّا أُناسٌ مَعَدِّيُّونَ عادَتُنا،
عنْدَ الصِّياحِ، جُثِيُّ المَوْتِ للرُّكَبِ
قال: أَراد جُثِيُّ
الرُّكَب للموت فقلب. وأَجْثاه غيرُه. وقوْمٌ جُثِيٌّ وقومٌ جُثىً
أَيضاً: مثل جلس جلوساً وقوم جُلوسٌ؛ ومنه قوله تعالى: ونذر الظالمين فيها
جُثِيّاً، وجِثِيّاً أَيضاً، بكسر الجيم، لما بعدها من الكسر. وجاثَيْتُ
ركبتي إلى ركبته وتَجاثَوْا على الرُّكَب. وفي حديث ابن عمر: إن الناس
يصيرون يوم القيامة جُثىً كلُّ أُمَّةٍ تَتْبع نبيَّها أَي جماعة، وتروى هذه
اللفظة جُثِيٌّ، بتشديد الياء، جمع جاثٍ وهو الذي يجلس على ركبتيه؛ ومنه
حديث علي، رصوان الله عليه: أَنا أَوّلُ من يَجْثُو للخُصومة بين يدي الله
عز وجل. ابن سيده: وقد تَجاثَوْا في الخصومة مُجاثاةً وجِثاءً، وهما من
المصادر الآتية على غير أَفعالها. وقد جَثَا جَثْواً وجُثُوّاً، كجَذَا
جَذْواً وجُذُوّاً، إذا قام على أَطراف أَصابعه، وعدَّه أَبو عبيدة في
البدل، وأَما ابن جني فقال: ليس أَحد الحرفين بدلاً من صاحبه بل هما لغتان.
والجاثي: القاعد. وفي التنزيل العزيز: وترى كل أُمَّةٍ جاثِيَةً؛ قال
مجاهد: مُستوفِزينَ على الرُّكَب. قال أَبو معاذ: المُسْتَوْفِزُ الذي رفع
أَلْيَتَيه ووضع ركبتيه؛ وقال عديّ يمدح النعمان:
عَالِمٌ بالذي يكونُ، نَقِيُّ الصـ
ـدر، عَفٌّ على جُثاه نَحُور
قيل: أَراد ينحر النسك على جُثَى آبائِهِ أَي على قبورهم، وقيل: الجُثَى
صَنَم كان يُذْبح له.
والجُثْوة والجَثْوَة والجِثْوَة، ثلاث لغات: حجارة من تراب متجمع
كالقبر، وقيل: هي الحجارة المجموعة. والجثْوة: القبر سمي بذلك، وقيل: هي
الرِّبْوة الصغيرة، وقيل: هي الكُومةُ من التراب. التهذيب: الجُثَى أَتْربة
مجموعة، واحدته جُثْوة. وفي حديث عامر: رأَيت قبور الشهداء جُثىً يعني
أَتْربة مجموعة. وفي الحديث الآخر: فإذا لم نَجِدْ حجراً جمعنا جُثْوَةً من
تراب، ويجمع الجميع جُثىً، بالضم والكسر. وجِثَى الحَرَم: ما اجتمع فيه من
حجارة الجِمار
(* قوله «ما اجتمع فيه من حجارة الجمار» هذه عبارة
الجوهري، وقال الصاغاني في التكملة: الصواب من الحجارة التي توضع على حدود
الحرم أو الانصاب التي تذبح عليها الذبائح). وفي الحديث: ما دَعا دُعاءَ
الجاهلية فهو من جُثَى جهنم. وفي الحديث: من دَعا يا لَفُلانٍ فإنما يدعــو إلى
جُثَى النار؛ هي جمع جُثْوة، بالضم، وهي الشيء المجموع. وفي حديث إتيان
المرأَة مُجَبِّيةً رواه بعضهم مُجثَّاة، كأَنه أَراد قد جُثِّيَت فهي
مُجَثَّاة أَي حُمِلت على أَن تَجْثُوَ على ركبتيها. وفي الحديث: فلان من
جُثَى جهنم؛ قال أَبو عبيد: له معنيان أَحدهما أَنه ممن يَجْثُو على الركب
فيها، والآخر أَنه من جماعات أَهل جهنم على رواية من روى جُثىً،
بالتخفيف، ومن رواه من جُثِيِّ جهنم، بتشديد الياء، فهو جمع الجاثي. قال الله
تعالى: ثم لنحضرنهم حول جهنم جُثِيّاً؛ وقال طرفة في جمع الجُثْوة يصف قبري
أَخوين غني وفقير:
تَرَى جُثْوَتَيْن من تُرابٍ، عَلَيهما
صَفَائِحُ صُمٌّ من صفيحٍ مُصَمَّدِ
مُوَصَّد. وجُثْوة كلّ إنسان: جسده: والجُثْوة: البدن والوسط؛ عن ابن
الأَعرابي؛ ومنه قول دغْفَل الذُّهْلي: والعَنْبَرُ جُثْوَتُها، يعني
بَدَنَ عمرو بن تمِيم ووَسَطَها. ابن شميل: يقال للرجل إنه لعظيمُ الجُثْوةِ
والجُثَّةِ. وجُثْوَة الرجل: جسدُه، والجمع الجُثَى؛ وأَنشد:
يَومَ تَرَى جُثْوَتَه في الأَقْبُرِ
قال: والقبر جُثْوَة، وما ارتفع من الأَرض نحو ارتفاع القبر جُثْوَة.
والجُثْوة: التراب المجتمع. والجَثْوَة والجِثْوَة والجُثْوَة: لغة في
الجَذْوة والجِذْوة والجُذْوة. الفراء: جَذْوة من النار وجَثْوة، وزعم يعقوب
أَن الثاء هنا بدل من الذال. وسورة الجاثية: التي تلي الدخان.
