(الْكَرم) الْعِنَب وَابْنَة الْكَرم الْخمر (ج) كروم
(الْكَرم) يُقَال أفعل ذَلِك وكرما لَك وَنعم وحبا وكرما أَي وأكرمك
شلم: الشَّالَمُ والشسَّوْلَمُ والثَّيْلَم؛ الأَخيرة عن كراع:
الزُّؤَانُ الذي يكون في البُرِّ، سَوادِيَّةٌ. ابن الأَعرابي: الشَّيْلَمُ
والزُّؤانُ والسَّعِيعُ، وقال أَبو حنيفة: الشَّيْلَمُ حَبٌّ صِغارٌ مستطيلٌ
أَحمر قائم كأَنه في خِلْقةِ سُوسِ الحِنْطة ولا يُسْكِرُ ولكنه يُمِرُّ
الطعام إِمْراراً شديداً؛ وقال مرة: نباتُ الشَّيْلَم سُطَّاحٌ وهو يذهب
على الأَرض، وورقته كورقة الخِلاف البَلْخِيِّ شديدةُ الخُضْرَة رطبةٌ،
قال: والناس يأْكلون ورقه إِذا كان رطباً وهو طيب لا مَرارةَ له وحَبُّه
أَعْقَى من الصبَّر.
قال أِبو تراب: سمعت السُّلَمِيَّ يقول: لقيت رجلاً يَتَطاير شِلَّمُه
وشِنَّمُه أَي شَرارُه من الغضب؛ وأَنشد:
إِنْ تَحْمِلِيهِ ساعةً، فَرُبَّما
أَطارَ في حُبِّ رِضاكِ الشِّلَّما
الفراء: لم يأْتِ على فَعَّلٍ اسماً إِلا بِقَّمٌ وعَثَّرُ ونَدَّرُ،
وهما موضعان، وشَلَّمُ: بيتُ
المَقْدِس، وخَضَّمُ: اسم قرية. الجوهري: شَلَّمُ على وزن بَقَّمٍ موضع
بالشام، ويقال: هو اسم مدينة بيت المقدس بالعِبْرانِيَّة وهو لا ينصرف
للعجمة ووزن الفعل؛ قال ابن بري: ذكر ابن خالويه عِدَّةَ أَسماء لبيت
المقدس منها شَلَّمُ وشَلَمٌ وشَلِمٌ وأُورِي شَلِم
(* قوله «وأوري شلم» ضبطت
أوري بشكل القلم مفتوحة الراء في الأصل والنهاية والتكملة، وفي ياقوت
بالعبارة مكسورتها، وفي القاموس: شمل كبقم وكتف وجبل اهـ. وفي التكملة:
بالاخيرين يروى قول الاعشى)؛ وأَنشد بيت الأَعشى:
وقد طُفْتُ للمال آفاقَهُ:
عُمانَ فحِمْصَ فأُورِي شَلَِمْ
ويقال أَيضاً: إِيلِياءُ وبيتُ المَقْدِس وبيتُ المِكْياش
(* قوله
«المكياش إلخ» كذا بالأصل). ودارُ الضَّرْبِ وصَلَمُونُ.
ورع: الوَرَعُ: التَّحَرُّجُ. تَوَرَّعَ عن كذا أَي تحرَّج. والوَرِعُ،
بكسر الراء: الرجل التقي المُتَحَرِّجُ، وهو وَرِعٌ بيِّن الورَعِ، وقد
ورِعَ من ذلك يَرِعُ ويَوْرَعُ؛ الأَخيرة عن اللحياني، رِعةً وورَعاً
ورْعاً؛ حكاها سيبويه، وورُعَ ورُوعاً ووراعة وتَوَرَّعَ، والاسم الرِّعةُ
والرِّيعةُ؛ الأَخِيرةُ على القلب. ويقال: فلان سَيءُ الرِّعةِ أَي قليل
الورَعِ. وفي الحديث: مِلاكُ الدِّينِ الورَعُ؛ الورَعُ في الأَصل: الكَفّ
عن المَحارِمِ والتحَرُّجُ منه وتَوَرَّعَ من كذا، ثم استعير للكف عن
المباح والحلال.
الأَصمعي: الرِّعةُ الهَدْيُ وحُسْنُ الهيئةِ أَو سُوء الهيئة. يقال:
قوم حَسَنةٌ رِعَتُهم أَي شأْنُهم وأَمْرُهم وأَدَبُهم، وأَصله من الوَرَعِ
وهو الكَفّ عن القبيح. وفي حديث الحسن، رضي الله عنه: ازْدَحَمُوا عليه
فرأَى منهم رِعةً سيِّئةً فقال: اللهمّ إِلَيْكَ؛ يريد بالرِّعةِ ههنا
الاحْتِشامَ والكَفَّ عن سُوءِ الأَدَبِ أَي لم يُحْسِنُوا ذلك. يقال:
وَرِعَ يَرِعُ رِعةً مثل وَثِقَ يَثِقُ ثِقَةً. وفي حديث الدّعاء: وأَعِذْني
من سُوءِ الرِّعةِ أَي من سُوءِ الكفِّ عما لا يَنْبَغِي. وفي حديث ابن
عوف: وبِنَهْيه يَرِعُون أَي يَكُفُّونَ. وفي حديث قيس بن عاصم: فلا
يُوَرَّعُ رجل عن جمَل يَختطمه أَي يُكَفُّ ويُمْنعُ، وروي يُوزَعُ، بالزاي،
وسنذكره بعدها.
والوَرَعُ، بالتحريك: الجَبانُ، سمي بذلك لإِحْجامِه ونُكُوصه. قال ابن
السكيت: وأَصحابنا يذهبون بالورع إِلى الجبان، وليس كذلك، وإِنما الورع
الصغير الضعيف الذي لا غَناءَ عنده. يقال: إِنما مال فلان أَوْراع أَي
صغار، وقيل: هو الصغير الضعيف من المال وغيره، والجمع أَوْراعٌ، والأُنثى من
كل ذلكَ وَرَعةٌ، وقد وَرُعَ، بالضم، يَوْرُعُ وُرْعاً، بالضم ساكنة
الراء، وَوُرُوعاً ووُرْعةً ووَراعةً ووَراعاً، ووَرِعَ، بكسر الراء، يَرِعُ
وَرَعاً؛ حكاها ثعلب عن يعقوب، ووَراعةً، وأَرى يَرَعُ، بالفتح، لغة
كَيَدَعُ،وتَوَرَّعَ، كل ذلك إِذا جَبُنَ أَو صغُر، والورَع: الضعيف في رأْيه
وعقله وبدنه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
رِعةُ الأَحْمَقِ يَرْضَى ما صَنَعْ
فسّره فقال: رِعةُ الأَحمقِ حالَتُه التي يَرْضَى بها. وحكى ابن دُريد:
رجل وَرَعٌ بَيِّنُ الوُرُوعة؛ ويشهد بصحة قوله قول الراجز:
لا هَيِّبانٌ قَلْبُه مَنَّانُ،
ولا نَخِيبٌ ورَعٌ جَبانُ
قال: وهذه كلها من صفات الجبانِ. ويقال: الوَرَعُ على العموم الضعيف من
المال وغيره.
وورَّعه عن الشيء تَوْرِيعاً: كفَّه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه:
وَرِّعِ اللِّصَّ ولا تُراعِه؛ فسّره ثعلب فقال: يقول إِذا شَعَرْتَ به
ورأَيْتَه في مَنْزِلِكَ فادْفَعْه واكْفُفْه عن أَخذ متاعِك، وقوله ولا
تُراعِه أَي لا تُشْهِدْ عليه، وقيل: معناه رُدَّه بتعرُّض له أَو تَنْبيه ولا
تَنتَظِر ما يكون من أَمره. وكل شيء تنتظره، فأَنت تراعيه وتَرْعاه؛ ومنه
تقول: هو يَرْعَى الشمسَ أَي يَنتَظِرُ وُجُوبَها، قال: والشاعر يَرْعَى
النجوم. وقال أَبو عبيد: ادْفَعْه واكْفُفْ بما اسْتَطَعْتَ ولا تنتظر
فيه شيئاً. وكل شيء كَفَفْتَه، فقد ورعْتَه؛ وقال أَبو زبيد:
وورَّعْتُ ما يكني الوُجُوهَ رِعايةً
ليَحْضُرَ خَيرٌ، أَو ليَقْصُرَ مُنْكَرُ
يقول: ورَّعْتُ عنكم ما يَكْني وجوهكم، تَمَنَّنَ بذلك عليهم. وفي حديث
عمر أَيضاً أَنه قال للسائب: وَرِّعْ عني في الدِّرْهَمِ والدِّرهمين أَي
كُفَّ عني الخُصومَ بأَن تَقْضِيَ بينهم وتَنُوبَ عني في ذلك، وفي حديثه
الآخر: وإِذا أَشْفَى وَرِعَ أَي إذا أَشْرَفَ على معصية كَفَّ.
وأَوْرَعَه أَيضاً: لغة في وَرَّعَه؛ عن ابن الأَعرابي، والأُولى أَعْلى.
ووَرَّعَ الإِبلَ عن الحَوْضِ: رِدَّها فارْتَدَّتْ؛ قال الراعي:
وقال الذي يَرْجُو العُلالةَ: وَرِّعوا
عن الماء لا يُطْرَقْ، وَهُنَّ طَوارِقُهْ
ووَرَّعَ الفرَسَ: حَبَسَه بلجامه. ووَرَّعَ بينهما وأَوْرَعَ: حَجَزَ.
والتوْرِيعُ: الكَفُّ والمَنْعُ؛ وقال أبو دواد:
فَبَيْنا نُوَرِّعُهُ باللِّجام،
نُرِيدُ به قَنَصاً أَو غِوارا
أَي نَكُفُّه. ومنه الوَرَعُ التحرُّجُ. وما وَرَّعَ أَن فَعَلَ كذا
وكذا أَي ما كَذَّب.
والمُوارَعةُ: المُناطَقةُ والمُكالَمَةُ ووارَعَه: ناطَقَه. وفي
الحديث: كان أَبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، يُوارِعانِه، يعني علّياً، رضي
الله عنه، أَي يَسْتَشِيرانِه؛ هو من المُناطَقةِ والمُكالَمَةِ؛ قال
حسان:نَشَدْتُ بَني النَّجَّارِ أَفْعالَ والِدي،
إِذا العان لم يُوجَدْ له مَنْ يُوارِعُهْ
ويروى: يُوازِعُه.
ومُوَرِّعٌ وورِيعةُ: اسمان. والوَرِيعةُ: اسم فرس مالك بن نُوَيْرَةَ؛
وأَنشد المازني في الوَرِيعةِ:
ورَدَّ خَلِيلَنا بعَطاءِ صِدْقٍ،
وأَعْقَبَه الوَرِيعةَ من نِصابِ
وقال: الوَرِيعةُ اسم فرس، قال: ونِصابٌ اسم فرس كان لمالك بن نويرة
وإِنما يريد أَعْقَبَه الوَرِيعةَ من نسل نِصابٍ. والوَرِيعةُ: موضع؛ قال
جرير:
أَحَقًّا رأَيْتَ الظَّاعِنِينَ تَحَمَّلُوا
منَ الجَزْعِ، أَو واري الودِيعةِ ذي الأَثْلِ؟
وقيل: هو وادٍ معروف فيه شجر كثير؛ قال الراعي يذكر الهَوادِجَ:
يُخَيَّلْنَ من أَثْلِ الوَرِيعةِ، وانْتَحَى
لها القَيْنُ يَعْقُوبٌ بفَأْسٍ ومِبْرَدِ
فرش: فَرَشَ الشيء يفْرِشُه ويَفْرُشُه فَرْشاً وفَرَشَه فانْفَرَش
وافْتَرَشَه: بسَطَه. الليث: الفَرْشُ مصدر فَرَشَ يَفْرِش ويفْرُش وهو بسط
الفراش، وافْتَرشَ فلان تُراباً أَو ثوباً تحته. وأَفْرَشَت الفرس إِذا
اسْتَأْتَتْ أَي طلبت أَن تُؤْتى. وافْتَرشَ فلان لسانَه: تكلم كيف شاء أَي
بسطه. وافْتَرشَ الأَسدُ والذئب ذراعيه: رَبَضَ عليهما ومدّهما؛ قال:
تَرى السِّرْحانَ مُفْتَرِشاً يَدَيه،
كأَنَّ بَياضَ لَبَّتِه الصَّدِيعُ
وافتَرَشَ ذراعيه: بسطهما على الأَرض. وروي عن النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم، أَنه نهى في الصلاة عن افتراش السبع، وهو أَن يَبْسُط ذراعيه في
السجود ولا يُقِلَّهما ويرْفَعَهما عن الأَرض إِذا سَجَد كما يَفْتَرشُ
الذئبُ والكلب ذراعيه ويبسطهما. والافْتِراشُ، افْتِعالٌ: من الفَرْش
والفِراش. وافْتَرَشَه أَي وطِئَه.
والفِراشُ: ما افْتُرِش، والجمع أَفْرِشةٌ وفُرُشٌ؛ سيبويه؛ وإِن شئت
خفَّفْت في لغة بني تميم. وقد يكنى بالفَرْش عن المرأَة.
والمِفْرَشةُ: الوِطاءُ الذي يُجْعل فوق الصُّفَّة. والفَرْشُ:
المَفْروشُ من متاع البيت. وقوله تعالى: الذي جعل لكم الأَرض فِراشاً؛ أَي وِطاءً
لم يَجْعلها حَزْنةً غَليظة لا يمكن الاستقرار عليها. ويقال: لَقِيَ
فلان فلاناً فافْتَرَشَه إِذا صرَعَه. والأَرض فِراشُ الأَنام، والفَرْشُ
الفضاءُ الواسع من الأَرض، وقيل: هي أَرض تَسْتوي وتَلِين وتَنْفَسِح عنها
الجبال.
الليث: يقال فَرَّش فلان داره إِذا بلّطَها، قال أَبو منصور: وكذلك إِذا
بَسَطَ فيها الآجُرَّ والصَفِيحَ فقد فَرَّشَها. وتَفْرِيشُ الدار:
تَبْلِيطُها. وجمَلٌ مُفْتَرِشُ الأَرض: لا سَنام له، وأَكمةٌ مُفْتَرِشةُ
الأَرض كذلك، وكلُّه من الفَرْشِ.
والفَرِيشُ: الثَوْرُ العربي الذي لا سنام له؛ قال طريح:
غُبْس خَنابِس كلّهنّ مُصَدّرٌ،
نَهْدُ الزُّبُّنّة كالفَرِيشِ شَتِيمُ
وفَرَشَه فِراشاً وأَفْرَشَه: فَرَشَه له. ابن الأَعرابي: فَرَشْتُ
زيداً بِساطاً وأَفْرَشْته وفَرَّشْته إِذا بَسَطت له بِساطاً في ضيافتِه،
وأَفْرَشْته إِذا أَعْطَبته فَرْشاً من الإِبل. الليث: فَرَشْت فلاناً أَي
فَرَشْت له، ويقال: فَرَشْتُه أَمْري أَي بسطته كلَّهُ، وفَرَشْت الشيء
أَفْرِشُه وأَفْرُشُه: بسطته. ويقال: فَرَشَه أَمْرَهي إِذا أَوسَعه إِياه
وبسَطه له.
والمِفْرَشُ: شيء كالشاذَكُونَة
(* الشاذكونة: ثياب مُضرَّبَة تعمل
باليمن «القاموس».). والمِفْرَشةُ: شيء يكون على الرحْل يَقعد عليها الرجل،
وهي أَصغرُ من المِفْرَش، والمِفْرَش أَكبرُ منه.
والفُرُشُ والمَفارِشُ: النِّساءُ لأَنهن يُفتَرَشْن؛ قال أَبو كبير:
مِنْهُمْ ولا هُلْك المَفارِش عُزَّل
أَي النساء، وافْتَرَشَ الرجل المرأَة للّذَّة. والفَريشُ: الجاريةُ
يَفْتَرِشُها الرجلُ. الليث: جارية فَرِشٌ قد افْتَرَشَها الرجل، فَعِيلٌ
جاء من افْتَعَل، قال أَبو منصور: ولم أَسمع جارية فَرِيش لغيره.
أَبو عمرو: الفِراش الزوج والفِراش المرأَة والفِراشُ ما يَنامان عليه
والفِراش البيت والفِراشُ عُشُّ الطائرِ؛ قال أَبو كبير الهذلي:
حتى انْتَهَيْتُ إِلى فِراش عَزِيزَةٍ
والفَراشُ: مَوْقِع اللسان في قعر الفمِ. وقوله تعالى: وفُرُشٍ
مَرْفُوعةٍ؛ قالوا: أَراد بالفُرُشِ نساءَ أَهل الجنة ذواتِ الفُرُشِ. يقال
لامرأَة الرجل: هي فِراشُه وإِزارُه ولِحافُه، وقوله مرفوعة رُفِعْن بالجَمال
عن نساء أَهلِ الدنيا، وكلُّ فاضلٍ رَفِيعٌ. وقوله، صلى اللَّه عليه
وسلم: الولدُ للفِراشِ ولِلْعاهِر الحجَرُ؛ معناه أَنه لمالك الفِراشِ وهو
الزوج والمَوْلى لأَنه يَفْتَرِشُها، هذا من مختصر الكلام كقوله عز وجل:
واسأَل القريةَ، يريد أَهلَ القريةِ. والمرأَة تسمى فِراشاً لأَن الرجل
يَفْتَرِشُها. ويقال: افْتَرَشَ القومُ الطريقَ إِذا سلكوه. وافْتَرشَ فلانٌ
كريمةَ فلانٍ فلم يُحْسنْ صحبتها إِذا تزوّجها. ويقال: فلانٌ كريمٌ
مُتَفَرِّشٌ لأَصحابه إِذا كان يَفْرُشُ نفسَه لهم. وفلان كريمُ المَفارِشِ
إِذا تزوّج كرائمَ النِّساء. والفَرِيشُ من الحافر: التي أَتى عليها من
نِتاجها سبعةُ أَيام واستحقت أَن تُضرَبَ، أَتاناً كانت أَو فَرَساً، وهو
على التشبيه بالفَرِيشِ من النساء، والجمع فَرائشُ؛ قال الشماخ:
راحَتْ يُقَحِّمُها ذو ازْملٍ وسَقَتْ
له الفَرائِشُ والسُّلْبُ القَيادِيدُ
الأَصمعي: فرسٌ فَرِيشٌ إِذا حُمِلَ عليها بعد النِّتاج بسبع.
والفَرِيشُ من ذوات الحافر: بمنزلة النُّفَساء من النساء إِذا طهُرت وبمنزلة
العُوذِ من النوق.
والفَرْشُ: الموضع الذي يكثر فيه النبات. والفَرْشُ: الزرع إِذا
فَرَّشَ. وفَرَشَ النباتُ فَرْشاً: انبسط على وجه الأَرض. والمُفَرِّشُ: الزرع
إِذا انبسط، وقد فَرَّشَ تَفْريشاً.
وفَراشُ اللسان: اللحمة التي تحته، وقيل: هي الجلدة الخَشْناء التي تلي
أُصولَ الأَسْنان العُلْيا، وقيل: الفَراشُ مَوْقع اللسان من أَسفل
الحَنَك، وقيل: الفَراشَتانِ بالهاء غُرْضُوفانِ عند اللَّهاة. وفَراشُ
الرأْس: عِظامٌ رِقاق تلي القِحْف. النضر: الفَراشانِ عِرْقان أَخْضران تحت
اللسان؛ وأَنشد يصف فرساً:
خَفِيف النَّعامةٍ ذُو مَيْعةٍ،
كَثِيف الفَراشةِ ناتي الصُّرَد
ابن شميل: فَراشا اللجامِ الحَديدتانِ اللتان يُرْبط بهما العذاران،
والعذَارانِ السَّيْرانِ اللذان يُجْمعان عند القَفا. ابن الأَعرابي:
الفَرْشُ الْكذِبُ، يقال: كَمْ تَفْرُش كَمْ
وفَراشُ الرأْس: طرائقُ دِقاق من القِحْف، وقيل: هو ما رَقَّ من عظْم
الهامة، وقيل: كلُّ رقيقٍ من عظمٍ فَراشَةٌ، وقيل: كل عظم ضُرب فطارت منه
عظامٌ رِقاقٌ فهي الفَراش، وقيل: كل قُشور تكون على العظْم دون اللحم،
وقيل: هي العِظامُ التي تخرج من رأْس الإِنسان إِذا شُجّ وكُسِر، وقيل: لا
تُسمى عِظامُ الرأْس فَراشاً حتى تتبيّن، الواحدة من كل ذلك فَراشةٌ.
والمُفَرِّشةُ والمُفْتَرِشةُ من الشِّجاجِ: التي تبلغ الفَراش. وفي حديث
مالك: في المُنَقِّلَةِ التي يَطيرُ فَراشُها خمسةَ عشرَ؛ المُنَقَّلَةُ من
الشِّجاج التي تُنَقِّلُ العظام. الأَصمعي: المُنَقِّلة من الشجاج هي
التي يخرج منها فَراشُ العظام وهي قشرة تكون على العظم دون اللحم؛ ومنه قول
النابغة:
ويَتْبَعُها منهمْ فَراشُ الحَواجِب
والفَراش: عظم الحاجب. ويقال: ضرَبه فأَطارَ فَراشَ رأْسه، وذلك إِذا
طارت العظام رِقاقاً من رأْسه. وكل رقيق من عظم أَو حديدٍ، فهو فَراشةٌ؛
وبه سميت فَراشةُ القُفل لرِقَّتِها. وفي حديث علي، كرم اللَّه وجهه:
ضَرْبٌ يَطِير منه فَراشُ الهامِ؛ الفَراشُ: عظام رقاق تلي قِحْف الرأْس.
الجوهري: المُفَرِّشةُ الشَّجّةُ التي تَصْدَع العظم ولا تَهْشِم،
والفَراشةُ: ما شخَص من فروع الكتفين فيما بين أَصْل العنق ومستوى الظهر وهما
فَراشا الكتفين. والفَراشَتان: طرَفا الوركين في النُّفْرة. وفَراشُ الظَّهْر:
مَشكّ أَعالي الضُّلُوع فيه. وفَراشُ القُفْل: مَناشِبُه، واحدتُها
فَراشة؛ حكاها أَبو عبيد؛ قال ابن دريد: لا أَحْسبها عربيّة. وكلُّ حديدةٍ
رقيقة: فَراشةٌ. وفَراشةُ القُفْل: ما يَنْشَبُ فيه. يقال: أَقْفَلَ
فأَفْرَشَ. وفَراشُ التَّبِيذ: الحَبَبُ الذي عليه.
