من (ه ل ه ل) مرجع الصوت ومبلي ثوبه من كثرة الاستعمال.
من (ه ل ه ل) مرجع الصوت ومبلي ثوبه من كثرة الاستعمال.
هلل: هَلَّ السحابُ بالمطر وهَلَّ المطر هَلاًّ وانْهَلَّ بالمطر
انْهِلالاً واسْتَهَلَّ: وهو شدَّة انصبابه. وفي حديث الاستسقاء: فأَلَّف الله
السحاب وهَلَّتنا. قال ابن الأَثير: كذا جاء في رواية لمسلم، يقال: هَلَّ
السحاب إِذا أَمطر بشدَّة، والهِلالُ الدفعة منه، وقيل: هو أَوَّل ما
يصيبك منه، والجمع أَهِلَّة على القياس، وأَهاليلُ نادرة. وانْهَلَّ المطر
انْهِلالاً: سال بشدَّة، واستهلَّت السماءُ في أَوَّل المطر، والاسم
الهِلالُ. وقال غيره: هَلَّ السحاب إِذا قَطَر قَطْراً له صوْت، وأَهَلَّه
الله؛ ومنه انْهِلالُ الدَّمْع وانْهِلالُ المطر؛ قال أَبو نصر: الأَهالِيل
الأَمْطار، ولا واحد لها في قول ابن مقبل:
وغَيْثٍ مَرِيع لم يُجدَّع نَباتُهُ،
ولتْه أَهالِيلُ السِّماكَيْنِ مُعْشِب
وقال ابن بُزُرْج: هِلال وهَلالُهُ
(* قوله «هلال وهلاله إلخ» عبارة
الصاغاني والتهذيب: وقال ابن بزرج هلال المطر وهلاله إلخ) وما أَصابنا
هِلالٌ ولا بِلالٌ ولا طِلالٌ؛ قال: وقالوا الهِلَلُ الأَمطار، واحدها هِلَّة؛
وأَنشد:
من مَنْعِجٍ جادت رَوابِيهِ الهِلَلْ
وانهلَّت السماءُ إِذا صبَّت، واستهلَّت إِذا ارتفع صوتُ وقعها، وكأَنَّ
استِهْلالَ الصبيّ منه. وفي حديث النابغة الجعديّ قال: فنَيَّف على
المائة وكأَنَّ فاهُ البَرَدُ المُنْهَلُّ؛ كل شيء انصبَّ فقد انْهَلَّ،
يقال: انهلَّ السماء بالمطر ينهلُّ انْهِلالاً وهو شدة انْصِبابه. قال: ويقال
هلَّ السماء بالمطر هَلَلاً، ويقال للمطر هَلَلٌ وأُهْلول. والهَلَلُ:
أَول المطر. يقال: استهلَّت السماء وذلك في أَول مطرها. ويقال: هو صوت
وَقْعِه. واستهلَّ الصبيُّ بالبُكاء: رفع صوتَه وصاح عند الوِلادة. وكل شيء
ارتفع صوتُه فقد استهلَّ. والإِهْلالُ بالحج: رفعُ الصوت بالتَّلْبية.
وكلُّ متكلم رفع صوته أَو خفضه فقد أَهَلَّ واستهلَّ. وفي الحديث: الصبيُّ
إِذا وُلِد لم يُورَث ولم يَرِثْ حتى يَسْتَهِلَّ صارخاً. وفي حديث
الجَنِين: كيف نَدِي مَن لا أَكَل ولا شَرِبَ ولا اسْتَهَلَّ؟ وقال
الراجز:يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكْبانُها،
كما يُهِلُّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ
وأَصله رَفْعُ الصوَّت. وأَهَلَّ الرجل واستهلَّ إِذا رفع صوتَه.
وأَهَلَّ المُعْتَمِرُ إِذا رفع صوتَه بالتَّلْبية، وتكرر في الحديث ذكر
الإِهْلال، وهو رفعُ الصوت بالتَّلْبِية. أَهَلَّ المحرِمُ بالحج يُهِلُّ
إِهْلالاً إِذا لَبَّى ورفَع صوتَه. والمُهَلُّ، بضم الميم: موضعُ الإِهْلال،
وهو الميقات الذي يُحْرِمون منه، ويقع على الزمان والمصدر. الليث:
المُحرِمُ يُهِلُّ بالإِحْرام إِذا أَوجب الحُرْم على نفسه؛ تقول: أَهَلَّ
بحجَّة أَو بعُمْرة في معنى أَحْرَم بها، وإِنما قيل للإِحرامِ إِهْلال لرفع
المحرِم صوته بالتَّلْبية. والإِهْلال: التلبية، وأَصل الإِهْلال رفعُ
الصوتِ. وكل رافِعٍ صوتَه فهو مُهِلّ، وكذلك قوله عز وجل: وما أُهِلَّ لغير
الله به؛ هو ما ذُبِحَ للآلهة وذلك لأَن الذابح كان يسمِّيها عند الذبح،
فذلك هو الإِهْلال؛ قال النابغة يذكر دُرَّةً أَخرجها غَوَّاصُها من
البحر:
أَو دُرَّة صَدَفِيَّة غَوَّاصُها
بَهِجٌ، متى يَره يُهِلَّ ويَسْجُدِ
يعني بإِهْلالِه رفعَه صوتَه بالدعاء والحمد لله إِذا رآها؛ قال أَبو
عبيد: وكذلك الحديث في اسْتِهْلال الصبيِّ أَنه إِذا وُلد لم يَرِثْ ولم
يُورَثْ حتى يَسْتَهِلَّ صارخاً وذلك أَنه يُستدَل على أَنه وُلد حيًّا
بصوته. وقال أَبو الخطاب: كلّ متكلم رافعِ الصوت أَو خافضِه فهو مُهلّ
ومُسْتَهِلّ؛ وأَنشد:
وأَلْفَيْت الخُصوم، وهُمْ لَدَيْهِ
مُبَرْسمَة أَهلُّوا ينظُرونا
وقال:
غير يَعفور أَهَلَّ به
جاب دَفَّيْه عن القلب
(* قوله «غير يعفور إلخ» هو هكذا في الأصل والتهذيب).
قيل في الإِهْلال: إِنه شيء يعتريه في ذلك الوقت يخرج من جوفه شبيه
بالعُواء الخفيف، وهو بين العُواء والأَنين، وذلك من حاقِّ الحِرْص وشدّة
الطلب وخوف الفَوْت. وانهلَّت السماء منه يعني كلب الصيد إِذا أُرسل على
الظَّبْي فأَخذه؛ قال الأَزهري: ومما يدل على صحة ما قاله أَبو عبيد وحكاه
عن أَصحابه قول الساجع عند سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين قَضى
في الجَنين (قوله «حين قضى في الجنين إلخ» عبارة التهذيب: حين قضى في
الجنين الذي أسقطته أمه ميتاً بغرة إلخ) إِذا سقَط ميتاً بغُرَّة فقال:
أَرأَيت مَن لا شرب ولا أَكَلْ، ولا صاح فاسْتَهَلّْ، ومثل دَمِه يُطَلُّ،
فجعله مُسْتَهِلاًّ برفعِه صوته عند الوِلادة.
وانهلَّت عينُه وتَهَلَّلتْ: سالت بالدمع. وتَهَلَّلتْ دموعُه: سالت.
واستهلَّت العين: دمَعت؛ قال أَوس:
لا تَسْتَهِلُّ من الفِراق شُؤوني
وكذلك انْهَلَّتِ العَيْن؛ قال:
أَو سُنْبُلاً كُحِلَتْ به فانْهَلَّتِ
والهَليلةُ: الأَرض التي استهلَّ بها المطر، وقيل: الهَلِيلةُ الأَرض
المَمْطورة وما حَوالَيْها غيرُ مَمطور. وتَهَلَّل السحابُ بالبَرْق:
تَلأْلأَ. وتهلَّل وجهه فَرَحاً: أَشْرَق واستهلَّ. وفي حديث فاطمة، عليها
السلام: فلما رآها استبشَر وتهلَّل وجهُه أَي استنار وظهرت عليه أَمارات
السرور. الأَزهري: تَهَلَّل الرجل فرحاً؛ وأَنشد
(* هذا البيت لزهير بن ابي
سلمى من قصيدة له) :
تَراه، إِذا ما جئتَه، مُتَهَلِّلاً
كأَنك تُعطيه الذي أَنت سائلُهْ
واهْتَلَّ كتَهلَّل؛ قال:
ولنا أَسامٍ ما تَليقُ بغيرِنا،
ومَشاهِدٌ تَهْتَلُّ حين تَرانا
وما جاء بِهِلَّة ولا بِلَّة؛ الهِلَّة: من الفرح والاستهلال،
والبِلَّة: أَدنى بَللٍ من الخير؛ وحكاهما كراع جميعاً بالفتح. ويقال: ما أَصاب
عنده هِلَّة ولا بِلَّة أَي شيئاً. ابن الأَعرابي: هَلَّ يَهِلُّ إِذا فرح،
وهَلَّ يَهِلُّ إِذا صاح.
والهِلالُ: غرة القمر حين يُهِلُّه الناسُ في غرة الشهر، وقيل: يسمى
هِلالاً لليلتين من الشهر ثم لا يسمَّى به إِلى أَن يعود في الشهر الثاني،
وقيل: يسمى به ثلاث ليال ثم يسمى قمراً، وقيل: يسماه حتى يُحَجِّر، وقيل:
يسمى هِلالاً إِلى أَن يَبْهَرَ ضوءُه سواد الليل، وهذا لا يكون إِلا في
الليلة السابعة. قال أَبو إِسحق: والذي عندي وما عليه الأَكثر أَن يسمَّى
هِلالاً ابنَ ليلتين فإِنه في الثالثة يتبين ضوءُه، والجمع أَهِلَّة؛
قال:
يُسيلُ الرُّبى واهِي الكُلَى عَرِضُ الذُّرَى،
أَهِلَّةُ نضّاخِ النَّدَى سابِغ القَطْرِ
أَهلَّة نضّاخ النَّدَى كقوله:
تلقّى نَوْءُهُنّ سِرَارَ شَهْرٍ،
وخيرُ النَّوْءِ ما لَقِيَ السِّرَارا
التهذيب عن أَبي الهيثم: يسمَّى القمر لليلتين من أَول الشهر هِلالاً،
ولليلتين من آخر الشهر ستٍّ وعشرين وسبعٍ وعشرين هِلالاً، ويسمى ما بين
ذلك قمراً.
وأَهَلَّ الرجلُ: نظر إِلى الهِلال. وأَهْلَلْنا هِلال شهر كذا
واسْتَهْللناه: رأَيناه. وأَهْلَلْنا الشهر واسْتَهْللناه: رأَينا هِلالَه.
المحكم: وأَهَلَّ الشهر واستَهلَّ ظهر هِلالُه وتبيَّن، وفي الصحاح: ولا يقال
أَهَلَّ. قال ابن بري: وقد قاله غيره؛ المحكم أَيضاً: وهَلَّ الشهر ولا
يقال أَهَلَّ. وهَلَّ الهِلالُ وأَهَلَّ وأُهِلَّ واستُهِلَّ، على ما لم
يسم فاعله: ظهَر، والعرب تقول عند ذلك: الحمدُلله إِهْلالَك إِلى سِرارِك
ينصبون إِهْلالَك على الظرف، وهي من المصادر التي تكون أَحياناً لسعة
الكلام كخُفوق النجم. الليث: تقول أُهِلَّ القمر ولا يقال أُهِلَّ
الهِلالُ؛ قال الأَزهري: هذا غلط وكلام العرب أُهِلَّ الهِلالُ. روى أَبو عبيد عن
أَبي عمرو: أُهِلَّ الهلالُ واستُهِلَّ لا غير، وروي عن ابن الأَعرابي:
أُهِلَّ الهلالُ واستُهِلَّ، قال: واسْتَهَلَّ أَيضاً، وشهر مُسْتَهل؛
وأَنشد:
وشهر مُسْتَهل بعد شهرٍ،
ويومٌ بعده يومٌ جَدِيدُ
قال أَبو العباس: وسمي الهلالُ هِلالاً لأَن الناس يرفعون أَصواتهم
بالإِخبار عنه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَن ناساً قالوا له إِنَّا بين
الجِبال لا نُهِلُّ هِلالاً إِذا أَهَلَّه الناس أَي لا نُبْصِره إِذا
أَبصره الناس لأَجل الجبال. ابن شميل: انطَلِقْ بنا حتى نُهِلَّ الهِلال أَي
نَنْظُر أَنَراه. وأَتَيْتُك عند هِلَّةِ الشهر وهِلِّه وإِهْلاله أَي
اسْتِهلاله.
وهالَّ الأَجيرَ مُهالّةً وهِلالاً: استأْجره كل شهر من الهِلال إِلى
الهِلال بشيء؛ عن اللحياني، وهالِلْ أَجيرَك كذا؛ حكاه اللحياني عن العرب؛
قال ابن سيده: فلا أَدري أَهكذا سمعه منهم أَم هو الذي اختار التضعيف؛
فأَما ما أَنشده أَبو زيد من قوله:
تَخُطُّ لامَ أَلِفٍ مَوْصُولِ،
والزايَ والرَّا أَيَّما تَهْلِيلِ
فإِنه أَراد تَضَعُها على شكْلِ الهِلال، وذلك لأَن معنى قوله تَخُطُّ
تُهَلِّلُ، فكأَنه قال: تُهَلِّل لام أَلِفٍ مَوْصولٍ تَهْلِيلاً أَيَّما
تَهْليل.
والمُهَلِّلةُ، بكسر اللام، من الإِبل: التي قد ضَمَرت وتقوَّست.
وحاجِبٌ مُهَلَّلٌ: مشبَّه بالهلال. وبعير مُهَلَّل، بفتح اللام:
مقوَّس.والهِلالُ: الجمَل الذي قد ضرَب حتى أَدَّاه ذلك إِلى الهُزال
والتقوُّس.الليث: يقال للبعير إِذا اسْتَقْوَس وحَنا ظهرُه والتزق بطنه هُزالاً
وإِحْناقاً: قد هُلِّل البعير تهليلاً؛ قال ذو الرمة:
إِذا ارْفَضَّ أَطرافُ السِّياطِ، وهُلِّلتْ
جُرُومُ المَطايا، عَذَّبَتْهُنّ صَيْدَحُ
ومعنى هُلِّلتْ أَي انحنتْ كأَنه الأَهلَّة دِقَّةً وضُمْراً. وهِلالُ
البعير: ما استقوس منه عند ضُمْره؛ قال ابن هرمة:
وطارِقِ هَمٍّ قد قَرَيْتُ هِلالَهُ،
يَخُبُّ، إِذا اعْتَلَّ المَطِيُّ، ويَرْسُِمُ
أَراد أَنه قَرَى الهَمَّ الطارقَ سيْر هذا البعير. والهلالُ: الجمل
المهزول من ضِراب أَو سير. والهِلال: حديدة يُعَرْقَب بها الصيد. والهِلالُ:
الحديدة التي تضمُّ ما بين حِنْوَيِ الرَّحْل من حديد أَو خشب، والجمع
الأُهِلَّة. أَبو زيد: يقال للحدائد التي تضمُّ ما بين أَحْناءِ الرِّحال
أَهِلَّة، وقال غيره: هلالُ النُّؤْي ما استقْوَس منه. والهِلالُ:
الحيَّة ما كان، وقيل: هو الذكَر من الحيّات؛ ومنه قول ذي الرمة:
إِلَيك ابْتَذَلْنا كلَّ وَهْمٍ، كأَنه
هِلالٌ بدَا في رَمْضةٍ يَتَقَلَّب
يعني حيَّة. والهِلال: الحيَّة إِذا سُلِخَت؛ قال الشاعر:
تَرَى الوَشْيَ لَمَّاعاً عليها كأَنه
قَشيبُ هِلال، لم تقطَّع شَبَارِقُهْ
وأَنشد ابن الأَعرابي يصف درعاً شبهها في صَفائها بسَلْخ الحيَّة:
في نَثْلةٍ تَهْزَأُ بالنِّصالِ،
كأَنها من خِلَعِ الهِلالِ
وهُزْؤُها بالنِّصال: ردُّها إِياها. والهِلالُ: الحجارة المَرْصوف
بعضُها إِلى بعضٍ. والهِلالُ: نِصْف الرَّحَى. والهلالُ: الرَّحَى؛ ومنه قول
الراجز:
ويَطْحَنُ الأَبْطالَ والقَتِيرا،
طَحْنَ الهِلالِ البُرَّ والشَّعِيرَا
والهِلالُ: طرف الرَّحَى إِذا انكسر منه. والهِلالُ: البياض الذي يظهر
في أُصول الأَظْفار. والهِلالُ: الغُبار، وقيل: الهِلالُ قطعة من الغُبار.
وهِلالُ الإِصبعِ: المُطيفُ بالظفر. والهِلالُ: بقيَّة الماء في الحوض.
ابن الأَعرابي: والهِلالُ ما يبقى في الحوض من الماء الصافي؛ قال
الأَزهري: وقيل له هِلالٌ لأَن الغدير عند امتلائه من الماء يستدير، وإِذا قلَّ
ماؤه ذهبت الاستدارةُ وصار الماء في ناحية منه. الليث: الهُلاهِلُ من وصف
الماء الكثير الصافي، والهِلالُ: الغلام الحسَن الوجه، قال: ويقال
للرَّحى هِلال إِذا انكسرت. والهِلالُ: شيء تُعرقَبُ به الحميرُ. وهِلالُ
النعل: ذُؤابَتُها.
والهَلَلُ: الفَزَع والفَرَقُ؛ قال:
ومُتَّ مِنِّي هَلَلاً، إِنما
مَوْتُك، لو وارَدْت، وُرَّادِيَهْ
يقال: هَلَكَ فلان هَلَلاً وهَلاًّ أَي فَرَقاً، وحَمل عليه فما كذَّب
ولا هَلَّلَ أَي ما فَزِع وما جبُن. يقال: حَمَل فما هَلَّل أَي ضرب
قِرْنه. ويقال: أَحجم عنَّا هَلَلاً وهَلاًّ؛ قاله أَبو زيد.
والتَّهْليل: الفِرارُ والنُّكوصُ؛ قال كعب بن زهير:
لا يقَعُ الطَّعْنُ إِلا في نُحورِهِمُ،
وما لهمْ عن حِياضِ المَوْتِ تَهْليلُ
أَي نُكوصٌ وتأَخُّرٌ. يقال: هَلَّل عن الأَمر إِذا ولَّى عنه ونَكَص.
وهَلَّل عن الشيء: نَكَل. وما هَلَّل عن شتمي أَي ما تأَخر. قال أَبو
الهيثم: ليس شيء أَجْرأَ من النمر، ويقال: إِنّ الأَسد يُهَلِّل ويُكَلِّل،
وإِنَّ النَّمِر يُكَلِّل ولا يُهَلِّل، قال: والمُهَلِّل الذي يحمل على
قِرْنه ثم يجبُن فَيَنْثَني ويرجع، ويقال: حَمَل ثم هَلَّل، والمُكَلِّل:
الذي يحمل فلا يرجع حتى يقع بقِرْنه؛ وقال:
قَوْمي على الإِسْلام لمَّا يَمْنَعُوا
ماعُونَهُمْ، ويُضَيِّعُوا التَّهْلِيلا
(* قوله «ويضيعوا التهليلا» وروي ويهللوا التهليلا كما في التهذيب).
أَي لمَّا يرجعوا عمَّا هم عليه من الإِسلام، من قولهم: هَلَّل عن
قِرْنه وكَلَّس؛ قال الأَزهري: أَراد ولمَّا يُضَيِّعوا شهادة أَن لا إِله
إِلا الله وهو رفع الصوت بالشهادة، وهذا على رواية من رواه ويُضَيِّعوا
التَّهْليلا، وقال الليث: التَّهْليل قول لا إِله إِلا الله؛ قال الأَزهري:
ولا أَراه مأْخوذاً إِلا من رفع قائله به صوته؛ وقوله أَنشده ثعلب:
وليس بها رِيحٌ، ولكن وَدِيقَةٌ
يَظَلُّ بها السَّامي يُهِلُّ ويَنْقَعُ
فسره فقال: مرَّة يذهب رِيقُه يعني يُهِلُّ، ومرة يَجيء يعني يَنْقَع؛
والسامي الذي يصطاد ويكون في رجله جَوْرَبان؛ وفي التهذيب في تفسير هذا
البيت: السامي الذي يطلب الصيد في الرَّمْضاء، يلبس مِسْمَاتَيْه ويُثير
الظِّباء من مَكانِسِها، فإِذا رَمِضت تشقَّقت أَظْلافها ويُدْرِكها السامي
فيأْخذها بيده، وجمعه السُّمَاة؛ وقال الباهلي في قوله يُهِلُّ: هو أَن
يرفع العطشان لسانه إِلى لَهاته فيجمع الريق؛ يقال: جاء فلان يُهِلُّ من
العطش. والنَّقْعُ: جمع الريق تحت اللسان.
وتَهْلَلُ: من أَسماء الباطل كَثَهْلَل، جعلوه اسماً له علماً وهو نادر،
وقال بعض النحويين: ذهبوا في تَهْلَل إِلى أَنه تَفْعَل لمَّا لم يجدوا
في الكلام «ت هـ ل» معروفة ووجدوا «هـ ل ل» وجاز التضعيف فيه لأَنه علم،
والأَعلام تغير كثيراً، ومثله عندهم تَحْبَب. وذهب في هِلِيَّانٍ وبذي
هِلِيَّانٍ أَي حيث لا يدرَى أَيْنَ هو.
وامرأَة هِلٌّ: متفصِّلة في ثوب واحدٍ؛ قال:
أَناةٌ تَزِينُ البَيْتَ إِمَّا تلَبَّسَتْ،
وإِن قَعَدَتْ هِلاًّ فأَحْسنْ بها هِلاَّ
والهَلَلُ: نَسْجُ العنكبوت، ويقال لنسج العنكبوت الهَلَل والهَلْهَلُ.
وهَلَّلَ الرجلُ أَي قال لا إِله إِلا الله. وقد هَيْلَلَ الرجلُ إِذا
قال لا إِله إِلا الله. وقد أَخذنا في الهَيْلَلَة إِذا أَخذنا في
التَّهْليل، وهو مثل قولهم حَوْلَقَ الرجل وحَوْقَلَ إِذا قال لا حول ولا قوة
إِلا بالله؛ وأَنشد:
فِداكَ، من الأَقْوام، كُلُّ مُبَخَّل
يُحَوْلِقُ إِمَّا سالهُ العُرْفَ سائلُ
الخليل: حَيْعَل الرجل إِذا قال حيّ على الصلاة. قال: والعرب تفعل هذا
إِذا كثر استعمالهم للكلمتين ضموا بعض حروف إِحداهما إِلى بعض حروف
الأُخرى، منه قولهم: لا تُبَرْقِل علينا؛ والبَرْقَلة: كلام لا يَتْبَعه فعل،
مأْخوذ من البَرْق الذي لا مطر معه. قال أَبو العباس: الحَوْلَقة
والبَسْملة والسَّبْحَلة والهَيْلَلة، قال: هذه الأَربعة أَحرف جاءت هكذا، قيل
له: فالْحَمدلة؟ قال: ولا أنكره
(* قوله «قال ولا أنكره» عبارة الازهري:
فقال لا وأنكره).
وأَهَلَّ بالتسمية على الذبيحة، وقوله تعلى: وما أُهِلَّ به لغير الله؛
أَي نودِيَ عليه بغير اسم الله.
ويقال: أَهْلَلْنا عن ليلة كذا، ولا يقال أَهْلَلْناه فهَلَّ كما يقال
أَدخلناه فدَخَل، وهو قياسه. وثوب هَلٌّ وهَلْهَلٌ وهَلْهالٌ وهُلاهِل
ومُهَلْهَل: رقيق سَخيفُ النَّسْج. وقد هَلْهَل النَّسَّاج الثوبَ إِذا
أَرقّ نَسْجه وخفَّفه. والهَلْهَلةُ: سُخْفُ النسْج. وقال ابن الأَعرابي:
هَلْهَله بالنَّسْج خاصة. وثوب هَلْهَل رَديء النسْج، وفيه من اللغات جميع
ما تقدم في الرقيق؛ قال النابغة:
أَتاك بقولٍ هَلْهَلِ النَّسْجِ كاذبٍ،
ولم يأْتِ بالحقّ الذي هو ناصِعُ
ويروى: لَهْلَه. ويقال: أَنْهَجَ الثوبُ هَلْهالاً. والــمُهَلْهَلــة من
الدُّروع: أَرْدَؤها نسْجاً. شمر: يقال ثوب مُلَهْلَةٌ ومُهَلْهَل
ومُنَهْنَةٌ؛ وأَنشد:
ومَدَّ قُصَيٌّ وأَبْناؤه
عليك الظِّلالَ، فما هَلْهَلُوا
وقال شمر في كتاب السلاح: الــمُهَلْهَلــة من الدُّروع قال بعضهم: هي
الحَسنة النسْج ليست بصفيقة، قال: ويقال هي الواسعة الحَلَق. قال ابن
الأَعرابي: ثوب لَهْلَهُ النسج أَي رقيق ليس بكثيف. ويقال: هَلْهَلْت الطحين أَي
نخلته بشيء سَخيف؛ وأَنشد لأُمية:
(* قوله «وأنشد لامية إلخ» عبارة التكملة لامية بن ابي الصلت يصف
الرياح:أذعن به جوافل معصفات * كما تذري الــمهلهلــة
الطحينابه اي بذي قضين وهو موضع).
كما تَذْرِي الــمُهَلْهِلــةُ الطَّحِينا
وشعر هَلْهل: رقيقٌ.
ومُهَلْهِل: اسم شاعر، سمي بذلك لِرَداءة شعْره، وقيل: لأَنه أَوَّل من
أَرقَّ الشعْر وهو امرؤ القيس ابن ربيعة
(* قوله: وهو امرؤ القيس بن
ربيعة: هكذا في الأصل، والمشهور أنه ابو ليلى عَدِيّ بن ربيعة) أَخو كُليب
وائل؛ وقيل: سمي مهلهِلــاً بقوله لزهير بن جَناب:
لمَّا تَوَعَّرَ في الكُراعِ هَجِينُهُمْ،
هَلْهَلْتُ أَثْأَرُ جابراً أَو صِنْبِلا
ويقال: هَلهَلْت أُدرِكه كما يقال كِدْت أُدْرِكُه، وهَلْهَلَ يُدْركه
أَي كان يُدركه، وهذا البيت أَنشده الجوهري:
لما تَوَغَّلَ في الكُراع هَجِينُهم
قال ابن بري: والذي في شعره لما توعَّر كما أَوردْناه عن غيره، وقوله
لما توَعَّر أَي أَخذ في مكان وعْر. ويقال: هَلْهَل فلان شعْره إِذا لم
ينَقِّحه وأَرسله كما حضَره ولذلك سمي الشاعر مُهَلهِلــاً.
والهَلْهَل: السَّمُّ القاتِل، وهو معرَّب؛ قال الأَزهري: ليس كل سَمّ
قاتل يسمَّى هَلهَلاً ولكن الهَلهَلُ سَمٌّ من السُّموم بعينه قاتِلٌ،
قال: وليس بعربيّ وأَراه هنْدِيّاً.
وهَلهَلَ الصوْتَ: رجَّعه. وماءٌ هُلاهِلٌ: صافٍ كثير. وهَلْهَل عن
الشيء: رجَع. والهُلاهِلُ: الماء الكثير الصافي. والهَلْهَلةُ: الانتظار
والتأَني؛ وقال الأَصمعي في قول حَرملة بن حَكيم:
هَلهِلْ بكَعْبٍ، بعدما وَقَعَتْ
فوق الجَبِين بساعِدٍ فَعْمِ
ويروى: هَلِّلْ ومعناهما جميعاً انتظر به ما يكون من حاله من هذه
الضرْبة؛ وقال الأَصمعي: هَلْهِلْ بكَعْب أَي أَمْهِله بعدما وقعت به شَجَّة
على جبينه، وقال شمر: هَلْهَلْت تَلَبَّثت وتنظَّرت.
التهذيب: ويقال أَهَلَّ السيفُ بفلان إِذا قطع فيه؛ ومنه قول ابن أَحمر:
وَيْلُ آمِّ خِرْقٍ أَهَلَّ المَشْرَفِيُّ به
على الهَباءَة، لا نِكْسٌ ولا وَرَع
وذو هُلاهِلٍ: قَيْلٌ من أَقْيال حِمْير.
وهَلْ: حرف استفهام، فإِذا جعلته اسماً شددته. قال ابن سيده: هل كلمة
استفهام هذا هو المعروف، قال: وتكون بمنزلة أَم للاستفهام، وتكون بمنزلة
بَلْ، وتكون بمنزلة قَدْ كقوله عز وجل: يَوْمَ نقولُ لجهنَّم هَلِ
امْتَلأْتِ وتقولُ هَلْ مِنْ مزيدٍ؟ قالوا: معناه قد امْتَلأْت؛ قال ابن جني: هذا
تفسير على المعنى دون اللفظ وهل مُبقاة على استفهامها، وقولها هَلْ مِن
مزيد أَي أَتعلم يا ربَّنا أَن عندي مزيداً، فجواب هذا منه عزَّ اسمه لا،
أَي فكَما تعلم أَن لا مَزيدَ فحسبي ما عندي، وتكون بمعنى الجزاء، وتكون
بمعنى الجَحْد، وتكون بمعنى الأَمر. قال الفراء: سمعت أَعرابيّاً يقول:
هل أَنت ساكت؟ بمعنى اسكت؛ قال ابن سيده: هذا كله قول ثعلب وروايته.
الأَزهري: قال الفراء هَلْ قد تكون جَحْداً وتكون خبَراً، قال: وقول الله عز
وجل: هَلْ أَتى على الإِنسان حينٌ من الدهر؛ قال: معناه قد أَتى على
الإِنسان معناه الخبر، قال: والجَحْدُ أَن تقول: وهل يقدِر أَحد على مثل هذا؛
قال: ومن الخبَر قولك للرجل: هل وعَظْتك هل أَعْطَيتك، تقرَّره بأَنك قد
وعَظْته وأَعطيته؛ قال الفراء: وقال الكسائي هل تأْتي استفهاماً، وهو
بابُها، وتأْتي جَحْداً مثل قوله:
أَلا هَلْ أَخو عَيْشٍ لذيذٍ بدائم
معناه أَلا ما أَخو عيشٍ؛ قال: وتأْتي شرْطاً، وتأْتي بمعنى قد، وتأْتي
تَوْبيخاً، وتأْتي أَمراً، وتأْتي تنبيهاً؛ قال: فإِذا زدت فيها أَلِفاً
كانت بمعنى التسكين، وهو معنى قوله إِذا ذُكِر الصالحون فحَيَّهَلاً
بعُمَر، قال: معنى حَيّ أَسرِعْ بذكره، ومعنى هَلاً أَي اسْكُن عند ذكره حتى
تنقضي فضائله؛ وأَنشد:
وأَيّ حَصانٍ لا يُقال لَها هَلاً
أَي اسْكُني للزوج؛ قال: فإِن شَدَّدْت لامَها صارت بمعنى اللوْم
والحضِّ، اللومُ على ما مضى من الزمان، والحَضُّ على ما يأْتي من الزمان، قال:
ومن الأَمر قوله: فهَلْ أَنتُم مُنْتَهون.
