نيــنوفر
نَيْــنُوفَرٌ, or نَيْــنَوْفَرٌ: see art. نيلوفر.
فور: فارَ الشيء فَوْراً وفُؤُوراً وفُواراً وفَوَراناً: جاش. وأَفَرْته
وفُرْتُه المتعدّيان؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فلا تَسْأَلِيني واسأَلي عن خَلِيقَتي،
إِذا رَدَّ عافي القِدْر، مَنْ يَسْتَعِيرُها
وكانوا قُعوداً حَوْلَها يَرْقُبونها،صلى الله عليه وسلموكانتْ فَتاةُ
الحيّ ممن يُفيرُها
يُفِيرُها: يوقد تحتها، ويروى يَفُورها على فُرْتُها، ورواه غيره
يُغِيرها أَي يشدّ وَقُودها. وفارتِ القِدْرُ تَفُور فَوْراً وفَوَراناً إِذا
غلت وجاشت. وفار العِرْقُ فَوَراناً: هاج ونَبَعَ. وضرْبٌ فَوَّار:
رَغِيبٌ واسع؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
بِضَرْبٍ يُخَفِّتُ فوَّارُه،
وطَعْنٍ تَرى الدمَ منه رَشِيشا
إِذا قَتَلوا منكمُ فارساً،
ضَمِنَّا له خَلْفَه أَن يَعِيشا
يُخَفِّتُ فَوَّارُه أَي أَنها واسعة فدمها يسيل ولا صوت له. وقوله:
ضَمِنَّا له خَلْفَه أَن يعيشا، يعني أَنه يُدْرَكُ بثأْره فكأَنه لم يُقتل.
ويقال: فارَ الماءُ من العين يَفُورُ إِذا جاش. وفي الحديث: فجعل الماءُ
يَفُور من بين أَصابعه أَي يَغْلي ويظهر متدفِّقاً. وفارَ المسكُ
يَفُورُ فُوَاراً وفَواراناً: انتشر. وفارةُ المِسْكِ: رائحته، وقيل: فارتُه
وعاؤُه، وأَما فأْرَةُ المسك، بالهمز، فقد تقدم ذكرها. وفارة الإِبل: فَوْح
جلودها إِذا نَدِيَتْ بعد الوِرْدِ؛ قال:
لها فارةٌ ذَفْراءُ كلَّ عشيةٍ،
كما فَتَقَ الكافورَ، بالمسكِ، فاتِقُه
وجاؤوا من فَوْرِهمْ أَي من وجههم. والفائرُ: المنتشرُ الغَضَب من
الدواب وغيرها. ويقال للرجل إِذا غضب: فارَ فائرُه وثارَ ثائرُه أَي انتشر
غضبه. وأَتيته في فَوْرَةِ النهار أَي في أَوله. وفَوْرُ الحرّ: شدته. وفي
الحديث: كلا، بل هي حُمَّى تَثُور أَو تَفُور أَي يظهر حرها. وفي الحديث:
إِن شدة الحرّ من فَوْرِ جهنم أَي وَهَجِها وغلياها. وفَوْرَةُ العشاء:
بعده. وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: ما لم يسقط فَوْرُ الشَّفَقِ،
وهو بقية حمرة الشمس في الأُفُق الغربي، سمِّي فَوْراً لسطوعه وحمرته،
ويروى بالثاء وقد تقدم. وفي حديث مِعْصار
(*قوله « وفي حديث معصار» الذي في
النهاية: معضد): خرج هو وفلان فضربوا الخيام وقالوا أَخْرِجْنا من
فَوْرَةِ الناس أَي من مجتَمَعِهم وحيث يَفُورونَ في أَسواقهم. وفي حديث
مُحَلِّم: نعطيكم خمسين من الإِبل في فَوْرِنا هذا؛ فَوْرُ كلِّ شيء: أَوله.
وقولهم: ذهبتُ في حاجةٍ ثم أَتيتُ فُلاناً من فَوْري أَي قبل أَن أَسكن.
وقوله عز وجل: ويأْتوكم من فَوْرِهم هذا؛ قال الزجاج: أَي من وجههم هذا.
والفِيرةُ: الحُلْبة تخلط للنفساء؛ وقد فَوَّر لها، وقد تقدم ذلك في
الهمز.
والفارُ: عَضَل الإِنسان؛ ومن كلامهم: بَرِّز نارَكَ وإِن هَزَلْت
فارَكَ أَس أَطعم الطعام وإِن أَضررت ببدنك، وحكاه كراع بالهمز.
والفَوَّارتانِ: سِكَّتانِ بين الوركين والقُحْقُحِ إِلى عُرْض الوَرِكِ
لا تحولان دون الجوف، وهما اللتان تَفُوران فتتحركان إِذا مشى، وقيل:
الفَوَّارةُ خرق في الورك إِلى الجوف لا يحجبه عظم. الجوهري: فَوَّارةُ
الورك، بالفتح والتشديد: ثقبها؛ وفُوَارة القِدْر، بالضم والتخفيف: ما
يَفُور من حرِّها. الليث: للكرش فَوَّارتان وفي باطنهما عُذَّتان من كل ذي
لحم، ويزعمون أَن ماء الرجل يقع في الكُلْية ثم في الفَوَّارة ثم في
الخُصْية، وتلك الغُدَّةُ لا تؤكل، وهي لحمة في جوف لحم أَحمر؛ التهذيب: وقول
عوف بن الخَرِع يصف قوساً:
لها رُسُغٌ أَيِّدٌ مُكْرَبٌ،
فلا العَظْمُ واهٍ ولا العِرْقُ فارا
المُكْرَبُ: الممتلئ فأَراد أَنه ممتلئ العَصَب. وقوله: ولا العِرْق
فارا، قال ابن السكيت: يكره من الفرس فَوْرُ العِرْقِ، وهو أَن يظهر به
نَفْخ أَو عَقْدٌ. يقال: قد فارتْ عروقه تَفُور فَوْراً. ابن الأَعرابي:
يقال للمَوْجة والبِرْكة فَوَّارة، وكل ما كان غيرَ الماء قيل له فوارة
(*
قوله« قيل له فوارة إلى قوله وفوارة الماء منبعه» هكذا بضبط الأصل) ،
وقال في موضع آخر: يقال دَوَّارة وفَوَّارة لكل ما لم يتحرّك ولم يدر، فإِذا
تحرّك ودار فهي دُوارة وفُوارة. وفَوَّارة الماء: مَنْبَعُه.
والفُورُ، بالضم: الظباء، لا واحد لها من لفظها؛ هذا قول يعقوب، وقال
كراع: واحدها فائر. ابن الأَعرابي: لا أَفعل ذلك ما لأْلأَتِ الفُورُ أَي
بَصْبصَت بأَذنابها، أَي لا أَفعله أَبداً. والفُورُ: الظباء، لا يفرد لها
واحد من لفظها.
ويقال: فعلتُ أَمرَ كذا وكذا من فَوْري أَي من ساعتي، والفَوْرُ: الوقت.
والفُورةُ: الكُوفة؛ عن كراع. وفَوْرة الجبل: سَراتُه ومَتْنُه؛ قال
الراعي:
فأَطْلَعَتْ فَوْرَةَ الآجامِ جافِلةً،
لم تَدْرِ أَنَّى أَتاها أَوَّلُ الذُّعرِ
والفِيارُ: أَحد جانبي حائط لسان الميزان، ولسان الميزان الحديدة التي
يكتنفها الفِيارانِ، يقال لأَحدهما فِيارٌ، والحديدةُ المعترِضة التي فيها
اللسان المِنْجَمُ، قال: والكِظامَةُ الحَلْقة التي تجمع فيها الخيوط في
طرفي الحديدة. ابن سيده: والفِيارانِ حديدتان تكتنفان لسان الميزان، وقد
فُرْتُه؛ عن ثعلب، قال: ولو لم نجد الفعل لقضينا عليه بالواو ولعدمنا« ف
ي ر» متناسقة.
