(الــنازية) نظام مشابه للفاشية قَامَ فِي ألمانيا وَبلغ بِهِ هتلر الحكم سنة 1933 وَمعنى الْكَلِمَة الاشتراكية القومية
(الــنازية) نظام مشابه للفاشية قَامَ فِي ألمانيا وَبلغ بِهِ هتلر الحكم سنة 1933 وَمعنى الْكَلِمَة الاشتراكية القومية
نزا: النَّزْو: الوَثَبانُ ، ومنه نَزْو التَّيس ، ولا يقال إلاَّ
للشاء والدَّوابِّ والبقر في معنى السِّفاد. وقال الفراء: الأَنْزاء حركات
التُّيوس عند السِّفاد. ويقال للفحل: إنه لكثير النَّزاءِ أَي النَّزْو
. قال: وحكى الكسائي النِّزاء ، بالكسر ، والهُذاء من الهَذَيان ، بضم
الهاء ونَزا الذكر على الأُنثى نِزاء ، بالكسر، يقال ذلك في الحافر
والظِّلف والسِّباع ، وأَنْزاه غيره ونَزَّاه تَنْزِية . وفي حديث علي ، كرم
الله وجهه: أُمِرنا أَن لا نُنْزيَ الحُمُر على الخَيْلِ أَي نَحْمِلَها
عليها للنَّسل . يقال: نَزَوْتُ على الشيء أَنْزُو نَزْواً إذا وَثَبْت
عليه ؛ قال ابن الأَثير: وقد يكون في الأَجسام والمعاني ، قال الخطابي :
يشبه أَن يكون المَعنى فيه، والله أَعلم ، أن الحُمر إذا حُمِلت على
الخيل قَلَّ عدَدُها وانْقَطع نَماؤها وتعَطَّلَتْ مَنافِعها ، والخيل
يُحتاج إليها للركوب وللرَّكْض وللطَّلَب وللجِهاد وإحْراز الغَنائم ،
ولحْمُها مأْكول وغير ذلك من المنافع ، وليس للبغل شيء من هذه ، فأَحَبَّ أَن
يَكثر نَسْلُها ليَكْثر الانتفاع بها . ابن سيده: النُّزاء الوَثْب ،
وقيل: هو النَّزَوانُ في الوَثْب ، وخصَّ بعضُهم به الوَثْب إلى فَوْقُ ،
نَزا ينْزُو نَزْواً ونُزاء ونُزُوّاً ونَزَواناً ؛ وفي المثل :
نَزْوُ الفُرارِ اسعتَجْهَلَ الفُرارا
قال ابن بري: شاهد النَّزَوان قولهم في المثل: قد حِيلَ بيْنَ
العَيْرِ والنَّزَوان ؛ قال: وأَول مَن قاله صخر بن عمرو السُّلَمِي أَخو
الخنْساء:
أَهُمُّ بأَمْرِ الحَزْمِ لوْ أَسْتَطِيعُه،
وقد حِيلَ بيْنَ العَيْرِ والنَّزَوانِ
وتَنَزَّى ونَزا ؛ قال :
أَنا شَماطِيطُ الذي حُدِّثْتَ بهْ،
مَتى أُنَبَّهْ للغَداءِ أَنْتَبِهْ
ثُمَّ أُنَزِّ حَوْلَه وأَحْتَبِهْ،
حتى يُقالُ سَيِّدٌ ، ولَسْتُ بِهْ
الهاء في أَحْتَبِهْ زائدة للوقف، وإنما زادها للوصل لا فائدة لها أَكثر
من ذلك، وليست بضمير لأَن أَحْتَبي غير متعدّ، وأَنْزاه ونَزَّاه
تَنْزِيةً وتَنْزِيًّا ؛ قال :
باتَتْ تُنَزِّي دَلْوَها تَنْزِِيّا،
كما تُنَزِّي شَهْلةٌ صَبِيّا
النُّزاء: داء يأْخذ الشاء فتَنْزُو منه حتى تَمُوت.
ونَزا به قلبُه: طمَح . ويقال: وقع في الغنم نُزاء ، بالضم ، ونُقازٌ
وهما معاً داء يأْخذها فتَنْزُو منه وتَنْقُزُ حتى تموت . قال ابن بري :
قال أَبو علي النُّزاء في الدابة مثل القُماص ، فيكون المعنى أَن نُزاء
الدابة هو قُماصُها ؛ وقال أَبو كبير:
يَنْزُو لوَقْعَتها طُمورَ الأَخْيَل
فهذا يدل على أَن النَّزْوَ الوُثوب ؛ وقال ابن قتيبة في تفسير بيت ذي
الرمة :
مُعْرَوْريِاً رَمَضَ الرَّضْراضِ يَرْكضُه
يريد أَنه قد ركب جَوادُه الحصى فهو يَنْزُو من شدَّة الحرّ أَي يَقْفِز
. وفي الحديث: أَن رجلاً أَصابَته جِراحة فنُزِيَ منها حتى مات . يقال: نُزِيَ دمُه ونُزِف إذا جَرى ولم يَنْقَطِع. وفي حديث أَبي عامر
الأَشعري: أَنه كان في وَقْعةِ هَوازِنَ رُمِي بسَهْم في رُكْبته فنُزِيَ منه
فماتَ . وفي حديث السَّقِيفة: فنَزَوْنا على سعد أَي وقَعُوا عليه
ووَطِئُوه.
والنَّزَوانُ: التَّفَلُّتُ والسَّوْرةُ . وإنه لَنَزِيٌّ إلى الشرِّ
ونَزَّاء ومُتَنَزٍّ أَي سَوَّار إليه، والعرب تقول: إذا نَزا بك الشر
فاقْعُد ؛ يضرب مثلاً للذي يَحْرِصُ على أَن لا يَسْأَم الشر حتى
يَسْأَمَه صاحبُه. والــنَّازِيةُ: الحِدَّةُ والنادِرةُ
(* قوله «والنادرة» كذا
في الأصل بالنون ، والذي في متن شرح القاموس: والباردة ، بالباء وتقديم
الدال ، وفي القاموس المطبوع: والبادرة بتقديم الراء.)
الليث: الــنازيةُ حِدَّة الرجل المُتَنَزِّي إلى الشر ، وهي النَّوازي.
ويقال: إن قلبه ليَنْزُو إلى كذا أي يَنْزِعُ إلى كذا . والتَّنَزِّي :
التوثُّب والتسرُّع؛ وقال نُصَيب ، وقيل هو لبشار:
أَقولُ ، ولَيْلَتي تَزْدادُ طُولاً:
أَما للَّيْلِ بَعْدَهُمُ نَهارُ؟
جَفَتْ عَيْني عن التَّغْمِيضِ حتى
كأَنَّ جُفونَها ، عنها ، قِصارُ
كأَنَّ فُؤادَه كُرةٌ تَنَزَّى
حِذارَ البَيْنِ ، لو نَفَعَ الحِذارُ
وفي حديث وائل بن حُجْر: إنَّ هذا انْتَزى على أَرضي فأَخَذها ؛ هو
افْتَعَلَ من النَّزْوِ. والانْتِزاءُ والتَّنَزِّي أَيضاً: تسَرُّع الإنسان
إلى الشر . وفي الحديث الآخر: انْتَزى على القَضاء فقضى بغير علم.
ونَزَتِ الخَمر تَنْزُو: مُزِجَتْ فوَثَبَتْ. ونَوازي الخَمر: جَنادِعُها
عند المَزْجِ وفي الرأْس. ونَزا الطعامُ ينْزُو نَزْواً: علا سِعْرُه
وارتفع. والنُّزاء والنِّزاء: السِّفاد ، يقال ذلك في الظِّلْف والحافِرِ
والسَّبُعِ ، وعمَّ بعضهم به جميع الدواب ، وقد نَزا ينْزُو نُزاء
وأَنْزَيْتُه . وقَصْعة نازِيةُ القَعْر أَي قَعِيرةٌ ، ونَزِيَّةٌ إذا لم يُذكر
القَعْرُ ولم يُسمَّ قَعْرُها أَي قَعِيرة . وفي الصحاح: الــنَّازية
قصعة قَريـبة القَعْر. ونُزيَ الرجل: كُنزِفّ وأَصابه جُرح فنُزِيَ منه
فمات . ابن الأَعرابي: يقال للسِّقاء الذي ليس بضَخْم أَدِيٌّ ، فإذا كان
صغيراً فهو نَزيء ، مهموز .
وقال : النَّزِيَّةُ ، بغير همز ، ما فاجأَكَ من مطر أَو شَوق أَو أَمر
؛ وأَنشد :
وفي العارِضِينَ المُصْعِدينَ نَزِيَّةٌ
من الشَّوقِ ، مَجْنُوبٌ به القَلْبُ أَجْمعُ
قال ابن بري: ذكر أَبو عبيد في كتاب الخيل في باب نعوت الجري والعَدْو
من الخيل: فإذا نَزا نَزْواً يقاربُ العَدْو فذلك التوقُّص ، فهذا شاهد
على أَن النُّزاء ضَرْبٌ من العَدْو مثل التوقُّص والقُماص ونحوه . قال :
وقال ابن حمزة في كتاب أَفعلَ من كذا: فأَما قولهم أَنْزى من ظَبْيٍ
فمن النَّزَوان لا من النَّزْو ، فهذا قد جعل النَّزَوانَ والقُماصَ
والوَثْبَ ، وجعل النَّزْو نَزْوَ الذكر على الأُنثى ، قال: ويقال نَزَّى دلوه
تَنْزِيةً وتَنْزِيًّا ؛ وأَنشد :
باتَت تُنَزِّي دَلْوها تَنْزىّا
(* وعجز البيت: كما تنزِّي شهلةٌ صَبيًّا)
زون: الزُّوَانُ والزِّوَانُ: ما يخرج من الطعام فيرمى به، وهو الرديءُ
منه، وفي الصحاح: هو حب يخالط البُرَّ، وخص بعضهم به الدَّوْسَر، واحدته
زُوَانة وزِوانة، ولم يُعِلُّوا الواو في زوان لأَنه ليس بمصدر، وقد
تقدّم الزُّؤان، بالضم، في الهمز، فأَما الزِّوَانُ، بالكسر، فلا يهمز؛ قال
ابن سيده: هذا قول اللحياني. وطعام مَزُونٌ: فيه زُوان، فإِما أَن يكون
على التخفيف من الزُّوان، وإما أَن يكون موضوعه الإعلال من الزُّوان الذي
موضوعه الواو. الليث: الزُّوَانُ حبٌّ يكون في الحنطة تسمِّيه أَهل الشام
الشَّيْلَمَ. وروي عن الفراء أَنه قال: الأَزْناءُ الشَّيْلَمُ. قال
محمد بن حبيب: قالت أَعرابية لابن الأَعرابي إنك تَزُونُنا إذا طَلَعَتْ
كأَنك هلال في غير سمان ( ) (قوله «في غير سمان» كذا بالأصل من غير نقط هنا
وفيما يأتي). قال: تَزُوننا وتَزِينُنا واحد. والزُّونَةُ: كالزِّينة في
بعض اللغات. ورجل زَوْن وزُون: قصير، والفتح أَعرف. وامرأَة زِوَنَّة:
قصيرة. ورجل زِوَنّ، بالتشديد، أَي قصير. والزَّوَنْزَى: القصير؛ قال ابن
بري: زَوَنْزَى حقُّه أَن يذكر في فصل زوز من باب الزاي لأَن وزنه
فَعَنْلَى، وإنما ذكره لموافقته معنى زِوَنَّة؛ وقال:
وبَعْلُها زَوَنَّك زَوَنْزَى
ابن الأَعرابي: الزَّوَنْزَى الرجل ذو الأُبَّهَة والكِبْر الذي يرى في
نفسه ما لا يراه غيره، وهو المتكبر. والزَّوَنَّكُ: المُختال في مِشْيَته
الناظر في عِطْفَيْه يرى أَن عنده خيراً وليس عنده ذلك؛ قال أَبو منصور:
وقد شدده بعضهم فقال رجل زَوَنَّكٌ، والأَصل في هذا الزَّوَنُّ، فزيدت
الكاف وترك التشديد. ابن الأَعرابي: الزُّونَةُ المرأَة العاقلة ( ) (قوله
«الزونة إلخ» ضبطها المجد بالضم، ونص الصاغاني على أنها بالفتح).
والزِّوَنَّة: المرأَة القصيرة. والزّانُ: البَشَمُ. وروى الفراء عن
الدُّبَيرِيَّة قالت: الزّانُ التُّخَمة؛ وأَنشدت:
مُصَحَّحٌ ليس يَشكو الزّانَ خَثْلَتُهُ،
ولا يُخافُ على أَمعائه العَرَبُ
وروى ثعلب أَن ابن الأَعرابي أَنشده:
تَرَى الزَّوَنْزَى منهم ذا البُرْدَين،
يَرْمِيه سَوّارُ الكَرَى في العَيْنَين،
بين الجِحاجَينِ وبين المَأْقَيْن
والزُّونُ: الصَّنم، وهو بالفارسية زون، بشم الزاي الشين
(* قوله: بشم
الزاي الشين أي ان الزاي تلفظ وفي لفظها شيء من لفظ الشين). ؛ قال حميد:
ذاتُ المَجُوسِ عَكَفَتْ للزُّونِ
والزُّونُ: موضع تجمع فيه الأنْصاب وتُنْصَبُ؛ قال رؤبة:
وَهْنانة كالزُّونِ يُجْلى صَنَمُه
والزُّون: الصنم، وكل ما عُبد من دون الله واتُّخذ إلهاً فهو زُونٌ
وزُور؛ قال جرير:
يَمْشي بها البَقَرُ المَوْشِيُّ أَكْرُعُه،
مَشْيَ الهَرابِذ تَبْغي بيعَةَ الزُّونِ
وهو مثل الزُّور، والله أَعلم.