جزي: الجَزاءُ: المُكافأََة على الشيء، جَزَاه به وعليه جَزَاءً وجازاه
مُجازاةً وجِزَاءً؛ وقول الحُطَيْئة:
منْ يَفْعَلِ الخَيْرَ لا يَعْدَمْ جَوازِيَهُ
قال ابن سيده: قال ابن جني: ظاهر هذا أَن تكون جَوازِيَه جمع جازٍ أَي
لا يَعْدَم جَزاءً عليه، وجاز أَن يُجْمَع جَزَاءٌ على جَوازٍ لمشابهة اسم
الفاعل للمصدر، فكما جمع سَيْلٌ على سَوائِل كذلك يجوز أَن يكون
جَوَازِيَهُ جمع جَزَاءٍ. واجْتَزاه: طَلبَ منه الجَزاء؛ قال:
يَجْزُونَ بالقَرْضِ إِذا ما يُجْتَزَى
والجازِيةُ: الجَزاءُ، اسم للمصدر كالعافِية. أَبو الهيثم: الجَزاءُ
يكون ثواباً
ويكون عقاباَ. قال الله تعالى: فما جَزاؤُه إِن كنتم كاذبين، قالوا
جَزاؤُه من وُجِدَ في رَحْله فهو جَزاؤُه؛ قال: معناه فما عُقُوبته إِنْ
بان كَذِبُكم بأَنه لم يَسْرِقْ أَي ما عُقُوبة السَّرِقِ عندكم إِن
ظَهَر عليه؟ قالوا: جزاء السَّرِقِ عندنا مَنْ وُجِدَ في رَحْله أَي الموجود
في رحله كأَنه قال جَزاء السَّرِقِ عندنا استرقاق السارِقِ الذي يوجد في
رَحْله سُنَّة، وكانت سُنَّة آل يعقوب. ثم وَكَّده فقال فهو جَزاؤه.
وسئل أَبو العباس عن جَزَيْته وجازَيْته فقال: قال الفراء لا يكون جَزَيْتُه
إِلاَّ في الخير وجازَيْته يكون في الخير والشر، قال: وغيره يُجِيزُ
جَزَيْتُه في الخير والشر وجازَيْتُه في الشَّرّ. ويقال: هذا حَسْبُك من
فلان وجازِيكَ بمعنىً واحد. وهذا رجلٌ جازِيكَ من رجل أَي حَسْبُك؛ وأَما
قوله:
جَزَتْكَ عني الجَوَازي
فمعناه جَزتْكَ
جَوازي أَفعالِك المحمودة. والجَوازي: معناه الجَزاء، جمع الجازِية
مصدر على فاعِلةٍ، كقولك سمعت رَوَاغِيَ الإِبل وثَوَاغِيَ الشاءِ؛ قال أَبو
ذؤَيب:
فإِنْ كنتَ تَشْكُو من خَليلٍ مَخانَةً،
فتلك الجَوازي عُقْبُها ونَصِيرُها
أَي جُزِيتَ كما فعَلْتَ، وذلك لأَنه اتَّهَمه في خليلتِه؛ قال
القُطاميُّ:
وما دَهْري يُمَنِّيني ولكنْ
جَزتْكُمْ، يا بَني جُشَمَ، الجوازي
أَي جَزَتْكُم جَوازي حُقُوقكم وذِمامِكم ولا مِنَّةَ لي عليكم.
الجوهري: جَزَيْتُه بما صنَعَ جَزاءً وجازَيْتُه بمعنىً. ويقال: جازَيْتُه
فجَزَيْتُه أَي غَلَبْتُه. التهذيب: ويقال فلانٌ ذو جَزاءٍ وذو غَناءٍ. وقوله
تعالى: جَزاء سيئة بمثلها؛ قال ابن جني: ذهب الأَخفش إِلى أَن الباء فيها
زائدة، قال: وتقديرها عنده جَزاءُ سيئة مثلُها، وإِنما استدل على هذا
بقوله: وجَزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مِثْلُها؛ قال ابن جني: وهذا مذهب حسن واستدلال
صحيح إِلا أَن الآية قد تحتمل مع صحة هذا القول تأْويلين آخرين: أَحدهما
أَن تكون الباء مع ما بعدها هو الخبر، كأَنه قال جزاءُ سيئة كائنٌ
بمثلها، كما تقول إِنما أَنا بك أَي كائنٌ موجود بك، وذلك إِذا صَغَّرت نفسك
له؛ ومثله قولك: توكلي عليك وإِصغائي إِليك وتوَجُّهي نحوَك، فتخبر عن
المبتدإِ بالظرف الذي فِعْلُ ذلك المصدر يتَناوَلُه نحو قولك: توكلت عليك
وأَصغيت إِليك وتوجهت نحوك، ويدل على أَنَّ هذه الظروفَ في هذا ونحوه
أَخبار عن المصادر قبلها تَقَدُّمها عليها، ولو كانت المصادر قبلها واصلة
إِليها ومتناولة لها لكانت من صلاتها، ومعلوم استحالة تقدُّم الصِّلة أَو
شيءٍ منها على الموصول، وتقدُّمُها نحوُ قولك عليك اعتمادي وإِليك توجهي
وبك استعانتي، قال: والوجه الآخر أَن تكون الباء في بمثلها متعلقة بنفس
الجزاء، ويكون الجزاء مرتفعاً بالابتداء وخبرة محذوف، كأَنه جزاءُ سيئة
بمثلها كائن أَو واقع. التهذيب: والجَزاء القَضاء. وجَزَى هذا الأَمرُ
أَي قَضَى؛ ومنه قوله تعالى: واتَّقُوا يوماً لا تَجْزي نفسٌ عن نفس
شيئاً؛ يعود على اليوم والليلة ذكرهما مرة بالهاء ومرة بالصفة، فيجوز ذلك
كقوله: لا تَجْزي نفسٌ عن نفس شيئاً، وتُضْمِرُ الصفةَ ثم تُظْهرها فتقول
لا تَجْزي فيه نفسٌ عن نفس شيئاً، قال: وكان الكسائي لا يُجِيزُ إِضمار
الصفة في الصلة. وروي عن أَبي العباس إِضمارُ
الهاء والصفةِ واحدٌ عند الفراء تَجْزي وتَجْزي فيه إِذا كان المعنى
واحداً؛ قال: والكسائي يضمر الهاء، والبصريون يضمرون الصفة؛ وقال أَبو
إِسحق: معنى لا تَجْزي نفس عن نفس شيئاً أَي لا تَجْزي فيه، وقيل: لا
تَجْزيه، وحذف في ههنا سائغٌ لأَن في مع الظروف محذوفة. وقد تقول: أَتيتُك
اليومَ وأَتيتُك في اليوم، فإِذا أَضمرت قلتَ أَتيتك فيه، ويجوز أَن تقول
أَتَيْتُكه؛ وأَنشد:
ويوماً شَهِدْناه سُلَيْماً وعامِراً
قَليلاً، سِوَى الطَّعْنِ النِّهَالِ، نَوافِلُهْ
أَراد: شهدنا فيه. قال الأَزهري: ومعنى قوله لا تَجْزي نفسٌ عن نفس
شيئاً، يعني يوم القيامة لا تَقْضِي فيه نفْسٌ شيئاً: جَزَيْتُ فلاناً
حَقَّه أَي قضيته. وأَمرت فلاناً يَتَجازَى دَيْني أَي يتقاضاه. وتَجازَيْتُ
دَيْني على فلان إِذا تقاضَيْتَه. والمُتَجازي: المُتَقاضي. وفي الحديث:
أَن رجلاً كان يُدايِنُ الناس، وكان له كاتبٌ ومُتَجازٍ، وهو المُتَقاضي.