نفر: النَّفْرُ: التَّفَرُّقُ. ويقال: لقيته قبل كل صَيْحٍ ونَفْرٍ أَي
أَولاً، والصَّيْحُ: الصِّياحُ. والنَّفْرُ: التفرق؛ نَفَرَتِ الدابةُ
تَنْفِرُ وتَنْفُر نِفاراً ونُفُوراً ودابة نافِرٌ، قال ابن الأَعرابي: ولا
يقال نافِرَةٌ، وكذلك دابة نَفُورٌ، وكلُّ جازِعٍ من شيء نَفُورٌ. ومن
كلامهم: كلُّ أَزَبَّ نَفُورٌ؛ وقول أَبي ذؤيب:
إِذا نَهَضَتْ فيه تَصَعَّدَ نَفْرُها،
كَقِتْر الغِلاءِ مُسْتَدِرٌّ صيابُها
قال ابن سيده: إِنما هو اسم لجمع نافر كصاحب وصَحْبٍ وزائر وزَوْرٍ
ونحوه. ونَفَرَ القومُ يَنْفِرُون نَفْراً ونَفِيراً. وفي حديث حمزة
الأَسلمي: نُفِّرَ بنا في سَفَرٍ مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ يقال:
أَنْفَرْنا أَي تَفَرَّقَتْ إِبلنا، وأُنْفِرَ بنا أَي جُعِلنا مُنْفِرِين ذَوِي
إِبلٍ نافِرَةٍ. ومنه حديث زَيْنَبَ بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
فأَنْفَرَ بها المشركون بَعِيرَها حتى سَقَطَتْ. ونَفَرَ الظَّبْيُ وغيره
نَفْراً ونَفَراناً: شَرَدَ. وظَبْيٌ نَيْفُورٌ: شديد النِّفارِ.
واسْتَنْفَرَ الدابة: كَنَفَّرَ. والإِنْفارُ عن الشيء والتَّنْفِيرُ عنه
والاسْتِنْفارُ كلُّه بمعنًى. والاسْتِنْفارُ أَيضاً: النُّفُورُ؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
ارْبُطْ حِمارَكَ، إِنه مُسْتَنْفِرٌ
في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ
أَي نافر: ويقال: في الدابة نِفارٌ، وهو اسمٌ مِثْلُ الحِرانِ؛ ونَفَّرَ
الدابة واسْتَنْفَرَها. ويقال: اسْتَنْفَرْتُ الوحشَ وأَنْفَرْتُها
ونَفَّرْتُها بمعنًى فَنَفَرَتْ تَنْفِرُ واسْتَنْفَرَتْ تَسْتَنْفِرُ بمعنى
واحد. وفي التنزيل العزيز: كأَنهم حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ من
قَسْوَرَةٍ؛ وقرئت: مستنفِرة، بكسر الفاء، بمعنى نافرة، ومن قرأَ مستنفَرة،
بفتح الفاء، فمعناها مُنَفَّرَةٌ أَي مَذْعُورَةٌ. وفي الحديث: بَشِّرُوا
ولا تُنَفِّرُوا أَي لا تَلْقَوْهُمْ بما يحملهم على النُّفُورِ. يقال:
نَفَرَ يَنْفِر نُفُوراً ونِفاراً إِذا فَرَّ وذهب؛ ومنه الحديث: إِن منكم
مُنَفِّرِينَ أَي من يَلْقى الناسَ بالغِلْظَةِ والشِّدَّةِ
فَيَنْفِرُونَ من الإِسلام والدِّين. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُنَفِّرِ
الناسَ. وفي الحديث: أَنه اشْتَرَطَ لمن أَقْطَعَهُ أَرضاً أَن لا يُنَفَّرَ
مالُه أَي لا يُزْجَرَ ما يرعى من ماله ولا يُدْفَعَ عن الرَّعْي.
واسْتَنْفَرَ القومَ فَنَفَرُوا معه وأَنْفَرُوه أَي نصروه ومَدُّوه. ونَفَرُوا
في الأَمر يَنْفِرُون نِفاراً ونُفُوراً ونَفِيراً؛ هذه عن الزَّجَّاج،
وتَنافَرُوا: ذهبوا، وكذلك في القتال. وفي الحديث: وإِذا اسْتُنْفِرْتُمْ
فانْفِرُوا. والاسْتِنْفارُ: الاسْتِنْجادُ والاسْتِنْصارُ، أَي إِذا طلب
منكم النُّصْرَةَ فأَجيبوا وانْفِرُوا خارجين إِلى الإِعانة. ونَفَرُ
القومِ جماعَتُهم الذين يَنْفِرُون في الأَمر، ومنه الحديث: أَنه بعث جماعة
إِلى أَهل مكة فَنَفَرَتْ لهم هُذَيْلٌ فلما أَحَسُّوا بهم لجَؤُوا إِلى
قَرْدَدٍ أَي خرجوا لقتالهم. والنَّفْرَةُ والنَّفْرُ والنَّفِيرُ:
القومُ يَنْفِرُونَ معك ويَتَنافَرُونَ في القتال، وكله اسم للجمع؛ قال:
إِنَّ لها فَوارِساً وفَرَطَا،
ونَفْرَةَ الحَيِّ ومَرْعًى وَسَطَا،
يَحْمُونَها من أَنْ تُسامَ الشَّطَطَا
وكل ذلك مذكور في موضعه. والنَّفِيرُ: القوم الذين يتَقَدَّمُونَ فيه.
والنَّفيرُ: الجماعةُ من الناس كالنَّفْرِ، والجمع من كل ذلك أَنْفارٌ.
ونَفِير قريش: الذين كانوا نَفَرُوا إِلى بَدْرٍ ليمنعوا عِيْرَ أَبي
سفيان.ويقال: جاءت نَفْرَةُ بني فلان ونَفِيرُهم أَي جماعتهم الذين يَنْفِرُون
في الأَمر. ويقال: فلان لا في العِيْرِ ولا في النَّفِير؛ قيل هذا المثل
لقريش من بين العرب، وذلك أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما هاجر إِلى
المدينة ونهض منها لِتَلَقِّي عِير قريش سمع مشركو قريش بذلك، فنهضوا
ولَقُوه ببَدْرٍ ليَأْمَنَ عِيرُهم المُقْبِلُ من الشأْم مع أَبي سفيان،
فكان من أَمرهم ما كان، ولم يكن تَخَلَّفَ عن العِيْرِ والقتال إِلا زَمِنٌ
أَو من لا خير فيه، فكانوا يقولون لمن لا يستصلحونه لِمُهِمٍّ: فلان لا
في العِيرِ ولا في النَّفِيرِ، فالعيرُ ما كان منهم مع أَبي سفيان،
والنفير ما كان منهم مع عُتْبَةَ بن ربيعة قائدهم يومَ بَدْرٍ. واسْتَنْفَرَ
الإِمامُ الناسَ لجهاد العدوّ فنفروا يَنْفِرُونَ إِذا حَثَّهُم على
النَّفِيرِ ودعاهم إِليه؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: وإِذا
اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفِرُوا. ونَفَرَ الحاجُّ من مِنًى نَفْراً ونَفرَ الناسُ من
مِنًى يَنْفِرُونَ نَفْراً ونَفَراً، وهو يوم النَّفْرِ والنَّفَرِ