ترع: تَرِعَ الشيءُ، بالكسر، تَرَعاً وهو تَرِعٌ وتَرَعٌ: امتَلأَ.
وحَوْضٌ تَرَعٌ، بالتحريك، ومُتْرَعٌ أَي مَمْلوء. وكُوزٌ تَرَعٌ أَي
مُمْتَلِئ، وجَفْنة مُتْرَعة، وأَتْرَعه هو؛ قال العجاج:
وافْتَرَشَ الأَرضَ بسَيْلٍ أَتْرَعا
وهذا البيت أَورده الجوهري: بسَيْر أَتْرَعا؛ قال ابن بري: هو لرؤبة،
قال: والذي في شعره بسَيْل باللام؛ وبعده:
يَمْلأُ أَجْوافَ البِلادِ المَهْيَعا
قال: وأَتْرعَ فعل ماض. قال: ووصف بني تَمِيم وأَنهم افترشوا الأَرض
بعدد كالسيل كثرة؛ ومنه سَيْلٌ أَتْرَعُ وسَيْلٌ تَرّاع أَي يملأُ الوادي،
وقيل: لا يقال تَرِعَ الإِناءُ ولكن أُتْرِعَ. الليث: التَّرَعُ امْتِلاءُ
الشيء، وقد أَتْرَعْت الإِناءَ ولم أَسمع تَرِعَ الإِناءُ، وسَحاب
تَرِعٌ: كثير المطر؛ قال أَبو وجزة:
كأَنّما طَرَقَتْ ليْلى مُعَهَّدةً
من الرِّياضِ، ولاها عارِضٌ تَرِعُ
وتَرِعَ الرجلُ تَرَعاً، فهو تَرِعٌ: اقتحم الأُمور مَرَحاً ونشاطاً.
ورجل تَرِعٌ: فيه عَجَلة، وقيل: هو المُستعِدُّ للشرّ والغَضبِ السريعُ
إِليهما؛ قال ابن أَحمر:
الخَزْرَجِيُّ الهِجانُ الفَرْعُ لا تَرِعٌ
ضَيْقُ المَجَمِّ، ولا جافٍ، ولا تَفِلُ
وقد تَرِعَ تَرَعاً. والتَّرِعُ: السفيهُ السريعُ إِلى الشرِّ.
والتَّرِعةُ من النساء: الفاحِشة الخفيفة.
وتَتَرَّع إِلى الشيء: تَسَرَّعَ. وتَتَرَّعَ إِلينا بالشرِّ:
تَسَرَّعَ. والمُتَتَرِّع: الشِّرِّيرُ المُسارِعُ إِلى ما لا ينبغي له؛ قال
الشاعر:
الباغي الحَرْب يَسْعَى نحْوَها تَرِعاً،
حتى إِذا ذاقَ منها حامِياً بَرَدا
الكسائي: هو تَرِعٌ عَتِلٌ. وقد تَرِعَ تَرَعاً وعَتِلَ عَتَلاً إِذا
كان سريعاً إِلى الشرِّ. وروى الأَزهري عن الكلابيِّين: فلان ذو مَتْرَعةٍ
إِذا كان لا يَغْضَب ولا يعجل، قال: وهذا ضدّ التَّرِع. وفي حديث ابن
المُنْتَفِق: فأَخَذتُ بِخِطام راحلةِ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، فما
تَرَعَني؛ التَّرَعُ: الإِسراعُ إِلى الشيء، أَي ما أَسرَعَ إِليّ في النهْي،
وقيل: تَرَعَه عن وجهه ثَناه وصرَفَه.
والترْعةُ: الدرجة، وقيل: الرُّوْضة على المكان المرتفع خاصّة، فإِذا
كانت في المَكان المُطمئنّ فهي روضة، وقيل: التُّرْعة المَتْن المرتفع من
الأَرض؛ قال ثعلب: هو مأْخوذ من الإِناء المُتْرَع، قال: ولا يعجبني. وقال
أَبو زياد الكلابي: أَحسنُ ما تكون الروْضةُ على المكان فيه غِلَظٌ
وارْتفاع؛ وأَنشد قول الأَعشى:
ما رَوْضةٌ من رِياض الحَزْنِ مُعْشِبةٌ
خَضْراء، جادَ عليها مُسْبِلٌ هَطِلُ
فأَما قول ابن مقبل:
هاجُوا الرحيلَ، وقالوا: إِنّ مَشْرَبَكم
ماء الزَّنانيرِ من ماويَّةَ التُّرَعُ
فهو جمع التُّرْعةِ من الأَرض، وهو على بدل من قوله ماء الزنانير كأَنه
قال غُدْران ماء الزنانير، وهي موضع. ورواه ابن الأَعرابي: التُّرَعِ،
وزعم أَنه أَراد المَمْلُوءة فهو على هذا صفة لماويّة، وهذا القول ليس
بقويّ لأَنا لم نسمعهم قالوا آنية تُرَع.
والتُّرْعةُ: البابُ. وحديث سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إنّ
مِنْبري هذا على تُرْعةٍ من تُرَعِ الجنة، قيل فيه: التُّرْعة البابُ، كأَنه
قال مِنبري على باب من أَبواب الجنة، قال ذلك سهَل بن سعد الساعدي وهو
الذي رَوى الحديث؛ قال أَبو عبيد: وهو الوجه، وقيل: الترعة المِرْقاةُ من
المِنبر، قال القُتيبي: معناه أَن الصلاةَ والذكر في هذا الموضع يُؤدّيان
إِلى الجنة فكأَنه قِطْعة منها، وكذلك قوله في الحديث الآخر: ارْتَعُوا في
رِياض الجنة أَي مَجالِسِ الذكر، وحديث ابن مسعود: مَن أَراد أَن يَرْتَعَ
في رياض الجنة فليقرأْ أَلَ حم، وهذا المعنى من الاستعارة في الحديث
كثير، كقوله عائدُ المَريض في مَخارِف الجنة، والجنةُ تحت بارقةِ السيوف، وتحت
أَقدام الأُمهات أَي أَن هذه الأَشياء تؤدّي إِلى الجنة، وقيل: التُّرعة
في الحديث الدَّرجةُ، وقيل: الروضة. وفي الحديث أَيضاً: إِن قَدَمَيَّ على
تُرْعةٍ من تُرَعِ الحوض، ولم يفسره، أَبو عبيد. أَبو عمرو: التُّرْعةُ
مَقام الشاربةِ من الحوض. وقال الأَزهري: تُرْعةُ الحوض مَفْتح الماء
إِليه، ومنه يقال: أَتْرَعْت الحوضَ إِتْراعاً إِذا ملأْته، وأَتْرَعْت
الإِناء، فهو مُتْرَع. والتَّرّاعُ: البَوّاب؛ عن ثعلب؛ قال هُدْبةُ
(* قوله
«قال هدبة» أي يصف السجن كما في الاساس) بن الخَشْرَم:
يُخَيِّرُني تَرّاعُه بين حَلْقةٍ
أَزُومٍ، إِذا عَضَّتْ، وكَبْلٍ مُضَبَّبِ
قال ابن بري: والذي في شعره يخيرين حَدّاده. وروى الأَزهري عن حماد بن
سَلَمة أَنه قال: قرأْت في مصحف أُبيّ بن كعب: وتَرَّعَتِ الأَبوابَ، قال:
هو في معنى غَلَّقت الأَبواب. والتُّرْعة: فَمُ الجَدْولِ يَنْفَجِر من
النهر، والجمع كالجمع. وفي الصحاح: والتُّرْعةُ أَفواه الجَداولِ، قال ابن
بري: صوابه والتُّرَعُ جمع تُرْعة أَفواه الجداول. وفي الحديث: أَن النبي،
صلى الله عليه وسلم، قال وهو على المنبر: إِنّ قَدَمَيَّ على تُرْعة من
تُرَع الجنة، وقال: إِنَّ عبداً من عِبادِ الله خَيَّره رَبُّه بين أَن
يَعِيش في الدنيا ما شاء وبين أَن يأْكل في الدنيا ما شاء وبين لقائه فاختار
العبدُ لقاء ربه، قال: فبكى أَبو بكر، رضي الله عنه، حين قالها وقال: بل
نُفَدِّيك يا رسول الله بآبائنا. قال أَبو القاسم الزجاجي: والرواية متصلة من
غير وجه أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال هذا في مرضه الذي مات فيه،
نَعَى نفْسَه، صلى الله عليه وسلم، إِلى أَصحابه. والتُّرْعة: مَسِيل الماء
إِلى الروضة، والجمع من كل ذلك تُرَعٌ. والتُّرْعة: شجرة صغيرة تنبت مع
البقل وتَيْبَس معه هي أَحب الشجر إِلى الحَمِير. وسَيْر أَتْرَعُ: شَدِيد،
والتِّرياعُ، بكسر التاء وإسكان الراء: موضع.
وطن: الوَطَنُ: المَنْزِلُ تقيم به، وهو مَوْطِنُ الإنسان ومحله؛ وقد
خففه رؤبة في قوله:
أَوْطَنْتُ وَطْناً لم يكن من وَطَني،
لو لم تَكُنْ عاملَها لم أَسْكُنِ
بها، ولم أَرْجُنْ بها في الرُّجَّنِ
قال ابن بري: الذي في شعر رؤبة:
كَيْما تَرَى أَهلُ العِراقِ أَنني
أَوْطَنْتُ أَرضاً لم تكن من وَطَني
وقد ذكر في موضعه، والجمع أَوْطان. وأَوْطانُ الغنم والبقر: مَرَابِضُها
وأَماكنها التي تأْوي إليها؛ قال الأَخْطَلُ:
كُرُّوا إلى حَرَّتَيْكُمْ تَعْمُرُونَهُمَا،
كما تَكُرُّ إلى أَوْطانها البَقَرُ
ومَوَاطِنُ مكة: مَوَافقها، وهو من ذلك. وَطَنَ بالمكان وأَوْطَنَ
أَقام؛ الأَخيرة أَعلى. وأَوْطَنَهُ: اتخذه وَطَناً. يقال: أَوْطَنَ فلانٌ
أَرض كذا وكذا أَي اتخذها محلاً ومُسْكَناً يقيم فيها.
والمِيطانُ: الموضع الذي يُوَطَّنُ لترسل منه الخيل في السِّباق، وهو
أَول الغاية، والمِيتاء والمِيداء آخر الغاية؛ الأَصمعي: هو المَيْدانُ
والمِيطانُ، بفتح الميم من الأول وكسرها من الثاني. وروى عمرو عن أَبيه قال:
المَيَاطِينُ المَيادين. يقال: من أَين مِيطانك أَي غايتك. وفي صفته،
صلى الله عليه وسلم: كان لا يُوطِنُ الأَماكن أََي لا يتخذ لنفسه مجلساً
يُعْرَفُ به. والمَوْطِنُ: مَفْعِلٌ
منه، ويسمى به المَشْهَدُ من مشَاهد الحرب، وجمعه مَوَاطن. والمَوْطِنُ:
المَشْهَدُ من مَشَاهد الحرب. وفي التنزيل العزيز: لقد نصَركُمُ اللهُ
في مَوَاطن كثيرة؛ وقال طَرَفَةُ:
على مَوْطِنٍ يَخْشَى الفَتَى عنده الرَّدَى،
متى تَعْتَرِكْ فيه الفَرائصُ تُرْعَدِ
وأَوطَنْتُ الأَرض ووَطَّنْتُها تَوطِيناً واسْتَوْطَنْتُها أَي اتخذتها
وَطَناً، وكذلك الاتِّطانُ، وهو افْتِعال منه. غيره: أَما المَوَاطِنُ
فكل مَقام قام به الإنسان لأَمر فهو مَوْطِنٌ له، كقولك: إذا أَتيت فوقفت
في تلك المَوَاطِنِ فادْعُ الله لي ولإخواني. وفي الحديث: أَنه نَهَى عن
نَقْرَة الغُراب وأَن يُوطِنَ الرجلُ في المكان بالمسجد كما يُوطِنُ
البعيرُ؛ قيل: معناه أَن يأْلف الرجل مكاناً معلوماً من المسجد مخصوصاً به
يصلي فيه كالبعير لا يأْوي من عَطَنٍ إلا إلى مَبْرَكٍ دَمِثٍ قد أَوْطَنَه
واتخذه مُناخاً، وقيل: معناه أَن يَبْرُكَ على ركبتيه قبل يديه إذا
أَراد السجودَ مثلَ بُرُوكِ البعير؛ ومنه الحديث: أَنه نَهَى عن إيطان
المساجد أَي اتخاذها وَطَناً. وواطنَهُ على الأَمر: أَضمر فعله معه، فإن أَراد
معنى وافقه قال: واطأَه. تقول: واطنْتُ فلاناً على هذا الأَمر إذا جعلتما
في أَنفسكما أَن تفعلاه، وتَوْطِينُ النفس على الشيء: كالتمهيد. ابن
سيده: وَطَّنَ نفسَهُ على الشيء وله فتَوَطَّنَتْ حملها عليه فتحَمَّلَتْ
وذَلَّتْ له، وقيل: وَطَّنَ نفسه على الشيء وله فتَوَطَّنَت حملها عليه؛
قال كُثَيِّرٌ:
فقُلْتُ لها: يا عَزَّ، كلُّ مُصيبةٍ
إذا وُطِّنتْ يوماً لها النَّفْسُ، ذَلَّتِ
وقي: وقاهُ اللهُ وَقْياً وَوِقايةً وواقِيةً: صانَه؛ قال أَبو مَعْقِل
الهُذليّ:
فَعادَ عليكِ إنَّ لكُنَّ حَظّاً،
وواقِيةً كواقِيةِ الكِلابِ
وفي الحديث: فَوقَى أَحَدُكم وجْهَه النارَ؛ وَقَيْتُ الشيء أَقِيه إذا
صُنْتَه وسَتَرْتَه عن الأَذى، وهذا اللفظ خبر أُريد به الأمر أي لِيَقِ
أَحدُكم وجهَه النارَ بالطاعة والصَّدَقة. وقوله في حديث معاذ: وتَوَقَّ
كَرائَمَ أَموالِهم أَي تَجَنَّبْها ولا تأْخُذْها في الصدَقة لأَنها
تَكرْمُ على أَصْحابها وتَعِزُّ، فخذ الوسَطَ لا العالي ولا التَّازِلَ،
وتَوقَّى واتَّقى بمعنى؛ ومنه الحديث: تَبَقَّهْ وتوَقَّهْ أَي اسْتَبْقِ
نَفْسك ولا تُعَرِّضْها للتَّلَف وتَحَرَّزْ من الآفات واتَّقِها؛ وقول
مُهَلْهِل:
ضَرَبَتْ صَدْرَها إليَّ وقالت:
يا عَدِيًّا ، لقد وَقَتْكَ الأَواقي
(*قوله «ضربت إلخ»هذا البيت نسبه الجوهري وابن سيده إلى مهلهل. وفي
التكملة: وليس البيت لمهلهل، وإنما هو لأخيه عدي يرثي مهلهلاً. وقيل
البيت:ظبية من ظباء وجرة تعطو
بيديها في ناضر الاوراق
أراد بها امرأته؛ شبهها بالظباء فأجرى عليها أوصاف الظباء)
إِنما أراد الواو في جمع واقِيةٍ، فهمز الواو الأُولى، ووقاهُ: صانَه.