والفَرْشُ: الزَّرْع إِذا صارت له ثلاثُ ورَقاتٍ وأَرْبعٌ. وفَرْشُ
الإِبِلِ وغيرِها: صِغارُها، الواحدُ والجمع في ذلك سواءٌ. قال الفراء: لم
أَسمع له بجمع، قال: ويحتمل أَن يكون مصدراً سمي به من قولهم فَرَشَها
اللَّهُ فَرْشاً أَي بَثُّها بَثّاً. وفي التنزيل العزيز: ومن الأَنْعام
حَمُولةً وفَرْشاً؛ وفَرْشُها: كِبارُها؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
له إِبلٌ فَرْشٌ وذاتُ أَسِنَّة
صُهابيّة، حانَتْ عليه حُقُوقُها
وقيل: الفَرْشُ من النَّعَم ما لا يَصْلح إِلا للذبح. وقال الفراء:
الحَمُولةُ ما أَطاقَ العملَ والحَمْلَ. والفَرْشُ: الصغارُ. وقال أَبو
إِسحق: أَجْمَع أهْلُ اللغة على أَن الفَرْشَ صِغارُ الإِبل. وقال بعض
المفسرين: الفَرْشُ صغارُ الإِبل، وإِن البقر والغنم من الفَرْش. قال: والذي جاء
في التفسير يدلّ عليه قولُه عز وجل: ثمانية أَزواجٍ من الضأْن اثنين ومن
المَعزِ اثنين، فلما جاء هذا بدلاً من قوله حَمُولة وفرْشاً جعله للبقر
والغنم مع الإِبل؛ قال أَبو منصور: وأَنشدني غيرهُ ما يُحَقّق قول أَهل
التفسير:
ولنا الحامِلُ الحَمُولةُ، والفَرْ
شُ من الضَّأْن، والحُصُونُ السيُوفُ
وفي حديث أُذَينةَ: في الظُّفْرِ فَرْشٌ من الإِبل؛ هو صغارُ الإِبل،
وقيل: هو من الإِبل والبقر والغنم ما لا يصلح إِلا للذبح. وأَفْرَشْتُه:
أَعْطَيته فَرْشاً من الإِبل، صغاراً أَو كباراً. وفي حديث خزيمة يذكر
السَّنَة: وتركَتِ الفَرِيش مُسْحَنْكِكاً أَي شديدَ السواد من الاحتراق.
قيل: الفَراش الصغارُ من الإِبل؛ قال أَبو بكر: هذا غيرُ صحيح عندي لأَن
الصِّغارَ من الإِبل لا يقال لها إِلا الفَرْش. وفي حديث آخر: لكم العارض
والفَريشُ؛ قال القتيبي: هي التي وَضَعَت حديثاً كالنُّفَساء من النساء.
والفَرْشُ: منابت العُرْفُط؛ قال الشاعر:
وأَشْعَث أَعْلى ماله كِففٌ له
بفَْرشِ فلاةٍ، بينَهنَّ قَصِيمُ
ابن الأَعرابي: فَرْشٌ من عُرْفُط وقَصِيمَةٌ من غَضاً وأَيكةٌ من
أَثْلٍ وغالٌّ من سَلَم وسَليلٌ من سَمُر. وفَرْشُ الحطب والشجر: دِقُّه
وصِغارُه. ويقال: ما بها إِلا فَرْشٌ من الشجر. وفَرْشُ العِضاهِ: جماعتُها.
والفَرْشُ: الدارةُ من الطَّلْح، وقيل: الفَرْشُ الغَمْضُ من الأَرض فيه
العُرْفُطُ والسَّلَم والعَرْفَجُ والطَّلْح والقَتاد والسَّمُر
والعَوْسجُ، وهو ينبت في الأَرض مستوية ميلاً وفرسخاً؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:وقد أَراها وشَواها الجُبْشا
ومِشْفَراً، إِن نطَقَتْ، أَرَشَّا
كمِشْفَرِ النابِ تَلُوكُ الفَرْشا
ثم فسره فقال: إِن الإِبل إِذا أَكلت العرفط والسلم استَرْخت أَفواهُها.
والفَرْشُ في رِجْل البعير: اتساعٌ قليل وهو محمود، وإِذا كثُر وأَفرط
الرَّوَحُ حتى اصطَكَّ العُرْقوبان فهو العَقَل، وهو مذموم. وناقة
مَفْرُوشةُ الرِّجْل إِذا كان فيها اسْطار
(* قوله: اسْطار؛ هكذا في الأَصل.)
وانحناء؛ وأَنشد الجعدي:
مَطْويَّةُ الزَّوْرِ طيَّ البئْرِ دَوْسَرة،
مَفْروشة الرِّجْل فَرْشاً لم يكن عَقَلا
ويقال: الفَرْشُ في الرِّجُل هو أَن لا يكون فيها أَن لا يكون فيها
انْتِصابٌ ولا إِقْعاد. وافْتَرَشَ الشيءَ أَي انبسط. ويقال: أَكَمَةٌ
مُفْتَرِشةُ الظَّهْر إِذا كانت دكَّاءَ. وفي حديث طَهْفة: لكم العارِض
والفَريشُ؛ الفَريشُ من النبات: ما انْبَسط على وجه الأَرض ولم يَقُم على ساق.
وقال ابن الأَعرابي: الفَرْشُ مَدْح والعَقَل ذمٌّ، والفَرْشُ اتساع في
رِجْل البعير، فإن كثُر فهو عَقَل.
وقال أَبو حنيفة: الفَرْشةُ الطريقةُ المطمئنة من الأَرض شيئاً يقودُ
اليومَ والليلة ونحو ذلك، قال. ولا يكون إِلا فيما اتسع من الأَرض واستوى
وأَصْحَرَ، والجمع فُرُوش.
والفَراشة: حجارة عظام أَمثال الأَرْجاء توضع أَوّلاً ثم يُبْنى عليها
الركِيبُ وهو حائط النخل. والفَراشةُ: البقيّة تبقى في الحوض من الماء
القليل الذي ترى أَرض الحوض من ورائه من صَفائه. والفَراشةُ: مَنْقَع الماء
في الصفاةِ، وجمعُها فَراشٌ. وفَراشُ القاعِ والطين: ما يَبِشَ بعد
نُضُوب الماء من الطين على وجه الأَرض، والفَراشُ: أَقلُّ من الضَّحْضاح؛ قال
ذو الرمة يصف الحُمُر:
وأَبْصَرْنَ أَنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطافُه
فَراشاً، وأَنَّ البَقْلَ ذَاوٍ ويابِسُ
والفَراشُ: حَبَبُ الماءِ من العَرَقِ، وقيل: هو القليل من العرق: عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَراش المَسِيح فَوْقَه يَتَصَبَّبُ
قال ابن سيده: ولا أَعرف هذا البيت إِنما المعروف بيت لبيد:
عَلا المسْك والدِّيباج فوقَ نُحورِهم
فَراش المسيحِ، كالجُمَان المُثَقَّب
قال: وأَرى ابن الأَعرابي إِنما أَراد هذا البيت فأَحالَ الروايةَ إِلا
أَن يكون لَبِيدٌ قد أَقْوى فقال:
فراش المسيح فوقه يتصبب
قال: وإِنما قلت إِنه أَقْوى لأَنّ رَوِيَّ هذه القصيدةِ مجرورٌ،
وأَوّلُها:
أَرى النفسَ لَجّتْ في رَجاءِ مُكَذَّبِ،
وقد جَرّبَتْ لو تَقْتَدِي بالمُجَرَّبِ
وروى البيت: كالجمان المُحَبَّبِ؛ قال الجوهري: مَنْ رفعَ الفَراشَ
ونَصَبَ المِسْكَ في البيت رفَعَ الدِّيباجَ على أَن الواو للحال، ومَنْ نصب
الفَراشَ رفعَهما.
والفَرَاشُ: دوابُّ مثل البعوض تَطير، واحدتُها فَراشةٌ. والفرَاشةُ:
التي تَطير وتَهافَتُ في السِّراج، والجمع فَراشٌ. وقال الزجاج في قوله عز
وجل: يومَ يكونُ الناسُ كالفَراشِ المَبثُوثِ، قال: الفَراش ما تَراه
كصِغارِ البَقِّ يَتَهافَتُ في النار، شَبَّهَ اللَّهُ عزّ وجل الناسَ يومَ
البَعْث بالجراد المُنْتَشر وبالفَراش المبثوث لأَنهم إِذا بُعِثُوا
يمُوج بعضُهم في بعض كالجراد الذي يَمُوج بعضُه في بعض، وقال الفرّاء: يريد
كالغَوْغاءِ من الجراد يَرْكَبُ بعضه بعضاً كذلك الناس يَجُول يومئذ
بعضُهم في بعض، وقال الليث: الفَراشُ الذي يَطِير؛ وأَنشد:
أَوْدى بِحِلْمِهمُ الفِياشُ، فِحلْمُهم
حِلْمُ الفَراشِ ، غَشِينَ نارَ المُصْطَلي
(* هذا البيت لجرير وهو في ديوانه على هذه الصورة):
أَزرَى بحِلمُِكُمُ الفِياشُ، فأنتمُ
مثلُ الفَراش غَشِين نار المصطلي
وفي المثل: أَطْيَشُ من فَراشةٍ. وفي الحديث: فتَتَقادَعُ بهم جَنْبةُ
السِّراطِ تَقادُعَ الفَراشِ؛ هو بالفتح الطير الذي يُلْقي نفسَه في ضوء
السِّراج؛ ومنه الحديث: جَعَلَ الفَراشُ وهذه الدوابُّ تقع فيها.
والفَراشُ: الخفيفُ الطَّيّاشَةُ من الرجال.
وتَفَرّش الطائرُ: رَفْرَفَ بجناحيه وبسَطَهما؛ قال أَبو دواد يصف
ربيئة:فَأَتانا يَسْعَى تَفَرُّشَ أُمّ الـ
بَيْض شَدّاً، وقد تَعالى النهارُ
ويقال: فَرَّشَ الطائرُ تَفْرِيشاً إِذا جعل يُرَفْرِف على الشيء، وهي
الشَّرْشَرةُ والرَفْرَفةُ. وفي الحديث: فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفَرّش؛
هو أَن تَقْرب من الأَرض وتَفْرُش جَناحيها وتُرَفْرِف. وضرَبَه فما
أَفْرَش عنه حتى قَتَلَه أَي ما أَقْلعَ عنه، وأَفْرَش عنهم الموتُ أَي
ارْتفع؛ عن ابن الأَعرابي. وقولهم: ما أَفْرَشَ عنه أَي ما أَقْلَع؛ قال يزيد
ابن عمرو بن الصَّعِق
(* قوله «قال يزيد إلخ» هكذا في الأصل، والذي في
ياقوت وأَمثال الميداني:
لم أَر يوماً مثل يوم جبله
لما أَتتنا أسد وحنظله
وغطفان والملوك أزفله
تعلوهم بقضب منتخله وزاد الميداني:
لم تعد أَن أَفرش عنها الصقله):
نحْنُ رُؤوسُ القومِ بَيْنَ جَبَلَهْ،
يومَ أَتَتْنا أَسَدٌ وحَنْظَلَهْ،
نَعْلُوهُمُ بِقُضُبٍ مُنْتَخَلَهْ،
لم تَعْدُ أَن أَفْرَشَ عنها الصَّقَلَهْ
أَي أَنها جُدُدٌ. ومعنى مُنْتَخَلة: مُتَخَيَّرة. يقال: تَنَخَّلْت
الشيءَ وانْتَخَلْته اخْتَرْته. والصَّقَلةُ: جمعُ صاقِل مثل كاتب وكَتَبة.
وقوله لم تَعْدُ أَن أَفْرَشَ أَي لم تُجاوِزْ أَن أَقْلَع عنها الصقلةُ
أَي أَنها جُدُدٌ قَرِيبةُ العهدِ بالصَّقْلِ. وفرش عنه: أَرادَه وتهيّأَ
له. وفي حديث ابن عبد العزيز: إِلا أَن يكون مالاً مُفْتَرَشاً أَي
مغصوباً قد انْبَسطت فيه الأَيْدي بغير حق، من قولهم: افْتَرَش عِرْضَ فلانٍ
إِذا اسْتباحَه بالوَقِيعة فيه، وحقيقتُه جَعَله لنفسه فِراشاً يطؤُه.
وفَرْش الجَبَا: موضع؛ قال كُثيّر عزة:
أَهاجَك بَرْقٌ آخِرَ الليلِ واصِبُ،
تضَمَّنَه فَرْشُ الجَبا فالمَسارِبُ؟
والفَرَاشةُ: أَرض؛ قال الأَخطل:
وأَقْفَرت الفَراشةُ والحُبَيّا،
وأَقْفَر، بَعْد فاطِمةَ، الشَّقِيرُ
(* قوله »الشقير» كذا بالأصل هنا
وفي مادة شقر بالقاف، وفي ياقوت: الشفير بالفاء.)
وفي الحديث ذكر فَرْش، بفتح الفاء وتسكين الراء، وادٍ سلَكه النبي، صلى
اللَّه عليه وسلم، حين سارَ إِلى بدر، واللَّه أَعلم.
ضرا: ضَرِيَ به ضَراً وضَراوَةً: لهِجَ، وقد ضَرِيتُ بهذا الأَمر أَضْرى
ضَراوَةً. وفي الحديث: إن للإسلام ضَراوَةً أَي عادةً ولَهجاً به لا
يُصْبَرُ عنه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: إياكُمْ وهذه المَجازِرَ فإن لها
ضَراوةً كضَراوَةِ الخمرِ. وقد ضَرَّاه بذلك الأَمرِ. وسِقاءٌ ضارٍ
باللَّبَنِ: يَعْتُقُ فيه ويَجُودُ طَعْمُه، وجَرَّةٌ ضارِيَةٌ بالخَلِّ
والنَّبيذِ. وضَرِيَ النَّبِيذُ يَضْرى إذا اشْتَدَّ. قال أَبو منصور: الضاري
من الآنِيَةِ الذي ضُرَّي بالخمر، فإذا جُعِلَ فيه النَّبيذُ صار
مُسْكِراً، وأَوصلُه من الضَّراوَةِ وهي الدُّرْبَةُ والعادةُ. وفي حديث علي،
كرم الله وجهه: أَنه نهى عن الشُّرْبِ في الإناء الضَّاري؛ هو الذي
ضُرِّيَ بالخمر وعُوِّدَ بها، فإذا جُعِلَ فيه العَصيرُ صار مُسْكراً، وقيل
فيه معنىً غير ذلك. أَبو زيد: لذِمْتُ به لَذَماً وضَرِيتُ به ضَرىً
ودَرِبْتُ به دَرَباً، والضَّراوَةُ: العادة. يقال: ضَرِيَ الشيءُ بالشيء إذا
اعْتادَه فلا يَكادُ يَصْبرُ عنه. وضَرِيَ الكلْبُ بالصَّيْدِ إذا
تَطَعَّم بلَحْمِه ودَمِه. والإناءُ الضَّاري بالشَّراب والبيتُ الضَّاري
باللَّحْم من كثرة الاعْتيادِ حتى يَبْقى فيه ريحُه. وفي حديث عمر: إن للَّحْم
ضَراوَةً كضَراوَةِ الخمرِ، أَي أَن له عادةً يَنزِعُ إليها كعادةِ
الخمرِ وأَراد أَن له عادةً طَلاَّبَةً لأَكْله كعادةِ الخمرِ مع شارِبِها،
ذلك أَن من اعتاد الخمرَ وشُرْبَها أََسْرَفَ في النَّفَقة حِرْصاً عليها،
وكذلك من اعْتادَ اللحمَ وأَكلَه لم يَكَدْ يصبر عنه فدخل في باب
المُسْرفِ في نفَقَته، وقد نَهى الله عز وجل عن الإسْراف. وكلْبٌ
ضارٍ بالصَّيْدِ، وقد ضَرِيَ ضَراً وضِراءً وضَراءً؛ الأَخيرةِ عن أَبي
زيد، إذا اعْتادَ الصَّيْدَ. والضِّرْوُ: الكلبُ الضاري، والجمع ضِراءٌ
وأَضْرٍ مثل ذئبٍ وأَذْؤُبٍ وذئابٍ؛ قال ابن أَحمر:
حتى إذا ذَرَّ قَرْنُ الشمسِ صَبَّحَه
أَضْري ابنِ قُرَّانَ باتَ الوْْحشَ والعََزَبَا
أَراد: باتَ وحْشاً وعَزباً؛ وقال ذو الرمة:
مُقَزَّعٌ أَطْلَسُ الأَطْمارِ ليسَ له
إلاَّ الضَّراءَ، وإلاَّ صَيْدَها، نَشَبُ
وفي الحديث: مَنِ اقْتَنى كلْباً إلا كلبَ ماشِيَةٍ أَو ضارٍ أَي كلباً
مُعَوَّداً بالصيْد. يقال: ضَرِيَ الكلْبُ وأَضْراهُ صاحِبُه أَي عَوَّده
وأَغراهُ به، ويُجْمع على ضَوارٍ. والمَواشي الضَّارية: المُعتادَةُ
لِرَعْي زُرُوع الناسِ. ويقال: كلبٌ ضارٍ وكلبةٌ
ضارِيةٌ، وفي الحديث: إن قيساً ضِراءُ
اللهِ؛ هو بالكسر جمع ضِرْوٍ، وهو من السِّباع ما ضَرِيَ بالصَّيْدِ
ولَهِجَ بالفَرائِس؛ المعنى أَنهم شُجْعان تَشْبيهاً بالسِّباعِ الضَّارية
في شَجاعَتها. والضِّرْوُ، بالكَسْر: الضَّاري من أَوْلادِ الكِلابِ،
والأُنثى ضِرْوَةٌ. وقد ضَرِيَ الكلبُ بالصَّيْدِ ضَراوَةً أَي تَعَوَّد،
وأَضْراهُ صاحِبُه أَي عَوَّده، وأَضْراهُ به أَي أَغراهُ، وكذلك
التَّضْرِية؛ قال زهير:
متى تَبْعثُوها تَبْعَثُوها ذَمِيمَةً،
وتَضْرى، إذا ضَرَّيْتُموها، فتَضْرَم
والضِّرْوُ من الجُذامِ: اللَّطْخُ منه. وفي الحديث: أَن أَبا بكر، رضي
الله عنه، أَكلَ مع رجلٍ به ضِرْوٌ
من جُذامٍ أَي لطْخٌ، وهو من الضَّراوَة كأَن الداءَ ضَرِيَ به؛ حكاه
الهَرَويُّ في الغَريبَيْن؛ قال ابن الأَثير: روي بالكسر والفتح، فالكسرُ
يريد أنَه دَاءٌ قد ضَرِيَ به لا يُفارِقُه، والفتحُ من ضرا الجُرحُ
يَضْرُو ضَرْواً إذا لم يَنْقَطِعْ سَيَلانُه أَي به قُرْحَة ذاتُ ضَرْوٍ.
والضِّرْوُ والضَّرْوُ: شجرٌ طَيِّبُ الرِّيحِ يُسْتاكُ ويُجْعَل ورَقُه في
العِطْرِ؛ قال النابغة الجعْدي:
تَسْتَنُّ بالضِّروْ من بَراقِشَ، أَوْ
هَيْلانَ، أَو ناضِرٍ منَ العُتُمِ
ويروى: أَو ضامِرٍ من العُتُم، بَراقِشُ وهَيْلانُ: مَوْضَعانِ، وقيل:
هما وادِيانِ باليَمَن كانا للأُمم السالفة. والضِّرْوُ: المَحْلَب،
ويقال: حَبَّةُ الخَضْراء؛ وأَنشد:
هَنِيئاً لعُودِ الضِّرْوِ شَهْدٌ يَنالُه
على خَضِراتٍ، ماؤُهُنَّ رَفِيفُ
أَي له بَرِيقٌ؛ أراد عُودَ سِواكٍ من شجَرةِ الضَّرْوِ إذا اسْتاكَتْ
به الجارِيَةُ. قال أَبو حنيفة: وأَكثَرُ مَنابِتِ الضِّرْوِ باليَمنِ،
وقيل: الضِّرْوُ البُطْمُ نفسُه. ابن الأَعرابي: الضَّرْوُ والبُطْمُ
الحبَّة الخَضْراءُ؛ قال جارِية بن بدر:
وكأَن ماءَ الضَّرْوِ في أَنْيابِها،
والزَّنْجَبيلَ على سُلافٍ سَلْسَلِ
قال أَبو حنيفة: الضِّرْوُ من شَجَرِ الجِبالِ، وهي مثل شَجَر
البَلُّوطِ العَظيمِ، له عَناقِيدُ كعَناقِيدِ البُطْمِ غيرَ أَنه أَكبرُ حبّاً
ويُطْبَخُ ورَقُه حتى يَنْضَجَ، فإذا نَضِجَ صُفِّيَ ورَقُه ورُدَّ الماءُ
إلى النارِ فيعقد ويصير كالقُبَّيطى، يُتداوى به من خُشُونةِ الصَّدرِ
وَوَجَعِ الحلْقِ. الجوهري: الضِّرْوُ، بالكسر، صَمْغُ شَجَرةٍ تُدْعى
الكَمْكامَ تُجْلَبُ من اليَمَن. واضْرَوْرى الرجلُ
(* قوله «واضرورى الرجل
إلخ» قال الصاغاني في التكملة: هو تصحيف، والصواب إظرورى بالظاء المعجمة.
وقد ذكرناه في موضعه على الصحة، ويحوز بالطاء المهملة أيضاً).
اضْرِيراءً: انتَفَخَ بطْنُه من الطَّعامِ واتَّخَمَ.
والضَّراءُ: أَرضٌ
مستويةٌ فيها السِّباعُ ونُبَذٌ من الشجر. والضَّراء: البَرازُ
والفَضاءُ، ويقال: أَرضٌ مُسْتَويةٌ
فيها شجر فإذا كانت في هَبْطةٍ فهي غَيْضَةٌ. ابن شميل: الضَّراءُ
المُسْتَوي من الأَرضِ، يقال: لأَمْشِيَنَّ لك الضَّراءَ، قال: ولا يقال
أَرضٌضَراءٌ ولا مكانٌ
ضَرَاءٌ. قال: ونَزَلنا بضَراءٍ من الأَرض من الأَرض أَي بأَرضٍ
مُسْتوية. وفي حديث مَعْدِ يكرِبَ: مَشَوْا في الضَّراءِ؛ والضَّراءُ، بالفتح
والمدِّ: الشجرُ المُلْتَفُّ في الوَادي. يقال: تَوارَى الصَّيْدُ منه في
ضَرَاءِ. وفلانٌ يَمْشِي الضَّراءَ إذا مَشَى مُسْتَخْفِياً فيما يُوارِي
من الشَّجَر. واسْتَضْرَيتُ للصَّيدِ إذا خَتَلْتَه من حيثُ لا يعلمَ.
والضَّراءُ: ما وَارَاكَ من الشَّجَرِ وغيرِهِ، وهو أَيضاً المشيُ فيما
يُوارِيكَ عمن تَكِيدُه وتَخْتِلُه. يقال: فلانٌ لا يُدَبُّ له الضَّرَاءُ؛
قال بشْرُ بن أَبي خازم.