والنُّفُورِ والنَّفِيرِ، وليلةُ النَّفْر والنَّفَرِ، بالتحريك، ويومُ
النُّفُورِ ويومُ النَّفِير، وفي حديث الحج: يومُ النَّفْرِ الأَوّل؛ قال ابن
الأَثير: هو اليوم الثاني من أَيام التشريق، والنَّفْرُ الآخِرُ اليومُ
الثالث، ويقال: هو يوم النَّحْرِ ثم يوم القَرِّ ثم يوم النفر الأَول ثم
يوم النفر الثاني، ويقال يوم النفر وليلة النفر لليوم الذي يَنْفِرُ الناس
فيه من منى، وهو بعد يوم القرِّ؛ وأَنشد لِنُصَيْبٍ الأَسْوَدِ وليس هو
نُصَيْباً الأَسْوَدَ المَرْوانِيَّ:
أَمَا والذي حَجَّ المُلَبُّونَ بَيْتَهُ،
وعَلَّمَ أَيامَ الذبائحِ والنَّحْرِ
لقد زَادَني، لِلْغَمْرِ، حُبّاً، وأَهْلهِ،
لَيالٍ أَقامَتْهُنَّ لَيْلى على الغَمْرِ
وهل يَأْثَمَنِّي اللهُ في أَن ذَكَرْتُها،
وعَلَّلْتُ أَصحابي بها ليلةَ النَّفْرِ
وسَكَّنْتُ ما بي من كَلالٍ ومن كرً،
وما بالمَطايا من جُنُوحٍ ولا فَتْرِ
ويروى: وهل يأْثُمَنِّي، بضم الثاء. والنَّفَرُ، بالتحريك، والرَّهْطُ:
ما دون العشرة من الرجال، ومنهم من خصص فقال للرجال دون النساءِ، والجمع
أَنفار. قال أَبو العباس: النَّفَرُ والقومُ والرَّهْطُ هؤلاء معناهم
الجمع لا واحد لهم من لفظهم. قال سيبويه: والنسبُ إِليه نَفَرِيٌّ، وقيل:
النَّفَرُ الناسُ كلهم؛ عن كراع، والنَّفِيرُ مثلُه، وكذلك النَّفْرُ
والنَّفْرَةُ. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: لو كان ههنا أَحدٌ من أَنْفارِنا أَي من
قومنا، جمع نَفَرٍ وهم رَهْطُ الإِنسان وعشيرته، وهو اسم جمع يقع على
جماعة من الرجال خاصة ما بين الثلاثة إِلى العشرة. وفي الحديث: ونَفَرُنا
خُلُوفٌ أَي رجالنا. الليث: يقال هؤلاء عَشَرَةُ نَفَرٍ أَي عشرة رجال، ولا
يقال عشرون نَفَراً ولا ما فوق العشرة، وهم النَّفَرُ من القوم. وقال
الفراء: نَفْرَةُ الرجل ونَفَرُهُ رَهْطُه؛ قال امرؤ القيس يصف رجلاً
بِجَوْدَةِ الرَّمْي:
فَهْوَ لا تَنْمِي رَمِيَّتُهُ،
ما لَه؟ لا عُدَّ من نَفَرِه
فدعا عليه وهو يمدحه، وهذا كقولك لرجل يعجبك فعله: ما له قاتله اللهُ
أَخزاه اللهُ وأَنت تريد غير معنى الدعاء عليه. وقوله تعالى: وجعلناكم
أَكْثَرَ نَفِيراً؛ قال الزجاج: النَّفِيرُ جمع نَفْرٍ كالعَبِيدِ والكَلِيبِ،
وقيل: معناه وجعلناكم أَكثر منهم نُصَّاراً. وجاءنا في نُفْرَتِه
ونافِرَتِه أَي في فَصِيلَتِه ومن يغضب لغضبه. ويقال: نَفْرَةُ الرجل أُسْرَتُه.
يقال: جاءنا في نَفْرَتِه ونَفْرِه؛ وأَنشد:
حَيَّتْكَ ثُمَّتَ قالتْ: إِنَّ نَفْرَتَنا
أَلْيَوْمَ كلَّهُمُ، يا عُرْوَ، مُشْتَغِلُ
ويقال للأُسْرَةِ أَيضاً: النُّفُورَةُ. يقال: غابتْ نُفُورَتُنا
وغَلَبَتْ نُفُورَتُنا نُفُورَتَهُمْ، وورد ذلك في الحديث: غَلَبَتْ
نُفُورَتُنا نُفُورَتَهُم؛ يقال للأَصحاب الرجل والذين يَنْفِرُونَ معه إِذا
حَزَبَه أَمر. نَفْرَتُه ونَفْرُهُ ونافِرَتُه ونُفُورَتُه.
ونافَرْتُ الرجلَ مُنافَرَةً إِذا قاضيتَه. والمُنافَرَةُ: المفاخرة
والمحاكمة. والمُنافَرَةُ: المحاكمة في الحَسَبِ. قال أَبو عبيد:
المُنافَرَةُ أَن يفتخر الرجلان كل واحد منهما على صاحبه، ثم يُحَكِّما بينهما
رجلاً كَفِعْلِ عَلْقَمَةَ بن عُلاثَةَ مع عامر بن طُفَيْلٍ حين تَنافرا إِلى
هَرِمِ بن قُطْبَةَ الفَزارِيِّ؛ وفيهما يقول الأَعشى يمدح عامر بن
الطفيل ويحمل على عَلْقَمَةَ بن عُلاثَةَ:
قد قلتُ شِعْري فمَضى فيكما،
واعْتَرَفَ المَنْفُورُ للنَّافِرِ
والمَنْفُورُ: المغلوب. والنَّافِرُ: الغالب. وقد نافَرَهُ فَنَفَرَهُ
يَنْفُرُه، بالضم لا غير، أَي غلبه، وقيل: نَفَرَهُ يَنْفِرُه ويَنْفُرُهُ
نَفْراً إِذا غلبه. ونَفَّرَ الحاكمُ أَحدهما على صاحبه تَنْفِيراً أَي
قضى عليه بالغلبة، وكذلك أَنْفَرَه. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: نافَرَ أَخي
أُنَيْسٌ فلاناً الشاعِرَ؛ أَراد أَنهما تَفاخَرا أَيُّهما أَجْوَدُ
شِعْراً. ونافَرَ الرجلَ مُنافَرَةً ونِفاراً: حاكَمَهُ، واسْتُعْمِلَ منه
النُّفُورَةُ كالحُكومَةِ؛ قال ابن هَرْمَةَ:
يَبْرُقْنَ فَوْقَ رِواقِ أَبيضَ ماجِدٍ،
يُرْعى ليومِ نُفُورَةٍ ومَعاقِلِ
قال ابن سيده: وكأَنما جاءت المُنافَرَةُ في أَوّل ما اسْتْعْمِلَتْ
أَنهم كانوا يسأَلون الحاكم: أَيُّنا أَعَزُّ نَفَراً؟ قال زهير:
فإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعُه ثلاثٌ:
يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ
وأَنْفَرَهُ عليه ونَفَّرَه ونَفَرَهُ يَنْفُرُه، بالضم، كل ذلك:
غَلَبَه؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، ولم يَعْرِفْ أَنْفُرُ، بالضم، في
النِّفارِ الذي هو الهَرَبُ والمُجانَبَةُ. ونَفَّرَه الشيءَ وعلى الشيء وبالشيء
بحرف وغير حرف: غَلَبَهُ عليه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
نُفِرْتُمُ المَجْدَ فلا تَرْجُونَهْ،
وجَدْتُمُ القومَ ذَوِي زَبُّونَهْ
كذا أَنشده نُفِرْتُمْ، بالتخفيف.
