(الــهتاف) وصف للْمُبَالَغَة وَهِي هتافــة وزعيم الهاتفين يَهْتِف فيرددون هتافــه (محدثة) وَيُقَال قَوس هتافــة مرنة مصوتة
(الــهتاف) وصف للْمُبَالَغَة وَهِي هتافــة وزعيم الهاتفين يَهْتِف فيرددون هتافــه (محدثة) وَيُقَال قَوس هتافــة مرنة مصوتة
هتف: الهَتْفُ والــهُتافُ الصوت الجافي العالي، وقيل: الصوت الشديد. وقد
هتَف به هُتافــاً أَي صاح به. أَبو زيد: يقال هَتفْت بفلان أَي دعَوْتُه،
وهتفْت بفلان أَي مدَحْته. وفلانة يُهْتَف بها أَي تُذكر بجَمال. وفي
حديث حُنين: قال اهْتِفْ بالأَنصار أَي نادِهم وادعُهم، وقد هَتف يَهْتِف
هَتْفاً. وفي حديث بدر: فجعل يَهْتِفُ بربّه أَي يدعوه ويُناشِده. ابن
سيده: وقد هَتَفَ يهتِف هتْفاً، والحمامة تَهْتِف، وسمعت هاتِفاً يَهْتِف إذا
كنت تسمع الصوت ولا تُبْصِر أَحداً. وهتَفتِ الحَمامة هتْفاً: ناحَتْ؛
قال ابن بري: ويقال هتَّفت الحمامة؛ وأَنشد لنُصَيْب:
ولا انَّني ناسِيكَ بالليل، ما بَكَتْ،
على فَننٍ، ورْقاء ظَلَّتْ تُهَتِّفُ
وحَمامة هَتُوف: كثيرة الــهُتاف. وقوس هَتُوف وهَتَفَى: مُرِنّةٌ
مصَوِّتة؛ وأَنشد ابن بري للشماخ:
هَتُوفٌ إذا ما جامع الظبيَ سَهْمُها،
وإن رِيعَ منها أَسْلَمَتْه النَّوافِرُ
وريح هَتُوف: حنّانة، والاسم الهَتَفى. وقوس هتَّافــة: ذات صوت. وقال في
ترجمة همز: قوس هَمَزى شديدة الهَمْز إذا نُزع فيها؛ قال أَبو النجم:
أَنْحَى شِمالاً هَمَزَى نَضُوحا،
وهَتَفَى مُعْطِيةً طَرُوحا
(* قوله «نضوحا» أي شديدة الحفز للسهم.)
هيف: هافَ ورَقُ الشجر يَهِيف: سقط. والهَيْفُ والهُوف: ريح حارَّة
تأْتي من قِبَل اليمن، وهي النَّكْباء التي تجري بين الجَنُوب والدَّبُور من
تحت مَجْرَى سُهَيْل يَهيف منها ورق الشجر. ابن الأَعرابي: نَكْباء
الصَّبا والجَنوب مِهْيافٌ مِلْواحٌ مِيباسٌ للبقل، وهي التي تجيء بين
الرِّيحين، وقال الأَصمعي: الهَيْف الجنوب إِذا هَبَّت بحرّ، وقيل: الهيف ريح
باردة تجيء من قبل مَهَبِّ الجنوب، قال: وهذا لا يوافق الاشتقاق؛ قال
الأَزهري: الذي قاله الليث إن الهيْف ريح باردة لم يقله أَحد، والهيف لا تكون
إلا حارّة. ابن سيده: وقيل الهيف كل ريح ذاتِ سَمُوم تُعَطِّش المال
وتُيَبِّس الرّطْب؛ قال ذو الرمة:
وصَوَّحَ البَقْلَ نأْآجُ تَجِيء به
هَيْفٌ يَمانِيةٌ، في مَرِّها نَكَبُ
وفي المثل: ذَهَبَتْ هَيف لأَديانها أَي لعاداتها لأَنها تُجَفِّف كل
شيء وتُيَبِّسه وتَهَيَّفَ الرجل من الهَيْف كما يقال تَشتَّى من الشِّتاء.
والهُوف من قول أُم تأَبَّط شرّاً: تَلُفُّه هُوف، إنما بنته على فُعْل
لِما قبله من قولها: ليس بعُلْفُوف، وما بعده من قولها: حَشِيّ من صوف،
وقيل: هي لغة في الهَيْف. وهافَ واسْتهافَ: أَصابته الهَيْفُ فَعَطِش؛
أَنشد ثعلب:
تَقَدَّمْتهنّ على مِرْجَمٍ
يلُوكُ اللِّجامَ، إذا ما اسْتَهافا ورجل هَيُوف ومِهْيافٌ وهافٌ؛
الأَخيرة عن اللحياني: لا يصبر على العطش. ويقال للعطشان: إنه لهافٌ، والأُنثى
هائفة. وناقة مِهْيافٌ وهافةٌ وإبل هافة، كذلك: تعطَش سريعاً. واهْتافَ
أَي عَطِش. قال الأَصمعي: رجل هَيْفان. والمِهْياف: السريع العطَشِ، وقد
هافَ يَهاف هِيافاً، وهافت الإبل تَهافُ هِيافاً وهُيافاً إذا اشتدَّت
الهيْفُ من الجَنوب واستقبلَتْها بوجوهها فاتحةً أَفواهَها من شدة العطش.
وأَهافَ الرجلُ: عَطِشت إبله؛ قال:
فقد أَهافُوا، زعموا، وأَنْزَعُوا
الأَصمعي: الهافة الناقة السريعة العطش، وهو من ذوات الياء، وهي
الهِيْاف والمِهْيامُ. والهِيفُ: جمع أَهْيَف وهَيْفاء، وهو الضامر البطن.
الأَزهري في ترجمة فوه: فاهاهُ إذا فاخَره وناطَقَه، وهافاه إذا مايَله إلى
هَواه. والهَيَفُ، بالتحريك: رقَّة الخصر وضُمور البطن، هَيِفَ هَيَفاً
وهافَ هَيْفاً، فهو أَهيف، ولغة تميم: هاف يَهافُ هَيْفاً، وامرأَة هَيْفاء
وقوم هِيف. وفرس هَيْفاء: ضامرة. وهَيْفاء: فرس طارق بن حَصَبةَ.
هنف: الإهْنافُ: ضَحِكٌ فيه فُتُور كَضَحِك المستهزئ، وكذلك المُهانَفة
والتَهانُف؛ قال الكميت:
مُهَفْهَفَةُ الكَشْحَينِ بَيْضاءُ كاعِبُ،
تُهانِفُ للجُهَّالِ مِنَّا، وتَلْعَبُ
قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
إذا هُنَّ فَصَّلْن الحَدِيثَ لأَهْلِه،
حَدِيث الرَّنا، فَصَّلْنَه بالتَّهانُف
وقال آخر:
وهُنَّ في تَهانُفٍ وفي قَهٍ
ابن سيده: الهُنُوف والهِنافُ ضَحِك فوق التَّبَسم، وخص بعضهم به ضحك
النساء.
وتهانَفَ به: تَضاحَك؛ قال الفرزدق:
من اللُّفِّ أَفْخاذاً تَهانَفُ للصِّبا،
إذا أَقْبَلَتْ كانت لَطِيفاً هَضِيمُها
وقيل: تَهانَفَ به تَضاحَكَ وتعَجَّب؛ عن ثعلب، وقيل: هو الضحِكُ
الخَفِيُّ. الليث: الهنافُ مُهانَفةُ الجَوارِي بالضحك وهو التبسم؛
وأَنشد:تَغُضُّ الجُفونَ على رِسْلِها
بحُسْنِ الهِنافِ، وخَونِ النَّظَرْ
والمُهانَفَةُ: المُلاعَبة أَيضاً. قيل: أَقبل فلان مُهْنِفاً أَي
مُسْرعاً لينال ما عندي؛ قال: وفي نسخة من كتاب الكامل للمبرد: التَّهانُف
الضحك بالسُّخْرية. والمُهانَفة: المُلاعبة. وأَهْنَف الصبيُّ إهنافاً: مثل
الإجْهاش، وهو التهيّؤ للبكاء. والتهنُّف: البكاء؛ وأَنشد لعَنْتَرة بن
الأَخْرس:
تَكُفُّ وتَسْتَبْقِي حَيَاءً وهَيْبَةً
لنا، ثُم يَعْلُو صَوْتُها بالتهنُّفِ
وأَهنَف الصبيُّ وتَهانفَ: تَهيّأَ للبكاء كأَجْهَشَ، وقد يكون
التَّهانُف بكاء غير الطفل؛ أَنشد ثعلب والشعر لأَعرابي
(* قوله «لاعرابي» في
معجم ياقوت: قال الراعي تهانفت إلخ.) :
تَهانَفْتَ واستبكاكَ رسْمُ المَنازِلِ
بسُوقةِ أَهْوى ، أَو بِقارةِ حائلِ
فهذا ههنا إنما هو للرجال دون الأَطفال لأَنَّ الأَطفال لا تبكي على
المنازل والأطْلال ؛ وقد يكون قوله تهانفت: تشبَّهت بالأَطفال في بكائك كقول
الكميت:
أَشَيخاً، كالوَلِيدِ برَسْم دارٍ،
تُسائلُ ماأَصَمَّ عن السَّؤُول؟
أَصمّ أَي صَمَّ.
صقل: الصَّقْلُ: الجِلاءِ. صَقَلَ الشيءَ يَصْقُلُه صَقْلاً وصِقَالاً،
فهو مَصْقُولٌ وصَقِيلٌ: جَلاهُ، والاسم الصِّقَالُ، وهو صاقِلٌ والجمع
صَقَلَةٌ؛ وقال يزيد بن عمرو بن الصَّعِق:
نَحْنُ رؤوسُ القَوْمِ يومَ جَبَلَه،
يَوْمَ أَتَتْنا أَسَدٌ وحَنْظَله
نَعْلُوهُمُ بقُضُبٍ مُنْتَخَله،
لم تَعْدُ أَنْ أَفْرَشَ عنها الصَّقَله
والمِصْقَلة: التي يُصْقَل بها السيف ونَحوُه.
والصَّيْقَل: شَحَّاذُ السُّيوف وجَلاَّؤها، والجمع صَيَاقِل وصياقِلةٌ،
دخلت فيه الهاء لغير علة من العلل الأَربع التي توجب دخول الهاء في هذا
الضَّرْب من الجمع، ولكن على حَدِّ دخولها في المَلائِكة والقَشَاعِمة.
والصَّقِيلُ: السَّيْف.
وصِقَالُ الفَرَس: صَنْعَتُه وصِيانَتُه، يقال: الفَرسُ في صِقَالِه أَي
في صِوَانهِ وصَنْعَته. ويقال: جعَل فلان فَرَسَه في الصِّقَال أَي في
الصِّوان والصَّنْعة؛ قال أَبو النجم يَصِف فرساً:
حَتَّى إِذا أَثْنَى جَعَلنا نَصْقُلُه
قال شَمِر: نَصْقُله أَي نُضَمِّره، ويقال نَصْقُله أَي نَصْنَعه
بالجِلالِ والعَلَف والقِيَام عليه، وهو صِقَالُ الخيل. وفي حديث أُمِّ مَعْبد:
ولم تُزْرِ به صُقْلةٌ: أَي دِقَّة ونُحُول، وقال شمر في قولها لم
تُزْرِ به صُقْلَةٌ تريد ضُمْره ودِقَّتَه؛ وقال كثيِّر:
رَأَيْتُ بها العُوجَ اللَّهاميمَ تَغْتَلي،
وقد صُقِلَتْ صَقْلاً وشَلَّتْ لُحومُها
أَبو عمرو: صَقَلْتُ الناقةَ إِذا أَضمرْتَها، وصَقَلَها السيرُ إِذا
أَضْمَرها، وشَلَّتْ أَي يَبِست؛ قال: والصُّقْلُ الخاصرة أُخِذَ من هذا؛
وقال غيره: أَرادت أَنه لم يكن مُنتفِخَ الخاصِرة جِدًّا ولا ناحِلاً
جِدًّا، ولكن رَجُلاً رَتَلاً، ورواه بعضهم: ولم تَعِبْه ثُجلةٌ ولم تُزْرِ
به صَعْلةٌ؛ فالثُّجْلة استرخاء البطن، والصَّعْلة صِغَرُ الرأْس، وبعضهم
يَرْويه: لم تَعِبْه نُحْلة، ويروى بالسين على الإِبدال من الصاد سُقْلة.
