Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=97515#9e7f3f
نِضَالَــة
من (ن ض ل) مؤنث نِضَال.
من (ن ض ل) مؤنث نِضَال.
نضل: ناضَله مُناضَلةً ونِضالــاً ونِيضالاً: باراهُ في الرَّمْي؛ قال
الشاعر:
لا عَهْدَ لي بنِيضالْ،
أَصبحتُ كالشَّنِّ البالْ
قال سيبويه: فِيعالٌ في المصدر على لغة الذين قالوا تحمَّل تِحْمالاً،
وذلك أَنهم يُوَفِّرون الحروف ويجيئُون به على مثال
(* قوله «على مثال
إلخ» هكذا في الأصل، وفي نسختين من المحكم على مثال افعال وعلى مثال قولهم
كلمته إلخ).
قولهم كلَّمْتُه كِلاَّماً، وأَما ثعلب فقال إِنه أَشبع الكسرة فأَتبعها
الياء كما قال الآخر
(* قوله «كما قال الآخر إلخ» في القاموس في مادة
نظر:
وانني حيثما يثني الهوى بصري * من حيثما سلكوا ادنو فأنظور) :
أَدْنُو فأَنْظُورُ، أَتبع الضمة الواو اختياراً، وهو على قول ثعلب
اضطراراً.
ونَضَلْته أَنْضُله نَضْلاً: سبقته في الرِّماءِ. وناضَلْت فلاناً
فنَضَلْته إِذا غلبته. الليث: نَضَل فلان فلاناً إِذا نَضَله في مُراماةٍ
فَغَلَبه.
وخرج القوم يَنْتضِلون إِذا اسْتَبَقوا في رَمْي الأَغْراض. وفي الحديث:
أَنه مَرَّ بقومٍ يَنْتَضِلون أَي يَرْتَمُون بالسِّهام. يقال: انْتَضَل
القوم وتَناضَلوا أَي رَمَوْا للسَّبْق. وناضَلْت عنه نِضالــاً: دافَعْت.
وتَنَضَّلْت الشيءَ: أَخرجته. واجْتَلْت منهم جَوْلاً معناه الاختيار
أَي اخترت. وانْتَضَل سيفَه: أَخرجه. وانْتَضَلْت منهم نَضْلة: اخْتَرْت.
وفلانٌ نَضِيلي: وهو الذي يُرامِيه ويُسابِقه. ويقال: فلان يُناضِلُ عن
فلان إِذا نَصَح عنه ودافع وتكلم عنه بعذره وحاجَجَ. وفي الحديث: بُعْداً
لكُنّ وسُحْقاً فعَنْكُنّ كنتُ أُناضِل أَي أُجادل وأُخاصِمُ وأُدافِعُ؛
ومنه شعر أَبي طالب يمدح سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
كَذَبْتُم، وبَيْتِ اللهِ، يُبْزَى محمدٌ
ولَمَّا نُطاعِنْ دونَه ونُناضِل
(* قوله «يبزى» في النهاية في مادة بزي ما نصه: يبزى أي يقهر ويغلب؛
أراد لا يبزى، فحذف لا من جواب القسم وهي مرادة أي لا يقهر ولم نقاتل عنه
وندافع).
وانْتضَل القومُ وتَناضَلوا أَي رَمَوْا للسَّبْق؛ ومنه قيل: انْتَضلوا
بالكلام والأَشعارِ. وانْتَضَلْت رجلاً من القوم وانْتَضَلْت سهماً من
الكِنانة أَي اخْتَرْت. والمُناضَلةُ: المُفاخَرة؛ قال الطرماح:
مَلِكٌ تَدِينُ له الملو
ك، ولا يُجاثِيه المُناضِل
وانْتَضَل القومُ إِذا تفاخَروا؛ قال لبيد:
فانْتَضَلْنا، وابنُ سَلْمى قاعدٌ
كعَتِيق الطيرِ يُغْضي ويُجَل
ابن السكيت: انْتَضى السيف من غِمْدِه وانْتَضَلَه بمعنى واحد.
وتَنَضَّلْتُ الشيءَ إِذا استخرجته. وانْتِضال الإِبل: رَمْيُها بأَيديها في
السَّيْر.
ونَضِلَ البعيرُ والرجُل نَضْلاً: هُزِل
(* قوله «نضلاً هزل» ضبط في
الأصل بسكون الضاد في هذا المصدر وكذا في نسخة من المحكم والتهذيب، وفي اخرى
من المحكم نضلاً بالتحريك). وأَعْيا، وأَنْضَلَه هو. ابن الأَعرابي:
النَّضَل والتَّبْدِيدُ التعبُ، وقد نَضِلَ يَنْضَل نَضَلاً. ونَضِلَت
الدابة: تعبت.
ونَضْلةُ: اسم، وهو نَضْلةُ بن هاشم، ونَضْلة بنُ حِمار. الجوهري: وكان
هاشم بن عبد مناف يُكْنى أَبا نَضْلةَ.
رسل: الرَّسَل: القَطِيع من كل شيء، والجمع أَرسال. والرَّسَل: الإِبل،
هكذا حكاه أَبو عبيد من غير أَن يصفها بشيء؛ قال الأَعشى:
يَسْقِي رياضاً لها قد أَصبحت غَرَضاً،
زَوْراً تَجانف عنها القَوْدُ والرَّسَل
والرَّسَل: قَطِيع بعد قَطِيع. الجوهري: الرَّسَل، بالتحريك، القَطِيع
من الإِبل والغنم؛ قال الراجز:
أَقول للذَّائد: خَوِّصْ برَسَل،
إِني أَخاف النائبات بالأُوَل
وقال لبيد:
وفِتْيةٍ كالرَّسَل القِمَاح
والجمع الأَرْسال؛ قال الراجز:
يا ذائدَيْها خَوِّصا بأَرْسال،
ولا تَذُوداها ذِيادَ الضُّلاَّل
ورَسَلُ الحَوْض الأَدنى: ما بين عشر إِلى خمس وعشرين، يذكر ويؤَنث.
والرَّسَل: قَطيعٌ من الإِبِل قَدْر عشر يُرْسَل بعد قَطِيع.
وأَرْسَلو إِبلهم إِلى الماء أَرسالاً أَي قِطَعاً. واسْتَرْسَل إِذا
قال أَرْسِلْ إِليَّ الإِبل أَرسالاً. وجاؤوا رِسْلة رِسْلة أَي جماعة
جماعة؛ وإِذا أَورد الرجل إِبله متقطعة قيل أَوردها أَرسالاً، فإِذا أَوردها
جماعة قيل أَوردها عِراكاً. وفي الحديث: أَن الناس دخلوا عليه بعد موته
أَرسالاً يُصَلُّون عليه أَي أَفواجاً وفِرَقاً متقطعة بعضهم يتلو بعضاً،
واحدهم رَسَلٌ، بفتح الراء والسين. وفي حديث فيه ذكر السَّنَة: ووَقِير
كثير الرَّسَل قليل الرِّسْل؛ كثير الرَّسَل يعني الذي يُرْسَل منها إِلى
المرعى كثير، أَراد أَنها كثيرة العَدَد قليلة اللَّبن، فهي فَعَلٌ بمعنى
مُفْعَل أَي أَرسلها فهي مُرْسَلة؛ قال ابن الأَثير: كذا فسره ابن
قتيبة، وقد فسره العُذْري فقال: كثير الرَّسَل أَي شديد التفرق في طلب
المَرْعى، قال: وهو أَشبه لأَنه قد قال في أَول الحديث مات الوَدِيُّ وهَلَك
الهَدِيُّ، يعني الإِبل، فإِذا هلكت الإِبل مع صبرها وبقائها على الجَدْب
كيف تسلم الغنم وتَنْمي حتى يكثر عددها؟ قال: والوجه ما قاله العُذْري وأَن
الغنم تتفرَّق وتنتشر في طلب المرعى لقلته. ابن السكيت: الرَّسَل من
الإِبل والغنم ما بين عشر إِلى خمس وعشرين. وفي الحديث: إِني لكم فَرَطٌ على
الحوض وإِنه سَيُؤتي بكم رَسَلاً رَسَلاً فتُرْهَقون عني، أَي فِرَقاً.
وجاءت الخيل أَرسالاً أَي قَطِيعاً قَطِيعاً.
وراسَلَه مُراسَلة، فهو مُراسِلٌ ورَسِيل.
والرِّسْل والرِّسْلة: الرِّفْق والتُّؤَدة؛ قال صخر الغَيِّ ويئس من
أَصحابه أَن يَلْحَقوا به وأَحْدَق به أَعداؤه وأَيقن بالقتل فقال:
لو أَنَّ حَوْلي من قُرَيْمٍ رَجْلا،
لمَنَعُوني نَجْدةً أَو رِسْلا
أَي لمنعوني بقتال، وهي النَّجْدة، أَو بغير قتال، وهي الرِّسْل.
والتَّرسُّل كالرِّسْل. والتَّرسُّلُ في القراءة والترسيل واحد؛ قال:
وهو التحقيق بلا عَجَلة، وقيل: بعضُه على أَثر بعض. وتَرَسَّل في قراءته:
اتَّأَد فيها. وفي الحديث: كان في كلامه تَرْسِيلٌ أَي ترتيل؛ يقال:
تَرَسَّلَ الرجلُ في كلامه ومشيه إِذا لم يَعْجَل، وهو والترسُّل سواء. وفي
حديث عمر، رضي الله عنه: إِذا أَذَّنْتَ فتَرَسَّلْ أَي تَأَنَّ ولا
تَعْجَل. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: إِن الأَرض إِذا
دُفِن
(* قوله «ان الأرض إذا دفن إلخ» هكذا في الأصل وليس في هذا الحديث
ما يناسب لفظ المادة، وقد ذكره ابن الأثير في ترجمة فدد بغير هذا اللفظ)
فيها الإِنسان قالت له رُبَّما مَشَيت عليَّ فَدَّاداً ذا مالٍ وذا
خُيَلاء. وفي حديث آخر: أَيُّما رجلٍ كانت له إِبل لم يُؤَدِّ زكاتها بُطِحَ
لها بِقاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤه بأَخفافها إِلاَّ من أَعْطَى في نَجْدتها
ورِسْلها؛ يريد الشِّدَّة والرخاء، يقول: يُعْطي وهي سِمانٌ حِسانٌ يشتدُّ
على مالكها إِخراجُها، فتلك نَجْدَتها، ويُعْطِي في رِسْلِها وهي
مَهازِيلُ مُقارِبة، قال أَبو عبيد: معناه إِلاَّ من أَعْطى في إِبله ما يَشُقُّ
عليه إِعطاؤه فيكون نَجْدة عليه أَي شدَّة، أَو يُعْطي ما يَهُون عليه
إِعطاؤُه منها فيعطي ما يعطي مستهيناً به على رِسْله؛ وقال ابن الأَعرابي
في قوله: إِلا من أَعْطى في رِسْلها؛ أَي بطِيب نفس منه. والرِّسْلُ في
غير هذا: اللَّبَنُ؛ يقال: كثر الرِّسْل العامَ أَي كثر اللبن، وقد تقدم
تفسيره أَيضاً في نجد. قال ابن الأَثير: وقيل ليس للهُزال فيه معنى لأَنه
ذكر الرِّسْل بعد النَّجْدة على جهة التفخيم للإِبل، فجرى مجرى قولهم إِلا
من أَعْطى في سِمَنها وحسنها ووفور لبنها، قال: وهذا كله يرجع إِلى معنى
واحد فلا معنى للهُزال، لأَن من بَذَل حق الله من المضنون به كان إِلى
إِخراجه مما يهون عليه أَسهل، فليس لذكر الهُزال بعد السِّمَن معنى؛ قال
ابن الأَثير: والأَحسن، والله أَعلم، أَن يكون المراد بالنَّجْدة الشدة
والجَدْب، وبالرِّسْل الرَّخاء والخِصْب، لأَن الرِّسْل اللبن، وإِنما يكثر
في حال الرخاء والخِصْب، فيكون المعنى أَنه يُخْرج حق الله تعالى في حال
الضيق والسعة والجَدْب والخِصْب، لأَنه إِذا أَخرج حقها في سنة الضيق
والجدب كان ذلك شاقّاً عليه فإِنه إَجحاف به، وإِذا أَخرج حقها في حال
الرخاء كان ذلك سهلاً عليه، ولذلك قيل في الحديث: يا رسول الله، وما نَجْدتها
ورِسْلها؟ قال: عُسْرها ويسرها، فسمى النَّجْدة عسراً والرِّسْل يسراً،
لأَن الجَدب عسر، والخِصْب يسر، فهذا الرجل يعطي حقها في حال الجدب
والضيق وهو المراد بالنجدة، وفي حال الخِصب والسعة وهو المراد بالرسل. وقولهم:
افعلْ كذا وكذا على رِسْلك، بالكسر، أَي اتَّئدْ فيه كما يقال على
هِينتك. وفي حديث صَفِيَّة: فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: على رِسْلكما أَي
اتَّئِدا ولا تَعْجَلا؛ يقال لمن يتأَنى ويعمل الشيء على هينته.
الليث: الرَّسْل، بفتح الراء، الذي فيه لين واسترخاء، يقال: ناقة رَسْلة
القوائم أَي سَلِسة لَيِّنة المفاصل؛ وأَنشد:
برَسْلة وُثّق ملتقاها،
موضع جُلْب الكُور من مَطاها
وسَيْرٌ رَسْلٌ: سَهْل. واسترسل الشيءُ: سَلِس. وناقة رَسْلة: سهلة
السير، وجَمَل رَسْلٌ كذلك، وقد رَسِل رَسَلاً ورَسالة. وشعر رَسْل:
مُسْترسِل. واسْتَرْسَلَ الشعرُ أَي صار سَبْطاً. وناقة مِرْسال: رَسْلة القوائم
كثيرة الشعر في ساقيها طويلته. والمِرْسال: الناقة السهلة السير، وإِبِل
مَراسيلُ؛ وفي قصيد كعب بن زهير:
أَضحت سُعادُ بأَرض، لا يُبَلِّغها
إِلا العِتاقُ النَّجيبات المَراسِيل
المَراسِيل: جمع مِرْسال وهي السريعة السير. ورجل فيه رَسْلة أَي كَسَل.
وهم في رَسْلة من العيش أَي لين. أَبو زيد: الرَّسْل، بسكون السين،
الطويل المسترسِل، وقد رَسِل رَسَلاً ورَسالة؛ وقول الأَعشى:
غُولَيْن فوق عُوَّجٍ رِسال
أَي قوائم طِوال. الليث: الاسترسال إِلى الإِنسان كالاستئناس
والطمأْنينة، يقال: غَبْنُ المسترسِل إِليك رِباً. واستَرْسَل إِليه أَي انبسط
واستأْنس. وفي الحديث: أَيُّما مسلمٍ اسْتَرْسَل إِلى مسلم فغَبَنه فهو كذا؛
الاسترسال: الاستئناس والطمأْنينة إِلى الإِنسان والثِّقةُ به فيما
يُحَدِّثه، وأَصله السكون والثبات.
قال: والتَّرسُّل من الرِّسْل في الأُمور والمنطق كالتَّمهُّل والتوقُّر
والتَّثَبُّت، وجمع الرِّسالة الرَّسائل. قال ابن جَنْبة: التَّرسُّل في
الكلام التَّوقُّر والتفهمُ والترفق من غير أَن يرفع صوته شديداً.
والترسُّل في الركوب: أَن يبسط رجليه على الدابة حتى يُرْخِي ثيابه على رجليه
حتى يُغَشِّيَهما، قال: والترسل في القعود أَن يتربَّع ويُرْخي ثيابه على
رجليه حوله.
والإِرْسال: التوجيه، وقد أَرْسَل إِليه، والاسم الرِّسالة والرَّسالة
والرَّسُول والرَّسِيل؛ الأَخيرة عن ثعلب؛ وأَنشد:
لقد كَذَب الواشُون ما بُحْتُ عندهم
بلَيْلى، ولا أَرْسَلْتُهم برَسِيل
والرَّسول: بمعنى الرِّسالة، يؤنث ويُذكَّر، فمن أَنَّث جمعه أَرْسُلاً؛
قال الشاعر:
قد أَتَتْها أَرْسُلي
ويقال: هي رَسُولك. وتَراسَل القومُ: أَرْسَل بعضُهم إِلى بعض.
والرَّسول. الرِّسالة والمُرْسَل؛ وأَنشد الجوهري في الرسول الرِّسالة للأَسعر
الجُعفي:
أَلا أَبْلِغ أَبا عمرو رَسُولاً،
بأَني عن فُتاحتكم غَنِيُّ
عن فُتاحتكم أَي حُكْمكم؛ ومثله لعباس بن مِرْداس:
أَلا مَنْ مُبْلِغٌ عني خُفافاً
رَسُولاً، بَيْتُ أَهلك مُنْتهاها
فأَنت الرَّسول حيث كان بمعنى الرِّسالة؛ ومنه قول كثيِّر:
لقد كَذَب الواشُون ما بُحتُ عندهم
بسِرٍّ، ولا أَرْسَلْتهم برَسُول
وفي التنزيل العزيز: إِنَّا رَسُول رب العالمين؛ ولم يقل رُسُل لأَن
فَعُولاً وفَعِيلاً يستوي فيهما المذكر والمؤنث والواحد والجمع مثل عَدُوٍّ
وصَدِيق؛ وقول أَبي ذؤيب:
أَلِكْني إِليها، وخَيْرُ الرَّسو
ل أَعْلَمهُم بنواحي الخَبَر
أَراد بالرَّسول الرُّسُل، فوضع الواحد موضع الجمع كقولهم كثر الدينار
والدرهم، لا يريدون به الدينار بعينه والدرهم بعينه، إِنما يريدون كثرة
الدنانير والدراهم، والجمع أَرْسُل ورُسُل ورُسْل ورُسَلاء؛ الأَخيرة عن
ابن الأَعرابي، وقد يكون للواحد والجمع والمؤنث بلفظ واحد؛ وأَنشد ابن بري
شاهداً على جمعه على أَرْسُل للهذلي:
لو كان في قلبي كقَدْرِ قُلامة
حُبًّا لغيرك، ما أَتاها أَرْسُلي
وقال أَبو بكر بن الأَنباري في قول المؤذن: أَشهد أَن محمداً رسول الله،
أَعلم وأُبَيِّن أَن محمداً مُتابِعٌ للإِخبار عن الله عز وجل.
والرَّسول: معناه في اللغة الذي يُتابِع أَخبار الذي بعثه أَخذاً من قولهم جاءت
الإِبل رَسَلاً أَي متتابعة. وقال أَبو إِسحق النحوي في قوله عز وجل حكاية
عن موسى وأَخيه: فقُولا إِنَّا رسول رب العالمين؛ معناه إِنا رِسالة
رَبّ العالمين أَي ذَوَا رِسالة رب العالمين؛ وأَنشد هو أَو غيره:
... ما فُهْتُ عندهم
بسِرٍّ ولا أَرسلتهم برَسول
أَراد ولا أَرسلتهم برِسالة؛ قال الأَزهري: وهذا قول الأَخفش. وسُمِّي
الرَّسول رسولاً لأَنه ذو رَسُول أَي ذو رِسالة. والرَّسول: اسم من أَرسلت
وكذلك الرِّسالة. ويقال: جاءت الإِبل أَرسالاً إِذا جاء منها رَسَلٌ بعد
رَسَل. والإِبل إِذا وَرَدت الماء وهي كثيرة فإِن القَيِّم بها يوردها
الحوض رَسَلاً بعد رَسَل، ولا يوردها جملة فتزدحم على الحوض ولا تَرْوَى.