والنُّفارَةُ: ما أَخَذَ النَّافِرُ من المَنْفَورِ، وهو الغالبُ
(*
قوله« هو الغالب» عبارة القاموس أي الغالب من المغلوب) ، وقيل: بل هو ما
أَخذه الحاكم. ابن الأَعرابي: النَّافِرُ القَامِرُ. وشاة نافِرٌ: وهي التي
تُهْزَلُ فإِذا سعلت انتثر من أَنفها شيء، لغة في النَّاثِرِ. ونَفَرَ
الجُرْحُ نُفُوراً إِذا وَرِمَ. ونَفَرَتِ العينُ وغيرها من الأَعضاء
تَنْفِرُ نُفُوراً: هاجت ووَرِمَتْ. ونَفَرَ جِلْدُه أَي وَرِمَ. وفي حديث
عمر: أَن رجلاً في زمانه تَخَلَّلَ بالقَصَبِ فَنَفَرَ فُوهُ، فنهى عن
التخلل بالقصب؛ قال الأَصمعي: نَفَرَ فُوه أَي وَرِمَ. قال أَبو عبيد: وأُراهُ
مأْخوذاً من نِفارِ الشيء من الشيء إِنما هو تَجافِيهِ عنه وتَباعُدُه
منه فكأَن اللحْمَ لما أَنْكَرَ الداء الحادث بينهما نَفَرَ منه فظهر،
فذلك نِفارُه. وفي حديث غَزْوانَ: أَنه لَطَمَ عينه فَنَفَرَتْ أَي
وَرِمَتْ.ورجل عِفْرٌ نِفْرٌ وعِفْرِيَةٌ نِفْرِيَةٌ وعِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ
وعُفارِيَةٌ نُفارِيَةٌ إِذا كان خبيثاً مارِداً. قال ابن سيده: ورجل
عِفْرِيتَةٌ نِفْرِيتَةٌ فجاء بالهاء فيهما، والنِّفْرِيتُ إِتباعٌ للعِفْرِيت
وتوكيدٌ.
وبنو نَفْرٍ: بطنٌ. وذو نَفْرٍ: قَيْلٌ من أَقيال حِمْيَرَ. وفي الحديث:
إِن الله يُبْغِضُ العِفْرِيَةَ النِّفْرِيَةَ أَي المُنْكَرَ الخَبيثَ،
وقيل: النِّفْرِيَةُ والنِّفْرِيتُ إِتباع للعِفْرِيَةِ والعِفْرِيتِ. ابن
الأَعرابي: النَّفائِرُ العصافير
(*قوله« النفائر العصافير» كذا بالأصل.
وفي القاموس: النفارير العصافير.) وقولهم: نَفِّرْ عنه أَي لَقِّبْهُ
لَقَباً كأَنه عندهم تَنْفِيرٌ للجن والعينِ عنه. وقال أَعرابي: لما وُلدتُ
قيل لأَبي: نَفِّرْ عنه، فسماني قُنْفُذاً وكنَّاني أَبا العَدَّاءِ.
عقد: العَقْد: نقيض الحَلِّ؛ عَقَدَه يَعْقِدُه عَقْداً وتَعْقاداً
وعَقَّده؛ أَنشد ثعلب:
لا يَمْنَعَنَّكَ، مِنْ بِغا
ءِ الخَيْرِ، تَعْقادُ التمائمْ
واعتَقَدَه كعَقَدَه؛ قال جرير:
أَسِيلَةُ معْقِدِ السِّمْطَيْنِ منها،
وَرَيَّا حيثُ تَعْتَقِدُ الحِقابا
وقد انعَقَد وتعَقَّدَ. والمعاقِدُ: مواضع العَقْد. والعَقِيدُ:
المُعَاقِدُ. قال سيبويه: وقالوا هو مني مَعْقِدَ الإِزار أَي بتلك المنزلة في
القرب، فحذفَ وأَوْصَلَ، وهو من الحروف المختصة التي أُجريت مُجْرى غير
المختصة لأَنه كالمكان وإِن لم يكن مكاناً، وإِنما هو كالمثل، وقالوا للرجل
إِذا لم يكن عنده غناء: فلان لا يَعْقِدُ الحَبْلَ أَي أَنه يَعْجِزُ عن
هذا على هَوانِهِ وخفَّته؛ قال:
فإِنْ تَقُلْ يا ظَبْيُ حَلاً حَلاً،
تَعْلَقْ وتَعْقِدْ حَبْلَها المُنْحَلاَّ
أَي تجِدُّ وتَتَشَمَّرُ لإِغْضابِه وإِرْغامِهِ حتى كأَنها تَعْقِدُ
على نفسه الحبْل.
والعُقْدَةُ: حَجْمُ العَقْد، والجمع عُقَد. وخيوط معقَّدة: شدّد
للكثرة. ويقال: عقدت الحبل، فهو معقود، وكذلك العهد؛ ومنه عُقْدَةُ النكاح؛
وانعقَدَ عَقْدُ الحبل انعقاداً. وموضع العقد من الحبل: مَعْقِدٌ، وجمعه
مَعاقِد. وفي حديث الدعاء: أَسأَلك بِمَعاقِدِ العِزِّ من عَرْشِك أَي
بالخصال التي استحق بها العرشُ العِزَّ أَو بمواضع انعقادها منه، وحقيقة
معناه: بعز عرشك؛ قال ابن الأَثير: وأَصحاب أَبي حنيفة يكرهون هذا اللفظ من
الدعاء. وجَبَرَ عَظْمُه على عُقْدَةٍ إِذا لم يَسْتَوِ. والعُقْدَةُ:
قلادة. والعِقْد: الخيط ينظم فيه الخرز، وجمعه عُقود. وقد اعتقَدَ الدرَّ
والخرَزَ وغيره إِذا اتخذ منه عِقْداً، قال عديَّ بن الرقاع:
وما حُسَيْنَةُ، إِذ قامَتْ تُوَدِّعُنا
لِلبَيْنِ، واعَتَقَدتْ شَذْراً ومَرْجاناً
والمِعْقادُ: خيط ينظم فيه خرزات وتُعَلَّق في عنق الصبي. وعقَدَ التاجَ
فوق رأْسه واعتقده: عَصَّبَه به؛ أَنشد ثعلب لابن قيس الرقيات:
يَعْتَقِدُ التاجَ فوقَ مَفْرَقِه
على جَبينٍ، كأَنه الذَّهَبُ
وفي حديث قيس بن عَبَّاد قال: كنتُ آتي المدينةَ فأَلقى أَصحابَ رسولِ
الله، صلى الله عليه وسلم، وأَحَبُّهم إِليّ عمرُ
بن الخطاب، رضي الله عنه، وأُقيمت صلاة الصبح فخرج عمر وبين يديه رجل،
فنظر في وجوه القوم فعرفهم غيري، فدفعني من الصف وقام مقامي ثم قعد
يحدّثنا، فما رأَيت الرجال مدت أَعناقها متوجهةً إِليه فقال: هلَك أَهلُ
العُقَدِ وربِّ الكعبةِ، قالها ثلاثاً، ولا آسَى عليهم إِنما آسى على من
يَهْلِكون من الناس؛ قال أَبو منصور: العُقَدُ الوِلاياتُ على الأَمصار، ورواه
غيره: هلك أَهلُ العَقَدِ، وقيل: هو من عَقْدِ الولاية للأُمراء. وفي
حديث أُبَيّ: هلكَ أَهلُ العُقْدَة وربِّ الكعبة؛ يريد البَيْعَة المعقودة
للولاية. وعَقَدَ العَهْدَ واليمين يَعْقِدهما عَقْداً وعَقَّدهما:
أَكدهما. أَبو زيد في قوله تعالى: والذين عقَدت أَيمانكم وعاقدت أَيمانكم؛ وقد
قرئ عقدت بالتشديد، معناه التوكيد والتغليظ، كقوله تعالى: ولا تَنْقُضوا
الأَيمانَ بعد توكيدها، في الحلف أَيضاً. وفي حديث ابن عباس في قوله
تعالى: والذين عاقَدَت أَيمانُكم؛ المُعاقَدَة: المُعاهَدة والميثاق.
والأَيمانُ: جمع يمين القَسَمِ أَو اليد. فأَما الحرف في سورة المائدة: ولكن
يُؤاخذُكُم بما عَقَّدْتُم الأَيمان، بالتشديد في القاف قراءة الأَعمش
وغيره، وقد قرئ عقدتم بالتخفيف؛ قال الحطيئة:
أُولئك قوم، إِن بَنَوْا أَحْسَنُوا البنا،
وإِن عاهدوا أَوفَوْا، وإِن عاقَدوا شَدُّوا
وقال آخر:
قوْمٌ إِذا عَقَدُوا عَقْداً لجارِهِم
وقال في موضع آخر: عاقدوا، وفي موضع آخر: عَقَّدوا، والحرف قرئ
بالوجهين؛ وعَقَدْتُ الحبْلَ والبيع والعهد فانعقد. والعَقْد: العهد، والجمع
عُقود، وهي أَوكد العُهود. ويقال: عَهِدْتُ إِلى فلانٍ في كذا وكذا،
وتأْويله أَلزمته ذلك، فإِذا قلت: عاقدته أَو عقدت عليه فتأْويله أَنك أَلزمته
ذلك باستيثاق. والمعاقدة: المعاهدة. وعاقده: عهده. وتعاقد القوم: تعاهدوا.