ابن سيده: والصُّقْلة والصُّقْل الخاصِرَة، والصُّقْلانِ القُرْبانِ من
الدَّاية وغيرها، وفي التهذيب: من كلّ دابَّة؛ قال ذو الرمة:
خَلَّى لها سِرْبَ أُولاها وهَيَّجَها،
مِنْ خَلْفِها، لاحِقُ الصُّقْلَيْن هِمْهِيمُ
والصُّقْل الجَنْب، والصَّقَلُ انهِضام الصُّقْل، والصُّقْل الخفيف من
الدواب؛ قال الأَعشى:
نَفَى عنه المَصِيفَ وصارَ صُقْلاً،
وقد كَثُر التَّذَكُّر والفُقُودُ
(* قوله «نفى عنه» تقدم في صعل: نفى عنها بضمير المؤنث).
ويروى: وصارَ صَعْلاً، وقَلَّمَا طالت صُقْلَة فَرَسٍ إِلا قَصْرَ
جَنْباهُ، وذلك عَيْبٌ. ويقال: فرس صَقِلٌ بَيِّنُ الصَّقَل إِذا كان طَوِيل
الصُّقْلَيْن. أَبو عبيدة: فرس صَقِلٌ إِذا طالت صُقْلَتُه وقَصُرَ جنباه؛
وأَنشد:
لَيْسَ بأَسْفَى ولا أَقنَى ولا صَقِل
ورواه غيره: ولا سَغِل؛ والأُنثى صَقِلَةٌ، والجمع صِقَالٌ، وهو الطويل
الصُّقْلة، وهي الطُّفْطَفة، والعرب تُسَمِّي اللَّبَن الذي عليه
دُوَايةٌ رقيقة مَصْقول الكِساء. ويقول أَحَدُهُم لصاحبه: هَلْ لك في مَصْقُولِ
الكِساء؟ أَي في لَبَنٍ قد دَوَّى؛ قال الراجز:
فَهْو، إِذا اهْتَافَ أَو تَهَيَّفا،
يَنْفِي الدُّوَاياتِ إِذا تَرَشَّفا،
عن كُلِّ مَصْقُول الكِساءِ قد صَفَا
اهْتَاف أَي جاع وعَطِش؛ وأَنشد الأَصمعي:
فباتَ دونَ الصَّبَا، وهي قَرَّةٌ،
لِحَافٌ، ومَصْقُولُ الكِساءِ رَقيقُ
أَي بات له لِباسٌ وطعامٌ؛ هذا قول الأَصمعي، وقال ابن الأَعرابي: أَراد
بمَصْقُول الكساء مِلْحَفةً تحت الكساء حمراء، فقيل له: إِن الأَصمعي
يقول أَراد به رَغْوَةَ اللَّبَن، فقال: إِنه لَمَّا قاله اسْتَحَى أَن
يرجع عنه. أَبو تراب عن الفراء: أَنت في صُقْعٍ خالٍ وصُقْل خالٍ أَي في
ناحية خالية، قال: وسَمِعْت شُجاعاً يقول: صَقَعه بالعصا وصَقَلَه وصَقَع به
الأَرضَ وصَقَل به الأَرضَ أَي ضَرَب به الأَرضَ.
ومَصْقَلةُ: اسمُ رجل؛ قال الأَخطل:
دَعِ المُغَمَّرَ لا تَسْأَلْ بمَصْرَعِه،
واسْأَلْ بمَصْقَلَة البَكْريِّ ما فَعَلا
وهو مَصْقَلة بن هُبَيْرة من بني ثعلبة بن شيبان
(* قوله «شيبان» هكذا
في الأصل، وفي المحكم: سفيان) والصَّقْلاء: موضع؛ وقوله أَنشده ثعلب:
إِذا هُمُ ثاروا، وإِنْ هُمْ أَقْبلوا
أَقْبَلَ مِسْماحٌ أَرِيبٌ مِصْقَلُ
فَسَّره فقال: إِنما أَراد مِصْلَق فقَلَب، وهو الخطيب البليغ، وقد ذكر
في موضعه.
شعب: الشَّعْبُ: الجَمعُ، والتَّفْريقُ، والإِصلاحُ، والإِفْسادُ: ضدٌّ.
وفي حديث ابن عمر: وشَعْبٌ صَغِـيرٌ من شَعْبٍ كبيرٍ أَي صَلاحٌ قلِـيلٌ من فَسادٍ كَثِـيرٍ. شَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً، فانْشَعَبَ، وشَعَّبَه
فَتَشَعَّب؛ وأَنشد أَبو عبيد لعليّ بنِ غَديرٍ الغَنَويِّ في الشَّعْبِ
بمعنى التَّفْريق:
وإِذا رأَيتَ المرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَهُ، * شَعْبَ العَصا، ويَلِـجُّ في العِصْيانِ
قال: معناه يُفَرِّقُ أَمْرَه. قال الأَصْمَعِـيُّ: شَعَبَ الرَّجُلُ أَمْرَهُ إِذا شَتَّتَه
وفَرَّقَه.وقال ابن السِّكِّيت في الشَّعْبِ: إِنه يكونُ بمَعْنَيَيْنِ، يكونُ إِصْلاحاً، ويكونُ تَفْريقاً. وشَعْبُ الصَّدْعِ في الإِناءِ:
إِنما هو إِصلاحُه ومُلاءَمَتُه، ونحوُ ذلك. والشَّعْبُ: الصَّدْعُ الذي
يَشْعَبُهُ الشَّعّابُ، وإِصْلاحُه أَيضاً الشَّعْبُ. وفي الحديث:
اتَّخَذَ مكانَ الشَّعْبِ سِلْسلةً؛ أَي مكانَ الصَّدْعِ والشَّقِّ الذي فيه.
والشَّعّابُ: الـمُلَئِّمُ، وحِرْفَتُه الشِّعابةُ. والـمِشْعَبُ: الـمِثْقَبُ الـمَشْعُوبُ به.
والشَّعِـيبُ: الـمَزادةُ الـمَشْعُوبةُ؛ وقيل: هي التي من أَديمَين؛
وقيل: من أَدِمَينِ يُقابَلان، ليس فيهما فِئامٌ في زَواياهُما؛ والفِئامُ
في الـمَزايدِ: أَن يُؤْخَذَ الأَدِيمُ فيُثْنى، ثم يُزادُ في جَوانِـبِها
ما يُوَسِّعُها؛ قال الراعي يَصِفُ إِبِلاً تَرعَى في العَزيبِ:
إِذا لمْ تَرُحْ، أَدَّى إِليها مُعَجِّلٌ، * شَعِـيبَ أَدِيمٍ، ذا فِراغَينِ مُتْرَعا
يعني ذا أَدِيمَين قُوبِلَ بينهما؛ وقيل: التي تُفْأَمُ بجِلْدٍ ثالِثٍ
بين الجِلْدَين لتَتَّسِعَ؛ وقيل: هي التي من قِطْعَتَينِ، شُعِبَتْ
إِحداهُما إِلى الأُخرى أَي ضُمَّتْ؛ وقيل: هي الـمَخْرُوزَةُ من وَجْهينِ؛ وكلُّ ذلك من الجمعِ.
والشَّعِـيبُ أَيضاً: السِّقاءُ البالي، لأَنه يُشْعَب، وجَمْعُ كلِّ
ذلك شُعُبٌ. والشَّعِـيبُ، والـمَزادةُ، والراويَةُ، والسَّطيحةُ: شيءٌ
واحدٌ، سمي بذلك، لأَنه ضُمَّ بعضُه إِلى بعضٍ.
ويقال: أَشْعَبُه فما يَنْشَعِبُ أَي فما يَلْتَئِمُ.
ويُسَمَّى الرحلُ شَعِـيباً؛ ومنه قولُ الـمَرّار يَصِفُ ناقةً:
إِذا هي خَرَّتْ، خَرَّ، مِن عن يمينِها، * شَعِـيبٌ، به إِجْمامُها ولُغُوبُها(1)
(1 قوله «من عن يمينها» هكذا في الأصل والجوهري والذي في التهذيب من عن شمالها.)
يعني الرحْل، لأَنه مَشْعوب بعضُه إِلى بعضٍ أَي مضمومٌ.
وتقول: التَـأَمَ شَعْبُهم إِذا اجتمعوا بعد التفَرُّقِ؛ وتَفَرَّقَ
شَعْبُهم إِذا تَفَرَّقُوا بعد الاجتماعِ؛ قال الأَزهري: وهذا من عجائب
كلامِهم؛ قال الطرماح:
شَتَّ شَعْبُ الحيِّ بعد التِئامِ، * وشَجاكَ، اليَوْمَ، رَبْعُ الـمُقامِ
أَي شَتَّ الجميعُ.
وفي الحديث: ما هذه الفُتْيا التي شَعَبْتَ بها الناسَ؟ أَي فرَّقْتَهم.
والـمُخاطَبُ بهذا القول ابنُ عباسٍ، في تحليلِ الـمُتْعةِ،
والـمُخاطِبُ له بذلك رَجُلٌ من بَلْهُجَيْم.
والشَّعْبُ: الصدعُ والتَّفَرُّقُ في الشيءِ، والجمْع شُعوبٌ.
والشُّعْبةُ: الرُّؤْبةُ، وهي قِطْعةٌ يُشْعَب بها الإِناءُ.
يقال: قَصْعةٌ مُشَعَّبة أَي شُعِبَتْ في مواضِـعَ منها، شُدِّدَ
للكثرة.
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، وَوَصَفَتْ أَباها، رضي اللّه عنه: يَرْأَبُ شَعْبَها أَي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَ أَمْرِ الأُمّةِ وكلِمَتَها؛ وقد
يكونُ الشَّعْبُ بمعنى الإِصلاحِ، في غير هذا، وهو من الأَضْدادِ.
والشَّعْبُ: شَعْبُ الرَّأْسِ، وهو شأْنُه الذي يَضُمُّ قَبائِلَه،
وفي الرَّأْسِ أَربَعُ قَبائل؛ وأَنشد:
فإِنْ أَوْدَى مُعَوِيَةُ بنُ صَخْرٍ، * فبَشِّرْ شَعْبَ رَأْسِكَ بانْصِداعِ
وتقول: هما شَعْبانِ أَي مِثْلانِ.
وتَشَعَّبَتْ أَغصانُ الشجرة، وانْشَعَبَتْ: انْتَشَرَت وتَفَرَّقَتْ.
والشُّعْبة من الشجر: ما تَفَرَّقَ من أَغصانها؛ قال لبيد:
تَسْلُبُ الكانِسَ، لم يُؤْرَ بها، * شُعْبةَ الساقِ، إِذا الظّلُّ عَقَل
شُعْبةُ الساقِ: غُصْنٌ من أَغصانها. وشُعَبُ الغُصْنِ: أَطرافُه
الـمُتَفَرِّقَة، وكلُّه راجعٌ إِلى معنى الافتراقِ؛ وقيل: ما بين كلِّ
غُصْنَيْن شُعْبةٌ؛ والشُّعْبةُ، بالضم: واحدة الشُّعَبِ، وهي الأَغصانُ. ويقال: هذه عَصاً في رأْسِها شُعْبَتانِ؛ قال الأَزهري: وسَماعي من العرب: عَصاً في رَأْسِها شُعْبانِ، بغير تاء.
والشُّعَبُ: الأَصابع، والزرعُ يكونُ على ورَقة، ثم يُشَعِّبُ.
وشَعَّبَ الزرعُ، وتَشَعَّبَ: صار ذا شُعَبٍ أَي فِرَقٍ.
والتَّشَعُّبُ: التفرُّق. والانْشِعابُ مِثلُه.
وانْشَعَبَ الطريقُ: تَفَرَّقَ؛ وكذلك أَغصانُ الشجرة. وانْشَعَبَ
النَّهْرُ وتَشَعَّبَ: تَفرَّقَتْ منه أَنهارٌ. وانْشَعَبَ به القولُ: أَخَذَ
به من مَعْـنًى إِلى مَعْـنًى مُفارِقٍ للأَولِ؛ وقول ساعدة:
هَجَرَتْ غَضُوبُ، وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ، * وعَدَتْ عَوادٍ، دُونَ وَلْيِـكَ، تَشْعَبُ
قيل: تَشْعَبُ تَصْرِفُ وتَمْنَع؛ وقيل: لا تجيءُ على القصدِ.
وشُعَبُ الجبالِ: رؤُوسُها؛ وقيل: ما تفرَّقَ من رؤُوسِها. الشُّعْبةُ:
دون الشِّعْبِ، وقيل: أُخَيَّة الشِّعْب، وكلتاهما يَصُبُّ من الجبل.
والشِّعْبُ: ما انْفَرَجَ بين جَبَلَينِ. والشِّعْبُ: مَسِـيلُ الماء في
بطنٍ من الأَرضِ، له حَرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُه بَطْحةُ رجُلٍ، إِذا انْبَطَح، وقد يكون بين سَنَدَيْ جَبَلَين.
والشُّعْبةُ: صَدْعٌ في الجبلِ، يأْوي إِليه الطَّيرُ، وهو منه.
