(الْأُفق) الْأُفق
(الْأُفق) الْأُفق
ذبب: الذَّبُّ: الدَّفْعُ والـمَنْعُ. والذَّبُّ: الطَّرْدُ.
وذَبَّ عنه يَذُبُّ ذَبّاً: دَفَعَ ومنع، وذَبَبْت عنه. وفُلانٌ يَذُبُّ عن حَرِيمِه ذَبّاً أَي يَدْفَعُ عنهم؛ وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه:
إِنما النِّساءُ لَحْمٌ على وَضَمٍ، إِلا ما ذُبَّ عنه؛ قال:
مَنْ ذَبَّ منكم، ذَبَّ عَنْ حَمِـيمِهِ، * أَو فَرَّ منكم، فَرَّ عَنْ حَريمِهِ
وذَبَّبَ: أَكْثَرَ الذَّبَّ.
ويقال: طِعانٌ غيرُ تَذْبِـيبٍ إِذا بُولِغَ فيه.
ورجلٌ مِذَبٌّ وذَبَّابٌ: دَفَّاعٌ عن الحرِيمِ.
وذَبْذَبَ الرَّجلُ إِذا مَنَعَ الجِوارَ والأَهْلَ أَي حَماهم.
والذَّبِّـيُّ: الجِلْوازُ.
وذَبَّ يَذِبُّ ذَبّاً: اختَلَفَ ولم يَسْتَقِمْ في مكانٍ واحدٍ. وبعيرٌ ذَبٌّ: لا يَتَقارُّ في مَوْضِع؛ قال:
فكأَننا فيهم جِمالٌ ذَبَّةٌ، * أُدْمٌ، طَلاهُنَّ الكُحَيْل وَقار
فقوله ذَبَّةٌ، بالهاءِ، يَدل على أَنه لم يُسَمَّ بالـمَصْدر إِذ لو
كان مَصْدَراً لقال جِمالٌ ذَبٌّ، كقولك رِجالٌ عَدْلٌ. والذَّبُّ: الثَّوْرُ الوَحْشِـيُّ، ويقال له أَيضاً: ذَبُّ الرِّيادِ، غير مهموزٍ، وسُمِّيَ بذلك لأَنه يَخْتَلِف ولا يَسْتَقِرُّ في مكانٍ واحدٍ؛ وقيل: لأَنه يَرُودُ فيذهَبُ ويَجِـيءُ؛ قال ابن مقبل:
يُـمشّي بها ذَبُّ الرِّياد، كأَنه * فَـتىً فارِسِـيٌّ، في سَراويلَ، رامِحُ
وقال النابغة:
كأَنما الرَّحْلُ منها فَوْق ذِي جُدَدٍ، * ذَبِّ الرِّيادِ، إِلى الأَشْباح نَظَّارِ
وقال أَبو سعيد: إِنما قيل له ذَبُّ الرِّياد لأَن رِيَادَه أَتانُه التي تَرُودُ معه، وإِن شئتَ جَعَلْتَ الرِّيادَ رَعْيه نَفْسَه للكَلإِ.
وقال غيره: قيل له ذَبُّ الرِّيادِ لأَنه لا يَثْبُتُ في رَعْيِـه في مكانٍ
واحدٍ، ولا يُوطِن مَرْعًى واحداً. وسَمَّى مُزاحِمٌ العُقَيْليّ الثَّوْرَ الوَحْشِـيَّ الأَذبَّ؛ قال:
بِلاداً، بها تَلْقَى الأَذَبَّ، كأَنه، * بها، سابِريٌّ لاحَ، منه، البَنائِقُ
أَراد: تَلْقَى الذَّبَّ، فقال الأَذَبَّ لحاجته. وفُلانٌ ذَبُّ الرِّيادِ: يذهَبُ ويَجيءُ، هذه عن كُراع. أَبو عمرو: رَجُلٌ ذَبُّ الرِّيادِ إِذا كان زَوَّاراً للنساءِ؛ وأَنشد لبعض الشعراءِ فيه:
ما للْكَواعبِ، يا عَيْسَاءُ، قد جَعَلَتْ * تَزْوَرُّ عنّي، وتُثْنَى، دُونيَ، الـحُجَرُ؟
قد كنتُ فَتَّاحَ أَبوابٍ مُغَلَّقَةٍ، * ذَبَّ الرِّيادِ، إِذا ما خُولِسَ النَّظَرُ
وذَبَّتْ شَفَتُه تَذِبُّ ذَبّاً وذَبَباً وذُبوباً، وذَبِبَتْ: يَبِسَتْ وجَفَّتْ وذَبَلَتْ من شدَّةِ العطش، أَو لغيرِه. وشَفَةٌ ذَبَّانةٌ: ذابِلة، وذَبَّ لسانُه كذلك؛ قال:
هُمُ سَقَوْني عَلَلاً بعدَ نَهَلْ، * مِن بعدِ ما ذَبَّ اللِسانُ وذَبَلْ
وقال أَبو خَيْرَة يصف عَيْراً:
وشَفَّهُ طَرَدُ العاناتِ، فَهْوَ به * لوْحانُ، مِن ظَمَإٍ ذَبٍّ، ومِن عَضَبِ
أَراد بالظَّمَإِ الذَّبِّ: الــيابِسَ.
وذَبَّ جِسمُه: ذَبَلَ وهَزُلَ. وذَبَّ النَّبْتُ: ذَوَى. وذَبَّ الغَدِيرُ، يَذِبُّ: جَفَّ، في آخرِ الجَزْءِ، عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد:
مَدارِينُ، إِن جاعُوا، وأَذْعَرُ مَن مَشَى، * إِذا الرَّوْضَةُ الخضراءُ ذَبَّ غَدِيرُها
يروى: وأَدْعَرُ مَنْ مَشى. وذَبَّ الرجُلُ يَذِبُّ ذَبّاً إِذا شَحَبَ
لَوْنُه. وذَبَّ: جَفَّ.
وصَدَرَت الإِبِلُ وبها ذُبابةٌ أَي بَقِـية عَطَشٍ.
وذُبابةُ الدَّيْنِ: بقِـيتُه. وقيل: ذُب ابَةُ كل شيءٍ بقِـيتُه.
والذُّبابةُ: البقِـية من الدَّيْن ونحوِه؛ قال الراجز:
أَو يَقْضِـيَ اللّهُ ذُباباتِ الدَّيْنْ
أَبو زيد: الذُّبابة بقِـيَّةُ الشيء؛ وأَنشد الأَصمعي لذي الرُّمة:
لَـحِقْنا، فراجَعْنا الـحُمولَ، وإِنما * يُتَلِّي، ذُباباتِ الوداعِ، الـمُراجِعُ
يقول: إِنما يُدْرِكُ بقايا الـحَوائج من راجَع فيها. والذُّبابة
أَيضاً: البقِـية من مِـياه الأَنهارِ.
وذَبَّبَ النَّهارُ إِذا لم يَبْقَ منه إِلا بقِـية، وقال:
وانْجابَ النهارُ، فَذَبَّـبا
والذُّبابُ: الطَّاعون. والذُّبابُ: الجُنونُ. وقد ذُبَّ الرجُلُ إِذا جُنَّ؛ وأَنشد شمر:
وفي النَّصْرِيِّ، أَحْياناً، سَماحٌ، * وفي النَّصْريِّ، أَحْياناً، ذُبابُ
أَي جُنونٌ. والذُّبابُ الأَسْوَدُ الذي يكون في البُيوتِ، يَسْقُط في
الإِناءِ والطَّعامِ، الواحدةُ ذُبابةٌ، ولا تَقُلْ ذِبَّانة. والذُّبابُ أَيضاً: النَّحْل ولا يقال ذبابة في شيءٍ من ذلك، إِلا أَن أَبا عُبيدة رَوَى عن الأَحْمَرِ ذبابة؛ هكذا وقع في كتاب الـمُصَنَّف، رواية أَبي
عليّ؛ وأَما في رواية عليِّ بنِ حمزة، فَحَكى عن الكسائي: الشَّذاةُ ذُبابةُ بعضِ الإِبلِ؛ وحُكِـيَ عن الأَحمر أَيضاً: النُّعَرة ذُبابةٌ تَسْقُط
على الدَّوابِّ، وأَثْـبت الهاءَ فيهما، والصَّواب ذُبابٌ، هو واحدٌ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كَتَب إِلى عامِلِه بالطَّائف في خَلايا العَسَل وحِمايـتِها، إِنْ أَدَّى ما كان يُـؤَدِّيه إِلى رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، من عُشورِ نَحْلِه، فاحْمِ له، فإِنما هو ذُبابُ غَيْثٍ، يأْكُلُه مَنْ شاءَ. قال ابن الأَثير: يريدُ بالذُّبابِ النَّحْلَ،
وأَضافَه على الغَيْثِ إِلى معنى أَنه يكونُ مَعَ الـمَطَر حيثُ كان، ولأَنه يَعِـيشُ بأَكْلِ ما يُنْبِتُه الغَيْثُ؛ ومعنى حِماية الوادي له: أَنَّ
النَّحْلَ إِنما يَرْعَى أَنْوارَ النَّباتِ وما رَخُصَ منها ونَعُمَ، فإِذا حُمِـيَتْ مَراعِـيها، أَقامت فيها ورَعَتْ وعَسَّلَتْ، فكَـثُرَتْ منافعُ أَصحابِها؛ وإِذا لم تُحْمَ مَراعِـيها، احتاجَت أَنْ تُبْعِدَ في طَلَبِ الـمَرْعَى، فيكونَ رَعْيُها أَقَلَّ؛ وقيل: معناه أَنْ يُحْمَى لهم الوادي الذي يُعَسِّلُ فيه، فلا يُتْرَكَ أَحدٌ يَعْرِضُ للعَسَل، لأَن سبيلَ العسَل الـمُباحِ سبيلُ الـمِـياهِ والـمَعادِنِ والصُّيودِ، وإِنما يَمْلِكُه من سَبَقَ إِليه، فإِذا حَماه ومَنَع الناسَ منه، وانْفَرَدَ به وَجَبَ عليه إِخْراجُ العُشْرِ منه، عند مَن أَوجب فيه الزَّكاة.التهذيب: واحدُ الذِّبَّانِ ذُبابٌ، بغير هاءٍ. قال: ولا يُقال ذُبَابة.
وفي التنزيل العزيز: وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ شيئاً؛ فسَّروه للواحد،
والجمع أَذِبَّةٌ في القِلَّة، مثلُ غُرابٍ وأَغْرِبَةٍ؛ قال النابغة:
ضَرَّابة بالـمِشْفَرِ الأَذِبَّهْ
وذِبَّانٌ مثلُ غِرْبانٍ، سيبويه، ولم يَقْتَصِرُوا به على أَدْنى العدد، لأَنهم أَمِنُوا التَّضْعيف، يعني أَنَّ فُعالاً لا يكَسَّر في أَدنى العدد على فِعْلانٍ،
ولو كان مـمَّا يَدْفَعُ به البناءُ إِلى التَّضعيف، لم يُكسَّر على ذلك
البناءِ، كما أَنَّ فِعَالاً ونحوه، لـمَّا كان تكسيره على فُعُل يُفْضِـي به إِلى التَّضْعِـيف، كسروه على أَفعلة؛ وقد حكى سيبويه،
مع ذلك، عن العرب: ذُبٌّ، في جمع ذُبابٍ، فهو مع هذا الإِدغامِ على اللُّغَة التَّمِـيمِـيَّة، كما يَرْجِعون إِليها، فيما كان ثانِـيه واواً،
نحو خُونٍ ونُورٍ. وفي الحديث: عُمْرُ الذُّبابِ أَربعون يَوْماً،
والذُّبابُ في النار؛ قيل: كَوْنُه في النار ليس لعذاب له، وإِنما لِـيُعَذَّبَ به أَهل النار بوقوعه عليهم، والعرب تَكْنُو الأَبْخَر: أَبا ذُبابٍ، وبعضهم يَكْنيه: أَبا ذِبَّانٍ، وقد غَلَبَ ذلك على عبدالملك بن مَرْوانَ لِفَسادٍ كان في فَمِه؛ قال الشاعر:
لَعَلِّـيَ، إِنْ مالَتْ بِـيَ الرِّيحُ مَيلةً * على ابنِ أَبي الذِّبّانِ، أَن
يَتَنَدّما
يعني هشامَ بنَ عبدالملك.
وذَبَّ الذُّبابَ وذَبَّـبه: نَحَّاه.
ورجل مَخْشيُّ الذُّبابِ أَي الجَهْلِ. وأَصابَ فُلاناً من فلانٍ ذُبابٌ
لادِغٌ أَي شَرٌّ.
وأَرض مَذَبَّةٌ: كثيرةُ الذُّبابِ.
وقال الفرَّاءُ: أَرضٌ مَذْبوبة، كما يقال مَوْحُوشةٌ من الوَحْشِ.
وبَعيرٌ مَذْبُوبٌ: أَصابه الذُّبابُ، وأَذَبُّ كذلك، قاله أَبو عبيد في
كتاب أَمراضِ الإِبل؛ وقيل: الأَذَبُّ والـمَذْبوبُ جميعاً: الذي إِذا
وَقَع في الرِّيفِ، والريفُ لا يكونُ إِلاَّ في المصادرِ، اسْتَوْبَـأَهُ،
فمات مكانَه؛ قال زياد الأَعْجمُ في ابنِ حَبْنَاء:
كأَنـَّكَ، مِن جِمالِ بني تَـمِـيمٍ، * أَذَبُّ، أَصابَ مِن رِيفٍ ذُبابا
يقول: كأَنـَّك جَمَلٌ نزلَ ريفاً، فأَصابَهُ الذُّبابُ، فالْـتَوَتْ عُنُقُه، فمات.
والـمِذَبَّةُ: هَنَةٌ تُسَوَّى من هُلْبِ الفَرَسِ، يُذَبُّ بها الذُّبابُ؛ وفي الحديث: أَنّ النبـيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، رأَى رَجُلاً طويلَ الشَّعَر، فقال: ذُبابٌ؛ الذُّبابُ الشُّـؤْم أَي هذا شُؤْمٌ.