يقال: تَجازَيْتُ دَيْني عليه أَي تقاضَيْته. وفسر أَبو جعفر بن جرير
الطَّبَرِيُّ قوله تعالى: لا تَجْزي نفْسٌ عن نفس شيئاً، فقال: معناه لا
تُغْني، فعلى هذا يصح أَجْزَيْتُك عنه أَي أَغنيتك. وتَجازَى دَيْنَه:
تقاضاه. وفي صلاة الحائض: قد كُنَّ نساءُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
يَحِضْنَ أَفأَمَرَهُنَّ أَن يَجْزِينَ أَي يَقْضين؟ ومنه قولهم: جَزاه الله
خيراً أَي أَعطاه جَزاءَ ما أَسْلَف من طاعته. وفي حديث ابن عمر: إِذا
أَجْرَيْتَ الماءَ على الماءِ جَزَى عنك، وروي بالهمز. وفي الحديث: الصومُ
لي وأَنا أَجْزي به؛ قال ابن الأَثير: أَكثَرَ الناسُ في تأْويل هذا
الحديث وأَنه لِمَ خَصَّ الصومَ والجَزاءَ عليه بنفسه عز وجل، وإِن كانت
العباداتُ كلها له وجَزاؤها منه؟ وذكروا فيه وُجُوهاً مدارُها كلها على أَن
الصوم سرٌّ بين الله والعبد، لا يَطَّلِع عليه سواه، فلا يكون العبد
صائماً حقيقة إِلاَّ وهو مخلص في الطاعة، وهذا وإِن كان كما قالوا، فإِن غير
الصوم من العبادات يشاركه في سر الطاعة كالصلاة على غير طهارة، أَو في
ثوب نجس، ونحو ذلك من الأَسرار المقترنة بالعبادات التي لا يعرفها إِلاَّ
الله وصاحبها؛ قال: وأَحْسَنُ ما سمعت في تأْويل هذا الحديث أَن جميع
العبادات التي ُتقرب بها إِلى الله من صلاة وحج وصدقة واعتِكاف وتَبَتُّلٍ
ودعاءٍ وقُرْبان وهَدْي وغير ذلك من أَنواع العبادات قد عبد المشركون بها
ما كانوا يتخذونه من دون الله أَنداداً، ولم يُسْمَع أَن طائفة من طوائف
المشركين وأَرباب النِّحَلِ
في الأَزمان المتقدمة عبدت آلهتها بالصوم ولا تقرَّبت إِليها به، ولا
عرف الصوم في العبادات إِلاَّ من جهة الشرائع، فلذلك قال الله عزَّ وجل:
الصومُ لي وأَنا أَجْزي به أَي لم يشاركني فيه أَحد ولا عُبِدَ به غيري،
فأَنا حينئذ أَجْزي به وأَتولى الجزاء عليه بنفسي، لا أَكِلُه إِلى أَحد
من مَلَك مُقَرَّب أَو غيره على قدر اختصاصه بي؛ قال محمد بن المكرم: قد
قيل في شرح هذا الحديث أَقاويل كلها تستحسن، فما أَدري لِمَ خَصَّ ابن
الأَثير هذا بالاستحسان دونها، وسأَذكر الأَقاويل هنا ليعلم أَن كلها حسن:
فمنها أَنه أَضافه إِلى نفسه تشريفاً وتخصيصاً كإِضافة المسجد والكعبة
تنبيهاً على شرفه لأَنك إِذا قلت بيت الله، بينت بذلك شرفه على البيوت،
وهذا هو من القول الذي استحسنه ابن الأَثير، ومنها الصوم لي أَي لا يعلمه
غيري لأَن كل طاعة لا يقدر المرء أَن يخفيها، وإِن أَخفاها عن الناس لم
يخفها عن الملائكة، والصوم يمكن أَن ينويه ولا يعلم به بشر ولا ملك، كما
روي أَن بعض الصالحين أَقام صائماً أَربعين سنة لا يعلم به أَحد، وكان
يأْخذ الخبز من بيته ويتصدق به في طريقه، فيعتقد أَهل سوقه أَنه أَكل في
بيته، ويعتقد أَهل بيته أَنه أَكل في سوقه، ومنها الصوم لي أَي أَن الصوم
صفة من صفات ملائكتي، فإِن العبد في حال صومه ملك لأَنه يَذْكُر ولا يأْكل
ولا يشرب ولا يقضي شهوة، ومنها، وهو أَحسنها، أَن الصوم لي أَي أَن الصوم
صفة من صفاتي، لأَنه سبحانه لا يَطْعَم، فالصائم على صفة من صفات الرب،
وليس ذلك في أَعمال الجوارح إِلاَّ في الصوم وأَعمال القلوب كثيرة كالعلم