ووقاه ما يَكْرَه ووقَّاه: حَماهُ منه، والتخفيف أَعلى. وفي التنزيل
العزيز: فوقاهُمُ الله شَرَّ ذلك اليومِ. والوِقاءُ والوَقاء والوِقايةُ
والوَقايةُ والوُقايةُ والواقِيةُ: كلُّ ما وقَيْتَ به شيئاً وقال اللحياني:
كلُّ ذلك مصدرُ وَقَيْتُه الشيء. وفي الحديث: من عَصى الله لم يَقِه منه
واقِيةٌ إِلا بإِحْداث تَوْبةٍ؛ وأَنشد الباهليُّ وغيره للمُتَنَخِّل
الهُذَلي:
لا تَقِه الموتَ وقِيَّاتُه،
خُطَّ له ذلك في المَهْبِلِ
قال: وقِيَّاتُه ما تَوَقَّى به من ماله، والمَهْبِلُ: المُسْتَوْدَعُ.
ويقال: وقاكَ اللهُ شَرَّ فلان وِقايةً. وفي التنزيل العزيز: ما لهم من
الله من واقٍ؛ أَي من دافِعٍ. ووقاه اللهُ وِقاية، بالكسر، أَي حَفِظَه.
والتَّوْقِيةُ: الكلاءة والحِفْظُ؛ قال:
إِنَّ المُوَقَّى مِثلُ ما وقَّيْتُ
وتَوَقَّى واتَّقى بمعنى. وقد توَقَّيْتُ واتَّقَيْتُ الشيء وتَقَيْتُه
أَتَّقِيه وأَتْقِيه تُقًى وتَقِيَّةً وتِقاء: حَذِرْتُه؛ الأَخيرة عن
اللحياني، والاسم التَّقْوى، التاء بدل من الواو والواو بدل من الياء. وفي
التنزيل العزيز: وآتاهم تَقْواهم؛ أَي جزاء تَقْواهم، وقيل: معناه
أَلهَمَهُم تَقْواهم، وقوله تعالى: هو أَهلُ التَّقْوى وأَهلُ المَغْفِرة؛ أَي
هو أَهلٌ أَن يُتَّقَى عِقابه وأَهلٌ أَن يُعمَلَ بما يؤدّي إِلى
مَغْفِرته. وقوله تعالى: يا أَيها النبيُّ اتَّقِ الله؛ معناه اثْبُت على تَقْوى
اللهِ ودُمْ عليه
(* قوله «ودم عليه» هو في الأصل كالمحكم بتذكير
الضمير.) وقوله تعالى: إِلا أَن تتقوا منهم تُقاةً؛ يجوز أَن يكون مصدراً وأَن
يكون جمعاً، والمصدر أَجود لأَن في القراءة الأُخرى: إِلا أَن تَتَّقُوا
منهم تَقِيَّةً؛ التعليل للفارسي. التهذيب: وقرأَ حميد تَقِيَّة، وهو
وجه، إِلا أَن الأُولى أَشهر في العربية، والتُّقى يكتب بالياء.
والتَّقِيُّ: المُتَّقي. وقالوا: ما أَتْقاه لله؛ فأَما قوله:
ومَن يَتَّقْ فإِنَّ اللهَ مَعْهُ،
ورِزْقُ اللهِ مُؤْتابٌ وغادي
فإِنما أَدخل جزماً على جزم؛ وقال ابن سيده: فإِنه أَراد يَتَّقِ فأَجرى
تَقِفَ، مِن يَتَّقِ فإِن، مُجرى عَلِمَ فخفف، كقولهم عَلْمَ في عَلِمَ.
ورجل تَقِيٌّ من قوم أَتْقِياء وتُقَواء؛ الأَخيرة نادرة، ونظيرها
سُخَواء وسُرَواء، وسيبويه يمنع ذلك كله. وقوله تعالى: قالت إِني أَعوذُ
بالرحمن منكَ إِن كنتَ تَقِيّاً؛ تأْويله إِني أَعوذ بالله، فإِن كنت تقيّاً
فسَتَتَّعِظ بتعَوُّذي بالله منكَ، وقد تَقيَ تُقًى. التهذيب: ابن
الأَعرابي التُّقاةُ والتَّقِيَّةُ والتَّقْوى والاتِّقاء كله واحد. وروي عن ابن
السكيت قال: يقال اتَّقاه بحقه يَتَّقيه وتَقاه يَتْقِيه، وتقول في
الأَمر: تَقْ، وللمرأَة: تَقي؛ قال عبد الله ابن هَمَّام السَّلُولي:
زِيادَتَنا نَعْمانُ لا تَنْسَيَنَّها،
تَقِ اللهَ فِينا والكتابَ الذي تَتْلُو
بنى الأَمر على المخفف، فاستغنى عن الأَلف فيه بحركة الحرف الثاني في
المستقبل، وأَصل يَتَقي يَتَّقِي، فحذفت التاء الأُولى، وعليه ما أُنشده
الأَصمعي، قال: أَنشدني عيسى بن عُمر لخُفاف بن نُدْبة:
جَلاها الصَّيْقَلُونَ فأَخْلَصُوها
خِفافاً، كلُّها يَتَقي بأَثر
أَي كلها يستقبلك بفِرِنْدِه؛ رأَيت هنا حاشية بخط الشيخ رضيِّ الدين
الشاطِبي، رحمه الله، قال: قال أبو عمرو وزعم سيبويه أَنهم يقولون تَقَى
اللهَ رجل فعَل خَيْراً؛ يريدون اتَّقى اللهَ رجل، فيحذفون ويخفقون، قال:
وتقول أَنت تَتْقي اللهَ وتِتْقي اللهَ، على لغة من قال تَعْلَمُ
وتِعْلَمُ، وتِعْلَمُ، بالكسر: لغة قيْس وتَمِيم وأَسَد ورَبيعةَ وعامَّةِ العرب،
وأَما أَهل الحجاز وقومٌ من أَعجاز هَوازِنَ وأَزْدِ السَّراة وبعضِ
هُذيل فيقولون تَعْلَم، والقرآن عليها، قال: وزعم الأَخفش أَن كل مَن ورد
علينا من الأَعراب لم يقل إِلا تِعْلَم، بالكسر، قال: نقلته من نوادر أَبي
زيد. قال أَبو بكر: رجل تَقِيٌّ، ويُجمع أَتْقِياء، معناه أَنه مُوَقٍّ
نَفْسَه من العذاب والمعاصي بالعمل الصالح، وأَصله من وَقَيْتُ نَفْسي
أَقيها؛ قال النحويون: الأَصل وَقُويٌ، فأَبدلوا من الواو الأُولى تاء كما
قالوا مُتَّزِر، والأَصل مُوتَزِر، وأَبدلوا من الواو الثانية ياء
وأَدغموها في الياء التي بعدها، وكسروا القاف لتصبح الياء؛ قال أَبو بكر:
والاختيار عندي في تَقِيّ أَنه من الفعل فَعِيل، فأَدغموا الياء الأُولى في
الثانية، الدليل على هذا جمعهم إِياه أَتقياء كما قالوا وَليٌّ وأَوْلِياء،
ومن قال هو فَعُول قال: لمَّا أَشبه فعيلاً جُمع كجمعه، قال أَبو منصور:
اتَّقى يَتَّقي كان في الأَصل اوْتَقى، على افتعل، فقلبت الواو ياء
لانكسار ما قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت، فلما كثر استعماله على لفظ
الافتعال توهموا أَن التاءَ من نفس الحرف فجعلوه إِتَقى يَتَقي، بفتح التاء
فيهما مخففة، ثم لم يجدوا له مثالاً في كلامهم يُلحقونه به فقالوا تَقى
يَتَّقي مثل قَضى يَقْضِي؛ قال ابن بري: أَدخل همزة الوصل على تَقى،
والتاء محركة، لأَنَّ أَصلها السكون، والمشهور تَقى يَتَّقي من غير همز وصل
لتحرك التاء؛ قال أَبو أَوس:
تَقاكَ بكَعْبٍ واحِدٍ وتَلَذُّه
يَداكَ، إِذا هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ
أَي تَلَقَّاكَ برمح كأَنه كعب واحد، يريد اتَّقاك بكَعْب وهو يصف
رُمْحاً؛ وقال الأَسدي:
ولا أَتْقي الغَيُورَ إِذا رَآني،
ومِثْلي لُزَّ بالحَمِسِ الرَّبِيسِ
الرَّبيسُ: الدَّاهي المُنْكَر، يقال: داهِيةٌ رَبْساء، ومن رواها
بتحريك التاء فإِنما هو على ما ذكر من التخفيف؛ قال ابن بري: والصحيح في هذا
البيت وفي بيت خُفاف بن نَدبة يَتَقي وأَتَقي، بفتح التاء لا غير، قال:
وقد أَنكر أَبو سعيد تَقَى يَتْقي تَقْياً، وقال: يلزم أَن يقال في الأَمر
اتْقِ، ولا يقال ذلك، قال: وهذا هو الصحيح. التهذيب. اتَّقى كان في
الأَصل اوْتَقى، والتاء فيها تاء الافتعال فأُدغمت الواو في التاء وشددت فقيل
اتَّقى، ثم حذفوا أَلف الوصل والواو التي انقلبت تاء فقيل تَقى يَتْقي
بمعنى استقبل الشيء وتَوَقَّاه، وإِذا قالوا اتَّقى يَتَّقي فالمعنى أَنه
صار تَقِيّاً، ويقال في الأَول تَقى يَتْقي ويَتْقي. ورجل وَقِيٌّ تَقِيٌّ
بمعنى واحد. وروي عن أَبي العباس أَنه سمع ابن الأَعرابي يقول: واحدة
التُّقى تُقاة مثل طُلاة وطُلًى، وهذان الحرفان نادران؛ قال الأَزهري:
وأَصل الحرف وَقى يَقي، ولكن التاءَ صارت لازمة لهذه الحروف فصارت كالأَصلية،
قال: ولذلك كتبتها في باب التاء. وفي الحديث: إِنما الإِمام جُنَّة
يُتَّقى به ويُقاتَل من ورائه أَي أَنه يُدْفَعُ به العَدُوُّ ويُتَّقى
بقُوّته، والتاءُ فيها مبدلة من الواو لأن أَصلها من الوِقاية، وتقديرها
اوْتَقى، فقلبت وأُدغمت، فلما كثر استعمالُها توهموا أَن التاءَ من نفس الحرف
فقالوا اتَّقى يَتَّقي، بفتح التاء فيهما.