وأَرسلت فلاناً في رِسالة، فهو مُرْسَل ورَسول. وقوله عز وجل: وقومَ نوح
لما كَذَّبوا الرُّسُل أَغرقناهم؛ قال الزجاج: يَدُلُّ هذا اللفظ على أَن
قوم نوح قد كَذَّبوا غير نوح، عليه السلام، بقوله الرُّسُل، ويجوز أَن
يُعْنى به نوح وحده لأَن من كَذَّب بنبيٍّ فقد كَذَّب بجميع الأَنبياء،
لأَنه مخالف للأَنبياء لأَن الأَنبياء، عليهم السلام، يؤمنون بالله وبجميع
رسله، ويجوز أَن يكون يعني به الواحد ويذكر لفظ الجنس كقولك: أَنت ممن
يُنْفِق الدراهم أَي ممن نَفَقَتُه من هذا الجنس؛ وقول الهذلي:
حُبًّا لغيرك ما أَتاها أَرْسُلي
ذهب ابن جني إِلى أَنه كَسَّر رسولاً على أَرْسُل، وإِن كان الرسول هنا
إِنما يراد به المرأَة لأَنها في غالب الأَمر مما يُسْتَخْدَم في هذا
الباب.
والرَّسِيل: المُوافِق لك في الــنِّضال ونحوه. والرَّسِيل: السَّهْل؛ قال
جُبَيْهاء الأَسدي:
وقُمْتُ رَسِيلاً بالذي جاء يَبْتَغِي
إِليه بَلِيجَ الوجه، لست بِباسِر
قال ابن الأَعرابي: العرب تسمي المُراسِل في الغِناء والعَمل المُتالي.
وقوائم البعير: رِسالٌ. قال الأَزهري: سمعت العرب تقول للفحل العربي
يُرْسَل في الشَّوْل ليضربها رَسِيل؛ يقال: هذا رَسِيل بني فلان أَي فحل
إِبلهم. وقد أَرْسَل بنو فلان رَسِيلَهم أَي فَحْلهم، كأَنه فَعِيل بمعنى
مُفْعَل، من أَرْسَل؛ قال: وهو كقوله عز وجل أَلم تلك آيات الكتاب الحكيم؛
يريد، والله أَعلم، المُحْكَم، دَلَّ على ذلك قوله: الر كتاب أُحْكِمَتْ
آياته؛ ومما يشاكله قولهم للمُنْذَرِ نَذير، وللمُسْمَع سَمِيع. وحديثٌ
مُرْسَل إِذا كان غير متصل الأَسناد، وجمعه مَراسيل. والمُراسِل من النساء:
التي تُراسِل الخُطَّاب، وقيل: هي التي فارقها زوجها بأَيِّ وجه كان،
مات أَو طلقها، وقيل: المُراسِل التي قد أَسَنَّتْ وفيها بَقِيَّة شباب،
والاسم الرِّسال. وفي حديث أَبي هريرة: أَن رجلاً من الأَنصار تزوَّج
امرأَة مُراسِلاً، يعني ثَيِّباً، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: فهَلاَّ
بِكْراً تُلاعِبُها وتلاعِبك وقيل: امرأَة مُراسِل هي التي يموت زوجها أَو
أَحَسَّت منه أَنه يريد تطليقها فهي تَزَيَّنُ لآخر؛ وأَنشد المازني
لجرير:
يَمْشِي هُبَيرةُ بعد مَقْتَل شيخه،
مَشْيَ المُراسِل أُوذِنَتْ بطلاق
يقول: ليس يطلب بدم أَبيه، قال: المُراسِل التي طُلِّقت مرات فقد
بَسَأَتْ بالطلاق أَي لا تُباليه، يقول: فهُبَيرة قد بَسَأَ بأَن يُقْتَل له
قتيل ولا يطلب بثأْره مُعَوَّدٌ ذلك مثل هذه المرأَة التي قد بَسَأَتْ
بالطلاق أَي أَنِسَتْ به، والله أَعلم. ويقال: جارية رُسُل إِذا كانت صغيرة
لا تَخْتَمر؛ قال عديّ بن زيد:
ولقد أَلْهُو بِبِكْرٍ رُسُلٍ،
مَسُّها أَليَنُ من مَسِّ الرَّدَن
وأَرْسَل الشيءَ: أَطلقه وأَهْمَله. وقوله عز وجل: أَلم تر أَنا أَرسلنا
الشياطين على الكافرين تَؤُزُّهم أَزًّا؛ قال الزجاج في قوله أَرْسَلْنا
وجهان: أَحدهما أَنَّا خَلَّينا الشياطين وإِياهم فلم نَعْصِمهم من
القَبول منهم، قال: والوجه الثاني، وهو المختار، أَنهم أُرْسِلوا عليهم
وقُيِّضوا لهم بكفرهم كما قال تعالى: ومن يَعْشُ عن ذكر الرحمن نُقَيِّضْ له
شيطاناً؛ ومعنى الإِرسال هنا التسليط؛ قال أَبو العباس: الفرق بين إِرسال
الله عز وجل أَنبياءه وإِرْساله الشياطين علىأَعدائه في قوله تعالى: أَنا
أَرسلنا الشياطين على الكافرين، أَن إِرساله الأَنبياء إِنما هو وَحْيُه
إِليهم أَن أَنذِروا عبادي، وإِرساله الشياطينَ على الكافرين
تَخْلِيَتُه وإِياهم كما تقول: كان لي طائر فأَرْسَلْته أَي خليته وأَطلقته.
والمُرْسَلات، في التنزيل: الرياح، وقيل الخَيْل، وقال ثعلب: الملائكة.
والمُرْسَلة: قِلادة تقع على الصدر، وقيل: المُرْسَلة القِلادة فيها
الخَرَزُ وغيرها.
والرِّسْل: اللَّبن ما كان. وأَرْسَل القومُ فهم مُرْسلون: كَثُر
رِسْلُهم، وصار لهم اللبن من مواشيهم؛ وأَنشد ابن بري:
دعانا المُرْسِلون إِلى بِلادٍ،
بها الحُولُ المَفارِقُ والحِقاق
ورَجُلٌ مُرَسِّلٌ: كثير الرِّسْل واللبن والشِّرْب؛ قال تأَبَّط
شَرًّا:ولست براعي ثَلَّةٍ قام وَسْطَها،
طوِيل العصا غُرْنَيْقِ ضَحْلٍ مُرَسِّل
مُرَسِّل: كثير اللبن فهو كالغُرْنَيْق، وهو شبه الكُرْكِيّ في الماء
أَبداً. والرَّسَلُ: ذوات اللبن. وفي حديث أَبي سعيد الخُدْري: أَنه قال
رأَيت في عام كثر فيه الرِّسْل البياضَ أَكثر من السَّواد، ثم رأَيت بعد
ذلك في عام كثر فيه التمر السَّوادَ أَكثر من البياض؛ الرِّسْل: اللبن وهو
البياض إِذا كَثُر قَلَّ التَّمْر وهو السَّواد، وأَهل البَدْو يقولون
إِذا كثر البياض قَلَّ السواد، وإِذا كثر السواد قَلَّ البياض. والرِّسْلان
من الفرس: أَطراف العضدين. والراسِلان: الكَتِفان، وقيل عِرْقان فيهما،
وقيل الوابِلَتان.
وأَلقَى الكلامَ على رُسَيْلاته أَي تَهاوَن به. والرُّسَيْلي، مقصور:
دُوَيْبَّة. وأُمُّ رِسالة: الرَّخَمة.
سبق: السَّبْق: القُدْمةُ في الجَرْي وفي كل شيء؛ تقول: له في كل أمر
سُبْقةٌ وسابِقةٌ وسَبْقٌ، والجمع الأَسْباق والسَّوابِقُ. والسَّبْقُ:
مصدر سَبَقَ. وقد سَبَقَه يَسْبُقُه ويَسْبِقُه سَبْقاً: تقدَّمه. وفي
الحديث: أنا سابِقُ العرب، يعني إلى الإسلام، وصُهَيْبٌ سابقُ الرُّوم،
وبِلالٌ سابقُ الحبَشة، وسلْمانُ سابقُ الفُرْس؛ وسابَقْتُه فسَبَقْتُه.
واسْتَبَقْنا في العَدْوِ أي تَسابَقْنا. وقوله تعالى: ثم أوْرَثْنا الكتابَ
الذين اصطَفَيْنا مِنْ عبادِنا فمنهم ظالم لِنَفْسِه ومنهم مُقْتصد ومنهم
سابِقٌ بالخيرات بإذن الله؛ رُوِيَ فيه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه
قال: سابِقُنا سابِقٌ، ومقْتصِدُنا ناجٍ، وظالِمُنا مغفورٌ له، فدلَّك
ذلك على أن المؤمنين مغفور لمقْتَصدهم وللظالم لنفسه منهم. ويقال: له
سابِقةٌ في هذا الأَمر إذا سَبَق الناسَ إليه. وقوله تعالى: سَبْقاً؛ قال
الزجاج: هي الخيل، وقيل السابقات أرواح المؤمنين تخرج بسهولة، وقيل:
السابقات النجوم، وقيل: الملائكة تَسْبِق الشياطين بالوحي إلى الأَنبياء، عليهم
الصلاة والسلام، وفي التهذيب: تَسْبِق الجنَّ باستماع الوحي. ولا
يَسْبِقونه بالقول: لا يقولون بغير علم حتى يُعَلِّمهم؛ وسابَقَه مُسابَقَةً
وسِباقاً. وسِبْقك: الذي يُسابِقُك، وهم سِبْقي وأسْباقي. التهذيب: العرب
تقول للذي يَسْبِقُ من الخيل سابِقٌ وسَبُوق، وإذا كان يُسْبَق فهو
مُسَبَّق؛ قال الفرزدق:
من المُحْرِزينَ المَجْدَ يومَ رِهانِه،
سَبُوقٌ إلى الغاياتِ غير مُسَبَّق
وسَبَقَت الخيلُ وسابَقْتُ بينها إذا أرسلتها وعليها فُرْسانُها لتنظر
أيّها يَسْبِق. والسُّبَّق من النخل: المبَكِّرة بالحمل. والسَّبْق
والسابِقةُ: القُدْمة.
وأسْبَقَ القومُ إلى الأَمر وتَسابَقوا: بادروا. والسَّبَق، بالتحريك:
الخطَرُ الذي بوضع بين أهل السِّباق، وفي التهذيب: الذي يوضع في الــنِّضال
والرِّهان في الخيل، فمن سعبَق أخذه، والجمع أسباق. واسْتَبَق القومُ
وتَسابَقخوا: تَخاطَرُوا. وتَسابَقُوا: تناضلوا. ويقال: سَبَّق إذا أخذ
السَّبَق، وسَبَّقَ إذا أعطى السَّبَق، وهذا من الأضداد، وهو نادر، وفي
الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: لا سبَق إلا في خُفٍّ أو نَصْل أو
حافر، فالخفّ للإبل، والحافر للخيل، والنصال للرَّمْي. والسَّبَق، بفتح
الباء: ما يجعل من المال رَهْناً على المُسابَقةِ، وبالسكون: مصدر
سَبَقْت أسْبِق؛ المعنى لا يحل أخذ المال بالمُسابَقةِ إلا في هذه الثلاثة، وقد
ألحق بها الفقهاء ما كان يمعناها وله تفصيل في كتب الفقه. وفي حديث آخر:
مَنْ أدْخَلَ فَرَساً بين فَرَسَيْنِ فإن كان يْؤْمَنُ أن يُسْبَق فلا
خير فيه، وإن كان لا يؤمَن أن يُسْبَعق فلا بأْس به. قال أبو عبيد: الأَصل
أن يَسْبِقَ الرجلُ صاحبَه بشيء مسمى على أنه إن سَبَق فلا شيء له، وإن
سَبَقه صاحبُه أخذ الرهن، فهذا هو الحلال لأن الرهن من أحدهما دون الآخر،
فإن جعل كل واحد منهما لصاحبه رهناً أيّهما سَبَق أخذه فهو القِمارُ
المنهي عنه، فإن أرادا تحليل ذلك جعلا معهما فَرَساً ثالثاً لرجل سواهما،
وتكون فرسه كُفُؤاً لفرسَيْهما، ويسمى المُحَلِّلَ والدَّخِيلَ، فيضع
الرجلان الأَوّلان رَهْنَيْنِ منهما ولا يضع الثالث شيئاً، ثم يُرْسِلون
الأَفْراسَ الثلاثة، فإن سبق أحدُ الأَوّلين أخذ رَهْنَه ورَهْنَ صاحبه فكان
طَيِّباً له، وإن سَبَقَ الدخيلُ أخذ الرَّهْنَيْنِ جميعاً، وإن سُبِق هو
لم يغرم شيئاً، فهذا معنى الحديث. وفي الحديث: أنه أمَرَ بإجراء الخيل
وسَبَّقَها ثلاثة أعْذُقٍ من ثلاث نخلات؛ سَبَّقَها: بمعنى أعطى السَّبَق،
وقد يكون بمعنى أخذ، وهو من الأَضداد، ويكون مخففاً وهو المال المُعَيّن.
وقوله تعالى: إنَّا ذهبنا نِسْتَبِق؛ قيل: معناه نتَناضَل، وقيل: هو
نفتعل من السَّبْق. واسْتَبقا البابَ: يعني تَسابَقا إليه مثل قولك اقتتلا
بمعنى تَقاتلا؛ ومنه قوله تعالى: فاسْتَبِقُوا الخيرات؛ أي بادِرُوا
إليها؛ وقوله: فاسْتَبَقُوا الصراطَ؛ أي جاوَزُوه وتركوه حتى ضلّوا؛ وهم لها
سَابِقون، أي إليها سابِقون كما قال تعالى: بأنَّ رَبَّكَ أوْحى لها، أي
إليها. الأَزهري: جاء الاسْتباق في كتاب الله تعالى بثلاثة معان مختلفة:
أحدها قوله عز وجل: إنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِق، قال المفسرون: معناه
نَنْتَضل في الرمي، وقوله عز وجل: واسْتَبَقا البابَ؛ معناه ابْتَدَرا البابَ
يجتهد كل واحد منهما أن يَسْبِقَ صاحبه، فإن سَبَقَها يوسفُ فتح البابَ
وخرج ولم يُجِبْها إلى ما طلبته منه، وإن سَبَقَتْ زَلِيخا أغْلَقَت الباب
دونه لتُراوِدَه عن نفسه، والمعنى الثالث في قوله تعالى: ولو نشاء
لَطَمَسْنا على أعْيُنِهم فاسْتَبَقوا الصراطَ فأَنَّى يُبْصِرون؛ معناه فجازوا
الصراط وخَلّفوه، وهذا الاسْتباق في هذه الآية من واحد والوجهان
الأَولان من اثنين، لأن هذا بمعنى سَبَقُوا والأَوّلان بمعنى المُسابَقة. وقوله:
اسْتَقِيموا فقد سَبَقْتُم سَبْقاً بَعيداً؛ يروى بفتح السين وضمها على
ما لم يسم فاعله، والأَول أولى لقوله بعده: وإن أخَذْتم يميناً وشمالاً
فقد ضلَلْتم. وفي حديث الخوارج: سَبَقَ الفَرْثَ والدَّمَ أي مرَّ سريعاً
في الرمِيّة وخرج منها لم يَعْلَقْ منها بشيء من فَرْثِها ودَمِها
لسرعته؛ شبَّه خروجَهم من الدِّين ولم يَعْلَقوا بشيء منه به. وسَبَقَ على
قومِه: علاهم كَرَماً. وسِبَاقا البازي: قيْداه، وفي المحكم: والسِّبَاقانِ
قَيْدانِ في رِجْل الجارح من الطير من سير أو غيره. وسَبَّقْت الطَّير إذا
جعلت السِّبَاقَيْنِ في رجليه.
ندب: النَّدَبَةُ: أَثَرُ الجُرْح إِذا لم يَرْتَفِعْ عن الجلد، والجمع
نَدَبٌ، وأَنْدابٌ ونُدُوبٌ: كلاهما جمع الجمع؛ وقيل: النَّدَبُ واحد،
والجمع أَنْدابٌ ونُدُوبٌ، ومنه قول عمر، رضي اللّه عنه: إِياكم ورَضاعَ السَّوْءِ، فإِنه لا بُدَّ من أَن يَنْتَدِبَ أَي يَظْهَرَ يوماً ما؛ وقال الفرزدق:
ومُكَبَّلٍ، تَرَك الـحَديدُ بساقِهِ * نَدَباً من الرَّسَفانِ في الأَحجالِ
وفي حديث موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وإِنَّ بالـحَجَر نَدَباً سِتَّـةً أَو سبعةً مِن ضربه إِياه؛ فَشَبَّه أَثر الضرب في الـحجَر بأَثر الجَرْح. وفي حديث مُجاهد: أَنه قرأَ سِـيماهُمْ في وُجوههم من أَثر السُّجود؛ فقال: ليس بالنَّدَب، ولكنه صُفْرَةُ الوَجْهِ والخُشُوعُ؛ واستعاره بعضُ الشعراء للعِرْضِ، فقال:
نُبِّئْتُ قافيةً قِـيلَتْ، تَناشَدَها * قومٌ سأَتْرُكُ، في أَعْراضِهِم، نَدَبا
أَي أَجْرَحُ أَعْراضَهم بالهجاءِ، فيُغادِرُ فيها ذلك الجَرْحُ نَدَباً.
ونَدِبَ جُرْحُه نَدَباً، وأَنْدَبَ: صَلُبَتْ نَدَبَتُه. وجُرْحٌ نَديبٌ: مَنْدُوبٌ. وجُرْحٌ نَديبٌ أَي ذو ندَبٍ؛ وقال ابن أُم حَزْنَةَ يَصِفُ طَعْنة:
فإِن قَتَلَتْه، فلَم آلهُ * وإِنْ يَنْجُ منها، فَجُرْحٌ نَديبْ
ونَدِبَ ظَهْرُه نَدَباً ونُدوبةً، فهو نَدِبٌ: صارت فيه نُدُوبٌ.
وأَنْدَبَ بظَهْره وفي ظَهْره: غادرَ فيه نُدوباً.
ونَدَبَ الميتَ أَي بكى عليه، وعَدَّدَ مَحاسِنَه، يَنْدُبه نَدْباً؛ والاسم النُّدْبةُ، بالضم. ابن سيده: ونَدَبَ الميت بعد موته من غير أَن
يُقَيِّد ببكاء، وهو من النَّدَب للجراح، لأَنه احْتِراقٌ ولَذْعٌ من
الـحُزْن.