وهَلاً: زجْر للخيل، وهالٍ مثله أَي اقرُبي. وقولهم: هَلاً استعجال وحث.
وفي حديث جابر: هَلاَّ بكْراً تُلاعِبُها وتُلاعِبُك؛ هَلاَّ، بالتشديد:
حرف معناه الحثُّ والتحضيضُ؛ يقال: حيّ هَلا الثريدَ، ومعناه هَلُمَّ
إِلى الثريد، فُتحت ياؤه لاجتماع الساكنين وبُنِيَت حَيّ وهَلْ اسماً
واحداً مثل خمسة عشر وسمِّي به الفعل، ويستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث،
وإِذا وقفت عليه قلت حَيَّهَلا، والأَلف لبيان الحركة كالهاء في قوله
كِتابِيَهْ وحِسابِيَهْ لأَنَّ الأَلِف من مخرج الهاء؛ وفي الحديث: إِذا ذكِرَ
الصالحون فحَيَّهَلَ بعُمَرَ، بفتح اللام مثل خمسة عشر، أَي فأَقْبِلْ به
وأَسرِع، وهي كلمتان جعلتا كلمة واحدة، فحَيَّ بمعنى أَقبِلْ وهَلا بمعنى
أَسرِعْ، وقيل: معناه عليك بعُمَر أَي أَنه من هذه الصفة، ويجوز
فحَيَّهَلاً، بالتنوين، يجعل نكرة، وأَما حَيَّهَلا بلا تنوين فإِنما يجوز في
الوقف فأَما في الإِدراج فهي لغة رديئة؛ قال ابن بري: قد عرَّفت العرب
حَيَّهَلْ؛ وأَنشد فيه ثعلب:
وقد غَدَوْت، قبل رَفْعِ الحَيَّهَلْ،
أَسوقُ نابَيْنِ وناباً مِلإِبِلْ
وقال: الحَيَّهَل الأَذان. والنابانِ: عَجُوزان؛ وقد عُرِّف بالإِضافة
أَيضاً في قول الآخر:
وهَيَّجَ الحَيَّ من دارٍ، فظلَّ لهم
يومٌ كثير تَنادِيه، وحَيَّهَلُهْ
قال: وأَنشد الجوهري عجزه في آخر الفصل:
هَيْهاؤُه وحَيْهَلُهْ
وقال أَبو حنيفة: الحَيْهَل نبت من دِقّ الحَمْض، واحدته حَيْهَلة، سميت
بذلك لسُرعة نباتها كما يقال في السرعة والحَثّ حَيَّهَل؛ وأَنشد لحميد
بن ثور:
بِمِيثٍ بَثاءٍ نَصِيفِيَّةٍ،
دَمِيثٍ بها الرِّمْثُ والحَيْهَلُ
(* قوله «بها الرمث والحيهل» هكذا ضبط في الأصل، وضبط في القاموس في
مادة حيهل بتشديد الياء وضم الهاء وسكون اللام، وقال بعد ان ذكر الشطر
الثاني: نقل حركة اللام الى الهاء).
وأَما قول لبيد يذكر صاحِباً له في السفر كان أَمَرَه بالرَّحِيل:
يَتمارَى في الذي قلتُ له،
ولقد يَسْمَعُ قَوْلي حَيَّهَلْ
فإِنما سكنه للقافية. وقد يقولون حَيَّ من غير أَن يقولو هَلْ، من ذلك
قولهم في الأَذان: حَيَّ على الصلاة حَيَّ على الفَلاح إِنما هو دعاء
إِلى الصَّلاةِ والفَلاحِ؛ قال ابن أَحمر:
أَنْشَأْتُ أَسأَلهُ: ما بالُ رُفْقَتِهِ
حَيَّ الحُمولَ، فإِنَّ الركْبَ قد ذهَبا
قال: أَنْشَأَ يسأَل غلامه كيف أَخذ الركب. وحكى سيبويه عن أَبي الخطاب
أَن بعض العرب يقول: حَيَّهَلا الصلاة، يصل بهَلا كما يوصل بعَلَى فيقال
حَيَّهَلا الصلاة، ومعناه ائتوا الصلاة واقربُوا من الصلاة وهَلُمُّوا
إِلى الصلاة؛ قال ابن بري: الذي حكاه سيبويه عن أَبي الخطاب حَيَّهَلَ
الصلاةَ بنصب الصلاة لا غير، قال: ومثله قولهم حَيَّهَلَ الثريدَ، بالنصب لا
غير. وقد حَيْعَلَ المؤَذن كما يقال حَوْلَقَ وتَعَبْشَمَ مُرَكَّباً من
كلمتين؛ قال الشاعر:
أَلا رُبَّ طَيْفٍ منكِ باتَ مُعانِقي
إِلى أَن دَعَا داعي الصَّباح، فَحَيْعَلا
وقال آخر:
أَقولُ لها، ودمعُ العينِ جارٍ:
أَلمْ تُحْزِنْك حَيْعَلةُ المُنادِي؟
وربما أَلحقوا به الكاف فقالوا حَيَّهَلَك كما يقال رُوَيْدَك، والكاف
للخطاب فقط ولا موضع لها من الإِعراب لأَنها ليست باسم. قال أَبو عبيدة:
سمع أَبو مَهْدِيَّة الأَعرابي رجلاً يدعو بالفارسية رجلاً يقول له زُوذْ،
فقال: ما يقول؟ قلنا: يقول عَجِّل، فقال: أَلا يقول: حَيَّهَلك أَي
هَلُمَّ وتَعَال؛ وقول الشاعر:
هَيْهاؤه وحَيْهَلُهْ
فإِنما جعله اسماً ولم يأْمر به أَحداً. الأَزهري: عن ثعلب أَنه قال:
حيهل أَي أَقبل إِليَّ، وربما حذف فقيل هَلا إِليَّ، وجعل أَبو الدقيش هَل
التي للاستفهام اسماً فأَعربه وأَدخل عليه الأَلف واللام، وذلك أَنه قال
له الخليل: هَلْ لك في زُبدٍ وتمر؟ فقال أَبو الدقيش: أَشَدُّ الهَلِّ
وأَوْحاهُ، فجعله اسماً كما ترى وعرَّفه بالأَلف واللام، وزاد في الاحتياط
بأَن شدَّده غير مضطر لتتكمَّل له عدّةُ حروف الأُصول وهي الثلاثة؛
وسمعه أَبو نُوَاس فتلاه فقال للفضل
بن الربيع:
هَلْ لكَ، والهَلُّ خِيَرْ،
فيمَنْ إِذا غِبْتَ حَضَرْ؟
ويقال: كلُّ حرف أَداة إِذا جعلت فيه أَلِفاً ولاماً صار اسمً فقوِّي
وثقِّل كقوله:
إِنَّ لَيْتاً وإِنَّ لَوًّا عَناءُ
قال الخليل: إِذا جاءت الحروف الليِّنة في كلمة نحو لَوْ وأَشباهها
ثقِّلت، لأَن الحرف الليِّن خَوَّار أَجْوَف لا بدَّ له من حَشْوٍ يقوَّى به
إِذا جُعل اسماً، قال: والحروف الصِّحاح القويَّة مستغنية بجُرُوسِها لا
تحتاج إِلى حَشْو فنترك على حاله، والذي حكاه الجوهري في حكاية أَبي
الدقيش عن الخليل قال: قلت لأَبي الدُّقيْش هل لك في ثريدةٍ كأَنَّ ودَكَها
عُيُونُ الضَّيَاوِن؟ فقال: أَشدُّ الهَلِّ؛ قال ابن بري: قال ابن حمزة
روى أَهل الضبط عن الخليل أَنه قال لأَبي الدقيش أَو غيره هل لك في تَمْرٍ
وزُبْدٍ؟ فقال: أَشَدُّ الهَلِّ وأَوْحاه، وفي رواية أَنه قال له: هل لك
في الرُّطَب؟ قال: أَسْرعُ هَلٍّ وأَوْحاه؛ وأَنشد:
هَلْ لك، والهَلُّ خِيَرْ،
في ماجدٍ ثبْتِ الغَدَرْ؟
وقال شَبيب بن عمرو الطائي:
هَلْ لك أَن تدخُل في جَهَنَّمِ؟
قلتُ لها: لا، والجليلِ الأَعْظَمِ،
ما ليَ هَلٍّ ولا تكلُّمِ
قال ابن سلامة: سأَلت سيبويه عن قوله عز وجل: فلولا كانت قريةٌ آمَنَتْ
فنفَعها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يونُسَ؛ على أَي شيء نصب؟ قال: إِذا كان
معنى إِلاَّ لكنّ نصب، وقال الفراء في قراءة أُبيّ فهَلاَّ، وفي مصحفنا
فلولا، قال: ومعناها أَنهم لم يؤمنوا ثم استثنى قوم يونس بالنصب على
الانقطاع مما قبله كأَنَّ قوم يونس كانوا منقطِعين من قوم غيره؛ وقال الفراء
أَيضاً: لولا إِذا كانت مع الأَسماء فهي شرط، وإِذا كانت مع الأَفعال فهي
بمعنى هَلاَّ، لَوْمٌ على ما مضى وتحضيضٌ على ما يأْتي. وقال الزجاج في
قوله تعالى: لولا أَخَّرْتَني إِلى أَجلٍ قريب، معناه هَلاَّ. وهَلْ قد
تكون بمعنى ما؛ قالت ابنة الحُمارِس:
هَلْ هي إِلاَّ حِظَةٌ أَو تَطْلِيقْ،
أَو صَلَفٌ من بين ذاك تَعْلِيقْ
أَي ما هي ولهذا أُدخلت لها إِلا. وحكي عن الكسائي أَنه قال: هَلْ زِلْت
تقوله بمعنى ما زِلْتَ تقوله، قال: فيستعملون هَلْ بمعنى ما. ويقال: متى
زِلْت تقول ذلك وكيف زِلْت؛ وأَنشد:
وهَلْ زِلْتُمُ تأْوِي العَشِيرةُ فيكُم،
وتنبتُ في أَكناف أَبلَجَ خِضْرِمِ؟
وقوله:
وإِنَّ شِفائي عَبْرَةٌ مُهَرَاقَة،
فهَل عند رَسْمٍ دارسٍ من مُعَوَّل؟
قال ابن جني: هذا ظاهره استفهام لنفسه ومعناه التحضيض لها على البكاء،
كما تقول أَحسنت إِليّ فهل أَشْكُرك أَي فَلأَشْكُرَنَّك، وقد زُرْتَني
فهل أُكافِئَنَّك أَي فَلأُكافِئَنَّك. وقوله: هل أَتَى على الإِنسان؟ قال
أَبو عبيدة: معناه قد أَتَى؛ قال ابن جني: يمكن عندي أَن تكون مُبْقاةً
في هذا الموضع على ما بها من الاستفهام فكأَنه قال، والله أَعلم: وهل
أَتَى على الإِنسان هذا، فلا بدّ في جَوابهم من نَعَمْ ملفوظاً بها أَو مقدرة
أَي فكما أَن ذلك كذلك، فينبغي للإِنسان أَن يحتقر نفسه ولا يُباهي بما
فتح له، وكما تقول لمن تريد الاحتجاج عليه: بالله هل سأَلتني فأَعطيتك
أَم هل زُرْتَني فأَكرمتك أَي فكما أَن ذلك كذلك فيجب أَن تعرِف حقي عليك
وإِحْساني إِليك؛ قال الزجاج: إِذا جعلنا معنى هل أَتى قد أَتى فهو بمعنى
أَلَمْ يأْتِ على الإِنسان حينٌ من الدَّهْر؛ قال ابن جني: ورَوَيْنا عن
قطرب عن أَبي عبيدة أَنهم يقولون أَلْفَعَلْت، يريدون هَلْ فَعَلْت.
الأَزهري: ابن السكيت إِذا قيل هل لك في كذا وكذا؟ قلت: لي فيه، وإِن لي فيه،
وما لي فيه، ولا تقل إِن لي فيه هَلاًّ، والتأْويل: هَلْ لك فيه حاجة
فحذفت الحاجة لمَّا عُرف المعنى، وحذف الرادُّ ذِكْر الحاجة كما حذفها
السائل. وقال الليث: هَلْ حقيقة استفهام، تقول: هل كان كذا وكذا، وهَلْ لك في
كذا وكذا؛ قال: وقول زهير:
أَهل أَنت واصله
اضطرار لأَن هَلْ حرف استفهام وكذلك الأَلف، ولا يستفهم بحَرْفي
استفهام.ابن سيده: هَلاَّ كلمة تحضيض مركبة من هَلْ ولا.
وبنو هلال: قبيلة من العرب. وهِلال: حيٌّ من هَوازن. والهلالُ: الماء
القليل في أَسفل الرُّكيّ. والهِلال: السِّنانُ الذي له شُعْبتان يصاد به
الوَحْش.
وقي: وقاهُ اللهُ وَقْياً وَوِقايةً وواقِيةً: صانَه؛ قال أَبو مَعْقِل
الهُذليّ:
فَعادَ عليكِ إنَّ لكُنَّ حَظّاً،
وواقِيةً كواقِيةِ الكِلابِ
وفي الحديث: فَوقَى أَحَدُكم وجْهَه النارَ؛ وَقَيْتُ الشيء أَقِيه إذا
صُنْتَه وسَتَرْتَه عن الأَذى، وهذا اللفظ خبر أُريد به الأمر أي لِيَقِ
أَحدُكم وجهَه النارَ بالطاعة والصَّدَقة. وقوله في حديث معاذ: وتَوَقَّ
كَرائَمَ أَموالِهم أَي تَجَنَّبْها ولا تأْخُذْها في الصدَقة لأَنها
تَكرْمُ على أَصْحابها وتَعِزُّ، فخذ الوسَطَ لا العالي ولا التَّازِلَ،
وتَوقَّى واتَّقى بمعنى؛ ومنه الحديث: تَبَقَّهْ وتوَقَّهْ أَي اسْتَبْقِ
نَفْسك ولا تُعَرِّضْها للتَّلَف وتَحَرَّزْ من الآفات واتَّقِها؛ وقول
مُهَلْهِل:
ضَرَبَتْ صَدْرَها إليَّ وقالت:
يا عَدِيًّا ، لقد وَقَتْكَ الأَواقي
(*قوله «ضربت إلخ»هذا البيت نسبه الجوهري وابن سيده إلى مهلهل. وفي
التكملة: وليس البيت لــمهلهل، وإنما هو لأخيه عدي يرثي مهلهلــاً. وقيل
البيت:ظبية من ظباء وجرة تعطو
بيديها في ناضر الاوراق
أراد بها امرأته؛ شبهها بالظباء فأجرى عليها أوصاف الظباء)
إِنما أراد الواو في جمع واقِيةٍ، فهمز الواو الأُولى، ووقاهُ: صانَه.
ووقاه ما يَكْرَه ووقَّاه: حَماهُ منه، والتخفيف أَعلى. وفي التنزيل
العزيز: فوقاهُمُ الله شَرَّ ذلك اليومِ. والوِقاءُ والوَقاء والوِقايةُ
والوَقايةُ والوُقايةُ والواقِيةُ: كلُّ ما وقَيْتَ به شيئاً وقال اللحياني:
كلُّ ذلك مصدرُ وَقَيْتُه الشيء. وفي الحديث: من عَصى الله لم يَقِه منه
واقِيةٌ إِلا بإِحْداث تَوْبةٍ؛ وأَنشد الباهليُّ وغيره للمُتَنَخِّل
الهُذَلي:
لا تَقِه الموتَ وقِيَّاتُه،
خُطَّ له ذلك في المَهْبِلِ
قال: وقِيَّاتُه ما تَوَقَّى به من ماله، والمَهْبِلُ: المُسْتَوْدَعُ.
ويقال: وقاكَ اللهُ شَرَّ فلان وِقايةً. وفي التنزيل العزيز: ما لهم من
الله من واقٍ؛ أَي من دافِعٍ. ووقاه اللهُ وِقاية، بالكسر، أَي حَفِظَه.
والتَّوْقِيةُ: الكلاءة والحِفْظُ؛ قال:
إِنَّ المُوَقَّى مِثلُ ما وقَّيْتُ
وتَوَقَّى واتَّقى بمعنى. وقد توَقَّيْتُ واتَّقَيْتُ الشيء وتَقَيْتُه
أَتَّقِيه وأَتْقِيه تُقًى وتَقِيَّةً وتِقاء: حَذِرْتُه؛ الأَخيرة عن
اللحياني، والاسم التَّقْوى، التاء بدل من الواو والواو بدل من الياء. وفي
التنزيل العزيز: وآتاهم تَقْواهم؛ أَي جزاء تَقْواهم، وقيل: معناه
أَلهَمَهُم تَقْواهم، وقوله تعالى: هو أَهلُ التَّقْوى وأَهلُ المَغْفِرة؛ أَي
هو أَهلٌ أَن يُتَّقَى عِقابه وأَهلٌ أَن يُعمَلَ بما يؤدّي إِلى
مَغْفِرته. وقوله تعالى: يا أَيها النبيُّ اتَّقِ الله؛ معناه اثْبُت على تَقْوى
اللهِ ودُمْ عليه
(* قوله «ودم عليه» هو في الأصل كالمحكم بتذكير
الضمير.) وقوله تعالى: إِلا أَن تتقوا منهم تُقاةً؛ يجوز أَن يكون مصدراً وأَن
يكون جمعاً، والمصدر أَجود لأَن في القراءة الأُخرى: إِلا أَن تَتَّقُوا
منهم تَقِيَّةً؛ التعليل للفارسي. التهذيب: وقرأَ حميد تَقِيَّة، وهو
وجه، إِلا أَن الأُولى أَشهر في العربية، والتُّقى يكتب بالياء.
والتَّقِيُّ: المُتَّقي. وقالوا: ما أَتْقاه لله؛ فأَما قوله:
ومَن يَتَّقْ فإِنَّ اللهَ مَعْهُ،
ورِزْقُ اللهِ مُؤْتابٌ وغادي
فإِنما أَدخل جزماً على جزم؛ وقال ابن سيده: فإِنه أَراد يَتَّقِ فأَجرى
تَقِفَ، مِن يَتَّقِ فإِن، مُجرى عَلِمَ فخفف، كقولهم عَلْمَ في عَلِمَ.
ورجل تَقِيٌّ من قوم أَتْقِياء وتُقَواء؛ الأَخيرة نادرة، ونظيرها
سُخَواء وسُرَواء، وسيبويه يمنع ذلك كله. وقوله تعالى: قالت إِني أَعوذُ
بالرحمن منكَ إِن كنتَ تَقِيّاً؛ تأْويله إِني أَعوذ بالله، فإِن كنت تقيّاً
فسَتَتَّعِظ بتعَوُّذي بالله منكَ، وقد تَقيَ تُقًى. التهذيب: ابن
الأَعرابي التُّقاةُ والتَّقِيَّةُ والتَّقْوى والاتِّقاء كله واحد. وروي عن ابن
السكيت قال: يقال اتَّقاه بحقه يَتَّقيه وتَقاه يَتْقِيه، وتقول في
الأَمر: تَقْ، وللمرأَة: تَقي؛ قال عبد الله ابن هَمَّام السَّلُولي:
زِيادَتَنا نَعْمانُ لا تَنْسَيَنَّها،
تَقِ اللهَ فِينا والكتابَ الذي تَتْلُو
بنى الأَمر على المخفف، فاستغنى عن الأَلف فيه بحركة الحرف الثاني في
المستقبل، وأَصل يَتَقي يَتَّقِي، فحذفت التاء الأُولى، وعليه ما أُنشده
الأَصمعي، قال: أَنشدني عيسى بن عُمر لخُفاف بن نُدْبة:
جَلاها الصَّيْقَلُونَ فأَخْلَصُوها
خِفافاً، كلُّها يَتَقي بأَثر
أَي كلها يستقبلك بفِرِنْدِه؛ رأَيت هنا حاشية بخط الشيخ رضيِّ الدين
الشاطِبي، رحمه الله، قال: قال أبو عمرو وزعم سيبويه أَنهم يقولون تَقَى
اللهَ رجل فعَل خَيْراً؛ يريدون اتَّقى اللهَ رجل، فيحذفون ويخفقون، قال:
وتقول أَنت تَتْقي اللهَ وتِتْقي اللهَ، على لغة من قال تَعْلَمُ
وتِعْلَمُ، وتِعْلَمُ، بالكسر: لغة قيْس وتَمِيم وأَسَد ورَبيعةَ وعامَّةِ العرب،
وأَما أَهل الحجاز وقومٌ من أَعجاز هَوازِنَ وأَزْدِ السَّراة وبعضِ
هُذيل فيقولون تَعْلَم، والقرآن عليها، قال: وزعم الأَخفش أَن كل مَن ورد
علينا من الأَعراب لم يقل إِلا تِعْلَم، بالكسر، قال: نقلته من نوادر أَبي
زيد. قال أَبو بكر: رجل تَقِيٌّ، ويُجمع أَتْقِياء، معناه أَنه مُوَقٍّ
نَفْسَه من العذاب والمعاصي بالعمل الصالح، وأَصله من وَقَيْتُ نَفْسي
أَقيها؛ قال النحويون: الأَصل وَقُويٌ، فأَبدلوا من الواو الأُولى تاء كما
قالوا مُتَّزِر، والأَصل مُوتَزِر، وأَبدلوا من الواو الثانية ياء
وأَدغموها في الياء التي بعدها، وكسروا القاف لتصبح الياء؛ قال أَبو بكر:
والاختيار عندي في تَقِيّ أَنه من الفعل فَعِيل، فأَدغموا الياء الأُولى في
الثانية، الدليل على هذا جمعهم إِياه أَتقياء كما قالوا وَليٌّ وأَوْلِياء،
ومن قال هو فَعُول قال: لمَّا أَشبه فعيلاً جُمع كجمعه، قال أَبو منصور:
اتَّقى يَتَّقي كان في الأَصل اوْتَقى، على افتعل، فقلبت الواو ياء
لانكسار ما قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت، فلما كثر استعماله على لفظ
الافتعال توهموا أَن التاءَ من نفس الحرف فجعلوه إِتَقى يَتَقي، بفتح التاء
فيهما مخففة، ثم لم يجدوا له مثالاً في كلامهم يُلحقونه به فقالوا تَقى
يَتَّقي مثل قَضى يَقْضِي؛ قال ابن بري: أَدخل همزة الوصل على تَقى،
والتاء محركة، لأَنَّ أَصلها السكون، والمشهور تَقى يَتَّقي من غير همز وصل
لتحرك التاء؛ قال أَبو أَوس:
تَقاكَ بكَعْبٍ واحِدٍ وتَلَذُّه
يَداكَ، إِذا هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ
أَي تَلَقَّاكَ برمح كأَنه كعب واحد، يريد اتَّقاك بكَعْب وهو يصف
رُمْحاً؛ وقال الأَسدي:
ولا أَتْقي الغَيُورَ إِذا رَآني،
ومِثْلي لُزَّ بالحَمِسِ الرَّبِيسِ
الرَّبيسُ: الدَّاهي المُنْكَر، يقال: داهِيةٌ رَبْساء، ومن رواها
بتحريك التاء فإِنما هو على ما ذكر من التخفيف؛ قال ابن بري: والصحيح في هذا
البيت وفي بيت خُفاف بن نَدبة يَتَقي وأَتَقي، بفتح التاء لا غير، قال:
وقد أَنكر أَبو سعيد تَقَى يَتْقي تَقْياً، وقال: يلزم أَن يقال في الأَمر
اتْقِ، ولا يقال ذلك، قال: وهذا هو الصحيح. التهذيب. اتَّقى كان في
الأَصل اوْتَقى، والتاء فيها تاء الافتعال فأُدغمت الواو في التاء وشددت فقيل
اتَّقى، ثم حذفوا أَلف الوصل والواو التي انقلبت تاء فقيل تَقى يَتْقي
بمعنى استقبل الشيء وتَوَقَّاه، وإِذا قالوا اتَّقى يَتَّقي فالمعنى أَنه
صار تَقِيّاً، ويقال في الأَول تَقى يَتْقي ويَتْقي. ورجل وَقِيٌّ تَقِيٌّ
بمعنى واحد. وروي عن أَبي العباس أَنه سمع ابن الأَعرابي يقول: واحدة
التُّقى تُقاة مثل طُلاة وطُلًى، وهذان الحرفان نادران؛ قال الأَزهري:
وأَصل الحرف وَقى يَقي، ولكن التاءَ صارت لازمة لهذه الحروف فصارت كالأَصلية،
قال: ولذلك كتبتها في باب التاء. وفي الحديث: إِنما الإِمام جُنَّة
يُتَّقى به ويُقاتَل من ورائه أَي أَنه يُدْفَعُ به العَدُوُّ ويُتَّقى
بقُوّته، والتاءُ فيها مبدلة من الواو لأن أَصلها من الوِقاية، وتقديرها
اوْتَقى، فقلبت وأُدغمت، فلما كثر استعمالُها توهموا أَن التاءَ من نفس الحرف
فقالوا اتَّقى يَتَّقي، بفتح التاء فيهما.
(* قوله«فقالوا اتقي يتقي بفتح
التاء فيهما» كذا في الأصل وبعض نسخ النهاية بألفين قبل تاء اتقى. ولعله
فقالوا: تقى يتقي، بألف واحدة، فتكون التاء مخففة مفتوحة فيهما. ويؤيده
ما في نسخ النهاية عقبه: وربما قالوا تقى يتقي كرمى يرمي.) وفي الحديث:
كنا إِذا احْمَرَّ البَأْسُ اتَّقَينا برسولِ الله،صلى الله عليه وسلم،
أَي جعلناه وِقاية لنا من العَدُوّ قُدَّامَنا واسْتَقْبَلْنا العدوَّ به
وقُمْنا خَلْفَه وِقاية. وفي الحديث: قلتُ وهل للسَّيفِ من تَقِيَّةٍ؟
قال: نَعَمْ، تَقِيَّة على أَقذاء وهُدْنةٌ على دَخَنٍ؛ التَّقِيَّةُ
والتُّقاةُ بمعنى، يريد أَنهم يَتَّقُون بعضُهم بعضاً ويُظهرون الصُّلْحَ
والاتِّفاق وباطنهم بخلاف ذلك. قال: والتَّقْوى اسم، وموضع التاء واو وأَصلها
وَقْوَى، وهي فَعْلى من وَقَيْتُ، وقال في موضع آخر: التَّقوى أَصلها
وَقْوَى من وَقَيْتُ، فلما فُتِحت قُلِبت الواو تاء، ثم تركت التاءُ في
تصريف الفعل على حالها في التُّقى والتَّقوى والتَّقِيَّةِ والتَّقِيِّ
والاتِّقاءِ، قال: والتُّفاةُ جمع، ويجمع تُقِيّاً، كالأُباةِ وتُجْمع
أُبِيّاً، وتَقِيٌّ كان في الأَصل وَقُويٌ، على فَعُولٍ، فقلبت الواو الأُولى
تاء كما قالوا تَوْلج وأَصله وَوْلَج، قالوا: والثانية قلبت ياء للياءِ
الأَخيرة، ثم أُدغمت في الثانية فقيل تَقِيٌّ، وقيل: تَقيٌّ كان في الأَصل
وَقِيّاً، كأَنه فَعِيل، ولذلك جمع على أَتْقِياء. الجوهري: التَّقْوى
والتُّقى واحد، والواو مبدلة من الياءِ على ما ذكر في رَيّا. وحكى ابن بري
عن القزاز: أَن تُقًى جمع تُقاة مثل طُلاةٍ وطُلًى. والتُّقاةُ:
التَّقِيَّةُ، يقال: اتَّقى تَقِيَّةً وتُقاةً مثل اتَّخَمَ تُخَمةً؛ قال ابن بري:
جعلهم هذه المصادر لاتَّقى دون تَقى يشهد لصحة قول أَبي سعيد المتقدّم
إنه لم يسمع تَقى يَتْقي وإِنما سمع تَقى يَتَقي محذوفاً من اتَّقى.
والوِقايةُ التي للنساءِ، والوَقايةُ، بالفتح لغة، والوِقاءُ والوَقاءُ: ما
وَقَيْتَ به شيئاً.
والأُوقِيَّةُ: زِنةُ سَبعة مَثاقِيلَ وزنة أَربعين درهماً، وإن جعلتها
فُعْلِيَّة فهي من غير هذا الباب؛ وقال اللحياني: هي الأُوقِيَّةُ وجمعها
أَواقِيُّ، والوَقِيّةُ، وهي قليلة، وجمعها وَقايا. وفي حديث النبي، صلى
الله عليه وسلم: أَنه لم يُصْدِق امْرأَةً من نِسائه أَكثر من اثنتي
عشرة أُوقِيَّةً ونَشٍّ؛ فسرها مجاهد فقال: الأُوقِيَّة أَربعون درهماً،
والنَّشُّ عشرون. غيره: الوَقيَّة وزن من أَوزان الدُّهْنِ، قال الأَزهري:
واللغة أُوقِيَّةٌ، وجمعها أَواقيُّ وأَواقٍ. وفي حديث آخر مرفوع: ليس
فيما دون خمس أَواقٍ من الوَرِق صَدَقَةٌ؛ قال أَبو منصور: خمسُ أَواقٍ
مائتا دِرْهم، وهذا يحقق ما قال مجاهد، وقد ورد بغير هذه الرواية: لا صَدَقة
في أَقَلَّ مِن خمسِ أَواقِي، والجمع يشدَّد ويخفف مثل أُثْفِيَّةٍ
وأَثافِيَّ وأثافٍ، قال: وربما يجيء في الحديث وُقِيّة وليست بالعالية وهمزتها
زائدة، قال: وكانت الأُوقِيَّة قديماً عبارة عن أَربعين درهماً، وهي في
غير الحديث نصف سدس الرِّطْلِ، وهو جزء من اثني عشر جزءاً، وتختلف
باختلاف اصطلاح البلاد. قال الجوهري: الأُوقيَّة في الحديث، بضم الهمزة وتشديد
الياء، اسم لأَربعين درهماً، ووزنه أُفْعولةٌ، والأَلف زائدة، وفي بعض
الروايات وُقِية، بغير أَلف، وهي لغة عامية، وكذلك كان فيما مضى، وأَما
اليوم فيما يَتعارَفُها الناس ويُقَدِّر عليه الأَطباء فالأُوقية عندهم عشرة
دراهم وخمسة أَسباع درهم، وهو إِسْتار وثلثا إِسْتار، والجمع الأَواقي،
مشدداً، وإِن شئت خففت الياء في الجمع. والأَواقِي أَيضاً: جمع واقِيةٍ؛
وأَنشد بيت مهَلْهِلٍ: لقدْ وَقَتْكَ الأَواقِي، وقد تقدّم في صدر هذه
الترجمة، قال: وأَصله ووَاقِي لأَنه فَواعِل، إِلا أَنهم كرهوا اجتماع
الواوين فقلبوا الأُولى أَلفاً.
