من (ه م ل) الكبيرة المسنة.
من (ه م ل) الكبيرة المسنة.
شــهمل: شَهْمِيل: أَبو بَطْن وهو أَخو العَتِيك، وزعم ابن دريد أَنه
شِهْميل، كأَنه مضاف إِلى إِيل كجِبريل، ولو كان كما قال لكان مصروفاً.
سبع: السَّبْعُ والسبْعةُ من العدد: معروف، سَبْع نِسوة وسبْعة رجال،
والسبعون معروف، وهو العِقْد الذي بين الستين والثمانين. وفي الحديث:
أُوتِيتُ السبع المَثاني، وفي رواية: سبعاً من المثاني، قيل: هي الفاتحة
لأَنها سبع آيات، وقيل: السُّوَرُ الطِّوالُ من البقرة إِلى التوبة على أَن
تُحْسَبَ التوبةُ والأَنفالُ سورةً واحدة، ولهذا لم يفصل بينهما في المصحف
بالبسملة، ومن في قوله «من المثاني» لتبيين الجنس، ويجوز أَن تكون
للتبعيض أَي سبع آيات أَو سبع سور من جملة ما يثنى به على الله من الآيات.
وفي الحديث: إِنه لَيُغانُ على قلبي حتى أَستغفر الله في اليوم سبعين مرة،
وقد تكرر ذكر السبعة والسبع والسبعين والسبعمائة في القرآن وفي الحديث
والعرب تضعها موضع التضعيف والتكثير كقوله تعالى: كمثل حبة أَنبتت سبع
سنابل، وكقوله تعالى: إِن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم، وكقوله:
الحسنة بعشر أَمثالها إِلى سبعمائة.
والسُّبُوعُ والأُسْبُوعُ من الأَيام: تمام سبعة أَيام. قال الليث:
الأَيام التي يدور عليها الزمان في كل سبعة منها جمعة تسمى الأُسْبُوع ويجمع
أَسابِيعَ، ومن العرب من يقول سُبُوعٌ في الأَيام والطواف، بلا أَلف،
مأْخوذة من عدد السَّبْع، والكلام الفصيح الأُسْبُوعُ. وفي الحديث: أَنه،
صلى الله عليه وسلم، قال: للبِكر سَبْع وللثَّيِّب ثلاث يجب على الزوج أَن
يَعْدِلَ بين نسائِه في القَسْمِ فيقيم عند كل واحدة مثل ما يقيم عند
الأُخرى، فإِن تزوج عليهن بكراً أَقام عندها سبعة أَيام ولا يحسبها عليه
نساؤه في القسم، وإِن تزوج ثيِّباً أَقام عندها ثلاثاً غير محسوبة في
القسم.وقد سَبَّعَ الرجل عند امرأَته إِذا أَقام عندها سبع ليال. ومنه الحديث:
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لأُم سلمة حين تزوجها، وكانت
ثيِّباً: إِن شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ ثم سَبَّعْتُ عند سائر نسائي، وإِن
شِئْتِ ثَلَّثْتُ ثم درت لا أَحتسب بالثلاث عليك؛ اشتقوا فَعَّلَ من الواحد
إِلى العشرة، فمعنى سَبَّعَ أَقام عندها سبعاً، وثَلَّثَ أَقام عندها
ثلاثاً، وكذلك من الواحد إِلى العشرة في كل قول وفعل.
وفي حديث سلمة بن جُنادة: إِذا كان يوم سُبُوعه، يريد يوم أُسْبوعه من
العُرْس أَي بعد سبعة أَيام. وطُفْتُ بالبيت أُسْبُوعاً أَي سبع مرات
وثلاثة أَسابيعَ. وفي الحديث: أَنه طاف بالبيت أُسبوعاً أَي سبع مرات؛ قال
الليث: الأُسْبوعُ من الطواف ونحوه سبعة أَطواف، ويجمع على أُسْبوعاتٍ،
ويقال: أَقمت عنده سُبْعَيْنِ أَي جُمْعَتَينِ وأُسْبوعَين. وسَبَعَ القومَ
يَسْبَعُهم، بالفتح، سَبْعاً: صار سابعهم. واسْتَبَعُوا: صاروا سَبْعةً.
وهذا سَبِيعُ هذا أَي سابِعُه. وأَسْبَعَ الشيءَ وسَبَّعَه: صَيَّره
سبعة. وقوله في الحديث: سَبَّعَتْ سُلَيم يوم الفتح أَي كمَلَت سبعمائة رجل؛
وقول أَبي ذؤيب:
لَنَعْتُ التي قامَتْ تُسَبِّعُ سُؤْرَها،
وقالَتْ: حَرامٌ أَنْ يُرَحَّلَ جارها
يقول: إِنَّكَ واعتذارَك بأَنك لا تحبها بمنزلة امرأَة قَتَلَتْ قتيلاً
وضَمَّتْ سِلاحَه وتحَرَّجَت من ترحيل جارها، وظلت تَغْسِلُ إِناءَها من
سُؤر كلبها سَبْعَ مرّات. وقولهم: أَخذت منه مائة درهم وزناً وزن سبعة؛
المعنى فيه أَن كل عشرة منها تَزِنُ سبعة مَثاقِيلَ لأَنهم جعلوها عشرة
دراهم، ولذلك نصب وزناً. وسُبعَ المولود: حُلِقَ رأْسُه وذُبِحَ عنه لسبعة
أَيام. وأَسْبَعَتِ المرأَةُ، وهي مُسْبِعٌ، وسَبَّعَتْ: ولَدَتْ لسبعة
أَشهر، والوَلدُ مُسْبَعٌ. وسَبَّعَ الله لك رزَقَك سبعة أَولاد، وهو على
الدعاء. وسَبَّعَ الله لك أَيضاً: ضَعَّفَ لك ما صنعت سبعة أَضعاف؛ ومنه
قول الأَعرابي لرجل أَعطاه درهماً: سَبَّعَ الله لك الأَجر؛ أَراد
التضعيف. وفي نوادر الأَعراب: سَبَّعَ الله لفلان تَسْبِيعاً وتَبَّع له
تَتْبيعاً أَي تابع له الشيء بعد الشيء، وهو دعوة تكون في الخير والشر، والعرب
تضع التسبيع موضع التضعيف وإِن جاوز السبع، والأَصل قول الله عز وجل:
كمثل حبة أَنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة. ثم قال النبي، صلى الله
عليه وسلم: الحسنة بعشر إِلى سبعمائة. قال الأَزهري: وأَرى قول الله عز وجل
لنبيه، صلى الله عليه وسلم: إِن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله
لهم، من باب التكثير والتضعيف لا من باب حصر العدد، ولم يرد الله عز وجل
أَنه، عليه السلام، إِن زاد على السبعين غفر لهم، ولكن المعنى إِن استكثرت
من الدعاء والاستغفار للمنافقين لم يغفر الله لهم. وسَبَّعَ فلان القرآن
إِذا وَظَّفَ عليه قراءته في سبع ليال. وسَبَّعَ الإِناءَ: غسله سبع مرات.