والنَّدْبُ: أَن تَدْعُوَ النادِبةُ الميتَ بحُسْنِ الثناءِ في قولها:
وافُلاناهْ !واهَناه! واسم ذلك الفعل: النُّدْبةُ، وهو من أَبواب النحو؛
كلُّ شيءٍ في نِدائه وا! فهو من باب النُّدْبة. وفي الحديث: كلُّ نادِبةٍ كاذِبةٌ، إِلاَّ نادِبةَ سَعْدٍ؛ هو من ذلك، وأَن تَذْكُرَ النائحةُ
الميتَ بأَحسن أَوصافه وأَفعاله. ورجل نَدْبٌ: خَفِـيفٌ في الحاجة، سريعٌ، ظَريف، نَجِـيبٌ؛ وكذلك الفرس، والجمع نُدوبٌ ونُدَباءُ، توهموا فيه فَعِـيلاً، فكسَّروه على فُعَلاء، ونظيره سَمْحٌ وسُمَحاء؛ وقد نَدُبَ نَدابةً، وفرس نَدْبٌ. الليث: النَّدْبُ الفرسُ الماضي، نقيض البَليدِ. والنَّدْبُ: أَن يَنْدُبَ إِنسانٌ قوماً إِلى أَمر، أَو حَرْبٍ، أَو مَعُونةٍ أَي يَدْعُوهم إِليه، فَيَنْتَدِبُون له أَي يُجِـيبونَ ويُسارِعُون.
ونَدَبَ القومَ إِلى الأَمْر يَنْدُبهم نَدْباً: دعاهم وحَثَّهم.
وانْتَدَبُوا إِليه: أَسْرَعُوا؛ وانْتَدَبَ القومُ من ذوات أَنفسهم أَيضاً،
دون أَن يُنْدَبُوا له. الجوهري: ندَبَه للأَمْر فانْتَدَبَ له أَي دَعاه
له فأَجاب. وفي الحديث: انْتَدَبَ اللّهُ لمن يَخْرُجُ في سبيله أَي
أَجابه إِلى غُفْرانه.يقال: نَدَبْتُه فانْتَدَبَ أَي بَعَثْتُه ودَعَوْتُه
فأَجاب.
وتقول: رَمَيْنا نَدَباً أَي رَشْقاً؛ وارْتَمَى نَدَباً أَو نَدَبَيْنِ أَي وَجْهاً أَو وَجْهَيْنِ. ونَدَبُنا يومُ كذا أَي يومُ انْتِدابِنا للرَّمْي. وتكلَّم فانْتَدَبَ له فلانٌ أَي عارَضَه. والنَّدَبُ: الخَطَرُ. وأَنْدَبَ نَفْسَه وبنفسه: خاطَر بهما؛ قال عُرْوة بنُ الوَرْد:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ، ولم أَقُمْ * على نَدَبٍ، يوماً، ولي نَفْسُ مُخْطِر
مُعْتَمٌّ وزيدٌ: بَطْنانِ من بُطُونِ العرب، وهما جَدَّاه (1)
(1 قوله «وهما جداه» مثله في الصحاح وقال الصاغاني هو غلط وذلك أن زيداً جدّه ومعتم ليس من أجداده وساق نسبهما.) .
وقال ابن الأَعرابي: السَّبَقُ، والخَطَرُ، والنَّدَبُ، والقَرَعُ، والوَجْبُ: كُلُّه الذي يُوضَعُ في الــنِّضال والرِّهانِ، فمن سَبَقَ أَخذه؛ يقال فيه كُلِّه: فَعَّلَ مُشَدَّداً إِذا أَخذه. أَبو عمرو: خُذْ ما
اسْتَبَضَّ، واسْتَضَبَّ، وانْتَدَمَ، وانْتَدَبَ، ودَمَع، ودَمَغ، وأَوْهَفَ، وأَزْهَفَ، وتَسَنَّى، وفَصَّ وإِن كان يسيراً.
والنَّدَبُ: قبيلة.
ونَدْبةُ، بالفتح: اسم أُم خُفافِ بن نَدْبةَ السُّلَمِـيّ، وكانت سَوْداءَ حَبَشِـيَّةً.
ومَنْدُوبٌ: فرس أَبي طلحة زيد بن سَهْل، رَكِـبَه سيدُنا رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فقال فيه: إِنْ وجَدْناه لَبَحْراً. وفي الحديث: كان له فرس يقال له الـمَنْدُوبُ أَي المطلوب، وهو من النَّدَبِ،
وهو الرَّهْنُ الذي يُجْعَل في السِّباقِ؛ وقيل سمي به لِنَدَبٍ كان في جِسْمه، وهي أَثَرُ الجُرْح.
نصل: التهذيب: النَّصْلُ نصلُ السهم ونَصْلُ السيفِ والسِّكِّينِ
والرمحِ، ونَصْلُ البُهْمَى من النبات ونحوه إِذا خرجت نصالُها. المحكم:
النَّصْلُ حديدةُ السهم والرمحِ، وهو حديدة السيف ما لم يكن لها مَقْبَِض؛
حكاها ابن جني قال: فإِذا كان لها مَقْبَِض فهو سيف؛ ولذلك أَضاف الشاعر
النَّصْل إِلى السيف فقال:
قد عَلِمتْ جارية عُطْبول
أَنِّي، بنَصْل السيف، خَنْشَلِيل
ونَصْل السيف: حديده. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو زياد النصْل كل حديدة
من حدائد السِّهام، والجمع أَنصُل ونُصُول ونِصال. والنَّصْلانِ: النَّصْل
والزُّجُّ؛ قال أَعشى باهلة:
عِشْنا بذلك دَهْراً ثم فارَقَنا،
كذلك الرُّمْحُ ذُو النَّصْلَيْن ينكَسِر
وقد سمِّي الزُّجُّ وحدَه نَصْلاً. ابن شميل: النَّصْل السهم العريضُ
الطويلُ يكون قريباً من فِتْر والمِشْقَصُ على النصف من النَّصْل، قال:
والسهم نفس النَّصْل، فلو التقطْتَ نَصْلاً لقلْتُ ما هذا السهم معك؟ ولو
التقطتَ قِدْحاً لم أَقل ما هذا السهم معك.
وأَنْصَل السهمَ ونَصَّله: جعل فيه النَّصْلَ، وقيل: أَنْصَله أَزال عنه
النَّصْل، ونَصَّله ركَّب فيه النَّصْل، ونَصَل السهمُ فيه ثبت فلم
يخرج، ونَصَلْته أَنا ونَصَل خرج، فهو من الأَضداد، وأَنْصَلَه هو. وكل ما
أَخرجته فقد أَنْصَلته. ابن الأَعرابي: أَنْصَلْت الرمحَ ونَصَلْته جعلت له
نَصْلاً، وأَنْصَلْته نزعت نَصْلَه. وفي حديث أَبي سفيان: فَامَّرَطَ
قُذَذُ السهم وانْتَصَل أَي سقط نَصْلُه. ويقال: أَنْصَلْت السهمَ
فانْتَصَل أَي خرج نَصْلُه. وفي حديث أَبي موسى: وإِن كان لِرُمْحِك سِنان
فأَنْصِلْه أَي انزعْه.
ويقال: سهم ناصِل إِذا خرج منه نَصْلُه، ومنه قولهم: ما بَلِلْتُ من
فلان بأَفْوَقَ ناصِلٍ أَي ما ظفِرت منه بسهم انكسر فُوقُه وسقط نَصْلُه.
وسهم ناصِل: ذو نَصْل، جاء بمعنيين مُتضادَّين. الجوهري: ونَصَل السهمُ
إِذا خرج منه النَّصْل؛ ومنه قولهم: رَماه بأَفْوَقَ ناصِلٍ؛ قال ابن بري:
ومنه قول أَبي ذؤيب:
فَحُطَّ عليها والضُّلوعُ كأَنها،
من الخَوْفِ، أَمثالُ السِّهام النَّواصِلِ
وقال رَزِين بن لُعْط:
أَلا هل أَتى قُصْوَى الأَحابيشِ أَننا
رَدَدْنا بني كَعْب بأَفْوَقَ ناصِلِ؟
وفي حديث علي، كرم الله وجهه: ومَنْ رَمَى بكم فقد رَمَى بأَفْوَقَ
ناصِلٍ أَي بِسَهم منكسر الفُوق لا نَصْل فيه. ويقال أَيضاً
(* قوله «ويقال
أيضاً إلخ» هكذا في الأصل، وعبارة النهاية: ويقال نصل السهم إذا خرج منه
النصل، ونصل أيضاً إِذا ثبت نصله اهـ. ففي الأصل سقط).
نَصَل السهم إِذا ثبت نصله في الشيء فلم يخرج، وهو من الأَضداد.
ونَصَّلْت السهمَ تَنْصيلاً: نزعت نَصْلَه، وهو كقولهم قَرَّدْت البعيرَ
وقَذَّيْت العينَ إِذا نزعت منها القُراد والقَذَى، وكذلك إِذا ركَّبت عليه
النَّصْل فهو من الأَضداد، وكان يقال لِرَجَب: مُنْصِل الأَلَّةِ ومُنْصِل
الإِلال ومُنْصِل الأَلِّ لأَنهم كانوا يَنزِعون فيه أَسِنَّة الرِّماح؛
وفي الحديث: كانوا يسمون رَجَباً مُنْصِل الأَسِنَّة أَي مخرِج الأَسِنَّة
من أَماكنها، كانوا إِذا دخل رَجَبٌ نزَعوا أَسِنَّة الرِّماح ونِصالَ
السِّهام إِبطالاً للقتال فيه وقطعاً لأَسباب الفِتَن لحُرْمته، فلما كان
سبباً لذلك سمِّي به. المحكم: مُنْصِلُ الأَلِّ رَجَبٌ، سمي بذلك لأَنهم
كانوا ينزِعون الأَسِنَّة فيه أَعْظاماً له ولا يَغْزُون ولا يُغِيرُ
بعضهم على بعض؛ قال الأَعشى:
تَدارَكَه في مُنْصِل الأَلِّ بعدما
مضَى غير دَأْداءٍ، وقد كادَ يَذْهَبُ
أَي تَداركه في آخر ساعة من ساعاته. الكسائي: أَنْصَلْت السهمَ،
بالأَلف، جعلت فيه نَصْلاً، ولم يذكر الوجه الآخر أَن الإِنْصال بمعنى النَّزْع
والإِخراج، قال: وهو صحيح، ولذلك قيل لرجبٍ مُنْصِل الأَسِنَّة. وقال ابن
الأَعرابي: النَّصْل القَهَوْباة بلا زِجاجٍ، والقَهَوْبات السِّهامُ
الصغارُ.
(* ورد في مادة قهب أن القَهَوبات جمع. وأنّ القَهُوبات السهام
الصغار واحدها قَهُوبة (راجع مادة قهب).
ونَصَل فيه السهم: ثبت فلم يخرج، وقيل: نَصَلَ خرج، وقال شمر: لا أَعرف
نَصَل بمعنى ثَبت، قال: ونَصَل عندي خرج. ونَصْلُ الغَزْلِ: ما يخرج من
المِغْزَلِ. ويقال للغزْل إِذا أُخْرج من المِغْزَل: نَصَل. ونَصَل من بين
الجبال نُصولاً: خرج وظهر. ونَصَلَ فلان من الجبل إِلى موضع كذا وكذا
علينا أَي خرج. ونَصَل الطريقُ من موضع كذا: خرج. وفي الحديث: مرت سحابة
فقال تَنَصَّلَت هذه تَنْصُرُ بَني كعب أَي أَقبلت، من قولهم نَصل علينا
إِذا خرج من طريق أَو ظهر من حجاب، ويروى: تَنْصَلِتُ أَي تقصِد للمطر.
ونَصَل الحافرُ نُصولاً إِذا خرج من موضعه فسقط كما يَنْصُلُ الخِضابُ.
ونَصَلتِ اللحيةُ تَنْصُل نُصولاً، ولحيةٌ ناصِل، بغير هاء، وتَنَصَّلت: خرجت
من الخِضاب؛ وقوله:
كما اتَّبَعَتْ صَهْباءُ صِرْفٌ مُدامةٌ
مُشاشَ المُرَوَّى، ثم لَمَّا تَنَصَّلِ
معناه لم تَخرج فيَصْحو شارِبُها، ويروى: ثم لمّا تَزَيَّل. ونَصَل
الشَّعَرُ يَنْصُل: زال عنه الخِضاب. ونَصَلتِ اللسعةُ والحُمَةُ تَنْصُل:
خرج سَمُّها وزال أَثَرُها؛ وقوله:
ضَوْرِيةٌ أُولِعْتُ باشتِهارِها،
ناصِلة الحِقْوَينِ من إِزارِها
إِنما عنى أَن حِقْوَيْها يَنْصُلان من إِزارِها، لتسلُّطها
وتَبَرُّجِها وقلَّة تثقُّفها في ملابسها لأَشَرِها وشَرَهِها. ومِعْوَلٌ نَصْل:
نَصَل عنه نِصابُه أَي خرج، وهو مما وصِف بالمصدر؛ قال ذو الرمة:
شَرِيح كحُمَّاض الثَّماني عَلَتْ به،
على راجِفِ اللَّحْيَين، كالمِعْوَل النَّصْل
وتَنَصَّل فلان من ذنبه أَي تبرَّأَ. والتَّنَصُّل: شبه التبرُّؤ من
جناية أَو ذنب. وتنصَّل إِليه من الجناية: خرج وتبرَّأَ. وفي الحديث: من
تنصَّل إِليه أَخوه فلم يقبَل أَي انتفى من ذنبه واعتذر إِليه. وتنصَّل
الشيءَ: أَخرجه. وتنصَّله: تَخَيَّره. وتنصَّلوه: أَخذوا كل شيء معه.
وتنصَّلْت الشيء واسْتَنْصَلْته إِذا استخرجته؛ ومنه قول أَبي زبيد:
قَرْم تنصَّله من حاصِنٍ عُمَرُ
والنَّصْل: ما أَبْرَزتِ البُهْمَى ونَدَرتْ به من أَكِمَّتها، والجمع
أَنْصُل ونِصال.
والأُنْصولةُ: نَوْرُ نَصْل البُهْمَى، وقيل: هو ما يُوبِسُه الحرُّ من
البُهْمَى فيشتد على الأَكَلَة؛ قال:
كأَنه واضِحُ الأَقْراب في لُقُحٍ
أَسْمَى بهنَّ، وعَزَّتْه الأَناصِيلُ
أَي عزَّت عليه. واسْتَنْصَل الحرُّ السَّفَا جعله أَناصِيل؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
إِذا اسْتَنْصَلَ الهَيْفُ السَّفَا، بَرَّحَتْ به
عِراقيَّةُ الأَقْياظِ نَجْدُ المَراتِع
ويروى المَرابع؛ عِراقيَّة الأَقْياظ أَي تطلُب الماء في القَيْظ، قال
غيره: هي منسوبة إِلى العِراق الذي هو شاطئ الماء، وقوله: نَجْدُ
المَراتِع أَراد جمع نَجْديٍّ فحذف ياء النسب في الجمع، كما قالوا زَنْجِيّ
وزَنْج.
ويقال: اسْتَنْصَلَتِ الريحُ اليَبِيسَ إِذا اقتلَعَتْه من أَصله.
وبُرٌّ نَصِيلٌ: نَقِيٌّ من الغَلَثِ. والنَّصِيل: حجر طويل قدْرُ ذِراع
يُدقُّ به. ابن شميل: النَّصِيل حجر طويل رقيقٌ كهيئة الصفيحة
المحدَّدة، وجمعه النُّصُل، وهو البِرْطِيلُ، ويشبه به رأْس البعير وخُرْطومه إِذا
رَجَف في سيره؛ قال رؤبة يصف فحلاً:
عَرِيض أَرْآدِ النَّصِيل سَلْجَمُهْ،
ليس بلَحْيَيْه حِجامٌ يَحْجُمُهْ
وقال الأَصمعي: النَّصِيل ما سَفَل من عَيْنَيْه إِلى خَطْمه، شبَّه
بالحجر الطويل؛ وقال أَبو خراش في النَّصِيل فجعله الحجَر:
ولا أَمْغَرُ السَّاقَيْن بات كأَنه،
على مُحْزَئِلاَّت الإِكام، نَصِيلُ
وفي حديث الخُدْرِيّ: فقام النَّحَّامُ العَدَويّ يومئذ وقد أَقام على
صُلْبه نَصِيلاً؛ النَّصِيلُ: حَجر طويل مُدَمْلَك قدر شبر أَو ذراع،
وجمعه نُصُل. وفي حديث خَوَّاتٍ: فأَصاب ساقَه نَصِيل حجَرٍ. والنَّصِيل:
الحنَك على التشبيه بذلك. والنَّصِيل: مَفْصِل ما بين العنق والرأْس تحت
اللَّحْيين، زاد الليث: من باطن من تحت اللَّحْيين. والنَّصِيل: الخَطْمُ.
ونَصِيلُ الرأْس ونَصْله: أَعلاه. والنَّصْلُ: الرأْس بجميع ما فيه.
والنَّصْلُ: طول الرأْس في الإِبل والخيل ولا يكون ذلك للإِنسان؛ وقال
الأَصمعي في قوله:
بِناصِلاتٍ تُحْسَبُ الفُؤُوسا
(* قوله «بناصلات إلخ» صدره وهو لرؤبة كما في التكملة:
والصهب تمطو الحلق المعكوسا)
قال: الواحد نَصِيل وهو ما تحت العين إِلى الخَطْم فيقول تَحْسَبها
فؤُوساً. وقال ابن الأَعرابي: النَّصِيل حيث تَصِل الجِباه.
والمُنْصُل، بضم الميم والصاد، والمُنْصَل: السيف اسم له. قال ابن سيده:
لا نعرف في الكلام اسماً على مُفْعُل ومُفْعَل إِلا هذا، وقولهم مُنْخُل
ومُنْخَل. والنَّصِيل: اسم موضع؛ قال الأَفوه:
تُبَكِّيها الأَرامِلُ بالمآلي،
بِداراتِ الصَّفائِح والنَّصِيلِ
نول: الليث: النائِل ما نِلْت من معروف إِنسان، وكذلك النَّوَال.
وأَنالَهُ معروفه ونَوَّلَه: أَعطاه معروفه؛ قال الشاعر:
إِنْ تُنَولْهُ فقد تَمْنَعُهُ،
وتُرِيهِ النَّجْمَ يَجْرِي بالظُّهُرْ
والنّالُ والمَنالةُ والمَنالُ: مصدر نِلْت أَنال.
ويقال: نُلْت له بشيء أَي جُدْت، وما نُلْتُه شيئاً أَي ما أَعطيته.
ويقال: نالَني بالخير يَنُولُني نَوالاً ونَوْلاً ونَيْلاً، وأَنالَني بخير
إِنالةً. ويقال في الأَمر من نِلْت أَنالُ للواحد: نَلْ، وللاثنين، نالا،
وللجمع: نالُوا. ونُلْتُه معروفاً ونَوَّلْته. الجوهري: النَّوَال
العَطاء، والنائِل مثله. ابن سيده: النّالُ والنَّوالُ معروف، ونُلْتُه ونُلْت
له ونُلْتُه به أَنُولُه به نَوْلاً؛ قال العُجير السَّلُولي:
فعَضَّ يَدَيْهِ أُصْبُعاً ثم أُصْبُعاً
وقال: لعلَّ الله سَوْفَ يَنِيل
أَي يَنُول بخير، فحذف. وأَنَلْته به وأَنَلْته إِيّاه ونَوَّلْته
ونَوَّلْت عليه بقليل، كله: أَعطيته. الكسائي: لقد تَنَوَّل علينا فلان بشيء
يسير أَي أَعطانا شيئاً يسيراً، وتَطَوَّل مثلها. وقال أَبو محجن:
التَّنَوُّل لا يكون إِلا في الخير، والتطوُّل قد يكون في الخير والشر جميعاً.
