من (ع و ط) العنق الطــويلة في اعتدال أ, المرأة الطــويلة العنق.
من (ع و ط) العنق الطــويلة في اعتدال أ, المرأة الطــويلة العنق.
هرجب: الـهِرْجابُ من الإِبل: الطــويلةُ الضَّخْمَةُ؛ قال رُؤْبةُ بنُ
العَجَّاج:
تَنَشَّطَتْه كُلُّ هِرجابٍ فُنُقْ
قال ابن بري: تَرْتِـيبُ إِنْشادِه في رَجَزِه:
تَنَشَّطَتْه كُلُّ مِغْلاةِ الوَهَقْ،
مَضْبُورَةٍ، قَرْواءَ، هِرْجابٍ، فُنُقْ
والـمِغْلاةُ: الناقةُ التي تُبْعِدُ الخَطْوَ. والوَهَقُ:
الـمُباراةُ والـمُسايرة. ومَضْبُورَةٌ: مجتمعةُ الخَلْقِ. والقَرْواءُ: الطــويلَةُ القَرَى، وهو الظَّهْر. والفُنُقُ: الفَتِـيَّةُ الضَّخْمة؛ والهاء في
تَنَشَّطَتْه تعود على الخَرْق الذي وُصِفَ قبل هذا في قوله:
وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي الـمُخْتَرَقْ
ومعنى تَنَشَّطَتْهُ: قَطَعَتْهُ، وأَسْرَعَتْ قَطْعَه. والـهَراجيبُ
والـهَراجيلُ من الإِبل: الضِّخام؛ قال رؤْبة:
من كُلِّ قَرْواءَ وهِرْجابٍ فُنُقْ
وهو الضَّخْمُ من كل شيءٍ؛ وقيل: الـهِرْجابُ التي امْتَدَّتْ مع
الأَرْضِ طُولاً؛ وأَنشد:
ذُو العَرْشِ والشَّعْشَعاناتُ الـهَراجِـيبُ
ونَخْلَةٌ هِرجابٌ، كذلك؛ قال الأَنْصاري:
تَرَى كُلَّ هِرْجابٍ سَحُوقٍ، كأَنـَّها * تَطَلَّى بقَارٍ، أَوْ بأَسْوَدَ ناتِحِ
وهِرْجابٌ: اسم مَوضِـع؛ أَنشد أَبو الحسن:
بِهِرْجابَ، ما دامَ الأَراكُ به خُضْرا
الأَزهري: هِرْجابٌ موضع؛ قال ابن مُقْبل:
فطافَتْ بِنا مُرْشِقٌ جَـأْبَـةٌ، * بِهِرجابَ تَنْتابُ سِدْراً، وَضالا
حول: الحَوْل: سَنَةٌ بأَسْرِها، والجمع أَحْوالٌ وحُوُولٌ وحُؤُولٌ؛
حكاها سيبويه. وحالَ عليه الحَوْلُ حَوْلاً وحُؤُولاً: أَتَى. وأَحال
الشيءُ واحْتالَ: أَتَى عليه حَوْلٌ كامل؛ قال رؤبة:
أَوْرَقَ مُحْتالاً دَبيحاً حِمْحِمُه
وأَحالت الدارُ وأَحْوَلَتْ وحالَتْ وحِيلَ بها: أَتَى عليها أَحْوَالٌ؛
قال:
حالَتْ وحِيلَ بها، وغَيَّرَ آيَها
صَرْفُ البِلى تَجْري به الرِّيحانِ
وقال الكميت:
أَأَبْكاكَ بالعُرُف المَنْزِلُ؟
وما أَنت والطَّلَلُ المُحْوِلُ؟
الجوهري: حالَتِ الدارُ وحالَ الغلامُ أَتَى عليه حَوْلٌ. وأَحالَ عليه
الحَوْلُ أَي حالَ. ودار مُحيلة: غاب عنها أَهلُها مُنْذُ حَوْلٍ، وكذلك
دار مُحِيلة إِذا أَتت عليها أَحوال. وأَحالَ اللهُ عليه الحَوْلَ
إِحالة، وأَحْوَلْتُ أَنا بالمكان وأَحَلْت: أَقمت حَوْلاً. وأَحال الرجلُ
بالمكان وأَحْوَل أَي أَقام به حَوْلاً. وأَحْوَل الصبيُّ، فهو مُحوِل: أَتَى
عليه حَوْلٌ من مَوْلِده؛ قال امرؤ القيس:
فأَلْهَيْتُها عن ذي تَمائِمَ مُحْوِل
وقيل: مُحْوِل صغير من غير أَن يُحَدَّ بحَوْل؛ عن ابن كيسان. وأَحْوَلَ
بالمكان الحَوْل: بَلَغه؛ وأَنشد ابن الاعرابي:
أَزائدَ، لا أَحَلْتَ الحَوْل، حتى
كأَنَّ عَجُوزَكم سُقِيَتْ سِمَاما
يُحَلِّئُ ذو الزوائد لِقْحتيه،
ومنْ يَغْلِب فإِنَّ له طعاما
أَي أَماتك الله قبل الحَوْل حتى تصير عجوزكم من الحُزن عليك كأَنها
سُقِيَت سِمَاماً، وجعل لبنهما طعاماً أَي غَلَبَ على لِقْحَتيه فلم يَسْقِ
أَحداً منهما. ونَبْتٌ حَوْلِيٌّ: أَتى عليه حَوْلٌ كما قالوا فيه
عامِيٌّ، وجَمَل حَوْلِيٌّ كذلك. أَبو زيد: سمعت أَعرابيّاً يقول جَمَلٌ
حَوْلِيٌّ إِذا أَتى عليه حَوْل. وجِمال حَوَالِيُّ، بغير تنوين، وحَوَالِيَّة،
ومُهْرٌ حَوْلِيٌّ ومِهارة حَوْلِيّات: أَتى عليها حَوْل، وكل ذي حافر
أَوّلَ سنة حَوْلِيٌّ، والأُنثى حَوْلِيّة، والجمع حَوْلِيّات. وأَرض
مُسْتَحالة: تُرِكت حَوْلاً وأَحوالاً عن الزراعة.
وقَوْس مُسْتَحالة: في قابِها أَو سِيتَها اعوجاج، وقد حالَتْ حَوْلاً
أَي انقلبت عن حالها التي غُمِزَت عليها وحصل في قابها اعوجاج؛ قال أَبو
ذؤيب:
وحالَتْ كحَوْل القَوْسُ طُلَّتْ وعُطِّلَت
ثَلاثاً، فأَعْيا عَجْسُها وظُهَارُها
يقول: تَغَيَّرت هذه المرأَة كالقوس التي أَصابها الطَّلُّ فندِيَتْ
ونُزِعَ عنها الوَتر ثلاث سنين فَزاغَ عَجْسُها واعْوَجَّ، وقال أَبو حنيفة:
حالَ وتَرُ القوس زال عند الرمي، وقد حالَتِ القوسُ وَتَرَها؛ هكذا حكاه
حالت. ورجل مُسْتَحال: في طَرَفي ساقه اعوجاج، وقيل: كل شيء تغير عن
الاستواء إِلى العِوَج فقد حالَ واسْتَحال، وهو مُسْتَحِيل. وفي المثل: ذاك
أَحْوَل من بَوْلِ الجَمَل؛ وذلك أَن بوله لا يخرج مستقيماً يذهب في
إِحدى الناحيتين. التهذيب: ورِجْلٌ مُسْتَحالة إِذا كان طرفا الساقين منها
مُعْوَجَّيْن. وفي حديث مجاهد في التَّوَرُّك في الأَرض المُسْتَحيلة أَي
المُعْوَجَّة لاستحالتها إِلى العِوَج؛ قال: الأَرض المستحيلة هي التي
ليست بمستوية لأَنها استحالت عن الاستواء إِلى العِوَج، وكذلك القوس.
والحَوْل: الحِيلة والقُوَّة أَيضاً. قال ابن سيده: الحَوْل والحَيْل والحِوَل
والحِيلة والحَوِيل والمَحالة والاحتيال والتَّحَوُّل والتَّحَيُّل، كل
ذلك: الحِذْقُ وجَوْدَةُ النظر والقدرةُ على دِقَّة التصرُّف. والحِيَلُ
والحِوَل: جمع حِيلة. ورجل حُوَلٌ وحُوَلة، مثل هُمَزَة، وحُولة وحُوَّل
وحَوَالِيٌّ وحُوَاليٌّ وحوَلْوَل: مُحْتال شديد الاحتيال؛ قال:
يا زيد، أَبْشِر بأَخيك قد فَعَل
حَوَلْوَلٌ، إِذا وَنَى القَومُ نزَل
ورجلُ حَوَلْوَل: مُنْكَر كَمِيش، وهو من ذلك. ابن الأَعرابي: الحُوَل
والحُوَّل الدَّواهي، وهي جمع حُولة. الأَصمعي: يقال جاء بأَمر حُولة من
الحُوَل أَي بأَمر مُنْكَر عجيب. ويقال للرَّجُل الداهية: إِنَّه لَحُوله
من الحُوَل أَي داهِية من الدواهي، وتسمى الداهية نفسها حُولة؛ وأَنشد:
ومِنْ حُولة الأَيام، يا أُمَّ خالد،
لنا غَنَم مَرْعِيَّةٌ ولنا بَقَر
ورجل حُوَّل: ذو حِيَل، وامرأَة حُوَّلة. ويقال هو أَحْوَل منك أَي
أَكثر حِيلة، وما أَحْوَله، ورجل حُوَّل، بتشديد الواو، أَي بَصِير بتحويل
الأُمور، وهو حُوَّلُ قُلَّب؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
وما غَرَّهم، لا بارك اللهُ فيهم
به، وهو فيه قُلَّبُ الرَّأْي حُوَّل
ويقال: رجل حَواليٌّ للجَيِّد الرأْي ذي الحِيلة؛ قال ابن أَحمر، ويقال
للمَرَّار بن مُنْقِذ العَدَوي:
أَو تَنْسَأَنْ يومي إِلى غيره،
إِني حَواليٌّ وإِني حَذِر
وفي حديث معاوية: لما احْتُضِر قال لابنتيه: قَلِّباني فإِنكما
لتُقَلِّبان حُوَّلاً قُلَّباً إِن وُقِيَ كَبَّة النار؛ الحُوَّل: ذو التصرّف
والاحتيال في الأُمور، ويروى حُوَّلِيّاً قُلَّبِيّاً إِن نجا من عذاب
الله، بياء النسبة للمبالغة. وفي حديث الرجلين اللذيْن ادَّعى أَحدُهما على
الآخر: فكان حُوَّلاً قُلَّباً. واحْتَال: من الحِيلة، وما أَحْوَله
وأَحْيَله من الحِيلة، وهو أَحْوَل منك وأَحْيَل معاقبة، وإِنه لذو حِيلة.
والمَحالة: الحِيلة نفسها. ويقال: تَحَوَّل الرجلُ واحْتال إِذا طلب
الحِيلة. ومن أَمثالهم: من كان ذا حِيلة تَحَوَّل. ويقال: هو أَحْوَل من ذِئْب،
ومن الحِيلة. وهو أَحْوَل من أَبي بَراقش: وهو طائر يَتَلَوَّن أَلواناً،
وأَحْوَل من أَبي قَلَمون: ثوب يتلوَّن أَلواناً. الكسائي: سمعتهم
يفولون هو رجل لا حُولة له، يريدون لا حِيلة له؛ وأَنشد:
له حُولَةٌ في كل أَمر أَراغَه،
يُقَضِّي بها الأَمر الذي كاد صاحبه
والمَحالة: الحِيلة. يقال: المرء يَعْجِزُ لا المَحالة؛ وأَنشد ابن بري
لأَبي دُواد يعاتب امرأَته في سَماحته بماله:
حاوَلْت حين صَرَمْتِني،
والمَرْءُ يَعْجِز لا المَحاله
والدَّهْر يَلْعَب بالفتى،
والدَّهْر أَرْوَغُ من ثُعاله
والمَرْءُ يَكْسِب مالَه
بالشُّحِّ، يُورِثُه الكَلاله
وقولهم: لا مَحالة من ذلك أَي لا بُدَّ، ولا مَحالة أَي لا بُدَّ؛ يقال:
الموت آت لا مَحالة. التهذيب: ويقولون في موضع لا بُدَّ لا مَحالة؛ قال
النابغة:
وأَنت بأَمْرٍ لا مَحالة واقع
والمُحال من الكلام: ما عُدِل به عن وجهه. وحَوَّله: جَعَله مُحالاً.
وأَحال: أَتى بمُحال. ورجل مِحْوال: كثيرُ مُحال الكلام. وكلام مُسْتَحيل:
مُحال. ويقال: أَحَلْت الكلام أُحِيله إِحالة إِذا أَفسدته. وروى ابن
شميل عن الخليل بن
أَحمد أَنه قال: المُحال الكلام لغير شيء، والمستقيم كلامٌ لشيء،
والغَلَط كلام لشيء لم تُرِدْه، واللَّغْو كلام لشيء ليس من شأْنك، والكذب كلام
لشيء تَغُرُّ به. وأَحالَ الرَّجُلُ: أَتَى بالمُحال وتَكَلَّم به.
وهو حَوْلَهُ وحَوْلَيْه وحَوالَيْه وحَوالَه ولا تقل حَوالِيه، بكسر
اللام. التهذيب: والحَوْل اسم يجمع الحَوالى يقال حَوالَي الدار كأَنها في
الأَصل حوالى، كقولك ذو مال وأُولو مال. قال الأَزهري: يقال رأَيت الناس
حَوالَه وحَوالَيْه وحَوْلَه وحَوْلَيْه، فحَوالَه وُحْدانُ حَوالَيْه،
وأَما حَوْلَيْه فهي تثنية حَوْلَه؛ قال الراجز:
ماءٌ رواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيَه،
هذا مَقامٌ لك حَتَّى تِيبِيَه
ومِثْلُ قولهم: حَوالَيْك دَوالَيْك وحَجازَيْك وحَنانَيْك؛ قال ابن
بري: وشاهد حَوالَهُ قول الراجز:
أَهَدَمُوا بَيْتَك؟ لا أَبا لكا
وأَنا أَمْشي الدَّأَلى حَوالَكا
وفي حديث الاستسقاء: اللهم حَوالَيْنا ولا علينا؛ يريد اللهم أَنْزِل
الغيثَ علينا في مواضع النبات لا في مواضع الأَبنية، من قولهم رأَيت الناس
حَوالَيْه أَي مُطِيفِينَ به من جوانبه؛ وأَما قول امريء القيس:
أَلَسْتَ ترى السُّمَّار والناس أَحْوالي
فعَلى أَنه جَعَل كل جزء من الجِرْم المُحِيط بها حَوْلاً، ذَهَب إِلى
المُبالغة بذلك أَي أَنه لا مَكان حَوْلَها إِلا وهو مشغول بالسُّمَّار،
فذلك أَذْهَبُ في تَعَذُّرِها عليه. واحْتَوَله القومُ: احْتَوَشُوا
حَوالَيْه. وحاوَل الشيءَ مُحاولة وحِوالاً: رامه؛ قال رؤبة:
حِوالَ حَمْدٍ وائْتِجارَ والمؤتَجِر
والاحْتِيالُ والمُحاولَة: مطالبتك الشيءَ بالحِيَل. وكل من رام أَمراً
بالحِيَل فقد حاوَله؛ قال لبيد:
أَلا تَسْأَلانِ المرءَ ماذا يُحاوِلُ:
أَنَحْبٌ فَيْقضي أَم ضَلالٌ وباطِلُ؟
الليث: الحِوال المُحاوَلة. حاوَلته حِوالاً ومُحاولة أَي طالبته
بالحِيلة. والحِوال: كلُّ شيء حال بين اثنين، يقال هذا حِوال بينهما أَي حائل
بينهما كالحاجز والحِجاز. أَبو زيد: حُلْتُ بينه وبين الشَّرِّ أَحُول
أَشَدَّ الحول والمَحالة. قال الليث: يقال حالَ الشيءُ بين الشيئين يَحُول
حَوْلاً وتَحْوِيلاً أَي حَجَز. ويقال: حُلْتَ بينه وبين ما يريد حَوْلاً
وحُؤولاً. ابن سيده: وكل ما حَجَز بين اثنين فقد حال بينهما حَوْلاً،
واسم ذلك الشيء الحِوال، والحَوَل كالحِوال. وحَوالُ الدهرِ: تَغَيُّرُه
وصَرْفُه؛ قال مَعْقِل بن
خويلد الهذلي:
أَلا مِنْ حَوالِ الدهر أَصبحتُ ثاوياً،
أُسامُ النِّكاحَ في خِزانةِ مَرْثَد
التهذيب: ويقال إِن هذا لمن حُولة الدهر وحُوَلاء الدهر وحَوَلانِ الدهر
وحِوَل الدهر؛ وأَنشد:
ومن حِوَل الأَيَّام والدهر أَنه
حَصِين، يُحَيَّا بالسلام ويُحْجَب
وروى الأَزهري بإِسناده عن الفرّاء قال: سمعت أَعرابيّاً من بني سليم
ينشد:
فإِنَّها حِيَلُ الشيطان يَحْتَئِل
قال: وغيره من بني سليم يقول يَحْتال، بلا همز؛ قال: وأَنشدني بعضهم:
يا دارَ ميّ، بِدكادِيكِ البُرَق،
سَقْياً وإِنْ هَيَّجْتِ شَوْقَ المُشْتَئق
قال: وغيره يقول المُشْتاق. وتَحَوَّل عن الشيء: زال عنه إِلى غيره.
أَبو زيد: حالَ الرجلُ يَحُول مثل تَحَوَّل من موضع إِلى موضع. الجوهري: حال
إِلى مكان آخر أَي تَحَوَّل. وحال الشيءُ نفسُه يَحُول حَوْلاً بمعنيين:
يكون تَغَيُّراً، ويكون تَحَوُّلاً؛ وقال النابغة:
ولا يَحُول عَطاءُ اليومِ دُونَ غَد
أَي لا يَحُول عَطاءُ اليوم دُونَ عطاء غَد. وحالَ فلان عن العَهْد
يَحُول حَوْلاً وحُؤولاً أَي زال؛ وقول النابغة الجعدي أَنشده ابن سيده:
أَكَظَّكَ آبائي فَحَوَّلْتَ عنهم،
وقلت له: با ابْنَ الحيالى تحوَّلا
(* «الحيالى» هكذا رسم في الأصل، وفي شرح القاموس: الحيا و لا).
قال: يجوز أَن يستعمل فيه حَوَّلْت مكان تَحَوَّلت، ويجوز أَن يريد
حَوَّلْت رَحْلَك فحذف المفعول، قال: وهذا كثير. وحَوَّله إِليه: أَزاله،
والاسم الحِوَل والحَوِيل؛ وأَنشد اللحياني:
أُخِذَت حَمُولُته فأَصْبَح ثاوِياً،
لا يستطيع عن الدِّيار حَوِيلا
التهذيب: والحِوَل يَجْري مَجْرى التَّحْويل، يقال: حوّلُوا عنها
تَحْويلاً وحِوَلاً. قال الأَزهري: والتحويل مصدر حقيقي من حَوَّلْت، والحِوَل
اسم يقوم مقام المصدر؛ قال الله عز وجل: لا يَبْغُون عنها حِوَلاً؛ أَي
تَحْوِيلاً، وقال الزجاج: لا يريدون عنها تَحَوُّلاً. يقال: قد حال من
مكانه حِوَلاً، وكما قالوا في المصادر صَغُر صِغْراً، وعادَني حُبُّها
عِوَداً. قال: وقد قيل إِن الحِوَل الحِيلة، فيكون على هذا المعنى لا
يَحْتالون مَنْزِلاً غيرها، قال: وقرئ قوله عز وجل: دِيناً قِيَماً، ولم يقل
قِوَماً مثل قوله لا يَبْغُون عنها حِوَلاً، لأَن قِيَماً من قولك قام
قِيَماً، كأَنه بني على قَوَم أَو قَوُم، فلما اعْتَلَّ فصار قام اعتل قِيَم،
وأَما حِوَل فكأَنه هو على أَنه جارٍ على غير فعل.