وسَبَّعَ الشيءَ تسْبيعاً: جعله سبعة، فإِذا أَردت أَن صيرته سبعين قلت:
كملته سبعين. قال: ولا يجوز ما قاله بعض المولدين سَبَّعْتُه، ولا قولهم
سَبْعَنْتُ دَراهِمي أَي كَمَّلْتُها سَبْعِين.
وقولهم: هو سُباعِيُّ البَدَن أَي تامُّ البدن. والسُّباعيُّ من الجمال:
العظيم الطويل، قال: والرباعي مثله على طوله، وناقة سُباعِيَّةٌ
ورُباعِيَّةٌ. وثوب سُباعيّ إِذا كان طوله سبعَ أَذْرُع أَو سَبْعةَ أَشبار لأَن
الشبر مذكر والذراع مؤنثة.
والمُسْبَعُ: الذي له سبعة آباءٍ في العُبُودة أَو في اللؤم، وقيل:
المسبع الذي ينسب إِلى أَربع أُمهات كلهن أَمَة، وقال بعضهم: إِلى سبع
أُمهات. وسَبَع الحبلَ يَسْبَعُه سَبْعاً: جعله على سبع قُوًى. وبَعِيرٌ
مُسْبَعٌ إِذا زادت في مُلَيْحائِه سَبْع مَحالات. والمُسَبَّعُ من العَرُوض:
ما بنى على سبعة أَجزاء. والسِّبْعُ: الوِرْدُ لسِتِّ ليال وسبعة أَيام،
وهو ظِمْءٌ من أَظْماء الإِبل، والإِبل سَوابِعُ والقوم مُسْبِعُون، وكذلك
في سائر الأَظْماءِ؛ قال الأَزهري: وفي أَظْماء الإِبل السِّبْعُ، وذلك
إِذا أَقامت في مَراعِيها خمسة أَيام كَوامِلَ ووردت اليوم السادس ولا
يحسَب يوم الصّدَر. وأَسْبَعَ الرجل: وَرَدَت إِبله سبْعاً.
والسَّبِيعُ: بمعنى السُّبُع كالثَّمين بمعنى الثُّمُن؛ وقال شمر: لم
أَسمع سَبِيعاً لغير أَبي زيد. والسبع، بالضم: جزء من سبعة، والجمع
أَسْباع. وسَبَعَ القومَ يَسْبَعُهم سَبْعاً: أَخذ سُبُعَ أَموالِهم؛ وأَما قول
الفرزدق:
وكيفَ أَخافُ الناسَ، واللهُ قابِضٌ
على الناسِ والسَّبْعَيْنِ في راحةِ اليَدِ؟
فإِنه أَراد بالسَّبْعَينِ سبْعَ سمواتٍ وسبعَ أَرَضِين. والسَّبُعُ:
يقع على ما له ناب من السِّباعِ ويَعْدُو على الناس والدوابّ فيفترسها مثل
الأَسد والذِّئْب والنَّمِر والفَهْد وما أَشبهها؛ والثعلبُ، وإِن كان له
ناب، فإِنه ليس بسبع لأَنه لا يعدو على صِغار المواشي ولا يُنَيِّبُ في
شيء من الحيوان، وكذلك الضَّبُع لا تُعَدُّ من السباع العادِيةِ، ولذلك
وردت السُّنة بإِباحة لحمها، وبأَنها تُجْزَى إِذا أُصِيبت في الحرم أَو
أَصابها المحرم، وأَما الوَعْوَعُ وهو ابن آوى فهو سبع خبيث ولحمه حرام
لأَنه من جنس الذِّئابِ إِلاَّ أَنه أَصغر جِرْماً وأَضْعَفُ بدَناً؛ هذا
قول الأَزهري، وقال غيره: السبع من البهائم العادية ما كان ذا مِخلب،
والجمع أَسْبُعٌ وسِباعٌ. قال سيبويه: لم يكسَّر على غير سِباعٍ؛ وأَما قولهم
في جمعه سُبُوعٌ فمشعر أَن السَّبْعَ لغة في السَّبُع، ليس بتخفيف كما
ذهب إِليه أَهل اللغة لأَن التخفيف لا يوجب حكماً عند النحويين، على أَن
تخفيفه لا يمتنع؛ وقد جاء كثيراً في أَشعارهم مثل قوله:
أَمِ السَّبْع فاسْتَنْجُوا، وأَينَ نَجاؤُكم؟
فهذا ورَبِّ الرّاقِصاتِ المُزَعْفَرُ
وأَنشد ثعلب:
لِسانُ الفَتى سَبْعٌ، عليه شَذاتُه،
فإِنْ لم يَزَعْ مِن غَرْبِه، فهو آكِلُهْ
وفي الحديث: أَنه نهى عن أَكل كل ذي ناب من السباع؛ قال: هو ما يفترس
الحيوان ويأْكله قهراً وقَسْراً كالأَسد والنَّمِر والذِّئب ونحوها. وفي
ترجمة عقب: وسِباعُ الطير التي تَصِيدُ. والسَّبْعةُ: اللَّبُوءَةُ. ومن
أَمثال العرب السائرة: أَخَذه أَخْذ سَبْعةٍ، إِنما أَصله سَبُعةٌ فخفف.