والإرادة، ومنها الصوم لي أَي أَن كل عمل قد أَعلمتكم مقدار ثوابه
إِلاَّ الصوم فإِني انفردت بعلم ثوابه لا أُطلع عليه أَحداً، وقد جاء ذلك
مفسراً في حديث أَبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: كل عمل
ابن آدم يُضاعَفُ الحسنةُ عشر أَمثالها إِلى سبعمائة ضِعْفٍ، قال الله عز
وجل: إِلاَّ الصوم فإِنه لي وأَنا أَجْزي به، يَدَعُ شهوتَه وطعامه من
أَجلي، فقد بيَّن في هذا الحديث أَن ثواب الصيام أَكثر من ثواب غيره من
الأَعمال فقال وأَنا أَجزي به، وما أَحال سبحانه وتعالى المجازاة عنه على
نفسه إِلاَّ وهو عظيم، ومنها الصوم لي أَي يَقْمَعُ عدوِّي، وهو الشيطان
لأَن سبيل الشيطان إِلى العبد عند قضاء الشهوات، فإِذا تركها بقي الشيطان
لا حيلة له، ومنها، وهو أَحسنها، أَن معنى قوله الصوم لي أَنه قد روي في
بعض الآثار أَن العبد يأْتي يوم القيامة بحسناته، ويأْتي قد ضرَب هذا
وشَتَم هذا وغَصَب هذا فتدفع حسناته لغرمائه إِلاَّ حسنات الصيام، يقول
الله تعالى: الصوم لي ليس لكم إِليه سبيل. ابن سيده: وجَزَى الشيءُ يَجْزِي
كَفَى، وجَزَى عنك الشيءُ قضَى، وهو من ذلك. وفي الحديث: أَنه، صلى الله
عليه وسلم، قال لأَبي بُرْدة بن نِيَارٍ حين ضَحَّى بالجَذَعة: تَجْزِي
عنك ولا تَجْزِي عن أَحد بعدَك أَي تَقْضِي؛ قال الأَصمعي: هو مأْخوذ من
قولك قد جَزَى عني هذا الأَمرُ يَجْزِي عني، ولا همز فيه، قال: ومعناه
لا تَقْضِي عن أَحد بعدك. ويقال: جَزَتْ عنك شاةٌ أَي قَضَتْ، وبنو تميم
يقولون أَجْزَأَتْ عنك شاةٌ بالهمز أَي قَضَت. وقال الزجاج في كتاب
فَعَلْتُ وأَفْعَلْتُ: أَجْزَيْتُ عن فلان إِذا قمتَ مَقامه. وقال بعضهم:
جَزَيْتُ عنك فلاناً كافأْته، وجَزَتْ عنك شاةٌ وأَجْزَتْ بمعنىً. قال: وتأْتي
جَزَى بمعنى أَغْنَى. ويقال: جَزَيْتُ فلاناً بما صنع جَزَاءً، وقَضَيْت
فلاناً قَرْضَه، وجَزَيْتُه قرضَه. وتقول: إِن وضعتَ صدقَتك في آل فلان
جَزَتْ عنك وهي جازِية عنك. قال الأَزهري: وبعض الفقهاء يقول أَجْزَى
بمعنى قَضَى. ابن الأَعرابي: يَجْزِي قليلٌ من كثير ويَجْزِي هذا من هذا أَي
كلُّ واحد منهما يقوم مقام صاحبه. وأَجْزَى الشيءُ عن الشيء: قام مقامه
ولم يكف. ويقال: اللحمُ السمين أَجْزَى من المهزول؛ ومنه يقال: ما
يُجْزِيني هذا الثوبُ أَي ما يكفيني. ويقال: هذه إِبلٌ مَجازٍ يا هذا أَي
تَكْفِي، الجَملُ الواحد مُجْزٍ. وفلان بارع مَجْزىً لأَمره أَي كاف أَمره؛
وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده لبعض بني عمرو بن تميم:
ونَحْنُ قَتَلْنا بالمَخارِقِ فارساً،
جَزاءَ العُطاسِ، لا يموت المُعاقِب
قال: يقول عجلنا إِدراك الثَّأْر كقدر ما بين التشميت والعُطاس،
والمُعاقِبُ الذي أَدرك ثَأْره، لا يموت المُعاقِب لأَنه لا يموت ذكر ذلك بعد
موته، لا يَمُوت من أَثْأَرَ أَي لا يَمُوت ذِكْرُهُ. وأَجْزَى عنه
مُجْزَى فلان ومُجْزاته ومَجْزاه ومَجْزاته؛ الأَخيرة على توهم طرح الزائد
أَعني لغة في أَجْزَأَ. وفي الحديث: البَقَرَةُ تُجْزِي عن سبعة، بضم التاء؛
عن ثعلب، أَي تكون جَزَاءً عن سبعة. ورجلٌ ذو جَزَاءٍ أَي غَناء، تكون من
اللغتين جميعاً.