(* قوله«فقالوا اتقي يتقي بفتح
التاء فيهما» كذا في الأصل وبعض نسخ النهاية بألفين قبل تاء اتقى. ولعله
فقالوا: تقى يتقي، بألف واحدة، فتكون التاء مخففة مفتوحة فيهما. ويؤيده
ما في نسخ النهاية عقبه: وربما قالوا تقى يتقي كرمى يرمي.) وفي الحديث:
كنا إِذا احْمَرَّ البَأْسُ اتَّقَينا برسولِ الله،صلى الله عليه وسلم،
أَي جعلناه وِقاية لنا من العَدُوّ قُدَّامَنا واسْتَقْبَلْنا العدوَّ به
وقُمْنا خَلْفَه وِقاية. وفي الحديث: قلتُ وهل للسَّيفِ من تَقِيَّةٍ؟
قال: نَعَمْ، تَقِيَّة على أَقذاء وهُدْنةٌ على دَخَنٍ؛ التَّقِيَّةُ
والتُّقاةُ بمعنى، يريد أَنهم يَتَّقُون بعضُهم بعضاً ويُظهرون الصُّلْحَ
والاتِّفاق وباطنهم بخلاف ذلك. قال: والتَّقْوى اسم، وموضع التاء واو وأَصلها
وَقْوَى، وهي فَعْلى من وَقَيْتُ، وقال في موضع آخر: التَّقوى أَصلها
وَقْوَى من وَقَيْتُ، فلما فُتِحت قُلِبت الواو تاء، ثم تركت التاءُ في
تصريف الفعل على حالها في التُّقى والتَّقوى والتَّقِيَّةِ والتَّقِيِّ
والاتِّقاءِ، قال: والتُّفاةُ جمع، ويجمع تُقِيّاً، كالأُباةِ وتُجْمع
أُبِيّاً، وتَقِيٌّ كان في الأَصل وَقُويٌ، على فَعُولٍ، فقلبت الواو الأُولى
تاء كما قالوا تَوْلج وأَصله وَوْلَج، قالوا: والثانية قلبت ياء للياءِ
الأَخيرة، ثم أُدغمت في الثانية فقيل تَقِيٌّ، وقيل: تَقيٌّ كان في الأَصل
وَقِيّاً، كأَنه فَعِيل، ولذلك جمع على أَتْقِياء. الجوهري: التَّقْوى
والتُّقى واحد، والواو مبدلة من الياءِ على ما ذكر في رَيّا. وحكى ابن بري
عن القزاز: أَن تُقًى جمع تُقاة مثل طُلاةٍ وطُلًى. والتُّقاةُ:
التَّقِيَّةُ، يقال: اتَّقى تَقِيَّةً وتُقاةً مثل اتَّخَمَ تُخَمةً؛ قال ابن بري:
جعلهم هذه المصادر لاتَّقى دون تَقى يشهد لصحة قول أَبي سعيد المتقدّم
إنه لم يسمع تَقى يَتْقي وإِنما سمع تَقى يَتَقي محذوفاً من اتَّقى.
والوِقايةُ التي للنساءِ، والوَقايةُ، بالفتح لغة، والوِقاءُ والوَقاءُ: ما
وَقَيْتَ به شيئاً.
والأُوقِيَّةُ: زِنةُ سَبعة مَثاقِيلَ وزنة أَربعين درهماً، وإن جعلتها
فُعْلِيَّة فهي من غير هذا الباب؛ وقال اللحياني: هي الأُوقِيَّةُ وجمعها
أَواقِيُّ، والوَقِيّةُ، وهي قليلة، وجمعها وَقايا. وفي حديث النبي، صلى
الله عليه وسلم: أَنه لم يُصْدِق امْرأَةً من نِسائه أَكثر من اثنتي
عشرة أُوقِيَّةً ونَشٍّ؛ فسرها مجاهد فقال: الأُوقِيَّة أَربعون درهماً،
والنَّشُّ عشرون. غيره: الوَقيَّة وزن من أَوزان الدُّهْنِ، قال الأَزهري:
واللغة أُوقِيَّةٌ، وجمعها أَواقيُّ وأَواقٍ. وفي حديث آخر مرفوع: ليس
فيما دون خمس أَواقٍ من الوَرِق صَدَقَةٌ؛ قال أَبو منصور: خمسُ أَواقٍ
مائتا دِرْهم، وهذا يحقق ما قال مجاهد، وقد ورد بغير هذه الرواية: لا صَدَقة
في أَقَلَّ مِن خمسِ أَواقِي، والجمع يشدَّد ويخفف مثل أُثْفِيَّةٍ
وأَثافِيَّ وأثافٍ، قال: وربما يجيء في الحديث وُقِيّة وليست بالعالية وهمزتها
زائدة، قال: وكانت الأُوقِيَّة قديماً عبارة عن أَربعين درهماً، وهي في
غير الحديث نصف سدس الرِّطْلِ، وهو جزء من اثني عشر جزءاً، وتختلف
باختلاف اصطلاح البلاد. قال الجوهري: الأُوقيَّة في الحديث، بضم الهمزة وتشديد
الياء، اسم لأَربعين درهماً، ووزنه أُفْعولةٌ، والأَلف زائدة، وفي بعض
الروايات وُقِية، بغير أَلف، وهي لغة عامية، وكذلك كان فيما مضى، وأَما
اليوم فيما يَتعارَفُها الناس ويُقَدِّر عليه الأَطباء فالأُوقية عندهم عشرة
دراهم وخمسة أَسباع درهم، وهو إِسْتار وثلثا إِسْتار، والجمع الأَواقي،
مشدداً، وإِن شئت خففت الياء في الجمع. والأَواقِي أَيضاً: جمع واقِيةٍ؛
وأَنشد بيت مهَلْهِلٍ: لقدْ وَقَتْكَ الأَواقِي، وقد تقدّم في صدر هذه
الترجمة، قال: وأَصله ووَاقِي لأَنه فَواعِل، إِلا أَنهم كرهوا اجتماع
الواوين فقلبوا الأُولى أَلفاً.
وسَرْجٌ واقٍ: غير مِعْقَر، وفي التهذيب: لم يكن مِعْقَراً، وما
أَوْقاه، وكذلك الرَّحْل، وقال اللحياني: سَرْجٌ واقٍ بَيّن الوِقاء، مدود،
وسَرجٌ وَقِيٌّ بيِّن الوُقِيِّ. ووَقَى من الحَفَى وَقْياً: كوَجَى؛ قال
امرؤ القيس:
وصُمٍّ صِلابٍ ما يَقِينَ مِنَ الوَجَى،
كأَنَّ مَكانَ الرِّدْفِ منْه علَى رالِ
ويقال: فرس واقٍ إِذا كان يَهابُ المشيَ من وَجَع يَجِده في حافِره، وقد
وَقَى يَقِي؛ عن الأَصمعي، وقيل: فرس واقٍ إِذا حَفِيَ من غِلَظِ
الأَرضِ ورِقَّةِ الحافِر فَوَقَى حافِرُه الموضع الغليظ؛ قال ابن
أَحمر:تَمْشِي بأَوْظِفةٍ شِدادٍ أَسْرُها،
شُمِّ السّنابِك لا تَقِي بالجُدْجُدِ
أَي لا تشتكي حُزونةَ الأَرض لصَلابة حَوافِرها. وفرس واقِيةٌ: للتي بها
ظَلْعٌ، والجمع الأَواقِي. وسرجٌ واقٍ إِذا لم يكن مِعْقَراً. قال ابن
بري: والواقِيةُ والواقِي بمعنى المصدر؛ قال أَفيون التغْلبي:
لَعَمْرُك ما يَدْرِي الفَتَى كيْفَ يتَّقِي،
إِذا هُو لم يَجْعَلْ له اللهُ واقِيا
ويقال للشجاع: مُوَقًّى أَي مَوْقِيٌّ جِدًّا. وَقِ على ظَلْعِك أَي
الزَمْه وارْبَعْ عليه، مثل ارْقَ على ظَلْعِك، وقد يقال: قِ على ظَلْعِك
أَي أَصْلِحْ أَوَّلاً أَمْرَك، فتقول: قد وَقَيْتُ وَقْياً ووُقِيّاً.
التهذيب: أَبو عبيدة في باب الطِّيرَةِ والفَأْلِ: الواقِي الصُّرَدُ مثل
القاضِي؛ قال مُرَقِّش:
ولَقَدْ غَدَوْتُ، وكنتُ لا
أَغْدُو، على واقٍ وحاتِمْ
فَإِذا الأَشائِمُ كالأَيا
مِنِ، والأَيامِنُ كالأَشائِمْ
قال أَبو الهيثم: قيل للصُّرَد واقٍ لأَنه لا يَنبَسِط في مشيه، فشُبّه
بالواقِي من الدَّوابِّ إِذا حَفِيَ. والواقِي: الصُّرَدُ؛ قال خُثَيْمُ
بن عَدِيّ، وقيل: هو للرَّقَّاص
(* قوله« للرقاص إلخ» في التكملة: هو لقب
خثيم بن عدي، وهو صريح كلام رضي الدين بعد) الكلبي يمدح مسعود بن بَجْر،
قال ابن بري: وهو الصحيح:
وجَدْتُ أَباكَ الخَيْرَ بَجْراً بِنَجْوةٍ
بنَاها له مَجْدٌ أَشَمٌّ قُماقِمُ
وليس بِهَيَّابٍ، إِذا شَدَّ رَحْلَه،
يقول: عَدانِي اليَوْمَ واقٍ وحاتِمُ،
ولكنه يَمْضِي على ذاكَ مُقْدِماً،
إِذا صَدَّ عن تلكَ الهَناتِ الخُثارِمُ
ورأَيت بخط الشيخ رَضِيِّ الدين الشاطبي، رحمه الله، قال: وفي جمهرة
النسب لابن الكلبي وعديّ بن غُطَيْفِ بن نُوَيْلٍ الشاعر وابنه خُثَيْمٌ،
قال: وهو الرَّقَّاص الشاعر القائل لمسعود بن بحر الزُّهريّ:
وجدتُ أَباك الخير بحراً بنجوة
بناها له مجدٌ أَشم قُماقمُ
قال ابن سيده: وعندي أَنَّ واقٍ حكاية صوته، فإِن كان ذلك فاشتقاقه غير
معروف. قال الجوهريّ: ويقال هو الواقِ، بكسر القاف بلا ياء، لأَنه سمي
بذلك لحكاية صوته.
وابن وَقاء أَو وِقاء: رجل من العرب، والله أَعلم.
فرط: الفارِطُ: المتقدّم السابقُ، فرَطَ يَفْرُط فُروطاً. قال أَعرابي
للحسَن: يا أَبا سَعِيدٍ، عَلِّمْني ديناً وَسُوطاً، لا ذاهباً فُروطاً،
ولا ساقِطاً سُقوطاً أَي دِيناً مُتوسِّطاً لا مُتقدِّماً بالغُلُوِّ ولا
متأَخِّراً بالتُّلُوِّ، قال له الحسن: أَحسنت يا أَعرابي خيرُ الأُمورِ
أَوْساطُها. وفرَّطَ غيرَه؛ أَنشد ثعلب:
يُفَرِّطُها عن كُبّةِ الخَيْلِ مَصْدَقٌ
كَرِيمٌ، وشَدٌّ ليس فيه تَخاذُلُ
أَي يُقَدِّمُها. وفرَّطَ إِليه رسولَه: قدَّمه وأَرسله. وفرَّطَه في
الخُصومةِ: جَرَّأَه. وفرَط القومَ يفرطهم فَرْطاً وفَراطاً وفَراطةً:
تقدَّمهم إِلى الوِرْدِ لإِصلاح الأَرْشِيةِ والدِّلاء ومَدْرِ الحِياض
والسَّقْيِ فيها. وفرَطْتُ القومَ أَفْرِطُهم فَرْطاً أَي سبقْتُهم إِلى
الماء، فأَنا فارِطٌ وهم الفرَّاطُ؛ قال القُطامي:
فاسْتَعْجَلُونا وكانوا من صَحابَتِنا،
كما تَقَدَّمَ فُرّاطٌ لِوُرَّادِ
وفي الحديث أَنه قال بطريق مكة: مَن يَسْبِقُنا إِلى الأَثايةِ
فَيَمْدُر حوْضَها ويُفْرِطُ فيه فيَمْلَؤُه حتى نأْتِيَه، أَي يُكْثر من صبّ
الماء فيه. وفي حديث سراقة: الذي يُفْرِطُ في حوْضِه أَي يَمْلَؤُه؛ ومنه
قصيد كعب:
تَنْفي الرِّياحُ القَذَى عنه وأَفْرَطَه
أَي ملأَه، وقيل: أَفْرَطَه ههنا بمعنى تركَه.
والفارِطُ والفَرَطُ، بالتحريك: المتقدِّم إِلى الماء يتقدَّمُ
الوارِدةَ فُيهَيِّء لهم الأَرْسانَ والدِّلاءَ ويملأُ الحِياضَ ويستقي لهم، وهو
فَعَلٌ بمعنى فاعِلٍ مثل تَبَعٍ بمعنى تابِعٍ؛ ومنه قول النبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم: أَنا فرَطُكم على الحوْضِ أَي أَنا متقدِّمُكم إِليه؛ رجل
فرَطٌ وقوم فرَطٌ ورجل فارِطٌ وقوم فُرَّاطٌ؛ قال:
فأَثارَ فارِطُهم غَطاطاً حُثَّماً،
أَصْواتُها كتَراطُنٍ الفُرْسِ
ويقال: فرَطْتُ القومَ وأَنا أَفرُطُهم فُروطاً إِذا تقدَّمْتَهم،
وفرَّطْت غيري: قدَّمْتُه، والفَرَطُ: اسم للجمع. وفي الحديث: أَنا والنبيّون
فُرَّاطٌ لقاصِفينَ، جمع فارِطٍ، أَي متقدّمون إِلى الشَّفاعةِ، وقيل:
إِلى الحوْضِ، والقاصِفونَ: المُزْدَحِمون.