وسَرْجٌ واقٍ: غير مِعْقَر، وفي التهذيب: لم يكن مِعْقَراً، وما
أَوْقاه، وكذلك الرَّحْل، وقال اللحياني: سَرْجٌ واقٍ بَيّن الوِقاء، مدود،
وسَرجٌ وَقِيٌّ بيِّن الوُقِيِّ. ووَقَى من الحَفَى وَقْياً: كوَجَى؛ قال
امرؤ القيس:
وصُمٍّ صِلابٍ ما يَقِينَ مِنَ الوَجَى،
كأَنَّ مَكانَ الرِّدْفِ منْه علَى رالِ
ويقال: فرس واقٍ إِذا كان يَهابُ المشيَ من وَجَع يَجِده في حافِره، وقد
وَقَى يَقِي؛ عن الأَصمعي، وقيل: فرس واقٍ إِذا حَفِيَ من غِلَظِ
الأَرضِ ورِقَّةِ الحافِر فَوَقَى حافِرُه الموضع الغليظ؛ قال ابن
أَحمر:تَمْشِي بأَوْظِفةٍ شِدادٍ أَسْرُها،
شُمِّ السّنابِك لا تَقِي بالجُدْجُدِ
أَي لا تشتكي حُزونةَ الأَرض لصَلابة حَوافِرها. وفرس واقِيةٌ: للتي بها
ظَلْعٌ، والجمع الأَواقِي. وسرجٌ واقٍ إِذا لم يكن مِعْقَراً. قال ابن
بري: والواقِيةُ والواقِي بمعنى المصدر؛ قال أَفيون التغْلبي:
لَعَمْرُك ما يَدْرِي الفَتَى كيْفَ يتَّقِي،
إِذا هُو لم يَجْعَلْ له اللهُ واقِيا
ويقال للشجاع: مُوَقًّى أَي مَوْقِيٌّ جِدًّا. وَقِ على ظَلْعِك أَي
الزَمْه وارْبَعْ عليه، مثل ارْقَ على ظَلْعِك، وقد يقال: قِ على ظَلْعِك
أَي أَصْلِحْ أَوَّلاً أَمْرَك، فتقول: قد وَقَيْتُ وَقْياً ووُقِيّاً.
التهذيب: أَبو عبيدة في باب الطِّيرَةِ والفَأْلِ: الواقِي الصُّرَدُ مثل
القاضِي؛ قال مُرَقِّش:
ولَقَدْ غَدَوْتُ، وكنتُ لا
أَغْدُو، على واقٍ وحاتِمْ
فَإِذا الأَشائِمُ كالأَيا
مِنِ، والأَيامِنُ كالأَشائِمْ
قال أَبو الهيثم: قيل للصُّرَد واقٍ لأَنه لا يَنبَسِط في مشيه، فشُبّه
بالواقِي من الدَّوابِّ إِذا حَفِيَ. والواقِي: الصُّرَدُ؛ قال خُثَيْمُ
بن عَدِيّ، وقيل: هو للرَّقَّاص
(* قوله« للرقاص إلخ» في التكملة: هو لقب
خثيم بن عدي، وهو صريح كلام رضي الدين بعد) الكلبي يمدح مسعود بن بَجْر،
قال ابن بري: وهو الصحيح:
وجَدْتُ أَباكَ الخَيْرَ بَجْراً بِنَجْوةٍ
بنَاها له مَجْدٌ أَشَمٌّ قُماقِمُ
وليس بِهَيَّابٍ، إِذا شَدَّ رَحْلَه،
يقول: عَدانِي اليَوْمَ واقٍ وحاتِمُ،
ولكنه يَمْضِي على ذاكَ مُقْدِماً،
إِذا صَدَّ عن تلكَ الهَناتِ الخُثارِمُ
ورأَيت بخط الشيخ رَضِيِّ الدين الشاطبي، رحمه الله، قال: وفي جمهرة
النسب لابن الكلبي وعديّ بن غُطَيْفِ بن نُوَيْلٍ الشاعر وابنه خُثَيْمٌ،
قال: وهو الرَّقَّاص الشاعر القائل لمسعود بن بحر الزُّهريّ:
وجدتُ أَباك الخير بحراً بنجوة
بناها له مجدٌ أَشم قُماقمُ
قال ابن سيده: وعندي أَنَّ واقٍ حكاية صوته، فإِن كان ذلك فاشتقاقه غير
معروف. قال الجوهريّ: ويقال هو الواقِ، بكسر القاف بلا ياء، لأَنه سمي
بذلك لحكاية صوته.
وابن وَقاء أَو وِقاء: رجل من العرب، والله أَعلم.
سلس: شيء سَلِسٌ: لَيّنٌ سهل. ولرجلٌ سَلِسٌ أَي لَيِّنٌ منقاد بين
السَّلَسِ والسَّلاسَةِ. ابن سيده: سَلِسَ سَلَساً وسَلاسَة وسُلُوساً فهو
سَلِسٌ؛ قال الراجز:
ممكورَةٌ غَرْثى الوِشاحِ السَّالِسِ،
تَضْحَكُ عن ذي أُشُرٍ عُضارِسِ
وسَلِسَ المُهْرُ إِذا انقاد. والسَّلْسُ، بالتسكين: الخيط ينظم فيه
الخَرَزُ، زاد الجوهري فقال: الخَرَزٌ الأَبيضُ الذي تلبَسُه الإِماء، وجمعه
سُلُوسٌ؛ قال عبد اللَّه بن مسلم من بني ثعلبة بن الدُّول:
ولقد لَهَوتُ، وكلُّ شيء هالِكٌ،
بنَقاةِ جَيْبِ الدِّرْعِ غيرِ عَبُوسِ
ويَزينُها في النَّحْرِ حَلْيٌ واضِحٌ،
وقَلائدٌ من حُبْلَةٍ وسُلُوسِ
ابن بري: النقاة النقية، يريد أَن الموضع الذي يقع عليه الجيب منها
نقيّ، قال: ويجوز أَن يريد أَن ثوبها نقي وأَنها ليست بصاحبة مَهْنَةٍ ولا
خِدْمَة، وقد يعبرون بالجيب عن القلب لأَنه يكون عليه كما يعبرون بمعْقِد
الإِزار عن الفرج، فيقال: هو طيب معقد الإِزار، يريد الفرج، وهو نَقيُّ
الجَيْب أَي القلب أَي هو نَقِيٌّ من غِشٍّ وحِقْد. والواضح: الذي يَبْرُق.
والدرع: قميص المرأَة؛ وقال المُعَطَّلُ الهذلي:
لم يُنْسِني حُبَّ القَبُولِ مَطارِدٌ،
وأَفَلُّ يَخْتَضِمُ الفَقارَ مُسَلَّسُ
أَراد بالمَطارد سهاماً يشبه بعضها بعضاً. وأَراد بقوله مُسَلَّسٌ
مُسَلْسَلٌ أَي فيه مثل السَّلْسِلة من الفِرِنْدِ.
والسُّلُوس: الخُمرُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
قد مَلأَتْ مَرْكُوَّها رُؤُوسا،
كأَنَّ فيه عُجُزاً جُلُوسا،
شُمْطَ الرُّؤُوسِ أَلْقَتِ السُّلُوسا
شبهها وقد أَكلت الحَمْض فابيضت وجوهها ورؤوسها بعُجُزٍ قد أَلقين
الخُمُر.
وشراب سَلِسٌ: لَيِّنُ الانحدار. وسَلِسَ بولُ الرجل إِذا لم يتهيأْ له
أَن يمسكه. وفلان سَلِسُ البول إِذا كان لا يستمسكه. وكل شيء قَلِق، فهو
سَلِسٌ.
وأَسْلَسَت النخلةُ فهي مُسْلِسٌ إِذا تناثر بُسْرُها. وأَسْلَسَتِ
الناقةُ إِذا أَخرجت الولد قبل تمام أَيامه، فهي مُسْلِسٌ.
والسَّلِسَةُ: عُشْبَة قريبة الشبه بالنَّصًّيِّ وإِذا جَفَّتْ كان لها
سَفاً يتطاير إِذا حُرِّكَت كالسهام يَرْتَدُّ في العيون والمناخر،
وكثيراً ما يُعْمِي السائمة.
والسُّلاسُ: ذهاب العقل، وقد سُلِسَ سَلَساً وسَلْساً؛ المصدران عن ابن
الأَعرابي. ورجل مَسْلُوس: ذاهب العقل والبدن. الجوهري: المَسْلُوسُ
الذاهب العقل غيره: المَسْلُوسُ المجنون؛ قال الشاعر:
كأَنه إِذ راحَ مَسْلُوسُ الشََّمَقْ
وفي التهذيب: رجل مَسْلُوسٌ في عقله فإِذا أَصابه ذلك في بدنه فهو
مَهْلُوسٌ.
هرع: الهَرَعُ والهُراعُ والإِهْراعُ: شدَّة السَّوْقِ وسُرْعةُ
العَدْو؛ قال الشاعر أَورده ابن بري:
كأَنَّ حُمُولَهم، مُتتابِعاتٍ،
رَعِيلٌ يُهْرَعُونَ إِلى رَعيلِ
وقد هُرِعُوا وأُهْرِعُوا. واسْتُهْرِعَتِ الإِبلُ: أَسْرَعَتْ إِلى
الحوضِ. وأْهْرِعَ الرجلُ، على ما لم يسم فاعله: خَفَّ وأُرْعِدَ من سُرْعةٍ
أَو خوْفٍ أَو حِرْصٍ أَو غَضَبٍ أَو حُمَّى. وفي النزيل: وجاءه قومه
يُهْرَعُون إِليه؛ قال أَبو عبيدة: يُسْتَحَثُّون إِليه كأَنه يَحُثُّ بعضهم
بعضاً. وتَهَرَّعَ إِليه: عَجِلَ. قال أَبو العباس: الإِهْراعُ إِسْراعٌ
في طُمَأْنِينةٍ، ثم قيل له: إِسْراعٌ في فَزَعٍ، فقال: نعم. وقال
الكسائي: الإِهْراعُ إِسْراعٌ في رِعْدَةٍ، وقال الــمهلهل:
فجاؤُوا يُهْرَعُونَ، وهُمْ أُسارَى،
يَقُودُهُمُ على رَغمِ الأُنُوفِ
قال الليث: يُهْرَعُون وهم أُسارى يُساقُون ويُعْجَلُون. يقال: هُرِعُوا
وأُهْرِعُوا. أَبو عبيد: أُهْرِع الرجلُ إِهْراعاً إِذا أَتاكَ وهو
يُرْعَدُ من البَرْدِ، وقد يكون الرجل مُهْرَعاً من الحمى والغضب، وهو حين
يُرْعَدُ، والمُهْرَعُ أَيضاً كالحريص؛ وذكر ذلك كله أَبو عبيد في باب ما
جاء في لفظ مفعول بمعنى فاعل. وقوله تعالى: وهم على آثارِهم يُهْرَعُونَ،
أَي يَسْعَوْن عِجالاً. والعرب تقول: أُهْرِعُوا وهُرِعُوا فهم
مُهْرَعُون ومَهْرُوعُون؛ أَنشد شمر لابن أَحمر يصف الريح:
أَرَبَّتْ عليها كلُّ هَوْجاءَ سَهْوةٍ
زَفُوفِ التَّوالي، رَحْبةِ المُتَنَسَّمِ
إِبارِيّةٍ هَوْجاء، مَوْعِدُها الضُّحَى،
إِذا أَرْزَمَتْ جاءَتْ بِوِرْدٍ غَشَمْشَمِ
زَفُوفٍ نِيافٍ هَيْرَعٍ عَجْرَفِيَّةٍ،
تَرَى البِيدَ، مِنْ إِعْصافِها الجَرْيَ، تَرْتَمي
أَراد بالوِرْد المَطَرَ. ورجُل هَرِعٌ: سَرِيعُ المَشْي. وهَرِعٌ
أَيضاً: سَرِيعُ البُكاءِ. والهَرِعُ: الجاري. وهَرِعَ الشيءُ هَرَعاً، فهو
هَرِعٌ، وهَمَعَ: سال، وقيل: تَتابَعَ في سَيَلانِه؛ قال الشماخ:
عُذَافِرة، كأَنَّ بِذِفْرَيَيْها
كُحَيْلاً، بَضَّ من هَرِعٍ هَمُوعِ
ودم هَرِعٌ أَي جارٍ بَيِّنُ الهَرَعِ، وقد هَرِعَ.
والهَرِعةُ من النساء: المرأَةُ التي تُنْزِلُ حين يخالِطُها الرجل قبله
شَبَقاً وحرْصاً على الرجال. والمَهْرُوعُ: المجنونُ الذي يُصْرَعُ.
يقال: هو مَهْرُوعٌ مَخْفُوعٌ مَمْسُوسٌ. وقال أَبو عمرو: المَهْرُوعُ
المَصْرُوعُ من الجَهْدِ. والهَيْرَعُ: الذي لا يتَماسَكُ، وهو أَيضاً
الجَبانُ الضعيفُ الجَزُوعُ؛ قال ابن أَحمر:
ولَسْتُ بِهَيْرَعٍ خَفِقٍ حَشاه،
إِذا ما طَيَّرَتْه الرِّيحُ طارَا
والهَيْرَعُ والهَيْلَعُ: الضعيفُ. وإِذا أَشْرَعَ القومُ رِماحَهم ثم
مَضَوْا بها قيل: هَرَّعُوا بها. وتَهَرَّعَتِ الرِّماحُ إِذا أَقْبَلَتْ
شَوارِعَ؛ وأَنشد:
عِنْدَ البَدِيهةِ والرِّماحُ تَهَرَّعُ
وهَرَّعَ القومُ الرماحَ وأَهْرَعُوها: أَشْرَعُوها ومضوا بها.
وتَهَرَّعَتْ هي: أَقْبَلَتْ شَوارِعَ.
والهَيْرَعَةُ: الغُولُ كالعَيْهَرةِ. ورِيحٌ هَيْرَعٌ: سَرِيعةُ
الهُبُوب، وقيل: تَسْفِي الترابَ. وريح هَيْرَعَةٌ. قَصِفةٌ تأْتي بالتُّرابِ.
والهَيْرَعةُ: القَصَبة التي يَزْمِرُ فيها الرَّاعِي، وربما سميت
يَراعةً أَيضاً.
والهَرْعةُ والفَرْعةُ: القَمْلة الصغيرة، وقيل: الضَّخْمة،
والهُرْنُوعُ أَكثر، وقيل: الفَرْعةُ والهَرْعةُ والهَيْرعَةُ والخَيْضَعةُ معناها
واحِدٌ.
والهِرْياعُ: سَفِيرُ ورَق الشجر. والهَرِيعةُ: شُجَيرة دَقِيقةُ
الأَغْصان.
ويَهْرَعُ: موضع.
جلس: الجُلُوسُ: القُعود. جَلَسَ يَجْلِسُ جُلوساً، فهو جالس من قوم
جُلُوسٍ وجُلاَّس، وأَجْلَسَه غيره. والجِلْسَةُ: الهيئة التي تَجْلِسُ
عليها، بالكسر، على ما يطرد عليه هذا النحو، وفي الصحاح: الجِلْسَةُ الحال
التي يكون عليها الجالس، وهو حَسَنُ الجِلْسَة. والمَجْلَسُ، بفتح اللام،
المصدر، والمَجلِس: موضع الجُلُوس، وهو من الظروف غير المُتَعَدِّي إِليها
الفعلُ بغير في، قال سيبويه: لا تقول هو مَجْلِسُ زيد. وقوله تعالى: يا
أَيها الذين آمنوا إِذا قيل لكم تَفَسَّحوا في المَجْلِس؛ قيل: يعني به
مَجْلِسَ النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، وقرئَ: في المجالس، وقيل: يعني
بالمجالس مجالس الحرب، كما قال تعالى: مقاعد للقتال. ورجل جُلَسَة مثال
هُمَزَة أَي كثير الجُلوس. وقال اللحياني: هو المَجْلِسُ والمَجْلِسَةُ؛
يقال: ارْزُنْ في مَجْلِسِك ومَجْلِسَتِك. والمَجْلِسُ: جماعة الجُلُوس؛
أَنشد ثعلب:
لهم مَجْلِسٌ صُهْبُ السِّبال أَذلَّةٌ،
سَواسِيَةٌ أَحْرارُها وعَبِيدُها
وفي الحديث: وإِن مَجْلِس بني عوف ينظرون إِليه؛ أَي أَهل المجْلِس على
حذُ المضاف. يقال: داري تنظر إِلى داره إذا كانت تقابلها، وقد جالَسَه
مُجالَسَةً وجِلاساً. وذكر بعض الأَعراب رجلاً فقال: كريمُ النِّحاسِ
طَيِّبُ الجِلاسِ.
والجِلْسُ والجَلِيسُ والجِلِّيسُ: المُجالِسُ، وهم الجُلَساءُ
والجُلاَّسُ، وقيل: الجِلْسُ يقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤَنث. ابن سيده:
وحكى اللحياني أََن المَجْلِسَ والجَلْسَ ليشهدون بكذا وكذا، يريد أَهلَ
المَجْلس، قال: وهذا ليس بشيء إِنما على ما حكاه ثعلب من أَن المَجْلِس
الجماعة من الجُلُوس، وهذا أَشبه بالكلام لقوله الجَلْس الذي هو لا محالة
اسم لجمع فاعل في قياس قول سيبويه أَو جمع له في قياس قول الأَخفش.
ويقال: فلان جَلِيسِي وأَنا جَلِيسُه وفلانة جَلِيسَتي، وجالَسْتُه فهو جِلْسي
وجَلِيسي، كما تقول خِدْني وخَديني، وتَجالَسُوا في المَجالِسِ. وجَلَسَ
الشيءُ: أَقام؛ قال أَبو حنيفة: الوَرْسُ يزرع سَنة فَيَجْلِسُ عَشْرَ
سنين أَي يقيم في الأَرض ولا يتعطل، ولم يفسر يتعطل.
والجُلَّسانُ: نِثار الوَردِ في المَجْلِس. والجُلَّسانُ: الورد
الأَبيض. والجُلَّسانُ: ضرب من الرَّيّحان؛ وبه فسر قول الأَعشى:
لها جُلَّسانٌ عندها وبَنَفْسَجٌ،
وسِيْسَنْبَرٌ والمَرْزَجُوشُ مُنَمْنَما
وآسٌ وخِيْرِيٌّ ومَروٌ وسَوْسَنٌ
يُصَبِّحُنا في كلِّ دَجْنٍ تَغَيَّما
وقال الليث: الجُلَّسانُ دَخِيلٌ، وهو بالفارسية كُلَّشان. غيره:
والجُلَّسانُ ورد ينتف ورقه وينثر عليهم. قال: واسم الورد بالفارسية جُلْ، وقول
الجوهري: هو معرب كُلْشان هو نثار الورد. وقال الأَخفش: الجُلَّسانُ قبة
ينثر عليها الورد والريحان. والمَرْزَجُوش: هو المَردَقوش وهو بالفارسية
أُذن الفأْرة، فَمَرْزُ فأْرة وجوش أُذنها، فيصير في اللفظ فأْرة أُذن
بتقديم المضاف إِليه على المضاف، وذلك مطرد في اللغة الفارسية، وكذلك
دُوغْ باجْ للمَضِيرَة، فدوغ لبن حامض وباج لون، أَي لون اللبن، ومثله
سِكْباج، فسك خلّ وباج لون، يريد لون الخل. والمنمنم: المصفرّ الورق، والهاس في
عندها يعود على خمر ذكرها قبل البيت؛ وقول الشاعر:
فإِن تَكُ أَشْطانُ النَّوى اخْتَلَفَتْ بنا،
كما اختَلَفَ ابْنا جالِسٍ وسَمِيرِ
قال: ابنا جالس وسمير طريقان يخالف كل واحد منهما صاحبه. وجَلَسَتِ
الرَّخَمَةُ: جَثَمَتْ. والجَلْسُ: الجبل. وجَبَل جَلْسٌ إِذا كان طويلاً؛
قال الهذلي:
أَوْفى يَظَلُّ على أَقْذافِ شاهِقَةٍ،
جَلْسٍ يَزِلُّ بها الخُطَّافُ والحَجَلُ
والجَلْسُ: الغليظ من الأَرض، ومنه جمل جَلْسٌ وناقة جَلْسٌُّ أَي وثيقٌ
جسيم. وشجرة جَلْسٌ وشُهْدٌ أَي غليظ. وفي حديث النساءِ: بِزَوْلَةٍ
وجَلْسِ. ويقال: امرأَة جَلْسٌ للتي تجلس في الفِناء ولا تبرح؛ قالت
الخَنْساء:
أَمّا لَياليَ كنتُ جارِيةً،
فَحُفِفْتُ بالرٍُّقَباء والجَلْسِ
حتى إِذا ما الخِدْرُ أَبْرَزَني،
نُبِذَ الرِّجالُ بِزَوْلَةٍ جَلْسِ
وبِجارَةٍ شَوْهاءَ تَرْقُبُني،
وهَمٍ يَخِرُّ كمَنْبَذِ الحِلْسِ
قال ابن بري: الشعر لحُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ، قال: وليس للخنساء كما ذكر
الجوهري، وكان حُمَيْدٌ خاطب امرأَة فقالت له: ما طَمِعَ أَحدٌ فيّ قط،
وذكرت أَسبابَ اليَأْسِ منها فقالت: أَما حين كنتُ بِكْراً فكنت محفوفة بمن
يَرْقُبُني ويحفظني محبوسةً في منزلي لا أُتْرَكُ أَخْرُجُ منه، وأَما
حين تزوَّجت وبرز وجهي فإِنه نُبِذَ الرجالُ الذين يريدون أَن يروني
بامرأَة زَوْلَةٍ فَطِنَةٍ، تعني نفسها، ثم قالت: ورُمِيَ الرجالُ أَيضاً
بامرأَة شوهاء أَي حديدة البصر ترقبني وتحفظني ولي حَمٌ في البيت لا يبرح
كالحِلْسِ الذي يكون للبعير تحت البرذعة أَي هو ملازم للبيت كما يلزم
الحِلْسُ برذعة البعير، يقال: هو حِلْسُ بيته إِذا كان لا يبرح منه. والجَلْسُ:
الصخرة العظيمة الشديدة. والجَلْسُ: ما ارتفع عن الغَوْرِ، وزاد الأَزهري
فخصص: في بلاد نَجْدٍ. ابن سيده: الجَلْسُ نَجْدٌ سميت بذلك. وجَلَسَ
القومُ يَجْلِسونَ جَلْساً: أَتوا الجَلْسَ، وفي التهذيب: أَتوا نَجْداً؛
قال الشاعر:
شِمالَ مَنْ غارَ بهِ مُفْرِعاً،
وعن يَمينِ الجالِسِ المُنْجدِ
وقال عبد اللَّه بن الزبير:
قُلْ للفَرَزْدَقِ والسَّفاهَةُ كاسْمِها:
إِن كنتَ تارِكَ ما أَمَرْتُكَ فاجْلِسِ
أَي ائْتِ نَجْداً؛ قال ابن بري: البيت لمَرْوان ابن الحَكَمِ وكان
مروان وقت ولايته المدينة دفع إِلى الفرزدق صحيفة يوصلها إِلى بعض عماله
وأَوهمه أَن فيها عطية، وكان فيها مثل ما في صحيفة المتلمس، فلما خرج عن
المدينة كتب إِليه مروان هذا البيت:
ودَعِ المدينةَ إِنَّها مَحْرُوسَةٌ،
واقْصِدْ لأَيْلَةَ أَو لبيتِ المَقْدِسِ
أَلْقِ الصحيفةَ يا فَرَزْدَقُ، إِنها
نَكْراءُ، مِثلُ صَحِيفَةِ المُتَلَمِّسِ
وإِنما فعل ذلك خوفاً من الفرزدق أَن يفتح الصحيفة فيدري ما فيها فيتسلط
عليه بالهجاء. وجَلَسَ السحابُ: أَتى نَجْداً أَيضاً؛ قال ساعِدَةُ بنُ
جُؤَيَّة:
ثم انتهى بَصَري، وأَصْبَحَ جالِساً
منه لنَجْدٍ طائِفٌ مُتَغَرِّبُ
وعداه باللام لأَنه في معنى عامداً له. وناقة جَلْسٌ: شديدة مَشْرِفَة
شبهت بالصخرة، والجمع أَجْلاسٌ؛ قال ابن مقبل:
فأَجْمَعُ أَجْلاساً شِداداً يَسُوقُها
إِليَّ، إِذا راحَ الرِّعاءُ، رِعائِيا
والكثير جِلاسٌ، وجَمَلٌ جَلْسٌ كذلك، والجمع جِلاسٌ. وقال اللحياني: كل
عظيم من الإِبل والرجال جَلْسٌ. وناقة جَلْسٌ وجَمَلٌ جَلْسٌ: وثيق
جسيم، قيل: أَصله جَلْزٌ فقلبت الزاي سيناً كأَنه جُلِزَ جَلْزاً أَي فتل حتى
اكْتَنَزَ واشتد أَسْرُه؛ وقالت طائفة: يُسَمَّى جَلْساً لطوله
وارتفاعه. وفي الحديث: أَنه أَقطع بلال بن الحرث مَعادِنَ الجَبَلِيَّة غَوريَّها
وجَلْسِيَّها؛ الجَلْسُ: كل مرتفع من الأَرض؛ والمشهور في الحديث:
معادِنَ القَبَلِيَّة، بالقاف، وهي ناحية قرب المدينة، وقيل: هي من ناحية
الفُرْعِ. وقِدْحٌ جَلْسٌ: طويلٌ، خلاف نِكْس؛ قال الهذلي:
كَمَتْنِ الذئبِ لا نِكْسٌ قَصِيرٌ
فأُغْرِقَه، ولا جَلْسٌ عَمُوجُ
ويروى غَمُوجٌ، وكل ذلك مذكور في موضعه.
والجِلْسِيُّ: ما حول الحَدَقَة، وقيل: ظاهر العين؛ قال الشماخ.
فأَضْحَتْ على ماءِ العُذَيْبِ، وعَيْنُها
كَوَقْبِ الصَّفا، جِلْسِيُّها قد تَغَوَّرا
ابن الأَعرابي: الجِلْسُ الفَدْمُ، والجَلْسُ البقية من العسل تبقى في
الإِناء. ابن سيده: والجَلْسُ العسل، وقيل: هو الشديد منه؛ قال
الطِّرماح:وما جَلْسُ أَبكارٍ أَطاعَ لسَرْحِها
جَنى ثَمَرٍ، بالوادِيَيْنِ، وَشُوعُ
قال أَبو حنيفة: ويروى وُشُوعُ، وهي الضُّرُوبُ. وقد سمت جُلاساً
وجَلاَّساً؛ قال سيبويه عن الخليل: هو مشتق، واللَّه أَعلم.
ذنب: الذَّنْبُ: الإِثْمُ والجُرْمُ والمعصية، والجمعُ ذُنوبٌ،
وذُنُوباتٌ جمعُ الجمع، وقد أَذْنَب الرَّجُل؛ وقوله، عزّ وجلّ، في مناجاةِ موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ولهم علَيَّ ذَنْبٌ؛ عَنَى بالذَّنْبِ قَتْلَ الرَّجُلِ الذي وَكَزَه موسى، عليه السلام، فقضَى عليه، وكان ذلك الرجلُ من آلِ فرعونَ.
والذَّنَبُ: معروف، والجمع أَذْنابٌ. وذَنَبُ الفَرَسِ: نَجْمٌ على
شَكْلِ ذَنَبِ الفَرَسِ. وذَنَبُ الثَّعْلَبِ: نِبْتَةٌ على شكلِ ذَنَبِ الثَّعْلَبِ.
والذُّنابَـى: الذَّنَبُ؛ قال الشاعر:
جَمُوم الشَّدِّ، شائلة الذُّنابَـى
الصحاح: الذُّنابَـى ذنبُ الطَّائر؛ وقيل: الذُّنابَـى مَنْبِتُ الذَّنَبِ. وذُنابَـى الطَّائرِ: ذَنَبُه، وهي أَكثر من الذَّنَب. والذُّنُبَّى والذِّنِـبَّى: الذَّنَب، عن الـهَجَري؛ وأَنشد:
يُبَشِّرُني، بالبَيْنِ مِنْ أُمِّ سالِمٍ، * أَحَمُّ الذُّنُبَّى، خُطَّ، بالنِّقْسِ، حاجِبُهْ
ويُروى: الذِّنِـبَّى. وذَنَبُ الفَرَس والعَيْرِ، وذُناباهما، وذَنَبٌ
فيهما، أَكثرُ من ذُنابَى؛ وفي جَناحِ الطَّائِرِ أَربعُ ذُنابَى بعدَ
الخَوافِـي. الفرَّاءُ: يقال ذَنَبُ الفَرَسِ، وذُنابَى الطَّائِرِ، وذُنابَة الوَادي، ومِذْنَبُ النهْرِ، ومِذْنَبُ القِدْرِ؛ وجمعُ ذُنابَة الوادي ذَنائِبُ، كأَنَّ الذُّنابَة جمع ذَنَبِ الوادي وذِنابَهُ وذِنابَتَه، مثلُ جملٍ وجمالٍ وجِمَالَةٍ، ثم جِمالات جمعُ الجمع؛ ومنه قوله تعالى:
جِمالاتٌ صفر.
أَبو عبيدة: فَرسٌ مُذانِبٌ؛ وقد ذانَبَتْ إِذا وَقَعَ ولدُها في القُحْقُح، ودَنَا خُرُوج السِّقْيِ، وارتَفَع عَجْبُ الذَّنَبِ، وعَلِقَ به، فلم يحْدُروه.