عَطَفْنا لهم عَطْفَ الضَّرُوسِ منَ المَلا
بشَهْباءَ، لا يَمْشِي الضُّرَاءَ رَقِيبُها
ويقال للرجلُ إذا خَتَل صاحِبَه ومَكَرَ به: هو يَدِبُّ له الضَّرَاءَ
ويَمْشِي له الخَمَرَ؛ ويقال: لا أَمْشِي له الضَّراءَ ولا الخَمَرَ أَي
أُجاهِرُهُ ولا أُخاتِلُه. والضَّراءُ: الاسْتِخْفاءُ. ويقال: ما وَارَاك
من أَرضٍ فهو الضَّراءُ، وما وَاراك من شجرٍ فهو الخَمَر. وهو يَدِبُّ له
الضَّراءَ إذا كان يَخْتِلُه. ابن شميل: ما وَارَاك من شيء وادَّارَأْتَ
به فهو خَمَر، الوَهدة خَمَر والأَكَمَة خَمَر والجبل خَمَر والشجرُ
خَمَرٌ، وما واراك فهو خَمَر. أَبو زيد: مكانٌ خَمِرٌ إذا كان يُغَطِّي كلِّ
شيء ويُوارِيه. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: يَمْشونَ الخَفاءَ
ويَدِبُّون الضَّرَاءَ، هو، بالفتح وتخفيف الرَّاء والمدِّ: الشجرُ المُلْتَفُّ
يريدُ به المَكْرَ والخَدِيعَةَ.
والعِرْقُ الضَّارِي: السَّائلُ؛ قال الأَخطل يصف خمراً بُزِلَت:
لمَّا أَتَوْها بِمِصْباحٍ ومِبْزَلِهم،
سارتْ إليهم سُؤُورَ الأَبْجَلِ الضَّارِي
والمِبْزَلُ عندَ الخَمّارِينَ: هي حَدِيدةٌ تُغْرَزُ في زِقِّ الخَمْرِ
إذا حَضَر المشتري ليكون أُنْموذَجاً للشَّراب ويشتريه حينئذ،
ويُستَعْمل في الحَضَر في أَسْقِيَةِ الماء وأَوْعِيَتِه، يُعالَج بشيءٍ له
لَوْلَبٌ
كلما أُدِيرَ خَرَج الماءُ، فإذا أَرادوا حَبْسَه رَدُّوه إلى مَوْضِعِه
فيَحْتَبِسُ الماءُ فكذلك المِبْزَل؛ وقال حميد:
نَزِيفٌ تَرَى رَدْعَ العَبِيرِ بجَيْبِها،
كما ضَرَّجَ الضَّارِي النَّزِيف المُكَلَّمَا
أَي المَجْرُوحَ. وقال بعضهم: الضَّارِي السائِلُ بالدَّمِ من ضَرَا
يَضْرُو، وقيل: الضاري العِرْقُ الذي اعْتادَ الفَصْدَ، فإذا حانَ حِينُه
وفُصِدَ كان أَسرعَ لخروج دَمِه، قال: وكلاهما صحيحٌ جيّد، وقد ضَرَا
العِرْقُ. والضَّرِيُّ: كالضَّارِي؛ قال العجاج:
لها، إذا ما هَدَرَتْ، أَتِيُّ
ممَّا ضَرَا العِرْقُ به الضَّرِيُّ
وعِرْقٌ ضَرِيٌّ: لا يكادُ ينقطع دَمُه. الأَصمعي: ضَرَا العِرْقُ
يَضْرُِو ضَرْواً، فهو ضارٍ إذا نَزا منه الدَّمُ واهتَزَّ ونَعَر بالدَّمِ.
قال ابن الأَعرابي: ضَرَى يَضْرِي إذا سال وجَرَى، قال: ونَهَى عليٌّ، رضي
الله عنه، عن الشُّرْبِ في الإناء الضارِي، قال: معناه السائِلُ لأَنه
يُنَغِّصُ الشُّرْبَ إلى شارِبهِ. ابن السكيت: الشَّرَفُ كَبِدُ نَجْدٍ،
وكانت منازِلَ الملُوك من بني آكِلِ المُرارِ، وفيها اليومَ حِمَى
ضَرِيَّةَ. وفي حديث عثمان: كان الحِمَى حِمَى ضَرِيَّةَ على عَهْدِه ستَّةَ
أَمْيالٍ، وضَرِيَّةُ: امرأَةٌ
سُمِّي المَوضع بها، وهو بأَرْضِ نَجْدٍ. قال أَبو عبيدة: وضَرِيَّة
بِئرٌ؛ وقال الشاعر:
فأَسْقَاني ضَرِيَّةَ خَيْرَ بِئْرٍ
تَمُجّ الماءَ والحَبَّ التُّؤَامَا
وفي الشَّرَفِ الرَّبَذَة. وضَرِيَّةُ: موضع؛ قال نُصَيْب:
أَلا يا عُقابَ الــوَكْرِ، وَكْرِ ضَرِيَّةٍ،
سُقِيتِ الغَوادِي من عُقاب ومِنْ وَكْرِ
وضَرِيَّةُ: قَرْيَةٌ
لبَني كلابٍ على طَرِيق البَصرة إلى مَكَّة، وهي إلى مَكَّة أَقْرَب.
خلق: الله تعالى وتقدَّس الخالِقُ والخَلاَّقُ، وفي التنزيل: هو الله
الخالِق البارئ المصوِّر؛ وفيه: بلى وهو الخَلاَّق العَليم؛ وإِنما قُدّم
أَوَّل وَهْلة لأَنه من أَسماء الله جل وعز. الأَزهري: ومن صفات الله
تعالى الخالق والخلاَّق ولا تجوز هذه الصفة بالأَلف واللام لغير الله عز
وجل، وهو الذي أَوجد الأَشياء جميعها بعد أَن لم تكن موجودة، وأَصل الخلق
التقدير، فهو باعْتبار تقدير ما منه وجُودُها وبالاعتبار للإِيجادِ على
وَفْقِ التقدير خالقٌ.
والخَلْقُ في كلام العرب: ابتِداع الشيء على مِثال لم يُسبق إِليه: وكل
شيء خلَقه الله فهو مُبْتَدِئه على غير مثال سُبق إِليه: أَلا له الخَلق
والأَمر تبارك الله أَحسن الخالقين. قال أَبو بكر بن الأَنباري: الخلق في
كلام العرب على وجهين: أَحدهما الإِنْشاء على مثال أَبْدعَه، والآخر
التقدير؛ وقال في قوله تعالى: فتبارك الله أَحسنُ الخالقين، معناه أَحسن
المُقدِّرين؛ وكذلك قوله تعالى: وتَخْلقُون إِفْكاً؛ أَي تُقدِّرون كذباً.
وقوله تعالى: أَنِّي أَخْلُق لكم من الطين خَلْقه؛ تقديره، ولم يرد أَنه
يُحدِث معدوماً. ابن سىده: خَلق الله الشيء يَخلُقه خلقاً أَحدثه بعد أَن
لم يكن، والخَلْقُ يكون المصدر ويكون المَخْلُوقَ؛ وقوله عز وجل: يخلُقكم
في بطون أُمهاتكم خَلْقاً من بعد خَلق في ظُلمات ثلاث؛ أَي يخلُقكم
نُطَفاً ثم عَلَقاً ثم مُضَغاً ثم عِظاماً ثم يَكسُو العِظام لحماً ثم يُصوّر
ويَنفُخ فيه الرُّوح، فذلك معنى خَلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث في
البَطن والرَّحِم والمَشِيمةِ، وقد قيل في الأَصلاب والرحم والبطن؛ وقوله
تعالى: الذي أَحسَنَ كلَّ شيء خَلْقَه؛ في قراءة من قرأَ به؛ قال ثعلب: فيه
ثلاثة أَوجه: فقال خَلْقاً منه، وقال خَلْقَ كلِّ شيء، وقال عَلَّم
كُلَّ شيء خَلْقَه؛ وقوله عز وجل: فلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله؛ قيل: معناه
دِينَ الله لأَن الله فَطَر الخَلْقَ على الإِسلام وخلَقهم من ظهر آدم،
عليه السلام، كالذّرِّ، وأَشْهَدَهم أَنه ربهم وآمنوا، فمن كفر فقد غيَّر
خلق الله، وقيل: هو الخِصاء لأَنَّ من يَخْصِي الفحل فقد غيَّر خَلْقَ
الله، وقال الحسن ومجاهد: فليغيرن خَلْقَ الله، أَي دِينَ الله؛ قال ابن
عرفة: ذهب قوم إِلى أَن قولهما حجة لمن قال الإِيمان مخلوق ولا حجة له، لأَن
قولهما دِين الله أَرادا حكم الله، والدِّينُ الحُكْم، أَي فليغيرن حكم
الله والخَلْق الدّين. وأَما قوله تعالى: لا تَبْدِيلَ لخَلْق الله؛ قال
قتادة: لدِين الله، وقيل: معناه أَنَّ ما خلقه الله فهو الصحيح لا يَقدِر
أَحد أَن يُبَدِّلَ معنى صحة الدين. وقوله تعالى: ولقد جئتمُونا فُرادَى
كما خَلَقْناكم أَوَّل مرة؛ أَي قُدرتُنا على حَشْركم كقدرتنا على
خَلْقِكم.
وفي الحديث: من تَخلَّق للناس بما يَعلم اللهُ أَنه ليس من نَفسه شانَه
الله؛ قال المبرد: قوله تخلَّق أَي أَظهر في خُلقِه خلاف نيّته. ومُضْغةٌ
مُخلَّقة أَي تامّة الخلق. وسئل أَحمد بن يحيى عن قوله تعالى: مُخلَّقةٍ
وغيرِ مخلَّقة، فقال: الناس خُلِقوا على ضربين: منهم تامّ الخَلق، ومنهم
خَدِيجٌ ناقص غير تامّ، يدُلُّك على ذلك قوله تعالى: ونُقِرُّ في
الأَرحام ما نشاء؛ وقال ابن الأَعرابي: مخلقة قد بدا خَلْقُها، وغير مخلقة لم
تُصوَّر. وحكى اللحياني عن بعضهم: لا والذي خَلَق الخُلُوق ما فعلت ذلك؛
يريد جمع الخَلْقِ.
ورجل خَلِيقٌ بيّن الخَلْق: تامُّ الخَلْق معتدل، والأُنثى خَلِيق
وخَلِيقة ومُخْتَلَقةٌ، وقد خَلُقَت خَلاقة. والمُخْتلَق: كالخَليق، والأُنثى
مُخْتلَقة. ورجل خَلِيق إِذا تمّ خَلقُه، والنعت خَلُقت المرأَة خَلاقة
إِذا تمّ خَلْقها. ورجل خَلِيق ومُخْتلَق: حسَنُ الخَلْقِ. وقال الليث:
امرأَة خَلِيقة ذات جسم وخَلْق، ولا ينعت به الرجل. والمُخْتلَق: التامُّ
الخَلْق والجَمالِ المُعتدِل؛ قال ابن بري: شاهده قول البُرْج بن
مُسْهِر:فلمّا أَن تَنَشَّى، قامَ خِرْقٌ
من الفِتْيانِ، مُختَلَقٌ هَضِيمُ
وفي حديث ابن مسعود وقَتلِه أَبا جهل: وهو كالجَمل المُخَلَّقِ أَي
التامِّ الخَلْقِ.
والخَلِيقةُ: الخَلْقُ والخَلائقُ، يقال: هم خَلِيقةُ الله وهم خَلْق
الله، وهو مصدر، وجمعها الخلائق. وفي حديث الخَوارِج: هم شَرُّ الخَلْقِ
والخَلِيقةِ؛ الخَلْقُ: الناس، والخَليقةُ: البهائم، وقيل: هما بمعنى واحد
ويريد بهما جميع الخلائق. والخَلِيقةُ: الطَّبِيعية التي يُخلَق بها
الإِنسان. وحكى اللحياني: هذه خَلِيقتُه التي خُلق عليها وخُلِقَها والتي
خُلِق؛ أَراد التي خُلِق صاحبها، والجمع الخَلائق؛ قال لبيد:
فاقْنَعْ بما قَسَمَ المَلِيكُ، فإِنَّما
قَسَمَ الخلائقَ، بيننا، عَلاَّمُها
والخِلْقةُ: الفِطْرة. أَبو زيد: إِنه لكريم الطَّبِيعة والخَلِيقةِ
والسَّلِيقةِ بمعنى واحد. والخَلِيقُ: كالخَلِيقة؛ عن اللحياني؛ قال: وقال
القَنانِي في الكسائي:
وما لِي صَدِيقٌ ناصِحٌ أَغْتَدِي له
ببَغْدادَ إِلاَّ أَنتَ، بَرٌّ مُوافِقُ
يَزِينُ الكِسائيَّ الأَغرَّ خَلِيقُه،
إِذا فَضَحَتْ بعَضَ الرِّجالِ الخَلائقُ
وقد يجوز أَن يكون الخَلِيقُ جمع خَلِيقة كشعير وشعيرة، قال: وهو
السابِق إِليّ، والخُلُق الخَلِيقة أَعني الطَّبِيعة.
وفي التنزيل: وإِنك لَعلَى خُلُق عظيم، والجمع أَخْلاق، لا يُكسّر على
غير ذلك. والخُلْق والخُلُق: السَّجِيّة. يقال: خالِصِ المُؤْمنَ وخالِقِ
الفاجر. وفي الحديث: ليس شيء في الميزان أَثْقلَ من حُسن الخُلُق؛
الخُلُقُ، بضم اللام وسكونها: وهو الدِّين والطبْع والسجية، وحقيقته أَنه
لِصورة الإِنسان الباطنة وهي نفْسه وأَوصافها ومعانيها المختصةُ بِها بمنزلة
الخَلْق لصورته الظاهرة وأَوصافها ومعانيها، ولهما أَوصاف حسَنة وقبيحة،
والثوابُ والعقاب يتعلّقان بأَوصاف الصورة الباطنة أَكثر مما يتعلقان
بأَوصاف الصورة الظاهرة، ولهذا تكرّرت الأَحاديث في مَدح حُسن الخلق في غير
موضع كقوله: مِن أَكثر ما يُدخل الناسَ الجنَّةَ تقوى الله وحُسْنُ الخلق،
وقولِه: أَكملُ المؤْمنين إِيماناً أَحْسنُهم خلُقاً، وقوله: إِنَّ
العبد ليُدرك بحُسن خُلقه درجةَ الصائم القائم، وقوله: بُعِثت لأُتَمِّم
مَكارِم الأَخلاق؛ وكذلك جاءت في ذمّ سوء الخلق أَيضاً أَحاديث كثيرة. وفي
حديث عائشة، رضي الله عنها: كان خُلُقه القرآنَ أَي كان متمسكاً به وبآدابه
وأَوامره ونواهيه وما يشتمل عليه من المكارم والمحاسن والأَلطاف. وفي
حديث عمر: من تخلَّق للناس بما يعلم الله أَنه ليس من نَفْسه شانَه الله،
أَي تكلَّف أَ يُظهر من خُلُقه خِلاف ما يَنطوِي عليه، مثل تصَنَّعَ
وتجَمَّل إِذا أَظهر الصَّنِيع والجميل. وتَخلَّق بخلُق كذا: استعمله من غير
أَن يكون مخلوقاً في فِطْرته، وقوله تخلَّق مثل تَجمَّل أَي أَظهر جَمالاً
وتصنّع وتَحسَّن، إِنَّما تأْوِيلُه الإِظْهار. وفلان يَتخلَّق بغير
خُلقه أَي يَتكلَّفه؛ قال سالم بن وابِصةَ:
يا أَيُّها المُتحلِّي غيرَ شِيمَتِه،
إِن التَّخَلُّق يأْتي دُونه الخُلُقُ
أَراد بغير شِيمته فحذف وأَوصَل.
وخالَقَ الناسَ: عاشَرهم على أَخلاقِهم؛ قال:
خالِقِ الناسَ بخُلْقٍ حَسَنٍ،
لا تَكُنْ كلْباً على الناسِ يَهِرّ
والخَلْق: التقدير؛ وخلَق الأَدِيمَ يَخْلُقه خَلْقاً: قدَّره لما يريد
قبل القطع وقاسه ليقطع منه مَزادةً أَو قِربة أَو خُفّاً؛ قال زهير يمدح
رجلاً:
ولأَنتَ تَفْري ما خَلَقْتَ، وبعـ
ـضُ القومِ يَخْلُقُ، ثم لا يَفْري
يقول: أَنت إِذا قدَّرت أَمراً قطعته وأَمضيتَه وغيرُك يُقدِّر ما لا
يَقطعه لأَنه ليس بماضي العَزْم، وأَنتَ مَضّاء على ما عزمت عليه؛ وقال
الكميت:
أَرادُوا أَن تُزايِلَ خالِقاتٌ
أَدِيمَهُمُ، يَقِسْنَ ويَفْتَرِينا
يصف ابني نِزار من مَعدّ، وهما رَبِيعةُ ومُضَر، أَراد أَن نسَبهم
وأَدِيمهم واحد، فإِذا أَراد خالقاتُ الأَديم التفْرِيقَ بين نسَبهم تبيَّن
لهن أَنه أَديم واحد لا يجوز خَلْقُه للقطع، وضرَب النساء الخالِقاتِ مثلاً
للنسّابين الذين أَرادوا التفريق بين ابني نِزار، ويقال: زايَلْتُ بين
الشيئين وزيَّلْتُ إِذا فَرَّقْت. وفي حديث أُخت أُمَيَّةَ بن أَبي
الصَّلْت قالت: فدخَلَ عليَّ وأَنا أَخلُقُ أَدِيماً أَي أُقَدِّره لأَقْطَعه.
وقال الحجاج: ما خَلَقْتُ إِلاَّ فَرَيْتُ، ولا وَعَدْتُ إِلاَّ
وَفَيْتُ.والخَلِيقةُ: الحَفِيرة المَخْلوقة في الأَرض، وقيل: هي الأَرض، وقيل:
هي البئر التي لا ماءَ فيها، وقيل: هي النُّقْرة في الجبل يَسْتَنقِع فيها
الماء، وقيل: الخليقة البئر ساعة تُحْفَر. ابن الأَعرابي: الخُلُق
الآبارُ الحَدِيثاتُ الحَفْر. قال أَبو منصور: رأَيت بِذِرْوة الصَّمّان
قِلاتاً تُمْسِك ماءَ السماء في صَفاةٍ خَلَقها الله فيها تسميها العرب
خَلائقَ، الواحدة خَلِيقةٌ، ورأَيت بالخَلْصاء من جبال الدَّهْناء دُحْلاناً
خلقها الله في بطون الأَرض أَفواهُها ضَيِّقَةٌ، فإِذا دخلها الداخل وجدها
تَضِيقُ مرة وتَتَّسِعُ أُخرى، ثم يُفْضي المَمَرُّ فيها إِلى قَرار
للماء واسع لا يوقف على أقْصاه، والعرب إِذا تَرَبَّعوا الدهناء ولم يقع ربيع
بالأَرضِ يَمْلأُ الغُدْرانَ استَقَوْا لخيلهم وشفاههم
(* قوله «لخيلهم
وشفاههم» كذا بالأصل، وعبارة ياقوت في الدحائل عن الأزهري: إن دحلان
الخلصاء لا تخلو من الماء ولا يستقى منها إلا للشفاء والخبل لتعذر الاستسقاء
منها وبعد الماء فيها من فوهة الدحل) من هذه الدُّحْلان.
والخَلْقُ: الكذب. وخلَق الكذبَ والإِفْكَ يخلُقه وتخَلَّقَه
واخْتَلَقَه وافْتراه: ابتدَعه؛ ومنه قوله تعالى: وتخْلُقون إِفكاً. ويقال: هذه
قصيدة مَخْلوقة أَي مَنْحولة إِلى غير قائلها؛ ومنه قوله تعالى: إِنْ هذا
إِلا خَلْقُ الأَوَّلين، فمعناه كَذِبُ الأَولين، وخُلُق الأَوَّلين قيل:
شِيمةُ الأَولين، وقيل: عادةُ الأَوَّلين؛ ومَن قرأَ خَلْق الأَوَّلين
فمعناه افْتِراءُ الأَوَّلين؛ قال الفراء: من قرأَ خَلْقُ الأَوَّلين أَراد
اختِلاقهم وكذبهم، ومن قرأَ خُلُق الأَولين، وهو أَحبُّ إِليَّ، الفراء:
أَراد عادة الأَولين؛ قال: والعرب تقول حدَّثنا فلان بأَحاديث الخَلْق،
وهي الخُرافات من الأَحاديث المُفْتَعَلةِ؛ وكذلك قوله: إِنْ هذا إِلاَّ
اخْتِلاق؛ وقيل في قوله تعالى إِن هذا إِلاَّ اختِلاق أَي تَخَرُّص. وفي
حديث أَبي طالب: إِنْ هذا إِلا اختلاق أَي كذب، وهو افْتِعال من الخَلْق
والإِبْداع كأَنَّ الكاذب تخلَّق قوله، وأَصل الخَلق التقدير قبل القطع.
الليث: رجل خالِقٌ أَي صانع، وهُنَّ الخالقاتُ للنساء. وخلَق الشيءُ
خُلوقاً وخُلوقةً وخَلُقَ خَلاقةً وخَلِق وأَخْلَق إِخْلاقاً واخْلَوْلَق:
بَلِيَ؛ قال:
هاجَ الهَوى رَسْمٌ، بذاتِ الغَضَا،
مُخْلَوْلِقٌ مُسْتَعْجِمٌ مُحْوِلُ
قال ابن بري: وشاهد خَلُقَ قول الأَعشى:
أَلا يا قَتْل، قد خَلُقَ الجَديدُ،
وحُبُّكِ ما يَمُِحُّ ولا يَبِيدُ
ويقال أَيضاً: خَلُق الثوبُ خُلوقاً؛ قال الشاعر:
مَضَوْا، وكأَنْ لم تَغْنَ بالأَمسِ أَهْلُهُم،
وكُلُّ جَدِيدٍ صائِرٌ لِخُلُوقِ
ويقال: أَخْلَقَ الرجل إِذا صار ذا أَخْلاق؛ قال ابن هَرْمَةَ:
عَجِبَتْ أُثَيْلةُ أَنْ رأَتْني مُخْلِقاً؛
ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ أَيُّ ذاك يَرُوعُ؟
قد يُدْرِكُ الشَّرَفَ الفَتى، ورِداؤه
خَلَقٌ، وجَيْبُ قَميصِه مَرْقُوعُ
وأَخْلَقْته أَنا، يتعدّى ولا يتعدى. وشيءٌ خَلَقٌ: بالٍ، الذكر
والأُنثى فيه سواء لأَنه في الأَصل مصدر الأَخْلَقِ وهو الأَمْلَس. يقال: ثوب
خَلَق ومِلْحفة خَلَق ودار خَلَقٌ. قال اللحياني: قال الكسائي لم نسمعهم
قالوا خَلْقة في شيء من الكلام. وجِسْمٌ خَلَقٌ ورِمّة خَلَق؛ قال لبيد:
والثِّيبُ إِنْ تَعْرُ مِنِّي رِمَّةً خَلَقاً،
بعدَ المَماتِ، فإِني كنتُ أَتَّئِرُ
والجمع خُلْقانٌ وأَخْلاق. وقد يقال: ثوب أَخلاق يصفون به الواحد، إِذا
كانت الخلُوقة فيه كلِّهِ كما قالوا بُرْمةٌ أَعْشار وثوب أَكْياشٌ وحبْل
أَرْمامٌ وأَرضٌ سَباسِبٌ، وهذا النحو كثير، وكذلك مُلاءَة أَخْلاق
وبُرْمة أَخْلاق؛ عن اللحياني، أَي نواحيها أَخْلاق، قال: وهو من الواحد الذي
فُرِّقَ ثم جُمِع، قال: وكذلك حَبْل أَخلاق وقِرْبة أَخلاق؛ عن ابن
الأَعرابي. التهذيب: يقال ثوب أَخلاق يُجمع بما حوله؛ وقال الراجز:
جاءَ الشِّتاءُ، وقَمِيصي أَخْلاقْ
شَراذِمٌ، يَضْحَكُ منه التَّوَّاقْ
والتَّوّاقُ: ابنه. ويقال جُبّة خَلَق، بغير هاء، وجديد، بغير هاء
أَيضاً، ولا يجوز جُبَّة خلَقة ولا جَديدة. وقد خَلُق الثوب، بالضم، خُلوقة
أَي بَلِيَ، وأَخلَق الثوب مثله. وثوب خَلَقٌ: بالٍ؛ وأَنشد ابن بري
لشاعر:كأَنَّهما، والآلُ يَجْرِي عليهما
من البُعْدِ، عَيْنا بُرْقُعٍ خَلَقانِ
قال الفراء: وإِنما قيل له خَلقٌ بغير هاء لأَنه كان يستعمل في الأَصل
مضافاً فيقال أَعطِني خَلَقَ جُبَّتك وخَلَقَ عِمامتِك، ثم استعمل في
الإِفراد كذلك بغير هاء؛ قال الزجاجي في شرح رسالة أَدب الكاتب: ليس ما قاله
الفراء بشيء لأَنه يقال له فلمَ وجب سُقوط الهاء في الإِضافة حتى حُمل
الإِفراد عليها؟ أَلا ترى أَن إِضافة المؤنث إِلى المؤنث لا توجب إسقاط
العلاقة منه، كقولهِ مخدّةُ هِند ومِسْوَرةُ زَينب وما أَشبه ذلك؟ وحكى
الكسائي: أَصبحت ثيابهم خُلْقاناً وخَلَقُهم جُدُداً، فوضع الواحد موضع
الجمع الذي هو الخُلقان. ومِلْحفة خُلَيْقٌ: صغَّروه بلا هاء لأَنه صفة
والهاء لا تلحق تصغير الصفات، كما قالوا نُصَيف في تصغير امرأَة نَصَف.