وحالَ الشيءُ حَوْلاً وحُؤولاً وأَحال؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
كلاهما: تَحَوَّل. وفي الحديث: من أَحالَ دخل الجنة؛ يريد من أَسلم لأَنه
تَحَوَّل من الكفر عما كان يعبد إِلى الإِسلام. الأَزهري: حالَ الشخصُ
يَحُول إِذا تَحَوَّل، وكذلك كل مُتَحَوِّل عن حاله. وفي حديث خيبر: فَحالوا
إِلى الحِصْن أَي تَحَوَّلوا، ويروى أَحالوا أَي أَقبلوا عليه هاربين، وهو
من التَّحَوُّل. وفي الحديث: إِذا ثُوِّب بالصلاة أَحال الشيطانُ له
ضُراط أَي تَحَوَّل من موضعه، وقيل: هو بمعنى طَفِق وأَخَذَ وتَهَيَّأَ
لفعله. وفي الحديث: فاحْتالَتْهم الشياطين أَي نَقَلَتْهم من حال إِلى حال؛
قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، والمشهور بالجيم وقد تقدم. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: فاسْتَحالَتْ غَرْباً أَي تَحَوَّلَتْ دَلْواً
عظيمة.والحَوالة: تحويل ماء من نهر إِلى نهر، والحائل: المتغير اللون. يقال:
رماد حائل ونَبات حائل. ورَجُل حائل اللون إِذا كان أَسود متغيراً. وفي
حديث ابن أَبي لَيْلى: أُحِيلَت الصلاة ثلاثة أَحْوال أَي غُيِّرت ثلاث
تغييرات أَو حُوِّلَت ثلاث تحويلات. وفي حديث قَباث بن
أَشْيَم: رأَيت خَذْق الفِيل أَخضر مُحيِلاً أَي متغيراً. ومنه الحديث:
نهى أَن يُسْتَنْجى بعَظْمٍ حائلٍ أَي متغير قد غَيَّره البِلى، وكلُّ
متغير حائلٌ، فإِذا أَتت عليه السَّنَةُ فهو مُحِيل، كأَنه مأْخوذ من
الحَوْل السَّنَةِ. وتَحوَّل كساءَه. جَعَل فيه شيئاً ثم حَمَله على ظهره،
والاسم الحالُ. والحالُ أَيضاً: الشيءُ يَحْمِله الرجل على ظهره، ما كان وقد
تَحَوَّل حالاً: حَمَلها. والحالُ: الكارَةُ التي يَحْمِلها الرجل على
ظهره، يقال منه: تَحَوَّلْت حالاً؛ ويقال: تَحَوَّل الرجلُ إِذا حَمَل
الكارَة على ظَهْره. يقال: تَحَوَّلْت حالاً على ظهري إِذا حَمَلْت كارَة من
ثياب وغيرها. وتحوَّل أَيضاً أَي احْتال من الحيلة. وتَحَوَّل: تنقل من
موضع إِلى موضع آخر. والتَّحَوُّل: التَّنَقُّل من موضع إِلى موضع،
والاسم الحِوَل؛ ومنه قوله تعالى: خالدين فيها لا يبغون عنها حِوَلاً. والحال:
الدَّرَّاجة التي يُدَرَّج عليها الصَّبيُّ إِذا مشَى وهي العَجَلة التي
يَدِبُّ عليها الصبي؛ قال عبد الرحمن بن حَسَّان الأَنصاري:
ما زال يَنْمِي جَدُّه صاعِداً،
مُنْذُ لَدُنْ فارَقه الحَالُ
يريد: ما زال يَعْلو جَدُّه ويَنْمِي مُنْذُ فُطِم. والحائل: كُلُّ شيء
تَحَرَّك في مكانه. وقد حالَ يَحُول.
واسْتحال الشَّخْصَ: نظر إِليه هل يَتَحرَّك، وكذلك النَّخْل. واسْتحال
واستحام لَمَّا أَحالَه أَي صار مُحالاً. وفي حديث طَهْفَة: ونَسْتَحِيل
الجَهام أَي ننظر إِليه هل يتحرك أَم لا، وهو نَسْتَفْعِل من حالَ يَحُول
إِذا تَحَرَّك، وقيل: معناه نَطْلُب حال مَطَره، وقيل بالجيم، وقد تقدم.
الأَزهري: سمعت المنذري يقول: سمعت أَبا الهيثم يقول عن تفسير قوله لا
حَوْل ولا قُوَّة إِلا بالله قال: الحَوْل الحَركة، تقول: حالَ الشخصُ
إِذا تحرّك، وكذلك كل مُتَحَوِّل عن حاله، فكأَنَّ القائل إِذا قال لا
حَوْلَ ولا قُوَّة إِلاَّ بالله يقول: لا حَركة ولا استطاعة إِلا بمشيئة الله.
الكسائي: يقال لا حَوْل ولا قُوَّة إِلا بالله ولا حَيْلَ ولا قُوَّة
إِلا بالله، وورد ذلك في الحديث: لا حَوْلَ ولا قوة إِلا بالله، وفُسِّر
بذلك المعنى: لا حركة ولا قُوَّة إِلا بمشيئة الله تعالى، وقيل: الحَوْل
الحِيلة، قال ابن الأَثير: والأَول أَشبه؛ ومنه الحديث: اللهم بك أَصُول
وبك أَحُول أَي أَتحرك، وقيل أَحتال، وقيل أَدفع وأَمنع، من حالَ بين
الشيئين إِذا منع أَحدهما من الآخر. وفي حديث آخر: بك أُصاوِل وبك أُحاوِل، هو
من المُفاعلة، وقيل: المُحاولة طلب الشيء بحِيلة.
وناقة حائل: حُمِل عليها فلم تَلْقَح، وقيل: هي الناقة التي لم تَحْمِل
سنة أَو سنتين أَو سَنَوات، وكذلك كل حامل يَنْقَطِع عنها الحَمْل سنة
أَو سنوات حتى تَحْمِل، والجمع حِيال وحُولٌ وحُوَّلٌ وحُولَلٌ؛ الأَخيرة
اسم للجمع. وحائلُ حُولٍ وأَحْوال وحُولَلٍ أَي حائل أَعوام؛ وقيل: هو على
المبالغة كقولك رَجُلُ رِجالٍ، وقيل: إِذا حُمِل عليها سنة فلم تَلقَح
فهي حائل، فإِن لم تَحمِل سنتين فهي حائلُ حُولٍ وحُولَلٍ؛ ولَقِحَتْ على
حُولٍ وحُولَلٍ، وقد حالَتْ حُؤُولاً وحِيالاً وأَحالت وحَوَّلَت وهي
مُحَوِّل، وقيل: المُحَوِّل التي تُنْتَج سنة سَقْباً وسنة قَلوصاً. وامرأَة
مُحِيل وناقة مُحِيل ومُحْوِل ومُحَوِّل إِذا ولدت غلاماً على أَثر
جارية أَو جارية على أَثر غلام، قال: ويقال لهذه العَكوم أَيضاً إِذا حَمَلت
عاماً ذكراً وعاماً أُنثى، والحائل: الأُنثى من أَولاد الإِبل ساعةَ
تُوضَع، وشاة حائل ونخْلة حائل، وحالت النخلةُ: حَمَلَتْ عاماً ولم تَحْمِل
آخر. الجوهري: الحائل الأُنثى من ولد الناقة لأَنه إِذا نُتِج ووقع عليه
اسم تذكير وتأْنيث فإِن الذكر سَقْب والأُنثى حائل، يقال: نُتِجت الناقةُ
حائلاً حسنة؛ ويقال: لا أَفعل ذلك ما أَرْزَمَت أُمُّ حائل، ويقال لولد
الناقة ساعةَ تُلْقيه من بطنها إِذا كانت أُنثى حائل، وأُمُّها أُمُّ
حائل؛ قال:
فتلك التي لا يبرَحُ القلبَ حُبُّها
ولا ذِكْرُها، ما أَرْزَمَتْ أُمُّ حائل
والجمع حُوَّل وحَوائل. وأَحال الرجلُ إِذا حالت إِبلُه فلم تَحْمِل.
وأَحال فلانٌ إِبلَه العامَ إِذا لم يُصِبْها الفَحْل. والناس مُحِيلون
إِذا حالت إِبِلُهم. قال أَبو عبيدة: لكل ذي إِبِل كَفْأَتان أَي قِطْعتان
يقطعهما قِطْعَتين، فَتُنْتَج قِطْعَةٌ منها عاماً، وتَحُول القِطْعَةُ
الأُخرى فيُراوح بينهما في النَّتاج، فإِذا كان العام المقبل نَتَج
القِطْعةَ التي حالت، فكُلُّ قطعة نتَجها فهي كَفْأَة، لأَنها تَهْلِك إِن
نَتَجها كل عام. وحالت الناقةُ والفرسُ والنخلةُ والمرأَةُ والشاةُ وغيرُهنَّ
إِذا لم تَحْمِل؛ وناقة حائل ونوق حَوائل وحُولٌ وحُولَلٌ. وفي الحديث:
أَعوذ بك من شر كل مُلْقِح ومُحِيل؛ المُحِيل: الذي لا يولد له، من قولهم
حالت الناقةُ وأَحالت إِذا حَمَلْت عليها عاماً ولم تحْمِل عاماً. وأَحال
الرجلُ إِبِلَه العام إِذا لم يُضْرِبها الفَحْلَ؛ ومنه حديث أُم
مَعْبَد: والشاء عازب حِيال أَي غير حَواملَ. والحُول، بالضم: الحِيَال؛ قال
الشاعر:
لَقِحْن على حُولٍ، وصادَفْنَ سَلْوَةً
من العَيْش، حتى كلُّهُنَّ مُمَتَّع
ويروى مُمَنَّع، بالنون. الأَصمعي: حالت الناقةُ فهي تَحُول حِيالاً
إِذا ضَرَبها الفحلُ ولم تَحْمِل؛ وناقة حائلة ونوق حِيال وحُول وقد حالَت
حَوالاً وحُؤُولاً
(* قوله «وقد حالت حوالاً» هكذا في الأصل مضبوطاً
كسحاب، والذي في القاموس: حؤولاً كقعود وحيالاً وحيالة بكسرهما) .
والحالُ: كِينَةُ الإنسان وهو ما كان عليه من خير أَو شر، يُذَكَّر
ويُؤَنَّث، والجمع أَحوال وأَحْوِلة؛ الأَخيرة عن اللحياني. قال ابن سيده:
وهي شاذة لأَن وزن حال فَعَلٌ، وفَعَلٌ لا يُكَسَّر على أَفْعِلة.
اللحياني: يقال حالُ فلان حسَنة وحسَنٌ، والواحدة حالةٌ، يقال: هو بحالة سوءٍ،
فمن ذَكَّر الحال جمعه أَحوالاً، ومن أَنَّثَها جَمعَه حالات. الجوهري:
الحالة واحدة حالِ الإِنسان وأَحْوالِه. وتحَوَّله بالنصيحة والوَصِيَّة
والموعظة: توَخَّى الحالَ التي يَنْشَط فيها لقبول ذلك منه، وكذلك روى أَبو
عمرو الحديث: وكان رسول الله،صلى الله عليه وسلم، يَتَحَوَّلُنا
بالموعظة، بالحاء غير معجمة، قال: وهو الصواب وفسره بما تقدم وهي الحالة أَيضاً.
وحالاتُ الدهر وأَحْوالُه: صُروفُه. والحالُ: الوقت الذي أَنت فيه.
وأَحالَ الغَريمَ: زَجَّاه عنه إِلى غريم آخر، والاسم الحَوالة. اللحياني:
يقال للرجل إِذا تحَوَّل من مكان إِلى مكان أَو تحَوَّل على رجل بدراهم:
حالَ، وهو يَحُول حَوْلاً. ويقال: أَحَلْت فلاناً على فلان بدراهم أُحِيلُه
إِحالةً وإِحالاً، فإِذا ذَكَرْت فِعْلَ الرجل قلت حالَ يَحُول حَوْلاً.
واحْتال احْتِيالاً إِذا تَحَوَّل هو من ذات نَفْسِه. الليث: الحَوالة
إِحالَتُك غريماً وتحَوُّل ماءٍ من نهر إِلى نهر. قال أَبو منصور: يقال
أَحَلْت فلاناً بما لهُ عليَّ، وهو كذا درهماً، على رجل آخر لي عليه كذا
درهماً أُحِيلُه إِحالةً، فاحْتال بها عليه؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه
وسلم: وإِذا أُحِيل أَحدكم على آخر فَلْيَحْتَلْ. قال أَبو سعيد: يقال
للذي يُحال عليه بالحق حَيِّلٌ، والذي يَقْبَل الحَوالةَ حَيِّل، وهما
الحَيِّلانِ كما يقال البَيِّعان، وأَحالَ عليه بدَيْنِه والاسم
الحَوالة.والحال: التراب اللَّيِّن الذي يقال له السَّهْلة. والحالُ: الطينُ
الأَسود والحَمْأَةُ. وفي الحديث: أَن جبريل، عليه السلام، قال لما قال فرعون
آمنت أَنه لا إِله إِلا الذي آمنت به بنو إِسرائيل: أَخَذْتُ من حال
البحر فضَرَبْتُ به وجهه، وفي رواية: فحشَوْت به فمه. وفي التهذيب: أَن
جبريل، عليه السلام، لما قال فرعون آمنت أَنه لا إِله إِلاَّ الذي آمنت به
بنو إِسرائيل، أَخَذَ من حالِ البحر وطِينِه فأَلْقَمَه فاه؛ وقال
الشاعر:وكُنَّا إِذا ما الضيفُ حَلَّ بأَرضِنا،
سَفَكْنا دِماءَ البُدْن في تُرْبَة الحال
وفي حديث الكوثر: حالُه المِسْكُ أَي طِينُه، وخَصَّ بعضهم بالحال
الحَمْأَة دون سائر الطين الأَسود. والحالُ: اللَّبَنُ؛ عن كراع. والحال:
الرَّماد الحارُّ. والحالُ: ورق السَّمُر يُخْبَط في ثوب ويُنْفَض، يقال:
حالٌ من وَرَقٍ ونُفاض من ورق. وحالُ الرجلِ: امرأَته؛ قال الأَعلم:
إِذا أَذكرتَ حالَكَ غير عَصْر،
وأَفسد صُنْعَها فيك الوَجِيف
غَيْرَ عَصْرٍ أَي غير وقت ذكرها؛ وأَنشد الأَزهري:
يا رُبَّ حالِ حَوْقَلٍ وَقَّاع،
تَرَكْتها مُدْنِيَةَ القِناع
والمَحالَةُ: مَنْجَنُونٌ يُسْتَقى عليها، والجمع مَحالٌ ومَحاوِل.
والمَحالة والمَحال: واسِطُ الظَّهْر، وقيل المَحال الفَقار، واحدته مَحالة،
ويجوز أَن يكون فَعالة.
والحَوَلُ في العين: أَن يظهر البياض في مُؤْخِرها ويكون السواد من
قِبَل الماقِ، وقيل: الحَوَل إِقْبال الحَدَقة على الأَنف، وقيل: هو ذَهاب
حدقتها قِبَلَ مُؤْخِرها، وقيل: الحَوَل أَن تكون العين كأَنها تنظر إِلى
الحِجاج، وقيل: هو أَن تميل الحدَقة إِلى اللَّحاظ، وقد حَوِلَت وحالَت
تَحال واحْوَلَّت؛ وقول أَبي خراش:
إِذا ما كان كُسُّ القَوْمِ رُوقاً،
وحالَتْ مُقْلَتا الرَّجُلِ البَصِير
(* قوله «إذا ما كان» تقدم في ترجمة كسس: إذا ما حال، وفسره بتحوّل).
قيل: معناه انقلبت، وقال محمد بن حبيب: صار أَحْوَل، قال ابن جني: يجب
من هذا تصحيح العين وأَن يقال حَوِلت كعَوِرَ وصَيِدَ، لأَن هذه الأَفعال
في معنى ما لا يخرج إِلا على الصحة، وهو احْوَلَّ واعْوَرَّ واصْيدَّ،
فعلى قول محمد ينبغي أَن يكون حالَت شاذّاً كما شذ اجْتارُوا في معنى
اجْتَوَرُوا. الليث: لغة تميم حالَت عَيْنُه تَحُول
(* قوله «لغة تميم حالت
عينه تحول» هكذا في الأصل، والذي في القاموس وشرحه: وحالت تحال، وهذه لغة
تميم كما قاله الليث).
حولاً، وغيرهم يقول: حَوِلَت عَيْنُه تَحْوَل حَوَلاً. واحْوَلَّت
أَيضاً، بتشديد اللام، وأَحْوَلْتُها أَنا؛ عن الكسائي. وجَمْع الأَحول
حُولان. ويقال: ما أَقْبَحَ حَوْلَتَه، وقد حَوِلَ حَوَلاً قبيحاً، مصدر
الأَحْوَلِ. ورجل أَحْوَل بَيِّن الحَوَل وحَوِلٌ: جاء على الأَصل لسلامة فعله،
ولأَنهم شبَّهوا حَرَكة العين التابعة لها بحرف اللين التابع لها، فكأَن
فَعِلاَ فَعِيل، فكما يصح نَحْوُ طَوِيل كذلك يصح حَوِلٌ من حيث شبهت
فتحة العين بالأَلف من بعدها. وأَحالَ عينَه وأَحْوَلَها: صَيَّرها
حَوْلاء، وإِذا كان الحَوَل يَحْدُث ويذهب قيل: احْوَلَّت عينُه احْوِلالاً
واحْوالَّت احْوِيلالاً. والحُولة: العَجَب؛ قال:
ومن حُولِة الأَيَّام والدهر أَنَّنا
لنا غَنَمٌ مقصورةٌ، ولنا بَقَر
ويوصف به فيقال: جاء بأَمرٍ حُولة.
والحِوَلاءُ والحُوَلاءُ من الناقة: كالمَشِيمة للمرأَة، وهي جِلْدةٌ
ماؤها أَخضر تَخْرج مع الولد وفيها أَغراس وعروق وخطوط خُضْر وحُمْر، وقيل:
تأْتي بعد الولد في السَّلى الأَول، وذلك أَول شيء يخرج منه، وقد تستعمل
للمرأَة، وقيل: الحِوَلاء الماء الذي يخرج على رأْس الولد إِذا وُلِد،
وقال الخليل: ليس في الكلام فِعَلاء بالكسر ممدوداً إِلا حِوَلاء وعِنَباء
وسِيَراء، وحكى ابن القُوطِيَّة خِيَلاء، لغة في خُيَلاء؛ حكاه ابن بري؛
وقيل: الحُوَلاء والحِوَلاء غِلاف أَخضر كأَنه دلو عظيمة مملوءة ماء
وتَتَفَقَّأُ حين تقع إِلى الأَرض، ثم يخْرُج السَّلى فيه القُرْنتان، ثم
يخرج بعد ذلك بيوم أَو يومين الصَّآة، ولا تَحْمِل حاملةٌ أَبداً ما كان في
الرحم شيء من الصَّآة والقَذَر أَو تَخْلُصَ وتُنَقَّى. والحُوَلاء:
الماء الذي في السَّلى. وقال ابن السكيت في الحُولاء: الجلدة التي تخرج على
رأْس الولد، قال: سميت حُوَلاءَ لأَنها مشتملة على الولد؛ قال الشاعر:
على حُوَلاءَ يَطْفُو السُّخْدُ فيها،
فَراها الشَّيْذُمانُ عن الجَنِين
ابن شميل: الحُوَلاء مُضَمَّنَة لما يخرج من جَوْف الولد وهو فيها، وهي
أَعْقاؤه، الواحد عِقْيٌ، وهو شيء يخرج من دُبُره وهو في بطن أُمه بعضه
أَسود وبعضه أَصفر وبعضه أَخضر. وقد عَقى الحُوارُ يَعْقي إِذا نَتَجَتْه
أُمُّه فما خَرَج من دُبُره عِقْيٌ حتى يأْكل الشجر. ونَزَلُوا في مثل
حُوَلاء الناقة وفي مثل حُوَلاء السَّلى: يريدون بذلك الخِصْب والماء لأَن
الحُوَلاء مَلأَى ماءً رِيّاً. ورأَيت أَرضاً مثل الحُوَلاء إِذا اخضرَّت
وأَظلمت خُضْرةً، وذلك حين يَتَفَقَّأُ بعضها وبعض لم يتفقأُ؛ قال:
بأَغَنَّ كالحُوَلاءِ زان جَنابَه
نَوْرُ الدَّكادِك، سُوقُه تَتَخَضَّد
واحْوالَّت الأَرضُ إِذا اخضرَّت واستوى نباتها. وفي حديث الأَحنف: إِن
إِخواننا من أَهل الكوفة نزلوا في مثل حُوَلاء الناقة من ثِمارٍ
مُتَهَدِّلة وأَنهار مُتَفَجِّرة أَي نزلوا في الخِصْب، تقول العرب: تركت أَرض
بني فلان كحُوَلاء الناقة إِذا بالغت في وصفها أَنها مُخْصِبة، وهي من
الجُلَيْدة الرقيقة التي تخرج مع الولد كما تقدم.
