من (ن ي ب) نسبة إلى نِيب جمع ناب بمعنى السن بجانب الرباعية، وسيد القوم، والناقة المسنة.
من (ن ي ب) نسبة إلى نِيب جمع ناب بمعنى السن بجانب الرباعية، وسيد القوم، والناقة المسنة.
شطر: الشَّطْرُ: نِصْفُ الشيء، والجمع أَشْطُرٌ وشُطُورٌ.
وشَطَرْتُه: جعلته نصفين. وفي المثل: أَحْلُبُ حَلَباً لكَ شَطْرُه.
وشاطَرَه مالَهُ: ناصَفَهُ، وفي المحكم: أَمْسَكَ شَطْرَهُ وأَعطاه شَطْره
الآخر. وسئل مالك بن أَنس: من أَن شاطَرَ عمر ابن الخطاب عُمَّالَهُ؟
فقال: أَموال كثيرة ظهرت لهم. وإِن أَبا المختار الكلابي كتب إِليه:
نَحُجُّ إِذا حَجُّوا، ونَغْزُو إِذا غَزَوْا،
فَإِنِّي لَهُمْ وفْرٌ، ولَسْتُ بِذِي وَفْرِ
إِذا التَّاجِرُ الدَّارِيُّ جاءَ بِفَأْرَةٍ
مِنَ المِسْكِ، راحَتْ في مَفارِقِهِمْ تَجْرِي
فَدُونَكَ مالَ اللهِ حَيْثُ وجَدْتَهُ
سَيَرْضَوْنَ، إِنْ شاطَرْتَهُمْ، مِنْكَ بِالشَّطْرِ
قال: فَشاطَرَهُمْ عمر، رضي الله عنه، أَموالهم. وفي الحديث: أَن
سَعْداً استأْذن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يتصدَّق بماله، قال: لا، قال:
فالشَّطْرَ، قال: لا، قال الثُّلُثَ، فقال: الثُّلُثُ والثُّلُثُ
كَثِيرٌ؛ الشَّطْرُ: النصف، ونصبه بفعل مضمر أَي أَهَبُ الشَّطْرَ وكذلك الثلث،
وفي حديث عائشة: كان عندنا شَطْرٌ من شَعير. وفي الحديث: أَنه رهن درعه
بشَطْر من شعير؛ قيل: أَراد نِصْفَ مَكُّوكٍ، وقيل: نصفَ وسْقٍ. ويقال:
شِطْرٌ وشَطِيرٌ مثل نِصْفٍ ونَصِيفٍ. وفي الحديث: الطُّهُورُ شَطْرُ
الإِيمان لأَن الإِيمان يَظْهَرُ بحاشية الباطن، والطُّهُور يظهر بحاشية
الظاهر. وفي حديث مانع الزكاةِ: إِنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِهِ عَزْمَةٌ مِنْ
عَزَماتِ رَبِّنا. قال ابن الأَثير: قال الحَرْبِيُّ غَلِطَ بَهْزٌ
الرَّاوِي في لفظ الرواية إِنما هو: وشُطِّرَ مالُهُ أَي يُجْعَل مالُهُ
شَطْرَيْنِ ويَتَخَيَّر عليه المُصَدّقُ فيأْخذ الصدقة من خير النصفين، عقوبة
لمنعه الزكاة، فأَما ما لا يلزمه فلا. قال: وقال الخطابي في قول الحربي:
لا أَعرف هذا الوجه، وقيل: معناه أَن الحقَّ مُسْتَوْفًى منه غَيْرُ
متروك عليه، وإِن تَلِفَ شَطرُ ماله، كرجل كان له أَلف شاة فتلفت حتى لم يبق
له إِلا عشرون، فإنه يؤخذ منه عشر شياه لصدقة الأَلف، وهو شطر ماله
الباقي، قال: وهذا أَيضاً بعيد لأَنه قال له: إِنَّا آخذوها وشطر ماله، ولم
يقل: إِنَّا آخذو شطر ماله، وقيل: إِنه كان في صدر الإِسلام يقع بعض
العقوبات في الأَموال ثم نسخ، كقوله في الثمر المُعَلَّقِ: من خرج بشيء منه
فعليه غرامةُ مثليه والعقوبةُ، وكقوله في ضالة الإِبل المكتومة: غَرامَتُها
ومِثْلُها معها، وكان عمر يحكم به فَغَرَّمَ حاطباً ضِعْفَ ثمن ناقةِ
المُزَنِيِّ لما سرقها رقيقه ونحروها؛ قال: وله في الحديث نظائر؛ قال: وقد
أَخذ أَحمد ابن حنبل بشيء من هذا وعمل به. وقال الشافعي في القديم: من
منع زكاة ماله أُخذت منه وأُخذ شطر ماله عقوبة على منعه، واستدل بهذا
الحديث، وقال في الجديد: لا يؤخذ منه إِلا الزكاة لا غير، وجعل هذا الحديث
منسوخاً، وقال: كان ذلك حيث كانت العقوبات في الأَموال، ثم نسخت، ومذهب عامة
الفقهاء أَن لا واجبَ على مُتْلِفِ الشيء أَكْثَرُ من مثله أَو قيمته.
وللناقة شَطْرَانِ قادِمان وآخِرانِ، فكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ، والجمع
أَشْطُرٌ. وشَطَّرَ بناقته تَشْطِيراً: صَرَّ خِلْفَيْها وترك خِلْفَيْنِ،
فإِن صَرَّ خِلْفاً واحداً قيل: خَلَّفَ بها، فإِن صَرَّ ثلاثةَ
أَخْلاَفٍ قيل: ثَلَثَ بها، فإِذا صَرَّها كلها قيل: أَجْمَعَ بها وأَكْمَشَ
بها. وشَطْرُ الشاةِ: أَحَدُ خُلْفَيها؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
فَتَنَازَعَا شَطْراً لِقَدْعَةَ واحِداً،
فَتَدَارَآ فيهِ فكانَ لِطامُ
وشَطَرَ ناقَتَهُ وشاته يَشْطُرُها شَطْراً: حَلَبَ شَطْراً وترك
شَطْراً. وكل ما نُصِّفَ، فقد شُطِّرَ. وقد شَطَرْتُ طَلِيِّي أَي حلبت شطراً
أَو صررته وتَرَكْتُهُ والشَّطْرُ الآخر. وشاطَرَ طَلِيَّهُ: احتلب
شَطْراً أَو صَرَّهُ وترك له الشَّطْرَ الآخر. وثوب شَطُور: أَحدُ طَرَفَيْ
عَرْضِهِ أَطولُ من الآخر، يعني أَن يكون كُوساً بالفارسية.
وشَاطَرَنِي فلانٌ المالَ أَي قاسَمني بالنِّصْفِ. والمَشْطُورُ من
الرَّجَزِ والسَّرِيعِ: ما ذهب شَطْرُه، وهو على السَّلْبِ.
والشَّطُورُ من الغَنَمِ: التي يَبِسَ أَحدُ خِلْفَيْها، ومن الإِبل:
التي يَبِسَ خِلْفانِ من أَخلافها لأَن لها أَربعة أَخلاف، فإِن يبس ثلاثة
فهي ثَلُوثٌ. وشاة شَطُورٌ وقد شَطَرَتْ وشَطُرَتْ شِطاراً، وهو أَن يكون
أَحد طُبْيَيْها أَطولَ من الآخر، فإِن حُلِبَا جميعاً والخِلْفَةُ
كذلك، سميت حَضُوناً، وحَلَبَ فلانٌ الدَّهْرُ أَشْطُرَهُ أَي خَبَرَ
ضُرُوبَهُ، يعني أَنه مرَّ به خيرُه وشره وشدّته ورخاؤُه، تشبيهاً بِحَلْبِ جميع
أَخلاف الناقة، ما كان منها حَفِلاً وغير حَفِلٍ، ودَارّاً وغير دارّ،
وأَصله من أَشْطُرِ الناقةِ ولها خِلْفان قادمان وآخِرانِ، كأَنه حلب
القادمَين وهما الخير، والآخِرَيْنِ وهما الشَّرُّ، وكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ؛
وقيل: أَشْطُرُه دِرَرُهُ. وفي حديث الأَحنف قال لعلي، عليه السلام، وقت
التحكيم: يا أَمير المؤمنين إِني قد حَجَمْتُ الرجلَ وحَلَبْتُ
أَشْطُرَهُ فوجدته قريبَ القَعْرِ كَلِيلَ المُدْيَةِ، وإِنك قد رُميت بِحَجَر
الأَرْضِ؛ الأَشْطُرُ: جمع شَطْرٍ، وهو خِلْفُ الناقة، وجعل الأَشْطُرَ
موضع الشَّطْرَيْنِ كما تجعل الحواجب موضع الحاجبين، وأَراد بالرجلين
الحَكَمَيْنِ الأَوَّل أَبو موسى والثاني عمرو بن العاص. وإِذا كان نصف ولد
الرجل ذكوراً ونصفهم إِناثاً قيل: هم شِطْرَةٌ. يقال: وَلَدُ فُلانٍ
شِطْرَةٌ، بالكسر، أَي نصفٌ ذكورٌ ونصفٌ إِناثٌ. وقَدَحٌ شَطْرانُ أَي نَصْفانُ.
وإِناءٌ شَطْرانُ: بلغ الكيلُ شَطْرَهُ، وكذلك جُمْجُمَةٌ شَطْرَى
وقَصْعَةٌ شَطْرَى.
وشَطَرَ بَصَرُه يَشْطِرُ شُطُوراً وشَطْراً: صار كأَنه ينظر إِليك
وإِلى آخر. وقوله، صلى الله عليه وسلم: من أَعان على دم امرئ مسلم بِشَطْرِ
كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: يائس من رحمة الله؛ قيل: تفسيره
هو أَن يقول: أُقْ، يريد: أُقتل كما قال، عليه السلام: كفى بالسيف شا،
يريد: شاهداً؛ وقيل: هو أَن يشهد اثنان عليه زوراً بأَنه قتل فكأَنهما قد
اقتسما الكلمة، فقال هذا شطرها وهذا شطرها إِذا كان لا يقتل بشهادة
أَحدهما. وشَطْرُ الشيء: ناحِيَتُه. وشَطْرُ كل شيء: نَحْوُهُ وقَصْدُه.
وقصدتُ شَطْرَه أَي نحوه؛ قال أَبو زِنْباعٍ الجُذامِيُّ:
أَقُولُ لأُمِّ زِنْباعٍ: أَقِيمِي
صُدُورَ العِيسِ شَطْرَ بَني تَمِيمِ
وفي التنزيل العزيز: فَوَلِّ وجْهَك شَطْرَ المسجِد الحرامِ؛ ولا فعل
له. قال الفرّاء: يريد نحوه وتلقاءه، ومثله في الكلام: ولِّ وجهك شَطْرَه
وتُجاهَهُ؛ وقال الشاعر:
إِنَّ العَسِيرَ بها داءٌ مُخامِرُها،
فَشَطْرَها نَظَرُ العَيْنَيْنِ مَحْسُورُ
وقال أَبو إِسحق: الشطر النحو، لا اختلاف بين أَهل اللغة فيه. قال: ونصب
قوله عز وجل: شطرَ المسجد الحرام، على الظرف. وقال أَبو إِسحق: أُمر
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يستقبل وهو بالمدينة مكة والبيت الحرام،
وأُمر أَن يستقبل البيت حيث كان. وشَطَرَ عن أَهله شُطُوراً وشُطُورَةً
وشَطارَةً إِذا نَزَحَ عنهم وتركهم مراغماً أَو مخالفاً وأَعياهم خُبْثاً؛
والشَّاطِرُ مأْخوذ منه وأُراه مولَّداً، وقد شَطَرَ شُطُوراً وشَطارَةً،
وهو الذي أَعيا أَهله ومُؤَدِّبَه خُبْثاً. الجوهري: شَطَرَ وشَطُرَ
أَيضاً، بالضم، شَطارة فيهما، قال أَبو إِسحق: قول الناس فلان شاطِرٌ معناه
أَنه أَخَذَ في نَحْوٍ غير الاستواء، ولذلك قيل له شاطر لأَنه تباعد عن
الاستواء.
ويقال: هؤلاء القوم مُشاطرُونا أَي دُورهم تتصل بدورنا، كما يقال: هؤلاء
يُناحُونَنا أَي نحنُ نَحْوَهُم وهم نَحْوَنا فكذلك هم مُشاطِرُونا.
ونِيَّةٌ شَطُورٌ أَي بعيدة. ومنزل شَطِيرٌ وبلد شَطِيرٌ وحَيٌّ
شَطِيرٌ: بعيد، والجمع شُطُرٌ. ونَوًى شُطْرٌ، بالضم، أَي بعيدة؛ قال امرؤ
القيس:أَشاقَك بَيْنَ الخَلِيطِ الشُّطُرْ،
وفِيمَنْ أَقامَ مِنَ الحَيِّ هِرْ
قال: والشُّطُرُ ههنا ليس بمفرد وإِنما هو جمع شَطِير، والشُّطُرُ في
البيت بمعنى المُتَغَرِّبِينَ أَو المُتَعَزِّبِينَ، وهو نعت الخليط،
والخليط: المخالط، وهو يوصف بالجمع وبالواحد أَيضاً؛ قال نَهْشَلُ بنُ
حَريٍّ:إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فابْتَكَرُوا،
واهْتَاجَ شَوْقَك أَحْدَاجٌ لَها زَمْرُ
والشَّطِيرُ أَيضاً: الغريب؛ قال:
لا تَدَعَنِّي فِيهمُ شَطِيرا،
إِنِّي إِذاً أَهْلِكَ أَوْ أَطِيرَا
وقال غَسَّانُ بنُ وَعْلَةَ:
إِذا كُنْتَ في سَعْدٍ، وأُمُّكَ مِنْهُمُ،
شَطِيراً فَلا يَغْرُرْكَ خالُكَ مِنْ سَعْدِ
وإِنَّ ابنَ أُخْتِ القَوْمِ مُصْغًى إِناؤُهُ،
إِذا لم يُزاحِمْ خالَهُ بِأَبٍ جَلْدِ
يقول: لا تَغْتَرَّ بخُؤُولَتِكَ فإِنك منقوص الحظ ما لم تزاحم أَخوالك
بآباء أَشرافٍ وأَعمام أَعزة. والمصغَى: المُمالُ: وإِذا أُميل الإِناء
انصبَّ ما فيه، فضربه مثلاً لنقص الحظ، والجمع الجمع. التهذيب:
والشَّطِيرُ البعيد. ويقال للغريب: شَطِيرٌ لتباعده عن قومه. والشَّطْرُ: البُعْدُ.
وفي حديث القاسم بن محمد: لو أَن رجلين شهدا على رجل بحقٍّ أَحدُهما
شطير فإِنه يحمل شهادة الآخر؛ الشطير: الغريب، وجمعه شُطُرٌ، يعني لو شهد له
قريب من أَب أَو ابن أَو أَخ ومعه أَجنبي صَحَّحَتْ شهادةُ الأَجنبي
شهادَةَ القريب، فجعل ذلك حَمْلاً له؛ قال: ولعل هذا مذهب القاسم وإِلا
فشهادة الأَب والابن لاتقبل؛ ومنه حديث قتادة: شهادة الأَخ إِذا كان معه شطير
جازت شهادته، وكذا هذا فإِنه لا فرق بين شهادة الغريب مع الأَخ أَو
القريب فإِنها مقبولة.
زنب: زُــنابــةُ العَقْرب وزُــنابــاها: كلتاهما إِبْرتُها التي تَلْدَغُ بها.
والزُّــنابــى: شِبْهُ الـمُخاطِ يقع من أُنوف الإِبل، فُعالى، هكذا رواه
بعضهم، والصواب الذُّــنابــى، وقد تقدّم.