واللَّبُوءَةُ أَنْزَقُ من الأَسد، فلذلك لم يقولوا أَخْذَ سَبُعٍ، وقيل:
هو رجل اسمه سبْعة بن عوف بن ثعلبة بن سلامانَ بن ثُعَل بن عمرو بن
الغَوْث بن طيء بن أُدَد، وكان رجلاً شديداً، فعلى هذا لا يُجْرَى للمعرفة
والتأْنيث، فأَخذه بعض ملوك العرب فَنَكَّلَ به وجاء المثل بالتخفيف لما
يؤثرونه من الخفة. وأَسْبَعَ الرجلَ: أَطْعَمه السَّبُعَ، والمُسْبِعُ: الذي
أَغارت السِّباعُ على غنمه فهو يَصِيحُ بالسِّباعِ والكِلابِ؛ قال:
قد أَسْبَعَ الرّاعي وضَوْضَا أَكْلُبُه
وأَسْبَعَ القومُ: وقَع السَّبُع في غنمهم. وسَبَعت الذّئابُ الغنَم:
فَرَسَتْها فأَكلتها. وأَرض مَسْبَعةٌ: ذات سِباع؛ قال لبيد:
إِليك جاوَزْنا بلاداً مَسْبَعَهْ
ومَسْبَعةٌ: كثيرة السباع؛ قال سيبويه: باب مَسْبَعةٍ ومَذْأَبةٍ
ونظيرِهما مما جاء على مَفْعَلةٍ لازماً له الهاء وليس في كل شيء يقال إِلا أَن
تقيس شيئاً وتعلم مع ذلك أَن العرب لم تَكَلَّمْ به، وليس له نظير من
بنات الأَربعة عندهم، وإِنما خصوا به بناتِ الثلاثة لخفتها مع أَنهم
يستغنون بقولهم كثيرة الذئاب ونحوها. وقال ابن المظفر في قولهم لأَعْمَلَنّ
بفلان عملَ سَبْعَةٍ: أَرادوا المبالغة وبلوغَ الغاية، وقال بعضهم: أَرادوا
عمل سبعة رجال.
وسُبِعَتِ الوَحْشِيَّةُ، فهي مَسْبُوعةٌ إِذا أَكَل السبُعُ ولدها،
والمَسْبُوعةُ: البقرة التي أَكَل السبعُ ولدَها. وفي الحديث: أَن ذئباً
اختطف شاة من الغنم أَيام مَبْعَثِ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم،
فانتزعها الراعي منه، فقال الذئب: من لها يوم السبْع؟ قال ابن الأَعرابي: السبع،
بسكون الباء، الموضعُ الذي يكونُ إِليه المَحْشَرُ يومَ القيامة، أَراد
من لها يوم القيامة؛ وقيل: السبْعُ الذَّعْرُ، سَبَعْتُ فلاناً إِذا
ذَعَرْتَه، وسَبَعَ الذِّئْبُ الغنم إِذا فرسها، أَي من لها يومَ الفَزَع؛
وقيل: هذا التأْويل يَفْسُد بقول الذئب في تمام الحديث: يومَ لا راعِيَ لها
غيري، والذئب لا يكون لها راعياً يوم القيامة، وقيل: إِنه أَراد من لها
عند الفتن حين يتركها الناس هملــاً لا راعي لها نُهْبَة للذِّئاب
والسِّباع، فجعل السبُع لها راعياً إِذ هو منفرد بها، ويكون حينئذ بضم الباء،
وهذا إِنذار بما يكون من الشدائد والفتن التي يُــهْمِلُ الناس فيها مواشيهم
فتستمكن منها السباع بلا مانع. وروي عن أَبي عبيدة: يومُ السبْعِ عِيدٌ
كان لهم في الجاهلية يشتغلون بعيدهم ولَهْوِهِم، وليس بالسبُع الذي يفترس
الناس، وهذا الحرف أَملاه أَبو عامر العبدري الحافظ بضم الباء، وكان من
العلم والإِتقان بمكان، وفي الحديث نهَى عن جُلودِ السِّباعِ؛ السباعُ:
تَقَعُ على الأَسد والذئاب والنُّمُور، وكان مالك يكره الصلاة في جُلودِ
السِّباعِ، وإِن دُبِغَتْ، ويمنع من بيعها، واحتج بالحديث جماعة وقالوا: إِن
الدِّباغَ لا يؤثِّر فيما لا يؤكل لحمه، وذهب جماعة إِلى أَن النهي
تناولها قبل الدباغ، فأَما إِذا دُبِغَتْ فقد طهُرت؛ وأَما مذهب الشافعي فإِن
الذَّبْحَ يطهر جُلود
(* قوله «فان الذبح يطهر إلخ» هكذا في الأصل
والنهاية، والصحيح المشهور من مذهب الشافعي: ان الذبح لا يطهر جلد غير
المأكول.) الحيوان المأْكول وغير المأْكول إِلا الكلب والخنزير وما تَوَلَّدَ
منهما، والدِّباغُ يُطَهِّرُ كل جلد ميتة غيرهما؛ وفي الشعور والأَوبار
خلاف هل تَطْهُر بالدباغ أَم لا، إِنما نهى عن جلود السباع مطلقاً أَو عن
جلد النَّمِر خاصّاً لأَنه ورد في أَحاديث أَنه من شِعار أَهل السَّرَفِ
والخُيَلاءِ.