ورجل ذُبابيٌّ: مأْخوذٌ من الذُّبابِ، وهو الشُّؤْمُ. وقيل: الذُّبابُ
الشَّرُّ الدَّائِم، يقال: أَصابكَ ذُبابٌ من هذا الأَمْرِ. وفي حديث
المغيرة: شَرُّها ذُبابٌ. وذُبابُ العَينِ: إِنْسانُها، على التَّشبِـيهِ
بالذُّباب. والذُّبابُ: نُكْـتَةٌ سوداءُ في جَوْفِ حَدَقَةِ الفَرَسِ، والجمع كالجمع. وذبابُ أَسْنانِ الإِبِلِ: حَدُّها؛ قال المثَقّب العبدي:
وتَسْـمَعُ، للذُّبابِ، إِذا تَغَنَّى، * كَتَغْريدِ الـحَمَامِ على الغُصُونِ
وذبابُ السَّيْفِ: حَدُّ طَرَفِه الذي بين شَفْرَتَيْهِ؛ وما حَوْلَه من
حَدَّيْهِ: ظُبَتَاه؛ والعَيْرُ: النَّاتـئُ في وَسَطِه، من باطنٍ وظاهرٍ؛ وله غِرَارانِ، لكلِّ واحدٍ منهما، ما بينَ العَيْرِ وبين إِحدى الظُّبَتَين من ظاهِر السَّيفِ وما قُبالَةَ ذلك من باطنٍ، وكلُّ واحدٍ من الغِرارَينِ من باطنِ السَّيف وظاهره؛ وقيل: ذُبابُ السَّيفِ طَرَفُه الـمُتَطَرِّفُ الذي يُضْرَبُ به، وقيل حَدُّه. وفي الحديث: رأَيتُ ذُبابَ سَيْفي كُسِرَ، فأَوَّلْـتُه أَنه يصابُ رجلٌ من أَهل بيتي، فقُتِل حَمْزَةُ. والذُّبابُ من أُذُنِ الانسانِ والفَرَس: ما حَدَّ من طَرَفِها. أَبو
عبيد:
في أُذُنَي الفرسِ ذُباباهُما، وهما ما حُدَّ من أَطرافِ الأُذُنَيْن. وذُبابُ الـحِنَّاء: بادِرةُ نَوْرِه.
وجاءَنا راكبٌ مُذَبِّبٌ: عَجِلٌ مُنْفَرِدٌ؛ قال عنترة:
يُذَبِّبُ وَرْدٌ على إِثرِهِ، * وأَدْرَكُه وَقْعُ مِرْدىً خَشِبْ
إِمّا أَنْ يكونَ على النَّسَب، وإِمّا أَنْ يكون أَراد خَشِـيباً، فحذف
للضرورة.
وذَبَّـبْنا لَيْـلَتَنَا أَي أَتْعَبْنا في السَّير.
ولا يَنالونَ الماءَ إِلاَّ بقَرَبٍ مُذَبِّبٍ أَي مُسْرِع؛ قال ذو الرُّمة:
مُذَبِّـبَة، أَضَرَّ بِهَا بُكُورِي * وتَهْجِـيري، إِذا اليَعْفُورُ قالا
اليَعْفُورُ: الظَّبيُ. وقال: من القَيْلُولة أَي سَكَنَ في كِنَاسِه مِن شِدَّةِ الـحَرِّ.
وظِمْءٌ مُذَبِّبٌ: طَويلٌ يُسارُ فيه إِلى الماءِ من بُعْدٍ، فيُعَجَّل بالسَّيرِ. وخِمْسٌ مُذَبِّبٌ: لا فُتُورَ فيه.
وذَبَّبَ: أَسْرَع في السَّيرِ؛ وقوله:
مَسِـيرَة شَهْرٍ للبَعِـيرِ الـمُذَبْذِبِ
أَرادَ الـمُذَبِّبَ.
وأَذَبُّ البعيرِ: نابُهُ؛ قال الراجز:
كأَنَّ صَوْتَ نابِهِ الأَذَبِّ
صَرِيفُ خُطَّافٍ، بِقَعْوٍ قَبِّ
والذَّبْذَبَةُ: تَرَدُّدُ الشيءِ المُعَلَّقِ في الهواءِ .
والذَّبْذَبَة والذَّباذِبُ: أَشياءُ تُعَلَّقُ بالهودَجِ أَو رأْسِ البعيرِ للزينةِ، والواحد ذُبْذُبٌ.
والذَّبْذَبُ: اللِّسانُ، وقيلَ الذَّكَر. وفي الحديث: مَنْ وُقِـيَ شَرَّ ذَبْذَبِهِ وقَبْقَبِه، فقد وُقـيَ. فَذَبْذَبُه: فَرْجُه، وقَبْقَبُه: بَطْنُه. وفي رواية: مَن وُقِـيَ شَرَّ ذَبْذَبِه دَخَلَ الجنَّةَ؛ يعني الذَّكَر سُمِّيَ بِه لتَذَبْذُبِهِ أَي حَرَكَتِه.
والذَّباذِبُ: المذاكِيرُ. والذَّباذِبُ: ذكر الرجلِ، لأَنـَّه يَتَذَبْذَبُ أَي يَترَدَّد؛ وقيل الذَّباذِب: الخُصَى، واحِدتُها ذَبْذَبَةٌ.
ورجلٌ مُذَبْذِبٌ ومُتَذَبْذِبٌ: مُترَدِّدٌ بين أَمْرَين أَو بين رجُلَين، ولا تَـثْبُتُ صُحْبَتُه لواحِدٍ منهما. وفي التنزيل العزيز في صفة
المنافقين: مُذَبْذَبِـين بين ذلك لا إِلى هؤُلاء ولا إِلى هؤُلاء.
المعنى: مُطَرَّدين مدَفَّعين عن هؤُلاء وعن هؤُلاء. وفي الحديث: تَزَوَّجْ، وإِلاَّ فأَنتَ من الـمُذَبذِبِـينَ أَي الـمَطْرُودين عن المؤْمنين
لأَنـَّكَ لم تَقْتَدِ بِهِم، وعن الرُّهْبانِ لأَنـَك تَركتَ طَرِيقَتَهُمْ؛ وأَصلُه من الذَّبِّ، وهو الطَّرْدُ. قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يكونَ من الحركة والاضْطِرابِ.
والتَّذَبْذُبُ: التَّحرُّكُ.
والذَّبْذَبةُ: نَوْسُ الشيءِ الـمُعَلَّقِ في الهواءِ.
وتَذَبْذَبَ الشيءُ: ناسَ واضْطَرَبَ ، وذَبْذَبَهُ هو؛ أَنشد ثعلب:
وحَوْقَلٍ ذَبْذَبَهُ الوَجِـيفُ، * ظَلَّ ،لأَعْلَى رأْسِهِ، رَجِـيفُ
وفي الحديث: فكأَني أَنْظُرُ إِلى يَدَيْه تَذَبْذَبانِ أَي تَتَحَرَّكانِ وتَضْطَرِبان، يريد كُـمَّيْهِ. وفي حديث جابر: كان عليَّ بُرْدَة
لها ذباذِبُ أَي أَهْدابٌ
وأَطْرافٌ، واحدُها ذِبْذِبٌ، بالكسرِ، سُمِّـيَتْ بذلك لأَنـَّها تَتَحَرَّك على لابسِها إِذا مَشى؛ وقول أَبي ذؤَيب:
ومِثْل السَّدُوسِـيَّـيْن، سادَا وذَبْذَبا * رِجال الـحِجازِ، مِنْ مَسُودٍ وَسائدِ
قيل: ذَبْذَبا عَلَّقَا . يقول تقطع دونهما رجالُ الحجازِ . وفي الطَّعام
ذُبَيْباءُ ، ممدودٌ ،حكاه أَبو حنيفة في باب الطَّعام الذي فيه ما لا خَيْرَ فيه ، ولم يفسِّره ؛ وقد قيل : إِنها الذُّنَيْناءُ، وستُذْكر في موضِعِها . وفي الحديث : أَنه صَلَبَ رجُلاً على ذُبابٍ ، هو جبلٌ بالمدينة.
حفن: الحَفْنُ: أَخذُكَ الشيءَ براحة كَفِّكَ والأَصابعُ مضمومةٌ، وقد
حَفَنَ له بيده حَفْنةً. وحَفَنْتُ لفلان حَفْنَةً: أَعطيتُه قليلاً،
وملْءُ كلِّ كفٍّ حَفْنةٌ؛ ومنه قول أَبي بكر، رضي الله عنه، في حديث
الشَّفاعةِ: إنما نحن حَفْنَةٌ من حَفَناتِ الله؛ أَراد إنَّا على كَثرتِنا
قليلٌ يوم القيامة عند الله كالحَفْنةِ أَي يسير بالإضافة إلى مُلْكِه
ورحمته، وهي مِلْءُ الكَفِّ على جهة المجاز والتمثيل، تعالى الله عز وجل عن
التشبيه؛ وهو كالحديث الآخر: حَثْية من حَثَياتِ رَبِّنا. الجوهري:
الحَفْنةُ مِلْءُ الكَفَّين من طعام. وحَفَنْتُ الشيء إذا جَرَفْتَه بكِلْتَا
يديك، ولا يكون إلا من الشيء الــيابس كالدقيق ونحوه. وحَفَن الماءَ على
رأْسه: أَلقاه بحَفْنَتِه؛ عن ابن الأَعرابي. وحَفَنَ له من ماله حَفْنةً:
أَعطاه إياها. ورجل مِحْفَنٌ: كثير الحَفْنِ. قال ابن سيده: يجوز أَن يكون
من الأَول ومن الثاني. واحتَفَنَ الشيءَ: أَخذَه لنفسه. ويقال: حَفَنَ
للقوم وحَفَا المالَ إذا أَعطى كل واحد منهم حَفْنةً وحَفْوَةً. واحْتَفَنَ
الرجلَ احتِفاناً: اقْتَلَعه من الأَرض. والحُفْنةُ، بالضم: الحُفْرَةُ
يَحْفِرُها السيلُ في الغَلْظِ في مَجرَى الماء، وقيل: هي الحُفْرَةُ
أَينما كانت، والجمع الحُفَنُ؛ وأَنشد شمر:
هل تَعْرِفُ الدارَ تعَفَّتْ بالحُفَنْ.
قال: وهي قَلْتاتٌ يحتفرها الماء كهيئة البِرَك. وقال ابن السكيت:
الحُفَنُ نُقَرٌ يكون الماء فيها، وفي أَسفلها حَصىً
وترابٌ؛ قال: وأَنشدني الإياديُّ لعديّ بن الرِّقاعِ العامِليِّ:
بِكْر يُرَبِّثُها آثارُ مُنْبَعِقٍ،
تَرَى به حُفَناً زُرْقاً وغُدْرانا.
وكان مِحْفَنٌ أَبا بَطْحاءَ، نسب إليه الدوابُّ البَطْحاوِيَّة.
والحَفّانُ: فِراخُ النعام، وهو من المضاعف وربما سَمَّوا صغارَ الإبل
حَفّاناً، والواحدة حَفّانة للذكر والأُنثى جميعاً؛ وأَنشد ابن بري:
والحَشْوُ من حَفّانِها كالحَنْظَلِ
وشاهدُه لفِراخِ النعام قولُ الهُذَليِّ:
وإلاَّ النَّعامَ وحَفَّانَه،
وطُغْياً مع اللَّهَقِ الناشِطِ
وبنو حُفَينٍ: بطن. وفي الحديث: أَن المُقَوْقِسَ أَهدَى إلى رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، مارِيَةَ من حَفْنٍ؛ هي بفتح الحاء وسكون الفاء
والنون، قرية من صعيد مصر، ولها ذكر في حديث الحسن بن عليٍّ مع معاوية.