وزَنْبةُ وزَيْنَبُ: كلتاهما امرأَة.
وأَبو زُنَيبةَ: كُنيةٌ من كُناهم؛ قال:
نَكِدْتَ أَبا زُنَيْبةَ، أَن سَـأَلْنا * بحاجَتنا، ولم يَنْكَدْ ضَبابُ
وهو تصغير زَيْنَبَ، بعد الترخيم. فأَما قوله بعد هذا:
فَجُنِّبْتَ الجُيُوشَ، أَبا زُنَيْبٍ، * وجادَ على مَنازِلِكَ السَّحابُ
فإِنما أَراد أَبا زُنَيْبةَ، فرَخَّمه في غير النداءِ اضطراراً، على
لغة من قال يا حارُ. أَبو عمرو: الأَزْنَبُ القصير السمين، وبه سميت المرأَة زَيْنَبَ.
وقد زَنِبَ يَزْنَبُ زَنَباً إِذا سَمِنَ.
والزَّنَبُ: السِّمَنُ.
ابن الأَعرابي: الزَّيْنَبُ شجر حَسَنُ الـمَنْظَر، طَيِّبُ الرائحة،
وبه سميت المرأَة، وواحد الزَّيْنَبِ للشجر زَيْنَبة.
جرمز: جَرْمَزَ واجْرَمَّزَ: انْقَبَض واجتمع بعضه إِلى بعض.
والمُجْرَنْمِزُ: المُجْتَمِعُ. قال الأَزهري: وإِذا أَدغمت النون في الميم قلت
مُجْرَمِّزٌ. وجَرْمَزَ الشيءُ واجْرَنْمَزَ أَي اجتمع إِلى ناحية.
والجَرْمَزَةُ: الانقباض عن الشيء.
قال: ويقال ضَمَّ فلانٌ إِليه جَرامِيزَهُ إِذا رفع ما انتشر من ثيابه
ثم مضى. وجَرامِيزُ الوَحْشِيِّ: قوائمه وجَسَدُه؛ قال أُمية بن أَبي عائذ
الهذلي يصف حماراً:
وأَسْحَمَ حامٍ جَرامِيزَهُ
حَزابِيَةٍ حَيَدَى بالدِّحالِ
وإِذا قلتَ للثّوْرِ: ضَمَّ جَرامِيزَه، فهي قوائمه، والفعل منه
اجْرَمَّزَ إِذا انقبض في الكِناسِ؛ وأَنشد:
مُجْرَمِّزٌ كضَجْعَةِ المأْسُورِ
ورماه بِجَرامِيزِه أَي بنفسه. أَبو زيد: رمى فلانٌ الأَرض بِجَرامِيزِه
وأَرْواقِهِ إِذا رَمى بنفْسه. وجَرامِيزُ الرجل أَيضاً: جَسَدُه
وأَعضاؤه. ويقال: جَمَعَ جَرامِيزَه إِذا تَقَبَّضَ لِيَثِبَ. وفي حديث عمر،
رضي الله عنه: أَنه كان يجمع جَرامِيزَه ويَثِبُ على الفرس، قيل: هي اليدان
والرجلان، وقيل: هي جملة البدن. وتَجَرْمَزَ إِذا اجتمع. ومنه حديث
المغيرة، رضي الله عنه، لما بُعِثَ إِلى ذي الحاجبين قال: قلتُ في نفسي لو
جمعتَ جَرامِيزَكَ ووَثَبْتَ فَقَعَدْتَ مع العِلْج. وفي حديث عيسى بن عمر:
أَقْبَلْتُ مُجْرَمِّزاً حتى اقْعَنْبَيْتُ بين يَدَي الحَسَنِ أَي
تَجَمَّعْتُ وانُقَبَضْتُ؛ والاقْعِنْباءُ: الجلوسُ. وأَخَذَ الشيءَ
بِجَرامِيزِه وحَذافِيرِه أَي بجميعه. ويقال: جَمَعَ فلانٌ لفلان جَرامِيزَه إِذا
استعدّ له وعزم على قصده.
وتَجَرْمَزَ إِذا ذهب. وتَجَرْمَزَ الليلُ: ذهب؛ قال الراجز:
لما رأَيتُ الليلَ قد تَجَرْمَزَا،
ولم أَجِدْ عَمَّا أَمامي مَأْرِزَا
وجَرْمَزَ الرجلُ: نَكَصَ، وقيل أَخطأَ. وفي حديث الشَّعْبيِّ وقد بلغه
عن عكرمة فُتْيا في طلاق فقال: جَرْمَزَ مَوْلى ابنِ عباس أَي نَكَصَ عن
الجواب وفَرَّ منه وانقبض عنه. وتَجَرْمَزَ واجْرَمَّزَ: ذهب.
وتَجَرْمَزَ عليهم: سقط. أَبو داود عن النضر قال: قال المُنْتَجِعُ يُعْجِبُهُم
كلُّ عامٍ مُجْرَمِّزِ الأَوّلِ أَي ليس في أَوّله مطر.
والجَرْمُوزُ: حوضٌ، قيل: هو الحوض الصغير؛ قال أَبو محمد
الفَقْعَسِيُّ:كأَنها، والعَهْد مُذْ أَقْياظِ،
أُسُّ جَرامِيزَ على وِجاذِ
قال: والضمير في كأَنها يعود على أَثافيَّ ذكرها قبل البيت وهي حجارة
القِدْرِ، شبهها بأُسِّ أَحْواضٍ على وِجاذٍ، وهي جمع وَجْذٍ لنُقْرَةٍ في
الجبل تُمْسِكُ الماء. وقوله: والعهد مذ أَقياظ أَي في وقت القَيْظ فليس
في الوِجاذِ ولا الأَحواض ماء؛ وقال ذو الرمة:
ونَشَّتْ جَرامِيزُ اللِّوَى والمَصانِع
الليث: الجُرمُوزُ حَوْضٌ مُتَّخَذٌ في قاع أو روضةٍ مُرْتَفِع
الأَعْضادِ فيسيل منه الماء ثم يَفْرُغُ بعد ذلك، وقيل: الجُرْمُوزُ البيت
الصغير.وبنو جُرْمُوزٍ: بطن. وابن جُرْمُوزٍ: قاتلُ الزُّبَيْرِ، رحمه
الله.
دقع: الدَّقْعاء: عامَّةُ الترابِ، وقيل: الترابُ الدَّقيق على وجه
الأَرض؛ قال الشاعر:
وجَرَّتْ به الدَّقْعاء هَيْفٌ، كأَنَّها
تَسُحُّ تُراباً من خَصاصاتِ مُنْخُلِ
والدِّقْعِمُ، بالكسر: الدَّقْعاء، الميم الزائدة، وحكى اللحياني: بفِيه
الدِّقْعِم كما تقول وأَنت تدعو عليه: بفِيه التراب وقال: بفِيه
الدَّقْعاء والأَدْقع يعني التراب. قال: والدَّقاعُ والدُّقاعُ التراب؛ وقال
الكميت يصف الكلاب:
مَجازِيعُ قَفْرٍ مَداقِيعُه،
مَسارِيفُ حتى يُصِبْن اليَسارا
قال: مَداقِيعُ ترضى بشيء يسير. قال: والدَّاقِعُ الذي يَرْضَى بالشيء
الدُّون.
والمُدْقَع: الفقير الذي قد لَصِقَ بالتراب من الفقر. وفَقْر مُدْقِع
أَي مُلْصِق بالدَّقْعاء. وفي الحديث: لا تَحِلُّ المسأَلةُ إِلا لذي فَقْر
مُدْقِع أَي شديد مُلْصِق بالدَّقعاء يُفْضِي بصاحبه إِلى الدَّقعاء.
وقولهم في الدعاء: رماه الله بالدَّوقَعة؛ هي الفقر والذُّلُّ، فَوْعلة من
الدقع. والمَداقِيعُ: الإِبل التي كانت تأْكل النبت حتى تُلْزِقَه
بالدَّقْعاء لقلته.
ودَقِعَ الرَّجلُ دَقَعاً وأَدْقَع: لَصِقَ بالدَّقعاء وغيره من أَي شيء
كان، وقيل: لصق بالدقْعاء فَقراً، وقيل ذُلاًّ. ودَقِعَ دَقَعاً
وأَدْقَع: افتقر. ورأَيت القومَ صَقْعَى دَقْعَى أَي لاصقين بالأَرض. ودَقِعَ
دَقَعاً وأَدْقَعَ: أَسَفَّ إِلى مَداقّ الكسب، فهو داقِعٌ. والدَّاقِعُ:
الكئيب المُهْتَم أَيضاً. ودَقَع دَقْعاً ودُقُوعاً ودَقِعَ دَقَعاً، فهو
دَقِعٌ: اهْتَمَّ وخضَعَ؛ قال الكميت:
ولم يَدْقَعُوا، عندما نابَــهُم،
لصَرْفِ الزَّمانِ، ولم يَخْجَلُوا
يقول: لم يستكينوا للحرب. والدَّقَعُ: سوء احتمال الفقر، والفِعْل
كالفعل والمصدر كالمصدر، والخجل: سوء احتمال الغنى. وفي الحديث: أَنه، صلى
الله عليه وسلم، قال للنساء: إِنَّكُنَّ إِذا جُعْتُنَّ دَقِعْتُنَّ وإِذا
شَبِعْتُنَّ خَجِلْتُنَّ؛ دَقِعْتنَّ أَي خَضَعْتُنَّ ولَزِقْتُنَّ
بالتراب. والدقَعُ: الخُضوع في طلَب الحاجةِ والحِرْصُ عليها، مأْخوذ من
الدَّقْعاء، وهو التراب، أَي لَصِقْتُنَّ بالأَرض من الفقر والخُضوع.
والخَجَلُ: الكَسَلُ والتَّواني في طلب الرِّزق.
والداقِعُ والمِدْقَعُ: الذي لا يُبالي في أَيّ شيء وقع في طعام أَو
شراب أَو غيره، وقيل: هو المُسِفُّ إِلى الأُمور الدَّنِيئة.
وجُوع دَيْقُوعٌ: شديد، وهو اليَرْقُوع أَيضاً، وقال النضر: جُوع
أَدْقَعُ ودَيْقُوع، وهو من الدَّقْعاء. الأَزهري: الجوع الدَّيْقُوع
والدُّرْقُوع الشديد، وكذلك الجوع البُرْقوع واليَرْقُوع؛ وقدِمَ أَعرابي الحَضَر
فشَبِعَ فاتّخَم فقال:
أَقُولُ للقَوْمِ لمَّا ساءني شِبَعي:
أَلا سَبيل إِلى أَرْضٍ بها الجُوعُ؟
أَلا سبيل إِلى أَرْضٍ يكون بها
جُوعٌ، يُصَدَّعُ منه الرأْسُ، دَيْقُوعُ؟
ودَقِع الفصيل: بَشِم كأَنه ضِد. وأَدقَع له وإِليه في الشتم وغيره:
بالَغَ ولم يتكَرَّم عن قبيح القول ولم يَأْلُ قَذَعاً.
والدَّوْقَعةُ: الدَّاهِيةُ. والدَّقْعاء: الذُّرة، يمانية.
دسع: دَسَع البعيرُ بِجِرَّته يَدْسَعُ دَسْعاً ودُسُوعاً أَي دَفَعها
حتى أَخرجها من جوفه إِلى فيه وأَفاضها، وكذلك الناقة.
والدَّسْعُ: خُروج القَريض بمرَّة، والقَريضُ جِرَّة البعير إِذا
دَسَعَه وأَخرجه إِلى فيه.
والمَدْسَعُ: مَضِيقُ مَوْلِج المَريء في عظم ثُغْرة النحر، وفي
التهذيب: وهو مَجْرَى الطعام في الحلق، ويسمى ذلك العظم الدَّسِيعَ.
والدسيعُ من الإِنسان: العظم الذي فيه التَّرْقُوَتانِ، وهو مُرَكَّبُ
العُنُق في الكاهل، وقيل: الدَّسِيعُ الصدر والكاهل؛ قال ابن مقبل:
شَديدُ الدَّسيعِ دُقاقُ اللَّبان،
يُناقِلُ بعدَ نِقالٍ نِقالا
وقال سَلامة بن جَندل يصف فرساً:
يَرْقى الدسيعُ إِلى هادٍ له تَلَعٌ،
في جُؤْجُؤٍ كَمَداكِ الطِّيبِ مَخْضوبِ
وقال ابن شميل: الدَّسيعُ حيث يَدْفع البعير بِجِرَّتِه دفَعها بمرة
إِلى فيه وهو موضع المَريء من حَلْقه، والمريء: مَدْخَل الطعام والشراب.
ودَسيعا الفرسِ: صَفْحتا عنقه. من أَصلهما، ومن الشاة موضع التَّرِيبةِ،
وقيل: الدَّسيعة من الفرس أَصل عُنقه والدسيعةُ: مائدةُ الرجل إِذا كانت
كريمة، وقيل: هي الجَفْنة سميت بذلك تشبيهاً بدَسِيع البعير لأَنه لا يخلو
كلما اجْتَذَب منه جِرّة عادت فيه أُخرى، وقيل: هي كَرَمُ فِعْله، وقيل:
هي الخِلْقة، وقيل: الطَّبيعة والخلُقُ.
ودَسَع الجُحْرَ دَسْعاً: أَخذ دِساماً من خِرْقة وسَدَّه به. ودَسَع
وفلان بَقَيْئه إِذا رمى به. وفي حديث علي، كرم الله وجهه، وذكر ما يوجب
الوضوء فقال: دَسْعةٌ تَمْلأ الفم؛ يريد الدَّفْعة الواحدة من القيءِ،
وجعله الزمخشري حديثاً عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: هي من دسَع
البعيرُ بجِرَّته دَسْعاً إِذا نزعها من كَرِشه وأَلقاها إِلى فيه. ودَسَع
الرجلُ يَدْسَع دَسْعاً: قاء؛ ودَسَع يَدْسَعُ دَسْعاً: امْتَلأَ؛ قال:
ومُناخ غير تائيَّةٍ عَرَّسْتُه،
قَمِن من الحِدْثانِ، نابــي المَضْجَعِ
(* قوله «ومناخ إلخ» تقدم البيتان في مادة بضع على غير هذه الصورة.)
عَرَّسْته، ووِسادُ رأْسي ساعِدٌ،
خاظي البَضيعِ، عُروقُه لم تَدْسَعِ
والدَّسْع: الدَّفْع كالدَّسْر. يقال: دَسَعَه يَدْسَعُه دَسْعاً
ودَسِيعةً. والدَّسِيعة: العَطِيَّةُ. يقال: فلان ضَخْمُ الدَّسِيعة، ومنه حديث
قيس: ضَخْم الدَّسِيعةِ؛ الدَّسِيعةُ ههنا: مُجْتَمَعُ الكَتِفين، وقيل:
هي العُنُق؛ قال الأَزهري: يقال ذلك للرجل الجَواد، وقيل: أَي كثير
العَطِية، سميت دَسِيعة لدفع المُعْطي إِياها بمرة واحدة كما يدفع البعير
جِرّته دَفْعة واحدة. والدَّسائعُ: الرغائب الواسعة. وفي الحديث أَن الله
تعالى يقول يوم القيامة: يا ابن آدم أَلم أَحْمِلْك على الخيل، أَلم
أَجعَلْك تَرْبَعُ وتَدْسَعُ؟ تَرْبعُ: تأْخذ ربع الغنيمة وذلك فِعْل الرئيس،
وتَدْسَعُ: تُعْطِي فَتُجْزِل، ومنه ضَخْم الدَّسيعةِ؛ وقال علي بن عبد
الله بن عباس:
وكِنْدةُ مَعْدِنٌ لِلمُلْك قِدْماً،
يَزينُ فِعالَهم عِظَمُ الدَّسِيعهْ
ودَسع البحرُ بالعَنْبَر ودَسَر إِذا جمعه كالزَّبَد ثم يَقْذِفه إِلى
ناحية فيؤخذ، وهو من أَجْود الطِّيب. وفي حديث كتابه بين قُريش والأَنصار:
وإِن المؤمنين المتقين أَيديهم على مَن بَغى عليهم أَو ابْتَغى دَسِيعةَ
ظُلْم أَي طلَب دَفْعاً على سبيل الظلم فأَضافه إِليه، وهي إِضافة بمعنى
من؛ ويجوز أَن يراد بالدَّسِيعة العَطِيَّة أَي ابتغى منهم أَن يَدْفعوا
إِليه عطية على وجه ظُلمهم أَي كونهم مَظْلومين، وأَضافها إِلى ظُلمه
(*
قوله «الى ظلمه» كذا في الأصل تبعاً للنهاية بهاء الضمير.) لأَنه سبب
دفعهم لها. وفي حديث ظَبْيان وذكر حِمْيَر. فقال: بَنوا المَصانِعَ
واتَّخَذُوا الدَّسائع؛ يريد العطايا. وقيل: الدَّسائعُ الدَّساكرُ،وقيل:
الجِفان والموائد، وفي حديث معاذ قال: مرَّ بي النبي، صلى الله عليه وسلم،
وأَنا أَسلخُ شاة فدَسَعَ يَده بين الجِلْد واللحمِ دَسْعَتَين أَي
دَفَعها.