وأَسبع عبده أَي أَــهملــه. والمُسْبَعُ: المُــهْمَلُ الذي لم يُكَفَّ عن
جُرْأَتِه فبقي عليها. وعبدٌ مُسْبَعٌ: مُــهْمَلٌ جَريءٌ ترك حتى صار
كالسبُع؛ قال أَبو ذؤيب يصف حمار الوحش:
صَخِبُ الشَّوارِبِ لا يَزالُ كأَنَّه
عَبدٌ، لآلِ أَبي رَبِيعةَ، مُسْبَعُ
الشَّوارِبُ: مجارِي الحَلْق، والأَصل فيه مَجاري الماء، وأَراد أَنه
كثير النُّهاقِ، هذه رواية الأَصمعي، وقال أَبو سعيد الضرير: مُسْبِع، بكسر
الباء، وزعم أَن معناه أَنه وقع السباع في ماشيته، قال: فشبه الحمار وهو
يَنْهَقُ بعبد قد صادفَ في غنمه سَبُعاً فهو يُهَجْهِجُ به ليزجره عنها،
قال: وأَبو ربيعة في بني سعد بن بكر وفي غيرهم ولكن جيران أَبي ذؤيب بنو
سعد بن بكر وهم أَصحاب غنم، وخص آل ربيعة لأَنهم أَسوأُ الناسِ مَلَكةً.
وفي حديث ابن عباس وسئل عن مسأَلة فقال: إِحْدى من سَبْع أَي اشتدّت
فيها الفتيا وعَظُم أَمرها، يجوز أَن يكون شِبهها بإِحدى الليالي السبع التي
أَرسل الله فيها العذاب على عاد فَضَرَبَها لها مثلاً في الشدة
لإِشكالها، وقيل: أَراد سبع سِنِي يوسف الصدِّيق، عليه السلام، في الشدة. قال
شمر: وخلق الله سبحانه وتعالى السموات سبعاً والأَرضين سبعاً والأَيام
سبعاً. وأَسْبَعَ ابنه أَي دفعه إِلى الظُّؤُورةِ. المُسْبَع: الدَّعِيُّ.
والمُسْبَعُ: المَدْفُوعُ إِلى الظُّؤُورةِ؛ قال العجاج:
إِنَّ تَمِيماً لم يُراضَعْ مُسْبَعا،
ولم تَلِدْه أُمُّهُ مُقَنَّعا
وقال الأَزهري: ويقال أَيضاً المُسْبَعُ التابِعةُ
(* قوله «المسبع
التابعة» كذا بالأصل ولعله ذو التابعة اي الجنية.)، ويقال: الذي يُولَدُ
لسبعة أَشهر فلم يُنْضِجْه الرَّحِمُ ولم تَتِمّ شُهورُه، وأَنشد بيت العجاج.
قال النضر: ويقال رُبَّ غلام رأَيتُه يُراضَعُ، قال: والمُراضَعةُ أَنْ
يَرْضَعَ أُمَّه وفي بطنها ولد.
وسَبَعَه يَِْبَعُه سَبْعاً: طعن عليه وعابه وشتَمه ووقع فيه بالقول
القبيح. وسَبَعَه أَيضاً: عَضَّه بسنه.
والسِّباعُ: الفَخْرُ بكثرة الجِماع. وفي الحديث: أَنه نهَى عن
السِّباعِ؛ قال ابن الأَعرابي: السِّباعُ الفَخار كأَنه نهى عن المُفاخَرة
بالرَّفَثِ وكثرة الجماع والإِعْرابِ بما يُكَنّى به عنه من أَمر النساء، وقيل:
هو أَن يَتَسابَّ الرجلان فيرمي كل واحد صاحبه بما يسوؤه من سَبَعَه أَي
انتقصه وعابه، وقيل: السِّباعُ الجماع نفسُه. وفي الحديث: أَنه صَبَّ
على رأْسه الماء من سِباعٍ كان منه في رمضان؛ هذه عن ثعلب عن ابن
الأَعرابي.وبنو سَبِيعٍ: قبيلة. والسِّباعُ ووادي السِّباعِ: موضعان؛ أَنشد
الأَخفش:
أَطْلال دارٍ بالسِّباعِ فَحَمَّةِ
سأَلْتُ، فلمَّا اسْتَعْجَمَتْ ثم صَمَّتِ
وقال سُحَيْم بن وَثِيلٍ الرِّياحِي:
مَرَرْتُ على وادِي السِّباعِ، ولا أَرَى،
كَوادِي السِّباعِ حينَ يُظْلِمُ، وادِيا
والسَّبُعانُ: موضع معروف في ديار قيس؛ قال ابن مقبل:
أَلا يا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ،
أَمَلَّ عليها بالبِلى المَلَوانِ
ولا يعرف في كلامهم اسم على فَعُلان غيره، والسُّبَيْعان: جبلان؛ قال
الراعي:
كأَني بِصَحْراءِ السُّبَيْعَينِ لم أَكُنْ،
بأَمْثالِ هِنْدٍ، قَبْلَ هِنْدٍ، مُفَجَّعا
وسُبَيْعٌ وسِباعٌ: اسمان؛ وقول الراجز:
يا لَيْتَ أَنِّي وسُبَيْعاً في الغَنَمْ،
والجرْحُ مِني فَوْقَ حَرّار أَحَمّْ
هو اسم رجل مصغر. والسَّبِيعُ: بطن من هَمْدانَ رَهْطُ أَبي إِسحق
السَّبِيعي. وفي الحديث ذكر السَّبِيعِ، هو بفتح السين وكسر الباء مَحِلّة من
مَحالِّ الكوفة منسوبة إِلى القبيلة، وهم بني سَبِيعٍ من هَمْدانَ.