والحِوَل: الأُخدود الذي تُغْرَس فيه النخل على صَفٍّ.
وأَحال عليه: اسْتَضْعَفه. وأَحال عليه بالسوط يضربه أَي أَقبل.
وأَحَلْتُ عليه بالكلام: أَقبلت عليه. وأَحال الذِّئبُ على الدم: أَقبل عليه؛
قال الفرزدق:
فكان كذِئْب السُّوءِ، لما رأَى دماً
بصاحبه يوماً، أَحالَ على الدم
أَي أَقبل عليه؛ وقال أَيضاً:
فَتًى ليس لابن العَمِّ كالذِّئبِ، إِن رأَى
بصاحبه، يَوْماً، دَماً فهو آكلُه
وفي حديث الحجاج: مما أَحال على الوادي أَي ما أَقبل عليه، وفي حديث
آخر: فجعلوا يضحكون ويُحِيل بعضهُم على بعض أَي يُقْبل عليه ويَمِيل إِليه.
وأَحَلْت الماء في الجَدْوَل: صَبَبْته؛ قال لبيد:
كأَنَّ دُموعَه غَرْبا سُناةٍ،
يُحِيلون السِّجال على السِّجال
وأَحالَ عليه الماء: أُفْرَغَه؛ قال:
يُحِيل في جَدْوَلٍ تَحْبُو ضَفادِعُه،
حَبْوَ الجَواري، تَرى في مائه نُطُقا
أَبو الهيثم فيما أَكْتَبَ ابْنَه: يقال للقوم إِذا أَمْحَلوا فَقَلَّ
لبنُهم: حالَ صَبُوحهُم على غَبُوقِهم أَي صار صَبُوحهم وغَبُوقُهم
واحداً. وحال: بمعنى انْصَبَّ. وحال الماءُ على الأَرض يَحُول عليها حوْلاً
وأَحَلْتُه أَنا عليها أُحِيله إِحالة أَي صَبَبْتُه. وأَحال الماءَ من
الدلو أَي صَبَّه وقَلَبها؛ وأَنشد ابن بري لزهير:
يُحِيل في جَدْوَلٍ تَحْبُو ضَفادِعُه
وأَحال الليلُ: انْصَبَّ على الأَرض وأَقبل؛ أَنشد ابن الأَعرابي في صفة
نخل:
لا تَرْهَبُ الذِّئبَ على أَطْلائها،
وإِن أَحالَ الليلُ مِنْ وَرائها
يعني أَن النَّخل إِنما أَولادها الفُسْلان، والذئاب لا تأْكل الفَسِيل
فهي لا تَرْهَبها عليها، وإِن انْصَبَّ الليل من ورائها وأَقبل. والحالُ:
موضع اللِّبْد من ظَهْر الفرس، وقيل: هي طَرِيقة المَتْن؛ قال:
كأَنَّ غلامي، إِذ عَلا حالَ مَتْنِه
على ظَهْرِ بازٍ في السماء، مُحَلِّق
وقال امرؤ القيس:
كُمَيْت يَزِلُّ اللِّبْدُ عن حالِ مَتْنِه
ابن الأَعرابي: الحالُ لَحْمُ المَتْنَيْن، والحَمْأَةُ والكارَةُ التي
يَحْمِلها الحَمَّال، واللِّواء الذي يُعْقَد للأُمراء، وفيه ثلاث لغات:
الخال، بالخاء المعجمة، وهو أَعْرَقُها، والحال والجَالُ. والحَالُ: لحم
باطن فخذ حمار الوحش. والحال: حال الإِنسان. والحال: الثقل. والحال:
مَرْأَة الرَّجُل. والحال: العَجَلة التي يُعَلَّم عليها الصبي المشي؛ قال
ابن بري: وهذه أَبيات تجمع معاني الحال:
يا لَيْتَ شِعْرِيَ هل أُكْسَى شِعارَ تُقًى،
والشَّعْرُ يَبْيَضُّ حالاً بَعْدَما حال
أَي شيئاً بعد شيء.
فكلما ابْيَضَّ شَعْرِي، فالسَّوادُ إِلى
نفسي تميل، فَنَفْسِي بالهوى حالي
حالٍ: من الحَلْيِ، حَلِيتُ فأَنا حالٍ.
ليست تَسُودُ غَداً سُودُ النفوس، فكَمْ
أَغْدُو مُضَيّع نورٍ عامِرَ الحال
الحال هنا: التراب.
تَدُورُ دارُ الدُّنى بالنفس تَنْقُلُها
عن حالها، كصَبيٍّ راكبِ الحال
الحالُ هنا: العَجَلة.
فالمرءُ يُبْعَث يوم الحَشْرِ من جَدَثٍ
بما جَنى، وعلى ما فات من حال
الحال هنا: مَذْهَب خير أَو شر.
لو كنتُ أَعْقِلُ حالي عَقْلَ ذي نَظَر،
لكنت مشتغلاً بالوقت والحال
الحال هنا: الساعة التي أَنت فيها.
لكِنَّني بلذيذ العيش مُغْتَبِطٌ،
كأَنما هو شَهْدٌ شِيب بالحال
الحال هنا: اللَّبَن؛ حكاه كراع فيما حكاه ابن سيده
ماذا المُحالُ الذي ما زِلْتُ أَعْشَقُه،
ضَيَّعْت عَقْلي فلم أُصْلِح به حالي
حال الرجل: امرأَته وهي عبارة عن النفس هنا.
رَكِبْت للذَّنْب طِرْفاً ما له طَرَفٌ،
فيا لِراكبِ طِرْفٍ سَيِّء الحال
حالُ الفَرَس: طرائق ظَهْره، وقيل مَتْنُه.
يا رَبِّ غَفْراً يَهُدُّ الذنب أَجْمَعَه،
حَتَّى يَجِزَّ من الآراب كالحال
الحال هنا: وَرَق الشجر يَسْقُط. الأَصمعي: يقال ما أَحْسَنَ حالَ
مَتْنِ الفَرَس وهو موضع اللِّبْد، والحال: لَحْمة المَتْن.
الأَصمعي: حُلْت في مَتْن الفرس أَحُول حُؤُولاً إِذا رَكِبْتَه، وفي
الصحاح: حال في مَتْنِ فرسه حُؤولاً إِذا وَثَبَ ورَكِب. وحال عن ظَهْر
دابته يَحُول حَوْلاً وحُؤولاً أَي زال ومال. ابن سيده وغيره: حال في ظهر
دابته حَوْلاً وأَحالَ وَثَب واستوى على ظَهْرها، وكلام العرب حالَ على
ظهره وأَحال في ظهره. ويقال: حالُ مَتْنِه وحاذُ مَتْنِه وهو الظَّهْر
بعينه. الجوهري: أَحال في مَتْن فرسه مثل حال أَي وَثَب؛ وفي المثل:
تَجَنَّب رَوْضَةً وأَحال يَعْدُو
أَي تَرَكَ الخِصْبَ واختار عليه الشَّقاء. ويقال: إِنه لَيَحُول أَي
يجيء ويذهب وهو الجَوَلان. وحَوَّلَتِ المَجَرَّةُ: صارت شدّة الحَرّ في
وسط السماء؛ قال ذو الرمة:
وشُعْثٍ يَشُجُّون الفلا في رؤوسه،
إِذا حَوَّلَتْ أُمُّ النجوم الشَّوابك
قال أَبو منصور: وحَوَّلت بمعنى تَحَوَّلت، ومثله وَلَّى بمعنى تَولَّى.
وأَرض مُحْتالة إِذا لم يصبها المطر.
وما أَحْسَن حَوِيلَه، قال الأَصمعي: أَي ما أَحسن مذهبه الذي يريد.
ويقال: ما أَضعف حَوْلَه وحَوِيلَه وحِيلته
والحِيال: خيط يُشدُّ من بِطان البعير إِلى حَقَبه لئلا يقع الحَقَب على
ثِيلِه. وهذا حِيالَ كلمتك أَي مقابلَةَ كلمتك؛ عن ابن الأَعرابي ينصبه
على الظرف، ولو رفعه على المبتدإِ والخبر لجاز، ولكن كذا رواه عن العرب؛
حكاه ابن سيده. وقعد حِيالَه وبحِياله أَي بإِزائه، وأَصله الواو.
والحَوِيل: الشاهد. والحَوِيل: الكفِيل، والاسم الحَوَالة. واحْتال عليه
بالدَّين: من الحَوَالة. وحَاوَلْت الشيء أَي أَردته، والاسم الحَوِيل؛
قال الكميت:
وذاتِ اسْمَيْن والأَلوانُ شَتَّى
تُحَمَّق، وهي كَيِّسة الحَوِيل
قال: يعني الرَّخَمَة. وحَوَّله فَتَحَوَّل وحَوَّل أَيضاً بنفسه،
يتعدّى ولا يتعدّى؛ قال ذو الرمة يصف الحرباء:
يَظَلُّ بها الحِرْباء للشمس مائلاً
على الجِذْل، إِلا أَنه لا يُكَبِّر
إِذا حَوَّل الظِّلُّ، العَشِيَّ، رأَيته
حَنِيفاً، وفي قَرْن الضُّحى يَتَنَصَّر
يعني تَحَوَّل، هذا إِذا رفعت الظل على أَنه الفاعل، وفتحت العشي على
الظرف، ويروى: الظِّلَّ العَشِيُّ على أَن يكون العَشِيّ هو الفاعل والظل
مفعول به؛ قال ابن بري: يقول إِذا حَوَّل الظل العشيّ وذلك عند ميل الشمس
إِلى جهة المغرب صار الحرباء متوجهاً للقبلة، فهو حَنِيف، فإِذا كان في
أَوَّل النهار فهو متوجه للشرق لأَن الشمس تكون في جهة المشرق فيصير
مُتَنَصِّراً، لأَن النصارى تتوجه في صلاتها جهة المشرق. واحْتال المنزلُ:
مَرَّت عليه أَحوال؛ قال ذو الرمة:
فَيَا لَكِ من دار تَحَمَّل أَهلُها
أَيادي سَبَا، بَعْدِي، وطال احْتِيالُها
واحتال أَيضاً: تغير؛ قال النمر:
مَيْثاء جاد عليها وابلٌ هَطِلٌ،
فأَمْرَعَتْ لاحتيالٍ فَرْطَ أَعوام
وحاوَلْت له بصري إِذا حَدَّدته نحوه ورميته به؛ عن اللحياني. وحالَ
لونُه أَي تغير واسْوَدَّ. وأَحالت الدارُ وأَحْوَلت: أَتى عليها حَوْلٌ،
وكذلك الطعام وغيره، فهو مُحِيل؛ قال الكميت:
أَلَم تُلْمِم على الطَّلَل المُحِيل
بفَيْدَ، وما بُكاؤك بالطُّلول؟
والمُحِيل: الذي أَتت عليه أَحوال وغَيَّرته، وَبَّخَ نفسه على الوقوف
والبكاء في دار قد ارتحل عنها أَهلها متذكراً أَيَّامهم مع كونه أَشْيَبَ
غير شابٍّ ؛ وذلك في البيت بعده وهو:
أَأَشْيَبُ كالوُلَيِّد، رَسْمَ دار
تُسائل ما أَصَمَّ عن السَّؤُول؟
أَي أَتسأَل أَشْيَبُ أَي وأَنت أَشيب وتُسائل ما أَصَمَّ أَي تُسائل ما
لا يجيب فكأَنه أَصَمّ؛ وأَنشد أَبو زيد لأَبي النجم:
يا صاحِبَيَّ عَرِّجا قليلا،
حتى نُحَيِّي الطَّلَل المُحِيلا
وأَنشد ابن بري لعمر بن لَجَإٍ:
أَلم تُلْمِمْ على الطَّلَل المُحِيل،
بغَرْبِيِّ الأَبارق من حَقِيل؟
قال ابن بري: وشاهد المُحْوِل قول عمر بن أَبي ربيعة:
قِفا نُحَيِّي الطَّلَل المُحْوِلا،
والرَّسْمَ من أَسماءَ والمَنْزِلا،
بجانب البَوْباةِ لم يَعْفُه
تَقادُمُ العَهْدِ، بأَن يُؤْهَلا
قال: تقديره قِفا نُحَيِّي الطَّلَل المُحْوِل بأَن يُؤْهَل، من أَهَله
الله؛ وقال الأَخوص:
أَلْمِمْ على طَلَلٍ تَقادَمَ مُحْوِلِ
وقال امرؤ القيس:
من القاصرات الطَّرْف لو دَبَّ مُحْوِلٌ،
من الذَّرِّ فوق الإِتْبِ منها، لأَثّرا
أَبو زيد: فلان على حَوْل فلان إِذا كان مثله في السِّن أَو وُلِد على
أَثره. وحالت القوسُ واستحالت، بمعنى، أَي انقلبت عن حالها التي غُمِزَت
عليها وحَصَل في قابِها اعوجاج.
وحَوَال: اسم موضع؛ قال خِراش بن زهير:
فإِني دليل، غير مُعْط إِتاوَةً
على نَعَمٍ تَرْعى حَوالاً وأَجْرَبا
الأَزهري في الخماسي: الحَوَلْولة الكَيِّسة، وهو ثلاثي الأَصل أُلحق
بالخماسي لتكرير بعض حروفها. وبنو حَوالة: بطن. وبنو مُحَوَّلة: هم بنو
عبدالله بن غَطَفان وكان اسمه عبد العُزَّى فسماه سيدنا رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، عبدالله فسُمُّوا بني مُحَوَّلة لذلك. وحَوِيل: اسم موضع؛
قال النابغة الجعدي:
تَحُلُّ بأَطراف الوِحاف ودُونها
حَوِيل، فريطات، فرَعْم، فأَخْرَب
فرش: فَرَشَ الشيء يفْرِشُه ويَفْرُشُه فَرْشاً وفَرَشَه فانْفَرَش
وافْتَرَشَه: بسَطَه. الليث: الفَرْشُ مصدر فَرَشَ يَفْرِش ويفْرُش وهو بسط
الفراش، وافْتَرشَ فلان تُراباً أَو ثوباً تحته. وأَفْرَشَت الفرس إِذا
اسْتَأْتَتْ أَي طلبت أَن تُؤْتى. وافْتَرشَ فلان لسانَه: تكلم كيف شاء أَي
بسطه. وافْتَرشَ الأَسدُ والذئب ذراعيه: رَبَضَ عليهما ومدّهما؛ قال:
تَرى السِّرْحانَ مُفْتَرِشاً يَدَيه،
كأَنَّ بَياضَ لَبَّتِه الصَّدِيعُ
وافتَرَشَ ذراعيه: بسطهما على الأَرض. وروي عن النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم، أَنه نهى في الصلاة عن افتراش السبع، وهو أَن يَبْسُط ذراعيه في
السجود ولا يُقِلَّهما ويرْفَعَهما عن الأَرض إِذا سَجَد كما يَفْتَرشُ
الذئبُ والكلب ذراعيه ويبسطهما. والافْتِراشُ، افْتِعالٌ: من الفَرْش
والفِراش. وافْتَرَشَه أَي وطِئَه.
والفِراشُ: ما افْتُرِش، والجمع أَفْرِشةٌ وفُرُشٌ؛ سيبويه؛ وإِن شئت
خفَّفْت في لغة بني تميم. وقد يكنى بالفَرْش عن المرأَة.
والمِفْرَشةُ: الوِطاءُ الذي يُجْعل فوق الصُّفَّة. والفَرْشُ:
المَفْروشُ من متاع البيت. وقوله تعالى: الذي جعل لكم الأَرض فِراشاً؛ أَي وِطاءً
لم يَجْعلها حَزْنةً غَليظة لا يمكن الاستقرار عليها. ويقال: لَقِيَ
فلان فلاناً فافْتَرَشَه إِذا صرَعَه. والأَرض فِراشُ الأَنام، والفَرْشُ
الفضاءُ الواسع من الأَرض، وقيل: هي أَرض تَسْتوي وتَلِين وتَنْفَسِح عنها
الجبال.
الليث: يقال فَرَّش فلان داره إِذا بلّطَها، قال أَبو منصور: وكذلك إِذا
بَسَطَ فيها الآجُرَّ والصَفِيحَ فقد فَرَّشَها. وتَفْرِيشُ الدار:
تَبْلِيطُها. وجمَلٌ مُفْتَرِشُ الأَرض: لا سَنام له، وأَكمةٌ مُفْتَرِشةُ
الأَرض كذلك، وكلُّه من الفَرْشِ.
والفَرِيشُ: الثَوْرُ العربي الذي لا سنام له؛ قال طريح:
غُبْس خَنابِس كلّهنّ مُصَدّرٌ،
نَهْدُ الزُّبُّنّة كالفَرِيشِ شَتِيمُ
وفَرَشَه فِراشاً وأَفْرَشَه: فَرَشَه له. ابن الأَعرابي: فَرَشْتُ
زيداً بِساطاً وأَفْرَشْته وفَرَّشْته إِذا بَسَطت له بِساطاً في ضيافتِه،
وأَفْرَشْته إِذا أَعْطَبته فَرْشاً من الإِبل. الليث: فَرَشْت فلاناً أَي
فَرَشْت له، ويقال: فَرَشْتُه أَمْري أَي بسطته كلَّهُ، وفَرَشْت الشيء
أَفْرِشُه وأَفْرُشُه: بسطته. ويقال: فَرَشَه أَمْرَهي إِذا أَوسَعه إِياه
وبسَطه له.
والمِفْرَشُ: شيء كالشاذَكُونَة
(* الشاذكونة: ثياب مُضرَّبَة تعمل
باليمن «القاموس».). والمِفْرَشةُ: شيء يكون على الرحْل يَقعد عليها الرجل،
وهي أَصغرُ من المِفْرَش، والمِفْرَش أَكبرُ منه.
والفُرُشُ والمَفارِشُ: النِّساءُ لأَنهن يُفتَرَشْن؛ قال أَبو كبير:
مِنْهُمْ ولا هُلْك المَفارِش عُزَّل
أَي النساء، وافْتَرَشَ الرجل المرأَة للّذَّة. والفَريشُ: الجاريةُ
يَفْتَرِشُها الرجلُ. الليث: جارية فَرِشٌ قد افْتَرَشَها الرجل، فَعِيلٌ
جاء من افْتَعَل، قال أَبو منصور: ولم أَسمع جارية فَرِيش لغيره.
أَبو عمرو: الفِراش الزوج والفِراش المرأَة والفِراشُ ما يَنامان عليه
والفِراش البيت والفِراشُ عُشُّ الطائرِ؛ قال أَبو كبير الهذلي:
حتى انْتَهَيْتُ إِلى فِراش عَزِيزَةٍ
والفَراشُ: مَوْقِع اللسان في قعر الفمِ. وقوله تعالى: وفُرُشٍ
مَرْفُوعةٍ؛ قالوا: أَراد بالفُرُشِ نساءَ أَهل الجنة ذواتِ الفُرُشِ. يقال
لامرأَة الرجل: هي فِراشُه وإِزارُه ولِحافُه، وقوله مرفوعة رُفِعْن بالجَمال
عن نساء أَهلِ الدنيا، وكلُّ فاضلٍ رَفِيعٌ. وقوله، صلى اللَّه عليه
وسلم: الولدُ للفِراشِ ولِلْعاهِر الحجَرُ؛ معناه أَنه لمالك الفِراشِ وهو
الزوج والمَوْلى لأَنه يَفْتَرِشُها، هذا من مختصر الكلام كقوله عز وجل:
واسأَل القريةَ، يريد أَهلَ القريةِ. والمرأَة تسمى فِراشاً لأَن الرجل
يَفْتَرِشُها. ويقال: افْتَرَشَ القومُ الطريقَ إِذا سلكوه. وافْتَرشَ فلانٌ
كريمةَ فلانٍ فلم يُحْسنْ صحبتها إِذا تزوّجها. ويقال: فلانٌ كريمٌ
مُتَفَرِّشٌ لأَصحابه إِذا كان يَفْرُشُ نفسَه لهم. وفلان كريمُ المَفارِشِ
إِذا تزوّج كرائمَ النِّساء. والفَرِيشُ من الحافر: التي أَتى عليها من
نِتاجها سبعةُ أَيام واستحقت أَن تُضرَبَ، أَتاناً كانت أَو فَرَساً، وهو
على التشبيه بالفَرِيشِ من النساء، والجمع فَرائشُ؛ قال الشماخ:
راحَتْ يُقَحِّمُها ذو ازْملٍ وسَقَتْ
له الفَرائِشُ والسُّلْبُ القَيادِيدُ
الأَصمعي: فرسٌ فَرِيشٌ إِذا حُمِلَ عليها بعد النِّتاج بسبع.