عرس: العَرَسُ، بالتحريك: الدَّهَشُ. وعَرِسَ الرجل وعَرِشَ، بالكسر
والسين والشين، عَرَساً، فهو عَرِسٌ: بَطِرَ، وقيل: أَعْيَا ودَهِشَ؛ وقول
أَبي ذؤيب:
حتى إِذا أَدْرَكَ الرَّامِي، وقد عَرِسَتْ
عنه الكِلابُ؟ فأَعْطاها الذي يَعِدُ
عدّاه بعن لأَن فيه معنى جَبُنَتْ وتأَخرت، وأَعطاها أَي أَعطى
الثَّوْرُ الكِلابَ ما وعدها من الطَّعْن، ووَعْدُه إِياها، كأَنْ يتهيَّأَ
ويتحرّف إِليها ليطعنُها. وعَرِسَ الشيءُ عَرَساً: اشتَدَّ. وعَرِسَ الشَّرُّ
بينهم: لزِمَ ودامَ. وعَرِسَ به عَرَساً: لَزِمَه. وعَرِسَ عَرَساً، فهو
عَرِسٌ: لزم القتالَ فلم يَبْرَحْه. وعَرِسَ الصبي بأُمه عَرَساً:
أَلِفَها ولزمها.
والعُرْسُ والعُرُس: مِهْنَةُ الإِملاكِ والبِناء، وقيل: طعامه خاصة،
أُنثى تؤنثها العرب وقد تذكر؛ قال الراجز:
إِنَّا وجَدْنا عُرُسَ الحَنَّاطِ
لَئِيمَةً مَذْمُومَةَ الحُوَّاطِ،
نُدْعى مع النَّسَّاجِ والخَيَّاطِ
وتصغيرها بغير هاء، وهو نادر، لأَن حقه الهاء إِذ هو مؤنث على ثلاثة
أَحرف. وفي حديث ابن عمر: أَن امرأَة قالت له: إِن ابنتي عُرَيِّسٌ وقد
تَمَعَّطَ شعرها؛ هي تصغير العَرُوس، ولم تلحقه تاء التأْنيث وإِن كان مؤنثاً
لقيام الحرف الرابع مَقامه، والجمع أَعْراسٌ وعُرُسات من قولهم: عَرِسَ
الصبي بأُمه، على التَّفاؤل.
وقد أَعْرَسَ فلان أَي اتخذ عُرْساً. وأَعْرَسَ بأَهله إِذا بَنَى بها
وكذلك إِذا غشيها، ولا تَقُلْ عَرَّسَ، والعامة تقوله؛ قال الراجز يصف
حماراً:
يُعْرِسُ أَبْكاراً بها وعُنَّسا،
أَكْرَمُ عِرْسٍ باءةً إِذْ أَعْرَسا
وفي حديث عمر: أَنه نَهَى عن مُتعة الحج، وقال: قد علمت أَن النبي، صلى
اللَّه عليه وسلم، فعَله ولكني كرهت أَن يَظَلوا مُعْرِسين بهن تحت
الأَراكِ، ثم يُلَبُّونَ بالحج تَقْطُرُ رؤوسهم؛ قوله مُعْرِسِين أَي
مُلِمِّين بنسائهم، وهو بالتخفيف، وهذا يدل على أَن إِلْمام الرجل بأَهله يسمى
إِعراساً أَيام بنائه عليها، وبعد ذلك، لأَن تمتع الحاج بامرأَته يكون بعد
بنائه عليها. وفي حديث أَبي طلحة وأُم سُليم: فقال له النبي، صلى اللَّه
عليه وسلم: أَعْرَسْتُمُ الليلة؟ قال: نعم؛ قال ابن الأَثير: أَعْرَسَ
الرجل، فهو مُعْرِسٌ إِذا دخل بامرأَته عند بنائها، وأَراد به ههنا الوطء
فسماه إِعْراساً لأَنه من توابع الإِعْراس، قال: ولا يقال فيه عَرَّسَ.
والعَرُوسُ: نعت يستوي فيه الرجل والمرأَة، وفي الصحاح: ما داما في
إِعْراسهما. يقال: رجل عَرُوس في رجال أَعْراس وعُرُس، وامرأَة عَرُوس في
نسوة عَرائِس. وفي المثل: كاد العَرُوس يكون أَميراً. وفي الحديث: فأَصبح
عَرُوساً. يقال للرجل عَرُوسٌ كما يقال للمرأَة، وهو اسم لهما عند دخول
أَحدهما بالآخر. وفي حديث حسان بن ثابت، أَنَّه كان إِذا دعي إِلى طَعام قال
أَفي خُرْسٍ أَو عُرْس أَو إِعْذارٍ؟ قال أَبو عبيد في قوله عُرْس: يعني
طعام الوليمة وهو الذي يعمل عند العُرْس يسمى عُرْساً باسم سببه. قال
الأَزهري: العُرُس اسم من إِعْراسِ الرجل بأَهله إِذا بَنى عليها ودخل بها،
وكل واحد من الزوجين عَرُوس؛ يقال للرجل: عَرُوس وعُرُوس وللمرأَة كذلك،
ثم تسمى الوليمة عُرْساً. وعِرْسُ الرجل: امرأَته؛ قال:
وحَوْقَل قَرَّبَهُ من عِرْسِهِ
سَوْقي، وقد غابَ الشِّظاظُ في اسْتِهِ
أَراد: أَن هذا المُسِنَّ كان على الرجل فنام فحَلَم بأَهله، فذلك معنى
قوله قرَّبه من عِرْسِهِ لأَن هذا المسافر لولا نومُه لم يَرَ أَهله، وهو
أَيضاً عِرْسُها لأَنهما اشتركا في الاسم لمواصلة كل واحد منهما صاحبه
وإِلفِهِ إِياه؛ قال العجاج:
أَزْهَر لم يُولَدُ بِنَجْمٍ نَحْسِ،
أَنْجَب عِرْسٍ جُبِلا وعِرْسِ
أَي أَنجب بعل وامرأَة، وأَراد أَنجب عِرس وعِرْس جُبلا، وهذا يدل على
أَن ما عطف بالواو بمنزلة ما جاء في لفظ واحد، فكأَنه قال: أَنجب
عِرْسَيْن جُبِلا، لولا إِرادة ذلك لم يجز هذا لأَن جُبِلا وصف لهما جميعاً ومحال
تقديم الصفة على الموصوف، وكأَنه قال: أَنْجَبُ رجل وامرأَة. وجمع
العِرْس التي هي المرأَة والذي هو الرجل أَعْراسٌ، والذكر والأُنثى عِرْسانِ؛
قال علقمة يصف ظَلِيماً:
حتى تَلافَى، وقَرْنُ الشَّمسِ مُرْتَفِعٌ،
أُدْحِيَّ عِرْسَيْنِ فيه البَيْضُ مَرْكُومُ
قال ابن بري: تلافى تدارك. والأُدْحِيُّ: موضع بيضِ النعامةِ. وأَراد
بالعِرْسَينِ الذكر والأُنثى، لأَن كل واحد منهما عِرْسٌ لصاحبه.
والمَرْكُوم: الذي رَكِبَ بعضه بعضاً. ولَبُوءَة الأَسد: عِرْسُه؛ وقد استعاره
الهذلي للأَسد فقال:
لَيْثٌ هِزَبْرٌ مُدِلٌّ حَوْلَ غابَتِه
بالرَّقْمَتَيْنِ، له أَجْرٍ وأَعْراسُ
قال ابن بري: البيت لمالك بن خُوَيْلد الخُناعي؛ وقبله:
يا مَيُّ لا يُعْجِز الأَيامَ مُجْتَرِئٌ،
في حَوْمَةِ المَوْتِ، رَزَّامٌ وفَرَّاسُ
الرَّزَّام: الذي له رَزيم، وهو الزئير. والفَرَّاس: الذي يَدُقَ عُنُقَ
فَريسَتِه، ويسمى كل قَتْل فَرْساً. والهزير: الضخْم الزُّبْرَة. وذكر
الجوهري عِوَضَ حَوْلَ غايَتِهِ: عند خيسَتِه، وخيسةُ الأَسدِ: أَجَمَتُه.
ورقْمَهُ الوادي: حيث يجتمع الماء. ويقال: الرقمة الروضة. وأَجْرٍ: جمع
جَرْوٍ، وهو عِرْسُها أَيضاً؛ واستعاره بعضهم للظَّليم والنعامة فقال:
كبَيْضَةِ الأُدْحِيِّ بين العِرْسَيْنْ
وقد عَرَّسَ وأَعْرَسَ: اتخذها عِرْساً ودخل بها، وكذلك عَرَّس بها
وأَعْرَس. والمُعْرِسُ: الذي يغشى امرأَته. يقال: هي عِرْسُه وطَلَّتُه
وقَعيدتُه؛ والزوجان لا يسمِّيان عَروسَيْن إِلا أَيام البناء واتخاذ
العُرْسِ، والمرأَة تسمى عِرْسَ الرجل في كل وقت. ومن أَمثال العرب: لا مُخْبَأَ
لِعِطْرٍ بعد عَرُوسٍ؛ قال المفضَّل: عَرُوسٌ ههنا اسم رجل تزوج امرأَة،
فلما أُهديت له وجدها تَفِلَةً، فقال: أَين عِطْرُك؟ فقالت: خَبَأْتُه،
فقال: لا مخبأَ لعطر بعد عروس، وقيل: إِنها قالته بعد موته. وفي الحديث:
أَن رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، قال: إِذا دُعي أَحدكم إِلى وليمة
عُرْس فليُجِب.
والعِرِّيسَة والعِرِّيس: الشجر الملتف، وهو مأْوى الأَسد في خِيسه؛ قال
رؤبة:
أَغْيالَه والأَجَمَ العِرِّيسا
وصف به كأَنه قال: والأَجم الملتف أَو أَبدله لأَنه اسم: وفي المثل:
كمُبْتَغي الصَّيدِ في عِرِّيسَةِ الأَسَدِ
وقال طرَفة:
كَلُيُوثٍ وسْطَ عِرِّيسِ الأَجَمْ
فأَما قوله جرير:
مُسْتَحْصِدٌ أَجَمِي فيهم وعِرِّيسي
فإَنه عنى منبت أَصله في قومه.
والمُعَرِّسُ: الذي يسير نهاره ويُعَرِّسُ أَي ينزل أَول الليل، وقيل:
التَعْريسُ النزول في آخر الليل. وعَرَّس المسافر: نزل في وجه السَّحَر،
وقيل: التَعريسُ النزول في المَعْهَد أَيَّ حين كان من ليل أَو نهار؛ قال
زهير:
وعَرَّسُوا ساعةً في كَثْبِ أَسْنُمَةٍ،
ومنهمُ بالقَسُومِيَّاتِ مُعْتَرَكُ
ويروى:
ضَحَّوْا قليلاً قَفا كُثْبانِ أَسْنُمَةٍ
وقال غيره: والتَّعْريسُ نزول القوم في السفر من آخر الليل، يَقَعُون
فيه وقْعَةً للاستراحة ثم يُنيخون وينامون نومة خفيفة ثم يَثُورون مع
انفجار الصبح سائرين؛ ومنه قول لبيد:
قَلَّما عَرَّسَ حتى هِجْتُه
بالتَّباشِيرِ من الصُّبْحِ الأُوَلْ
وأَنشدت أَعرابية من بني نُمير:
قد طَلَعَتْ حَمْراء فَنْطَلِيسُ،
ليس لرَكْبٍ بَعْدَها تَعْريسُ
وفي الحديث: كان إِذا عَرَّسَ بليل تَوسَّد لَبِينَةً، وإِذا عَرَّسَ
عند الصُّبح نصب ساعدَه نصباً ووضع رأْسه في كفه. وأَعْرَسُوا: لغة فيه
قليلة، والموضع: مُعَرَّسٌ ومُعْرَسٌ. والمُعَرَّسُ: موضع التَعْريس، وبه
سمي مُعَرَّسُ ذي الحُليفة، عَرَّس به، صلى اللَّه عليه وسلم، وصلى فيه
الصبح ثم رحل. والعَرَّاسُ والمُعَرِّسُ والمِعْرَسُ بائع الأَعراسِ، وهي
الفُصلان الصِّغار، واحدها عَرْسٌ وعُرْسٌ. قال: وقال أَعرابي بِكَمِ
البَلْهاء وأَعْراسُها؟ أَي أَولادها.
والمِعْرَسُ: السائق الحاذق بالسياق، فإِذا نَشِط القوم سار بهم، فإِذا
كَسِلوا عَرَّسَ بهم والمِعْرَسُ: الكثير التزويج. والعَرْس: الإِقامة في
الفرحِ.
والعَرَّاس بائع العُرُسِ، وهي الحبال، واحدها عَريسٌ. والعَرْسُ:
الحبل. والعَرْسُ: عمود في وسط الفُِسطاطِ. واعْتَرَسوا عنه: تفرَّقوا؛ وقال
الأَزهري: هذا حرف منكر لا أَدري ما هو. والبيت المُعَرَّسُ: الذي عُمِلَ
له عَرْسٌ، بالفتح. والعَرْسُ: الحائط يجعل بين حائطي البيت لا يُبلغ به
أَقصاه ثم يوضع الجائز من طَرف ذلك الحائط الداخل إِلى أَقصى البيت
ويسقَف البيت كله، فما كان بين الحائطين فهو سَهوة، وما كان تحتَ الجائِز فهو
المُخْدع، والصاد فيه لغة، وسيذكر. وعَرَّسَ البيتَ: عِمل له عَرْساً.
وفي الصحاح: العَرْسُ، بالفتح، حائط يجعل بين حائطي البيت الشَّتْوي لا
يُبلغ به أَقصاه، ثم يسقَف ليكون البيت أَدْفَأَ، وإِنما يُفعل ذلك في
البلاد الباردة، ويسمى بالفارسية بيجه، قال: وذكر أَبو عبيدة في تفسيره شيئاً
غير هذا لم يرتضه أَبو الغوث.
وعَرَسَ البعيرَ يَعْرِسُه ويَعْرُسُه عَرْساً: شد عنُقه مع يديه جميعاً
وهو بارك. والعِراسُ: ما عُرِسَ به؛ فإَذا شَد عنقه إِلى إِحدى يديه فهو
العَكْسُ، واسم ذلك الحبل العِكاسُ.
