هَوْدَج [مفرد]: ج هَوادِجُ: (انظر: هـ د ج - هَوْدَج).
هَوْدَج [مفرد]: ج هَوادِجُ: (انظر: هـ د ج - هَوْدَج).
ظعن: ظَعَنَ يَظْعَنُ ظَعْناً وظَعَناً، بالتحريك، وظُعوناً: ذهب وسار.
وقرئ قوله تعالى: يوم ظَعْنِكم، وظَعَنِكم. وأَظْعَنه هو: سَيَّرَه؛
وأَنشد سيبويه:
الظاعِنُونَ ولمَّا يُظْعِنُوا أَحداً،
والقائِلونَ: لمن دارٌ نُخَلِّيها
والظَّعْنُ: سَيْرُ البادية لنُجْعَةٍ أَو حُضُوره ماءٍ أَو طَلَبِ
مَرْبَعٍ أَو تَحَوُّلٍ من ماء إلى ماء أَو من بلد إلى بلد؛ وقد يقال لكل
شاخص لسفر في حج أَو غزو أَو مَسير من مدينة إلى أُخرى ظاعِنٌ، وهو ضدّ
الخافِضِ، ويقال: أَظاعِنٌ أَنت أَم مُقيم؟ والظُّعْنة: السَّفْرَة القصيرة.
والظَّعِينَة: الجمل يُظْعَنُ عليه. والظَّعِينة: الــهَوْدج تكون فيه
المرأَة، وقيل: هو الــهودج، كانت فيه أَو لم تكن. والظَّعِينة: المرأَة في
الــهودج، سميت به على حَدِّ تسمية الشيء باسم الشيء لقربه منه، وقيل: سميت
المرأَة ظَعِينة لأَنها تَظْعَنُ مع زوجها وتقيم بإِقامته كالجليسة، ولا
تسمى ظَعِينَة إلا وهي في هودج. وعن ابن السكيت: كل امرأَة ظَعِينَةٌ في
هودج أَو غيره، والجمع ظَعائنُ وظُعْنٌ وظُعُنٌ وأَظْعانٌ وظُعُناتٌ؛
الأَخيرتان جمع الجمع؛ قال بِشْرُ بن أَبي خازم:
لهم ظُعُناتٌ يَهْتَدِينَ برايةٍ،
كما يَستَقِلُّ الطائرُ المُتَقَلِّبُ
وقيل: كل بعير يُوَطأَُ للنساء فهو ظَعِينة، وإنما سميت النساء ظَعَائِن
لأَنَّهنَّ يكنّ في الهَوْادج. يقال: هي ظَعينته وزَوْجُه وقَعِيدته
وعِرْسه. وقال الليث: الظَّعِينة الجَمَل الذي يُرْكَب، وتسمى المرأَة
ظَعينة لأَنها تركبه. وقال أَبو زيد: لا يقال حُمُول ولا ظُعُنٌ إلاَّ للإِبل
التي عليها الهوادج، كان فيها نساء أَو لم يكن. والظَّعينة: المرأَة في
الــهودج، وإِذا لم تكن فيه فليست بظَعِينة؛ قال عمرو بن كُلْثوم:
قِفِي قبلَ التَّفَرُّقِ يا ظَعِينا،
نُخَبِّرْكِ اليَقينَ وتُخْبِرينا
قال ابن الأَنباري: الأَصل في الظعينة المرأَة تكون في هَوْدَجــها، ثم
كثر ذلك حتى سَمَّوْا زوجة الرجل ظَعِينة. وقال غيره: أَكثر ما يقال
الظَّعينة للمرأَة الراكبة؛ وأَنشد قوله:
تَبَصَّرْ خلِيلي، هل تَرَى من ظَعائنٍ
لِمَيَّةَ أَمثالِ النَّخيلِ المَخارِفِ؟
قال: شبه الجمال عليها هوادج النساء بالنخيل. وفي حديث حُنين: فإِذا
بهَوازِنَ على بَكْرَةِ آبائهم بظُعُنِهم وشائهم ونَعَمِهم؛ الظُّعُنُ:
النساء، واحدتها ظَعينة؛ قال: وأَصل الظَّعِينة الراحلةُ التي يُرْحَلُ
ويُظْعَنُ عليها أَي يُسارُ، وقيل: الظَّعِينة المرأَة في الــهودج، ثم قيل
للــهودج بلا امرأَة وللمرأَة بلا هودج ظَعينة. وفي الحديث: أَنه أَعطى حليمة
السعدية بعيراً مُوَقَّعاً للظَّعينة أَي للــهودج؛ ومنه حديث سعيد بن
جُبَيْر: ليس في جَمَل ظعينة صدقةٌ؛ إن روي بالإضافة فالظَّعينة المرأَة، وإن
روي بالتنوين فهو الجمل الذي يُظْعَنُ عليه، والتاءُ فيه للمبالغة.
واظَّعَنَتِ المرأَة البعير: ركبته. وهذا بعير تَظَّعِنُه المرأَة أَي تركبه
في سفرها وفي يوم ظَعْنِها، وهي تَفْتَعِلُه. والظَّعُون من الإِبل: الذي
تركبه المرأَة خاصة، وقيل: هو الذي يُعْتَمَلُ ويُحْتَمَل عليه.
والظِّعَانُ والظَّعُون: الحَبْل يشدّ به الــهودج، وفي التهذيب: يشد به الحمل؛ قال
الشاعر:
له عُنُقٌ تُلْوَى بما وُصِلَتْ به،
ودَفّانِ يَسْتاقانِ كلَّ ظِعَانِ
وأَنشد ابن بري للنابغة:
أَثَرْتُ الغَيَّ ثم نَزَعْت عنه،
كما حادَ الأَزَبُّ عن الظِّعَانِ
والظَُّعُنُ والظَّعَنُ: الظّاعِنُون، فالظُّعُن جمع ظاعِنٍ، والظَّعَنُ
اسم الجمع؛ فأَما قوله:
أَو تُصْبِحي في الظاعن المُوَلِّي.
فعلى إرادة الجنس. والظِّعْنَة: الحال، كالرِّحْلة. وفرس مِظْعانٌ:
سَهْلة السَّير، وكذلك الناقة. وظاعِنَةُ بن مُرٍّ: أَخو تميم، غلبهم قومهم
فرَحَلُوا عنهم. وفي المثل: على كُرْه ظَعَنَتْ ظاعِنَةٌ. وذو
الظُّعَيْنَةِ: موضع. وعثمان بن مَظْعُونٍ: صاحب النبي، صلى الله عليه وسلم.
عثكل: العِثْكالُ والعُثْكول والعُثْكُولة: العِذْق. وعِذْقٌ مُعَثْكَلٌ
ومُتَعَثْكِلٌ: ذو عَثاكِيل. والعُثْكُولُ والعُثْكُولة: ما عُلِّق من
عِهْنٍ أَو صُوف أَو زِينة فَتَذَبْذَب في الهواء؛ وأَنشد:
تَرى الوَدْعَ فيها والرَّجائزَ زِينةً،
بأَعْناقِها مَعْقُودةً كالعَثاكل
وعَثْكَلَه: زَيَّنه بذلك. والعَثْكَلة: الثَّقِيل من العَدْو.
والعُثْكُول والعِثْكال: الشِّمْراخ، وهو ما عليه البُسْرُ من عِيدانِ الكِباسة،
وهو في النخل بمنزلة العُنْقود من الكَرْم؛ وقول الراجز:
لو أَبْصَرَتْ سُعْدى بها كَتائِلي،
طَوِيلَة الأَقْناءِ والأَثاكِلِ
أَراد العَثاكِلَ فَقَلَبَ العين همزة. وتَعَثْكل العِذْقُ أَي كَثُرَتْ
شَمارِيخُه. وعُثْكِلَ الــهَوْدَجُ أَي زُيِّن. وفي الحديث: أَن سَعْد بن
عُبادة جاء برجل في الحَيِّ مُخَدَّج إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم،
وُجِد على أَمَةٍ يَخْبُث بها، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: خُذُوا له
عِثْكالاً فيه مائة شِمْراخٍ فاضْرِبُوه بها ضَرْبةً؛ العِثْكالُ:
العذْق من أَعْذاق النخل الذي يكون فيه الرُّطَب، ويقال إِثْكالٌ وأُثْكُول؛
وأَنشد الأَزهري لامرئ القيس:
أَثِيثٍ كقِنْوِ النَّخلة المُتَعَثْكِل
والقِنْوُ: العِثْكال أَيضاً، وشَمارِيخُ العِثْكال: أَغْصانُه، واحدها
شِمْراخ.
حمل: حَمَل الشيءَ يَحْمِله حَمْلاً وحُمْلاناً فهو مَحْمول وحَمِيل،
واحْتَمَله؛ وقول النابغة:
فَحَمَلْتُ بَرَّة واحْتَمَلْتَ فَجَارِ
عَبَّر عن البَرَّة بالحَمْل، وعن الفَجْرة بالاحتمال، لأَن حَمْل
البَرَّة بالإِضافة إِلى احتمال الفَجْرَة أَمر يسير ومُسْتَصْغَر؛ ومثله قول
الله عز اسمه: لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، وهو مذكور في موضعه؛ وقول
أَبي ذؤيب:
ما حُمِّل البُخْتِيُّ عام غِيَاره،
عليه الوسوقُ: بُرُّها وشَعِيرُها
قال ابن سيده: إِنما حُمِّل في معنى ثُقِّل، ولذلك عَدَّاه بالباء؛ أَلا
تراه قال بعد هذا:
بأَثْقَل مما كُنْت حَمَّلت خالدا
وفي الحديث: من حَمَل علينا السِّلاح فليس مِنَّا أَي من حَمَل السلاح
على المسلمين لكونهم مسلمين فليس بمسلم، فإِن لم يحمله عليهم لإِجل كونهم
مسلمين فقد اخْتُلِف فيه، فقيل: معناه ليس منا أَي ليس مثلنا، وقيل: ليس
مُتَخَلِّقاً بأَخلاقنا ولا عاملاً بِسُنَّتِنا، وقوله عز وجل: وكأَيِّن
من دابة لا تَحْمِل رزقَها؛ قال: معناه وكم من دابة لا تَدَّخِر رزقها
إِنما تُصْبح فيرزقها الله. والحِمْل: ما حُمِل، والجمع أَحمال، وحَمَله
على الدابة يَحْمِله حَمْلاً. والحُمْلان: ما يُحْمَل عليه من الدَّواب في
الهِبَة خاصة. الأَزهري: ويكون الحُمْلان أَجْراً لما يُحْمَل. وحَمَلْت
الشيء على ظهري أَحْمِله حَمْلاً. وفي التنزيل العزيز: فإِنه يَحْمِل يوم
القيامة وِزْراً خالدين فيه وساءلهم يوم القيامة حِمْلاً؛ أَي وِزْراً.
وحَمَله على الأَمر يَحْمِله حَمْلاً فانْحمل: أَغْراه به؛ وحَمَّله على
الأَمر تَحْمِيلاً وحِمَّالاً فَتَحَمَّله تَحَمُّلاً وتِحِمَّالاً؛ قال
سيبويه: أَرادوا في الفِعَّال أَن يَجِيئُوا به على الإِفْعال فكسروا
أَوله وأَلحقوا الأَلف قبل آخر حرف فيه، ولم يريدوا أَن يُبْدِلوا حرفاً
مكان حرف كما كان ذلك في أَفْعَل واسْتَفْعَل. وفي حديث عبد الملك في هَدْم
الكعبة وما بنى ابنُ الزُّبَيْر منها: وَدِدت أَني تَرَكْتُه وما
تَحَمَّل من الإِثم في هَدْم الكعبة وبنائها. وقوله عز وجل: إِنا عَرَضْنا
الأَمانة على السموات والأَرض والجبال فأَبَيْن أَن يَحْمِلْنها وأَشْفَقْن
منها وحَمَلها الإِنسان، قال الزجاج: معنى يَحْمِلْنها يَخُنَّها،
والأَمانة هنا: الفرائض التي افترضها الله على آدم والطاعة والمعصية، وكذا جاء في
التفسير والإِنسان هنا الكافر والمنافق، وقال أَبو إِسحق في الآية: إِن
حقيقتها، والله أَعلم، أَن الله تعالى ائْتَمَن بني آدم على ما افترضه
عليهم من طاعته وأْتَمَنَ السموات والأَرض والجبال بقوله: ائْتِيا طَوْعاً
أَو كَرْهاً قالتا أَتَيْنا طائعين؛ فَعَرَّفنا الله تعالى أَن السموات
والأَرض لمَ تَحْمِ الأَمانة أَي أَدَّتْها؛ وكل من خان الأَمانة فقد
حَمَلها، وكذلك كل من أَثم فقد حَمَل الإِثْم؛ ومنه قوله تعالى:
ولَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهم، الآية، فأَعْلم اللهُ تعالى أَن من باء بالإِثْم يسمى
حَامِلاً للإِثم والسمواتُ والأَرض أَبَيْن أَن يَحْمِلْنها، يعني الأَمانة.
وأَدَّيْنَها، وأَداؤها طاعةُ الله فيما أَمرها به والعملُ به وتركُ
المعصية، وحَمَلها الإِنسان، قال الحسن: أَراد الكافر والمنافق حَمَلا
الأَمانة أَي خانا ولم يُطِيعا، قال: فهذا المعنى، والله أَعلم، صحيح ومن
أَطاع الله من الأَنبياء والصِّدِّيقين والمؤمنين فلا يقال كان ظَلُوماً
جَهُولاً، قال: وتصديق ذلك ما يتلو هذا من قوله: ليعذب الله المنافقين
والمنافقات، إِلى آخرها؛ قال أَبو منصور: وما علمت أَحداً شَرَح من تفسير هذه
الآية ماشرحه أَبو إِسحق؛ قال: ومما يؤيد قوله في حَمْل الأَمانة إِنه
خِيَانَتُها وترك أَدائها قول الشاعر:
إِذا أَنت لم تَبْرَح تُؤَدِّي أَمانة،
وتَحْمِل أُخْرَى، أَفْرَحَتْك الودائعُ
أَراد بقوله وتَحْمل أُخرى أَي تَخُونها ولا تؤَدِّيها، يدل على ذلك
قوله أَفْرَحَتْك الودائع أَي أَثْقَلَتْك الأَمانات التي تخونها ولا
تُؤَدِّيها. وقوله تعالى: فإِنَّما عليه ما حُمِّل وعليكم ما حُمِّلْتم؛ فسره
ثعلب فقال: على النبي، صلى الله عليه وسلم، ما أُحيَ إِليه وكُلِّف أَن
يُنَبِّه عليه، وعليكم أَنتم الاتِّباع. وفي حديث عليّ: لا تُنَاظِروهم
بالقرآن فإِن القرآن حَمَّال ذو وُجُوه أَي يُحْمَل عليه كُلُّ تأْويل
فيحْتَمِله، وذو وجوه أَي ذو مَعَانٍ مختلفة. الأَزهري: وسمى الله عز وجل
الإِثْم حِمْلاً فقال: وإِنْ تَدْعُ مُثْقَلةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ منه
شيء ولو كان ذا قُرْبَى؛ يقول: وإِن تَدْعٌ نفس مُثْقَلة بأَوزارها ذا
قَرابة لها إِلى أَن يَحْمِل من أَوزارها شيئاً لم يَحْمِل من أَوزارها
شيئاً. وفي حديث الطهارة: إِذا كان الماء قُلَّتَيْن لم يَحْمِل الخَبَث
أَي لم يظهره ولم يَغْلب الخَبَثُ عليه، من قولهم فلان يَحْمِل غَضَبه
(*
قوله «فلان يحمل غضبه إلخ» هكذا في الأصل ومثله في النهاية، ولعل المناسب
لا يحمل أو يظهر، باسقاط لا) أَي لا يُظْهِره؛ قال ابن الأَثير: والمعنى
أَن الماء لا ينجس بوقوع الخبث فيه إِذا كان قُلَّتَين، وقيل: معنى لم
يَحْمل خبثاً أَنه يدفعه عن نفسه، كما يقال فلان لا يَحْمِل الضَّيْم إِذا
كان يأْباه ويدفعه عن نفسه، وقيل: معناه أَنه إِذا كان قُلَّتَين لم
يَحْتَمِل أَن يقع فيه نجاسة لأَنه ينجس بوقوع الخبث فيه، فيكون على الأَول
قد قصد أَوَّل مقادير المياه التي لا تنجس بوقوع النجاسة فيها، وهو ما بلغ
القُلَّتين فصاعداً، وعلى الثاني قصد آخر المياه التي تنجس بوقوع
النجاسة فيها، وهو ما انتهى في القلَّة إِلى القُلَّتَين، قال: والأَول هو
القول، وبه قال من ذهب إِلى تحديد الماء بالقُلَّتَيْن، فأَما الثاني فلا.
واحْتَمل الصنيعة: تَقَلَّدها وَشَكَرها، وكُلُّه من الحَمْل. وحَمَلَ
فلاناً وتَحَمَّل به وعليه
(* قوله «وتحمل به وعليه» عبارة الأساس: وتحملت
بفلان على فلان أي استشفعت به إِليه) في الشفاعة والحاجة: اعْتَمد.
والمَحْمِل، بفتح الميم: المُعْتَمَد، يقال: ما عليه مَحْمِل، مثل
مَجْلِس، أَي مُعْتَمَد.
وفي حديث قيس: تَحَمَّلْت بعَليّ على عُثْمان في أَمر أَي استشفعت به
إِليه.
وتَحامل في الأَمر وبه: تَكَلَّفه على مشقة وإِعْياءٍ. وتَحامل عليه:
كَلَّفَه ما لا يُطِيق. واسْتَحْمَله نَفْسَه: حَمَّله حوائجه وأُموره؛ قال
زهير:
ومن لا يَزَلْ يَسْتَحْمِلُ الناسَ نَفْسَه،
ولا يُغْنِها يَوْماً من الدَّهْرِ، يُسْأَم
وفي الحديث: كان إِذا أَمَرَنا بالصدقة انطلق أَحَدُنا إِلى السوق
فَتَحامل أَي تَكَلَّف الحَمْل بالأُجْرة ليَكْسِب ما يتصدَّق به. وتَحامَلْت
الشيءَ: تَكَلَّفته على مَشَقَّة. وتَحامَلْت على نفسي إِذا تَكَلَّفت
الشيءَ على مشقة. وفي الحديث الآخر: كُنَّا نُحامِل على ظهورنا أَي نَحْمِل
لمن يَحْمِل لنا، من المُفاعَلَة، أَو هو من التَّحامُل. وفي حديث
الفَرَع والعَتِيرة: إِذا اسْتَحْمَل ذَبَحْته فَتَصَدَّقت به أَي قَوِيَ على
الحَمْل وأَطاقه، وهو اسْتَفْعل من الحَمْل؛ وقول يزيد بن الأَعور
الشَّنِّي:
مُسْتَحْمِلاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى
يريد مُسْتَحْمِلاً سَناماً أَعْرَف عَظِيماً. وشهر مُسْتَحْمِل:
يَحْمِل أَهْلَه في مشقة لا يكون كما ينبغي أَن يكون؛ عن ابن الأَ عرابي؛ قال:
والعرب تقول إِذا نَحَر هِلال شَمالاً
(* قوله «نحر هلال شمالاً» عبارة
الأساس: نحر هلالاً شمال) كان شهراً مُسْتَحْمِلاً. وما عليه مَحْمِل أَي
موضع لتحميل الحوائج. وما على البعير مَحْمِل من ثِقَل الحِمْل.