وفي حديث ابن عباس قال لعائشة، رضي اللّه عنهم: تَقْدَمِينَ على فَرَطِ
صِدْقٍ، يعني رسولَ اللّه، صلّى الله عليه وسلّم، وأَبا بكر، رضي اللّه
عنه، وأَضافهما إِلى صِدْقٍ وصفاً لهما ومَدْحاً؛ وقوله:
إِنَّ لها فَوارِساً وفَرَطا
يجوز أَن يكون من الفَرَط الذي يقع على الواحد والجمع، وأَن يكون من
الفَرط الذي هو اسم لجمع فارِطٍ، وهذا أَحسن لأَن قبله فوارساً فَمُقابلة
الجمع باسم الجمع أَوْلى في قوة الجمع. والفَرَطُ: الماء المتقدّمُ لغيره
من الأَمْواه.
والفُراطةُ: الماء يكون شَرَعاً بين عدَّةِ أَحْياء مَن سبَق إِليه فهو
له، وبئر فُراطةٌ كذلك. ابن الأَعرابي: الماء بينهم فُراطةٌ أَي
مُسابَقة. وهذا ماء فُراطة بين بني فلان وبني فلان، ومعناه أَيُّهم سبَق إِليه
سَقى ولم يُزاحِمْه الآخَرُون. الصحاح: الماء الفِراطُ الذي يكون لمن سبق
إِليه من الأَحْياء.
وفُرَّاطُ القَطا: متقدِّماتُها إِلى الوادي والماء؛ قال نِقادَةُ
الأَسدي:
ومَنْهَلٍ ورَدْتُه التِقاطا،
لم أَرَ، غِذْ ورَدْتُه، فُرّاطا
إِلاَّ الحَمام الوُرْقَ والغَطاطا
وفرَطْت البئرَ إِذا تركتَها حتى يَثوب ماؤها؛ قال ذلك شمر وأَنشد في
صفة بئر:
وهْيَ، إِذا ما فُرِطَتْ عَقْدَ الوَذَمْ،
ذاتُ عِقابٍ همشٍ، وذاتُ طَمْ،
يقول: إِذا أُجِمَّتْ هذه البئرُ قَدْرَ ما يُعْقَدُ وذَمُ الدلْوِ ثابت
بماء كثير. والعِقابُ: ما يَثوب لها من الماء، جمع عَقبٍ؛ وأَما قول
عمْرو بن معديكرب:
أَطَلْتُ فِراطَهم، حتى إِذا ما
قَتَلْتُ سَراتَهم، كانت قَطاطِ
أَي أَطَلْت إِمْهالَهم والتَّأَني بهم إِلى أَن قتلتُهم. والفرَطُ: ما
تقدَّمك من أَجْرٍ وعَمَل. وفرَطُ الولد: صِغاره ما لم يُدْرِكوا، وجمعُه
أَفراط، وقيل: الفرَطُ يكون واحداً وجمعاً. وفي الدعاء للطِّفل الميت:
اللهم اجعله لنا فَرَطاً أَي أَجراً يتقدَّمُنا حتى نَرِدَ عليه. وفرَطَ
فلانٌ وُلْداً وافْتَرطَهم: ماتوا صِغاراً. وافْتُرِطَ الوَلدُ: عُجِّلَ
موتُه؛ عن ثعلب. وأَفرطَتِ المرأَةُ أَولاداً: قدَّمتهم. قال شمر: سمعتُ
أَعرابية فصيحة تقول: افْتَرَطْتُ ابنينِ. وافترَط فلان فرَطاً له أَي
أَولاداً لم يبلغوا الحُلُم. وأَفْرَطَ فلان ولداً إِذا مات له ولد صغير قبل
أَن يبلغُ الحُلُم. وافترط فلان أَولاداً أَي قدَّمهم.
والإِفْراط: أَن تَبعث رسولاً مجرَّداً خاصّاً في حوائجك.
وفارَطْتُ القومَ مُفَارَطة وفِرطاً أَي سابقتُهم وهم يتَفارَطون؛ قال
بشر:
إِذا خَرَجَتْ أَوائلُهُنَّ شُعْثاً
مُجَلِّحةً، نَواصيها قتامُ
يُنازِعْنَ الأَعِنَّةَ مُصْغِياتٍ،
كما يتَفارَطُ الثَّمْدَ الحَمامُ
ويُروى: الحِيامُ. وفلانٌ لا يُفْتَرَطُ إِحسانه وبِرُّه أَي لا
يُفْتَرص ولا يُخاف فَوْتُه؛ وقول أَبي ذؤيب:
وقد أَرْسَلُوا فُرَّاطَهم فتَأَثَّلُوا
قَلِيباً سَفاهاً، كالإِماءِ القَواعِدِ
يعني بالفُرَّاط المتقدِّمين لحفر القَبْرِ، وكله من التقدُّم والسبقِ.
وفرَط إِليه مِنِّي كلامٌ وقولٌ: سبَق؛ وفي الدعاء: على ما فرَط مِنِّي
أَي سبق وتقدَّم. وتكلم فلانٌ فِراطاً أَي سبقت منه كلمة. وفَرَّطْته:
تركتُه وتقدّمته؛ وقول ساعدة بن جؤية:
معه سِقاءٌ لا يُفَرِّط حَمْلَه
صُفْنٌ، وأَخْراصٌ يَلُحْنَ، ومِسْأَبُ
أَي لا يترك حملَه ولا يُفارقه. وفرَط عليه في القول يَفْرُط: أَسرف
وتقدَّم. وفي التنزيل العزيز: إِنّا نَخاف أَن يفرُط علينا أَو أَن يَطْغَى؛
والفُرُطُ: الظُّلْم والاعتداء.
قال اللّه تعالى: وكان أَمْرُهُ فُرُطاً. وأَمره فُرُطٌ أَي مَتْروك.
وقوله تعالى: وكان أَمرُه فُرُطاً، أَي متروكاً تَرَك فيه الطاعة وغَفَل
عنها، ويقال: إِيّاك والفُرُطَ؛ وفي حديث سَطيح:
إِنْ يُمْسِ مُلْكُ بَنِي ساسانَ أَفْرَطَهم
أَي تَرَكهم وزال عنهم. وقال أَبو الهيثم: أَمرٌ فُرُطٌ أَي متهاوَنٌ به
مضيَّع؛ وقال الزجاج: وكان أَمرُه فُرُطاً، أَي كان أَمرُه التفريطَ وهو
تقديم العَجْز، وقال غيره: وكان أَمرُه فُرطاً أَي نَدَماً ويقال
سَرَفاً.
وفي حديث علي، رضوان اللّه عليه: لا يُرى الجاهلُ إِلا مُفْرِطاً أَو
مُفَرِّطاً؛ هو بالتخفيف المُسرف في العمل، وبالتشديد المقصِّر فيه؛ ومنه
الحديث: أَنه نام عن العشاء حتى تفرّطت أَي فات وقتُها قبل أَدائها. وفي
حديث توبةِ كعبٍ: حتى أَسرعوا وتَفارَطَ الغَزْوُ أَي فات وقتُه. وأَمر
فُرُط أَي مجاوَزٌ فيه الحدّ؛ ومنه قوله تعالى: وكان أَمرُه فُرُطاً.
وفَرَط في الأَمر يَفْرُط فَرْطاً أَي قصَّر فيه وضيَّعه حتى فات، وكذلك
التفريطُ. والفُرُط: الفرَس السريعة التي تَتَفَرَّط الخيلَ أيُ تتقدَّمُها.
وفرس فُرُط: سريعة سابقة؛ قال لبيد:
ولقد حَمَيْتُ الحيَّ تحمِل شِكَّتي
فُرُطٌ وِشاحي، إِذ غدوتُ، لجامُها
وافترَط إِليه في هذا الأَمر: تقدّم وسبَق.
والفُرْطة، بالضم: اسمٌ للخروج والتقدّم، والفَرْطة، بالفتح: المرّة
الواحدة منه مثل غُرْفة وغَرْفة وحُسْوة وحَسْوة؛ ومنه قولُ أُمّ سلمة
لعائشة: إِن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، نهاكِ عن الفُرْطة في
البِلاد. غيره: وفي حديث أُم سلمة قالت لعائشة، رضي اللّه عنهما: إِن رسول
اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، نهاكِ عن الفُرْطة في الدِّين يعني السبْق
والتقدّم ومجاوزة الحدّ.
وفلان مُفْتَرِط السِّجال إِلى العُلى أَي له فيه قُدْمة؛ وأَنشد:
ما زِلْت مُفْتَرِطَ السِّجال إِلى العُلى،
في حَوْضِ أَبْلَجَ، تَمْدُرُ التُّرْنُوقا
ومَفارِطُ البلد: أَطرافه؛ وقال أَبو زبيد:
وسَمَوْا بالمَطِيِّ والذُّبَّلِ الصُّمِّ
لعَمْياءَ في مَفارِط بيدِ
وفلان ذو فُرْطة في البلاد إِذا كان صاحبَ أَسفار كثيرة. ابن الأَعرابي:
يقال أَلْقاه وصادَفه وفارَطَه وفالَطَه ولاقَطَه كله بمعنى واحد. وقال
بعض الأَعراب: فلان لا يُفْتَرَط إِحسانه وبرُّهُ أَي لا يُفْتَرص ولا
يُخاف فَوْتُه.
والفارِطان: كَوْكَبان مُتباينان أَمام سَرِير بَنات نَعْشٍ
يتقدَّمانها.وأَفراطُ الصَّباح: أَولُ تَباشيره لتقدّمها وإِنذارها بالصبح، واحدها
فُرْطٌ؛ وأَنشد لرؤبة:
باكَرْتُه قبل الغَطاط اللُّغَّطِ،
وقبل أَفْراط الصَّباح الفُرَّطِ
والإِفراطُ: الإِعجال والتقدُّم. وأَفْرَطَ في الأَمر: أَسرف وتقدَّم.
والفُرُط: الأَمر يُفْرَط فيه، وقيل: هو الإِعجال، وقيل: النَّدَم. وفرَط
عليه يَفْرُط: عَجِل عليه وعَدا وآذاه. وفرط: تَوانَى ونَسِيَ.
والفَرَطُ: العَجلة. وقال الفراء في قوله تعالى: إِنّا نَخاف أَن يَفْرُط علينا،
قال: يَعْجَل إِلى عُقوبتنا. والعرب تقول: فَرَط منه أَي بَدَر وسبَق.
والإِفْراط: إِعجالُ الشيء في الأَمر قبل التثبُّت. يقال: أَفْرَط فلان في
أَمره أَي عَجِل فيه، وأَفْرَطه أَي أَعجله، وأَفرطت السِّقاءَ ملأْته،
والسحابةُ تُفْرط الماء في أَول الوَسْمِيّ أَي تُعجله وتُقدِّمه.
وأَفْرَطت السحابة بالوسمي: عَجَّلت به، قال سيبويه: وقالوا فَرّطْت إِذا كنت
تُحذّره من بين يديه شيئاً أَو تأْمره أَن يتقدَّم، وهي من أَسماء الفعل
الذي لا يتعدّى.
وفَرْطُ الشهوة والحزن: غلبتهما. وأَفْرط عليه: حَمَّله فوق ما يُطيق.
وكلُّ شيء جاوز قَدْرَه، فهو مُفْرِط. يقال: طول مُفْرِط وقِصَر مُفْرِط.
والإِفراط: الزيادة على ما أُمرت. وأَفرطْت المَزادةَ: ملأْتها. ويقال:
غَدِير مُفْرَط أَي ملآن؛ وأَنشد ابن بري:
يَرَجِّعُ بين خُرْمٍ مُفْرَطاتٍ
صَوافٍ، لم يُكدِّرْها الدِّلاء
وأَفرط الحوضَ والإِناءَ: ملأَه حتى فاض؛ قال ساعدة بن جؤية:
فأَزال ناصِحَها بأَبْيَض مُفْرطٍ،
من ماء أَلْهابٍ بهِنَّ التَّأْلَبُ
أَي مزَجها بماء غَدِير مملوءٍ؛ وقول أَبي وجزة:
لاعٍ يكادُ خَفِيُّ الزَّجْرِ يُفْرِطُه،
مُسْتَرْفِع لِسُرَى المَوْماة هَيَّاج
(* قوله «مسترفع لسرى» أورده في مادة ربع مستربع بسرى وفسره هناك.)
يُفْرِطُه: يملؤه رَوْعاً حتى يذهَب به.
والفَرْطُ، بفتح الفاء: الجبل الصغير، وجمعه فُرُط؛ عن كراع. الجوهري:
والفُرُط واحد الأَفْراط وهي آكام شبيهات بالجبال. يقال: البُوم تَنوح على
الأَفْراط؛ عن أَبي نصر؛ وقال وعْلَة الجَرْمي:
سائلْ مُجاوِرَ جَرْمٍ: هل جَنَيْتُ لهم؟
حَرْ بأَتُفَرِّقُ بين الجِيرةِ الخُلُطِ؟
وهل سَمَوْتُ بجرّارٍ له لَجَبٌ،
جَمِّ الصَّواهِلِ، بين السَّهْلِ والفُرُطِ؟
والفُرْط: سَفْحُ الجبال وهو الجَرُّ؛ عن اليزيدي؛ قال حسان:
ضاقَ عَنّا الشِّعْبُ إِذ نَجْزَعُه،
ومَلأْنا الفُرْطَ منكم والرِّجَلْ
وجمعه أَفراط؛ قال امرؤ القيس:
وقد أُلْبِسَت أَفْراطها ثِنْيَ غَيْهَب
والفَرْط: العَلَم المستقيم يُهتدى به. والفَرْط: رأْس الأَكَمَة
وشخصها، وجمعه أَفْراط وأَفْرُط؛ قال ابن بَرّاقة:
إِذا الليلُ أَدْجَى واكْفَهَرَّت نُجومُه،
وصاح من الأَفْراط بُومٌ جواثِمُ
وقيل: الأَفْراط ههنا تَباشير الصبح لأَن الهامَ تَزْقو عند ذلك، قال:
والأَول أَولى، ونسَب ابن بري هذا البيت للأَجدع الهمداني وقال: أَراد
كأَن الهامَ لما أَحسَّت بالصباح صَرَخت.