وأَخْلق الدّهرُ الشيءَ: أَبلاه؛ وكذلك أَخْلَق السائلُ وجهَه، وهو على
المثل. وأَخلقَه خَلَقاً: أَعطاه إِياها. وأَخلَق فلان فلاناً: أَعطاه
ثوباً خَلقاً. وأَخلقْته ثوباً إِذا كسَوْته ثوباً خلقاً؛ وأَنشد ابن بري
شاهداً على أَخْلَق الثوبُ لأَبي الأَسود الدؤلي:
نَظَرْتُ إِلى عُنْوانِه فنَبَذْتُه،
كنَبذِكَ نعْلاً أَخْلَقَتْ من نِعالِكا
وفي حديث أُم خالد: قال لها، صلى الله عليه وسلم: أَبْلي وأَخْلِقِي؛
يروى بالقاف والفاء، فبالقاف من إِخلاق الثوب وتقطيعه من خَلُق الثوبُ
وأَخلَقه، والفاء بمعنى العِوَض والبَدَل، قال: وهو الأَشبه. وحكى ابن
الأَعرابي: باعَه بيْع الخلَق، ولم يفسره؛ وأَنشد:
أَبْلِغْ فَزارةَ أَنِّي قد شَرَيْتُ لها
مَجْدَ الحياةِ بسيفي، بَيْعَ ذِي الخَلَقِ
والأَخْلَقُ: اللِّين الأَملسُ المُصْمَتُ. والأَخلَق: الأَملس من كل
شيء. وهَضْبة خَلْقاء: مُصمتة مَلْساء لا نبات بها. وقول عمر بن الخطاب،
رضي الله عنه: ليس الفقير الذي لا مال له إِنما الفقير الأَخْلَقُ
الكَسْبِ؛ يعني الأَملس من الحَسنات الذي لم يُقدِّم لآخرته شيئاً يثاب عليه؛
أَراد أَن الفقر الأَكبر إِنما هو فقر الآخرة وأَنّ فقر الدنيا أَهون
الفقرين، ومعنى وصف الكسب بذلك أَنه وافر مُنْتظِم لا يقع فيه وَكْسٌ ولا
يَتحيَّفُه نَقْص، كقول النبي، صلى الله عليه وسلم: ليس الرَّقُوب الذي لا
يَبْقَى له ولد وإِنما الرقوب الذي لم يُقدِّم من ولده شيئاً؛ قال أَبو
عبيد: قول عمر، رضي الله عنه، هذا مثَل للرجل الذي لا يُرْزَأُ في ماله، ولا
يُصاب بالمصائب، ولا يُنكَب فيُثاب على صبره فيه، فإِذا لم يُصَبْ ولم
يُنكب كان فقيراً من الثواب؛ وأَصل هذا أَن يقال للجبل المصمت الذي لا
يؤثّر فيه شيء أَخلَقُ. وفي حديث فاطمةَ بنت قيس: وأَما معاوية فرجل أَخلَقُ
من المال أَي خِلْوٌ عارٍ، من قولهم حَجر أَخلَقُ أَي أَمْلَسُ مُصْمَت
لا يؤثر فيه شيء. وصخرة خَلْقاء إِذا كانت مَلْساء؛ وأَنشد للأَعشى:
قد يَتْرُك الدهْرُ في خَلْقاءَ راسيةٍ
وَهْياً، ويُنْزِلُ منها الأَعْصَمَ الصَّدَعا
فأَراد عمر، رضي الله عنه، أَن الفَقْر الأَكبر إِنما هو فقرُ الآخرة
لمن لم يُقدِّم من ماله شيئاً يثاب عليه هنالك. والخَلْق: كل شيء مُمَلَّس.
وسهم مُخَلَّق: أَملَسُ مُستوٍ. وجبل أَخلقُ: ليِّن أَملس. وصخرة
خَلْقاء بيِّنة الخَلَق: ليس فيها وَصْم ولا كسر؛ قال ابن أَحمر يصف
فرساً:بمُقَلِّصٍ دَرْكِ الطَّرِيدةِ، مَتْنُه
كصَفا الخَلِيقةِ بالفَضاءِ المُلْبِدِ
والخَلِقةُ: السحابةُ المستوية المُخِيلةُ للمطر. وامرأَة خُلَّقٌ
وخَلْقاء: مثل الرَّتْقاء لأَنها مُصْمَتة كالصَّفاة الخَلْقاء؛ قال ابن سيده:
وهو مَثَل بالهَضْبة الخَلْقاء لأَنها مُصمتة مثلها؛ ومنه حديث عمر بن
عبد العزيز: كُتب إِليه في امرأَة خَلْقاء تزوّجها رجل فكتَب إِليه: إِن
كانوا علموا بذلك، يعني أولياءها، فأَغْرمْهم صَداقَها لزوجها؛ الخَلْقاء:
الرَّتْقاء من الصخْرة الملْساء المُصمتة. والخَلائق: حَمائرُ الماء،
وهي صُخور أَربعِ عِظام مُلْس تكون على رأْس الرَّكِيّة يقوم عليها النازعُ
والماتِحُ؛ قال الراعي:
فَغَادَرْنَ مَرْكُوّاً أَكَسَّ عَشِيّة،
لدَى نَزَحٍ رَيَّانَ بادٍ خَلائقُهْ
وخَلِق الشيءُ خَلَقاً واخْلَوْلَق: امْلاسَّ
ولانَ واستوى، وخَلَقه هو. واخْلَوْلَق السحابُ: استوى وارْتَتقَتْ
جوانبه وصارَ خَلِيقاً للمطر كأَنه مُلِّس تمليساً؛ وأَنشد لمُرقِّش:
ماذا وُقُوفي على رَبْعٍ عَفا،
مُخْلَوْلِقٍ دارسٍ مُسْتَعْجِمِ؟
واخْلَولَق الرَّسْمُ أَي استوى بالأَرض. وسَحابة خَلْقاء وخَلِقة؛ عنه
أَيضاً، ولم يُفسر. ونشأَتْ لهم سحابة خَلِقة وخَلِيقةٌ أَي فيها أَثر
المطر؛ قال الشاعر:
لا رَعَدَتْ رَعْدةٌ ولا بَرَقَتْ،
لكنَّها أُنْشِئتْ لنا خَلِقَهْ
وقِدْحٌ مُخلَّق: مُستوٍ أَملس مُلَيَّن، وقيل: كلّ ما لُيِّن ومُلِّس،
فقد خُلِّق. ويقال: خَلَّقْته مَلَّسته؛ وأَنشد لحميد بن ثور الهِلالي:
كأَنَّ حَجاجَيْ عَيْنِها في مُثَلَّمٍ،
من الصَّخْرِ، جَوْنٍ خَلَّقَتْه المَوارِدُ
الجوهري: والمُخلَّق القِدْح إِذا لُيِّن؛ وقال يصفه:
فخَلَّقْتُه حتى إِذا تَمَّ واسْتوَى،
كَمُخّةِ ساقٍ أَو كَمَتْنِ إِمامِ،
قَرَنْتُ بحَقْوَيْهِ ثَلاثاً، فلم يَزِغْ
عن القَصْدِ حتى بُصِّرتْ بدِمامِ
والخَلْقاء: السماء لمَلاستها واستِوائها. وخَلْقاء الجَبْهة والمَتْن
وخُلَيْقاؤُهما: مُستَواهما وما امْلاسَّ منهما، وهما باطنا الغار الأَعلى
أَيضاً، وقيل: هما ما ظهر منه، وقد غلب عليه لفظ التصغير. وخَلْقاء
الغار الأَعلى: باطنه. ويقال: سُحِبُوا على خَلْقاواتِ جِباهِهم.
والخُلَيْقاءُ من الفرس: حيث لَقِيت جَبهته قَصبة أَنفه من مُسْتدَقِّها، وهي
كالعِرْنين من الإِنسان. قال أَبو عبيدة: في وجه الفرس خُلَيْقاوانِ وهما حيث
لقِيت جبهتُه قَصبة أَنفه، قال: والخليقان عن يمين الخُلَيْقاء وشمالها
يَنْحَدِر إِلى العين، قال: والخُلَيْقاء بين العينين وبعضهم يقول
الخَلْقاء. والخَلُوقُ والخِلاقُ: ضَرب من الطيِّب، وقيل: الزَّعْفران؛ أَنشد
أَبو بكر:
قد عَلِمَتْ، إن لم أَجِدْ مُعِينا،
لتَخْلِطَنَّ بالخَلُوقِ طِينا
يعني امرأته، يقول: إن لم أَجد من يُعينني على سَقْيِ الإبل قامت فاستقت
معي، فوقع الطين على خَلُوق يديها، فاكتفى بالمُسبَّب الذي هو اختلاط
الطين بالخلوق عن السبب الذي هو الاستقاء معه؛ وأَنشد اللحياني:
ومُنْسَدِلاً كقُرونِ العَرُو
سِ تُوسِعُه زَنْبَقاً أَو خِلاقا
وقد تَخلَّق وخَلَّقْته: طَلَيْته بالخَلُوق. وخَلَّقَت المرأَة جسمها:
طَلته بالخَلوق؛ أنشد اللحياني:
يا ليتَ شِعْري عنكِ يا غَلابِ،
تَحْمِلُ معْها أَحسنَ الأَرْكابِ،
أَصفر قَد خُلِّقَ بالمَلابِ
وقد تخلَّقت المرأَة بالخلوق، والخلوقُ: طيب معروف يتخذ من الزعفران
وغيره من أَنواع الطيب، وتَغلِب عليه الحمرة والصفرة، وقد ورد تارة بإباحته
وتارة بالنهي عنه، والنهي أَكثر وأَثبت، وإنما نهي عنه لأنه من طيب
النساء، وهن أَكثر استعمالاً له منهم؛ قال ابن الأثير: والظاهر أن أحاديث
النهي ناسخة.
والخُلُق: المُرُوءَة. ويقال: فلان مَخْلَقةٌ للخير كقولك مَجْدَرةٌ
ومَحْراةٌ ومَقْمَنةٌ. وفلان خَلِيق لكذا أي جدير به. وأَنت خَليق بذلك أَي
جدير. وقد خَلُق لذلك، بالضم: كأَنه ممن يُقدَّر فيه ذاك وتُرى فيه
مَخايِلهُ. وهذا الأمر مخْلَقة لك أي مَجْدَرة، وإنه مَخلقة من ذلك، وكذلك
الاثنان والجمع والمؤنث. وإنه لخَلِيق أَن يَفعل ذلك، وبأَن يفعل ذلك، ولأن
يفعل ذلك، ومِن أَن يفعل ذلك، وكذلك إنه لمَخلَقة، يقال بهذه الحروف
كلها؛ كلُّ هذه عن اللحياني. وحكي عن الكسائي: إنَّ أَخْلَقَ بك أن تفعل ذلك،
قال: أَرادوا إنَّ أَخلق الأشياء بك أن تفعل ذلك. قال: والعرب تقول يا
خليقُ بذلك فترفع، ويا خليقَ بذلك فتنصب؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف وجه
ذلك. وهو خَلِيقٌ له أَي شبيه. وما أَخْلَقَه أَي ما أشبهه. ويقال: إنه
لخليق أي حَرِيٌّ؛ يقال ذلك للشيء الذي قد قَرُب أن يقع وصح عند من سمع
بوقوعه كونُه وتحقيقه. ويقال: أَخْلِقْ به، وأَجْدِرْ به، وأَعْسِ به، وأَحْرِ
به، وأَقْمِنْ به، وأَحْجِ به؛ كلُّ ذلك معناه واحد. واشتقاق خَلِيق وما
أَخْلَقه من الخَلاقة، وهي التَّمْرينُ؛ من ذلك أن تقول للذي قد أَلِفَ
شيئاً صار ذلك له خُلُقاً أي مَرَنَ عليه، ومن ذلك الخُلُق الحسَن.
والخُلوقة: المَلاسةُ، وأَمّا جَدِير فمأْخوذ من الإحاطة بالشيء ولذلك سمِّي
الحائط جِداراً. وأَجدرَ ثَمَرُ الشجرة إذا بدت تَمرتُه وأَدَّى ما في
طِباعه. والحِجا: العقل وهو أَصل الطبع. وأَخْلَق إخْلاقاً بمعنى واحد؛
وأَما قول ذي الرمة:
ومُخْتَلَقٌ للمُلْك أَبيضُ فَدْغَمٌ،
أَشَمُّ أَيَجُّ العينِ كالقَمر البَدْرِ
فإنما عنى به أَنه خُلِق خِلْقةً تصلحُ للمُلك.
واخلَوْ لَقَت السماءُ أَن تمطرُ أَي قارَبتْ وشابهَت، واخْلَوْ لَق أَن
تَمطُر على أَن الفِعل لان
(* قوله: على أَن الفعل لان، هكذا في الأصل
ولعل في الكلام سقطاً).؛ حكاه سيبويه. واخْلَوْلَق السحاب أَي استوى؛
ويقال: صار خَلِيقاً للمطر. وفي حديث صفة السحاب: واخْلَوْلَق بعد تَفرُّقٍ
أَي اجتمع وتهيَّأ للمطر. وفي خُطبة ابن الزبير. إن الموتَ قد تَغَشَّاكم
سحابُه، وأَحْدَق بكم رَبابُه، واخْلوْلَقَ بعد تَفرُّق؛ وهذا البناء
للمبالغة وهو افْعَوْعَل كاغْدَوْدَنَ واغْشَوْشَبَ.
والخَلاقُ: الحَظُّ والنَّصِيب من الخير والصلاح. يقال: لا خَلاق له في
الآخرة. ورجل لا خلاق له أَي لا رَغْبة له في الخير ولا في الآخرة ولا
صَلاح في الدين. وقال المفسرون في قوله تعالى: وما لَه في الآخرة من خَلاق؛
الخلاق: النصيب من الخير. وقال ابن الأَعرابي: لا خلاق لهم لا نصيب لهم
في الخير، قال: والخَلاق الدين؛ قال ابن بري: الخلاق النصيب المُوفَّر؛
وأَنشد لحسان بن ثابت:
فَمَنْ يَكُ منهم ذا خَلاق، فإنَّه
سَيَمْنَعُه من ظُلْمِه ما تَوَكَّدا
وفي الحديث: ليس لهم في الآخرة من خلال؛ الخَلاق، بالفتح: الحظ والنصيب.
وفي حديث أُبَيّ: إنما تأْكل منه بخَلاقك أَي بحظّك ونصيبك من الدين؛
قال له ذلك في طعام من أَقرأَه القرآن.
عود: في صفات الله تعالى: المبدِئُ المعِيدُ؛ قال الأَزهري: بَدَأَ
اللَّهُ الخلقَ إِحياءً ثم يميتُهم ثم يعيدُهم أَحياءً كما كانوا. قال الله،
عز وجل: وهو الذي يبدأُ الخلقَ ثم يُعِيدُه. وقال: إِنه هو يُبْدِئُ
ويُعِيدُ؛ فهو سبحانه وتعالى الذي يُعِيدُ الخلق بعد الحياة إِلى المماتِ
في الدنيا وبعد المماتِ إِلى الحياةِ يوم القيامة. وروي عن النبي، صلى
الله عليه وسلم، أَنه قال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ النَّكَلَ على النَّكَلِ،
قيل: وما النَّكَلُ على النَّكَلِ؟ قال: الرجل القَوِيُّ المُجَرِّبُ
المبدئُ المعيدُ على الفرس القَوِيِّ المُجَرّبِ المبدِئ المعيدِ؛ قال
أَبو عبيد: وقوله المبدئ المعِيدُ هو الذي قد أَبْدَأَ في غَزْوِهِ وأَعاد
أَي غزا مرة بعد مرة، وجرَّب الأُمور طَوْراً بعد طَوْر، وأَعاد فيها
وأَبْدَأَ، والفرسُ المبدئُ المعِيدُ هو الذي قد رِيضَ وأُدِّبَ وذُلِّلَ،
فهو طَوْعُ راكبِهِ وفارِسِه، يُصَرِّفه كيف شاء لِطَواعِيَتِه وذُلِّه،
وأَنه لا يستصعب عليه ولا يمْنَعُه رِكابَه ولا يَجْمَحُ به؛ وقيل: الفرس
المبدئ المعيد الذي قد غزا عليه صاحبه مرة بعد مرة أُخرى، وهذا كقولهم
لَيْلٌ نائِمٌ إِذا نِيمَ فيه وسِرٌّ كاتم قد كتموه. وقال شمر: رجل
مُعِيدٌ أَي حاذق؛ قال كثير:
عَوْمُ المُعِيدِ إِلى الرَّجا قَذَفَتْ به
في اللُّجِّ داوِيَةُ المَكانِ، جَمُومُ
والمُعِيدُ من الرجالِ: العالِمُ بالأُمور الذي ليس بغُمْرٍ؛ وأَنشد:
كما يَتْبَعُ العَوْد المُعِيد السَّلائِب
والعود ثاني البدء؛ قال:
بَدَأْتُمْ فأَحْسَنْتُمْ فأَثْنَيْتُ جاهِداً،
فإِنْ عُدْتُمُ أَثْنَيْتُ، والعَوْدُ أَحْمَدُ
قال الجوهري: وعاد إِليه يَعُودُ عَوْدَةً وعَوْداً: رجع. وفي المثل:
العَوْدُ أَحمدُ؛ وأَنشد لمالك بن نويرة:
جَزَيْنا بني شَيْبانَ أَمْسِ بِقَرْضِهِمْ،
وجِئْنا بِمِثْلِ البَدْءِ، والعَوْدُ أَحمدُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده: وعُدْنا بِمِثْلِ البَدْءِ؛ قال: وكذلك هو
في شعره، أَلا ترى إِلى قوله في آخر البيت: والعود أَحمد؟ وقد عاد له
بعدما كان أَعرَضَ عنه؛ وعاد إِليه وعليه عَوْداً وعِياداً وأَعاده هو، والله
يبدِئُ الخلق ثم يعيدُه، من ذلك. واستعاده إِياه: سأَله إِعادَتَه. قال
سيبويه: وتقول رجع عَوْدُه على بَدْئِه؛ تريد أَنه لم يَقْطَعْ ذَهابَه
حتى وصله برجوعه، إِنما أَردْتَ أَنه رجع في حافِرَتِه أَي نَقَضَ
مَجِيئَه برجوعه، وقد يكون أَن يقطع مجيئه ثم يرجع فتقول: رجَعْتُ عَوْدي على
بَدْئي أَي رجَعْتُ كما جئت، فالمَجِيءُ موصول به الرجوعُ، فهو بَدْءٌ
والرجوعُ عَوْدٌ؛ انتهى كلام سيبويه. وحكى بعضهم: رجع عَوْداً على بدء من
غير إِضافة. ولك العَوْدُ والعَوْدَةُ والعُوادَةُ أَي لك أَن تعودَ في هذا
الأَمر؛ كل هذه الثلاثة عن اللحياني. قال الأَزهري: قال بعضهم: العَوْد
تثنية الأَمر عَوْداً بعد بَدْءٍ. يقال: بَدَأَ ثم عاد، والعَوْدَةُ
عَوْدَةُ مرةٍ واحدةٍ. وقوله تعالى: كما بدأَكم تَعودُون فريقاً هَدى وفريقاً
حقَّ عليهم الضلالةُ؛ يقول: ليس بَعْثُكم بأَشَدَّ من ابِتدائِكم، وقيل:
معناه تَعُودون أَشقِياءَ وسُعداءَ كما ابْتَدأَ فِطْرَتَكُم في سابق
علمه، وحين أَمَرَ بنفْخِ الرُّوحِ فيهم وهم في أَرحام أُمهاتهم. وقوله عز
وجل: والذين يُظاهِرون من نسائهم ثم يَعودُون لما قالوا فَتَحْريرُ
رَقَبَةٍ؛ قال الفراء: يصلح فيها في العربية ثم يعودون إِلى ما قالوا وفيما
قالوا، يريد النكاح وكلٌّ صوابٌ؛ يريد يرجعون عما قالوا، وفي نَقْض ما
قالوا قال: ويجوز في العربية أَن تقول: إِن عاد لما فعل، تريد إِن فعله مرة
أُخرى. ويجوز: إِن عاد لما فعل، إِن نقض ما فعل، وهو كما تقول: حلف أَن
يضربك، فيكون معناه: حلف لا يضربك وحلف ليضربنك؛ وقال الأَخفش في قوله: ثم
يعودون لما قالوا إِنا لا نفعله فيفعلونه يعني الظهار، فإِذا أَعتق رقبة
عاد لهذا المعنى الذي قال إِنه عليّ حرام ففعله. وقال أَبو العباس:
المعنى في قوله: يعودون لما قالوا، لتحليل ما حرّموا فقد عادوا فيه. وروى
الزجاج عن الأَخفش أَنه جعل لما قالوا من صلة فتحرير رقبة، والمعنى عنده
والذين يظاهرون ثم يعودون فتحرير رقبة لما قالوا، قال: وهذا مذهب حسن. وقال
الشافعي في قوله: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير
رقبة، يقول: إِذا ظاهر منها فهو تحريم كان أَهل الجاهلية يفعلونه وحرّم على
المسلمين تحريم النساء بهذا اللفظ، فإِن أَتْبَعَ المُظاهِرُ الظِّهارَ
طلاقاً، فهو تحريم أَهل الإِسلام وسقطت عنه الكفارة، وإِن لم يُتْبِع
الظهار طلاقاً فقد عاد لما حرم ولزمه الكفارة عقوبة لما قال؛ قال: وكان
تحريمه إِياها بالظهار قولاً فإِذا لم يطلقها فقد عاد لما قال من التحريم؛
وقال بعضهم: إِذا أَراد العود إِليها والإِقامة عليها، مَسَّ أَو لم
يَمَسَّ، كَفَّر.