والشُّعْبةُ: الـمَسِيلُ في ارتفاعِ قَرارَةِ الرَّمْلِ. والشُّعْبة: الـمَسِـيلُ
الصغيرُ؛ يقال: شُعْبةٌ حافِلٌ أَي مُمتلِئة سَيْلاً. والشُّعْبةُ: ما
صَغُرَ عن التَّلْعة؛ وقيل: ما عَظُمَ من سَواقي الأَوْدِيةِ؛ وقيل:
الشُّعْبة ما انْشَعَبَ من التَّلْعة والوادي، أَي عَدَل عنه، وأَخَذ في طريقٍ غيرِ طريقِه، فتِلك الشُّعْبة، والجمع شُعَبٌ وشِعابٌ. والشُّعْبةُ: الفِرْقة والطائفة من الشيءِ. وفي يده شُعْبةُ خيرٍ، مَثَلٌ بذلك. ويقال: اشْعَبْ لي شُعْبةً من المالِ أَي أَعْطِني قِطعة من مالِكَ. وفي يدي شُعْبةٌ من مالٍ. وفي الحديث: الحياءُ شُعْبةٌ من الإِيمانِ أَي طائفةٌ منه وقِطعة؛ وإِنما جَعَلَه بعضَ الإِيمان، لأَنَّ الـمُسْتَحِـي يَنْقَطِـعُ لِحيائِه عن المعاصي، وإِن لم تكن له تَقِـيَّةٌ، فصار كالإِيمانِ الذي يَقْطَعُ بينَها وبينَه. وفي حديث ابن مسعود:
الشَّبابُ شُعْبة من الجُنونِ، إِنما جَعَله شُعْبةً منه، لأَنَّ الجُنونَ يُزِيلُ العَقْلَ، وكذلك الشَّبابُ قد يُسْرِعُ إِلى قِلَّةِ العَقْلِ، لِـما فيه من كثرةِ الـمَيْلِ إِلى الشَّـهَوات، والإِقْدامِ على الـمَضارّ. وقوله تعالى: إِلى ظِلٍّ ذي ثَلاثِ شُعَبٍ؛ قال ثعلب: يقال إِنَّ النارَ يومَ القيامة، تَتَفَرَّقُ إِلى ثلاثِ فِرَقٍ، فكُـلَّما ذهبُوا
أَن يخرُجوا إِلى موضعٍ، رَدَّتْـهُم. ومعنى الظِّلِّ ههنا أَن النارَ أَظَلَّتْه، لأَنـَّه ليس هناك ظِلٌّ.
وشُعَبُ الفَرَسِ وأَقْطارُه: ما أَشرَفَ منه، كالعُنُقِ والـمَنْسِج؛
وقيل: نواحِـيه كلها؛ وقال دُكَينُ ابنُ رجاء:
أَشَمّ خِنْذِيذٌ، مُنِـيفٌ شُعَبُهْ، * يَقْتَحِمُ الفارِسَ، لولا قَيْقَبُه
الخِنْذِيذُ: الجَيِّدُ من الخَيْلِ، وقد يكون الخصِـيَّ أَيضاً. وأَرادَ بقَيْقَبِه: سَرْجَه.
والشَّعْبُ: القَبيلةُ العظيمةُ؛ وقيل: الـحَيُّ العظيمُ يتَشَعَّبُ من
القبيلةِ؛ وقيل: هو القبيلةُ نفسُها، والجمع شُعوبٌ. والشَّعْبُ: أَبو القبائِلِ الذي يَنْتَسِـبُون إِليه أَي يَجْمَعُهُم ويَضُمُّهُم. وفي التنزيل: وجعَلناكم شُعُوباً وقبائِلَ لتعارَفُوا. قال ابن عباس، رَضي اللّه عنه، في ذلك: الشُّعُوبُ الجُمّاعُ، والقبائلُ البُطُونُ، بُطونُ العرب، والشَّعْبُ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب والعجم. وكلُّ جِـيلٍ شَعْبٌ؛ قال ذو الرمة:
لا أَحْسِبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدَّةً، أَبداً، * ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحداً، شُعَبُ
والجَمْعُ كالجَمْعِ. ونَسَب الأَزهري الاستشهادَ بهذا البيت إِلى
الليث، فقال: وشُعَبُ الدَّهْر حالاتُه، وأَنشد البيت، وفسّره فقال: أَي ظَنَنْت أَن لا يَنْقَسِمَ الأَمرُ الواحد إِلى أُمورٍ كثيرةٍ؛ ثم قال: لم
يُجَوِّد الليثُ في تفسير البيت، ومعناه: أَنه وصفَ أَحياءً كانوا مُجتَمِعينَ في الربيعِ، فلما قَصَدُوا الـمَحاضِرَ، تَقَسَّمَتْهُم المياه؛ وشُعَب القومِ نِـيّاتُهم، في هذا البيت، وكانت لكلِّ فِرْقَةٍ منهم نِـيَّة غيرُ نِـيّة الآخَرينَ، فقال: ما كنتُ أَظُنُّ أَنَّ نِـيَّاتٍ مختَلِفةً تُفَرِّقُ نِـيَّةً مُجْتمعةً. وذلك أَنهم كانوا في مُنْتَواهُمْ ومُنْتَجَعِهم مجتمعين على نِـيَّةٍ واحِدةٍ، فلما هاجَ العُشْبُ، ونَشَّتِ الغُدرانُ، توزَّعَتْهُم
الـمَحاضِرُ، وأَعْدادُ الـمِـياهِ؛ فهذا معنى قوله:
ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحداً شُعَبُ
وقد غَلَبَتِ الشُّعوبُ، بلفظِ الجَمْعِ، على جِـيلِ العَجَمِ، حتى قيل
لـمُحْتَقرِ أَمرِ العرب: شُعُوبيٌّ، أَضافوا إِلى الجمعِ لغَلَبَتِه على
الجِـيلِ الواحِد، كقولِهم أَنْصاريٌّ.
والشُّعوبُ: فِرقَةٌ لا تُفَضِّلُ العَرَبَ على العَجَم.
والشُّعوبيُّ: الذي يُصَغِّرُ شأْنَ العَرَب، ولا يَرَى لهم فضلاً على
غيرِهم. وأَما الذي في حديث مَسْروق: أَنَّ رَجلاً من الشُّعوبِ أَسلم، فكانت تؤخذُ منه الجِزية، فأَمرَ عُمَرُ أَن لا تؤخذَ منه، قال ابن الأَثير: الشعوبُ ههنا العجم، ووجهُه أَن الشَّعْبَ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب، أَو العجم، فخُصَّ بأَحَدِهِما، ويجوزُ أَن يكونَ جمعَ الشُّعوبيِّ، وهو الذي يصَغِّرُ شأْنَ العرب، كقولِهم اليهودُ والمجوسُ، في جمع اليهوديِّ والمجوسيِّ. والشُّعَبُ: القبائِل.
وحكى ابن الكلبي، عن أَبيه: الشَّعْبُ أَكبرُ من القبيلةِ، ثم
الفَصيلةُ، ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ. قال الشيخ ابن بري: الصحيح في هذا ما رَتَّبَه الزُّبَيرُ ابنُ بكَّارٍ: وهو الشَّعْبُ، ثم القبيلةُ، ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ، ثم الفصيلة؛ قال أَبو أُسامة: هذه الطَّبَقات على ترتِـيب خَلْق الإِنسانِ، فالشَّعبُ أَعظمُها، مُشْتَقٌّ من شَعْبِ الرَّأْسِ، ثم القبيلةُ من قبيلةِ الرّأْسِ لاجْتماعِها، ثم العِمارةُ وهي الصَّدرُ،
ثم البَطنُ، ثم الفخِذُ، ثم الفصيلة، وهي الساقُ.والشعْبُ، بالكسرِ: ما انْفَرَجَ بينَ جبلين؛ وقيل: هو الطَّريقُ في الجَبَلِ، والجمعُ الشِّعابُ. وفي الـمَثَل: شَغَلَتْ شِعابي جَدْوايَ أَي شَغَلَتْ كَثرةُ المؤُونة عَطائي عن الناسِ؛ وقيل: الشِّعْبُ مَسِـيلُ الماءِ، في بَطْنٍ منَ الأَرضِ، لهُ جُرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُهُ بطْحَةُ رَجُلٍ. والشُّعْبة: الفُرْقة؛ تقول: شَعَبَتْهم المنية أَي فرَّقَتْهم، ومنه سميت المنية شَعُوبَ، وهي معرفة لا تنصرف، ولا تدخلها الأَلف
واللام. وقيل: شَعُوبُ والشَّعُوبُ، كِلْتاهُما الـمَنِـيَّة، لأَنها
تُفَرِّقُ؛ أَمـّا قولهم فيها شَعُوبُ، بغير لامٍ، والشَّعوبُ باللام، فقد يمكن أَن يكونَ في الأَصل صفةً، لأَنه، من أَمْثِلَةِ الصِّفاتِ، بمنزلة قَتُولٍ وضَروبٍ، وإِذا كان كذلك، فاللامُ فيه بمنزلتِها في العَبّاسِ والـحَسَنِ والـحَرِثِ؛ ويؤَكِّدُ هذا عندَكَ أَنهم قالوا في اشْتِقاقِها، إِنها سُمِّيَتْ شَعُوبَ، لأَنها تَشْعَبُ أَي تُفَرِّقُ، وهذا المعنى يؤَكِّدُ الوَصْفِـيَّةَ فيها، وهذا أَقْوى من أَن تُجْعَلَ اللام زائدةً. ومَن قال شَعُوبُ، بِلا لامٍ، خَلَصَتْ عندَه اسْماً صريحاً، وأَعْراها في اللفظ مِن مَذْهَبِ الصفةِ، فلذلك لم يُلْزمْها اللام، كما فَعَلَ ذلك من قال عباسٌ وحَرِثٌ، إِلاَّ أَنَّ روائِحَ الصفةِ فيه على كلِّ حالٍ، وإِنْ لم تكن فيه لامٌ، أَلا ترَى أَنَّ أَبا زيدٍ حَكَى أَنهم يُسَمُّونَ الخُبزَ جابِرَ بن حبَّة؟ وإِنما سَمَّوهُ بذلك، لأَنه يَجْبُر الجائِعَ؛ فقد تَرَى معنى الصِّفَةِ فيه، وإِن لم تَدْخُلْهُ اللامُ. ومِن ذلك قولهم: واسِطٌ؛ قال سيبويه: سَمَّوهُ واسِطاً، لأَنه وَسَطَ بينَ العِراقِ
والبَصْرَة، فمعنى الصفةِ فيه، وإِن لم يكن في لفظِه لامٌ.
وشاعَبَ فلانٌ الحياةَ، وشاعَبَتْ نَفْسُ فلانٍ أَي زَايَلَتِ الـحَياةَ
وذَهَبَت؛ قال النابغة الجعدي:
ويَبْتَزُّ فيه المرءُ بَزَّ ابْنِ عَمِّهِ، * رَهِـيناً بِكَفَّيْ غَيْرِه، فَيُشاعِبُ
يشَاعِبُ: يفَارِق أَي يُفارِقُه ابنُ عَمِّه؛ فَبزُّ ابنِ عَمِّه:
سِلاحُه. يَبْتَزُّه: يأْخُذُه.
وأَشْعَبَ الرجلُ إِذا ماتَ، أَو فارَقَ فِراقاً لا يَرْجِـعُ. وقد شَعَبَتْه شَعُوبُ أَي الـمَنِـيَّة، تَشْعَبُه، فَشَعَب، وانْشَعَب، وأَشْعَبَ أَي ماتَ؛ قال النابغة الجعدي:
أَقَامَتْ بِهِ ما كانَ، في الدَّارِ، أَهْلُها، * وكانُوا أُناساً، مِنْ شَعُوبَ، فأَشْعَبُوا
تَحَمَّلَ منْ أَمْسَى بِهَا، فَتَفَرَّقُوا * فَريقَيْن، مِنْهُمْ مُصْعِدٌ ومُصَوِّبُ
قال ابن بري: صَوابُ إِنْشادِه، على ما رُوِيَ في شعره: وكانوا شُعُوباً من أُناسٍ أَي مـمَّنْ تَلْحَقُه شَعُوبُ. ويروى: من شُعُوب، أَي كانوا من الناس الذين يَهْلِكُون فَهَلَكُوا.
ويقال للمَيِّتِ: قد انْشَعَبَ؛ قال سَهْم الغنوي:
حتى تُصادِفَ مالاً، أَو يقال فَـتًى * لاقَى التي تشْعَبُ الفِتْيانَ، فانْشَعَبَا
ويقال: أَقَصَّتْه شَعُوب إِقْصاصاً إِذا أَشْرَفَ على الـمَنِـيَّة، ثم
نَجَا. وفي حديث طلحة: فما زِلْتُ واضِعاً رِجْلِـي على خَدِّه حتى
أَزَرْتُه شَعُوبَ؛ شَعُوبُ: من أَسماءِ الـمَنِـيَّةِ، غيرَ مَصْروفٍ،
وسُمِّيَتْ شعُوبَ، لأَنـَّها تُفَرِّقُ. وأَزَرْتُه: من الزيارةِ.
