الجذر: ن هـ ك
مثال: مُنْهك القُوَى
الرأي: مرفوضة
السبب: لصوغ اسم المفعول من «أنهك» بدلاً من صوغه من «نهك» الثلاثي المجرد.
الصواب والرتبة: -مُنْهَكُ القُوَى [فصيحة]-مَنْهُوكُ القُوَى [فصيحة]
التعليق: (انظر: أنْهَكَ).
نهك: النَّهْكُ: التَّنَقُّضُ. ونَهَكَتْه الحُمَّى نَهْكاً ونَهَكاً
ونَهاكةً ونَهْكَةً: جَهَدَتْه وأَضْنَتْه ونَقَصَتْ لَحْمَه، فهو
مَنْهُوك، رُؤِيَ أَثَر الهُزالِ عليه منها، وهو من التنقص أَيضاً، وفيه لغة
أُخرى: نَهِكَتْه الحمى، بالكسر، تَنْهَكُه نَهَكاً، وقد نُهِكَ أَي دَنِف
وضَنِيَ. ويقال: بانت عليه نَهْكَةُ
المرض، بالفتح، وبَدَتْ فيه نَهْكَةٌ. ونَهَكَتِ الإِبلُ ماءَ الحوض
إِذا ربت جميع ما فيه؛ قال ابن مقبل يصف إِبلاً:
نَواهِكُ بَيُّوتِ الحِياض إِذا غَدَتْ
عليه، وقد ضَمَّ الضَّرِيبُ الأَفاعِيَا
ونَهَكْت الناقةَ حَلْباً أَنْهَكُها إِذا نقَصْتها فلم يبق في ضرعها
لبن. وفي حديث ابن عباس: غير مُضِرٍّ بنَسْلٍ ولا ناهِكٍ في حَلَبٍ أَي غير
مبالغ فيه. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال للخافضة:
أَشِمِّي ولا تَنُهَكي أَي لا تُبالغي في استقصاء الختان ولا في إِسْحاتِ
مَخفِضِ الجارية، ولكن اخْفِضِي طُرَيفَه.
والمَنْهوك من الرجز والمنْسرح: ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه كقوله في الرجز:
يا ليتني فيها جَذَعْ
وقوله في المنسرح:
وَيْلُ امّه سَعْدٍ سعْـــــــدَا
وإِنما سمي بذلك لأَنك حذفت ثلثيه فَنَهَكْتَه بالحذف أَي بالغت في
إمراضه والإِجحاف به.
والنَّهْك: المبالغة في كل شيء. والنّاهِك والنَّهِيكُ: المبالغ في جميع
الأَشياء. الأَصمعي: النَّهْك أَن تبالغ في العمل، فإِن شَتَمْتَ
وبالغتَ في شَتْم العِرْض قيل: انْتَهَكَ عِرْضَه. والنَّهِيكُ
والنِّهُوكُمن الرجال: الشجاعُ، وذلك لمبالغته وثَباته لأَنه يَنْهَك عَدُوَّه
فيَبْلُغ منه، وهو نَهِيكٌ بَيِّنُ النَّهاكة في الشجاعة، وهو من الإِبل
الصَّؤُولُ القويّ الشديد؛ وقول أَبي ذؤيب:
فلو نُبِزُوا بأَبي ماعِزٍ
نَهِيكِ السلاحِ، حَدِيدِ البَصَرْ
أَراد أَن سلاحه مبالِغٌ في نَهْك عدوه. وقد نَهُكَ، بالضم، يَنْهُكُ
نَهاكَةً إِذا وُصِفَ بالشجاعة وصار شجاعاً. وفي حديث محمد بن مسلمة: كان
من أَنْهَكِ أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَي من أَشجعهم. ورجل
نَهِيكٌ أَي شجاع؛ وقول الشاعر أَنشده ابن الأَعرابي:
وأَعْلم أَنَّ الموتَ لا بُدّ مُدْرِكٌ،
نَهِيكٌ على أَهلِ الرُّقَى والتَّمائمِ
فسره فقال: نَهِيكٌ قويّ مُقْدِم مبالغ.
ورجل مَنْهُوك إِذا رأَيته قد بَلَغ منه المرض. ومَنْهوكُ البدن:
بَيِّنُالنَّهْكَة في المرض. ونَهَك في الطعام: أَكل منه أَكلاً شديداً فبالغ
فيه؛ يقال: ما ينفك فلان يَنْهَك الطعام إِذا ما أَكل يشتد أَكلُه.
ونَهَكْتُ من الطعام أَيضاً: بالَغْتُ في أَكله. ويقال: انْهَك من هذا الطعام،
وكذلك عِرْضَه، أَي بالِغْ في شتمه. الأَزهري عن الليث: يقال ما يَنْهَكُ
فلان يصنع كذا وكذا أَي ما ينفك؛ وأَنشد:
لم يَنْهَكُوا صَقْعاً إِذا أَرَمُّوا
أَي ضَرْباً إِذا سكتوا؛ قال الأَزهري: ما أَعرف ما قاله الليث ولا
أَدري ما هو لم أَسمع لأَحد ما يَنْهَكُ يصنع كذا أَي ما ينفك لغير الليث،
ولا أَحقُّه. وقال الليث: مررت برجل ناهيكَ من رجل أَي كافيك وهو غير
مُشْكل. ورجل يَنْهَكُ في العدُوّ أَي يبالغ فيهم. ونَهَكه عُقوبةً. بالغ فيها
يَنْهَكه نَهْكاً. ويقال: انْهَكْهُ عقوبةً أَي بْلُغْ في عقوبته.