والعرب تقول: رَكِبَ فلانٌ ذَنَبَ الرِّيحِ إِذا سَبَق فلم يُدْرَكْ؛
وإِذا رَضِـيَ بحَظٍّ ناقِصٍ قيلَ: رَكِبَ ذَنَب البَعير، واتَّبَعَ ذَنَب
أَمْرٍ مُدْبِرٍ، يتحسَّرُ على ما فاته. وذَنَبُ الرجل: أَتْباعُه.
وأَذنابُ الناسِ وذَنَبَاتُهم: أَتباعُهُم وسِفْلَتُهُم دون الرُّؤَساءِ، على
الـمَثَلِ؛ قال:
وتَساقَطَ التَّنْواط والذَّ * نَبات، إِذ جُهِدَ الفِضاح
ويقال: جاءَ فلانٌ بذَنَبِه أَي بأَتْباعِهِ؛ وقال الحطيئة يمدَحُ
قوماً:
قومٌ همُ الرَّأْسُ، والأَذْنابُ غَيْرُهُمُ، * ومَنْ يُسَوِّي، بأَنْفِ النَّاقَةِ، الذَّنَبا؟
وهؤُلاء قومٌ من بني سعدِ بن زيدِ مَناةَ، يُعْرَفُون ببَني أَنْفِ
النَّاقَةِ، لقول الحُطَيْئَةِ هذا، وهمْ يَفْتَخِرُون به. ورُوِيَ عن عليٍّ،
كرّم اللّه وجهه، أَنه ذَكَرَ فِتْنَةً في آخِرِ الزَّمان، قال: فإِذا كان ذلك، ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بِذَنَـبِهِ، فتَجْتَمِـعُ الناسُ؛ أَراد أَنه يَضْرِبُ أَي يسِـيرُ في الأَرض ذاهباً بأَتباعِهِ، الذين يَرَوْنَ رَأْيَه، ولم يُعَرِّجْ على الفِتْنَةِ.
والأَذْنابُ: الأَتْباعُ، جمعُ ذَنَبٍ، كأَنهم في مُقابِلِ الرُّؤُوسِ،
وهم المقَدَّمون.
والذُّنابَـى: الأَتْباعُ.
وأَذْنابُ الأُمورِ: مآخيرُها، على الـمَثَلِ أَيضاً. والذَّانِبُ: التَّابِـعُ للشيءِ على أَثَرِهِ؛ يقال: هو يَذْنِـبُه أَي يَتْبَعُهُ؛ قال الكلابي:
وجاءَتِ الخيلُ، جَمِـيعاً، تَذْنِـبُهْ
وأَذنابُ الخيلِ: عُشْبَةٌ تُحْمَدُ عُصارَتُها على التَّشْبِـيهِ.
وذَنَبَه يَذْنُبُه ويَذنِـبُه، واسْتَذْنَبَه: تلا ذَنَبَه فلم يفارقْ أَثَرَه.
والـمُسْتَذْنِبُ: الذي يكون عند أَذنابِ الإِبِلِ، لا يفارق أَثَرَها؛
قال:
مِثْل الأَجيرِ اسْتَذْنَبَ الرَّواحِلا(1)
(1 قوله «مثل الأجير إلخ» قال الصاغاني في التكملة هو تصحيف والرواية «شل الأجير» ويروى شدّ بالدال والشل الطرد، والرجز لرؤبة اهـ. وكذلك أنشده صاحب المحكم.)
والذَّنُوبُ: الفَرسُ الوافِرُ الذَّنَبِ، والطَّويلُ الذَّنَبِ. وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: كان فرْعَونُ على فرَسٍ ذنُوبٍ أَي وافِر شَعْرِ الذَّنَبِ. ويومٌ ذَنُوبٌ: طويلُ الذَّنَبِ لا يَنْقَضي، يعني طول شَرِّه. وقال غيرُه: يومٌ ذَنُوبٌ: طويل الشَّر لا ينقضي، كأَنه طويل الذَّنَبِ.
ورجل وَقَّاحُ الذَّنَب: صَبُورٌ على الرُّكُوب. وقولهم: عُقَيْلٌ طَويلَةُ الذَّنَبِ، لم يفسره ابن الأَعرابي؛ قال ابن سيده: وعِنْدي أَنَّ معناه: أَنها كثيرة رُكُوبِ الخيل. وحديثٌ طويلُ الذَّنَبِ: لا يَكادُ يَنْقَضِـي، على الـمَثَلِ أَيضاً.
ابن الأَعرابي: الـمِذْنَبُ الذَّنَبُ الطَّويلُ، والـمُذَنِّبُ الضَّبُّ، والذِّنابُ خَيْطٌ يُشَدُّ به ذَنَبُ البعيرِ إِلى حَقَبِه لئَلاَّ يَخْطِرَ بِذَنَـبِه، فَيَمْـلأَ راكبَه.
وذَنَبُ كلِّ شيءٍ: آخرُه، وجمعه ذِنابٌ. والذِّنابُ، بكسر الذال:
عَقِبُ كلِّ شيءٍ. وذِنابُ كلِّ شيءٍ: عَقِـبُه ومؤَخَّره، بكسر الذال؛
قال:
ونأْخُذُ بعدَه بذِنابِ عَيْشٍ * أَجَبِّ الظَّهْرِ، ليسَ له سَنامُ
وقال الكلابي في طَلَبِ جَمَلِهِ: اللهم لا يَهْدينِـي لذنابتِه(2)
(2 قوله «لذنابته» هكذا في الأصل.) غيرُك. قال، وقالوا: مَنْ لك بذِنابِ لَوْ؟ قال الشاعر:
فمَنْ يَهْدِي أَخاً لذِنابِ لَوٍّ؟ * فأَرْشُوَهُ، فإِنَّ اللّه جارُ
وتَذَنَّبَ الـمُعْتَمُّ أَي ذَنَّبَ عِمامَتَه، وذلك إِذا أَفْضَلَ منها شيئاً، فأَرْخاه كالذَّنَبِ.
والتَّذْنُوبُ: البُسْرُ الذي قد بدا فيه الإِرطابُ من قِـبَلِ ذَنَـبِه. وذنَبُ البُسْرة وغيرِها من التَّمْرِ: مؤَخَّرُها. وذنَّـبَتِ البُسْرَةُ، فهي مُذَنِّبة: وكَّـتَتْ من قِـبَلِ ذَنَـبِها؛ الأَصمعي: إِذا بَدَتْ نُكَتٌ من الإِرْطابِ في البُسْرِ من قِـبَلِ ذَنَـبِها، قيل: قد ذَنَّـبَتْ. والرُّطَبُ: التَّذْنُوبُ، واحدتُه تَذْنُوبةٌ؛ قال:
فعَلِّقِ النَّوْطَ، أَبا مَحْبُوبِ، * إِنَّ الغَضا ليسَ بذِي تَذْنُوبِ
الفرَّاءُ: جاءَنا بتُذْنُوبٍ، وهي لغة بني أَسَدٍ. والتَّميمي يقول:
تَذْنُوب، والواحدة تَذْنُوبةٌ. وفي الحديث: كان يكرَه الـمُذَنِّبَ من
البُسْرِ، مخافة أن يكونا شَيْئَيْنِ، فيكون خَلِـيطاً. وفي حديث أَنس: كان لا يَقْطَعُ التَّذْنُوبِ من البُسْرِ إِذا أَراد أَن يَفْتَضِخَه. وفي
حديث ابن المسَيَّب: كان لا يَرَى بالتَّذْنُوبِ أَن يُفْتَضَخَ بأْساً.
وذُنابةُ الوادي: الموضعُ الذي يَنتهي إِليه سَيْلُهُ،
وكذلك ذَنَبُه؛ وذُنابَتُه أَكثر من ذَنَـبِه.
وذَنَبَة الوادي والنَّهَر، وذُنابَتُه وذِنابَتُه: آخرُه، الكَسْرُ عن ثعلب. وقال أَبو عبيد: الذُّنابةُ، بالضم: ذَنَبُ الوادي وغَيرِه.
وأَذْنابُ التِّلاعِ: مآخيرُها.
ومَذْنَبُ الوادي، وذَنَبُه واحدٌ، ومنه قوله المسايل(1)
(1 قوله «ومنه قوله المسايل» هكذا في الأصل وقوله بعده والذناب مسيل إلخ هي أول عبارة المحكم.).
والذِّنابُ: مَسِـيلُ ما بين كلِّ تَلْـعَتَين، على التَّشبيه بذلك، وهي الذَّنائبُ.
والـمِذْنَبُ: مَسِـيلُ ما بين تَلْـعَتَين، ويقال لِـمَسيل ما بين التَّلْـعَتَين: ذَنَب التَّلْعة.
وفي حديث حذيفة، رضي اللّه عنه: حتى يَركَبَها اللّهُ بالملائِكةِ، فلا يَمْنَع ذَنَبَ تَلْعة؛ وصفه بالذُّلِّ والضَّعْف، وقِلَّة الـمَنَعة،
والخِسَّةِ؛ الجوهري: والـمِذْنَبُ مَسِـيلُ الماءِ في الـحَضيضِ،
والتَّلْعة في السَّنَدِ؛ وكذلك الذِّنابة والذُّنابة أَيضاً، بالضم؛
والـمِذْنَبُ: مَسِـيلُ الماءِ إِلى الأَرضِ. والـمِذْنَبُ: الـمَسِـيل في
الـحَضِـيضِ، ليس بخَدٍّ واسِع.
وأَذنابُ الأَوْدِية: أَسافِلُها. وفي الحديث: يَقْعُد أَعرابُها على
أَذنابِ أَوْدِيَتِها، فلا يصلُ إِلى الـحَجِّ أَحَدٌ؛ ويقال لها أَيضاً
الـمَذانِبُ. وقال أَبو حنيفة: الـمِذْنَبُ كهيئةِ الجَدْوَل، يَسِـيلُ عن
الرَّوْضَةِ ماؤُها إِلى غيرِها، فيُفَرَّقُ ماؤُها فيها، والتي يَسِـيلُ
عليها الماءُ مِذْنَب أَيضاً؛ قال امرؤُ القيس:
وقد أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُناتِها، * وماءُ النَّدَى يَجْري على كلِّ مِذْنَبِ
وكلُّه قريبٌ بعضُه من بعضٍ.
وفي حديث ظَبْيانَ: وذَنَبُوا خِشانَه أَي جَعلوا له مَذانِبَ ومجَاريَ.
والخِشانُ: ما خَشُنَ من الأَرضِ؛ والـمِذْنَبَة والـمِذْنَبُ: الـمِغْرَفة لأَنَّ لها ذَنَباً أَو شِبْهَ الذَّنَبِ، والجمع مَذانِبُ؛ قال أَبو ذُؤَيب الهذلي:
وسُود من الصَّيْدانِ، فيها مَذانِبُ النُّـ * ـضَارِ، إِذا لم نَسْتَفِدْها نُعارُها
ويروى: مَذانِبٌ نُضارٌ. والصَّيْدانُ: القُدورُ التي تُعْمَلُ من
الحجارة، واحِدَتُها صَيْدانة؛ والحجارة التي يُعْمَل منها يقال لها:
الصَّيْداءُ. ومن روى الصِّيدانَ، بكسر الصاد، فهو جمع صادٍ، كتاجٍ وتِـيجانٍ، والصَّاد: النُّحاسُ والصُّفْر.
والتَّذْنِـيبُ للضِّبابِ والفَراشِ ونحو ذلك إِذا أَرادت التَّعاظُلَ
والسِّفَادَ؛ قال الشاعر:
مِثْل الضِّبابِ، إِذا هَمَّتْ بتَذْنِـيبِ
وذَنَّبَ الجَرادُ والفَراشُ والضِّباب إِذا أَرادت التَّعاظُلَ والبَيْضَ، فغَرَّزَتْ أَذنابَها. وذَنَّبَ الضَّبُّ: أَخرجَ ذَنَبَه من أَدْنَى الجُحْر، ورأْسُه في داخِلِه، وذلك في الـحَرِّ. قال أَبو منصور: إِنما
يقال للضَّبِّ مُذَنِّبٌ إِذا ضرَبَ بذَنَبِه مَنْ يريدُه من مُحْتَرِشٍ
أَو حَـيَّةٍ. وقد ذَنَّبَ تَذْنِـيباً إِذا فَعَل ذلك.
وضَبٌّ أَذنَبُ: طويلُ الذَّنَبِ؛ وأَنشد أَبو الهيثم:
لم يَبْقَ من سُنَّةِ الفاروقِ نَعْرِفُه * إِلاَّ الذُّنَيْبـي، وإِلاَّ الدِّرَّةُ الخَلَقُ
قال: الذُّنَيْبـيُّ ضرب من البُرُودِ؛ قال: ترَكَ ياءَ النِّسْبةِ، كقوله:
مَتى كُنَّا، لأُمِّكَ، مَقْتَوِينا
وكان ذلك على ذَنَبِ الدَّهرِ أَي في آخِره.
وذِنابة العين، وذِنابها، وذَنَبُها: مؤخَّرُها. وذُنابة النَّعْل: أَنْفُها. ووَلَّى الخَمْسِـين ذَنَباً: جاوزَها؛ قال ابن الأَعرابي: قلتُ للكِلابِـيِّ: كم أَتَى عَليْك؟ فقال: قد وَلَّتْ ليَ الخَمْسون ذَنَبَها؛ هذه حكاية ابن الأَعرابي، والأَوَّل حكاية يعقوب.
والذَّنُوبُ: لَـحْمُ الـمَتْنِ، وقيل: هو مُنْقَطَعُ الـمَتْنِ، وأَوَّلُه، وأَسفلُه؛ وقيل: الأَلْـيَةُ والمآكمُ؛ قال الأَعشى:
وارْتَجَّ، منها، ذَنُوبُ الـمَتْنِ، والكَفَلُ
والذَّنُوبانِ: الـمَتْنانِ من ههنا وههنا. والذَّنُوب: الـحَظُّ والنَّصيبُ؛ قال أَبو ذؤيب:
لَعَمْرُك، والـمَنايا غالِباتٌ، * لكلِّ بَني أَبٍ منها ذَنُوبُ
والجمع أَذنِـبَةٌ، وذَنَائِبُ، وذِنابٌ.
والذَّنُوبُ: الدَّلْو فيها ماءٌ؛ وقيل: الذَّنُوب: الدَّلْو التي يكون الماءُ دون مِلْئِها، أَو قريبٌ منه؛ وقيل: هي الدَّلْو الملأَى. قال: ولا يقال لها وهي فارغة، ذَنُوبٌ؛ وقيل: هي الدَّلْوُ ما كانت؛ كلُّ ذلك
مذَكَّر عند اللحياني. وفي حديث بَوْل الأَعْرابـيّ في المسجد: فأَمَر بذَنوبٍ من ماءٍ، فأُهَرِيقَ عليه؛ قيل: هي الدَّلْو العظيمة؛ وقيل: لا تُسَمَّى ذَنُوباً حتى يكون فيها ماءٌ؛ وقيل: إِنَّ الذَّنُوبَ تُذكَّر وتؤَنَّث، والجمع في أَدْنى العَدد أَذْنِـبة، والكثيرُ ذَنائبُ كَقلُوصٍ وقَلائصَ؛ وقول أَبي ذؤيب:
فكُنْتُ ذَنُوبَ البئرِ، لـمَّا تَبَسَّلَتْ، * وسُرْبِلْتُ أَكْفاني، ووُسِّدْتُ ساعِدِي
استعارَ الذَّنُوبَ للقَبْر حين جَعَله بئراً، وقد اسْتَعْمَلَها أُمَيَّة بنُ أَبي عائذٍ الهذليُّ في السَّيْر، فقال يصفُ حماراً:
إِذا ما انْتَحَيْنَ ذَنُوبَ الـحِضا * ر، جاشَ خَسِـيفٌ، فَريغُ السِّجال
يقول: إِذا جاءَ هذا الـحِمارُ بذَنُوبٍ من عَدْوٍ، جاءت الأُتُنُ
بخَسِـيفٍ. التهذيب: والذَّنُوبُ في كلامِ العرب على وُجوهٍ، مِن ذلك قوله تعالى: فإِنَّ للذين ظَلَموا ذَنُوباً مثلَ ذَنُوبِ أَصحابِهم. وقال الفَرَّاءُ: الذَّنُوبُ في كلامِ العرب: الدَّلْوُ العظِـيمَةُ، ولكِنَّ العربَ تَذْهَبُ به إِلى النَّصيب والـحَظِّ، وبذلك فسّر قوله تعالى: فإِنَّ للذين ظَلَموا، أَي أَشرَكُوا، ذَنُوباً مثلَ ذَنُوبِ أَصحابِهِم أَي حَظّاً من العذابِ كما نزلَ بالذين من قبلِهِم؛ وأَنشد الفرَّاءُ:
لَـها ذَنُوبٌ، ولَـكُم ذَنُوبُ، * فإِنْ أَبَيْـتُم، فَلَنا القَلِـيبُ
وذِنابةُ الطَّريقِ: وجهُه، حكاه ابن الأَعرابي. قال وقال أَبو الجَرَّاح لرَجُلٍ: إِنك لم تُرْشَدْ ذِنابةَ الطَّريق، يعني وجهَه.
وفي الحديث: مَنْ ماتَ على ذُنابَـى طريقٍ، فهو من أَهلِهِ، يعني على قصْدِ طَريقٍ؛ وأَصلُ الذُّنابَـى مَنْبِتُ الذَّنَبِ.
والذَّنَبانُ: نَبْتٌ معروفٌ، وبعضُ العرب يُسمِّيه ذَنَب الثَّعْلَب؛
وقيل: الذَّنَبانُ، بالتَّحريكِ، نِبْتَة ذاتُ أَفنانٍ طِوالٍ، غُبَيْراء الوَرَقِ، تنبت في السَّهْل على الأَرض، لا ترتَفِـعُ، تُحْـمَدُ في الـمَرْعى، ولا تَنْبُت إِلا في عامٍ خَصيبٍ؛ وقيل: هي عُشْبَةٌ لها سُنْبُلٌ في أَطْرافِها، كأَنه سُنْبُل
الذُّرَة، ولها قُضُبٌ ووَرَق، ومَنْبِتُها بكلِّ مكانٍ ما خَلا حُرَّ الرَّمْلِ، وهي تَنْبُت على ساقٍ وساقَين، واحِدتُها ذَنَبانةٌ؛ قال أَبو محمد الـحَذْلَمِـي:
في ذَنَبانٍ يَسْتَظِلُّ راعِـيهْ
وقال أَبو حنيفة: الذَّنَبانُ عُشْبٌ له جِزَرَة لا تُؤْكلُ، وقُضْبانٌ
مُثْمِرَةٌ من أَسْفَلِها إِلى أَعلاها، وله ورقٌ مثلُ ورق الطَّرْخُون،
وهو ناجِـعٌ في السَّائمة، وله نُوَيرة غَبْراءُ تَجْرُسُها النَّحْلُ،
وتَسْمو نحو نِصْفِ القامةِ، تُشْبِـعُ الثِّنْتانِ منه بعيراً، واحِدَتُه
ذَنَبانةٌ؛ قال الراجز:
حَوَّزَها من عَقِبٍ إِلى ضَبُعْ،
في ذَنَبانٍ ويبيسٍ مُنْقَفِـعْ،
وفي رُفوضِ كَلإٍ غير قَشِـع
والذُّنَيْباءُ، مضمومَة الذال مفتوحَة النون، ممدودةً: حَبَّةٌ تكون في
البُرّ، يُنَقَّى منها حتى تَسْقُط.
والذَّنائِبُ: موضِعٌ بنَجْدٍ؛ قال ابن بري: هو على يَسارِ طَرِيقِ
مَكَّة.
والـمَذَانِبُ: موضع. قال مُهَلْهِل بن ربيعة، شاهد الذّنائب:
(يتبع...)
(تابع... 1): ذنب: الذَّنْبُ: الإِثْمُ والجُرْمُ والمعصية، والجمعُ ذُنوبٌ، ... ...
فَلَوْ نُبِشَ الـمَقابِرُ عن كُلَيْبٍ، * فتُخْبِرَ بالذَّنائِبِ أَيَّ زِيرِ
وبيت في الصحاح، لـــمُهَلْهِلٍ أَيضاً:
فإِنْ يَكُ بالذَّنائِبِ طَالَ لَيْلي، * فقد أَبْكِـي على الليلِ القَصيرِ
يريد: فقد أَبْكِـي على لَيالي السُّرورِ، لأَنها قَصِـيرَةٌ؛ وقبله:
أَلَيْـلَـتَنا بِذِي حُسَمٍ أَنيرِي! * إِذا أَنْتِ انْقَضَيْتِ، فلا تَحُورِي
وقال لبيد ، شاهد المذانب :
أَلَمْ تُلْمِمْ على الدِّمَنِ الخَوالي، * لِسَلْمَى بالـمَذانِبِ فالقُفَالِ؟
والذَّنُوبُ: موضع بعَيْنِه؛ قال عبيد بن الأَبرص:
أَقْفَرَ مِن أَهْلِه مَلْحوبُ، * فالقُطَبِـيَّاتُ، فالذَّنُوبُ
ابن الأَثير: وفي الحديث ذكْرُ سَيْلِ مَهْزُورٍ ومُذَيْنِب، هو بضم
الميم وسكون الياء وكسر النون، وبعدها باءٌ موحَّدةٌ: اسم موضع بالمدينة، والميمُ زائدةٌ.
الصحاح، الفرَّاءُ: الذُّنابَـى شِبْهُ الـمُخاطِ، يَقَع من أُنوفِ الإِبل؛ ورأَيتُ، في نُسَخ متَعدِّدة من الصحاح، حواشِـيَ، منها ما هو بِخَطِّ الشيخ الصَّلاح الـمُحَدِّث، رحمه اللّه، ما صورته: حاشية من خَطِّ الشيخ أَبي سَهْلٍ الـهَرَوي، قال: هكذا في الأَصل بخَطِّ الجوهري، قال: وهو تصحيف، والصواب: الذُّنانَى شِبهُ الـمُخاطِ، يَقَع من أُنوفِ الإِبل، بنُونَيْنِ بينهما أَلف؛ قال: وهكذا قَرَأْناهُ على شَيخِنا أَبي أُسامة، جُنادةَ بنِ محمد الأَزدي، وهو مأْخوذ من الذَّنين، وهو الذي يَسِـيلُ من فَمِ الإِنسانِ والـمِعْزَى؛ ثم قال صاحب الحاشية: وهذا قد صَحَّفَه الفَرَّاءُ أَيضاً، وقد ذكر ذلك فيما ردَّ عليه من تصحيفه، وهذا مما فاتَ الشَّيخ ابن برّي،
ولم يذكره في أَمالِـيه.
حلق: الحَلْقُ: مَساغ الطعام والشراب في المَريء، والجمع القليل
أَحْلاقٌ؛ قال:
إِنَّ الذين يَسُوغُ في أَحْلاقِهم
زادٌ يُمَنُّ عليهمُ، للِئامُ
وأَنشد المبرد: في أَعْناقِهم، فَرَدَّ ذلك عليه عليّ بن حَمزَة،
والكثير حُلوق وحُلُقٌ؛ الأَخيرة عَزِيزة؛ أَنشد الفارسي:
حتى إِذا ابْتَلَّتْ حلاقِيمُ الحُلُقْ
الأَزهري: مخرج النفس من الحُلْقُوم وموضع الذبح هو أَيضاً من الحَلْق.
وقال أَبو زيد: الحلق موضع الغَلْصَمة والمَذْبَح. وحَلَقه يَحْلُقُه
حَلْقاً: ضربه فأَصاب حَلْقَه. وحَلِقَ حَلَقاً: شكا حَلْقَه، يطرد عليهما
باب. ابن الأَعرابي: حلَق إِذا أَوجَع، وحَلِقَ إِذا وجِعَ. والحُلاقُ:
وجَعٌ في الحَلْق والحُلْقُوم كالحَلْق، فُعْلُوم عن الخليل، وفُعْلُول عند
غيره، وسيأْتي. وحُلُوق الأَرض: مَجارِيها وأَوْدِيتها على التشبيه
بالحُلوق التي هي مَساوِغُ الطعام والشراب وكذلك حُلوق الآنية والحِياض.
وحَلَّقَ
الإِناءُ من الشراب: امْتلأَ إِلاَّ قليلاً كأَنَّ ما فيه من الماء
انتهى إِلى حَلْقِه، ووَفَّى حلْقَةَ حوضه: وذلك إِذا قارب أَن يملأَه إلى
حَلْقه. أَبو زيد: يقال وفَّيْت حَلْقة الحوض تَوفِيةً والإِناء كذلك.
وحَلْقةُ الإِناء: ما بقي بعد أَن تجعل فيه من الشراب أَو الطعام إِلى نصفه،
فما كان فوق النصف إِلى أَعلاه فهو الحلقة؛ وأَنشد:
قامَ يُوَفِّي حَلْقَةَ الحَوْضِ فَلَجْ
قال أَبو مالك: حَلْقة الحوض امْتِلاؤُه، وحلقته أَيضاً دون الامتلاء؛
وأَنشد:
فَوافٍ كَيْلُها ومُحَلِّقُ
والمُحلِّق: دون المَلْء؛ وقال الفرزدق:
أَخافُ بأَن أُدْعَى وحَوْضِي مُحْلِّقٌ،
إِذا كان يومُ الحَتْف يومَ حِمامِي
(* وفي قصيدة الفرزدق: إِذا كان يوم الوِردِ يومَ خِصامِ)
وحَلَّق ماءُ الحوض إِذا قلَّ وذهب. وحلَّق الحوضُ: ذهب ماؤُه؛ قال
الزَّفَيانُ:
ودُونَ مَسْراها فَلاةٌ خيْفَقُ،
نائي المياه، ناضبًٌ مُحَلِّقُ
(* قوله «مسراها» كذا في الأصل، والذي في شرح القاموس مرآها).
وحَلَّقَ
المكُّوكُ إِذا بلغ ما يُجعل فيه حَلْقَه. والحُلُق: الأَهْوِية بين
السماء والأَرض، واحدها حالِقٌ. وجبل حالق: لا نبات فيه كأَنه حُلِق، وهو
فاعل بمعنى مفعول؛ كقول بشر بن أَبي خازم:
ذَكَرْتُ بها سَلْمَى، فبِتُّ كأَنَّني
ذَكَرْتُ حَبيباً فاقِداً تَحْتَ مَرْمَسِ
أَراد مَفْقوداً، وقيل: الحالق من الجبال المُنِيفُ المُشْرِف، ولا يكون
إِلا مع عدم نبات. ويقال: جاء من حالق أَي من مكان مُشرف. وفي حديث
المَبْعث: فهَمَمْتُ أَن أَطرح بنفسي من حالِق أَي جبل عالٍ.
وفي حديث أَبي هريرة: لما نزل تحريم الخمر كنا نَعْمِد إِلى الحُلْقانةِ
فنَقْطَع ما ذَنَّبِ منها؛ يقال للبُسر إِذا بدا الإِرْطاب فيه من قِبل
ذَنَبِه التَّذْنوبة، فإِذا بلغ نصفه فهو مُجَزَّع، فإِذا بلغ ثُلُثيه
فهو حُلْقان ومُحَلْقِنٌ؛ يريد أَنه كان يقطع ما أَرطب منها ويرميه عند
الانتباذ لئلا يكون قد جَمع فيه بين البُسْر والرُّطب؛ ومنه حديث بَكَّار:
مرّ بقوم يَنالُون من الثَّعْد والحُلْقان. قال ابن سيده: بُسرة حُلْقانة
بلغ الإِرْطاب قريباً من النُّفدوق من أسفلها والجمع حُلْقانٌ حلْقها،
وقيل: هي التي بلغ الإِرطاب ومُحَلْقِنة والجمع مُحَلْقِنٌ. وقال أَبو
حنيفة: يقال حلَّق البُسر وهي الحَواليقُ، بثبات الياء؛ قال ابن سيده: وهذا
البناء عندي على النسب إِذ لو كان على الفعل لقال: مَحاليق، وأَيضاً فإِني
لا أَدري ما وجه ثبات الياء في حَواليق. وحَلْق التمرة والبُسرة: منتهى
ثُلثيها كأَن ذلك موضع الحلق منها.
والحَلْقُ: حَلْقُ الشعر. والحَلْقُ: مصدر قولك حَلق رأْسه. وحَلَّقوا
رؤُوسهم: شدّد للكثرة. والاحْتِلاقُ: الحَلْق. يقال: حَلق مَعَزه، ولا
يقال: جَزَّه إِلا في الضأْن، وعنز مَحْلوقة، وحُلاقة المِعزى، بالضم: ما
حُلِق من شعره. ويقال: إِن رأْسه لَجيِّد الحِلاق. قال ابن سيده: الحَلْق
في الشعر من الناس والمعز كالجَزّ في الصوف، حلَقه يَحلِقه حَلْقاً فهو
حالقٌ وحلاقٌ وحلَقَه واحْتَلَقه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لاهُمَّ، إِن كان بنُو عَمِيرهْ
أَهْلُ التِّلِبِّ هؤلا مَقْصُورهْ
(* قوله «مقصورة» فسره المؤلف في مادة قصر عن ابن الأَعرابي فقال:
مقصورة أي خلصوا فلم يخالصهم غيرهم)،
فابْعَثْ عليهم سَنةً قاشُورة،
تَحْتَلِقُ المالَ احْتلاقَ النُّورهْ
ويقال: حَلق مِعْزاه إِذا أَخذ شعرها، وجزَّ ضأْنَه، وهي مِعْزى
مَحْلُوقة وحَلِيقة، وشعر مَحْلوق. ويقال: لحية حَليق، ولا يقال حَلِيقة. قال
ابن سيده: ورأْس حليق محلوق؛ قالت الخنساء:
ولكني رأَيتُ الصبْر خَيْراً
من النَّعْلَينِ والرأْسِ الحَلِيق
والحُلاقةُ: ما حُلِقَ
منه يكون ذلك في الناس والمعز. والحَلِيقُ: الشعر المحلوق، والجمع
حِلاقٌ. واحْتلقَ بالمُوسَى. وفي التنزيل: مُحَلِّقين رُؤُوسكم ومُقَصِّرين.