والفَرِيشُ من ذوات الحافر: بمنزلة النُّفَساء من النساء إِذا طهُرت وبمنزلة
العُوذِ من النوق.
والفَرْشُ: الموضع الذي يكثر فيه النبات. والفَرْشُ: الزرع إِذا
فَرَّشَ. وفَرَشَ النباتُ فَرْشاً: انبسط على وجه الأَرض. والمُفَرِّشُ: الزرع
إِذا انبسط، وقد فَرَّشَ تَفْريشاً.
وفَراشُ اللسان: اللحمة التي تحته، وقيل: هي الجلدة الخَشْناء التي تلي
أُصولَ الأَسْنان العُلْيا، وقيل: الفَراشُ مَوْقع اللسان من أَسفل
الحَنَك، وقيل: الفَراشَتانِ بالهاء غُرْضُوفانِ عند اللَّهاة. وفَراشُ
الرأْس: عِظامٌ رِقاق تلي القِحْف. النضر: الفَراشانِ عِرْقان أَخْضران تحت
اللسان؛ وأَنشد يصف فرساً:
خَفِيف النَّعامةٍ ذُو مَيْعةٍ،
كَثِيف الفَراشةِ ناتي الصُّرَد
ابن شميل: فَراشا اللجامِ الحَديدتانِ اللتان يُرْبط بهما العذاران،
والعذَارانِ السَّيْرانِ اللذان يُجْمعان عند القَفا. ابن الأَعرابي:
الفَرْشُ الْكذِبُ، يقال: كَمْ تَفْرُش كَمْ
وفَراشُ الرأْس: طرائقُ دِقاق من القِحْف، وقيل: هو ما رَقَّ من عظْم
الهامة، وقيل: كلُّ رقيقٍ من عظمٍ فَراشَةٌ، وقيل: كل عظم ضُرب فطارت منه
عظامٌ رِقاقٌ فهي الفَراش، وقيل: كل قُشور تكون على العظْم دون اللحم،
وقيل: هي العِظامُ التي تخرج من رأْس الإِنسان إِذا شُجّ وكُسِر، وقيل: لا
تُسمى عِظامُ الرأْس فَراشاً حتى تتبيّن، الواحدة من كل ذلك فَراشةٌ.
والمُفَرِّشةُ والمُفْتَرِشةُ من الشِّجاجِ: التي تبلغ الفَراش. وفي حديث
مالك: في المُنَقِّلَةِ التي يَطيرُ فَراشُها خمسةَ عشرَ؛ المُنَقَّلَةُ من
الشِّجاج التي تُنَقِّلُ العظام. الأَصمعي: المُنَقِّلة من الشجاج هي
التي يخرج منها فَراشُ العظام وهي قشرة تكون على العظم دون اللحم؛ ومنه قول
النابغة:
ويَتْبَعُها منهمْ فَراشُ الحَواجِب
والفَراش: عظم الحاجب. ويقال: ضرَبه فأَطارَ فَراشَ رأْسه، وذلك إِذا
طارت العظام رِقاقاً من رأْسه. وكل رقيق من عظم أَو حديدٍ، فهو فَراشةٌ؛
وبه سميت فَراشةُ القُفل لرِقَّتِها. وفي حديث علي، كرم اللَّه وجهه:
ضَرْبٌ يَطِير منه فَراشُ الهامِ؛ الفَراشُ: عظام رقاق تلي قِحْف الرأْس.
الجوهري: المُفَرِّشةُ الشَّجّةُ التي تَصْدَع العظم ولا تَهْشِم،
والفَراشةُ: ما شخَص من فروع الكتفين فيما بين أَصْل العنق ومستوى الظهر وهما
فَراشا الكتفين. والفَراشَتان: طرَفا الوركين في النُّفْرة. وفَراشُ الظَّهْر:
مَشكّ أَعالي الضُّلُوع فيه. وفَراشُ القُفْل: مَناشِبُه، واحدتُها
فَراشة؛ حكاها أَبو عبيد؛ قال ابن دريد: لا أَحْسبها عربيّة. وكلُّ حديدةٍ
رقيقة: فَراشةٌ. وفَراشةُ القُفْل: ما يَنْشَبُ فيه. يقال: أَقْفَلَ
فأَفْرَشَ. وفَراشُ التَّبِيذ: الحَبَبُ الذي عليه.
والفَرْشُ: الزَّرْع إِذا صارت له ثلاثُ ورَقاتٍ وأَرْبعٌ. وفَرْشُ
الإِبِلِ وغيرِها: صِغارُها، الواحدُ والجمع في ذلك سواءٌ. قال الفراء: لم
أَسمع له بجمع، قال: ويحتمل أَن يكون مصدراً سمي به من قولهم فَرَشَها
اللَّهُ فَرْشاً أَي بَثُّها بَثّاً. وفي التنزيل العزيز: ومن الأَنْعام
حَمُولةً وفَرْشاً؛ وفَرْشُها: كِبارُها؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
له إِبلٌ فَرْشٌ وذاتُ أَسِنَّة
صُهابيّة، حانَتْ عليه حُقُوقُها
وقيل: الفَرْشُ من النَّعَم ما لا يَصْلح إِلا للذبح. وقال الفراء:
الحَمُولةُ ما أَطاقَ العملَ والحَمْلَ. والفَرْشُ: الصغارُ. وقال أَبو
إِسحق: أَجْمَع أهْلُ اللغة على أَن الفَرْشَ صِغارُ الإِبل. وقال بعض
المفسرين: الفَرْشُ صغارُ الإِبل، وإِن البقر والغنم من الفَرْش. قال: والذي جاء
في التفسير يدلّ عليه قولُه عز وجل: ثمانية أَزواجٍ من الضأْن اثنين ومن
المَعزِ اثنين، فلما جاء هذا بدلاً من قوله حَمُولة وفرْشاً جعله للبقر
والغنم مع الإِبل؛ قال أَبو منصور: وأَنشدني غيرهُ ما يُحَقّق قول أَهل
التفسير:
ولنا الحامِلُ الحَمُولةُ، والفَرْ
شُ من الضَّأْن، والحُصُونُ السيُوفُ
وفي حديث أُذَينةَ: في الظُّفْرِ فَرْشٌ من الإِبل؛ هو صغارُ الإِبل،
وقيل: هو من الإِبل والبقر والغنم ما لا يصلح إِلا للذبح. وأَفْرَشْتُه:
أَعْطَيته فَرْشاً من الإِبل، صغاراً أَو كباراً. وفي حديث خزيمة يذكر
السَّنَة: وتركَتِ الفَرِيش مُسْحَنْكِكاً أَي شديدَ السواد من الاحتراق.
قيل: الفَراش الصغارُ من الإِبل؛ قال أَبو بكر: هذا غيرُ صحيح عندي لأَن
الصِّغارَ من الإِبل لا يقال لها إِلا الفَرْش. وفي حديث آخر: لكم العارض
والفَريشُ؛ قال القتيبي: هي التي وَضَعَت حديثاً كالنُّفَساء من النساء.
والفَرْشُ: منابت العُرْفُط؛ قال الشاعر:
وأَشْعَث أَعْلى ماله كِففٌ له
بفَْرشِ فلاةٍ، بينَهنَّ قَصِيمُ
ابن الأَعرابي: فَرْشٌ من عُرْفُط وقَصِيمَةٌ من غَضاً وأَيكةٌ من
أَثْلٍ وغالٌّ من سَلَم وسَليلٌ من سَمُر. وفَرْشُ الحطب والشجر: دِقُّه
وصِغارُه. ويقال: ما بها إِلا فَرْشٌ من الشجر. وفَرْشُ العِضاهِ: جماعتُها.
والفَرْشُ: الدارةُ من الطَّلْح، وقيل: الفَرْشُ الغَمْضُ من الأَرض فيه
العُرْفُطُ والسَّلَم والعَرْفَجُ والطَّلْح والقَتاد والسَّمُر
والعَوْسجُ، وهو ينبت في الأَرض مستوية ميلاً وفرسخاً؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:وقد أَراها وشَواها الجُبْشا
ومِشْفَراً، إِن نطَقَتْ، أَرَشَّا
كمِشْفَرِ النابِ تَلُوكُ الفَرْشا
ثم فسره فقال: إِن الإِبل إِذا أَكلت العرفط والسلم استَرْخت أَفواهُها.
والفَرْشُ في رِجْل البعير: اتساعٌ قليل وهو محمود، وإِذا كثُر وأَفرط
الرَّوَحُ حتى اصطَكَّ العُرْقوبان فهو العَقَل، وهو مذموم. وناقة
مَفْرُوشةُ الرِّجْل إِذا كان فيها اسْطار
(* قوله: اسْطار؛ هكذا في الأَصل.)
وانحناء؛ وأَنشد الجعدي:
مَطْويَّةُ الزَّوْرِ طيَّ البئْرِ دَوْسَرة،
مَفْروشة الرِّجْل فَرْشاً لم يكن عَقَلا
ويقال: الفَرْشُ في الرِّجُل هو أَن لا يكون فيها أَن لا يكون فيها
انْتِصابٌ ولا إِقْعاد. وافْتَرَشَ الشيءَ أَي انبسط. ويقال: أَكَمَةٌ
مُفْتَرِشةُ الظَّهْر إِذا كانت دكَّاءَ. وفي حديث طَهْفة: لكم العارِض
والفَريشُ؛ الفَريشُ من النبات: ما انْبَسط على وجه الأَرض ولم يَقُم على ساق.
وقال ابن الأَعرابي: الفَرْشُ مَدْح والعَقَل ذمٌّ، والفَرْشُ اتساع في
رِجْل البعير، فإن كثُر فهو عَقَل.
وقال أَبو حنيفة: الفَرْشةُ الطريقةُ المطمئنة من الأَرض شيئاً يقودُ
اليومَ والليلة ونحو ذلك، قال. ولا يكون إِلا فيما اتسع من الأَرض واستوى
وأَصْحَرَ، والجمع فُرُوش.
والفَراشة: حجارة عظام أَمثال الأَرْجاء توضع أَوّلاً ثم يُبْنى عليها
الركِيبُ وهو حائط النخل. والفَراشةُ: البقيّة تبقى في الحوض من الماء
القليل الذي ترى أَرض الحوض من ورائه من صَفائه. والفَراشةُ: مَنْقَع الماء
في الصفاةِ، وجمعُها فَراشٌ. وفَراشُ القاعِ والطين: ما يَبِشَ بعد
نُضُوب الماء من الطين على وجه الأَرض، والفَراشُ: أَقلُّ من الضَّحْضاح؛ قال
ذو الرمة يصف الحُمُر:
وأَبْصَرْنَ أَنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطافُه
فَراشاً، وأَنَّ البَقْلَ ذَاوٍ ويابِسُ
والفَراشُ: حَبَبُ الماءِ من العَرَقِ، وقيل: هو القليل من العرق: عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَراش المَسِيح فَوْقَه يَتَصَبَّبُ
قال ابن سيده: ولا أَعرف هذا البيت إِنما المعروف بيت لبيد:
عَلا المسْك والدِّيباج فوقَ نُحورِهم
فَراش المسيحِ، كالجُمَان المُثَقَّب
قال: وأَرى ابن الأَعرابي إِنما أَراد هذا البيت فأَحالَ الروايةَ إِلا
أَن يكون لَبِيدٌ قد أَقْوى فقال:
فراش المسيح فوقه يتصبب
قال: وإِنما قلت إِنه أَقْوى لأَنّ رَوِيَّ هذه القصيدةِ مجرورٌ،
وأَوّلُها:
أَرى النفسَ لَجّتْ في رَجاءِ مُكَذَّبِ،
وقد جَرّبَتْ لو تَقْتَدِي بالمُجَرَّبِ
وروى البيت: كالجمان المُحَبَّبِ؛ قال الجوهري: مَنْ رفعَ الفَراشَ
ونَصَبَ المِسْكَ في البيت رفَعَ الدِّيباجَ على أَن الواو للحال، ومَنْ نصب
الفَراشَ رفعَهما.
والفَرَاشُ: دوابُّ مثل البعوض تَطير، واحدتُها فَراشةٌ. والفرَاشةُ:
التي تَطير وتَهافَتُ في السِّراج، والجمع فَراشٌ. وقال الزجاج في قوله عز
وجل: يومَ يكونُ الناسُ كالفَراشِ المَبثُوثِ، قال: الفَراش ما تَراه
كصِغارِ البَقِّ يَتَهافَتُ في النار، شَبَّهَ اللَّهُ عزّ وجل الناسَ يومَ
البَعْث بالجراد المُنْتَشر وبالفَراش المبثوث لأَنهم إِذا بُعِثُوا
يمُوج بعضُهم في بعض كالجراد الذي يَمُوج بعضُه في بعض، وقال الفرّاء: يريد
كالغَوْغاءِ من الجراد يَرْكَبُ بعضه بعضاً كذلك الناس يَجُول يومئذ
بعضُهم في بعض، وقال الليث: الفَراشُ الذي يَطِير؛ وأَنشد:
أَوْدى بِحِلْمِهمُ الفِياشُ، فِحلْمُهم
حِلْمُ الفَراشِ ، غَشِينَ نارَ المُصْطَلي
(* هذا البيت لجرير وهو في ديوانه على هذه الصورة):
أَزرَى بحِلمُِكُمُ الفِياشُ، فأنتمُ
مثلُ الفَراش غَشِين نار المصطلي
وفي المثل: أَطْيَشُ من فَراشةٍ. وفي الحديث: فتَتَقادَعُ بهم جَنْبةُ
السِّراطِ تَقادُعَ الفَراشِ؛ هو بالفتح الطير الذي يُلْقي نفسَه في ضوء
السِّراج؛ ومنه الحديث: جَعَلَ الفَراشُ وهذه الدوابُّ تقع فيها.
والفَراشُ: الخفيفُ الطَّيّاشَةُ من الرجال.
وتَفَرّش الطائرُ: رَفْرَفَ بجناحيه وبسَطَهما؛ قال أَبو دواد يصف
ربيئة:فَأَتانا يَسْعَى تَفَرُّشَ أُمّ الـ
بَيْض شَدّاً، وقد تَعالى النهارُ
ويقال: فَرَّشَ الطائرُ تَفْرِيشاً إِذا جعل يُرَفْرِف على الشيء، وهي
الشَّرْشَرةُ والرَفْرَفةُ. وفي الحديث: فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفَرّش؛
هو أَن تَقْرب من الأَرض وتَفْرُش جَناحيها وتُرَفْرِف. وضرَبَه فما
أَفْرَش عنه حتى قَتَلَه أَي ما أَقْلعَ عنه، وأَفْرَش عنهم الموتُ أَي
ارْتفع؛ عن ابن الأَعرابي. وقولهم: ما أَفْرَشَ عنه أَي ما أَقْلَع؛ قال يزيد
ابن عمرو بن الصَّعِق
(* قوله «قال يزيد إلخ» هكذا في الأصل، والذي في
ياقوت وأَمثال الميداني:
لم أَر يوماً مثل يوم جبله
لما أَتتنا أسد وحنظله
وغطفان والملوك أزفله
تعلوهم بقضب منتخله وزاد الميداني:
لم تعد أَن أَفرش عنها الصقله):
نحْنُ رُؤوسُ القومِ بَيْنَ جَبَلَهْ،
يومَ أَتَتْنا أَسَدٌ وحَنْظَلَهْ،
نَعْلُوهُمُ بِقُضُبٍ مُنْتَخَلَهْ،
لم تَعْدُ أَن أَفْرَشَ عنها الصَّقَلَهْ
أَي أَنها جُدُدٌ. ومعنى مُنْتَخَلة: مُتَخَيَّرة. يقال: تَنَخَّلْت
الشيءَ وانْتَخَلْته اخْتَرْته. والصَّقَلةُ: جمعُ صاقِل مثل كاتب وكَتَبة.
وقوله لم تَعْدُ أَن أَفْرَشَ أَي لم تُجاوِزْ أَن أَقْلَع عنها الصقلةُ
أَي أَنها جُدُدٌ قَرِيبةُ العهدِ بالصَّقْلِ. وفرش عنه: أَرادَه وتهيّأَ
له. وفي حديث ابن عبد العزيز: إِلا أَن يكون مالاً مُفْتَرَشاً أَي
مغصوباً قد انْبَسطت فيه الأَيْدي بغير حق، من قولهم: افْتَرَش عِرْضَ فلانٍ
إِذا اسْتباحَه بالوَقِيعة فيه، وحقيقتُه جَعَله لنفسه فِراشاً يطؤُه.
وفَرْش الجَبَا: موضع؛ قال كُثيّر عزة:
أَهاجَك بَرْقٌ آخِرَ الليلِ واصِبُ،
تضَمَّنَه فَرْشُ الجَبا فالمَسارِبُ؟
والفَرَاشةُ: أَرض؛ قال الأَخطل:
وأَقْفَرت الفَراشةُ والحُبَيّا،
وأَقْفَر، بَعْد فاطِمةَ، الشَّقِيرُ
(* قوله »الشقير» كذا بالأصل هنا
وفي مادة شقر بالقاف، وفي ياقوت: الشفير بالفاء.)
وفي الحديث ذكر فَرْش، بفتح الفاء وتسكين الراء، وادٍ سلَكه النبي، صلى
اللَّه عليه وسلم، حين سارَ إِلى بدر، واللَّه أَعلم.
بشر: البَشَرُ: الخَلْقُ يقع على الأُنثى والذكر والواحد والاثنين
والجمع لا يثنى ولا يجمع؛ يقال: هي بَشَرٌ وهو بَشَرٌ وهما بَشَرٌ وهم بَشَرٌ.
ابن سيده: البَشَرُ الإِنسان الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك
سواء، وقد يثنى. وفي التنزيل العزيز: أَنُؤُمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا؟
والجمع أَبشارٌ. والبَشضرَةُ: أَعلى جلدة الرأْس والوجه والجسد من الإِنسان،
وهي التي عليها الشعر، وقيل: هي التي تلي اللحم. وفي المثل: إِنما
يُعاتَبُ الأَديمُ ذو البَشَرَةِ؛ قال أَبو حنيفة: معناه أَن يُعادَ إِلى
الدِّباغ، يقول: إِنما يعاتَبُ مَن يُرْجَى ومَنْ له مُسْكَةُ عَقْلٍ، والجمع
بَشَرٌ. ابن بزرج: والبَشَرُ جمع بَشَرَةٍ وهو ظاهر الجلد. الليث:
البَشَرَةُ أَعلى جلدة الوجه والجسد من الإِنسان، ويُعْني به اللَّوْنُ
والرِّقَّةُ، ومنه اشتقت مُباشَرَةُ الرجل المرأَةَ لِتَضامِّ أَبْشارِهِما.