وقوله تعالى:
يا أيُها الذين آمنوا أَوفوا بالعُقود؛ قيل: هي العهود، وقيل: هي
الفرائض التي أُلزموها؛ قال الزجاج: أَوفوا بالعُقود، خاطب الله المؤمنين
بالوفاءِ بالعقود التي عقدها الله تعالى عليهم، والعقُودِ التي يعقِدها بعضهم
على بعض على ما يوجبه الدين. والعَقِيدُ: الحَليفُ؛ قال أَبو خراش
الهذلي:
كم مِن عَقِيدٍ وجارٍ حَلَّ عِنْدَهُمُ،
ومِن مُجارٍ بِعَهْدِ اللهِ قد قَتَلُوا
وعَقَدَ البِناءَ بالجِصِّ يَعْقِدُه عَقْداً: أَلْزَقَهُ.
والعَقْدُ: ما عَقَدْتَ من البِناءِ، والجمع أَعْقادٌ وعُقودٌ. وعَقَدَ:
بنى عَقْداً. والعَقْدُ: عَقْدُ طاقِ البناءِ، وقد عَقَّدَه البَنَّاءُ
تَعْقِيداً. وتَعَقَّدَ القوْسُ في السماء إِذا صار كأَنه عَقْد مَبْنّي.
وتَعَقَّدَ السَّحابُ: صار كالعقد المبني. وأَعقادُه: ما تعَقَّدَ منه،
واحدها عَقْد. والمَعْدِدُ: المَفْصِلُ.
والأَعْقَدُ من التُّيوس: الذي في قَرْنِه الْتِواء، وقيل: الذي في قرنه
عُقْدة، والاسم العَقَد. والذئبُ الأَعْقَدُ: المُعْوَجُّ. وفحل
أَعْقَدُ إِذا رفع ذَنَبَه، وإِنما يفعل ذلك من النشاط.
وظبية عاقد: انعقد طرَفُ ذنبها، وقيل: هي العاطف، وقيل: هي التي رفعت
رأْسها حذراً على نفسها وعلى ولدها.
والعَقْداءُ من الشاء: التي ذنبها كأَنه معقود. والعَقَدُ: التواءٌ في
ذنَب الشاة يكون فيه كالعُقْدة؛ شاةٌ أَعْقَدُ وكَبْشٌ أَعْقد وكذلك ذئب
أَعقد وكلب أَعقد؛ قال جرير:
تَبُول على القَتادِ بناتُ تَيْمٍ،
مع العُقَدِ النَّوابحِ في الدِّيار
وليس شيءٌ أَحَبَّ إِلى الكلب من أَن يبول على قَتادةٍ أَو على
شُجَيْرَةٍ صغيرة غيرها. والأَعْقَدُ: الكلب لانعقاد ذنبه جعلوه اسماً له
معروفاً. وكلُّ مُلْتَوي الذنَب أَعْقَدُ. وعُقْدَة الكلب: قضيبه وإِنما قيل
عُقدة إِذا عَقَدَت عليه الكلبةُ فانتفخ طَرَفه.
والعَقَدُ: تَشبُّثُ ظبيةِ اللَّعْوَةِ ببُسْرَة قَضِيبِ له
الثَّمْثَم، والثمثمُ كلب الصَّيْد، واللعوة: الأُنثى، وظَبْيَتَهُا: حَياؤُها.
وتعاقدت الكلابُ: تَعاظَلَتْ؛ وسمى جرير الفرزدقَ عُقْدانَ، إِما على
التشبيه له بالكلب الأَعْقَدِ الذنبِ، وإِما على التشبيه بالكلب المُتعَقِّدِ
مع الكلبة إِذا عاظَلَها، فقال:
وما زِلْتَ يا عُقْدانُ صاحِبَ سَوْأَةٍ،
تُناجِي بها نَفْساً لَئِيماً ضَمِيرُها
وقال أَبو منصور: لقبه عُقْدانَ لِقِصَرِه؛ وفيه يقول:
يا لَيْتَ شِعْرى ما تَمَنَّى مُجاشِعٌ،
ولم يَتَّرِكْ عُقْدانُ لِلقَوْسِ مَنْزَعا
أَي أَعرَقَ في النَّزْع ولم يَدَعْ للصلح موضعاً. وإِذا أَرْتَجَتِ
الناقةُ على ماءِ الفحل فهي عاقِدٌ، وذلك حين تَعْقِدُ بذنبها فَيُعْلَمُ
أَنها قد حملت وأَقرت باللِّقاحِ. وناقة عاقد: تعقد بذَنَبِها عند
اللِّقاح؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمَةٍ، وبُزْلٌ
عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً وحُولُ
وظَبْيٌ عاقِدٌ: واضِعً عُنَقَه على عَجُزه، قد عطَفَه للنوم؛ قال ساعدة
بن جؤية:
وكأَنما وافاكَ، يومَ لَقِيتَها،
من وحشِ مكةَ عاقِدٌ مُتَرَبِّبُ
والجمع العَواقِدُ؛ قال النابغة الذبياني:
حِسان الوُجوهِ كالظباءِ العَواقِد
وهي العواطِفُ أَيضاً. وجاءَ عاقِداً عُنُقَه أَي لاوياً لها من
الكِبْر. وفي الحديث: من عَقَدَ لِحْيَتَه فإِن محمداً بَرِيءٌ منه؛ قيل: هو
معالجتها حتى تَنْعَقِد وتَتَجَعَّد، وقيل: كانوا يَعْقِدونها في الحروب
فأَمرهم بإِرسالها، كانوا يفعلون ذلك تكبراً وعُجْباً. وعقدَ العسلُ
والرُّبُّ ونحوُهما يَعْقِدُ وانعَقَدَ وأَعْقَدْتُه فهو مُعْقَدٌ وعَقِيد:
غَلُظَ؛ قال المتلمس في ناقة له:
أُجُدٌ إِذا اسْتَنْفَرْتَها مِن مَبْرَكٍ
حَلَبَتْ مَغَابِنَها بِرُبٍّ مِعْقَدِ
وكذلك عَقيدُ عَصير العنب. وروى بعضهم: عَقَّدْتُ العسلَ والكلامَ
أَعْقَدْتُ؛ وأَنشد:
وكان رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُعْقَدا
قال الكسائي: ويقال للقطران والربّ ونحوه: أَعْقَدْتُه حتى تَعَقَّد.
واليَعْقِيدُ: عسل يُعْقَدُ حتى يَخْثُرَ، وقيل: اليَعْقِيدُ طعامٌ
يُعْقَدُ بالعسل.
وعُقْدَةِ اللسان. ما غُلظَ منه. وفي لسانه عُقْدَةٌ وعَقَدٌ أَي
التِواء. ورجل أَعْقَدُ وعَقِدٌ: في لسانه عُقْدَة أَو رَتَجٌ؛ وعَقِدَ لسانهُ
يَعْقَدُ عَقَداً.
وعَقَّد كلامَه: أَعوَصَه وعَمَّاه. وكلامٌ مُعَقَّدٌ أَي مُغَمَّضٌ.