وحَمَل عنه: حَلُم. ورَجُل حَمُول: صاحِب حِلْم. والحَمْل، بالفتح: ما
يُحْمَل في البطن من الأَولاد في جميع الحيوان، والجمع حِمال وأَحمال. وفي
التنزيل العزيز: وأُولات الأَحمال أَجَلُهن. وحَمَلت المرْأَةُ والشجرةُ
تَحْمِل حَمْلاً: عَلِقَت. وفي التنزيل: حَمَلَت حَمْلاً خَفيفاً؛ قال
ابن جني: حَمَلَتْه ولا يقال حَمَلَتْ به إِلاَّ أَنه كثر حَمَلَتِ
المرأَة بولدها؛ وأَنشد لأَبي كبير الهذلي:
حَمَلَتْ به، في ليلة، مَزْؤُودةً
كَرْهاً، وعَقْدُ نِطاقِها لم يُحْلَل
وفي التنزيل العزيز: حَمَلَته أُمُّه كَرْهاً، وكأَنه إِنما جاز
حَمَلَتْ به لما كان في معنى عَلِقَت به، ونظيره قوله تعالى: أُحِلَّ لكم ليلَة
الصيام الرَّفَثُ إِلى نسائكم، لما كان في معنى الإِفضاء عُدِّي بإِلى.
وامرأَة حامِل وحاملة، على النسب وعلى الفعل. الأَزهري: امرأَة حامِل
وحامِلة إِذا كانت حُبْلى. وفي التهذيب: إِذا كان في بطنها ولد؛ وأَنشد لعمرو
بن حسان ويروى لخالد بن حقّ:
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيوم
أَنى، ولِكُلِّ حاملة تَمام
فمن قال حامل، بغير هاء، قال هذا نعت لا يكون إِلا للمؤنث، ومن قال
حاملة بناه على حَمَلَت فهي حاملة، فإِذا حَمَلَت المرأَةُ شيئاً على ظهرها
أَو على رأْسها فهي حاملة لا غير، لأَن الهاء إِنما تلحق للفرق فأَما ما
لا يكون للمذكر فقد اسْتُغني فيه عن علامة التأْنيث، فإِن أُتي بها فإِنما
هو على الأَصل، قال: هذا قول أَهل الكوفة، وأَما أَهل البصرة فإِنهم
يقولون هذا غير مستمرّ لأَن العرب قالت رَجُل أَيِّمٌ وامرأَة أَيّم، ورجل
عانس وامرأَة عانس، على الاشتراك، وقالوا امرأَة مُصْبِيَة وكَلْبة
مُجْرِية، مع غير الاشتراك، قالوا: والصواب أَن يقال قولهم حامل وطالق وحائض
وأَشباه ذلك من الصفات التي لا علامة فيها للتأْنيث، فإِنما هي أَوْصاف
مُذَكَّرة وصف بها الإِناث، كما أَن الرَّبْعَة والرَّاوِية والخُجَأَة
أَوصاف مؤنثة وصف بها الذُّكْران؛ وقالوا: حَمَلت الشاةُ والسَّبُعة وذلك في
أَول حَمْلِها، عن ابن الأَعرابي وحده. والحَمْل: ثمر الشجرة، والكسر فيه
لغة، وشَجَر حامِلٌ، وقال بعضهم: ما ظَهضر من ثمر الشجرة فهو حِمْل، وما
بَطَن فهو حَمْل، وفي التهذيب: ما ظهر، ولم يُقَيِّده بقوله من حَمْل
الشجرة ولا غيره. ابن سيده: وقيل الحَمْل ما كان في بَطْنٍ أَو على رأْس
شجرة، وجمعه أَحمال. والحِمْل بالكسر: ما حُمِل على ظهر أَو رأْس، قال:
وهذا هو المعروف في اللغة، وكذلك قال بعض اللغويين ما كان لازماً للشيء فهو
حَمْل، وما كان بائناً فهو حِمْل؛ قال: وجمع الحِمْل أَحمال وحُمُول؛ عن
سيبويه، وجمع الحَمْلِ حِمال. وفي حديث بناء مسجد المدينة: هذا الحِمال
لا حِمال خَيْبَر، يعني ثمر الجنة أَنه لا يَنْفَد. ابن الأَثير: الحِمال،
بالكسر، من الحَمْل، والذي يُحْمَل من خيبر هو التمر أَي أَن هذا في
الآخرة أَفضل من ذاك وأَحمد عاقبة كأَنه جمع حِمْل أَو حَمْل، ويجوز أَن
يكون مصدر حَمَل أَو حامَلَ؛ ومنه حديث عمر: فأَيْنَ الحِمال؟ يريد منفعة
الحَمْل وكِفايته، وفسره بعضهم بالحَمْل الذي هو الضمان. وشجرة حامِلَة:
ذات حَمْل. التهذيب: حَمْل الشجر وحِمْله. وذكر ابن دريد أَن حَمْل الشجر
فيه لغتان: الفتح والكسر؛ قال ابن بري: أَما حَمْل البَطْن فلا خلاف فيه
أَنه بفتح الحاء، وأَما حَمْل الشجر ففيه خلاف، منهم من يفتحه تشبيهاً
بحَمْل البطن، ومنهم من يكسره يشبهه بما يُحْمل على الرأْس، فكلُّ متصل
حَمْل وكلُّ منفصل حِمْل، فحَمْل الشجرة مُشَبَّه بحَمْل المرأَة لاتصاله،
فلهذا فُتِح، وهو يُشْبه حَمْل الشيء على الرأْس لبُروزه وليس مستبِطناً
كَحَمْل المرأَة، قال: وجمع الحَمْل أَحْمال؛ وذكر ابن الأَعرابي أَنه يجمع
أَيضاً على حِمال مثل كلب وكلاب. والحَمَّال: حامِل الأَحْمال، وحِرْفته
الحِمالة. وأَحْمَلتْه أَي أَعَنْته على الحَمل، والحَمَلة جمع الحامِل،
يقال: هم حَمَلة العرش وحَمَلة القرآن. وحَمِيل السَّيْل: ما يَحْمِل من
الغُثاء والطين. وفي حديث القيامة في وصف قوم يخرجون من النار:
فَيُلْقَون في نَهَرٍ في الجنة فَيَنْبُتُون كما تَنْبُت الحِبَّة في حَمِيل
السَّيْل؛ قال ابن الأَثير: هو ما يجيء به السيل، فَعيل بمعنى مفعول، فإِذا
اتفقت فيه حِبَّة واستقرَّت على شَطِّ مجرَى السيل فإِنها تنبت في يوم
وليلة، فشُبِّه بها سرعة عَوْد أَبدانهم وأَجسامهم إِليهم بعد إِحراق النار
لها؛ وفي حديث آخر: كما تنبت الحِبَّة في حَمائل السيل، وهو جمع حَمِيل.
والحَوْمل: السَّيْل الصافي؛ عن الهَجَري؛ وأَنشد:
مُسَلْسَلة المَتْنَيْن ليست بَشَيْنَة،
كأَنَّ حَباب الحَوْمَل الجَوْن ريقُها
وحَميلُ الضَّعَة والثُّمام والوَشِيج والطَّريفة والسَّبَط: الدَّوِيل
الأَسود منه؛ قال أَبو حنيفة: الحَمِيل بَطْن السيل وهو لا يُنْبِت، وكل
مَحْمول فهو حَمِيل. والحَمِيل: الذي يُحْمَل من بلده صَغِيراً ولم
يُولَد في الإِسلام؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه، في كتابه إِلى شُرَيْح:
الحَمِيل لا يُوَرَّث إِلا بِبَيِّنة؛ سُمِّي حَميلاً لأَنه يُحْمَل صغيراً
من بلاد العدوّ ولم يولد في الإِسلام، ويقال: بل سُمِّي حَمِيلاً لأَنه
محمول النسب، وذلك أَن يقول الرجل لإِنسان: هذا أَخي أَو ابني، لِيَزْوِي
ميراثَه عن مَوالِيه فلا يُصَدَّق إِلاَّ ببيِّنة. قال ابن سيده:
والحَمِيل الولد في بطن أُمه إِذا أُخِذَت من أَرض الشرك إِلى بلاد الإِسلام فلا
يُوَرَّث إِلا بِبيِّنة. والحَمِيل: المنبوذ يحْمِله قوم فيُرَبُّونه.
والحَمِيل: الدَّعِيُّ؛ قال الكُميت يعاتب قُضاعة في تَحوُّلهم إِلى اليمين
بنسبهم:
عَلامَ نَزَلْتُمُ من غير فَقْر،
ولا ضَرَّاءَ، مَنْزِلَة الحَمِيل؟
والحَمِيل: الغَريب.
والحِمالة، بكسر الحاء، والحَمِيلة: عِلاقة السَّيف وهو المِحْمَل مثل
المِرْجَل، قال:
على النحر حتى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلي
وهو السَّيْر الذي يُقَلَّده المُتَقَلِّد؛ وقد سماه
(* قوله: سمَّاه؛
هكذا في الأصل، ولعله اراد سمى به عرقَ الشجر) ذو الرمة عِرْق الشَّجَر
فقال:
تَوَخَّاه بالأَظلاف، حتى كأَنَّما
يُثِرْنَ الكُبَاب الجَعْدَ عن متن مِحْمَل
والجمع الحَمائِل. وقال الأَصمعي: حَمائل السيف لا واحد لها من لفظها
وإِنما واحدها مِحْمَل؛ التهذيب: جمع الحِمالة حَمائل، وجمع المِحْمَل
مَحامل؛ قال الشاعر:
دَرَّتْ دُموعُك فوق ظَهْرِ المِحْمَل
وقال أَبو حنيفة: الحِمالة للقوس بمنزلتها للسيف يُلْقيها المُتَنَكِّب
في مَنْكبِه الأَيمن ويخرج يده اليسرى منها فيكون القوس في ظهره.
والمَحْمِل: واحد مَحامل الحَجَّاج
(* قوله «والمحمل واحد محامل الحجاج»
ضبطه في القاموس كمجلس، وقال شارحه: ضبط في نسخ المحكم كمنبر وعليه
علامة الصحة، وعبارة المصباح: والمحمل وزان مجلس الــهودج ويجوز محمل وزان
مقود. وقوله «الحجاج» قال شارح القاموس: ابن يوسف الثقفي اول من اتخذها،
وتمام البيت:
أخزاه ربي عاجلاً وآجلا).
قال الراجز:
أَوَّل عَبْد عَمِل المَحامِلا
والمِحْمَل: الذي يركب عليه، بكسر الميم. قال ابن سيده: المِحْمَل
شِقَّانِ على البعير يُحْمَل فيهما العَدِيلانِ. والمِحْمَل والحاملة:
الزَّبِيل الذي يُحْمَل فيه العِنَب إِلى الجَرين.
واحْتَمَل القومُ وتَحَمَّلوا: ذهبوا وارتحلوا. والحَمُولة، بالفتح:
الإِبل التي تَحْمِل. ابن سيده: الحَمُولة كل ما احْتَمَل عليه الحَيُّ من
بعير أَو حمار أَو غير ذلك، سواء كانت عليها أَثقال أَو لم تكن، وفَعُول
تدخله الهاء إِذا كان بمعنى مفعول به. وفي حديث تحريم الحمر الأَهلية،
قيل: لأَنها حَمولة الناس؛ الحَمُولة، بالفتح، ما يَحْتَمِل عليه الناسُ من
الدواب سواء كانت عليها الأَحمال أَو لم تكن كالرَّكُوبة. وفي حديث
قَطَن: والحَمُولة المائرة لهم لاغِية أَي الإِبل التي تَحْمِل المِيرَة. وفي
التنزيل العزيز: ومن الأَنعام حَمُولة وفَرْشاً؛ يكون ذلك للواحد فما
فوقه. والحُمُول والحُمُولة، بالضم: الأَجمال التي عليها الأَثقال خاصة.
والحُمُولة: الأَحمال
(* قوله «والحمولة الاحمال» قال شارح القاموس: ضبطه
الصاغاني والجوهري بالضم ومثله في المحكم، ومقتضى صنيع القاموس انه بالفتح)
بأَعيانها. الأَزهري: الحُمُولة الأَثقال. والحَمُولة: ما أَطاق العَمل
والحَمْل. والفَرْشُ: الصِّغار. أَبو الهيثم: الحَمُولة من الإِبل التي
تَحْمِل الأَحمال على ظهورها، بفتح الحاء، والحُمُولة، بضم الحاء:
الأَحمال التي تُحْمَل عليها، واحدها حِمْل وأَحمال وحُمول وحُمُولة، قال: فأَما
الحُمُر والبِغال فلا تدخل في الحَمُولة. والحُمُول: الإِبل وما عليها.
وفي الحديث: من كانت له حُمولة يأْوي إِلى شِبَع فليَصُمْ رمضان حيث
أَدركه؛ الحُمولة، بالضم: الأَحمال، يعني أَنه يكون صاحب أَحمال يسافر بها.
والحُمُول، بالضم بلا هاء: الهَوادِج كان فيها النساء أَو لم يكن، واحدها
حِمْل، ولا يقال حُمُول من الإِبل إِلاّ لما عليه الهَوادِج، والحُمُولة
والحُمُول واحد؛ وأَنشد:
أَحَرْقاءُ للبَيْنِ اسْتَقَلَّت حُمُولُها
والحُمول أَيضاً: ما يكون على البعير. الليث: الحَمُولة الإِبل التي
تُحْمَل عليها الأَثقال. والحُمول: الإِبل بأَثقالها؛ وأَنشد للنابغة:
أَصاح تَرَى، وأَنتَ إِذاً بَصِيرٌ،
حُمُولَ الحَيِّ يَرْفَعُها الوَجِينُ
وقال أَيضاً:
تَخالُ به راعي الحَمُولة طائرا
قال ابن بري في الحُمُول التي عليها الهوادج كان فيها نساء أَو لم يكن:
الأَصل فيها الأَحمال ثم يُتَّسَع فيها فتُوقَع على الإِبل التي عليها
الهوادج؛ وعليه قول أَبي ذؤيب:
يا هَلْ أُرِيكَ حُمُول الحَيِّ غادِيَةً،
كالنَّخْل زَيَّنَها يَنْعٌ وإِفْضاخُ
شَبَّه الإِبل بما عليها من الهوادج بالنخل الذي أَزهى؛ وقال ذو الرمة
في الأَحمال وجعلها كالحُمُول:
ما اهْتَجْتُ حَتَّى زُلْنَ بالأَحمال،
مِثْلَ صَوادِي النَّخْل والسَّيَال
وقال المتنخل:
ذلك ما دِينُك إِذ جُنِّبَتْ
أَحمالُها، كالبُكُر المُبْتِل
عِيرٌ عليهن كِنانِيَّةٌ،
جارِية كالرَّشَإِ الأَكْحَل
فأَبدل عِيراً من أَحمالها؛ وقال امرؤ القيس في الحُمُول أَيضاً:
وحَدِّثْ بأَن زالت بَلَيْلٍ حُمُولُهم،
كنَخْل من الأَعْراض غَيْرِ مُنَبَّق
قال: وتنطلق الحُمُول أَيضاً على النساء المُتَحَمِّلات كقول مُعَقِّر:
أَمِنْ آل شَعْثاءَ الحُمُولُ البواكِرُ،
مع الصبح، قد زالت بِهِنَّ الأَباعِرُ؟
وقال آخر:
أَنَّى تُرَدُّ ليَ الحُمُول أَراهُم،
ما أَقْرَبَ المَلْسُوع منه الداء
وقول أَوس:
وكان له العَيْنُ المُتاحُ حُمُولة
فسره ابن الأَعرابي فقال: كأَنَّ إِبله مُوقَرَةٌ من ذلك. وأَحْمَله
الحِمْل: أَعانه عليه، وحَمَّله: فَعَل ذلك به. ويجيء الرجلُ إِلى الرجل
إِذا انْقُطِع به في سفر فيقول له: احْمِلْني فقد أُبْدِع بي أَي أَعْطِني
ظَهْراً أَركبه، وإِذا قال الرجل أَحْمِلْني، بقطع الأَلف، فمعناه أَعنَّي
على حَمْل ما أَحْمِله. وناقة مُحَمَّلة: مُثْقَلة.
والحَمَالة، بالفتح: الدِّيَة والغَرامة التي يَحْمِلها قوم عن قوم، وقد
تطرح منها الهاء. وتَحَمَّل الحَمالة أَي حَمَلَها. الأصمعي:
الحَمَالة الغُرْم تَحْمِله عن القوم ونَحْو ذلك قال الليث، ويقال أَيضاً حَمَال؛
قال الأَعشَى:
فَرْع نَبْعٍ يَهْتَزُّ في غُصُنِ المَجْـ
ـدِ، عظيم النَّدَى، كَثِير الحَمَال
ورجل حَمَّال: يَحْمِل الكَلَّ عن الناس.
الأَزهري: الحَمِيل الكَفِيل. وفي الحديث: الحَمِيل غارِمٌ؛ هو الكفيل
أَي الكَفِيل ضامن. وفي حديث ابن عمر: كان لا يَرى بأْساً في السَّلَم
بالحَمِيل أَي الكفيل. الكسائي: حَمَلْت به حَمَالة كَفَلْت به، وفي الحديث:
لا تَحِلُّ المسأَلة إِلا لثلاثة، ذكر منهم رجل تَحَمَّل حَمالة عن قوم؛
هي بالفتح ما يَتَحَمَّله الإِنسان عن غيره من دِيَة أَو غَرامة مثل أَن
تقع حَرْب بين فَرِيقين تُسْفَك فيها الدماء، فيدخل بينهم رجل
يَتَحَمَّل دِياتِ القَتْلى ليُصْلِح ذاتَ البَيْن، والتَّحَمُّل: أَن يَحْمِلها
عنهم على نفسه ويسأَل الناس فيها. وقَتَادَةُ صاحبُ الحَمالة؛ سُمِّي بذلك
لأَنه تَحَمَّل بحَمالات كثيرة فسأَل فيها وأَدَّاها.
والحَوامِل: الأَرجُل. وحَوامِل القَدَم والذراع: عَصَبُها، واحدتها
حاملة.
ومَحامِل الذكر وحَمائله: العروقُ التي في أَصله وجِلْدُه؛ وبه فعسَّر
الهَرَوي قوله في حديث عذاب القبر: يُضْغَط المؤمن في هذا، يريد القبر،
ضَغْطَة تَزُول منها حَمائِلُه؛ وقيل: هي عروق أُنْثَييه، قال: ويحتمل أَن
يراد موضع حَمَائِل السيف أَي عواتقه وأَضلاعه وصدره. وحَمَل به حمالة:
كَفَل. يقال: حَمَل فلان الحِقْدَ على نفسه إِذا أَكنه في نفسه
واضْطَغَنَه. ويقال للرجل إِذا اسْتَخَفَّه الغضبُ: قد احتُمِل وأُقِلَّ؛ قال
الأَصمَعي في الغضب: غَضِب فلان حتى احتُمِل. ويقال للذي يَحْلُم عمن
يَسُبُّه: قد احْتُمِل، فهو مُحْتَمَل؛ وقال الأَزهري في قول الجَعْدي:
كلبابى حس ما مسه،
وأَفانِين فؤاد مُحْتَمَل
(* قوله «كلبابى إلخ» هكذا في الأصل من غير نقط ولا ضبط).
أَي مُسْتَخَفٍّ من النشاط، وقيل غضبان، وأَفانِينُ فؤاد: ضُروبُ نشاطه.
واحْتُمِل الرجل: غَضِب. الأَزهري عن الفراء: احْتُمِل إِذا غضب، ويكون
بمعنى حَلُم. وحَمَلْت به حَمَالة أَي كَفَلْت، وحَمَلْت إِدْلاله
واحْتَمَلْت بمعنىً؛ قال الشاعر:
أَدَلَّتْ فلم أَحْمِل، وقالت فلم أُجِبْ،
لَعَمْرُ أَبيها إِنَّني لَظَلُوم
والمُحامِل: الذي يَقْدِر على جوابك فَيَدَعُه إِبقاء على مَوَدَّتِك،
والمُجامِل: الذي لا يقدر على جوابك فيتركه ويَحْقِد عليك إِلى وقت مّا.
ويقال: فلان لا يَحْمِل أَي يظهر غضبه.
والمُحْمِل من النساء والإِبل: التي يَنْزِل لبُنها من غير حَبَل، وقد
أَحْمَلَت.