والبَشَرَةُ والبَشَرُ: ظاهر جلد الإِنسان؛ وفي الحديث: لَمْ أَبْعَثْ
عُمَّالي لِيَضْرِبُوا أَبْشاركم؛ وأَما قوله:
تُدَرِّي فَوْقَ مَتْنَيْها قُرُوناً
على بَشَرٍ، وآنَسَهُ لَبابُ
قال ابن سيده: قد يكون جمع بشرة كشجرة وشجر وثمرة وثمر، وقد يجوز أَن
يكون أَراد الهاء فحذفها كقول أَبي ذؤَيب:
أَلا لَيْتَ شِعْري، هَلْ تَنَظَّرَ خالِدٌ
عِنادي على الهِجْرانِ، أَم هُوَ يائِسُ؟
قال: وجمعه أَيضاً أَبْشارٌ، قال: وهو جمع الجمع. والبَشَرُ: بَشَرُ
الأَديمِ. وبَشَرَ الأَديمِ يَبْشُرُه بَشْراً وأَبْشَرَهُ: قَشَرَ
بَشَرَتَهُ التي ينبت عليها الشعر، وقيل: هو أَن يأْخذ باطنَه بِشَفْرَةٍ. ابن
بزرج: من العرب من يقول بَشَرْتُ الأَديم أَبْشِرهُ، بكسر الشين، إِذا
أَخذت بَشَرَتَهُ. والبُشارَةُ: ما بُشِرَ منه. وأَبْشَرَه؛ أَظهر
بَشَرَتَهُ. وأَبْشَرْتُ الأََديمَ، فهو مُبْشَرٌ إِذا ظهرتْ بَشَرَتُه التي تلي
اللحم، وآدَمْتُه إِذا أَظهرت أَدَمَتَهُ اليت ينبت عليها الشعر.
الللحياني: البُشارَةُ ما قَشَرْتَ من بطن الأَديم، والتِّحْلئُ ما قَشرْتَ عن
ظهره.
وفي حديث عبدالله: مَنْ أَحَبَّ القُرْآنَ فَليَبْشَرْ أَي فَلْيَفْرَحْ
ولَيُسَرَّ؛ أَراد أَن محبة القرآن دليل على محض الإِيمان من بَشِرَ
يَبْشَرُ، بالفتح، ومن رواه بالضم، فهو من بَشَرْتُ الأَديم أَبْشُرُه إِذا
أَخذت باطنه بالشَّفْرَةِ، فيكون معناه فَلْيُضَمِّرْ نفسه للقرآن فإِن
الاستكثار من الطعام ينسيه القرآن. وفي حديث عبدالله بن عمرو: أُمرنا أَن
نَبْشُرَ الشَّوارِبَ بَشْراً أَي نَحُفّها حتى تَبِينَ بَشَرَتُها، وهي
ظاهر الجلد، وتجمع على أَبْشارٍ. أَبو صفوان: يقال لظاهر جلدة الرأْس
الذي ينبت فيه الشعر البَشَرَةُ والأَدَمَةُ والشَّواةُ. الأَصمعي: رجل
مُؤُدَمٌ مُبْشَرٌ، وهو الذي قد جَمَعَ لِيناً وشِدَّةً مع المعرفة بالأُمور،
قال: وأَصله من أَدَمَةِ الجلد وبَشَرَتِهِ، فالبَشَرَةُ ظاهره، وهو
منبت الشعر، والأَدَمَةُ باطنه، وهو الذي يلي اللحم؛ قال والذي يراد منه
أَنه قد جَمع بَيْنَ لِينِ الأَدَمَةِ وخُشونة البَشَرَةِ وجرّب الأُمور.
وفي الصحاح: فلانٌ مُؤْدَمٌ مَبْشَرٌ إِذا كان كاملاً من الرجال، وامرأَة
مُؤْدَمَةٌ مُبْشَرَةٌ: تامَّةٌ في كُلّ وَجْهٍ. وفي حديث بحنة: ابنتك
المُؤْدَمَةُ المُبْشَرَة؛ يصف حسن بَشَرَتها وشِدَّتَها.
وبَشْرُ الجرادِ الأَرْضَ: أَكْلُه ما عليها. وبَشَرَ الجرادُ الأَرضَ
يَبْشُرُها بَشراً: قَشَرَها وأَكل ما عليها كأَن ظاهر الأَرض
بَشَرَتُها.وما أَحْسَنَ بَشَرَتَه أَي سَحْناءَه وهَيْئَتَه. وأَبْشَرَتِ الأَرْضُ
إِذا أَخرجت نباتها. وأَبْشَرَتِ الأَرضُ إِبْشاراً: بُذِرتْ فَظَهَر
نَباتُها حَسَناً، فيقال عند ذلك: ما أَحْسَنَ بَشَرَتَها؛ وقال أَبو زياد
الأَحمر: أَمْشَرَتِ الأَرضُ وما أَحْسَنَ مَشَرَتَها. وبَشَرَةُ
الأَرضِ: ما ظهر من نباتها. والبَشَرَةُ: البَقْلُ والعُشْبُ وكُلُّه مِنَ
البَشَرَةِ.
وباشَرَ الرجلُ امرأَتَهُ مُباشَرَةً وبِشاراً: كان معها في ثوب واحد
فَوَلَيِتْ بَشَرَتُهُ بَشَرَتَها. وقوله تعالى: ولا تُباشِرُ وهُنَّ
وأَنتم عاكفون في المساجد؛ معنى المباشرة الجماع، وكان الرجل يخرج من المسجد،
وهو معتكف، فيجامع ثم يعود إِلى المسجد. ومُباشرةُ المرأَةِ:
مُلامَسَتُها. والحِجْرُ المُباشِرُ: التي تَهُمُّ بالفَحْلِ. والبَشْرُ أَيضاً:
المُباشَرَةُ؛ قال الأَفوه:
لَمَّا رَأَتْ شَيْبي تَغَيَّر، وانْثَنى
مِنْ دونِ نَهْمَةِ بَشْرِها حينَ انثنى
أَي مباشرتي إِياها. وفي الحديث: أَنه كان يُقَبِّلُ ويُباشِرُ وهو
صائم؛ أَراد بالمباشَرَةِ المُلامَسَةَ وأَصله من لَمْس بَشَرَةِ الرجل
بَشَرَةَ المرأَة، وقد يرد بمعنى الوطء في الفرج وخارجاً منه.
وباشَرَ الأَمْرَ: وَلِيَهُ بنفسه؛ وهو مَثَلٌ بذلك لأَنه لا بَشَرَةَ
للأَمر إذ ليس بِعَيْنٍ. وفي حديث علي، كرّم الله تعالى وجهه: فَباشِرُوا
رُوحَ اليقين، فاستعاره لروح اليقين لأَنّ روح اليقين عَرَضٌ، وبيِّن
أَنَّ العَرَضَ ليست له بَشَرَةٌ. ومُباشَرَةُ الأَمر: أَن تَحْضُرَهُ بنفسك
وتَلِيَه بنفسك.
والبِشْرُ: الطَّلاقَةُ، وقد بَشَرَه بالأَمر يَبْشُرُه، بالضم، بَشْراً
وبُشُوراً وبِشْراً، وبَشَرَهُ به بَشْراً؛ كله عن اللحياني. وبَشَّرَهُ
وأَبْشَرَهُ فَبَشِرَ به، وبَشَرَ يَبْشُرُ بَشْراً وبُشُوراً. يقال:
بَشَرْتُه فَأَبْشَرَ واسْتَبْشَر وتَبشَّرَ وبَشِرَ: فَرِحَ. وفي التنزيل
العزيز: فاسْتْبِشرُوا بِبَيْعِكُمُ الذي بايَعْتُمْ به؛ وفيه أَيضاً:
وأَبْشِروا بالجنة. واسْتَبْشَرَهَ كَبَشَّرَهُ؛ قال ساعدة بن جؤية:
فَبَيْنَا تَنُوحُ اسْتَبْشَرُوها بِحِبِّها،
عَلى حِينِ أَن كُلَّ المَرامِ تَرومُ
قال ابن سيده: وقد يكون طلبوا منها البُشْرى على إِخبارهم إِياهم بمجيء
ابنها. وقوله تعالى: يا بُشْرايَ هذا غُلامٌ؛ كقولك عَصايَ. وتقول في
التثنية: يا بُشْرَبيَّ. والبِشارَةُ المُطْلَقَةُ لا تكون إِلاَّ بالخير،
وإِنما تكون بالشر إِذا كانت مقيدة كقوله تعالى: فَبَشِّرْهُم بعذاب
أَليم؛ قال ابن سيده: والتَّبْشِيرُ يكون بالخير والشر كقوله تعالى: فبشرهم
بعذاب أَليم؛ وقد يكون هذا على قولهم: تحيتك الضَّرْبُ وعتابك السَّيْفُ،
والاسم البُشْرى. وقوله تعالى: لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة؛
فيه ثلاثة أَقوال: أَحدها أَن بُشْراهم في الدنيا ما بُشِّرُوا به من
الثواب، قال الله تعالى: ويُبَشِّرَ المؤمنين؛ وبُشْراهُمْ في الآخرة الجنة،
وقيل بُشْراهم في الدنيا الرؤْيا الصالحة يَراها المؤْمن في منامه أَو
تُرَى له، وقيل معناه بُشْراهم في الدنيا أَن الرجل منهم لا تخرج روحه من
جسده حتى يرى موضعه من الجنة؛ قال الله تعالى: إِنَّ الذين قالوا رَبُّنا
اللهُ ثم استقاموا تَتَنَزَّلُ عليهم الملائكةُ أَن لا تخافوا ولا تحزنوا
وأَبْشِرُوا بالجنةِ التي كنتم توعدون. الجوهري: بَشَرْتُ الرجلَ
أَبْشُرُه، بالضم، بَشْراً وبُشُوراً من البُشْرَى، وكذلك الإِبشارُ
والتَّبْشِيرُ ثلاثُ لغات، والاسم البِشارَةُ والبُشارَةُ، بالكشر والضم. يقال:
بَشَرْتُه بمولود فَأَبْشَرَ إِبْشاراً أَي سُرَّ. وتقول: أَبْشِرْ بخير،
بقطع الأَلف. وبَشِرْتُ بكذا، بالكسر، أَبْشَرُ أَي اسْتَبْشَرْتُ به؛ قال
عطية بن زيد جاهلي، وقال ابن بري هو لعبد القيس بن خفاف البُرْجُميّ:
وإِذا رَأَيْتَ الباهِشِينَ إِلى العلى
غُبْراً أَكُفُّهُمُ بِقاعٍ مْمْحِلِ،
فَأَعِنْهُمُ وابْشَرْ بما بَشِرُوا بِهِ،
وإِذا هُمُ نَزَلُوا بَضَنْكٍ فانْزِلِ
ويروى: وايْسِرْ بما يَسِرُوا به. وأَتاني أَمْرٌ بَشِرْتُ به أَي
سُرِرْتُ به. وبَشَرَني فلانٌ بوجه حَسَنٍ أَي لقيني. وهو حَسَنُ البِشْرِ،
بالكسر، أَي طَلقُ الوجه. والبِشارَةُ: ما بُشِّرْتَ به. والبِشارة:
تَباشُرُ القوم بأَمر، والتَّباشِيرُ: البُشْرَى. وتَبَاشَرَ القومُ أَي
بَشَّرَ بعضُهم بعضاً. والبِشارة والبُشارة أَيضاً: ما يعطاه المبَشِّرُ
بالأَمر. وفي حديث توبة كعب: فأَعطيته ثوبي بُشارَةً؛ البشارة، بالضم: ما يعطى
البشير كالعُمَالَةِ للعامل، وبالكسر: الاسم لأَنها تُظْهِرُ طَلاقَةَ
الإِنسان. والبشير: المبَشِّرُ الذي يُبَشِّرُ القوم بأَمر خير أَو شرٍ.
وهم يتباشرون بذلك الأَمر أَي يُبَشرُ بضعهم بعضاً. والمبَشِّراتُ: الرياح
التي تَهُبُّ بالسحاب وتُبَشِّرُ بالغيث. وفي التنزيل العزيز: ومن آياته
أَن يرسل الرياحَ مُبَشِّرات؛ وفيه: وهو الذي يُرْسِلُ الرياحَ بُشْراً؛
وبُشُراً وبُشْرَى وبَشْراً، فَبُشُراً جَمعُ بَشُورٍ، وبُشْراً مخفف
منه، وبُشْرَى بمعنى بِشارَةٍ، وبَشْراً مصدر بَشَرَهُ بَشْراً إِذا
بَشَّرَهُ. وقوله عز وجل: إِن الله: يُبَشِّرُكِ؛ وقرئ: يَبْشُرُك؛ قال
الفرّاء: كأَن المشدّد منه على بِشاراتِ البُشَرَاء، وكأَن المخفف من وجه
الإِفْراحِ والسُّرُورِ، وهذا شيء كان المَشْيَخَةُ يقولونه. قال: وقال بعضهم
أَبْشَرْتُ، قال: ولعلها لغة حجازية. وكان سفيان بن عيينة يذكرها
فَلْيُبْشِرْ، وبَشَرْتُ لغة رواها الكسائي. يقال: بَشَرَني بوَجْهٍ حَسَنٍ
يَبْشُرُني. وقال الزجاج: معنى يَبْشُرُك يَسُرُّك ويُفْرِحُك. وبَشَرْتُ
الرجلَ أَبْشُرُه إِذا أَفرحته. وبَشِرَ يَبْشَرُ إِذا فرح. قال: ومعنى
يَبْشُرُك ويُبَشِّرُك من البِشارة. قال: وأَصل هذا كله أَن بَشَرَةَ
الإِنسان تنبسط عند السرور؛ ومن هذا قولهم: فلان يلقاني بِبِشْرٍ أَي بوجه
مُنْبَسِطٍ. ابن الأَعرابي: يقال بَشَرْتُه وبَشَّرْتُه وأَبْشَرْتُه
وبَشَرْتُ بكذا وكذا وبَشِرْت وأَبْشَرْتُ إِذا فَرِحْتَ بِه. ابن سيده: أَبْشَرَ
الرجلُ فَرِحَ؛ قال الشاعر:
ثُمَّ أَبْشَرْتُ إِذْ رَأَيْتُ سَواماً،
وبُيُوتاً مَبْثُوثَةً وجِلالا
وبَشَّرَتِ الناقةُ باللِّقاحِ، وهو حين يعلم ذلك عند أَوَّل ما
تَلْقَحُ. التهذيب. يقال أَبْشَرَتِ الناقَةُ إِذا لَقِحَتْ فكأَنها بَشَّرَتْ
بالِّلقاحِ؛ قال وقول الطرماح يحقق ذلك:
عَنْسَلٌ تَلْوِي، إِذا أَبْشَرَتْ،
بِخَوافِي أَخْدَرِيٍّ سُخام
وتَباشِيرُ كُلّ شيء: أَوّله كتباشير الصَّبَاح والنَّوْرِ، لا واحد له؛
قال لبيد يصف صاحباً له عرّس في السفر فأَيقظه:
فَلَمَّا عَرَّسَ، حَتَّى هِجْتُهُ
بالتَّباشِيرِ مِنَ الصُّبْحِ الأُوَلْ
والتباشيرُ: طرائقُ ضَوْءِ الصُّبْحِ في الليل. قال الليث: يقال للطرائق
التي تراها على وجه الأَرض من آثار الرياح إِذا هي خَوَّتْهُ:
التباشيرُ. ويقال لآثار جنب الدابة من الدَّبَرِ: تَباشِيرُ؛ وأَنشد:
نِضْوَةُ أَسْفارٍ، إِذا حُطَّ رَحْلُها،
رَأَيت بِدِفْأَيْها تَباشِيرَ تَبْرُقُ.
الجوهري: تَباشِيرُ الصُّبْحِ أَوائلُه، وكذلك أَوائل كل شيء، ولا يكون
منه فِعلٌ. وفي حديث الحجاج: كيف كان المطرُ وتَبْشِيرُه أَي مَبْدَؤُه
وأَوَّلُه وتَبِاشِيرُ: ليس له نظير إِلاَّ ثلاثة أَحرف: تَعاشِيبُ
الأَرض، وتَعاجِيبُ الدَّهرِ، وتَفاطِيرُ النَّباتِ ما يَنْفَطر منه، وهو
أَيضاً ما يخرج على وجه الغِلْمَان والفتيات؛ قال:
تَفاطِيرُ الجُنُونِ بِوَجْهِ سَلْمَى
قَدِيماً، لا تَقاطِيرُ الشَّبابِ.
ويروى نفاطير، بالنون. وتباشير النخل: في أَوَّل ما يُرْطِبُ. والبشارة،
بالفتح: الجمال والحُسْنُ؛ قال الأَعشى في قصيدته التي أَوَّلها:
بانَتْ لِتَحْزُنَنا عَفارَهْ،
يا جارَتا، ما أَنْتِ جارهْ .
قال منها:
وَرَأَتْ بِأَنَّ الشَّيْبَ جَا
نَبَه البَشاشةُ والبَشارَهْ
ورجلٌ بَشِيرُ الوجه إِذا كان جميله؛ وامرأَةٌ بَشِيرةُ الوجه، ورجلٌ
بَشِيرٌ وامرأَة بَشِيرَةٌ، ووجهٌ بَشيرٌ: حسن؛ قال دكين بن رجاء:
تَعْرِفُ، في أَوجُهِها البَشائِرِ،
آسانَ كُلِّ آفِقٍ مُشاجِرِ
والآسانُ: جمع أُسُنٍ، بضم الهمزة والسين، وقد قيل أَسن بفتحهما أَيضاً،
وهو الشبه. والآفق: الفاضل. والمُشَاجِرُ: الذي يَرْعَى الشجر. ابن
الأَعرابي: المَبْشُورَةُ الجارية الحسنة الخلق واللون، وما أَحْسَنَ
بَشَرَتَها. والبَشِيرُ: الجميل، والمرأَة بَشِيرَة. والبَشِيرُ: الحَسَنُ
الوجه. وأَبْشَرَ الأَمرُ وَجْهَهُ: حَسَّنَه ونَضَّرَه؛ وعليه وَجَّهَ أَبو
عمرو قراءَةَ من قرأَ: ذلك الذي يَبْشُرُ اللهُ عِبادَه؛ قال: إِنما قرئت
بالتخفيف لأَنه ليس فيه بكذا إِنما تقديره ذلك الذي يُنَضِّرُ اللهُ به
وُجوهَهم. اللحياني: وناقة بَشِيرَةٌ أَي حَسَنَةٌ؛ وناقة بَشِيرَةٌ: ليست
بمهزولة ولا سمينة؛ وحكي عن أَبي هلال قال: هي التي ليست بالكريمة ولا
الخسيسة. وفي الحديث: ما مِنْ رَجُلٍ لَهُ إِبِلٌ وبَقَرٌ لا يُؤَدِّي
حَقَّها إِلاَّ بُطِحَ لها يَوْمَ القيامة بِقَاع قَرْقَرٍ كأَكْثَرِ ما
كانَتْ وأَبْشَرِه أَي أَحْسَنِه، من البِشر، وهو طلاقة الوجه وبشاشته،
ويروى: وآشَره من النشاط
(* قوله «من النشاط» كذا بالأصل والأحسن من الأشر
وهو للنشاط). والبطر. ابن الأَعرابي: هم البُشَارُ والقُشَارُ والخُشَارُ
لِسِقاطِ الناسِ.
والتُّبُشِّرُ والتُّبَشِّرُ: طائر يقال هو الصُّفارِيَّة، ولا نظير له
إِلاَّ التُّنَوِّطُ، وهو طائر وهو مذكور في موضعه، وقولُهم: وقع في وادي
تُهلِّكَ، ووادي تُضُلِّلَ، ووادي تُخُيِّبَ. والناقةُ البَشِيرَةُ:
الصالحةُ التي على النِّصْفِ من شحمها، وقيل: هي التي بين ذلك ليست بالكريمة
ولا بالخسيسة.
وبِشْرٌ وبِشْرَةُ: اسمان؛ أَنشد أَبو علي:
وبِشْرَةُ يَأْبَوْنا، كَأَنَّ خِبَاءَنَا
جَنَاحُ سُمَانَى في السَّماءِ تَطِيرُ
وكذلك بُشَيْرٌ وبَشِيرٌ وبَشَّار ومُبَشِّر. وبُشْرَى: اسم رجل لا
ينصرف في معرفة ولا نكرة، للتأْنيث ولزوم حرف التأْنيث له، وإِن لم يكن صفة
لأَن هذه الأَلف يبنى الاسم لها فصارت كأَنها من نفس الكلمة، وليست كالهاء
التي تدخل في الاسم بعد التذكير.