(يتبع...)
(تابع... 1): شعب: الشَّعْبُ: الجَمعُ، والتَّفْريقُ، والإِصلاحُ، والإِفْسادُ: ضدٌّ.... ...
وشَعَبَ إِليهم في عدد كذا: نَزَع، وفارَقَ صَحْبَهُ.
والـمَشْعَبُ: الطَّريقُ. ومَشْعَبُ الـحَقِّ: طَريقُه الـمُفَرِّقُ بينَه وبين الباطلِ؛ قال الكميت:
وما لِـيَ، إِلاَّ آلَ أَحْمَد، شِـيعةٌ، * وما لِـيَ، إِلاَّ مَشْعَبَ الحقِّ، مَشْعَبُ
والشُّعْبةُ: ما بين القَرْنَيْنِ، لتَفْريقِها بينهما؛ والشَّعَبُ: تَباعُدُ ما بينهما؛ وقد شَعِبَ شَعَباً، وهو أَشْعَبُ.
وظَبْـيٌ أَشْعَبُ: بَيِّنُ الشَّعَب، إِذا تَفَرَّقَ قَرْناه، فتَبايَنَا بينُونةً شديدةً، وكان ما بين قَرْنَيْه بعيداً جدّاً، والجمع شُعْبٌ؛
قال أَبو دُوادٍ:
وقُصْرَى شَنِجِ الأَنْساءِ، * نَـبَّاجٍ من الشُّعْبِ
وتَيْسٌ أَشْعَبُ إِذا انْكَسَرَ قَرْنُه، وعَنْزٌ شَعْبَاءُ. والشَّعَبُ أَيضاً: بُعْدُ ما بين الـمَنْكِـبَيْنِ، والفِعلُ كالفِعلِ. والشاعِـبانِ: الـمَنْكِبانِ، لتَباعُدِهِما، يَمانِـيَةٌ. وفي الحديث: إِذا قَعَدَ الرَّجُلُ من المرأَةِ ما بين شُعَبِها الأَرْبعِ، وَجَبَ عليه الغُسْلُ. شُعَبُها الأَرْبعُ: يَداها ورِجْلاها؛ وقيل: رِجْلاها وشُفْرا فَرْجِها؛ كَنى بذلك عن تَغْيِـيبِه الـحَشَفَة في فَرْجِها.
وماءٌ شَعْبٌ: بعيدٌ، والجمع شُعُوبٌ؛ قال:
كما شَمَّرَتْ كَدْراءُ، تَسْقِـي فِراخَها * بعَرْدَةَ، رِفْهاً، والمياهُ شُعُوبُ
وانْشَعَبَ عنِّي فُلانٌ: تباعَدَ. وشاعَبَ صاحبَه: باعَدَه؛ قال:
وسِرْتُ، وفي نَجْرانَ قَلْبـي مُخَلَّفٌ، * وجِسْمي، ببَغْدادِ العِراقِ، مُشاعِبُ
وشَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً إِذا صَرَفَه. وشَعَبَ اللجامُ الفَرَسَ إِذا كَفَّه؛ وأَنشد:
شاحِـيَ فيه واللِّجامُ يَشْعَبُهْ
وشَعْبُ الدار: بُعْدُها؛ قال قيسُ بنُ ذُرَيْحٍ:
وأَعْجَلُ بالإِشْفاقِ، حتى يَشِفَّـنِـي، * مَخافة شَعْبِ الدار، والشَّمْلُ جامِـعُ
وشَعْبانُ: اسمٌ للشَّهْرِ، سُمِّيَ بذلك لتَشَعُّبِهم فيه أَي
تَفَرُّقِهِم في طَلَبِ الـمِـياهِ، وقيل في الغاراتِ. وقال ثعلب: قال بعضهم إِنما سُمِّيَ شَعبانُ شَعبانَ لأَنه شَعَبَ، أَي ظَهَرَ بين شَهْرَيْ رمضانَ ورَجَبٍ، والجمع شَعْباناتٌ، وشَعابِـينُ، كرمضانَ ورَمَاضِـينَ. وشَعبانُ: بَطْنٌ من هَمْدانَ، تَشَعَّب منَ اليَمَنِ؛ إِليهم يُنْسَبُ عامِرٌ الشَّعْبِـيُّ، رحمه اللّه، على طَرْحِ الزائدِ. وقيل: شَعْبٌ جبلٌ باليَمَنِ، وهو ذُو شَعْبَيْنِ، نَزَلَه حَسَّانُ بنُ عَمْرو الـحِمْيَرِيُّ وَولَدُه، فنُسِـبوا إِليه؛ فمن كان منهم بالكوفة، يقال لهم الشَّعْبِـيُّونَ، منهم عامرُ بنُ شَراحِـيلَ الشَّعْبِـيُّ، وعِدادُه في هَمْدانَ؛ ومن كان منهم بالشامِ، يقالُ لهم الشَّعْبانِـيُّون؛ ومن كان منهم باليَمَن، يقالُ لهم آلُ ذِي شَعْبَيْنِ، ومَن كان منهم بمصْرَ
والـمَغْرِبِ، يقال لهم الأُشْعُوبُ. وشَعَب البعيرُ يَشْعَبُ شَعْباً: اهْتَضَمَ الشجرَ من أَعْلاهُ. قال ثعلبٌ، قال النَّضْر: سمعتُ أَعرابياً حِجازيّاً باعَ بعيراً له، يقولُ: أَبِـيعُكَ،
هو يَشْبَعُ عَرْضاً وشَعْباً؛ العَرْضُ: أَن يَتَناوَلَ الشَّجَرَ من أَعْراضِه.
وما شَعَبَك عني؟ أَي ما شَغَلَكَ؟ والشِّعْبُ: سِمَةٌ لبَنِـي مِنْقَرٍ، كهَيْئةِ الـمِحْجَنِ وصُورَتِه، بكسر الشين وفتحها.
وقال ابن شميل: الشِّعابُ سِمَةٌ في الفَخِذ، في طُولِها خَطَّانِ،
يُلاقى بين طَرَفَيْهِما الأَعْلَيَيْنِ، والأَسْفَلانِ مُتَفَرِّقانِ؛ وأَنشد:
نار علَيْها سِمَةُ الغَواضِرْ: * الـحَلْقَتانِ والشِّعابُ الفاجِرْ
وقال أَبو عليّ في التذكِرةِ: الشَّعْبُ وسْمٌ مُجْتَمِـعٌ أَسفلُه،
مُتَفَرِّقٌ أَعلاه.
وجَمَلٌ مَشْعُوبٌ، وإِبلٌ مُشَعَّبةٌ: مَوْسُومٌ بها. والشَّعْبُ: موضعٌ.
وشُعَبَـى، بضم الشين وفتح العين، مقصورٌ: اسمُ موضعٍ في جبل طَيِّـئٍ؛ قال جرير يهجو العباس بن يزيد الكِنْدِي:
أَعَبْداً حَلَّ، في شُعَبَـى، غَريباً؟ * أَلُؤْماً، لا أَبا لَكَ، واغْتِرابا!
قال الكسائي: العرب تقولُ أَبي لكَ وشَعْبـي لكَ، معناه فَدَيْتُك؛
وأَنشد:
قالَتْ: رأَيتُ رَجُلاً شَعْبـي لَكْ، * مُرَجَّلاً، حَسِبْتُه تَرْجِـيلَكْ
قال: معناه رأَيتُ رجُلاً فدَيْتُك، شَبَّهتُهُ إِيَّاك.
وشعبانُ: موضعٌ بالشامِ.
والأَشْعَب: قَرْيةٌ باليَمامَةِ؛ قال النابغة الجَعْدي:
فَلَيْتَ رسُولاً، له حاجةٌ * إِلى الفَلَجِ العَوْدِ، فالأَشْعَبِ
وشَعَبَ الأَمِـيرُ رسولاً إِلى موضعِ كذا أَي أَرسَلَه.
وشَعُوبُ: قَبِـيلة؛ قال أَبو خِراشٍ:
مَنَعْنا، مِنْ عَدِيِّ، بَني حُنَيْفٍ، * صِحابَ مُضَرِّسٍ، وابْنَيْ شَعُوبَا
فأَثْنُوا، يا بَنِـي شِجْعٍ، عَلَيْنا، * وحَقُّ ابْنَيْ شَعُوبٍ أَن يُثِـيبا
قال ابن سيده: كذا وجدنا شَعُوبٍ مَصْروفاً في البيت الأَخِـير، ولو لمْ يُصْرَفْ لاحْتَمل الزّحافَ. وأَشْعَبُ: اسمُ رجُلٍ كان طَمَّاعاً؛ وفي الـمَثَل: أَطْمَعُ من أَشْعَبَ.
وشُعَيْبٌ: اسمٌ.
وغَزالُ شعبانَ: ضَرْبٌ من الجَنادِب، أَو الجَخادِب.
وشَعَبْعَبُ: موضع. قال الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّهِ القُشَيْرِي، قال ابن
بري: كثيرٌ ممن يَغْلَطُ في الصِّمَّة فيقولُ القَسْري، وهو القُشَيْرِي
لا غَيْرُ، لأَنه الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّه بنِ طُفَيْلِ بن قُرَّةَ بنِ
هُبَيْرةَ بن عامِر بن سَلَمَةِ الخَير بن قُشَيْرِ بن كَعبٍ:
يا لَيْتَ شِعْرِيَ، والأَقْدارُ غالِـبةٌ، * والعَيْنُ تَذْرِفُ، أَحْياناً، من الـحَزَنِ
هَلْ أَجْعَلَنَّ يَدِي، للخَدِّ، مِرْفَقَةً * على شَعَبْعَبَ، بينَ الـحَوْضِ والعَطَنِ؟
وشُعْبةُ: موضعٌ. وفي حديث المغازي: خرج رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، يريدُ قُريْشاً، وسَلَكَ شُعْبة، بضم الشين وسكون العين، موضعٌ قُرْب يَلْيَل، ويقال له شُعْبةُ ابنِ عبدِاللّه.
ذرا: ذَرَت الريح الترابَ وغيرَه تَذْرُوه وتَذْريه ذَرْواً وذَرْياً
وأَذْرَتْهُ وذَرَّتْه: أَطارَتْه وسفَتْه وأَذْهَبَتْه، وقيل: حَمَلَتْه
فأَثارَتْه وأَذْرَتْه إِذا ذَرَت التُّرابَ وقد ذَرا هو نفسُه. وفي حرف
ابن مسعود وابن عباس: تَذْرِيهِ الريحُ، ومعنى أَذْرَتْه قَلَعَته ورَمَتْ
به، وهما لغتان. ذَرَت الريحُ التُّرابَ تَذْرُوه وتَذْريه أَي
طَيَّرَته؛ قال ابن بري: شاهد ذَرَوْتُه بمعنى طَيَّرْتُه قول ابن
هَرْمَة:يَذْرُو حَبِيكَ البَيْضِ ذَرْواً يخْتَلي
غُلُفَ السَّواعِدِ في طِراقِ العَنْبَرِ
والعَنْبَر هنا: التُّرْس. وفي الحديث: إِنَّ الله خَلق في الجَنَّة
ريحاً من دُونِها بابٌ مُغْلَق لو فُتحَ ذلك الباب لأَذْرَتْ ما بين السماءِ
والأَرْضِ، وفي رواية: لَذَرَّت الدُّنْيا وما فيها. يقال: ذَرَتْه
الرِّيحُ وأَذْرَتْه تَذْرُوه وتُذْريه إِذا أَطارَتْه. وفي الحديث: أَن
رَجُلاً قال لأَوْلادِهِ إِذا مُتُّ فأَحْرِقُوني ثم ذَرُّوني في الرِّيحِ؛
ومنه حديث علي، كرم الله وجهه: يَذْرُو الرِّوايَةَ ذَرْوَ الريحِ
الهَشِيمَ أَي يَسْرُدُ الرِّواية كما تَنْسِفُ الريحُ هَشِيمَ
النَّبْتِ. وأَنكر أَبو الهيثم أَذْرَتْه بمعنى طَيَّرَتْه، قال: وإِنما
قيل أَذْرَيْت الشيءَ عن الشيء إِذا أَلقَيْتَه؛ وقال امرؤ القيس:
فتُذْريكَ منْ أُخْرى القَطاةِ فتَزْلَقُ
وقال ابن أَحمر يصف الريح:
لها مُنْخُلٌ تُذْري، إِذا عَصَفَتْ بِهِ
أَهابيَ سَفْسافٍ من التُّرْبِ تَوْأَمِ
قال: معناه تُسْقِطُ وتَطْرَح، قال: والمُنْخُل لا يرفَعُ شيئاً إِنما
يُسْقِط ما دقَّ ويُمْسِك ما جَلَّ، قال: والقرآن وكلام العرب على هذا.