والحَمَل: الخَرُوف، وقيل: هو من ولد الضأْن الجَذَع فما دونه، والجمع
حُمْلان وأَحمال، وبه سُمِّيت الأَحمال، وهي بطون من بني تميم. والحَمَل:
السحاب الكثير الماء. والحَمَل: بُرْج من بُروج السماء، هو أَوَّل البروج
أَوَّلُه الشَّرْطانِ وهما قَرْنا الحَمَل، ثم البُطَين ثلاثة كواكب، ثم
الثُّرَيَّا وهي أَلْيَة الحَمَل، هذه النجوم على هذه الصفة تُسَمَّى
حَمَلاً؛ قلت: وهذه المنازل والبروج قد انتقلت، والحَمَل في عصرنا هذا
أَوَّله من أَثناء الفَرْغ المُؤَخَّر، وليس هذا موضع تحرير دَرَجه ودقائقه.
المحكم: قال ابن سيده قال ابن الأَعرابي يقال هذا حَمَلُ طالعاً،
تَحْذِف منه الأَلف واللام وأَنت تريدها، وتُبْقِي الاسم على تعريفه، وكذلك
جميع أَسماء البروج لك أَن تُثْبِت فيها الأَلف واللام ولك أَن تحذفها وأَنت
تَنْويها، فتُبْقِي الأَسماء على تعريفها الذي كانت عليه. والحَمَل:
النَّوْءُ، قال: وهو الطَّلِيُّ. يقال: مُطِرْنا بنَوْء الحَمَل وبِنَوْء
الطَّلِيِّ؛ وقول المتنخِّل الهذلي:
كالسُّحُل البِيضِ، جَلا لَوْنَها
سَحُّ نِجاءِ الحَمَل الأَسْوَل
فُسَّر بالسحاب الكثير الماء، وفُسِّر بالبروج، وقيل في تفسير النِّجاء:
السحاب الذي نَشَأَ في نَوْءِ الحَمَل، قال: وقيل في الحَمَل إِنه المطر
الذي يكون بنَوْءٍ الحَمَل، وقيل: النِّجاء السحاب الذي هَرَاق ماءه،
واحده نَجْوٌ، شَبَّه البقر في بياضها بالسُّحّل، وهي الثياب البيض، واحدها
سَحْل؛ والأَسْوَل: المُسْتَرْخِي أَسفل البطن، شَبَّه السحاب المسترخي
به؛ وقال الأَصمعي: الحَمَل ههنا السحاب الأَسود ويقوّي قوله كونه وصفه
بالأَسول وهو المسترخي، ولا يوصف النَّجْو بذلك، وإِنما أَضاف النِّجَاء
إِلى الحَمَل، والنِّجاءُ: السحابُ لأَنه نوع منه كما تقول حَشَف التمر
لأَن الحَشَف نوع منه. وحَمَل عليه في الحَرْب حَمْلة، وحَمَل عليه حَمْلة
مُنْكَرة، وشَدَّ شَدَّة مُنكَرة، وحَمَلْت على بني فلان إِذا أَرَّشْتَ
بينهم. وحَمَل على نفسه في السَّيْر أَي جَهَدَها فيه. وحَمَّلْته
الرسالة أَي كلَّفته حَمْلَها. واسْتَحْمَلته: سأَلته أَن يَحْمِلني. وفي حديث
تبوك: قال أَبو موسى أَرسلني أَصحابي إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَسْأَله الحُمْلان؛ هو مصدر حَمَل يَحْمِل حُمْلاناً، وذلك أَنهم أَنفذوه
يطلبون شيئاً يركبون عليه، ومنه تمام الحديث: قال، صلى الله عليه وسلم:
ما أَنا حَمَلْتُكم ولكن الله حَمَلكم، أَراد إِفْرادَ الله بالمَنِّ
عليهم، وقيل: أَراد لَمَّا ساق الله إِليه هذه الإِبل وقت حاجتهم كان هو
الحامل لهم عليها، وقيل: كان ناسياً ليمينه أَنه لا يَحْمِلْهم فلما أَمَر
لهم بالإِبل قال: ما أَنا حَمَلْتكم ولكن الله حَمَلَكم، كما قال للصائم
الذي أَفطر ناسياً: الله أَطْعَمَك وسَقاك.
وتَحَامَل عليه أَي مال، والمُتَحامَلُ قد يكون موضعاً ومصدراً، تقول في
المكان هذا مُتَحَامَلُنا، وتقول في المصدر ما في فلان مُتَحامَل أَي
تَحامُل؛ والأَحمالُ في قول جرير:
أَبَنِي قُفَيْرَة، من يُوَرِّعُ وِرْدَنا،
أَم من يَقوم لشَدَّة الأَحْمال؟
قومٌ من بني يَرْبُوع هم ثعلبة وعمرو والحرث. يقال: وَرَّعْت الإِبلَ عن
الماء رَدَدْتها، وقُفَيْرة: جَدَّة الفَرَزْدَق
(* قوله «وقفيرة جدّة
الفرزدق» تقدم في ترجمة قفر أنها أُمه) أُمّ صَعْصَعة بن ناجِية بن
عِقَال. وحَمَلٌ: موضع بالشأْم. الأَزهري: حَمَل اسم جَبَل بعينه؛ ومنه قول
الراجز:
أَشْبِه أَبا أُمِّك أَو أَشْبِه حَمَل
قال: حَمل اسم جبل فيه جَبَلان يقال لهما طِمِرَّان؛ وقال:
كأَنَّها، وقَدْ تَدَلَّى النَّسْرَان،
ضَمَّهُمَا من حَمَلٍ طِمِرَّان،
صَعْبان عن شَمائلٍ وأَيمان
قال الأَزهري: ورأَيت بالبادية حَمَلاً ذَلُولاً اسمه حَمال.
وحَوْمَل: موضع؛ قال أُمَيَّة بن
أَبي عائذ الهذلي:
من الطَّاويات، خِلال الغَضَا،
بأَجْماد حَوْمَلَ أَو بالمَطَالي
وقول امريء القيس:
بين الدَّخُول فَحَوْمَلِ
إِنما صَرَفه ضرورة. وحَوْمَل: اسم امرأَة يُضْرب بكَلْبتها المَثَل،
يقال: أَجْوَع من كَلْبة حَوْمَل.
والمَحْمولة: حِنْطة غَبْراء كأَنها حَبُّ القُطْن ليس في الحِنْطة
أَكبر منها حَبًّا ولا أَضخم سُنْبُلاً، وهي كثيرة الرَّيْع غير أَنها لا
تُحْمَد في اللون ولا في الطَّعْم؛ هذه عن أَبي حنيفة. وقد سَمَّتْ حَمَلاً
وحُمَيلاً. وبنو حُمَيْل: بَطْن؛ وقولهم:
ضَحِّ قَلِيلاً يُدْرِكِ الهَيْجَا حَمَل
إِنما يعني به حَمَل بن بَدْر. والحِمَالة: فَرَس طُلَيْحَة ابن
خُوَيلِد الأَسدي؛ وقال يذكرها:
عَوَيْتُ لهم صَدْرَ الحِمَالة، إِنَّها
مُعاوِدَةٌ قِيلَ الكُمَاةِ نَزَالِ
فَيوْماً تَراها في الجِلال مَصُونَةً،
ويَوْماً تراها غيرَ ذاتِ جِلال
قال ابن بري: يقال لها الحِمالة الصُّغْرَى، وأَما الحِمَالة الكبرى فهي
لبني سُلَيْم؛ وفيها يقول عباس بن
مِرْدَاس:
أَما الحِمَالَة والقُرَيْظُ، فقد
أَنْجَبْنَ مِنْ أُمٍّ ومن فَحْل
شجر: الشَّجَرَة الواحدة تجمع على الشَّجَر والشَّجَرَات والأَشْجارِ،
والمُجْتَمِعُ الكثيرُ منه في مَنْبِتِه: شَجْرَاءُ. الشَّجَر والشَّجَر
من النبات: ما قام على ساق؛ وقيل: الشَّجَر كل ما سما بنفسه، دَقَّ أَو
جلَّ، قاوَمَ الشِّتاءَ أَو عَجَزَ عنه، والواحدة من كل ذلك شَجَرَة
وشِجَرَة، وقالوا شِيَرَةٌ فأَبدلوا، فإِمَّا أَن يكون على لغة من قال شِجَرَة،
وإِمَّا أَن تكون الكسرة لمجاورتها الياء؛ قال:
تَحْسَبُه بين الأَكامِ شِيَرَهْ
وقالوا في تصغيرها: شِيَيْرَة وشُيَيْرَة. قال وقال مرة: قلبت الجيم ياء
في شِيَيْرَة كما قلبوا الياء جيماً في قولهم أَنا تَمِيمِجٌّ أَي
تميميّ، وكما روي عن ابن مسعود: على كل غَنِجٍّ، يريد غَنِيٍّ؛ هكذا حكاه أَبو
حنيفة، بتحريك الجيم، والذي حكاه سيبويه أَن ناساً من بني سعد يبدلون
الجيم مكان الياء في الوقف خاصة، وذلك لأَن الياء خفيفة فأَبدلوا من موضعها
أَبْين الحروف، وذلك قولهم تَمِيمِجْ في تَمِيميْ، فإِذا وصلوا لم
يبدلوا؛ فأَما ما أَنشده سيبويه من قولهم:
خالي عُوَيْفٌ وأَبو عَلِجِّ،
المُطْعِمانِ اللحمَ بالعَشِجِّ،
وفي الغَداةِ فِلَقَ البَرْنِجِّ
فإِنه اضطر إِلى القافية فأَبدل الجيم من الياء في الوصل كما يبدلها
منها في الوقف. قال ابن جني: أَما قولهم في شَجَرَة شِيَرَة فينبغي أَن تكون
الياء فيها أَصلاً ولا تكون مبدلة من الجيم لأَمرين: أَحدهما ثبات الياء
في تصغيرها في قولهم شُيَيْرَةُ ولو كانت بدلاً من الجيم لكانوا
خُلَقَاء إِذا حَقَّروا الاسم أَن يردّوها إِلى الجيم ليدلوا على الأَصل، والآخر
أَن شين شَجَرة مفتوحة وشين شِيرَةَ مكسورة، والبدل لا تغير فيه الحركات
إِنما يوقع حرف موضع حرف. ولا يقال للنخلة شجرة؛ قال ابن سيده: هذا قول
أَبي حنيفة في كتابه الموسوم بالنبات. وأَرض شَجِرَة وشَجِيرة وشَجْرَاء:
كثيرة الشَّجَرِ.
والشَّجْراءُ: الشَّجَرُ، وقيل: اسم لجماعة الشَّجَر، وواحد الشَّجْراء
شَجَرَة، ولم يأْت من الجمع على هذا المثال إِلاَّ أَحرف يسيرة: شَجَرَة
وشَجراء، وقَصَبَة وقَصْباء، وطَرَفة وطَرْفاء، وحَلَفَة وحَلْفاء؛ وكان
الأَصمعي يقول في واحد الحلفاء حَلِفة، بكسر اللام، مُخالفة لأَخَواتها.
وقال سيبويه: الشَّجْراء واحد وجمع، وكذلك القَصْباء والطَّرْفاء
والحَلْفاء. وفي حديث ابن الأَكوع: حتى كنت
(* قوله: «حتى كنت» الذي في النهاية
فإِذا كنت). في الشَّجْراء أَي بين الأَشجار المُتَكاثِفَة، قال ابن
الأَثير: هو الشَّجَرة كالقَصْباء للقَصَبة، فهو اسم مفرد يراد به الجمع،
وقيل: هو جمع، والأَول أَوجه.
والمَشْجَرُ: مَنْبِت الشَجر. والمَشْجَرَة: أَرض تُنبِت الشجر الكثير.
والمَشْجَر: موضع الأَشجار وأَرض مَشْجَرَة: كثيرة الشجر؛ عن أَبي حنيفة.
وهذا المكان الأَشْجَرُ من هذا أَي أَكثر شَجَرَاً؛ قال: ولا أَعرف له
فِعْلاً. وهذه الأَرض أَشجر من هذه أَي أَكثر شَجَراً. ووادٍ أَشْجَرُ
وشَجِيرٌ ومُشْجرٌ: كثير الشجر. الجوهري: وادٍ شَجِيرٌ ولا يقال وادٍ
أَشْجَرُ. وفي الحديث: ونأَى بي الشَّجَرُ؛ أَي بَعُدَ بيَ المرعَى في
الشَّجَر. وأَرض عَشِبَة: كثيرة العُشْب، وبَقِيلة وعاشِبَة وبَقِلة وثَمِيرة
إِذا كان ثَمَرَتها
(* قوله: «إِذا كان ثمرتها» كذا بالأَصل ولعل فيها
تحريفاً أَو سقطاً، والأَصل إِذا كثرت ثمرتها أَو كانت ثمرتها كثيرة أَو نحو
ذلك). وأَرض مُبْقِلَة ومُعْشِبَة. التهذيب: الشجر أَصناف، فأَما جِلُّ
الشجر فَعِظامُه لتي تبقى على الشِّتاء، وأَما دُقُّ الشجر فصنفان: أَحدهما
يبقى على الشِّتاء، وتَنْبْتُ في الربيع، ومنه ما يَنْبُت من الحَبَّة
كما تَنْبُتُ البقُول، وفرق ما بين دِقِّ الشجر والبقل أَن الشجر له
أَرُومة تبقى على الشتاء ولا يبقى للبقْل شيء، وأَهل الحجاز يقولون هذه الشجر،
بغير هاء، وهم يقولون هي البُرُّ وهي الشَّعير. وهي التمر، ويقولون في
الذهب لأَن القطعة منه ذهَبَة؛ وبِلُغَتهم نزل قوله تعالى: والذين
يَكِنزُون الذهب والفِضَّة ولا يُنْفقونَها؛ فأَنَّثَ.
ابن السكيت: شاجَرَ المالُ إِذا رَعَى العُشْبَ والبَقْلَ فلم يُبْق
منها شيئاً فصار إِلى الشجر يرعاه؛ قال الراجز يصف إِبلاً:
تَعْرِفُ في أَوْجُهِها البشائِرِ
آسانَ كلِّ آفقٍ مُشاجِرِ
وكل ما سُمِك ورُفِعَ، فقد شُجِرِ. وشَجَرَ الشجَرة والنبات شَجْراً:
رَفَع ما تَدَلَّى من أَغصانها. التهذيب قال: وإِذا نزلتْ أَغصانُ شَجَرٍ
أَو ثوب فرفعته وأَجفيتَه قلت شَجَرْته، فهو مَشْجُور؛ قال العجاج:
رَفَّعَ من جِلالِه المَشْجُور
والمُشَجَّرُ من التَّصَاوير: ما كان على صفة الشجر. وديباج مُشَجَّرٌ:
نَقْشُه على هيئة الشجر. والشجرة التي بويع تحتها سيدُنا رسولُ الله، صلى
الله عليه وسلم، قيل كانت سَمُرَة. وفي الحديث: الصَّخْرةُ والشجَرة من
الجنة، قيل: أَراد بالشجرة الكَرْمَة، وقيل: يحتمل أَن يكون أَراد
بالشجرة شَجَرَة بَيْعَة الرِّضوان لأَن أَصحابها اسْتَوجَبوا الجنة.
واشْتَجَرَ القومُ: تخالفوا: ورماح شواجِرُ ومُشْتَجِرة ومُتَشاجِرَة:
مُخْتلفةٌ مُتَداخلة. وشَجَر بينهم الأَمْرُ يَشْجُرُ شَجْراً
(* قوله:
«وشجر بينهم الأَمر شجراً» في القاموس وشجر بينهم الأَمر شجوراً). تنازعوا
فيه. وشَجَر بين القوم إِذا اختلف الأَمر بينهم. واشْتَجَرَ القوم
وتَشاجَرُوا أَي تنازعوا. والمُشاجَرة: المنازعة. وفي التنزيل العزيز: فلا
ورَبِّك لا يُؤمنون حتى يُحَكِّمُوك فيما شَجَر بينهم؛ قال الزجاج: أَي فيما
وقع من الاختلاف في الخصومات حتى اشْتَجَرُوا وتشاجَرُوا أَي تشابَكُوا
مختلفين. وفي الحديث: إِياكم وما شَجَرَ بين أَصحابي؛ أَي ما وقع بينهم من
الاختلاف. وفي حديث أَبي عمرو النخعي: وذكَرَ فتنة يَشْتَجِرون فيها
اشْتِجارَ أَطْباق الرَّأْس؛ أَراد أَنهم يشتبكون في الفتنة والحرب اشْتباك
أَطْباق الرَّأْس، وهي عظامه التي يدخل بعضُها في بعض؛ وقيل: أَراد
يختلفون كما تَشْتَجِرُ الأَصابع إِذا دخل بعضها في بعض. وكلُّ ما تداخل، فقد
تشاجَرِ واشْتَجَرَ. ويقال: التَقَى فئتان فتشاجَرُوا برماحهم أَي
تشابكوا. واشْتَجَرُوا بِرِماحِهِم وتشاجَرُوا بالرِّماح: تطاعنوا. وشجَرَ:
طَعن بالرُّمح. وشَجَره بالرمح: طعنه. وفي حديث الشُّرَاة: فَشَجَرْناهم
بالرماح: أَي طعنَّاهم بها حتى اشتبكتْ فيهم، وكذلك كل شيء يأْلَفُ بعضُه
بعضاً، فقد اشْتَبك واشْتَجَر. وسمي الشجَرُ شَجَرَاً لدخول بعض أَغصانه في
بعض؛ ومن هذا قيل لِمَراكبِ النِّساء: مَشاجِرُ، لِتشابُك عِيدان
الــهَوْدَج بعضِها في بعض. وشَجَرَهُ شَجْراً: رَبَطَه. وشَجَرَه عن الأَمر
يَشْجُرهُ شَجْراً: صرفه. والشَّجْرُ: الصَّرْف. يقال: ما شَجَرَك عنه؟ أَي
ما صَرَفك؛ وقد شَجَرَتْني عنه الشَّواجر. أَبو عبيد: كلُّ شيء اجتمع ثم
فَرَّق بينه شيء فانفرق يقال له: شُجِرَ؛ وقول أَبي وَجْزَة:
طَافَ الخَيالُ بنا وَهْناً، فأَرَّقَنَا،
من آلِ سُعْدَى، فباتَ النومُ مُشْتَجِرَا
معنى اشْتِجار النوم تَجافيه عنه، وكأَنه من الشَّجِير وهو الغَرِيبُ؛
ومنه شَجَرَ الشيءَ عن الشيء إِذا نَحَّاه؛ وقال العجاج:
شَجَرَ الهُدَّابَ عنه فَجفَا
أَي جافاه عنه فَتَجَافى، وإِذا تَجافى قيل: اشْتَجَر وانْشَجَر.
والشَّجْرُ: مَفْرَحُ الفَم، وقيل: مُؤَخَّرُه، وقيل: هو الصَّامِغ،
وقيل: هو ما انفتح من مُنْطَبِقِ الفَم، وقيل: هو مُلْتَقَى
اللِّهْزِمَتَيْن، وقيل: هو ما بين اللَّحْيَيْن. وشَجْرُ الفرس: ما بين أَعالي
لَحْيَيْه من مُعْظَمها، والجمع أَشْجَار وشُجُور.