والبِشْرُ: اسم ماء لبني تغلب. والبِشْرُ: اسم جبل، وقيل: جبل بالجزيرة؛
قال الشاعر:
فَلَنْ تَشْرَبي إِلاَّ بِرَنْقٍ، وَلَنْ تَرَيْ
سَواماً وحَيّاً في القُصَيْبَةِ فالبِشْرِ
شرف: الشَّرَفُ: الحَسَبُ بالآباء، شَرُفَ يَشْرُفُ شَرَفاً وشُرْفَةً
وشَرافةً، فهو شريفٌ، والجمع أَشْرافٌ. غيره: والشَّرَفُ والمَجْدُ لا
يكونانِ إلا بالآباء. ويقال: رجل شريفٌ ورجل ماجدٌ له آباءٌ متقدِّمون في
الشرَف. قال: والحسَبُ والكَرَمُ يكونانِ وإن لم يكن له آباء لهم شَرَفٌ.
والشَّرَفُ: مصدر الشَّريف من الناس. وشَريفٌ وأَشْرافٌ مثل نَصِيرٍ
وأَنْصار وشَهِيد وأَشْهادٍ، الجوهري: والجمع شُرَفاء وأَشْرافٌ، وقد شَرُفَ،
بالضم، فهو شريف اليوم، وشارِفٌ عن قليل أَي سيصير شريفاً؛ قال الجوهري:
ذكره الفراء. وفي حديث الشعبي: قيل للأَعمش: لمَ لمْ تَسْتَكْثِر من
الشعبي؟ قال: كان يَحْتَقِرُني كنت آتِيه مع إبراهيم فَيُرَحِّبُ به ويقول
لي: اقْعُدْ ثَمَّ أَيـُّها العبدُ ثم يقول:
لا نَرْفَعُ العبدَ فوق سُنَّته،
ما دامَ فِينا بأَرْضِنا شَرَفُ
أَي شريف. يقال: هو شَرَفُ قومه وكَرَمُهم أَي شَريفُهُم وكَريمهم،
واستعمل أَبو إسحق الشَّرَفَ في القرآن فقال: أَشْرَفُ آيةٍ في القرآن آيةُ
الكرسي.
والمَشْرُوفُ: المفضول. وقد شَرَفه وشَرَفَ عليه وشَرَّفَه: جعل له
شَرَفاً؛ وكل ما فَضَلَ على شيء، فقد شَرَفَ. وشارَفَه فَشَرَفَه يَشْرُفه:
فاقَه في الشرفِ؛ عن ابن جني. وَشَرفْتُه أَشْرُفه شَرْفاً أَي غَلَبْته
بالشرَفِ، فهو مَشْرُوف، وفلان أَشْرَفُ منه. وشارَفْتُ الرجل: فاخرته
أَيـُّنا أَشْرَفُ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال: ما
ذِئبان عادِيانِ أَصابا فَريقة غَنَمٍ بأَفْسَدَ فيها من حُبِّ المرء
المالَ والشَّرَفَ لِدِينه؛ يريد أَنه يَتَشَرَّفُ للمُباراةِ والمُفاخَرةِ
والمُساماةِ. الجوهري: وشَرَّفَه اللّه تَشْريفاً وتَشَرَّفَ بكذا أَي
عَدَّه شَرَفاً، وشَرَّفَ العظْمَ إذا كان قليل اللحم فأَخذ لحمَ عظم آخرَ
ووضَعَه عليه؛ وقول جرير:
إذا ما تَعاظَمْتُمْ جُعُوراً، فَشَرِّفُوا
جَحِيشاً، إذا آبَتْ من الصَّيْفِ عِيرُها
قال ابن سيده: أَرى أَنَّ معناه إذا عَظُمَتْ في أَعينكم هذه القبيلة من
قبائلكم فزيدوا منها في جَحِيش هذه القبيلة القليلة الذليلة، فهو على
نحو تَشْريفِ العظْمِ باللَّحم.
والشُّرْفةُ: أَعلى الشيء. والشَّرَفُ: كالشُّرْفةِ، والجمع أَشْرافٌ؛
قال الأَخطل:
وقد أَكل الكِيرانُ أَشْرافَها العُلا،
وأُبْقِيَتِ الأَلْواحُ والعَصَبُ السُّمْرُ
ابن بزرج: قالوا: لك الشُّرْفةُ في فُؤَادي على الناس.
شمر: الشَّرَفُ كل نَشْزٍ من الأَرض قد أَشْرَفَ على ما حوله، قادَ أَو
لم يَقُد، سواء كان رَمْلاً أَو جَبَلاً، وإنما يطول نحواً من عشْر
أَذرُع أَو خمس، قَلَّ عِرَضُ طهره أَو كثر. وجبل مُشْرِفٌ: عالٍ. والشَّرَفُ
من الأَرض: ما أَشْرَفَ لك. ويقال: أَشْرَفَ لي شَرَفٌ فما زِلْتُ
أَرْكُضُ حتى علوته؛ قال الهذلي:
إذا ما اشْتَأَى شَرَفاً قَبْلَه
وواكَظَ، أَوْشَكَ منه اقْتِرابا
الجوهري: الشَّرَفُ العُلُوُّ والمكان العالي؛ وقال الشاعر:
آتي النَّدِيَّ فلا يُقَرَّبُ مَجْلِسي،
وأَقُود للشَّرَفِ الرَّفِيعِ حِماري
يقول: إني خَرِفْت فلا يُنتفع برَأْيي، وكبِرْت فلا أَستطيع أَن أَركب
من الأَرض حماري إلا من مكان عال. الليث: المُشْرَفُ المكان الذي تُشْرِفُ
عليه وتعلوه. قال: ومَشارِفُ الأَرض أَعاليها. ولذلك قيل: مَشارِفُ
الشَّامِ. الأَصمعي: شُرْفةُ المال خِيارُه، والجمع الشُّرَفُ. ويقال: إني
أَعُدُّ إتْيانَكم شُرْفةً وأَرى ذلك شُرْفةً أَي فَضْلاً وشَرَفاً.
وأَشْرافُ الإنسان: أُذُناه وأَنـْفُه؛ وقال عديّ:
كَقَصِير إذ لم يَجِدْ غير أَنْ جَدْ
دَعَ أَشْرافَه لمَكْر قَصِير
ابن سيده: الأَشْرافُ أَعلى الإنسانِ، والإشرافُ: الانتصابُ. وفرس
مُشْتَرِفٌ أَي مُشْرِفُ الخَلْق. وفرس مُشْتَرِفٌ: مُشْرِفُ أَعالي العظام.
وأَشْرَف الشيءَ وعلى الشيء: عَلاه. وتَشَرَّفَ عليه: كأَشْرَفَ.
وأَشْرَفَ الشيءُ: علا وارتفع. وشَرَفُ البعير: سَنامه، قال الشاعر:
شَرَفٌ أَجَبُّ وكاهِلٌ مَجْزُولُ
وأُذُن شَرْفاء أَي طــويلة. والشَّرْفاء من الآذان: الطــويلة القُوفِ
القائمة المُشْرِفةُ وكذلك الشُّرافِيَّة، وقيل: هي المنتصبة في طول، وناقة
شَرْفاء وشُرافِيَّةٌ: ضَخْمةُ الأُذنين جسيمة، وضَبٌّ شُرافيٌّ كذلك،
ويَرْبُوعٌ شُرافيّ؛ قال:
وإني لأَصْطادُ اليَرابيعَ كُلَّها:
شُرافِيَّها والتَّدْمُريَّ المُقَصِّعا
ومنكب أَشْرَفُ: عال، وهو الذي فيه ارتفاع حَسَنٌ وهو نقِيض الأَهدإِ.
يقال منه: شَرِفَ يَشْرَفُ شَرَفاً، وقوله أَنشده ثعلب:
جَزى اللّهُ عَنَّا جَعْفَراً، حين أَشْرَفَتْ
بنا نَعْلُنا في الواطِئين فَزَلَّتِ
لم يفسره وقال: كذا أَنشدَناه عمر بن شَبَّة، وقال: ويروى حين
أَزْلَفَتْ؛ قال ابن سيده: وقوله هكذا أَنشدناه تَبَرُّؤٌ من الرواية.
والشُّرْفةُ: ما يوضع على أَعالي القُصور والمدُن، والجمع شُرَفٌ.
وشَرَّفَ الحائطَ: جعل له شُرْفةً. وقصر مُشَرَّفٌ: مطوَّل.
والمَشْرُوف: الذي قد شَرَفَ عليه غيره، يقال: قد شَرَفَه فَشَرَفَ عليه. وفي حديث
ابن عباس: أُمِرْنا أَن نَبْني المَدائِنَ شُرَفاً والمساجِدَ جُمّاً؛
أَراد بالشُّرَفِ التي طُوّلت أَبْنِيَتُها بالشُّرَفِ، الواحدة شُرْفةٌ،
وهو على شَرَفِ أَمر أَي شَفًى منه. والشَّرَفُ: الإشْفاء على خَطَر من خير
أَو شر.
وأَشْرَفَ لك الشيءُ: أَمْكَنَك. وشارَفَ الشيءَ: دنا منه وقارَبَ أَن
يَظْفَرَ به. ويقال: ساروا إليهم حتى شارَفُوهم أَي أَشْرَفُوا عليهم.
ويقال: ما يُشْرِفُ له شيء إلا أَخذه، وما يُطِفُّ له شيء إلا أَخذه، وما
يُوهِفُ له شيء إلا أَخذه. وفي حديث عليّ، كرم اللّه وجهه: أُمِرْنا في
الأَضاحي أَن نَسْتَشْرفَ العين والأُذن؛ معناه أَي نتأَمل سلامتهما من آفةٍ
تكون بهما، وآفةُ العين عَوَرُها، وآفة الأُذن قَطْعها، فإذا سَلِمَت
الأُضْحِية من العَوَر في العين والجَدْعِ في الأَذن جاز أَن يُضَحَّى بها،
إذا كانت عَوْراء أَو جَدْعاء أَو مُقابَلَةً أَو مُدابَرَةً أَو
خَرْقاء أَو شَرْقاء لم يُضَحَّ بها، وقيل: اسْتِشْرافُ العين والأُذن أَن
يطلبهما شَريفَيْن بالتمام والسلامة، وقيل: هو من الشُّرْفةِ وهي خِيارُ
المال أَي أُمِرْنا أَن نتخيرها. وأَشْرَفَ على الموت وأَشْفى: قارَبَ.
وتَشَرَّفَ الشيءَ واسْتَشْرَفه: وضع يده على حاجِبِه كالذي يَسْتَظِلُّ من
الشمس حتى يُبْصِرَه ويَسْتَبِينَه؛ ومنه قول ابن مُطَيْر:
فَيا عَجَباً للناسِ يَسْتَشْرِفُونَني،
كأَنْ لم يَرَوا بَعْدي مُحِبّاً ولا قبْلي
وفي حديث أَبي طلحة، رضي اللّه عنه: أَنه كان حسَنَ الرمْي فكان إذا رمى
اسْتَشْرَفَه النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لينظر إلى مَواقِعِ نَبْله
أَي يُحَقِّقُ نظره ويَطَّلِعُ عليه. والاسْتِشْرافُ: أَن تَضَع يدك على
حاجبك وتنظر، وأَصله من الشرَف العُلُوّ كأَنه ينظر إليه من موضع مُرْتَفِع
فيكون أَكثر لإدراكه. وفي حديث أَبي عبيدة: قال لعمر، رضي اللّه عنهما،
لما قَدِمَ الشامَ وخرج أَهلُه يستقبلونه: ما يَسُرُّني أَن أَهلَ هذا
البلد اسْتَشْرَفُوك أَي خرجوا إلى لقائك، وإنما قال له ذلك لأن عمر، رضي
اللّه عنه، لما قدم الشام ما تَزَيَّا بِزِيِّ الأُمراء فخشي أَن لا
يَسْتَعْظِمُوه. وفي حديث الفِتَن: من تَشَرَّفَ لها اسْتَشْرَفَتْ له أَي من
تَطَلَّعَ إليها وتَعَرَّضَ لها واتَتْه فوقع فيها. وفي الحديث: لا
تُشْرِفْ يُصِبْك سهم أَي لا تَتَشَرَّفْ من أَعْلى الموضع؛ ومنه الحديث: حتى
إذا شارَفَتِ انقضاء عدّتها أَي قَرُبَت منها وأَشْرَفَت عليها. وفي
الحديث عن سالم عن أَبيه: أَن رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، كان يُعْطِي
عُمَر العطاء فيقول له عمر: يا رسولَ اللّه أَعْطِه أَفْقَرَ إليه مني،
فقال له رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: خُذْه فتَمَوَّلْه أَو
تَصَدَّقْ به، وما جاءك من هذا المال وأَنتَ غيرُ مُشْرِفٍ له ولا سائل فخذه وما
لا فلا تُتْبِعْه نفسَك، قال سالم: فمن أجل ذلك كان عبد اللّه لا
يَسْأَلُ أحداً شيئاً ولا يُرُدُّ شيئاً أُعْطِيَه؛ وقال شمر في قوله وأَنت غير
مُشْرِفٍ له قال: ما تُشْرِفُ عليه وتَحَدَّثُ به نفسك وتتمناه؛ وأَنشد:
لقد عَلِمْتُ، وما الإشْرافُ من طَمَعي،
أَنَّ الذي هُو رِزْقي سَوْفَ يأْتيني
(* قوله «من طمعي» في شرح ابن هشام لبانت سعاد: من خلقي.)
وقال ابن الأَعرابي: الإشْرافُ الحِرْصُ. وروي في الحديث: وأَنتَ غيرُ
مُشْرِفٍ له أَو مُشارِفٍ فخذه. وقال ابن الأعرابي: اسْتَشْرَفَني حَقّي
أَي ظَلمَني؛ وقال ابن الرِّقاع:
ولقد يَخْفِضُ المُجاوِرُ فيهمْ،
غيرَ مُسْتَشْرَفٍ ولا مَظْلوم
قال: غيرَ مُسْتَشْرَف أَي غيرَ مظلوم. ويقال: أَشْرَفْتُ الشيءَ
عَلَوْتُه، وأَشْرَفْتُ عليه: اطَّلَعْتُ عليه من فوق، أَراد ما جاءك منه وأَنت
غيرُ مُتَطَلِّع إليه ولا طامِع فيه، وقال الليث: اسْتَشْرَفْتُ الشيءَ
إذا رَفَعْتَ رأْسَك أَو بصَرك تنظر إليه. وفي الحديث: لا يَنْتَهِبُ
نُهْبةً ذاتَ شَرَفٍ وهو مؤمِنٌ أَي ذاتَ قَدْر وقِيمة ورِفْعةٍ يرفع الناسُ
أَبصارهم للنظر إليها ويَسْتَشْرفونها. وفي الحديث: لا تَشَرَّفُوا
(*
قوله «لا تشرفوا» كذا بالأصل، والذي في النهاية: لا تستشرفوا.) للبلاء؛
قال شمر: التَّشَرُّف للشيء التَّطَلُّعُ والنظرُ إليه وحديثُ النفْسِ
وتَوَقُّعُه؛ ومنه: فلا يَتَشَرَّفُ إبلَ فلان أَي يَتَعَيَّنُها. وأَشْرَفْت
عليه: اطَّلَعْتُ عليه من فوق، وذلك الموضع مُشْرَفٌ. وشارَفْتُ الشيء
أَي أَشْرَفْت عليه. وفي الحديث: اسْتَشْرَفَ لهم ناسٌ أَي رفعوا رؤُوسَهم
وأَبصارَهم؛ قال أَبو منصور في حديث سالم: معناه وأَنت غير طامع ولا
طامِحٍ إليه ومُتَوَقِّع له. وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال:
من أَخَذَ الدنيا بإشرافِ نفْس لم يُبارَك له فيها، ومن أَخذها بسخاوةِ
نَفْس بُورِك له فيها، أَي بحرْصٍ وطَمَعٍ. وتَشَرَّفْتُ المَرْبَأَ
وأَشْرَفْتُه أَي علوته؛ قال العجاج:
ومَرْبَإٍ عالٍ لِمَن تَشَرَّفا،
أَشْرَفْتُه بلا شَفًى أَو بِشَفى
قال الجوهري: بلا شَفًى أَي حين غابت الشمس، أَو بشَفًى أَي بقِيَتْ من
الشمس بقِيّة. يقال عند غروب الشمس: ما بَقِيَ منها إلا شَفًى.
واسْتَشْرَفَ إبلَهم: تَعَيَّنَها ليُصِيبها بالعين.
والشارِفُ من الإبل: المُسِنُّ والمُسِنَّةُ، والجمع شَوارِفُ وشُرَّفٌ
وشُرُفٌ وشُرُوفٌ، وقد شَرُفَتْ وشَرَفَتْ تَشْرُف شُرُوفاً. والشارِفُ:
الناقةُ التي قد أَسَنَّتْ. وقال ابن الأعرابي: الشارِفُ الناقة
الهِمّةُ، والجمع شُرْفٌ وشَوارِفُ مثل بازِلٍ وبُزْلٍ، ولا يقال للجمل شارِفٌ؛
وأَنشد الليث:
نَجاة من الهُوجِ المَراسِيلِ هِمَّة،
كُمَيْت عليها كَبْرةٌ، فهي شارفُ
وفي حديث عليّ وحَمْزة، عليهما السلام:
أَلا يا حَمْزَ للشُّرُفِ النِّواء،
فَهُنَّ مُعَقَّلاتٌ بالفِناء
هي جمع شارِفٍ وتضمُّ راؤُها وتسكن تخفيفاً، ويروى ذا الشرَف، بفتح
الراء والشين، أَي ذا العَلاء والرِّفْعةِ. وفي حديث ابن زمْل: وإذا أَمام
ذلك ناقةٌ عَجْفاء شارِفٌ؛ هي المُسِنّةُ. وفي الحديث: إذا كان كذا وكذا
أَنى أَن يَخْرُجَ بكم الشُّرْفُ الجُونُ، قالوا: يا رسول اللّه وما
الشُّرْفُ الجُون؟ قال: فِتَنٌ كقِطْعِ الليلِ المُظْلمِ؛ قال أَبو بكر:
الشُّرْفُ جمع شارِفٍ وهي الناقة الهَرِمةُ، شبَّه الفِتَنَ في اتِّصالها
وامْتِداد أَوقاتها بالنُّوق المُسِنَّة السُّود، والجُونُ: السود؛ قال ابن
الأَثير: هكذا يروى بسكون الراء
(* قوله «يروى بسكون الراء» في القاموس:
وفي الحديث أتتكم الشرف الجون بضمتين.) وهي جمع قليل في جمع فاعل لم يَردْ
إلا في أَسماء معدودة، وفي رواية أُخرى: الشُّرْقُ الجُون، بالقاف، وهو
جمع شارِق وهو الذي يأْتي من ناحية المَشْرِق، وشُرْفٌ جمع شارِفٍ نادر لم
يأْت مثلَه إلا أَحرف معدودة: بازِلٌ وبُزْلٌ وحائلٌ وحُولٌ وعائذٌ
وعُوذٌ وعائطٌ وعُوطٌ. وسهم شارِفٌ: بعيد العهد بالصِّيانةِ، وقيل: هو الذي
انْتَكَثَ رِيشُه وعَقَبُه، وقيل: هو الدقيق الطويل. غيره: وسهم شارِفٌ
إذا وُصِف بالعُتْق والقِدَم؛ قال أَوس بن حجر:
يُقَلِّبُ سَهْماً راشَه بمَناكِبٍ
ظُهار لُؤامٍ، فهو أَعْجَفُ شارِفُ
الليث: يقال أَشْرَفَتْ علينا نفْسُه، فهو مُشْرِفٌ علينا أَي مُشْفِقٌ.