الجوهري: يقال نُلْت له بالعطيَّة أَنُول نَوْلاً ونُلْتُه العطيَّة.
ونَوَّلْته: أَعطينه نَوالاً؛ قال وَضّاح اليَمن:
إِذا قلتُ يوماً: نَوِِّّلِيني، تبسَّمتْ
وقالت: مَعاذ الله من نَيْل ما حَرُمْ
فما نَوَّلتْ حتى تضرَّعْت عندَها،
وأَنْبَأْتُها ما رَخَّص اللهُ في اللَّمَمْ
يعني التقبيلَ؛ قال ابن بري: وشاهد نُلْت له بالعطيَّة قول الشاعر:
تَنُول بمعروف الحديثِ، وإِن تُرِدْ
سِوَى ذاكَ تُذْعَرْ منك، وهي ذَعُورُ
وقال الغنوي:
ومن لا يَنُلْ حتى تسدَّ خِلالُه،
يجِدْ شَهوات النفْس غير قليلِ
وفي حديث موسى والخضر، عليهما السلام: حَمَلُوهما في السفينة بغير
نَوْلٍ أَي بغير أَجْرٍ ولا جُعْل، وهو مصدر ناله يَنُوله إِذا أَعطاه، وإِنه
لَيَتَنَوَّل بالخير وهو قبل ذلك لا خير فيه. ورجل نالٌ، بوزْن بالٍ:
جَوَاد، وهي في الأَصل نائل، قال ابن سيده: يجوز أَن يكون فَعْلاً وأَن يكون
فاعِلاً ذهبت عينه، وقيل: كثير النائِل. ونالَ ينال نائلاً ونَيْلاً:
صار نالاً. وما أَنْوَله أَي ما أَكثر نائله. وما أَصَبْتُ منه نَوْلةً أَي
نَيْلاً. وشيء مُنَوَّل ومَنِيل؛ عن سيبويه. ابن السكيت: رجل نالٌ كثير
النَّوال، ورجلان نالان وقوم أَنْوال؛ وقول لبيد:
وقَفْتُ بهنَّ حتى قال صحْبي:
جَزِعْتَ وليس ذلك بالنَّوال
أَي بالصواب. ونالَتِ المرأَة بالحديث والحاجة نَوالاً: سَمَحَتْ أَو
هَمَّت؛ قال الشاعر:
تَنُولُ بمعروف الحديث، وإِن تُرِدْ
سوى ذاك تُذْعَر منك، وهي ذَعورُ
وقيل: النَّوْلة القُبْلة.
وناوَلْت فلاناً شيئاً مُناولة إِذا عاطَيْته. وتناوَلْت من يده شيئاً
إِذا تَعاطيته، وناوَلْته الشيء فتناوله. ابن سيده: تناول الأَمرَ
أَخذه.قال سيبويه: أَما نَوْل فتقول نَوْلُك أَن تفعل كذا أَي ينبغي لك فِعْل
كذا؛ وفي الصحاح: أَي حقُّك أَن تفعل كذا، وأَصله من التناوُل كأَنه يقول
تناوُلك كذا وكذا؛ قال العجاج:
هاجَتْ، ومثلي نَوْلُه أَن يَرْبَعا،
حمامةٌ ناجت حماماً سُجَّعا
أَي حقُّه أَين يكُفَّ، وقيل: الرجز لرؤبة؛ وإِذا قال لا نَوْلُك فكأَنه
يقول أَقْصِر، ولكنه صار فيه معنى ينبغي لك، وقال في موضع لا نَوْلُك
أَن تفعل، جعلوه بدلاً من ينبغي مُعاقِباً له؛ قال أَبو الحسن: ولذلك وقعت
المعرفة هنا غير مكرَّرة. وقالوا: ما نَوْلُك أَن تفعل كذا أَي ما ينبغي
لك أَن تَناله؛ روى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه قال في قولهم للرجل ما
كان نَوْلُكَ أَن تفعل كذا قال: النَّوْل من النَّوال؛ يقول ما كان فعلُك
هذا حظًّا لك. الفراء: يقال أَلمْ يَأْنِ وأَلم يَأْنِ لك وأَلم يَنَلْ
لك وأَلم يُنِلْ لك، قال: وأَجْوَدُهنّ التي نزل بها القرآن العزيز يعني
قوله: أَلم يَأْنِ للذين آمنوا. ويقال: أَنَّى لك أَن تفعل كذا ونالَ لك
وأَنال لك وأآن لك بمعنى واحد. وفي الحديث: ما نَوْل امرئٍ مسلم أَن
يقول غير الصواب أَو أَن يقول ما لا يعلم أَي ما ينبغي له وما حظُّه أَن
يقول؛ومنه قولهم: ما نَوْلُك أَن تفعل كذا. الأَزهري في قوله قولهم: ولا
يَنالون من عدوٍّ نَيْلاً، قال: النَّيْل من ذوات الواو، صُيِّر واوها ياء
لأَن أَصله نَيْوِل، فأَدغموا الواو في الياء فقالوا نَيّل، ثم خفَّفوا
فقال نَيْل، ومثله مَيِّت ومَيْت، قال: ولا ينالون من عدوٍّ نَيْلاً، هو من
نِلْت أَنالُ لا من نُلْت أَنُول.
والنَّوْل: الوادي السائل؛ خثعمية عن كراع. والنَّوْل: خشبةُ الحائك
التي يلفُّ عليها الثوب، والجمع أَنْوال. والمِنْوَلُ والمِنْوال:
كالنَّوْل. الليث: المِنْوال الحائك الذي يَنْسُِج الوَسائد ونحوَها نفسُه، ذهب
(*
قوله «نفسه ذهب إلخ» عبارة الصاغاني بعد قوله ونحوها: وقال ابن الاعرابي
المنوال الحائك نفسه ذهب إلخ) إِلى أَنه يَنْسِج بالنَّوْل وهو مِنْسَج
يُنسَج به وأَداتُه المنصوبة تسمى أَيضاً مِنْوالاً؛ وأَنشد:
كُمَيْتاً كأَنها هِراوَةُ مِنْوالِ
وقال: أَراد بالمِنْوال النَّسّاج. وإِذا استوتْ أَخلاقُ القوم قيل: هم
على مِنْوالٍ واحد، وكذلك رَمَوْا على مِنْوالٍ واحد أَي على رِشْقٍ
واحد، وكذلك ات ذا اسْتَووا في الــنِّضال. ويقال: لا أَدري على أَي مِنْوالٍ
هو أَي على أَيِّ وجه هو.
والنّالةُ: ما حول الحرَم؛ قال ابن سيده: وإِنما قضينا على أَلِفها
أَنها واو لأَن انقلاب الأَلف عن الواو عيناً أَعرف من انقلابها عن الياء؛
وقال ابن جني: أَلِفها ياء لأَنها من النَّيْل أَي من كان فيها لم تَنَله
اليد، قال: ولا يعجبني.
وأَنالَ بالله: حلف بالله؛ قال ساعدة بن جؤبة:
يُنِيلانِ بالله المجيدِ لقد ثَوَى
لدى حيث لاقَى رينُها ونَصِيرُها
(* قوله «رينها ونصيرها» هكذا في الأصل).
ونَوَّال ومُنَوِّل: اسمان.
هدف: الأَزهري: روى شمر بإسناد له أَن الزبير وعمرو ابن العاص اجتمعا في
الحِجْر فقال الزبير: أَمّا واللّه لقد كنتَ أَهْدَفْت لي يوم بَدْر
ولكني استَبْقَيْتك لمثل هذا اليوم، فقال عمرو: وأَنت واللّه لقد كنت أَهدفت
لي وما يسُرُّني أَنَّ لي مِثْلَك بفَرَّتي منك؛ قال شمر: قوله
أَهْدَفْت لي، الإهدافُ الدُّنو منك والاستقبال لك والانتصاب. يقال: أَهْدف لي
الشيءُ، فهو مُهْدِفٌ، وأَهدَفَ لك السحابُ والشيء إذا انتصب؛ وأَنشد:
ومِنْ بني ضَبّةَ كَهْفٌ مِكْهَفُ،
إنْ سال يوماً جَمْعُهم وأَهدَفُوا
وقال: الإهْدافُ الدنو. أَهدف القوم أَي قَرُبوا. وقال ابن شميل
والفرّاء: يقال لمّا أَهْدَفَتْ لي الكُوفة نزلْت، ولما أَهْدَفَتْ لهم
تقَرَّبوا. وكل شيء رأَيته قد استقْبلك استقبالاً، فهو مُهْدِف ومُسْتَهدِف. وقد
استهدف أَي انتصب، ومن ذلك أُخذ الهَدَفُ لانتصابه لمن يَرْمِيه؛ وقال
الزَّفَيان السَّعدي يذكر ناقته:
تَرْجُو اجْتِبارَ عَظْمِها، إذْ أَزْحَفَتْ
فأَمْرَعَتْ، لمّا إليك أَهْدَفَتْ
أَي قَرُبَتْ ودَنَت. وفي حديث أَبي بكر: قال له ابنه عبد الرحمن: لقد
أَهدفْت لي يوم بدر فضِفْت عنك، فقال أَبو بكر: لكنك لو أَهدفْت لي لم
أَضِف عنك أَي لو لجَأْت إليَّ لم أَعْدِل عنك، وكان عبد الرحمن وعمرو يوم
بدر مع المشركين؛ وضِفْتُ عنك أَي عَدَلْت ومِلْت؛ قال ابن بري: ومنه قول
كعب:
عَظِيمُ رَمادِ البيْتِ يَحْتَلُّ بيتَه،
إلى هَدَفٍ لم يَحْتَجِبْه غُيوب
وغُيوب: جمع غَيْب، وهو المطمئنّ من الأَرض. والهَدَفُ: المُشْرِفُ من
الأَرض وإليه يُلْجأُ؛ ويروى:
عطيمُ رماد القِدْرِ رَحْبٌ فِناؤه
يقال لكل شيء دنا منك وانتصب لك واستقبلك: قد أَهدَف لك الشيء واستهدف.
وفي النوادر: يقال جاءت هادِفةٌ من ناس وداهِفة وجاهِشةٌ وهاجِشةٌ بمعنى
واحد. ويقال: هل هدَف إليكم هادِفٌ أَو هبَش هابِشٌ؟ يستخبره هل حدَث
ببلَده أَحد سوى مَن كان به. والهدَفُ: الغَرض المُنْتَضَلُ فيه بالسهام.
والهَدَفُ: كل شيء عظيم مرتفع. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه
وسلم، كان إذا مرَّ بهَدَفٍ مائلٍ أَو صَدَفٍ مائل أَسرع المشْيَ؛ الهدَفُ كل
بِناء مرتفع مُشْرِف، والصدَفُ نحْو من الهَدف؛ قال النضر: الهدَفُ ما
رُفِع وبُنِي من الأَرض للــنِّضال، والقِرْطاسُ ما وُضع في الهدَف ليُرمى،
والغرَض ما يُنصب شِبْه غِرْبال أَو حَلْقة؛ وقال في موضع آخر: الغرض
الهدف. ويسمى القرطاس هدَفاً وغرَضاً، على الاستعارة. يقال: أَهدَف لك
الصيدُ فارْمِه، وأَكْثب وأغْرَض مثله. والهدَف: حَيْد مرتفع من الرمل، وقيل
هو كلُّ شيء مرتفع كحُيود الرمل المشرفة. والجمع أَهداف، لا يُكَسَّر على
غير ذلك. الجوهري: الهدَف كل شيء مرتفع من بناء أَو كَثِيب رَمْل أَو
جبل؛ ومنه سمي الغرَضُ هدَفاً وبه شبه الرجل العظيم. ابن سيده: والهَدَفُ من
الرجال الجسيم الطويل العنق العريض الأَلواح، على التشبيه بذلك، وقيل:
هو الثَّقِيلُ النَّؤُومُ؛ قال أَبو ذؤيب:
إذا الهَدَفُ المِعْزابُ صَوَّب رأَْسَه،
وأَعْجَبه ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ
قال أَبو سعيد في قوله الهدَف المعْزابُ قال: هذا راعي ضأْن فهو
لضَأْنِه هدَف تأْوي إليه، وهذا ذمّ للرجل إذا كان راعِيَ الضأْن. ويقال: أَحمقُ
من راعي الضأْن، قال: ولم يُرد بالخَطَل اسْتِرْخاء آذانها، أراد
بالخُطْل الكثيرة تَخْطَل عليه وتَتْبعه. قال: وقوله الهدَف الرجل العظيم خطأٌ،
قال ابن بري: الهَدَفُ الثقِيلُ الوَخِمُ، ويروى المِعْزال، والمِعْزال:
الذي يرعى ماشيته بمَعْزِل عن الناس، والمِعْزابُ: الذي عَزَب بإبلِه.
وضَفْو: اتّساع من المال. والخُطْل: الطويلة الآذان.
وأَهدَف على التلّ أَي أَشرَف. وامرأََة مُهدِفة أَي لَحِيمة. ورَكَبٌ
مُستهدِفٌ أَي عَريض مرتفع؛ قال
(* النابغة الذبياني.):
وإِذا طَعَنْتَ طَعَنْتَ في مُسْتهدِفٍ،
رابي المَجَسَّةِ بالعَبِير مُقَرْمَدِ
أَي مُرتفع منتصِب. وامرأَة مُهْدِفة: مرتفعة الجَهاز. وأَهدَف لك
الشيءُ واسْتَهْدَف: انتصب؛ وقول الشاعر:
وحتى سَمِعْنا خَشْف بَيْضاء جَعْدةٍ،
على قَدمَيْ مُسْتَهْدِفٍ متقاصِر
يعني بالمستهدف الحالب يَتقاصَر للحَلب؛ يقول: سمعنا صوتَ الرَّغْوة
تتساقط على قدَم الحالب.
والهِدْفةُ: الجماعة من الناس والبُيوت؛ قال عُقْبة: رأَيت هِدْفةً من
الناس أَي فِرْقة. الأَصمعي: غِدْفةٌ وغِدَفٌ وهِدْفة وهِدَفٌ بمعنى
قِطْعة. ابن الأَعرابي: الدَّافِه الغريب، قال الأَزهري: كأَنه بمعنى
الدَّاهِف والهادِف، وقيل: الهِدفة الجماعة الكثيرة من الناس يُقيمون ويَظْعَنون.
وهدَف إلى الشيء: أَسْرَعَ، وأَهدَف إليه لَجَأَ.
نكب: نَكَبَ عن الشيءِ وعن الطريق يَنْكُب نَكْباً ونُكُوباً، ونَكِبَ نَكَباً، ونَكَّبَ، وتَنَكَّبَ: عَدَلَ؛ قال:
إِذا ما كنتَ مُلْتَمِساً أَيامَى، * فَنَكِّبْ كلَّ مُحْتِرةٍ صَناعِ
وقال رجل من الأَعراب، وقد كَبِرَ، وكان في داخل بيته، ومَرَّتْ
سَحابةٌ: كيفَ تَراها يا بُنَيَّ؟ قال: أَراها قد نَكَّبَتْ وتَبَهَّرَتْ؛
نَكَّبَتْ: عَدَلَتْ؛ وأَنشد الفارسي:
هما إِبلانِ، فيهما ما عَلِمْتُمُ، * فَعَنْ أَيِّها، ما شِئْتُمُ، فتَنَكَّبُوا
عدَّاه بعن، لأَن فيه معنى اعْدلوا وتباعَدُوا، وما زائدة. قال
الأَزهري: وسمعت العرب تقول نَكَبَ فلانٌ عن الصواب يَنْكُبُ نُكُوباً إِذا عَدَل عنه.
ونَكَّبَ عن الصواب تنكيباً، ونَكَّبَ غيرَه. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، أَنه قال لِـهُنَيّ مولاه: نَكِّبْ عنا ابن أُمّ عَبدٍ أَي نَحِّه عنا. وتَنَكَّبَ فلانٌ عنا تَنَكُّباً أَي مال عنا. الجوهري: نَكَّبه
تَنْكيباً أَي عَدَل عنه واعتزله. وتَنَكَّبَه أَي تَجَنَّبَه. ونَكَّبَه الطريقَ، ونَكَّبَ به: عَدَلَ. وطريقٌ يَنْكُوبٌ: على غير قَصْدٍ.
والنَّكَبُ، بالتحريك: الـمَيَلُ في الشيءِ. وفي التهذيب: شِـبْهُ مَيَل
في الـمَشْي؛ وأَنشد: عن الـحَقِّ أَنْكَبُ أَي مائلٌ عنه؛ وإِنه
لَـمِنْكابٌ عن الـحَقِّ. وقامةٌ نَكْبَاءُ: مائلة، وقِـيَمٌ نُكْبٌ. والقامةُ:
البَكْرَةُ. وفي حديث حَجَّة الوداع: فقال بأُصْبُعه السَّبَّابة يَرْفَعُها إِلى السماءِ، ويَنْكُبُها إِلى الناس أَي يُميلُها إِليهم؛ يريد بذلك أَن
يُشْهِدَ اللّهَ عليهم. يقال: نَكَبْتُ الإِناءَ نَكْباً ونَكَّبْتُه تَنْكيباً إِذا أَماله
وكَبَّه. وفي حديث الزكاة: نَكِّبُوا عن الطَّعام؛ يُريد
الأَكُولةَ وذواتِ اللبن ونحوَهما أَي أَعْرِضُوا عنها، ولا تأْخذوها في الزكاة، ودَعُوها لأَهلها، فيقال فيه: نَكَبَ ونَكَّبَ. وفي حديث آخر: نَكِّبْ عن ذات الدَّرِّ.
وفي الحديث الآخر، قال لوَحْشِـيٍّ: تَنَكَّبْ عن وَجْهي أَي تَنَحَّ،
وأَعْرِضْ عني.