واعْتَرَسَ الفحل الناقة: أَبركها للضِّراب. والإِعْراس: وضع الرحى على
الأُخرى؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّ على إِعْراسِه وبِنائِه
وئِيدَ جِيادٍ قُرَّحٍ، ضَبَرَتْ ضَبْراً
أَراد على موضع إِعْراسه.
وابنُ عِرْسٍ: دُوَيْبَّة معروفة دون السِّنَّوْر، أَشْتَرُ أَصْلَمُ
أَصَكُّ له ناب، والجمع بنات عِرْسٍ، ذكراً كان أَو أُنثى، معرفة ونكرة
تقول: هذا ابن عِرْسٍ مُقْبلاً وهذا ابن عِرْسٍ آخر مقبل، ويجوز في المعرفة
الرفع ويجوز في النكرة النصب؛ قاله المفضل والكسائي. قال الجوهري: وابن
عِرْسٍ دُوَيْبَّة تسمى بالفارسية راسو، ويجمع على بنات عِرْسٍ، وكذلك ابن
آوى وابن مَخاض وابن لَبُون وابن ماء؛ تقول: بنات آوى وبنات مخاض وبنات
لبون وبنات ماء، وحكى الأَخفش: بنات عِرْسٍ وبنو عِرْسٍ، وبنات نَعْش
وبنو نعش.
والعِرْسِيُّ: ضرب من الصِّبغ، سمي به للونهِ كأَنه يشبه لونَ ابن عِرْس
الدابة.
والعَرُوسِي: ضرب من النخل؛ حكاه أَبو حنيفة.
والعُرَيْساء: موضع. والمَعْرَسانيَّاتُ: أَرض؛ قال الأَخطل:
وبالمَعْرَسانِيَّاتِ حَلَّ، وأَرْزَمَتْ،
بِرَوْضِ القَطا منه، مَطافِيلُ حُفَّلُ
وذات العَرائِسِ: موضع. قال الأَزهري: ورأَيت بالدهناء جبالاً من نقْيان
رمالها يقال لها العَرائِسُ، ولم أَسمع لها بواحد.
عذم: عَذَمَ يَعْذِمُ عَذْماً: عَضَّ. وفرسٌ عَذِمٌ وعَذُومٌ: عَضُوضٌ.
والعَذْمُ: العَضُّ والأَكْلُ بجَفاء. يقال: فرسٌ عَذومٌ
للذي يَعْذِمُ بأَسْنانِه أَي يَكْدِمُ. قال ابن بري: العَذْمُ
بالشَّفةِ والعضُّ بالأَسنان. وعذَمَه بلسانه يَعْذِمُه عَذْماً: لامَه وعنَّفَه.
والعَذْمُ: الأَخذُ باللِّسان واللَّوْمُ. والعُذُمُ: اللَّوَّامُون
والمُعاتِبون؛ قال أَبو خِراش:
يعُودُ على ذي الجَهْلِ بالحِلْمِ والنُّهَى،
ولم يكُ فَحّاشاً على الجارِ ذا عَذْمِ
والعَذِيمةُ: المَلامةُ، والجمعُ العذائمُ؛ قال:
يَظَلُّ مَنْ جاراه في عَذَائِمِ،
مِن عُنْفُوانِ جَرْيه العُفاهِمِ
يقال: كانَ هذا في عُفاهِمِ شَبابهِ أَي في أَوَّله. وفي الحديث: أَن
رجلاً كان يُرائي فلا يَمُرُّ بقومٍ إلا عَذَمُوه أَي أَخذوُه بأَلسنتِهم،
وأَصلُ العَذْمِ العضُّ؛ ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه: كالــنابِ
الضَّرُوسِ تَعْذِم بفِيها وتَخْبِطُ بيدِها. وفي حديث عبد الله ابن عمرو بن
العاص: فأَقْبلَ عليَّ أَبي فعَذَمَني وعضَّني بلِسانه.
قال الأَزهري: العُذَّامُ شجرٌ من الحَمْض يَنْتمي، وانْتِماؤه
انْشِداخُ وَرقِه إذا مَسَسْتَه وله ورقٌ نحوُ ورقِ القاقُلِّ.
والعَذَمُ: نبتٌ؛ قال القطامي:
في عَثْعَثٍ يُنْبِتُ الحَوْذانَ والعَذَما
وحكاه أَبو عبيدة بالغين المعجمة، وهو تصحيف.
والعَذائمُ: شجرٌ من الحمْض، الواحدة عُذامةٌ.
وعَذَّامٌ: اسم رجل. والعُذَامُ: مكانٌ. وموتٌ عَذَمْذَمٌ: لا يُبْقي
شيئاً. وعَذَمَه عن نفْسِه: دَفَعه، وكذلك أَعْذَمه.
والعَذُْ: المَنْعُ؛ يقال: لأَعْذِمَنَّكَ عن ذلك، قال: والمرأَة
تَعْذِمُ الرجلَ إذا أَرْبَع لها بالكلامِ أَي تَشْتِمه إذا سأَلها المكروهَ،
وهو الإرباعُ.
والعُذُمُ: البراغيثُ، واحدها عَذومٌ
(* قوله «واحدها عذوم» ويقال في
واحدها عذام كشداد كما في التكملة والقاموس).
عجم: العُجْمُ والعَجَمُ: خِلافُ العُرْبِ والعَرَبِ، يَعْتَقِبُ هذانِ
المِثالانِ كثيراً، يقال عَجَمِيٌّ
وجمعه عَجَمٌ، وخلافه عَرَبيّ وجمعه عَرَبٌ، ورجل أَعْجَم وقوم أعْجَمُ؛
قال:
سَلُّومُ، لو أَصْبَحْتِ وَسْطَ الأعْجَمِ
في الرُّومِ أَو فارِسَ، أَو في الدَّيْلَمِ،
إذاً لَزُرناكِ ولو بسُلَّمِ
وقول أَبي النَّجْم:
وطَالَما وطَالَما وطالَما
غَلَبْتُ عاداً، وغَلَبْتُ الأَعْجَما
إنما أَراد العَجَم فأَفرده لمقابلته إياه بعادٍ، وعادٌ لفظ مفرد وإِن
كان معناه الجمعَ، وقد يُرِيدُ الأَعْجَمِينَ، وإِنما أَراد أَبو النجم
بهذا الجَمْعَ أَي غلبتُ الناسَ كُلَّهم، وإن كان الأَعْجَمُ ليسوا ممن
عارَضَ أَبو النجم، لأَن أَبا النجم عربي والعَجَم غير عرب، ولم يجعل الأَلف
في قوله وطالما الأخيرةَ تأْسيساً لأَنه أَراد أَصل ما كانت عليه طال
وما جميعاً إذا لم تجعلا كلمة واحدة، وهو قد جعلهما هنا كلمة واحدة، وكان
القياسُ أَن يجعلها ههنا تأْسيساً لأَن ما ههنا تَصْحَبُ الفعلَ كثيراً.
والعَجَمُ: جمع العَجيّ، وكذلك العَرَبُ جمع العَرَبيّ، ونَحْوٌ من هذا
جَمْعُهم اليهوديَّ والمجوسيَّ اليهودَ والمجوس. والعُجْمُ: جمع الأَعْجَمِ
الذي لا يُفْصِحُ، ويجوز أَن يكون العُجْمُ جمعَ العَجَم، فكأَنه جمع
الجمع، وكذلك العُرْبُ جمعُ العَرَبِ. يقال: هؤلاء العُجْمُ والعُرْبُ؛ قال
ذو الرمة:
ولا يَرى مِثْلَها عُجْمٌ ولا عَرَبُ
فأَراد بالعُجْم جمعَ العَجَمِ لأَنه عطف عليه العَرَبَ. قال أَبو إسحق:
الأَعْجَمُ الذي لا يُفْصِحُ ولا يُبَيِّنُ كلامَه وإِن كانَ عَرَبيَّ
النَّسبِ كزيادٍ الأَعْجَمِ؛ قال الشاعر:
مَنْهَل للعبادِ لا بُدَّ منه،
مُنْتَهى كلِّ أَعْجَمٍ وفَصِيح
والأُنثى عَجْماءُ، وكذلك الأَعْجَميُّ، فأَما العَجَميُّ فالذي من جنس
العَجَم، أَفْصَحَ أَو لم يُفْصِحْ، والجمع عَجَمٌ كَعَرَبيٍّ وعَرَبٍ
وعَرَكيٍّ وعَرَكٍ ونَبَطيٍّ ونَبَطٍ وخَوَليٍّ وخَوَلٍ وخَزَريٍّ وخَزَرٍ.
ورجل أَعْجَميٌّ
وأَعْجَمُ إذا كان في لسانه عُجْمة، وإن أَفْصَحَ بالعجمية، وكلامٌ
أَعْجَمُ
وأَعْجَميٌّ بَيِّنُ العُجْمة. وفي التنزيل: لِسانُ الذي يُلْحدُونَ
إليه أَعْجَمِيٌّ؛ وجمعه بالواو والنون، تقول: أَحْمَرِىٌّ وأَحْمَرُونَ
وأَعْجَمِيٌّ وأَعْجَموُن على حَدِّ أَشْعَثِيٍّ وأَشْعَثِينَ وأَشْعَريٍّ
وأَشْعَرِينَ؛ وعليه قوله عز وجل: ولو نَزَّلْناه على بَعْضِ
الأَعْجَمِينَ؛ وأَما العُجْمُ فهو جمع أَعْجَمَ، والأَعْجَمُ الذي يُجْمَعُ على
عُجْمٍ يَنْطَلِقُ على ما يَعْقِلُ وما لا يَعْقِل، قال الشاعر:
يَقُولُ الخَنا وأَبْغَضُ العُجْمِ ناطقاً،
إلى ربِّنا، صَوْتُ الحِمارِ اليُجَدَّعُ
ويقال: رَجُلانِ أعْجمانِ، ويُنْسَبُ إلى الأَعْجَمِ الذي في لسانه
عُجْمةٌ فيقال: لسانٌ أَعْجَميٌّ وكِتابٌ أَعْجَميٌّ، ولا يقال رجل
أَعجميٌّفتَنسُبه إلى نفسه إلاَّ أَن يكون أَعْجَمُ وأَعْجَمِيٌّ بمعنىً مثل
دَوَّارٍ ودَوَّاريّ وجَمَلٍ قَعْسَرٍ وقَعْسَريٍّ، هذا إذا ورَدَ ورُوداً
لا يُمْكِنُ رَدُّه. وقال ثعلب: أَفْصَحَ الأَعْجَمِيٌّ؛ قال أَبو سهل:
أَي تكلم بالعربية بعد أَن كان أَعْجَمِيّاً، فعلى هذا يقال رجل
أَعْجَمِيٌّ، والذي أَراده الجوهري بقوله: ولايقال رجل أَعْجَمِيٌّ، إنما أَراد به
الأَعْجَمَ الذي في لسانه حُبْسَةٌ وإن كان عربيّاً؛ وأَما قولُ ابنِ
مَيَّادَةَ، وقيل هو لمِلْحَة الجَرْميّ:
كأَنَّ قُرادَيْ صَدْرِه طَبَعَتْهما،
بطينٍ من الجَوْلان، كُتَّابُ أَعْجَمِ
فلم يُرِدْ به العَجَمَ وإنما أَراد به كُتَّابَ رَجُلٍ أَعجَمَ، وهو
مَلِكُ الروم. وقوله عَزَّ وجَلَّ: أَأَعْجَمِيٌّ وعربيٌّ، بالاستفهام؛ جاء
في التفسير: أَيكون هذا الرسولُ عربيّاً والكتابُ أَعجمي. قال الأَزهري:
ومعناه أَن الله عز وجل قال: ولو جعلناه قرآناً أَعْجَمِيّاً لقالوا
هَلاَّ فُصِّلَتْ آياتُه عَرَبِيَّةً مُفَصَّلةَ الآي كأَن التَّفْصِيل
للسان العَرَب، ثم ابتدأَ فقال: أَأََعجمي وعربي، حكايةً عنهم كأَنهم
يَعَْجبون فيقولون كتابٌ أَعجميّ ونبيّ عربي، كيف يكون هذا؟ فكان أَشد لتكذيبهم،
قال أَبو الحسن: ويُقرأ أَأَعجمي، بهمزتين، وآعجمي بهمزة واحدة بعدها
همزة مخففة تشبه الأَلف، ولا يجوز أن تكون أَلفاً خالصة لأن بعدها عيناً
وهي ساكنة، ويُقرأُ أَعْجَميٌّ، بهمزة واحدة والعين مفتوحة؛ قال الفراء:
وقراءة الحسن بغير استفهام كأنه جعله من قِبَلِ الكَفَرَة، وجاء في التفسير
أَن المعنى لو جعلناه قرآناً أَعجميّاً لقالوا هَلاّ بُيِّنَتْ آياته،
أَقرآنٌ
ونَبيٌّ عَربي، ومن قرأَ آعجمي بهمزة وأَلف فإنه منسوب إلى اللسان
الأَعجمي، تقول: هذا رجل أَعْجميٌّ
إذا كان لا يُفْصِحُ، كان من العَجَمِ أَو من العَرَب. ورجل عَجَمِيٌّ
إذا كان من الأَعاجِم، فَصِيحاً كان أَو غير فصيح، والأَجْوَدُ في
القراءةِ آعْجَميٌّ، بهمزة وأَلف على جهة النسبة إلى الأَعْجَمِ، ألا تَرى
قَوْلَه: ولو جعلناه قرآناً أَعجميّاً؟ ولم يقرأْه أحد عَجَمِيّاً؛ وأَما
قراءة الحسن: أَعَجَمِيٌّ
وعربي، بهمزة واحدة وفتح العين، فعلى معنى هَلاَّ بُيِّنَتْ آياتُه
فَجُعِلَ بعضُه بياناً للعَجَم وبعضُه بياناً للعرب. قال: وكل هذه الوجوه
الأَربعة سائغةٌ في العربية والتفسير.