واشْتَجَر الرجل: وضع يده تحت شَجْرِهِ على حَنَكه؛ قال أَبو ذؤيب:
نامَ الخَلِيُّ وبِتُّ الليلَ مُشْتَجِراً،
كأَن عَيْنَيَّ فيها الصَّابُ مَذْبُوحُ
مذبوح: مَشْقُوق. أَبو عمرو: الشَّجْرُ ما بين اللَّحْيَيْنِ. غيره: بات
فلان مُشْتَجِراً إِذا اعتمد بشَجْرِهِ على كفه. وفي حديث العباس قال:
كنت آخذاً بِحَكَمَةِ بغلة رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يوم حُنَين
وقد شَجَرْتُها بها أَي ضَربْتُها بلجامها أَكُفُّها حتى فتحتْ فاها؛ وفي
رواية: والعباس يَشْجُرها أَو يَشْتَجِرُها بلجامها؛ قال ابن الأَثير:
الشَّجْر مَفْتَح الفم، وقيل: هو الذَّقَن. وفي حديث سعد
(* قوله: «وفي حديث
سعد» الذي في النهاية حديث أَم سعد). أَنَّ أُمَّه قالت له: لا أَطْعَمُ
طَعاماً ولا أَشرب شراباً أَو تكفُرَ بمجد قال: فكانوا إذا أَرادوا أَن
يطعموها أَو يَسْقُوهَا شَجَرُوا فاها أَي أَدْخَلوا في شَجْرِه عُوداً
ففتحوه. وكل شيء عَمَدته بِعماد، فقد شَجَرْتَه. وفي حديث عائشة، رضي
الله عنها، في إِحدى الروايات: قُبض رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، بين
شَجْرِي ونَحْرِي؛ قيل: هو التشبيك، أَي أَنها ضَمَّته إِلى نحرها
مُشبِّكَة أَصابعها. وفي حديث بعض التابعين: تَفَقَّدْ في طهارَتِكَ كذا وكذا
والشِّاكِلَ والشَّجْرَ أَي مُجْتَمَعَ اللَّحْيَيْن تحت العَنْفَقَة.
والشِّجارُ: عود يُجعل في فم الجَدْي لئلا يَرْضَع أُمَّه. والشَّجْرُ
من الرَّحْل: ما بين الكَرَّيْنِ، وهو الذي يَلْتَهِم ظهر البعير.
والمِشْجَرُ، بكسر الميم: المِشْجَب، وفي المحكم: المَشْجَر أَعواد تربط
كالمِشْجَب بوضع عليها المتاع.
وشَجَرْت الشيء: طرحتُه على المِشْجَر، وهو المِشْجَب. والمِشْجَر
والمَشْجَر والشِّجار والشَّجار: عود الــهودج، واحدتها مَِشْجَرة وشِجَارة،
وقيل: هو مَرْكَب أَصغر من الــهودج مكشوفُ الرأْس. التهذيب: والمِشْجَر مركب
من مراكب النساء؛ ومنه قول لبيد:
وأَرْتَدَ فارسُ الهَيْجا، إِذا ما
تَقَعَّرَتِ المَشاجِرُ بالقيام
الليث: الشِّجار خشب الــهودج، فإِذا غُشِّيَ غِشَاءَه صار هَوْدَجــاً.
الجوهري: والمَشَاجر عيدان الــهودج، وقال أَبو عمرو: مراكب دون الهوادج
مكشوفةُ الرأْس، قال: لها الشُّجُرُ أَيضاً، الواحد شِجار
(* قوله: «الواحد
شجار» بفتح أَوله وكسره وكذلك المشجر كما في القاموس). وفي حديث حُنَين:
ودُرَيْدُ بن الصِّمَّة يومئذٍ في شِجار له؛ هو مركب مكشوف دون الــهودج،
ويقال له مَِشْجَر أَيضاً. والشِّجارُ: خشب البئر؛ قال الراجز:
لَتَرْوَيَنْ أَو لَتَبِيدَنَّ الشُّجُرْ
والشِّجارُ: سِمَةٌ من سمات الإِبل. والشِّجارُ: الخشبة التي يُضَبَّب
بها السرير من تحت، يقال لها بالفارسية المَتَرْس. التهذيب: والشِّجار
الخشبة التي توضع خَلْف الباب، يقال لها بالفارسية المَتَرْس، وبخط الأَزهري
مَتَّرس، بفتح الميم وتشديد التاء؛ وأَنشد الأَصمعي:
لولا طُفَيْلٌ ضاعتِ الغَرائرُ،
وفاءَ، والمُعْتَقُ شيء بائرُ،
غُلَيِّمٌ رَطْلٌ وشَيْخٌ دامِرُ،
كأَنما عِظامُنا المَشَاجِرُ
والشِّجارُ: الــهَوْدَجُ الصغير الذي يكفي واحداً حَسْب. والشَّجيرُ:
الغريبُ من الناس والإِبل. ابن سيده: والشَّجِيرُ الغريبُ والصاحبُ، والجمع
شُجَراء. والشَّجِيرُ: قِدْح يكون مع القِدَاح غريباً من غير شَجَرَتِها؛
قال المتنخل:
وإِذا الرِّياحُ تَكَمَّشَتْ
بِجَوانِبِ البَيْتِ القَصِيرِ،
أَلْفَيْتَني هَشَّ اليَدَيـ
ـنِ بِمَرْي قِدْحي، أَو شَجِيرِي
والقِدْحُ الشَّجِيرُ: هو المستعار الذي يُتَيَمَّنُ بِفَوْزِهِ
والشَّرِيجُ: قِدْحُهُ الذي هو له. يقال: هو شَرِيجُ هذا وشِرْجُهُ أَي مثله.
والشَّجِيرُ: الردِيءُ؛ عن كراع.
والانْشِجارُ والاشْتِجارُ: التقدّم والنَّجاء؛ قال عُوَيْفٌ
الهُذَليُّ:عَمْداً تَعَدَّيْنَاكَ، وانْشَجَرَتْ بِنَا
طِوالُ الهَوادِيُ مُطْبَعَاتٌ مِنَ الوِقْرِ
ويروى: واشْتَجَرَتْ. والاشتجارُ أَن تَتَّكِئَ على مَرْفِقِكَ ولا
تَضَعَ جَنْبَكَ على الفراش.
والتَّشْجيرُ في النخلِ: أَن تُوضَعَ العُذُوقُ على الجريد، وذلك إِذا
كثر حمل النخلة وعَظُمَتِ الكَبائِسُ فَخِيفَ على الجُمَّارَةِ أَو على
العُرْجُونِ. والشَّجِيرُ: السَّيفُ. وشَجَرَ بيته أَي عَمَدَه بِعَمُودٍ.
ويقال: فلان من شَجَرَةٍ مباركة أَي من أَصل مبارك.
ابن الأَعرابي: الشَّجْرَةُ النُّقْطَةُ الصغيرة في ذَقَنِ الغُلامِ.
قرم: القَرَمُ، بالتحريك: شدّة الشهوة إِلى اللحم، قَرِمَ إِلى اللحم،
وفي المحكم: قَرِمَ يَقْرَم قَرَماً، فهو قَرِمٌ: اشتهاه، ثم كثر حتى
قالوا مثلاً بذلك: قَرِمْتُ إِلى لقائك. وفي الحديث: كان يتعوّذ من القَرَم،
وهو شدة شهوة اللحم حتى لا يُصبَر عنه. يقال: قَرِمت إِلى اللحم. وحكى
بعضهم فيه: قَرِمْتُه. وفي حديث الضحية: هذا يومٌ اللحمُ فيه مَقْروم، قال:
هكذا جاء في رواية، وقيل: تقديره مَقْرومٌ إِليه فحذف الجارّ. وفي حديث
جابر: قَرِمنا إِلى اللحم فاشتريت بدرهم لحماً.
والقَرْمُ: الفحل الذي يترك من الركوب والعمل ويُودَع للفِحْلة، والجمع
قُروم؛ قال:
يا ابْن قُروم لَسْنَ بالأَحْفاضِ
وقيل: هو الذي لم يمسه الحَبْل. والأَقْرَمُ: كالقَرْم. وأَقْرَمه:
جَعله قَرْماً وأَكرمه عن المهْنة، فهو مُقْرَم، ومنه قيل للسيد قَرْمٌ
مُقْرَم تشبيهاً بذلك. قال الجوهري: وأَما الذي في الحديث: كالبعير
الأَقْرَم، فلغة مجهولة. واسْتَقرم البَكرُ قبل أَناه، وفي المحكم: واستقرم البكر
صار قَرْماً. والقَرْمُ من الرجال: السيد المعظم، على المثل بذلك. وفي
حديث علي، عليه السلام: أَنا أَبو حسن القَرْم أَي المُقْرَم في الرأْي؛
والقَرْم: فحل الإِبل، أَي أَنا فيهم بمنزلة الفحل في الإِبل؛ قال ابن
الأَثير: قال الخطابي وأَكثر الروايات القوم، بالواو، قال: ولا معنى له
وإِنما هو بالراء أَي المقدَّم في المعرفة وتَجارِب الأُمور. ابن السكيت:
أَقْرَمْتُ الفحل، فهو مُقْرَم، وهو أَن يُودَع للفحلة من الحمل والركوب،
وهو القَرْم أَيضاً. وفي حديث رواه دُكَين بن سعيد قال: أَمر النبي، صلى
الله عليه وسلم، عمر أَن يُزوِّد النُّعمان بن مُقرِّن المُزَني وأَصحابه
ففتح غُرفة له فيها تمر كالبعير الأَقْرَمِ؛ قال أَبو عبيد: قال أَبو عمرو
لا أَعرف الأَقرم ولكني أَعرف المُقْرَم، وهو البعير المُكْرَم الذي لا
يحمل عليه ولا يذلل، ولكن يكون للفحلة والضراب، قال: وإِنما سمي السيد
الرئيس من الرجال المُقْرَم لأَنه شبه بالمُقْرَم من الإِبل لعِظَم شأْنه
وكَرَمه عندهم؛ قال أَوس:
إِذا مُقْرَمٌ مِنَّا ذرا حَدُّ نابِه،
تَخَمَّطَ فِينا نابُ آخَرَ مُقْرَم
أَراد: إِذا هلَك منا سيد خلفه آخر. قال الزمخشري: قَرِمَ البعير، فهو
قَرِمٌ إِذا اسْتَقْرَمَ أَي صار قَرْماً. وقد أَقرَمَه صاحبه، فهو
مُقْرَم إِذا تركه للفِحْلة، وفَعِلَ وأَفْعَلَ يلتقيان كوَجِلَ وأَوْجَلَ
وتَبِعَ وأَتْبَع في الفعل، وخَشِنٍ وأَخْشَنَ وكَدِرٍ وأَكْدَرَ في الاسم،
قال: وأَما المَقْرُوم من الإِبل فهو الذي به قُرْمةٌ، وهي سِمةٌ تكون فوق
الأَنف تُسلخ منها جِلدة ثم تُجمع فوق أَنفه فتلك القُرمة؛ يقال منه:
قَرَمْتُ البعير أَقْرِمُه. ويقال للقُرْمة أَيضاً القِرام، ومثله في
الجسد الجُرْفة. الليث: هي القُرْمة والقَرْمة لغتان، وتلك الجلدة التي
قطعْتَها هي القُرامة، وربما قَرَمُوا من كِرْكِرَته وأُذنه قُرامات
يُتَبَلَّغ بها في القحط. المحكم: وقَرَمَ البعيرَ يَقْرِمه قَرْماً قطع من أَنفه
جلدة لا تبين وجَمعَها عليه للسِّمة، واسم ذلك الموضع القِرام والقُرْمة
وقيل: القُرْمة اسم ذلك الفعل. والقَرْمة والقُرامة: الجلدة المقطوعة
منه، فإِن كان مثلُ
ذلك الوسْم في الجسم بعد الأُذن والعنق فهي الجُرْفة. وناقة قَرْماء:
بها قَرْم في أَنفها؛ عن ابن الأَعرابي. ابن الأَعرابي: في السِّمات
القَرْمة، وهي سِمة على الأَنف ليست بحَزٍّ، ولكنها جَرْفة للجلد ثم يترك
كالبعرة، فإِذا حُزَّ الأَنف حَزّاً فذلك الفَقْر. يقال: بعير مَفْقُور
ومَقْرُوم ومَجْرُوف؛ ومنه ابن مَقْرُومٍ الشاعر. وقَرَمَ الشيءَ قَرْماً:
قَشَره. والقُرامة من الخبز: ما تقشَّر منه، وقيل: ما يَلتزِق منه في التنور،
وكل ما قَشَرْته عن الخبز فهو القُرامة. وما في حَسَبِه قُرامة أَي
وَصْم، وهما العيب. وقَرَمَه قَرْماً: عابَه. والقَرْمُ: الأَكل ما كان. ابن
السكيت: قَرَم يَقْرِم قَرْماً إِذا أَكل أَكلاً ضعيفاً. ويقال: هو
يَتَقَرَّمُ تَقَرُّم البَهْمة. وقَرَمَتِ البَهمة تَقْرِم قَرْماً وقُروماً
وقَرَماناً وتَقرَّمت: وذلك في أَول ما تأْكل، وهو أدنى التناوُل، وكذلك
الفَصيل والصبي في أَول أَكله. وقَرَّمه هو: علَّمه ذلك؛ ومنه قول
الأَعرابية ليعقوب تذكر له تَرْبِية البَهْم: ونحن في كل ذلك نُقَرِّمه ونعلمه.
أَبو زيد: يقال للصبي أَوّل ما يأْكل قد قَرَم يَقْرِم قَرْماً
وقُروماً. الفراء: السخلة تَقْرِم قَرْماً إِذا تعلمت الأَكل؛ قال عدي:
فَظِباءُ الرَّوْضِ يَقْرِمْنَ الثَّمَرْ
ويقال: قرَم الصبيُّ والبَهْمُ قَرْماً وقُروماً، وهو أَكل ضعيف في أَول
ما يأْكل، وتَقَرَّم مثله. وقَرَّمَ القِدْحَ: عَجَمَه؛ قال:
خَرَجْنَ حَرِيراتٍ وأَبْدَيْنَ ِمجْلَداً، ودارَتْ عليهن المُقَرَّمةُ
الصُّفْر
يعني أَنهن سُبِين واقْتُسمن بالقِداح التي هي صفتها، وأَراد مَجالِد
فَوضع الواحد موضع الجمع.
والقِرامُ: ثوب من صوف ملوّن فيه أَلوان من العِهن، وهو صفيق يتخذ
سِتراً، وقيل: هو الستر الرقيق، والجمع قُرُم، وهو المِقْرَمة، وقيل:
المِقْرمةُ مَحْبِس الفِراش. وقَرَّمَه بالمِقْرمة: حبسَه بها. والقِرام: ستر فيه
رَقْم ونقُوش، وكذلك المِقْرَمُ والمِقْرَمة؛ وقال يصف داراً:
على ظَهْرِ جَرْعاء العَجُوز، كأَنهَّا
دَوائِرُ رَقْمٍ في سَراةِ قِرامِ
وفي حديث عائشة: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، دخل عليها وعلى الباب
قِرامٌ فيه تَماثِيلُ، وفي رواية: وعلى الباب قِرامٌ سِترٍ؛ هو الستر
الرقيق فإِذا خيط فصار كالبيت فهو كِلَّةٌ؛ وأَنشد بيت لبيد يصف الــهودج:
مِنْ كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّه
زَوْجٌ، عليه كِلَّةٌ وقِرامُها
وقيل: القِرام ثوب من صوف غليظ جدّاً يُفرش في الــهودج ثم يجعل في قواعد
الــهودج أَو الغَبِيط، وقيل: هو الصَّفِيق من صوف ذي أَلوان، والإِضافة
فيه كقولك ثوبُ قميصٍ، وقيل: القِرام الستر الرقِيقُ وراء الستر الغليظ،
ولذلك أَضاف؛ وقوله في حديث الأَحنف بلغه أَن رجلاً يغتابه فقال:
عُثَيْثةٌ تَقْرِمُ جِلْداً أَمْلَسا
أَي تَقْرِض، وقد ذكرته في موضعه.
والقَرْمُ: ضرب من الشجر؛ حكاه ابن دريد، قال: ولا أَدري أَعربي هو أَم
دخيل. وقال أَبو حنيفة: القُرْم، بالضم، شجر ينبت في جَوف ماء البحر، وهو
يشبه شجر الدُّلْب في غِلَظِ سُوقه وبياض قشره، وورقه مثل ورق اللوز
والأَراك، وثمرُه مثل ثمر الصَّوْمَر، وماء البحر عدوّ كل شيء من الشجر
إِلاَّ القُرْم والكَنْدَلى، فإِنهما ينبتان به.
وقارِمٌ ومَقْرُومٌ وقُرَيْمٌ: أَسماء. وبنو قُرَيْمٍ: حي. وقَرْمانُ:
موضع، وكذلك قَرَماء؛ أَنشد سيبويه:
علا قَرَماءَ عالِيةً شَواه،
كأَنَّ بَياضَ غُرَّتِه خِمارُ
قيل: هي عَقَبة، وقد ذكر ذلك في فرم مستوفى. وقال ابن الأَعرابي: هي
قَرْماء بسكون الراء، وكذلك أَنشد البيت على قرْماء ساكنة وقال: هي أَكَمة
معروفة، قال: وقيل قَرْماء هنا ناقة بها قَرْمٌ في أَنفها أَي وَسْم، قال:
ولا أَدري وجهه ولا يعطيه معنى البيت. ابن الأَنباري في كتاب المقصور
والممدود: جاء على فَعَلاء يقال له سَحَناء أَي هَيئة، وله ثَأَداءُ أَي
أَمَة، وقَرَماء اسم أَرض، وأَنشد البيت وقال: كتبت عنه بالقاف، وكان عندنا
فَرَماء لأَرض بمصر، قال: فلا أَدري قَرَماء أَرض بنجد وفَرَماء بمصر.
ومَقْرُوم: اسم جبل؛ وروي بيت رؤبة:
ورَعْنِ مَقْرُومٍ تَسامى أَرَمُهْ
والقَرَمُ: الجِداء الصغار. والقَرَمُ: صِغار الإِبل، والقَزَمُ،
بالزاي: صغار الغنم وهي الحَذَف.
حفف: حَفَّ القومُ بالشيء وحَوالَيْه يَحُفُّونَ حَفّاً وحَفُّوه
وحَفَّفوه: أَحْدَقُوا به وأَطافُوا به وعَكفوا واسْتَداروا، وفي التهذيب:
حَفَّ القوم بسيدهم. وفي التنزيل: وترى الملائكة حافّين من حول العرش؛ قال
الزجاج: جاء في التفسير معنى حافِّين مُحدِقِين؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
كَبَيْضَةِ أُدْحِيٍّ بمَيْتِ خَمِيلةٍ،
يُحَفِّفُها جَوْنٌ بِجُؤْجِئِه صَعْلُ
وقوله:
إبْلُ أَبي الحَبْحابِ إبْلٌ تُعْرَفُ،
يَزِينُها مُحَفَّفٌ مُوَقَّفُ
الـمُحَّفَّفُ: الضَّرْعُ المـمْتَلئُ الذي له جوانب كأَنَّ جوانبه
حَفَّفَتْه أَي حَفَّتْ به، ورواه ابن الأَعرابي مُجَفَّفٌ، يريد ضَرْعاً
كأَنه جُفٌّ، وهو الوَطْبُ الخَلَقُ. وحَفَّه بالشي يَحُفُّه كما يُحَفُّ
الــهَوْدَجُ بالثياب، وكذلك التَّحْفِيفُ. وفي حديث أَهْلِ الذكر:
فَيَحُفُّونَهم بأَجْنِحَتِهم أَي يطوفون بهم ويدُورُون حَوْلَهم. وفي حديث آخر:
إلاَّ حَفَّتهم الملائكةُ. وفي الحديث: ظَلَّلَ اللّه مكانَ البيتِ
غَمامةً فكانت حِفافَ البيتِ أَي مُحْدِقةً به.
والمِحَفَّةُ: رَحْلٌ يُحَفُّ بثوب ثم تركب فيه المرأَة، وقيل:
المِحَفَّةُ مَرْكَب كالــهَوْدَجِ إلاَّ أَنَّ الــهودج يُقَبَّبُ والمِحَفَّةُ لا
تُقَبَّبُ؛ قال ابن دريد: سميت بها لأَن الخَشب يَحُفُّ بالقاعد فيها أَي
يُحِيطُ به من جميع جوانبه، وقيل: المِحَفَّة مَركب من مراكب النساء.