والنَّكْبَاءُ: كلُّ ريحٍ؛ وقيل كلُّ ريح من الرياح الأَربع انْحَرَفَتْ
ووقَعَتْ بين ريحين، وهي تُهلِكُ المالَ، وتحْبِسُ القَطْرَ؛ وقد
نَكَبَتْ تَنْكُبُ نُكُوباً، وقال أَبو زيد: النَّكْبَاءُ التي لا يُخْتَلَفُ
فيها، هي التي تَهُبُّ بين الصَّبَا والشَّمَال. والجِرْبِـيَاءُ: التي
بينَ الجَنُوب والصَّبَا؛ وحكى ثعلبٌ عن ابن الأَعرابي: أَنَّ النُّكْبَ من الرياح أَربعٌ: فنَكْبَاءُ الصَّبا والجَنُوبِ مِهْيَافٌ مِلْوَاحٌ
مِـيباسٌ للبَقْلِ، وهي التي تجيءُ بين الريحين، قال الجوهري: تسمى الأَزْيَبَ؛ ونَكْبَاءُ الصَّبا والشَّمَال مِعْجَاجٌ مِصْرَاد، لا مَطَر فيها ولا خَيْرَ عندها، وتسمى الصَّابِـيةَ، وتسمى أَيضاً النُّكَيْبَاءَ، وإِنما صَغَّروها، وهم يريدون تكبيرها، لأَنهم يَسْتَبْرِدُونها جِدّاً؛
ونَكْبَاءُ الشَّمَال والدَّبُور قَرَّةٌ، وربما كان فيها مطر قليل، وتسمى
الجِرْبِـياءَ، وهي نَيِّحَةُ الأَزْيَبِ؛ ونَكْبَاءُ الجَنُوبِ والدَّبُور حارَّة مِهْيافٌ، وتسمى الـهَيْفَ، وهي نَيِّحَةُ النُّكَيْبَاءِ، لأَن العرب تُناوِحُ بين هذه النُّكْبِ، كما ناوحُوا بين القُوم من الرياحِ؛ وقد نَكَبَتْ تَنْكُبُ نُكُوباً. ودَبور نَكْبٌ: نَكْباءُ. الجوهري: والنَّكْباءُ الريح الناكبة، التي تَنْكُبُ عن مَهَابِّ الرياحِ القُومِ، والدَّبُور ريح من رياح القَيْظِ، لا تكون إِلا فيه، وهي مِهْيَافٌ؛ والجَنوبُ تَهُبُّ كلَّ وقت. وقال ابنُ كِناسَةَ: تَخرج النَّكْباءُ ما بين مَطْلَعِ الذِّراع إِلى القُطْب، وهو مَطْلَع الكَواكب الشامية، وجعَلَ ما بين القُطْبِ إِلى مَسْقَطِ الذراع، مَخْرَجَ الشَّمال، وهو مَسْقَطُ كل نجم طَلَعَ من مَخْرج النَّكْباءِ، من اليمانية، واليمانية لا ينزل فيها شمس ولا قمر، إِنما يُهْتَدَى بها في البر والبحر، فهي شامية. قال شمر: لكل ريح من الرياح الأَربع نَكْباءُ تُنْسَبُ إِليها، فالنَّكْباءُ التي تنسب إِلى الصَّبا هي التي بينها وبين الشمال، وهي تشبهها في اللِّينِ، ولها أَحياناً عُرامٌ، وهو قليل، إِنما يكون في الدهر مرة؛ والنَّكْباءُ التي تنسب إِلى الشَّمال، وهي التي بينها وبين الدَّبُور، وهي تُشْبِـهها في البَرْد، ويقال لهذه الشَّمال: الشامِـيَّةُ، كلُّ واحدة منها عند العرب شامية؛ والنَّكْباءُ التي تنسب إِلى الدَّبُور، هي التي بينها وبين الجَنُوب، تجيءُ من مغيب سُهَيْل، وهي تُشْبِه الدَّبور في شِدَّتها وعَجاجِها؛ والنَّكْباءُ التي تنسب إِلى الجَنوب، هي التي بينها وبين الصَّبا، وهي أَشْبَهُ الرِّياح بها، في رقتها وفي لينها في الشتاءِ.
وبعير أَنْكَبُ: يَمْشي مُتَنَكِّباً. والأَنْكَبُ من الإِبل: كأَنما يَمشي في شِقٍّ؛ وأَنشد:
أَنْكَبُ زَيَّافٌ، وما فيه نَكَبْ
ومَنْكِـبا كلِّ شيءٍ: مُجْتَمَعُ عَظْمِ العَضُدِ والكتِفِ، وحَبْلُ العاتِق من الإِنسانِ والطائرِ وكلِّ شيءٍ. ابن سيده: الـمَنْكِبُ من الإِنسان وغيره: مُجْتَمَعُ رأْسِ الكَتِفِ والعَضُدِ، مذكر لا غير، حكى ذلك
اللحياني. قال سيبويه: هو اسم للعُضْو، ليس على المصدر ولا المكان، لأَن فِعْلَه نَكَبَ يَنكُبُ، يعني أَنه لو كان عليه، لقال: مَنْكَبٌ؛ قال: ولا يُحْمَل على باب مَطْلِـع، لأَنه نادر، أَعني بابَ مَطْلِـع. ورجل شديدُ الـمَناكِبِ، قال اللحياني: هو من الواحد الذي يُفَرَّقُ فيجعل جميعاً؛ قال: والعرب تفعل هذا كثيراً، وقياسُ قول سيبويه، أَن
يكونوا ذهبوا في ذلك إِلى تعظيم العضو، كأَنهم جعلوا كل طائفة منه مَنْكِـباً. ونَكِبَ فلانٌ يَنْكَبُ نَكَباً إِذا اشْتَكى مَنْكِـبَهُ. وفي حديث ابن عمر: خِـيارُكم أَلْيَنُكُمْ مَناكِبَ في الصلاة؛ أَراد لزُومَ السكينة في الصلاة؛ وقيل أَراد أَن لا يَمْتَنِـعَ على من يجيءُ ليدخل في الصف، لضيق المكان، بل يُمَكِّنُه من ذلك.
وانْتَكَبَ الرجلُ كِنانَتَهُ وقَوْسَه، وتَنَكَّبها: أَلْقاها على مَنْكِـبِه. وفي الحديث: كان إِذا خَطَبَ بالـمُصَلَّى، تَنَكَّبَ على قَوْسٍ أَو عَصاً أَي اتَّكأَ عليها؛ وأَصله مِن تَنَكَّبَ القوسَ، وانْتَكَبها إِذا عَلَّقها في مَنْكبه.
والنَّكَبُ، بفتح النون والكاف: داءٌ يأْخذ الإِبلَ في مَناكبها،
فَتَظْلَعُ منه، وتمشي مُنْحَرِفةً. ابن سيده: والنَّكَبُ ظَلَعٌ يأْخذ البعيرَ
من وَجَع في مَنْكِـبه؛ نَكِبَ البعيرُ، بالكسر، يَنْكَبُ نَكَباً، وهو
أَنْكَبُ؛ قال:
يَبْغِـي فيُرْدِي وخَدانَ الأَنْكَبِ
الجوهري: قال العَدَبَّسُ: لا يكون النَّكَبُ إِلا في الكَتِفِ؛ وقال
رجلٌ من فَقْعَسٍ:
فهَلاَّ أَعَدُّوني لـمِثْلي تَفاقَدُوا، * إِذا الخَصْمُ، أَبْزى، مائِلُ الرأْسِ أَنكَبُ
قال: وهو من صِفَةِ الـمُتَطاوِل الجائرِ.
ومَناكِب الأَرضِ: جبالُها؛ وقيل: طُرُقها؛ وقيل: جَوانِـبُها؛ وفي
التنزيل العزيز: فامْشُوا في مَناكِـبها؛ قال الفراء: يريد في جوانبها؛ وقال الزجاج: معناه في جبالها؛ وقيل: في طُرُقها. قال الأَزهري: وأَشبَهُ التفسير، واللّه أَعلم، تفسير من قال: في جبالها، لأَن قوله: هو الذي جَعَل لكم الأَرضَ ذَلُولاً، معناه سَهَّلَ لَكم السُّلوكَ فيها، فأَمكنكم السلوك في جبالها، فهو أَبلغ في التذليل. والـمَنْكِبُ من الأَرض: الموضعُ المرتفع.
وفي جَناح الطائرِ عِشْرُونَ ريشةً: أَوَّلُها القَوادِمُ، ثم الـمَناكِبُ، ثم الخَوافي، ثم الأَباهِرُ، ثم الكُلى؛ قال ابن سيده: ولا أَعْرِفُ
للـمَناكب من الريش واحداً، غير أَن قياسه أَن يكون مَنْكِـباً. غيره: والـمَناكِبُ في جَناحِ الطائر أَربعٌ، بعد القَوادِم؛ ونَكَبَ على قومه يَنْكُبُ نِكابَةً ونُكوباً، الأَخيرة عن اللحياني، إِذا كان مَنْكِـباً لهم، يعتمدون عليه. وفي المحكم عَرَفَ عليهم؛ قال: والـمَنْكِبُ العَرِيفُ، وقيل: عَوْنُ العَريفِ. وقال الليث: مَنْكِبُ القوم رأْسُ العُرَفاءِ، على كذا وكذا عريفاً مَنْكِبٌ، ويقال له: النِّكابةُ في قومه. وفي حديث النَّخَعِـيِّ: كان يَتَوَسَّطُ العُرَفاءَ والـمَناكِب؛ قال ابن الأَثير: الـمَناكِبُ قومٌ دون العُرَفاءِ، واحدُهم مَنْكِبٌ؛ وقيل: الـمَنْكِبُ رأْسُ العُرفاءِ. والنِّكابةُ: كالعِرافَةِ والنِّقابة. ونَكَبَ الإِناءَ يَنْكُبُه نَكْباً: هَراقَ ما فيه، ولا يكون إِلاَّ من
شيءٍ غير سَيّالٍ، كالتراب ونحوه. ونَكَبَ كِنانَتَه يَنْكُبُها نَكْباً: نَثَرَ ما فيها، وقيل إِذا كَبَّها ليُخْرِجَ ما فيها من السِّهام. وفي حديث سَعْدٍ، قال يوم الشُّورَى: إِني نَكَبْتُ قرَني (1)
(1 قوله «اني نكبت قرني» القرن بالتحريك جعبة صغيرة تقرن الى الكبيرة والفالج السهم الفائز في الــنضال. والمعنى اني نظرت في الآراء وقلبتها فاخترت الرأي الصائب منها وهو الرضى بحكم عبدالرحمن.) ، فأَخَذْتُ سَهْمِي الفالِـجَ أَي
كَبَبْتُ كِنانَتي. وفي حديث الحجاج: أَن أَمير المؤْمنين نَكَبَ كنانَتَه، فَعَجَم عِـيدانَها.
والنَّكْبَةُ: الـمُصيبةُ من مَصائب الدهر، وإِحْدى
نَكَباتِه، نعوذ باللّه منها. والنَّكْبُ: كالنَّكْبَة؛ قال قَيْسُ بن ذُرَيْح:
تَشَمَّمْنَه، لو يَسْتَطِعْنَ ارْتَشَفْنَه، * إِذا سُفْنَهُ، يَزْدَدْنَ نَكْباً على نَكْبِ
وجمعه: نُكُوبٌ.
ونَكَبه الدهرُ يَنْكُبه نَكْباً ونَكَباً: بلغ منه وأَصابه بنَكْبةٍ؛ ويقال: نَكَبَتْهُ حوادثُ الدَّهْر، وأَصابَتْه نَكْبَةٌ، ونَكَباتٌ، ونُكُوبٌ كثيرة، ونُكِبَ فلانٌ، فهو مَنْكُوبٌ. ونَكَبَتْه الحجارةُ نَكْباً أَي لَثَمَتْه. والنَّكْبُ: أَن يَنْكُبَ الحجرُ ظُفْراً، أَو حافراً، أَو مَنْسِماً؛ يقال: مَنْسِمٌ مَنْكوبٌ، ونَكِـيبٌ؛ قال لبيد:
وتَصُكُّ الـمَرْوَ، لـمَّا هَجَّرَتْ، * بِنَكِـيبٍ مَعِرٍ، دامي الأَظَلّ
الجوهري: النَّكِـيبُ دائرةُ الحافِر، والخُفِّ؛ وأَنشد بيت لبيد.
ونَكَبَ الـحَجرُ رِجْلَهُ وظُفْره، فهو مَنْكُوبٌ ونَكِـيبٌ: أَصابه.
ويقال: ليس دونَ هذا الأَمر نَكْبة، ولا ذُياحٌ؛ قال ابن سيده: حكاه ابن الأَعرابي، ثم فسره فقال: النَّكْبةُ أَن يَنْكُبه الـحَجَرُ؛
والذُّياحُ: شَقٌّ في باطن القَدَم. وفي حديث قُدوم الـمُسْتَضْعَفين بمكة: فجاؤُوا يَسُوقُ بهم الوليدُ بن الوليد، وسار ثلاثاً على قَدَمَيْه، وقد نَكَبَتْه الـحَرَّةُ أَي نالته حجارتُها وأَصابته؛ ومنه النَّكْبةُ، وهو ما يُصيبُ الإِنسان من الـحَوادث. وفي الحديث: أَنه نُكِـبَتْ إِصبَعُه أَي نالتها الحجارة.
ورجلٌ أَنْكَبُ: لا قَوْسَ معه. ويَنْكُوبٌ: ماءٌ معروفٌ؛ عن كراع.
قشر: القَشْرُ: سَحْقُك الشيء عن ذيه. الجوهري: القِشْرُ واحد القُشُور،
والقِشْرَة أَخص منه.
قَشَرَ الشيءَ يَقْشِرُه ويَقْشُره قَشْراً فانْقَشَر وقَشَّرَهُ
تَقْشيراً فَتَقَشَّر: سَحَا لحاءَه أَو جِلْدَه، وفي الصحاح: نَزَعْتُ عنه
قِشْرَه، واسم ما سُحي منه القُشارة. وشيء مُقَشَّر وفُسْتُقٌ مُقَشَّر،
وقِشْرُ كل شيء غشاؤه خِلْقَةً أَو عَرَضاً. وانْقَشَر العُودُ وتَقَشَّر
بمعنًى. والقُشارة: ما تَقْشِرُه عن شجرة من شيء رقيق. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: إِذا أَنا حركته ثارَ لي قُشارٌ أَي قِشْرٌ.
والقُشارة: ما يَنْقَشِرُ عن الشيء الرقيق. والقِشْرةُ: الثوب الذي
يُلْبَسُ. ولباسُ الرجل: قِشْره، وكل ملبوس: قَشْرٌ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:مُنِعتْ حَنيفةُ واللَّهازِمُ منكمُ
قِشْرَ العِراقِ، وما يَلَذُّ الحَنْجَرُ
قال ابن الأَعرابي: يعني نبات العراق، ورواه ابن دريد: ثمر العراق،
والجمع من كل ذلك قُشورٌ. وفي حديث قَيْلَةَ: كنت إِذا رأَيت رجلاً ذا رُواء
أَو ذا قِشْرٍ طَمَحَ بَصَرِي إِليه. وفي حديث معاذ ابن عَفْراء: أَن عمر
أَرسل إِليه بحُلَّةٍ فباعها فاشترى بها خمسة أَرْؤس من الرقيق فأَعتقهم
ثم قال: إِن رجلاً آثر قِشْرَتَيْنِ يَلْبَسُهما على عِتْقِ خمسة
أَعْبُدٍ لغَبِينُ الرأْي؛ أَراد بالقشرتين الحُلَّةَ لأَن الحلة ثوبان إِزار
ورداء. وإِذا عُرِّيَ الرجلُ عن ثيابه، فهو مُقْتَشِر؛ قال أَبو النجم يصف
نساء:
يَقُلْنَ للأَهْتَمِ منا المُقْتَشِرْ:
وَيْحَك وارِ اسْتَكَ منا واسْتَتِرْ
ويقال للشيخ الكبير: مُقْتَشِرٌ لأَنه حين كَبِرَ ثَقُلَتْ عليه ثيابه
فأَلقاها عنه. وفي الحديث: إِن المَلَك يقول للصبي المنفوش خرجت إِلى
الدنيا وليس عليك قِشْرٌ. وفي حديث ابن مسعود ليلةَ الجنّ: لا أَرى عَوْرةً
ولا قِشْراً أَي لا أَرى منهم عورة منكشفة ولا أَرى عليهم ثياباً. وتَمْرٌ
قَشِرٌ أَي كثير القِشْر. وقِشْرَةُ الهُبْرَةِ وقُشْرَتُها: جلدها إِذا
مص ماؤها وبقيت هي. وتمر قَشِير وقَشِرٌ: كثير القِشْرِ. والأَقْشَرُ:
الذي انْقَشَر سِحاؤُه. والأَقْشَرُ: الذي يَنْقَشِرُ أَنفه من شدة الحر،
وقيل: هو الشديد الحمرة كأَنَّ بَشَرته مُتَقَشِّرَة، وبه سمي
الأُقَيْشِرُ أَحد شعراء العرب كان يقال له ذلك فيغضب؛ وقد قَشِرَ قَشَراً. ورجل
أَقْشَرُ بَيِّنُ القَشرِ، بالتحريك، أَي شديد الحمْرة. ويقال للأَبرص
الأَبْقَعُ والأَسْلَعُ والأَقْشَرُ والأَعْرَمُ والمُلَمَّع والأَصْلَخُ
والأَذْمَلُ. وشجرة قَشْراءُ: مُنْقَشِرَة، وقيل: هي التي كأَنَّ بعضَها قد
قُشِرَ وبعض لم يُقْشَرْ. ورجل أَقْشَرُ إِذا كان كثير السؤال مُلِحًّا.
وحية قَشْراء: سالِخٌ، وقيل: كأَنها قد قُشِرَ بعضُ سَلْخِها وبعضٌ
لَمَّا.
والقُشْرةُ والقُشَرةُ: مَطْرَةٌ شديدة تَقْشِرُ وجهَ الأَرضِ والحصى عن
الأَرض، ومَطَرةٌ قاشِرةٌ منه: ذات قَشْرٍ. وفي. وفي حديث عبد الملك بن
عُمَيْر: قُرْصٌ بلَبَنٍ قِشْرِيٍّ، هو منسوب إِلى القِشْرة، وهي التي
تكون فوق رأْس اللبن، وقيل: إِلى القُشْرَة والقاشِرةِ، وهي مطرة شديدة
تَقْشِرُ وجه الأَرض، يريد لبناً أَدَرَّه المَرْعَى الذي يُنْبِتُه مثلُ
هذه المطرة. وعام أَقْشَفُ أَقْشَرُ أَي شديد. وسنة قاشُور وقاشُورة:
مُجْدِبة تَقْشِرُ كلَّ شيء، وقيل: تَقْشِرُ الناسَ؛ قال:
فابْعَثْ عليهم سَنَةً قاشُورَه،
تَحْتَلِقُ المالَ احْتِلاقَ النُّورَه
والقَشُورُ: دواء يُقْشَرُ به الوجه ليَصْفُوَ لونُه. وفي الحديث:
لُعِنَتِ القاشرةُ والمَقْشُورة؛ هي التي تَقْشِرُ بالدواء بشرة وجهها ليصفو
لونه وتعالج وجهها أَو وجه غيرها بالغُمْرة. والمَقْشُورة: التي يفعل بها
ذلك كأَنها تَقْشِرُ أَعلى الجلد.
والقاشورُ والقُشَرةُ: المَشْؤوم، وقَشَرَهم قَشْراً: شَأَمَهم.
وقولُهم: أَشأَم من قاشر؛ هو اسم فحل كان لبني عُوَافةَ بن سعد بن زيد مَناةَ بن
تميم، وكانت لقومه إِبل تُذْكِرُ فاستطرقوه رجاء أَن تُؤْنِثَ إِبلُهم
فماتت الأُمهات والنسل. والقاشورُ: المَشْؤوم. والقاشورُ: الذي يجيء في
الحَلْبة آخر الليل، وهو الفِسْكِلُ والسُّكَيْتُ أَيضاً.