هدم: الهَدْمُ: نَقِيضُ البناء، هَدَمَه يَهْدِمُه هَدْماً وهَدَّمه
فانْهَدَمَ
وتَهَدَّمَ وهَدَّمُوا بُيوتهم، شُدِّدَ للكثرة. ابن الأَعرابي:
الهَدْمُ قَلْعُ ا لمَدَرِ، يعني البيوت، وهو فِعْلٌ مُجاوزٌ، والفِعلُ
اللازم منه الانْهِدامُ. ويقال: هَدَمَه ودَهْدَمَه بمعنى واحد؛ قال
العجاج:
وما سُؤالُ طَلَلٍ وأَرْسُمِ،
والنُّؤْيِ بعدَ عَهْدِه المُدَهْدَمِ
يعني الحاجزَ حولَ البيت إِذا تَهَدَّم. والهَدَمُ، بالتحريك: ما
تَهدَّم من نواحي البئر فسقط في جَوْفِها؛ قال يصف امرأَة فاجرةً:
تَمْضي، إِذا زُجِرَتْ عن سَوْأَةٍ، قُدُماً،
كأَنها هَدَمٌ في الجَفْرِ مُنْقاضُ
والأَهْدَمانِ: أَن يَنْهارَ عليكَ بناءٌ أَو تقعَ في بئرٍ أَو
أُهْوِيَّة. وقوله في الحديث: اللهمّ إِني أَعوذُ بك منَ الأَهْدَمَينِ؛ قيل في
تفسيره: هو أَن يَنْهَدِمَ على الرجل بناءٌ أَو يقعَ في بئرٍ؛ حكاه
الهرويّ في الغريبين، قال ابن سيده: ولا أَدري ما حقيقتُه؛ قال ابن الأَثير: هو
أَن ينهارَ
عليه بناءٌ أو يقعَ في بئرٍ أَو أُهْوِيّة. والأَهْدَمُ. أَفْعَلُ
من الهَدَم: وهو ما تَهَدَّمَ من نواحي البئر فسقط فيها. وفي حديث
الشهداء: وصاحبُ الهَدَمِ
شهيدٌ؛ الهَدَمُ، بالتحريك: البناءُ المَهْدُومُ، فَعَلٌ بمعنى مفعول،
وبالسكون الفِعْلُ نفْسُه؛ ومنه الحديث: مَن هَدَمَ بُنْيانَ رَبِّه فهو
مَلْعونٌ أَي مَنْ قَتَلَ النفَّسَ المُحرَّمة لأَنها بُنيانُ اللهِ
وتَرْكِيبُه. وقالوا: دَمُنا دَمُكم وهَدَمُنا هَدَمُكم أَي نحن شيءٌ واحدٌ في
النُّصْرة تَغْضَبون لنا ونغْضَبُ لكم. وفي الحديث. أَن أَبا الهيثم بن
التَّيِّهان قال لرسولِ
الله، صلى الله عليه وسلم: إِن بيننا وبين القومِ حبالاً ونحن قاطِعوها
فنخشَى إِنِ اللهُ أَعَزَّك وأَظْهَرَكَ أَن ترجعَ إِلى قومِك، فتبَّسم
النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، ثم قال: بل الدَّمُ الرَّمُ والهَدَمُ
الهَدَمُ، أَنا منكم وأَنتم مني؛ يُروى بسكون الدال وفتحها، فالهدَم،
بالتحريك: القَبْرُ يعني أُقْبَرُ
حيث تُقْبَرون، وقيل: هو المنزلُ أَي منزِلُكم مَنزِلي، كحديثه الآخر:
المَحْيا مَحْياكم والمماتُ مماتُكم أَي لا أُفارِقُكم. والهَدْم، بالسكون
وبالفتح أَيضاً: هو إِهدارُ
دَمِ القتيلِ؛ يقال: دِماؤهم بينهم هَدْمٌ أَي مُهْدَرةٌ، والمعنى إِن
طُلِب دَمُكم فقد طُلِبَ دَمي، وإِن أُهْدِرَ دَمُكم فقد أُهْدِرَ دَمي
لاستِحكام الأُلْفة بيننا، وهو قولٌ معروف، والعرب تقول: دَمي دَمُك
وهَدَمي هَدَمُك، وذلك عند المُعاهَدةِ والنُّصْرة. وروى الأَزهري عن ابن
الأَعرابي قال: العربُ
تقول دَمي دمُك وهَدَمي هدَمُك؛ هكذا رواه بالفتح، قال: وهذا في
النُّصْرة، والظُّلْم تقول: إِن ظُلِمْتَ فقد ظُلِمْتُ؛ قال وأَنشدني
العُقَيلي:دَماً طَيِّباً يا حَبَّذا أَنت من دَمِ
وكان أَبو عبيدة يقول: هو الهَدَمُ الهَدَمُ واللَّدَمُ اللَّدَمُ أَي
حُرْمتي مع حُرْمتِكم وبَيتي مع بَيْتِكم؛ وأَنشد:
ثم الْحَقي بِهَدَمي ولَدَمي
أَي بأَصلي ومَوْضِعي. وأَصل الهَدَم ما انْهَدَم. يقال: هَدَمْت
هَدْماً، والمَهْدومُ هَدَمٌ، وسمي منزلُ الرجل هَدَماً لانْهِدامِه، وقال
غيره: يجوز أَن يُسمَّى القبرُ
هَدَماً لأَنه يُحْفَر تُرابُه ثم يُرَدُّ،تُرابه فيه، فهو هَدَمٌ،
فكأَنه قال: مَقْبَرِي مَقْبَرُكم أَي لا أَزالُ معكم حتى أَموتَ عندكم. وروى
الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال في الحِلْف: دَمي دمُك إِن قَتَلني
إِنسانٌ طَلَبْتَ بدَمي كما تَطْلُبُ بدَمِ
ولِىِّك أَي ابن عَمِّك وأَخِيك، وهَدَمي هَدَمُك أَي مَنْ هَدَمَ لي
عِزّاً وشَرَفاً فقد هَدَمه منك. وكلُّ من قَتل ولِيِّي، فقد قَتل ولِيَّك،
ومَنْ أَراد هَدْمَك فقد قصَدني بذلك. قال الأَزهري: ومن رواه الدَّمُ
الدَّمُ
والهَدْمُ الهَدْمُ، فهو على قول الحَلِيف تَطْلُب بدَمي وأَنا أَطلبُ
بدَمِك. وما هَدَمْتَ من الدِّماء هَدَمْتُ أَي ما عَفَوْتَ عنه
وأَهْدَرْتَه فقد عفوتُ عنه وتركتُه. ويقال: إِنهم إِذا احْتَلَفوا قالوا هَدَمي
هَدَمُك ودَمي دَمُك وتَرِثُني وأَرِثُك، ثم نسَخ الله بآيات المَواريثِ
ما كانوا يَشْترِطونه من المِيراث في الحِلْف
والهِدْمُ، بالكسر: الثوبُ
الخلَقُ المُرَقَّعُ، وقيل: هو الكِساءُ الذي ضُوعِفت رِقاعُه، وخصَّ
ابنُ الأَعرابي به الكِساءَ الباليَ من الصوفِ
دون الثوبِ، والجمع أَهْدامٌ وهِدَمٌ؛ الأَخيرة عن أَبي حنيفة، وهي
نادرة؛ وقال أَوس بن حجر:
وذات هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها،
تُصْمِتُ بالماءِ تَوْلَباً جَدِعا
قال ابن بري: صوابه وذاتُ، بالرفع، لأَنه معطوف على فاعل قبله؛ وهو:
لِيُبْكِكَ الشَّرْبُ والمُدامةُ والـ
ـفِتْيانُ، طُرّاً، وطامِعٌ طَمِعا
وأَنشد ابن بري لأَبي دُواد:
هَرَقْتُ في صُفْنِه ماءً لِيَشْرَبَه
في داثِرٍ خَلَق الأَعْضادِ أَهْدامِ
وفي حديث عُمر: وقَفَتْ عليه عجوزٌ عَشَمةٌ بأَهْدامٍ؛ الأَِهْدامُ:
الأَخْلاقُ من الثياب. وهَدَمْتُ الثوب إِذا رَقَعته. وفي حديث عليّ:
لبِسْنا أَهْدام البِلى، وروي عن الصَّمُوتيِّ الكلابي وذكرَ حِبَّةَ الأَرض
فقال: تَنْحَلُّ فيأُخُذُ بعضُها رِقابَ بعضٍ فتنطلق هِدَماً كالبُسُطِ.
وشيخٌ هِدْمٌ: على التشبيه بالثوب. أَبو عبيد: الهِدْمُ الشيخ الذي قد
انْحَطَم مثل الهِمِّ. والعجوزُ المُتَهدِّمة: الفانيةُ الهَرِمة. وتَهَدَّم
عليه من الغضب إِذا اشتدَّ غضبُه. وخُفٌّ هِدْمٌ ومُهَدَّمٌ: مثل الثوب؛
قال:
عَليَّ خُفّانِ مُهَدَّمانِ،
مُشْتَبِها الأَنْفِ مُقَعَّمانِ
أَبو سعيد: هَدَّمَ فلانٌ ثوبَه ورَدَّمَه إِذا رَقَّعه؛ رواه ابنُ
الفَرج عنه.
وعجوز مُتَهدِّمةٌ: هَرِمةٌ فانيةٌ، ونابٌ مُتهدِّمة كذلك.
والهَدَمُ: ما بقي من نباتِ عامِ
أَوّلَ، وذلك لِقِدَمِه. وهَدِمَت الناقةُ تَهْدَمُ
هَدَماً وهَدَمةً، فهي هَدِمةٌ من إِبلٍ
هَدامى وهَدِمةٍ ، وتَهَدَّمَت وأَهْدَمت وهي مُهْدِم، كلاهما، إذا
اشتدَّت ضبَعَتُها فياسَرت الفحلَ ولم تُعاسِرْه. وقال بعضهم: الهَدِمةُ
الناقة التي تقع من شدة الضَّبَعةِ؛ قال زيد بن تُرْكِيٍّ الدُّبَيري:
يُوشِكُ أَن يُوجسَ في الأَوْجاسِ
فيها هَديمُ ضَبَعٍ هَوَّاسِ،
إِذا دَعا العُنَّدَ بالأَجْراسِ
قال ابن جني: فيه ثلاث روايات، إِحداها:
فيها هديمُ ضَبَعٍ هَوَّاسُ
ويكون الهَديم هُنا فحلاً وأَضافه إِلى الضَّبَع لأَنه يَهْدَمُ إِذا
ضَبِعَتْ، وهَوَّاس: من نعت هديم؛ الوراية الثانية: هَوَّاسِ، بالخفض على
الجِوار؛ الرواية الثالثة:
فيها هَديمُ ضَبَعٍ هِوَاسِ
وهو الصحيح لأَن الهَوَسَ يكون في النُّوق، وعليه يصحُّ استِشْهادُ
الجوهريّ لأَنه جعل الهَديمَ الناقةَ الضَّبِعَةَ، ويكون هِواسِ بدلاً من
ضبَع، والضَّبَعُ والهِواسُ واحدٌ. وهَديمُ في هذه الأَوجه فاعلٌ ليُوجِسَ
في البيت الذي قبله أَي يُسْرِع أَن يَسمع صوتَ هذا الفحلِ ناقةٌ ضَبِعةٌ
فتَشْتَدَّ ضَبَعَتُها؛ وأَول الأُرجوزة:
مِزْيدُ، يا ابنَ النَّفَر الأَشْواسِ
الشُّمْسِ، بل زادُوا على الشِّماسِ
وفلانٌ يَتَهَدَّمُ عليكَ غَضَباً: مَثَلٌ بذلك. وتهدَّم عليه:
تَوَعَّدَه. ودِماؤهم هَدْمٌ بينهم، بالتسكين، وهَدَمٌ، بالتحريك، أَي هدَرٌ،
وذلك إِذا لم يودوا قاتلَه
(* قوله «إذا لم يودوا قاتله» كذا بالأصل، ولعله
يؤذوا أو نحو ذلك). عليّ بن حمزة: هَدْمٌ، بسكون الدال.
وتهادَمَ القومُ: تهادَرُوا.
والهُدامُ: الدُّوارُ يُصِيبُ الإِنسان في البحر؛ وهُدِم الرجلُ: أَصابه
ذلك. والهَدْمُ: أَن تَضْرِبَه فتكسِرَ ظهرَه؛ عن ابن الأَعرابي. وفي
الحديث: من كانت الدنيا هَدَمَه وسَدَمَه أَي بُغْيَتَه وشَهْوَتَه. قال
ابن الأَثير: هكذا رواه بعضهم، والمحفوظ هَمَّه وسَدَمَه، والله أَعلم.
ورجلٌ هَدِمٌ: أَحمقُ مُخنَّث.
وذو مَهْدَمٍ ومِهْدَمٍ: قَيْلٌ من أَقيال حِمْير.
والمَهْدومُ من اللبَن: الرَّثِيئةُ. وفي التهذيب: المَهْدومةُ
الرَّثيئة من اللبن؛ قال الشاعر:
شَفَيْتُ أَبا المُخْتارِ من داءِ بَطْنِه
بمَهْدومةٍ، تُنْبي ضُلوعَ الشَّراسِف
قال: المَهْدومةُ هي الرثيئةُ. قال شهاب: إِذا حُلِب الحَليبُ
على الحَقِين جاءت رثيئةٌ مُذَكَّرة طيِّبة، لا فَلَقٌ ولا مُمْذَقِرّة
سَمْهَجَةٌ ليّنة.
والهَدْمةُ: الدُّفْعةُ من المال. ويقال: هذا شيءٌ مُهَنْدَمٌ أَي
مُصْلَح على مقدار، وهو معرَّب، وأَصله بالفارسية أَنْدام، مثل مُهَنْدِس
وأَصله انْدازه.
وفي الحديث: كلْ مما يَليك وإِياك والهَذْمَ؛ قال ابن الأَثير: هكذا
رواه بعضهم بالذال المعجمة، وهو سُرْعةُ الأَكل، والهَيْدامُ: الأَكولُ؛ قال
أَبو موسى: أَظنّ الصحيحَ بالدال المهملة يُريد به الأَكلَ من جوانب
القَصْعةِ دون وَسَطِها، وهو من الهَدَم ما تَهدَّمَ من نواحي البئر.
والهَدْمةُ: المَطرةُ الخفيفة. وأَرض مَهْدومةٌ أَي مَمْطورةٌ.
بلط: البَلاطُ: الأَرضُ، وقيل: الأَرض المُسْتَوِيةُ المَلْساء، ومنه
يقال بالَطْناهم أَي نازَلْناهم بالأَرض؛ وقال رؤبة:
لو أَحْلَبَتْ حَلائبُ الفُسْطاطِ
عليه، أَلْقاهُنّ بالبَلاطِ
والبَلاطُ، بالفتح: الحجارة المَفْرُوشةُ في الدَّارِ وغيرها؛ قال
الشاعر:
هذا مَقامِي لَكِ حتى تَنْضَحي
رِيّاً، وتَجْتازي بَلاطَ الأَبْطَحِ
وأَنشد ابن بري لأَبي دواد الإِيادِيّ:
ولقدْ كان ذا كَتائبَ خُضْرٍ،
وبَلاطٍ يُشادُ بالآجُرُونِ
ويقال: دار مُبَلَّطةٌ بآجُرٍّ أَو حجارة. ويقال: بَلَطْتُ الدارَ، فهي
مَبْلُوطةٌ إِذا فرَشْتَها بآجُرٍّ أَو حجارة. وكلُّ أَرض فُرِشَتْ
بالحجارة والآجُرِّ بَلاطٌ. وبَلَطَها يَبلُطُها بَلْطاً وبَلَّطَها:
سَوَّاها، وبَلَط الحائطَ وبَلَّطه كذلك. وبَلاطُ الأَرضِ: وجْهُها، وقيل:
مُنْتَهى الصُّلْبِ من غير جَمْعٍ. يقال: لَزِمَ فلان بَلاطَ الأَرض؛ وقول
الراجز:
فبات، وهو ثابتُ الرِّباطِ،
بمُنْحَنى الهائلِ والبَلاطِ
يعني المُسْتَوِيَ من الأَرض؛ قال: فبات يعني الثوْرَ وهو ثابت الرِّباط
أَي ثابت النفْس، بمنحَنى الهائل يعني ما انْحَنَى من الرَّمل الهائل،
وهو ما تناثر منه. والبَلاطُ: المسْتَوِي. والبَلْطُ: تَطْيِينُ الطّانةِ،
وهي السطْح إِذا كان لها سُمَيْطٌ، وهو الحائط الصغير. أَبو حنيفة
الدِّينَوَرِيّ: البَلاطُ وجه الأَرض؛ ومنه قيل: بالَطَنِي فلان إِذا تركك أَو
فرّ منك فذهب في الأَرض؛ ومنه قولهم: جالِدوا وبالِطُوا أَي إِذا لقيتم
عدُوَّكم فالزَمُوا الأَرض، قال: وهذا خلافُ الأَوَّل لأَن الأَول ذهب في
الأَرض وهذا لزم الأَرض؛ وقال ذو الرمة يذكر رفيقه في سفر:
يَئِنُّ إِلى مَسِّ البَلاطِ، كأَنَّما
براه الحَشايا في ذواتِ الزَّخارِفِ
وأَبْلَطَ المطرُ الأَرضَ: أَصاب بَلاطَها، وهو أَن لا ترى على متنها
تراباً ولا غباراً؛ قال رؤْبة:
يأْوِي إِلى بَلاط جَوْفٍ مُبْلَطِ
والبلالِيطُ: الأَرَضُون المستوية من ذلك، قال السيرافي: ولا يُعرف لها
واحد.