والجِزْيَةُ: خَراجُ الأَرض، والجمع جِزىً وجِزْيٌ. وقال أَبو علي:
الجِزَى والجِزْيُ واحد كالمِعَى والمِعْيِ لواحد الأَمْعاء، والإِلَى
والإِلْيِ لواحد الآلاءِ، والجمع جِزاءٌ؛ قال أَبو كبير:
وإِذا الكُماةُ تَعاوَرُوا طَعْنَ الكُلَى،
تَذَرُ البِكارةَ في الجِزَاءِ المُضْعَفِ
وجِزْيَةُ الذِّمِّي منه. الجوهري: والجِزْيةُ ما يؤخذ من أَهل الذمة،
والجمع الجِزَى مثل لِحْيةٍ ولِحىً. وقد تكرر في الحديث ذكر الجِزْية في
غير موضع، وهي عبارة عن المال الذي يَعْقِد الكتابيُّ عليه الذمة، وهي
فِعْلَةٌ من الجَزاء كأَنها جَزَتْ عن قتلِه؛ ومنه الحديث: ليس على مسلم
جِزْية؛ أَراد أَن الذمي إِذا أَسلم وقد مر بعضُ الحول لم يُطالَبْ من
الجِزْية بِحِصَّةِ ما مضى من السَّنة؛ وقيل: أَراد أَن الذمي إِذا أَسلم وكان
في يده أَرض صُولح عليها بخراج، توضع عن رقبته الجِزْيةُ وعن أَرضه
الخراج؛ ومنه الحديث: من أَخَذ أَرضاً بِجِزْيَتِها أَراد به الخراج الذي
يُؤَدَّى عنها، كأَنه لازم لصاحب الأَرض كما تَلْزَم الجِزْىةُ الذميَّ؛ قال
ابن الأَثير؛ هكذا قال أَبو عبيد هو أَن يسلم وله أَرض خراج، فتُرْفَعُ
عنه جِزْيَةُ رأْسه وتُتْرَكُ عليه أَرضُه يؤدي عنها الخراجَ؛ ومنه حديث
علي، رضوان الله عليه: أَن دِهْقاناً أَسْلَم على عَهْدِه فقال له: إِن
قُمْتَ في أَرضك رفعنا الجِزْْيةَ عن رأْسك وأَخذناها من أَرضك، وإِن
تحوّلت عنها فنحن أَحق بها. وحديث ابن مسعود، رضي الله عنه، أَنه اشترى من
دهْقان أَرضاً على أَن يَكْفِيَه جِزْيَتَها؛ قيل: اشترَى ههنا بمعنى
اكْتَرَى؛ قال ا بن الأَثير: وفيه بُعْدٌ لأَنه غير معروف في اللغة، قال:
وقال القُتَيْبي إِن كان محفوظاً، وإِلا فَأَرى أَنه اشتري منه الأَرضَ قبل
أَن يُؤَدِّيَ جِزْيَتَها للسنة التي وقع فيها البيعُ فضمّنه أَن يقوم
بخَراجها. وأَجْزَى السِّكِّينَ: لغة في أَجْزَأَها جعل لها جُزْأَةً؛ قال
ابن سيده: ولا أَدري كيف ذلك لأَن قياس هذا إِنما هو أَجْزَأَ، اللهم
إِلا أَن يكون نادراً.
جفا: جَفَا الشيءُ يَجْفُو جَفَاءً وتَجافَى: لَمْ يلزم مكانَه،
كالسَّرْجِ يَجْفُو عن الظَّهْر وكالجَنْب يَجْفُو عن الفِراشِ؛ قال
الشاعر:إِنَّ جَنْبي عن الفِراش لَنابِ،
كتَجافِي الأَسَرِّ فَوْقَ الظِّرابِ
والحُجَّةُ في أَن الجَفاءَ يكون لازماً مثل تَجافَى قولُ العجاج يصف
ثوراً وحشيّاً:
وشَجَرَ الهُدَّابَ عَنْه فَجَفَا
يقول: رفع هُدْب الأَرْطى بقَرْنه حتى تجافى عنه.
وأَجْفَيْتُه أَنا: أَنزلته عن مكانه؛ قال:
تَمُدُّ بالأَعْناق أَو نتَلْوِيها
وتَشْتَكي لَوْ أَنَّنا نُشْكِيها
مَسَّ حَوايانا فَلم نُجْفِيها
أَي فلَمَّا نرفع الحَوِيَّة عن ظهرها. وجَفَا جنْبُه عن الفراش
وتَجافَى: نَبَا عنه ولم يطمئنّ عليه. وجافَيْت جَنْبي عن الفراش فتَجافى،
وأَجْفَيْت القَتَب عن ظهر البعير فَجَفا، وجَفَا السرجُ عن ظهر الفرس
وأَجْفَيْته أَنا إِذا رفعته عنه، وجافاه عنه فتَجافى. وتَجافَى جَنْبُه عن
الفراش أَي نَبَا، واسْتجفاه أَي عدّه جافياً. وفي التنزيل: تَتَجافى
جُنُوبُهم عن المضاجع؛ قيل في تفسير هذه الآية: إِنهم كانوا يصلون في الليل،
وقيل: كانوا لا ينامون عن صلاة العَتَمة، وقيل: كانوا يصلون بين الصلاتين
صلاةِ المغربِ والعشاءِ الأَخيرةِ تَطَوُّعاً. قال الزجاج: وقوله تعالى :
فلا تعلم نفس ما أُخْفِيَ لهم من قُرَّةِ أََعْيُنٍ، دليل على أَنها
الصلاة في جوف الليل لأَنه عملٌ يَسْتَسِرُّ الإِنسان به. وفي الحديث: أَنه
كان يُجافي عَضُدَيْه عن جَنْبَيْهِ في السجود أَي يباعدهما. وفي الحديث:
إِذا سَجَدْتَ فَتَجافَ، وهو من الجَفاءِ البُعْدِ عن الشيء، جفاه إِذا
بعد عنه، وأَجْفاه إِذا أَبعده؛ ومنه الحديث: اقْرَؤُوا القرآن ولا
تَجْفُوا عنه أَي تعاهدوه ولا تبعدوا عن تلاوته. قال ابن سيده: وجَفا الشيءُ
عليه ثَقُل، لما كان في معناه، وكان ثَقُل يتعدى بعلى، عدَّوْه بعلى
أَيضاً، ومثل هذا كثير، والجَفا يقصر ويمدّ خلاف البِرّ نقيض الصلة، وهو من
ذلك. قال الأَزهري: الجفاء ممدود عند النحويين، وما علمت أَحداً أَجاز فيه
القصر، وقد جَفَاه جَفْواً وجَفَاءً. وفي الحديث: غير الْغَالي فيه
والْجافي؛ الجفاءُ: ترك الصلة والبرّ؛ فأَما قوله:
ما أَنا بالجافي ولا المَجْفِيِّ
فإِن الفراء قال: بناه على جُفِيَ، فلما انقلبت الواو ياء فيما لم يسمَّ
فاعله بني المفعول عليه؛ وأَنشد سيبويه للشاعر:
وقَدْ عَلِمَتْ عِرْسِي مُلَيْكَةُ أَنَّني
أَنا الليثُ مَعْدِيّاً عليه وعادِيَا
وفي الحديث عن أَبي هريرة قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: الحياءُ
من الإِيمان والإِيمانُ