وأَعْجَمْتُ الكتابَ: ذَهَبْتُ به إلى العُجْمَةِ، وقالوا: حروفُ
المُعْجم فأَضافوا الحروفَ إلى المُعْجَم، فإن سأَل سائل فقال: ما معنى حروف
المعجم؟ هل المُعْجَم صفةٌ لحروفٍ هذه أَو غير وصف لها؟ فالجواب أَنَّ
المُعْجَم من قولنا حروفُ المُعْجَم لا يجوز أَن يكون صفة لحروفٍ هذه من
وجهين: أَحدهما أَن حروفاً هذه لو كانت غير مضافة إلى المُعْجَم لكانت نكرة
والمُعْجَم كما ترى معرفة ومحال وصف النكرة بالمعرفة، والآخر أَن الحروفَ
مضافةٌ
ومحال إضافة الموصوف إلى صفته، والعلة في امتناع ذلك أَن الصفة هي
الموصوف على قول النحويين في المعنى، وإضافةُ الشيء إلى نفسه غير جائزة، وإذا
كانت الصفةُ هي الموصوف عندهم في المعنى لم تجز إضافة الحروف إلى المعجم،
لأَنه غير مستقيم إضافةُ
الشيءِ إلى نفسه، قال: وإنما امتنع من قِبَلِ أَن الغَرَضَ في الإضافة
إنما هو التخصيصُ والتعريفُ، والشيء لا تُعَرِّفُه نفسهُ لأَنه لو كان
معرفة بنفسه لما احتيج إلى إضافته، إنما يضاف إلى غيره ليُعَرِّفَه، وذهب
محمد بن يزيد إلى أَن المُعْجَم مصدر بمنزلة الإعجام كما تقول أَدْخَلْتُه
مُدْخَلاً وأَخْرَجْتُه مُخْرَجاً أَي إدخالاً وإخراجاً. وحكى الأَخفش
أَن بعضهم قَرَأَ: ومن يُهِنِ اللهُ فما له من مُكْرَم، بفتح الراء، أَي من
إكْرامٍ، فكأَنهم قالوا في هذا الإعْجام، فهذا أَسَدُّ وأَصْوَبُ من أن
يُذْهَب إلى أَن قولهم حُروف المُعْجَم بمنزلة قولهم صلاةُ الأُولى ومسجد
الجامع، لأَن معنى ذلك صلاة الساعةِ الأُولى أَو الفَريضةِ الأُولى
ومسجد اليوم الجامع، فالأُولى غيرُ الصلاةِ في المَعنى والجامعُ غيرُ المسجد
في المعنى، وإنما هما صِفتان حُذف موصوفاهما وأُقيما مُقامَهما، وليس
كذلك حُروفُ المُعْجَم لأَنه ليس معناه حروفَ الكلامِ
المعجم ولا حروف اللفظِ المعجم، إنما المعنى أَن الحروفَ هي المعجمةُ
فصار قولنا حروف المعجم من باب إضافة المفعول إلى المصدر، كقولهم هذه
مَطِيَّةُ رُكُوبٍ أَي من شأْنها أَن تُرْكَب، وهذا سَهْمُ نِضالٍ أَي من
شأْنه أَن يُناضَلَ به، وكذلكَ حروفُ المعجم أَي من شأْنها أَن تُعجَم، فإن
قيل إن جميع الحروف ليس مُعْجَماً إنما المُعْجمُ بَعْضُها، أَلا ترى
أَنَّ الأَلفَ والحاء والدالَ ونحوها ليس معجماً فكيف استجازوا تسميةَ جميعِ
هذه الحروفِ حُروفَ المعجم؟ قيل: إنما سُمّيت بذلك لأَن الشكل الواحدَ
إذا اختلفتْ أَصواتُه، فأَعْجَمْتَ بَعْضَها وترَكْتَ بعضَها، فقد علم أَن
هذا المتروكَ بغير إعجام هو غيرُ ذلك الذي مِنْ عادته أَن يُعْجَمَ، فقد
ارتفع أَيضاً بما فعَلُوا الإشكالُ والاسْتِبْهامُ عنهما جميعاً، ولا
فرقَ بين أَن يزولَ الاستبهامُ عن الحرفِ بإعْجامٍ عليه، أَو ما يقوم مَقامَ
الإِعجام في الإيضاحِ والبيان، أَلا ترى أَنك إذا أَعْجَمْتَ الجيمَ
بواحدةٍ من أَسفلَ والخاءَ بواحدةٍ من فَوْقُ وتركتَ الحاءَ غُفْلاً فقد
عُلِمَ بإِغْفالها أَنها ليست بواحدةٍ من الحرفين الآخَرَيْن، أَعني الجيمَ
والخاء؟ وكذلك الدالُ والذالُ والصادُ وسائرُ الحروف، فلما اسْتَمَرَّ
البيانُ في جميعها جاز تسميتُها حروفَ المعجم. وسئل أَبوالعباس عن حروف
المعجم: لِمَ سُمِّيَت مُعْجَماً؟ فقال: أَما أَبو عمرو الشَّيْبانيُّ فيقول
أَعْجَمْتُ أَبهمت، وقال: والعَجَمِيُّ مُبْهَمُ الكلامِ لا يتبين
كلامُه، قال: وأَما الفراء فيقول هو من أَعْجَمْتُ الحروف، قال: ويقال قُفْلٌ
مُعْجَم وأَمْرٌ مُعْجَم إذا اعْتاصَ، قال: وسمعت أَبا الهَيْثَم يقول
مُعجمُ الخَطِّ هو الذي أَعْجَمه كاتِبُه بالنقط، تقول: أَعْجَمْتُ
الكتابَ أُعْجِمهُ إعْجاماً، ولا يقال عَجَمْتُه، إنما يقال عَجَمْتُ
العُودَ إذا عَضَضْتَه لتَعرِفَ صَلابتَه من رَخاوتِه. وقال الليث: المعجم
الحروفُ المُقَطَّعَةُ، سُمِّيت مُعْجَماً لأَنها أَعجمية، قال: وإذا قلت
كتابٌ مُعَجَّمٌ فإن تَعْجيمَه تنقيطُه لِكَيْ تسْتبِينَ عُجْمَتُه
وتَضِحَ، قال الأَزهري: والذي قاله أَبوالعباس وأَبو الهَيْثم أَبْينُ
وأَوْضَحُ. وفي حديث عطاء: سُئل عن رجل لَهَزَ رجلاً فقَطَعَ بعضَ لسانه
فعَجَمَ كلامَه فقال: يُعْرَضُ كلامُه على المُعْجَم، فما نقَصَ كلامُه منها
قُسِمَت عليه الدِّيةُ؛ قال ابن الأَثير: حروف المعجم حروف أ ب ت ث، سميت
بذلك من التَّعْجيم، وهو إزالة العُجْمة بالنقط.
وأَعْجَمْت الكتاب: خلافُ قولك أَعْرَبْتُه؛ قال رؤبة
(* قوله «قال
رؤبة» تبع فيه الجوهري، وقال الصاغاني: الشعر للحطيئة):
الشِّعرُ صَعْبٌ وطَويلٌ سُلَّمُهْ،
إذا ارْتَقَى فيه الذي لا يَعْلَمُهْ،
زَلَّتْ به إلى الحَضِيضِ قَدَمُهْ،
والشِّعْرُ لا يَسْطِيعُه مَنْ يَظْلِمُهْ،
يُريدُ أَنْ يُعْرِبَه فَيُعجِمُهْ
معناه يريد أَن يُبيِّنَه فَيَجْعَلُه مُشْكِلاً لا بَيانَ له، وقيل:
يأْتي به أَعْجَمِيّاً أَي يَلْحَنُ فيه؛ قال الفراء: رَفَعَه على
المُخالفة لأَنه يريد أَن يُعْربَه ولا يُريدُ أَن يُعْجِمه؛ وقال الأَخفش:
لوُقوعه مَوْقِع المرفوع لأَنه أَراد أَن يقول يريد أَن يعربه فيقَعُ مَوْقعَ
الإعْجام، فلما وضع قوله فيُعْجِمُه موضعَ قوله فيقعُ رَفعَه؛ وأَنشد
الفراء:
الدارُ أَقْوَتْ بَعْدَ محْرَنْجِمِ،
مِنْ مُعْرِبٍ فيها ومِنْ مُعْجِمِ
والعَجْمُ: النَّقْطُ بالسواد مثل التاء عليه نُقْطتان. يقال:
أَعْجَمْتُ الحرفَ، والتَّعْجِيمُ مِثْلُه، ولا يقال عَجَمْتُ. وحُروفُ المعجم: هي
الحُروفُ المُقَطَّعَةُ من سائر حروفِ الأُمَم. ومعنى حروفِ المعجم أَي
حروف الخَطِّ المُعْجَم، كما تقول مسجد الجامعِ أَي مسجد اليوم الجامعِ،
وصلاةُ الأُولى أَي صلاة الساعةِ الأُولى؛ قال ابن بري: والصحيح ما ذهب
إليه أَبو العباس المبرد من أَن المُعْجَم هنا مصدر؛ وتقول أَعْجَمْتُ
الكتابَ مُعْجَماً وأَكْرَمتُه مُكْرَماً، والمعنى عنده حروفُ الإعْجامِ أَي
التي من شأْنها أَن تَعْجَم؛ ومنه قوله: سَهْمُ نِضالٍ أَي من شأْنه
أَنْ يُتَناضَلَ به. وأَعْجَم الكتابَ وعَجَّمَه: نَقَطَه؛ قال ابن جني:
أَعْجَمْتُ الكتاب أَزَلْتُ اسْتِعْجامَه. قال ابن سيده: وهو عنده على
السَّلْب لأَن أَفْعَلْتُ وإن كان أَصْلُها الإثْباتَ فقد تجيء للسلب، كقولهم
أَشْكَيْتُ زيداً أَي زُلْتُ له عَمَّا يَشكُوه، وكقوله تعالى: إن الساعة
آتية أَكادُ أُخْفِيها؛ تأْويله، والله أَعلم، عند أَهل النظر أَكاد
أُظْهرها، وتلخيصُ هذه اللفظةِ أَكادُ أُزِيل خَفاءَها أَي سَتْرَها.
وقالوا: عَجَّمْتُ الكتابَ، فجاءت فَعَّلْت للسَّلْب أَيضاً كما جاءت
أَفْعَلْت، وله نظائر منها ما تقدّم ومنها ما سيأْتي، وحُروفُ المُعْجَم منه.
وكتابٌ مُعْجمٌ إذا أَعْجمَه كاتبُه بالنَّقْط؛ سُمِّي مُعْجَماً لأَن شُكول
النَّقْط فيها عُجمةٌ
لا بيانَ لها كالحروف المُعْجَمة لا بيانَ لها، وإن كانت أُصولاً للكلام
كله. وفي حديث ابن مسعود: ما كُنّا نتَعاجَمُ أَن مَلَكاً يَنْطِقُ على
لسان عُمَر أَي ما كنا نَكْني ونُوَرّي. وكلُّ مَنْ لم يُفْصح بشيء فقد
أَعْجَمه. واسْتَعْجم عليه الكلامُ: اسْتَبْهَم.
والأَعْجَمُ: الأَخْرَسُ. والعَجْماء والمُسْتَعجِمُ: كلُّ بهيمةٍ. وفي
الحديث: العَجْماءُ جُرْحُها جُبارٌ أَي لا دِيةَ فيه ولا قَودَ؛ أَراد
بالعَجْماء البهيمة، سُمِّيت عَجْماءَ لأَنها لا تَتَكلَّمُ، قال: وكلُّ
مَن لا يقدِرُ على الكلام فهو أَعجم ومُسْتَعْجِمٌ. ومنه الحديث: بعدَدِ
كل فصيح وأَعْجَم؛ قيل: أَراد بعدد كل آدَمِيٍّ وبهيمةٍ، ومعنى قوله
العجماءُ جُرْحُها جُبارٌ أَي البهيمة تنفلت فتصيبُ إنساناً في انْفِلاتها،
فذلك هَدَرٌ، وهو معنى الجُبار. ويقال: قرأَ فلان فاسْتَعْجمَ عليه ما
يَقْرؤه إذا الْتَبَسَ عليه فلم يَتَهيَّأْ له أَن يَمضِي فيه. وصلاةُ
النهارِ عَجماءُ لإخْفاء القراءة فيها، ومعناه أَنه لا يُسْمَعُ فيها
قراءةٌ.واسْتَعّجَمَتْ على المُصَلِّي قِراءته إذا لم تَحضُرْه. واستعجم الرجل:
سكَت. واستَعجمت عليه قراءتُه: انقطعت فلم يَقْدِرْ على القراءة من
نعاس. ومنه حديث عبد الله: إذا كانَ أحدكُم يُصلِّي فاسْتعجَمَتْ عليه
قِراءتُه فَلْيُتِمَّ، أَي أُرْتِجَ عليه فلم يقدِرْ أَن يقرأَ كأَنه صارَ به
عُجْمةٌ، وكذلك اسْتَعْجَمَتِ الدارُ عن جواب سائلها؛ قال امرؤ القيس:
صَمَّ صَداها وعَفا رَسْمُها،
واسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِقِ السائلِ
عَدَّاه بِعن لأَن اسْتَعْجَمَت بمعنى سكتَتْ؛ وقول علقمة يَصف فرساً:
سُلاَّءَةٌ كعَصا النَّهْدِيّ غُلَّ لها
ذُو فَيْئةٍ، من نَوَى قُرَّانَ، معجومُ
قال ابن السكيت: معنى قوله غُلَّ لها أَي أُدخِلَ لها إدخالاً في باطن
الحافرِ في موضع النُّسور، وشَبَّه النُّسورَ بِنَوَى قُرَّانَ لأَنها
صِلابٌ، وقوله ذُو فَيئَة يقول له رُجوعٌ ولا يكون ذلك إلامن صَلابتِه، وهو
أَن يَطعَمَ البعيرُ النَّوَى ثم يُفَتَّ بَعرُه فيُخْرَجَ منه النَّوَى
فيُعلَفَه مَرَّةً أُخرى، ولا يكون ذلك إلا من صَلابته، وقوله مَعْجوم
يريد أَنه نَوى الفَم وهو أَجود ما يكون من النَّوى لأَنه أَصْلَبُ من نَوى
النبيذِ المطبوخ. وفي حديث أُمّ سلمة: نهانا النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَن نَعْجُمَ النَّوَى طَبخاً، وهو أَن نُبالِغَ في طَبْخِه ونُضْجه
يَتَفتَّتَ النَّوَى وتَفْسُدَ قُوّتُه التي يَصْلُحُ معها للغنم، وقيل:
المعنى أَن التمر إذا طُبِخَ لِتُؤْخذَ حَلاوتهُ طُبِخَ عَفواً حتى لا
يَبلُغَ الطَّبخ النوى ولا يُؤثِّرَ فيه تأْثيرَ مَنْ يَعْجُمُه أَي يَلُوكُه
ويَعَضُّه، لأَن ذلك يُفْسِد طعمَ السُّلافةِ، أَو لأَنه قُوتُ
الدَّواجِن فلا يُنْضَجُ لئلا وخَطَب الحَجَّاجُ يوماً فقال: إِن أَميرَ
المؤمنينَ نَكَبَ كِنَانَتَه فعَجَم عِيدانَها عُوداً عُوداً فوجَدَني أَمَرّها
عُوداً؛ يريد أَنه قد رازَها بأَضْراسِه ليَخْبُرَ صَلابتَها؛ قال
الــنابــغة:فَظَلَّ يَعْجُمُ أَعْلى الرَّوْق مُنْقَبِضاً
(* تمام البيت:
في حالك اللَّونِ صَدْقٍ، غير ذي أودِ).
أَي يَعَضُّ أَعْلى قَرْنِه وهو يقاتله. والعَجْمُ: عَضٌّ شديدٌ
بالأَضراس دُون الثّنايا. وعَجَم الشيءَ يَعْجُمُه عَجْماً وعُجوماً: عَضّه
ليَعْلَم صلابَتَه من خَوَرِه، وقيل: لاكَه للأَكْل أَو للخِبْرة؛ قال أَبو
ذؤيب:
وكنتُ كعَظْمِ العاجِماتِ اكْتَنَفْنَه
بأَطْرافِها، حتى اسْتدَقَّ نُحولُها
يقول: رَكِبَتْني المصائبُ وعجَمَتْني كما عَجَمتِ الإبلُ العِظامَ.
والعُجامةُ: ما عَجَمْتَه. وكانوا يَعْجُمون القِدْح بين الضِّرْسَيْن إذا
كان معروفاً بالفَوْز ليُؤثِّرُوا فيه أثَراً يَعْرفونه به. وعَجمَ
الرجلَ: رَازَه، على المَثَل. والعَجْمِيُّ من الرجالِ: المُميِّزُ العاقلُ.