وأُبْلِطَ الرجل وأَبْلَطَ: لَزِقَ بالأَرض. وأُبْلِطَ، فهو مُبْلَطٌ،
على ما لم يُسَمّ فاعله: افتقر وذهب مالُه. وأَبْلَطَ، فهو مُبْلِطٌ إِذا
قلّ ماله. قال أَبو الهيثم: أَبْلَطَ إِذا أَفْلَس فلزِق بالبَلاط؛ قال
امرؤُ القيس:
نَزَلْتُ على عَمْرو بن دَرْماءَ بُلْطةً،
فيا كُرْمَ ما جارٍ ويا كُرْم ما مَحَلْ
أَراد فيا كرم جار على التعجب. قال: واختلف الناس في بُلْطة، فقال
بعضهم: يريد به حللت على عمرو بن دَرْماءَ بُلطة أَي بُرْهة ودَهراً، وقال
آخرون: بلطة أَراد داره أَنها مُبَلَّطةٌ مفروشة بالحجارة ويقال لها البلاط،
وقال بعضهم: بُلطة أَي مُفْلِساً، وقال بعضهم: بلطة قَرية من جبلي طيءٍ
كثيرة التين والعنب، وقال بعضهم: هي هضبة بعينها، وقال أَبو عمرو: بُلطة
فَجْأَة. التهذيب: وبُلطةُ اسم دار؛ قال امرؤُ القيس:
وكنتُ إِذا ما خِفْتُ يَوْماً ظُلامةً،
فإِنَّ لها شِعْباً ببُلطةِ زَيْمَرَا
وزَيْمَرُ: اسم موضع. وفي حديث جابرٍ: عقلت الجملَ في ناحيةِ البَلاطِ؛
قال: البلاطُ ضرب من الحجارة تفرش به الأَرض ثم سمي المكان بَلاطاً
اتِّساعاً، وهو موضع معروف بالمدينة تكرر ذكره في الحديث. وأَبْلَطهم اللِّصُّ
إِبْلاطاً: لم يدَعْ لهم شيئاً؛ عن اللحياني. وبالَطَ في أُموره: بالغ.
وبالَط السَّابِحُ: اجْتهد.
والبُلُط: المُجّانُ والمُتَحَزِّمُون من الصُّوفيَّة.
الفراء: أَبْلَطَنِي فلان إِبْلاطاً وأَخْجاني
(* قوله «وأخجاني» في شرح
القاموس بفاء بدل الخاء المعجمة.) إِخجاء إِذا أَلَحّ عليك في السُّؤال
حتى يُبْرِمَك ويُملَّك. والمُبالَطةُ: المُجاهَدةُ، يقال: نزلَ فبالِطْه
أَي جاهِدْه. وفلان مُبالِطٌ لك أَي مُجتهِدٌ في صَلاحِ شأْنك؛ وأَنشد:
فهْو لَهُنّ حابِلٌ وفارِطُ،
إِنْ وَرَدَتْ، ومادِرٌ ولائِطُ
لحوْضِها، وماتِحٌ مُبالِطُ
ويقال: تبالَطُوا بالسيوف إِذا تجالَدُوا بها على أَرجلهم، ولا يقال
تبالَطُوا إِذا كانوا رُكباناً. والتَّبالُطُ والمُبالَطةُ: المُجالدَةُ
بالسيوف. وبالَطَنِي فلان: فرَّ مني. والبُلُطُ: الفارُّون من العسكر.
وبَلَّطَ الرجلُ تَبْلِيطاً إِذا أَعْيا في المَشْي مثل بَلَّحَ.
والتَّبْلِيطُ عِراقِيَّةٌ، وهو أَن يَضرب فَرْعَ أُذن الإِنسان بطرَفِ سَبَّابته.
وبَلَّطَ أُذنه تَبْلِيطاً: ضربها بطرف سبابته ضرباً يوجعه.
والبَلْطُ والبُلْطُ: المِخْراطُ، وهو الحديدة التي يَخْرُطُ بها
الخَرَّاطُ، عَرَبية؛ قال:
والبلْطُ يَبْرِي حُبَرَ الفَرْفارِ
والبَلُّوطُ: ثمر شَجر يؤْكل ويدبَغُ بقِشْره.
والبَلاطُ: اسم موضع؛ قال:
لولا رَجاؤُكَ ما زُرْنا البَلاطَ، ولا
كان البَلاطُ لَنا أَهلاً، ولا وَطَنا
بهش: بَهَشَ إِليه يَبْهَش بَهْشاً وبَهَشَه بها: تناولَتْه، نالَتْهُ
أشو قَصُرت عنه. وبَهَشَ القومُ بعضُهم إِلى بعض يبْهَشُون بَهْشاً، وهو
من أَدْنى القِتال. والبَهْشُ: المسارَعةُ إِلى أَخذِ الشيء. ورجل باهِشٌ
وبَهُوش. وبَهْشُ الصقْرِ الصَّيدَ: تَفَلُّتُه عليه. وبهشَ الرجُلَ
كأَنَّه يَتَناوَلُه ليَنْصُوَه. وقد تبَاهَشَا إِذا تَناصَيا بِرُؤُوسهما،
وإِن تَناوَلَه ولم يأْخُذُه أَيضاً، فقد بَهَش إِليه. ونَصَوْت الرجُلَ
نصواً إِذا أَخذت برأَسه. ولفلان رأْس طويل أَي شَعَر طَوِيل، وفي الحديث:
أَن رجلاً سأَل ابن عباس عن حية قتَلَها وهو مُحْرِم، فقال: هل بَهَشَتْ
إِليكَ؟ أَراد: هل أَقبَلَتْ إِليك تُريدُك؟ ومنه في الحديث: ما
بَهَشْتُ إِليهم بقَصَبة أَي ما أَقبلت وأَسرعت إِليهم أَدفَعُهم عني بقصبة. وفي
الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، كان يُدْلِعُ لسانَه للحسنِ
بن عليّ فإِذا رأَى حُمْرة لسانه بَهَشَ إِليه؛ قال أَبو عبيد: يقال
للإِنسان إِذا نظر إِلى شيءٍ فأَعْجَبَه واشتهاه فتَناوَلَه وأَسْرَع نحوَه
وفرح به: بَهَشَ إِليه؛ وقال المغيرة بن جنبا التميمي:
سَبَقْت الرجالَ الباهَشِينَ إِلى النَّدى،
فِعَالاً ومَجْداً، والفِعَالُ سِبَاق
ابن الأَعرابي: البَهْش الإِسراع إِلى المعروف بالفَرح. وفي حديث أَهل
الجنة: وإِن أَزواجَه ليَبْتَهِشْنَ عند ذلك ابْتِهاشاً. وبَهَشْتُ إِلى
الرجُل وبهَشَ إِليَّ: تَهيَّأْتُ للبكاء وتهيأَ له. وبَهَش إِليه. فهو
باهِشٌ وبَهِشٌ: حَنَّ. وبَهَشَ به: فرِح؛ عن ثعلب. الليث: رجُل بَهْش بَشّ
بمعنى واحد. وبهَشت إِلى فلان بمعنى حَنَنت إِليه. وبَهش إِليه يبهَش
بهْشاً إِذا ارتاح له وخَفّ إِليه. ويقال: بَهَشُوا وبَحَشُوا أَي
اجْتَمَعُوا، قال: ولا أَعرف بحش في كلام العرب. والبَهْش: ردِيءُ المُقْل، وقيل:
ما قَدْ أُكِلَ قِرْفه، وقيل: البَهْش الرَّطْب من المُقْل، فإِذا يَبس
فهو خَشْل، والسين فيه لغة. وفي الحديث: أَمِنْ أَهلِ البَهْش أَنت؟ يعني
أَمِنْ أَهل الحِجازِ أَنت لأَن البَهَش هُنَاك يكونُ، وهو رَطْب
المُقْل، ويابسُــه الخَشْل. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه، وقد بلغه أَن أَبا
موسى يقرأُ حرفاً بلُغته قال: إِنَّ أَبا موسى لم يكن من أَهل البَهْش؛
يقول: ليس من أَهل الحجاز لأَن المقل إِنما ينبت بالحجاز؛ قال الأَزهري: أَي
لم يكن حجازيّاً، وأَراد من أَهل البَهْش أَي من أَهل البلاد التي يكون
بها البَهْش. أَبو زيد: الخَشْل المقل الــيابس والبَهْش رَطْبه والمُلْجُ
نواه والحَتِيُّ سَويقُه. وقال الليث: البهْش رَديءُ المقل، ويقال: ما قد
أَكل قِرْفُه: وأَنشد:
كما يَحْتَفي البَهْشَ الدقيقَ الثَّعالبُ
قال أَبو منصور: والقول ما قال أَبو زيد. وفي حديث أَبي ذر: لما سمع
بخروج النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أَخَذ شيئاً من بَهْشٍ فَتَزَوَّدَهُ
حتى قَدِم عليه. وبُهَيْشة: اسم امرأَة؛ قال نَفْرٌ جدّ الطرمَّاح:
أَلا قالَتْ بُهَيْشَةُ: ما لِنَفْرٍ
أَراهُ غَيَّرتْ مِنْه الدُّهور؟
ويروى بهيسة. ويقال للقوم إِذا كانوا سُودَ الوجوهِ قِباحاً: وجوهُ
البَهْش. وفي حديث العُرَنيِّينَ: اجْتَوَيْنا المدينةَ وانْبَهَشَتْ
لحومُنا، هو من ذلك.
بلس: أَبْلَسَ الرجلُ: قُطِعَ به؛ عن ثعلب. وأَبْلَس: سكت. وأَبْلَسَ من
رحمة اللَّه أَي يَئِسَ ونَدِمَ، ومنه سمي إبليس وكان اسمه عزازيلَ. وفي
التنزيل العزيز: يومئذ يُبْلِسُ المجرمون. وإِبليس، لعنة اللَّه: مشتق
منه لأَنه أُبْلِسَ من رحمة اللَّه أَي أُويِسَ. وقال أَبو إِسحق: لم يصرف
لأَنه أَعجمي معرفة.
والبَلاسُ: المِسْحُ، والجمع بُلُسٌ. قال أَبو عبيدَة: ومما دخل في كلام
العرب من كلام فارس المِسْحُ تسميه العرب البَلاسَ، بالباء المشبع،
وأَهل المدينة يسمون المِسْحَ بَلاساً، وهو فارسي معرب، ومن دعائهم: أَرانِيك
اللَّهُ على البَلَسِ، وهي غَرائِرُ كِبارٌ من مُسُوح يجعل فيها التَّين
ويُشَهَّرُ عليها من يُنَكِّلُ به وينادى عليه، ويقال لبائعه:
البَلاَّسُ. والمُبْلِسُ: اليائسُ، ولذلك قيل للذي يسكت عند انقطاع حجته ولا يكون
عنده جواب: قد أَبْلَسَ؛ وقال العجاج:
قال: نَعَمْ أَعْرِفُه، وأَبْلَسا
أَي لم يُحِرْ إِليَّ جواباً. ونحو ذلك قيل في المُبلِس، وقيل: إِن
إِبليس سمي بهذا الاسم لأَنه لما أُويِسَ من رحمة اللَّه أَبْلَسَ يأَساً.
وفي الحديث. فتأَشَّبَ أَصحابُه حوله وأَبْلَسُوا حتى ما أَوضحوا بضاحِكة؛
أَبلسوا أَي سكتوا. والمُبْلِسُ: الساكت من الحزن أَو الخوف.
والإِبْلاسُ: الحَيْرة؛ ومنه الحديث:
أَلم تر الجِنَّ وإِبلاسَها
أَي تَحَيُّرَها ودَهَشَها. وقال أَبو بكر: الإِبْلاسُ معناه في اللغة
القُنُوط وقَطْعُ الرجاء من رحمة اللَّه تعالى؛ وأَنشد:
وحَضَرَتْ يومَ خَمِيسٍ الأَخْماسْ،
وفي الوجوهِ صُفْرَةٌ وإِبْلاسْ
ويقال: أَبْلَسَ الرجلُ إِذا انقطع فلم تكن له حجة؛ وقال:
به هَدَى اللَّهُ قوماً من ضلالَتِهِمْ،
وقد أُعِدَّتْ لهم إِذ أَبْلَسُوا سَقَرُ
والإِبْلاسُ: الانكسار والحزن. يقال: أَبْلَسَ فلان إِذا سكت غمّاً؛ قال
العجاج:
يا صاحِ هل تَعْرِفُ رَسْماً مُكْرَسا؟
قال: نعم أَعْرِفُه، وأَُبْلَسا
والمُكْرَسُ: الذي صار فيه الكِرْسُ، وهو الأَبوال والأَبعار.
وأَبْلَسَتِ الناقة إِذا لم تَرْغُ من شدة الضَّبْعَة، فهي مِبْلاس.
والبَلَسُ: التِّينُ، وقيل: البَلَسُ ثمر التين إذا أَدرك، الواحدة
بَلَسَةٌ. وفي الحديث: من أَحب أَن يَرِقَّ قلبه فلْيُدْمِنْ أَكل البَلَس،
وهو التين، إِن كانت الرواية بفتح الباء واللام، وإِن كانت البُلُسَ فهو
العَدَسُ، وفي حديث عطاء: البُلُس هو العدس، وفي حديث ابن جُرَيْج قال:
سأَلت عطاء عن صدقة الحَبِّ، فقال: فيه كُلِّه الصدقةُ، فذكر الذُّرَةَ
والدُّخْنَ والبُلُس والجُلْجُلانَ؛ قال: وقد يقال فيه البُلْسُنُ، بزيادة
النون. الجوهري: والبَلَس، بالتحريك، شيء يشبه التين يكثر باليمن.
والبُلُس، بضم الباء واللام: العدس، وهو البُلْسُن.
والبَلَسانُ: شجر لحبه دُهْن. التهذيب في الثلاثي: بَلَسانٌ شجر يجعل
حبه في الدواء، قال: ولحبه دهن حار يتنافس فيه. قال الأَزهري: بَلَسان
أُراه روميّاً. وفي حديث ابن عباس، رضي اللَّه عنهما: بعث اللَّه الطير على
أَصحاب الفيل كالبَلَسان؛ قال عَبَّاد بن موسى: أَظنها الزَّرازيرَ.
والبَلَسانُ: شجر كثير الورق ينبت بمصر، وله دهن معروف. اللحياني: ما ذُقْتُ
عَلوساً ولا بَلُوساً أَي ما أَكلت شيئاً.