والحَفَفُ: الجمعُ، وقيل: قِلَّة المأْكولِ وكثرة الأَكَلَةِ، وقال
ثعلب: هو أَن تكون العِيالُ مثلَ الزَّادِ، وقال ابن دريد: هو الضِّيقُ في
المعاش، وقالت امرأَة: خرج زوجي ويَتِمَ وَلَدي فما أَصابهم حَفَفٌ ولا
ضَفَفُّ، قال: فالحَفَفُ الضِّيق، والضَّفَف أَن يَقِلَّ الطعامُ ويَكْثُرَ
آكلوه، وقيل هو مِقدار العيال، وقال اللحياني: الحفف الكَفافُ من
الـمَعيشةِ. وأَصابهم حَفَفٌ من العيش أَي شدَّة، وما رُؤِيَ عليهم حَفَفٌ ولا
ضَفَفٌ أَي أَثرُ عَوَزٍ. قال الأَصمعي: الحفَف عَيْشُ سُوء وقِلَّة مال،
وأُولئك قوم مَحْفُوفُون. وفي الحديث: أَنه، عليه السلام، لم يشْبَعْ من
طعام إلا على حفَف؛ الحفَف: الضيق وقلة المعيشة، أَي لم يشبع إلاّ
والحالُ عنده خلافُ الرِّخاء والخِصْبِ. وطعام حَفَف: قليل. ومعيشة حَفَفٌ:
ضَنْكٌ. وفي حديث عمر قال له وفد العراق: إنَّ أَمير المؤمنين بلغ سِنّاً
وهو حافُّ الـمَطعَم أَي يابِسُه وقَحِلُه؛ ومنه حديثه الآخر أَنه سأَل
رجلاً فقال: كيف وجدت أَبا عُبيْدَة؟ فقال: رأَيت حُفُوفاً أَي ضِيقَ عيش؛
ومنه الحديث: أَبْلِغْ معاويةَ أَنَّ عبد اللّهِ بن جعفر حَفَّفَ
(* قوله
«حفّف» بهامش النهاية: حفف، مبالغة في حف أي جهد وقل ماله من حفت الارض
ونحوه.) وجُهِدَ أَي قلَّ ماله. الأَصمعي: أَصابهم من العَيْشِ ضَفَفٌ
وحَفَفٌ وقَشَفٌ، كل هذا من شدَّة العَيْشِ. ابن الأَعرابي: الضَّفَفُ
القِلَّة والحَفَفُ الحاجةُ، ويقال: الضفَف والحفَف واحد؛ وأَنشد:
هَدِيّة كانَتْ كَفافاً حَفَفا،
لا تَبْلُغُ الجار ومن تَلَطَّفا
قال أَبو العباس: الضفَفُ أَن تكون الأَكَلَةُ أَكثرَ من مِقدار المالِ،
والحفَفُ أَن تكون الأَكَلة بمقدار المال. قال: وكان النبي، صلى اللّه
عليه وسلم، إذا أَكلَ كان من يأْكل معه أَكثر عدداً من قدر مبلغ المأَكول
وكفافِه، قال: ومعنى قوله ومن تَلَطَّفا أَي من بَرَّنا لم يكن عندنا ما
نَبَرُّه: وما عند فلان إلا حَفَفٌ من الـمَتاعِ، وهو القوتُ القليل.
وحَفَّتْهم الحاجةُ تَحُفُّهم حَفّاً شديداً إذا كانوا مَحاوِيجَ. وعنده
حَفَّة من مَتاعٍ أَو مالٍ أَي قُوتٌ قليل ليس فيه فضل عن أَهله. وكان
الطعام حِفافَ ما أَكلوا أَي قَدْرَه. ووُلِدَ له على حفَفٍ أَي على حاجة
إليه؛ هذه عن ابن الأَعرابي. الفراء: يقال ما يَحُفُّهم إلى ذلك إلا الحاجةُ
يريد ما يدْعوهم وما يُحْوِجُهم.
والاحْتِفافُ: أَكلُ جميع ما في القِدْر، والاشتِفافُ: شربُ جميع ما في
الإناء.
والخُفُوفُ: اليُبْسُ من غير دَسَمٍ؛ قال رؤبة:
قالَتْ سُلَيْمى أَن رأَتْ حُفُوفي،
مع اضْطِرابِ اللَّحْمِ والشُّفُوفِ
قال الأَصمعي: حَفَّ رأْسُهُ يَحِفُّ حُفُوفاً وأَحْفَفْته أَنا.
وسَوِيقٌ حافٌّ: يابِسٌ غير ملتوت، وقيل: هو ما لم يُلَتَّ بسمْن ولا زيت.
وحَفَّتْ أَرضُنا تَحِفُّ حُفُوفاً: يَبِسَ بَقْلُها. وحفَّ بطن الرجل: لم
يأْكل دسَماً ولا لحماً فيبس. ويقال: حَفَّتِ الثَّريدة إذا يبِسَ أَعْلاها
فَتَشَقَّقَتْ. وفرس قَفِرٌ حافٌّ: لا يَسْمَنُ على الضبعة. وحَفَّ
رأْسَه وشارِبه يَحُفُّ حَفّاً أَي أَحْفاه. قال ابن سيده: وحَفَّ اللِّحية
يَحُفُّها حَفّاً: أَخذ منها، وحَفَّه يَحُفُّه حَفّاً: قَشَره، والمرأَة
تَحُفُّ وَجْهها حَفّاً وحِفافاً: تزيل عنه الشعر بالـمُوسَى
وتَقْشِرُهُ، مشتق من ذلك. واحْتَفَّتِ المرأَةُ وأَحَفّتْ وهي تحْتَفُّ: تأْمر من
يَحُفّ شعر وجهها نَتْفاً بخيطين، وهو من القَشْر، واسم ذلك الشعر
الحُفافةُ، وقيل: الحُفافةُ ما سَقَط من الشعَر الـمَحْفُوفِ وغيره. وحَفَّتِ
اللحيةُ تَحِفُّ حُفُوفاً: شَعِثَتْ. وحَفّ رأْسُ الإنسان وغيره يَحِفّ
حُفوفاً: شَعِثَ وبَعُدَ عَهْدُه بالدُّهن؛ قال الكميت يصف وَتِداً:
وأَشْعَثَ في الدَّارِ ذي لِمَّةٍ
يُطِيلُ الحُفُوفَ، ولا يَقْمَلُ
يعني وتداً حفّه صاحبُه تَرَك تَعَهُّدَه.
والحِفافان: ناحِيتا الرأْسِ والإناء وغيرهما، وقيل: هما جانباه، والجمع
أَحِفَّةٌ. وحِفافا الجبلِ: جانباه. وحفافا كل شيء: جانباه؛ وقال طرفة
يصف ناحيتي عسيب ذنب الناقة:
كأَنَّ جَناحَيْ مَضْرَحِيٍّ، تَكَنَّفا
حِفافَيْهِ، شُكّا في العَسِيبِ بِمسْرَدِ
وإناء حَفَّان: بلغ الماء وغيرُه حِفافَيْهِ. والأحِفّةُ أَيضاً: ما بقي
حول الصَّلَعةِ من الشعر، الواحد حِفافٌ. الأَصمعي: يقال بقي من شعره
حِفافٌ، وذلك إذا صَلِعَ فبقيت طُرَّة من شعَره حول رأْسه، قال: وجمع
الحِفافِ أَحِفّة؛ قال ذو الرمة يصفُ الجِفانَ التي تُطعم فيها
الضِّيفانُ:لَهُنَّ، إذا أَصْبَحْنَ، منهم أَحِفَّةٌ،
وحينَ يَرَوْنَ الليلَ أَقْبَلَ جائيا
أَراد بقوله لهن أَي للجِفانِ، أَحِفّة أَي قوم استداروا بها يأْكلون من
الثريد الذي لُبِّقَ فيها واللُّحْمانِ التي كُلِّلَتْ بها، أَي قوم
استداروا حولها؛ والجِفان تقدّم ذكرها في بيت قبله وهو:
فما مَرْتَعُ الجِيرانِ إلا جِفانُكُمْ،
تَبارَوْن أَنتم والرِّياحُ تَبارِيا
وفي حديث عمر: كان أَصلَعَ له حِفافٌ؛ هو أَن يَنْكَشِف الشعر عن وسط
رأْسه ويَبْقى ما حولَه. والحَفَّافُ: اللحم الذي في أَسفَل الحنك إلى
اللَّهاة. الأَزهري: يقال يَبِس حَفَّافُه وهو اللحم اللين أَسفل
اللَّهاة.والحَافَّانِ من اللسان: عِرْقان أَخْضَران يَكْتَنِفانه من باطن، وقيل:
حافُّ اللسانِ طَرَفُه. ورجل حافُّ العين بَيِّنُ الحُفُوفِ أَي شديد
الإصابة بها؛ عن اللحياني، معناه أَنه يصيب الناس بالعين.
وحَفُّ الحائكِ خَشَبته العريضة يُنَسِّقُ بها اللُّحْمةَ بين السَّدَى.
والحَفُّ، بغير هاء: المِنْسَجُ. الجوهري: الحَفّةُ المِنْوالُ وهو
الخشَبة التي يَلُفُّ عليها الحائِكُ الثوبَ. والحَفّةُ: القَصَباتُ الثلاث،
وقيل: الحِفّةُ، بالكسر، وقيل: هي التي يَضرب بها الحائكُ كالسيف،
والحَفُّ: القَصبة التي تجيء وتذهب. قال الأَزهري: كذا هو عند الأَعراب، وجمعها
حُفُوفٌ، ويقال: ما أَنت بحَفّةٍ ولا نِيرةٍ؛ الحفة: ما تقدَّم،
والنّيرة: الخَشَبةُ الـمُعْتَرِضةُ، يُضْرب هذا لمن لا يَنْفَع ولا يَضُرّ،
معناه ما يَصْلُحُ لشيء.
والحَفيفُ: صوت الشيء تسْمَعُه كالرَّنَّةِ أَو طيَرانِ الطائر أَو
الرَّمْيةِ أَو التهاب النار ونحو ذلك، حَفَّ يَحِفُّ حَفِيفاً. وحَفْحَفَ
وحَفَّ الجُعَلُ يَحِفُّ: طار، والحَفِيفُ صوت جناحَيْه، والأُنثى من
الأَساود تَحِفُّ حَفِيفاً، وهو صوت جلدها إذا دَلَكَتْ بعضَه ببعض. وحَفِيفُ
الرِّيح: صوتها في كل ما مرَّت به؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أَبْلِغْ أَبا قَيْسٍ حَفِيفَ الأَثْأَبَهْ
فسره فقال: إنه ضعيف العقل كأَنه حَفيفُ أَثْأَبةٍ تحركها الريح، وقيل:
معناه أُوعِدُه وأُحَرِّكه كما تحرِّك الريحُ هذه الشجرة؛ قال ابن سيده:
وهذا ليس بشيء. وحَفَّ الفرسُ يَحِفّ حفيفاً وأَحْفَفْتُه أَنا إذا حملته
على أَن يكون له حَفِيفٌ، وهو دَويّ جَرْيه، وكذلك حَفِيفُ جناح الطائر.
والحَفِيفُ: صوت أَخفاف الإبل إذا اشتد؛ قال:
يقول، والعِيسُ لها حَفِيفُ:
أَكلُّ مَنْ ساقَ بكُم عَنِيفُ؟
الأَصمعي: حَفَّ الغيْثُ إذا اشتَدَّت غَيْثَتُه حتى تسمع له حَفيفاً.
ويقال: أَجْرى الفرسَ حتى أَحَفَّه إذا حَمَلَه على الحُضْر الشديد حتى
يكون له حَفِيفٌ.
وحَفَّ سمعُه: ذهب كله فلم يبق منه شيء.
وحَفَّانُ النعام: رِيشُه. والحَفّانُ: وَلَدُ النعام؛ وأَنشد لأُسامةَ
الهُذَليّ:
وإلا النَّعامَ وحَفّانَه،
وطُغْيا مع اللَّهِقِ النَّاشِطِ
الطُّغْيا: الصغير من بقر الوحش، وأَحمد بن يحيى يقول: الطَّغيا،
بالفتح؛ قال ابن بري: واستعاره أَبو النجم لصغار الإبل في قوله:
والحَشْوُ من حَفّانِها كالحَنْظَلِ
فشبهها لما رَوِيت من الماء بالحَنظل في بَريقه ونَضارته، وقيل:
الحَفّانُ صِغارُ النعامِ والإبل. والحَفَّانُ من الإبل أَيضاً: ما دون الحِقاق،
وقيل: أَصل الحَفّان صغار النعام ثم استعمل في صغار كل جنس، والواحدة من
كل ذلك حَفّانةٌ، الذكر والأُنثى فيه سواء؛ وأَنشد:
وزَفَّتِ الشَّوْلُ من بَرْدِ العَشِيّ، كما
زَفَّ النَّعام، إلى حَفّانِه، الرُّوحُ
والحَفّانُ: الخَدَمُ. وفلان حَفٌّ بنفسِه أَي مَعْنيٌّ. والحَفَّةُ:
الكرامةُ التامّةُ. وهو يَحُفُّنا ويَرُفُّنا أَي يُعْطِينا ويَمِيرُنا.
وفي المثل: من حَفَّنا أَو رَفَّنا فَلْيَقْتَصِدْ، يقول: مَن مَدَحَنا فلا
يَغْلُوَنَّ في ذلك ولكنْ لِيَتَكَلَّمْ بالحقّ منه. وقال الجوهري: أَي
مَن خَدَمَنا أَو تَعَطَّفَ علينا وحاطَنا. الأَصمعي: هو يَحِفُّ
ويَرِفُّ أَي يَقُومُ ويَقْعُدُ ويَنْصَحُ ويُشْفِقُ، قال: ومعنى يَحِفُّ
تَسْمَع له حَفِيفاً. ويقال: شجر يَرِفُّ إذا كان له اهْتِزازٌ من النَّضارةِ.
ويقال: ما لِفلان حافٌّ ولا رافٌّ، وذهَب من كان يَحُفُّه ويَرُفُّه.
وحُفُّ العين: شَفْرُها. وجاء على حَفِّ ذلك وحَفَفِه وحِفافِه أَي حِينِه
وإبّانِه. وهو على حَفَفِ أَمْرٍ أَي ناحيةٍ منه وشَرَفٍ.
واحْتَفَّتِ الإبلُ الكَلأَ: أَكلتْه أَو نالَتْ منه، والحَفّةُ: ما
احْتَفَّتْ منه.
وحِفافُ الرمل: مُنْقَطَعُه، وجمعه أَحِفَّةٌ.
خدر: الخِدْرُ: سِتْرٌ يُمَدُّ للجارية في ناحية البيت ثم صار كلُّ ما
واراك من بَيْتِ ونحوه خِدْراً.، والجمع خُدُورٌ وأَخْدارٌ، وأَخادِيرُ
جمع الجمع؛ وأَنشد:
حتى تَغَامَزَ رَبَّاتُ الأَخادِيرِ
وفي الحديث: أَنه، عليه الصلاة والسلام؛ كان إِذا خُطِبَ إِليه إِحدى
بناته أَتى الخِدْرَ فقال»: إِن فلاناً يَخْطُبُ، فإِن طَعَنَتْ في
الخِدْرِ لم يزوّجها؛ معنى طعنت في الخدر دخلت وذهبت كما يقال طعن في المفازة
إِذا دخل فيها؛ وقيل: معناه ضربت بيدها على الخِدْرِ، ويشهد له ما جاء في
رواية أُخْرَى: نَقَرَت الخِدْرَ مكانَ طعنت. وجارية مُخَدَّرَةٌ إِذا
أُلزمت الخِدْرَ، ومَخْدُورَة. والخِدْرُ: خشبات تنصب فوق قَتَبِ البعير
مستورة بثوب، وهو الــهَوْدَجُ؛ وهودج مَخْدُورٌ ومُخَدَّر: ذو خِدْرٍ؛ أَنشد
ابن الأَعرابي:
صَوَّى لها ذا كَذْنَةٍ في ظَهْرِه،
كأَنه مُخَدَّرٌ في خِدْرِهِ
أَراد في ظهره سَنامٌ تامك. كأَنه هَوْدَجٌ مُخَدَّرٌ، فأَقام الصفة
التي هي قوله كأَنه مُخَدَّر مقام الموصوف الذي هو قوله سنام، كما قال:
كأَنَّكَ من جِمالٍ بَني أُقَيْشٍ،
يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنَّ
أَي كأَنك جمل من جمال بني أُقيش، فحذف الموصوف واجتزأَ منه بالصفة لعلم
المخاطب بما يعني. وقد أَخْدَرَ الجاريةَ إِخْداراً وخَدَّرَها
وخَدَرَتْ في خِدْرِها وتَخَدَّرَتْ هي واخْتَدَرَتْ؛ قال ابن أَحمر؛
وضَعْنَ بِذِي الجَذاءِ فُصُولَ رَيْطٍ،
لكَيْمَا يَخْتَدِرْنَ ويَرْتَدِينا
ويروى: بذي الجذاةِ. واخْتَدَرَتِ القارَةُ بالسَّرَابِ: استترت به فصار
لها كالخِدْرِ؛ قال ذو الرمة:
حتى أَتى فَلَكَ الدَّهْناءُ دُونَهُمُ،
واعْتَمَّ قُورُ الضُّخعى بالآلِ واخْتَدَرا
وخَدَّرَت الظبيةُ خِشْفَها في الخَمَرِ والهَبَطِ: سَتَرَتْهُ هنالك.
وخِدْرُ الأَسدِ: أَجَمَتُه. وخَدَرَ الأَسدُ خُدُوراً وأَخْدَرَ: لزم
خِدْرَه وأَقام، وأَخْدَرَه عَرِينُه: واراه. والمُخْدِرُ: الذي اتخذ
الأَجَمَةَ خُِدْراً؛ أَنشد ثعلب:
مَحَلاًّ كَوَعْثاء القَنافِذِ ضارِباً
به كَنَفاً، كالمُخْدِرِ المُتَأَجِّمِ
والخادِرُ: الذي خَدَرَ فيها. وأَسَدٌ خادِرٌ: مقيم في عَرِينهِ داخلٌ
في الخِدْرِ، ومُخْدِرٌ أَيضاً. وخَدَرَ الأَسدُ في عَرِينهِ، ويعني
بالخِدْرِ الأَجَمَةَ؛ وفي قصيد كعب بن زهير:
مِنْ خادِرٍ مِنْ لُيُوثِ الأُسْدِ، مَسْكَنُهُ،
بِبَطْنِ عَثَّرَ، غِيلٌ دونه غِيلُ
خَدَرَ الأَسَدُ وأَخْدَرَ، فهو خادِرٌ ومُخْدِرٌ إِذا كان في خِدْرِه،
وهو بيته، وخَدَرَ بالمكان وأَخْدَرَ: أَقام؛ قال:
إِنِّي لأَرْجو من شَبِيبٍ بِرّاً
والجَزْءَ إِنْ أَخْدَرْتُ يوماً قَرَّا
وأَخْدَرَ فلان في أَهله أَي أَقام فيهم؛ وأَنشد الفراء:
كأَنَّ تَحْتِي بازِياً رَكَّاضَا،
أَخْدَرَ خَمْساً لم يَذُقْ عَضَاضَا
يعني أَقام في وٍكْرِه. والخَدَرُ: المَطَرُ لأَنه يُخَدِّرُ الناسَ في
بيوتهم؛ قال الراجز:
ويَسْتُرونَ النَّارَ من غيرِ خَدَرْ
والخَدْرَةُ: المَطْرَةُ. ابن السكيت: الخَدَرُ الغيم والمطر؛ وأَنشد
الراجز أَيضاً:
لا يُوقِدُونَ النَّارَ إِلاَّ لِسَحَرْ،
ثُمَّتَ لا تُوقَدُ إِلاَّ بالبَعَرْ،
ويَسْتُرون النَّارَ من غيرِ خَدَرْ
يقول: يسترون النار مخافة الأَضياف من غير غيم ولا مطر. وقد أَخْدَرَ
القوم: أَظلهم المطر؛ وقال:
شمسُ النَّهارِ أَلاحَهَا الإِخْدارُ
ويوم خَدِرٌ: بارِدٌ نَدٍ، وليلة خَدِرَةٌ؛ قال ابن بري: لم يذكر
الجوهري شاهداً على ذلك؛ قال: وفي الحاشية بيت شاهد عليه وقد ذكره غيره،
وهو:وبِلاد زَعِل ظُلِمْانُها،
كالمَخاضِ الجُرْبِ في اليومِ الخَدِرْ
قال ابن بري: البيت لطرفة بن العبد. والظلمان: ذكور النعام، الواحد
ظليم. والزَّعِلُ: النشيط والمَرِحُ. والمخاض: الحوامل؛ شبه النعام بالمخاض
الجُرْبِ لأَن الجُرْبَ تطلى بالقَطِرانِ ويصير لونها كلون النعام، وخص
اليومَ النَّدِيَّ البارد لأَن الجَرْبَى يجتمع فيه بعضُها إِلى بعض؛ ومنه
قيل للعُقابِ: خُدارِيَّة لشدّة سوادها؛ قال العجاج:
وخَدَرَ الليل فَيجْتابُ الخَدَر
وقال ابن الأَعرابي: أَصل الخُداري أَن الليل يخدر الناس أَي
يُلْبِسهُم؛ ومنه قوله:
«والدَّجْنُ مُخْدِرٌ».