وقال إِسحق بن فرج: سمعت أَعرابيّاً يقول: عَقَدَ فلانُ بن فلان عُنقَه
إِلى فلان إِذا لجأَ إِليه وعَكَدَها. وعَقَدَ قَلْبه على الشيء: لَزِمَه،
والعرب تقول: عَقَد فلان ناصيته إِذا غضب وتهيأَ للشر؛ وقال ابن مقبل:
أَثابُوا أَخاهُمْ، إِذْ أَرادُوا زِيالَه
بأَسْواطِ قِدٍّ، عاقِدِينَ النَّواصِيا
وفي حديث: الخيلُ مَعقودٌ في نواصيها الخيْرُ أَي ملازم لها كأَنه معقود
فيها. وفي حديث الدعاء: لك من قلوبنا عُقْدَةُ النَّدم؛ يريد عَقْدَ
العزم على الندامة وهو تحقيق التوبة. وفي الحديث: لآمُرَنَّ براحلتي
تُرْحَلُ ثم لا أَحُلُّ لها عُقْدةً حتى أَقدَمَ المدينة أَي لا أَحُلُّ عزمي
حتى أَقدَمَها؛ وقيل: أَراد لا أَنزل عنها فأَعقلها حتى أَحتاج إِلى حل
عقالها. وعُقْدَة النكاحِ والبيعِ: وجوبهما؛ قال الفارسي: هو من الشدّ
والربط، ولذلك قالوا: إِمْلاكُ المرأَةِ، لأَن أَصل هذه الكلمة أَيضاً
العَقْدُ، قيل إِملاك المرأَة كما قيل عقدة النكاح؛ وانعَقدَ النكحُ بين الزوجين
والبيعُ بين المتبابين. وعُقْدَةُ كلِّ شيءٍ: إِبرامه. وفي الحديث: مَن
عقدَ الجِزْية في عنقه فقد بَرِيءَ مما جاءَ به رسول الله، صلى الله عليه
وسلم؛ عَقْدُ الجِزْيةِ كناية عن تقريرها على نفسه كما تعقد الذمة
للكتابي عليها. واعتقدَ الشيءُ: صَلُبَ واشتد.
وتَعَقَّد الإِخاءُ: استحكم مثل تَذَلَّلَ. وتَعَقَّدَ الثَّرَى:
جَعُدَ. وثَرًى عَقِدٌ على النسَبِ: مُتجَمِّدٌ. وعقدَ الشحمُ يعقِدُ: انبنى
وظهر.
والعَقِدُ: المتراكِمُ من الرمل، واحده عَقِدَة والجمع أَعقادٌ.
والعَقَدُ لغة في العَقِدِ؛ وقال هميان:
يَفْتَحُ طُرْقَ العَقِدِ الرَّواتِجا
لكثرة المطر. والعَقدُ: ترطُّبُ الرمل من كثرة المطر. وجمل عَقِدٌ:
قويّ. ابن الأَعرابي: العَقِدُ الجمل القصير الصبور على العمل. ولئيم أَعقد:
عسر الخُلُق ليس بسهل؛ وفلان عَقِيدُ الكرَم وعَقِيدُ اللُّؤْمِ.
والعَقَدُ في الأَسنان كالقادِحِ. والعاقِدُ: حريم البئر وما حوله.
والتَّعَقُّدُ في البئر: أَن يَخْرخَ أَسفَلُ الطيِّ ويدخل أَعلاه إِلى جِرابها،
وجِرابُها اتساعها. وناقة مَعْقُودَةُ القَرا: مُوَثَّقَهُ الظهر؛ وجمل
عَقْدٌ؛ قال النابغة:
فكيْفَ مَزارُها إِلا بِعَقْدٍ
مُمَرٍّ، ليس يَنْقُضُه الخَو ون؟
المراد الحَبْلُ وأَراد به عَهْدَها. والعُقْدَةُ: الضَّيْعَةُ.
واعتَقَدَ أَيضاً: اشتراها. والعُقْدة: الأَرض الكثيرة الشجر وهي تكون من
الرِّمْثِ والعَرْفَجِ، وأَنكرها بعضهم في العرفج، وقيل: هو المكان الكثير
الشجر والنخل؛ وفي الحديث: فعدلت عن الطريق فإِذا بعقدة من شجر أَي بقعة
كثيرة الشجر؛ وقيل: العقدة من الشجر ما يكفي الماشية؛ وقيل: هي من الشجر ما
اجتمع وثبت أَصله يريد الدوامَ. وقولهم؛ آلَفُ من غُرابِ عُقْدَة؛ قال ابن
حبيب: هي أَرض كثيرة النخيل لا يطيرُ غُرابُها. وفي الصحاح: آلفُ من
غُراب عُقْدة لأَنه لا يُطَيَّرُ. والعُقْدَة: بقية المَرْعَى، والجمع
عُقَدٌ وعِقادٌ. وفي أَرض بني فلان عَقْدة تكفيهم سنتهم، يعني مكاناً ذا شجر
يرعونه. وكل ما يعتقده الإِنسان من العقار، فهو عقدة له. واعتقد ضَيْعة
ومالاً أَي اقتناهما. وقال ابن الأَنباري: في قولهم لفلان عُقْدة، العقدة
عند العرب الحائط الكثير النخل. ويقال للقَرْية الكثيرة النخل: عُقْدة،
وكأَنّ الرجل إِذا اتخذ ذلك فقد أَحكم أَمره عند نفسه واستوثق منه، ثم
صيروا كل شيء يستوثق الرجل به لنفسه ويعتمد عليه عُقْدة. ويقال للرجل إِذا
سكن غضبه: قد تحللت عُقَدُه. واعتقد كذا بقلبه وليس له معقودٌ أَي عقدُ
رأْي. وفي الحديث: أَن رجلاً كان يبايع وفي عُقْدته ضعف أَي في رأْيه ونظره
في مصالح نفسه. والعَقَدُ والعَقَدانُ: ضرب من التمر.
والعَقِدُ، وقيل العَقَد: قبيلة من اليمن ثم من بني عبد شمس بن سعد.
وبنو عَقِيدَةَ: قبيلة من قريش. وبنو عَقِيدَةَ: قبيلة من العرب. والعُقُدُ:
بطون من تميم. وقيل: العَقَدُ قبيلة من العرب يُنْسَبُ إِليهم
العَقَدِيُّ. والعَقَدُ: من بني يربوع خاصة؛ حكاه ابن الأَعرابي. قال: واللبَّكُ
بنو الحرث بن كعب ما خلا مِنْقَراً، وذِئابُ الغضا بنو كعب بن مالك بن
حَنْظَلَة.
والعُنْقُودُ: واحد عناقِيدِ العنب، والعِنقادُ لغة فيه؛ قل الراجز:
إِذ لِمَّتي سَوْداء كالعِنْقادِ
والعُقْدَةُ من المَرْعَى: هي الجَنْبَةُ ما كان فيها من مَرْعَى عام
أَوّلَ، فهو عُقْدَةٌ وعُرْوَةٌ فهذا من الجَنْبَة، وقد يضطرُّ المالُ إلى
الشجر، ويسمى عقدة وعروة فإِذا كانت الجنبة لم يقل للشجر عقدة ولا عروة؛
قال: ومنه سميت العُقْدَة؛ وقال الرقاع العاملي:
خَضَبَتْ لها عُقَدُ البِراقِ جَبينَها،
مِن عَرْكِها عَلَجانَها وعَرادَها
وفي حديث ابن عمرو: أَلم أَكن أَعلم السباعَ ههنا كثيراً؟ قيل: نعم
ولكنها عُقِدَت فهي تخالط البهائم ولا تَهِيجُها أَي عُولِجَتْ بالأُخَذِ
والطلمسات كما يعالج الرومُ الهوامَّ ذواتِ السموم، يعني عُقِدت ومُنِعتْ
أَن تضر البهائم. وفي حديث أَبي موسى: أَنه كسا في كفَّارة اليمين ثوبين
ظَهْرانِيًّا ومُعَقَّداً؛ المُعَقَّدُ: ضرب من برودِ هَجَرَ.
ذوب: الذَّوْبُ: ضِدُّ الجُمُودِ.
ذابَ يَذُوبُ ذَوْباً وذَوَباناً: نَقيض جمَدَ.