هزل: الهَزْل: نقيض الجِدّ، هَزَل يَهْزِلُ هَزْلاً؛ قال الكميت:
أَرانا على حُبِّ الحياةِ وطُولِها
تَجِدُّ بنا في كل يوم ونَهْزِلُ
قال ابن بري: الذي في شعره. يُجَدُّ بنا؛ قال: وهو الصحيح. وهَزِل في
اللعب هَزَلاً؛ الأَخيرة عن اللحياني، وهَزَل الرجلُ في الأَمر إِذا لم
يجدَّ، وهازَلني؛ قال:
ذو الجِدِّ، إِنْ جدَّ الرجال به،
ومُهازِلٌ، إِن كان في هَزْل
ورجل هِزِّيلٌ: كثير الهَزْل. وأَهْزلهُ: وجَدَه لَعَّاباً. حكى ابن بري
عن ابن خالويه قال: كلُّ الناس يقولون هَزَل يَهْزِل مثل ضرَب يضرِب،
إِلا أَن أَبا الجراح العقيلي قال: هَزِل يَهْزَل من الهَزْل ضدّ الجِدّ.
وفي الحديث: كان تحت الهَيْزَلةِ؛ قيل: هي الرَّايةُ لأَن الريحَ تَلْعَب
بها كأَنها تَهْزِل معها، والهَزْل واللَّعِب من وادٍ واحِد، والياء
زائدة. وفي حديث عُمر وأَهل خيبر: إِنما كانت هُزَيْلة من أَبي القاسم؛ تصغير
هَزْلة، وهي المرَّة الواحدة من الهَزْل ضد الجِدّ. وقولٌ هَزْل:
هُذاءٌ. وفي التنزيل: وما هو بالهَزْل؛ قال ثعلب: أَي ليس بِهَذَيان، وفي
التهذيب: أَي ما هو باللَّعِب. وفلان يَهْزِل في كلامه إِذا لم يكن جادًّا؛
تقول: أَجادٌّ أَنت أَم هازِل؟
والمُشَعْوِذُ إِذا خفَّت يداه بالتَّخاييل الكاذبة ففِعْله يقال له
الهُزَيْلى
(* قوله «يقال له الهزيلى» هكذا ضبط في الأصل، وفي التهذيب ضبط
بتشديد الزاي كقبيطي) لأَنها هَزْل لا جِدَّ فيها. والهُزَالة: الفُكاهة.
ابن الأَعرابي: الهَزْل استرخاء الكلام وتَفْنينه.
والهُزال: نقيض السِّمَن، وقد هُزِل الرجل والدابَّة هزالاً، على ما لم
يُسمَّ فاعله، وهَزَل هو هَزْلاً وهُزْلاً؛ وقوله أَنشده أَبو إِسحق:
واللهِ لولا حَنَفٌ بِرِجْلِه،
ودِقَّةٌ في ساقِه من هُزْلِه،
ما كان في فِتْيانِكم مِنْ مِثْله
وهَزَلَتْه أَنا أَهْزِلُه هَزْلاً فهو مَهْزُول، قال ابن بري: كل ضُرٍّ
هُزال؛ قال الشاعر:
أَمِنْ حَذَرِ الهُزال نَكَحْتِ عبداً؟
وعَبْدُ السَّوْءِ أَدْنى لِلهُزال
ابن الأَعرابي قال: والهَزْل يكون لازماً ومتعدياً، يقال: هَزَل الفرسُ
وهَزَله صاحبه وأَهْزَله وهَزَّله. وهَزَل الرجلُ يَهْزِل هَزْلاً:
مَوَّتَتْ ماشِيَتُه، وأَهْزَل يُهْزِل إِذا هُزِلت ماشيته، زاد ابن سيده: ولم
تَمُت؛ قال:
يا أُمَّ عبدِ الله، لا تَسْتَعْجِلي
ورَفِّعِي ذَلاذِلَ المُرَجَّلِ،
إِنِّي إِذا مُرُّ زَمانٍ مُعْضِلِ
يُهْزِلْ ومَنْ يُهْزِل ومن لا يُهْزَلِ
يَعِهْ، وكلٌّ يَبْتَلِيهِ مُبْتَلي
يُهْزِل موضعه رَفْعٌ ولكنه أُسكن للضرورة وهو فعل للزمان، ويَعِهْ كان
في الأَصل يَعِيه فلما سقطت الياء انجزمت الهاء، ويَعِه: تُصِبْ
ماشِيَتَه العاهةُ. وأَهزَل القومُ: أَصابتْ مَواشيهم سَنة فهُزِلتْ. وأَهزَل
الرجلُ إِذا هُزلتْ دابَّته. وتقول: هَزَلْتها فعَجِفَت. وفي حديث مازِن:
فأَذهَبْنا الأَموالَ وأَهزَلْنا الذَّراريّ والعِيالَ أَي أَضعفناهم، وهي
لغة في هَزَل وليست بالعالية. والهَزْل: موت مواشي الرجل، وإِذا ماتت
قيل: هَزَل الرجلُ يَهْزِل هَزْلاً فهو هازِل أَي افتقر، وفي الهُزال يقال:
هُزِل الرجل يُهْزَل فهو مَهْزول؛ وقال اللحياني: يقال هَزَلْت الدابة
أَهْزُلُها هَزْلاً وهُزالاً، وهَزَلهم الزمان يَهْزِلهم. وقال بعضهم:
هَزَل القومُ وأَهزَلوا هُزِلت أَموالهم.
والهَزيلة: اسم مشتق من الهُزال كالشَّتِيمة من الشتْم ثم فَشَتِ
الهَزيلة في الإِبل؛ قال:
حتى إِذا نَوَّرَ الجَرْجارُ وارْتَفَعَتْ
عنها هَزيلَتُها، والفحلُ قد ضَرَبا
والجمع هَزائِل وهَزْلى. والهَزْل: الفَقْر. والمَهازل: الجُدُوب.
وأَهزَل القومُ: حبَسوا أَموالهم عن شدة وتضييق. واستعمل أَبو حنيفة الهَزْل
في الجَراد فقال: يجيء في الشتاء أَحمر هَزْلاً لا يَدَع رطْباً ولا
يابســاً إِلاَّ أَكله؛ وأَرض مَهْزولة: رقيقة؛ عنه أَيضاً؛ واستعمل الأَخفش
المَهْزول في الشعر فقال: الرَّمَل كل شِعر مَهْزُول ليس بمؤتلف البناء
كقوله:
أَقْفَرَ من أَهْلِه مَلْحُوبُ
فالقُطَبِيَّات فالذَّنُوبُ
(* قوله «فالقطبيات» هكذا ضبط في الأصل والمحكم ويوافقه ما في القاموس
في مادة قطب، وضبطه ياقوت بتشديد الطاء والياء في عدة مواضع واستشهد
بالبيت على المشدد).
وهذا نادر. الأَزهري: العرب تقول للحيَّات الهَزْلى على فَعْلى جاء في
أَشعارهم ولا يعرَف لها واحد؛ قال:
وأَرْسال شِبْثانٍ وهَزْلى تَسَرَّبُ
وهَزَّال وهُزَيْل: اسمان.
حلا: الحُلْو: نقيض المُرّ، والحَلاوَة ضدُّ المَرارة، والحُلْوُ كل ما
في طعمه حَلاوة، وقد حَلِيَ وحَلا وحَلُوَ حَلاوةً وحَلْواً وحُلْواناً
واحْلَوْلى، وهذا البناء للمبالغة في الأَمر. ابن بري: حكى قول الجوهري،
واحْلَوْلى مثلُه؛ وقال قال قيس بن الخطيم:
أَمَرُّ على البَاغي ويَغْلُظ جَانِبي،
وذو القَصْدِ أَحْلَوْلي له وأَلِينُ
وحَلِيَ الشيءَ واسْتَحْلاهُ وتَحَلاَّه واحْلَوْلاهُ، قال ذو الرمة:
فلمَّا تَحَلَّى قَرْعَها القاعَ سَمْعُه
بانَ له، وَسْطَ الأَشَاءِِ، انْغِلالُها
يعني أَنّ الصائد في القُتْرَة إذا سمع وَطْءَ الحمير فعلم أَنه وطْؤُها
فرح به وتحَلَّى سمعُه ذلك؛ وجعل حميد بن ثور احْلَوْلى متعدّياً فقال:
فلمَّا أَتى عامانِ بعدَ انْفِصالِه
عن الضَّرْعِ، واحْلَولى دِثاراً يَرودُها
(* قوله «واحلولى دثاراً» كذا بالأصل، والذي في الجوهري: دمائاً).
ولم يجئ افْعَوْعَل متعدّياً إلا هذا الحرف وحرف آخر وهو اعْرَوْرَيْت
الفَرَسَ. الليث: قد احْلَوْلَيْت الشيءَ أَحْلَوْلِيهِ احْلِيلاءً إذا
اسْتَحْلَيْتَه، وقَوْلٌ حَلِيٌّ يَحْلَوْلي في الفَم؛ قال كثَيِّر عزة:
نُجِدُّ لكَ القَوْلَ الحَلِيَّ، ونَمْتَطِي
إلَيْك بَنَاتِ الصَّيْعَرِيِّ وشَدْقَمِ
وحَلِيَ بقَلْبي وعَيْنِي تَجْلَى وحَلا يَحْلُو حَلاوةً وحُلْواناً إذا
أَعْجبك، وهو من المقلوب، والمعنى يَحلى بالعَين، وفصل بعضهم بينهما
فقال: حَلا الشيءُ في فَمِي، بالفتح، يَحْلُو حَلاوة وحَلِيَ بعيني، بالكسر،
إلا أَنهم يقولون: هو حُلْوٌ في المعنيين؛ وقال قوم من أَهل اللغة: ليس
حَلِيَ من حَلا في شيء، هذه لغة على حِدَتِها كأَنها مشتقة من الحَلْيِ
المَلْبوسِ لأَنه حَسُن في عينك كحُسْن الحَلْيِ، وهذا ليس بقويّ ولا
مرضيّ. الليث: وقال بعضهم حَلا في عَيْني وحَلا في فمي وهو يَحْلُو حَلْواً،
وحَلِيَ بصدري فهو يَحْلَى حُلْواناً
(* قوله «فهو يحلى حلواناً» هذه
عبارة التهذيب، وقال عقب ذلك: قلت حلوان في مصدر حلي بصدري خطأ عندي).
الأَصمعي: حَلِيَ في صدري يَحْلى وحلا في فمي يَحْلُو، وحَلِيتُ العيشَ
أَحْلاهُ أَي اسْتَحْلَيْته، وحَلَّيْتُ الشيءَ في عَين صاحِبه، وحَلَّيْت
الطعام: جعَلْتُه حُلْواً، وحَلِيتُ بهذا المكان. ويقال: ما حَلِيت منه
حَلْياً أَي ما أَصَبت. وحَلِي منه بخيرٍ وحلا: أَصاب منه خيراً. قال ابن
بري: وقولهم لم يَحْلَ بطائل أَي لم يظفر ولم يستفد منها كبيرَ فائدة، لا
يُتكَلَّم به إلا مع الجَحْد، وما حَلِيتُ بطائل لا يُستعمل إلا في النفي،
وهو من معنى الحَلْيِ والحِلْية، وهما من الياء لأَن النفس تَعْتَدُّ
الحِلْية ظَفَراً، وليس هو من حَلِيَ بعيْني بدليل قولهم حَلِيَ بعيني
حَلاوَة، فهذا من الواو والأَول من الياء لا غير. وحَلَّى الشيء وحَلأَه،
كلاهما: جعله ذا حلاوة، همزوه على غير قياس. الليث: تقول حَلَّيْت السويقَ،
قال: ومن العرب من همزة فقال حَلأْتُ السويقَ، قال: وهذا منهم غلط. قال
الأَزهري: قال الفراء توهمت العربُ فيه الهمز لمَّا رأَوْا قوله حَلأْتُه
عن الماء أَي منعته مهموزاً. الجوهري: أَحْلَيْتُ الشيءَ جعلته حُلْواً،
وأَحْلَيْتُه أَيضاً وجدته حُلْواً؛ وأَنشد ابن بري لعمرو بن الهُذيل
العَبْديّ:
ونحن أَقَمْنا أَمْرَ بَكْرِ بنِ وائِلٍ،
وأَنتَ بِثأْجٍ لا تُمِرُّ ولا تُحْلِي
قلت: وهذا فيه نظر، ويشبه أَن يكون هذا البيت شاهداً على قوله لا
يُمِرُّ ولا يُحْلي أَي ما يتكلم بحُلْوٍ ولا مُرٍّ.
وحالَيْتُه أَي طايَبْتُه؛ قال المرَّار الفقعسي:
فإني، إذا حُولِيتُ، حُلْوٌ مَذاقتي،
ومُرٌّ، إذا ما رامَ ذو إحْنةٍ هَضْمي
والحُلْوُ من الرجال: الذي يَسْتخفه الناسُ ويَسْتَحْلُونه وتستَحْلِيه
العينُ؛ أَنشد اللحياني:
وإني لَحُلْوٌ تَعْتَريني مَرَارَةٌ،
وإني لَصَعْبُ الرأْسِ غيرُ ذَلُولِ
والجمع حُلْووُنَ ولا يُكسَّر، والأُنثى حُلْوَة والجمع حُلْواتٌ ولا
يُكسَّر أَيضاً. ويقال: حَلَتِ الجاريةُ بعيني وفي عيني تَحْلُو حَلاوَةً.
واسْتَحْلاه: من الحَلاوة كما يقال استجاده من الجَوْدة. الأَزهري عن
اللحياني: احْلَوْلَتِ الجاريةُ تَحْلَوْلي إذا استُحْلِيَتْ واحْلَوْلاها
الرجلُ؛ وأَنشد:
فلو كنتَ تُعطي حين تُسْأَلُ سامحَتْ
لك النَّفْسُ، واحْلَوْلاكَ كلُّ خليلِ
ويقال: أَحْلَيْتُ هذا المكانَ واستَحْليتُه وحَلِيتُ به بمعنى واحد.
ابن الأَعرابي: احْلَوْلى الرجل إذا حسُنَ خلُقه، واحلَوْى إذا خرَجَ من
بلد إلى بلد. وحُلْوةُ: فرس عبيدِ بن معاوية. وحكى ابن الأَعرابي: رجل
حَلُوٌّ، على مثال عَدُوٍّ، حُلْوٌ، ولم يحكها يعقوب في الأَشياء التي زعم
أَنه حَصَرها كحَسُوٍّ وفَسُوٍّ. والحُلْوُ الحَلالُ: الرجل الذي لا ريبة
فيه، على المَثل، لأَن ذلك يُسْتَحلَى منه؛ قال:
أَلا ذهَبَ الحُلْوُ الحَلالُ الحُلاحِلُ،
ومَنْ قولُه حُكْمٌ وعَدْلٌ ونائِلُ
والحَلْواءُ: كلُّ ما عُولج بحُلْو من الطعام، يمدّ ويقصر ويؤنث لا غير.