وفي الحديث: ليس مِنَّا من صَلَق أَو حَلق أَي ليس من أَهل سُنَّتنا من
حلَق شعره عند المُصيبة إِذا حلَّت به. ومنه الحديث: لُعِنَ من النساء
الحالقة والسالِقةُ والخارِقةُ. وقيل: أَراد به التي تَحلِق وجهها للزينة؛
وفي حديث: ليس منا من سلَق أَو حلَق أَو خَرق أَي ليس من سنَّتنا رَفْعُ
الصوت في المَصائب ولا حلْقُ
الشعر ولا خَرْقُ الثياب. وفي حديث الحَجّ: اللهمَّ اغْفر
للمُحَلِّقِين قالها ثلاثاً؛ المحلِّقون الذين حلَقوا شعورهم في الحج أَو العُمرة
وخصَّهم بالدعاء دون المقصوين، وهم الذين أَخذوا من شعورهم ولم يَحلِقوا
لأَن أَكثر من أَحرم مع النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يكن معهم هَدْيٌ ،
وكان عليه السلام قد ساق الهَدْيَ، ومَن منه هَدْيْ لا يَحلِق حتى يَنْحَر
هديَه، فلما أَمرَ
من ليس معه هدي أَن يحلق ويحِلَّ، وجَدُوا في أَنفسهم من ذلك وأَحبُّوا
أَن يأَذَن لهم في المُقام على إِحرامهم حتى يكملوا الحج، وكانت طاعةُ
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَولى بهم، فلما لم يكن لهم بُدُّ من الإِحْلال
كان التقصير في نُفوسهم أَخفّ من الحلق، فمال أَكثرهم إِليه، وكان فيهم
من بادر إِلى الطاعة وحلق ولم يُراجِع، فلذلك قدَّم المحلِّقين وأَخَّر
المقصِّرين.
والمِحْلَقُ، بكسر الميم: الكِساءُ الذي يَحْلِق الشعر من خِشونته؛ قال
عُمارة بن طارِقٍ يصف إِبلاً ترد الماءَ فتشرب:
يَنْفُضْنَ بالمَشافِر الهَدالِقِ،
نَفْضَكَ بالمَحاشِئ المَحالِقِ
والمَحاشِئُ: أَكْسِية خَشِنةٌ تَحْلِقُ الجسد، واحدها مِحْشأ، بالهمز،
ويقال: مِحْشاة، بغير همز، والهَدالِقُ: جمع هِدْلق وهي
المُسْتَرْخِيَةُ.
والحَلَقةُ: الضُّروعُ المُرْتَفعةُ. وضَرْعٌ حالقٌ: ضخْم يحلق شعر
الفخذين من ضِخَمِه. وقالوا: بينهم احْلِقِي وقُومي أَي بينهم بَلاءٌ وشدَّة
وهو من حَلْق الشعر كان النساءٌ يَئمْن فيَحلِقْن شُعورَهنَّ؛ قال:
يومُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ
أَفضلُ من يومِ احْلِقي وقُومِي
الأَعرابي: الحَلْقُ الشُّؤْم. ومما يُدعَى به على المرأَة: عَقْرَى
حَلْقَى، وعَقْراً حَلْقاً فأَمّا عقرَى وعقراً فسنذكره في حرف العين،
وأَما حلْقَى وحلقاً فمعناه أَنه دُعِيَ عليها أَن تئيم من بعلها فتْحْلِق
شعرها، وقيل: معناه أَوجع الله حَلْقها، وليس بقويّ؛ قال ابن سيده: وقيل
معناه أَنها مَشْؤُومةٌ، ولا أَحُقُّها. وقال الأَزهري: حَلْقَى عقْرى
مشؤُومة مُؤْذِية. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال لصَفِيَّة بنت
حُيَيٍّ حين قيل له يوم النَّفْر إِنها نَفِسَت أَو حاضت فقال: عقرى حلقى
ما أَراها إِلاَّ حابِسَتنا؛ معناه عَقَر الله جَسدَها وحلَقها أَي
أَصابها بوجع في حَلْقها، كما يقال رأَسَه وعضَده وصَدَره إِذا أَصاب رأْسَه
وعضُدَه وصَدْره. قال الأَزهري: وأَصله عقراً حلقاً، وأَصحاب الحديث
يقولون عقرَى حلقَى بوزن غَضْبَى، حيث هو جارٍ على المؤَنث، والمعروف في
اللغة التنوين على أَنه مصدر فَعل متروك اللفظ، تقديره عقَرها الله عقْراً
وحلَقها الله حلقاً. ويقال للأَمر تَعْجَبُ منه: عقْراً حلقاً، ويقال
أَيضاً للمرأَة إِذا كانت مؤْذِية مشؤُومة؛ ومن مواضع التعجب قولُ أُمّ الصبي
الذي تكلَّم: عَقْرَى أَو كان هذا منه قال الأَصمعي: يقال عند الأَمر
تَعْجَبُ
منه: خَمْشَى وعَقْرى وحَلْقى كأَنه من العَقْر والحَلْق والخَمْش؛
وأَنشد:
أَلا قَوْمِي أُولُو عَقْرَى وحَلْقَى
لِما لاقَتْ سَلامانُ بن غَنْمِ
ومعناه قَومِي أُولُو نساءٍ قد عَقَرْن وجُوههن فخذَشْنَها وحَلَقْن
شعورهن مُتَسَلِّباتٍ على من قُتل من رجالها؛ قال ابن بري: هذا البيت رواه
ابن القطَّاع:
أَلا قَومي أُولو عَقْرَى وحَلْقَى
يريدون أَلا قومي ذَوو نساءٍ قد عقرن وجوهَهنَّ وحلقن رؤُوسهن، قال:
وكذلك رواه الهَرَوِيّ في الغريبين قال: والذي رواه ابن السكيت:
أَلا قُومِي إِلى عقْرى وحلْقى
قال: وفسَّره عثمان بن جني فقال: قولهم عقرى حلقى، الأَصل فيه أَن
المرأَة كانت إِذا أُصِيب لها كريم حلَقَت رأْسها وأَخذت نَعْلين تضرب بهما
رأْسَها وتعقِره؛ وعلى ذلك قول الخنساء:
فلا وأَبِيكَ، ما سَلَّيْتُ نفسي
بِفاحِشةٍ أَتَيتُ، ولا عُقوقِ
ولكنِّي رأَيتُ الصَّبْر خَيراً
من النَّعلين والرأْسِ الحَليقِ
يريد إِن قومي هؤلاء قد بلغ بهم من البَلاء ما يبلُغ بالمرأَة المعقورة
المحلوقة، ومعناه أَهم صاروا إِلى حال النساءِ المَعْقُورات المحلوقات.
قال شمر: روى أَبو عبيد عقراً حلقاً، فقلت له: لم أَسمع هذا إِلا عقرَى
حلقَى، فقال: لكني لم أَسمع فَعْلى على الدعاء، قال شمر: فقلت له قال ابن
شميل إِن صِبيانَ
البادية يلعبون ويقولون مُطَّيْرَى على فُعَّيْلى، وهو أَثقل من
حَلْقَى، قال: فصيره في كتابه على وجهين: منوّناً وغير منوَّن. ويقال: لا
تَفعلْذلك أُمُّك حالِقٌ أَي أَثْكلَ الله أُمَّك بك حتى تَحلِق شعرها،
والمرأَةُ إِذا حلَقت شعرها عند المصيبة حالِقةٌ وحَلْقَى. ومثَلٌ للعرب:
لأُمّك الحَلْقُ ولعينك العُبْرُ.
والحَلْقَةُ: كلُّ شيءٍ استدار كحَلْقةِ الحديد والفِضّة والذهب، وكذلك
هو في الناس، والجمع حِلاقٌ على الغالب، وحِلَقٌ على النادر كهَضْبة
وهِضَب، والحَلَقُ عند سيبويه: اسم للجمع وليس بجمع لأَن فَعْلة ليست مما
يكسَّر على فَعَلٍ، ونظير هذا ما حكاه من قولهم فَلْكَةٌ وفَلَكٌ، وقد حكى
سيبويه في الحَلْقة فتح اللام وأَنكرها ابن السكيت وغيره، فعلى هذه
الحكاية حلَقٌ جمع حلَقة وليس حينئذ اسم جميع كما كان ذلك في حلَق الذي هو اسم
جمع لحَلْقة، وإِن كان قد حكى حلَقة بفتحها. وقال اللحياني: حَلْقة الباب
وحلَقته، بإِسكان اللام وفتحها، وقال كراع: حلْقةُ القوم وحلَقتهم، وحكى
الأُمَوِيُّ: حِلْقة القوم، بالكسر، قال: وهي لغة بني الحرت بن كعب،
وجمع الحِلْقةِ حِلَقٌ وحَلَق وحِلاقٌ، فأَما حِلَقٌ فهو بابُه، وأَما
حَلَقٌ فإِنه اسم لجمع حِلْقة كما كان اسماً لجمع حَلْقةٍ، وأَما حِلاقٌ فنادر
لأَن فِعالاً ليس مما يغلب على جمع فِعْلة. الأَزهري: قال الليث
الحَلْقةُ، بالتخفِيف، من القوم، ومنهم من يقول حَلَقة، وقال الأَصمعي: حَلْقة
من الناس ومن حديد، والجمع حِلَقٌ مثل بَدْرةٍ وبِدَر وقَصْعة وقِصَعٍ؛
وقال أَبو عبيد: أَختار في حلَقة الحديد فتح اللام ويجوز الجزم، وأَختار
في حلْقة القوم الجزم ويجوز التثقيل؛ وقال أَبو العباس: أَختار في حلَقة
الحديد وحلَقة الناس التخفيف، ويجوز فيهما التثقيل، والجمع عنده حَلَقٌ؛
وقال ابن السكيت: هي حلْقة الباب وحلَقة القوم، والجمع حِلَق وحِلاق.
وحكى يونس عن أَبي عمرو بن العلاء حلَقة في الواحد، بالتحريك، والجمع حَلَقٌ
وحَلَقات؛ وقال ثعلب: كلهم يجيزه على ضعفه وأَنشد:
مَهْلاً بَني رُومانَ، بعضَ وَعيدكم
وإِيّاكمُ والهُلْبَ منِّي عَضارِطا
أَرِطُّوا، فقد أَقْلَقْتُمُ حَلَقاتِكمْ،
عسَى أَن تَفُوزوا أَن تكونوا رَطائطا
قال ابن بري: يقول قد اضطرب أَمرُكم من باب الجِدِّ والعقل فتَحامَقُوا
عسى أَن تفُوزوا؛ والهُلْبُ: جمع أَهْلَبَ، وهو الكثير شعر الأُنثيين،
والعِضْرِطُ: العِجانُ، ويقال: إِن الأَهلَبَ
العِضرِطِ لا يُطاق؛ وقد استعمل الفرزدق حَلَقة في حلْقةِ القوم قال:
يا أَيُّها الجالِسُ، وسْطَ الحَلَقهْ،
أَفي زِناً قُطِعْتَ أَمْ في سَرِقَهْ؟
وقال الراجز:
أُقْسِمُ بالله نُسْلِمُ الحَلَقهْ
ولا حُرَيْقاً، وأُخْتَه الحُرَقهْ
وقال آخر:
حَلَفْتُ بالمِلْحِ والرَّمادِ وبالنـ
ـارِ وبالله نُسْلِمُ الحَلَقهْ
حتى يَظَلَّ الجَوادُ مُنْعَفِراً،
ويَخْضِبَ القَيْلُ عُرْوَةَ الدَّرَقهْ
ابن الأَعرابي: هم كالحَلَقةِ المُفْرَغة لا يُدْرَى أَيُّها طَرَفُها؛
يضرب مثلاً للقوم إِذا كانوا مُجتمعين مؤتَلِفين كلمتهُم وأَيديهم واحدة
لا يَطْمَعُ عَدوُّهم فيهم ولا يَنال منهم. وفي الحديث: أَنه نَهى عن
الحِلَقِ قبل الصَّلاةِ ، وفي رواية: عن التَّحَلُّقِ؛ أَراد قبل صلاة
الجُمعة؛ الحِلَقُ، بكسر الحاء وفتح اللام: جمع الحَلْقة مثل قَصْعة وقِصَعٍ،
وهي الجماعة من الناس مستديرون كحلْقة الباب وغيرها. والتَّحَلُّق،
تفَعُّل منها: وهو أَن يتَعمَّدوا ذلك. وتَحلَّق القومُ: جلسوا حَلْقة حَلْقة.
وفي الحديث: لا تصلوا خَلْف النيِّام ولا المُتَحَلِّقين أَي الجُلوسِ
حِلَقاً حِلَقاً. وفي الحديث: الجالس وسْط الحلَقة ملعون لأَنه إِذا جلس
في وسَطِها استدبر بعضَهم بظهره فيُؤذيهم بذلك فيَسبُّونه ويلْعَنُونه، ؛
ومنه الحديث: لا حِمَى إِلا في ثلاث، وذكر حَلْقة القوم أَي لهم أَن
يَحْمُوها حتى لا يَتَخَطَّاهم أَحَد ولا يَجلس في وسطها. وفي الحديث: نهى
عن حِلَقِ الذهب؛ هي جمع حَلْقةٍ وهي الخاتمُ بلا فَصّ؛ ومنه الحديث: من
أَحَبّ أَن يُحَلِّق جبينه حَلْقة من نار فلْيُحَلِّقْه حَلْقة من ذهب؛
ومنه حديث يأْجُوج ومأْجُوج: فُتِحَ اليومَ من رَدْمِ يأْجوجَ ومأْجوجَ
مِثْلُ
هذه وحَلَّق بإِصْبَعِه الإِبْهام والتي تليها وعقَد عَشْراً أَي جعل
إِصْبَعيْه كالحَلْقة، وعَقْدُ العشرة: من مُواضَعات الحُسّاب، وهو أَن
يجعل رأْس إِصْبَعه السبابة في وسط إِصبعه الإِبهام ويَعْملهما كالحَلْقة.
الجوهري: قال أَبو يوسف سمعت أَبا عمرو الشيباني يقول: ليس في الكلام
حلَقة، بالتحريك، إِلا في قولهم هؤلاء قوم حَلَقةٌ للذين يَحلِقون الشعر، وفي
التهذيب: للذين يحلقونَ المِعْزى، جمع حالِقٍ. وأَما قول العرب:
التَقَتْ حلَقتا البِطان، بغير حذف أَلف حلْقتا لسكونها وسكون اللام، فإِنهم
جمعوا فيها بين ساكنين في الوصل غير مدغم أَحدهما في الآخر، وعلى هذا قراءة
نافع: مَحْيايْ ومَماتي، بسكون ياء مَحيايْ، ولكنها ملفوظ بها ممدودة
وهذا مع كون الأَوّل منهما حرف مدّ؛ وممّا جاء فيه بغير حرف لين، وهو شاذٌّ
لا يقاس عليه، قوله:
رَخِّينَ أَذْيالَ الحِقِيِّ وارْتَعْنْ
مَشْيَ حَمِيّات كأَنْ لم يُفْزَعْنْ،
إِنْ يُمْنَعِ اليومِ نِساء تُمْنَعْنْ
قال الأَخفش: أَخبرني بعض من أَثق به أَنه سمع:
أَنا جَريرٌ كُنْيَتي أَبو عَمْرْ،
أَجُبُناً وغَيْرةً خَلْفَ السِّتْرْ
قال: وسمعت من العرب:
أَنا ابنُ ماوِيّة إِذا جَدَّ النَّقْرْ
قال ابن سيده: قال ابن جني لهذا ضرب من القياس، وذلك أَنّ الساكن
الأَوّل وإن لم يكن مدّاً فإِنه قد ضارَع لسكونه المدّة، كما أَن حرف اللين
إِذا تحرك جرى مَجرى الصحيح، فصحّ في نحو عِوَضٍ وحِولٍ، أَلا تراهما لم
تُقْلب الحركةُ فيهما كما قلبت في ريح ودِيمة لسكونها؟ وكذلك ما أُعِلّ
للكسرة قبله نحو مِيعاد ومِيقات، والضمة قبله نحو مُوسر ومُوقن إِذا تحرك صح
فقالوا مَواعِيدُ ومَواقيتُ ومَياسيرُ
ومَياقِينُ، فكما جرى المدّ مجرى الصحيح بحركته كذلك يجري الحرف الصحيح
مجرى حرف اللين لسكونه، أَوَلا ترى ما يَعرِض للصحيح إِذا سكن من
الإِدغام والقلب نحو من رأَيت ومن لقِيت وعنبر وامرأَة شَنْباء؟ فإِذا تحرك صح
فقالوا الشنَب والعبر وأَنا رأَيت وأَنا لقِيت، فكذلك أَيضاً تجري العين
من ارتعْن، والميم من أَبي عمْرو، والقاف من النقْر لسكونها مجرى حرف المد
فيجوز اجتماعها مع الساكن بعدها. وفي الرحم حَلْقتانِ: إِحداهما التي
على فم الفرْج عند طرَفه، والأُخرى التي تنضمُّ على الماء وتنفتح للحيض،
وقيل: إِنما الأُخرى التي يُبالُ منها. وحَلَّق القمرُ
وتحلَّق: صار حولَه دارةٌ. وضربوا بيوتهم حِلاقاً أَي صفّاً واحداً حتى
كأَنها حَلْقة. وحلَّقَ
الطائرُ إِذا ارتفع في الهواء واسْتدارَ، وهو من ذلك؛ قال النابغة:
إِذا ما التَقَى الجَمْعانِ، حَلَّقَ فوقَهمْ
عَصائبُ طَيْرٍ تَهْتَدِي بِعصائبِ
(* وفي ديوان النابغة: إِذا ما غَزَوا بالجيش، حلَّق فوقهم
وقال غيره:
ولوْلا سُليْمانُ الأَمِيرُ لحَلَّقَتْ
به، مِن عِتاقِ الطيْرِ، عَنْقاءُ مُغْرِب
وإِنما يريد حلَّقت في الهَواء فذهبت به؛ وكذلك قوله أَنشده ثعلب:
فحَيَّتْ فحيَّاها، فهْبَّتْ فحَلَّقَتْ
مع النجْمِ رُؤْيا، في المَنامِ، كذُوبُ
وفي الحديث: نَهَى عن بيع المُحلِّقاتِ
أَي بيعِ الطير في الهواء. وروى أَنس بن مالك قال: كان النبي، صلى الله
عليه وسلم، يصلي العصر والشمسُ بيضاء مُحَلِّقةٌ فأَرجِع إِلى أَهلي
فأَقول صلُّوا؛ قال شمر: مُحلِّقة أَي مرتفعة؛ قال: تحليق الشمس من أَوَّل
النهار ارتفاعها من المَشرِق ومن آخر النهار انْحِدارُها. وقال شمر: لا
أَدري التحليق إِلا الارتفاعَ في الهواء. يقال: حلَّق النجمُ إِذا ارتفع،
وتَحْلِيقُ الطائرِ ارتفاعه في طَيَرانه، ومنه حلّق الطائرُ في كَبِد
السماء إِذا ارتفع واستدار؛ قال ابن الزبير الأَسَدي في النجم:
رُبَّ مَنْهَلٍ طاوٍ ورَدْتُ، وقد خَوَى
نَجْمٌ، وحَلَّقَ في السماء نُجومُ
خَوى: غابَ؛ وقال ذو الرمة في الطائر:
ورَدْتُ احْتِسافاً والثُّرَيَّا كأَنَّها،
على قِمّةِ الرأْسِ، ابنُ ماء مُحَلِّقُ
وفي حديث: فحلَّقَ ببصره إِلى السماء كما يُحلِّقُ
الطائر إِذا ارتفع في الهواء أَي رفَعه؛ ومنه الحالِقُ: الجبل المُنِيفُ
المُشْرِف.
والمُحلَّقُ: موضع حَلْقِ الرأْسِ بِمنًى؛ وأَنشد:
كلاَّ ورَبِّ البيْتِ والمُحلَّقِ
والمُحلِّق، بكسر اللام: اسم رجل من ولد بَكْر بن كِلاب من بني عامر
ممدوح الأَعشى؛ قال ابن سيده: المُحلِّق اسم رجل سمي بذلك لأَن فرسه عضَّته
في وجهه فتركَتْ به أَثراً على شكل الحَلقة؛ وإِياه عنى الأَعشى بقوله:
تُشَبُّ لِمَقْرورَيْنِ يَصْطَلِيانِها،
وباتَ على النارِ النَّدَى والمُحَلِّقُ
وقال أَيضاً:
تَرُوحَ على آلِ المُحَلِّقِ جَفْنةٌ،
كجابِيةِ الشيخِ العِراقِيِّ تَفْهَقُ
وأَما قول النابغة الجَعْدِي:
وذكَرْتَ من لبَنِ المُحَلَّق شَرْبَةً،
والخَيْلُ تَعْدُو بالصَّعِيدِ بَدادِ
فقد زعم بعض أَهل اللغة أَنه عنى ناقةً سمَتُها على شكل الحَلْقة وذكَّر
على إِرادةِ الشخص أَن الضَّرْع؛ هذا قول ابن سيده، وأَورد الجوهري هذا
البيت وقال: قال عَوْقُ بن الخَرِع يخاطب لَقيطَ بن زُرارةَ، وأَيده ابن
بري فقال: قاله يُعيِّره بأَخيه مَعْبَدٍ حيث أَسَرَه بنو عامر في يوم
رَحْرَحان وفرَّ عنه؛ وقبل البيت:
هَلاَّ كَرَرْتَ على ابنِ أُمِّك مَعْبَدٍ،
والعامِرِيُّ يَقُودُه بصِفادِ
(* قوله «هلا كررت إلخ» أورد المؤلف هذا البيت في مادة صفد:
هلا مننت على أخيك معبد * والعامريّ يقوده أصفاد
والصواب ما هنا؛ والصفاد، بالكسر: حبل يوثق به.)
والمُحَلَّقُ
من الإِبل: المَوْسوم بحلْقة في فخذه أَو في أَصل أُذنه، ويقال للإِبل
المُحَلَّقة حلَقٌ؛ قال جَنْدل الطُّهَوي:
قد خَرَّبَ الأَنْضادَ تَنْشادُ الحَلَقْ
من كلَ بالٍ وجْهُه بَلْيَ الخِرَقْ
يقول: خَرَّبوا أَنْضادَ بيوتنا من أَمتعتنا بطلَب الضَّوالِّ. الجوهري:
إِبل مُحلَّقة وسْمُها الحَلَقُ؛ ومنه قول أَبي وجْزة السعدي:
وذُو حَلَقٍ تَقْضِي العَواذِيرُ بينها،
تَرُوحَ بأَخْطارٍ عِظامِ اللَّقائحِ
(* قوله «تقضي» أي تفصل وتميز، وضبطناه في مادة عذر بالبناء للمفعول).
ابن بري: العَواذِيرُ جمع عاذُور وهو وَسْم كالخَطّ، وواحد الأَخْطار
خِطْر وهي الإِبل الكثيرة، وسكِّينٌ حالِقٌ وحاذِقٌ أَي حَدِيد.
والدُّرُوع تسمى حَلْقةً؛ ابن سيده: الحَلْقَةُ اسم لجُملة السِّلاح
والدُّروع وما أَشبهها وإِنما ذلك لمكان الدروع، وغلبَّوا هذا النوع من
السلاح، أَعني الدروع، لشدَّة غَنائه، ويدُلك على أَن المراعاة في هذا إِنما
هي للدُّروع أَن النعمان قد سمَّى دُروعه حَلْقة. وفي صلح خيبر: ولرسول
الله، صلى الله عليه وسلم، الصفْراء والبيْضاء والحلْقةُ؛ الحلْقةُ، بسكون
اللام: السلاحُ عامّاً، وقيل: هي الدروع خاصّة؛ ومنه الحديث: وإِن لنا
أَغْفالَ الأَرض والحَلْقَةَ. ابن سيده: الحِلْق الخاتم من الفضة بغير
فَصّ، والحِلق، بالكسر، خاتم المُلْك. ابن الأَعرابي: أُعْطِيَ فلان
الحِلْقَ أَي خاتمَ المُلك يكون في يده؛ قال:
وأُعْطِيَ مِنّا الحِلْقَ أَبيضُ ماجِدٌ
رَدِيفُ مُلوكٍ، ما تُغبُّ نَوافِلُهْ
وأَنشد الجوهري لجرير:
ففازَ، بِحِلْقِ المُنْذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ.
فَتىً منهمُ رَخْوُ النِّجاد كرِيمُ
والحِلْقُ: المال الكثير. يقال: جاء فلان بالحِلْق والإِحْرافِ.
وناقة حالِقٌ: حافِل، والجمع حوَالِقُ
وحُلَّقٌ. والحالِقُ: الضَّرْعُ المُمْتلئ لذلك كأََنَّ اللبَن فيه
إِلى حَلْقه. وقال أَبو عبيد: الحالق الضرع، ولم يُحَلِّه، وعندي أَنه
المُمْتلئ، والجمع كالجمع؛ قال الحطيئة يصف الإِبل بالغَزارة:
وإِن لم يكنْ إِلاَّ الأَمالِيسُ أَصْبَحَتْ
لها حُلَّقٌ ضَرّاتُها، شَكِراتِ
حُلَّقٌ: جمع حالِق، أَبدل ضراتُها من حُلَّق وجعل شكرات خبر أَصبحت،
وشَكِرات: مُمتلِئة من اللبن؛ ورواه غيره:
إِذا لم يكن إِلا الأمالِيسُ رُوِّحَتْ،
مُحَلّقةً، ضَرّاتُها شَكِراتِ
وقال: مُحلّقة حُفَّلاً كثيرة اللبن، وكذلك حُلَّق مُمتلئة. وقال النضر:
الحالق من الإِبل الشديدة الحَفْل العظيمة الضَّرّة، وقد حَلَقَت
تحْلِقُ حَلْقاً. قال الأَزهري: الحالق من نعت الضُّروع جاء بمعنيين
مُتضادَّين، والحالق: المرتفع المنضم إِلى البطن لقلة لبنه؛ ومنه قول
لبيد:حتى إِذا يَبِسَتْ وأَسْحَقَ حالِقٌ،
لم يُبْلِه إِرْضاعُها وفِطامُها
(* في معلقة لبيد: يَئِستَ بدل يبست).
فالحالق هنا: الضَّرْعُ
المرتفع الذي قلَّ لبنه، وإِسْحاقُه دليل على هذا المعنى. والحالق
أَيضاً: الضرع الممتلئ وشاهده ما تقدَّم من بيت الحطيئة لأَن قوله في آخر
البيت شكرات يدل على كثرة اللبن. وقال الأَصمعي: أَصبحت ضرةُ الناقة حالقاً
إِذا قاربت المَلْء ولم تفعل. قال ابن سيده: حلَّق اللبن ذهب، والحالق
التي ذهب لبنها؛ كلاهما عن كراع. وحلَق الضرعُ: ذهب لبنه يَحْلِق حُلوقاً،
فهو حالق، وحُلوقُه ارتفاعه إِلى البطن وانضمامُه، وهو في قول آخر كثرة
لبنه. والحالق: الضامر. والحالقُ السريع الخفيف.
وحَلِقَ قضيب الفرس والحمار يَحْلَق حَلَقاً: احمرَّ وتقشَّر؛ قال أَبو
عبيد: قال ثور النَّمِرِي يكون ذلك من داء ليس له دَواء إِلا أَن يُخْصَى
فربما سلم وربما مات؛ قال:
خَصَيْتُكَ يا ابنَ حَمْزَةَ بالقَوافي،
كما يُخُصَى من الحَلَقِ الحِمارُ
قال الأَصمعي: يكون ذلك من كثرة السِّفاد. وحَلِقَ الفرسُ
والحمار، بالكسر، إِذا سَفَد فأَصابه فَساد في قَضِيبه من تقشُّر أَوِ
احْمرار فيُداوَى بالخِصاء. قال ابن بري: الشعراء يجعلون الهِجاء
والغَلَبة خِصاء كأَنه خرج من الفُحول؛ ومنه قول جرير:
خُصِيَ الفَرَزْدَقُ، والخِصاءُ هَذَلَّةٌ،
يَرْجُو مُخاطَرَةَ القُرومِ البُزَّلِ
قال ابن سيده: الحُلاقُ صفة سوء وهو منه كأَنّ مَتاعَ الإِنسان يَفْصُد
فتعُود حَرارتُه إِلى هنالك. والحُلاقُ في الأَتان: أَن لا تشبَع من
السِّفاد ولا تَعْلَقُ
مع ذلك، وهو منه، قال شمر: يقال أَتانٌ حَلَقِيّةً إِذا تداولَتْها
الحُمْر فأَصابها داء في رحِمها.
وحلَق الشيءَ يَحْلِقُه حَلْقاً: قشَره، وحَلَّقَتْ
عينُ البعير إِذا غارَتْ. وفي الحديث: مَن فَكَّ حَلْقةً فكَّ الله عنه
حَلْقة يوم القيامة؛ حكى ثعلب عن ابن الأَعرابي: أَنه من أَعْتق مملوكاً
كقوله تعالى: فَكّ رَقَبة. والحالِقُ: المَشْؤوم على قومه كأَنه
يَحْلِقهم أَي يَقْشِرُهم. وفي الحديث روي: دَبَّ إِليكم داء الأُمَمِ قبلكم
البَغْضاء، وهي الحالِقةُ أَي التي من شأْنها أَن تَحْلق أَي تُهْلِك
وتَسْتَأْصِل الدِّينَ كما تَسْتأْصِل المُوسَى الشعر. وقال خالد بن جَنْبةَ:
الحالِقةُ قَطِيعة الرَّحمِ والتَّظالُمُ والقولُ السيء. ويقال: وقَعَت
فيهم حالِقةٌ لا تدَعُ شيئاً إِلا أَهْلكَتْه. والحالِقةُ: السنة التي
تَحلِق كلّ شيء. والقوم يَحلِق بعضهم بعضاً إِذا قَتل بعضهم بعضاً.
والحالِقةُ: المَنِيّة، وتسمى حَلاقِ. قال ابن سيده: وحَلاقِ
مثل قَطامِ المنيّةُ، مَعدُولة عن الحالقةِ، لأَنها تَحلِق أَي
تَقْشِرُ؛ قال مُهَلْهل:
ما أُرَجِّي بالعَيْشِ بعدَ نَدامَى،
قد أَراهم سُقُوا بكَأْسِ حَلاقِ
وبنيت على الكسر لأَنه حصل فيها العدل والتأْنيث والصفة الغالبة؛ وأَنشد
الجوهري:
لَحِقَتْ حَلاقِ بهم على أَكْسائهم،
ضَرْبَ الرِّقابِ، ولا يُهِمُّ المَغْنَمُ
قال ابن بري: البيت للأَخْزم بن قاربٍ الطائي، وقيل: هو للمُقْعَد بن
عَمرو؛ وأَكساؤهم: مآخِرُهم، الواحد كسْء وكُسْء، بالضم أَيضاً. وحَلاقِ:
السنةُ المُجْدِبة كأَنها تَقشر النبات، والحالُوق: الموت، لذلك. وفي حديث
عائشة: فبَعَثْتُ إِليهم بقَميص رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
فانْتَحَبَ الناسُ فحلَّق به أَبو بكر إِليّ وقال: تزوَّدِي منه واطْوِيه، أَي
رماه إِليّ.