وأَذابَه غيرُه، وأَذَبْته، وذَوَّبْته، واسْتَذَبْته: طَلَبْت منه ذاكَ، على عامَّة ما يدُلُّ عليه هذا البِـناءُ.
والـمِذْوَبُ: ما ذَوَّبْتُ فيه. والذَّوْبُ: ما ذَوَّبْت منه.
وذاب إِذا سال. وذابت الشمسُ: اشتدَّ حَرُّها؛ قال ذو الرُّمة:
إِذا ذابتِ الشمسُ، اتَّقى صَقَراتِها * بأَفْنانِ مَرْبُوعِ الصَّريمةِ، مُعْبِلِ
وقال الرَّاجز:
وذابَ للشمسِ لُعابٌ فنَزَلْ
ويقال: هاجِرَةٌ ذَوّابة شديدةُ الـحَرِّ؛ قال الشاعر:
وظَلْـماءَ، من جَرَّى نَوارٍ، سَرَيْتُها، * وهَاجِرَةٍ ذَوّابةٍ، لا أَقِـيلُها
والذَّوْبُ: العَسَل عامَّة؛ وقيل: هو ما في أَبياتِ النَّحْل من
العَسَلِ خاصَّة؛ وقيل: هو العَسَل الذي خُلِّص من شَمْعِه ومُومِه؛ قال الـمُسَيَّبُ بنُ عَلَسٍ:
شِرْكاً بماءِ الذَّوْب، تَجْمَعُه * في طَوْدِ أَيْمَنَ، من قُرَى قَسْرِ
أَيْمن: موضع. أَبو زيد قال: الزُّبْدُ: حين يَحْصُلُ في البُرْمة
فيُطْبَخُ، فهو الإِذْوابةُ، فإِن خُلِطَ اللَّـبَنُ بالزُّبْدِ، قيل: ارْتجَنَ.
والإِذْوابُ والإِذْوابةُ: الزُّبْدُ يُذابُ في البُرْمةِ ليُطْبَخ سَمْناً، فلا يزال ذلك اسمَه حتى يُحْقَن في السِّقاءِ.
وذَابَ إِذا قام على أَكْمَلِ الذَّوْبِ، وهو العَسَل.
ويقال في الـمَثل: ما يَدْرِي أَيُخْثِرُ أَم يُذِيب؟ وذلك عند شدَّةِ
الأَمر؛ قال بشر بن أَبي خازم:
وكُنْـتُمْ كَذاتِ القِدْرِ، لم تَدْرِ إِذ غَلَتْ، * أَتُنْزِلُها مَذْمُومةً أَمْ تُذِيبُها؟
أَي: لا تَدْرِي أَتَترُكُها خاثِرةً أَم تُذِيبُها؟ وذلك إِذا خافت أَن يَفْسُدَ الإِذْوابُ. وقال أَبو الهيثم: قوله تُذِيبُها تُبْقيها، من قولك: ما ذَابَ في يَدِي شيءٌ أَي ما بَقِـيَ. وقال غيره: تُذِيبُها تُنْهِبُها.
والـمِذْوَبةُ: الـمِغْرَفَةُ، عن اللحياني.
وذَابَ عليه المالُ أَي حصَل، وما ذابَ في يدِي منه خيرٌ أَي ما حصَل.
والإِذابةُ: الإِغارةُ. وأَذابَ علينا بنو فلانٍ أَي أَغارُوا؛ وفي حديث
قس:
أَذُوبُ اللَّيالي أَو يُجِـيبَ صَداكُما
أَي: أَنْتَظِرُ في مُرورِ اللَّيالي وذَهابِها، من الإِذابة الإِغارة.
والإِذابةُ: النُّهْبةُ، اسمٌ لا مصدَر، واستشهد الجوهري هنا ببيت بشر بن أبي خازم، وشرح قوله:
أَتُنْزِلُها مَذْمُومةً أَم تُذِيبُها؟
فقال: أَي تُنْهِبُها؛ وقال غيره: تُثْبِتُها، مِن قولهم ذابَ لي عليه
من الـحَقِّ كذا أَي وَجَبَ وثَـبَتَ.
وذابَ عليه من الأَمْركذا ذَوْباً: وجَبَ، كما قالوا: جَمَدَ وبَرَدَ. وقال الأَصمعي: هو مِن ذابَ، نَقِـيض جَمَدَ، وأَصلُ الـمَثَل في
الزُّبْدِ. وفي حديث عبداللّه: فيَفْرَحُ الـمَرْءُ أَن يَذُوبَ له الـحَقُّ
أَي يَجِبَ.
وذابَ الرجُل إِذا حَمُقَ بَعْدَ عَقْلٍ، وظَهَرَ فيه ذَوْبةٌ أَي حَمْقة. ويقال: ذابَتْ حدَقَة فلان إِذا سالَتْ.
وناقةٌ ذَؤُوبٌ أَي سَمِـينَةٌ، وليست في غايةِ السِّمَنِ.
والذُّوبانُ: بقيَّةُ الوَبَر؛ وقيل: هو الشَّعَر على عُنُقِ البَعِـيرِ
ومِشْفَرِه، وسنذكر ذلك في الذِّيبانِ، لأَنهما لغتان، وعسى أَن يكون مُعاقَبةً، فتَدْخُلُ كل واحدةٍ منهما على صاحِـبَتها.
وفي الحديث: مَنْ أَسْلَمَ عَلى ذَوْبةٍ، أَو مأْثَرَةٍ، فهي له.
الذَّوْبة: بقيَّة المال يَسْتَذِيبُها الرجلُ أَي يَسْتَبْقِـيها؛ والـمَأْثَرة: الـمَكْرُمة.
والذَّابُ: العَيْبُ، مثلُ الذَّامِ، والذَّيْمِ، والذَّانِ.
وفي حديث ابن الـحَنَفِـيَّة: أَنه كان يُذَوِّبُ أُمـَّه أَي يَضْفِرُ ذَوائبَها؛ قال: والقياس يُذَئِّبُ، بالهمز، لأَن عين الذُّؤَابةِ همزة، ولكنه جاءَ غيرَ مهموز كما جاءَ الذَّوائب، على خلافِ القياس.
وفي حديث الغار: فيُصْبِـحُ في ذُوبانِ الناسِ؛ يقال لصَعالِـيك العرب ولُصُوصِها: ذُوبانٌ، لأَنهم كالذِّئْبانِ، وأَصلُ الذُّوبانِ بالهمز، ولكنه خُفِّف فانْقَلَبَت واواً.
نوف: نافَ الشيءُ نوْفاً: ارتفع وأَشْرف. وفي حديث عائشة تصف أَباها،
رضي اللّه عنهما: ذاك طَوْد مُنيفٌ أَي عالٍ مُشْرِف. يقال: نافَ الشيءُ
ينُوف إذا طال وارتفع. وأَناف الشيءُ على غيره: ارتفع وأَشرف. ويقال لكل
مُشرف عل غيره: إنه لمُنيف، وقد أَنافَ إناقة، قال طرفة:
وأَنافَتْ بهَوادٍ تُلُعٍ،
كجُذُوعٍ شُذِّبَتْ عنها القُشُرْ
ومنه يقال: عشرون ونيّف لأَنه زائد على العقد. الأزهري: ومِن ناف يقال
هذه مائة ونَيّف، بتشديد الياء، أَي زيادة، وهي كلام العرب، وعوامُّ الناس
يخففون فيقولون: ونيْف، وهو لحن عند الفصحاء. قال أَبو العباس: الذي
حصّلناه من أَقاويل حُذَّاق البصريين والكوفيين أَنّ النيّف من واحدة إلى
ثلاث، والبِضْع من أَربع إلى تسع. ويقال: نَيّف فلان على الستين ونحوها إذا
زاد عليها؛ وكلُّ ما زاد على العَقْد، فهو نيّف، بالتشديد، وقد يخفف حتى
يبلغ العَقْد الثاني. ابن سيده: النيف الفضل؛ عن اللحياني. وحكى
الأَصمعي: ضع النيف في موضعه أَي الفضْل؛ وقد نيّف العددُ على ما تقول. قال:
والنَّيْفُ والنَّيِّفُ، كميْت وميِّت، الزيادة. والنِّيف والنِّيفة: ما بين
العَقْدين لأَنها زيادة، يقال: له عشرة ونَيّف، وكذلك سائر العقود. قال
اللحياني: يقال عشرون ونيف ومائة ونيف وأَلف ونيف، ولا يقال نيف إلا بعد
عَقْد، قال: وإنما قيل نيف لأَنه زائد على العدد الذي حواه ذلك العَقْد.