أَي ملبس؛ ومنه قيل للأَسد. خادر؛ قال الأَزهري: وأَنشدني عمارة لنفسه:
فِيهِنَّ جائِلَةُ الوِشَاحِ كأَنَّها
شَمسُ النَّهارِ، أَكَلَّها الإِخْدارُ
أَكلها: أَبرزها، وأَصله من الانكِلالِ وهو التبسم. والخَدَرُ
والخَدِرُ: الظلمة. والخُدْرَةُ: الظلمة الشديدة، وليل أَخْدَرُ وخَدِرٌ وخَدُرٌ
وخُدارِيُّ: مظلم؛ وقال بعضهم: الليل خمسة أَجزاء: سُدْفَةٌ وسُتْفَةٌ
وهَجْمَةٌ ويَعْفُورٌ وخُدْرَةٌ؛ فالخُدْرَةُ على هذا آخر الليل. وأَخْدَرَ
القومُ: كأَلْيَلُوا. وأَخْدَرَهُ الليلُ إِذا حبسه، والليل مُخْدِرٌ؛
قال العجاج يصف الليل:
ومُخْدِرُ الأَخْدارِ أَخْدَرِيُّ
والخُدارِيُّ: السحاب الأَسودُ. وبعير خُدارِيُّ أَي شديد السسواد،
وناقةٌ خُدارِيَّة والعُقابُ الخُدارِيَّةُ والجارية الخُدارِيَّةُ
الشَّعَرِ. وعُقابٌ خُدارِيَّةٌ: سوداء؛ قال ذو الرمة:
ولم يَلْفِظِ الغَرْثَى الخُدارِيَّةَ الوَكْرُِ
قال شمر: يعني الوكر لم يلفظ العُقابَ، جعل خروجها من الوكر لفظاً مثل
خروج الكلام من الفم، يقول: بَكَرَتْ هذه المرأَة قبل أَن تطير العُقابُ
من وَكْرِها؛ وقوله:
كأَنَّ عُقاباً خُدارِيَّةً
تُنَشَّرُ في الجَوِّ منها جَناحَا
فسره ثعلب فقال: تكون العُقابُ الطائرة، وتكون الرايَةَ لأَن الراية
يقال لها عُقابٌ. وتكون أَبْراداً أَي أَنهم يبسطون أَبْرادَهُمْ فوقهم.
وشَعَرٌ خُدارِيُّ: أَسود. وكل ما منع بصراً عن شيء، فقد أَخْدَرَهُ.
والخَدَرُ: المكان المظلم الغامض؛ قال هدبة؛
إِنِّي إِذا اسْتَخَفَى الجَبانُ بالخَدَرْ
والخَدَرُ: امْذِلالٌ يغشى الأَعضاء: الرِّجلَ واليدَ والجسدَ. وقد
خَدِرَتِ الرِّجْلُ تَخْدَرُ؛ والخَدَرُ من الشراب والدواء: فُتُورٌ يعتري
الشاربَ وضَعْفٌ. ابن الأَعرابي: الخُدْرَةُ ثقل الرِّجل وامتناعها من
المشي. خَدِرَ خَدَراً، فهو خَدِرٌ، وأَخْدَرَهُ ذلك. والخَدَرُ في العين:
فتورها، وقيل: هو ثِقَلٌ فيها من قَذًى يصيبها؛ وعين خَدْراءُ: خَدِرَةٌ.
والخَدَرُ: الكسَلُ والفُتور؛ وخَدِرَتْ عظامه؛ قال طرفة:
جازَتِ البِيدَ إِلى أَرْحُلِنَا،
آخِرَ الليلِ، بِيَعْفُورٍ خَدِرْ
خَدِرٌ: كأَنه ناعس. والخَدِرُ من الظباء: الفاتر العظام. والخادِرُ:
الفاتِرُ الكَسْلانُ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه رَزَقَ الناسَ
الطِّلاءَ فشربه رجل فَتَخَدَّر أَي ضَعُفَ وفَتَرَ كما يصيب الشاربَ قبل
السكر، ومنه خَدَرُ اليدِ والرِّجْلِ. وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما:
أَنه خَدِرَتْ رِجْلُه فقيل له: ما لرجْلكَ؟ قال: اجتمع عَصَبُها، قيل:
اذْكُرْ أَحَبَّ الناسِ إِليك، قال: يا محمدُ، فَبَسَطَها. والخادِرُ:
المُتَحَيِّرُ. والخادِرُ والخَدُورُ من الدواب وغيرها: المُتَخَلِّفُ الذي لم
يَلْحَقْ، وقد خَدَرَ. وخَدَرَتِ الظَّبْيَةُ خَدْراً: تخلفت عن القطيع
مثل خَذَلَتْ. والخَدُورُ من الظباء والإِبل: المتخلفة عن القَطِيع.
والخَدُورُ من الإِبل: التي تكون في آخر الإِبل؛ وقول طرفة:
وتَقْصِير يومِ الدَّجْنِ، والدَّجْنُ مُخْدِرٌ،
بِبَهْكَنَةٍ تحتَ الخِباءِ المُمَدَّدِ
(* رواية ديوان طرفة لهذا البيت:
وتقصيرُ يومِ الدَّجْنِ والدَّجنُ مُعْجِبٌ
ببَهكِنةٍ تحتَ الطَّرافِ المعَّمدِ).
أَراد: تقصير يوم الدَّجْنِ، والدَّجْنُ مُخْدِرٌ، الواو واو الحال أَي
في حال إِخْدارِ الدَّجْنِ؛ وقوله:
ومَرَّتْ على ذاتِ التَّنانِيرِ غُدْوَةً،
وقد رَفَعَتْ أَذْيالَ كُلِّ خَدُورِ
الخَدُورُ: التي تخلفت عن الإِبل فلما نظرت إِلى التي تسير سارت معها؛
قال ومثله:
واحْتَثَّ مُحْتَثَّاتُها الخَدُورَا
قال: ومثله:
إِذْ حُثَّ كُلُّ بازِلٍ دَفُونِ،
حتى رَفَعْنَ سَيْرَةَ اللَّجُونِ
وخَدِرَ النهارُ خَدَراً، فهو خَدِرٌ: اشتد حره وسكنت ريحه ولم تتحرك
فيه ريح ولا يوجد فيه رَوْحٌ. الليث: يوم خَدِرٌ شديد الحر؛ وأَنشد:
كالمَخاضِ الجُرْبِ في اليوم الخَدِرْ
قال أَبو منصور: لأَراد باليوم الخَدِرِ المَطِيرَ ذا الغيم؛ قال ابن
السكيت: وإِنما خص اليوم المطير بالمخاض الجُرْبِ لأَنها إِذا جَرِبَتْ
تَوَسَّفَتْ أَوبارُها فالبَرْدُ إِليها أَسرع.
والخِدارُ: عُودٌ يجمع الدُّجْرَيْن إِلى اللُّؤَمَةِ.
وخُدارُ: اسم فرس؛ أَنشد ابن الأَعرابي لِلقَتَّالِ الكِلابِيِّ:
وتَحْمِلُني وبِزَّةَ مَضْرَحِيٍّ،
إِذا ما ثَوَّبَ الدَّاعِي، خُدارُ
وأَخْدَرُ: فحل من الخيل أُفْلِتَ فَتَوَحَّشَ وحَمَى عدَّةَ غاباتٍ
وضَرَبَ فيها، قيل إِنه كان لسليمان بن داود، على نبينا وعليه الصلاة
والسلام؛ والأَخْدَرِيَّةُ من الخيل: منسوبة إِليه. والأَخْدَرِيَّةُ من
الحُمُرِ: منسوبة إِلى فحل يقال له الأَخْدَرُ: قيل: هو فرس، وقيل: هو حمار،
وقيل: الأَخْدَرِيَّةُ منسوبة إِلى العراق؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف
ذلك. ويقال للأَخْدَرِيَّة من الحُمُرِ: بناتُ الأَخْدَرِ. والأَخْدَرِيُّ:
الحمارُ الوَحْشِيُّ؛ وفي التهذيب: والأَخْدَريُّ من نَعْتِ حمار الوحشِ
كأَنه نسب إِلى فحل اسمه أَخْدَرُ؛ قال: والخُدْرَةُ اسم أَتان كانت
قديمة فيجوز أَن يكون الأَخْدَرِيُّ منسوباً إِليها. الأَصمعي: إِذا تخلف
الوحشي عن القطيع قيل: خَدَرَ وخَذَلَ؛ وقال ابن الأَعرابي: الخُدَرِيُّ
الحمار الأَسود.
الأَصمعي: يقول عاملُ الصدقات: ليس لي حَشَفَةٌ ولا خَدِرَةٌ؛ فالحشفة:
اليابسة، والخَدِرَةُ: التي تقع من النخل قبل أَن تَنْضَجَ. وفي حديث
الأَنصار: اشْتَرَطَ أَن لا يأْخذ ثَمْرَةً خَدِرَةً؛ أَي عَفِنَةً، وهي
التي اسودّ باطنها.
وبنو خُدْرَةَ: بطن من الأَنصار منهم أَبو سعيد الخُدْرِيُّ.
وخَدُورَةُ: موضع ببلاد بني الحرث بن كعب؛ قال لبيد:
دَعَتْني، وفاضَتْ عَيْنُها بِخَدُورَةٍ،
فَجِئتُ غِشاشاً، إِذْ دَعَتْ أُمُّ طارِقِ
حدج: الحِدْجُ: الحِمْلُ. والحِدْجُ: من مراكب النساءِ يشبه المِحَفَّة،
والجمعُ أَحْداجٌ وحُدُوجٌ، وحكى الفارسي: حُدُجٌ، وأَنشد عن ثعلب:
قُمْنا فآنَسْنا الحُمُولَ والحُدُجْ
ونظيره سِتْرٌ وسُتُرٌ؛ وأَنشد أَيضاً:
والمَسْجِدانِ وبَيْتٌ نَحْنُ عامِرُهُ
لَنا، وزَمْزَمُ والأَحْواضُ والسُّتُرُ
والحُدُوجُ: الإِبلُ برحالها؛ قال:
عَيْنا ابنِ دَارَةَ خَيرٌ منكما نَظَراً
إِذِ الحُدُوجُ بأَعْلى عاقِلٍ زُمَرُ
والحِداجَةُ كالحِدْجِ، والجمع حَدائِجُ. قال الليث: الحِدْجُ مَرْكَبٌ
ليس بِرَحْلٍ ولا هَوْدَجٍ، تركبه نساءُ الأَعراب. قال الأَزهري:
الحِدْجُ، بكسر الحاء، مركب من مراكب النساء نحو الــهودج والمِحَفَّة؛ ومنه البيت
السائر:
شَرَّ يَوْمَيْها، وأَغْواهُ لَهَا،
رَكِبَتْ عَنْزٌ، بِحِدْجٍ، جَمَلا
وقد ذكرنا تفسير هذا البيت في ترجمة عنز؛ وقال الآخر:
فَجَرَ البَغِيُّ بِحِدْجِ رَبَّـ
ـتِها، إِذا ما الناسُ شَلُّوا
وحَدَجَ البعيرَ والنَّاقَةَ يَحْدِجُهما حَدْجاً وحِداجاً،
وأَحْدَجَهما: شَدَّ عليهما الحِدْجَ والأَداةَ ووَسَّقَهُ. قال الجوهري: وكذلك
شَدُّ الأَحمال وتوسيقُها؛ قال الأَعشى:
أَلا قُلْ لِمَيْثاءَ: ما بالُها؟
أَلِلْبَيْنِ تُحْدَجُ أَحْمالُها؟
ويروى: أَجمالُها، بالجيم، أَي تشد عليها، والرواية الصحيحة: تُحْدَجُ
أَجمالُها. قال الأَزهري: وأَما حَدْجُ الأَحمال بمعنى توسيقها فغير معروف
عند العرب، وهو غلط. قال شمر: سمعت أَعرابيّاً يقول: انظروا إِلى هذا
البعير الغُرْنُوقِ الذي عليه الحِداجَةُ، قال: ولا يُحْدَجُ البعيرٌ حتى
تكمل فيه الأَداةُ، وهي البِدادانِ والبِطانُ والحَقَبُ، وجمعُ الحِداجَةِ
حَدائِجُ. قال: والعرب تسمي مخالي القَتَبِ أَبِدَّةً، واحدها بِدادٌ،
فإِذا ضمت وأُسرت وشدّت إِلى أَقتابها محشوّة، فهي حينئذ حِداجَةٌ. وسمي
الــهودج المشدود فوق القتب حتى يشد على البعير شدّاً واحداً بجميع أَداته:
حِدْجاً، وجمعه حُدُوجٌ. ويقال: احْدِجْ بعيرك أَي شُدَّ عليه قتبه
بأَداته. ابن السكيت: الحُدُوجُ والأَحْداجُ والحَدائجُ مراكبُ النساءِ،
واحدُها حِدْجٌ وحِداجَةٌ؛ قال الأَزهري: لم يفرق ابن السكيت بين الحِدْجِ
والحِداجَةِ، وبينهما فرق عند العرب على ما بينّاه. قال ابن السكيت: سمعت
أَبا صاعد الكلابيَّ يقول: قال رجل من العرب لصاحبه في أَتانٍ شَرُودٍ:
الْزَمْها، رماها الله براكبْ قليلِ الحِداجَةِ، بعيدِ الحاجَةِ أَراد
بالحِداجَةِ أَداةَ القَتَبِ. وروي عن عمر، رضي الله عنه، أَنه قال: حَجَّةً
ههنا ثم احْدِجْ ههنا حتى تَفْنى؛ يعني إِلى الغزو، قال: الحَدْجُ شَدُّ
الأَحمال وتوسيقها؛ قال الأَزهري: معنى قول عمر، رضي الله عنه، ثم احدج
ههنا أَي شُدَّ الحِداجَةَ، وهو القتب بأَداته على البعير للغزو؛ والمعنى
حُجَّ حَجَّةً واحدةً، ثم أَقبل على الجهاد إِلى أَن تَهْرَمَ أَو تموتَ،
فكنى بالحِدْجِ عن تهيئة المركوب للجهاد؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
تُلَهِّي المَرْءَ بالحُدْثانِ لَهْواً
وتَحْدِجُهُ كما حُدِجَ المُطِيقُ
هو مَثَلٌ أَي تغلبه بِدَلِّها وحديثها حتى يكونَ مِنْ غَلَبَتِها له
كالمَحْدُوجِ المركوب الذليل من الجِمال. والمِحْدَجُ مِيسَمٌ من مَياسِم
الإِبل. وحَدَجَهُ: وسَمَهُ بالمِحْدَجِ. وحَدَجَ الفرسُ يَحْدِجُ
حُدوجاً: نظر إِلى شخص أَو سمع صوتاً فأَقام أُذنه نحوه مع عينيه.
والتحدِيجُ: شدَّة النظر بعد رَوْعَةٍ وفَزْعَةٍ.
وحَدَجَهُ ببصره يَحْدِجُهُ حَدْجاً وحُدُوجاً، وحَدَّجَهُ: نظر إِليه
نظراً يرتاب به الآخرُ ويستنكره؛ وقيل: هو شدَّة النظر وحِدَّته. يقال:
حَدَّجَهُ ببصره إِذا أَحَدَّ النظر إِليه؛ وقيل: حَدَجَه ببصره وحَدَجَ
إِليه رماه به. وروي عن ابن مسعود أَنه قال: حَدِّثِ القومَ ما حَدَجُوك
بأَبصارهم أَي ما أَحَدُّوا النظر إِليك؛ يعني ما داموا مقبلين عليك نشيطين
لسماع حديثك، يشتهون حديثك ويرمون بأَبصارهم، فإِذا رأَيتهم قد مَلُّوا
فَدَعْهُمْ؛ قال الأَزهري: وهذا يدل على أَن الحَدْجَ في النظر يكون بلا
رَوْعٍ ولا فَزَعٍ. وفي حديث المعراج: أَلَمْ تَرَوْا إِلى مَيِّتِكُمْ
حين يَحْدِجُ ببصره فإِنما ينظر إِلى المعراج من حُسْنه؟ حَدَجَ ببصره
يَحْدِجُ إِذا حَقَّقَ النظر إِلى الشيء. وحَدَجَهُ ببصره: رماه به حَدْجاً.
الجوهري: التَّحْدِيجُ مثل التَّحْدِيقِ. وحَدَجَهُ بسَهْمٍ يَحْدِجُهُ
حَدْجاً: رماه به. وحَدَجَه بِذَنْبِ غيره يَحْدِجُه حَدْجاً: حمله عليه
ورماه به؛ قال العجاج يصف الحمار والأُتُنَ:
إِذا اسْبَجَرَّا من سوادٍ حَدَجَا
وقول أَبي النجم:
يُقَتِّلُنا مِنْها عُيُونٌ، كأَنَّها
عُيُونُ المَهَا، ما طَرْفُهُنَّ بِحَادِجِ
يريد أَنها ساجية الطرف؛ وقال ابن الفرج: حَدَجَهُ بالعصا حَدْجاً،
وحَبَجَهُ حَبْجاً إِذا ضربه بها. أَبو عمرو الشيباني: يقال حَدَجْتُهُ
بِبَيْعِ سَوْءٍ أَي فعلت ذلك به؛ قال وأَنشدني ابن الأَعرابي:
حَدَجْتُ ابنَ مَحْدُوجٍ بِسِتِّينَ بَكْرَةً،
فلمَّا اسْتَوَتْ رِجْلاهُ، ضَجَّ مِنَ الوَقْرِ
قال: وهذا شعر امرأَة تزوّجها رجل على ستين بكرة. وقال غيره: حَدَجْتُهُ
ببيعِ سَوْءٍ ومتاع سَوْءٍ إِذا أَلزمته بيعاً غبنته فيه؛ ومنه قول
الشاعر:
يَعُجُّ ابنُ خِرْباقٍ مِنَ البَيْعِ، بَعْدَما
حَدَجْتُ ابنَ خِرْباقٍ بِجَرْباءَ نازِعِ
قال الأَزهري: جعله كبعير شدَّ عليه حِدَاجَتهُ حين أَلزمه بيعاً لا
يقال منه.
الأَزهري: الحَدَجُ حَمْلُ البطيخ والحنظل ما دام رطباً، والحُدْجُ، لغة
فيه؛ قال ابن سيده: والحَدَجُ والحُدْجُ الحنظل والبطيخ ما دام صغاراً
أَخضر قبل أَن يصفرّ؛ وقيل هو من الحنظل ما اشتدَّ وصلب قبل أَن يصفرّ؛
قال الراجز:
فَيَاشِلٌ كالحَدَجِ المُنْدالِ،
بَدَوْنَ مِنْ مُدَّرِعَيْ أَسْمَالِ
واحدته حَدَجَةٌ. وقد أَحْدَجَت الشجرةُ؛ قال ابن شميل: أَهل اليمامة
يسمون بطيخاً عندهم أَخضر مثل ما يكون عندنا أَيام التيرماه
(* قوله
«التيرماه» هو رابع الشهور الشمسية عند الفرس، كذا بهامش شرح القاموس المطبوع.)