وعَجَمَتْه الأُمورُ: دَرَّبَتْه. ورجل صُلْبُ المَعْجَمِ والمَعْجَمةِ:
عزيزُ النفْس إذا جَرَّسَتْه الأُمورُ وَجَدَتْه عزيزاً صُلْباً. وفي حديث
طلحة: قال لعمر لقد جَرَّسَتْكَ الأُمور
(* قوله «لقد جرستك الأمور» الذي
في النهاية: لقد جرستك الدهور وعجمتك الأمور). وعَجَمَتْك البَلايَا أَي
خَبَرَتْك، من العَجْم العَضّ، يقال: عَجَمْتُ الرجلَ إذا خَبَرْتَه،
وعَجمْتُ العُودَ إذا عَضَضْتَه لِتَنْظُرَ أَصُلْبٌ أَم رخْوٌ. وناقةٌ
ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ صَبْرٍ وصلابةٍ وشِدّةٍ على الدَّعْك؛ وأَنشد بيت
المَرَّار:
جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمةٍ، ونُوقٌ
عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً، وحُولُ
وقال غيره: ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ سِمَنٍ، وأَنكره شمر. قال الجوهري:
أي ذاتُ سِمَن وقُوةٍ وبَقِيَّةٍ على السَّير. قال ابن بري: رجلٌ صُلْبُ
المَعْجَم للذي إذا أَصابَتْه الحوادثُ وجدته جَلْداً، من قولك عَودٌ
صُلْبُ المَعْجَمِ، وكذلك ناقة ذاتُ مَعْجَمةٍ للتي اخْتُبِرَتْ فوُجِدتْ
قَويَّةً على قَطْع الفَلاة، قال: ولا يُراد بها السِّمَنُ كما قال
الجوهري؛ وشاهده قول المتلمس:
جاوَزْتُه بأَمونٍ ذاتِ مَعْجَمة،
تَهْوي بكَلْكَلِها والرأْس مَعْكومُ
والعَجُومُ: الناقةُ القوِيَّةُ على السفَر. والثَّوْرُ يَعْجُمُ
قَرْنَه إذا ضَرب به الشجرةَ يَبْلُوه. وعَجِم السَّيْفَ: هزَّه للتَّجْرِبة.
ويقال: ما عَجَمَتْكَ عَيني مُذْ كذا أَي ما أَخَذَتْك. ويقول الرجلُ
للرجل: طالَ عهدِي بك وما عَجَمَتْك عيني. ورأَيتُ فلاناً فجعلَتْ عيني
تعْجُمه أَي كأَنها لا تَعْرِفُه ولا تَمْضِي في معرفته كأَنها لا تُثْبِتُه؛
عن اللحياني؛ وأَنشد لأَبي حَيَّة النُّمَيْري:
كتَحْبير الكِتابِ بكفِّ، يَوْماً،
يَهُودِيٍّ يُقارِبُ أَو يَزِيلُ
على أَن البَصيرَ بها، إذا ما
أَعادَ الطَّرْفَ، يَعْجُم أَو يَفيلُ
أَي يَعْرف أَو يَشُكُّ، قال أَبو داود السِّنْحيُّ: رآني أَعرابي فقال
لي: تَعْجُمُك عَيْني أَي يُخَيَّلُ إليّ أَنّي رَأَيْتُك، قال:
ونَظَرْتُ في الكتاب فعَجَمْتُ أَي لم أَقِفْ على حُروفه، وأَنشد بيت أَبي
حَيَّة: يَعْجُم أو يَفيل. ويقال: لقد عَجَموني ولَفَظُوني إذا عَرَفُوك؛
وأَنشد ابن الأعرابي لِجُبَيْهاءَ الأَسلميّ:
فلَوْ أَنّها طافَتْ بِطُنْبٍ مُعَجَّمٍ،
نَفَى الرِّقَّ عنه جَذْبُه فهو كالِحُ
قال: والمُعَجَّمُ الذي أُكِلَ لم يَبْقَ منه إلا القليلُ، والطُّنُبُ
أَصلُ العَرْفَجِ إذا انْسَلخَ من وَرَقِه.
والعَجْمُ: صِغارُ الإبل وفَتاياها، والجمعُ عُجومٌ. قال ابن الأعرابي:
بنَاتُ اللَّبونِ والحِقاقُ والجِذاعُ من عُجومِ الإبل فإذا أَثْنَتْ فهي
من جِلَّتِها، يستوي فيه الذكرُ والأُنثى، والإبلُ تُسَمَّى عَواجمَ
وعاجِماتٍ لأَنها تَعْجُم العِظامَ؛ ومنه قوله: وكنتُ كعَظْم العاجِمات.
وقال أَبو عبيدة: فحلٌ أَعْجمُ يَهْدِرُ في شِقْشِقةٍ لا ثُقْبَ لها فهي في
شِدْقه ولا يَخْرُج الصوتُ منها، وهم يَسْتحِبُّون إرْسالَ الأَخْرسِ في
الشَّوْلِ لأَنه لا يكون إلا مِئْناثاً، والإبلُ العَجَمُ: التي تَعْجُم
العِضاهَ والقَتادَ والشَّوْكَ فَتَجْزَأُ بذلك من الحَمْض. والعَواجِمُ:
الأَسنانُ.
وعَجَمْتُ عُودَه أَي بَلَوْتُ أَمْرَه وخَبَرْتُ حالَه؛ وقال:
أَبَى عُودُك المَعْجومُ إلا صَلابةً،
وكَفَّاكَ إلا نائِلاً حينَ تُسْأَلُ
والعَجَمُ، بالتحريك: النَّوَى نَوى التمرِ والنَّبِقِ، الواحدةُ
عَجَمةٌ مثل قَصَبةٍ وقَصَب. يقال: ليس هذا الرُّمَّان عَجَم؛ قال يعقوب:
والعامّة تقوله عَجْمٌ، بالتسكين، وهو العُجام أَيضاً؛ قال رؤبة ووصف
أُتُناً:في أَرْبعٍ مِثْلِ عُجامِ القَسْبِ
وقال أبو حنيفة: العَجَمةُ حبّة العِنب حتى تنبُت، قال ابن سيده:
والصحيح الأَول، وكلُّ ما كان في جوف مأْكولٍ كالزبيب وما أَشبهه عَجَمٌ؛ قال
أَبو ذؤيب يصف مَتْلَفاً:
مُسْتوقدٌ في حَصاهُ الشَّمْسُ تَصْهره،
كأَنه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوخُ
والعَجَمةُ، بالتحريك: النخلةُ تنبُت من النَّواة. وعُجْمةُ الرملِ:
كَثرته، وقيل: آخِره، وقيل: عُجْمتُه، وعِجْمتُه ما تعقَّد منه. ورملةٌ
عَجْماءُ: لا شجرَ فيها؛ عن ابن الأَعرابي. وفي الحديث: حتى صَعِدْنا إحدى
عُجْمَتَي بدرٍ؛ العُجْمةُ، بالضم: المتراكم من الرمل المُشرف على ما
حَوْله. والعَجَمات: صُخورٌ تَنبت في الأَودية؛ قال أَبو دُواد:
عَذْبٌ كماء المُزْنِ أَنْـ
ـزَلَه مِنَ العَجَماتِ، بارِدْ
يصف رِيقَ جارية بالعذوبة. والعَجَماتُ: الصُّخور الصِّلاب. وعَجْمُ
الذَّنَب وعُجْمُه جميعاً: عَجْبُه، وهو أَصله، وهو العُصْعُص، وزعم
اللحياني أَن ميمَهما بدلٌ من الباء في عَجْبٍ وعُجْب. والأعجَم من الموج: الذي
لا يتنفَّسُ أَي لا يَنضَح الماءَ ولا يُسمعَ له صوت. وبابٌ مُعْجَم أَي
مُقْفَل. أَبو عمرو: العَجَمْجَمةُ من النوق الشديدة مثل العَثَمْثَمة؛
وأَنشد:
باتَ يُباري وَرِشاتٍ كالقَطا،
عَجَمْجَماتٍ خُشُفاً تَحْتَ السُّرَى
الوَرِشاتُ: الخِفافُ، والخُشُفُ: الماضيةُ في سيرها بالليل.
وبنو أَعجَمَ وبنو عَجْمانَ: بَطنان.
عثم: العَثْمُ: إساءَةُ الجَبْر حتى يبقى فيه أَوَدٌ كهيئة المَشَشِ.
عَثَمَ العظمُ يَعْثِمُ عَثْماً وعَثِمَ عَثَماً، فهو عَثِمٌ: ساء جَبْرُه
وبقي فيه أَوَدٌ فلم يَسْتَوِ. وعَثَمَ العظمُ المكسورُ إذا انجَبر على
غير استواء، وعَثَمْتُه أَنا، يتعدّى ولا يتعدّى. وعَثَمه يَعْثِمُه
عَثْماً وعَثَّمه، كلاهما: جَبَره، وخص بعضُهم به جَبْرَ اليد على غير استواء.
يقال: عَثَمَتْ يدُه تَعْثِمُ وعَثَمْتُها أنا إذا جَبرْتَها على غير
استواء. وقال الفراء: تَعْثُم، بضم الثاء، وتَعْثُل مثله؛ قال ابن جني: هذا
ونحوه من باب فَعَلَ وفعَلْتُه شاذٌّ عن القياس، وإن كان مطرداً في
الاستعمال، إلا أن له عندي وجهاً لأَجله جاز، وهو أَن كل فاعل غيرَ القديم
سبحانه فإنما الفِعْلُ فيه شيءٌ أُعِيرَه وأُعْطِيَه وأُقدِرَ عليه، فهو
وإن كان فاعِلاً فإنه لما كان مُعاناً مُقْدَراً صار كأَنَّ فعله لغيره،
ألا ترى إلى قوله سبحانه: وما رَمَيْتَ إذ رَمَيتَ ولكنَّ الله رَمى؟ قال:
وقد قال بعضُ الناس إن الفعلَ لله وإن العبدَ مُكْتَسِبٌ، قال: وإن كان
هذا خطأ عندنا فإنه قولٌ لقوم، فلما كان قولُهم عَثَم العظمُ وعَثَمْتُه
أنَّ غيره أعانه
(* قوله «أن غيره أعانه» هكذا في الأصل، ولعل في الكلام
سقطاً)، وإنْ جرى لفظُ الفعل له تجاوَزَتِ العربُ ذلك إلى أن أََظهرت هناك
فِعْلاً بلفظ الأَوَّلِ مُتَعدِّياً، لأنه كان فاعِلُه في وقت فعلِه
إياه، إنما هو مُشاءٌ إليه أَو مُعانٌ
عليه، فخَرج اللفظان لما ذكرنا خُروجاً واحداً، فاعْرِفْه، وربما استعمل
في السيف على التشبيه؛ قال:
فقد يُقْطَعُ السيفُ اليَماني وجَفْنُه
شَباريقَ أَعشارٍ عُثِمْنَ على كَسْرِ
قال ابن شميل: العَثْمُ في الكَسْر والجُرْحِ تَداني العَظمِ حتى هَمَّ
أَن يَجْبُر ولم يجْبُرْ بعدُ كما ينبغي. يقال: أَجَبَر عظمُ البعير؟
فيقال: لا، ولكنه عَثَم ولم يجْبُر. وقد عَثَم الجرحُ: وهو أَن يَكْنُبَ
ويَجْلُبَ ولم يَبرأْ بعدُ. وفي حديث النَّخَعي: في الأَعضاء إذا انجبرَتْ
على غير عَثْمٍ صُلحٌ، وإذا انجبرتْ على عَثْمٍ الدِّيةُ. يقال: عَثَمْت
يَدَه فعَثَمَتْ إذا جَبرتَها على غير استواء وبقي فيها شيءٌ لم
يَنحَكِمْ، ومثله من البناء رَجَعْتُه فرَجَع ووقَفْته فوَقَفَ، ورواه بعضهم
عَثَلَ، باللام، وهو بمعناه؛ وأَما قول عمرو بن الإطــنابَــةِ لأُحيحة بن
الجُلاحِ:
فِيمَ تَبْغِي ظُلْمَنا ولِمَه
في وُسوقٍ عَثْمةٍ قَنِمه؟
فإن ثعلباً قال: عَثْمة فاسدة وأَظن أَنها ناقصة مشتق من العَثْمِ، وهو
ما قدَّمْنا من أَن يجْبَر العَظمُ على غير استواء، وإن شئتَ قلتَ إن
أَصل العَثْمِ الذي هو جَبر العظمِ الفسادُ أَيضاً، لأَن ذلك النوعَ من
الجبْر فسادٌ في العظم ونقصانٌ عن قوّته التي كان عليها أَو عن شكله. ابن
الأَعرابي: العُثُم جمع عاثِمٍ وهم المُجَبِّرون، عَثَمَه إذا جَبَرَه. وحكى
ابن الأعرابي عن بعض العرب: إني لأَعثِمف شيئاً من الرَّجَز أَي
أَنتِفُ.والعَيْثومُ: الضخم الشديد من كل شيء. وجمل عَيْثُومٌ: ضَخم شديد؛
وأَنشد لعلقمة بن عَبْدة:
يَهْدي بها أَكلَفُ الخَدَّينِ مُخْتَبَرٌ،
من الجِمالِ، كثيرُ اللحمِ عَيْثُومُ
والعَيْثُوم: الفيلُ، وكذلك الأُنثى؛ قال الأَخطل:
ومُلَحَّبٍ خَضِلِ النَّباتِ، كأَنما
وَطِئَتْ عليه، بخُفِّها، العَيْثومُ
مُلَحَّبٌ: مُجَرَّحٌ؛ وقال الشاعر:
وقد أَسِيرُ أَمامَ الحَيِّ تَحْمِلُني
والفَضْلَتَينِ كِنازُ اللحمِ عَيثُومُ
وجمعه عَياثِمُ. وقال الغَنويُّ: العَيْثوم الأُنثى من الفِيََلة؛
وأَنشد الأَخطل:
ترَكُوا أُسامة في اللِّقاءِ، كأَنَّما
وَطِئَتْ عليه بخُفِّها العَيْثُومُ
والعَيْثُوم أَيضاً: الضَّبُعُ.
وبعير عَيْثَمٌ: ضخم طويل. وامرأة عَيثَمةٌ: طويلة. وبعير عَثَمْثَم:
قويّ
طويل في غِلَظ، وقيل: شديد عظيم، وكذلك الأَسد. وناقةٌ عَثَمْثمة: شديدة
عَلِيَّة، وقيل: شديدة عظيمة، والذكر عَثَمْثم. والعَثَمْثَم من الإبل:
الطويلُ في غِلظٍ، والجمع عَثَمْثمات؛ وفي حديث ابن الزبير: أَن نابــغةَ
بني جَعدة امتدحه فقال يصف جملاً:
أَتاكَ أَبو لَيلى يَجُوبُ به الدُّجى،
دُجى الليلِ، جَوَّابُ الفَلاةِ عَثَمْثَمُ
هو الجمَل القويُّ الشديد. وبَغْل عَثَمْثم: قويّ. والعَثَمْثم:
الأَسدُ، ويقال ذلك من شدة وطئه؛ وقال:
خُبَعْثِنٌ مِشْيَتُه عَثَمْثَمُ
ومَنكِبٌ عَثَمْثمٌ: شديد؛ عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد:
إلى ذراع مَنْكِبٍ عَثَمْثمِ
والعَيْثامُ: الدُّلبُ، واحدتُه عَيثامةٌ، وهي شجرة بيضاء تَطولُ
جدَّاً، وقيل: العَيْثامُ شجر.
أَبو عمرو: العُثْمانُ الجانُّ في أَبواب الحيّات، والعُثمان فَرْخ
الثُّعبان، وقيل: فَرْخ الحية ما كانت، وكنية الثُّعبان أَبو عثمان؛ حكاه علي
بن حمزة، وبه كُنِّيَ
(* قوله «وبه كني إلخ» هو في أصله المنقول منه
مرتب بقوله: فرخ الحية ما كانت، وما بينهما اعتراض؛ من كلام التهذيب).
الحَنَشُ أَبا عُثمان. فَرْخ الحُبارى.
وعُثمانُ والعَثَّامُ وعَثَّامةُ وعَثْمةُ: أَسماء؛ وقال سيبويه: لا
يُكَسَّر عُثمانُ لأَنك إن كَسَّرْته أَوجبت في تحقيره عُثَيْمِين، وإنما
تقول عُثمانون فتُسلِّم كما يجب له في التحقير عُثَيمان، وإنما وجب له في
التحقير ذلك لأَنا لم نسمعهم قالوا عَثامِينُ، فحملنا تحقيره على باب
غَضْبان لأَن أَكثر ما جاءَت في آخره الأَلف والنون إنما هو على باب غَضبان.