وأَنافت الدراهم على كذا: زادت. وأَنافَ الجبل وأَناف البِناء، فهو جبل
مُنِيف وبناء مُنيف أَي طويل؛ وقال ابن جني في كتابه الموسوم بالمعرب:
وأَنت تراهم قد استحدثوا في حَبْله من قوله:
لما رأَيت الدَّهْر جَهْماً حَبْلُهو
حرف مدّ أَنافوه على وزن البيت، فعدّى أَنافوه وليس هذا بمعروف، وإنما
عدّاه لأَنه في معنى زاد. ونيّف العَدَد على ما تقول: زاد، وأَورد الجوهري
النيف الزيادة، والنِّياف في ترجمة نيف، قال: وأَصله الواو؛ قال ابن
بري: شاهده قول ابن الرِّقاع:
ولدت ترابيه رأْسُها،
على كلِّ رابيةٍ، نَيِّف
(* قوله «ولدت ترابيه» كذا بالأصل، ولعله ولدت برابية، واحدة الروابي.)
وامرأَة مُنِيفة ونياف: تامّة الطول والحُسن. وجمل نِياف وناقة نِياف:
طويلا السّنام؛ قال ابن بري: شاهده قول زياد المِلْقَطِيّ:
والرَّحْل فوق ذاتِ نَوْفٍ خامس
(* قوله «خامس» كذا في الأصل بالخاء، ولعله بالجيم.)
قال ابن جني: ياء كل ذلك منقلبة عن واو لأَنه من النوف الذي هو
العُلُوُّ والارْتفاع، قلبت فيه الواو تخفيفاً لا وجوباً، أَلا ترى إلى صحة صِوان
وخِوان وصِوار؟ على أَنه قد حكي صِيان وصِيار، وذلك عن تخفيف لا عن
صَنْعة ووجوب، وقد يجوز أَن يكون نِياف مصدراً جارياً على فعل معتلّ مقدّر،
فيُجْرى حينئذ مُجرى قِيام وصِيام، ووصف به كما يوصف بالمصادر، وقصْر
نِيافٌ. قال الجوهري: وناقة نِياف وجمل نِياف أَي طويل في ارتفاع؛ قال
الراجز: أُفْرُغْ لأَمْثالِ مِعًى أُلاَّفِ،
يَتْبَعْنَ وَخْيَ عَيْهَلٍ نِيافِ
والوَخْيُ: حُسْن صوت مشيها. قال ابن بري: وحق النِّياف أَن يذكر في فصل
نوف. يقال: ناف ينوف أَي طال، وإنما قلبت الواو ياء على جهة التخفيف،
ومنه قولهم: صوان وصيان وطِوال وطِيال؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
رآها الفُؤاد، فاسْتُضِلَّ ضَلالُه،
نِيافاً من البِيض الحِسان العَطابِل
وقال جرير:
والخيلُ تَنْحِطُ بالكُماة، وقد رأَى
لَمْعَ الربِيثةِ بالنِّياف العيْطَلِ
أَراد بالجبل العالي الطويل؛ وقال آخر:
كلّ كِنازٍ لَحْمُه نِيافِ،
كالعَلَم المُوفي على الأَعْرافِ
وقال آخر:
يأْوي إلى طائِقه الشِّنْعافِ،
بين حَوامي رَتَبٍ نِيافِ
الطائقُ: الأَنْفُ يَنْدُرُ من الجبل. والرتَبُ: العتَبُ؛ وأَنشد أَبو
عمرو لأَبي الربيع:
والرحْلُ فوقَ جَسْرةٍ نِيافِ
كَبْداء جَسْر، غير ما ازْدِهافِ
وقال امرؤ القيس:
نِيافاً تَزِلُّ الطيرُ عن قُذُفاتِه،
يَظَلُّ الضَّبابُ فوقَه قد تَعَصَّرا
وبعضهم يقول: جمل نَيَّافٌ، على فَيْعال، إذا ارتفع في سيره؛ وأَنشد:
يَتْبعْنَ نَيّافَ الضُّحى عُزاهِلا
قال أَبو منصور: رواه غيره:
يتبعن زَيّافَ الضحى
قال: وهو الصحيح. وقال أَبو عمرو: العَزاهِلُ التامُّ الخَلْقِ. وفَلاةٌ
نِيافٌ: طويلة عريضة؛ قال:
إذا اعْتَلى عَرْضَ نِيافٍ فِلِّ،
أَذْرى أَساهِيكَ عَتِيقٍ أَلِّ،
بعَطْفِ ضَبْعَيْ مَرِحٍ شِمِلِّ
ويروى: بأَوْب. والنوْفُ: أَسفل الذَّيْل لزيادته وطوله؛ عن كراع.
والنَّوْفُ: السَّنام العالي، والجمع أَنواف، وخص بعضهم به سنام البعير، وبه
سمي نَوْفٌ البِكاليّ. والنوْفُ: البَظْر، وكل ذلك في معنى الزيادة
والارتفاع. ابن بري: النوْف البظْر، وقيل الفَرج؛ قال همام بن قَبِيصةَ الفزاري
حين قتله وازع بن ذُؤَالةَ:
تَعِسْتَ ابنَ ذاتِ النَّوْفِ أَجْهِزْ على امْرِئٍ
يرى المَوْتَ خَيْراً مِن فِرارٍ وأَكْرَما
ولا تَتْرُكَنِّي كالخُشاشةِ، إنَّني
صَبُورٌ، إِذا ما النِّكْسُ مِثْلُك أَحْجَما
وروي عن المؤرّج قال: النوْفُ المَصُّ من الثَّدْي، والنَّوْفُ الصوت.
يقال: نافَت الضَّبُعة تَنُوف نَوْفاً.
ونَوْف: اسم رجل. ويَنُوفُ: عقَبة معروفة، سميت بذلك لارتفاعها؛ وأَنشد
أَحمد بن يحيى:
عُقابُ يَنُوف لا عُقابُ القَواعِلِ
ورواه ابن جني: تَنُوف، قال: وهو تَفْعُل من النْوف، وهو الارتفاع، سميت
بذلك لعلوها؛ الجوهري: وينوف في شعر امرئ القيس هَضْبة في جبل طيِّء،
وبيت امرئ القيس هو قوله:
كأَنّ دِثاراً حَلَّقَت بلَبُونِه
عقاب ينوف، لا عقاب القواعل
قال: والمعروف في شعره تنوف، بالتاء، ويروى تَنُوفِيَ
(*
في الفاء من تنوفي روايتان: الفتح والكسر كما في معجم ياقوت.) أَيضاً.
وعبد مناف: بطن من قريش. الجوهري: عبد مناف أَبو هاشم وعبد شمس، والنسبة
إليه مَنافيّ؛ قال سيبويه: وهو مما وقعت فيه الإضافة إلى الثاني دون
الأَول لأَنه لو أُضيف إلى الأَول لالتبس، قال الجوهري: وكان القياس عَبْدِيٌّ
(* قوله «عبدي» كذا هو في الأصل تبعاً للجوهري.) إلا أَنهم عدلوا عن
القياس لإزالة اللبس.
نرجس: النَّرْجِسُ، بالكسر،من الرياحين: معروف، وهو دخيل. ونِرْجِس
أَحْسَن إِذا أُعْرِبَ، وذكره ابن سيده في الرباعي بالكسر، وذكره في الثلاثي
بالفتح في ترجمة رجس.