وفي التنزيل العزيز: والذَّارِياتِ ذََرْواً؛ يعني الرِّياحَ، وقال في
موضع آخر: تَذْرُوه الرِّياحُ. وريحٌ ذارِيَةٌ: تَذْرُو التُّراب، ومن هذا
تَذْرِية الناس الحنطةَ. وأَذْرَيْتُ الشيءَ إِذا أَلْقََيْتَه مثلَ
إِلْقائِكَ الحَبَّ
للزَّرْع. ويقال للذي تُحْمَلُ به الحنطة لتُذَرَّى: المِذْرى. وذَرى
الشيءُ أَي سَقَط، وتَذْرِيَة الأَكْداسِ مَعْرُوفة. ذَرَوْت الحِنْطة
والحبَّ ونَحْوَه أَذْرُوها وذَرَّيْتُها تَذْرِيَة وذَرْواً منه: نَقَّيْتها
في الريح. وقال ابن سيده في موضع آخر: ذَرَيْتُ الحَبَّ ونحوه
وذَرَّيْته أَطَرْته وأَذْهَبْته، قال: والواو لغة وهي أَعْلى. وتَذَرَّت هي:
تَنَقَّت.
والذُّراوَةُ: ما ذُرِيَ من الشيء. والذُّراوَةُ: ما سَقَطَ من الطَّعام
عند التَّذَرِّي، وخص اللحياني به الحِنْطة؛ قال حُمَيْد بن ثوْر:
وعادَ خُبَّازٌ يُسَقِّيِه النَّدى
ذُراوَةً تَنْسِجُهُ الْهُوج الدُّرُجْ
والمِذْراة والمِذْرى: خَشَبَةٌ ذات أَطْراف، وهي الخشبة التي يُذَرَّى
بها الطَّعامُ وتُنَقَّى بها الأَكْداس،ُ، ومنه ذرَّيْتُ تراب المعدن
إِذا طَلَبْت منه الذَّهَب. والذَّرى: اسمُ ما ذَرَّيْته مثل النَّفَضِ اسم
لما تَنْفُضُه؛ قال رؤبة:
كالطَّحْن أَو أَذْرَتْ ذَرىً لم يُطْحَنِ
يعني ذَرْوَ الريح دُقاقَ التُّراب. وذَرَّى نَفَسَه: سَرَّحه كما
يُذَرَّى الشيءُ في الريح، والدَّالُ أَعْلى، وقد تقدم. والذَّرى: الكِنُّ.
والذَّرى: ما كَنَّكَ من الريح البارِدَةِ من حائِطٍ أَو شجر. يقال:
تَذَرَّى مِنَ الشّمال بذَرىً. ويقال: سَوُّوا للشَّوْل ذَرىً من البَرْدِ،
وهو أَن يُقْلَع الشجَر من العَرْفَجِ وغيره فيوضَع بعضُه فوقَ بعضٍ مما
يلي مَهَبَّ الشمالِ يُحْظَر به على الإِبل في مأْواها. ويقال: فلان في
ذَرى فلانٍ أَي في ظِلِّه. ويقال: اسْتَذْرِ بهذه الشجَرة أَي كنْ في
دِفْئها. وتَذَرَّى بالحائِط وغيرِه من البَرْدِ والرِّيحِ واسْتَذْرى،
كلاهما: اكْتَنَّ. وتَذَرَّتِ الإِبلُ واسْتَذْرَت: أَحَسَّت البَرْدَ
واسْتَتَر بعضُها ببعضٍ واسْتَتَرت بالعِضاهِ. وذَرا فلانٌ يَذْرُو أَي
مَرَّمَرّاً سريعاً، وخص بعضهم به الظبي؛ قال العجاج:
ذَارٍ إِذا لاقى العَزازَ أَحْصَفا
وذَرا نابُه ذَرْواً: انْكَسر حَدُّه، وقيل: سقط. وذَرَوْتُه أَنا أَي
طَيَّرته وأَذْهَبْته؛ قال أَوْس:
إِذا مُقْرَمٌ مِنَّا ذَرا حَدُّ نابهِ
تَخَمَّطَ فينا نابُ آخَرَ مُقْرَمِ
قال ابن بري: ذَرا في البيت بمعنى كَلَّ، عند ابن الأَعرابي، قال: وقال
الأَصمعي بمعنى وقَع، فَذَرا في الوجهين غير مُتَعَدٍّ.
والذَّرِيَّةُ: الناقة التي يُسْتَتَر بها عن الصيد؛ عن ثعلب، والدال
أَعلى، وقد تقدم. واسْتَذْرَيْت بالشَّجَرة أَي استَظْلَلْت بها وصِرْتُ في
دِفئِها. الأَصمعي: الذَّرى، بالفتح، كل ما استترت به. يقال: أَنا في
ظِلِّ فلان وفي ذَراهُ أَي في كَنَفه وسِتْره ودِفْئِه. واسْتَذْرَيْتُ
بفلان أَي التَجَأْتُ إِليه وصِرْتُ في كَنَفه.
واسْتَذْرَتِ المِعْزَى أَي اشْتَهت الفَحْلَ مثل اسْتَدَرَّتْ.
والذَّرى: ما انْصَبَّ من الدَّمْع، وقد أَذْرَتِ العينُ الدّمْعَ
تُذْريه إِذْراءً وذَرىً أَي صَبَّتْه. والإِذْراءُ: ضَرْبُك الشيءَ تَرْمي
به، تقول: ضَرَبْتُه بالسيف فأَذْرَيْتُ رأْسَه، وطَعَنته فأَذْرَيْتُه عن
فَرَسه أَي صَرَعْته وأَلْقَيْته. وأَذْرَى الشيءَ بالسيف إِذا ضَرَبه
حتى يَصْرَعه. والسيفُ
يُذْرِي ضَرِيبَتَه أَي يَرْمِي بها، وقد يوصَفُ به الرَّمْي من غير
قَطْع. وذَرَّاهُ بالرُّمْحِ: قَلَعَه؛ هذه عن كراع. وأَذْرَتِ
الدابَّة راكِبَها: صَرَعَتْه.
وذِرْوَةُ كلِّ شَيءٍ وذُرْوَتُه: أَعْلاهُ، والجَمْع الذُّرَى بالضم.
وذِرْوة السَّنامِ والرأْسِ: أَشْرَفُهُما. وتَذَرَّيْت الذِّرْوة:
رَكِبْتُها وعَلَوْتها. وتَذَرَّيْت فيهم: تَزَوَّجْت في الذِّرْوة مِنْهُم.
أَبو زيد: تَذَرَّيْت بَني فلانٍ وتَنَصَّيْتهم إِذا تَزَوَّجْت منهم في
الذِّرْوة والناصية أَي في أَهل الشرف والعَلاء. وتَذَرَّيت السَّنام:
عَلَوْته وفَرَعْته. وفي حديث أَبي موسى: أُتِي رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، بإِبِلٍ غُرِّ الذُّرَى
(* قوله «بابل غرّ
الذرى» هكذا في الأصل، وعبارة النهاية: أتي رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
بنهب ابل فأمر لنا بخمس ذود غرّ الذرى أي بيض إلخ). أَي بِيض
الأَسْنِمَة سِمانها. والذُّرَى: جمع ذِرْوَةٍ، وهي أَعْلَى سَنامِ البَعِىر؛ ومنه
الحديث: على ذِرْوةِ كلِّ بعير شيطانٌ، وحديث الزُّبير: سأَلَ
عائشةَ الخُروجَ إِلى البَصْرة فأَبْتْ عليه فما زالَ
يَفْتِلُ في الذِّرْوةِ والغارِبِ حتى أَجابَتْهُ؛ جَعَلَ وبَرَ ذِرْوَة
البعير وغارِبِه مثلاً لإِزالتها عن رَأْيها، كما يُفْعَلُ بالجمل
النَّفُور إِذا أُريد تَأْنيسُه وإِزالَةُ نِفارِه. وذَرَّى الشاةَ والناقَةَ
وهو أَنْ يَجُزَّ صوفَها ووَبَرَها ويدَعَ فوقَ ظَهْرِها شيئاً تُعْرَف
به، وذلك في الإِبل والضأْن خاصة، ولا يكون في المِعْزَى، وقد ذَرَّيتها
تَذْرِيَةً. ويقال: نعجةٌ مُذَرَّاةٌ وكَبْشٌ مُذَرّىً إِذا أُخِّرَ
بَيْنَ الكَتِفين فيهما صُوفَةٌ لم تُجَزَّ؛ وقال ساعدة الهذلي:
ولا صُوارَ مُذَرَّاةٍ مَناسِجُها،
مِثْل الفَرِيدِ الذي يَجْرِي مِنَ النَّظْمِ
والذُّرَةُ: ضربٌ من الحَبِّ معروف، أَصلُه ذُرَوٌ أَو ذُرَيٌ، والهاءُ
عِوَض، يقال للواحِدَة ذُرَةٌ، والجَماعة ذُرَةٌ، ويقال له أَرْزَن
(*
قوله «ويقال له أرزن» هكذا في الأصل). وذَرَّيْتُه: مَدَحْتُه؛ عن ابن
الأَعرابي. وفلان يُذَرِّي فلاناً: وهو أَن يرفع في أَمره ويمدحه. وفلان
يُذَرِّي حَسَبَه أَي يمدحه ويَرْفَعُ من شأْنه؛ قال رؤبة:
عَمْداً أُذَرّي حَسَبِي أَن يُشْتَمَا،
لا ظَالِمَ الناس ولا مُظَلَّما
ولم أَزَلْ، عن عِرْضِ قَوْمِي، مِرْجَمَا
بِهَدْرِ هَدَّارٍ يَمُجُّ البَلْغَما
أَي أَرْفَعُ حَسَبي عن الشَّتِيمةِ. قال ابن سيده: وإِنما أََثْبَتُّ
هذا هنا لأَن الاشتقاق يُؤذِنُ بذلك كأَنِّي جعلته في الذِّرْوَةِ. وفي
حديث أَبي الزناد: كان يقول لابنه عبد الرحمن كيفَ حديثُ كذا؟ يريدُ أَن
يُذَرِّيَ منه أَي يَرْفَعَ من قَدْره ويُنَوِّهَ بذِكْرِِِِِه.
والمِذْرَى: طَرَفُ الأَلْيةِ، والرَّانِفةُ ناحيَتُها.
وقولهم: جاء فلان يَنْفُضُ مِذْرَوَيْه إِذا جاء باغِياً يَتَهَدَّدُ؛
قال عَنْتَرة يهجو عُمارةَ بنَ زِيادٍ العَبِسِي:
أَحَوْلِيَ تَنْفُضُ اسْتُكَ مِذْرَوَيْها
لِتَقْتُلْنِي؟ فهأَنذا عُمارَا
يريد: يا عُمارَةُ، وقيل: المِذْرَوَانِ أَطْرافُ الأَلْيَتَيْن ليس
لهما واحد، وهو أَجْوَدُ القولين لأَنه لو قال مِذْرَى لقيل في التثنية
مِذْرَيانِ، بالياء، للمجاورة، ولَمَا كانت بالواو في التثنية ولكنه من باب
عَقَلْتُه بِثنْيَايَيْنِ في أَنه لم يُثَنَّ على الواحد؛ قال أَبو علي:
الدليلُ على أَن الأَلف في التثنية حرف إِعراب صحة الواو في مِذْرَوانِ،
قال: أَلا ترى أَنه لو كانت الأَلف إِعراباً أَو دليلَ إِعراب وليست
مَصُوغَةً في بناء جملة الكلمة متصلةً بها اتصالَ حرف الإِعراب بما بعده، لوجب
أَن تقلب الواو ياء فقال مِذْريانِ لأَنها كانت تكون على هذا القول
طَرَفاً كلامِ مَغْزىً ومَدْعىً ومَلْهىً، فصحة الواو في مِذْرَوانِ دلالةٌ
على أَن الأَلف من جملة الكلمة، وأَنها ليست في تقدير الانفصال الذي
يكون في الإَعراب، قال: فجَرَتِ الأَلف في مِذْرَوانِ مَجْرَى الواو في
عُنْفُوانٍ وإِن اختلفت النون وهذا حسن في معناه، قال الجوهري: المقصور إِذا
كان على أَربعة أَحرف يثنى بالياء على كل حال نحو مِقْلىً ومِقْلَيانِ.