وأَفرطْتُ في القول أَي أَكثرت.
وفرَّط في الشيء وفرَّطه: ضيعه وقدَّم العجز فيه. وفي التنزيل العزيز:
أَن تقولَ نفسٌ يا حَسْرتا على ما فرَّطْت في جنْب اللّه؛ أَي مَخافة أَن
تصيروا إِلى حال الندامة للتفريط في أَمر اللّه، والطريق الذي هو طريق
اللّه الذي دعا إِليه، وهو توحيد اللّه والإِقرار بنبوّة رسوله، صلّى اللّه
عليه وسلّم؛ قال صخر البغيّ:
ذلك بَزِّي، فَلَن أُفَرِّطَه،
أَخافُ أَن يُنْجِزوا الذي وعَدُوا
يقول: لا أُخلّفه فأَتقدّم عنه؛ وقال ابن سيده: يقول لا أُضيّعه، وقيل:
معناه لا أُقدّمه وأَتخلّف عنه. والفَرَطُ: الأَمر الذي يفرِّط فيه صاحبه
أَي يضيّع. وفرَّطَ في جَنْب اللّه: ضيَّع ما عنده فلم يعمل له.
وتفارطَت الصلاة عن وقتها: تأَخرت. وفرَّط اللّه عنه ما يكره أَي نَحّاه،
وقَلّما يستعمل إِلا في الشعر؛ قال مُرَقِّش:
يا صاحبَيَّ، تَلَبَّثا لا تُعْجَلا،
وَقِفا برَبْعِ الدار كَيْما تَسْأَلا
فلَعَلَّ بُطْأَ كما يُفَرِّط سَيِّئاً،
أَو يَسْبِق الإِسراعُ خَيْراً مُقْبِلا
والفَرْط: الحِين: يقال: إِنما آتيه الفَرْطَ وفي الفَرْط، وأَتيته
فَرْط أَشهر أَي بعدها؛ قال لبيد:
هلِ النفْسُ إِلاَّ مُتْعةٌ مُسْتعارةٌ،
تُعارُ، فَتَأْتي رَبَّها فَرْطَ أَشهُر؟
وقيل: الفَرْط أَن تأْتيه في الأَيام ولا تكون أَقلّ من ثلاثة ولا أَكثر
من خمس عشرة ليلة. ابن السكيت: الفَرْط أَن يقال آتيك فَرْط يوم أَو
يومين. والفَرْط: اليوم بعد اليومين. أَبو عبيد: الفَرْط أَن تلقَى الرجل
بعد أَيام. يقال: إِنما تلقاه في الفَرْط، ويقال: لقيته في الفَرْط بعد
الفَرْطِ أَي الحِين بعد الحِين. وفي حديث ضُباعة: كان الناس إِنما يذهبون
فَرْطَ يوم أَو يومين فيَبْعَرُون كما تَبْعَرُ الإِبل أَي بعد يومين.
وقال بعض العرب: مضيت فَرْط ساعة ولم أُومِنْ أَنْ أَنْفَلِت، فقيل لهع: ما
فرْط ساعة؟ فقال: كمُذ أَخذت في الحديث، فأَدخل الكاف على مُذْ، وقوله
ولم أومِن أَي لم أَثِقْ ولم أُصدِّق أَني أَنفلِت. وتفارطَتْه الهموم:
أَتته في الفَرْط: وقيل: تسابقت إِليه.
وفَرَّط: كَفَّ عنه وأَمهلَه. وفرَّطْت الرجل إِذا أَمهلتَه.
والفِراط: التَّرْك. وما أَفرط منهم أَحداً أَي ما ترك. وما أَفْرَطْت
من القوم أَحداً أَي ما تركت. وأَفْرَط الشيءَ: نَسِيه. وفي التنزيل:
وأَنَّهم مُفْرَطون؛ قال الفراء: معناه منسيُّون في النار، وقيل: منسيُّون
مضيَّعون متروكون، قال: والعرب تقول أَفْرَطْت منهم ناساً أَي خَلَّفتهم
ونَسِيتهم، قال: ويُقرأُ مُفْرِطون، يقال: كانوا مُفْرِطِين على أَنفسهم في
الذنوب، ويروى مُفَرِّطون كقوله تعالى: يا حَسْرتا على ما فَرَّطْتُ في
جَنْب اللّه، يقول: فيما ترَكْتُ وضيَّعت.
صلب: الصُّلْبُ والصُّلَّبُ: عَظْمٌ من لَدُنِ الكاهِل إِلى العَجْب،
والجمع: أَصْلُب وأَصْلاب وصِلَبَةٌ؛ أَنشد ثعلب:
أَما تَرَيْني، اليَوْمَ، شَيْخاً أَشْيَبَا، * إِذا نَهَضْتُ أَتَشَكَّى الأَصْلُبا
جَمَعَ لأَنه جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِن صُلْبه صُلْباً؛ كقول جرير:
قال العَواذِلُ: ما لِجَهْلِكَ بَعْدَما * شابَ الـمَفارِقُ، واكْتَسَيْنَ قَتِـيرا
وقال حُمَيْدٌ:
وانْتَسَفَ، الحالِبَ من أَنْدابِه، * أَغْباطُنا الـمَيْسُ عَلى أَصْلابِه
كأَنه جعل كلَّ جُزْءٍ من صُلْبِه صُلْباً. وحكى اللحياني عنِ العرب: هؤلاء أَبناءِ صِلَبَتِهِمْ.
والصُّلْب من الظَّهْر، وكُلُّ شيء من الظَّهْر فيه فَقَارٌ فذلك الصُّلْب؛ والصَّلَبُ، بالتحريك، لغة فيه؛ قال العَجاج يصف امرأَة:
رَيَّا العظامِ، فَخْمَة الـمُخَدَّمِ،
في صَلَبٍ مثْلِ العِنانِ الـمُؤْدَم،
إِلى سَواءٍ قَطَنٍ مُؤَكَّمِ
وفي حديث سعيد بن جبير: في الصُّلْب الديةُ. قال القُتَيْبِـيُّ: فيه قولان أَحدُهما أَنـَّه إِنْ كُسِرَ الصُّلْبُ فحَدِبَ الرَّجُلُ ففيه الديةُ، والآخَرُ إِنْ أُصِـيبَ صُلْبه بشيءٍ ذَهَبَ به
الجِماعُ فلم يَقْدِرْ عَلَيهِ، فَسُمِّيَ الجِماعُ صُلْباً، لأَنَّ الـمَنِـيَّ يَخْرُجُ منهُ. وقولُ العَباسِ بنِ عَبدِالـمُطَّلِبِ يَمدَحُ النبـيَّ، صلى اللّه عليه وسلم:
تُنْقَلُ مِنْ صَالَبٍ إِلى رَحِم، * إِذا مَضَى عالَمٌ بَدا طَبَق
قيل: أَراد بالصَّالَب الصُّلْب، وهو قليل الاستعمال. ويقال للظَّهْر:
صُلْب وصَلَب وصالَبٌ؛ وأَنشد:
كأَنَّ حُمَّى بكَ مَغْرِيَّةٌ، * بَيْنَ الـحَيازيم إِلى الصَّالَبِ
وفي الحديث: إِنَّ اللّه خَلَقَ للجَنَّةِ أَهْلاً، خَلَقَها لَـهُم، وهُمْ في أَصلاب آبائِهِم.
الأَصْلابُ: جَمْعُ صُلْب وهو الظهر. والصَّلابَةُ: ضدُّ اللِّين.
صَلُبَ الشيءُ صَلابَـةً فهو صَلِـيبٌ وصُلْب وصُلَّب وصلب (1)
(1 قوله «وصلب» هو كسكر ولينظر ضبط ما بعده هل هو بفتحتين لكن الجوهري خصه بما صلب من الأرض أو بضمتين الثانية للاتباع إلا أن المصباح خصه بكل ظهر له فقار أو بفتح فكسر ويمكن أن يرشحه ما حكاه ابن القطاع والصاغاني عن ابن الأعرابي من كسر عين فعله.) أَي شديد. ورجل صُلَّبٌ: مثل القُلَّبِ والـحُوَّل، ورجل صُلْبٌ وصَلِـيبٌ: ذو صلابة؛ وقد صَلُب، وأَرض صُلْبَة، والجمع صِلَبَة.
ويقال: تَصَلَّبَ فلان أَي تَشَدَّدَ. وقولهم في الراعي: صُلْبُ العَصا وصَلِـيبُ العَصا، إِنما يَرَوْنَ أَنه يَعْنُفُ بالإِبل؛ قال الراعي:
صَلِـيبُ العَصا، بادِي العُروقِ، تَرَى له، * عَلَيْها، إِذا ما أَجْدَبَ النَّاسُ، إِصْبَعا
وأَنشد:
رَأَيْتُكِ لا تُغْنِـينَ عنِّي بِقُرَّةٍ؛ * إِذا اخْتَلَفَتْ فيَّ الـهَراوَى الدَّمامِكُ
فأَشْهَدُ لا آتِـيكِ، ما دامَ تَنْضُبٌ * بأَرْضِكِ، أَو صُلْبُ العَصا من رجالِكِ
أَصْلُ هذا أَن رَجُلاً واعَدَتْه امْرَأَةٌ، فعثَرَ عَليها أَهْلُها، فضربوه بعِصِـيِّ التَّنْضُب. وكان شَجَرُ أَرضها إِنما كان التنضبَ
فضربوه بِعِصِـيِّها.
وصَلَّبَه: جعله صُلْباً وشدَّه وقوَّاه؛ قال الأَعشى:
مِن سَراةِ الـهِجانِ صَلَّبَها العُضُّ، * وَرَعْيُ الـحِمى، وطُولُ الـحِـيالِ
أَي شدّها. وسَراةُ المال: خِـياره، الواحد سَرِيّ؛ يقال: بعيرٌ سَرِيّ، وناقة سَرِيَّة. والـهِجانُ: الخِـيارُ من كل شيءٍ؛ يُقال: ناقة هِجانٌ، وجَمَل هِجانٌ، ونوقٌ هِجان. قال أَبو زيد: الناقَةُ الـهِجانُ هي الأَدْماءُ، وهي البَيْضاءُ الخالِصَةُ اللَّوْنِ. والعُضُّ: عَلَفُ الأَمْصار مثل القَتِّ والنَّوَى. وقوله: رَعْي الـحِمى يُريدُ حِمى ضَرِيَّة، وهو مرعى إِبل الملوك، وحِمَى الرَّبَذَةِ دُونَه. والحِـيال: مَصْدَرُ حالت الناقة إِذا لم تَحْمِلْ.
وفي حديث العباس: إِنَّ الـمُغالِبَ صُلْبَ اللّهِ مَغْلُوب أَي قُوَّةَ
اللّهِ.
ومكان صُلْب وصَلَبٌ: غَليظٌ حَجِرٌ، والجمع: صِلَبَةٌ.
والصُّلْبُ من الأَرض: الـمَكانُ الغَلِـيظُ الـمُنْقاد، والجمع صِلَبَةٌ، مثل قُلْب وقِلَبَة.
والصَّلَب أَيضاً: ما صَلُبَ من الأَرض. شمر: الصَّلَب نَحْوٌ من
الـحَزيزِ الغَلِـيظِ الـمُنْقادِ. وقال
غيره:الصَّلَب من الأَرض أَسْناد الآكام والرَّوابي، وجمعه أَصْلاب؛ قال رؤبة:
نغشى قَرًى، عارِيةً أَقْراؤُه،
تَحْبُو، إِلى أَصْلابِه، أَمْعاؤُه
الأَصمعي: الأَصْلابُ هي من الأَرض الصَّلَب الشديدُ الـمُنْقادُ،
والأَمْعاءُ مَسايِلُ صِغار. وقوله: تَحْبُو أَي تَدْنو. وقال ابن الأَعرابي: الأَصْلاب: ما صَلُب من الأَرض وارْتَفَعَ، وأَمْعاؤُه: ما لانَ منه وانْخَفَضَ.