قال الليث: يقول هذا الأَمر أَعْوَدُ عليك أَي أَرفق بك وأَنفع لأَنه
يعود عليك برفق ويسر. والعائدَةُ: اسم ما عادَ به عليك المفضل من صلة أَو
فضل، وجمعه العوائد. قال ابن سيده: والعائدة المعروفُ والصِّلةُ يعاد به
على الإِنسان والعَطْفُ والمنْفَعَةُ.
والعُوادَةُ، بالضم: ما أُعيد على الرجل من طعام يُخَصُّ به بعدما
يفرُغُ القوم؛ قال الأَزهري: إِذا حذفت الهاء قلت عَوادٌ كما قالوا أَكامٌ
ولمَاظٌ وقَضامٌ؛ قال الجوهري: العُوادُ، بالضم، ما أُعيد من الطعام بعدما
أُكِلَ منه مرة.
وعَوادِ: بمعنى عُدْ مثل نَزالِ وتَراكِ. ويقال أَيضاً: عُدْ إِلينا
فإِن لك عندنا عَواداً حَسَناً، بالفتح، أَي ما تحب، وقيل: أَي برّاً
ولطفاً. وفلان ذو صفح وعائدة أَي ذو عفو وتعطف. والعَوادُ: البِرُّ واللُّطْف.
ويقال للطريق الذي أَعاد فيه السفر وأَبدأَ: معيد؛ ومنه قول ابن مقبل يصف
الإِبل السائرة:
يُصْبِحْنَ بالخَبْتِ، يَجْتَبْنَ النِّعافَ على
أَصْلابِ هادٍ مُعِيدٍ، لابِسِ القَتَمِ
أَراد بالهادي الطريقَ الذي يُهْتَدى إِليه، وبالمُعِيدِ الذي لُحِبَ.
والعادَةُ: الدَّيْدَنُ يُعادُ إِليه، معروفة وجمعها عادٌ وعاداتٌ وعِيدٌ؛
الأَخيرةُ عن كراع، وليس بقوي، إِنما العِيدُ ما عاد إِليك من الشَّوْقِ
والمرض ونحوه وسنذكره.
وتَعَوَّدَ الشيءَ وعادَه وعاوَدَه مُعاوَدَةً وعِواداً واعتادَه
واستعاده وأَعادَه أَي صار عادَةً له؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لم تَزَلْ تِلْكَ عادَةَ اللهِ عِنْدي،
والفَتى آلِفٌ لِما يَسْتَعِيدُ
وقال:
تَعَوَّدْ صالِحَ الأَخْلاقِ، إِني
رأَيتُ المَرْءَ يَأْلَفُ ما اسْتَعادا
وقال أَبو كبير الهذلي يصف الذئاب:
إِلاَّ عَواسِلَ، كالمِراطِ، مُعِيدَةً
باللَّيْلِ مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ
أَي وردت مرات فليس تنكر الورود. وعاوَدَ فلانٌ ما كان فيه، فهو
مُعاوِدٌ. وعاوَدَتْه الحُمَّى وعاوَدَهُ بالمسأَلة أَي سأَله مرة بعد أُخرى،
وعَوَّدَ كلبه الصيْدَ فَتَعَوّده؛ وعوّده الشيءَ: جعله يعتاده.
والمُعاوِدُ: المُواظِبُ، وهو منه. قال الليث: يقال للرجل المواظبِ على أَمْرٍ:
معاوِدٌ. وفي كلام بعضهم: الزموا تُقى اللَّهِ واسْتَعِيدُوها أَي
تَعَوَّدُوها.
واسْتَعَدْتُه الشيء فأَعادَه إِذا سأَلتَه أَن يفعله ثانياً.
والمُعاوَدَةُ: الرجوع إِلى الأَمر الأَول؛ يقال للشجاع: بطَلٌ مُعاوِدٌ لأَنه لا
يَمَلُّ المِراسَ. وتعاوَدَ القومُ في الحرب وغيرها إِذا عاد كل فريق
إِلى صاحبه. وبطل مُعاوِد: عائد.
والمَعادُ: المَصِيرُ والمَرْجِعُ، والآخرة: مَعادُ الخلقِ. قال ابن
سيده: والمعاد الآخرةُ والحج. وقوله تعالى: إِن الذي فرض عليك القرآن لرادّك
إِلى مَعادٍ؛ يعني إِلى مكة، عِدَةٌ للنبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
يفتحها له؛ وقال الفراء: إِلى معاد حيث وُلِدْتَ؛ وقال ثعلب: معناه يردّك
إِلى وطنك وبلدك؛ وذكروا أَن جبريل قال: يا محمد، اشْتَقْتَ إِلى مولدك
ووطنك؟ قال: نعم، فقال له: إِن الذي فرض عليك القرآن لرادّك إِلى معاد؛ قال:
والمَعادُ ههنا إِلى عادَتِك حيث وُلِدْتَ وليس من العَوْدِ، وقد يكون
أَن يجعل قوله لرادّك إِلى معادٍ لَمُصَيِّرُكَ إِلى أَن تعود إِلى مكة
مفتوحة لك، فيكون المَعادُ تعجباً إِلى معادٍ أَيِّ معادٍ لما وعده من فتح
مكة. وقال الحسن: معادٍ الآخرةُ، وقال مجاهد: يُحْييه يوم البعث، وقال
ابن عباس: أَي إِلى مَعْدِنِك من الجنة، وقال الليث: المَعادَةُ والمَعاد
كقولك لآل فلان مَعادَةٌ أَي مصيبة يغشاهم الناس في مَناوِحَ أَو غيرها
يتكلم به النساء؛ يقال: خرجت إِلى المَعادةِ والمَعادِ والمأْتم.
والمَعادُ: كل شيء إِليه المصير. قال: والآخرة معاد للناس، وأَكثر التفسير في قوله
«لرادّك إِلى معاد» لباعثك. وعلى هذا كلام الناس: اذْكُرِ المَعادَ أَي
اذكر مبعثك في الآخرة؛ قاله الزجاج. وقال ثعلب: المعاد المولد. قال: وقال
بعضهم: إِلى أَصلك من بني هاشم، وقالت طائفة وعليه العمل: إِلى معاد أَي
إِلى الجنة. وفي الحديث: وأَصْلِحْ لي آخِرتي التي فيها مَعادي أَي ما
يعودُ إِليه يوم القيامة، وهو إِمّا مصدر وإِمّا ظرف. وفي حديث عليّ:
والحَكَمُ اللَّهُ والمَعْوَدُ إِليه يومَ القيامة أَي المَعادُ. قال ابن
الأَثير: هكذا جاء المَعْوَدُ على الأَصل، وهو مَفْعَلٌ من عاد يعود، ومن حق
أَمثاله أَن تقلب واوه أَلفاً كالمَقام والمَراح، ولكنه استعمله على
الأَصل. تقول: عاد الشيءُ يعودُ عَوْداً ومَعاداً أَي رجع، وقد يرد بمعنى
صار؛ ومنه حديث معاذ: قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: أَعُدْتَ
فَتَّاناً يا مُعاذُ أَي صِرتَ؛ ومنه حديث خزيمة: عادَ لها النَّقادُ
مُجْرَنْثِماً أَي صار؛ ومنه حديث كعب: وَدِدْتُ أَن هذا اللَّبَنَ يعودُ قَطِراناً
أَي يصير، فقيل له: لِمَ ذلك قال: تَتَبَّعَتْ قُرَيشٌ أَذْنابَ الإِبلِ
وتَرَكُوا الجماعاتِ. والمَعادُ والمَعادة: المأْتَمُ يُعادُ إِليه؛
وأَعاد فلان الصلاةَ يُعِيدها. وقال الليث: رأَيت فلاناً ما يُبْدِيءُ وما
يُعِيدُ أَي ما يتكلم ببادئَة ولا عائِدَة. وفلان ما يُعِيدُ وما يُبدئ
إِذا لم تكن له حيلة؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وكنتُ امْرَأً بالغَورِ مِنِّي ضَمانَةٌ،
وأُخْرى بِنَجْد ما تُعِيدُ وما تُبْدي
يقول: ليس لِما أَنا فيه من الوجد حيلة ولا جهة. والمُعِيدُ: المُطِيقُ
للشيءِ يُعاوِدُه؛ قال:
لا يَسْتَطِيعُ جَرَّهُ الغَوامِضُ
إِلا المُعِيداتُ به النَّواهِضُ
وحكى الأَزهري في تفسيره قال: يعني النوق التي استعادت النهض
بالدَّلْوِ. ويقال: هو مُعِيدٌ لهذا الشيء أَي مُطِيقٌ له لأَنه قد اعْتادَه؛ وأَما
قول الأَخطل:
يَشُولُ ابنُ اللَّبونِ إِذا رآني،
ويَخْشاني الضُّواضِيَةُ المُعِيدُ
قال: أَصل المُعيدِ الجمل الذي ليس بِعَياياءٍ وهو الذي لا يضرب حتى
يخلط له، والمعِيدُ الذي لا يحتاج إِلى ذلك. قال ابن سيده: والمعيد الجمل
الذي قد ضرب في الإِبل مرات كأَنه أَعاد ذلك مرة بعد أُخرى.
وعادني الشيءُ عَوْداً واعتادني، انْتابَني. واعتادني هَمٌّ وحُزْنٌ؛
قال: والاعتِيادُ في معنى التَّعوُّدِ، وهو من العادة. يقال: عَوَّدْتُه
فاعتادَ وتَعَوَّدَ. والعِيدُ: ما يَعتادُ من نَوْبٍ وشَوْقٍ وهَمٍّ ونحوه.
وما اعتادَكَ من الهمِّ وغيره، فهو عِيدٌ؛ قال الشاعر:
والقَلْبُ يَعْتادُه من حُبِّها عِيدُ
وقال يزيد بن الحكم الثقفي سليمان بن عبد الملك:
أَمْسَى بأَسْماءَ هذا القلبُ مَعْمُودَا،
إِذا أَقولُ: صَحا، يَعْتادُه عِيدا
كأَنَّني، يومَ أُمْسِي ما تُكَلِّمُني،
ذُو بُغْيَةٍ يَبْتَغي ما ليسَ مَوْجُوداً
كأَنَّ أَحْوَرَ من غِزْلانِ ذي بَقَرٍ،
أَهْدَى لنا سُنَّةَ العَيْنَيْنِ والجِيدَا
وكان أَبو علي يرويه شبه العينين والجيدا، بالشين المعجمة وبالباء
المعجمة بواحدة من تحتها، أَراد وشبه الجيد فحذف المضاف وأَقام المضاف إِليه
مُقامه؛ وقد قيل إِن أَبا علي صحفه يقول في مدحها:
سُمِّيتَ باسمِ نَبِيٍّ أَنتَ تُشْبِهُه
حِلْماً وعِلْماً، سليمان بنِ داودا
أَحْمِدْ به في الورى الماضِين من مَلِكٍ،
وأَنتَ أَصْبَحتَ في الباقِينَ مَوْجُوداً
لا يُعذَلُ الناسُ في أَن يَشكُروا مَلِكاً
أَوْلاهُمُ، في الأُمُورِ، الحَزْمَ والجُودا
وقال المفضل: عادني عِيدي أَي عادتي؛ وأَنشد:
عادَ قَلْبي من الطويلةِ عِيدُ
أَراد بالطويلة روضة بالصَّمَّانِ تكون ثلاثة أَميال في مثلها؛ وأَما
قول تأَبَّطَ شَرّاً:
يا عيدُ ما لَكَ من شَوْقٍ وإِيراقِ،
ومَرِّ طَيْفٍ، على الأَهوالِ طَرَّاقِ
قال ابن الأَنباري في قوله يا عيد ما لك: العِيدُ ما يَعْتادُه من الحزن
والشَّوْق، وقوله ما لك من شوق أَي ما أَعظمك من شوق، ويروى: يا هَيْدَ
ما لكَ، والمعنى: يا هَيْدَ ما حالُك وما شأْنُك. يقال: أَتى فلان القومَ
فما قالوا له: هَيْدَ مالَك أَي ما سأَلوه عن حاله؛ أَراد: يا أَيها
المعتادُني ما لَك من شَوْقٍ كقولك ما لَكَ من فارس وأَنت تتعجَّب من
فُروسيَّته وتمدحه؛ ومنه قاتله الله من شاعر.
والعِيدُ: كلُّ يوم فيه جَمْعٌ، واشتقاقه من عاد يَعُود كأَنهم عادوا
إِليه؛ وقيل: اشتقاقه من العادة لأَنهم اعتادوه، والجمع أَعياد لزم البدل،
ولو لم يلزم لقيل: أَعواد كرِيحٍ وأَرواحٍ لأَنه من عاد يعود.
وعَيَّدَ المسلمون: شَهِدوا عِيدَهم؛ قال العجاج يصف الثور الوحشي:
واعْتادَ أَرْباضاً لَها آرِيُّ،
كما يَعُودُ العِيدَ نَصْرانيُّ
فجعل العيد من عاد يعود؛ قال: وتحوَّلت الواو في العيد ياء لكسرة العين،
وتصغير عِيد عُيَيْدٌ تركوه على التغيير كما أَنهم جمعوه أَعياداً ولم
يقولوا أَعواداً؛ قال الأَزهري: والعِيدُ عند العرب الوقت الذي يَعُودُ
فيه الفَرَح والحزن، وكان في الأَصل العِوْد فلما سكنت الواو وانكسر ما
قبلها صارت ياء، وقيل: قلبت الواو ياء ليَفْرُقوا بين الاسم الحقيقي وبين
المصدريّ. قال الجوهري: إِنما جُمِعَ أَعيادٌ بالياء للزومها في الواحد،
ويقال للفرق بينه وبين أَعوادِ الخشب. ابن الأَعرابي: سمي العِيدُ عيداً
لأَنه يعود كل سنة بِفَرَحٍ مُجَدَّد.
وعادَ العَلِيلَ يَعُودُه عَوْداً وعِيادة وعِياداً: زاره؛ قال أَبو
ذؤيب:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تَنَظَّرَ خالدٌ
عِيادي على الهِجْرانِ، أَم هوَ يائِسُ؟
قال ابن جني: وقد يجوز أَن يكون أَراد عيادتي فحذف الهاء لأَجل
الإِضافة، كما قالوا: ليت شعري؛ ورجل عائدٌ من قَوْم عَوْدٍ وعُوَّادٍ، ورجلٌ
مَعُودٌ ومَعْوُود، الأَخيرة شاذة، وهي تميمية. وقال اللحياني: العُوادَةُ
من عِيادةِ المريض، لم يزد على ذلك. وقَوْمٌ عُوَّادٌ وعَوْدٌ؛ الأَخيرة
اسم للجمع؛ وقيل: إِنما سمي بالمصدر.
ونِسوةٌ عوائِدُ وعُوَّدٌ: وهنَّ اللاتي يَعُدْنَ المريض، الواحدة
عائِدةٌ. قال الفراء: يقال هؤلاء عَودُ فلان وعُوَّادُه مثل زَوْرِه
وزُوَّاره، وهم الذين يَعُودُونه إِذا اعْتَلَّ. وفي حديث فاطمة بنت قيس: فإِنها
امرأَة يكثُرُ عُوَّادُها أَي زُوَّارُها. وكل من أَتاك مرة بعد أُخرى،
فهو عائد، وإِن اشتهر ذلك في عيادة المريض حتى صار كأَنه مختص به.
قال الليث: العُودُ كل خشبة دَقَّتْ؛ وقيل: العُودُ خَشَبَةُ كلِّ
شجرةٍ، دقّ أَو غَلُظ، وقيل: هو ما جرى فيه الماء من الشجر وهو يكون للرطْب
واليابس، والجمع أَعوادٌ وعِيدانٌ؛ قال الأَعشى:
فَجَرَوْا على ما عُوِّدوا،
ولكلِّ عِيدانٍ عُصارَهْ
وهو من عُودِ صِدْقٍ أَو سَوْءٍ، على المثل، كقولهم من شجرةٍ صالحةٍ.
وفي حديث حُذَيفة: تُعْرَضُ الفِتَنُ على القلوبِ عَرْضَ الحُصْرِ عَوْداً
عَوْداً؛ قال ابن الأَثير: هكذا الرواية، بالفتح، أَي مرة بعد مرةٍ،
ويروى بالضم، وهو واحد العِيدان يعني ما ينسج به الحُصْرُ من طاقاته، ويروى
بالفتح مع ذال معجمة، كأَنه استعاذ من الفتن.
والعُودُ: الخشبة المُطَرَّاةُ يدخَّن بها ويُسْتَجْمَرُ بها، غَلَبَ
عليها الاسم لكرمه. وفي الحديث: عليكم بالعُودِ الهِندِيّ؛ قيل: هو
القُسْطُ البَحْرِيُّ، وقيل: هو العودُ الذي يتبخر به. والعُودُ ذو الأَوْتارِ
الأَربعة: الذي يضرب به غلب عليه أَيضاً؛ كذلك قال ابن جني، والجمع
عِيدانٌ؛ ومما اتفق لفظه واختلف معناه فلم يكن إِيطاءً قولُ بعض
المولّدين:يا طِيبَ لَذَّةِ أَيامٍ لنا سَلَفَتْ،
وحُسْنَ بَهْجَةِ أَيامِ الصِّبا عُودِي
أَيامَ أَسْحَبُ ذَيْلاً في مَفارِقِها،
إِذا تَرَنَّمَ صَوْتُ النَّايِ والعُودِ
وقهْوَةٍ من سُلافِ الدَّنِّ صافِيَةٍ،
كالمِسْكِ والعَنبَرِ الهِندِيِّ والعُودِ
تستَلُّ رُوحَكَ في بِرٍّ وفي لَطَفٍ،
إِذا جَرَتْ منكَ مجرى الماءِ في العُودِ
قوله أَوَّلَ وهْلَةٍ عُودي: طَلَبٌ لها في العَوْدَةِ، والعُودُ
الثاني: عُودُ الغِناء، والعُودُ الثالث: المَنْدَلُ وهو العُودُ الذي يتطيب
به، والعُودُ الرابع: الشجرة، وهذا من قَعاقعِ ابن سيده؛ والأَمر فيه أَهون
من الاستشهاد به أَو تفسير معانيه وإِنما ذكرناه على ما وجدناه.
والعَوَّادُ: متخذ العِيدانِ.
وأَما ما ورد في حديث شريح: إِنما القضاء جَمْرٌ فادفعِ الجمرَ عنك
بعُودَيْنِ؛ فإِنه أَراد بالعودين الشاهدين، يريد اتق النار بهما واجعلهما
جُنَّتَك كما يدفع المُصْطَلي الجمرَ عن مكانه بعود أَو غيره لئلا يحترق،
فمثَّل الشاهدين بهما لأَنه يدفع بهما الإِثم والوبال عنه، وقيل: أَراد
تثبت في الحكم واجتهد فيما يدفع عنك النار ما استطعت؛ وقال شمر في قول
الفرزدق:
ومَنْ وَرِثَ العُودَيْنِ والخاتَمَ الذي
له المُلْكُ، والأَرضُ الفَضاءُ رَحْيبُها
قال: العودانِ مِنْبَرُ النبي، صلى الله عليه وسلم، وعَصاه؛ وقد ورد ذكر
العودين في الحديث وفُسِّرا بذلك؛ وقول الأَسود
بن يعفر:
ولقد عَلِمْت سوَى الذي نَبَّأْتني:
أَنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ ذي الأَعْوادِ
قال المفضل: سبيل ذي الأَعواد يريد الموت، وعنى بالأَعواد ما يحمل عليه
الميت؛ قال الأَزهري: وذلك إِن البوادي لا جنائز لهم فهم يضمون عُوداً
إِلى عُودٍ ويحملون الميت عليها إِلى القبر. وذو الأَعْواد: الذي قُرِعَتْ
له العَصا، وقيل: هو رجل أَسَنَّ فكان يُحمل في مِحَفَّةٍ من عُودٍ. أَبو
عدنان: هذا أَمر يُعَوِّدُ الناسَ عليَّ أَي يُضَرِّيهم بِظُلْمي. وقال:
أَكْرَهُ تَعَوُّدَ الناسِ عليَّ فَيَضْرَوْا بِظُلْمي أَي يَعْتادُوه.
وقال شمر: المُتَعَيِّدُ الظلوم؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لطرفة:
فقال: أَلا ماذا تَرَوْنَ لِشارِبٍ
شَدِيدٍ علينا سُخطُه مُتَعَيِّدِ؟
(* في ديوان طرفة: شديد علينا بغيُه متعمِّدِ).
أَي ظلوم؛ وقال جرير:
يَرَى المُتَعَيِّدُونَ عليَّ دُوني
أُسُودَ خَفِيَّةَ الغُلْبَ الرِّقابا
وقال غيره: المُتَعَيِّدُ الذي يُتَعَيَّدُ عليه بوعده. وقال أَبو عبد
الرحمن: المُتَعَيِّدُ المُتجَنِّي في بيت جرير؛ وقال ربيعة بن مقروم:
على الجُهَّالِ والمُتَعَيِّدِينا
قال: والمُتَعَيِّدُ الغَضْبانُ. وقال أَبو سعيد: تَعَيِّدَ العائنُ على
ما يَتَعَيَّنُ إِذا تَشَهَّقَ عليه وتَشَدَّدَ ليبالغ في إِصابته
بعينه. وحكي عن أَعرابي: هو لا يُتَعَيَّنُ عليه ولا يُتَعَيَّدُ؛ وأَنشد ابن
السكيت:
كأَنها وفَوْقَها المُجَلَّدُ،
وقِرْبَةٌ غَرْفِيَّةٌ ومِزْوَدُ،
غَيْرَى على جاراتِها تَعَيِّدُ
قال: المُجَلَّدُ حِمْل ثقيل فكأَنها، وفوقها هذا الحمل وقربة ومزود،
امرأَة غَيْرَى. تعيد أَي تَنْدَرِئُ بلسانها على ضَرَّاتها وتحرّك
يديها.والعَوْدُ: الجمل المُسِنُّ وفيه بقية؛ وقال الجوهري: هو الذي جاوَزَ في
السنِّ البازِلَ والمُخْلِفَ، والجمع عِوَدَةٌ، قال الأَزهري: ويقال في
لغة عِيَدَةَ وهي قبيحة. وفي المثل: إنّ جَرْجَدَ العَوْدَ فَزِدْه
وقْراً، وفي المثل: زاحِمْ بعَوْد أَو دَعْ أَي استعن على حربك بأَهل السن
والمعرفة، فإِنَّ رأْي الشيخ خير من مَشْهَدِ الغلام، والأُنثى عَوْدَةٌ
والجمع عِيادٌ؛ وقد عادَ عَوْداً وعَوَّدَ وهو مُعَوِّد. قال الأَزهري: وقد
عَوَّدَ البعيرُ تَعْوِيداً إِذا مضت له ثلاث سنين بعد بُزُولِه أَو
أَربعٌ، قال: ولا يقال للناقة عَوْدَةٌ ولا عَوَّدَتْ؛ قال: وسمعت بعض العرب
يقول لفرس له أُنثى عَوْدَةٌ. وفي حديث حسان: قد آن لكم أَنْ تَبْعَثُوا
إِلى هذا العَوْدِ؛ هو الجمل الكبير المُسِنُّ المُدَرَّبُ فشبه نفسه به.