والمِذْرَوانِ: ناحيتا الرأْسِ مثل الفَوْدَيْن. ويقال: قَنَّع الشيبُ
مِذْرَوَيْه أَي جانِبَيْ رأْسه، وهما فَوْداهُ، سمِّيا مِذْرَوَينِ لأَنهما
يَذْرَيانِ أَي يَشيبَانِ. والذُّرْوةُ: هو الشيب، وقد ذَرِيَتْ
لِحْيَتُه، ثم استُعِير للمَنْكِبَيْنِ والأَلْيَتَيْن والطَّرَفَيْن. وقال
أَبو حنيفة: مِذْرَوا القَوْس المَوْضِعان اللَّذَانِ يقع عليهما الوَتَر من
أَسْفلَ وأَعْلَى؛ قال الهذلي:
على عَجْسِ هَتَّافَــةِ المِذْرَوَيْـ
ـنِ،صَفْرَاءَ مُضْجَعَةٍ في الشِّمالْ
قال: وقال أَبو عمرو واحدها مِذْرىً، وقيل: لا واحدها لها، وقال الحسن
البصري: ما تَشَاءُ أَن ترى أَحدهم ينفض مِذْرَوَيْه، يقول هَأَنَذَا
فَاعْرِفُونِي. والمِذْرَوَانِ كَأَنَّهما فَرْعَا الأَلْيَتين، وقيل:
المِذْرَوَانِ طرفا كلِّ شيء، وأَراد الحسن بهما فَرْعَي المَنْكِبَيْن، يقال
ذلك للرجل إِذا جاء باغياً يَتَهَدَّدُ. والمِذْرَوَانِ: الجانِبَانِ من
كل شيء، تقول العرب: جاء فُلانٌ يَضْرِبُ أَصْدَرَيْه ويَهُزّ عِطْفَيه
ويَنْفُضُ مِذْرَوَيْه، وهما مَنْكِبَاه.
وإِنّ فلاناً لكَريمُ الذَّرَى أَي كريم الطَّبِيعَة. وذَرَا الله
الخَلْق ذَرْواً: خَلَقهم، لغة في ذَرَأَ. والذَّرْوُ والذَّرَا
والذُّرِّيَّة: الخَلْق، وقيل: الذَّرْوُ والذَّرَا عددُ الذُّرِّيَّة. الليث:
الذُّرِّيَّة تقع على الآباءِ والأَبْناءِ والأَوْلادِ والنِّسَاء. قل الله
تعالى: وآية لهم أَنَّا حملنا ذُرِّيَّتهم في الفُلْك المشحون؛ أَراد آباءهم
الذين حُمِلُوا مع نوح في السفينة. وقوله، صلى الله عليه وسلم، ورأَى في
بعض غَزَواته امرأَةً مَقْتولةً فقال: ما كانت هَذِه لتُقاتِلَ، ثم قال
للرجل: الْحَقْ خالداً فقلْ له لا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً ولا عَسِيفاً،
فسمَّى النساءَ ذُرِّيَّةً. ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: جُحُّوا
بالذُّرِّيَّة لا تأْكلوا أَرزاقَها وتَذَرُوا أَرْباقَها في أَعْناقِها؛ قال أَبو
عبيد: أَراد بالذُّرِّيَّة ههنا النساءَ، قال: وذهب جماعة من أَهل
العربيَّة إِلى أَن الذُّرِّيَّةَ أَصلها الهمز، روى ذلك أَبو عبيد عن
أَصحابه، منهم أَبو عبيدة وغيره من البصريين، قال: وذهَب غيرُهم إِلى أَن أَصل
الذُّرِّيَّة فُعْلِيَّةٌ من الذَّرِّ، وكلٌّ مذكورٌ في موضعه. وقوله عز
وجل: إِنَّ الله اصطَفى آدمَ ونُوحاً وآل إِبراهيم وآلَ عِمْرانَ على
العالمين، ثم قال: ذُرِّيَّةً بعضُها من بعض؛ قال أَبو إِسحق: نصَبَ
ذُرِّيَّةً على البدلِ؛ المعنى أَنَّ الله اصطفى ذرِّيَّة بعضها من بعضٍ، قال
الأَزهري: فقد دخلَ فيها الآباءُ والأَبْناءُ، قال أَبو إِسحق: وجائز أَن
تُنْصَب ذريةً على الحال؛ المعنى اصطفاهم في حال كون بعضهم من بعض. وقوله
عز وجل: أَلْحَقْنا بهم ذُرِّيَّاتِهِم؛ يريد أَولادَهُم الصغار.
وأَتانا ذَرْوٌ من خَبَرٍ: وهو اليسيرُ منه، لغة في ذَرْءٍ. وفي حديث
سليمان بن صُرَد: قال لعليّ، كرم الله وجهه: بلغني عن أَمير المؤمنين
ذَرْوٌ من قول تَشَذَّرَ لي فيه بالوَعِيد فسِرْتُ إِليه جواداً؛ ذَرْوٌ من
قَوْلٍ أَي طَرَفٌ منه ولم يتكامل. قال ابن الأَثير: الذَّرْوُ من الحديث
ما ارتفعَ إِليك وتَرامى من حواشيه وأَطرافِه، من قولهم ذَرا لي فلان أَي
ارتفَع وقصَد؛ قال ابن بري: ومنه قول أَبي أُنَيْسٍ حليف بَني زُهْرة
واسمه مَوْهَبُ بنُ رياح:
أَتاني عَنْ سُهَيْلٍ ذَرْوُ قَوْلٍ
فأَيْقَظَني، وما بي مِنْ رُقادِ
وذَرْوة: موضع. وذَرِيَّات: موضع؛ قال القتال الكِلابي:
سقى اللهُ ما بينَ الرِّجامِ وغُمْرَةٍ،
وبئْرِ ذَرِيَّاتٍ بهِنَّ جَنِينُ
نَجاءَ الثُّرَيَّا، كُلَّما ناءَ كْوكَبٌ،
أَهلَّ يَسِحُّ الماءَ فيه دُجُونُ
وفي الحديث: أَوَّلُ الثلاثةِ يدخُلونَ النارَ منهم ذو ذَرْوةٍ لا
يُعْطِي حَقَّ اللهِ من ماله أَي ذُو ثَرْوةٍ وهي الجِدَةُ والمالُ، وهو من
باب الاعتقاب لاشتراكهما في المخرج.
وذِرْوَةُ: اسم أَرضٍ بالبادية. وذِرْوة الصَّمَّان: عالِيَتُها.
وذَرْوَةُ: اسم رجل. وبئر ذَرْوانَ، بفتح الذال وسكون الراء: بئْر لبَني
زُرَيْق بالمدينة. وفي حديث سِحْرِ النبي، صلى الله عليه وسلم: بئر ذَرْوانَ؛
قال ابن الأَثير: وهو بتقديم الراء على الواو موضع بينَ قُدَيْدٍ
والجُحْفَة. وذَرْوَةُ بن حُجْفة: من شعرائهم. وعَوْفُ بنُ ذِرْوة، بكسر الذال:
من شُعرائِهِم. وذَرَّى حَبّاً: اسم رجل؛ قال ابن سيده: يكون من الواو
ويكون من الياء. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: ولتأْلَمُنَّ النَّوْمَ
على الصوف الأَذْرِيِّ كما يَأْلَم أَحدُكم النومَ على حَسَكِ
السَّعْدانِ؛ قال المبرد: الأَذْرِيّ منسوب إِلى أَذْرَبيجانَ، وكذلك تقول العرب،
قال الشماخ:
تَذَكَّرْتُها وَهْناً، وقَدْ حالَ دُونَها
قُرى أَذَرْبيجانَ المسالِحُ والجالُ
قال: هذه مواضع كلها.
عير: العَيْر: الحمار، أَيّاً كان أَهليّاً أَو وَحْشِيّاً، وقد غلب على
الوَحْشِيْ، والأُنثى عَيْرة. قال أَبو عبيد: ومن أَمثالهم في الرضا
بالحاضر ونِسْيان الغائب قولهم: إِن ذَهَب العَيْرُ فعَيْرٌ في الرِّباط؛
قال: ولأَهل الشام في هذا مثل: عَيْرٌ بِعَيْرٍ وزيادةُ عشرة. وكان خلفاء
بني أُميّة كلما مات واحد منهم زاد الذي يخلُفه في عطائهم عشرة فكانوا
يقولون هذا عند ذلك. ومن أَمثالهم: فلان أَذَلُّ من العَيُرِ، فبعضهم يجعله
الحمار الأَهلي، وبعضهم يجعله الوتد؛ وقول شمر:
لو كُنْتَ عَيْراً كُنْتَ عَيْرَ مَذَلَّة،
أَو كُنْتَ عَظْماً كُنْتَ كِسْرَ قَبِيح
أَراد بالعَيْر الحمارَ، وبِكْسرِ القبيح طرف عظم المِرْفق الذي لا لحم
عليه؛ قال: ومنه قولهم فلان أَذلُّ من العَيْر. وجمع العَيْر أَعْيارٌ
وعِيارٌ وعُيورٌ وعُيُورة وعِيَارات، ومَعْيوراء اسم للجمع. قال الأَزهري:
المَعْيُورا الحَمِير، مقصور، وقد يقال المَعْيوراء ممدودة، مثل
المَعْلوجاء والمَشْيُوخاء والمَأْتوناء، يمد ذلك كله ويقصر. وفي الحديث: إِذا
أَرادَ اللهُ بَعْبَدٍ شَرّاً أَمْسَك عليه بذُنوبِه حتى يُوافيه يوم
القيامة كأَنه عَيْر؛ العَيْر: الحمار الوحشي، وقيل: أَراد الجبَل الذي
بالمدينة اسمه عَيْر، شبَّه عِظَم ذنوبه به. وفي حديث عليّ: لأَنْ أَمْسْح على
ظَهْر عَيْر بالفلاة أَي حمارِ وحْشٍ؛ فأَما قول الشاعر:
أَفي السِّلْم أَعْياراً جَفاءً وغلْظةً،
وفي الحَرْب أَشباهَ النّساء العَوارك؟
فإِنه لم يجعلهم أَعْياراً على الحقيقة لأَنه إِنما يخاطب قوماً، والقوم
لا يكونون أَعياراً وإِنما شبّههم بها في الجفاء والغلظة، ونصبه على
معنى أَتَلَوّنون وتَنَقّلون مرة كذا ومرة كذا؟ وأَما قول سيبويه: لو
مَثَّلْت الأَعْيار في البدل من اللفظ بالفعل لقلت: أَتَعَيَّرون إِذا أَوضحت
معناه، فليس من كلام العرب، إِنما أَراد أَن يصوغُ فعلاً أَي بناءَ
كَيْفِيَّة البدل من اللفظ بالفعل، وقوله لأَنك إِنما تُجْرِيه مُجْرى ما له
فعل من لفظه، يُدلّك على أَن قوله تَعَيّرون ليس من كلام العرب. والعَيرُ
العظم الناتئ وسط الكف
(* قوله: «وسط الكف» كذا في الأَصل، ولعله الكتف.
وقوله: معيرة ومعيرة على الأَصل، هما بهذا الضبط في الأَصل وانظره مع
قوله على الأَصل فلعل الأَخيرة ومعيرة بفتح الميم وكسر العين). والجمع
أَعْيارٌ. وكَتِفٌ مُعَيَّرة ومُعْيَرة على الأَصل: ذات عَيْر. وعَيْر النصل:
الناتئ في وسطه؛ قال الراعي:
فصادَفَ سَهْمُه أَحْجارَ قُفٍّ،
كَسَرْن العَيْرَ منه والغِرارا
وقيل: عَيْرُ النَّصل وسطه. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو عمرو: نصل
مُعْيَر فيه عَيْر. والعَيْر من أُذن الإِنسان والفرسِ ما تحت الفَرْع من باطنه
كعَيْر السهم، وقيل: العَيْرانِ مَتْنا أُذُنَى الفرس. وفي حديث أَبي
هريرة: إِذا تَوضَّأْتَ فأَمِرَّ على عِيَار الأُذُنين الماء؛ العِيارُ جمع
عَيْرٍ، وهو الناتئ المرتفع من الأَذن. وكل عظم ناتئ من البدن:
عَيْرٌ. وعَير القدم: الناتئ في ظهرها. وعَيرُ الوَرقة: الخط الناتئ في وسطها
كأَنه جُدَيِّر. وعَيرُ الصخرة: حرفٌ ناتئ فيها خلقة، وقيل: كل ناتئ
في وسط مستو عَيرٌ. وعَيْرُ الأُذن: الوتد الذي في باطنها. والعَيْر:
ماقيء العين؛ عن ثعلب، وقيل: العَيْر إِنسانُ العين، وقيل لَحْظُها؛ قال
تأَبَّطَ شَرّاً:
ونارٍ قد حَضَأْتُ بُعَيْد وَهْنٍ،
بدارٍ ما أُرِيدُ بها مُقاما
سوى تَحْلِيل راحِلة وعَيْرٍ،
أُكالِئُه مَخافةَ أَن يَناما
وفي المثل: جاءَ قَبْلَ عَيْرٍ وما جَرَى أَي قبل لحظة العين. قال أَبو
طالب: العَيْر المِثال الذي في الحدقة يسمى اللُّعْبة؛ قال: والذي جرى
الطَّرْفُ، وجَرْيُه حركته؛ والمعنى: قبل أَن يَطْرِف الإِنسانُ، وقيل:
عَيْرُ العين جَفْنُها. قال الجوهري: يقال فعلت قبل عِيْرٍ وما جرى. قال
أَبو عبيدة: ولا يقال أَفعل؛ وقول الشماخ:
أَعَدْوَ القِبِصَّى قبل عَيْرٍ وما جَرى،
ولم تَدْرِ ما خُبْرِي، ولم أَدْرِ ما لَها؟
فسره ثعلب فقال: معناه قبل أَن أَنظر إِليك، ولا يُتَكلّم بشيء من ذلك
في النفي. والقِبِصَّى والقِمِصَّى: ضَرْبٌ من العَدْو فيه نَزْوٌ. وقال
اللحياني: العَيْرُ هنا الحمار الوحشي، ومن قال: قبل عائرٍ وما جرى، عنى
السهم. والعَير: الوَتد. والعَيْر: الجَبلُ، وقد غلب على جبل بالمدينة.