والقَشْوَرُ: المرأَة التي لا تحيض. والقُشْرانِ: جناحا الجرادة
الرقيقانِ. والقاشِرة: أَول الشِّجاج لأَنها تَقْشِرُ الجلد.
وبنو قَيْشَرٍ: من عُكْلٍ. وقُشَيْرٌ: أَبو قبيلة، وهو قُشَيْرُ بن كعب
بن ربيعة بن عامر بن صَعْصَعة ابن مُعَاوية بن بكر بن هوزان. غيره: وبنو
قُشَير من قيس.
قرع: القَرَعُ: قَرَعُ الرأْس وهو أَن يَصْلَعَ فلا يبقى على رأْسه شعر،
وقيل: هو ذَهابُ الشعر من داءٍ؛ قَرِعَ قَرَعاً وهو أَقْرَعُ وامرأَة
قَرْعاءُ. والقَرَعةُ: موضع القَرَعِ من الرأْسِ، والقوم قُرْعٌ وقُرْعانٌ.
وقَرِعَتِ النَّعامةُ قَرَعاً: سقَط ريشُ رأْسها من الكِبَرِ، والصِّفةُ
كالصِّفةِ؛ والحَيّةُ الأَقرع إِنما يَتَمَعَّطُ شعر رأْسه، زعموا لجمعه
السمّ فيه. يقال: شُجاعٌ أَقْرَعُ. وفي الحديث: يَجِيءُ كَنْزُ أَحدِكم
يومَ القيامةِ شُجاعاً أَقْرَعَ له زَبِيبَتانِ؛ الأَقْرَعُ: الذي لا شعر
له على رأْسه، يريد حية قد تمعَّط جلد رأْسه لكثرة سمه وطُولِ عُمُره،
وقيل: سمي أَقرع لأَنه يَقْرِي السم ويجمعه في رأْسه حتى تتمعط منه فَرْوةُ
رأْسه؛ قال ذو الرمة يصف حية:
قَرَى السَّمَّ، حتى انْمازَ فَرْوةُ رأْسِه
عن العَظْمِ، صِلٌّ فاتِكُ اللَّسْعِ مارِدُهْ
والتَّقْرِيعُ: قَصُّ الشعَر؛ عن كراع. والقَرَعُ: بَثْرٌ أَبيض يخرج
بالفُصْلانِ وحَشْوِ الإِبل يُسْقِطُ وَبَرها، وفي التهذيب: يخرج في أَعْناق
الفُصْلان وقوائمها. وفي المثلِ: أَحَرُّ من القَرَعِ. وقد قَرِع
الفَصِيلُ، فهو قَرِعٌ، والجمع قَرْعى. وفي المثل: اسْتَنَّتِ الفِصالُ حتى
القَرْعَى أَي سَمِنَتْ؛ يضرب مثلاً لمن تعدّى طَوْرَه وادّعى ما ليس له.
ودواءُ القَرَع المِلْح وجُبابُ أَلبانِ الإِبل، فإِذا لم يجدوا مِلْحاً
نَتَفُوا أَوباره ونَضَحُوا جلده بالماء ثم جرّوه على السَّبَخةِ. وتَقَرَّعَ
جلده: تَقَوَّبَ عن القَرَعِ. وقُرِّعَ الفَصِيلُ تقريعاً: فُعِلَ به ما
يُفْعَلُ به إِذا لم يوجد الملح؛ قال أَوس بن حجر يذكر الخيل:
لَدَى كلِّ أُخْدُودٍ يُغادِرْنَ دارِعاً،
يُجَرُّ كما جُرَّ الفَصِيلُ المُقَرَّعُ
وهذا على السلب لأَنه يُنْزَعُ قَرَعُه بذلك كما يقال: قَذَّيْتُ العينَ
نزعت قذاها، وقَرَّدْت البعير. ومنه المثل: هو أَحرّ من القَرَع، وربما
قالوا: هو أَحرّ من القرْع، بالتسكين، يعنون به قَرْعَ المِيسَمِ وهو
المِكْواةُ؛ قال الشاعر:
كأَنَّ على كَبِدِي قَرْعةً،
حِذاراً مِنَ البَيْنِ، ما تَبْرُدُ
والعامة تقوله كذلك بتسكين الراء، تريد به القَرْعَ الذي يؤكل، وإِنما
هو بتحريكها. والفَصِيلُ قَرِيعٌ والجمع قَرْعى، مثل مَرِيضٍ ومَرْضَى.
والقَرَعُ: الجَرَبُ؛ عن ابن الأَعرابي، أَراه يعني جرب الإِبل. وقَرَّعَتِ
الحَلُوبةُ رأْسَ فَصِيلها إِذا كانت كثيرة اللبن، فإِذا رَضِعَ الفصيلُ
خِلْفاً قَطَرَ اللبَنُ من الخِلفِ الآخرِ على رأْسه فَقَرَعَ رأْسَه؛
قال لبيد:
لها حَجَلٌ قد قَرَّعَتْ مِنْ رُؤُوسِه،
لها فَوْقَه مِمَّا تَحَلَّبَ واشِلُ
سَمَّى الإِفالَ حَجلاً تشبيهاً بها لصغرها؛ وقال الجعدي:
لها حَجَلٌ قُرْعُ الرُؤُوسِ تَحَلَّبَتْ
على هامِها، بالصَّيْفِ، حتى تَمَوَّرا
وقَرِعَتْ كُرُوشُ الإِبل إِذا انْجَرَدَتْ في الحرّ حتى لا تَسْقِ
(*
قوله «لا تسق» كذا بالأصل على هذه الصورة ولعله لا تستبقي الماء أو ما في
معناه.) الماءَ فيكثر عَرَقُها وتَضْعُفَ بذلك. والقَرَعُ: قَرَعُ
الكَرِش، وهو أَن يذهب زئبره ويَرِِقَّ من شدَّة الحر. واسْتَقْرَعَ الكَرِش
إِذا استَوْكَعَ. والأَكْراشُ يقال لها القُرْعُ إِذا ذهب خَمَلُها. وفي
الحديث: أَنه لما أَتى على محسِّرٍ قَرَعَ راحلته أَي ضرَبها بِسوْطِه.
وقَرَعَ الشيءَ يَقْرَعُهُ قَرْعاً: ضربه. الأَصمعي: يقال العَصا قُرِعَتْ
لِذِي الحِلْمِ أَي إِذا نُبِّه انْتَبَه؛ ومعنى قول الحرث بن وعْلةَ
الذُّهْليّ:
وزَعَمْتُمُ أَنْ لاحُلُومَ لنا،
إِنَّ العَصا قُرِعَتْ لِذِي الحِلْمِ
قال ثعلب: المعنى أَنكم زعمتم أَنَّا قد أَخطأْنا فقد أَخطأَ العلماءُ
قبلنا، وقيل: معنى ذلك أَي أَنَّ الحليم إِذا نبه انتبه، وأَصله أَنَّ
حَكَماً من حُكَّام العرب عاش حتى أُهْتِرَ فقال لابنته: إِذا أَنكَرْتِ من
فَهْمِي شيئاً عند الحُكْمِ فاقْرَعِي لي المِجَنَّ بالعصا لأَرتدع، وهذا
الحكم هو عَمْرو بن حُمَمةَ الدَّوْسِيّ قضَى بين العرب ثلثمائة سنة،
فلما كَبِرَ أَلزموه السابع من ولده يقرع العصا إِذا غَلِطَ في حكومته؛ قال
المتلمس:
لِذِي الحِلْمِ قَبْلَ اليَوْمِ ما تُقْرَعُ العَصا،
وما عُلِّمَ الإِنسانُ إِلاَّ ليَعْلَما
ابن الأَعرابي: وقول الشاعر:
قَرَعْت ظَنابِيبَ الهَوَى، يومَ عاقِلٍ،
ويومَ اللِّوَى حتى قَشَرْت الهَوَى قَشْرا
أَي أَذَلَلْته كما تقرَع ظُنْبُوبَ بعيرك لِيَتَنَوَّخَ لك فتركبه. وفي
حديث عمار قال: قال عمر بن أَسَدِ بن عبد العُزَّى حين قيل له محمد يخطب
خديجة قال: نِعْمَ البُضْعُ
(* قوله« البضع» هو الكفء كما في النهاية
وبهامشها هو عقد النكاح على تقدير مضاف أي صاحب البضع.) لا يُقْرَعُ أَنفه؛
وفي حديث آخر: قال ورقة بن نوفل: هو الفحل لا يُقْرَعُ أَنفه أَي أَنه كفءٌ
كريم لا يُرَدُّ، وقد ذكر في ترجمة قدع أَيضاً، وقوله لا يقرع أَنفه كان
الرجل يأْتي بناقة كريمة إِلى رجل له فحل يسأَله أَن يُطْرِقَها فحلَه،
فإِن أَخرج إِليه فحلاً ليس بكريم قَرَعَ أَنفه وقال لا أُريده.
والمُقْرَعُ: الفحْلُ يُعْقَلُ فلا يُتْرَكُ أَن يضرب الإِبل رغبة عنه، وقَرَعْتُ
البابَ أَقْرَعُه قَرْعاً. وقَرَعَ الدابَّةَ وأَقرَع الدابة بلجامها
يَقْرَعُ: كفَّها به وكبَحَها؛ قال سُحَيْمُ بن وَثِيلٍ الرِّياحِي:
إِذا البَغْلُ لم يُقْرَعْ له بلِجامِه،
عَدا طَوْرَه في كلِّ ما يَتَعَوَّدُ
وقال رؤْبة:
أَقْرَعَه عَنِّي لِجامٌ يُلْجِمُه
وقَرَعْت رأْسه بالعَصا قَرْعاً مثل فَرَعْتُ، وقَرَعَ فلان سنَّه
نَدَماً؛ وأَنشد أَبو نصر:
ولو أَني أَطَعْتُكَ في أُمُورٍ،
قَرَعْتُ نَدامةً مِنْ ذاكَ سِنِّي
وأَنشد بعضهم لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه:
مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بنَ رَوْحٍ ببَلْدةٍ
ليَ النِّصْفُ منها، يَقْرَعِ السِّنَّ مِنْ نَدَمْ
وكان زِنْباعُ بن رَوْحٍ في الجاهلية ينزل مَشارفَ الشام، وكان يَعْشُرُ
من مَرَّ به، فخرج عمر في تجارة إِلى الشام ومعه ذَهَبةٌ جعلها في دَبِيلٍ
وأَلقَمَها شارِفاً له، فنظر إِليها زِنْباعٌ تَذْرِفُ عيناها فقال: إِن
لها لَشَأْناً، فنحرها ووجَد الذهبَةَ فَعَشَرَها، فحينئذ قال عمر، رضي
الله عنه، هذا البيت. وقَرَعَ الشاربُ بالإِناء جبهتَه إِذا اشتفَّ ما فيه
يعني أَنه شرب جميع ما فيه؛ وأَنشد:
كأَنَّ الشُّهْبَ في الآذانِ منها،
إِذا قَرَعُوا بِحافَتِها الجَبِينا
وفي حديث عمر: أَنه أَخذ قَدَحَ سويق فشربه حتى قَرَعَ القَدَحُ جبينَه
أَي ضرَبه، يعني شرب جميع ما فيه؛ وقال ابن مقبل يصف الخمر:
تَمَزَّزْتُها صِرفاً، وقارَعْتُ دَنَّها
بعُودِ أَراكٍ هَدَّه فَتَرَنَّما
قارَعْتُ دَنَّها أي نزَفْتُ ما فيه حتى قَرِعَ، فإِذا ضُرِبَ الدَّنُ
بعد فَراغِه بعود تَرَنَّمَ.
والمِقْرعةُ: خشبة تُضْرَبُ بها البغالُ والحمير، وقيل: كلُّ ما قُرِعَ
به فهو مِقْرعةٌ. الأَزهريُّ: المِقْرعةُ: التي تضرب بها الدابة،
والمِقْراعُ كالفأْس يكسر بها الحجارة؛ قال يصف ذئباً:
يَسْتَمْخِرُ الرِّيحَ إِذالم يَسْمَعِ،
بِمِثْلِ مِقْراعِ الصَّفا المُوَقَّعِ
(* قوله« يستمخر إلخ» أنشده في مادة مخر: لم أسمع بدل لم يسمع .)
والقِراعُ والمُقارَعةُ: المُضاربةُ بالسيوف، وقيل: مضاربة القوم في
الحرب، وقد تَقارعُوا. وقَرِيعُك: الذي يُقارِعُك. وفي حديث عبد الملك وذكر
سيف الزبير:
بِهِنَّ فُلُولٌ من قِراعِ الكَتائِبِ
أَي قتال الجيوش ومحاربتها.
والإِقْراعُ: صَكُّ الحَمِيرِ بعضُها بعضاً بحَوافِرِها؛ قال رؤبة:
حَرًّا منَ الخَرْدلِ مَكْرُوهِ النَّشَقْ،
أَو مُقْرَعِ مِن رَكْضِها دامِي الزَّنَقْ
والمِقْراعُ: الساقُورُ. والأَقارِعُ: الشِّدادُ؛ عن أَبي نصر.
والقارِعةُ من شدائدِ الدهْرِ وهي الداهِيةُ؛ قال رؤبة:
وخافَ صَدْعَ القارعاتِ الكُدَّهِ
قال يعقوب: القارِعةُ هنا كل هَنةٍ شديدةِ القَرْعِ، وهي القيامة
أَيضاً؛ قال الفراء: وفي التنزيل: وما أَدراك ما القارعةُ؛ وقوله:
ولا رَمَيْتُ على خَصْمٍ بقارِعةٍ،
إِلاَّ مُنِيتُ بِخَصْمٍ فُرَّ لي جَذَعا
يعني حُجّة، وكله من القَرْع الذي هو الضرْبُ. وقوله تعالى: ولا يزال
كفروا تصيبهم بما صنعوا قارِعةٌ؛ قيل في التفسير: سَرِيّةٌ من سَرايا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، ومعنى القارعة في اللغة النازلةُ الشديدة تنزل
عليهم بأَمر عظيم، ولذلك قيل ليوم القيامة القارعة. ويقال: قَرَعَتْهم
قَوارعُ الدهْرِ أَي أَصابتهم، ونعوذ بالله من قَوارِعِ فلان ولواذِعِه
وقَوارِصِ لسانه. وفي حديث أَبي أُمامة: من لم يَغْز أَو يُجَهِّزْ غازِياً
أَصابه الله بقارعةٍ أَي بداهيةٍ تُهْلِكُه. يقال: قَرَعَه أَمرٌ إِذا
أَتاه فَجْأَةً، وجمعها قَوارِعُ. الأَصمعي: يقال أَصابته قارعة يعني أَمراً
عظيماً يَقْرَعُه. ويقال: أَنزل الله به قَرْعاءَ وقارعةً ومُقْرِعةً،
وأَنزل الله به بَيْضاء ومُبَيِّضةً؛ هي المصيبة التي لا تدَعُ مالاً ولا
غيره. وفي الحديث: أُقسم لَتَقْرَعَنّ بها أَبا هريرة أَي لَتَفْجَأنَّه
بذكرها كالصّكّ له والضربْ.
وقَرِعَ ماءُ البئرِ: نَفِدَ فَقَرَعَ قَعْرَها الدَّلْوُ. وبئر
قَرُوعٌ: قليلة الماء يَقْرَعُ قَعْرَها الدَّلْوُ لفَناءِ مائِها. والقَرُوعُ
من الرَّكايا: التي تحفر في الجبل من أَعلاها إِلى أَسفلها. وأَقْرَعَ
الغائصُ والمائِحُ إِذا انتهى إِلى الأَرض.
والقَرَّاعُ: طائر له مِنْقارٌ غليظ أَعْقَفُ يأْتي العُود اليابس فلا
يزال يَقْرَعُه حتى يدخل فيه، والجمع قَرّاعاتٌ، ولم يكسّر. والقَرّاعُ:
الصُّلْبُ الشديد. وتُرْسٌ أَقْرَعُ وقَرّاعٌ: صُلْبٌ شديد؛ قال الفارسي:
سمي به لصبره على القَرْعِ؛ قال أَبو قَيْسِ بن الأَسْلتِ:
صَدْقٍ حُسامٍ وادِقٍ حَدُّه،
ومُجْناءٍ أَسْمَرَ قَرَّاعِ
وقال الآخر:
فلما فَنى ما في الكَنائِنِ ضارَبُوا
إِلى القُرعِ من جِلْدِ الهِجانِ المُجَوَّبِ
أَي ضربوا بأَيديهم إِلى التِّرَسةِ لَمّا فَنِيَتْ سِهامُهم، وفَنى
بمعنى فَنِيَ في لغات طيِّءٍ. والقَرّاعُ: التُّرْسُ. والقَرَّاعانِ: السيفُ
والحَجَفةُ؛ هذه من أَمالي ابن بري. والقَرّاعُ من كل شيء: الصُّلْبُ
الأَسفلِ الضَّيِّقُ الفم. واسْتَقْرَعَ حافِرُ الدابّة إِذا اشتد.
والقِراعُ: الضِّرابُ. وقَرَعَ الفحلُ الناقةَ والثورُ يَقْرَعُها
قَرْعاً وقِراعاً: ضربها. وناقة قَرِيعةٌ: يُكْثر الفحلُ ضِرابها ويُبْطِئ
لَقاحُها. ويقال: إِنَّ ناقتك لقَرِيعةٌ أَي مُؤَخَّرةُ الضَّبَعةِ.
واسْتَقْرَعَت الناقةُ: اشتهت الضِّرابَ. الأَصمعي: إِذا أَسْرَعَتِ الناقةُ
اللَّقَحَ فهي مِقْراعٌ؛ وأَنشد:
تَرى كلَّ مِقْراعٍ سَرِيعٍ لَقاحُها،
تُسِرُّ لَقاحَ الفحْلِ ساعةَ تُقْرَعُ
وفي حديث هشام يصف ناقة: إِنها لَمِقْراعٌ؛ هي التي تَلْقَحُ في أَوَّل
قَرْعةٍ يَقْرَعُها الفحلُ. وفي حديث علقمة: أَنه كان يُقَرِّعُ غَنَمه
ويَحْلُِبُ ويَعْلِفُ أَي يُنْزِي الفُحولَ عليها؛ هكذا ذكره الزمخشري
والهروي، وقال أَبو موسى: هو بالفاء، وقال: هو من هفوات الهروي. واسْتَقْرَعَتِ
البقرُ: أَرادت الفحل. الأُمَوِيُّ: يقال للضأْن اسْتَوْبَلَتْ،
وللمِعْزى اسْتَدَرَّتْ، وللبقرة استقرعت، وللكلبة اسْتَحْرَمَتْ. وقَرَعَ
التيْسُ العَنْزَ إِذا قَفَطها. وقرَّعَ القومَ: أَقْلَقَهم؛ قال أَوس بن حجر
أَنشده الفراء:
يُقَرِّعُ للرّجالِ، إِذا أَتَوْه،
وللنِّسْوانِ، إِنْ جِئْنَ، السَّلامُ
أَراد يُقَرِّعُ الرجالَ فزادَ اللام كقوله تعالى: قل عسَى أَن يكون
رَدِفَ لكم؛ وقد يجوزأَن يريد بيُقَرِّع يَتَقَرَّعُ. والتقْرِيعُ:
التأْنِيبُ والتعْنِيف. وقيل: هو الإِيجاعُ باللَّوْمِ. وقَرَّعْتُ الرجلَ إِذا
وَبَّخْتَه وعَذلْتَه، ومرجعه إِلى ما أَنشده الفراء لأَوس بن حجر. ويقال:
قَرَّعَني فلان بلَوْمِه فما ارْتَقَعْتُ به أَي لم أَكْتَرِثْ به. وبات
بَتَقَرَّعُ ويُقَرِّعُ: يَتَقَلَّبُ، وبِتُّ أَتَقَرَّعُ.