وفي حديث معاوية: سأَله رجل فقال: إِنك لَتَمُتُّ بِرَحِمٍ عَوْدَة،
فقال: بُلَّها بعَطائكَ حتى تَقْرُبَ، أَي برَحِمٍ قديمةٍ بعيدة النسب.
والعَوْد أَيضاً: الشاة المسن، والأُنثى كالأُنثى. وفي الحديث: أَنه، عليه
الصلاة والسلام، دخل على جابر بن عبد الله منزلَهُ قال: فَعَمَدْتُ إِلى
عَنْزٍ لي لأَذْبَحَها فَثَغَتْ، فقال، عليه السلام: يا جابر لا تَقْطَعْ
دَرًّا ولا نَسْلاً، فقلت: يا رسول الله إِنما هي عَوْدَة علفناها البلح
والرُّطَب فسمنت؛ حكاه الهروي في الغريبين. قال ابن الأَثير: وعَوَّدَ
البعيرُ والشاةُ إِذا أَسَنَّا، وبعير عَوْد وشاة عَوْدَةٌ. قال ابن
الأَعرابي: عَوَّدَ الرجلُ تَعْويداً إِذا أَسن؛ وأَنشد:
فَقُلْنَ قد أَقْصَرَ أَو قد عَوّدا
أَي صار عَوْداً كبيراً. قال الأَزهري: ولا يقال عَوْدٌ لبعير أَو شاة،
ويقال للشاة عَوْدة ولا يقال للنعجة عَوْدة. قال: وناقة مُعَوِّد. وقال
الأَصمعي: جمل عَوْدٌ وناقة عَوْدَةٌ وناقتان عَوْدَتان، ثم عِوَدٌ في جمع
العَوْدة مثل هِرَّةٍ وهِرَرٍ وعَوْدٌ وعِوَدَةٌ مثل هِرٍّ وهِرَرَةٍ،
وفي النوادر: عَوْدٌ وعِيدَة؛ وأَما قول أَبي النجم:
حتى إِذا الليلُ تَجَلَّى أَصْحَمُه،
وانْجابَ عن وجْهٍ أَغَرَّ أَدْهَمُه،
وتَبِعَ الأَحْمَرَ عَوْدٌ يَرْجُمُه
فإِنه أَراد بالأَحمر الصبح، وأَراد بالعود الشمس. والعَوْدُ: الطريقُ
القديمُ العادِيُّ؛ قال بشير بن النكث:
عَوْدٌ على عَوْدٍ لأَقْوامٍ أُوَلْ،
يَمُوتُ بالتَّركِ، ويَحْيا بالعَمَلْ
يريد بالعود الأُول الجمل المسنّ، وبالثاني الطريق أَي على طريق قديم،
وهكذا الطريق يموت إِذا تُرِكَ ويَحْيا إِذا سُلِكَ؛ قال ابن بري: وأَما
قول الشاعر:
عَوْدٌ عَلى عَوْدٍ عَلى عَوْدٍ خَلَقْ
فالعَوْدُ الأَول رجل مُسنّ، والعَوْدُ الثاني جمل مسنّ، والعود الثالث
طريق قديم. وسُودَدٌ عَوْدٌ قديمٌ على المثل؛ قال الطرماح:
هَلِ المَجْدُ إِلا السُّودَدُ العَوْدُ والنَّدى،
وَرَأْبُ الثَّأَى، والصَّبْرُ عِنْدَ المَواطِنِ؟
وعادَني أَنْ أَجِيئَك أَي صَرَفَني، مقلوب من عَداني؛ حكاه يعقوب.
وعادَ فِعْلٌ بمنزلة صار؛ وقول ساعدة بن جؤية:
فَقَامَ تَرْعُدُ كَفَّاه بِمِيبَلَة،
قد عادَ رَهْباً رَذِيّاً طائِشَ القَدَمِ
لا يكون عاد هنا إِلا بمعنى صار، وليس يريد أَنه عاود حالاً كان عليها
قبل، وقد جاء عنهم هذا مجيئاً واسعاً؛ أَنشد أَبو علي للعجاج:
وقَصَباً حُنِّيَ حَتَّى كادَا
يَعُودُ، بَعْدَ أَعْظُمٍ، أَعْوادَا
أَي يصير. وعاد: قبيلة. قال ابن سيده: قضينا على أَلفها أَنها واو
للكثرة وأَنه ليس في الكلام «ع ي د» وأَمَّا عِيدٌ وأَعْيادٌ فبد لازم. وأَما
ما حكاه سيبويه من قول بعض العرب من أَهلِ عاد بالإِمالة فلا يدل ذلك أَن
أَلفها من ياء لما قدّمنا، وإِنما أَمالوا لكسرة الدال. قال: ومن العرب
من يدَعُ صَرْفَ عاد؛ وأَنشد:
تَمُدُّ عليهِ، منْ يَمِينٍ وأَشْمُلٍ،
بُحُورٌ له مِنْ عَهْدِ عاد وتُبَّعا
جعلهما اسمين للقبيلتين. وبئر عادِيَّةٌ، والعادِيُّ الشيء القديم نسب
إِلى عاد؛ قال كثير:
وما سالَ وادٍ مِنْ تِهامَةَ طَيِّبٌ،
به قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكُرُــورُ
(* قوله «وكرور» كذا بالأصل هنا والذي فيه في مادة ك ر ر وكرار بالالف
وأورد بيتاً قبله على هذا النمط وكذا الجوهري فيها).
وعاد: قبيلة وهم قومُ هودٍ، عليه السلام. قال الليث: وعاد الأُولى هم
عادُ بن عاديا بن سام بن نوح الذين أَهلكهم الله؛ قال زهير:
وأُهْلِكَ لُقْمانُ بنُ عادٍ وعادِيا
وأَما عاد الأَخيرة فهم بنو تميم ينزلون رمالَ عالِجٍ عَصَوُا الله
فَمُسخُوا نَسْناساً، لكل إِنسان منهم يَدٌ ورجل من شِقّ؛ وما أَدْري أَيُّ
عادَ هو، غير مصروف
(* قوله «غير مصروف» كذا بالأصل والصحاح وشرح القاموس
ولو اريد بعاد القبيلة لا يتعين منعه من الصرف ولذا ضبط في القاموس الطبع
بالصرف.) أَي أَيّ خلق هو.
والعِيدُ: شجر جبلي يُنْبِتُ عِيداناً نحو الذراع أَغبر، لا ورق له ولا
نَوْر، كثير اللحاء والعُقَد يُضَمَّدُ بلحائه الجرح الطري فيلتئم،
وإِنما حملنا العيد على الواو لأَن اشتقاق العيد الذي هو الموسم إِنما هو من
الواو فحملنا هذا عليه.
وبنو العِيدِ: حي تنسب إِليه النوق العِيدِيَّةُ، والعيدِيَّة: نجائب
منسوبة معروفة؛ وقيل: العِيدية منسوبة إِلى عاد بن عاد، وقيل: إلى عادِيّ
بن عاد إِلا أَنه على هذين الأَخيرين نَسَبٌ شاذٌّ، وقيل: العيدية تنسب
إِلى فَحْلٍ مُنْجِب يقال له عِيدٌ كأَنه ضرب في الإِبل مرات؛ قال ابن
سيده: وهذا ليس بقويّ؛ وأَنشد الجوهري لرذاذ الكلبي:
ظَلَّتْ تَجُوبُ بها البُلْدانَ ناجِيَةٌ
عِيدِيَّةٌ، أُرْهِنَتْ فيها الدَّنانِيرُ
وقال: هي نُوق من كِرام النجائب منسوبة إِلى فحل منجب. قال شمر:
والعِيدِيَّة ضَرْب من الغنم، وهي الأُنثى من البُرِْقانِ، قال: والذكر خَرُوفٌ
فلا يَزالُ اسمَه حتى يُعَقَّ عَقِيقَتُه؛ قال الأَزهري: لا أَعرف
العِيدِيَّة في الغنم وأَعرف جنساً من الإِبل العُقَيْلِيَّة يقال لها
العِيدِيَّة، قال: ولا أَدري إِلى أَي شيء نسبت.
وحكى الأَزهري عن الأَصمعي: العَيْدانَةُ النخلة الطويلة، والجمع
العَيْدانُ؛ قال لبيد:
وأَبْيَض العَيْدانِ والجَبَّارِ
قال أَبو عدنان: يقال عَيْدَنَتِ النخلةُ إِذا صارت عَيْدانَةً؛ وقال
المسيب بن علس:
والأُدْمُ كالعَيْدانِ آزَرَها،
تحتَ الأَشاءِ، مُكَمَّمٌ جَعْلُ
قال الأَزهري: من جعل العيدان فَيْعالاً جعل النون أَصلية والياء زائدة،
ودليله على ذلك قولهم عيْدَنَتِ النخلةُ، ومن جعله فَعْلانَ مثل
سَيْحانَ من ساحَ يَسِيحُ جعل الياء أَصلية والنون زائدة. قال الأَصمعي:
العَيْدانَةُ شجرة صُلْبَة قديمة لها عروق نافذة إِلى الماء، قال: ومنه هَيْمانُ
وعَيْلانُ؛ وأَنشد:
تَجاوَبْنَ في عَيْدانَةٍ مُرْجَحِنَّةٍ
مِنَ السِّدْرِ، رَوَّاها، المَصِيفَ، مَسِيلُ
وقال:
بَواسِق النخلِ أَبكاراً وعَيْدانا
قال الجوهري: والعَيدان، بالفتح، الطِّوالُ من النخل، الواحدة
عيْدانَةٌ، هذا إِن كان فَعْلان، فهو من هذا الباب، وإِن كان فَيْعالاً، فهو من
باب النون وسنذكره في موضعه.
والعَوْدُ: اسم فرَس مالك بن جُشَم. والعَوْدُ أَيضاً: فرس أُبَيّ بن
خلَف.
وعادِ ياءُ: اسم رجل؛ قال النمر بن تولب:
هَلاَّ سَأَلْت بِعادياءَ وَبَيْتِه
والخلِّ والخمرِ، الذي لم يُمْنَعِ؟
قال: وإِن كان تقديره فاعلاء، فهو من باب المعتل، يذكر في موضعه.
ضبب: الضَّبُّ: دُوَيْبَّة من الحشرات معروف، وهو يشبه الوَرَلَ؛ والجمع أَضُبٌّ مثل كَفٍّ وأَكُفٍّ، وضِـبابٌ وضُبَّانٌ، الأَخيرة عن اللحياني. قال: وذلك إِذا كَثُرَتْ جِدّاً؛ قال ابن سيده: ولا أَدري ما هذا الفرق، لأَنَّ فِعَالاً وفُعْلاناً سواء في أَنهما بناءَان من أَبنية الكثرة، والأُنثى: ضَبَّة. وأَرض مَضَبَّةٌ وضَبِـبَةٌ: كثيرةُ الضِّباب. التهذيب: أَرضٌ ضَبِـبَةٌ؛ أَحدُ ما جاءَ على أَصله. قال أَبو منصور: الوَرَلُ سَبْطُ الخَلْق،طويلُ
الذَّنَب، كأَنَّ ذَنبه ذنبُ حَيَّة؛ ورُبَّ وَرَلٍ يُرْبي طُولُه على ذراعين. وذَنَبُ الضَّبِّ ذو عُقَد، وأَطولُه يكون قَدْرَ شِبْر. والعرب تَسْتَخْبِثُ الوَرَلَ وتستقذره ولا تأْكله، وأَما الضَّبُّ فإِنهم يَحْرِصُون على صَيْده وأَكله؛ والضَّبُّ أَحْرَشُ الذَّنَب، خَشِنُه، مُفَقَّرُه، ولونُه إِلى الصُّحْمَةِ، وهي غُبْرَة مُشْرَبةٌ سَواداً؛ وإِذا سَمِنَ اصْفَرَّ صَدْرُه، ولا يأْكل إِلاَّ الجَنادِبَ والدَّبـى والعُشْبَ، ولا يأْكل الـهَوامَّ؛ وأَما الوَرَلُ فإِنه يأْكل العقارب، والحيات، والـحَرابِـيَّ، والخنافس، ولحمه دُرْياق، والنساء يَتَسَمَّنَّ بلحمه.
وضَبِـبَ البلدُ ، (1)
(1 قوله «وضبب البلد» كفرح وكرم اهـ القاموس.)
وأَضَبَّ: كثُرَت ضِـبابُه؛ وهو أَحدُ ما جاءَ على الأَصْل من هذا
الضرب.ويقال: أَضَبَّتْ أَرضُ بني فلانٍ إِذا كثر ضِـبَابُها.
وأَرضٌ مُضِـبَّةٌ ومُرْبِعةٌ: ذات ضِـبابٍ ويَرابِـيعَ. ابن السكيت:
ضَبِـبَ البلدُ كثُرَتْ ضِـبابُه؛ ذكره في حروف أَظهر فيها التضعيف، وهي متحركة، مثل قَطِطَ شعرُه ومَشِشَتِ الدابةُ وأَلِلَ السِّقاءُ. وفي الحديث: أَن أَعرابيّاً أَتى النبـيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إِني في غَائطٍ مُضِـبَّةٍ. قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في
الرواية، بضم الميم وكسر الضاد، والمعروف بفتحهما، وهي أَرْضٌ مَضَبَّة مثل مَـأْسَدَة ومَذْأَبة ومَرْبَعَة أَي ذات أُسود وذِئاب ويَرابِـيعَ؛ وجمع الـمَضَبَّة مَضَابُّ. فأَما مُضِـبَّة: فهو اسم فاعل من أَضَبَّ، كأَغَدَّتْ، فهي مُغِدَّة. فإِن صحت الرواية فهي بمعناها. قال: ونحوُ هذا البناء الحديثُ الآخر: لم أَزَلْ مُضِـبّاً بَعْدُ؛ هو من الضَّبِّ: الغَضَب والـحِقْد أَي لم أَزل ذا ضَبٍّ.
ووقعنا في مَضابَّ مُنْكَرةٍ: وهي قِطَع من الأَرض كثيرةُ الضِّباب، الواحدة مَضَبَّة. قال الأَصمعي: سمعت غيرَ واحدٍ من العربِ يقول: خرجنا نصطاد الـمَضَبَّة أَي نَصيدُ الضِّبابَ، جمعوها على مَفْعَلة، كما يقال للشُّيوخ مَشْيَخة، وللسُّيوف مَسْيَفَةٌ.
والـمُضَبِّبُ: الحارِشُ الذي يَصُبُّ الماء في جُحْرِه حتى يَخرُجَ
ليأْخذَه.
والـمُضَبِّبُ: الذي يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرة الضِّبَاب حتى يُذْلِقَها فَتَبرُزَ فيَصِـيدَها؛ قال الكميت:
بغَبْيَةِ صَيْفٍ لا يُؤَتِّي نِطافَها * لِـيَبْلُغَها، ما أَخْطَـأَتْهُ، الـمُضَبِّبُ
يقول: لا يحتاج الـمُضَبِّبُ أَن يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرتها حتى يستخرج الضِّبابَ ويَصِـيدَها، لأَن الماءَ قد كثر، والسيلُ قد عَلاَ الزُّبى، فكفاه ذلك.
وضَبَّبْتُ على الضَّبِّ إِذا حَرَشْتَه، فخرَجَ إِليك مُذَنِّباً، فأَخَذْتَ بذَنَبه.
والضَّبَّةُ: مَسْكُ الضَّبِّ يُدْبَغُ فيُجْعَلُ فيه السَّمْن. وفي المثل: أَعَقُّ من ضَبٍّ، لأَنه ربما أَكل حُسُولَه.
وقولهم: لا أَفْعَلُه حتى يَحنَّ الضَّبُّ في أَثَر الإِبل الصَّادِرَة، ولا أَفْعَلُه حتى يَرِدَ الضَّبُّ الماءَ؛ لأَن الضبَّ لا يَشْرَبُ الماءَ. ومن كلامهم الذي يَضَعُونه على أَلسنة البهائم، قالت السمكةُ:
وِرْداً يا ضَبُّ؛ فقال:
أَصْبَحَ قلبي صَرِدا، * لا يَشْتَهِـي أَن يَرِدَا،
إِلاَّ عَراداً عَرِدا، * وصِلِّيانـــــــاً بــــــَرِدَا، (2)
وعَنْكَثاً مُلْتَبِدَا
(2 قوله «وصلياناً بردا» قال في التكملة تصحيف من القدماء فتبعهم الخلف. والرواية زرداً أي بوزن كتف وهو السريع الازدراد.)
والضَّبُّ يكنى أَبا حِسْلٍ؛ والعرب تُشَبِّه كَفَّ
البخيل إِذا قَصَّرَ عن العطاءِ بكفِّ الضَّبِّ؛ ومنه قول الشاعر:
مَناتِـينُ، أَبْرامٌ، كأَنَّ أَكُفَّهُم * أَكُفُّ ضِـبابٍ أُنْشِقَتْ في الـحَبائِلِ
وفي حديث أَنس: أَن الضَّبَّ لَـيَموتُ هُزالاً في جُحْرِه بذَنْبِ ابن
آدم أَي يُحْبَسُ المطر عنه بشُـؤْم ذنوبهم. وإِنما خص الضَّبَّ،
لأَنـَّه أَطْوَلُ الحيوان نَفَساً وأَصْبَرُها على الجُوع. ويروى: أَن
الـحُبارَى بَدَل الضَّب لأَنها أَبعدُ الطير نَجْعَـةً.
ورجل خَبٌّ ضَبٌّ: مُنْكَرٌ مُراوِغٌ حَرِبٌ. والضَّبُّ والضِّبُّ: الغَيْظُ والـحِقْدُ؛ وقيل: هو الضِّغْن والعَداوة، وجَمْعه ضِـباب؛قال الشاعر:
فما زالتْ رُقاكَ تَسُلُّ ضِغْني، * وتُخْرِجُ، من مَكامِنها، ضِبابي
وتقول: أَضَبَّ فلانٌ على غِلٍّ في قلبه أَي أَضْمره. وأَضَبَّ الرجلُ على حِقْدٍ في القلب، وهو يُضِبُّ إِضْباباً.
ويقال للرجل إِذا كان خَبّاً مَنُوعاً: إِنه لَخَبٌّ ضَبٌّ. قال: والضَّبُّ الـحِقْد في الصَّدْر. أَبو عمرو: ضَبَّ إِذا حَقَد. وفي حديث علي، كرّم اللّه وجهه: كلٌّ منهما حاملُ ضَبٍّ لصاحبه. وفي حديث
عائشة، رضي اللّه عنها: فغَضِبَ القاسمُ وأَضَبَّ عليها.
وضَبَّ ضَبّاً، وأَضَبَّ به: سَكَتَ مثلُ أَضْـبَـأَ، وأَضَبَّ على
الشيءِ، وضَبَّ: سكت عليه.
وقال أَبو زيد: أَضَبَّ إِذا تكلم، وضَبَّ على الشيءِ وأَضَبَّ
وضَبَّبَ: احْتواه. وأَضَبَّ الشيءَ: أَخفاه. وأَضَبَّ على ما في يديه: أَمسكه. وأَضَبَّ القومُ: صاحوا وجَلَّبُوا؛ وقيل: تكلموا أَو كَلَّم بعضُهم بعضاً. وأَضَبُّوا في الغارة: نَهَدوا واسْتَغارُوا. وأَضَبُّوا عليه إِذا أَكثروا عليه؛ وفي الحديث: فلما أَضَبُّوا عليه أَي أَكثروا. ويقال: أَضَبُّوا إِذا تكلموا متتابعاً، وإِذا نَهَضُوا في الأَمر جميعاً. وأَضَبَّ فُلانٌ على ما في نفسه أَي سكت.الأَصمعي: أَضَبَّ فلانٌ على ما في نفسه أَي أَخرجه. قال أَبو حاتم: أَضَبَّ القومُ إِذا سكتوا وأَمسكوا عن الحديث، وأَضَبُّوا إِذا تَكَلَّموا وأَفاضُوا في الحديث؛ وزعموا أَنه من الأَضداد.
وقال أَبو زيد: أَضَبَّ الرَّجلُ إِذا تكلم، ومنه يقال: ضَبَّتْ لِثَتُه دماً إِذا سالتْ، وأَضْبَبْتُها أَنا إِذا أَسَلْتُ منها الدم، فكأَنه أَضَبَّ الكلام
أَي أَخرجه كما يُخْرجُ الدَّمَ. وأَضَبَّ النَّعَمُ: أَقبلَ وفيه تَفَرُّقٌ.
والضَّبُّ والتَّضْبيبُ: تغطية الشيء ودخول بعضه في بعض.
والضَّبابُ: نَـدًى كالغيم.
وقيل: الضَّبابةُ سَحابة تُغَشِّي الأَرضَ كالدخان، والجمع: الضَّبابُ.
وقيل: الضَّبابُ والضَّبابةُ نَـدًى كالغُبار يُغشِّي الأَرضَ
بالغَدَواتِ. ويقال: أَضَبَّ يَومُنا، وسماءٌ مُضِـبَّةٌ. وفي الحديث: كنتُ مع النبي، صلى اللّه عليه وسلم، في طريق مكة، فأَصابَتْنا ضَبابة فَرَّقت بين الناس؛ هي البُخار الـمُتَصاعِدُ من الأَرض في يوم الدَّجْنِ، يصير كالظُّلَّة تَحْجُبُ الأَبْصارَ لظلمتها. وقيل: الضَّبابُ هو السحاب الرقيق؛ سمي بذلك لِتَغْطيته الأُفُق، واحدتُه ضَبابة.
وقد أَضَبَّتِ السَّماءُ إِذا كان لها ضَبَابٌ. وأَضَبَّ الغيمُ: أَطْبَقَ. وأَضَبَّ يومُنا: صار ذا ضَبابٍ. وأَضَبَّتِ الأَرضُ: كثر نباتُها.
ابن بُزُرْج:
أَضَبَّتِ الأَرضُ بالنبات: طَلَعَ نباتُها جميعاً.
وأَضَبَّ القومُ: نَهَضوا في الأَمر جميعاً. وأَضَبَّ الشَّعَرُ: كَثُرَ.
وأَضَبَّ السِّقاءُ: هُريقَ ماؤُه من خَرْزَةٍ فيه، أَو وَهْيَةٍ. وأَضْبَبْتُ
على الشيءِ: أَشْرَفْتُ عليه أَن أَظْفَرَ به. قال أَبو منصور: وهذا من ضَبَـأَ يَضْبَـأُ، وليس من باب المضاعف. وقد جاءَ به الليث في باب المضاعف. قال: والصواب الأَول، وهو مرويّ عن الكسائي. وأَضَبَّ على الشَّيءِ:لَزِمَه فلم يُفارقْه، وأَصلُ الضَّبِّ اللُّصُوق بالأَرض. وضَبَّ النَّاقَةَ يَضُبُّها: جَمَعَ خِلْفَيْها في كَفِّه للـحَلْب؛ قال الشاعر:
جَمَعْتُ له كَفَّـيَّ بالرُّمْحِ طاعِناً، * كما جَمَعَ الخِلْفَينِ، في الضَّبِّ، حالِبُ
ويقال: فلان يَضُبُّ ناقَتَه، بالضم، إِذا حَلبَها بِخَمْسِ أَصابعَ.