التهذيب: الحَلْواء اسم لما كان من الطعام إذا كان مُعالَجاً بحَلاوة.
ابن بري: يُحْكى أَن ابنَ شُبْرُمَة عاتَبه ابنه على إتيان السلطان فقال:
يا بُنيّ، إن أَباك أَكل من حَلْوائِهم فحَطَّ في أَهْوائِهم. الجوهري:
الحَلْواء التي تؤكل، تمد وتقصر؛ قال الكميت:
من رَيْبِ دَهْرٍ أَرى حوادِثَه
تَعْتَزُّ، حَلْواءَها، شدائِدُها
والحَلْواءُ أَيضاً: الفاكهة الحُلْوة. التهذيب: وقال بعضهم يقال
للفاكهة حَلْواءُ. ويقال: حَلُوَتِ الفاكهةُ تَحْلُو حَلاوةً. قال ابن سيده:
وناقة حَلِيَّة عَلِيَّة في الحَلاوة؛ عن اللحياني، هذا نصُّ قوله، وأَصلها
حَلُوَّة. وما يُمِرُّ ولا يُحْلي وما أَمَرَّ ولا أَحْلَى أَي ما يتكلم
بحُلْوٍ ولا مُرٍّ ولا يَفْعل فعلاً حُلْواً ولا مُرّاً، فإن نفَيْتَ
عنه أَنه يكون مُرّاً مَرَّةً وحُلْواً أُخرى قلتَ: ما يَمَرُّ ولا
يَحْلُو، وهذا الفرق عن ابن الأَعرابي.
والحُلْوَى: نقيضُ المُرَّى، يقال: خُذِ الحُلْوَى وأَعْطِه المُرَّى.
قالت امرأَة في بناتِها: صُغْراها مُرّاها. وتَحالَتِ المرأَة إذا
أَظْهَرَت حَلاوَةً وعُجْباً؛ قال أَبو ذؤيب:
فشأْنَكُما، إنِّي أَمِينٌ وإنَّني،
إذا ما تَحالى مِثْلُها، لا أَطُورُها
وحَلا الرجلَ الشيءَ يَحْلُوه: أَعطاه إياه؛ قال أَوْسُ ابن حُجْرٍ:
كأَنَي حَلَوْتُ الشِّعْرَ، يومَ مَدَحْتُه،
صفَا صَخْرَةٍ صَمّاءَ يَبْسٍ بِلالُها
فجعل الشِّعْرَ حُلْواناً مِثلَ العطاء. والحُلْوانُ: أَن يأْخذ الرجلُ
من مَهْرِ ابنتهِ لنفْسهِ، وهذا عارٌ عند العرب؛ قالت امرأَة في زوجها:
لا يأْخُذُ الحُلْوانَ من بَناتِنا
ويقال: احْتَلى فلان لنفقة امرأَته ومهرها، وهو أَن يتَمَحَّلَ لها
ويَحْتالَ، أُخِذَ من الحُلْوانِ. يقال: احْتَلِ فتزوَّجْ، بكسر اللام،
وابتَسِلْ من البُسْلة، وهو أَجْرُ الراقي. الجوهري: حَلَوْتُ فلاناً على كذا
مالاً فأَنا أَحْلُوه حَلْواً وحُلْواناً إذا وهبتَ له شيئاً على شيء
يفعله لك غيرَ الأُجرة؛ قال عَلْقمةُ ابن عَبَدَة:
أَلا رَجُلٌ أَحْلُوهُ رَحْلي وناقتي
يُبَلِّغُ عَنِّي الشِّعْرَ، إذ ماتَ قائلُهْ؟
أَي أَلا ههنا رجلٌ أَحْلُوه رَحْلي وناقتي، ويروى أَلا رجلٍ، بالخفض،
على تأْويل أَمَا مِنْ رجلٍ؛ قال ابن بري: وهذا البيت يروى لضابئٍ
البُرْجُمِيّ. وحَلا الرجلَ حَلْواً وحُلْواناً: وذلك أَن يزوجه ابنتَه أَو
أُختَه أَو امرأَةً مَّا بمهرٍ مُسَمّىً، على أَن يجعل له من المهر شيئاً
مُسمّىً، وكانت العرب تُعَيِّرُ به. وحُلْوانُ المرأَة: مَهْرُها، وقيل: هو
ما كانت تُعْطى على مُتْعَتِها بمكة. والحُلْوانُ أَيضاً: أُجْرة
الكاهِن. وفي الحديث: أَنه نهى عن حُلْوانِ الكاهِنِ؛ قال الأَصمعي: الحُلْوانُ
ما يُعطاه الكاهنُ ويُجْعَلُ له على كهَانَتهِ، تقول منه: حَلَوْتُه
أَحْلوه حُلواناً إذا حَبَوْته. وقال اللحياني: الحُلْوان أُجْرة
الدَّلاَّلِ خاصةً. والحُلْوانُ: ما أَعْطَيْتَ من رَشْوة ونحوها. ولأَحلُوَنَّك
حُلْوانَكَ أَي لأَجْزِينَّكَ جَزاءَك؛ عن ابن الأَعرابي. والحُلْوانُ:
مصدر كالغُفْران، ونونه زائدة وأَصله من الحَلا. والحُلْوانُ: الرَّشْوة.
يقال: حَلَوْتُ أَي رَشوْتُ؛ وأَنشد بيت علقمة:
فَمَنْ راكبٌ أَحْلُوه رَحْلاَ وناقةً
يُبَلِّغُ عني الشِّعْرَ، إذ ماتَ قائِلُه؟
وحَلاوةُ القفا وحُلاوَتُه وحَلاواؤُه وحُلاواهُ وحَلاءَتُه؛ الأَخيرة
عن اللحياني: وَسَطُه، والجمع حَلاوى. الأَزهري: حَلاوَةُ القَفا حاقٌّ
وَسَطِ القفا، يقال: ضربه على حَلاوَةِ القَفا أَي على وسط القفا.
وحَلاوَةُ القفا: فَأْسُه. وروى أَبو عبيد عن الكسائي: سَقَط على حُلاوَةِ القفا
وحَلاواءِ القفا، وحَلاوةُ القفا تَجُوزُ وليست بمعروفة. قال الجوهري:
ووقع على حُلاوة القفا، بالضم، أَي على وسط القفا، وكذلك على حُلاوَى
وحَلاواءِ القَفا، إذا فَتَحت مددت وإذا ضممت قصرت. وفي حديث المبعث:
فَسَلَقني لِحُلاوَة القفا أَي أَضْجَعَني على وسط القَفا لم يَمِلْ بي إلى أَحد
الجانبين، قال: وتضم حاؤه وتفتح وتكسر؛ ومنه حديث موسى والخَضِر، عليهما
السلام: وهو نائم على حَلاوةِ قفاهُ.
والحِلْو: حَفٌّ صغير يُنسَجُ به؛ وشَبَّه الشماخ لسان الحمار به فقال:
قُوَيْرِحُ أَعْوامٍ كأَنَّ لسانَه،
إذا صاح، حِلْوٌ زَلَّ عن ظَهْرِ مِنْسَجِ
ويقال: هي الخشبة التي يُديرها الحائك
وأَرضٌ حَلاوَةٌ: تُنْبِت ذُكُورَ البَقْلِ.
والحُلاوى من الجَنْبة: شجَرة تدوم خُضْرتَها، وقيل: هي شجرة صغيرة ذات
شوك. والحُلاوَى: نَبْتة زَهْرتها صفراء ولها شوك كثير وورق صغار مستدير
مثل ورق السذاب، والجمع حُلاوَيات، وقيل: الجمع كالواحد. التهذيب:
الحَلاوى ضرب من النبات يكون بالبادية، والواحدة حَلاوِيَة على تقدير رَباعِية.
قال الأَزهري: لا أَعرف الحَلاوى ولا الحَلاوِية، والذي عرفته الحُلاوى،
بضم الحاء، على فُعالى، وروي أَبو عبيد عن الأَصمعي في باب فُعالى
خُزامى ورُخامى وحُلاوى كلُّهن نبت، قال: وهذا هو الصحيح.
وحُلْوانُ: اسم بلد؛ وأَنشد ابن بري لقيس الرُّقَيَّات:
سَقْياً لِحُلْوانَ ذِي الكُروم، وما
صَنَّفَ من تينهِ ومِنْ عِنَبِهْ
وقال مُطِيعُ بن إياس:
أَسْعِداني يا نَخْلَتَيْ حُلْوانِ،
وابْكِيا لي من رَيْبِ هذا الزَّمانِ
وحُلوانُ: كورة؛ قال الأَزهري: هما قريتان إحْداهما حُلْوان العراق
والأُخْرى حُلْوان الشام. ابن سيده: والحُلاوة ما يُحَكُّ بين حجرين فيُكتحل
به، قال: ولست من هذه الكلمة على ثقة لقولهم الحَلْوُ في هذا المعنى.
وقولهم حَلأْتُه أي كحلته. والحَلْيُ: ما تُزُيِّنَ به من مَصوغِ
المَعْدِنِيَّاتِ أَو الحجارةِ؛ قال:
كأَنها من حُسُنٍ وشارهْ،
والحَلْيِ حَلْيِ التِّبْر والحِجارهْ،
مَدْفَعُ مَيْثاءَ إلى قَرارهْ
والجمع حُلِيٌّ؛ قال الفارسي: وقد يجوز أَن يكون الحَلْيُ جمعاً، وتكون
الواحدة حلْيَةٌ كشَرْيَةٍ وشَرْيٍ وهَدْيَةٍ وهَدْيٍ. والحِلْيَةُ:
كالحَلْيِ، والجمع حِلىً وحُلىً. الليث: الحَلْيُ كلّ حِلْيةٍ حَلَيت بها
امرأَةً أَو سيفاً ونحوَه، والجمع حُلِيٌّ. قال الله عز وجل: من حُلِيِّهِمْ
عِجْلاً جَسَداً له خُوار. الجوهري: الحَلْيُ حَلْيُ المرأَةِ، وجمعه
حُلِيٌّ مثل ثَدْيٍ وثُدِيٍّ، وهو فُعُولٌ، وقد تكسر الحاء لمكان الياء مثل
عِصيٍّ، وقرئ: من حُلِيِّهِم عِجْلاً جَسَداً، بالضم والكسر. وحَلَيْتُ
المرأَةَ أَحْلِيها حَلْياً وحَلَوْتُها إذا جعلت لها حُلِيّاً.
الجوهري: حِلْيَةُ السيفِ جمْعها حِلىً مثل لِحْيةٍ ولِحىً، وربما ضم. وفي
الحديث: أَنه جاءه رجل وعليه خاتم من حديد فقال: ما لي أَرى عليكَ حِلْيَة
أَهلِ النارِ؟ هو اسم لكل ما يُتَزَيَّن به من مصاغ الذهب والفضة، وإنما
جعلها حلية لأَهل النار لأَن الحديد زِيٌّ بعض الكفار وهم أَهل النار، وقيل:
إنما كرهه لأَجل نَتْنِه وزُهوكَتهِ، وقال: في خاتَمِ الشِّبْهِ ريحُ
الأَصْنام، لأَن الأَصنام كانت تُتَّخَذ من الشَّبَهِ. وقال بعضهم: يقال
حِلْيةُ السيف وحَلْيهُ، وكره آخرون حَلْيَ السيف، وقالوا: هي حِلْيَتُه ؛
قال الأَغْلَبُ العِجْلِي:
جارِيةٌ من قيْسٍ بنِ ثَعْلَبهْ،
بَيْضاءُ ذاتُ سُرَّةٍ مُقَبَّبَهْ،
كأَنها حِلْيَةُ سَيْفٍ مُذْهَبَهْ
وحكى أَبو علي حَلاة في حِلْيَةٍ، وهذا في المؤنث كشِبْهٍ وشَبَهٍ في
المذكر. وقوله تعالى: ومن كلٍّ تأْكلون لحماً طريّاً وتستخرجون حِلْيَةً
تلبسونها؛ جاز أَن يخبر عنهما بذلك لاختلاطهما، وإلا فالحِلْيَةُ إنما
تُسْتَخرج من المِلْح دون العَذْب. وحَلِيَت المرأَةُ حَلْىاً وهي حالٍ
وحالِيَةٌ: استفادت حَلْياً أَو لبسته، وحَلِيَتْ: صارت ذات حَلْيٍ، ونسوة
حَوالٍ. وتَحَلَّتْ: لبست حَلْىاً أَو اتخذت. وحَلاَّها: أَلبسها حَلْياً
أَو اتخذه لها، ومنه سيف مُحَلّىً. وتَحَلَّى بالحَلْي أَي تزيَّن، وقال:
ولغةٌ حَلِيَت المرأَةُ إذا لَبِسَتْه؛ وأَنشد:
وحَلْي الشَّوَى منها، إذا حَلِيَتْ به،
على قَصَباتٍ لا شِخاتٍ ولا عُصْلِ
قال: وإنما يقال الحَلْيُ للمرأَة وما سواها فلا يقال إلا حِلْيةٌ
للسيفِ ونحوه. ويقال: امرأَة حالية ومتحلية. وحَلَّيْت الرجلَ: وصفتُ
حِلْيَته. وقوله تعالى: يُحَلَّوْنَ فيها من أَساور من ذهب؛ عدَّاه إلى مفعولين
لأَنه في معنى يَلْبَسُون. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: كان
يُحَلِّينا رِعاثاً من ذَهَبٍ ولُؤْلُؤٍ، وحَلَّى السيفَ كذلك. ويقال للشجرة
إذا أَورقت وأَثمرت: حاليةٌ، فإذا تناثر ورقها قيل: تعطَّلت؛ قال ذو
الرمة:وهاجَتْ بَقايا القُلْقُلانِ، وعَطَّلَت
حَوَالِيَّهُ هُوجُ الرِّياحِ الحَواصِد
أَي أَيْبَسَتْها الرياح فتناثرت. وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه:
كان يَتَوضَّأُ إلى نصف ساقَيْه ويقول إن الحِلْية تبلغ إلى مواضِع
الوضوء؛ قال ابن الأَثير: أَراد بالحلية ههنا التحجيل يوم القيامة من أَثر
الوضوء من قوله، صلى الله عليه وسلم: غُرٌّ مُحَجَّلون. ابن سيده في معتل
الياء: وحَلِيَ في عيني وصَدْرِي قيل ليس من الحَلاوة، إنما هي مشتقة من
الحَلْي الملبوس لأَنه حَسُنَ في عينك كَحُسْنِ الحَلْيِ، وحكى ابن
الأَعرابي: حَلِيَتْه العَيْنُ؛ وأَنشد:
كَحْلاءُ تَحْلاها العُيونُ النُّظَّرُ
التهذيب: اللحياني حَلِيَتِ المرأَة بعَيْني وفي عَيْني وبِقَلْبي وفي
قَلْبي وهي تَحْلَى حَلاوة، وقال أَيضاً: حَلَتْ تَحْلُو حَلاوة. الجوهري:
ويقال حَلِيَ فلان بعيني، بالكسر، وفي عيني وبصدري وفي صدري يَحْلَى
حَلاوة إذا أَعجبك؛ قال الراجز:
إنَّ سِرَاجاً لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهْ،
تَحْلَى به العَيْن إذا ما تَجْهَرُهْ
قال: وهذا شيء من المقلوب، والمعنى يَحْلَى بالعَين. وفي حديث عليّ،
عليه السلام: لكنهم حَلِيَت الدنيا في أَعْينُهم. يقال: حَلِيَ الشيءُ
بعَيْني يَحْلى إذا استَحْسَنْته، وحَلا بفَمِي يَحْلُو. والحِلْيَةُ:
الخِلْقة. والحِلْيَةُ: الصفة والصُّورة. والتَّحْلِيةُ: الوَصْف. وتَحَلاَّه:
عَرَفَ صِفَته. والحلْية: تَحْلِيَتُك وجهَ الرجلِ إذا وصَفْته. ابن سيده:
والحَلَى بَثْرٌ يخرج بأَفواه الصبيان؛ عن كُراع، قال: وإنما قضينا بأَن
لامه ياء لما تقدم من أَن اللام ياء أَكثر منها واواً. والحَلِيُّ: ما
ابيضَّ من يَبِيسِ السِّبَطِ والنَّصِيِّ، واحدته حَلِيَّةٌ؛ قال:
لما رأَتْ حَلِيلَتي عَيْنَيَّهْ،
ولِمَّتِي كأَنَّها حَلِيَّهْ،
تقول هَذِي قرَّةٌ عَلَيَّهْ
التهذيب: والحَلِيُّ نبات بعَيْنه، وهو من خير مراتع أَهل البادية
للنَّعَم والخيل، وإذا ظهرت ثمرته أَشبه الزرع إذا أَسبل؛ وقال الليث: هو كل
نبت يشبه نبات الزرع؛ قال الأَزهري: هذا خطأٌ إنما الحَلِيُّ اسم نبت
بعينه ولا يشبهه شيء من الكلإ. الجوهري: الحَلِيُّ على فَعيل يبيس
النَّصِيِّ، والجمع أَحْلِية؛ قال ابن بري: ومنه قول الراجز:
نَحنُ مَنَعْنا مَنْبِتَ النَّصِيِّ،
ومَنْبِتَ الضَّمْرانِ والحَلِيِّ
وقد يُعَبَّر بالحَلِيِّ عن الــيابس كقوله:
وإنْ عِنْدِي، إن رَكِبْتُ مِسْحَلِي،
سَمَّ ذَراريحَ رطابٍ وحلِي
وفي حديث قُسٍّ: وحَلِيٍّ وأَقَاحٍ؛ هو يَبِيسُ النَّصِيِّ من الكَلإ،
والجمع أَحْلِية.