والصُّلْب: موضع بالصَّمَّان، أَرْضُهُ حجارةٌ، من ذلك غَلَبَتْ عليه الصِّفَةُ، وبين ظَهراني الصُّلْب وقِفافِه، رياضٌ وقِـيعانٌ عَذْبَةُ الـمَنابِتِ (1)
(1 قوله «عذبة المنابت» كذا بالنسخ أيضاً والذي في المعجم لياقوت عذبة المناقب أي الطرق فمياه الطرق عذبة.) كَثِـيرةُ العُشْبِ، وربما قالوا: الصُّلْبانِ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
سُقْنا به الصُّلْبَيْنِ، فالصَّـمَّانا
فإِما أَن يَكُونَ أَراد الصُّلْب، فَثَنَّى للضرورة، كما قالوا: رامَتانِ، وإِنما هي رامة واحدة. وإِما أَن يكون أَراد مَوْضِعَيْن يَغْلِبُ عليهما هذه الصِّفَةُ، فَيُسَمَّيانِ بها. وصَوْتٌ صَلِـيبٌ وجَرْيٌ صَلِـيب، على المثل. وصَلُبَ على المالِ صَلابة: شَحَّ به؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
فَإِن كُنْتَ ذا لُبٍّ يَزِدْكَ صَلابَـةً، * على المالِ، مَنْزورُ العَطاءِ، مُثَرِّبُ
الليث: الصُّلْبُ من الجَرْي ومن الصَّهِـيلِ الشَّديدُ؛ وأَنشد:
ذو مَيْعَة، إِذا ترامى صُلْبُه
والصُّلَّبُ والصُّلَّبِـيُّ والصُّلَّبَة والصُّلَّبِـيَّة: حجارة الـمِسَنِّ؛ قال امْرُؤُ القَيْس:
كحَدِّ السِّنان الصُّلَّبِـيِّ النَّحِـيض
أَراد بالسنان الـمِسَنَّ. ويقال: الصُّلَّبِـيُّ الذي جُليَ، وشُحِذ
بحجارة الصُّلَّبِ، وهي حجارة تتخذ منها الـمِسانُّ؛ قال الشماخ:
وكأَنَّ شَفْرَةَ خَطْمِه وجَنِـينِه، * لـمَّا تَشَرَّفَ صُلَّبٌ مَفْلُوق
والصُّلُّبُ: الشديد من الحجارة، أَشَدُّها صَلابَـةً. ورُمْحٌ
مُصَلَّبٌ: مَشْحوذ بالصَّلَّـبـيّ. وتقول: سِنانٌ صُلُّبِـيٌّ وصُلَّبٌ أَيضاً
أَي مَسْنُون.
والصَّلِـيب: الودك، وفي الصحاح: ودكُ العِظامِ. قال أَبو خراش الهذلي يذكر عُقاباً شَبَّه فَرسَهُ بها:
كأَني، إِذْ غَدَوْا، ضَمَّنْتُ بَزِّي، * من العِقْبانِ، خائِتَـةً طَلُوبا
جَرِيمَةَ ناهِضٍ، في رأْسِ نِـيقٍ، * تَرى، لِعِظامِ ما جَمَعَتْ، صَلِـيبا
أَي ودَكاً، أَي كأَني إِذْ غَدَوْا للحرب ضَمَّنْتُ بَزِّي أَي سلاحي عُقاباً خائِتَـةً أَي مُنْقَضَّةً. يقال خاتَتْ إِذا انْقَضَّتْ. وجَرِيمَة: بمعنى كاسِـبَة، يقال: هو جَرِيمَةُ أَهْلِه أَي كاسِـبُهُم. والناهِضُ:
فَرْخُها. وانتصاب قوله طَلُوبا: على النَّعْتِ لخائتَة. والنِّيقُ: أَرْفَعُ
مَوْضِـعٍ في الجَبَل.
وصَلَبَ العِظامَ يَصْلُبُها صَلْباً واصْطَلَبَها: جَمَعَها وطَبَخَها واسْتَخْرَجَ وَدَكَها لِـيُؤْتَدَم
به، وهو الاصْطِلابُ، وكذلك إِذا شَوَى اللَّحْمَ فأَسالَه؛ قال الكُمَيْتُ الأَسَدِيّ:
واحْتَلَّ بَرْكُ الشِّـتاءِ مَنْزِلَه، * وباتَ شَيْخُ العِـيالِ يَصْطَلِبُ
احْتَلَّ: بمعنى حَلَّ. والبَرْكُ: الصَّدْرُ، واسْتَعارَهُ للشِّتاءِ أَي حَلَّ صَدْرُ الشِّتاء ومُعْظَمُه في منزله: يصف شِدَّةَ الزمان وجَدْبَه، لأَن غالِبَ الجَدْبِ إِنما يكون في زَمَن الشِّتاءِ. وفي الحديث: أَنه لـمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتاه أَصحابُ الصُّلُب؛ قيل: هم الذين يَجْمَعُون العِظام إِذا أُخِذَت عنها لُحومُها فيَطْبُخونها بالماءِ، فإِذا خرج الدَّسَمُ منها جمعوه وائْتَدَمُوا به. يقال اصْطَلَبَ فلانٌ العِظام إِذا فَعَل بها ذلك. والصُّلُبُ جمع صَليب، والصَّلِـيبُ: الوَدَكُ.
والصَّلِـيبُ والصَّلَبُ: الصديد الذي يَسيلُ من الميت.
والصَّلْبُ: مصدر صَلَبَه يَصْلُبه صَلْباً، وأَصله من الصَّلِـيب وهو
الوَدَكُ. وفي حديث عليّ: أَنه اسْتُفْتِـيَ في استعمال صَلِـيبِ
الـمَوْتَى في الدِّلاءِ والسُّفُن، فَـأَبـى عليهم، وبه سُمِّي الـمَصْلُوب لما يَسِـيلُ من وَدَكه. والصَّلْبُ، هذه القِتْلة المعروفة، مشتق من ذلك، لأَن وَدَكه وصديده يَسِـيل.
وقد صَلَبه يَصْلِـبُه صَلْباً، وصَلَّبه، شُدِّدَ للتكثير. وفي التنزيل
العزيز: وما قَتَلُوه وما صَلَبُوه. وفيه: ولأُصَلِّـبَنَّكم في جُذُوعِ
النَّخْلِ؛ أَي على جُذُوعِ النخل. والصَّلِـيبُ: الـمَصْلُوبُ.
والصَّليب الذي يتخذه النصارى على ذلك الشَّكْل. وقال الليث: الصَّلِـيبُ ما يتخذه النصارى قِـبْلَةً، والجَمْعُ صُلْبان وصُلُبٌ؛ قال جَريرٌ:
لقد وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ، * على بابِ اسْتِها صُلُبٌ وشامُ
وصَلَّب الراهبُ: اتَّخَذ في بِـيعَته صَليباً؛ قال الأَعشى:
وما أَيْبُلِـيٌّ على هَيْكَلٍ، * بَناهُ وصَلَّبَ فيه وصارا
صارَ: صَوَّرَ. عن أَبي عليّ الفارسي: وثوب مُصَلَّبٌ فيه نَقْشٌ
كالصَّلِـيبِ.
وفي حديث عائشة: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، كان إِذا رَأَى التَّصْلِـيبَ في ثَوْب قَضَبه؛ أَي قَطَع مَوْضِـعَ التَّصْلِـيبِ منه. وفي الحديث: نَهَى عن الصلاة في الثوب الـمُصَلَّبِ؛ هو الذي فيه نَقشٌ أَمْثال الصُّلْبان. وفي حديث عائشة أَيضاً: فَناوَلْـتُها عِطافاً فرَأَتْ فيه تَصْلِـيباً، فقالت: نَحِّيه عَني. وفي حديث أُم سلمة: أَنها كانت تَكرَه الثيابَ الـمُصَلَّبةَ. وفي حديث جرير: رأَيتُ على الحسنِ ثوباً مُصَلَّباً. والصَّلِـيبانِ: الخَشَبَتانِ اللَّتانِ تُعَرَّضانِ على الدَّلْوِ كالعَرْقُوَتَيْنِ؛ وقد صَلَبَ الدلْو وصَلَّبَها.
وفي مَقْتَلِ عمر: خَرَج ابنُه عُبيدُاللّه فَضَرَب جُفَيْنَةَ الأَعْجَمِـيَّ، فَصَلَّب بين عَيْنَيْه، أَي ضربه على عُرْضِهِ، حتى صارت
الضَّرْبة كالصَّلِـيب. وفي بعض الحديث: صَلَّيْتُ إِلى جَنْبِ عمر، رضي اللّه عنه، فَوضَعْتُ يَدِي على خاصِرتي، فلما صَلَّى، قال: هذا الصَّلْبُ في الصلاة. كان النبي، صلى اللّه عليه وسلم، يَنْهَى عنه أَي إِنه يُشْبِه الصَّلْبَ لأَنَّ الرجل إِذا صُلِبَ مُدَّ يَدُه، وباعُهُ على الجِذْعِ.
وهيئةُ الصَّلْب في الصلاة: أَن يَضَعَ يديه على خاصِرتيه، ويُجافيَ بين عَضُدَيْه في القيام.
والصَّلِـيبُ: ضَرْبٌ من سِماتِ الإِبل. قال أَبو علي في التَّذْكَرةِ:
الصَّليبُ قد يكون كبيراً وصغيراً ويكون في الخَدَّين والعُنُق والفخذين.
وقيل: الصَّلِـيبُ مِـيسَمٌ في الصُّدْغِ، وقيل في العُنقِ خَطَّانِ
أَحدهما على الآخر. وبعير مُصَلَّبٌ ومَصْلُوب: سِمَتُه الصَّليب. وناقة مَصْلُوبة كذلك؛ أَنشد ثعلب:
سَيَكْفِـي عَقِـيلاً رِجْلُ ظَبْـيٍ وعُلْبةٌ، * تَمَطَّت به مَصْلُوبةٌ لم تُحارِدِ
وإِبلٌ مُصَلَّبة. أَبو عمرو: أَصْلَبَتِ الناقةُ إِصْلاباً إِذا قامت
ومَدَّتْ عنقها نحوَ السماءِ، لتَدِرَّ لولدها جَهْدَها إِذا رَضَعَها،
وربما صَرَمَها ذلك أَي قَطَع لبَنَها.
والتَّصْلِـيبُ: ضَربٌ من الخِمْرةِ للمرأَة. ويكره للرجل أَن يُصَلِّي
في تَصْلِـيبِ العِمامة، حتى يَجْعَله كَوْراً بعضَه فوق بعض. يقال:
خِمار مُصَلَّبٌ، وقد صَلَّبَتِ المرأَة خمارَها، وهي لِـبْسةٌ معروفة عند النساءِ.
وصَلَّبَتِ التَّمْرَةُ: بَلَغَت اليُبْسَ.
وقال أَبو حنيفة: قال شيخ من العرب أَطْيَبُ مُضْغةٍ أَكَلَها الناسُ
صَيْحانِـيَّةٌ مُصَلِّبةٌ، هكذا حكاه مُصَلِّبةٌ، بالهاءِ.
ويقال: صَلَّبَ الرُّطَبُ إِذا بَلَغَ اليَبِـيسَ، فهو مُصَلِّب، بكسر اللام، فإِذا صُبَّ عليه الدِّبْسُ لِـيَلِـينَ، فهو مُصَقِّر. أَبو عمرو: إِذا بَلَغ الرُّطَبُ اليُبْسَ فذلك التَّصْلِـيب، وقد صَلَّبَ؛ وأَنشد المازني في صفة التمر:
مُصَلِّبة من أَوْتَكى القاعِ كلما * زَهَتْها النُّعامى خِلْتَ، من لَبَنٍ، صَخْرا
أَوْتَكَى: تَمر الشِّهْريزِ. ولَبَنٌ: اسم جبل بعَيْنِه.
شمر: يقال صَلَبَتْه الشَّمسُ تَصْلِـبُه وتَصلُبُه صَلْباً إِذا أَحْرَقته، فهو مَصْلُوب: مُحْرَق؛ وقال أَبو ذؤَيب:
مُسْتَوْقِدٌ في حَصاهُ الشمسُ تَصْلِـبُه، * كأَنه عَجَمٌ بالبِـيدِ مَرْضُوخُ
وفي حديث أَبي عبيدة: تَمْرُ ذَخِـيرةَ مُصَلِّبةٌ أَي صُلْبة. وتمر
المدينة صُلْبٌ.
ويقال: تَمْرٌ مُصَلِّب، بكسر اللام، أَي يابس شديد.
والصالِبُ من الـحُمَّى الحارَّةُ غير النافض، تذكَّر وتؤَنث. ويقال:
أَخَذَتْه الـحُمَّى بصالِبٍ، وأَخذته حُمَّى صالِبٌ، والأَول أَفصح، ولا يكادون يُضِـيفون؛ وقد صَلَبَتْ عليه، بالفتح، تَصْلِبُ، بالكسر، أَي دامت واشتدت، فهو مَصْلوب عليه. وإِذا كانت الـحُمَّى صالِـباً قيل: صَلَبَتْ عليه. قال ابن بُزُرْجَ: العرب تجعل الصالِبَ من الصُّداعِ؛ وأَنشد:
يَرُوعُكَ حُمَّى من مُلالٍ وصالِبِ
وقال غيره: الصالِبُ التي معها حرٌّ شديد، وليس معها برد. وأَخذه صالِبٌ أَي رِعْدة؛ أَنشد ثعلب:
عُقاراً غَذاها البحرُ من خَمْرِ عانةٍ، * لها سَوْرَةٌ، في رأْسِه، ذاتُ صالِبِ
والصُّلْبُ: القُوَّة. والصُّلْبُ: الـحَسَبُ. قال
عَدِيّ بن زيد:
اجْلَ أَنَّ اللّهَ قد فَضَّلَكُمْ، * فَوقَ ما أَحْكَى بصُلْبٍ وإِزارْ
فِسِّر بهما جميعاً. والإِزار: العَفاف. ويروى:
فوقَ من أَحْكأَ صُلْباً بـإِزارْ
أَي شَدَّ صُلْباً: يعني الظَّهْرَ. بـإِزار: يعني الذي يُؤْتَزَر به. والعرب تُسَمِّي الأَنْجُمَ الأَربعة التي خَلْفَ النَّسرِ الواقِـعِ: صَلِـيباً. ورأَيت حاشية في بعض النسخ، بخط الشيخ ابن الصلاح المحدِّث، ما صورته: الصواب في هذه الأَنجمِ الأَربعة أَن يُقال خَلْف النَّسرِ الطائِرِ لأَنها خَلْـفَه لا خَلْفَ الواقع، قال: وهذا مما وَهِمَ فيه الجوهريُّ. الليثُ: والصَّوْلَبُ والصَّوْليبُ هو البَذْرُ الذي يُنْثَر على الأَرض ثم يُكْرَبُ عليه؛ قال الأَزهري: وما أُراه عربيّاً: والصُّلْبُ: اسمُ أَرض؛ قال ذو الرمة:
كأَنه، كـلَّما ارْفَضَّتْ حَزيقَتُها، * بالصُّلْبِ، مِن نَهْسِه أَكْفالَها، كَلِبُ
والصُّلَيبُ: اسمُ موضع؛ قال سَلامة بن جَنْدَلٍ:
لِـمَنْ طَلَلٌ مثلُ الكتابِ الـمُنَمَّقِ، * عَفا عَهْدُه بين الصُّلَيْبِ ومُطْرِقِ
هدب: الـهُدْبة والـهُدُبةُ: الشَّعَرةُ النَّابِتةُ على شُفْر العَيْن،
والجمع هُدْبٌ وهُدُبٌ؛ قال سيبويه: ولا يُكسَّرُ لقلة فُعُلة في
كلامهم، وجمع الـهُدْبِ والـهُدُبِ: أَهْدابٌ. والـهَدَبُ: كالـهُدْب، واحدته هَدَبَةٌ.