والضَّبُّ أَيضاً: الـحَلْبُ بالكَفِّ كلها؛ وقيل: هذا هو الضَّفُّ، فأَما الضَّبُّ فأَن تَجْعَل إِبْهامَكَ على الخِلْفِ، ثم تَرُدَّ أَصابعك على الإِبهام والخِلْفِ جميعاً؛ هذا إِذا طالَ الخِلْفُ، فإِن كان وَسَطاً، فالبَزْمُ بمَفْصِل السبَّابة وطَرَفِ الإِبهام، فإِن كان قَصيراً، فالفَطْرُ بطَرفِ السبَّابة والإِبهام. وقيل: الضَّبُّ أَنْ تَضُمَّ يَدَكَ على الضَّرْع وتُصَيِّر إِبهامَك في وَسَطِ راحتك.
وفي حديث موسى وشُعَيب، عليهما السلام: ليس فيها ضَبُوبٌ ولا ثَعُولٌ. الضَّبُوب: الضَّيِّقَة ثَقْبِ الإِحْليل.والضَّبَّةُ: الـحَلْبُ بِشِدَّةِ العصر.
وقوله في الحديث: إِنما بَقِـيَتْ من الدُّنْيا مِثْلُ ضَبَابةٍ؛ يعني في القِلَّةِ وسُرعَةِ الذهاب. قال أَبو منصور: الذي جاء في الحديث: إِنما بَقِـيَتْ من الدنيا صُبَابةٌ كصُبابة الإِناء، بالصاد غير معجمة، هكذا رواه أَبو عبيد وغيره.
والضَّبُّ: القَبْضُ على الشيء بالكَف. ابن شميل: التَّضْبيب شِدَّةُ القبض على الشيء كيلا يَنْفَلِتَ من يده؛ يقال: ضَبَّـبْتُ عليه تَضبيباً.
والضَّبُّ: داء يأْخذ في الشفة، فترمُ، أَو تَجْسَـأُ، أَو تَسيلُ دماً؛
ويقال تَجْسَـأُ بمعنى تَيْبَسُ وتَصْلُب.
والضَّبِـيبَةُ: سَمْنٌ ورُبٌّ يُجْعَل للصبـي في العُكَّةِ يُطْعَمُه.
وضَبَّـبْتُه وضَبَّـبْتُ له: أَطْعَمْتُه الضَّبيبةَ؛ يقال: ضَبِّـبُوا لصَبيِّكم. وضَبَّـبْتُ الخَشَبَ ونحوه: أَلْبَسْته الـحَديدَ.
والضَّبَّةُ: حديدةٌ عَريضةٌ يُضَبَّبُ بها البابُ والخَشَبُ، والجمع
ضِـبابٌ؛ قال أَبو منصور: يقال لها الضَّبَّةُ والكَتيفةُ، لأَنها عَريضَة كهيئة خَلْقِ الضَّبِّ؛ وسميت كَتيفة لأَنها عُرِّضَتْ على هيئة الكَتِفِ.وضَبَّ الشيءُ ضَبّاً: سالَ كَبَضَّ. وضَبَّتْ شَفَتُه تَضِبُّ ضَبّاً وضُبوباً: سالَ منها الدمُ، وانحلَبَ رِيقُها. وقيل: الضَّبُّ دون السَّيلانِ الشديد.
وضَبَّتْ لثته تَضِبُّ ضَبّاً: انْحَلَبَ رِيقُها؛ قال:
أَبَيْنا، أَبَيْنا أَنْ تَضِبَّ لِثاتُكُمْ، * على خُرَّدٍ مِثْلِ الظِّباءِ، وجامِلِ
وجاء: تَضِبُّ لِثَتُه، بالكسر، يُضْرَبُ ذلك مثلاً للحريص على الأَمر؛ وقال بِشْرُ بن أَبي خازِم:
وبَني تميمٍ، قد لَقِـينا منْهُمُ * خَيْلاً، تَضِبُّ لِثاتُها للمَغْنَمِ
وقال أَبو عبيدة: هو قَلْبُ تَبِضُّ أَي تَسِـيلُ وتَقْطُر. وتَرَكْتُ لِثَتَه تَضِبُّ ضَبِـيباً من الدَّمِ إِذا سالتْ. وفي الحديث: ما زال مُضِـبّاً مُذِ اليومِ أَي إِذا تكلم ضَبَّتْ لِثاتُه دماً.
وضَبَّ فَمُه يَضِبُّ ضَبّاً: سال ريقه. وضَبَّ الماءُ والدَّمُ
يَضِبُّ،بالكسر، ضَبِـيباً: سالَ. وأَضْبَبْتُه أَنا، وجاءَنا فلانٌ تَضِبُّ
لِثَتُه إِذا وُصِفَ بشِدَّةِ النَّهَمِ للأَكل والشَّبَقِ للغُلْمة، أَو الـحِرْصِ على حاجته وقضائها؛ قال الشاعر:
أَبينا، أَبينا أَن تَضِبَّ لِثاتُكم، * على مُرْشِقات، كالظِّباءِ، عَواطِـيا
يُضْرَبُ هذا مثلاً للحريص النَّهِم. وفي حديث ابن عمر: أَنه كان
يُفْضِـي بيديه إِلى الأَرض إِذا سجد، وهما تَضِـبَّانِ دَماً أَي تَسِـيلان؛ قال: والضَّبُّ دون السَّـيَلانِ، يعني أَنه لم يَرَ الدَّمَ القاطرَ ناقِضاً للوضوء.
يقال: ضَبَّتْ لِثاتُه دماً أَي قَطَرَتْ. والضَّبُوبُ من الدَّوابِّ: التي تَبُول وهي تَعْدو؛ قال الأَعشى:
مَتى تَـأْتِنا، تَعْدُو بِسَرجِكَ لَقْوةٌ * ضَبُوبٌ، تُحَيِّـينا، ورأْسُك مائل
وقد ضَبَّتْ تَضِبُّ ضُبوباً. والضَّبُّ: وَرَمٌ في صَدْرِ البعير؛ قال:
وأَبِـيتُ كالسَّـرَّاءِ يَرْبُو ضَبُّها، * فإِذا تَحَزْحَزُ عن عِدَاءٍ، ضَجَّتِ
وقيل: هو أَن يحزَّ مِرْفَقُ البعير في جِلْدِه؛ وقيل: هو أَن يَنْحَرِفَ الـمِرفَقُ حتى يَقع في الجنب فيَخْرِقَه؛ قال:
ليس بِذي عَرْكٍ، ولا ذِي ضَبِّ
والضَّبُّ أَيضاً: وَرَمٌ يكون في خُفِّ البعير، وقيل: في فِرْسِنه؛
تقول منه: ضَبَّ يَضَبُّ؛ بالفتح، فهو بعير أَضَبُّ، وناقة ضَبَّاءُ بَيِّنةُ الضَّبَبِ.
والتَّضَبُّب: انْفِتاقٌ من الإِبطِ وكثرةٌ من اللحم؛ تقول: تَضَبَّبَ
الصبـيُّ أَي سَمِنَ، وانْفَتَقَتْ آباطُه وقَصُرَ عُنُقه.
الأُمَوِيُّ: بعير أَضَبُّ وناقة ضَبَّاءُ بَـيِّنةُ الضَّبَبِ، وهو وجَع يأْخذ في الفِرْسِنِ. وقال العَدَبَّسُ الكِنانِـيُّ: الضاغِطُ والضَّبُّ شيءٌ واحد، وهما انْفِتاقٌ من الإِبط وكثرةٌ من اللحم. والتَّضَبُّبُ: السِّمَنُ حين يُقْبِلُ؛ قال أَبو حنيفة يكون في البعير والإِنسان.
وضَبَّبَ الغلامُ: شَبَّ.
والضَّبُّ والضَّبَّةُ: الطَّلْعةُ قبلَ أَن تَنْفَلِقَ عن الغَريضِ، والجمعُ ضِـبابٌ؛ قال البَطِـينُ التَّيْمِـيُّ، وكان وصَّافاً للنَّحل:
يُطِفْنَ بفُحَّالٍ، كأَنَّ ضِـبابَهُ * بُطُونُ الـمَوالي، يومَ عِـيدٍ، تَغَدَّتِ
يقول: طَلْعُها ضَخْمٌ كأَنه بُطونُ موالٍ تَغَدَّوْا فتَضَلَّعُوا.
وضَبَّةُ: حَيٌّ من العرب.
وضَبَّةُ بنُ أُدٍّ: عَمُّ تَميم بن مُرٍّ.
الأَزهري، في آخر العين مع الجيم: قال مُدرِكٌ الجَعْفَريّ: يقال
فَرِّقُوا لِضَوالِّكُم بُغْياناً يُضِـبُّونَ لها أَي يَشْمَعِطُّونَ؛ فسُئِل عن ذلك، فقال: أَضَبُّوا لفُلانٍ أَي تَفَرَّقُوا في طَلَبه؛ وقد أَضَبَّ القومُ في بُغْيَتِهم أَي في ضالَّتِهم أَي تفَرَّقوا في طلبها.
وضَبٌّ: اسم رجل. وأَبو ضَبٍّ: شاعر من هُذَيْل.
(يتبع...)
(تابع... 1): ضبب: الضَّبُّ: دُوَيْبَّة من الحشرات معروف، وهو يشبه الوَرَلَ؛... ...
والضِّبابُ: اسم رجل، وهو أَبو بطن، سمي بجمع الضَّبِّ؛ قال:
لَعَمْري ! لقَد بَرَّ الضِّبابَ بَنُوهُ، * وبعضُ البَنِـينَ غُصَّةٌ وسُعالُ
والنَّسَبُ اليه ضِـبابيٌّ، ولا يُرَدُّ في النَّسَب إِلى واحده لأَنه
جُعِل اسماً للواحد كما تقول في النسب إِلى كِلابٍ: كِلابيّ. وضَبابٌ والضَّبابُ: اسم رجل أَيضاً، الأَول عن الأَعرابي؛ وأَنشد:
نَكِدْتَ أَبَا زَبِـينةَ، إِذ سأَلْنا * بحاجَتِنا، ولم يَنْكَدْ ضَبابُ
وروى بيت امرئِ القيس:
وعَلَيْكِ، سَعْدَ بنَ الضَّبابِ، فسَمِّحِي * سَيْراً إِلى سَعْدٍ، عَلَيْكِ بسَعْدِ
قال ابن سيده: هكذا أَنشده ابن جني، بفتح الضاد. وأَبو ضَبٍّ من كُناهم. والضُّبَيْبُ: فرسٌ معروف من خيل العرب، وله حديث. وضُبَيْبٌ: اسم وادٍ. وامرأةٌ ضِبْضِبٌ: سمينة.
ورجلٌ ضُباضِبٌ، بالضم: غليظ سمين قصيرٌ فَحَّاش جَرِيءٌ. والضُّباضِبُ: الرجلُ الجَلْد الشديد؛ وربما استعمل في البعير. أَبو زيد: رجل ضِبْضِبٌ، وامرأَةٌ ضِبْضِـبةٌ، وهو الجريءُ على ما أَتى؛ وهو الأَبلَخُ أَيضاً، وامرأَة بَلْخاءُ: وهي الجَرِيئَة التي تَفْخَرُ على جيرانها. وضَبٌّ: اسم الجَبَل الذي مسجدُ الخَيْفِ في أَصْلِه، واللّه أَعلم.
دمم: دَمَّ الشيءَ يَدُمُّه دَمّاً: طلاه. والدَّمُّ والدِّمامُ ما
دُمَّ به. ودُمَّ الشيءُ إذا طُليَ. والدِّمامُ، بالكسر: دواء تُطْلى به
جبهةُ الصبي وظاهرُ عينيه، وكل شيء طُليَ به فهو دِمامٌ؛ وقال يصف
سَهْماً:وخَلَّقْتُهُ، حتى إذا تَمَّ واسْتَوَى،
كمُخَّةِ ساقٍ أو كمتْنِ إمامِ،
قَرَنْتُ بحِقْوَيْهِ ثلاثاً، فلم يَزِغْ
عن القَصْدِ، حتى بُصِّرَتْ بدِمامِ
يعني بالدِّمامِ الغِراءَ الذي يُلَزَقُ به ريشُ السهم، وعَنى بالثلاث
الريشات الثلاث التي تُرَكَّبُ على السهم، ويعني بالحِقْو مُسْتَدَقَّ
السهم مما يلي الريش، وبُصِّرَتْ: يعني ريش السهم طُلِيَتْ بالبَصِيرةِ، وهي
الدم. والدِّمامُ: الطِّلاءُ بحمرة أو غيرها؛ قال ابن بري: وقوله في
البيت الأول وخَلَّقته: مَلَّسْته، والإمامُ الخيط الذ يُمَدُّ عليه
البناءُ؛ وقال الطِّرِمَّاح في الدِّمامِ الطِّلاءِ أيضاً:
كلّ مَشْكُوكٍ عَصافِيره،
قانئ اللَّوْنِ حَديث الدِّمام
وقال آخر:
من كل حَنْكَلةٍ، كأَنَّ جَبِينها
كَبِدٌ تَهَيَّأَ للبِرامِ دِماما
وفي كلام الشافعي، رضي الله عنه: وتَطْلي المُعْتَدَّةُ وجهها
بالدِّمامِ وتمسحه نهاراً. والدِّمامُ: الطلاء؛ ومنه دَمَمْتُ الثوبَ إذا طليته
بالصِّبْغِ.
ودَمَّ النبتَ: طَيَّنَهُ. ودَمَّ الشيءَ يَدُمُّهُ دَمّاً: طلاه
وجَصَّصَهُ. الجوهري: دَمَمْتُ الشيءَ أَدُمُّهُ، بالضم، كذا طليته بأَيّ
صِبْغٍ كان. والمَدْمُومُ: الأحمر. وقِدْرٌ دَمِيمٌ ومَدْمومةٌ ودمِيمةٌ؛
الأخيرة عن اللحياني: مَطْلِيَّةٌ بالطِّحالِ أو الكَبدِ أو الدَّمِ. وقال
اللحياني: دَمَمْتُ القِدْرَ أَدُمُّها دَمّاً إذا طليتها بالدم أو
بالطِّحال بعد الجَبْرِ، وقد دُمَّت القدر دَمّاً أي طُيِّنت وجُصِّصَتْ. ابن
الأعرابي: الدَّم نبات، والدُّمُّ القُدور المَطْلِيَّةُ، والدُّمُّ
القرابة، والدِّمَمُ التي تُسَد بها خَصاصاتُ البِرامِ من دَمٍ أو لِبَإٍ.
ودَمَّ العينَ الوَجِعةَ يَدُمُّها دَمّاً ودَمَّمها، الأخيرة عن كراع: طلى
ظاهرها بدمامٍ. ودَمَّتِ المرأَة ما حول عينها تَدُمُّهُ دَمّاً إذا
طَلَتْه بصبر أو زَعْفران. التهذيب: الدَّمُّ الفعل من الدِّمامِ، وهو كل دواء
يُلْطَخُ على ظاهر العين، وقول الشاعر:
تَجْلُو، بقادِمَتَيْ حَمامَةِ أَيْكَةٍ،
بَرَداً تُعَلُّ لِثاتُهُ بدِمامِ
يعني النَّؤُور وقد طُلِيَتْ به حتى رشح. والمَدْمُومُ: الممتلئ
شَحْماً من البعير ونحوه. وقد دُمَّ بالشَّحم أي أُوقِرَ؛ وأَنشد ابن بري
للأَخضر بن هُبَيْرَةَ:
حتى إذا دُمَّتْ بِنِيٍّ مُرْتَكِمْ
والمدْموم: المتناهي السمن الممتلئ شحماً كأَنه طلي بالشحم؛ قال ذو
الرمة يصف الحمار:
حتى انْجَلى البَرْدُ عنه، وهو مْحْتَفِرٌ
عَرْضَ اللِّوَى زَلِقُ المَتْنَيْنِ مَدْمُومُ
ودُمَّ وجهُهُ حُسْناً: كأَنه طُليَ بذلك، يكون ذلك في المرأَة والرجل
والحمار والثَّوْرِ والشاة وسائر الدوابِّ، ويقال للشيء السمين: كأَنَّما
دُمَّ بالشحم دَمّاً، وقال عَلْقَمَةُ:
كأَنه من دَمِ الأَجْواف مَدْمُومُ
ودُمَّ البعير دَمّاً إذا كثر شحمه ولحمه حتى لا يجد اللامِسُ مَسَّ
حَجْم عظم فيه، ودَمَّ السفينة يَدُمُّها دَمّاً: طلاها بالقار. ودَمَّ
الصَّدْعَ بالدم والشعر المُحْرَقِ يَدُمُّه دَمّاً ودَمَّمَهُ بهما، كلاهما:
جُمِعا ثم طلي بهما على الصَّدْعِ.
والدِّمَّةُ: مَرْبِضُ الغنم كأَنه دُمَّ بالبول والبعر أي طُليَ به؛
ومنه حديث إبراهيم النخعي: لا بأْس بالصلاة في دِمَّةِ الغنم؛ قال بعضهم؛
أراد في دِمْنَةِ الغنم، فحذف النون وشدد الميم، وفي النهاية: فقلب النون
ميماً لوقوعها بعد الميم ثم أَدغم، قال أبو عبيد: هكذا سمعت الفَزاريّ
يُحَدِّثه، وإنما هو في الكلام الدِّمْنَةُ بالنون، وقيل: دِمَّةُ الغنم
مَربضُها كأَنه دُمَّ بالبول والبعر أي أُلْبِسَ وطُليَ.
ودَمَّ الأرضَ يَدُمُّها دَمّاً: سوّاها. والمِدَمَّةُ: خشبة ذات أسنان
تُدَمُّ بها الأرضُ بعد الكِرابِ. ويقال لليَرْبُوعِ إذا سَدَّ فا
جُحْرِهِ بنَبِثته: قد دَمَّه يَدُمُّه دَمّاً، واسم الجُحْرِ الدَّمَّاء،
ممدود، والدُّمَّاءُ والدُّمَّةُ والدُّمَمَةُ؛ قال ابن الأَعرابي: ويقال
الدُّمَماءُ والقُصَعاء في جُحْر اليَرْبوع. الجوهري: والدَّامَّاء إحدى
جِحَرَةِ اليَرْبوع مثل الرَّاهِطاء؛ قال ابن بري: أَسماء جِحَرَة اليربوع
سبعة: القاصِعاءُ والنافِقاءُ والراهِطاءُ والدَّامَّاءُ والعانِقاءُ
والحاثِياءُ واللُّغَزُ، والجمع دَوامُّ على فَواعِل، وكذلك الدُّمَّةُ
والدُّمَمَةُ أيضاً على وزن الحُمَمَةِ. ودَمَّ اليربوعُ جُحْرَهُ أي كنسه؛
قال الكسائي: لم أسمع أحداً يُثَقِّلُ الدَّمَ؛ ويقال منه: قد دَمِيَ
الرجلُ أو أُدْمِيَ. ابن سيده: ودَمَّ اليَرْبوعُ الجُحْر يَدُمُّهُ دَمّاً
غطَّاه وسوَّاه. والدُّمَمَةُ والدّامَّاءُ: تراب يجمعه اليربوع
ويُخْرِجُهُ من الجُحْر فَيَدُمُّ به بابه أي يسويه، وقيل هو تراب يَدُمُّ به بعض
جِحَرَتهِ كما تُدَمُّ العينُ بالدِّمامِ أي تُطْلى. ودَمَّ يَدُمُّ
دَمّاً: أسرع.
والدِّمّةُ: القَمْلَةُ الصغيرة أو النَّمْلةُ. والدِّمَّةُ: الرجل
الحقير القصير، كأنه مشتق من ذلك.
ورجل دَمِيمٌ: قبيح، وقيل: حقير، وقوم دِمامٌ، والأُنثى دَمِيمةٌ،
وجمعها دَمائِمُ ودِمامٌ أَيضاً. وما كان دَمِيماً ولقد دَمَّ وهو يَدِمُّ
دَمامةً، وقال الكسائي: دَمَمْتَ بعدي تَدُمُّ دَمامَةً، قال ابن الأَعرابي:
الدَّمِيمُ، بالدال، في قَدِّه، والذَّمِيمُ في أخلاقه؛ وقوله:
كضَرائرِ الحَسْناءِ قُلْنَ لِوجهِها،
حَسَداً وبَغْياً: إنَّه لدَمِيمُ
إنما يعني به القبيح، ورواه ثعلب لذَميم، بالذال، من الذَّمِّ الذي هو
خلاف المدح، فرُدَّ ذلك عليه. وقد دَمَمْتَ تَدِمُّ وتَدُمُّ ودَمِمْتَ
ودُمِمْتَ دَمامة، في كل ذلك: أَسْأْتَ. وأَدْمَمْتَ أي أَقْبَحْت الفعْلَ.
الليث: يقال أَساء فلان وأَدَمَّ أي أقبح، والفعل اللازم دَمَّ يَدِمُّ.
والدميم: القبيح. وقد قيل: دَمَمْتَ يا فلان تَدُمُّ، قال: وليس في
المضاعف مثله. الجوهري: دَمَمْتَ يا فلان تَدِمُّ وتَدُمُّ دَمامة أَي صِرْت
دَميماً؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
وإني، على ما تَزْدَري من دَمَامتَي،
إذا قيسَ ذَرعي بالرِّجال أَطُولُ
قال: وقال عثمان بن جني دَمِيمٌ من دَمُمْتَ على فَعُلْتَ مثل لَبُبْتَ
فأَنت لَبِيبٌ. وفي الحديث: كان بأُسامة دَمامَةٌ، فقال النبي، صلى الله
عليه وسلم: قد أَحْسَنَ بنا إذ لم يكن جارِيةً؛ الدَّمامةُ، بالفتح:
القِصَرُ والقُبْحُ؛ ومنه حديث المُتْعَةِ: هو قريب من الدَّمامةِ. وفي حديث
عمر: لا يُزَوِّجَنَّ أَحدُكم ابْنَتَهُ بدَميم.
ودَمَّ رأْسَه يَدُمُّهُ دَمّاً: ضربه فَشَدَخه وشَجَّهُ. وقال
اللحياني: هو أن تضربه فتَشْدَخَهُ أو لا تَشْدَخهُ. ودَمَمْتُ ظهره بآجُرَّةٍ
أَدُمُّهُ دَمّاً: ضَرَبته. ودمَّ الرجل فلاناً إذا عَذَّبه عذاباً تامّاً،
ودَمْدَمَ إِذا عذب عذاباً نامًّا.
والدَّيْمومةُ: المفازة لا ماء بها؛ وأَنشد ابن بري لذي الرُّمَّةِ:
إذا التَخَّ الدَّياميمُ
والدَّيْمُومُ والدَّيْمومةُ: الفلاة الواسعة.