والقُرْعةُ: السُّهْمةُ. والمُقارَعةُ: المُساهَمةُ. وقد اقْتَرَعَ
القومُ وتقارَعوا وقارَع بينهم، وأَقْرَعَ أَعْلى، وأَقْرَعْتُ بين الشركاء في
شيء يقتسمونه. ويقال: كانت له القُرْعةُ إِذا قرَع أَصحابه. وقارَعه
فقرَعَه يَقْرَعُه أَي أَصابته القُرْعةُ دونه. وروي عن النبي، صلى الله
عليه وسلم: أَنه رُفِعَ إِليه أَنَّ رجلاً أَعتق ستة مَمالِيكَ له عند مَوته
لا مال له غيرُهم، فأَقْرَعَ بينهم وأَعْتَق اثنين وأَرَقَّ أَربعة؛
وقول خِداشِ بن زُهَيْر أَنشده ابن الأَعرابي:
إِذا اصْطادُوا بُغاثاً شَيَّطُوه،
فكانَ وفاءَ شاتِهِم القُرُوعُ
فسره فقال: القُرُوعُ المُقارعَةُ، وإِنما وصف لُؤْمَهم، يقول: إِنما
يتَقارَعُون على البغاثِ لا على الجُزُرِ كقوله:
فما يَذْبَحُونَ الشاةَ إِلاّ بمَيْسِرٍ،
طويلاً تَناجِيها صِغاراً قُدُورُها
قال ابن سيده: ولا أَدري ما هذا الذي قاله ابن الأَعرابي في هذا البيت،
وكذلك لا أَعرف كيف يكون القُرُوعُ المُقارَعةَ إِلا أَن يكون على حذف
الزائد، قال: ويروى شاتِهم القَرُوعِ، وفسره فقال: معناه كان البُغاثُ وفاءً
من شاتهم التي يتَقارَعون عليها لأَنه لا قدرة لهم أَن يتقارعوا على
جُزُرٍ، فيكون أَيضاً كقوله:
فما يذبحون الشاة إِلا بميسر
قال: والذي عندي أَن هذا أَصح لقوَّة المعنى بذلك، قال: وأَيضاً فإِنه
يسلم بذلك من الإِقْواءِ لأَن القافية مجرورة؛ وقبل هذا البيت:
لَعَمْرُ أَبيك، لَلْخَيْلُ المُوَطّى
أُمامَ القَوْمِ للرَّخَمِ الوُقوعِ،
أَحَقُّ بكم، وأَجْدَرُ أَن تَصِيدُوا
مِنَ الفُرْسانِ تَرْفُلُ في الدُّروعِ
ابن الأَعرابي: القَرَعُ والسَّبَقُ والخَطَرُ الذي يُسْبَقُ عليه.
والاقْتِراعُ: الاختيارُ. يقال: اقتُرِعَ فلان أَي اخْتِيرَ.
والقَرِيعُ: الخيارُ؛ عن كراع. واقتَرَعَ الشيءَ: اختارَه. وأَقْرَعوه خِيارَ
مالهِم ونَهْبِهم: أَعْطَوه إِياه، وذكر في الصحاح: أَقْرَعَه أَعْطاه خيرَ
مالِه. والقَريعةُ والقُرْعةُ: خيارُ المالِ. وقَرِيعةُ الإِبل: كريمتها.
وقُرْعةُ كل شيء: خياره. أَبو عمرو: يقال قَرَعْناكَ واقْتَرَعْناكَ
وقْرَحْناكَ واقْتَرَحْناكَ ومَخَرْناكَ وامْتَخَرْناك وانتَضَلْناك أَي
اخترناك. وفي الحديث: أَنه ركب حِمارَ سعدِ ابن عُبادةَ وكان قَطوفاً فردّه وهو
هِمْلاجٌ قَرِيعٌ ما يُسايَرُ أَي فارِهٌ مختارٌ؛ قال ابن الأَثير: قال
الزمخشري ولو روي فريغٌ، بالفاء الموحدة والغين المعجمة، لكان مُطابقاً
لفراغٍ، وهو الواسع المشي، قال: ولا آمَنُ أَن يكون تصحيفاً. والقَرِيعُ:
الفحل، سمي بذلك لأَنه مُقْتَرَعٌ من الإِبل أَي مختارٌ. قال الأَزهري:
والقريع الفحل الذي تَصَوَّى للضِّراب. والقَرِيعُ من لإِبل: الذي يأْخذ
بِذِراعِ الناقة فيُنيخُها، وقيل: سمي قَريعاً لأَنه يَقْرَعُ الناقة؛ قال
الفرزدق:
وجاءَ قَرِيعُ الشوْلِ قَبْلَ إِفالِها
يَزِفُّ، وجاءتْ خَلْفَه، وهْي زُفَّفُ
وقال ذو الرمة:
وقد لاحَ للسّارِي سُهَيْلٌ، كأَنّه
قَرِيعُ هِجانٍ عارَضَ الشوْلَ جافِرُ
ويروى:
وقد عارَضَ الشِّعْرَى سُهَيْلٌ
وجمعه أَقْرِعة. والمَقْروعُ: كالقَريع الذي هو المختار للفِحْلةِ؛
أَنشد يعقوب:
ولَمَّا يَزَلْ يَسْتَسْمِعُ العامَ حوْلَه
نَدى صَوْتِ مَقْروعٍ عن العَدْوِ عازِبِ
قال ابن سيده: إِلاَّ أَني لا أَعرف للمقروع فِعْلاً ثانياً بغير زيادة،
أَعني لا أَعرف قَرَعَه إِذا اختارَه.
والقِراعُ: أَن يأُخُذَ الرجلُ الناقةَ الصعْبة فيُرَيِّضَها للفحل
فيَبْسُرها. ويقال: قَرَّعْ لجملك
(* قوله« فيريضها» هو في الأصل بياء تحتية
بعد الراء وفي القاموس بموحدة. وقوله «قرع لجملك» قال شارح القاموس: نقله
الصاغاني هكذا.)
والمَقْروعُ السيِّدُ. والقَريعُ: السيدُ. يقال: فلان قريعُ دَهْرِه
وفلان قريعُ الكَتِيبةِ وقِرِّيعُها أَي رئيسها. وفي حديث مسروق: إِنكَ
قَرِيعُ القُرّاء أَي رئيسهم. والقريعُ: المختارُ. والقريع: المَغْلوب.
والقَريعُ: الغالب. واسْتَقْرَعَه جملاً وأَقْرعَه إِياه أَي أَعطاه إِياه
ليضرب أَيْنُقَه. وقولهم أَلْفٌ أَقْرَعُ أَي تامّ. يقال: سُقْتُ إِليك
أَلفاً أَقرَعَ من الخيل وغيرها أَي تامّاً، وهو نعت لكل أَلفٍ، كما أَنَّ
هُنَيْدة اسم لكل مائة؛ قال الشاعر:
قَتَلْنا، لَوَ نَّ القَتْل يشْفي صُدورَنا،
بِتَدْمُرَ، أَلْفاً مِنْ قُضاعةَ أَقْرَعا
وقال الشاعر:
ولو طَلَبُوني بالعَقوقِ، أَتيتُهم
بأَلفٍ، أُؤَدِّيه إِلى القَوْمِ، أَقْرَعا
وقِدْحٌ أَقْرَعُ: وهو الذي حُكَّ بالحصى حتى بدت سَفاسِقُه أَي
طرائِقُه. وعُود أَقْرَعُ إِذا قُرِعَ من لِحائِه. وقَرِعَ قَرَعاً، فهو قَرِعٌ:
ارتدع عن الشيء. والقَرَعُ: مصدر قولك قَرِعَ الرجلُ، فهو قَرِعٌ إِذا
كان يقبل المَشورةَ ويَرْتَدِعُ إِذا رُدِعَ. وفلان لا يُقْرَعَ إِقْراعاً
إِذا كان لا يقْبَل المَشْوَرةَ والنصيحة. وفلان لا يَقْرَعُ أَي لا
يرتدع، فإِن كان يرتدع قيل رجل قَرِعٌ. ويقال: أَقْرَعْتُه أَي كففته؛ قال
رؤبة:
دَعْني، فقد يُقْرَعُ للأَضَزِّ
صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي
أَبو سعيد: فلان مُقْرِعٌ ومُقْرِنٌ له أَي مُطيقٌ، وأَنشد بيت رؤبة
هذا، وقد يكون الإِقْراعُ كفّاً ويكون إِطاقة. ابن الأَعرابي: أَقْرَعْتُه
وأَقْرَعتُ له وأَقدَعْتُه وقدَعْتُه وأَوزَعْتُه ووزَعْتُه وزُعْتُه إِذا
كففتَه. وأَقرَعَ الرجلُ على صاحبه وانقَرَعَ إِذا كَفَّ. قال الفارسي:
قَرَعَ الشيءَ قَرْعاً سَكَّنَه، وقَرَعَه صرَفه. وقَوارِعُ القرآنِ منه:
الآياتُ التي يقرؤُها إِذا فَزِعَ من الجن والإِنس فَيَأْمن، مثل آية
الكرسي وآيات آخر سورة البقرة وياسينَ لأَنها تصرف الفَزعَ عمن قرأَها
كأَنها تَقْرَعُ الشيطانَ. وأَقرَع الفَرسَ: كبَحَه. وأَقرَعَ إِلى الحق
إِقراعاً: رجع إِليه وذَلّ. يقال: أَقرَعَ لي فلان؛ وأَنشد لرؤبة:
دَعْني، فقد يُقْرَعُ للأَضَزِّ
صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي
أَي يُصْرَفُ صَكِّي إِليه ويُراضُ له ويَذِلُّ. وقرَعَه بالحق:
اسْتَبْدَلَه
(* هكذا في الأصل، وربما هي محرفة عن استقبله. وفي اساس البلاغة:
رماه.) وقَرِعَ المكانُ: خَلا ولم يكن له غاشيةٌ يَغْشَوْنَه. وقَرِعَ
مَأْوى المال ومُراحُه من المال قَرَعاً، فهو قَرِعٌ: هلكَت ماشيته فخلا؛ قال
ابن أُذينة:
إِذا آداكَ مالُك فامْتَهِنْه
لِجادِيهِ، وإِنْ قَرِعَ المُراحُ
ويروى: صَفِرَ المُراحُ. آداكَ: أَعانك؛ وقال الهذلي:
وخَوَّالٍ لِمَوْلاهُ إِذا ما
أَتاهُ عائِلاً، قَرِعَ المُراحُ
ابن السكيت: قَرَّعَ الرجلُ مكانَ يدِه من المائدةِ تَقْريعاً إِذا ترَك
مكانَ يده من المائدة فارغاً. ومن كلامهم: نعوذ بالله من قَرَعِ
الفِناءِ وصَفَرِ الإِناء أَي خُلُوِّ الديار من سُكانها والآنيةِ من
مُسْتَوْدعاتها. وقال ثعلب: نعوذ بالله من قَرْعِ الفِناء، بالتسكين، على غير قياس.
وفي الحديث عن عمر، رضي الله عنه: قَرِعَ حَجُّكم أَي خلت أَيام الحج. وفي
الحديث: قَرِعَ أَهلُ المسجد حين أُصِيبَ أَصحاب النَّهر
(* قوله
«النهر» كذا بالأصل وبالنهاية أيضاً، وبهامش الأصل: صوابه النهروان.) أَي قَلّ
أَهلُه كما يَقْرَعُ الرأْسُ إِذا قل شعره، تشبيهاً بالقَرعةِ، أَو هو من
قولهم قَرِعَ المُراحُ إِذا لم تكن فيه إِبل.
والقُرْعةُ: سِمةٌ على أَيْبَس الساقِ، وهي وَكزةٌ بطرَف المِيسَمِ،
وربما قُرِعَ منه قَرْعةً أَو قرْعَتين، وبعير مَقْروعٌ وإِبل مُقَرَّعةٌ؛
وقيل: القُرْعةُ سِمةٌ خَفِيَّةٌ على وسط أَنف البعير والشاة.
وقارِعةُ الدارِ: ساحَتُها. وقارِعةُ الطريقِ: أَعلاه. وفي الحديث: نَهى
عن الصلاةِ على قارعةِ الطريق؛ هي وسطه، وقيل أَعلاه، والمراد به ههنا
نفس الطريق ووجهه. وفي الحديث: لا تُحْدِثُوا في القَرَعِ فإِنه مُصَلَّى
الخافِينَ؛ القَرَعُ، بالتحريك: هو أَن يكون في الأَرض ذات الكَلإِ مواضع لا
نباتَ فيها كالقَرَعِ في الرأْس، والخافُون: الجنُّ. وقَرْعاءُ الدار:
ساحَتُها.
وأَرض قَرِعةٌ: لا تُنْبِتُ شيئاً. وأَصبحت الرِّياضُ قُرْعاً: قد
جَرَّدَتْها المَواشِي فلم تترك فيها شيئاً من الكلإِ. وفي حديث علي: أَن
أَعرابيّاً سأَل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الصُّلَيْعاءِ والقُرَيْعاءِ؛
القُرَيْعاءُ: أَرض لعنها الله إِذا أَنْبَتَتْ أو زُرِعَ فيها نَبَتَ في
حافَتَيْها ولم ينبت في متنها شيء. ومكان أَقْرَعُ: شديد صُلْبٌ، وجمعه
الأَقارِعُ؛ قال ذو الرمة:
كَسا الأُكْمَ بُهْمَى غَضّةً حَبَشِيّةً
قواماً، ونقعان الظُّهُورِ الأَقارِعِ
وقول الراعي:
رَعَيْنَ الحَمْضَ حَمْضَ خُناصِراتٍ،
بما في القُرْعِ من سَبَلِ الغَوادِي
قيل: أَراد بالقُرْعِ غُدْراناً في صلابة من الأَرض. والقَرِيعةُ:
عَمُودُ البيتِ الذي يُعْمَدُ بالزِّرِّ؛ والزِّرُّ أَسْفَلَ الرُّمّانة وقد
قَرَعَه به. وقَرِيعةُ البيتِ: خيْرُ موضع فيه، إِن كان في حَرٍّ فخِيارُ
ظِلِّه، وإِن كان في قُرٍّ فخِيارُ كِنِّه، وقيل: قَرِيعَتُه سَقْفُه؛ ومنه
قولهم: ما دخلت لفلان قَرِيعةَ بيت قَطّ أَي سَقْفَ بيت.
وأَقْرَعَ في سِقائه: جَمَع؛ عن ابن الأَعرابي. والمِقْرَعُ: السِّقاءُ
يُخْبَأُ فيه السمْن. والقُرْعةُ: الجِرابُ الواسع يلقى فيه الطعام. وقال
أَبو عمرو: القُرْعةُ الجِراب الصغير، وجمعها قُرَعٌ. والمِقْرَعُ:
وِعاءٌ يُجْبَى فيه التمرُ أَي يُجْمَعُ. وتميم تقول: خُفّانِ مُقَرَعانِ أَي
مُثْقَلانِ. وأَقْرَعتُ نَعْلي وخُفِّي إِذا جعلت عليهما رُقْعةً
كَثِيفةً.
والقَرّاعةُ: القَدّاحةُ التي يُقْتَدَحُ بها النارُ.
والقَرْعُ: حمْل اليَقْطِين، الواحدة قَرْعةٌ. وكان النبي، صلى الله
عليه وسلم، يحبّ القَرْعَ، وأَكثر ما تسميه العرب الدُّبَّاء وقلّ من
يسْتعمل القَرْعَ. قال المَعَرِّيُّ: القرع الذي يؤكل فيه لغتان: الإِسكان
والتحريك، والأَصل التحريك؛ وأَنشد:
بِئْسَ إِدامُ العَزَبِ المُعْتَلِّ،
ثَرِيدةٌ بقَرَعٍ وخَلِّ
وقال أَبو حنيفة: هو القَرَعُ، واحدته قَرَعَةٌ، فحرك ثانيها ولم يذكر
أَبو حنيفة الإِسكان؛ كذا قال ابن بري.
والمَقْرَعةُ: مَنْنِتُه كالمَبْطَخَةِ والمَقْثَأَةِ. يقال: أَرض
مَقْرَعة. والقَرْعُ: حَمْلُ القِثّاء من المَرْعَى.
ويقال: جاء فلان بالسَّوْءةِ القَرْعاءِ والسوءةِ الصَّلْعاءِ أَي
المتكشفة.
ويقال: أَقرَعَ المسافر إِذا دَنا من منزله، وأَقْرَع دارَه آجُرًّا
إِذا فرشها بالآجرّ، وأَقرَعَ الشرُّ إِذا دامَ. ابن الأَعرابي: قَرِعَ فلان
في مِقْرَعِه، وقَلَدَ في مِقْلَدِه، وكَرَص في مِكْرَصِه، وصرَب في
مِصْرَبِه، كله: السِّقاءُ والزِّقُّ. ابن الأَعرابي: قَرِعَ الرجلُ إِذا قُمِرَ
في الــنِّضالِ، وقَرِعَ إِذا افتقر، وقَرِعَ إِذا اتَّعَظَ.
والقَرْعاء، بالمدّ: موضع. قال الأَزهري: والقرعاء مَنْهَلٌ من مَناهِلِ
طريق مكة بين القادسية والعَقَبةِ والعُذَيْب. والأَقْرعانِ: الأَقرع بن
حابس، وأَخوه مَرْثَدٌ؛ قال الفرزدق:
فإِنَّكَ واجِدٌ دُوني صَعُوداً،
جَراثِيمَ الأُقارِعِ والحُتاتِ
الحُتاتُ: هو بشر بن عامر بن علقمة، والأَقارِعةُ والأَقارِعُ: آلُهُما
على نحو المَهالِبةِ والمَهالِبِ؛ والأَقْرَعُ: هو الأَشيم بن معاذ بن
سِنان، سمي بذلك لبيت قاله يهجو معاوية بن قشير:
مُعاوِيَ مَنْ يَرْقِيكُمُ إِنْ أَصابَكُمْ
شَبا حَيّةٍ، مِمّا عَدا القَفْرَ، أَقْرَع؟
ومقْروعٌ: لقب عبد شمس بن سعد بن زيد مَناةَ بن تميم، وفيه يقول مازِنُ
بن مالك بن عمرو بن تميم في هَيْجُمانةَ بنت العَنْبر بن عمرو بن تميم:
حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لَكِ مَقْرُوعٌ. ومُقارِعٌ وقُرَيْعٌ:
اسمان. وبنو قُرَيْع: بطن من العرب. الجوهري: قُريع أَبو بطن من تميم رهط بني
أَنف الناقة، وهو قُرَيْعُ بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم،
وهو أَبو الأَضبط.