وحَلْية: موضع؛ قال الشَّنْفَرَى:
بِرَيْحانةٍ من بطنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ،
لها أَرَجٌ، ما حَوْلَها غَيرُ مُسْنِتِ
وقال بعض نساء أَزدِ مَيْدَعانَ:
لَوْ بَيْنَ أَبْياتٍ بِحَلْيَةَ ما
أَلْهاهُمُ، عَنْ نَصْرِكَ، الجُزُرُ
وحُلَيَّة: موضع؛ قال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي:
أَو مُغْزِلٌ بالْخَلِّ، أَو بِحُلَيَّةٍ
تَقْرُو السلامَ بِشَادِنٍ مِخْماصِ
قال ابن جني: تحتمل حُلَيَّة الحرفين جميعاً، يعني الواو والياء، ولا
أُبعِد أَن يكون تحقير حَلْية، ويجوز أَن تكونَ همزةً مخففةً من لفظ حلأْت
الأَديم كما تقول في تخفيف الحُطَيْئة الحُطَيَّة.
وإحْلِيَاءُ: موضع؛ قال الشماخ:
فأَيْقَنَتْ أَنَّ ذا هاشٍ مَنِيَّتُها،
وأَنَّ شَرْقِيَّ إحْلِياءَ مَشْغُولُ
الجوهري: حَلْية، بالفتح، مأْسَدة بناحية اليمن؛ قال يصف أَسداً:
كأَنَّهُمُ يَخْشَوْنَ منْك مُدَرِّباً،
بِحَلْيةَ، مَشْبُوحَ الذِّراعَيْن مِهْزَعَا
الأَزهري: يقال للبعير إذا زجرته حَوْبُ وحَوْبَ وحَوْبِ، وللناقة حَلْ
جَزْمٌ وحَلِيْ جَزْم لا حَلِيتِ وحَلٍ، قال: وقال أَبو الهيثم يقال في
زجر الناقة حَلْ حَلْ، قال: فإذا أَدخلت في الزجر أَلِفاً ولاماً جرى بما
يصيبه من الإعراب كقوله:
والحَوْبُ لمَّا لم يُقَلْ والحَلُّ
فرفعه بالفعل الذي لم يسم فاعله.
حشا: الحَشَى: ما دُون الحِجابِ مما في البَطْن كُلِّ من الكَبِد
والطِّحال والكَرِش وما تَبعَ ذلك حَشىً كُلُّه. والحَشَى: ظاهر البطن وهو
الحِضْنُ؛ وأَنشد في صفة امرأَة:
هَضِيم الحَشَى ما الشمسُ في يومِ دَجْنِها
ويقال: هو لَطيفُ الحَشَى إِذا كان أَهْيَفَ ضامِرَ الخَصْر. وتقول:
حَشَوْتُه سهماً إِذا أَصبتَ حَشَاه، وقيل: الحَشَى ما بين ضِلَعِ الخَلْف
التي في آخر الجَنْبِ إِلى الوَرِك. ابن السكيت: الحَشَى ما بين آخِرِ
الأَضْلاع إِلى رأْس الوَرِك. قال الأَزهري: والشافعي سَمَّى ذلك كله
حِشْوَةً، قال: ونحو ذلك حفظته عن العرب، تقول لجميع ما في البطن حِشْوَة، ما
عدا الشحم فإِنه ليس من الحِشْوة، وإِذا ثنيت قلت حَشَيانِ. وقال الجوهري:
الحَشَى ما اضْطَمَّت عليه الضلوع؛ وقولُ المُعَطَّل الهذلي:
يَقُولُ الذي أَمْسَى إِلى الحَزْنِ أَهْلُه:
بأَيّ الحَشَى أَمْسَى الخَلِيطُ المُبايِنُ؟
يعني الناحيةَ. التهذيب: إِذا اشْتَكَى الرجلُ حَشَاه ونَساه فهو حَشٍ
ونَسٍ، والجمع أَحْشَاءٌ. الجوهري: حِشْوَةُ البطن وحُشْوته، بالكسر
والضم، أَمعاؤُه. وفي حديث المَبْعَثِ: ثم شَقَّا بَطْني وأَخْرَجا حُِشْوَتي؛
الحُشْوَةُ، بالضم والكسر: الأَمعاء. وفي مَقْتل عبد الله بن جُبَيْر:
إِنْ حُشْوَتَه خَرَجَت. الأَصمعي: الحُشْوة موضع الطعام وفيه الأَحْشَاءُ
والأَقْصابُ.
وقال الأَصمعي: أَسفلُ مواضع الطعام الذي يُؤدِّي إِلى المَذْهَب
المَحْشاةُ، بنصب الميم، والجمع المَحاشِي، وهي المَبْعَرُ من الدواب، وقال:
إِياكم وإِتْيانَ النساءِ في مَحاشِيهنَّ فإِنَّ كُلَّ مَحْشاةٍ حَرامٌ.
وفي الحديث: محاشي النساء حرامٌ. قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، وهي
جمع مَحْشاة لأَسفل مواضع الطعام من الأَمْعاء فكَنَى به عن الأَدْبار؛
قال: ويجوز أَن تكون المَحاشِي جمع المِحْشَى، بالكسر، وهي العُظَّامَة
التي تُعَظِّم بها المرأَة عَجيزتها فكَنَى بها عن الأَدْبار. والكُلْيتانِ
في أَسفل البطن بينهما المَثانة، ومكانُ البول في المَثانة، والمَرْبَضُ
تحت السُّرَّة، وفيه الصِّفَاقُ، والصِّفاقُ جلدة البطن الباطنةُ كلها،
والجلدُ الأَسفل الذي إِذا انخرق كان رقيقاً، والمَأْنَةُ ما غَلُظَ تحت
السُّرَّة
(* قوله: والكليتان إلى... تحت السرة؛ هكذا في الأصل، ولا رابط
له بما سبق من الكلام). والحَشَى: الرَّبْوُ؛ قال الشَّمَّاخ:
تُلاعِبُني، إِذا ما شِئْتُ، خَوْدٌ،
على الأَنْماطِ، ذاتُ حَشىً قَطِيعِ
ويروى: خَوْدٍ، على أَن يجعل من نعت بَهْكنةٍ في قوله:
ولو أَنِّي أَشاءُ كَنَنْتُ نَفْسِي
إِلى بَيْضاءَ، بَهْكَنةٍ شَمُوعِ
أَي ذات نَفَس مُنْقَطِعٍ من سِمَنها، وقَطِيعٍ نعتٌ لحَشىً. وفي حديث
عائشة، رضي الله عنها: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، خرج من بيتها ومضى
إِلى البَقِيع فتَبِعَتْهُ تَظُنُّ أَنه دخل بعضَ حُجَرِ نسائه، فلما
أَحَسَّ بسَوادِها قصَدَ قَصْدَه فعَدَتْ فعَدَا على أَثرها فلم يُدْرِكْها
إِلا وهي في جَوْفِ حُجْرَتِها، فدنا منها وقد وَقَع عليها البُهْرُ
والرَّبْوُ فقال لها: ما لي أَراكِ حَشْيَا
(* قوله «ما لي أراك حشيا» كذا
بالقصر في الأصل والنهاية فهو فعلى كسكرى لا بالمد كما وقع في نسخ
القاموس). رابيَةً أَي ما لَكِ قد وقعَ عليك الحَشَى، وهو الرَّبْوُ والبُهْرُ
والنَّهِيجُ الذي يَعْرِض للمُسْرِع في مِشْيَته والمُحْتَدِّ في كلامه من
ارتفاع النَّفَس وتَواتُره، وقيل: أَصله من إِصابة الرَّبْوِ حَشاه. ابن
سيده: ورجل حَشٍ وحَشْيانُ من الرَّبْوِ، وقد حَشِيَ، بالكسر؛ قال أَبو
جندب الهذلي:
فنَهْنَهْتُ أُولى القَوْمِ عنهم بضَرْبةٍ،
تنَفَّسَ منها كلُّ حَشْيانَ مُجْحَرِ
والأُنثى حَشِيَةٌ وحَشْيا، على فَعْلى، وقد حَشِيا حَشىً. وأَرْنب
مُحَشِّيَة الكِلابِ أَي تَعْدُو الكلابُ خلفها حتى تَنْبَهِرَ. والمِحْشَى:
العُظَّامة تُعَظِّم بها المرأَة عَجِيزتَها؛ وقال:
جُمّاً غَنيَّاتٍ عن المَحاشي
والحَشِيَّةُ: مِرْفَقة أَو مِصْدَغة أَو نحوُها تُعَظِّم بها المرأَة
بدنَها أَو عجيزتها لتُظَنَّ مُبَدَّنةً أَو عَجْزاء، وهو من ذلك؛ أَنشد
ثعلب:
إِذا ما الزُّلُّ ضاعَفْنَ الحَشايا،
كَفاها أَن يُلاثَ بها الإِزارُ
ابن سيده: واحْتَشَتِ المرأَةُ الحَشِيَّةَ واحْتَشتْ بها كلاهما
لبستها؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لا تحْتَشِي إِلا الصَّميمَ الصادقا
يعني أَنها تَلْبَسُ الحَشايا لأَن عِظَمَ عجيزتها يُغْنيها عن ذلك؛
وأَنشد في التَّعدِّي بالباء:
كانت إِذا الزُّلُّ احْتَشَينَ بالنُّقَبْ،
تُلْقِي الحَشايا ما لَها فيها أَرَبْ
الأَزهري: الحَشِيَّةُ رِفاعةُ المرأَة، وهو ما تضعه على عجيزتها
تُعَظِّمُها به. يقال: تحَشَّتِ المرأَةُ تحَشِّياً، فهي مُتَحَشِّيةٌ.
والاحْتِشاءُ: الامتلاءُ، تقول: ما احْتشَيْتُ في معنى امْتلأْتُ.