وأُمُّ الأَسْبُعِ: امرأَة. وسُبَيْعةُ بن غَزالٍ: رجل من العرب له حديث.
ووزْن سَبْعةٍ: لقب.
غفل: غَفَلَ عنه يَغْفُلُ غُفولاً وغَفْلةً وأَغْفَلَه عنه غيرُه
وأَغْفَلَه: تركَه وسها عنه؛ وأَنشد ابن بري في الغُفول:
فابك هلاًّ واللَّيالي بِغِرَّةٍ
تَدُورُ، وفي الأَيام عنك غُفولُ
(* قوله «فابك هلا إلخ» كذا في الأصل).
وأَغْفَلْتُ الرجل: أَصبْتُه غافلاً، وعلى ذلك فسر بعضهم قوله عز وجل:
ولا تُطِعْ من أَغْفَلْنا قلْبَه عن ذِكْرِنا؛ قال: ولو كان على الظاهر
لوجب أَن يكون قوله واتَّبَع هَواه، بالفاء دون الواو؛ وسئل أَبو العباس عن
هذه الآية فقال: مَنْ جَعَلْناه غافلاً، وكلام العرب أَكثرُه أَغْفَلْته
سمّيته غافِلاً، وأَحْلَمْتُه سمّيته حَليماً، قال: وفعلَ هو وأَفْعَلته
أَنا، أَكثرُ اللغة ذهَب وأَذْهَبْته، هذا أَكثر الكلام، وفَعَّلْت
أَكْثَرْتُ ذلك فيه مثل غَلَّقْت الأَبواب وأَغْلَقْتها، وأَفْعَلْتُ يَجيءُ
مكانَ فَعَّلْت مثل مَهَّلْتُه وأَمْهَلْته ووَصَّيْتُ وأَوْصَيْتُ
وسَقَّيْتُ وأَسْقَيْتُ. وفي حديث أَبي موسى: لعَلَّنا أَغْفَلْنا رسولَ الله،
صلى الله عليه وسلم، يَمينَه أَي جَعَلْناه غافلاً عن يمينه بسبب
سُؤَالِنا، وقيل: سأَلْناه وقت شُغْله ولم ننتظر فراغه. يقال: تغَفَّلْته
واسْتَغْفَلْته أَي تحيَّنْتُ غَفْلَته. ويقال: هو في غَفَلٍ من عَيشِه أَي في
سعة؛ أَبو العباس: الغَفَلُ الكثيرُ الرفيعُ. ونَعَمٌ أَغْفالٌ: لا
لِقْحةَ فيها ولا نَجِيب. وقال بعض العرب: لنا نَعَمٌ أَغْفالٌ ما تَبِضُّ؛
يصفُ سَنةً أَصابتهم فأَهلكت جيادَ مالهم. وقال شمر: إِبل أَغْفالٌ لا
سِماتِ عليها، وقِداحٌ أَغْفالٌ. سيبويه: غَفَلْتُ صرت غافلاً. وأَغْفَلْتُه
وغفَلْت عنه: وصَّلْت غَفَلي إِليه أَو تركته على ذُكْرٍ. قال الليث:
أَغْفَلْت الشيء تركته غَفَلاً وأَنت له ذاكر. قال ابن سيده: وقوله تعالى:
وكانوا عنها غافِلينَ؛ يصلح أَن يكون، والله أَعلم، كانوا في تركهم
الإِيمانَ بالله والنظرَ فيه والتدبُّرَ له بمنزلة الغافِلين، قال: ويجوز أَن
يكون وكانوا عما يراد بهم من الإِثابة عليه غافِلين، والاسم الغَفْلة
والغَفَل؛ قال:
إِذْ نحْنُ في غَفَلٍ، وأَكْبَرُ هَمِّنا
صِرْفُ النَّوَى، وفِراقُنا الجِيرانا
وفي الحديث: من اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ أَي يَشْتَغِلُ به قلبه
ويستولي عليه حتى تصير فيه غَفْلة.
والتَّغافُلُ: تَعمُّدُ الغَفْلة على حدِّ ما يجيء عليه هذا النحو.
وتَغَافَلْت عنه وتغفَّلْتُه إِذا اهْتَبَلْتَ غَفْلَتَه. ابن السكيت: يقال
قد غَفَلْت فيه وأَغْفَلْتُه. والتَّغْفِيل: أَن يكفيك صاحبُك وأَنت
غافِلٌ لا تَعْنَى بشيء. والتَّغَفُّل: خَتْلٌ في غَفْلة.
والمُغَفَّلُ: الذي لا فِطْنة له. والغَفُول من الإِبل: البَلْهاء التي
لا تمنع من فَصِيل يرضعها ولا تبالي منْ حَلبها. والغُفْل: المُقيّد الذي
أُغْفِل فلا يرجى خيرُه ولا يخشى شرّه، والجمع أَغْفال. والأَغْفالُ:
المَواتُ. والغُفْلُ: سَبْسَبٌ مَيّتة لا علامةَ فيها؛ وأَنشد:
يتْركْنَ بالمَهامِهِ الأَغْفالِ
وكلُّ ما لا علامة فيه ولا أَثر عمارة من الأَرضين والطُّرقِ ونحوها
غُفْلٌ، والجمع كالجمع. وفي كتابه لأُكَيْدِرَ: إِنّ لنا الضاحيةَ
والمَعامِيَ وأَغْفالَ الأَرض أَي المجهولة التي ليس فيها أَثر يعرف، وحكى
اللحياني: أَرض أَغْفالٌ كأَنهم جعلوا كل جزء منها غُفْلاً. وبلادٌ أَغْفالٌ: لا
أَعلام فيها يُهتدى بها، وكذلك كل ما لا سمة عليه من الإِبل والدواب.