وعُثمانُ: قبيلة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
أَلقَتْ إليه، على جَهْدٍ، كَلاكِلَها
سَعدُ بنُ بَكْرٍ، ومن عُثمانَ من وَشَلا
وعَثَمتِ المرأَةُ المَزادةَ وأَعْثَمَتْها إذا خرَزَتْها خَرْزاً غير
مُحْكَمٍ؛ وفي المثل:
إلا أَكُنْ صَنَعاً فإني أَعْتَثِمْ
أَي إن لم أَكن حاذِقاً فإني أَعمل على قدر معرفتي ويقال: خُذْ هذا
فاعْتَثِمْ به أَي فاستَعِنْ به. وقال ابن الفرَج: سمعتُ جماعةً من قَيْس
يقولون: فلان يَعْثِمُ ويَعْثِنُ أَي يَجْتَهِدُ في الأَمر ويُعْمِل نفْسَه
فيه. ويقال: العُثمان فَرْخ الحُبارى.
عول: العَوْل: المَيْل في الحُكْم إِلى الجَوْر. عالَ يَعُولُ عَوْلاً:
جار ومالَ عن الحق. وفي التنزيل العزيز: ذلك أَدْنَى أَن لا تَعُولوا؛
وقال:
إِنَّا تَبِعْنا رَسُولَ الله واطَّرَحوا
قَوْلَ الرَّسول، وعالُوا في المَوازِين
والعَوْل: النُّقْصان. وعال المِيزانَ عَوْلاً، فهو عائل: مالَ؛ هذه عن
اللحياني. وفي حديث عثمان، رضي الله عنه: كتَب إِلى أَهل الكوفة إِني
لسْتُ بميزانٍ لا أَعُول
(* قوله «لا أعول» كتب هنا بهامش النهاية ما نصه:
لما كان خبر ليس هو اسمه في المعنى قال لا أعول، ولم يقل لا يعول وهو يريد
صفة الميزان بالعدل ونفي العول عنه، ونظيره في الصلة قولهم: أنا الذي
فعلت كذا في الفائق) أَي لا أَمِيل عن الاستواء والاعتدال؛ يقال: عالَ
الميزانُ إِذا ارتفع أَحدُ طَرَفيه عن الآخر؛ وقال أَكثر أَهل التفسير: معنى
قوله ذلك أَدنى أَن لا تَعُولوا أَي ذلك أَقرب أَن لا تَجُوروا
وتَمِيلوا، وقيل ذلك أَدْنى أَن لا يَكْثُر عِيَالكم؛ قال الأَزهري: وإِلى هذا
القول ذهب الشافعي، قال: والمعروف عند العرب عالَ الرجلُ يَعُول إِذا جار،
وأَعالَ يُعِيلُ إِذا كَثُر عِيالُه. الكسائي: عالَ الرجلُ يَعُول إِذا
افْتقر، قال: ومن العرب الفصحاء مَنْ يقول عالَ يَعُولُ إِذا كَثُر
عِيالُه؛ قال الأَزهري: وهذا يؤيد ما ذهب إِليه الشافعي في تفسير الآية لأَن
الكسائي لا يحكي عن العرب إِلا ما حَفِظه وضَبَطه، قال: وقول الشافعي نفسه
حُجَّة لأَنه، رضي الله عنه، عربيُّ اللسان فصيح اللَّهْجة، قال: وقد
اعترض عليه بعض المُتَحَذْلِقين فخَطَّأَه، وقد عَجِل ولم يتثبت فيما قال،
ولا يجوز للحضَريِّ أَن يَعْجَل إِلى إِنكار ما لا يعرفه من لغات العرب.
وعال أَمرُ القوم عَوْلاً: اشتدَّ وتَفاقَم. ويقال: أَمر عالٍ وعائلٌ أَي
مُتفاقِمٌ، على القلب؛ وقول أَبي ذؤَيب:
فذلِك أَعْلى مِنك فَقْداً لأَنه
كَريمٌ، وبَطْني للكِرام بَعِيجُ
إِنما أَراد أَعْوَل أَي أَشَدّ فقَلَب فوزنه على هذا أَفْلَع.
وأَعْوَلَ الرجلُ والمرأَةُ وعَوَّلا: رَفَعا صوتهما بالبكاء والصياح؛ فأَما
قوله:تَسْمَعُ من شُذَّانِها عَوَاوِلا
فإِنه جَمَع عِوّالاً مصدر عوّل وحذف الياء ضرورة، والاسم العَوْل
والعَوِيل والعَوْلة، وقد تكون العَوْلة حرارة وَجْدِ الحزين والمحبِّ من غير
نداء ولا بكاء؛ قال مُلَيح الهذلي:
فكيف تَسْلُبنا لَيْلى وتَكْنُدُنا،
وقد تُمَنَّح منك العَوْلة الكُنُدُ؟
قال الجوهري: العَوْل والعَوْلة رفع الصوت بالبكاء، وكذلك العَوِيل؛
أَنشد ابن بري للكميت:
ولن يَستَخِيرَ رُسومَ الدِّيار،
بِعَوْلته، ذو الصِّبا المُعْوِلُ
وأَعْوَل عليه: بَكَى؛ وأَنشد ثعلب لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة:
زَعَمْتَ، فإِن تَلْحَقْ فَضِنٌّ مُبَرِّزٌ
جَوَادٌ، وإِن تُسْبَقْ فَنَفْسَكَ أَعْوِل
أَراد فعَلى نفسك أَعْوِلْ فَحَذف وأَوصَلَ. ويقال: العَوِيل يكون صوتاً
من غير بكاء؛ ومنه قول أَبي زُبَيْد:
للصَّدْرِ منه عَوِيلٌ فيه حَشْرَجةٌ
أَي زَئِيرٌ كأَنه يشتكي صَدْرَه. وأَعْوَلَتِ القَوْسُ صَوَّتَتْ. قال
سيبويه: وقالوا وَيْلَه وعَوْلَه، لا يتكلم به إِلا مع ويْلَه، قال
الأَزهري: وأَما قولهم وَيْلَه وعَوْلَه فإِن العَوْل والعَوِيل البكاء؛
وأَنشد:
أَبْلِغْ أَمير المؤمنين رِسالةً،
شَكْوَى إِلَيْك مُظِلَّةً وعَوِيلا
والعَوْلُ والعَوِيل: الاستغاثة، ومنه قولهم: مُعَوَّلي على فلان أَي
اتِّكالي عليه واستغاثتي به. وقال أَبو طالب: النصب في قولهم وَيْلَه
وعَوْلَه على الدعاء والذم، كما يقال وَيْلاً له وتُرَاباً له. قال شمر:
العَوِيل الصياح والبكاء، قال: وأَعْوَلَ إِعْوالاً وعَوَّلَ تعويلاً إِذا صاح
وبكى.
وعَوْل: كلمة مثل وَيْب، يقال: عَوْلَك وعَوْلَ زيدٍ وعَوْلٌ لزيد.
وعالَ عَوْلُه وعِيلَ عَوْلُه: ثَكِلَتْه أُمُّه. الفراء: عالَ الرجلُ
يَعُولُ إِذا شَقَّ عليه الأَمر؛ قال: وبه قرأَ عبد الله في سورة يوسف ولا
يَعُلْ أَن يَأْتِيَني بهم جميعاً، ومعناه لا يَشُقّ عليه أَن يأَتيني بهم
جميعاً. وعالَني الشيء يَعُولُني عَوْلاً: غَلَبني وثَقُلَ عليّ؛ قالت
الخنساء:
ويَكْفِي العَشِيرةَ ما عالَها،
وإِن كان أَصْغَرَهُمْ مَوْلِداً
وعِيلَ صَبْرِي، فهو مَعُولٌ: غُلِب؛ وقول كُثَيِّر:
وبالأَمْسِ ما رَدُّوا لبَيْنٍ جِمالَهم،
لَعَمْري فَعِيلَ الصَّبْرَ مَنْ يَتَجَلَّد
يحتمل أَن يكون أَراد عِيلَ على الصبر فحَذف وعدّى، ويحتمل أَن يجوز على
قوله عِيلَ الرَّجلُ صَبْرَه؛ قال ابن سيده: ولم أَره لغيره. قال
اللحياني: وقال أَبو الجَرَّاح عالَ صبري فجاء به على فعل الفاعل. وعِيلَ ما هو
عائله أَي غُلِب ما هو غالبه؛ يضرب للرجل الذي يُعْجَب من كلامه أَو غير
ذلك، وهو على مذهب الدعاء؛ قال النمر بن تَوْلَب:
وأَحْبِبْ حَبِيبَك حُبًّا رُوَيْداً،
فلَيْسَ يَعُولُك أَن تَصْرِما
(* قوله «أن تصرما» كذا ضبط في الأصل بالبناء للفاعل وكذا في التهذيب،
وضبط في نسخة من الصحاح بالبناء للمفعول).
وقال ابن مُقْبِل يصف فرساً:
خَدَى مِثْلَ الفالِجِيِّ يَنُوشُني
بسَدْوِ يَدَيْه، عِيلَ ما هو عائلُه
وهو كقولك للشيء يُعْجِبك: قاتله الله وأَخزاه الله. قال أَبو طالب:
يكون عِيلَ صَبْرُه أَي غُلِب ويكون رُفِع وغُيِّر عما كان عليه من قولهم
عالَتِ الفريضةُ إِذا ارتفعت. وفي حديث سَطِيح: فلما عِيلَ صبرُه أَي
غُلِب؛ وأَما قول الكميت:
وما أَنا في ائْتِلافِ ابْنَيْ نِزَارٍ
بمَلْبوسٍ عَلَيَّ، ولا مَعُول
فمعناه أَني لست بمغلوب الرأْي، مِنْ عِيل أَي غُلِبَ.
وفي الحديث: المُعْوَلُ عليه يُعَذَّب أَي الذي يُبْكي عليه من
المَوْتى؛ قيل: أَراد به مَنْ يُوصي بذلك، وقيل: أَراد الكافر، وقيل: أَراد شخصاً
بعينه عَلِم بالوحي حالَه، ولهذا جاء به معرَّفاً، ويروى بفتح العين
وتشديد الواو من عوّل للمبالغة؛ ومنه رَجَز عامر:
وبالصِّياح عَوَّلوا علينا
أَي أَجْلَبوا واستغاثو. والعَوِيل: صوت الصدر بالبكاء؛ ومنه حديث شعبة:
كان إِذا سمع الحديث أَخَذَه العَوِيلُ والزَّوِيل حتى يحفظه، وقيل: كل
ما كان من هذا الباب فهو مُعْوِل، بالتخفيف، فأَما بالتشديد فهو من
الاستعانة. يقال: عَوَّلْت به وعليه أَي استعنت. وأَعْوَلَت القوسُ: صوّتت.
أَبو زيد: أَعْوَلْت عليه أَدْلَلْت عليه دالَّة وحَمَلْت عليه. يقال:
عَوِّل عليَّ بما شئت أَي استعن بي كأَنه يقول احْملْ عَليَّ ما أَحببت.
والعَوْلُ: كل أَمر عَالَك، كأَنه سمي بالمصدر. وعالَه الأَمرُ يَعوله:
أَهَمَّه. ويقال: لا تَعُلْني أَي لا تغلبني؛ قال: وأَنشد الأَصمعي قول النمر
بن تَوْلَب:
وأَحْبِب حَبِيبَك حُبًّا رُوَيْداً
وقولُ أُمية بن أَبي عائذ:
هو المُسْتَعانُ على ما أَتى
من النائباتِ بِعافٍ وعالِ
يجوز أَن يكو فاعِلاً ذَهَبت عينُه، وأَن يكون فَعِلاً كما ذهب إِليه
الخليل في خافٍ والمالِ وعافٍ أَي يأْخذ بالعفو. وعالَتِ الفَريضةُ تَعُول
عَوْلاً: زادت. قال الليث: العَوْل ارتفاع الحساب في الفرائض. ويقال
للفارض: أَعِل الفريضةَ. وقال اللحياني: عالَت الفريضةُ ارتفعت في الحساب،
وأَعَلْتها أَنا الجوهري: والعَوْلُ عَوْلُ الفريضة، وهو أَن تزيد سِهامُها
فيدخل النقصان على أَهل الفرائض. قال أَبو عبيد: أَظنه مأْخوذاً من
المَيْل، وذلك أَن الفريضة إِذا عالَت فهي تَمِيل على أَهل الفريضة جميعاً
فتَنْقُصُهم. وعالَ زيدٌ الفرائض وأَعالَها بمعنًى، يتعدى ولا يتعدى. وروى
الأَزهري عن المفضل أَنه قال: عالَت الفريضةُ أَي ارتفعت وزادت. وفي حديث
علي: أَنه أُتي في ابنتين وأَبوين وامرأَة فقال: صار ثُمُنها تُسْعاً،
قال أَبو عبيد: أَراد أَن السهام عالَت حتى صار للمرأَة التُّسع، ولها في
الأَصل الثُّمن، وذلك أَن الفريضة لو لم تَعُلْ كانت من أَربعة وعشرين،
فلما عالت صارت من سبعة وعشرين، فللابنتين الثلثان ستة عشر سهماً،
وللأَبوين السدسان ثمانية أَسهم، وللمرأَة ثلاثة من سبعة وعشرين، وهو التُّسْع،
وكان لها قبل العَوْل ثلاثة من أَربعة وعشرين وهو الثُّمن؛ وفي حديث
الفرائض والميراث ذكر العَوْل، وهذه المسأَلة التي ذكرناها تسمى
المِنْبَريَّة، لأَن عليًّا، كرم الله وجهه، سئل عنها وهو على المنبر فقال من غير
رَوِيَّة: صار ثُمُنها تُسْعاً، لأَن مجموع سهامِها واحدٌ وثُمُنُ واحد،
فأَصلُها ثَمانيةٌ
(* قوله «فأصلها ثمانية إلخ» ليس كذلك فان فيها ثلثين
وسدسين وثمناً فيكون اصلها من أربعة وعشرين وقد عالت الى سبعة وعشرين اهـ.
من هامش النهاية) والسِّهامُ تسعةٌ؛ ومنه حديث مريم: وعالَ قلم زكريا أَي
ارتفع على الماء. والعَوْل: المُستعان به، وقد عَوِّلَ به وعليه.