واحْتَشَت المُسْتحاضةُ: حَشَتْ نفْسَها بالمَفارِم ونحوها، وكذلك الرجل ذو
الإِبْرِدَةِ. التهذيب: والاحْتِشاءُ احْتِشاءُ الرجل ذي الإِبْرِدَةِ،
والمُسْتحاضة تحْتَشِي بالكُرْسُفِ. قال النبي، صلى الله عليه وسلم،
لامرأَةٍ: احْتَشِي كُرْسُفاً، وهو القطن تحْشُو به فرجها. وفي الصحاح: والحائض
تحْتَشِي بالكُرْسُفِ لتحبس الدم. وفي حديث المُسْتحاضةِ: أَمرها أَن
تغتسل فإِن رأَت شيئاً احْتَشتْ أَي اسْتَدْخلَتْ شيئاً يمنع الدم من القطن؛
قال الأَزهري: وبه سمي القُطْنُ الحَشْوَ لأَنه تُحْشَى به الفُرُش
وغيرها. ابن سيده: وحَشا الوِسادة والفراشَ وغيرهما يَحْشُوها حَشْواً
ملأَها، واسم ذلك الشيء الحَشْوُ، على لفظ المصدر. والحَشِيَّةُ: الفِراشُ
المَحْشُوُّ. وفي حديث علي: من يَعْذِرُني من هؤلاءِ الضَّياطِرةِ يتَخَلَّفُ
أَحدُهم يتَقَلَّبُ على حَشاياهُ أَي على فَرْشِه، واحدَتُها حَشِيَّة،
بالتشديد. ومنه حديث عمرو بن العاص: ليس أَخو الحرب من يَضَعُ خُورَ
الحَشَايا عن يمينه وشماله. وحَشْوُ الرجل: نفْسُه على المَثل، وقد حُشِيَ
بها وحُشِيَها؛ وقال يزيد بن الحَكَم الثَّقَفِيُّ:
وما بَرِحَتْ نفْسٌ لَجُوجٌ حُشِيتَها
تُذِيبُكَ حتى قِيلَ: هل أَنتَ مُكْتَوي؟
وحُشِيَ الرجلُ غيظاً وكِبْراً كلاهما على المَثَل؛ قال المَرَّارُ:
وحَشَوْتُ الغَيْظَ في أَضْلاعِه،
فهو يَمْشِي حَظَلاناً كالنَّقِرْ
وأَنشد ثعلب:
ولا تَأْنَفا أَنْ تَسْأَلا وتُسَلِّما،
فما حُشِيَ الإِنسانُ شَرّاً من الكِبْرِ
ابن سيده: وحُشْوَة الشاةِ وحِشْوَتُها جَوْفُها، وقيل: حِشْوة البطن
وحُشْوَتُه ما فيه من كبد وطحال وغير ذلك.
والمَحْشَى: موضع الطعام. والحَشا: ما في البطن، وتثنيته حَشَوانِ، وهو
من ذوات الواو والياء لأَنه مما يثنى بالياء والواو، والجمع أَحْشاءٌ.
وحَشَوْتُه: أَصَبْتُ حَشاه.
وحَشْوُ البيت من الشِّعْر: أَجزاؤُه غير عروضه وضربه، وهو من ذلك.
والحَشْوُ من الكلام: الفَضْلُ الذي لا يعتمد عليه، وكذلك هو من الناس.
وحُشْوةُ الناس: رُذالَتُهم. وحكى اللحياني: ما أَكثر حِشْوَةَ أَرْضِكم
وحُشْوَتها أَي حَشْوَها وما فيها من الدَّغَل. وفلان من حِشْوَة بني فلان،
بالكسر، أَي من رُذالهم. وحَشْوُ الإِبل وحاشِيَتُها: صِغارها، وكذلك
حواشيها، واحدتها حاشِيةٌ، وقيل: صِغارها التي لا كِبار فيها، وكذلك من
الناس.والحاشِيتانِ: ابنُ المَخاض وابن اللَّبُون. يقال: أَرْسَلَ بنو فلان
رائداً فانْتَهى إِلى أَرض قد شَبِعَتْ حاشِيَتاها. وفي حديث الزكاة: خُذْ
من حَوَاشي أَموالهم؛ قال ابن الأَثير: هي صِغارُ الإِبل كابن المَخاض
وابن اللَّبُون، واحدتها حاشِيَةٌ. وحاشِيَةُ كل شيءٍ: جانبه وطَرَفُه، وهو
كالحديث الآخر: اتَّقِ كرائمَ أَمْوالهم. وحَشِيَ السِّقاءُ حَشىً: صار
له من اللَّبَن شِبْهُ الجِلْدِ من باطن فلَصِقَ بالجلد فلا يَعْدَمُ أَن
يُنْتِنَ فيُرْوِحَ. وأَرضٌ حَشاةٌ: سَوْداء لا خير فيها. وقال في موضع
آخر: وأَرض حَشاةٌ قليلة الخير سوداءُ. والحَشِيُّ من النَّبْتِ: ما فسَد
أَصله وعَفِنَ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
كأَنَّ صَوْتَ شَخْبِها، إِذا هَما،
صَوتُ أَفاعٍ في حَشِيٍّ أَعْشَما
ويروى: في خَشِيٍّ؛ قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
وإِنَّ عِندي، إِن رَكِبْتُ مِسْحَلي،
سَمَّ ذَراريحَ رِطابٍ وحَشِي
أَراد: وحَشِيٍّ فخفف المشدد. وتحَشَّى في بني فلان إِذا اضْطَمُّوا
عليه وآوَوْهُ. وجاء في حاشِيَتهِ أَي في قومه الذين في حَشاه. وهؤلاء
حاشِيَتُه أَي أَهله وخاصَّتُه. وهؤلاء حاشِيَته، بالنصب، أَي في ناحيته
وظِلِّه. وأَتَيْتُه فما أَجَلَّني ولا أَحْشاني أَي فما أَعطاني جَليلة ولا
حاشِيةً. وحاشِيَتا الثَّوْبِ: جانباه اللذان لا هُدْبَ فيهما، وفي
التهذيب: حاشِيَتا الثوب جَنَبَتاه الطويلتان في طرفيهما الهُدْبُ. وحاشِيَةُ
السَّراب: كل ناحية منه. وفي الحديث: أَنه كان يُصَلِّي في حاشِيَةِ
المَقامِ أَي جانبه وطَرَفه، تشبيهاً بحاشِيَة الثوب؛ ومنه حديث مُعاوية: لو
كنتُ من أَهل البادية لنزلتُ من الكَلإ الحاشيةَ. وعَيْشٌ رقيقُ الحَواشي
أَي ناعِمٌ في دَعَةٍ. والمَحاشي: أَكْسية خَشِنة تَحْلِقُ الجَسدَ،
واحدتها مِحْشاةٌ؛ وقول النابغة الذُّبياني:
إِجْمَعْ مِحاشَكَ يا يَزِيدُ، فإِنني
أَعْدَدْتُ يَرْبُوعاً لكم وتَمِيما
قال الجوهري: هو من الحَشْوِ؛ قال ابن بري: قوله في المِحاشِ إِنه من
الحَشْوِ غلط قبيح، وإِنما هو من المَحْش وهو الحَرْقُ، وقد فسر هذه اللفظة
في فصل محش فقال: المِحاشُ قوم اجتمعوا من قبائل وتحالَفُوا عند النار.
قال الأَزهري: المَحَاشُ كأَنه مَفْعَلٌ من الحَوْشِ، وهم قوم لَفِيف
أُشابَةٌ. وأَنشد بيت النابغة: جَمِّعْ مَحاشَك يا يزيد. قال أَبو منصور:
غَلِطَ الليث في هذا من وجهين: أَحدهما فتحه الميم وجعله إِياه مَفْعَلاً
من الحَوْش، والوجه الثاني ما قال في تفسيره والصواب المِحاشُ، بكسر
الميم، قال أَبو عبيدة فيما رواه عنه أَبو عبيد وابن الأَعرابي: إِنما هو
جَمِّعْ مِحاشَكَ، بكسر الميم، جعلوه من مَحَشَتْه أَي أَحرقته لا من
الحَوْش، وقد فُسِّر في موضعه الصحيح أَنهم يتحالفون عند النار، وأَما المَحاشُ،
بفتح الميم، فهو أَثاثُ البيت وأَصله من الحَوْش، وهو جَمْع الشيء
وضَمُّه؛ قال: ولا يقال للفِيفِ الناس مَحاشٌ. والحَشِيُّ، على فَعِيل:
الــيابِسُ؛ وأَنشد العجاج:
والهَدَب الناعم والحَشِيّ
يروى بالحاء والخاء جميعاً.
وحاشى: من حروف الاستثناء تَجُرُّ ما بعدها كما تَجُرُّ حتى ما بعدها.
وحاشَيْتُ من القوم فلاناً: استَثنيْت. وحكى اللحياني: شَتمْتُهم وما
حاشَيْتُ منهم أَحداً وما تحَشَّيْتُ وما حاشَيْتُ أَي ما قلت حاشَى لفلان
وما استثنيت منهم أَحداً. وحاشَى للهِ وحَاشَ للهِ أَي بَرَاءةً لله
ومَعاذاً لله؛ قال الفارسي: حذفت منه اللام كما قالوا ولو تَرَ ما أَهل مكة،
وذلك لكثرة الاستعمال. الأَزهري: حاشَ لله كان في الأَصل حاشَى لله، فكَثُر
في الكلام وحذفت الياء وجعل اسماً، وإِن كان في الأَصل فعلاً، وهو حرف
من حروف الاستثناء مثل عَدَا وخَلا، ولذلك خَفَضُوا بحاشَى كما خفض بهما،
لأَنهما جعلا حرفين وإِن كانا في الأَصل فعلين. وقال الفراء في قوله
تعالى: قُلْنَ حاشَ للهِ؛ هو من حاشَيْتُ أُحاشي. قال ابن الأَنباري: معنى
حاشَى في كلام العرب أَعْزِلُ فلاناً من وَصْفِ القوم بالحَشَى وأَعْزِلُه
بناحية ولا أُدْخِله في جُمْلتهم، ومعنى الحَشَى الناحيةُ؛ وأَنشد أَبو
بكر في الحَشَى الناحية بيت المُعَطَّل الهذلي:
بأَيِّ الحَشَى أَمْسى الحَبيبُ المُبايِنُ
وقال آخر:
حاشَى أَبي مَرْوان، إِنَّ به
ضَنّاً عن المَلْحاةِ والشَّتْمِ
وقال آخر
(* هو النابغة وصدر البيت:
ولا أرى فاعلاً في الناس يشبهُه) :
ولا أُحاشِي من الأَقْوامِ من أَحَدِ
ويقال: حاشَى لفلان وحاشَى فُلاناً وحاشَى فلانٍ وحَشَى فلانٍ؛ وقال عمر
بن أَبي ربيعة:
مَن رامَها، حاشَى النَّبيِّ وأَهْلِه
في الفَخْرِ، غَطْمَطَه هناك المُزْبِدُ
وأَنشد الفراء:
حَشا رَهْطِ النبيِّ، فإِنَّ منهمْ
بُحوراً لا تُكَدِّرُها الدِّلاءُ
فمن قال حاشَى لفلان خفضه باللام الزائدة، ومن قال حاشَى فلاناً أَضْمَر
في حاشَى مرفوعاً ونصَب فلاناً بحاشَى، والتقدير حاشَى فِعْلُهم فلاناً،
ومن قال حاشَى فلان خفَض بإِضمار اللام لطول صُحبتها حاشَى، ويجوز أَن
يخفضه بحاشى لأَن حاشى لما خلت من الصاحب أَشبهت الاسم فأُضيفت إِلى ما
بعدها، ومن العرب من يقول حاشَ لفلان فيسقط الأَلف، وقد قرئ في القرآن
بالوجهين. وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى: قُلْنَ حاشَ لله؛ اشْتُقَّ من
قولك كنتُ في حَشا فلان أَي في ناحية فلان، والمعنى في حاشَ لله بَراءةً لله
من هذا، وإِذا قلت حاشى لزيد هذا من التَّنَحِّي، والمعنى قد تنَحَّى
زيدٌ من هذا وتَباعَدَ عنه كما تقول تنَحَّى من الناحية، كذلك تحاشَى من
حاشيةِ الشيء، وهو ناحيتُه. وقال أَبو بكر بنُ الأَنْباري في قولهم حاشى
فلاناً: معناه قد استثنيتُه وأَخرجته فلم أُدخله في جملة المذكورين؛ قال
أَبو منصور: جعَلَه من حَشى الشيء وهو ناحيته؛ وأَنشد الباهلي في
المعاني:ولا يَتحَشَّى الفَحْلُ إِنْ أَعْرَضَتْ به،
ولا يَمْنَعُ المِرْباعَ منها فَصِيلُها
(* قوله «ولا يتحشى الفحل إلخ» كذا بضبط التكملة).
قال: لا يَتحَشَّى لا يُبالي من حاشى. الجوهري: يقال حاشاكَ وحاشى لكَ
والمعنى واحد. وحاشى: كلمة يستثنى بها، وقد تكون حرفاً، وقد تكون فعلاً،
فإِن جعلتها فعلاً نصبت بها فقلت ضربتهم حاشى زيداً، وإِن جعلتها حرفاً
خفضت بها، وقال سيبويه: لا تكون إِلا حرف جر لأَنها لو كانت فعلاً لجاز أَن
تكون صلة لما كما يجوز ذلك في خلا، فلما امتنع أَن يقال جاءني القوم ما
حاشى زيداً دلت أَنها ليست بفعل. وقال المُبرد: حاشى قد تكون فعلاً؛
واستدل بقول النابغة:
ولا أَرى فاعِلاً في الناس يُشْبِهُه،
وما أُحاشي من الأَقْوام من أَحَدِ
فتصرُّفه يدل على أَنه فعل، ولأَنه يقال حاشى لزيدٍ، فحرف الجر لا يجوز
أَن يدخل على حرف الجر، ولأَن الحذف يدخلها كقولهم حاشَ لزيدٍ، والحذف
إِنما يقع في الأَسماء والأفعال دون الحروف؛ قال ابن بري عند قول الجوهري
قال سيبويه حاشى لا تكون إِلا حرف جر قال: شاهده قول سَبْرة بن عمرو
الأَسَدي:
حاشَى أَبي ثَوْبانَ، إِنَّ به
ضَنّاً عن المَلْحاة والشَّتْمِ
قال: وهو منسوب في المُفَضَّلِيّاتِ للجُمَيْح الأَسَدي، واسمه مُنْقِذُ
بن الطَّمّاح؛ وقال الأُقَيْشِر:
في فِتْيةٍ جعَلوا الصليبَ إِلَهَهُمْ،
حاشايَ، إِني مُسْلِمٌ مَعْذُورُ
المعذور: المَخْتُون، وحاشَى في البيت حرف جر، قال: ولو كانت فعلاً لقلت
حاشاني. ابن الأَعرابي: تَحَشَّيْتُ من فلان أَي تَذَمَّمْتُ؛ وقال
الأَخطل:
لولا التَّحَشِّي مِنْ رِياحٍ رَمَيْتُها
بكَالِمةِ الأَنْيابِ، باقٍ وُسُومُها
التهذيب: وتقول: انْحَشَى صوتٌ في صوتٍ وانْحَشَى حَرْفٌ في حَرْف.
والحَشَى: موضع؛ قال:
إنَّ بأَجْزاعِ البُرَيْراءِ، فالحَشَى،
فَوَكْدٍ إلى النَّقْعَيْنِ مِنْ وَبِعَانِ
(* قوله «إن بأجزاع إلخ» كذا بالأصل والتهذيب، والذي في موضعين من
ياقوت: فإن يخلص فالبريراء إلخ أي بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام).