كــمي: كَمى الشيءَ وتَكَمَّاه: سَتَرَه؛ وقد تَأَوَّل بعضهم قوله:
بَلْ لو شَهِدْتَ الناسَ إِذْ تُكُمُّوا
إِنه من تَكَــمَّيــت الشيء. وكَمَى الشهادة يَكْــمِيــها كَــمْيــاً وأَكْماها:
كَتَمَها وقَمَعَها؛ قال كثيِّر:
وإِني لأَكْــمِي الناسَ ما أَنا مُضْمِرٌ،
مخَافَةَ أَن يَثْرَى بِذلك كاشِحُ
يَثْرى: يَفْرَح. وانْكَمَى أَي اسْتَخْفى. وتَكَمَّتْهم الفتنُ إِذا
غَشِيَتْهم. وتَكَمَّى قِرْنَه: قَصَده، وقيل: كلُّ مَقْصود مُعْتَمَد
مُتَكَمّىً. وتَكَمَّى: تَغَطَّى. وتَكَمَّى في سِلاحه: تَغَطَّى به.
والكَــمِيُّ: الشجاع المُتَكَــمِّي في سِلاحه لأَنه كَمَى نفسه أَي ستَرها
بالدِّرع والبَيْضة، والجمع الكُماة، كأَنهم جمعوا كاميــاً مثل قاضِياً وقُضاة.
وفي الحديث: أَنه مر على أَبواب دُور مُسْتَفِلة فقال اكْموها، وفي رواية:
أَكِيمُوها أَي استُرُوها لئلا تقع عيون الناس عليها. والكَمْوُ: الستر
(* قوله« والكمو الستر» هذه عبارة النهاية ومقتضاها أن يقال كما يكمو.)
، وأَما أَكِيموها فمعناه ارْفَعُوها لئلا يَهْجُم السيل عليها، مأْخوذ
من الكَوْمة وهي الرَّمْلة المُشْرِفة، ومن الناقة الكَوْماء وهي
الطَّويلة السَّنام، والكَوَمُ عِظَم في السنام. وفي حديث حذيفة: للدابة ثلاث
خَرَجاتٍ ثم تَنْكَــمِي أَي تستتر، ومنه قيل للشجاع كَــمِيّ لأَنه استتر
بالدرع، والدابةُ هي دابةُ الأَرض التي هي من أَشراط الساعة؛ ومنه حديث أَبي
اليَسَر: فجِئْته فانْكَمى مني ثم ظهر.
والكَــمِيُّ: اللابسُ السلاحِ، وقيل: هو الشجاع المُقْدِمُ الجَريء، كان
عليه سلاح أَو لم يكن، وقيل: الكَــمِيُّ الذي لا يَحِيد عن قِرنه ولا
يَرُوغ عن شيء، والجمع أَكْماء؛ وأَنشد ابن بري لضَمْرة بن ضَمرة:
تَرَكْتَ ابنتَيْكَ للمُغِيرةِ، والقَنا
شَوارعُ، والأَكْماء تَشْرَقُ بالدَّمِ
فأَما كُماةٌ فجمع كامٍ، وقد قيل إِنَّ جمع الكَــمِيِّ أَكْماء وكُماة.
قال أَبو العباس: اختلف الناس في الكَــمِيِّ من أَي شيء أُخذ، فقالت طائفة:
ســمي كَــمِيّــاً لأَنه يَكْــمِي شجاعته لوقت حاجته إِليها ولا يُظهرها
مُتَكَثِّراً بها، ولكن إِذا احتاج إِليها أَظهرها، وقال بعضهم: إِنما ســمي
كَــمِيّــاً لأَنه لا يقتل إِلا كَــمِيّــاً، وذلك أَن العرب تأْنف من قتل الخسيس،
والعرب تقول: القوم قد تُكُمُّوا والقوم قد تُشُرِّفُوا وتُزُوِّروا
إِذا قُتل كَــمِيُّــهم وشَريفُهم وزَوِيرُهم. ابن بزُرْج: رجل كَــمِيٌّ بيِّن
الكَماية، والكَــمِيُّ على وجهين: الكَــمِيُّ في سلاحه، والكَــمِيُّ الحافظ
لسره. قال: والكامي الشهادة الذي يَكْتُمها. ويقال: ما فلان بِكَــمِيٍّ ولا
نَكِيٍّ أَي لا يَكْــمِي سرّه ولا يَنْكِي عَدُوَّه. ابن الأَعرابي: كل
من تعمَّدته فقد تَكَــمَّيــته. وســمي الكَــمِيُّ كَــمِيّــاً لأَنه يَتَكَمَّى
الأَقران أَي يتعمدهم. وأَكْمَى: سَتَر منزله عن العيون، وأَكْمى: قتَل
كَــمِيَّ العسكر. وكَــمَيْــتُ إِليه: تقدمت؛ عن ثعلب.
والكِيــميــاء، معروفة مثال السِّيــميــاء: اسم صنعة؛ قال الجوهري: هو عربي،
وقال ابن سيده: أَحسبها أَعجــميــة ولا أَدري أَهي فِعْلِياء أَم فِيعِلاء.
والكَمْوى، مقصور: الليلة القَمْراء المُضِيئة؛ قال:
فَباتُوا بالصَّعِيدِ لهم أُجاجٌ،
ولو صَحَّتْ لنا الكَمْوى سَرَينا
التهذيب: وأَما كما فإِنها ما أُدخل عليها كاف التشبيه، وهذا أَكثر
الكلام، وقد قيل: إِن العرب تحذف الياء من كَيْما فتجعله كما، يقول أَحدهم
لصاحبه اسْمع كما أُحَدِّثك، معناه كَيْما أُحَدِّثك، ويرفعون بها الفعل
وينصبون؛ قال عدي:
اسْمَعْ حَدِيثاً كما يَوْماً تُحَدِّثه
عن ظَهْرِ غَيْبٍ، إِذا ما سائلٌ سالا
من نصب فبمعنى كَيْ، ومن رفع فلأَنه لم يلفظ بكى، وذكر ابن الأَثير في
هذه الترجمة قال: وفي الحديث من حَلَف بِملَّةٍ غير مِلَّة الإِسلام
كاذباً فهو كما قال؛ قال: هو أَن يقول الإِنسان في يَــميــنه إِن كان كذا وكذا
فهو كافر أَو يهوديّ أَو نصراني أَو بَريء من الإِسلام، ويكون كاذباً في
قوله، فإِنه يصير إِلى ما قاله من الكفر وغيره، قال: وهذا وإن كان يَنعقد
به يــميــن، عند أَبي حنيفة، فإِنه لا يوجب فيه إِلا كفَّارة اليــميــن، أَما
الشافعي فلا يعدّه يــميــناً ولا كفَّارة فيه عنده. قال: وفي حديث الرؤية
فإِنكم تَرَوْنَ ربكم كما تَرَوْنَ القمَر ليلة البدْر، قال: وقد يُخيل إِلى
بعض السامعين أَن الكاف كاف التشبيه للمَرْئىّ، وإِنما هو للرُّؤية، وهي
فعل الرّائي، ومعناه أَنكم ترون ربكم رُؤية ينزاح معها الشك كرؤيتكم
القمر ليلة البدر لا تَرتابون فيه ولا تَمْتَرُون. وقال: وهذان الحديثان ليس
هذا موضعهما لأَن الكاف زائدة على ما، وذكرهما ابن الأَثير لأَجل لفظهما
وذكرناهما نحن حفظاً لذكرهما حتى لا نخل بشيء من الأُصول.