والَعيْر: السيّد والمَلِك. وعَيْرُ القوم: سيّدُهم؛ وقوله:
زعَمُوا أَنّ كلَّ مَن ضَرَبَ العَيْـ
ـر مَوالٍ لنا، وأَنَّى الوَلاءُ؟
(* في معلقة الحرث بن حِلْزة: «مُوال لنا ـــــ وأَنّا الوَلاء» ولا
يمكن إِصلاح هذا البيت على ما هو عليه في المعلقة لأَن له شرحاً يناسب
روايته هنا لاحقاً).
قيل: معناه كلُّ مَن ضرب بِجفنٍ على عَيْرٍ، وقيل: يعني الوتد، أَي من
ضرب وتِداً من أَهل العَمَد، وقيل: يعني إِياداً لأَنهم أَصحاب حَمِير،
وقيل: يعني جبلاً، ومنهم من خص فقال: جبلاً بالحجاز، وأَدخل عليه اللام
كأَنه جعله من أَجْبُلٍ كلُّ واحد منها عَيْر، وجعل اللام زائدة على
قوله:ولقد نَهَيْتُك عن بناتِ الأَوْبَرِ
إِنما أَراد بنات أَوبر فقال: كل من ضربه أَي ضرب فيه وتداً أَو نزله،
وقيل: يعني المُنْذِر بن ماء السماء لِسيادتهِ، ويروي الوِلاء، بالكسر،
حكى الأَزهري عن أَبي عمرو بن العلاء، قال: مات مَنْ كان يحسن تفسير بيت
الحرث بن حلزة: زعموا أَن كلَّ مَنْ ضَرَب العَيْر (البيت).
قال أَبو عمر: العَيْر هو الناتئ في بُؤْبُؤِ العين، ومعناه أَن كل من
انْتَبَه من نَوْمِه حتى يدور عَيْرُه جَنى جناية فهو مَوْلًى لنا؛
يقولونه ظلماً وتجَنّياً؛ قال: ومنه قولهم: أَتيتك قبل عَيْرٍ وما جَرى أَي
قبل أَن ينتبه نائم. وقال أَحمد بن يحيى في قوله: وما جرى، أَرادوا
وجَرُيه، أَرادوا المصدر. ويقال: ما أَدري أَيّ مَن ضرب العَيْر هو، أَي أَيّ
الناس هو؛ حكاه يعقوب. والعَيْرانِ: المَتْنانِ يكتنفان جانبي الصُّلْب.
والعَيْرُ: الطَّبْل.
وعارَ الفرسُ والكلبُ يَعِير عِياراً: ذهب كأَنه مُنْفَلت من صاحبه
يتردد ومن أَمثالهم: كَلْبٌ عائرٌ خيرٌ مِن كَلْبٍ رابِضٍ؛ فالعائرُ المتردد،
وبه سمي العَيْرُ لأَنه يَعِير فيتردّد في الفلاة. وعارَ الفرسُ إِذا
ذهب على وجهه وتباعد عن صاحبه. وعارَ الرجلُ في القوم يضربُهم: مثل عاث.
الأَزهري: فرسٌ عَيّارٌ إِذا عاثَ، وهو الذي يكون نافراً ذاهباً في الأَرض.
وفرس عَيّار بأَوصالٍ أَي بَعِير ههنا وههنا من نشاطه. وفرس عَيّار إِذا
نَشِط فرَكِبَ جانباً ثم عدل إِلى جانب آخر من نشاطه؛ وأَنشد أَبو عبيد:
ولقد رأَيتُ فوارِساً مِن قَوْمِنا،
غَنَظطُوك غَنْظَ جَرادةِ العَيّارِ
قال ابن الأَعرابي في مثل العرب: غَنَظُوه غَنْظَ جرادة العيّار؛ قال:
العَيّار رجل، وجرادة فرس؛ قال: وغيره يخالفه ويزعم أَن جرادة العيّار
جَرادةٌ وُضِعَت بين ضِرْسيه فأَفْلَتت، وقيل: أَراد بجرادة العَيَّار جرادة
وضعها في فيه فأَفْلَتت من فيه، قال: وغَنَظَه وركَظَعه يَكِظُه
وَكْظاً، وهي المُواكَظَة والمُواظبة، كل ذلك إِذا لازمه وغمَّه بشدة تَقاضٍ
وخُصومة؛ وقال:
لو يُوزَنون عِياراً أَو مُكايَلةً،
مالُوا بسَلْمَى، ولم يَعْدِلهْمُ أَحَدُ
وقصيدة عاثرة: سائرة، والفعل كالفعل،د والاسم العِيَارة. وفي الحديث:
أَنه كان يمُرّ بالتمرة العاثِرةِ فما يَمْنعُه من أَخذها إِلاَّ مَخافةُ
أَن تكون من الصدقة؛ العائرة: الساقطة لا يُعْرَف لها مالك، من عارَ
الفرسُ إِذا انطلق من مرْبطه مارّاً على وجهه؛ ومنه الحديث: مَثقَلُ المُنافِق
مَثَلُ الشاةِ العائرة بين غَنَمْينِ أَي المتردّدة بين قَطِيعين لا
تَدْري أَيّهما تَتْبَع. وفي حديث ابن عمر في الكلب الذي دخل حائِطَه: إِنما
هو عائرٌ؛ وحديثه الآخر: أَنَّ فرساً له عارَ أَي أَفْلَت وذهب على
وجهه. ورجل عَيّار: كثير المجيء والذهاب في الأَرض، وربما سمي الأَسد بذلك
لتردده ومجيئه وذهابه في طلب الصيد: قال أَوس بن حجر:
لَيْثٌ عليه من البَرْدِيّ هِبْرِية،
كالمَزبَرانيّ، عَيَّارٌ بأَوْصالِ
(* قوله: «كالمزبراني إلخ» قال الجوهري في مادة رزب ما نصه: ورواه
المفضل كالمزبراني عيار بأوصال، ذهب إِلى زبرة الأسد فقال له الأَصمعي: يا
عجباه الشيء يشبه بنفسه وإِنما هو المرزباني ا هـ. وفي القاموس والمرزبة
كمرحلة رياسة الفرس وهو مرزبانهم بضم الزاي).
أَي يذهب بها ويجيء؛ قال ابن بري: من رواه عيّار، بالراء، فمعناه أَنه
يذهب بأَوْصال الرِّجال إِلى أَجَمَته، ومنه قولهم ما أَدري أَي الجراد
عارَِه، ويروى عَيَّال، وسنذكره في موضعه؛ وأَنشد الجوهري:
لَمّا رأَيتُ أَبَا عمرو رَزَمْتُ له
مِنِّي، كما رَزَمَ العَيَّارُ في الغُرُفِ
جمع غَرِيف وهو الغابة. قال: وحكى الفراء رجل عَيَّار إِذا كان كثير
التَّطْواف والحركة ذكِيّاً؛ وفرس عَيَّار وعيّال؛ والعَيْرانة من الإِبل:
الناجية في نشاطه، من ذلك، وقيل: شبّهت بالعَيْرِ في سرعتها ونشاطها، وليس
ذلك بقوي؛ وفي قصيد كعب:
عَيْرانة قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عن عُرُضٍ
هي الناقة الصلبة تَشْبيهاً بِعَيْر الوحش، والأَلف والنون زائدتان. ابن
الأَعرابي: العَيِّرُ الفرس النشيط. قال: والعرب تمدح بالعَيَّار
وتَذُمّ به، يقال: غلام عَيّار نَشِيط في المعاصي، وغلام عَيّار نشيط في طاعة
الله تعالى. قال الأَزهري: والعَيْر جمع عائِر وهو النشيط، وهو مدح
وذدمٌّ.عاورَ البَعِيرُ عَيَراناً إِذا كان في شَوْل فتركها وانطلق نحوَ
أُخْرَى يريد القَرْع،. والعائِرةُ التي تخرج من الإِبل إِلى أُخْرَى ليضربها
الفحل. وعارَ الأَرض يَعِير أَي ذهب، وعارَ الرجلُ في القوم يضربهم بالسيف
عَيَراناً: ذهب وجاء؛ ولم يقيده الأَزهري بضرب ولا بسيف بل قال: عارَ
الرجلُ يَعِير عَيَراناً، وهو تردّدهُ في ذهابه ومجيئه؛ ومنه قيل: كلْبٌ
عائِرٌ وعَيّار، وهو من ذوات الياء، وأَعطاه من المال عائرةَ عينين أَي ما
يذهب فيه البصر مرة هنا ومرة هنا، وقد تقدم في عور أَيضاً.
وعيرانُ الجراد وعَوائِرهُ: أَوائلُِ الذاهبة المفْترقة في قلة. ويقال:
ما أَدري أَيّ الجراد عارَه أَي ذهب به وأَتْلَفه، لا آتَي له في قول
الأَكثر،
(* هكذا في الأصل). وقيل:
يَعِيره ويَعُوره؛ وقول مالك بن زغبة:
إِذا انتسأوا فَوْتَ الرِّماح، أَتَتْهُمُ
عوائرُ نَبْلٍ، كالجرادِ نُطِيرُها
عنى به الذاهبة المتفرقة؛ وأَصله في الجراد فاستعاره قال المؤرج: ومن
أَمثالهم؛ عَيْرٌ عارَه وَتِدُه؛ عارَه أَي أَهلكه كما يقال لا أَدري أَيّ
الجراد عارَه. وعِرْث ثوبه: ذهبت به. وعَيَّر الدينارَ: وازَنَ به آخر.
وعَيَّر الميزان والمكيال وعاوَرَهما وعايَرَهُما وعايَرَ بينهما
مُعايَرَة وعِياراً: قدَّرَهما ونظر ما بينهما؛ ذكر ذلك أَبو الجراح في باب ما
خالفت العامة فيه لغة العرب. ويقال: فلان يُعايرُ فلاناً ويُكايلُه أَي
يُسامِيه ويُفاخِره. وقال أَبو زيد: يقال هما يتعايبانِ ويَتَعايَران،
فالتعايُرُ التسابّ، والتَعايُب دون التَّعايُرِ إِذا عاب بعضهم بعضاً.
والمِعْيار من المكاييل: ما عُيِّر. قال الليث: العِيَار ما عايَرْت به
المكاييل، فالعِيَار صحيح تامٌّ وافٍ، تقول: عايَرْت به أَي سَوَّيْتُه،
وهو العِيَار والمِعْيار. يقال: عايِرُوا ما بين مكاييلكم ومَوازِينكم،
وهو فاعِلُوا من العِيَار، ولا تقل: عَيِّروا.
وعَيَّرْتُ الدنانير: وهو أَن تُلْقِي ديناراً ديناراً فتُوازِنَ به
ديناراً ديناراً، وكذلك عَيَّرْت تْعْييراً إِذا وَزَنْت واحداً واحداً،
يقال هذا في الكيل والوزن. قال الأَزهري: فرق الليث بين عايَرْت وعَيَّرْت،
فجعل عايَرْت في المكيال وعَيَّرْت في الميزان؛ قال: والصواب ما ذكرناه
في عايَرْت وعَيَّرت فلا يكون عَيَّرْت إِلاَّ من العار والتَّعْيِير؛
وأَنشد الباهلي قول الراجز:
وإِن أَعارَت حافراً مُعارا
وَأْباً، حَمَتْ نُسوُرَهُ الأَوْقارا
وقال: ومعنى أَعارَت رفعت وحوّلت، قال: ومنه إِعارةُ الثياب والأَدوات.
واستعار فلانٌ سَهْماً من كِنانته: رفعه وحوَّله منها إِلى يده؛ وأَنشد
قوله:
هتَّافــة تَحْفِض مَن يُدِيرُها،
وفي اليَدِ اليُمْنَى لِمُسْتَعِيرها،
شَهْباءُ تَروي الرِّيشَ مِن بَصِيرها
شهباء: مُعْبَلة، والهاء في مُسْتَعِيرها لها. والبَصِيرة: طريقة الدّم.