ودَمْدَمْتُ الشيء إذا أَلْزَقْتَهُ بالأرض وطحْطحْته. ودَمَّهُمْ
يَدُمُّهُمْ دَمّاً: طحنهم فأهلكهم، وكذلك دَمْدَمَهُمْ ودَمْدَمَ عليهم. وفي
التنزيل العزيز: فدَمْدَمَ عليهم رَبُّهُمْ بذَنْبهم؛ أي أَهلكهم، قال:
دَمْدَمَ أَرْجَفَ؛ وقال ابن الأنباري: دَمْدَمَ أي غَضِب. وتَدَمْدَمَ
الجرحُ: برأَ؛ قال نصيب:
وإن هَواها في فؤادي لقُرْحَةٌ
دَوىً، مُنذُ كانت، قد أَبَتْ ما تَدَمدَمُ
الدَّمْدَمَةُ: الغَضَب. ودَمْدَمَ عليه: كَلَّمَه مُغْضَباً؛ قال:
وتكون الدَّمْدَمَةُ الكلام الذي يُزْعج الرجلَ، إلاَّ أن أكثر المفسرين
قالوا في دَمْدَمَ عليهم أي أَرْجَفَ الأرضَ بهم؛ وقال أَبو إسحق: معنى
دَمْدَمَ عليهم أي أَطبق عليهم العذاب. يقال: دَمَمْتُ على الشيء
(* قوله
«دممت على الشيء إلخ» كذا بالأصل، والذي في التهذيب: دمدمت على الشيء ودمدمت
عليه القبر. وفي التكملة: ان دمم ودمدم بمعنى واحد). أي أطبقت عليه،
وكذلك دَمَمْت عليه القبر وما أَشبهه. ويقال للشيء يُدْفَنُ: قد دَمْدَمْتُ
عليه أي سوَّيت عليه، وكذلك يقال: ناقة مَدْمُومة أي قد أُلبِسَها الشحمُ،
فإذا كرّرتَ الإطْباقَ قلت دَمْدَمْتُ عليه.
والدَّمْدامَةُ: عُشْبة لها ورقة خضراء مُدَوّرة صغيرة، ولها عِرْق
وأَصل مثل الجَزَرة أَبيض شديد الحلاوة يأْكله الناس، ويرتفع من وسطها قَصَبة
قدر الشبر، في رأْسها بُرْعُومةٌ مثل بُرْعومة البصل فيها حب، وجمعها
دَمْدامٌ؛ حكى ذلك أبو حنيفة.
والدُّمادِمُ: شيء يشبه القَطِرانَ يسيل من السَّلَمِ والسَّمُرِ
أَحمرُ، الواحد دُمَدِمٌ، وهو حَيْضَةُ أُمِّ أَسْلَمَ يعني شجرَةً. وقال أبو
عمرو: الدِّمْدِمُ أُصول الصِّلِّيانِ المُحِيل في لغة بني أَسَد، وهو في
لغة بني تميم الدِّنْدِنُ. شمر: أُمُّ الدَّيْدَمِ هي الظبية؛ وأنشد:
غَرَّاء بَيْضاء كأُمِّ الدَّيْدَمِ
والدُّمَّةُ: لُعْبَةٌ. والدُّمَّةُ: الطريقة. والدِّمَّةُ، بالكسر:
البعرة. والدُّمادِم من الأرض: روابٍ سهلةٌ. والمُدَمَّمُ: المطوي من
الكِرارِ؛ قال الشاعر:
تَرَبَّعُ بالفَأْوَيْنِ ثم مَصِيرُها
إلى كلِّ كَرٍّ، من لَصاف، مُدَمَّمِ
شطر: الشَّطْرُ: نِصْفُ الشيء، والجمع أَشْطُرٌ وشُطُورٌ.
وشَطَرْتُه: جعلته نصفين. وفي المثل: أَحْلُبُ حَلَباً لكَ شَطْرُه.
وشاطَرَه مالَهُ: ناصَفَهُ، وفي المحكم: أَمْسَكَ شَطْرَهُ وأَعطاه شَطْره
الآخر. وسئل مالك بن أَنس: من أَن شاطَرَ عمر ابن الخطاب عُمَّالَهُ؟
فقال: أَموال كثيرة ظهرت لهم. وإِن أَبا المختار الكلابي كتب إِليه:
نَحُجُّ إِذا حَجُّوا، ونَغْزُو إِذا غَزَوْا،
فَإِنِّي لَهُمْ وفْرٌ، ولَسْتُ بِذِي وَفْرِ
إِذا التَّاجِرُ الدَّارِيُّ جاءَ بِفَأْرَةٍ
مِنَ المِسْكِ، راحَتْ في مَفارِقِهِمْ تَجْرِي
فَدُونَكَ مالَ اللهِ حَيْثُ وجَدْتَهُ
سَيَرْضَوْنَ، إِنْ شاطَرْتَهُمْ، مِنْكَ بِالشَّطْرِ
قال: فَشاطَرَهُمْ عمر، رضي الله عنه، أَموالهم. وفي الحديث: أَن
سَعْداً استأْذن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يتصدَّق بماله، قال: لا، قال:
فالشَّطْرَ، قال: لا، قال الثُّلُثَ، فقال: الثُّلُثُ والثُّلُثُ
كَثِيرٌ؛ الشَّطْرُ: النصف، ونصبه بفعل مضمر أَي أَهَبُ الشَّطْرَ وكذلك الثلث،
وفي حديث عائشة: كان عندنا شَطْرٌ من شَعير. وفي الحديث: أَنه رهن درعه
بشَطْر من شعير؛ قيل: أَراد نِصْفَ مَكُّوكٍ، وقيل: نصفَ وسْقٍ. ويقال:
شِطْرٌ وشَطِيرٌ مثل نِصْفٍ ونَصِيفٍ. وفي الحديث: الطُّهُورُ شَطْرُ
الإِيمان لأَن الإِيمان يَظْهَرُ بحاشية الباطن، والطُّهُور يظهر بحاشية
الظاهر. وفي حديث مانع الزكاةِ: إِنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِهِ عَزْمَةٌ مِنْ
عَزَماتِ رَبِّنا. قال ابن الأَثير: قال الحَرْبِيُّ غَلِطَ بَهْزٌ
الرَّاوِي في لفظ الرواية إِنما هو: وشُطِّرَ مالُهُ أَي يُجْعَل مالُهُ
شَطْرَيْنِ ويَتَخَيَّر عليه المُصَدّقُ فيأْخذ الصدقة من خير النصفين، عقوبة
لمنعه الزكاة، فأَما ما لا يلزمه فلا. قال: وقال الخطابي في قول الحربي:
لا أَعرف هذا الوجه، وقيل: معناه أَن الحقَّ مُسْتَوْفًى منه غَيْرُ
متروك عليه، وإِن تَلِفَ شَطرُ ماله، كرجل كان له أَلف شاة فتلفت حتى لم يبق
له إِلا عشرون، فإنه يؤخذ منه عشر شياه لصدقة الأَلف، وهو شطر ماله
الباقي، قال: وهذا أَيضاً بعيد لأَنه قال له: إِنَّا آخذوها وشطر ماله، ولم
يقل: إِنَّا آخذو شطر ماله، وقيل: إِنه كان في صدر الإِسلام يقع بعض
العقوبات في الأَموال ثم نسخ، كقوله في الثمر المُعَلَّقِ: من خرج بشيء منه
فعليه غرامةُ مثليه والعقوبةُ، وكقوله في ضالة الإِبل المكتومة: غَرامَتُها
ومِثْلُها معها، وكان عمر يحكم به فَغَرَّمَ حاطباً ضِعْفَ ثمن ناقةِ
المُزَنِيِّ لما سرقها رقيقه ونحروها؛ قال: وله في الحديث نظائر؛ قال: وقد
أَخذ أَحمد ابن حنبل بشيء من هذا وعمل به. وقال الشافعي في القديم: من
منع زكاة ماله أُخذت منه وأُخذ شطر ماله عقوبة على منعه، واستدل بهذا
الحديث، وقال في الجديد: لا يؤخذ منه إِلا الزكاة لا غير، وجعل هذا الحديث
منسوخاً، وقال: كان ذلك حيث كانت العقوبات في الأَموال، ثم نسخت، ومذهب عامة
الفقهاء أَن لا واجبَ على مُتْلِفِ الشيء أَكْثَرُ من مثله أَو قيمته.
وللناقة شَطْرَانِ قادِمان وآخِرانِ، فكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ، والجمع
أَشْطُرٌ. وشَطَّرَ بناقته تَشْطِيراً: صَرَّ خِلْفَيْها وترك خِلْفَيْنِ،
فإِن صَرَّ خِلْفاً واحداً قيل: خَلَّفَ بها، فإِن صَرَّ ثلاثةَ
أَخْلاَفٍ قيل: ثَلَثَ بها، فإِذا صَرَّها كلها قيل: أَجْمَعَ بها وأَكْمَشَ
بها. وشَطْرُ الشاةِ: أَحَدُ خُلْفَيها؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
فَتَنَازَعَا شَطْراً لِقَدْعَةَ واحِداً،
فَتَدَارَآ فيهِ فكانَ لِطامُ
وشَطَرَ ناقَتَهُ وشاته يَشْطُرُها شَطْراً: حَلَبَ شَطْراً وترك
شَطْراً. وكل ما نُصِّفَ، فقد شُطِّرَ. وقد شَطَرْتُ طَلِيِّي أَي حلبت شطراً
أَو صررته وتَرَكْتُهُ والشَّطْرُ الآخر. وشاطَرَ طَلِيَّهُ: احتلب
شَطْراً أَو صَرَّهُ وترك له الشَّطْرَ الآخر. وثوب شَطُور: أَحدُ طَرَفَيْ
عَرْضِهِ أَطولُ من الآخر، يعني أَن يكون كُوساً بالفارسية.
وشَاطَرَنِي فلانٌ المالَ أَي قاسَمني بالنِّصْفِ. والمَشْطُورُ من
الرَّجَزِ والسَّرِيعِ: ما ذهب شَطْرُه، وهو على السَّلْبِ.
والشَّطُورُ من الغَنَمِ: التي يَبِسَ أَحدُ خِلْفَيْها، ومن الإِبل:
التي يَبِسَ خِلْفانِ من أَخلافها لأَن لها أَربعة أَخلاف، فإِن يبس ثلاثة
فهي ثَلُوثٌ. وشاة شَطُورٌ وقد شَطَرَتْ وشَطُرَتْ شِطاراً، وهو أَن يكون
أَحد طُبْيَيْها أَطولَ من الآخر، فإِن حُلِبَا جميعاً والخِلْفَةُ
كذلك، سميت حَضُوناً، وحَلَبَ فلانٌ الدَّهْرُ أَشْطُرَهُ أَي خَبَرَ
ضُرُوبَهُ، يعني أَنه مرَّ به خيرُه وشره وشدّته ورخاؤُه، تشبيهاً بِحَلْبِ جميع
أَخلاف الناقة، ما كان منها حَفِلاً وغير حَفِلٍ، ودَارّاً وغير دارّ،
وأَصله من أَشْطُرِ الناقةِ ولها خِلْفان قادمان وآخِرانِ، كأَنه حلب
القادمَين وهما الخير، والآخِرَيْنِ وهما الشَّرُّ، وكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ؛
وقيل: أَشْطُرُه دِرَرُهُ. وفي حديث الأَحنف قال لعلي، عليه السلام، وقت
التحكيم: يا أَمير المؤمنين إِني قد حَجَمْتُ الرجلَ وحَلَبْتُ
أَشْطُرَهُ فوجدته قريبَ القَعْرِ كَلِيلَ المُدْيَةِ، وإِنك قد رُميت بِحَجَر
الأَرْضِ؛ الأَشْطُرُ: جمع شَطْرٍ، وهو خِلْفُ الناقة، وجعل الأَشْطُرَ
موضع الشَّطْرَيْنِ كما تجعل الحواجب موضع الحاجبين، وأَراد بالرجلين
الحَكَمَيْنِ الأَوَّل أَبو موسى والثاني عمرو بن العاص. وإِذا كان نصف ولد
الرجل ذكوراً ونصفهم إِناثاً قيل: هم شِطْرَةٌ. يقال: وَلَدُ فُلانٍ
شِطْرَةٌ، بالكسر، أَي نصفٌ ذكورٌ ونصفٌ إِناثٌ. وقَدَحٌ شَطْرانُ أَي نَصْفانُ.
وإِناءٌ شَطْرانُ: بلغ الكيلُ شَطْرَهُ، وكذلك جُمْجُمَةٌ شَطْرَى
وقَصْعَةٌ شَطْرَى.
وشَطَرَ بَصَرُه يَشْطِرُ شُطُوراً وشَطْراً: صار كأَنه ينظر إِليك
وإِلى آخر. وقوله، صلى الله عليه وسلم: من أَعان على دم امرئ مسلم بِشَطْرِ
كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: يائس من رحمة الله؛ قيل: تفسيره
هو أَن يقول: أُقْ، يريد: أُقتل كما قال، عليه السلام: كفى بالسيف شا،
يريد: شاهداً؛ وقيل: هو أَن يشهد اثنان عليه زوراً بأَنه قتل فكأَنهما قد
اقتسما الكلمة، فقال هذا شطرها وهذا شطرها إِذا كان لا يقتل بشهادة
أَحدهما. وشَطْرُ الشيء: ناحِيَتُه. وشَطْرُ كل شيء: نَحْوُهُ وقَصْدُه.
وقصدتُ شَطْرَه أَي نحوه؛ قال أَبو زِنْباعٍ الجُذامِيُّ:
أَقُولُ لأُمِّ زِنْباعٍ: أَقِيمِي
صُدُورَ العِيسِ شَطْرَ بَني تَمِيمِ
وفي التنزيل العزيز: فَوَلِّ وجْهَك شَطْرَ المسجِد الحرامِ؛ ولا فعل
له. قال الفرّاء: يريد نحوه وتلقاءه، ومثله في الكلام: ولِّ وجهك شَطْرَه
وتُجاهَهُ؛ وقال الشاعر:
إِنَّ العَسِيرَ بها داءٌ مُخامِرُها،
فَشَطْرَها نَظَرُ العَيْنَيْنِ مَحْسُورُ
وقال أَبو إِسحق: الشطر النحو، لا اختلاف بين أَهل اللغة فيه. قال: ونصب
قوله عز وجل: شطرَ المسجد الحرام، على الظرف. وقال أَبو إِسحق: أُمر
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يستقبل وهو بالمدينة مكة والبيت الحرام،
وأُمر أَن يستقبل البيت حيث كان. وشَطَرَ عن أَهله شُطُوراً وشُطُورَةً
وشَطارَةً إِذا نَزَحَ عنهم وتركهم مراغماً أَو مخالفاً وأَعياهم خُبْثاً؛
والشَّاطِرُ مأْخوذ منه وأُراه مولَّداً، وقد شَطَرَ شُطُوراً وشَطارَةً،
وهو الذي أَعيا أَهله ومُؤَدِّبَه خُبْثاً. الجوهري: شَطَرَ وشَطُرَ
أَيضاً، بالضم، شَطارة فيهما، قال أَبو إِسحق: قول الناس فلان شاطِرٌ معناه
أَنه أَخَذَ في نَحْوٍ غير الاستواء، ولذلك قيل له شاطر لأَنه تباعد عن
الاستواء.
ويقال: هؤلاء القوم مُشاطرُونا أَي دُورهم تتصل بدورنا، كما يقال: هؤلاء
يُناحُونَنا أَي نحنُ نَحْوَهُم وهم نَحْوَنا فكذلك هم مُشاطِرُونا.
ونِيَّةٌ شَطُورٌ أَي بعيدة. ومنزل شَطِيرٌ وبلد شَطِيرٌ وحَيٌّ
شَطِيرٌ: بعيد، والجمع شُطُرٌ. ونَوًى شُطْرٌ، بالضم، أَي بعيدة؛ قال امرؤ
القيس:أَشاقَك بَيْنَ الخَلِيطِ الشُّطُرْ،
وفِيمَنْ أَقامَ مِنَ الحَيِّ هِرْ
قال: والشُّطُرُ ههنا ليس بمفرد وإِنما هو جمع شَطِير، والشُّطُرُ في
البيت بمعنى المُتَغَرِّبِينَ أَو المُتَعَزِّبِينَ، وهو نعت الخليط،
والخليط: المخالط، وهو يوصف بالجمع وبالواحد أَيضاً؛ قال نَهْشَلُ بنُ
حَريٍّ:إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فابْتَكَرُوا،
واهْتَاجَ شَوْقَك أَحْدَاجٌ لَها زَمْرُ
والشَّطِيرُ أَيضاً: الغريب؛ قال:
لا تَدَعَنِّي فِيهمُ شَطِيرا،
إِنِّي إِذاً أَهْلِكَ أَوْ أَطِيرَا
وقال غَسَّانُ بنُ وَعْلَةَ:
إِذا كُنْتَ في سَعْدٍ، وأُمُّكَ مِنْهُمُ،
شَطِيراً فَلا يَغْرُرْكَ خالُكَ مِنْ سَعْدِ
وإِنَّ ابنَ أُخْتِ القَوْمِ مُصْغًى إِناؤُهُ،
إِذا لم يُزاحِمْ خالَهُ بِأَبٍ جَلْدِ
يقول: لا تَغْتَرَّ بخُؤُولَتِكَ فإِنك منقوص الحظ ما لم تزاحم أَخوالك
بآباء أَشرافٍ وأَعمام أَعزة. والمصغَى: المُمالُ: وإِذا أُميل الإِناء
انصبَّ ما فيه، فضربه مثلاً لنقص الحظ، والجمع الجمع. التهذيب:
والشَّطِيرُ البعيد. ويقال للغريب: شَطِيرٌ لتباعده عن قومه. والشَّطْرُ: البُعْدُ.
وفي حديث القاسم بن محمد: لو أَن رجلين شهدا على رجل بحقٍّ أَحدُهما
شطير فإِنه يحمل شهادة الآخر؛ الشطير: الغريب، وجمعه شُطُرٌ، يعني لو شهد له
قريب من أَب أَو ابن أَو أَخ ومعه أَجنبي صَحَّحَتْ شهادةُ الأَجنبي
شهادَةَ القريب، فجعل ذلك حَمْلاً له؛ قال: ولعل هذا مذهب القاسم وإِلا
فشهادة الأَب والابن لاتقبل؛ ومنه حديث قتادة: شهادة الأَخ إِذا كان معه شطير
جازت شهادته، وكذا هذا فإِنه لا فرق بين شهادة الغريب مع الأَخ أَو
القريب فإِنها مقبولة.
خوز: ابن الأَعرابي: يقال: خَزاهُ خَزْواً وخازَه خَوْزاً إِذا ساسَهُ،
قال: والخَوْزُ المعاداة أَيضاً.
والخوز: جِيلٌ من الناس معروف، أَعجمي معرب. وفي الحديث ذكر خُوزِ
كِرْمانَ وروي خُوز وكِرْــمان وخُوزا وكِرْــمان، قال: والخُوز جبل معروف في
العجم، ويروى بالراء، وهو من أَرض فارس، قال ابن الأَثير: وصوّبه الدارقطني،
وقيل: إِذا أَردت الإِضافة فبالراء وإِذا عطفت فبالزاي.
والخازِبازِ: ذُباب، اسمان جُعِلا واحداً وبُنِيا على الكسر لا
يَتَغَيَّر في الرفع والنصب والجر؛ قال عمرو بن أَحمر:
تَفَقَّأَ فَوْقَه القَلَعُ السَّوارِي،
وجُنَّ الخَازِبازِ به حُنُونا
الخازبازِ وسُمّي الذِّبَّانُ به، وهما صوتانِ جُعِلا واحداً لأَن صوته
خازِبازِ، ومن أَعربه نزله بمنزلة الكلمة الواحدة، فقال خازِبازُ، وقيل:
أَراد النبت، وقيل: أَراد ذِبَّانَ الرِّياض، وقيل: الخازِبازِ حكاية
لصوت الذباب فسماه به، وقيل: الخَازِبازِ ذباب يكون في الروض، وقيل: نبت؛
وأَنشد أَبو نصر تقوية لقوله:
أَرْعَيْتُها أَكرمَ عُودٍ عُودَا،
الصِّلَّ والصِّفْصِلَّ واليَعْضِيدا
والخَازِبازِ السَّنِمَ المَجُودا،
بحيث يَدْعُو عامِرٌ مَسْعُودَا
وعامر ومسعود: هما راعيان. قال ثعلب: الخازِبازِ بقلتان، فإِحداهما
الدَّرْماءُ، والأُخرى الكَحْلاءُ؛ وقيل: الخازِباز ثمر العُنْصُلَة.
والخازِبازِ في غير هذا: داء يأْخذ الإِبلَ والناسَ في حُلوقها. وقال ابن سيده:
الخازِبازِ قَرْحة تأْخذ في الحَلْق، وفيه لغات؛ قال:
يا خازِبازِ أَرْسِل اللَّهازِما،
إِني أَخافُ أَن تكون لازِما
ومنهم من خص بهذا الداء الإِبلَ، والخِزْبازُ لغة فيه؛ وأَنشد الأَخفش:
مثل الكلاب تَهِرُّ عند جِرائِها،
ورِمَتْ لهَازِمُه من الخِزْباز
أَراد الخازِبازِ فبنى منه فعلاً رباعيْاً؛ قال ابن بري صواب إِنشاده:
مثل الكلاب تهر عند دِرابِها،
ورِمَت لهَازِمُها من الخِزْباز
والدِّرابُ: جمع دَرْب. واللَّهازِم: جمع لِهْزِمة، وهي لحمة في أَصل
الحَنَك، شبههم بالكلاب النابحة عند الدُّرُوب. ابن الأَعرابي: خازبازُ
وَرَمٌ، قال أَبو علي: أَما تسميتهم الورم في الحلق خازِبازَ فإِنما ذلك
لأَن الحلق طريق مجرى الصوت، فلهذه الشركة مّا وقعت طريق التسمية؛ وقال ابن
سيده: الخازِبازِ ذباب يكون في الروض، وقيل: هو صوت الذباب، وقيل:
خازِبازِ نبت، وقيل: كثرة النبات. والخازِبازِ: السِّنَّوْر؛ عن ابن الأَعرابي.
قال ابن سيده: وأَلف خازِبازِ واو لأَنها عين، والعينُ وَاواً أَكثرُ
منها ياءً.
كرن: الكِرَانُ: العُودُ، وقيل: الصَّنْجُ؛ قال لبيد:
صَعْلٌ كسافِلةِ القَناةِ وظِيفُه،
وكأَنَّ جُؤْجُؤَه صَفِيحُ كِرانِ
وفي رواية: كسافِلةِ القَنا ظُنْبُوبُه، والجمع أَكْرِنةٌ.
والكَرِينَةُ: المُغَنِّيَةُ الضاربة بالعُود أَو الصَّنْجِ. وفي حديث حمزة، رضي الله
عنه: فغَنَّتْه الكَرِينة أَي المغنة الضاربة بالكِرانِ، والكِنَّارة
نحوٌ منه. والكِرْيَوْنُ: وادٍ بمصر، حرسها الله تعالى؛ قال كثير عزة.
تولَّتْ سِراعاً عِيرُها، وكأَنها
دَوافِعُ بالكِريَوْن ذاتُ قُلوعِ
وقيل: هو خَلِيجٌ ُيُشَقُّ من نيل مصر، صانها الله تعالى.