الليث: ورجل أَهْدَبُ طويلُ أَشْفارِ العين، النابت كثيرُها. قال
الأَزهري: كأَنه أَراد بأَشفار العين الشعرَ النابتَ على حروف الأَجْفانِ، وهو غَلَط؛ إِنما شُفْرُ العين مَنْبِتُ الـهُدْبِ من حَرْفَي الجَفْنِ، وجمعه أَشْفارٌ. الصحاح: الأَهْدَبُ الكثير أَشْفار العين. وفي صفته، صلى اللّه عليه وسلم: كان أَهْدَبَ الأَشْفار؛ وفي رواية: هَدِبَ الأَشفار أَي طَويلَ شَعَر الأَجْفان. وفي حديث زياد: طَويلُ العُنُق أَهْدَبُ. وهَدِبَتِ العَيْنُ هَدَباً، وهي هَدْباءُ: طالَ هُدْبُها؛ وكذلك أُذُنٌ هَدْباءُ، ولِـحْيةٌ هَدْباءُ. ونَسْرٌ أَهْدَبُ: سابِـغُ الرِّيشِ. وفي الحديث: ما من مُؤْمن يَمْرَضُ، إِلا حَطَّ اللّهُ هُدْبةً من خَطاياه أَي قِطْعةً وطائفةً؛ ومنه هُدْبةُ الثوبِ. وهُدْبُ الثوب: خَمْلُه، والواحدُ كالواحدِ في اللغتين. وهَيْدَبُه كذلك، واحدتُه هَيْدَبةٌ.
وفي الحديث: كأَني أَنْظُرُ إِلى هُدَّابِها؛ هُدْبُ الثوب، وهُدْبَتُه،
وهُدَّابُه: طَرَفُ الثوبِ، مما يَلي طُرَّتَه. وفي حديث امرأَةِ
رِفاعةَ: أَنَّ ما معه مثلُ هُدْبةِ الثوب؛ أَرادت مَتاعَه، وأَنه رِخْوٌ مثل طَرَفِ الثَّوبِ، لا يُغْني عنها شيئاً. الجوهري: والـهُدْبة الخَمْلَة، وضم الدال لغة.
والـهَيْدَبُ: السحاب الذي يَتَدَلَّى ويدنو مِثلَ هُدْب القَطِـيفةِ.
وقيل: هَيْدَبُ السحابِ ذَيْلُه؛ وقيل: هو أَن تَراه يَتَسَلْسَلُ في
وَجْهه للوَدْقِ، يَنْصَبُّ كأَنه خُيُوطٌ مُتَّصِلة؛ الجوهري: هَيْدَبُ
السَّحابِ ما تَهَدَّبَ منه إِذا أَرادَ الوَدْقَ كأَنه خُيُوطٌ؛ وقال عَبيدُ
بنُ الأَبْرَص:
دَانٍ مُسِفٌّ، فُوَيْقَ الأَرْضِ هَيْدَبُه، * يَكادُ يَدْفَعُه، مَن قام، بالرَّاحِ
قال ابن بري: البيتُ يُروى لعَبيد بن الأَبْرص، ويُروى لأَوْسِ بن حَجَر يَصِفُ سَحاباً كَثيرَ الـمَطَر. والـمُسِفُّ: الذي قد أَسَفَّ على
الأَرْضِ أَي دَنا منها. والـهَيْدَبُ: سَحابٌ يَقْرُبُ من الأَرض، كأَنه
مُتَدَلٍّ، يكادُ يُمْسِكُه، من قام، براحته. الليث: وكذلك هَيْدَبُ
الدَّمْعِ؛ وأَنشد:
بِدَمْعٍ ذي حَزازاتٍ، * على الخَدَّيْنِ، ذي هَيْدَبْ
وقوله:
أَرَيْتَ إِنْ أُعْطِـيتَ نَهْداً كَعْثَبا، * أَذاكَ، أَمْ أُعْطِـيتَ هَيْداً هَيدَبا؟
قال ابن سيده: لم يُفَسِّرْ ثعلب هَيْدَباً، إِنما فَسَّرَ هَيداً،
فقال: هو الكثِـيرُ.
ولِبْدٌ أَهْدَبُ: طالَ زِئْبِرُهُ؛ الليث: يقال للِّبْد ونحوه إِذا طال
زِئْبرُه: أَهْدَبُ؛ وأَنشد:
عن ذِي دَرانِـيكَ ولِبْدٍ أَهْدَبا
الدُّرْنُوكُ: الـمِنْديلُ.
وفرس هَدِبٌ: طَويلُ شَعَر النَّاصِـيَةِ. وهَدَبُ الشَّجَرةِ: طُولُ
أَغْصانِها، وتَدَلِّيها، وقد هَدِبَتْ هَدَباً، فهي هَدْباءُ.
والـهُدَّابُ والـهَدَبُ: أَغْصانُ الأَرْطَى ونحوه مما لا وَرَقَ له، واحدَتُه هَدَبَةٌ، والجمع أَهْدابٌ.
والـهَدَبُ من وَرَقِ الشجَر: ما لم يكنْ له عَيْرٌ، نحوُ الأَثْلِ،
والطَّرْفاءِ، والسَّرْو، والسَّمُر. قال الأَزهري: يقال هُدْبٌ وهَدَبٌ
لوَرَقِ السَّرْو والأَرْطَى وما لا عَيرَ له. الجوهري: الـهَدَبُ،
بالتحريك، كلُّ وَرَق ليس له عَرْضٌ، كَوَرَق الأَثْلِ، والسَّرْوِ، والأَرْطَى، والطَّرْفاءِ، وكذلك الـهُدَّابُ؛ قال عُبَيْدُ بن زَيْدٍ العَبَّادي يصف ظَبْياً في كناسه:
في كِناسٍ ظاهِرٍ يَسْتُرُه * من عَلُ، الشَّفَّانَ، هُدَّابُ الفَنَنْ
الشَّفَّان: البَرَدُ، وهو منصوب بإِسقاط حرف الجرِّ أَي يَسْتُرُه
هُدَّابُ الفَنَن من الشَّفَّان. وفي حديث وَفْدِ مَذْحِـج: إِن لنا
هُدَّابَها.
الـهُدَّابُ: وَرَقُ الأَرْطَى، وكلُّ ما لم يَنْبَسِطْ وَرَقُه.
وهُدَّابُ النَّخْل: سَعَفُه. ابن سيده: الـهُدَّابُ اسم يَجْمَعُ هُدْبَ الثَّوْبِ. وهَدَبَ الأَرْطَى؛ قال العجاج يصف ثوراً وَحْشِـيّاً:
وشَجَرَ الـهُدَّابَ عَنه، فَجَفا * بسَلْهَبَيْنِ، فوقَ أَنْفٍ أَذْلَفا
والواحدةُ: هُدَّابةٌ وهُدْبةٌ؛ قال الشاعر:
مَناكِـبُه أَمثالُ هُدْبِ الدَّرانِكِ
ويقال: هُدْبةُ الثوبِ والأَرْطَى، وهُدْبُه؛ قال ذو الرمة:
أَعْلى ثَوْبِه هُدَبُ
وقال أَبو حنيفة: الـهَدَبُ من النبات ما ليس بورق، إِلا أَنه يقوم مقام الوَرَق.
وأَهْدَبَتْ أَغْصانُ الشَّجرة، وهَدِبَتْ، فهي هَدْباءُ: تَهَدَّلَتْ من نَعْمَتِها، واسْتَرْسَلَتْ؛ قال أَبو حنيفة: وليس هذا من هَدَبِ
الأَرْطَى ونحوه؛ والـهَدَبُ: مصدر الأَهْدَب والـهَدْباءِ؛ وقد هَدِبَتْ
هَدَباً إِذا تَدَلَّتْ أَغْصانُها من حَوالَيْها. وفي حديث الـمُغِـيرة: له
أُذُنٌ هَدْباءُ أَي مُتَدَلِّية مُسْتَرْخِـيَة. وهَدَبَ الشيءَ إِذا قَطَعَه.
وهَدَّبَ الثمرةَ تَهْديباً، واهْتَدَبَها: جَناها. وفي حديث خَبَّابٍ:
ومنَّا مَن أَيْنَعَتْ له ثَمَرتُه، فهو يَهْدِبُها؛ معنى يَهْدِبُها أَي
يَجْنِـيها ويَقْطِفُها، كما يَهْدِبُ الرجلُ هَدَبَ الغَضا والأَرْطى.
قال الأَزهري: والعَبَلُ مثلُ الـهَدَب سواءً. وهَدَبَ الناقةَ
يَهْدِبُها هَدْباً: احْتَلَبَها، والـهَدْبُ، جَزْمٌ: ضَرْبٌ من الـحَلَبِ؛ يقال:
هَدَبَ الحالبُ الناقةَ يَهْدِبُها هَدْباً إِذا حَلَبَها؛ روى الأَزهري
ذلك عن ابن السكيت؛ وقول أَبي ذؤَيب:
يَسْتَنُّ في عُرُضِ الصَّحْراءِ فائِرُه، * كأَنـَّه سَبِـطُ الأَهْدابِ، مَمْلُوحُ
قال ابن سيده، قيل فيه: الأَهْدابُ الأَكْتافُ، قال: ولا أَعْرِفُه.
الأَزهري: أَهْدَبَ الشجرُ إِذا خَرَجَ هُدْبُهُ، وقد هَدَبَ الـهَدَبَ
يَهْدِبُه إِذا أَخَذَه من شَجره؛ قال ذو الرمة:
على جَوانِـبه الأَسْباطُ والـهَدَبُ
والـهَيْدَبُ: ثَدْيُ المرأَة ورَكَبُها إِذا كان مُسْتَرْخِـياً، لا انْتِصابَ له، شُبِّهَ بهَيْدَبِ السَّحابِ، وهو ما تَدَلى من أَسافله إِلى الأَرض. قال: ولم أَسمع الـهَيْدَبَ في صفة الودْق الـمُتَّصِل،
ولا في نَعْتِ الدَّمْعِ، والبيتُ، الذي احْتَجَّ به الليث، مَصْنُوع لا حُجَّة به. وبيتُ عَبيدٍ يَدُلُّ على أَنَّ الـهَيْدَبَ من نَعْتِ السَّحابِ؛ وهو قوله:
دانٍ مُسِفٌّ فُوَيْقَ الأَرضِ هَيْدَبُه
والـهَيْدَبُ والـهُدُبُّ من الرجال: العَيِـيُّ الثَّقيلُ، وقيل: الأَحْمَقُ؛ وقيل: الـهَيْدَبُ الضعيف. الأَزهري: الـهَيْدَبُ العَبامُ من الأَقْوام، الفَدْمُ الثَّقِـيلُ؛ وأَنشد لأَوْسِ بنِ حَجَر شاهداً على العَبامِ العَيِـيِّ الثَّقيل:
وشُبِّهَ الـهَيْدَبُ العَبامُ من * الأَقْوامِ، سَقْباً مُجَلِّلاً فَرَعا
قال: الـهَيْدَبُ من الرجال الجافي الثقيلُ، الكثير الشَّعَر؛ وقيل:
الـهَيْدَبُ الذي عليه أَهْدابٌ تَذَبْذَبُ من بِجادٍ أَو غيره، كأَنها
هَيْدَبٌ من سَحاب.
والـهَيْدَبى: ضَرْبٌ من مَشْي الخَيْل.
والـهُدْبةُ والـهُدَبةُ، الأَخيرَةُ عن كراع: طُوَيئِرٌ أَغْبَرٌ يُشْبِه الهامَة، إِلا أَنه أَصْغَرُ منها. وهُدْبَةُ: اسم رَجُل. وابنُ الـهَيْدَبى: من شُعَراء العرب.
وهَيْدَبٌ: فرسُ عَبْدِ عَمْرو بنِ راشِدٍ.
وهِنْدَبٌ، وهِنْدَبا، وهِنْدَباة: بَقْلَةٌ؛ وقال أَبو زيد: الـهِنْدِبا، بكسر الدال، يمدّ ويقصر.