والإشْرافُ: الشَّفَقة؛ وأَنشد:
ومن مُضَرَ الحَمْراء إشْرافُ أَنْفُسٍ
علينا، وحَيّاها إلينا تَمَضُّرا
ودَنٌّ شارِفٌ: قدِيمُ الخَمْر؛ قال الأَخطل:
سُلافةٌ حَصَلَتْ من شارِفٍ حَلِقٍ،
كأَنـَّما فارَ منها أَبْجَرٌ نَعِرُ
وقول بشر:
وطائرٌ أَشْرَفُ ذو خُزْرةٍ،
وطائرٌ ليس له وَكْرُ
قال عمرو: الأَشْرفُ من الطير الخُفّاشُ لأَنَّ لأُذُنيه حَجْماً
ظاهراً، وهو مُنْجَرِدٌ من الزِّفِّ والرِّيش، وهو يَلِدُ ولا يبيض، والطير
الذي ليس له وكر طير يُخبِر عنه البحريون أَنه لا يَسْقط إلا ريثما يَجْعَلُ
لبَيْضِه أُفْحُوصاً من تراب ويُغَطِّي عليه ثم يَطِيرُ في الهواء وبيضه
يتفَقَّس من نفسه عند انتهاء مدته، فإذا أَطاق فَرْخُه الطيَران كان
كأَبوَيه في عادتهما. والإشْرافُ: سُرعةُ عَدْوِ الخيل. وشَرَّفَ الناقةَ:
كادَ يَقْطَعُ أَخلافها بالصَّرّ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
جَمَعْتُها من أَيْنُقٍ غِزارِ،
من اللَّوا شُرِّفْنَ بالصِّرارِ
أَراد من اللواتي، وإنما يُفعل بها ذلك ليَبْقى بُدْنُها وسِمَنُها
فيُحْمَل عليها في السنة المُقْبلة. قال ابن الأَعرابي: ليس من الشَّرَف ولكن
من التشريف، وهو أَن تَكادَ تقطع أَخْلافها بالصِّرار فيؤثِّر في
أَخْلافِها؛ وقول العجاج يذكر عَيْراً يَطْرُد أُتُنه:
وإنْ حَداها شَرَفاً مُغَرِّبا،
رَفَّهَ عن أَنـْفاسِه وما رَبا
حَداها: ساقها، شرفاً أَي وجْهاً. يقال: طَرَده شرَفاً أَو شَرَفَين،
يريد وجْهاً أَو وجْهَين؛ مُغَرِّباً: مُتَباعداً بعيداً؛ رَفَّهَ عن
أَنفاسه أَي نَفَّسَ وفرَّجَ. وعَدا شَرَفاً أَو شَرَفَينِ أَي شَوْطاً أَو
شَوْطَيْنِ. وفي حديث الخيل: فاسْتَنَّتْ شَرَفاً أو شَرَفين؛ عَدَتْ
شَوْطاً أَو شَوْطَيْن.
والمَشارِفُ: قُرًى من أَرض اليمن، وقيل: من أَرض العرب تَدْنُو من
الرِّيف، والسُّيُوفُ المَشْرَفِيّةُ مَنْسوبة إليها. يقال: سَيفٌ مَشْرَفيّ،
ولا يقال مَشارِفيٌّ لأَن الجمع لا يُنسب إليه إذا كان على هذا الوزن،
لا يقال مَهالِبيّ ولا جَعَافِرِيٌّ ولا عَباقِرِيٌّ. وفي حديث سَطِيح:
يسكن مَشارِفَ الشام؛ هي كل قرية بين بلاد الرِّيفِ وبين جزيرة العرب، قيل
لها ذلك لأَنها أشْرَفَتْ على السواد، ويقال لها أَيضاً المَزارِعُ
والبَراغِيلُ، وقيل: هي القرى التي تَقْرُب من المدن.
ابن الأَعرابي: العُمَرِيَّةُ ثياب مصبوغة بالشَّرَفِ، وهو طين أَحمر.
وثوب مُشَرَّفٌ: مصبوغ بالشَّرَف؛ وأَنشد:
أَلا لا تَغُرَّنَّ امْرَأً عُمَرِيّةٌ،
على غَمْلَجٍ طالَتْ وتَمَّ قَوامُها
ويقال شَرْفٌ وشَرَفٌ للمَغْرةِ. وقال الليث: الشَّرَفُ له صِبْغٌ أَحمر
يقال له الدّارْبَرْنَيان؛ قال أَبو منصور: والقول ما قال ابن الأعرابي
في المُشَرَّفِ. وفي حديث عائشة: أَنها سُئِلَتْ عن الخِمار يُصْبَغُ
بالشَّرْف فلم ترَ به بأْساً؛ قال: هو نبت أَحمر تُصْبَغ به الثياب.
والشُّرافيُّ: لَوْنٌ من الثياب أَبيض.
وشُرَيفٌ: أَطولُ جبل في بلاد العرب. ابن سيده: والشُّرَيْف جبل تزعم
العرب أَنه أَطول جبل في الأَرض. وشَرَفٌ: جبل آخرُ يقرب منه. والأَشْرَفُ:
اسم رجل: وشِرافُ وشَرافِ مَبْنِيَّةً: اسم ماء بعينه. وشَراف: موضع؛ عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لقد غِظْتَني بالحَزْمِ حَزْمِ كُتَيْفةٍ،
ويومَ الْتَقَيْنا من وراء شَرافِ
(* قوله «غظتني بالحزم حزم» في معجم ياقوت: عضني بالجوّ جوّ.)
التهذيب: وشَرافِ ماء لبني أَسد. ابن السكيت: الشَّرَفُ كَبِدُ نَجْدٍ،
قال: وكانت الملوك من بني آكِل المُرار تَنزِلُها، وفيها حِمَى ضَرِيّةَ،
وضرِيّة بئر، وفي الشرف الرَّبَذةُ وهي الحِمَى الأَيمنُ، والشُّرَيْفُ
إلى جنبه، يَفْرُق بين الشرَف والشُّريفِ وادٍ يقال له التَّسْرِيرُ، فما
كان مُشَرِّقاً فهو الشُّرَيْف، وما كان مغرِّياً، فهو الشرَفُ؛ قال
أَبو منصور: وقولُ ابن السكّيت في الشرَف والشُّريف صحيح. وفي حديث ابن
مسعود، رضي اللّه عنه: يُوشِكُ أَن لا يكونَ بين شَرافِ وأَرضِ كذا جَمَّاءُ
ولا ذاتُ قَرْن؛ شَرافِ: موضع، وقيل: ماء لبني أَسد. وفي الحديث: أَن عمر
حمى الشَّرَفَ والرَّبَذَةَ؛ قال ابن الأَثير: كذا روي بالشين وفتح
الراء، قال: وبعضهم يرويه بالمهملة وكسر الراء. وفي الحديث: ما أُحِبُّ أَن
أَنْفُخَ في الصلاة وأَن لي مَمَرَّ الشرَفِ. والشُّرَيْفُ، مُصَغّر: ماء
لبني نُمير. والشاروفُ: جبل، وهو موَلَّد. والشاروفُ: المِكْنَسةُ، وهو
فارسيٌّ معرَّب. وأَبو الشَّرفاء: من كُناهم؛ قال:
أَنا أَبو الشَّرْفاء مَنَّاعُ الخَفَرْ
أَراد مَنّاع أَهل الخفر.
بحر: البَحْرُ: الماءُ الكثيرُ، مِلْحاً كان أَو عَذْباً، وهو خلاف
البَرِّ، سمي بذلك لعُمقِهِ واتساعه، قد غلب على المِلْح حتى قَلّ في
العَذْبِ، وجمعه أَبْحُرٌ وبُحُورٌ وبِحارٌ. وماءٌ بَحْرٌ: مِلْحٌ، قَلَّ أَو
كثر؛ قال نصيب:
وقد عادَ ماءُ الأَرضِ بَحْراً فَزادَني،
إِلى مَرَضي، أَنْ أَبْحَرَ المَشْرَبُ العَذْبُ
قال ابن بري: هذا القولُ هو قولُ الأُمَوِيّ لأَنه كان يجعل البحر من
الماء الملح فقط. قال: وسمي بَحْراً لملوحته، يقال: ماءٌ بَحْرٌ أَي
مِلْحٌ، وأَما غيره فقال: إِنما سمي البَحْرُ بَحْراً لسعته وانبساطه؛ ومنه
قولهم إِن فلاناً لَبَحْرٌ أَي واسع المعروف؛ قال: فعلى هذا يكون البحرُ
للملْح والعَذْبِ؛ وشاهدُ العذب قولُ ابن مقبل:
ونحنُ مَنَعْنا البحرَ أَنْ يَشْرَبُوا به،
وقد كانَ مِنْكُمْ ماؤه بِمَكَانِ
وقال جرير:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ تَحْدُوها ثمانِيَةٌ،
ما في عطائِهِمُ مَنٌَّ ولا سَرَفُ
كُوماً مَهارِيسَ مَثلَ الهَضْبِ، لو وَرَدَتْ
ماءَ الفُراتِ، لَكادَ البَحْرُ يَنْتَزِفُ وقال عديّ بن زيد:
وتَذَكَّرْ رَبِّ الخُوَرْنَقِ إِذْ أَشْـ
ـرَفَ يوماً، وللْهُدَى تَذْكِيرُ
سَرَّه مالُهُ وكَثْرَةُ ما يَمْـ
ـلِكُ، والبحرُ مُعْرِضاً والسَّدِيرُ
أَراد بالبحر ههنا الفرات لأَن رب الخورنق كان يشرِفُ على الفرات؛ وقال
الكميت:
أُناسٌ، إِذا وَرَدَتْ بَحْرَهُمْ
صَوادِي العَرائِبِ، لم تُضْرَبِ
وقد أَجمع أَهل اللغة أَن اليَمَّ هو البحر. وجاءَ في الكتاب العزيز:
فَأَلْقِيهِ في اليَمِّ؛ قال أَهل التفسير: هو نيل مصر، حماها الله تعالى.
ابن سيده: وأَبْحَرَ الماءُ صار مِلْحاً؛ قال: والنسب إِلى البحر
بَحْرانيٌّ على غير قياس. قال سيبويه: قال الخليل: كأَنهم بنوا الاسم على
فَعْلان. قال عبدا محمد بن المكرم: شرطي في هذا الكتاب أَن أَذكر ما قاله مصنفو
الكتب الخمسة الذين عينتهم في خطبته، لكن هذه نكتة لم يسعني إِهمالها.
قال السهيلي، رحمه الله تعالى: زعم ابن سيده في كتاب المحكم أَن العرب
تنسب إِلى البحر بَحْرانيّ، على غير قياس، وإِنه من شواذ النسب، ونسب هذا
القول إِلى سيبويه والخليل، رحمهما الله تعالى، وما قاله سيبويه قط، وإِنما
قال في شواذ النسب: تقول في بهراء بهراني وفي صنعاء صنعاني، كما تقول
بحراني في النسب إلى البحرين التي هي مدينة، قال: وعلى هذا تلقَّاه جميع
النحاة وتأَوَّلوه من كلام سيبويه، قال: وإِنما اشتبه على ابن سيده لقول
الخليل في هذه المسأَبة أَعني مسأَلة النسب إِلى البحرين، كأَنهم بنوا
البحر على بحران، وإِنما أَراد لفظ البحرين، أَلا تراه يقول في كتاب العين:
تقول بحراني في النسب إِلى البحرين، ولم يذكر النسب إِلى البحر أَصلاً،
للعلم به وأَنه على قياس جار. قال: وفي الغريب المصنف عن الزيدي أَنه قال:
إِنما قالوا بَحْرانيٌّ في النسب إِلى البَحْرَيْنِ، ولم يقولوا
بَحْرِيٌّ ليفرقوا بينه وبين النسب إلى البحر. قال: ومازال ابن سيده يعثر في هذا
الكتاب وغيره عثرات يَدْمَى منها الأَظَلُّ، ويَدْحَضُ دَحَضَات تخرجه
إِلى سبيل من ضل، أَلاّ تراه قال في هذا الكتاب، وذكر بُحَيْرَة طَبَرَيَّة
فقال: هي من أَعلام خروج الدجال وأَنه يَيْبَسُ ماؤُها عند خروجه،
والحديث إِنما جاء في غَوْرٍ زُغَرَ، وإِنما ذكرت طبرية في حديث يأْجوج
ومأْجوج وأَنهم يشربون ماءها؛ قال: وقال في الجِمَار في غير هذا الكتاب: إِنما
هي التي ترمي بعرفة وهذه هفوة لا تقال، وعثرة لا لَعاً لها؛ قال: وكم له
من هذا إِذا تكلم في النسب وغيره. هذا آخر ما رأَيته منقولاً عن السهيلي.
ابن سيده: وكلُّ نهر عظيم بَحْرٌ. الزجاج: وكل نهر لا ينقطع ماؤُه، فهو
بحر. قال الأَزهري: كل نهر لا ينقطع ماؤه مثل دِجْلَةَ والنِّيل وما
أَشبههما من الأَنهار العذبة الكبار، فهو بَحْرٌ. و أَما البحر الكبير الذي
هو مغيض هذه الأَنهار فلا يكون ماؤُه إِلاَّ ملحاً أُجاجاً، ولا يكون ماؤه
إِلاَّ راكداً؛ وأَما هذه الأَنهار العذبة فماؤُها جار، وسميت هذه
الأَنهار بحاراً لأَنها مشقوقة في الأَرض شقّاً. ويسمى الفرس الواسع الجَرْي
بَحْراً؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في مَنْدُوبٍ فَرَسِ أَبي
طلحة وقد ركبه عُرْياً: إِني وجدته بَحْراً أَي واسع الجَرْي؛ قال أَبو
عبيدة: يقال للفرس الجواد إِنه لَبَحْرٌ لا يُنْكَش حُضْرُه. قال الأَصمعي:
يقال فَرَسٌ بَحْرٌ وفَيضٌ وسَكْبٌ وحَثٌّ إِذا كان جواداً كثيرَ
العَدْوِ وفي الحديث: أَبى ذلك البَحرُ ابنُ عباس؛ سمي بحراً لسعة علمه
وكثرته.والتَّبَحُّرُ والاستِبْحَارُ: الانبساط والسَّعة.
وسمي البَحْرُ بَحْراً لاسْتبحاره، وهو انبساطه وسعته. ويقال: إِنما سمي
البَحْر بَحْراً لأَنه شَقَّ في الأَرض شقّاً وجعل ذلك الشق لمائه
قراراً. والبَحْرُ في كلام العرب: الشَّقُّ. وفي حديث عبد المطلب: وحفر زمزم
ثم بَحَرَها بَحراً أَي شقَّها ووسَّعها حتى لا تُنْزَفَ؛ ومنه قيل للناقة
التي كانوا يشقون في أُذنها شقّاً: بَحِيرَةٌ.
وبَحَرْتُ أُذنَ الناقة بحراً: شققتها وخرقتها. ابن سيده: بَحَرَ
الناقةَ والشاةَ يَبْحَرُها بَحْراً شقَّ أُذنها بِنِصْفَين، وقيل: بنصفين
طولاً، وهي البَحِيرَةُ، وكانت العرب تفعل بهما ذلك إِذا نُتِجَتا عشرةَ
أَبْطن فلا يُنْتَفَع منهما بلبن ولا ظَهْرٍ، وتُترك البَحِيرَةُ ترعى وترد
الماء ويُحَرَّمُ لحمها على النساء، ويُحَلَّلُ للرجال، فنهى الله تعالى
عن ذلك فقال: ما جَعَلَ اللهُ من بَحِيرَةٍ ولا سائبةٍ ولا وصِيلةٍ ولا
حامٍ؛ قال: وقيل البَحِيرَة من الإِبل التي بُحِرَتْ أُذنُها أَي شُقت
طولاً، ويقال: هي التي خُلِّيَتْ بلا راع، وهي أَيضاً الغَزِيرَةُ، وجَمْهُها
بُحُرٌ، كأَنه يوهم حذف الهاء. قال الأَزهري: قال أَبو إِسحق النحوي:
أَثْبَتُ ما روينا عن أَهل اللغة في البَحِيرَة أَنها الناقة كانت إِذا
نُتِجَتْ خَمْسَةَ أَبطن فكان آخرها ذكراً، بَحَرُوا أُذنها أَي شقوها
وأَعْفَوا ظهرها من الركوب والحمل والذبح، ولا تُحلأُ عن ماء ترده ولا تمنع من
مرعى، وإِذا لقيها المُعْيي المُنْقَطَعُ به لم يركبها. وجاء في الحديث:
أَن أَوَّل من بحر البحائرَ وحَمَى الحامِيَ وغَيَّرَ دِين إِسمعيل
عَمْرُو بن لُحَيِّ بن قَمَعَة بنِ جُنْدُبٍ؛ وقيل: البَحِيرَةُ الشاة إِذا
ولدت خمسة أَبطُن فكان آخرها ذكراً بَحَرُوا أُذنها أَي شقوها وتُرِكَت
فلا يَمَسُّها أَحدٌ. قال الأَزهري: والقول هو الأَوَّل لما جاء في حديث
أَبي الأَحوص الجُشَمِيِّ عن أَبيه أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له:
أَرَبُّ إِبلٍ أَنتَ أَم ربُّ غَنَمٍ؟ فقال: من كلٍّ قد آتاني اللهُ
فأَكْثَرَ، فقال: هل تُنْتَجُ إِبلُك وافيةً آذانُها فَتَشُقُّ فيها وتقول
بُحُرٌ؟ يريد به جمع البَحِيرة. وقال الفرّاء: البَحِيرَةُ هي ابنة
السائبة، وقد فسرت السائبة في مكانها؛ قال الجوهري: وحكمها حكم أُمها. وحكى
الأَزهري عن ابن عرفة: البَحيرة الناقة إِذا نُتِجَتْ خمسة أَبطن والخامس
ذكر نحروه فأَكله الرجال والنساء، وإِن كان الخامس أُنثى بَحَروا أُذنها
أَي شقوها فكانت حراماً على النساء لحمها ولبنها وركوبها، فإِذا ماتت حلت
للنساء؛ ومنه الحديث: فَتَقَطَعُ آذانَها فتقُولُ بُحُرٌ؛ وأَنشد شمر لابن
مقبل:
فيه من الأَخْرَجِ المُرْتَاعِ قَرْقَرَةٌ،
هَدْرَ الدَّيامِيِّ وَسْطَ الهجْمَةِ البُحُرِ
البُحُرُ: الغِزارُ. والأَخرج: المرتاعُ المُكَّاءٌ. وورد ذكر البَحِيرة
في غير موضع: كانوا إِذا ولدت إِبلهم سَقْباً بَحَروا أُذنه أَي شقوها،
وقالوا: اللهم إِن عاش فَقَنِيٌّ، وإِن مات فَذَكيٌّ؛ فإِذا مات أَكلوه
وسموه البحيرة، وكانوا إِذا تابعت الناقة بين عشر إِناث لم يُرْكب ظهرُها،
ولم يُجَزّ وبَرُها، ولم يَشْرَبْ لَبَنَها إِلا ضَيْفٌ، فتركوها
مُسَيَّبَةً لسبيلها وسموَّها السائبة، فما ولدت بعد ذلك من أُنثى شقوا أُذنها
وخلَّوا سبيلها، وحرم منها ما حرم من أُمّها، وسَمّوْها البحِيرَةَ،
وجمعُ البَحِيرَةِ على بُحُرٍ جمعٌ غريبٌ في المؤنث إِلا أَن يكون قد حمله
على المذكر، نحو نَذِيرٍ ونُذُرٍ، على أَن بَحِيرَةً فعيلة بمعنى مفعولة
نحو قتيلة؛ قال: ولم يُسْمَعْ في جمع مثله فُعُلٌ، وحكى الزمَخْشري
بَحِيرَةٌ وبُحُرٌ وصَريمَةٌ وصُرُمٌ، وهي التي صُرِمَتْ أُذنها أَي
قطعت.واسْتَبْحَرَ الرجل في العلم والمال وتَبَحَّرَ: اتسع وكثر ماله.
وتَبَحَّرَ في العلم: اتسع. واسْتَبْحَرَ الشاعرُ إِذا اتَّسَعَ في القولِ؛ قال
الطرماح:
بِمِثْلِ ثَنائِكَ يَحْلُو المديح،
وتَسْتَبْحِرُ الأَلسُنْ المادِحَهْ
وفي حديث مازن: كان لهم صنم يقال له باحَر، بفتح الحاء، ويروى بالجيم.
وتَبَحَّر الراعي في رعْيٍ كثير: اتسع، وكلُّه من البَحْرِ لسعته.
وبَحِرَ الرجلُ إِذا رأَى البحر فَفَرِقَ حتى دَهِشَ، وكذلك بَرِقَ إِذا
رأَى سَنا البَرْقِ فتحير، وبَقِرَ إِذا رأَى البَقَرَ الكثيرَ، ومثله
خَرِقَ وعَقِرَ. ابن سيده: أَبْحَرَ القومُ ركبوا البَحْرَ.