ودابّة غُفْل: لا سمة عليها. وناقة غُفْل: لا تُوسَم لئلا تَجِب عليها
صدقة؛ وبه فسر ثعلب قول الراجز:
لا عيشَ إِلاَّ كلُّ صَهْباءَ غُفُلْ
تَناوَلُ الحوضَ، إِذا الحوض شُغِلْ
وقد أَغْفَلْتُها إِذا لم تَسِمْها. وفي الحديث: أَن نَفاذة الأَسْلَمي
قال: يا رسول الله، إِنِّي رجل مُغْفِلٌ فأَين أَسِمُ إِبلي؟ أَي صاحبُ
إِبلٍ أَغْفالٍ لا سمات عليها؛ ومنه حديث طهفة: ولنا نَعَمٌ هَمَلٌ
أَغْفالٌ لا سمات عليها، وقيل: الأَغْفال ههنا التي لا أَلبانَ لها، واحدها
غُفْل، وقيل: الغُفْل الذي لا يُرجى خيره ولا يخشى شره. وقِدْحٌ غُفْل: لا
خير فيه ولا نصيب له ولا غُرْم عليه، والجمع كالجمع؛ وقال اللحياني:
قِداحٌ غُفْلٌ على لفظ الواحد ليست فيها فُروضٌ ولا لها غُنْم ولا عليها
غُرْم، وكانت تُثَقَّل بها القِداحُ كراهية التُّهَمَة، يعني بتثقّل تكثّر،
قال: وهي أَربعة: أَولها المُصَدَّرُ ثم المُضَعَّف ثم المَنِيح ثم
السَّفيح. ورجل غُفْل: لا حسَب له، وقيل: هو الذي لا يعرف ما عنده، وقيل: هو
الذي لم يجرِّب الأُمور. وشاعر غُفْل: غير مسمى ولا معروف، والجمع أَغْفال.
وشِعْر غُفْل: لا يعرف قائله. وأَرض غُفْل: لم تُمْطَر. وغفَل الشيءَ:
ستَره. وغُفْل الإِبل، بسكون الفاء: أَوبارُها؛ عن أَبي حنيفة.
والمَغْفَلة: العَنْفَقة؛ عن الزجاجي، ووردت في الحديث وهي جانبا
العَنْفَقة، روي عن بعض التابعين: عليك بالمَغْفَلة والمَنْشَلة؛ المَنْشَلةُ
موضع حلقة الحاتم. وفي حديث أَبي بكر: رأَى رجلاً يتوضأ فقال: عليك
بالمَغْفَلةِ؛ هي العَنْفقة يريد الاحتياط في غسلها في الوضوء، سميت مَغْفَلة
لأَن كثيراً من الناس يُغْفلُ عنها.
وغافلٌ وغَفْلة: اسمان. وبنو غُفَيْلة وبنو المُغَفَّل: بُطون، والله
أَعلم.
سيب: السَّيْبُ: العَطاءُ، والعُرْفُ، والنافِلةُ. وفي حديث الاستسقاءِ: واجْعَلْه سَيْباً نافِعاً أَي عَطاءً، ويجوز أَن يريد مَطَراً سائباً أَي جارياً.
والسُّـيُوبُ: الرِّكاز، لأَنها من سَيْبِ اللّهِ وعطائه؛ وقال ثعلب: هي الـمَعادِنُ. وفي كتابه لوائلِ بن حُجْرٍ: وفي السُّـيُوبِ الخُمُسُ؛
قال أَبو عبيد: السُّـيُوبُ: الرِّكازُ؛ قال: ولا أُراه أُخِذَ إِلا من
السَّيبِ، وهو العطاءُ؛ وأَنشد:
فما أَنا، منْ رَيْبِ الـمَنُونِ، بجُبَّإٍ، * وما أَنا، مِنْ سَيْبِ الإِلهِ، بآيِسِ
وقال أَبو سعيد: السُّـيُوبُ عُروق من الذهب والفضة، تَسِـيبُ في
الـمَعْدِن أَي تَتكون فيه(1)
(1 قوله «أي تتكون إلخ» عبارة التهذيب أي تجري فيه إلخ.) وتَظْهَر، سميت سُيوباً لانْسِـيابِها في الأَرض. قال الزمخشري:
السُّـيُوبُ جمع سَيْبٍ، يريد به المالَ المدفون في الجاهلية، أَو
الـمَعْدِن لأَنه، من فضلِ اللّه وعَطائه، لمن أَصابَه.
وسَيْبُ الفرَس: شَعَرُ ذَنَبِه. والسَّيْبُ: مُرديُّ السَّفينة.
والسَّيْبُ مصدر ساب الماءُ يَسِـيبُ سَيْباً: جَرى.
والسِّيبُ: مَجْرَى الماءِ، وجَمْعُه سُـيُوبٌ.