والحَلْقُ: نَبات لورقه حُموضة يُخلَط بالوَسْمةِ للخِضاب، الواحدة
حَلْقة. والحالقُ
من الكَرْم والشَّرْي ونحوه: ما التَوى منه وتعلَّق بالقُضْبان.
والمَحالِقُ والمَحاليقُ: ما تعلَّق بالقُضْبان. من تعاريش الكرم؛ قال الأَزهري:
كلُّ ذلك مأْخوذ من استدارته كالحَلْقة. والحَلْقُ: شجر ينبت نبات
الكَرْم يَرْتَقي في الشجر وله ورق شبيه بورق العنب حامض يُطبخ به اللحم، وله
عَناقيدُ صغار كعناقيد العنب البّري الذي يخضرّ ثم يَسودُّ فيكون مرّاً،
ويؤخذ ورقه ويطبخ ويجعل ماؤه في العُصْفُر فيكون أَجود له من حبّ
الرمان، واحدته حَلْقة؛ هذه عن أَبي حنيفة.
ويومُ تَحْلاقِ
اللِّمَمِ: يومٌ لتَغْلِب على بكر بن وائل لأَن الحَلْقَ كان شِعارهم
يومئذ.
والحَلائقُ: موضع؛ قال أَبو الزبير التَّغْلَبيّ:
أُحِبُّ تُرابَ الأَرضِ أَن تَنْزِلي به،
وذا عَوْسَجٍ والجِزْعَ جِزْعَ الحَلائقِ
ويقال: قد أَكثرت من الحَوْلقة إِذا أَكثر من قول: لا حولَ
ولا قوّة إِلا بالله؛ قال ابن بري: أَنشد ابن الأَنباري شاهداً عليه:
فِداكَ من الأَقْوامِ كلُّ مُبَخَّلٍ
يُحَوْلِقُ، إِمّا سالَه العُرْفَ سائلُ
وفي الحديث ذكر الحَوْلَقةِ، هي لفظة مبنيّة من لا حول ولا قوة إِلا
بالله، كالبسملة من بسم الله، والحمدَلةِ من الحمد لله؛ قال ابن الأَثير:
هكذا ذكرها الجوهري بتقديم اللام على القاف، وغيره يقول الحوْقلةُ، بتقديم
القاف على اللام، والمراد بهذه الكلمات إِظهار الفقر إِلى الله بطلب
المَعُونة منه على ما يُحاوِلُ من الأُمور وهي حَقِيقة العُبودِيّة؛ وروي عن
ابن مسعود أَنه قال: معناه لا حول عن معصية ا لله إِلا بعصمة الله، ولا
قوّة على طاعة الله إِلا بمعونته.
علق: عَلِقَ بالشيءِ عَلَقاً وعَلِقَهُ: نَشِب فيه؛ قال جرير:
إِذا عَلِقَتْ مُخَالبُهُ بِقْرْنٍ،
أَصابَ القَلْبَ أَو هَتَك الحِجابا
وفي الحديث: فَعَلِقَت الأَعراب به أَي نَشِبوا وتعلقوا، وقيل طَفِقُوا؛
وقال أَبو زبيد:
إِذا عَلِقَتْ قِرْناً خَطَاطيفُ كَفِّهِ،
رأَى الموتَ رَأْيَ العينِ أَسودَ أَحمرا
وهو عالِقٌ به أَي نَشِبٌ فيه. وقال اللحياني: العَلَقُ النُّشوب في
الشيء يكون في جبل أَو أَرض أَو ما أَشبهها. وأَعْلَقَ الحابلُ:
عَلِق الصيدُ في حِبَالته أَي نَشِب. ويقال للصائد: أَعْلَقْتَ
فأَدْرِكْ أَي عَلِقَ الصيدُ في حِبالتك. وقال اللحياني: الإِعْلاقُ وقوع الصيد
في الحبل. يقال: نَصَب له فأَعْلقه. وعَلِقَ الشيءَ عَلَقاً وعَلِقَ به
عَلاقَةً وعُلوقاً: لزمه. وعَلِقَتْ نفُسه الشيءَ، فهي عَلِقةٌ
وعَلاقِيةٌ وعَلِقْنَةٌ: لَهِجَتْ به؛ قال:
فقلت لها، والنَّفْسُ منِّي عَلِقْنَةٌ
عَلاقِيَةٌ تَهْوَى، هواها المُضَلَّلُ
ويقال للأَمر إِذا وقع وثبت
عَلِقَتْ مَعَالِقَها وصَرَّ الجُنْدَبُ
وهو كما يقال: جفَّ القلم فلا تَتَعَنَّ؛ قال ابن سيده: وفي المثل:
عَلِقَتْ مَعالِقَها وصَرَّ الجُنْْدب
يضرب هذا للشيء تأْخذه فلا تريد أَن يُفْلِِتَكَ. وقالوا: عَلِقَتْ
مَراسِبها بذي رَمْرامِ، وبذي الرَّمْرَام؛ وذلك حين اطمأَنت الإبل وقَرَّت
عيونها بالمرتع، يضرب هذا لمن اطمأَنَّ وقَرَّتْ عينه بعيشه، وأَصله أَنَّ
رجلاً انتهى إِلى بئر فأَعْلَقَ رِشَاءَه بِرِشَائِها ثم صار إِلى صاحب
البئر فادَّعَى جِوارَه، فقال له: وما سبب ذلك؟ قال: عَلَّقْت رِشائي
برِشائكَ، فأَبى صاحب البئر وأَمره أَن يرتحل؛ فقال:
عَلُِقَتْ مَعالقَها صَرَّ الجُنْدب
أَي جاءَ الحرُّ ولا يمكنني الرحيل. ويقال للشيخ: قد عَلِقَ الكِبَرُ
مَعَالقَهُ؛ جمع مِعْلَقٍ، وفي الحديث: فَعَلِقتْ منه كلَّ معْلق أَي
أَحبها وشُغِفَ بها. يقال: عَلِقَ بقليه عَلاقةً، بالفتح. وكلُّ شيءٍ وقع
مَوْقِعه فقد عَلِقَ مَعَالِقَه، والعَلاقة: الهوى والحُبُّ اللازم للقلب.
وقد عَلِقَها، بالكسر، عَلَقاً وعَلاقةً وعَلِقَ بها عُلوقاً
وتَعَلَّقها وتَعَلَّقَ بها وعُلِّقَها وعُلِّق بها تَعْلِيقاً: أَحبها، وهو
مُعَلِّقُ القلب بها؛ قال الأَعشى:
عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رجلاً
غَيْري ، وعُلِّقَ أُخْرَى غَيْرها الرجلُ
وقول أَبي ذؤَيب:
تَعَلَّقَهُ منها دَلالٌ ومُقْلَةٌ،
تَظَلُّ لأَصحاب الشَّقاءِ تُديرُها
أَراد تَعَلَّقَ منها دَلالاً ومُقْلةً فقلب. وقال اللحياني: العَلَقُ
الهوى يكون للرجل في المرأَة. وإنه لذو عَلَقٍ في فلانة: كذا عدَّاه بفي.
وقالوا في المثل: نَظْرةٌ من ذي عَلَقٍ أَي من ذي حُبّ قد عَلِقَ بمن
هويه؛ قال كثيِّر:
ولقد أَرَدْتُ الصبرَ عنكِ ، فعاقَني
عَلَقٌ بقَلْبي ، من هَواكِ، قديمُ
وعَلِقَ حبُّها بقلبه: هَوِيَها. وقال اللحياني عن الكسائي: لها في قلبي
عِلْقُ حبٍّ وعَلاقَةُ حُبٍّ وعِلاقَةُ حبٍّ، قالك ولم يعرف الأَصمعي
عِلْق حب ولا عِلاقةَ حبٍّ، إِنما عرف عَلاقَةَ حُب، بالفتح، وعَلَق حبٍّ،
بفتح العين واللام، والعَلاقَةُ، بالفتح؛ قال المرار الأَسدي:
أَعَلاقَةً، أُمَّ الوُلَيِّدِ ، بعدما
أَفْنانُ رأْسِكِ كالثَّغامِ المُخْلِس؟
واعْتَلَقَهُ أَي أَحبه. ويقال: عَلِقْتُ فلانةَ عَلاقةً أَحببتها،
وعَلِقَتْ هي بقلبي: تشبثت به؛ قال ذو الرمة:
لقد عَلِقَتْ مَيٌّ بقلبي عَلاقةً،
بَذطِيئاً على مَرِّ الليالي انْحِلالُها
ورجل علاقِيَةٌ، مثل ثمانية، إِذا عَلِقَ شيئاً لم يُقْلِعْ عنه.
وأَعْلَقَ أَظفارَه في الشيء: أَنشَبها. وعَلَّقَ الشيءَ بالشيء ومنه وعليه
تَعْليقاً: ناطَهُ. والعِلاقةُ: ما عَلَّقْتَه به. وتَعَلَّقَ الشيءَ:
عَلقَهُ من نفسه؛ قال:
تَعَلَّقَ إِبريقاً، وأَظْهَرَ جَعْبةً،
ليُهْلِكَ حَيّاً ذا زُهاءٍ وجَامِلِ
وقيل: تَعَلَّق هنا لزمه، والصحيح الأَول، وتَعَلَّقَهُ وتَعَلَّق به
بمعنى. ويقال: تَعَلَّقْتَهُ بمعنى عَلَّقْتُهُ؛ ومنه قول عبيد الله بن
زياد لأَبي الأَسود: لو تَعَلَّقْتَ مَعَاذَةً لئلا تصيبك عين. وفي الحديث:
من تَعَلَّق شيئاً وكِلَ إِليه أَي من عَلَّقَ على نفسه شيئاً من
التعاويذ والتَّمائم وأَشباهها معتقداً أَنها تَجْلُب إِليه نفعاً أَو تدفع عنه
ضرّاً.
وفي الحديث أَنه قال: أَدُّوا العَلائِقَ، قالوا: يا رسول الله، وما
العَلائِقُ؟ وفي رواية في قوله تعالى: وأَنكحوا الأَيامَى منكم والصالحين،
قيل: يا رسول الله فما العَلائِقُ بينهم؟ قال: ما تَرَاضَى عليه
أَهْلُوهُم؛ العَلائِقُ: المُهُور، الواحدة عَلاقَةٌ، قال وكلُّ ما يُتَبَلَّغُ به
من العيش فهو عُلْقةٌ؛ قال ابن بري في هذا المكان: والعِلْقةُ، بالكسر،
الشَّوْذَرُ؛ قال الشاعر:
وما هي إِلاَّ في إزارٍ وعِلْقَةٍ،
مَغَارَ ابنِ هَمَّامٍ على حَيٍّ خثعما
وقد تقدم الاستشهاد به.
ويقال: لم تبق لي عنده عُلْقةٌ أَي شيءٌ. والعَلاقةُ: ما يُتبلغ به من
عيش. والعُلْقةُ والعَلاقُ: ما فيه بُلْغة من الطعام إِلى وقت الغذاء.
وقال اللحياني: ما يأْكل فلان إِلا عُلْقَةً أَي ما يمسك نفسه من الطعام.
وفي الحديث: وتَجْتَزِئُ بالعُلْقَةِ أَي تكتفي بالبُلْغةِ من الطعام. وفي
حديث الإفك: وإِنما يأْكلْنَ العُلْقةَ من الطعام. قال الأَزهري:
والعُلْقةُ من الطعام والمركبِ ما يُتَبَلَّغُ به وإِن لم يكن تامّاً، ومنه
قولهم: ارْضَ من المَرْكب
بالتَّعْلِيقِ؛ يضرب مثلاً للرجل يُؤْمَرُ بأَن يقنع ببعض حاجته دون
تمامها كالراكب عَلِيقةً من الإِبل ساعة بعد ساعة؛ ويقال: هذا الكلام لنا
فيه عُلْقةٌ أي بلغة، وعندهم عُلْقةٌ من متاعهم أَي بقية.
وعَلَقَ
عَلاقاً وعَلوقاً: أَكل، وأَكثرما يستعمل في الجحد، يقال: ما ذقت
عَلاقاً ولا عَلوقاً. وما في الأَرض عَلاقٌ ولا لَماقٌ أَي ما فيها ما يتبلغ به
من عيش، ويقال: ما فيها مَرْتَع؛ قال الأَعشى:
وفَلاة كأَنّها ظَهْرُ تُرْسٍ،
ليسَ إِلا الرَّجِيعَ فيها عَلاقُ
الرجيع: الجِرَّةُ؛ يقول لا تجد الإِبل فيها عَلاقاً إِلا ما تردُّه من
جِرَّتها. وفي المثل: ليس المُتَعَلِّق كالمُتَأَنِّق؛ يريد ليس مَنْ
عَيشُه قليل يَتَعَلَّق به كمن عيشه كثير يختار منه، وقيل: معناه ليس من
يَتَبَلَّغ بالشيء اليسير كمن يتأَنَّق يأْكل ما يشاء. وما بالناقة عَلُوق
أَي شيء من اللبن. وما ترك الحالب بالناقة عَلاقاً إِذا لم يَدَعْ في
ضرعها شيئاً. والبَهْمُ تَعْلُق من الوَرَق: تصيب، وكذلك الطير من الثمر. وفي
الحديث: أَرواح الشهداء في حواصل طير خُضْرٍ تَعْلُقُ من ثمار الجنة؛
قال الأَصمعي: تَعْلُق أَي تَناوَل بأَفواهها، يقال: عَلَقَتْ تَعْلُق
عُلوقاً؛ وأَنشد للكميت يصف ناقته:
أَو فَوْقَ طاوِيةِ الحَشَى رَمْلِيَّة،
إِنْ تَدْنُ من فَنَن الأَلاءَةِ تَعْلُق
يقول: كأَن قُتُودي فوق بقرة وحشية؛ قال ابن الأَثير: هو في الأَصل
للإِبل إِذا أَكلت العِضاهَ فنقل إِلى الطير، وروءاه الفراء عن الدبيريين
تَعْلَق من ثمار الجنة. وقال اللحياني: العَلْق أَكل البهائم ورق الشجر،
عَلَقَتْ تَعْلُق عَلْقاً. والصبي يَعْلُقُ: يَمُصُّ أَصابعه. والعَلوقُ: ما
تَعْلُقه الإِبل أَي ترعاه، وقيل هو نبت؛ قال الأَعشى:
هو الوَاهِبُ المائة المُصْطَفا
ة، لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارَا
أَي حَسَّنَ النبْتُ
أَلوانها؛ وقيل: إِنه يقول رَعَيْنَ العَلُوقَ حين لاط بهن الاحمرار من
السِّمَن والخِصْب؛ ويقال: أَراد بالعَلُوق الولد في بطنها، وأَراد
بالاحمرار حسن لونها عند اللَّقْحِ. وقال أَبو الهيثم: العَلُوق ماءُ الفحل
لأَن الإِبل إِذا عَلِقَتْ وعقدت على الماء انقلبت أَلوانها واحْمَرَّت،
فكانت أَنْفَسَ لها في نفس صاحبها؛ قال ابن بري الذي في شعر الأَعشى:
بأَجْوَدَ منه بِأْدْمِ الرِّكا
بِ، لاطَ العَلوقُ بهنّ احمرارا
قال: وذلك أَن الإِبل إِذا سمنت صار الآدمُ منها أصْهبَ والأَصْهبُ
أَحمر؛ وأَما عَجُُزُ البيت الذي صدره:
هو الواهبُ المائة المُصْطَفا
ة، لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارا
أَي حَسَّنَ النبْتُ أَلوانها؛ وقيل: إِنه يقول رَعَيْنَ العَلُوقَ
حين لاط بهن الاحمرار من السِّمَن والخِصْب؛ ويقال: أَراد بالعَلُوق
الولد في بطنها، وأَراد بالاحمرار حسن لونها عند اللَّقْحِ. وقال أَبو
الهيثم: العَلُوق ماءُ الفحل لأَن الإبل إِذا عَلِقَتْ وعقدت على الماء انقلبت
أَلوانها واحْمَرَّت، فكانت أَنْفَسَ
لها في نفس صاحبها؛ قال ابن بري الذي في شعر الأَعشى:
بأَجْوَدَ منه بِأُدْمِ الرِّكا
بِ، لاطَ العَلوقُ بهنّ احمرارا
قال: وذلك أَن الإبل إِذا سمنت صار الآدمُ منها أصْهبَ والأَصْهب
أَحمرَ؛ وأَما عَجُزُ البيت الذي صدره:
هو الواهِبُ المائة المُصْطَفا
ة، لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارا
فإِنه:
إِما مَخَاضاً وإِما عِشَارَا
والعَلْقَى: شجر تدوم خضرته في القَيْظ ولها أَفنان طوالِ
دقاق وورق لِطاف، بعضهم يجعل أَلفها للتأنيث، وبعضهم يجعلها للإلحاق
وتنون؛ قال الجوهري: عَلْقَى نبت، وقال سيبويه: تكون واحدة وجمعاً؛ قال
العجاج يصف ثوراً:
فَحَطَّ في عَلْقَى وفي مُكورِ،
بين تَواري الشَّمْسِ والذُّرُورِ
وفي المحكم:
يَسْتَنُّ في عَلْقَى وفي مُكورِ
وقال: ولم ينونه رؤبة، واحدته عَلْقاة، قال ابن جني: الأَلف في عَلْقاة
ليست للتأْنيث لمجيء هاء التأْنيث بعدها، وإِِنما هي للإِلحاق ببناء جعفر
وسلهب، فإِذا حذفوا الهاء من عَلْقاة قالوا عَلْقَى غير منون، لأَنها لو
كانت للإِلحاق لنونت كما تنون أَرْطًى، أَلا ترى أَن مَنْ أَلحق الهاء
في عَلْقاةٍ اعتقد فيها أَن الأَلف للإلحاق ولغير التأْنيث؟ فإِذا نزع
الهاء صار إِلى لغة من اعتقد أَن الأَلف للتأْنيث فلم ينوِّنها كما لم
ينونها، ووافقهم بعد نزعِهِ الهاءَ من عَلْقاة على ما يذهبون إِليه من أَن
أَلف عَلْقَى للتأْنيث.
وبعير عَالِقٌ: يرعى العَلْقَى. والعالِقُ أَيضاً: الذي يَعْلُقُ
العِضاه أَي ينتِف منها، سمي عالقاً لأَنه يَعْلُق العضاه لطولها.
وعَلَقَت الإِبلُ العِضاه تَعْلُق، بالضم، عَلْقاً إِذا تَسنَّمتها أَي رعتها
من أَعلاها وتناولتها بأَفواهها، وهي إِبل عَوالق.
ورجل ذو مَعْلَقَةٍ أَي مُغِيرٌ يَعْلَقُ بكل شيء أَصابه؛ قال:
أَخاف أَن يَعْلَقَها ذو مَعْلَقَهْ
وجاء بعُلَقَ
فُلَقَ أَي الداهية، وقد أَعْلَقَ وأَفْلَقَ. وعُلَقُ فُلَقُ: لا ينصرف؛
حكاه أَبو عبيد عن الكسائي. ويقال للرجل: أَعْلَقْتَ وأَفْلَقْتَ
أَي جئت بعُلَقَ
فُلَقَ، وهي الداهية، لا يجري مجرى عمر. ويقال: العُلَقُ الجمع الكثير.
والعَوْلَقُ: الغُول، وقيل: الكلبة الحريصة، قال: وكلبة عَوْلَقٌ حريصة؛
قال الطرماح:
عَوْلقُ الحِرْصِ إِذا أَمْشَرَتْ،
ساوَرَتْ فيه سُؤورَ المُسامِي
وقولهم: هذا حديث طويل العَوْلَقِ أَي طول الذَّنَب. وقال كراع: إِنه
لطول العَوْلَقِ أَي الذنب، فلم يَخصَّ به حديثاً ولا غيره.
والعَليقةُ: البعير أَو الناقة يوجهه الرجل مع القوم إِذا خرجوا
مُمْتارين ويدفع إِليهم دراهم يمتارون له عليها؛ قال الراجز:
أَرسلها عَلِيقةً، وقد عَلِمْ
أَن العليقَاتِ يُلاقِينَ الرَّقِمْ
يعني أَنهم يُودِعُون ركابهم ويركبونها ويزيدون في حملها. ويقال:
عَلَّقْتُ مع فلان عَلِيقةً، وأَرسلت معه عليقَةً، وقد عَلَّقها معه أَرسلها؛
وقال الراجز:
إِنَّا وَجَدْنا عُلَبَ العلائِقِ،
فيها شِفاءٌ للنُّعاسِ الطَّارِقِ
وقيل: يقال للدابة عَلوق. وقال ابن الأَعرابي: العَلِيقةُ والعَلاقةُ
البعير يضمه الرجل إِلى القوم يمتارون له معهم؛ قال الشاعر:
وقائلةٍ لا تَرْكَبَنَّ عَلِيقةً،
ومِنْ لذَّة الدنيا رُكوبُ العَلائِقِ
شمر: عَلاقةُ المَهْر ما يَتَعَلَّقون به على المتزوج؛ وقال في قول
امرئ القيس:
بِأََيّ عَلاقَتِنا تَرْغَبُو
نَ عَنْ دمِ عَمْروِ، على مَرْثَدِ؟
(* قوله: عن دم عمرو؛ هكذا في الأصل. وفي رواية أخرى: أَعَنْ، بادخال
همزة الإستفهام على عن).
قال: العَلاقةُ النَّيْل، وما تعلقوا به عليهم مثلَ عَلاقةِ المهر.
والعِلاقةُ: المِعْلاق الذي يُعَلَّقُ به الإِناء. والعِلاقةُ، بالكسر:
عِلاقةُ السيفِ والسوط، وعِلاقةُ السوط ما في مَقْبِضه من السير، وكذلك
عِلاقةُ القَدَحِ والمصحف والقوس وما أَشبه ذلك. وأَعْلَقَ
السوطَ والمصحف والسيف والقدح: جعل لها عِلاقةً، وعَلَّقهُ على الوَتدِ،
وعَلَّقَ
الشيءَ خلفه كما تُعَلَّق الحقِيبةُ وغيرها من وراء الرَّحل. وتَعَلَّقَ
به وتَعَلَّقَه، على حذف الوَسيط، سواء. ويقال: لفلان في هذه الدار
عَلاقةٌ أَي بقيةُ نصيبٍ، والدَّعْوى له عَلاقةٌ. وعَلِقَ الثوبُ
من الشجر عَلَقاً وعُلوقاً: بقي متعلقاً به. وفي حديث أَبي هريرة:
رُئِيَ وعليه إزار فيه عَلَقٌ وقد خيَّطه بالأُسْطُبَّةِ؛ العَلَقُ: الخرق،
وهو أَن يَمُرَّ بشجرة أَو شوكة فتَعْلَقَ بثوبه فتخرقه. والعَلْقُ: الجذبة
في الثوب وغيره، وهو منه. والعَلَقُ: كل ما عُلِّقَ. وقال اللحياني
(*
قوله «وقال اللحياني إلخ» عبارة شرح القاموس: والمعالق، بغير ياء، من
الدواب: هي العلوق؛ عن اللحياني): وهي العَلوق والمَعالِق بغير ياءٍ.
والمِعْلاقُ والمُعْلوق: ما عُلِّقَ من عنب ولحم وغيره، لا نظير له إِلا
مُغْْرود لضرب من الكمأَة، ومُغفُور ومُغْثور ومُغْبورٌ في مُغْثور
ومُزْمور لواحد مزامير داود، عليه السلام؛ عن كراع. ويقال للمِعْلاق مُعْلوق
وهو ما يُعَلَّق عليه الشيء. قال الليث: أَدخلوا على المُعلوقِ الضمة
والمدّة كأَنهم أَرادوا حدّ المُنْخُل والمُدْهُن، ثم أَدخلوا عليه المدة.
وكلُّ شيء عُلِّقَ به شيء، فهو مِعْلاقه. ومَعاليقُ العُقود والشُّنوف: ما
يجعل فيها من كل ما يحْسُن، وفي المحكم: ومَعالِيق العِقْدِ الشُّنُوفُ
يجعل فيها من كل ما يحسن فيه. والأَعالِيقُ
كالمَعالِيقِ، كلاهما: ما عُلِّقَ، ولا واحد للأَعالِيقِ. وكل شيء
عُلِّقَ منه شيء، فهو مِعْلاقه. ومِعْلاقُ
الباب: شء يُعَلَّقُ به ثم يُدْفع المِعْلاقُ فينفتح، وفرق ما بين
المِعْلاقِ والمِغْلاق أنَ المِغْلاق يفتح بالمِفْتاح، والمِعْلاق
يُعْلَّقُبه البابُ ثم يُدْفع المِعْلاق من غير مفتاح فينفتح، وقد عَلَّق الباب
وأَعلَقه. ويقال: عَلِّق الباب وأَزْلِجْهُ. وتَعْلِيق البابِ أَيضاً:
نَصْبه وترْكِيبُه، وعَلِّق يدَه وأَعْلَقها؛ قال:
وكنتُ إِذا جاوَرْتُ، أَعْلَقْتُ في الذُّرى
يَدَيَّ، فلم يُوجَدْ لِجَنْبَيَّ مَصْرَعُ
والمِعْلَقة: بعض أَداة الراعي؛ عن اللحياني.
والعُلَّيْقُ: نبات معروف يتعلَّق بالشجر ويَلْتَوي عليه. وقال أَبو
حنيفة: العُلَّيق شجر من شجر الشوك لا يعظم، وإِذا نَشِب فيه شيء لم يكد
يتخلَّص من كثرة شوكه، وشَوكُه حُجَز شداد، قال: ولذلك سمِّي عُلَّيْقاً،
قال: وزعموا أَنها الشجرة التي آنَسَ موسى، على نبينا وعليه الصلاة
والسلام، فيها النارَ، وأَكثر منابتها الغِياضُ والأَشَبُ. وعَلِقَ به عَلَقاً
وعُلوقاً: تعلق.
والعَلوق: ما يعلق بالإنسان؛ والمنيّةُ عَلوق وعَلاَّقة. قال ابن سيده:
والعَلوق المنيَّة، صفة غالبة؛ قال المفضل البكري:
وسائلة بثَعْلبةَ بنِ سَيْرٍ،
وقد عَلِقَتْ بثعلبةَ العَلوقُ
يريد ثعلبة بن سَيَّار فغيره للضرورة. والعُلُق: الدواهي. والعُلُق:
المَنايا. والعُلُق: الأَشغال أَيضاً. وما بينهما عَلاقةٌ أَي شيءٌ
يتَعَلَّقُ به أَحدُهما على الآخر. ولي في الأَمر عَلوق ومُتعلَّق أَي مُفْتَرض؛
فأَما قوله:
عَيْنُ بَكِّي لِسامةَ بن لُؤَيٍّ،
عَلِقَتْ مِلْ أُسامةَ العَلاَّقَهْ
(* قوله «مل أُسامة»
هكذا هو بالأصل مضبوطاً، وقد ذكره في مادة فوق بلفظ ساق سامة مع ذكر
قصته).
فإِنه عنى الحية لتَعَلّقها لأََنها عَلِقَتْ زِمام ناقته فلدغعته،
وقيل: العَلاَّقة، بالتشديد المنية وهي العَلوق أَيضاً. ويقال: لفلان في هذا
الأَمر عَلاقة أَي دعوى ومُتعَلَّق؛ قال الفرزدق:
حَمَّلْتُ من جَرْمٍ مَثاقيلَ حاجَتي،
كَريمَ المُحَيَّا مُشْنِقاً بالعَلائِقِ
أَي مستقلاً بما يُعَلَّقُ به من الدِّيات. والعَلَق: الذي تُعَلَّق به
البَكَرةُ من القامة؛ قال رؤبة:
قَعْقَعةَ المِحْوَر خُطَّافَ العَلَقْ
يقال: أَعرني عَلَقَك، أَي أَدة بَكَرتك، وقيل: العَلَقُ البَكَرة،
والجمع أَعْلاق؛ قال:
عُيونُها خُرْزٌ لصوتِ الأَعْلاقْ
وقيل: العَلَقُ القامةُ، والجمع كالجمع، وقيل: العَلَق أَداة البَكَرة،
وقيل: هو البَكَرةُ
وأَداتها، يعني الخُطَّاف والرِّشاءَ والدلو، وهي العَلَقةُ. والعَلَق:
الحبل المُعَلَّق بالبَكَرة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
كلاَّ زَعَمْت أَنَّني مَكْفِيُّ،
وفَوْق رأْسي عَلَقٌ مَلْوِيُّ
وقيل: العَلَقُ الحبل الذي في أَعلى البكَرة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي
أَيضاً:
بِئْسَ مَقامُ الشيخ بالكرامهْ،
مَحالةٌ صَرَّارةٌ وقامَهُ،
وعَلَقٌ يَزْقُو زُقاءَ الهامَهْ
قال: لما كانت القامةُ مُعَلَّقة في الحبل جعل الزُّقاء له وإِنما
الزُّقاء للبَكرة، وقال اللحياني: العَلَق الرِّشاءُ والغَرْب والمِحْور
والبَكرة؛ قال: يقولون أَعيرونا العَلَق فيُعارون ذلك كله، قال الأَصمعي:
العَلَق اسم جامع لجميع آلات الاسْتِقاء بالبكرة، ويدخل فيها الخشبتان اللتان
تنصبان على رأْس البئر ويُلاقي بين طرفيهما العاليين بحبل، ثم يُوتَدانِ
على الأَرض بحبل آخر يُمدّ طرفاه للأَرض، ويُمَدَّان في وَتِدَينِ
أُثْبتا في الأَرض، وتُعَلَّق القامةُ وهي البَكَرة في أَعلى الخشبتين
ويُسْتَقى عليها بدلوين يَنْزِع بهما ساقيان، ولا يكون العَلَقُ
إِلا السَّانَيَة، وجملة الأَداة مِنَ الخُطَّافِ والمِحْوَرِ
والبَكَرةِ والنَّعامَتَيْنِ وحبالها؛ كذلك حفظته عن العرب. وعَلَقُ
القربة: سير تُعَلَّقْ به، وقيل: عَلَقُها ما بقي فيها من الدهن الذي تدهن
به. ويقال: كَلِفْتُ إِليك عَلَقَ
القربة، لغة في عَرَق القربة، فأَما عَلَقُ
القربة فالذي تشد به ثم تُعَلَّق، وأَما عَرَقُها فأَن تَعْرَق من
جهدها، وقد تقدم، وإِنما قال كَلِقْتُ إِليك عَلَق القربة لأَن أَشد العمل
عندهم السقي. وفي الحديث: خَطَبَنَا عمر،رضي الله عنه، فقال: أَيها الناس،
أَلا لا تُغَالوا بصَداق النساءِ، فإِنه لو كان مَكْرُمَةً في الدنيا
وتقوى عند الله كان أَوْلاكُم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أَصْدَقَ
امرأَةً من نسائه ولا أُصْدِقَت امرأَةٌ من بناته أَكثر من ثنتي عشرة
أُوقيّةً، وإِن الرجل ليُغَالي بصَداق امرأَته حتى يكون ذلك لها في قلبه عداوةً
حتى يقول قد كَلِفْتُ عَلَقَ القربةِ، وفي النهاية يقول: حتى جَشِمْتُ
إِليكِ عَلَقَ القربةِ؛ قال أَبو عبيدة: عَلَقُها عِصَامُها الذي
تُعَلَّقُ به، فيقول: تَكَلَّفْت لكِ
كل شيء حتى عِصَامَ القربة. والمُعَلَّقة من النساء: التي فُقِد
زَوجُها، قال تعالى: فَتَذَرُوَها كالمُعَلَّقِة، وفي التهذيب: وقال تعالى في
المرأَة التي لا يُنْصِفُها زوجها ولم يُخَلِّ سبيلَها: فَتَذَرُوها
كالمُعَلّقة، فهي لا أَيِّم ولا ذات بَعْل. وفي حديث أُم زرع: إِن أَنْطق
أُطَلَّقْ، وإِن أَسكت أُعَلَّقْ أَي يتركْني كالمعَلَّقة لا مُمْسَكةً ولا
مطلقةً.