في الجنة والبَذَاءُ من الجَفَاء والجَفاءُ في النار؛ البَذاء، بالذال
المعجمة: الفُحْش من القول. وفي الحديث الآخر: مَنْ بَدَا جَفَا، بالدال
المهملة، خرج إِلى البادية، أَي من سكن البادية غلُظ طبعه لقلة مخالطة
الناس، والجَفاءُ غِلَظ الطبع. الليث: الجَفْوة أَلْزَم في تَرْكِ الصِّلَة
من الجَفاءِ لأَن الجَفاء يكون في فَعَلاته إِذا لم يكن له مَلَقٌ ولا
لَبَقٌ. قال الأَزهري: يقال جَفَوْته جَفْوَة مرّةً واحدة، وجفاءً كثيراً،
مصدر عام، والجَفاء يكون في الخِلْقة والخُلُق؛ يقال: رجل جافِي الخِلْقة
وجافِي الخُلُق إِذا كان كَزّاً غليظَ العِشْرة والخُرْقِ
في المعاملة والتحامُلِ عند الغضب والسَّوْرةِ على الجليس. وفي صفته،
صلى الله عليه وسلم: ليس بالجافي المُهِين أَي ليس بالغليظ الخِلْقة ولا
الطبع أَو ليس بالذي يجفو أَصحابه، والمهين يروى بضم الميم وفتحها، فالضم
على الفاعل من أَهان أَي لا يهين من صحبه، والفتح على المفعول من المَهانة
والحَقارة، وهو مَهِين أَي حقير. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا
تَزْهَدَنَّ في جَفاءِ الحِقْوِ أَي لا تَزْهَدْ في غلظ الإِزار، وهو حثٌّ على
ترك التنعم. وفي حديث حُنَيْنٍ: خرج جُفَاءٌ من الناسِ؛ قال ابن الأَثير:
هكذا جاء في رواية، قالوا: ومعناه سَرَعانُ الناس وأَوائِلُهم، تشبيهاً
بجُفاء السيل وهو ما يقذفه من الزَّبَدِ والوسخ ونحوهما.
وجَفَيْت البَقْلَ واجْتَفَيْته: اقتلعته من أُصوله كجَفأَه واجْتَفأَه.
ابن السكيت: يقال جَفَوْته، فهو مَجْفُوّ، قال: ولا يقال جَفَيْت، وقد
جاء في الشعر مَجْفِيّ؛ وأَنشد:
ما أَنا بالجافِي ولا المَجْفِيِّ
وفلان ظاهرُ
الجِفْوة، بالكسر، أَي ظاهر الجَفاء. أَبو عمرو: الجُفاية السفينة
الفارغة، فإِذا كانت مشحونة فهي غامِدٌ وآمِدٌ وغامِدة وآمِدة. وجَفا مالَه:
لم يُلازمه. ورجل فيه جَفْوة وجِفْوة وإِنه لَبَيِّن الجِفْوة، بالكسر،
فإِذا كان هو المَجْفُوّ قيل به جَفْوة. وقولُ المِعْزَى حين قيل لها ما
تصنعين في الليلة المَطِيرة فقالت: الشَّعْر دُقاقٌ والجِلْدُ رُقاق
والذَّنَبُ جُفاءٌ ولا صَبْر بي عن البَيْت؛ قال ابن سيده: لم يفسر اللحياني
جُفاء، قال: وعندي أَنه من النُّبُوِّ والتباعد وقلة اللُّزُوق. وأَجْفَى
الماشيةَ، فهي مُجْفاة: أَتعبها ولم يَدَعْــها تأْكل، ولا عَلَفها قبلَ
ذلك، وذلك إِذا ساقها سوقاً شديداً.
سكك: السَّكَكُ: الصَّمَمُ، وقيل: السَّكَك صِغَر الأُذن ولزوقها
بالرأْس وقِلََّة إشرافها، وقيل: قِصَرها ولصوقها بالخُشَشاء، وقيل: هو صِغر
فوق الأُذن وضيقُ الصِّماخ، وقد وصف به الصَّمَمُ، يكون ذلك في الآدميين
وغيرهم، وقد سَكَّ سَكَكاً وهو أَسَكُّ؛ قال الراجز:
ليلةُ حَكٍّ ليس فيها شَكُّ،
أَحُكُ حتى ساعِدي مُنْفَكُّ،
أَسْهَرَنِي الأسَيْوِدُ الأسَكُّ
يعني البراغيث، وأَفرده على إرادة الجنس. والنَّعامُ كلُّها سُكٌّ وكذلك
القطا؛ ابن الأَعرابي: يقال للقطاة حَذَّاءُ لِقصَر ذنبها، وسَكَّاءُ
لأَنه لا أُذن لها، وأَصل السَّكَك الصَّمَمُ؛ وأَنشد:
حَذَّاءُ مُدْبِرَةً، سَكَّاءُ مُقْبِلَةً،
للماء في النحر منها نَوْطَةٌ عَجَبُ
وقوله:
إنَّ بَني وَقْدانَ قومٌ سُكُّ
مثلُ النِّعامِ، والنعامُ صُكُّ
سُكٌّ أَي صُمُّ. الليث: يقال ظليم أَسَكُّ لأنه لا يسمع؛ قال زهير:
أَسَكُّ مُصَلَّمُ الأُذُنينِ أَجْنَى،
له بالسِّيّ تَنُّومٌ وآءُ
(* وروي في ديوان زهير: أصكّ بدل أسكُّ).
واسْتَكَّتْ مسامعه إذا صَمَّ. ويقال: ما اسْتَكَّ في مَسامِعي مثلُه
أَي ما دَخَلَ. وأُذن سَكَّاء أي صغيرة. وحكى ابن الأَعرابي: رجل سُكاكة
لصغير الأُذن، قال: والمعروف أَسَكّ. ابن سيده: والسُّكاكة الصغير الأذنين؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
يا رُبَّ بَكْرٍ بالرُّدافى واسِجِ،
سُكاكَةٍ سَفَنَّجٍ سُفَانِجِ
ويقال: كلُّ سَكَّاءَ تَبِيضُ وكل شَرْفاء تَلِدُ، فالسَّكَّاء: التي لا
أُذن لها، والشَّرْفاء: التي لها أُذن وإن كانت مشقوقة. ويقال: سَكَّة
يَسُكّه إذا اصطَلم أُذنيه. وفي الحديث: أَنه مَرَّ بِجَدي أَسَكَّ أَي
مُصْطَلِم الأُذنين مقطوعهما. واسْتَكَّتْ مَسامِعُه أَي صَمَّت وضاقت؛
ومنه قول النابغة الذبياني:
أَتاني، أَبَيْتَ اللَّعْنَ أَنك لُمْتَني،
وتِلْكَ التي تَسْتَكُّ منها المَسامِعُ
وقال عَبيدُ بن الأَبرص:
دَعا معَاشِرَ فاسْتَكَّتْ مَسامِعُهم،
يا لَهْفَ نفْسيَ، لو يَدْعُــو بني أَسَدِ
وفي حديث الخُدْرِي: أنه وضَع يديه على أُذنيه وقال اسْتَكَّتا إن لم
أَكن سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: الذهبُ بالذهب، أَي صَمَّتا.