وسابَ يَسِـيبُ: مشى مُسرِعاً. وسابَتِ الـحَيَّةُ تَسِـيبُ إِذا مَضَتْ
مُسْرِعةً؛ أَنشد ثعلب:
أَتَذْهَبُ سَلْمَى في اللِّـمامِ، فلا تُرَى، * وباللَّيْلِ أَيْمٌ حَيْثُ شاءَ يَسِـيبُ؟
وكذلك انْسابَتْ تَنْسابُ. وسابَ الأَفْعَى وانْسابَ إِذا خرَج من
مَكْمَنِه. وفي الحديث:
أَن رَجلاً شَرِبَ من سِقاءٍ؛ فانْسابَتْ في بَطنِه حَيَّةٌ، فَنُهِـيَ عن الشُّرْبِ من فَمِ السِّقاءِ، أَي دخَلَتْ وجَرَتْ مع جَرَيانِ الماءِ. يقال: سابَ الماءُ وانْسابَ إِذا جرَى. وانْسابَ فلان نحوكُم: رجَعَ.
وسَيَّبَ الشيءَ: تركَه. وسَيَّبَ الدَّابَّةَ، أَو الناقةَ، أَو الشيءَ: تركَه يَسِـيبُ حيث شاءَ. وكلُّ دابَّةٍ تركْتَها وسَوْمَها، فهي سائبةٌ. والسائبةُ: العَبْدُ يُعْتَقُ على أَن لا وَلاءَ له. والسائبةُ: البعيرُ يُدْرِكُ نِتاجَ نِتاجِه، فيُسَيَّبُ، ولا يُرْكَب، ولا يُحْمَلُ عليه. والسائبة التي في القرآن العزيز، في قوله تعالى: ما جَعَلَ اللّهُ منْ بَحِـيرةٍ ولا سائبةٍ؛ كان الرجلُ في الجاهلية إِذا قَدِمَ من سَفَرٍ بَعيدٍ، أَو بَرِئَ من عِلَّةٍ، أَو نَجَّتْه دابَّةٌ من مَشَقَّةٍ أَو حَرْبٍ قال: ناقَتي سائبةٌ أَي
تُسَيَّبُ فلا يُنْتَفَعُ بظهرها، ولا تُحَـَّلأُ عن ماءٍ، ولا تُمْنَعُ من كَلإٍ، ولا تُركَب؛ وقيل: بل كان يَنْزِعُ من ظَهْرِها فقارةً، أَو عَظْماً، فتُعْرَفُ بذلك؛ فأُغِـيرَ على رَجل من العرب، فلم يَجِدْ دابَّةً
يركبُها، فرَكِب سائبةً، فقيل: أَتَرْكَبُ حَراماً؟ فقال: يَركَبُ
الـحَرامَ مَنْ لا حَلالَ له، فذهَبَتْ مَثَلاً. وفي الصحاح: السائبةُ الناقةُ التي كانت تُسَيَّبُ، في الجاهِلِـيَّةِ، لِنَذْرٍ ونحوه؛ وقد قيل: هي أُمُّ البَحِـيرَةِ؛ كانتِ الناقةُ إِذا ولَدَتْ عَشْرَةَ أَبْطُن، كُلُّهنَّ إِناثٌ، سُيِّبَتْ فلم تُرْكَبْ، ولم يَشْرَبْ لَبَنَها إِلا ولَدُها أَو الضَّيْفُ حتى تَمُوتَ، فإِذا ماتتْ أَكَلَهَا الرجالُ والنساءُ جَميعاً، وبُحِرَتْ أُذن بِنْتِها الأَخيرةِ، فتسمى البَحِـيرةَ، وهي بمَنْزلةِ أُمـِّها في أَنها سائبةٌ، والجمع سُيَّبٌ، مثلُ نائمٍ ونُوَّمٍ، ونائحةٍ ونُوَّحٍ. وكان الرَّجلُ إِذا أَعْتَقَ عَبْداً وقال: هو سائبةٌ، فقد عَتَقَ، ولا يكون وَلاؤُه لِـمُعْتِقِه، ويَضَعُ مالَه حيث شاءَ، وهو الذي وردَ النَّهْيُ عنه. قال ابن الأَثير: قد تكرر في الحديث ذكر السَّائبةِ والسَّوائِبِ؛ قال: كان الرَّجُلُ إِذا نذَرَ لقُدُومٍ مِن سَفَرٍ، أَو
بُرْءٍ من مَرَضٍ، أَو غير ذلك قال: ناقَتي سائبةٌ، فلا تُمْنَعُ مِن
ماءٍ، ولا مَرْعًى، ولا تُحْلَبُ، ولا تُرْكَب؛ وكان إِذا أَعْتَقَ عَبْداً
فقال: هو سائِـبةٌ، فلا عَقْل بينهما، ولا مِـيراثَ؛ وأَصلُه من
تَسْيِـيبِ الدَّوابِّ، وهو إِرسالُها تَذْهَبُ وتجيءُ، حيث شاءَتْ. وفي الحديث: رأَيتُ عَمْرو بن لُـحَيٍّ يَجُرُّ قُصْبَه في النَّارِ؛ وكان أَوَّلَ
من سَيَّبَ السَّوائِب، وهي التي نَهى اللّهُ عنها بقوله: ما جَعَلَ
اللّهُ مِنْ بَحِـيرَةٍ ولا سائبةٍ؛ فالسَّائبة: أُمُّ البَحِـيرَةِ، وهو
مَذْكور في موضعه. وقيل: كان أَبو العالِـيةِ سائبةً، فلما هَلَكَ، أُتِـيَ مَولاه بميراثِه، فقال: هو سائبةٌ، وأَبى أَنْ يأْخُذَه. وقال الشافعيّ: إِذا أَعْتَقَ عَبْدَه سائبةً، فمات العبدُ وخَلَّفَ مالاً، ولم يَدَعْ
وارثاً غير مولاه الذي أَعْتَقَه، فميراثُه لـمُعْتِقِه، لأَن النبـيّ،