ويقال للبَحْرِ الصغير: بُحَيْرَةٌ كأَنهم توهموا بَحْرَةً وإِلا فلا
وجه للهاء، وأَما البُحَيْرَةُ التي في طبرية وفي الأَزهري التي بالطبرية
فإِنها بَحْرٌ عظيم نحو عشرة أَميال في ستة أَميال وغَوْرُ مائها، وأَنه
(* قوله «وغور مائها وأنه إلخ» كذا بالأَصل المنسوب للمؤلف وهو غير تام).
علامة لخروج الدجال تَيْبَس حتى لا يبقى فيها قطرة ماء، وقد تقدم في هذا
الفصل ما قاله السهيلي في هذا المعنى.
وقوله: يا هادِيَ الليلِ جُرْتَ إِنما هو البَحْرُ أَو الفَجْرُ؛ فسره
ثعلب فقال: إِنما هو الهلاك أَو ترى الفجر، شبه الليل بالبحر. وقد ورد ذلك
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: إِنما هو الفَجْرُ أَو البَجْرُ، وقد
تقدم؛ وقال: معناه إِن انتظرت حتى يضيء الفجر أَبصرب الطريق، وإِن خبطت
الظلماء أَفضت بك إِلى المكروه. قال: ويروى البحر، بالحاء، يريد غمرات
الدنيا شبهها بالبحر لتحير أَهلها فيها.
والبَحْرُ: الرجلُ الكريمُ الكثيرُ المعروف. وفَرسٌ بَحْرٌ: كثير
العَدوِ، على التشبيه بالبحر. والبَحْرُ: الرِّيفُ، وبه فسر أَبو عليّ قوله عز
وجل: ظهر الفساد في البَرِّ والبَحْرِ؛ لأَن البحر الذي هو الماء لا يظهر
فيه فساد ولا صلاح؛ وقال الأَزهري: معنى هذه الآية أَجدب البر وانقطعت
مادة البحر بذنوبهم، كان ذلك ليذوقوا الشدَّة بذنوبهم في العاجل؛ وقال
الزجاج: معناه ظهر الجدب في البر والقحط في مدن البحر التي على الأَنهار؛
وقول بعض الأَغفال:
وأَدَمَتْ خُبْزِيَ من صُيَيْرِ،
مِنْ صِيرِ مِصْرَيْنِ، أَو البُحَيْرِ
قال: يجوز أَن يَعْني بالبُحَيْرِ البحر الذي هو الريف فصغره للوزن
وإقامة القافية. قال: ويجوز أَن يكون قصد البُحَيْرَةَ فرخم اضطراراً. وقوله:
من صُيَيْر مِن صِيرِ مِصْرَيْنِ يجوز أَن يكون صير بدلاً من صُيَيْر،
بإِعادة حرف الجر، ويجوز أَن تكون من للتبعيض كأَنه أَراد من صُيَيْر كائن
من صير مصرين، والعرب تقول لكل قرية: هذه بَحْرَتُنا. والبَحْرَةُ:
الأَرض والبلدة؛ يقال: هذه بَحْرَتُنا أَي أَرضنا. وفي حديث القَسَامَةِ:
قَتَلَ رَجُلاً بِبَحْرَةِ الرِّعاءِ على شَطِّ لِيَّةَ، البَحْرَةُ:
البَلْدَةُ. وفي حديث عبدالله بن أُبيّ: اصْطَلَحَ أَهلُ هذه البُحَيْرَةِ أَن
يَعْصِبُوه بالعِصَابَةِ؛ البُحَيْرَةُ: مدينة سيدنا رسولُ الله، صلى
الله عليه وسلم، وهي تصغير البَحْرَةِ، وقد جاء في رواية مكبراً. والعربُ
تسمي المُدُنَ والقرى: البحارَ. وفي الحديث: وكَتَبَ لهم بِبَحْرِهِم؛ أَي
ببلدهم وأَرضهم. وأَما حديث عبدالله ابن أُبيّ فرواه الأَزهري بسنده عن
عُرْوَةَ أَن أُسامة ابن زيد أَخبره: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، ركب
حماراً على إِكافٍ وتحته قَطِيفةٌ فركبه وأَرْدَفَ أُسامةَ، وهو يعود سعد
بن عُبادَةَ، وذلك قبل وَقْعَةِ بَدْرٍ، فلما غشيت المجلسَ عَجاجَةُ
الدابة خَمَّرَ عبدُالله بنُ أُبيّ أَنْفَه ثم قال: لا تُغَبِّرُوا، ثم نزل
النبي، صلى الله عليه وسلم، فوقف ودعاهم إِلى الله وقرأَ القرآنَ، فقال
له عبدُالله: أَيها المَرْءُ إِن كان ما تقول حقّاً فلا تؤذنا في مجلسنا
وارجعْ إِلى رَحْلك، فمن جاءَك منَّا فَقُصَّ عليه؛ ثم ركب دابته حتى دخل
على سعد بن عبادة، فقال له: أَي سَعْدُ أَلم تسمعْ ما قال أَبو حُباب؟
قال كذا، فقال سعدٌ: اعْفُ واصفَحْ فوالله لقد أَعطاك اللهُ الذي أَعطاك،
ولقد اصطلح أَهلُ هذه البُحَيْرةِ على أَن يُتَوِّجُوه، يعني يُمَلِّكُوهُ
فَيُعَصِّبوه بالعصابة، فلما ردَّ الله ذلك بالحق الذي أَعطاكَ شَرِقَ
لذلك فذلك فَعَلَ به ما رأَيْتَ، فعفا عنه النبي، صلى الله عليه وسلم.
والبَحْرَةُ: الفَجْوَةُ من الأَرض تتسع؛ وقال أَبو حنيفة: قال أَبو نصر
البِحارُ الواسعةُ من الأَرض، الواحدة بَحْرَةٌ؛ وأَنشد لكثير في وصف
مطر:يُغادِرْنَ صَرْعَى مِنْ أَراكٍ وتَنْضُبٍ،
وزُرْقاً بأَجوارِ البحارِ تُغادَرُ
وقال مرة: البَحْرَةُ الوادي الصغير يكون في الأَرض الغليظة.
والبَحْرةُ: الرَّوْضَةُ العظيمةُ مع سَعَةٍ، وجَمْعُها بِحَرٌ وبِحارٌ؛ قال النمر
بن تولب:
وكأَنها دَقَرَى تُخايِلُ، نَبْتُها
أُنُفٌ، يَغُمُّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها
(* قوله «تخايل إلخ» سيأتي للمؤلف في مادّة دقر هذا البيت وفيه تخيل بدل
تخايل وقال أي تلوّن بالنور فتريك رؤيا تخيل إليك أنها لون ثم تراها
لوناً آخر، ثم قطع الكلام الأول فقال نبتها أنف فنبتها مبتدأ إلخ ما
قال).الأَزهري: يقال للرَّوْضَةِ بَحْرَةٌ. وقد أَبْحَرَتِ الأَرْضُ إِذا
كثرت مناقع الماء فيها. وقال شمر: البَحْرَةُ الأُوقَةُ يستنقع فيها الماء.
ابن الأَعرابي: البُحَيْرَةُ المنخفض من الأَرض.
وبَحِرَ الرجلُ والبعيرُ بَحَراً، فهو بَحِرٌ إِذا اجتهد في العدوِ
طالباً أَو مطلوباً، فانقطع وضعف ولم يزل بِشَرٍّ حتى اسودَّ وجهه وتغير. قال
الفراء: البَحَرُ أَن يَلْغَى البعيرُ بالماء فيكثر منه حتى يصيبه منه
داء. يقال: بَحِرَ يَبْحَرُ بَحَراً، فهو بَحِرٌ؛ وأَنشد:
لأُعْلِطَنَّه وَسْماً لا يُفارِقُه،
كما يُجَزُّ بِحُمَّى المِيسَمِ البَحِرُ
قال: وإِذا أَصابه الداءُ كُويَ في مواضع فَيَبْرأُ. قال الأَزهري:
الداء الذي يصيب البعير فلا يَرْوَى من الماء، هو النِّجَرُ، بالنون والجيم،
والبَجَرُ، بالباء والجيم، وأَما البَحَرُ، فهو داء يورث السِّلَّ.
وأَبْحَرَ الرجلُ إِذا أَخذه السِّلُّ. ورجلٌ بَجِيرٌ وبَحِرٌ: مسْلُولٌ ذاهبُ
اللحم؛ عن ابن الأَعرابي وأَنشد:
وغِلْمَتي مِنْهُمْ سَحِيرٌ وبَحِرْ،
وآبقٌ، مِن جَذْبِ دَلْوَيْها، هَجِرْ
أَبو عمرو: البَحِيرُ والبَحِرُ الذي به السِّلُّ، والسَّحِيرُ: الذي
انقطعت رِئَتُه، ويقال: سَحِرٌ. وبَحِرَ الرجلُ. بُهِتَ. وأَبْحَرَ الرجل
إذا اشتدَّتْ حُمرةُ أَنفه. وأَبْحَرَ إِذا صادف إِنساناً على غير اعتمادٍ
وقَصدٍ لرؤيته، وهو من قولهم: لقيته صَحْرَةَ بَحْرَةَ أَي بارزاً ليس
بينك وبينه شيء.
والباحِر، بالحاء: الأَحمق الذي إِذا كُلِّمَ بَحِرَ وبقي كالمبهوت،
وقيل: هو الذي لا يَتَمالكُ حُمْقاً. الأَزهري: الباحِرُ الفُضولي، والباحرُ
الكذاب. وتَبَحَّر الخبرَ: تَطَلَّبه. والباحرُ: الأَحمرُ الشديدُ
الحُمرة. يقال: أَحمر باحرٌ وبَحْرانيٌّ. ابن الأَعرابي: يقال أَحْمَرُ
قانِئٌ وأَحمرُ باحِرِيٌّ وذَرِيحِيٌّ، بمعنى واحد. وسئل ابن عباس عن المرأَة
تستحاض ويستمرّ بها الدم، فقال: تصلي وتتوضأُ لكل صلاة، فإِذا رأَتِ
الدَّمَ البَحْرانيَّ قَعَدَتْ عن الصلاة؛ دَمٌ بَحْرَانيٌّ: شديد الحمرة
كأَنه قد نسب إِلى البَحْرِ، وهو اسم قعر الرحم، منسوب إِلى قَعْرِ الرحم
وعُمْقِها، وزادوه في النسب أَلِفاً ونوناً للمبالغة يريد الدم الغليظ
الواسع؛ وقيل: نسب إِلى البَحْرِ لكثرته وسعته؛ ومن الأَول قول العجاج:
وَرْدٌ من الجَوْفِ وبَحْرانيُّ
أَي عَبِيطٌ خالصٌ. وفي الصحاح: البَحْرُ عُمْقُ الرَّحِمِ، ومنه قيل
للدم الخالص الحمرة: باحِرٌ وبَحْرانيٌّ. ابن سيده: ودَمٌ باحِرٌ
وبَحْرانيٌّ خالص الحمرة من دم الجوف، وعم بعضُهم به فقال: أَحْمَرُ باحِرِيٌّ
وبَحْرَانيٌّ، ولم يخص به دم الجوف ولا غيره. وبَناتُ بَحْرٍ: سحائبُ يجئنَ
قبل الصيف منتصبات رقاقاً، بالحاء والخاء، جميعاً. قال الأَزهري: قال
الليث: بَناتُ بَحْرٍ ضَرْبٌ من السحاب، قال الأَزهري: وهذا تصحيف منكر
والصواب بَناتُ بَخْرٍ. قال أَبو عبيد عن الأَصمعي: يقال لسحائب يأْتين قبل
الصيف منتصبات: بَناتُ بَخْرٍ وبَناتُ مَخْرٍ، بالباء والميم والخاء، ونحو
ذلك قال اللحياني وغيره، وسنذكر كلاًّ منهما في فصله.
الجوهري: بَحِرَ الرجلُ، بالكسر، يَبْحَرُ بَحَراً إِذا تحير من الفزع
مثل بَطِرَ؛ ويقال أَيضاً: بَحِرَ إِذا اشتدَّ عَطَشُه فلم يَرْوَ من
الماء. والبَحَرُ أَيضاً: داءٌ في الإِبل، وقد بَحِرَتْ.
والأَطباء يسمون التغير الذي يحدث للعليل دفعة في الأَمراض الحادة:
بُحْراناً، يقولون: هذا يَوْمُ بُحْرَانٍ بالإِضافة، ويومٌ باحُوريٌّ على غير
قياس، فكأَنه منسوب إِلى باحُورٍ وباحُوراء مثل عاشور وعاشوراء، وهو
شدّة الحر في تموز، وجميع ذلك مولد؛ قال ابن بري عند قول الجوهري: إِنه مولد
وإِنه على غير قياس؛ قال: ونقيض قوله إِن قياسه باحِرِيٌّ وكان حقه أَن
يذكره لأَنه يقال دم باحِرِيٌّ أَي خالص الحمرة؛ ومنه قول المُثَقِّب
العَبْدِي:
باحِريُّ الدَّمِ مُرَّ لَحْمُهُ،
يُبْرئُ الكَلْبَ، إِذا عَضَّ وهَرّ
والباحُورُ: القَمَرُ؛ عن أَبي علي في البصريات له. والبَحْرانِ: موضع
بين البصرة وعُمانَ، النسب إِليه بَحْريٌّ وبَحْرانيٌّ؛ قال اليزيدي:
كرهوا أَن يقولوا بَحْريٌّ فتشبه النسبةَ إِلى البَحْرِ؛ الليث: رجل
بَحْرانيٌّ منسوب إِلى البَحْرَينِ؛ قال: وهو موضع بين البصرة وعُمان؛ ويقال: هذه
البَحْرَينُ وانتهينا إِلى البَحْرَينِ. وروي عن أَبي محمد اليزيدي قال:
سأَلني المهدي وسأَل الكسائي عن النسبة إِلى البحرين وإِلى حِصْنَينِ:
لِمَ قالوا حِصْنِيٌّ وبَحْرانيٌّ؟ فقال الكسائي: كرهوا أَن يقولوا
حِصْنائِيٌّ لاجتماع النونين، قال وقلت أَنا: كرهوا أَن يقولوا بَحْريٌّ فتشبه
النسبة إِلى البحر؛ قال الأَزهري: وإِنما ثنوا البَحْرَ لأَنَّ في ناحية
قراها بُحَيرَةً على باب الأَحساء وقرى هجر، بينها وبين البحر الأَخضر
عشرة فراسخ، وقُدِّرَت البُحَيرَةُ ثلاثةَ أَميال في مثلها ولا يغيض
ماؤُها، وماؤُها راكد زُعاقٌ؛ وقد ذكرها الفرزدق فقال:
كأَنَّ دِياراً بين أَسْنِمَةِ النَّقا
وبينَ هَذالِيلِ البُحَيرَةِ مُصْحَفُ
وكانت أَسماء بنت عُمَيْسٍ يقال لها البَحْرِيَّة لأَنها كانت هاجرت
إِلى بلاد النجاشي فركبت البحر، وكلُّ ما نسب إِلى البَحْرِ، فهو
بَحْريٌّ.وفي الحديث ذِكْرُ بَحْرانَ، وهو بفتح الباء وضمها وسكون الحاء، موضع
بناحية الفُرْعِ من الحجاز، له ذِكْرٌ في سَرِيَّة عبدالله بن جَحْشٍ.
وبَحْرٌ وبَحِيرٌ وبُحَيْرٌ وبَيْحَرٌ وبَيْحَرَةُ: أَسماء.
وبنو بَحْريّ: بَطْنٌ.
وبَحْرَةُ ويَبْحُرُ: موضعان. وبِحارٌ وذو بِحارٍ: موضعان؛ قال الشماخ:
صَبَا صَبْوَةً مِن ذِي بِحارٍ، فَجاوَرَتْ،
إِلى آلِ لَيْلى، بَطْنَ غَوْلٍ فَمَنْعَجِ
جسر: جَسَرَ يَجْسُرُ جُسُوراً وجَسارَةً: مضى ونفَذ. وجَسَرَ على كذا
يَجْسُر جَسارَةً وتَجاسَر عليه؛ أَقدم. والجَسُورُ: المِقْدامُ. ورجل
جَسْر وجَسُورٌ: ماضٍ شجاعٌ، والأُنثى جَسْرَةٌ وجَسُورٌ وجَسُورَةٌ. ورجل
جَسْرٌ: جسيمٌ جَسُورٌ شجاع. وإِن فلاناً لَيُجَسَّرُ فلاناً أَي
يُشَجِّعُه. وفي حديث الشَّعْبِيِّ: أَنه كان يقول لسيفه: اجْسُرْ جَسَّارُ، هو
فعَّال من الجَسَارة وهي الجَراءَةُ والإِقدام على الشيء. وجَمَلٌ جَسْرٌ
وناقة جَسْرَة ومُتَجاسِرَة: ماضية. قال الليث: وقَلّما يقال جمل جَسْرٌ؛
قال:
وخَرَجَت مائِلَةَ التَّجاسُرِ
وقيل: جمل جَسْرٌ طويل، وناقة جَسْرَة طــويلة ضَخْمَةٌ كذلك. والجَسْرُ،
بالفتح: العظيم من الإِبل وغيرها، والأُنثى جَسْرَة، وكلُّ عضْوٍ ضَخْمٍ:
جَسْرٌ؛ قال ابن مقبل:
هَوْجاءُ مَوْضِعُ رَحْلِها جَسْرُ
أَي ضخم؛ قال ابن سيده: هكذا عزاه أَبو عبيد إِلى ابن مقبل، قال: ولم
نجده في شعره. وتَجاسَرَ القوم في سيرهم؛ وأَنشد:
بَكَرَتْ تَجاسَرُ عن بُطونِ عُنَيْزَةٍ
أَي تسير؛ وقال جرير:
وأَجْدَرَ إِنْ تَجاسَرَ ثم نادَى
بِدَعْوَى: يَالَ خِنْدِفَ أَن يُجَابا
قال: تَجاسَرَ تطاول ثم رفع رأْسه. وفي النوادر: تَجَاسَر فلان لفلان
بالعصا إِذا تحرك له. ورجل جَسْرٌ: طويل ضخم؛ ومنه قيل للناقة: جَسْرٌ. ابن
السكيت: جَسَرَ الفَحْلُ وفَدَرَ وجَفَرَ إِذا ترك الضِّراب؛ قال
الراعي:تَرَى الطَّرِفَاتِ العُبْطَ من بَكَراتِها،
يَرُعْنَ إِلى أَلواحِ أَعْيَسَ جاسِرِ
وجارية جَسْرَةُ الساعدين أَي ممتلئتهما؛ وأَنشد:
دارٌ لِخَوْدٍ جَسْرَةِ المُخَدَّمِ
والجَسْرُ والجِسْرُ: لغتان، وهو القنطرة ونحوه مما يعبر عليه، والجمع
القليل أَجْسُرٌ؛ قال:
إِن فِرَاخاً كَفِراخِ الأَوْكُرِ،
بِأَرْضِ بَغْدادَ، وَراءَ الأَجْسُرِ
والكثير جُسُورٌ. وفي حديث نَوْفِ بن مالك قال: فوقع عُوجٌ على نيل مصر
فجسَرَهُمْ سَنَةً أَي صار لهم جِسْراً يَعْبُرونَ عليه، وتفتح جيمه
وتكسر. وجَسْرٌ: حَيٌّ من قَيْسِ عَيْلان. وبنو القَيْنِ بن جُسَير: قَوْمٌ
أَيضاً. وفي قُضاعَة جَسْرٌ من بني عمران بن الحَافِ، وفي قيس جَسْرٌ آخرُ
وهو جَسْرُ بن مُحارب بن خَصَفَةَ؛ وذكرهما الكميت فقال:
تَقَشَّفَ أَوْباشُ الزَّعانِفِ حَوْلَنا
قَصِيفاً، كأَنَّا من جُهَيْنَةَ أَوْ جَسْرِ
وما جَسْرَ قَيْسٍ قَيْسِ عَيْلانَ أَبْتَغِي،
ولكِنْ أَبا القَيْنِ اعْتَدَلْنا إِلى الجَسرِ