والاسْتِكاكُ: الصَّمَمُ وذهاب السمع. وسَكَّ الشيءَ يَسُكُّه سَكّاً
فاسْتَكَّ: سَدَّه فانسَدَّ. وطريق سُكُّ: ضَيِّق مُنْسَدّ؛ عن اللحياني.
وبئر سَكٌّ وسُكُّ: ضيقة الخرق، وقيل: الضيقة المَحْفرِ من أَولها إلى
آخرها؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ماذا أُخَشَّى من قَلِيبٍ سُكِّ،
يَأْسَنُ فيه الوَرَلُ المُذَكِّي؟
وجمعها سِكَاكٌ. وبئر سَكُوك: كَسُكٍّ. الأَصمعي: إذا ضاقت البئر فهي
سُكُّ؛ وأَنشد:
يُجْبَى لَها على قَلِيبٍ سُكِّ
الفراء: حفروا قليباً سُكّاً، وهي التي أُحْكِم طَيُّها في ضيق.
والسُّكُّ من الرَّكايا: المستويةُ الجِرَاب والطيّ. والسُّكُّ، بالضم: البئر
الضيقة من أَعلاها إلى أَسفلها؛ عن أَبي زيد. والسُّكُّ: جُحْر العقرب
وجُحْرُ العنكبوت لضيقه.
واسْتَكَّ النبتُ أَي التف وانْسَدَّ خَصاصُه.
الأَصمعي: اسْتَكَّتِ الرياضُ إذا التفّت؛ قال الطرماح يصف عَيْراً:
صُنْتُعُ الحاجِبَيْنِ، خَرَّطَه البَقْـ
لُ بَديّاً، قَبْل اسْتِكاكِ الريِّاضِ
والسَّكُّ: تَضْبِيبُك البابَ أَو الخشبَ بالحديد، وهو السَّكِّيُّ
والسَّكُّ. والسَّكِّيّ: المسمارُ؛ قال الأَعشى:
ولا بُدَّ من جارٍ يُجِيرُ سَبِيلَها،
كما سَلَكَ السَّكِّيَّ في البابِ فيَتْقُ
ويروى السَّكِّيّ بالكسرِ، وقيل: هو المسمار، وقيل الدينار، وقيل
البَرِيدُ، والفَيْتَقُ النَّجَّارُ، وقيل الحَدَّاد، وقيل البَّواب، وقيل
المَلِكُ. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: أَنه خطب الناس على منبر الكوفة وهو
غير مَسْكُوك أَي غير مُسمَّرٍ بمسامير الحديد، ويروى بالشين، وهو
المشدود؛ وقال دُرَيْدُ بن الصِّمَّة يصف درعاً:
بَيْضَاءُ لا تُرْتَدَى إلاّ إلى فَزَعٍ،
من نَسْجِ داودَ، فيها السَّكُّ مَقْتُورُ
والمَقْتُور: المُقَدَّر، وجمعه سُكُوكِ وسِكَاك. والسُّكُّ: الدِّرع
الضيقة الحَلَقِ. ودِرْعٌ سُكُّ وسَكَّاءٌ: ضيقة الحَلعق. والسِّكَّةُ:
حديدة قد كتب عليها يضرب عليها الدراهم وهي المنقوشة. وفي الحديث عن النبي،
صلى الله عليه وسلم: أَنه نهى عن كَسْرِ سِكَّةِ المسلمين الجائزة بينهم
إلاَّ من بأس؛ أَراد بالسِّكَّة الدينارَ والدرهمَ المضروبين، سمي كل
واحد منهما سِكَّة لأَنه طبع بالحديدة المُعَلِّمة له، ويقال له السَّكُّ،
وكل مسار عند العرب سَكٌّ؛ قال امرؤُ القيس يصف درعاً:
ومَشْدُودَةَ السَّكِّ مَوْضُونَةً،
تَضَاءَلُ في الطَّيِّ كالمِبْرَدِ
قوله ومشدودة منصوب لأنه معطوف على قوله:
وأَعْدَدتُ للحرب وَثّابةً،
جَوادَ المَحَثَّةِ والمِرْوَدِ
وسِكَّةُ الحَرَّاثِ: حديدةُ الفَدَّانِ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، قال: ما دَخَلتِ السِّكَّةُ دارَ قوم إلاَّ ذَلُّوا.
والسَّكَّة في هذا الحديث: الحديدة التي يحرث بها الأرض، وهي السِّنُّ
واللُّؤمَةُ، وإنما قال صلى الله عليه وسلم، إنها لا تدخل دار قوم إلا ذلوا
كراهة اشتغال المهاجرين والمسلمين عن مجاهدة العدوّ بالزراعة والخفض، وإنهم
إذا فعلوا ذلك طولبوا بما يلزمهم من مال الفَيْء فَيَلْقَوْنَ عَنَتاً من
عُمَّال الخراج وذلاً من الإلزامات، وقد عَلِمَ، عليه السلام، ما يلقاه
أصحاب الضِّيَاعِ والمزارع من عَسْفِ السلطان وإِيجابه عليهم بالمطالبات،
وماينالهم من الذلِّ عند تغير الأحوال بعده، وقريب من هذا الحديث قوله في
الحديث الآخر: العِزُّ في نواصي الخيل والذل في أَذناب البقر، وقد ذكرت
السِّكَّة في ثلاثة أَحاديث بثلاثة معان مختلفة. والسِّكَّةُ
والسِّنَّةُ: المَأنُ الذي تحرث به الأرض.