بالبصرة: الحَدَجَ.
وفي حديث ابن مسعود: رأَيت كأَني أَخذت حَدَجَةَ حنظلٍ فوضعتها بين
كَتِفَيْ أَبي جهل. الحدجة، بالتحريك: الحنظلة الفَجَّة الصُّلْبَةُ. ابن
سيده: والحَدَجُ حَسَكُ القُطْبِ ما دام رَطْباً.
ومَحْدُوجٌ وحُدَيْجٌ وحَدَّاجٌ: أَسماء.
والحَدَجَةُ: طائر يشبه القطا، وأَهل العراق يسمون هذا الطائر الذي
نسميه اللَّقْلَقَ: أَبا حُدَيْجٍ.
الجوهري: وحُنْدُجٌ اسم رجل.
فشل: الفَشِل: الرجل الضعيف الجبان، والجمع أَفشال. ابن سيده: فَشِل
الرجل فَشَلاً، فهو فَشِل: كَسِلَ وضعُف وتراخَى وجَبُن. ورجل خَشِل فَشِل،
وخَسْل فَسْل، وقوم فُشْل؛ قال:
وقد أَدْرَكَتْني، والحوادث جَمَّةٌ،
أَسِنَّة قومٍ لا ضِعاف، ولا فُشْل
ويروى: ولا فُسْل، يعني جمع فَسْل. وفي حديث عليّ يصِف أَبا بكر، رضوان
الله عليهما: كنت للدِّين يَعْسُوباً أَولاً حين نفر الناسُ عنه، وآخِراً
حين فَشِلوا؛ الفَشَل: الفزعُ والجُبْن والضَّعْف؛ ومنه حديث جابر: فينا
نزلتْ: إِذ همَّت طائفتان منكم أَن تَفْشَلا؛ وفي حديث الاستسقاء:
سِوى الحَنْظَل العاميّ والعِلْهِز الفَشْلِ
أَي الضعيف يعني الفَشْل مُدَّخِرُه وآكله، فصرف الوصف إِلى العِلْهِز
وهو في الحقيقة لآكله، ويروى الفَسْل، بالسين المهملة، وقد تقدم. الليث:
رجل فَشِيل، وقد فَشِل يَفْشَل عند الحرب والشدة إِذا ضعُف وذهبت قُواه.
وفي التنزيل العزيز: ولا تنازعوا فتَفْشَلوا وتذهب ريحكُم؛ قال الزجاج:
أَي تَجْبُنوا عن عدوّكم إِذا اختلفتم، أَخبر أَن اختلافهم يضعفهم وأَن
الأُلْفة تزيد في قوّتهم.
النضر بن شميل: المِفْشَلة الكَبارِجة. والمَشافل جماعة
(* قوله
«والمشافل جماعة» هكذا في الأصل، ولعل فيه سقطاً، والأصل: وجمعها مفاشل كالمشفلة
والكشافل جماعة، ويدل على ذلك قوله: وقال اعرابي إلخ فانه ليس من هذه
المادة. وعبارة القاموس في مادة شفل: المشفلة كمكنسة الكبارجة والكرش الجمع
مشافل اهـ. اي فهما مترادفان المفرد كالمفرد في معنييه والجمع كالجمع)
قال: والقِرْطالة الكبارجة أَيضاً، وقال أَعرابي: المِشْفَلة الكَرِش. ابن
الأَعرابي: المِفشَل الذي يتزوّج في الغرائب لئلا يخرج الولد ضاوِياً،
والمِفْشَل الــهَوْدَج؛ وقال ابن شميل: هو الفِشْل وهو أَن يعلِّق ثوباً
على الــهودج ثم يدخله فيه ويشد أَطرافه إِلى القواعد، فيكون وِقاية من رؤوس
الأَحْناء والأَقْطاب وعُقَد العُصْمِ، وهي الحبال، وقيل: الفِشْل ستر
الــهودج، وفي المحكم: الفِشْل شيء من أَداة الــهودج تجعله المرأَة تحتها،
والجمع فُشُول؛ وقد افْتَشَلَت المرأَة فِشْلها وفَشَّلته وتَفَشَّلتْ.
وتَفَشَّل الماءُ: سال. وتَفَشَّل امرأَةً: تزوّجها. ابن السكيت: يقال
تَفَشَّل فلان منهم امرأَة أَي تزوّجها.
والفَيْشَلة: الحَشَفة طرَف الذكَر، والجمع الفَيْشَل والفَياشِل، وقيل:
الفَيْشلة رأْس كل محوَّق، وقال بعضهم: لامها زائدة كزيادتها في زَيْدَل
وعَبْدَل وأُلالِكَ، وقد يمكن أَن تكون فَيْشلة من غير لفظ فَيْشَة،
فتكون الياء في فَيْشلة زائدة ويكون وزنها فَيْعَلة، لأَن زيادة الياء ثانية
أَكثر من زيادة اللام، وتكون الياء في فَيْشَة عيناً فيكون اللفظان
مقترنين والأَصْلان مختلفين، ونظير هذا قولهم رجل ضَيَّاط وضَيْطار؛ فأَما
قول جرير:
ما كان يُنكَرُ في نَدِيِّ مُجاشِعٍ
أَكْلُ الخَزِير، ولا ارتِضاعُ الفَيْشَل
فقد يكون جمع فَيْشلة، وهو على الجمع الذي لا يفارق واحدة إِلا بالهاء.
والفَياشِل: ماء لِبَني حُصَيْن، سمي بذلك لإِكامٍ حُمْرٍ عنده حوله
يقال لها الفَياشِل، قال: أَظن ذلك تشبيهاً لها بالفَياشِل التي تقدم ذكرها؛
قال القَتَّال الكلابي:
فلا يَسْتَرِثْ أَهْلُ الفَياشِل غارَتي،
أَتَتْكم عِتاق الطيْر يحمِلْن أَنْسُرا
والفَياشِل: شجر.
ريش: الرِّيشُ: كِسْوةُ الطائر، والجمع أَرياش ورِياشٌ؛ قال أَبو كبير
الهذلي:
فإِذا تُسَلُّ تَخَشْخَشَتْ أَرْياشُها،
خَشْفَ الجَنُوب بيابِسٍ من إِسْحِلِ
وقرئ: ورِياشاً ولِباسُ التَّقْوى؛ وسمى أَبو ذؤيب كسوةَ النحل ريشاً
فقال:
تظَلُّ على الثَّمْراء منها جَوارِسٌ
مَراضِيعُ صُهْبُ الرِّيشِ، زُغْبٌ رِقابُها
واحدته رِيشة. وطائرٌ راشٌ: نَبَتَ رِيشُه. وراشَ السهمَ رَيْشاً
وارْتاشَه: ركّب عليه الرِّيشَ؛ قال لبيد يصف السهم:
ولئن كَبِرْتُ لقد عَمَرْتُ كأَنني
غُصْنٌ، تُقَيِّئه الرِّياحُ، رَطِيبُ
وكذاك حقًّا، مَن يُعَمِّرْ يُبْلِه
كَرُّ الزمانِ عليه، والتقْلِيبُ
حتى يَعُودَ من البلاء كأَنه،
في الكفّ، أَفْوَقُ ناصِلٌ مَعْصوبُ
مُرُطُ القِذاذِ، فليس فيه مَصْنَعٌ،
لا الريشُ يَنْفعه، ولا التعْقِيبُ
وقال ابن بري: البيت لنافع بن لقيط الأَسدي يصف الهَرَمَ والشَّيْبَ،
قال: ويقال سَهم مُرُطٌ إِذا لم يكن عليه قُذَذٌ، والقِذاذ: ريشُ السهم،
الواحدة قُذّة، والتعقيبُ: أَن يُشدَّ عليه العَقَبُ وهي الأَوتار،
والأَفْوَقُ: السهم المكسور الفوقِ، والفيوق: موضع الوَتَرِ من السهم، والناصلُ:
الذي لا نَصْل فيه، والمعصوب: الذي عُصِب بِعصابة بعد انكساره؛ وأَنشد
سيبويه لابن ميَّادة:
وارْتَشْنَ، حين أَرَدْنَ أَن يَرْمِينَنا،
نَبْلاً بلا رِيشٍ ولا بِقِداح
وفي حديث عمر قال لجرير بن عبد اللَّه وقد جاء من الكوفة: أَخْبِرني عن
الناس، فقال: هم كسِهامِ الجَعْبةِ منها القائمُ الرائِشُ أَي ذو الريش
إِشارة إِلى كماله واستقامته. وفي حديث أَبي جُحَيفة: أَبْرِي النَّبْلَ
وأَرِيشُها أَي أَعْمَلُ لها رِيشاً، يقال منه: رِشْتُ السهم أَرِيشُه.
وفلان لا يَرِيشُ ولا يَبْرِي أَي لا يضر ولا ينفع. أَبو زيد: يقال لا
تَرِشْ عليّ يا فلانُ أَي لا تَعْترض لي في كلامي فتَقْطَعه عليّ.
والرَّيْشُ، بالفتح: مصدرُ راش سهمَه يَرِيشُه رَيْشاً إِذا ركَّب عليه الرِّيشَ.
ورِشْتُ السهمَ: أَلْزَقْتُ عليه الرِّيشَ، فهو مَرِيشٌ؛ ومنه قولهم: ما
لَه أَقذُّ ولا مَرِيشٌّ أَي ليس له شيء.
والرائِشُ: الذي يُسْدِي بين الراشي والمُرْتَشي. والراشي: الذي يتردّد
بينهما في المُصانعةِ فَيرِيش المُرْتَشي من مال الراشي. وفي الحديث:
لَعَنَ اللَّه الراشِيَ والمُرْتَشِيَ والرائش؛ والرائشُ: الذي يسعى بين
الراشي والمُرْتَشِي ليَقْضِيَ أَمرَهما. وبُرْدٌ مُرَيّشٌ؛ عن اللحيَاني:
خطوطُ وشْيِهِ على أَشكال الرِّيش. نصيرٌ: الرِّيَشُ الزبَب، وناقة
رَياشٌ، والزبَب: كثرةُ الشعر في الأُذنين ويَعْتَري الأَزَبَّ النِّفارُ؛
وأَنشد:
أَنْشدُ من خَوّارةٍ رَياشِ،
أَخْطَأَها في الرَّعْلةِ الغَواشِ،
ذُو شَمْلة تَعْثُرُ بالإِنْفاشِ
والريشُ: شعرُ الأُذن خاصّة. ورجل أَرْيَشُ وراشٌ: كثير شعر الأُذُن.
وراشَه اللَّهُ يَرِيشُه رَيْشاً: نَعشَه. وتَرَيَّش الرجلُ وارْتاشَ:
أَصابَ خيراً فرُئيَ عليه أَثَرُ ذلك. وارْتاشَ فلانٌ إِذا حسُنَتْ حالُه.
ورِشْتُ فلاناً إِذا قوَّيْته وأَعَنْته على معاشه وأَصْلَحْت حالَه؛
قال الشاعر عمير
(* قوله «قال الشاعر عمير إلخ» هكذا في الأَصل، وعبارة شارح
القاموس: قال سويد الأَنصاري.) بن حبَّاب:
فرِشْني بخيرٍ، طالَما قد بَرَيْتَني،
وخَيْرُ المَوالي مَنْ يَرِيشُ ولا يَبْري
والرِّيشُ والرِّياشُ: الخِصْبُ والمعاشُ والمالُ والأَثاثُ واللِّباسُ
الحسَنُ الفاخرُ. وفي التنزيل العزيز: ورِيشاً ولِباسُ التَّقْوى، وقد
قرئ: رِياشاً، على أَن ابن جني قال: رِياشٌ قد يكون جمعَ ريش كلِهْبٍ
ولِهابٍ؛ وقال محمد بن سَلامٍ: سمعت سلاماً أَبا مُنْذِرٍ القارئ يقول:
الرِّيشُ الزِّينةُ والرِّياشُ كلُّ اللباس، قال: فسأَلت يونسَ فقال: لم يقل
شيئاً، هما سواءٌ، وسأَل جماعةً من الأَعراب فقالوا كما قال؛ قال أَبو
الفضل: أَراه يعني كما قال أَبو المنذر قال: وقال الحَرَّاني سمعت ابن
السكيت قال: الريشُ جمعُ ريشة. وفي حديث عليّ: أَنه اشترى قَميصاً بثلاثة
دَراهم وقال: الحمدُ للِّه الذي هذا من رِياشه؛ الرِّيشُ والرِّياشُ: ما
ظهَر من اللباس. وفي حديثه الآخَر: أَنه كان يُفْضِلُ على امرأَةٍ
مُؤْمِنَةٍ من رِياشِه أَي مما يستفيده، وهذا من الرِّياشِ الخِصْبِ والمعاشِ
والمال المستفاد. وفي حديث عائشة تَصِفُ أَباها، رضي اللَّه عنهما: يَفُكّ
عانِيَها ويَرِيشُ مُمْلِقَها أَي يَكْسُوه ويُعِينُه، وأَصله من الرِّيشِ
كأَنّ الفقِيرَ المُمْلِقَ لا نُهُوضَ به كالمَقْصوصِ من الجَناحِ. يقال:
راشَه يَرِيشُه إِذا أَحْسَنَ إِليه. وكلُّ من أَوْلَيْتَه خيراً، فقد
رِشْتَه؛ ومنه الحديث: أَن رجلاً راشَه اللَّه مالاً أَي أَعطاه؛ ومنه
حديث أَبي بكر والنسّابة:
الرائشون، وليس يُعرف رائِشٌ،
والقائلون: هلُمَّ للأَضيافِ
ورجل أَرْيشُ وراشٌ: ذو مال وكسوة. والرِّياشُ: القِشْرُ وكلُّ ذلك من
الرِّيشِ. ابن الأَعرابي: راشَ صدِيقَه يَرِيشُه رَيْشاً إِذا أَطعَمه
وسقاه وكساه. وراشَ يَرِيشُ رَيشاً إِذا جَمَع الرِّيشَ وهو المال والأَثاث.
القتيبي: الرِّيشُ والرِّياشُ واحدٌ، وهما ما ظهر من اللباس. ورِيشُ
الطائرِ: ما سَتَرَه اللَّه به. وقال ابن السكيت: قالت بنو كلاب الرِّياشُ
هو الأَثاث من المتاع ما كان من لِباسٍ أَو حشْوٍ من فراش أَو دِثارٍ،
والرِّيشُ المتاعُ والأَموالُ. وقد يكون في النبات دون المال. وإِنه لحسَنُ
الرِّيش أَي الثيابِ. ويقال: فلان رَيِّشٌ ورَيْشٌ وله رِيشٌ وذلك إِذا
كَبُر ورَفَّ، وكذلك راشَ الطائرُ إِذا كان عليه زَغَبة من زِفٍّ، وتلك
الزَّغَبة يقال لها النُّسال. الفراء: شارَ الرجلُ إِذا حسُنَ وجْهُه،
وراشَ إِذا استَغْنى. ورُمْحٌ راشٌ ورائِشٌ: خَوّارٌ ضعيفٌ. بالرِّيشِ
لخفّته. وجَمَل راشُ الظَّهر ضعيفٌ.وناقةٌ رائِشةٌ: ضعيفةٌ. ورجل راشٌ: ضعيف،
وأَعطاه مائة بريشها؛ وقيل: كانت الملُوكُ إِذا حَبَتْ حِباءً جعليوا في
أَسْنِمةِ الإِبِلِ رِيشاً، وقيل: رِيشَ النعامةِ لِيُعلم أَنها من حِبَاء
المَلِك، وقيل: معناه برِحالِها وكسوتها وذلك لأَن الرحال لها
كالرِّيشِ؛ وقول ذي الرمة:
أَلا تَرى أَظْعانَ ميَّ كأَنها
ذُرى أَثْأَبٍ، راشَ الغُصونَ شَكِيرُها؟
قيل في تفسيرها: راشَ كَسَا، وقيل: طالَ؛ الأَخيرة عن أَبي عمرو،
والأَوّل أَعْرَفُ. وذاتُ الرِّيش: ضرْبٌ من الحَمْضِ يُشْبِه القَيْصومَ
وورقُها وورْدُها يَنْبُتان خِيطاناً من أَصلٍ واحد، وهي كثيرةُ الماءِ جدًّا
تَسِيل من أَفواه الإِبِل سيْلاَ، والناسُ يأْكلونها؛ حكاها أَبو حنيفة.
والرائِشُ الحِمْيَريُّ: ملِكٌ كان غزا قوماً فغنِم غنائم كثيرةً وراشَ
أَهلَ بيتِه. الجوهري: والحرث الرائِشُ من ملوك اليمن.
هدج: الهَدْجُ والهَدَجانُ: مَشيٌ رُوَيْدٌ في ضَعْفٍ. والهَدَجانُ:
مِشيَةُ الشيخ ونحو ذلك.
وهَدَجَ الشيخُ في مِشْيته يَهْدِجُ هَدْجاً وهَدَجاناً وهِداجاً:
قارَبَ الخَطْوَ وأَسرع من غير إِرادة؛ قال الحُطَيْئة:
ويأْخُذُه الهُداجُ، إِذا هَداه
ولِيدُ الحَيِّ، في يَدِه الرِّداءُ
وقال الأَصمعي: الهَدَجانُ مُداركة الخَطْو، وأَنشد:
هَدَجاناً لم يكن من مِشْيَتي،
هَدَجانَ الرَّأْلِ خَلْفَ الهَيْقَتِ
أَراد الهيقة فصيَّر هاءَ التأْنيث تاء في المرور عليها:
مُزَوْزِياً لمَّا رآها زَوْزَتِ
(* قوله «مزوزياً إلخ» هكذا هو في الأصل، وان صحت روايته هكذا ففيه
خرم.)وقال ابن الأَعرابي: هَدَجَ إِذا اضطرب مَشْيُه من الكِبَر، وهو
الهُداجُ. وفي حديث عليٍّ: إِلى أن ابْتَهَج بها الصغير وهَدَج إِليها الكبير.
الهَدَجان، بالتحريك: مِشْية الشيخ؛ ومنه الحديث: فإِذا هو شيخ يَهْدِجُ.
وقِدْرٌ هَدُوجٌ: سريعة الغَلَيان. وهَدَج الظَّلِيمُ يَهْدِجُ هَدَجاناً
واسْتَهْدَجَ، وهو مَشْيٌ وسَعْيٌ وَعَدْوٌ، كل ذلك إِذا كان في ارتعاش،
فهو هَدَّاجٌ وهَدَجْدَجٌ؛ وأَنشد:
والمُعْصِفاتِ لا يَزَلْنَ هُدَّجا
وقال العجاج يصف الظليم:
أَصَكَّ نَغْضاً لا يَني مُسْتَهْدَجا
(* قوله «أَصك إلخ» ويروى أسك بالسين المهملة وصدره: واستبدلت رسومه
سنفجا كما أنشده المؤلف في نغض.)
ويروى: مُسْتَهدِجا، أَي عَجْلانَ. وقال ابن الأَعرابي: مُسْتَهْدِجا
أَي مستعجلاً أَي أُفْزِعَ فمرّ. والهَدَجْدَجُ: الظليم، سمي بذلك
لَهدَجانِه في مشيه؛ قال ابن أَحمر:
لِهَدَجْدَجٍ جَرِبٍ مَساعِرُه،
قد عادَها شهراً إِلى شَهْرِ
وإِنما قال جَرِب، لأَن ذلك الموضع من النعام لا ريش عليه. وهَدَجتِ
الناقةُ وتَهَدَّجت: حَنَّتْ على ولدها، وهي ناقة مِهْداجٌ، والاسم
الهَدَجةُ، وكذلك الريح التي لها حنين. وهَدَجَتِ الريحُ هَدْجاً أَي حَنَّت
وصوّتت؛ وريح مِهْداج. ويقال للريح الحَنُونِ: لها هَدَجةٌ مِهْداجٌ؛ قال
أَبو وَجْزَة السَّعْدي يصف حُمُرَ الوحش:
ما زِلْنَ يَنْسُبْنَ وَهْناً كلَّ صادِقةٍ،
باتتْ تُباشِرُ عُرْماً غيرَ أَزواجِ
حتى سَلَكْنَ الشَّوى منهنَّ في مَسَكٍ،
من نَسْلِ جَوَّابَةِ الآفاقِ مِهْداجِ
لأن الريح تَسْتَدِرُّ السحابَ وتُلْقِحُه فيُمْطِر، فالماء من نسلها.