صلى اللّه عليه وسلم، جَعَلَ الوَلاءَ لُـحْمةً كَلُـحْمةِ النَّسَب، فكما
أَنَّ لُـحْمةَ النَّسبِ لا تَنْقَطِـعُ، كذلك الوَلاءُ؛ وقد قال، صلى اللّه عليه وسلم: الوَلاءُ لمن أَعْتَقَ. وروي عن عُمَرَ، رَضي اللّه عنه، أَنه قال: السَّائِـبةُ والصَّدقةُ ليومِهِما. قال أَبو عبيدة، في قوله ليَوْمهما، أَي يَوْمِ القيامةِ، واليَوْمِ الذي كان أَعْتَقَ سائبتَه، وتصدّق بصدقتِه فيه. يقول: فلا يَرجِـعُ إِلى الانتِفاع بشيءٍ منها بَعْدَ ذلك في الدنيا، وذلك كالرَّجل
يُعْتِقُ عَبْدَه سائبةً، فيَمُوتُ العَبْدُ ويَتْرُك مالاً، ولا وارثَ له، فلا
ينبغي لِـمُعتقه أَن يَرْزَأَ من مِـيراثِه شيئاً، إِلا أَن يَجْعَلَهُ في مِثْله. وقال ابن الأَثير: قوله الصَّدَقةُ والسَّائبةُ ليومِهما، أَي يُرادُ بهما ثوابُ يومِ القيامةِ؛ أَي مَن أَعْتَقَ سائِـبَتَه، وتَصَدَّقَ بِصَدقةٍ، فلا يَرْجِـعُ إِلى الانْتِفاعِ بشيءٍ منها بعدَ ذلك في الدنيا، وإِن وَرِثَهما عنه أَحدٌ، فَلْيَصْرِفْهُما في مِثْلِهما، قال: وهذا على وَجْهِ الفَضْلِ، وطَلَبِ الأَجْرِ، لا على أَنه حرامٌ، وإِنما كانوا يَكْرَهُون أَن يَرْجِعُوا في شيءٍ، جَعَلُوه للّه وطَلَبُوا به الأَجر. وفي حديث عبدِاللّه: السَّائبةُ يَضعُ مالَه حيثُ شاءَ؛ أَي العَبْدُ الذي يُعْتَقُ سائِـبةً، ولا يكون ولاؤُه لِـمُعْتِقِه، ولا وارِثَ له، فيَضَعُ مالَه حيثُ شاءَ، وهو الذي ورَدَ النَّهْيُ عنه. وفي الحديث: عُرِضَتْ عَليَّ النارُ فرأَيتُ صاحِبَ السَّائِـبَتَيْنِ يُدْفَعُ بِعَصاً، السَّائِـبتانِ: بَدَنَتانِ أَهْداهما النبـيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، إِلى البَيْت، فأَخذهما رَجلٌ مِن المشركين فذَهَبَ بهما؛ سمَّاهُما سائِـبَتَيْنِ لأَنه سَيَّبَهُما للّه تعالى. وفي حديثِ عبدالرحمن بن عَوْفٍ: أَنَّ الحيلةَ بالـمَنْطِقِ أَبْلَغُ من السُّـيُوبِ في الكَلِمِ؛ السُّـيُوبُ: ما سُيِّبَ وخُلِّـي فسابَ، أَي ذَهَبَ.
وسابَ في الكلام: خاضَ فيه بهَذْرٍ؛ أَي التَّلَطُّفُ والتَّقَلُّلُ منه أَبلَغُ من الإِكثارِ. ويقال: سابَ الرَّجُل في مَنْطِقِه إِذا ذَهَبَ فيه كلَّ مذهبٍ. والسَّـيَابُ، مثل السَّحابِ: البَلَحُ. قال أَبو حنيفة: هو البُسْر الأَخضرُ، واحدته سَيابةٌ، وبها سمي الرَّجل؛ قال أُحَيْحةُ:
أَقْسَمْتُ لا أُعْطِـيكَ، في * كَعْب ومَقْتَلِه، سَيابَهْ
فإِذا شَدَّدْته ضَمَمْتَه، فقلت: سُـيَّابٌ وسُـيّابةٌ؛ قال أَبو زبيد:
أَيـَّامَ تَجْلُو لنا عن بارِدٍ رَتِلٍ، * تَخالُ نَكْهَتَها، باللَّيْلِ، سُيَّابَا
أَراد نَكْهةَ سُيَّابٍ وسُيَّابةٍ أَيضاً. الأَصمعي: إِذا تعقد الطلع
حتى يصير بلحاً، فهو السَّيابُ، مُخَفَّف، واحدته سَيابةٌ؛ وقال شمر: هو السَّدَى والسَّداءُ، ممدود بلغة أَهل المدينة؛ وهي السيَّابةُ، بلغةِ وادي القُرَى؛ وأَنشد للَبيدٍ:
سَيابةٌ ما بها عَيْبٌ، ولا أَثَرُ
قال: وسمعت البحرانيين تقول: سُيَّابٌ وسُيَّابةٌ.
وفي حديث أُسَيْد بن حُضَيْرٍ: لو سَـأَلْتَنا سَيابةً ما أَعْطَيْناكَها، هي بفتح السين والتخفيف: البَلحَةُ، وجمعها سَيابٌ.
والسِّيبُ: التُّفَّاحُ، فارِسيّ؛ قال أَبو العلاءِ: وبه سُمِّيَ سيبويه: سِـيب تُفَّاحٌ، وَوَيْه رائحتُه، فكأَنه رائحة تُفَّاحٍ.
وسائبٌ: اسمٌ من سابَ يَسِـيبُ إِذا مَشى مُسْرِعاً، أَو من سابَ الماءُ إِذا جَرى. والـمُسَيَّبُ: من شُعَرائِهم.
والسُّوبانُ: اسم وادٍ، واللّه تعالى أَعلم.