ابن الأعرابي: السُّكُّ لُؤمُ الطبع. يقال: هو بسُكَّ طَبْعِه يفعل ذلك.
وسَكَّ إذا ضَيَّق، وسَكَّ إذا لَؤُمَ. والسِّكَّة: السطر المصطف من
الشجر والنخيل، ومنه الحديثُ المأثورُ: خير المال سِكَّةٌ مأبُورَةٌ
ومُهْرَةٌ مأمُورة؛ المأبورة: المُصْلَحة المُلْقَحَة من النخل،
والمأمورة: الكثيرة النِّتاجِ والنسل، وقيل: السِّكَّة المأبورة هي الطريق
المستوية المصطفة من النخل، والسَّة الزُّقاقُ، وقيل: إنما سميت الأزِقَّةُ
سِكَكاً لاصطفاف الدُّور فيها كطرائق النخل. وقال أبو حنيفة: كان الأصمعي
يذهب في السِّكَّةِ المأبورة إلى الزرع ويجعل السكة هنا سكة الحرَّاث
كأَنه كنى بالسكة عن الأرض المحروثة، ومعنى هذا الكلام خير المال نتاج أو زرع،
والسِّكَّة أَوسع من الزُّقاقِ، سميت بذلك لاصطفاف الدور فيها على
التشبيه بالسِّكَّةِ من النخل. والسِّكَّةُ: الطريق المستوي، وبه سميت سِكَكُ
البَرِيدِ؛ قال الشَّمَّاخ:
حَنَّتْ على سِكَّةِ السَّارِي فَجاوَبها
حمامةٌ من حمامٍ، ذاتُ أَطواقِ
أََي على طريق الساري، وهو موضع؛ قال العجاج:
نَضْرِبُهم إذ أَخذُوا السَّكائِكا
الأَزهري: سمعت أَعرابيّاً يصف دَحْلاً دَحلَه فقال: ذهب فمه سَكّاً في
الأرض عَشْرَ قِيَمٍ ثم سَرَبَ يميناً؛ أَراد بقوله سَكّاً أَي مستقيماً
لا عِوَجَ فيه. والسِّكَّةُ: الطريقة المُصْطَقَّة من النخل. وضربوا
بيوتَهم سكاكاً أي صفّاً واحداً؛ عن ثعلب، ويُقال بالشين المعجمة؛ عن ابن
الأَعرابي. وأدرك الأمْرَ بِسِكَّتِهِ أَي في حين إمكانه.
واللُّوحُ والسُّكاكُ والسُّكاكَةُ: الهواءُ بين السماء والأرض، وقيل:
الذي لا يلاقي أعْنان السماء؛ ومنه قولهم: لا أفعل ذلك ولو نَزَوْتَ في
السُّكاكِ أَي في السماء. وفي حديث الصبية المفقودة. قالت فحملني على
خَافِيَةٍ من خَوافِيه ثم دَوَّمَ بي في السُّكاكِ؛ السُّكاك والسُّكاكة:
الجَوُّ وهو ما بين السماء والأرض؛ ومنه حديث علي، عليه السلام: شَقَّ
الأَرجاءَ وسَكائِكَ الهواء؛ السكائك جمع السُّكاكَةِ وهي السُّكاكُ كذاؤبة
وذوائب. والسُّكُكُ: القُلُصُ الزَّرَّاقَةُ يعني الحُبَاريَات. ابن شميل:
سَلْقَى بناءَه أي جعله مُسْتَلْقِياً ولم يجعله سَكَكاً، قال: والسَّكُّ
المستقيم من البناء والحَفْرِ كهيئة الحائط. والسُّكَاكَةُ من الرجال:
المسْتَبِدُّ برأيه وهو الذي يُمْضِي رأيه ولا يشاور أَحداً ولايبالي كيف
وقع رأيه، والجمع سُكاكَاتٌ ولا يُكَسِّر.
والسُّكُّ: ضرب من الطيب يُرَكَّبُ من مِسْك ورَامَكٍ، عربيٌّ. وفي حديث
عائشة: كنا نُضَمِّدُ جِباهَنابالسُّكِّ المُطَيَّب عند الإحرام؛ هو طيب
معروف يضاف إلى غيره من الطيب ويستعمل.
وسَكِّ النعامُ سَكّاً: أَلقى ما في بطنه كَسجٍّ. وسَكَّ بسْلْحِه
سَكّاً: رماه رقيقاً. يقال: سَكٌّ بسَلْحه وسَجَّ وهَكَّ إذا حذَف به.
الأصمعي: هو يَسُكُّ سَكّاً ويَسّجُّ سَجّاً إذا رَقَّ ما يجيء من سَلْحه. أَبو
عمرو: زَكَّ بسَلْحه وسَكَّ أي رمى به يزُكُّ ويَسُكُّ. وأخذه ليلَته
سَكُّ إذا قعد مَقاعِدَ رِقاقاً، وقال يعقوب: أَخذه سَكٌّ في بطنه وسَجٌّ
إذا لانَ بطنُه، وزعم أنه مبدل ولم يعلم أَيُّهما أَبدل من صاحبه. وهو
يَسُكُّ سَكّاً إذا رق ما يجيء به من الغائط. وسكاء: اسم قرية؛ قال الراعي
يصف إبلاً له:
فلا رَدَّها رَبِّي إلى مَرْجِ راهِطٍ،
ولا بَرِحَتْ تَمْشي بسَكَّاءَ في رَحل
والسَّكْسَكَةُ: الضَّعْفُ. وسَكْسَكُ بنُ أَشْرَشَ: من أَقْيال اليمن.
والسَّكاسِكُ والسَّكاسِكَةُ: حَيٌّ
من اليمن أَبوهم ذلك الرجلُ. والسَّكاسِكُ: أَبو قبيلة من اليمن، وهو
السَّكاسِكُ بنُ وائلَة بنِ حِمْيَر بن سَبَأ، والنسبة إِليهم
سَكْسَكِيٌّ.