والعَلِيقُ: القَضِييمُ يُعَلَّق على الدابة، وعَلّقها: عَلَّق عليها.
والعَليقُ: الشراب على المثل. قال الأَزهري: ويقال للشراب عَلِيق؛ وأَنشد
لبعض الشعراء وأَظن أَنه لبيد وإِنشاده مصنوع:
اسْقِ هذا وذَا وذاكَ وعَلِّقْ،
لا تُسَمِّ الشَّرابَ إِلا عَلِيقَا
والعَلاقة: بالفتح: عَلاقة الخصومة. وعَلِقَ به عَلَقاً: خاصمه. يقال:
لفلان في أَرض بني فلان عَلاقةٌ أَي خصومة. ورجل مِعلاقٌ وذو مِعْلاق:
خصيم شديد الخصومة يتعلَّق بالحجج ويستَدْركها؛ ولهذا قيل في الخصيم
الجَدِل:لا يُرْسِلُ الساقَ إِلا مُمْسِكاً ساقَا
أَي لا يَدَع حُجة إِلا وقد أَعَدّ أُخرى يتعلَّق بها. والمِعْلاق:
اللسان البليغ؛ قال مِهَلْهِلٌ:
إِن تحتَ الأَحْجارِ حَزْماً وجُوداً،
وخَصِيماً أَلَدَّ ذا مِعْلاقِ
ومعْلاق الرجل: لسانه إِذا كان جَدِلاً.
والعَلاقَى، مقصور: الأَلقاب، واحدتها عَلاقِيَة وهي أَيضاً العَلائِقُ،
واحدَتها عِلاقةٌ، لأَنها تُعَلَّقُ على الناس.
والعَلَقُ: الدم، ما كان وقيل: هو الدم الجامد الغليظ، وقيل: الجامد قبل
أَن ييبس، وقيل: هو ما اشتدت حمرته، والقطعة منه عَلَقة. وفي حديث
سَرِيَّةِ بني سُلَيْمٍ: فإِذا الطير ترميهم بالعَلَقِ أَي بقطع الدم، الواحدة
عَلَقةٌ. وفي حديث ابن أَبي أَوْفَى: أَنه بَزَقَ عَلَقَةٌ ثم مضى في
صلاته أَي قطعة دمٍ منعقد. وفي التنزيل: ثم خلقنا النُّطْفَة عَلَقةً؛ ومنه
قيل لهذه الدابة التي تكون في الماء عَلَقةٌ لأَنها حمراء كالدم، وكل دم
غليظ عَلَقٌ، والعَلَقُ: دود أَسود في الماء معروف، الواحدة عَلَقةٌ.
وعَلِق الدابةُ عَلَقاً: تعلَّقَتْ به العَلَقَة. وقال الجوهري: عَلِقَت
الدابةُ إِذا شربت الماءَ فعَلِقَت بها العَلَقة. وعَلِقَتْ به عَلَقاً:
لزمته. ويقال: عَلِقَ العَلَقُ بحَنَك الدابة عَلَقاً إِذا عَضّ على موضع
العُذّرة من حلقه يشرب الدم، وقد يُشْرَطُ موضعُ المَحَاجم من الإنسان
ويُرْسل عليه العَلَقُ حتى يمص دمه. والعَلَقَةُ: دودة في الماء تمصُّ الدم،
والجمع عَلَق. والإعْلاقُ: إِرسال العَلَق على الموضع ليمص الدم. وفي
الحديث: اللدُود أَحب إِليّ من الإعْلاقِ. وفي حديث عامر: خيرُ الدواءِ
العَلَقُ والحجامة؛ العَلَق: دُوَيْدةٌ حمراء تكون في الماء تَعْلَقُ
بالبدن وتمص الدم، وهي من أَدوية الحلق والأَورام الدَّمَوِيّة
لامتصاصها الدم الغالب على الإِنسان. والمعلوق من الدواب والناس: الذي أَخَذ
العَلَقُ بحلقه عند الشرب.
والعَلوقُ: التي لا تحب زوجها، ومن النوق التي لا تأْلف الفحل ولا
تَرْأَمُ الولد، وكلاهما على الفأْل، وقيل: هي التي تَرْأَمُ بأَنفها ولا
تَدِرُّ، وفي المثل: عامَلَنا مُعاملةَ العَلُوقِ تَرْأَمُ فتَشُمّ؛
قال: وبُدِّلْتُ من أُمٍّ عليَّ شَفِيقةٍ
عَلوقاً، وشَرُّ الأُمهاتِ عَلُوقُها
وقيل: العَلوق التي عُطِفت على ولد غيرها فلم تَدِرَّ عليه؛ وقال
اللحياني: هي التي تَرْأَمُ بأَنفها وتمنع دِرَّتها؛ قال أُفْنُون
التغلبي:أَمْ كيف يَنْفَعُ ما تأْتي العَلوقُ بِهِ
رئْمانُ أَنْفٍ، إِذا ما ضُنَّ باللَّبَنِ
وأَنشد ابن السكيت للنابغة الجعدي:
وما نَحَني كمِنَاح العَلُو
قِ، ما تَرَ من غِرّةٍ تَضْرِبِ
قال ابن بري: هذا البيت أَورده الجوهري تضربُ، برفع الباء، وصوابه
بالخفض لأَنه جواب الشرط؛ وقبله:
وكان الخليلُ، إِذا رَابَني
فعاتَبْتُه، ثم لم يُعْتِبِ
يقول: أَعطاني من نفسه غير ما في قلبه كالناقة التي تُظْهر بشمِّها
الرأْم والعطف ولم تَرْأَمه. والمَعَالق من الإِبل: كالعَلُوق. ويقال: عَلَّق
فلان راحلته إِذا فسخ خِطَامها عن خَطْمِها وأَلقاه عن غاربها
ليَهْنِئَها.
والعِلْق: المال الكريم. يقال: عِلْقُ
خير، وقد قالوا عِلْق شرٍّ، والجمع أَعْلاق. ويقال: فلان عِلْقُ علمٍ
وتِبْعُ
علمٍ وطلْب علمٍ. ويقال: هذا الشيءُ عِلْقُ مَضِنَّةٍ أَي يُضَنُّ به،
وجمعه أَعْلاق. ويقال: عِرْق مَضِنَّةٍ، بالراء، وقد تقدم. وقال اللحياني:
العِلْقُ الثوب الكريم أَو التُّرْس أَو السيف، قال: وكذا الشيءُ الواحد
الكريم من غير الروحانيين، ويقال له العَلوق. والعِلْق، بالكسر: النفيس
من كل شيءٍ. وفي حديث حذيفة: فما بال هؤلاء الذين يسرقون أَعْلاقَنا أَي
نفائس أَموالنا، الواحد عِلْق، بالكسر،سمي به لتَعَلُّقِ
القلب به. والعِلْقُ
أَيضاً: الخمر لنفاستها، وقيل: هي القديمة منها؛ قال:
إِذا ذُقْت فاهَا قُلت: عِلْقٌ مُدَمَّسٌ
أُرِيدَ به قَيْلٌ، فَغُودِرَ في سَابِ
أَراد سأْباً فخفف وأَبدل، وهو الزِّقّ
أَو الدَّنّ. والعَلَق في الثوب: ما عَلِق به. وأَصاب ثوبي عَلْقٌ،
بالفتح، وهو ما عَلِِقَهُ فجذبه. والعِلْقُ والعِلْقةُ: الثوب النفيس يكون
للرجل. والعِلْقةُ: قميص بلا كمين، وقيل: هو ثوب صغير يتخذ للصبي، وقيل:
هو أَول ثوب يلبسه المولود؛ قال:
وما هي إِلاَّ في إِزارٍ وعِلْقةٍ،
مَغَارَ ابنِ اهَمّامٍ على حَيّ خَثْعَما
ويقال: ما عليه عِلْقة، إِذا لم يكن عليه ثياب لها قيمة، ويقال:
العِلْقة للصُّدْرة تلبسها الجارية تبتذل بها؛ قال امرؤ القيس:
بأَيِّ عَلاقَتِنا تَرْغَبُو
ن عن دمِ عَمْروٍ على مَرْثَدِ؟
(* راجع الملاحظة المثبتة سابقاً في هذه المادة).
وقد تقدم الاستشهاد به في المهر؛ قال أَبو نصر: أَراد أَيَّ عَلاقتنا ثم
أَقحم الباء، والعَلاقة: التباعد؛ فأَراد أَيَّ ذلك تكرهون، أَتأْبون دم
عمرو على مرثد ولا ترضون به؟ قال: والعَلاقةُ ما كان من متاع أَو مال
أَو عِلْقةٌ أَيضاً، وعِلْق للنفيس من المال، وقيل: كان مرثد قتل عمراً
فدفعوا مرثداً ليُقْتل به فلم يرضوا، وأَرادوا أَكثر من رجل برجل، فقال:
بأَيِّ ضعف وعجز رأَيتم منا إِذ طمعتم في أ َكثر من دم بدم؟
والعُلْقة: نبات لا يَلْبَثُ. والعُلْقةُ: شجر يبقى في الشتاء
تَتَبَلَّغُ به الإِبل حتى تُدْرك الربيع. وعَلَقَت الإِبل تَعْلُق عَلْقاً،
وتَعَلَّقت: أَكلت من عُلْقةِ الشجر. والعَلَقُ: ما تتبلغ به الماشية من
الشجر، وكذلك العُلْقةُ، بالضم. وقال اللحياني: العَلائِقُ البضائع. وعَلِقَ
فلانٌ يفعل كذا، ظَلَّ، كقولك طَفِقَ يفعل كذا؛ فال الراجز:
عَلِقَ حَوْضي نُغَر مُكِبُّ،
إِذا غَفَلْتُ غَفْلةً يَعُبُّ
أَي طَفِقَ يرِدهُ، ويقال: أَحبه واعتاده. وفي الحديث: فَعَلِقُوا وجهه
ضرباً أَي طفقوا وجعلوا يضربونه. والإِعْلاقُ: رفع اللَّهاةِ. وفي
الحديث: أَن امرأَة جاءت بابن لها إِلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد
أَعْلَقَتْ عنه من العُذْرةِ
فقال: عَلامَ تَدْغَرْنَ أَولادكن بهذه العُلُق؟ عليكم بكذا، وفي حديث:
بهذا الإِعْلاق، وفي حديث أُم قيس: دخلت على النبي، صلى الله عليه وسلم،
بابنٍ لي وقد أَعلقتُ
عليه؛ الإِعْلاقُ: معالجة عُذْرةِ الصبي، وهو وجع في حلقه وورم تدفعه
أُمه بأُصبعها هي أَو غيرها. يقال: أَعْلَقَتْ
عليه أُمُّه إِذا فعلت ذلك وغَمَزت ذلك الموضع بأُصبعها ودفعته. أَبو
العباس: أَعْلَقَ إِذا غَمَزَ حلق الصبي المَعْذور وكذلك دَغَر، وحقيقة
أَعْلقتُ
عنه أَزلتُ العَلُوقَ وهي الداهية. قال الخطابي: المحدثون يقولون
أَعْلَقَت عليه وإِنما هو أَعْلَقَتْ عنه أَي دفَعت عنه، ومعنى
أَعْلَقَتْعليه أَوْرَدَتْ عليه العَلُوقَ أَي ما عذبته به من دَغْرها؛ ومنه
قولهم: أَعْلَقْتُ عَليَّ إِذا أَدخلت يدي في حلقي أَتَقَيَّأُ، وجاءَ في بعض
الروايات العِلاق، وإِما المعروف الإِعْلاق، وهو مصدر أَعْلَقَتُ، فإِن
كان العِلاقُ
الاسمَ فيَجُوز، وأَما العُلُق فجمع عَلُوق، والإعْلاق: الدَّغْر.
والمِعْلَقُ: العُلْبة إِذا كانت صغيرة، ثم الجَنْبة أَكبر منها تعمل من
جَنْب الناقة، ثم الحَوْأَبة أَكبرهن. والمِعْلَقُ: قدح يعلقه الراكب
معه، وجمعه مَعَالق. والمَعَالقُ: العِلاب الصغار، واحدها مِعْلَق؛ قال
الفرزدق:
وإِنا لنُمْضي بالأَكُفِّ رِماحَنا،
إِذا أُرْعِشَتْ أَيديكُم بالمَعَالِقِ
والمِعْلَقة: متاع الراعي؛ عن اللحياني، أَو قال: بعض متاع الراعي.
وعَلَقَه بلسانه: لَحاهُ كَسَلَقَةُ؛ عن اللحياني. ويقال سَلَقَه بلسانه
وعَلَقَه إِذا تناوله؛ وهو معنى قول الأَعشى:
نهارُ شَرَاحِيلَ بن قَيْسَ يَرِيبنُي،
ولَيْل أَبي عيس أَمَرُّ وأَعَلق
ومَعَاليق: ضرب من النخل معروف؛ قال يذكر نخلاً:
لئِنْ نجَوْتُ ونجَتْ مَعَالِيقْ
من الدَّبَى، إِني إِذاً لَمَرْزُوقْ
والعُلاَّقُ: شجر أَو نبت. وبنو عَلْقَةَ: رهط الصِّمَّةِ، ومنهم
العَلَقاتُ، جمعوه على حد الهُبَيْراتِ. وعَلَقَةُ: اسم. وذو عَلاقٍ: جبل. وذو
عَلَقٍ: اسم جبل؛ عن أَبي عبيدة؛ وأَنشد ابن أَحمر:
ما أُمُّ غُفْرٍ على دَعْجاء ذي عَلَقٍ،
يَنْفِي القَراميدَ عنها الأَعْصَمُ الوَقُِلُ
وفي حديث حليمة: ركبت أَتاناً لي فخرجت أَمام الرَّكْبِ حتى ما يَعْلَقُ
بها أَحد منهم أَي ما يتصل بها ويلحقها. وفي حديث ابن مسعود: إنَّ
امرَأً بمكة كان يسلم تسليمتين فقال: أَنَّى عَلِقَها فإِن رسول الله، صلى
عليه وسلم، كان يفعلها؟ أَي من أَين تعلَّمها وممن أَخذها؟ وفي حديث
المِقْدام: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إِن الرجل من أَهل الكتاب يتزوج
المرأَة وما يَعْلَقُ على يديها الخير وما يرغب واحد عن صاحبه حتى يموتا
هَرَماً؛ قال الحربي: يقول من صغرها وقلَّةِ رِفْقها فيصبر عليها حتى
يموتا هَرَماً، والمراد حثُّ أصحابه على الوصية بالنساء والصبر عليهن أَي
أَن أَهل الكتاب يفعلون ذلك بنسائهم. وعَلِقَت المرأَة أَي حَبِلَتْ.
وعَلِقَ الظَّبْيُ في الحبالة. والعُلَّيْقُ، مثال القُبَّيْط: نبت يتعلق
بالشجر يقال له بالفارسية «سَبرَنْد »
(* قوله «سبرند» كذا بالأصل، والذي في
الصحاح: سرند مضبوطاً كفرند). وربما قالوا العُلَّيْقَى مثال
القُبَّيْطَى. وفي التهذيب في هذه الترجمة: روي عن عليّ، رضي الله عنه، أَنه قال:
لنا حق إِن نُعْطَهُ نأْخُذْه، وإِن لم نُعْطَهُ نركبْ أَعجاز الإِبل؛ قال
الأَزهري: معنى قوله نركب أَعجاز الإِبل أَي نرضى من المركب
بالتَّعْلِيق، لأَنه إِذا مُنِعَ التَّمَكُّن من الظهر رضي بعَجُزِ
البعير، وهو التَّعْليق، والأَولى بهذا أَن يذكر في ترجمة عجز، وقد
تقدم.
ورد: وَرْدُ كلّ شجرة: نَوْرُها، وقد غلبت على نوع الحَوْجَم. قال أَبو
حنيفة: الوَرْدُ نَوْرُ كل شجرة وزَهْرُ كل نَبْتَة، واحدته وَرْدة؛ قال:
والورد ببلاد العرب كثير، رِيفِيَّةً وبَرِّيةً وجَبَليّةً.
ووَرَّدَ الشجرُ: نوّر. وَوَرَّدت الشجرة إذا خرج نَوْرُها. الجوهري:
الوَرد، بالفتح، الذي يُشمّ، الواحدة وردة، وبلونه قيل للأَسد وَرْدٌ،
وللفرس ورْد، وهو بين الكُمَيْت والأَشْقَر. ابن سيده: الوَرْد لون أَحمر
يَضْرِبُ الى صُفرة حَسَنة في كل شيء؛ فَرَس وَرْدٌ، والجمع وُرْد ووِرادٌ
والأُنثى ورْدة. وقد وَرُد الفرسُ يَوْرُدُ وُرُودةً أَي صار وَرْداً. وفي
المحكم: وقد وَرُدَ وُرْدةً واوْرادّ؛ قال الأَزهري: ويقال إِيرادَّ
يَوْرادُّ على قياس ادْهامَّ واكْماتَّ، وأَصله إِوْرادَّ صارت الواو ياء
لكسرة ما قبلها. وقال الزجاج في قوله تعالى: فكانت وَرْدةً كالدِّهان؛ أَي
صارت كلون الوَرْد؛ وقيل: فكانت وَرْدة كلونِ فرسٍ وَرْدةٍ؛ والورد يتلون
فيكون في الشتاء خلاف لونه في الصيف، وأَراد أَنها تتلون من الفزع
الأَكبر كما تتلون الدهان المختلفة. واللون وُرْدةٌ، مثل غُبْسة وشُقْرة؛
وقوله:
تَنازَعَها لَوْنانِ: وَرْدٌ وجُؤوةٌ،
تَرَى لأَياءِ الشَّمْسِ فيها تَحَدُّرا
إِنما أَراد وُرْدةً وجُؤوةً أَو وَرْداً وجَأًى. قال ابن سيده: وإِنما
قلنا ذلك لأَن ورداً صفة وجؤوة مصدر، والحكم أَن تقابل الصفة بالصفة
والمصدر بالمصدر.
ووَرَّدَ الثوبَ: جعله وَرْداً. ويقال: وَرَّدَتِ المرأَةُ خدَّها إِذا
عالجته بصبغ القطنة المصبوغة. وعَشِيّةٌ وَرْدةٌ إِذا احمَرَّ أُفُقها
عند غُروب الشمس، وكذلك عند طُلوع الشمس، وذلك علامة الجَدْب. وقميص
مُوَرَّد: صُبِغَ على لون الورد، وهو دون المضَرَّجِ. والوِرْدُ: من أَسماءِ
الحُمَّى، وقيل: هو يَوْمُها. الأَصمعي: الوِرْدُ يوم الحُمَّى إِذا أَخذت
صاحبها لوقت، وقد وَرَدَتْه الحُمَّى، فهو مَوْرُودٌ؛ قال أَعرابي لآخر:
ما أَمارُ إِفْراقِ المَوْرُودِ
(* قوله «إفراق المورود» في الصحاح قال
الأَصمعي: أفرق المريض من مرضه والمحموم من حماه أي أَقبل. وحكى قول
الأعرابي هذا ثم قال: يقول ما علامة برء المحموم؟ فقال العرق.) فقال:
الرُّحضاءُ. وقد وُرِدَ على صيغة ما لم يُسَمّ فاعله. ويقال: أَكْلُ الرُّطَبه
مَوْرِدةٌ أَي مَحَمَّةٌ؛ عن ثعلب.
والوِرْدُ وُوردُ القوم: الماء. والوِرْدُ: الماء الذي يُورَدُ.
والوِرْدُ: الابل الوارِدة؛ قال رؤبة:
لو دَقَّ وِرْدي حَوْضَه لم يَنْدَهِ
وقال الآخر:
يا عَمْرُو عَمْرَ الماء وِرْدٌ يَدْهَمُهْ
وأَنشد قول جرير في الماء:
لا وِرْدَ للقَوْمِ، إِن لم يَعْرِفُوا بَرَدى،
إِذا تكَشَّفَ عن أَعْناقِها السَّدَفُ
بَرَدى: نهر دِمَشْقَ، حرسها الله تعالى. والوِرْدُ: العَطَشُ.
والمَوارِدُ: المَناهِلُ، واحِدُها مَوْرِدٌ. وَوَرَدَ مَوْرِداً أَي
وُرُوداً. والمَوْرِدةُ: الطريق إِلى الماء. والوِرْدُ: وقتُ يومِ الوِرْدِ
بين الظِّمْأَيْنِ، والمَصْدَرُ الوُرُودُ. والوِرْدُ: اسم من وِرْدِ
يومِ الوِرْدِ. وما وَرَدَ من جماعة الطير والإِبل وما كان، فهو وِرْدٌ.
تقول: وَرَدَتِ الإِبل والطير هذا الماءَ وِرْداً، وَوَرَدَتْهُ أَوْراداً؛
وأَنشد:
فأَوْراد القَطا سَهْلَ البِطاحِ
وإِنما سُمِّيَ النصيبُ من قراءَة القرآن وِرْداً من هذا. ابن سيده:
ووَرَدَ الماءَ وغيره وَرْداً ووُرُوداً وَوَرَدَ عليه: أَشرَفَ عليه، دخله
أَو لم يدخله؛ قال زهير:
فَلَمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقاً جِمامُه،
وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيّمِ
معناه لما بلغن الماء أَقَمْنَ عليه. ورجل وارِدٌ من قوم وُرّادٌ،
وورَّادٌ من قومٍ وَرّادين، وكل من أَتى مكاناً منهلاً أَو غيره، فقد وَرَدَه.
وقوله تعالى: وإِنْ منكم إِلاَّ واردُها؛ فسره ثعلب فقال: يردونها مع
الكفار فيدخلها الكفار ولا يَدْخلُها المسلمون؛ والدليل على ذلك قول الله
عز وجل: إِنَّ الذين سَبَقَتْ لهم منا الحُسْنى أُولئك عنها مُبْعَدون؛
وقال الزجاج: هذه آية كثر اختلاف المفسرين فيها، وحكى كثير من الناس أَن
الخلق جميعاً يردون النار فينجو المتقي ويُتْرَك الظالم، وكلهم يدخلها.
والوِرْد: خلاف الصَدَر. وقال بعضهم: قد علمنا الوُرُودَ ولم نعلم
الصُّدور، ودليل مَن قال هذا قوله تعالى: ثم نُنَجِّي الذين اتَّقَوْا ونَذَرُ
الظالمين فيها جُثِيّاً. وقال قوم: الخلق يَرِدُونها فتكون على المؤمن
بَرْداً وسلاماً؛ وقال ابن مسعود والحسن وقتادة: إِنّ وُروُدَها ليس
دُخولها وحجتهم في ذلك قوية جدّاً لأَن العرب تقول ورَدْنا ماء كذا ولم
يَدْخُلوه. قال الله عز وجل: ولمَّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ. ويقال إِذا بَلَغْتَ
إِلى البلد ولم تَدْخله: قد وَرَدْتَ بلد كذا وكذا. قال أَبو إِسحق:
والحجة قاطعة عندي في هذا ما قال الله تعالى: إِنَّ الذين سبقت لهم منا
الحسنى أُولئك عنها مبعدون لا يَسْمَعون حَسيسَها؛ قال: فهذا، والله أَعلم،
دليل أَن أَهل الحسنى لا يدخلون النار. وفي اللغة: ورد بلد كذا وماء كذا
إِذا أَشرف عليه، دخله أَو لم يدخله، قال: فالوُرودُ، بالإِجماع، ليس
بدخول.الجوهري: ورَدَ فلان وُروُداً حَضَر، وأَورده غيره واسْتَوْرَده أَي
أَحْضَره. ابن سيده: توَرَّدَه واسْتَوْرَدَه كَوَرَّده كما قالوا: علا
قِرْنَه واسْتَعْلاه. ووارَدَه: ورد معَهَ؛ وأَنشد:
ومُتَّ مِنِّي هَلَلاً، إِنَّما
مَوْتُكَ، لو وارَدْتُ، وُرَّادِيَهْ
والوارِدةُ: وُرّادُ الماءِ. والوِرْدُ: الوارِدة. وفي التنزيل العزيز:
ونسوق المجرمين إِلى جهنم وِرْداً؛ وقال الزجاج: أَي مُشاةً عِطاشاً،
والجمع أَوْرادٌ. والوِرْدُ: الوُرّادُ وهم الذين يَرِدُون الماء؛ قال يصف
قليباً:
صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحَا قَلِبياً سُكّا،
يَطْمُو إِذا الوِرْدُ عليه الْتَكّا
وكذكل الإِبل:
وصُبِّحَ الماءُ بِوِرْدٍ عَكْنان
والوِرْدُ: النصيبُ من الماء. وأَوْرَدَه الماءَ: جَعَله يَرِدُه.
والموْرِدةُ: مَأْتاهُ الماءِ، وقيل: الجادّةُ؛ قال طرفة:
كأَنَّ عُلوبَ النِّسْعِ، في دَأَياتِها،
مَوارِدُ من خَقاءَ في ظَهْرِ قَرْدَدِ
ويقال: ما لك توَرَّدُني أَي تقدَّم عليّ؛ وقال في قول طرفة:
كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَه المُتَوَرِّدِ
هو المتقدِّم على قِرْنِه الذي لا يدفعه شيء. وفي الحديث: اتَّقُوا
البَرازَ في المَوارِدِ أَي المجارِي والطُّرُق إِلى الماء، واحدها مَوْرِدٌ،
وهو مَفْعِلٌ من الوُرُودِ. يقال: ورَدْتُ الماءَ أَرِدُه وُرُوداً إذا
حضرته لتشرب. والوِرد: الماء الذي ترد عليه. وفي حديث أَبي بكر: أَخذ
بلسانه وقال: هذا الذي أَورَدَني المَوارِدَ؛ أَراد الموارد المُهْلِكةَ،
واحدها مَوْرِدة؛ وقول أَبي ذؤيب يصف القبر:
يَقُولونَ لمَّا جُشَّتِ البِئْرُ: أَوْرِدُوا
وليسَ بها أَدْنَى ذِفافٍ لِوارِدِ
استعار الإِيرادٍ لإِتْيان القبر؛ يقول: ليس فيها ماء، وكلُّ ما
أَتَيْتَه فقد وَرَدْتَه؛ وقوله:
كأَنَّه بِذِي القِفافِ سِيدُ،
وبالرِّشاءِ مُسْبِلٌ وَرُودُ
وَرُود هنا يريد أَن يخرج إِذا ضُرِب به. وأَوْرَدَ عليه الخَبر: قصَّه.
والوِرْدُ: القطيعُ من الطَّيْرِ. والوِرْدُ: الجَيْشُ على التشبيه به؛
قال رؤبة:
كم دَقَّ مِن أَعتاقِ وِرْدٍ مكْمَهِ
وقول جرير أَنشده ابن حبيب:
سَأَحْمَدُ يَرْبُوعاً، على أَنَّ وِرْدَها،
إِذا ذِيدَ لم يُحْبَسْ، وإِن ذادَ حُكِّما
قال: الوِرْدُ ههنا الجيش، شبهه بالوِرْدِ من الإِبل بعينها. والوِرْدُ:
الإِبل بعينها.
والوِرْدُ: النصيب من القرآن؛ يقول: قرأْتُ وِرْدِي. وفي الحديث أَن
الحسن وابن سيرين كانا يقرآنِ القرآنَ من أَوَّله إِلى آخره ويَكْرهانِ
الأَورادَ؛ الأَورادُ جمع وِرْدٍ، بالكسر، وهو الجزء، يقال: قرأْت وِرْدِي.
قال أَبو عبيد: تأْويل الأَوراد أَنهم كانوا أَحْدثوا أَنْ جعلوا القرآن
أَجزاء، كل جزء منها فيه سُوَر مختلفة من القرآن على غير التأْليف، جعلوا
السورة الطويلة مع أُخرى دونها في الطول ثم يَزيدُون كذلك، حتى
يُعَدِّلوا بين الأَجزاءِ ويُتِمُّوا الجزء، ولا يكون فيه سُورة منقطعة ولكن تكون
كلها سُوَراً تامة، وكانوا يسمونها الأَوراد. ويقال: لفلان كلَّ ليلةٍ
وِرْد من القرآن يقرؤه أَي مقدارٌ معلوم إِما سُبْعٌ أَو نصف السبع أَو ما
أَشبه ذلك. يقال: قرأَ وِرْده وحِزْبه بمعنى واحد. والوِرْد: الجزء من
الليل يكون على الرجل يصليه.
وأَرْنَبَةٌ واردةٌ إِذا كانت مقبلة على السبَلة. وفلان وارد الأَرنبة
إِذا كان طويل الأَنف. وكل طويل: وارد.
وتَوَرَّدَتِ الخيل البلدة إِذا دخلتها قليلاً قليلاً قطعة قطعة.
وشَعَر وارد: مسترسل طويل؛ قال طرفة:
وعلى المَتْنَيْنِ منها وارِدٌ،
حَسَنُ النَّبْتِ أَثِيثٌ مُسْبَكِرْ
وكذلك الشَّفَةُ واللثةُ. والأَصل في ذلك أَن الأَنف إِذا طال يصل إِلى
الماء إِذا شرب بفيه لطوله، والشعر من المرأَة يَرِدُ كَفَلَها. وشجرة
واردةُ الأَغصان إِذا تدلت أَغصانُها؛ وقال الراعي يصف نخلاً أَو كرماً:
يُلْقَى نَواطِيرُه، في كل مَرْقَبَةٍ،
يَرْمُونَ عن وارِدِ الأَفنانِ مُنْهَصِر
(* قوله «يلقى» في الأساس تلقى).