وقال يعقوب: المِهْداجُ هنا من الهَدَجةِ، وهو حنين الناقة على ولدها.
والمَسَكُ: الأَسْوِرَةُ من الذَّبْلِ، شَبَّه بها الشَّعَر الذي في قوائم
الحُمُر. وقوله: من نسل جَوَّابة الآفاق؛ يريد الريح. يعني أَن الماء من
نسل الريح لأَنها الجالبة له حين يَعْصُر السحابَ الريحُ، وهذا وصف الحمر
لما أَتت في طلابِ الماء ليلاً، وأَنها أَثارت القَطا فصاحَتْ: قَطَا
قَطَا، فجعلها صادقة لكونها خَبَّرَتْ باسمها كما يقال: أَصدقُ من القَطا.
وقوله: تباشر عُرْماً؛ عنى به بيضَها. والأَعْرَمُ: الذي فيه نُقَطُ بياض
ونقط سواد، وكذلك بَيْضُ القَطا. وقوله: غير أَزواج؛ يريد أَن بيض القطا
أَفراد ولا يكون أَزواجاً.
والهَدَجةُ: رَزَمةُ الناقة وحَنِينُها على ولدها. وناقة هَدُوجٌ
ومِهْداجٌ.
وتَهَدُّجُ الصوت: تَقَطُّعه في ارتعاش. والتَّهَدُّج: تَقَطُّعُ الصوت.
وتَهَدَّجوا عليه وتَثانَوا عليه: أَظهروا أَلطافه.
وهَدَّاجٌ: اسم قائد الأَعشى.
والــهَوْدَجُ: مِن مَراكب النساء مُقَبَّبٌ وغير مُقَبَّب، وفي المحكم:
يُصْنَعُ من العِصِيِّ ثم يجعل فوقه الخشب فيُقَبَّبُ. وهَدَّجتِ الناقةُ:
ارتفع سَنامُها وضَخُمَ فصار عليها منه شبه الــهَوْدَج.
وبنو هَدَّاجٍ: حَيٌّ. وهَدَّاجٌ: اسم ربيعة بن صَيْدَح. وهَدَّاج: اسم
فرس ربيعة بن صَيْدَحٍ. وهَدَّاج: اسم فرس كان لباهلة؛ وأَنشد الأَصمعي
للحارثية ترثي من قُتل من قومها في يوم كان لباهلة على بني الحرث ومُرادٍ
وخَثْعَم:
شَقِيقٌ وحَرْمِيٌّ أَراقا دِماءَنا،
وفارِسُ هَدَّاجٍ أَشابَ النَّواصِيا
أَرادت بشقيق وحَرْمِيٍّ شقيقَ بنَ جَزْءِ بن رِياحٍ الباهِليِّ
وحَرْمِيَّ بن ضَمْرة النَّهْشَليَّ.
لبس: اللُّبْسُ، بالضم: مصدر قولك لَبِسْتُ الثوبَ أَلْبَس، واللَّبْس،
بالفتح: مصدر قولك لَبَسْت عليه الأَمر أَلْبِسُ خَلَطْت. واللِّباسُ: ما
يُلْبَس، وكذلك المَلْبَس واللِّبْسُ، بالكسر، مثلُه. ابن سيده: لَبِسَ
الثوب يَلْبَسُه لُبْساً وأَلْبَسَه إِياه، وأَلْبَس عليك ثوبَك. وثوب
لَبِيس إِذا كثر لُبْسُه، وقيل: قد لُبِسَ فأَخْلَق، وكذلك مِلْحَفَة
لَبِيسٌ، بغير هاء، والجمع لُبُسٌ؛ وكذلك المزادة وجمعها لَبائِس؛ قال الكميت
يصف الثور والكلاب:
تَعَهّدَها بالطَّعْنِ، حتى كأَنما
يَشُقُّ بِرَوْقَيْهِ المَزادَ اللَّبائِسا
يعني التي قد استعملت حتى أَخْلَقَتْ، فهو أَطوَعُ للشَّقِّ والخَرْق.
ودارٌ لَبِيسٌ: على التشبيه بالثوْب الملبوس الخَلَق؛ قال:
دارٌ لِلَيْلى خَلَقٌ لَبِيسُ،
ليس بها من أَهلها أَنيسُ
وحَبْل لَبيسٌ:مستعمَل؛ عن أَبي حنيفة. ورجل لَبِيسٌ: ذو لِبَاسٍ، على
التَّشبيه؛ حكاه سيبويه. ولَبُوسٌ: كثير اللِّباس. واللَّبُوس: ما يُلبس؛
وأَنشد ابن السكيت لِبَيْهَس الفزاري، وكان بَيْهس هذا قتل له ستة إِخوة
هو سابعُهم لما أَغارَتْ عليهم أَشْجَع، وإِنما تركوا بَيْهَساً لأَنه
كان يحمُق فتركوه احْتِقاراً له، ثم إِنه مرَّ يوماً على نِسْوَة من قومه،
وهنَّ يُصلِحْن امرأَة يُرِدْنَ أَن يُهْدِينَها لبعض من قَتَل إِخَوتَه.
فكشف ثوبه عن اسْتِه وغطَّى رأَسه فقلْنَ له: وَيْلَك أَيَّ شيء تصنَع؟
فقال:
الْبَسْ لِكُلِّ حَالَة لَبُوسَها:
إِمَّا نَعِيمَها وإِمَّا بُوسَهَا
واللَّبُوس: الثياب والسِّلاح. مُذكَّر، فإِن ذهبت به إِلى الدِّرْع
أَنَّثْتَ. وقال اللَّه تعالى: وعلَّمناه صَنْعَة لَبُوس لكم؛ قالوا: هو
الدِّرْعُ تُلبَس في الحروب. ولِبْسُ الــهَوْدج: ما عليه من الثياب. يقال:
كشَفْت عن الــهَوْدج لِبْسَه، وكذلك لِبْس الكعبة، وهو ما علينا من
اللِّباسِ؛ قال حميد بن ثور يصف فرَساً خدمته جَواري الحيِّ:
فَلَما كَشَفْنَ اللِّبْسَ عنه مَسَحْنَهُ
بأَطْرافِ طَفْلٍ، زانَ غَيْلاً مُوَشَّما
وإِنه لحسَنُ اللَّبْسَة واللِّباس. واللِّبْسَةُ: حالة من حالات
اللُّبْس؛ ولَبِستُ الثوب لَبْسَةً واحدة. وفي الحديث: أَنه نهى عن
لِبْسَتَيْن، هي بكسر اللام، الهيئة والحالة، وروي بالضم على المصدر؛ قال الأَثير:
والأَوّل الوجه. ولِباسُ النَّوْرِ: أَكِمَّتُهُ. ولِباسُ كل شيء:
غِشاؤُه. ولِباس الرجل: امرأَتُه، وزوجُها لِباسُها. وقوله تعالى في النساء:
هنَّ لِباسٌ لكم وأَنتم لِباسٌ لهنَّ؛ أَي مثل اللِّباسِ؛ قال الزجاج:: قد
قيل فيه غيرُ ما قوْلٍ قيل: المعنى تُعانِقونهنَّ ويُعانِقْنَكم، وقيل:
كلُّ فَرِيقٍ منكم يَسْكُنُ إِلى صاحبه ويُلابِسُه كما قال تعالى: وجَعَل
منها زوجها ليَسْكُنْ إِليها. والعرب تسَمِّي المرأَة لِباساً وإِزاراً؛
قال الجعدي يصف امرأَة:
إِذا ما الضَّجِيعُ ثَنَى عِطْفَها،
تَثَنَّتْ، فكانت عليه لِباسا
ويقال: لَبِسْت امرأَة أَي تمتَّعت بها زماناً، ولَبِست قَوْماً أَي
تملَّيْت بهم دهراً؛ وقال الجعدي:
لَبِسْت أُناساً فأَفْنَيْتُهُمْ،
وأَفْنَيْتُ بعد أُناسٍ أُناسا
ويقال: لَبِسْت فلانة عُمْرِي أَي كانت معي شَبابي كلَّه. وتَلَبَّسَ
حُبُّ فلانة بَدَمِي ولَحْمِي أَي اختلط. وقوله تعالى: الذي جعل لكم الليل
لِباساً أَي تَسْكُنُون فيه، وهو مشتملٌ عليكم. وقال أَبو إِسحق في قوله
تعالى: فأَذاقها اللَّه لِباسَ الجُوعِ والخَوْف، جاعُوا حتى أَكلوا
الوَبَرَ بالدَّمِ وبلغ منهم الجُوعُ الحالَ التي لا غاية بعدها، فضُرِبَ
اللِّباسُ لما نالهم مثلاً لاشتماله على لابِسِه. ولِباسُ التَّقْوَى:
الحياءُ؛ هكذا جاء في التفسير، ويقال: الغليظ الخشِنُ القصير.
وأُلْبِسَتِ الأَرض: غطَّاها النَّبْتُ. وأَلبَسْت الشيء، بالأَلف، إِذا
غَطَّيْته. يقال: أَلْبَس السماءَ السحابُ إِذا غَطَّاها. ويقال:
الحَرَّةُ الأَرض التي لَبِسَتها حجارة سُودٌ. أَبو عمرو: يقال للشيء إِذا
غَطَّاه كلَّه أَلبَسَه ولا يكون لَبِسَه كقولهم أَلبَسَنا الليل، وأَلْبَسَ
السماءَ السحابُ ولا يكون لَبِسَنا الليل ولا لَبِس السماءَ السحابُ.
ويقال: هذه أَرض أَلْبَسَتْها حجارة سود أَي غطَّتْها. والدَّجْنُ: أَن
يُلْبِسَ الغيمُ السماء.
والمَلْبَسُ: كاللِّباسِ. وفي فلان مَلْبَسٌ أَي مُسْتَمْتَعٌ. قال أَبو
زيد: يقال إَن في فلان لمَلْبَساً أَي ليس به كِبْرٌ، ويقال: كِبَرٌ،
ويقال: ليس لفلان لَبِيسٌ أَي ليس له مثل. وقال أَبو مالك: هو من
المُلابَسَة وهي المُخالَطة. وجاء لابِساً أُذُنَيْه أَي مُتغافلاً، وقد لَبِس له
أُذُنَهُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَبِسْتُ لِغالِبٍ أُذُنَيَّ، حتَّى
أَراد لقَوْمِه أَنْ يأْكُلُوني
يقول: تغافَلْت له حتى أَطمَعَ قومَه فيَّ.
واللَّبْسُ واللَّبَسُ: اختلاط الأَمر. لبَسَ عليه الأَمرَ يَلْبِسُه
لَبْساً فالْتَبَسَ إِذا خَلَطَه عليه حتى لا يعرِف جِهَتَه. وفي
المَوْلَدِ والمَبْعَثِ: فجاء المَلَكُ فشقَّ عن قلبه، قال: فَخِفْتْ أَن يكون قد
الْتُبِسَ بي أَي خُولِطْت في عَقْلي، من قولك في رَأْيهِ لَبْسٌ أَي
اختلاطٌ، ويقال للمجنون: مُخالَط. والْتَبَسَ عليه الأَمر أَي اختلَطَ
واشْتَبَه. والتَّلْبيسُ: كالتَّدْليس والتَّخليط، شُدِّد للمبالغة، ورجل
لَبَّاسٌ ولا تقل مُلَبَّس. وفي حديث جابر: لما نزل قوله تعالى: أَو
يُلْبِسَكُم شِيَعاً؛ اللَّبْس: الخلْط. يقال: لَبَسْت الأَمر، بالفتح، أَلْبِسُه
إِذا خَلَطت بعضه ببعض، أَي يَجْعَلكم فِرَقاً مختلفين؛ ومنه الحديث:
فَلَبَسَ عليه صَلاتَه. والحديث الآخر: من لَبَسَ على نفسه لَبْساً، كلُّه
بالتخفيف؛ قال: وربما شدد للتكثير؛ ومنه حديث ابن صيّاد: فَلَبَسَني أَي
جَعَلني أَلْتَبِسُ في أَمره، والحديث الآخر: لَبَسَ عليه. وتَلَبَّس بيَ
الأَمرُ: اختلط وتعلق؛ أَنشد أَبو حنيفة:
تَلَبَّسَ حُبُّها بَدَمي ولَحْمِي،
تَلَبُّسَ عِطْفَةٍ بفُرُوعِ ضالِ
وتَلَبَّسَ بالأَمر وبالثَّوْب. ولابَسْتُ الأَمرَ: خالَطْتُه. وفيه
لُبْسٌ ولُبْسَةٌ أَي التِباسٌ. وفي التنزيل العزيز: وللبَسْنا عليهم ما
يَلْبِسُون؛ يقال: لَبَسْت الأَمر على القوم أَلْبِسُه لَبْساً إِذا
شَبَّهْتَه عليهم وجَعَلتَه مُشْكِلاً، وكان رؤساء الكفار يَلْبِسُون على
ضَعَفَتهم في أَمر النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، فقالوا: هَلاَّ أُنزل إِلينا
مَلَك؟ قال اللَّه تعالى: ولو أَنزَلْنا مَلَكاً فرأَوْه، يعني المَلَك،
رجُلاً لكان يَلْحَقهم فيه من اللَّيْس مثل ما لحق ضَعَفَتَهُم منه. ومن
أَمثالهم: أَعْرَضَ ثَوْبُ المُلْتَبِس إِذا سأَلتَه عن أَمر فلم
يُبَيِّنْهُ لك. وفي التهذيب: أَعْرَضَ ثَوْبُ المُلْبِسِ؛ يُضرَب هذا المَثَل
لِمَن اتَّسَعت فِرْقَتُه أَي كثر من يَتَّهِمُه فيما سَرَقه.
والمِلْبَس: الذي يلبسُك ويُجلِّلك. والمِلْبَسُ: الليل بعَيْنه كما
تقول إِزارٌ ومِئْزًرٌ ولِحافٌ ومِلْحَفٌ؛ ومن قال المَلْبَس أَراد ثَوْب
اللُّبْس كما قال:
وبَعْدَ المَشِيبِ طُول عُمْرٍ ومَلْبَسَا
وروي عن الأَصمعي في تفسير هذا المثل قال: ويقال ذلك للرجل، يقال له:
ممن أَنت؟ فيقول: من مُضَر أَو من رَبيعَة أَو من اليَمَن أَي عَمَمْت ولم
تخصَّ. واللَّبْسُ: اختِلاطُ الظلام. وفي الحديث: لُبْسَةٌ، بالضم، أَي
شُبْهَةٌ ليس بواضح. وفي الحديث: فيَأْكلُ فما يَتَلَبَّسُ بِيَدِه طَعام
أَي لا يَلْزَق به لنظافة أَكله؛ ومنه الحديث: ذهب ولم يَتَلَبَّسْ منها
بشيء يعني من الدنيا. وفي كلامه لَبُوسة ولُبُوسَة أَي أَنه مُلْتَبِس؛
عن اللحياني، ولَبَّسَ الشيءُ: الْتَبَسَ، وهو من باب:
قد بَيَّنَ الصبحُ لِذِي عَينَيْن
ولابَسَ الرجلُ الأَمر: خالطَه. ولابَسْتَ فلاناً: عَرَفت باطنَه. وما
في فلان مَلبَس أَي مُسْتَمْتَع. ورجل البِيسٌ: أَحمق
(* قوله «البيس
أَحمق» كذا في الأصل. وفي شرح القاموس: ورجل لبيس، بكسر اللام. أَحمق.).
الليث: اللَّبَسَة بَقْلة؛ قال الأَزهري: لا أَعرف اللَّبَسَة في
البُقُول ولم أَسمع بها لغير الليث.
فأم: الفِئامُ: وِطاء يكون للمَشاجر، وقيل: هو الــهَوْدَج الذي قد وُسِّع
أسفله بشيء زيد فيه؛ وقيل: هو عِكْم مثل الجُوالِق صغير الفم يُغَطَّى
به مَرْكب المرأَة، يجعل واحد من هذا الجانب وآخر من هذا الجانب؛ قال
لبيد:
وأَرْيَدُ فارِسُ الهَيْجا، إذا ما
تَقَعَّرتِ المَشاجِرُ بالفِئام
(* قوله «وأربد إلخ» تقدم في مادة شجر محرفاً وما هنا هو الصواب».)
والجمع فُؤُوم. وفي التهذيب: الجمع فُؤُمٌ على وزن فُعُم مثل خِمار
وخُمُر. وفَأّمَ الــهَوْدجَ وأَفْأَمَه: وسَّعَ أسفَلَه؛ قال زهير:
على كُلِّ قَيْنيٍّ قَشِيبٍ مُفَأّم
ويروى: ومُفْأَم. وهودج مُفَأّم، على مُفَعَّل: وُطِّئ بالفئِام.
والتفئيم: توسيع الدًلو. يقال: أَفْأَمْتُ الدلو وأَفْعَمْتُه إذا ملأْته.
ومزادةٌ مُفَأّمة إذا وُسّعت بجلد ثالث بين الجلدين كالراوية والشَّعِيب،
وكذلك الدلو المُفَأّمَةُ. الجوهري: أفْأمت الرحلَ والقتب إذا وسَّعته
وزدت فيه، وفأّمه تفئيماً مثله، ورَحْل مُفْأم ومُفَأّم؛ وأنشد بيت زهير
أيضاً:
ظَهَرْنَ من السُّوبانِ، ثم جَزَعْنَه
على كل قَينيٍّ قشيب ومُفْأَم
وقال رؤبة:
عَبْلا تَرى في خَلْقه تفئيما
ضِخَماً وسَعة. أبو عمرو: فَأَمْتُ وصَأَمْتُ إذا رَوِيتَ من الماء.
وقال أَبو عمرو: التَّفاؤمُ أن تملأ الماشية أفواهها من العُشب. ابن
الأعرابي: فَأَم البعيرُ إذا ملأ فاه من العشب؛ وأنشد:
ظَلَّتْ برَمْلِ عالجٍ تَسَنَّمُهْ،
في صِلِّيانٍ ونَصِيٍّ تَفْأَمُهْ
وقال أبو تراب: سمعت أبا السَّمَيْدع يقول فَأَمت في الشراب وصَأَمت
إذا كرعت فيه نَفَساً؛ قال أبو منصور: كأَنه من أَفْأَمْت الإناء إذا
أَفْعَمْته وملأته. والأفْآم: فُروغُ الدلو الأربعة التي بين أطراف العَراقي؛
حكاها ثعلب؛ وأنشد في صفه دلو:
كأنَّ، تَحتَ الكَيْلِ مِنْ أَفآمها،
شَقْراءَ خَيْلٍ شُدَّ مِن حِزامها
وبعير مُفأَم ومُفَأّم: سمين واسع الجوف. ويقال للبعير إذا امتلأ شحماً:
قد فُئِم حاركه، وهو مُفْأَم. والفِئام: الجماعة من الناس؛ قال:
كأنَّ مَجامِعَ الرَّبَلاتِ منها
فِئامٌ يَنْهَضُون إلى فِئام
وفي التهذيب:
فئام مجلبون إلى فئام
قال الجوهري: لا واحد له من لفظه. يقال: عند فلان فِئام من الناس،
والعامة تقول فِيام، بلا همز، وهي الجماعة. وفي الحديث: يكون الرجل على
الفِئام من الناس؛ هو مهموز الجماعة الكثيرة. وفي ترجمة فعم: سقاء مُفْعَم
ومُفْأَم أي مملوء.