وأَعْوَل عليه وعَوَّل، كلاهما: أَدَلَّ وحَمَلَ. ويقال: عَوَّلْ عليه أَي
اسْتَعِنْ به. وعَوَّل عليه: اتَّكَلَ واعْتَمد؛ عن ثعلب؛ قال اللحياني: ومنه
قولهم:
إِلى الله منه المُشْتَكى والمُعَوَّلُ
ويقال: عَوَّلْنا إِلى فلان في حاجتنا فوجَدْناه نِعْم المُعَوَّلُ أَي
فَزِعْنا إِليه حين أَعْوَزَنا كلُّ شيء. أَبو زيد: أَعالَ الرجلُ
وأَعْوَلَ إِذا حَرَصَ، وعَوَّلْت عليه أَي أَدْلَلْت عليه. ويقال: فلان عِوَلي
من الناس أَي عُمْدَتي ومَحْمِلي؛ قال تأَبَّط شرّاً:
لكِنَّما عِوَلي، إِن كنتُ ذَا عِوَلٍ،
على بَصير بكَسْب المَجْدِ سَبَّاق
حَمَّالِ أَلْوِيةٍ، شَهَّادِ أَنْدِيةٍ،
قَوَّالِ مُحْكَمةٍ، جَوَّابِ آفاق
حكى ابن بري عن المُفَضَّل الضَّبِّيّ: عِوَل في البيت بمعنى العويل
والحُزْن؛ وقال الأَصمعي: هو جمع عَوْلة مثل بَدْرة وبِدَر، وظاهر تفسيره
كتفسير المفضَّل؛ وقال الأَصمعي في قول أَبي كبير الهُذَلي:
فأَتَيْتُ بيتاً غير بيتِ سَنَاخةٍ،
وازْدَرْتُ مُزْدار الكَريم المُعْوِلِ
قال: هو من أَعالَ وأَعْوَلَ إِذا حَرَص، وهذا البيت أَورده ابن بري
مستشهداً به على المُعْوِلِ الذي يُعْوِل بدَلالٍ أَو منزلة. ورجُل مُعْوِلٌ
أَي حريص. أَبو زيد: أَعْيَلَ الرجلُ، فهو مُعْيِلٌ، وأَعْوَلَ، فهو
مُعْوِل إِذا حَرَص. والمُعَوِّل: الذي يَحْمِل عليك بدالَّةٍ. يونس: لا
يَعُولُ على القصد أَحدٌ أَي لا يحتاج، ولا يَعيل مثله؛ وقول امرئ
القيس:وإِنَّ شِفائي عَبْرةٌ مُهَراقةٌ،
فهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دارسٍ مِن مُعَوَّل؟
أَي من مَبْكىً، وقيل: من مُسْتَغاث، وقيل: من مَحْمِلٍ ومُعْتَمَدٍ؛
وأَنشد:
عَوِّلْ على خالَيْكَ نِعْمَ المُعَوَّلُ
(* قوله «عوّل على خاليك إلخ» هكذا في الأصل كالتهذيب، ولعله شطر من
الطويل دخله الخرم).
وقيل في قوله:
فهلْ عند رَسْمٍ دارِسٍ من مُعَوَّلِ
مذهبان: أَحدهما أَنه مصدر عَوَّلْت عليه أَي اتَّكَلْت، فلما قال إِنَّ
شِفائي عَبْرةٌ مُهْراقةٌ، صار كأَنه قال إِنما راحتي في البكاء فما
معنى اتكالي في شفاء غَلِيلي على رَسْمٍ دارسٍ لا غَناء عنده عنِّي؟ فسَبيلي
أَن أُقْبِلَ على بُكائي ولا أُعَوِّلَ في بَرْد غَلِيلي على ما لا
غَناء عنده، وأَدخل الفاء في قوله فهل لتربط آخر الكلام بأَوّله، فكأَنه قال
إِذا كان شِفائي إِنما هو في فَيْض دمعي فسَبِيلي أَن لا أُعَوِّل على
رَسمٍ دارسٍ في دَفْع حُزْني، وينبغي أَن آخذ في البكاء الذي هو سبب
الشّفاء، والمذهب الآخر أَن يكون مُعَوَّل مصدر عَوَّلت بمعنى أَعْوَلْت أَي
بكَيْت، فيكون معناه: فهل عند رَسْم دارس من إِعْوالٍ وبكاء، وعلى أَي
الأَمرين حمَلْتَ المُعوَّلَ فدخولُ الفاء على هل حَسَنٌ جميل، أَما إِذا
جَعَلْت المُعَوَّل بمعنى العويل والإِعوال أَي البكاء فكأَنه قال: إِن
شفائي أَن أَسْفَحَ، ثم خاطب نفسه أَو صاحبَيْه فقال: إِذا كان الأَمر على ما
قدّمته من أَن في البكاء شِفاءَ وَجْدِي فهل من بكاءٍ أَشْفي به غَليلي؟
فهذا ظاهره استفهام لنفسه، ومعناه التحضيض لها على البكاء كما تقول:
أَحْسَنْتَ إِليَّ فهل أَشْكُرُك أَي فلأَشْكُرَنَّك، وقد زُرْتَني فهل
أُكافئك أَي فلأُكافِئَنَّك، وإِذا خاطب صاحبيه فكأَنه قال: قد عَرَّفْتُكما
ما سببُ شِفائي، وهو البكاء والإِعْوال، فهل تُعْوِلان وتَبْكيان معي
لأُشْفَى ببكائكما؟ وهذا التفسير على قول من قال: إِن مُعَوَّل بمنزلة
إِعْوال، والفاء عقدت آخر الكلام بأَوله، فكأَنه قال: إِذا كنتما قد عَرَفتما
ما أُوثِرُه من البكاء فابكيا وأَعْوِلا معي، وإِذا استَفْهم نفسه فكأَنه
قال: إِذا كنتُ قد علمتُ أَن في الإِعْوال راحةً لي فلا عُذْرَ لي في
ترك البكاء.
وعِيَالُ الرَّجُلِ وعَيِّلُه: الذين يَتَكفَّلُ بهم، وقد يكون
العَيِّلُ واحداً والجمع عالةٌ؛ عن كراع وعندي أَنه جمع عائل على ما يكثر في هذا
انحو، وأَما فَيْعِل فلا يُكَسَّر على فَعَلةٍ البتَّةَ. وفي حديث أَبي
هريرة، رضي الله عنه: ما وِعاءُ العَشَرة؟ قال: رجُلٌ يُدْخِل على عَشَرةِ
عَيِّلٍ وِعاءً من طعام؛ يُريد على عَشَرةِ أَنفسٍ يَعُولُهم؛ العَيِّلُ
واحد العِيَال والجمع عَيَائل كَجَيِّد وجِياد وجَيائد، وأَصله عَيْوِلٌ
فأَدغم، وقد يقع على الجماعة، ولذلك أَضاف إِليه العشرة فقال عشرةِ
عَيِّلٍ ولم يقل عَيَائل، والياء فيه منقلبة عن الواو. وفي حديث حَنْظَلة
الكاتب: فإِذا رَجَعْتُ إِلى أَهلي دَنَتْ مني المرأَةُ وعَيِّلٌ أَو
عَيِّلانِ. وحديث ذي الرُّمَّةِ ورُؤبةَ في القَدَر: أَتُرَى اللهَ عز وجل
قَدَّر على الذئب أَن يأْْكل حَلُوبةَ عَيائلَ عالةٍ ضَرَائكَ؟ وقول النبي،
صلى الله عليه وسلم، في حديث النفقة: وابْدأْ بمن تَعُول أَي بمن تَمُون
وتلزمك نفقته من عِيَالك، فإِن فَضَلَ شيءٌ فليكن للأَجانب. قال الأَصمعي:
عالَ عِيالَه يَعُولُهم إِذا كَفَاهم مَعاشَهم، وقال غيره: إِذا قاتهم،
وقيل: قام بما يحتاجون إِليه من قُوت وكسوة وغيرهما. وفي الحديث أَيضاً:
كانت له جاريةٌ فَعَالَها وعَلَّمها أَي أَنفق عليها. قال ابن بري:
العِيَال ياؤه منقلبة عن واو لأَنه من عالَهُم يَعُولهم، وكأَنه في الأَصل
مصدر وضع على المفعول. وفي حديث القاسم
(* قوله «وفي حديث القاسم» في نسخة
من النهاية: ابن مخيمرة، وفي أُخرى ابن محمد، وصدر الحديث: سئل هل تنكح
المرأَة على عمتها أو خالتها فقال: لا، فقيل له: انه دخل بها وأعولت أفنفرق
بينهما؟ قال: لا ادري): أَنه دَخل بها وأَعْوَلَتْ أَي ولدت أَولاداً؛
قال ابن الأَثير: الأَصل فيه أَعْيَلَتْ أَي صارت ذاتَ عِيال، وعزا هذا
القول إِلى الهروي، وقال: قال الزمخشري الأَصل فيه الواو، يقال أَعالَ
وأَعْوَلَ إِذا كَثُر عِيالُه، فأَما أَعْيَلَتْ فإِنه في بنائه منظور فيه
إِلى لفظ عِيال، لا إِلى أَصله كقولهم أَقيال وأَعياد، وقد يستعار
العِيَال للطير والسباع وغيرهما من البهائم؛ قال الأَعشى:
وكأَنَّما تَبِع الصُّوارَ بشَخْصِها
فَتْخاءُ تَرْزُق بالسُّلَيِّ عِيالَها
ويروى عَجْزاء؛ وأَنشد ثعلب في صفة ذئب وناقة عَقَرها له:
فَتَرَكْتُها لِعِيالِه جَزَراً
عَمْداً، وعَلَّق رَحْلَها صَحْبي
وعالَ وأَعْوَلَ وأَعْيَلَ على المعاقبة عُؤولاً وعِيالةً: كَثُر
عِيالُه. قال الكسائي: عالَ الرجلُ يَعُول إِذا كثُر عِيالُه، واللغة الجيدة
أَعالَ يُعِيل. ورجل مُعَيَّل: ذو عِيال، قلبت فيه الواو ياء طَلَبَ الخفة،
والعرب تقول: ما لَه عالَ ومالَ؛ فَعالَ: كثُر عِيالُه، ومالَ: جارَ في
حُكْمِه. وعالَ عِيالَه عَوْلاً وعُؤولاً وعِيالةً وأَعالَهم
وعَيَّلَهُم، كلُّه: كفاهم ومانَهم وقاتَهم وأَنفَق عليهم. ويقال: عُلْتُهُ شهراً
إِذا كفيته مَعاشه.
والعَوْل: قَوْتُ العِيال؛ وقول الكميت:
كما خامَرَتْ في حِضْنِها أُمُّ عامرٍ،
لَدى الحَبْل، حتى عالَ أَوْسٌ عِيالَها
أُمُّ عامر: الضَّبُعُ، أَي بَقي جِراؤُها لا كاسِبَ لهنَّ ولا مُطْعِم،
فهن يتتَبَّعْنَ ما يبقى للذئب وغيره من السِّباع فيأْكُلْنه، والحَبْل
على هذه الرواية حَبْل الرَّمْل؛ كل هذا قول ابن الأَعرابي، ورواه أَبو
عبيد: لِذِي الحَبْل أَي لصاحب الحَبْل، وفسر البيت بأَن الذئب غَلَب
جِراءها فأَكَلَهُنَّ، فَعَال على هذا غَلَب؛ وقال أَبو عمرو: الضَّبُعُ إِذا
هَلَكَت قام الذئب بشأْن جِرائها؛ وأَنشد هذا البيت:
والذئبُ يَغْذُو بَناتِ الذِّيخِ نافلةً،
بل يَحْسَبُ الذئبُ أَن النَّجْل للذِّيب
يقول: لكثرة ما بين الضباع والذئاب من السِّفاد يَظُنُّ الذئب أَن
أَولاد الضَّبُع أَولاده؛ قال الجوهري: لأَن الضَّبُع إِذا صِيدَت ولها ولَدٌ
من الذئب لم يزل الذئب يُطْعِم ولدها إِلى أَن يَكْبَر، قال: ويروى غال،
بالغين المعجمة، أَي أَخَذ جِراءها، وقوله: لِذِي الحَبْل أَي للصائد
الذي يُعَلِّق الحبل في عُرْقوبها.
والمِعْوَلُ: حَديدة يُنْقَر بها الجِبالُ؛ قال الجوهري: المِعْوَل
الفأْسُ العظيمة التي يُنْقَر بها الصَّخْر، وجمعها مَعاوِل. وفي حديث حَفْر
الخَنْدق: فأَخَذ المِعْوَل يضرب به الصخرة؛ والمِعْوَل، بالكسر: الفأْس،
والميم زائدة، وهي ميم الآلة. وفي حديث أُمّ سَلَمة: قالت لعائشة: لو
أَراد رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، أَن يَعْهَدَ إِليكِ عُلْتِ أَي
عَدَلْتِ عن الطريق ومِلْتِ؛ قال القتيبي: وسمعت من يرويه: عِلْتِ، بكسر
العين، فإِن كان محفوظاً فهو مِنْ عالَ في البلاد يَعيل إِذا ذهب، ويجوز
أَن يكون من عالَه يَعُولُه إِذا غَلَبَه أَي غُلِبْتِ على رأْيك؛ ومنه
قولهم: عِيلَ صَبْرُك، وقيل: جواب لو محذوف أَي لو أَراد فَعَلَ فتَرَكَتْه
لدلالة الكلام عليه ويكون قولها عُلْتِ كلاماً مستأْنفاً.
والعالَةُ: شبه الظُّلَّة يُسَوِّيها الرجلُ من الشجر يستتر بها من
المطر، مخففة اللام. وقد عَوَّلَ: اتخذ عالةً؛ قال عبد مناف بن رِبْعٍ
الهُذْلي:
الطَّعْنُ شَغْشَغةٌ والضَّرْبُ هَيْقَعةٌ،
ضَرْبَ المُعَوِّل تحتَ الدِّيمة العَضَدا
قال ابن بري: الصحيح أَن البيت لساعدة بن
جُؤيَّة الهذلي. والعالَة: النعامةُ؛ عن كراع، فإِمَّا أَن يَعْنيَ به
هذا النوع من الحيوان، وإِمَّا أَن يَعْنيَ به الظُّلَّة لأَن النَّعامة
أَيضاً الظُّلَّة، وهو الصحيح. وما له عالٌ ولا مالٌ أَي شيء. ويقال
للعاثِر: عاً لَكَ عالياً، كقولك لعاً لك عالياً، يدعى له بالإِقالة؛ أَنشد
ابن الأَعرابي:
أَخاكَ الذي إِنْ زَلَّتِ النَّعْلُ لم يَقُلْ:
تَعِسْتَ، ولكن قال: عاً لَكَ عالِيا
وقول الشاعر أُمية بن أَبي الصلت:
سَنَةٌ أَزْمةٌ تَخَيَّلُ بالنا
سِ، تَرى للعِضاه فِيها صَرِيرا
لا على كَوْكَبٍ يَنُوءُ، ولا رِيـ
حِ جَنُوبٍ، ولا تَرى طُخْرورا
ويَسُوقون باقِرَ السَّهْلِ للطَّوْ
دِ مَهازِيلَ، خَشْيةً أَن تَبُورا
عاقِدِينَ النِّيرانَ في ثُكَنِ الأَذْ
نابِ منها، لِكَيْ تَهيجَ النُّحورا
سَلَعٌ مَّا، ومِثْلُه عُشَرٌ مَّا
عائلٌ مَّا، وعالَتِ البَيْقورا
(* قوله «فيها» الرواية: منها. وقوله «طخرورا» الرواية: طمرورا، بالميم
مكان الخاء، وهو العود اليابس او الرحل الذي لا شيء له. وقوله «سلع ما
إلخ» الرواية: سلعاً ما إلخ، بالنصب).
أَي أَن السنة الجَدْبة أَثْقَلَت البقرَ بما حُمِّلَت من السَّلَع
والعُشَر، وإِنما كانوا يفعلون ذلك في السنة الجَدْبة فيَعْمِدون إِلى البقر
فيَعْقِدون في أَذْــنابــها السَّلَع والعُشَر، ثم يُضْرمون فيها النارَ وهم
يُصَعِّدونها في الجبل فيُمْطَرون لوقتهم، فقال أُمية هذا الشعر يذكُر
ذلك.
والمَعاوِلُ والمَعاوِلةُ: قبائل من الأَزْد، النَّسَب إِليهم
مِعْوَليٌّ؛ قال الجوهري: وأَما قول الشاعر في صفة الحَمام:
فإِذا دخَلْت سَمِعْت فيها رَنَّةً،
لَغَطَ المَعاوِل في بُيوت هَداد
فإِن مَعاوِل وهَداداً حَيَّانِ من الأَزْد. وسَبْرة بن
العَوَّال: رجل معروف. وعُوالٌ، بالضم: حيٌّ من العرب من بني عبد الله
بنغَطَفان؛ وقال:
أَتَتْني تَميمٌ قَضُّها بقَضِيضِها،
وجَمْعُ عُوالٍ ما أَدَقَّ وأَلأَما