أَي يرمون الطير عنه. وقوله تعالى: فأَرْسَلوا وارِدَهم أَي سابِقَهم.
وقوله تعالى: ونحن أَقرب إِليه من حبل الوريد؛ قال أَهل اللغة:
الوَرِيدُ عِرْق تحت اللسان، وهو في العَضُد فَلِيقٌ، وفي الذراع الأَكْحَل، وهما
فيما تفرق من ظهر الكَفِّ الأَشاجِعُ، وفي بطن الذراع الرَّواهِشُ؛
ويقال: إِنها أَربعة عروق في الرأْس، فمنها اثنان يَنْحَدِران قُدّامَ
الأُذنين، ومنها الوَرِيدان في العُنق. وقال أَبو الهيثم: الورِيدان تحت
الوَدَجَيْنِ، والوَدَجانِ عِرْقانِ غليظان عن يمين ثُغْرَةِ النَّحْرِ
ويَسارِها. قال: والوَرِيدانِ يَنْبِضان أَبداً منَ الإِنسان. وكل عِرْق
يَنْبِضُ، فهو من الأَوْرِدةِ التي فيها مجرى الحياة. والوَرِيدُ من العُرُوق:
ما جَرَى فيه النَّفَسُ ولم يجرِ فيه الدّمُ، والجَداوِلُ التي فيها
الدِّماءُ كالأَكْحَلِ والصَّافِن، وهي العُروقُ التي تُفْصَدُ. أَبو زيد: في
العُنُق الوَرِيدان وهما عِرْقان بين الأَوداج وبين اللَّبَّتَيْنِ،
وهما من البعير الودجان، وفيه الأَوداج وهي ما أَحاطَ بالحُلْقُوم من
العروق؛ قال الأَزهري: والقول في الوريدين ما قال أَبو الهيثم. غيره:
والوَرِيدانِ عِرْقان في العُنُق، والجمع أَوْرِدَةٌ ووُرودٌ. ويقال للغَضْبَانِ:
قد انتفخ وريده. الجوهري: حَبْل الوَرِيدِ عِرْق تزعم العرب أَنه من
الوَتِين، قال: وهما وريدان مكتنفا صَفْقَي العُنُق مما يَلي مُقَدَّمه
غَلِيظان. وفي حديث المغيرة: مُنْتَفِخة الوَرِيدِ، هو العرقُ الذي في صَفْحة
العُنق يَنْتَفِخُ عند الغضَب، وهما وريدانِ؛ يَصِفُها بسوء الخَلُق
وكثرة الغضب.
والوارِدُ: الطريق؛ قال لبيد:
ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ
صادِرٍ وهَمٍ، صُواهُ قد مَثَلْ
يقول: أَصْدَرْنا بَعِيرَيْنا في طريق صادِرٍ، وكذلك المَوْرِدُ؛ قال
جرير:
أَمِيرُ المؤمِنينَ على صِراطٍ،
إِذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيمُ
وأَلقاهُ في وَرْدةٍ أَي في هَلَكَةٍ كَوَرْطَةٍ، والطاء أَعلى.
والزُّماوَرْدُ: معرَّب والعامة تقول: بَزْماوَرْد.
ووَرْد: بطن من جَعْدَة. ووَرْدَةُ: اسم امرأَة؛ قال طرفة:
ما يَنْظُرون بِحَقِّ وَرْدةَ فِيكُمُ،
صَغُرَ البَنُونَ وَرَهطُ وَرْدَةَ غُيَّبُ
والأَورادُ: موضعٌ عند حُنَيْن؛ قال عباس بن
(* قوله «ابن» كتب بهامش
الأصل كذا يعني بالأصل ويحتمل أن يكون ابن مرداس أو غيره):
رَكَضْنَ الخَيْلَ فيها، بين بُسٍّ
إِلى الأَوْرادِ، تَنْحِطُ بالنِّهابِ
وَوَرْدٌ وَوَرَّادٌ: اسمان وكذلك وَرْدانُ. وبناتُ وَرْدانَ: دَوابُّ
معروفة. وَوَرْدٌ: اسم فَرَس حَمْزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه.
تبع: تَبِعَ الشيءَ تَبَعاً وتَباعاً في الأَفعال وتَبِعْتُ
الشيءَتُبوعاً: سِرْت في إِثْرِه؛ واتَّبَعَه وأَتْبَعَه وتتَبَّعه قَفاه وتَطلَّبه
مُتَّبعاً له وكذلك تتَبَّعه وتتَبَّعْته تتَبُّعاً؛ قال القُطامي:
وخَيْرُ الأَمْرِ ما اسْتَقْبَلْتَ منه،
وليس بأَن تتَبَّعَه اتِّباعا
وضَع الاتِّباعَ موضع التتبُّعِ مجازاً. قال سيبويه: تتَبَّعَه
اتِّباعاً لأَن تتَبَّعْت في معنى اتَّبَعْت. وتَبِعْت القوم تَبَعاً وتَباعةً،
بالفتح، إِذا مشيت خلفهم أَو مَرُّوا بك فمضَيْتَ معهم. وفي حديث الدعاء:
تابِعْ بيننا وبينهم على الخيْراتِ أَي اجْعَلْنا نَتَّبِعُهم على ما هم
عليه.
والتِّباعةُ: مثل التَّبعةِ والتِّبعةِ؛ قال الشاعر:
أَكَلَت حَنِيفةُ رَبَّها،
زَمَنَ التقَحُّمِ والمَجاعهْ
لم يَحْذَرُوا، من ربِّهم،
سُوء العَواقِبِ والتِّباعهْ
لأَنهم كانوا قد اتخذوا إِلهاً من حَيْسٍ فعَبَدُوه زَماناً ثم أَصابتهم
مَجاعة فأَكلوه.
وأَتْبَعه الشيءَ: جعله له تابعاً، وقيل: أَتبَعَ الرجلَ سبقه فلَحِقَه.
وتَبِعَه تَبَعاً واتَّبَعه: مرَّ به فمضَى معه. وفي التنزيل في صفة ذي
القَرْنَيْنِ: ثم اتَّبَع سبَباً، بتشديد التاء، ومعناها تَبِعَ، وكان
أَبو عمرو بن العلاء يقرؤُها بتشديد التاء وهي قراءة أَهل المدينة، وكان
الكسائي يقرؤُها ثم أَتبع سبباً، بقطع الأَلف، أَي لَحِقَ وأَدْرك؛ قال ابن
عبيد: وقراءة أَبي عمرو أَحبُّ إِليَّ من قول الكسائي.
واسْتَتْبَعَه: طلَب إِليه أَن يَتبعه. وفي خبر الطَّسْمِيِّ النافِر من
طَسمٍ إِلى حَسَّان الملك الذي غَزا جَدِيساً: أَنه اسْتَتْبَع كلبة له
أَي جعلها تَتبعه.
والتابِعُ: التَّالي، والجمع تُبَّعٌ وتُبَّاعٌ وتَبَعة. والتَّبَعُ:
اسم للجمع ونظيره خادِمٌ وخَدَم وطالبٌ وطلَبٌ وغائبٌ وغَيَبٌ وسالِفٌ
وسَلَفٌ وراصِدٌ ورَصَدٌ ورائحٌ ورَوَحٌ وفارِطٌ وفرَطٌ وحارِسٌ وحَرَسٌ
وعاسٌّ وعَسَسٌ وقافِلٌ من سفَره وقَفَلٌ وخائلٌ وخَوَلٌ وخابِلٌ وخَبَلٌ،
وهو الشيطان، وبعير هامِلٌ وهَمَلٌ، وهو الضالُّ المهمل؛ قال كراع: كل هذا
جمع والصحيح ما بدأْنا به، وهو قول سيبويه فيما ذَكر من هذا وقياس قوله
فيما لم يَذكره منه: والتَّبَعُ يكون واحداً وجماعة. وقوله عز وجل: إِنَّا
كُنا لكم تَبَعاً، يكون اسماً لجمع تابِع ويكون مصدراً أَي ذَوِي
تَبَعٍ، ويجمع على أَتْباع.
وتَبِعْتُ الشيءَ وأَتْبَعْتُه: مثل رَدِفْتُه وأَرْدَفْتِه؛ ومنه قوله
تعالى: إِلاَّ مَن خَطِفَ الخَطْفةَ فأَتْبعه شِهاب ثاقِب؛ قال أَبو
عبيد: أَتْبَعْت القوم مثل أَفْعلت إِذا كانوا قد سبقوك فَلَحِقْتَهم، قال:
واتَّبَعْتُهم مثل افْتَعَلْت إِذا مرُّوا بك فمضيتَ؛ وتَبِعْتُهم تَبَعاً
مثله. ويقال: ما زِلْتُ أَتَّبِعُهم حتى أَتْبَعْتُهم أَي حتى
أَدركْتُهم. وقال الفراء: أَتْبَعَ أَحسن من اتَّبَع لأَن الاتِّباع أَن يَسِير
الرجل وأَنت تسير وراءَه، فإِذا قلت أَتْبَعْتُه فكأَنك قَفَوْته. وقال
الليث: تَبِعْت فلاناً واتَّبَعْته وأَتْبعْته سواء. وأَتْبَعَ فلان فلاناً
إِذا تَبِعَه يريد به شرّاً كما أَتْبَعَ الشيطانُ الذي انسلَخَ من آيات
الله فكان من الغاوِين، وكما أَتْبَع فرعونُ موسى. وأَمَّا التتَبُّع:
فأَن تتتَبَّعَ في مُهْلةٍ شيئاً بعد شيء؛ وفلان يتَتبَّعُ مَساوِيَ فلان
وأَثرَه ويَتتبَّع مَداقَّ الأُمور ونحو ذلك. وفي حديث زيد بن ثابت حين
أَمره أَبو بكر الصديقُ بجمع القرآن قال: فَعَلِقْتُ أَتَتَبَّعه من
اللِّخافِ والعُسُبِ، وذلك أَنه اسـَقْصَى جميعَ القرآن من المواضع التي كُتِب
فيها حتى ما كُتِب في اللِّخاف، وهي الحجارة، وفي العُسُب، وهي جريد
النخل، وذلك أَنَّ الرَّقَّ أَعْوَزَهم حين نزل على رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، فأُمِر كاتبُ الوَحْي فيما تيسَّر من كَتِف ولوْحٍ وجِلْد وعَسُيب
ولَخْفة، وإِنما تَتبَّع زيد بن ثابت القرآن وجمعه من المواضع التي
كُتِب فيها ولم يقتصر على ما حَفِظ هو وغيره، وكان من أَحفظ الناس للقرآن
اسْتِظهاراً واحْتِياطاً لئلا يَسْقُط منه حرف لسُوء حِفْظ حافِظه أَو
يتبدَّل حرف بغيره، وهذا يدل على أَن الكتابة أَضْبَطُ من صدور الرجال
وأَحْرَى أَن لا يسقط منه شيء، فكان زيد يَتتبَّع في مُهلة ما كُتب منه في
مواضعه ويَضُمُّه إَلى الصُّحف، ولا يُثْبِتُ في تلك الصحف إِلاَّ ما وجده
مكتوباً كما أُنزل على النبي، صلى الله عليه وسلم، وأَمْلاه على مَن كَتبه.
واتَّبَعَ القرآنَ: ائْتَمَّ به وعَمِلَ بما فيه. وفي حديث أَبي موسى
الأَشعري، رضي الله عنه: إِنَّ هذا القرآن كائنٌ لكم أَجراً وكائن عليكم
وِزْراً فاتَّبِعوا القرآن ولا يَتَّبِعنَّكُم القرآنُ، فإِنه من يَتَّبِعِ
القرآن يَهْبِطْ به على رِياضِ الجنة، ومَن يَتَّبِعْه القرآنُ يَزُخّ في
قَفاه حتى يَقْذِفَ به في نار جهنم؛ يقول: اجعلوه أَمامكم ثم اتلوه كما
قال تعالى: الذين آتيناهم الكتاب يَتْلُونه حقَّ تِلاوته أَي يَتَّبِعونه
حقَّ اتِّباعه، وأَراد لا تَدَعُوا تِلاوته والعملَ به فتكونوا قد
جعلتموه وراءَكم كما فَعل اليهود حين نَبَذُوا ما أُمروا به وراء ظهورهم،
لأَنه إِذا اتَّبَعَه كان بين يديه، وإِذا خالفه كان خَلْفَه، وقيل: معنى
قوله لا يتبعنكم القرآن أَي لا يَطْلُبَنَّكُم القرآنُ بتضييعكم إِياه كما
يطلُب الرجلُ صاحبَه بالتَّبِعة؛ قال أَبو عبيد: وهذا معنى حسن يُصَدِّقه
الحديث الآخر: إِن القرآن شافِع مُشَفَّعٌ وماحِلٌ مُصَدَّقٌ، فجعله
يَمْحَل صاحبَه إِذا لم يَتَّبِعْ ما فيه. وقوله عز وجل: أَو التابعينَ
غَيْرِ أُولي الإِرْبةِ؛ فسره ثعلب فقال: هم أَتباع الزوج ممن يَخْدُِمُه مثل
الشيخ الفاني والعجوز الكبيرة.
وفي حديث الحُدَيْبية: وكنت تَبِيعاً لطَلْحةَ بن عُبيدِ الله أَي
خادماً. والتَّبَعُ كالتابِعُ كأَنه سمي بالمصدر. وتَبَعُ كلِّ شيءٍ: ما كان
على آخِره. والتَّبَعُ: القوائم؛ قال أَبو دُواد في وصف الظَّبَّية:
وقَوائم تَبَع لها،
مِن خَلْفِها زَمَعٌ زَوائدْ
وقال الأَزهري: التَّبَعُ ما تَبِعَ أَثَرَ شيء فهو تَبَعةٌ؛ وأَنشد بيت
أَبي دواد الإيادي في صفة ظبية:
وقوائم تَبَع لها،
من خلفها زمع مُعَلَّقْ
وتابَع بين الأُمور مُتابَعةً وتِباعاً: واتَرَ ووالَى؛ وتابعْتُه على
كذا مُتابعةً وتِباعاً. والتِّباعُ: الوِلاءُ. يقال: تابَعَ فلان بين
الصلاة وبين القراءة إِذا والَى بينهما ففعل هذا على إِثْر هذا بلا مُهلة
بينهما، وكذلك رميته فأَصبته بثلاثة أَسهم تِباعاً أَي وِلاء. وتَتابَعَتِ
الأَشياءُ: تَبِعَ بعضُها بعضاً. وتابَعه على الأَمر: أَسْعدَه عليه.
والتابِعةُ: الرَّئِيُّ من الجنّ، أَلحقوه الهاء للمبالغة أَو لتَشْنِيع
الأَمْرِ أَو على إِرادة الداهِيةِ. والتابعةُ: جِنِّيَّة تَتْبع
الإِنسان. وفي الحديث: أَوَّلُ خَبرٍ قَدِمَ المدينةَ يعني من هجرة النبي، صلى
الله عليه وسلم، امرأَة كان لها تابِعٌ من الجن؛ التابِعُ ههنا: جِنِّيٌّ
يَتْبَع المرأَة يُحِبُّها. والتابعةُ: جِنية تتْبع الرجلَ تحبه.
وقولهم: معه تابعة أَي من الجن.
والتَّبِيعُ: الفَحل من ولد البقر لأَنه يَتْبع أُمه، وقيل: هو تَبيع
أَولَ سنة، والجمع أَتْبِعة، وأَتابِعُ وأَتابِيعُ كلاهما جمعُ الجمعِ،
والأَخيرة نادرة، وهو التِّبْعُ والجمع أَتباع، والأُنثى تَبِيعة. وفي
الحديث عن معاذ بن جبل: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، بعثه إِلى اليمين
فأَمرَه في صدَقةِ البقر أَن يأْخذ من كل ثلاثين من البقر تَبِيعاً، ومن كل
أَربعين مُسِنَّةً؛ قال أَبو فَقْعَس الأَسَدي: ولد البقَر أَول سنة
تَبِيع ثم جزَع ثم ثنيّ ثم رَباعٌ ثم سَدَسٌ ثم صالِغٌ. قال الليث: التَّبِيعُ
العِجْل المُدْرِك إِلا أَنه يَتْبَع أُمه بعدُ؛ قال الأَزهري: قول
الليث التَّبِيع المدرك وهَم لأَنه يُدْرِكُ إِذا أَثنى أَي صار ثَنِيًّا.
والتبيع من البقر يسمى تبيعاً حين يستكمل الحَوْل، ولا يسمى تَبِيعاً قبل
ذلك، فإِذا استكمل عامين فهو جَذَع، فإِذا استوفى ثلاثة أَعوام فهو
ثَنِيٌّ، وحينئذ مُسِنٌّ، والأُنثى مُسِنَّة وهي التي تؤخذ في أَربعين من
البقر.وبقرة مُتْبِعٌ: ذاتُ تَبِيع. وحكى ابن بري فيها: مُتْبِعة أَيضاً.
وخادم مُتْبِع: يَتْبَعُها ولدها حيثما أَقبلت وأَدبرت، وعمَّ به اللحياني
فقال: المُتْبِعُ التي معها أَولاد. وفي الحديث: أَن فلاناً اشترى
مَعْدِناً بمائة شاة مُتْبِع أَي يَتْبَعها أَولادها. وتَبِيعُ المرأَةِ:
صَدِيقُها، والجمع تُبَعاء، وهي تَبِيعته.
وهو تِبْعُ نِساء، والجمع أَتباع، وتُبَّع نساء؛ عن كراع حكاها في
المُنَجَّذ، وحكاها أَيضاً في المُجَرَّد إِذا جدَّ في طَلَبِهِنّ؛ وحكى
اللحياني: هو تِبْعُها وهي تِبْعَتُه؛ قال الأَزهري: تِبْعُ نساء أَي
يَتْبَعُهُنَّ، وحِدْثُ نساء يُحادِثُهنَّ، وزِيرُ نساء أَي يَزُورُهُنَّ، وخِلْب
نساء إِذا كان يُخالِبهنَّ. وفلان تِبْعُ ضِلَّةٍ: يَتْبَع النساءَ،
وتِبْعٌ ضِلَّةٌ أَي لا خَيْرَ فيه ولا خير عنده؛ عن ابن الأَعرابي. وقال
ثعلب: إِنما هو تِبْعُ ضِلَّةٍ مضاف.
والتَّبِيعُ: النَّصِير. والتَّبِيعُ: الذي لك عليه مال. يقال: أُتْبِعَ
فلان بفلان أَي أُحِيلَ عليه، وأَتْبَعَه عليه: أَحالَه.
وفي الحديث: الظُّلْم لَيُّ الواجِدِ، وإِذا أُتْبِعَ أَحدُكم على
مَلِيءٍ فَلْيَتَّبِعْ؛ معناه إِذا أُحِيلَ أَحدكم على مَلِيءٍ قادِرٍ
فلْيَحْتَلْ من الحَوالةِ؛ قال الخطابي: أَصحاب الحديث يروونه اتَّبع، بتشديد
التاء، وصوابه بسكون التاء بوزن أُكْرِمَ، قال: وليس هذا أَمراً على الوجوب
وإِنما هو على الرِّفْق والأَدب والإِياحةِ. وفي حديث ابن عباس، رضي الله
عنهما: بَيْنا أَنا أَقرأُ آية في سِكَّة من سَكَكِ المدية إِذ سمعت صوتاً
من خَلفي: أَتْبِعْ يا ابن عباس، فالتَفَتُّ فإِذا عُمر، فقلت: أُتْبِعُك
على أُبَيّ بن كعب أَي أَسْنِدْ قراءتك ممن أَخذتها وأَحِلْ على
من سَمِعْتها منه. قال الليث: يقال للذي له عليك مال يُتابِعُك به أَي
يُطالبك به: تَبِيع. وفي حديث قيس بن عاصم، رضي الله عنه، قال: يا رسول الله
ما المالُ الذي ليس فيه تَبِعةٌ من طالب ولا ضَيْفٍ؟ قال: نِعْم المال
أَربعون والكثير ستون؛ يريد بالتَّبِعةِ ما يَتْبَع المالَ من نوائب الحُقوق
وهو من تَبِعْت الرجل بحقّي. والتَّبِيعُ: الغَرِيمُ؛ قال الشماخ:
تَلُوذُ ثَعالِبُ الشَّرَفَيْن منها،
كما لاذَ الغَرِيمُ من التَّبِيعِ
وتابَعَه بمال أَي طَلَبه. والتَّبِعُ: الذي يَتْبَعُكَ بحق يُطالبك به
وهو الذي يَتْبع الغريم بما أُحيل عليه. والتبيع: التابع. وقوله تعالى:
فيُغْرِقَكم بما كفرتم ثم لا تَجِدُوا لكم علينا به تَبِيعاً؛ قال الفراء:
أَي ثائراً ولا طالباً بالثَّأْرِ لإِغْراقِنا إِيّاكم، وقال الزجاج:
معناه لا تجدوا من يَتْبَعُنا بإِنكار ما نزل بكم ولا يتبعنا بأَن يصرفه
عنكم، وقيل: تَبِيعاً مُطالِباً؛ ومنه قوله تعالى: فاتِّباعٌ بالمَعْروف
وأَداء إِليه بإِحْسان؛ يقول: على صاحب الدَّمِ اتِّباع بالمعروف أَي
المُطالَبَةُ بالدِّية، وعلى القاتِل أَداء إِليه بإِحسان، ورفع قوله تعالى
فاتباع على معنى قوله فعليه اتِّباع بالمعروف، وسيُذْكَرُ ذلك مُستوفى في
فصل عفا، في قوله تعالى: فَمن عُفِيَ له من أَخِيه شيء.
والتَّبِعةُ والتِّباعةُ: ما اتَّبَعْتَ به صاحبَك من ظُلامة ونحوها.
والتَّبِعةُ والتِّباعةُ: ما فيه إِثم يُتَّبَع به. يقال: ما عليه من الله في
هذا تَبِعة ولا تِباعة؛ قال وَدّاك بن ثُمَيل:
هِيمٌ إِلى الموتِ إِذا خُيِّرُوا،
بينَ تِباعاتٍ وتَقْتالِ
قال الأَزهري: التِّبِعة والتَّباعة اسم الشيء الذي لك فيه بُغْية شِبه
ظُلامة ونحو ذلك. وفي أَمثال العرب السائرة: أَتْبِعِ الفَرَس لِجامَها،
يُضرب مثلاً للرجل يؤْمر بردِّ الصَّنِيعةِ وإِتْمامِ الحاجة.
والتُّبّعَُ والتُّبُّع جميعاً: الظل لأَنه يَتْبَع الشمس؛ قالت سُعْدَى
الجُهَنِيَّةُ تَرْثي أَخاها أَسْعَدَ:
يَرِدُ المِياهَ حَضِيرةً ونَفِيضةً،
وِرْدَ القَطاةِ إِذا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ
التُّبَّعُ: الظل، واسْمِئْلاله: بُلوغه نصف النهار وضُمورُه. وقال أَبو
سعيد الضرير: التُّبَّع هو الدَّبَرانُ في هذا البيت سُمي تُبَّعاً
لاتِّباعِه الثُّرَيّا؛ قال الأَزهري: سمعت بعض العرب يسمي الدبران التابع
والتُّوَيْبِع، قال: وما أَشبه ما قال الضرير بالصواب لأَن القَطا تَرِدُ
المياه ليلاً وقلما تردها نهاراً، ولذلك يقال: أَدَلُّ من قَطاة؛ ويدل على
ذلك قول لبيد:
فَوَرَدْنا قبلَ فُرَّاطِ القَطا،
إِنَّ مِن وَرْدِيَ تَغْلِيسَ النَّهَلْ
قال ابن بري: ويقال له التابِعُ والتُّبَّعُ والحادِي والتالي؛ قال
مُهَلْهل:
كأَنَّ التابِعَ المَسْكِينَ فيها
أَجِيرٌ في حُداياتِ الوَقِير
(* رواية اخرى: حدابات بدل حدايات.)
والتَّبابِعةُ: ملوك اليمن، واحدهم تُبَّع، سموا بذلك لأَنه يَتْبَع
بعضُهم بعضاً كلما هَلك واحد قام مَقامه آخر تابعاً له على مثل سِيرته،
وزادوا الهاء في التبابعة لإِرادة النسب؛ وقول أَبي ذؤيب:
وعليهِما ماذِيَّتانِ قَضاهُما
داودُ، أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
سَمِعَ أَن داودَ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، كان سُخِّر له
الحديدُ فكان يَصْنع منه ما أَراد، وسَمِعَ أَنَّ تُبَّعاً عَمِلَها وكان تُبع
أَمَر بعملها ولم يَصْنعها بيده لأَنه كان أَعظمَ شأْناً من أَن يصنع
بيده. وقوله تعالى: أَهم خَيْر أَم قومٌ تُبَّعٍ؛ قال الزجاج: جاء في
التفسير أَن تُبَّعاً كان مَلِكاً من الملوك وكان مؤْمناً وأَن قومه كانوا
كافرين وكان فيهم تَبابِعةٌ، وجاء أَيْضاً أَنه نُظِر إِلى كتاب على قَبْرَين
بناحية. حِمْيَر: هذا قبر رَضْوى وقبر حُبَّى، ابنتي تُبَّع، لا تُشركان
بالله شيئاً، قال الأَزهري: وأَمّا تبع الملِك الذي ذكره الله عز وجل في
كتابه فقال:وقومُ تبع كلٌّ كذَّب الرسُلَ، فقد روي عن النبيي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه قال: ما أَدري تُبَّعٌ كان لعِيناً أَم لا
(* قوله« تبع كان
لعيناً أم لا» هكذا في الأصل الذي بأيدينا ولعله محرف، والأصل كان نبياً
إلخ. ففي تفسير الخطيب عند قوله تعالى في سورة الدخان أهم خير أم قوم تبع،
وعن النبي،صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا تبعاً فإنه كان قد أسلم. وعنه
صلى الله عليه وسلم: ما أدري أكان تبع نبياً أو غير نبي، وعن عائشة، رضي الله
عنها، قالت: لا تسبوا تبعاً فانه كان رجلاً صالحاً) ؛ قال: ويقال إِن
تُبَّتَ اشْتُقَّ لهم هذا الاسمُ من اسم تُبَّع ولكن فيه عُجْمة. ويقال: هم
اليوم من وَضائِع تُبَّع بتلك البلاد. وفي الحديث: لا تَسُبُّوا تُبَّعاً
فإِنه أَول من كَسا الكعبة؛ قيل: هو ملك في الزمان الأَول اسْمه أَسْعَدُ
أَبو كَرِب، وقيل: كان مَلِكُ اليمنِ لا يسمى تُبَّعاً حتى يَمْلِكَ
حَضْرَمَوْتَ وسَبأ وحِمْيَرَ.
والتُّبَّعُ: ضرب من الطير، وقيل: التُّبَّع ضرب من اليَعاسِيب وهو
أَعظمها وأحسنها، والجمع التبابِعُ تشبيهاً بأُولئك الملوكُ، وكذلك الباء هنا
ليشعروا بالهاء هنالك. والتُّبَّعُ: سيِّد النحل:
وتابَعَ عَمَلَه وكلامَه: أَتْقَنَه وأَحكمه؛ قال كراع: ومنه حديث أَبي
واقد الليثي: تابَعْنا الأَعمال فلم نَجِد شيئاً أَبلغ في طلَب الآخرة من
الزُّهْد في الدنيا أَي أَحْكَمْناها وعَرَفْناها. ويقال: تابَعَ فلان
كلامَه وهو تبيع للكلام إِذا أَحكمه. ويقال: هو يُتابِعُ الحديث إِذا كان
يَسْرُدُه، وقيل: فلان مُتتابِعُ العِلم إِذا كان عِلْمه يُشاكل بعضُه
بعضاً لا تَفاوُتَ فيه. وغصن مُتتابعٌ إِذا كان مستوياً لا أُبَن فيه. ويقال:
تابَعَ المَرْتَعُ المالَ فَتتابَعَت أي سَمَّن خَلْقَها فسَمِنَت
وحَسُنت؛ قال أَبو وجْزةَ السعْدي:
حَرْفٌ مُلَيْكِيةٌ كالفَحْلِ تابَعَها،
في خِصْبِ عامَينِ، إِفْراقٌ وتَهْمِيلُ
(* قوله« مليكية» كذا بالأصل مضبوطاً وفي الاساس بياء واحدة قبل الكاف.)
وناقة مُفْرِقٌ: تَمْكُث سنتين أَو ثلاثاً لا تَلْقَحُ؛ وأَما قول
سَلامان الطائي:
أَخِفْنَ اطِّنانِي إِن شُكِينَ، وإِنَّني
لفي شُغُلٍ عن ذَحْليَ اليتَتَبَّعُ
فإِنه أَرادَ ذَحْليَ يتَتَبَّع فطرح الذي وأَقام الأَلف واللام مُقامه،
وهي لغة لبعض العرب؛ وقال ابن الأَنباري: وِإِنما أَقحم الأَلف واللام
على الفعل المضارع لمضارعة الأَسماء.
قال ابن عون: قلت للشعبي: إِنَّ رُفَيْعاً أَبا العاليةِ أَعتقَ سائبةً
فأَوصَى بماله كله، فقال: ليس ذلك له إِنما ذلك للتابعة، قال النضر:
التابعةُ أَن يتبع الرجلُ الرجلَ فيقول: أَنا مولاك؛ قال الأَزهري: أَراد أَن
المُعْتَقَ سائبةً مالُه لمُعْتِقِه.
والإِتْباعُ في الكلام: مثل حَسَن بَسَن وقَبِيح شَقِيح.
قزي: ابن سيده: القِزْيُ اللقب؛ عن كراع، لم يحكه غيره؛ غيره: يقال بئس
القِزْيُ هذا أَي بئس اللقب. ابن الأَعرابي: أَقْزى الرجل إِذا تلطَّخ
بعَيب بعد استواء.
ابن الأَعرابي: والقُزةُ الحَيَّة، ولُعْبة للصبيان أَيضاً تسمى في
الحضر يا مُهَلْهِلَــهْ هَلِلَهْ
(* قوله« يا مهلهلــه إلخ» بهذا ضبط في
التكملة). والقَزْوُ: العِزْهاةُ أَي الذي لا يلهو، وقيل: القُزةُ حية عَرْجاء
بَتْراء، وجمعها قُزاتٌ.