قطب: قَطَبَ الشيءَ يَقْطِـبُهُ قَطْباً: جَمَعه. وقَطَبَ يَقْطِبُ
قَطْباً وقُطوباً، فهو قاطِبٌ وقَطُوبٌ.
والقُطوبُ: تَزَوِّي ما بين العينين، عند العُبوس؛ يقال: رأَيتُه
غَضْبانَ قاطِـباً، وهو يَقْطِبُ ما بين عينيه قَطْباً وقُطوباً، ويُقَطِّبُ ما بين عينيه تقطيباً. وقَطَبَ يَقْطِبُ: زَوَى ما بين عينيه، وعَبَس،
وكَلَح من شَرابٍ وغيره، وامرأَة قَطُوبٌ. وقَطَّبَ ما بين عينيه أَي جَمعَ كذلك. والـمُقَطَّبُ والـمُقَطِّبُ والـمُقْطِبُ ما بين الحاجبين.
وقَطَّبَ وجهَه تَقْطيباً أَي عَبَسَ وغَضِبَ. وقَطَّب بين عينيه أَي
جَمعَ الغُضُونَ. أَبو زيد في الجَبِـينِ: الـمُقَطِّبُ وهو ما بين
الحاجبين. وفي الحديث: أَنه أُتِـيَ بنَبيذٍ فشَمَّه فقَطَّبَ أَي قَبَضَ ما بين عينيه، كما يفعله العَبُوسُ، ويخفف ويثقل. وفي حديث العباس: ما بالُ قريش يَلْقَوْننا بوُجُوهٍ قاطبةٍ؟ أَي مُقَطَّبة.
قال: وقد يجيءُ فاعل بمعنى مفعول، كعيشة راضية؛ قال: والأَحسن أَن يكون فاعل، على بابه، مِنْ
قَطَبَ، المخففة. وفي حديث المغيرة: دائمةُ القُطوب أَي العُبُوس.
يقال: قَطَبَ يَقْطِبُ قُطوباً، وقَطَبَ الشرابَ يَقْطِـبُه قَطْباً وقَطَّبه وأَقْطَبه: كلُّه مَزَجه؛ قال ابن مُقْبِل:
أَناةٌ، كأَنَّ الـمِسْكَ تحت ثيابِها، * يُقَطِّبُه، بالعَنْبَرِ الوَرْدِ، مُقْطِبُ(1)
(1 قوله «تحت ثيابها» رواه في التكملة دون ثيابها. وقال: ويروى يبكله أي بدل يقطبه.)
وشَرابٌ قَطِـيبٌ: مَقْطُوبٌ.
والقِطابُ: الـمِزاجُ، وكل ذلك من الجمع.
التهذيب: القَطْبُ الـمَزْجُ، وذلك الخَلْطُ، وكذلك إِذا اجتمع القومُ
وكانوا أَضيافاً، فاختلَطوا، قيل: قَطبوا، فهم قاطِـبون؛ ومن هذا يقال: جاءَ القومُ قاطِـبَةً أَي جميعاً، مُخْتَلِطٌ بعضُهم ببعض.
الليث: القِطابُ الـمِزاجُ فيما يُشْرَبُ ولا يُشْرَبُ، كقول الطائفية
في صَنْعَةِ غِسْلَة؛ قال أَبو فَرْوة: قَدِمَ فَرِيغُونُ بجارية، قد
اشتراها من الطائف، فصيحةٍ، قال: فدخلتُ عليها وهي تُعالِـجُ شيئاً، فقلتُ: ما هذا؟ فقالت: هذه غِسْلة. فقلتُ: وما أَخلاطُها؟ فقالت: آخُذُ الزبيبَ الجَيِّدَ، فأُلْقِـي لَزَجَه، وأُلَجِّنُه وأُعَبِّيه بالوَخِـيف، وأَقْطِـبه؛ وأَنشد غيره:
يَشرَبُ الطِّرْمَ والصَّريفَ قِطابا
قال: الطِّرْم العَسل، والصَّريفُ اللَّبن الحارُّ، قِطاباً: مِزاجاً.
والقَطْبُ: القَطْع، ومنه قِطابُ الجَيب؛ وقِطابُ الجَيْب: مَجمَعُه؛
قال طرفة:
رَحِـيبُ قِطابِ الجَيبِ منها، رَقيقَةٌ * بجَسِّ النَّدامى، بَضَّةُ الـمُتَجَرَّدِ
يعني ما يَتَضامُّ من جانبي الجَيب، وهي استعارة؛ وكلُّ ذلك من القَطْبِ الذي هو الجمع بين الشيئين؛ قال الفارسي: قِطابُ الجَيبِ أَسفلُه.
والقَطِـيبَةُ: لَبَنُ الـمِعْزى والضأْن يُقْطَبانِ أَي يُخلَطانِ، وهي
النَّخِـيسَةُ؛ وقيل: لبنُ الناقة والشاة يُخلَطان ويُجمَعان؛ وقيل اللبنُ الحليب أَو الـحَقِـينُ، يُخلَطُ بالإِهالة. وقد قَطَبْتُ له قَطِـيبةً فشَرِبَها؛ وكلُّ مَمْزوج قَطِـيبَةٌ. والقَطِـيبة: الرَّثِـيئَةُ.وجاءَ القومُ بقَطِـيبِهم أَي بجَماعَتهم. وجاؤُوا قاطِـبةً أَي جميعاً؛ قال سيبويه: لا يُستعمل إِلاَّ حالاً، وهو اسم يَدُلُّ على العموم.
الليث: قاطبة اسم يجمع كلَّ جِـيل من الناس، كقولك: جاءَت العربُ قاطبةً. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: لما قُبِضَ سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، ارْتَدَّتِ العَرَبُ قاطبةً أَي جميعُهم؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في الحديث، نكرة منصوبة، غير مضافة، ونصبها على المصدر أَو الحال.
والقَطْبُ أَن تُدْخَلَ إِحْدى عُرْوَتي الجُوالِقِ في الأُخرى عند
العَكْم، ثم تُثْنى، ثم يُجمَع بينهما، فإِن لم تُثْنَ، فهو السَّلْقُ؛ قال
جَنْدَلٌ الطُّهَويّ:
وحَوْقَلٍ ساعِدُه قد انْمَلَقْ، * يقول: قَطْباً ونِعِمّا، إِنْ سَلَقْ
ومنه يقال: قَطَبَ الرجلُ إِذا ثَنَى جِلْدةَ ما بين عينيه. وقَطَبَ
الشيءَ يَقْطِـبُه قَطْباً: قَطَعه. والقُطَابة: القِطْعة من اللحم، عن
كُراع.
وقِرْبة مَقْطُوبة أَي مملوءة، عن اللحياني.
والقُطْبُ والقَطْبُ والقِطْبُ والقُطُبُ: الحديدة
القائمة التي تدور عليها الرَّحَى. وفي التهذيب: القُطْبُ القائم الذي تَدُور عليه الرَّحَى، فلم يذكر الحديدة. وفي الصحاح: قُطْبُ الرَّحى التي تَدُورُ حَوْلَـها العُلْيا. وفي حديث فاطمة، عليها السلام: وفي يدها أَثَرُ قُطْبِ الرَّحَى؛ قال ابن الأَثير: هي الحديدة المركبة في وسط حجَر الرَّحَى السُّفْلى، والجمع أَقْطابٌ وقُطُوبٌ. قال ابن سيده: وأُرَى أَنَّ أَقْطاباً جمع قُطْبٍ وقُطُبٍ وقِطْبٍ، وأَنَّ قُطُوباً جمعُ قَطْبٍ.
والقَطْبة: لُغة في القُطْب، حكاها ثعلب.
وقُطْبُ الفَلَك وقَطْبُه وقِطْبُه: مَدَاره؛ وقيل القُطْبُ: كوكبٌ بين
الجَدْيِ والفَرْقَدَيْن يَدُورُ عليه الفَلَكُ، صغير أَبيضُ، لا يَبْرَحُ مكانه أَبداً، وإِنما شُبِّه بقُطْبِ الرَّحَى، وهي الحديدة التي في
الطَّبَقِ الأَسْفَل من الرَّحَيَيْنِ، يدور عليها الطَّبَقُ الأَعْلى، وتَدُور الكواكبُ على هذا الكوكب الذي يقال له: القُطْبُ. أَبو عَدْنان:
القُطْب أَبداً وَسَطُ الأَربع من بَنَات نَعْش، وهو كوكب صغير لا يزول الدَّهْرَ، والجَدْيُ والفَرْقدانِ تَدُور عليه. ورأَيت حاشية في نسخة الشيخ ابن الصلاح المحدّث، رحمه اللّه، قال: القَطْبُ ليس كوكباً، وإِنما هو بقعة من السماءِ قريبة من الجَدْي. والجَدْيُ: الكوكب الذي يُعْرَفُ به القِـبلة في البلاد الشَّمالية. ابن سيده: القُطْبُ الذي تُبْنَى عليه القِـبْلَة. وقُطْبُ كل شيء: مِلاكُه. وصاحبُ الجيش قُطْبُ رَحَى الـحَرْب.
وقُطْبُ القوم: سيدُهم. وفلان قُطْبُ بني فلان أَي سيدُهم الذي يدور عليه أَمرهم. والقُطْبُ: من نِصالِ الأَهْداف.
والقُطْبةُ: نَصْلُ الـهَدَفِ. ابن سيده: القُطْبةُ نَصْلٌ صغير،
قصير،مُرَبَّع في طَرَف سهم، يُغْلى به في الأَهْداف؛ قال أَبو حنيفة: وهو من الـمَرامي. قال ثعلب: هو طَرَفُ السهم الذي يُرْمى به في الغَرَض. النضر: القُطْبةُ لا تُعَدُّ سَهْماً. وفي الحديث: أَنه قال لرافع بن خَديج، ورُمِـيَ بسهم في ثَنْدُوَتِه: إِن شِئْتَ نَزَعْتُ السهم، وتركتُ القُطْبة، وشَهِدْتُ لك يوم القيامة أَنك شهيدُ القُطْبة.
والقُطْبُ: نصلُ السهم؛ ومنه الحديث: فيأْخذ سهمَه، فينظر إِلى قُطْبه، فلا يَرَى عليه دَماً.
والقُطْبة والقُطْبُ: ضربان من النبات؛ قيل: هي عُشْبة، لها ثمرة وحَبٌّ مثل حَبِّ الـهَراسِ. وقال اللحياني: هو ضربٌ من الشَّوْك يَتَشَعَّبُ منها ثلاثُ شَوْكات، كأَنها حَسَكٌ. وقال أَبو حنيفة: القُطْبُ يذهب حِـبالاً على الأَرض طولاً، وله زهرة صفراء وشَوْكةٌ إِذا أَحْصَدَ ويَبِسَ، يَشُقُّ على الناس أَن يطؤُوها مُدَحْرَجة، كأَنها حَصاةٌ؛ وأَنشد:
أَنْشَيْتُ بالدَّلْوِ أَمْشِـي نحوَ آجنةٍ، * من دونِ أَرْجائِها، العُلاَّمُ والقُطَبُ
واحدتُه قُطْبةٌ، وجمعها قُطَبٌ، وورَقُ أَصلِها يشبه ورق النَّفَل
والذُّرَقِ؛ والقُطْبُ ثَمَرُها. وأَرض قَطِـبةٌ: يَنْبُتُ فيها ذلك النَّوْعُ
من النبات. والقِطِبَّـى: ضَرْبٌ من النبات يُصْنَعُ منه حَبْل كحبل
النارَجيلِ، فَيَنْتَهي ثمنُه مائةَ دينار عَيْناً، وهو أَفضل من الكِنْبارِ. والقَطَبُ المنهيُّ عنه: هو أَن يأْخذَ الرجلُ الشيء، ثم يأْخذ ما بقي
من المتاع، على حسب ذلك بغير وزن، يُعْتَبر فيه بالأَول؛ عن كراع.
والقَطِـيبُ: فرس معروف لبعض العرب.
والقُطَيبُ: فرسُ سابقِ بن صُرَدَ.
وقُطْبَة وقُطَيْبة: اسمان.
والقُطَيْبِـيَّةُ: ماءٌ بعينه؛ فأَما قول عَبيدٍ في الشعر الذي كَسَّرَ
بعضَه:
أَقْفَرَ، من أَهْلِه، مَلْحُوبُ، * فالقُطَبِـيَّاتُ، فالذَّنُوبُ
إِنما أَراد القُطَبِـيَّة هذا الماءَ، فجمعه بما حَوْلَه.
وهَرمُ بنُ قُطْبَةَ الفَزاريّ: الذي نافَرَ إِليه عامِرُ ابنُ الطُّفيل
وعَلْقَمةُ بنُ عُلاثَةَ.
رشق: الرَّشْق: الرَّمْيُ؛ وقد رَشَقَهم بالسًهم والنَّبْل يرشُقُهم
رَشقاً: رَماهم، وكلُّ شَوْط ووجْهٍ من ذلك رِشْق. والرِّشْقُ، بالكسر:
الاسم، وهو الوجه من الرمي. التهذيب: الرَّشْق والخَزْقُ بالرمي، قال: وإذا
رَمى أَهلُ الــنِّضال ما معهم من السِّهام كلها ثم عادوا فكلُّ شوْط من ذلك
رِشْقٌ. أَبو عبيد: الرِّشْقُ الوَجْهُ من الرَّمْي إِذا رمَوْا
بأَجْمعهم وجْهاً بجميع سِهامهم في جهة واحدة قالوا: رمَيْنا رِشْقاً واحداً،
ورموا رِشْقاً واحداً أَو على رشقٍ واحد أَي وجهاً واحداً بجميع سِهامهم؛
قال أَبو زُبَيْد:
كلَّ يَوْمٍ تَرْمِيهِ منها بِرِشْقٍ،
فَمُصِيبٌ أَو صافَ غيرَ بَعِيدِ
والرَّشْقُ: المصدر، يقال: رَشقْت رشقاً. وفي حديث حسّان: قال له النبي،
صلى الله عليه وسلم، في هِجائه للمشركين: لهُو أَشدُّ عليهم من رَشْقِ
النَّبْلِ؛ الرشْق: مصدر رشَقه يرشقه رَشْقاً إِذا رَماه بالسِّهام؛ ومنه
حديث سلَمَة: فأَلْحَقُ رَجلاً فأَرْشُقُه بسَهم؛ ومنه الحديث: فرشَقُوهم
رَشْقاً، ويجوز أَن يكون ههنا بالكسر، وهو الوجه من الرمي. والرِّشْقُ
أَيضاً: أَن يرمي الرامي بالسِّهام كلها، ويُجمع على أَرشاق؛ ومنه حديث
فَضالَة: أَنه كان يخرج فيَرمِي الأَرْشاق. ويقال للقَوْس: ما أَرْشَقَها
أَي ما أَخفَّها وأَسرَع سهمَها. ورشَقَهم بِنظْرة: رَماهم. والإِرْشاقُ:
إحدادُ النظر؛ وأَرشَقَتِ المرأَة والمَهاةُ؛ قال القطامي:
ولقد يَرُوقُ قُلوبَهُنَّ تَكلُّمِي،
ويَرُوعُني مُقَلُ الصُّوارِ المُرْشِقِ
أَبو عبيد: أَرْشقْتُ إِليه النَّظَر إِذا أَحْدَدْته. ورَشقْت القوم
ببصري وأَرشقْت أَي طمَحْت ببصري فنظرت. والمُرْشِق من الظباء: التي
تَمُدُّ عنقَها وتنظر فهي أَحسن ما تكون. والمُرْشِق من النساء والظباء: التي
معها ولدها؛ وقيل: الإِرْشاقُ امْتدادُ أَعناقها وانتصابُها. وأَرْشقَت
الظبْيةُ أَي مدَّت عُنقها، ولا يقال للبقر مُرشِقات لِقصَر أَعناقِهن؛ قال
أَبو دُواد:
ولقد ذَعَرْتُ بَناتِ عمِّ
المُرْشِقاتِ لها بَصابِصْ
أَراد ذَعرتُ بَقَر الوحْش بناتِ عمّ الظباء، والبَصابِصُ: حركاتُ
الأَذناب، وبَصْبَصَ: حرّك ذنَبَه؛ قال المُسيَّب بن عَلَس:
وكأَنَّ غِزْلانَ الصَّرِيمة، إِذْ
مَتَعَ النهارُ وأَرْشَقَ الحَدَقُ
وجِيدٌ أَرشَقُ: منتصِب؛ قال رُؤبة:
بِمُقْلَتَيْ رِئمٍ وجِيدٍ أَرْشقا
والرِّشْق والرَّشْقُ، لغتان: صوت القلم إِذا كُتب به. وفي حديث موسى،
عليه السلام، قال: كأَني برَشْقِ القلم في مسامِعي حين جَرى على الأَلواح
بكَتْبه التوراةَ.
والمُرْشِقُ والرَّشِيقُ من الغِلمان والجَواري: الخَفِيفُ الحسنُ
القَدّ اللَّطِيفةُ، وقد رَشُق، بالضم، رَشاقة. التهذيب: يقال للغلام والجارية
إِذا كانا في اعْتِدال: رَشيقٌ ورَشِيقةٌ، وقد رَشُقا رَشاقة. وناقة
رَشِيقة: خفيفة سريعة.
وتَرشَّق في الأَمر: احْتَدَّ.
والرَّشانِيقُ: بَطْنٌ من السودان.
قرطس: القِرْطاس: معروف يُتَّخذ من بَرْدِيّ يكون بمصر. والقِرْطاس:
ضَرْب من برُود مصر. والقِرْطاس: أَديم يُنْصَب للــنِّضال، ويسمَّى الغَرَض
قِرْطاساً. وكل أَديم ينصَب للــنِّضال، فاسمُه قِرطاس، فإِذا أَصابه
الرَّامي قيل: قَرْطَس أَي أَصاب القرطاس، والرَّمْيَةُ التي تُصيب مُقَرْطِسة.
والقَِرْطاس والقُرطاس والقَِرْطَس والقَرْطاس، كله: الصحيفة الثابتة
التي يكتب فيها؛ الأَخيرتان عن اللحياني؛ وأَنشد أَبو زيد لمخشّ العقيلي
يصف رسوم الدار وآثارها كأَنها خَطّ زَبُور كتب في قِرْطاس:
كأَنَّ، بحيثُ اسْتَوْدَع الدارَ أَهلُها،
مَخَطّ زَبُور من دَواة وقَرْطَسِ
وقوله تعالى: ولو نَزَّلنا عليك كتاباً في قِرْطاس؛ أَي في صحيفة، وكذلك
قوله تعالى: يجعلونه قَراطِيس؛ أَي صُحُفاً؛ قال:
عَفَتِ المنازل غير مِثْل الأَنفس،
بعد الزمان عرفته بالقَرْطَس
ابن الأَعرابي: يقال للناقى إِذا كانت فَتِيَّة شابَّة: هي القِرْطاس
والدّيباج والذِّعْلِبَة والدِّعْبِل والعَيْطَموس. ابن الأَعرابي: يقال
للجارِية البيضاء المَدِيدة القامة قِرْطاس. ودابة قِرْطاسِيّ إِذا كان
أَبيض لا يخالط لَونه شِيَة، فإِذا ضرَب بياضُه إِلى الصُّفرة فهو
نَرْجِسِيّ.