والعِيرُ، مؤنثة: القافلة، وقيل: العِيرُ الإِبل التي تحمل المِيرَة، لا
واحد لها من لفظها. وفي التنزيل: ولَمَّا فَصَلت العِيرُ؛ وروى سلمة عن
الفراء أَنه أَنشده قول ابن حلِّزة:
زعموا أَنَّ كلّ مَن ضَرَبَ العِير
بكسر العين. قال: والعِيرُ الإِبل، أَي كلُّ من رَكِب الإِبل مَوالِ لنا
أَي العربُ كلهم موالٍ لنا من أَسفل لأَنا أَسَرْنا فيهم قلَنا نِعَمٌ
عليهم؛ قال ابن سيده: وهذا قول ثعلب، والجمع عِيَرات، قال سيبويه: جمعوه
بالأَلف والتاء لمكان التأْنيث وحركوا الياء لمكان الجمع بالتاء وكونه
اسماً فأَجمعوا على لغة هذيل لأَنهم يقولون جَوَزات وبَيّضات. قال: وقد قال
بعضهم عِيرات، بالإِسكان، ولم يُكَسَّر على البناء الذي يُكَسَّر عليه
مثله، جعلوا التاء عوضاً من ذلك، كما فعلوا ذلك في أَشياء كثيرة لأَنهم مما
يستغنون بالأَلف والتاء عن التكسير، وبعكس ذلك، وقال أَبو الهيثم في
قوله: ولما فَصَلَت العِيرُ كانت حُمُراً، قال: وقول من قال العِيرُ الإِبلُ
خاصّة باطلٌ. العِيرُ: كلُّ ما امْتِيرَ عليه من الإِبل والحَمِير
والبغال، فهو عِيرٌ؛ قال: وأَنشدني نُصَير لأَبي عمرو السعدي في صفة حَمِير
سماها عِبراً:
أَهكذا لا ثَلَّةٌ ولا لَبَنْ؟
ولا يُزَكِّين إِذا الدَّيْنُ اطْمَأَنّْ،
مُفَلْطَحات الرَّوْثِ يأْكُلْن الدِّمَنْ،
لا بدّ أَن يَخْترْن مِنِّي بين أَنْ
يُسَقْنَ عِيراً، أَو يُبَعْنَ بالثَّمَنْ
قال: وقال نصيرٌ الإِبل لا تكون عِيراً حتى يُمْتارَ عليها. وحكى
الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: العيرُ من الإِبل ما كان عليه حملُه أَو لم
يكن. وفي حديث عثمان: أَنه كان يشتري العِيرَ حُكْرة، ثم يقول: من
يُرْبِحُني عُقْلَها؟ العِيرُ: الإِبل بأَحْمالها. فِعْلٌ من عارَ يَعير إِذا سار،
وقيل: هي قافلة الحَمِير، وكثرت حتى سميت بها كل قافلة، فكل قافلة عِيرٌ
كأَنها جمع عَيْر، وكان قياسها أَن يكون فُعْلاً، بالضم، كسُقْف في
سَقْف إِلاَّ أَنه حوفظ على الياء بالكسرة نحو عِين. وفي الحديث: أَنهم كانوا
يترصّدون عِيَرات قُرَيْش؛ هو جمع عِير، يريد إِبلهم ودوابهم التي كانوا
يتاجرون عليها. وفي حديث ابن عباس: أَجاز لها العْيَرات؛ هي جمع عِيرٍ
أَيضاً؛ قال سيبويه: اجتمعوا فيها على لغة هذيل، يعني تحريك الياء،
والقياس التسكين؛ وقول أَبي النجم:
وأَتَت النَّمْلُ القُرَى بِعِيرها،
من حَسَكِ التَّلْع ومن خافورها
إِنما استعاره للنمل، وأَصله فيما تقدم.
وفلان عُيَيْرُ وَحْدِه إِذا انفرد بأَمره، وهو في الذمِّ، كقولك:
نَسِيج وحده، في المدح. وقال ثعلب: عُيَيْرُ وَحْدِه أَي يأْكل وحده. قال
الأَزهري: فلانٌ عُيَيْرُ وحده وجُحَيْش وَحْدِه. وهما اللذان لا يُشاوِران
الناس ولا يخالطانهم وفيهما مع ذلك مهانة وضعف. وقال الجوهري: فلان
عُيَيْرُ وَحْدِه وهو المعجب برأْيه، وإِن شئت كسرت أَوله مثل شُيَيْخٍ
وشِيَيْخٍ، ولا تقل: عُوَير ولا شُوَيخ.
والعارُ: السُّبّة والعيب، وقيل: هو كل شيء يلزم به سُبّة أَو عيب،
والجمع أَعْيارٌ. ويقال: فلان ظاهرُ الأَعْيارِ أَي ظاهر العيوب؛ قال
الراعي:ونَبَتَّ شَرَّ بَني تميم مَنْصِباً،
دَنِسَ المُروءَةِ ظاهرَ الأَعْيارِ
كأَنه مما يُعَيَّر به، والفعل منه التَّعْيير، ومن هذا قيل: هم
يَتَعَيَّرون من جيرانِهم الماعونَ والأَمتعة؛ قال الأَزهري: وكلام العرب
يَتَعَوَّرون، بالواو، وقد عيّره الأَمرَ؛ قال النابغة:
وعَيَّرَتْني بنو ذُبْيانَ خَشيَتَه،
وهل عليّ بأَنْ أَخْشاكَ مِن عار؟
وتعايرَ القومُ: عَيَّر بعضُهم بعضاً، والعامة تقول: عيّره بكذا.
والمَعايرُ: المعايب؛ يقال: عارَه إِذا عابَه؛ قالت ليلى الأَخيلية:
لعَمْرُك ما بالموت عارٌ على امرئٍ،
إِذا لم تُصِبْه في الحياة المَعايرُ
وتعايرَ القومُ: تعايَبُوا. والعارِيَّة: المَنيحة، ذهب بعضهم إِلى
أَنها مِن العارِ، وهو قُوَيل ضعيف، وإِنما غرّهم منه قولهم يَتَعَيَّرون
العَواريِّ، وليس على وضعه إِنما هي مُعاقبة من الواو إِلى الياء. وقال
الليث: سميت العاريّة عاريَّةً لأَنها عارٌ على من طلبها. وفي الحديث: أَن
امرأَة مخزومية كانت تَسْتَعِير المتاعَ وتَجْحَده فأَمر بها فقُطعَت
يدُها؛ الاستعارةُ من العاريّة، وهي معروفة. قال ابن الأَثير: وذهب عامة أَهل
العلم إِلى أَن المُسْتَعِير إِذا جحد العاريَّة لا يُقْطَع لأَنه جاحد
خائن، وليس بسارق، والخائن والجاحد لا قطع عليه نصّاً وإِجماعاً. وذهب
إِسحق إِلى القول بظاهر هذا الحديث، وقال أَحمد: لا أَعلم شيئاً يدفعه؛ قال
الخطابي: وهو حديث مختصرُ اللفظ والسياقِ وإِنما قُطِعَت المخزومية
لأَنها سَرَقت، وذلك بََيِّنٌ في رواية عائشة لهذا الحديث؛ ورواه مسعود بن
الأَسود فذكر أَنها سرقت قَطِيفة من بيت رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم،
وإِنما ذكرت الاستعارة والجحد في هذه القصة تعريفاً لها بخاصّ صفتها إِذ
كانت الاستعارة والجحد معروفة بها ومن عادتها، كما عُرِّفت بأَنها
مخزوميَّة، إِلاَّ أَنها لما استمر بها هذا الصنيع ترقَّت إِلى السرقة، واجترأَت
عليها، فأَمر بها فقطعت. والمُسْتَعِير: السَّمِين من الخيل. والمُعارُ:
المُسَمَّن. يقال: أَعَرْت الفرس أَسْمنْتُه؛ قال:
أَعِيرُوا خَيْلَكم ثم ارْكُضوها،
أَحَقُّ الخيل بالرَّكْضِ المُعارُ
ومنهم من قال: المُعار المنتوف الذنب، وقال قوم: المُعار المُضَمَّر
المُقَدَّح، وقيل: المُضَمَّر المُعار لأَن طريقة متنه نتأَت فصار لها عيرٌ
ناتئ، وقال ابن الأَعرابي وحده: هو من العاريَّة، وذكره ابن بري أَيضاً
وقال: لأَن المُعارَ يُهان بالابتذال ولا يُشْفَق عليه شفقة صاحبه؛ وقيل
في قوله :
أَعيروا خيلكم ثم اركبوها
إِن معنى أَعيروها أَي ضَمِّروها بترديدها، من عارَ يَعير، إِذا ذهب
وجاء. وقد روي المِعار، بكسر الميم، والناس رَوَوْه المُعار؛ قال: والمِعارُ
الذي يَحِيد عن الطريق براكبه كما يقال حادَ عن الطريق؛ قال الأَزهري:
مِفْعَل من عارَ يَعِير كأَنه في الأَصل مِعْيَر، فقيل مِعار. قال
الجوهري: وعارَ الفَرَسُ أَي انفَلَت وذهب ههنا وههنا من المَرَح، وأَعارَه
صاحبُه، فهو مُعَار؛ ومنه قول الطِّرمَّاح:
وجَدْنا في كتاب بني تميمٍ:
أَحَقُّ الخيل بالرَّكْضِ المُعارُ
قال: والناسُ يَرَوْنه المُعار من العارِيَّة، وهو خَطَأ؛ قال ابن بري:
وهذا البيت يُروى لِبشْر بن أَبي خازِم.
وعَيْرُ السَّراة: طائر كهيئة الحمامة قصير الرجلين مُسَرْوَلُهما أَصفر
الرِّجلين والمِنقار أَكحل العينين صافي اللَّوْن إِلى الخُضْرة أَصفر
البطن وما تحت جناحيه وباطن ذنبه كأَنه بُرْدٌ وشِّيَ، ويُجمَع عُيُورَ
السَّراةِ، والسَّراةُ موضع بناحية الطائف، ويزعمون أَن هذا الطائر يأْكل
ثلثمائة تِينةٍ من حين تطلعُ من الوَرقِ صِغاراً وكذلك العِنَب.
والعَيْرُ: اسم رجُل كان له وادٍ مُخْصِب، وقيل:
هو اسم موضع خَصيب غيَّره الدهرُ فأَقفر، فكانت العرب تستوحشه وتضرب به
المَثَل في البلَد الوَحْش، وقيل: هو اسم وادٍ؛ قال امرؤ القيس:
ووادٍ، كجَوْف العَيْرِ، قَفْرٍ مَضِلَّةٍ،
قطعتُ بِسَامٍ ساهِمِ الوَجْهِ حَسَّانِ
قال الأَزهري: قوله كجَوْف العَيرِ، أَي كوادي العَيرِ وكلُّ وادٍ عند
العرب: جوفٌ. ويقال للموضع الذي لا خيرَ فيه: هو كجوف عَيرٍ لأَنه لا شيء
في جَوْفه يُنتفع به؛ ويقال: أَصله قولهم أَخلى من جَوْف حِمار. وفي حديث
أَبي سفيان: قال رجل: أُغْتال محمداً ثم آخُذُ في عَيْرٍ عَدْوي أَي
أَمْضي فيه وأَجعلُه طريقي وأَهْرب؛ حكى ذلك ابن الأَثير عن أَبي موسى.
وعَيْرٌ: اسم جَبلَ؛ قال الراعي:
بِأَعْلام موَرْكُوزٍ فَعَيْرٍ فَعُزَّبٍ،
مَغَانِيَ أُمِّ الوَبْرِ إِذْ هِيَ ما هِيَا
وفي الحديث: أَنه حَرَّم ما بين عَيْرٍ إِلى ثَوْرٍ؛ هما جبلان، وقال
ابن الأَثير: جبلان بالمدينة، وقيل: ثَوْرٌ بمكة؛ قال: ولعلّ الحديث ما بين
عَيْرٍ إِلى أُحُد، وقيل: بمكة أَيضاً جبل يقال له عَيْرٌ.
وابْنَةُ مِعْيَرٍ الداهية. وبنَاتُ مِعْيَرٍ: الدواهي؛ يقال: لقيت منه
ابْنَةَ مِعْيَرٍ؛ يُريدون الداهية والشدّة.
وتِعَارٌ، بكسر التاء: اسم جبَل؛ قال بِشْر يصف ظُعْناً ارتحلن من
منازلهن فشبّههنَّ في هَوَادِجِهِن بالظِّباء في أَكْنِسَتِها:
وليل ما أَتَيْنَ عَلى أَرُومٍ
وَشابَة، عن شمائِلها تِعارُ
كأَنَّ ظِباءَ أَسْنِمَة عليها
كَوانِس، قالِصاً عنها المَغَارُ
المَغارُ: أَماكن الظِّباء، وهي كُنُسها. وشابَة وتِعار: جبَلان في
بِلاد قيس. وأَرُوم وشابة: موضعان.