ونَهَكَ الشيءَ وانْتَهَكَه: جَهده. وفي الحديث: لِيَنْهَكِ الرجلُ ما بين
أَصابعه أَو لَتَنتَهِكَنَّها النارُ
أَي ليُقْبِل على غسلها إِقبالاً شديداً ويبالغ في غسل ما بين أصابعه في
الوضوء مبالغة حتى يُنْعِمَ تنظيفَها، أَو لَتُبالِغَنَّ النارُ في
إِحراقه. وفي الحديث أَيضاً: انْهَكُوا الأَعقابَ أَو لتَنْهَكَنَّها
النارُأَي بالغوا في غسلها وتنظيفها في ا لوضوء، وكذلك يقال في الحث على
القتال. وفي حديث يزيد بن شجرةَ حين حَضَّ المؤمنين الذين كانوا معه في غزاة
وهو قائدهم على قتال المشركين: انْهَكوا وجُوهَ القوم يعني اجْهَدُوهم أَي
ابْلُغُوا جُهْدَكم في قتالهم؛ وحديث الخَلُوق: اذْهَبْ فانْهَكْه، قاله
ثلاثاً، أَي بالغْ في غسله. ونَهَكْتُ الثوبَ، بالفتح، أَنْهَكُه
نَهْكاً: لبسته حتى خَلَقَ. والأَسَدُ نَهِيكٌ، وسيف نَهيكٌ أَي قاطع ماض.
ونَهَكَ الرجلَ يَنْهكُه نَهْكةً ونَهاكةً: غلبه. والنَّهِيك من السيوف:
القاطع الماضي. وانْتِهاكُ الحُرْمة: تناُلُها بما لا يحل وقد انْتَهَكها.
وفي حديث ابن عباس: أَن قوماً قَتَلُوا فأَكثروا وزَنَوْا وانْتَهَكُوا أَي
بالغوا في خَرْق محارم الشرع وإِتيانها. وفي حديث أَبي هريرة:
يَنْتَهِكُ ذِمّةَ
الله وذمّة رسوله، يريد نقض العهد والغدر بالمُعاهد. والنَّهِيكُ:
البَئِيسُ.
والنُّهَيْكُ: الحُرْقُوصُ، وعَضَّ الحُرْقُوصُ فرجَ أَعرابية فقال
زوجها:
وما أَنا، للحُرْقوصِ إِن عَضَّ عَضَّةً
ِمَا بين رجليها بجِدٍّ، عَقُورُ
(* قوله بجدّ عقورُ، هكذا في الأصل، والوزن مختلّ، وإذا قيل هي: بجدّ
عقورِ، صحّ الوزن وكان في البيت إقواء).
تُطَيِّبُ نَفْسِي، بعدما تَسْتَفِزُّني
مَقالَتُها، إِنَّ النِّهيكَ صَغيرُ
وفي النوادر: النُّهَيْكةُ دابة سُوَيْداءٌ مُدارَةٌ تدخُل مَدَاخِل
الحراقِيصِ.
نكه: النَّكْهَةُ: ريح الفم. نَكَهَ له وعليه يَنْكِهُ ويَنْكَهُ
نَكْهاً: تَنَفَّسَ على أَنفه. ونَكَهَهُ نَكْهاً ونَكِهَهُ واسْتَنْكَهَهُ: شم
رائحة فمه، والاسم النَّكْهَةُ؛ وأَنشد:
نَكِهْتُ مُجالِداً فَوَجَدْتُ منه
كَرِيحِ الكَلْبِ ماتَ حَدِيثَ عَهْدِ
وهذا البيت أَورده الجوهري: نَكِهْتُ مجاهِداً؛ وقال ابن بري: صوابه
مجالداً، وقد رواه في فصل نجا: نَجَوْتُ مجالداً. ونَكَهَ هو يَنكِهُ
ويَنكَهُ: أَخرج نَفَسَهُ إلى أَنفي. ونَكِهْتُه: شَمَمْتُ ريحه.
واسْتَنْكَهْتُ الرجلَ فَنَكَهَ في وجهي يَنْكِهُ ويَنْكَهُ نَكْهاً إذا أَمره بأَن
يَنْكَهَ ليعلم أَشارِبٌ
هو أَم غير شاربٍ؛ قال ابن بري: شاهده قولُ الأُقَيْشِرِ:
يقولون لي: انْكَهْ قد شَرِبْتَ مُدَامَةً
فَقُلْتُ لَهُمْ: لا بَلْ أَكَلْتُ سَفَرْجَلا
وفي حديث شارب الخمر: اسْتَنْكهُوهُ أَي شُمُّوا نَكْهَتَهُ ورائحةَ
فَمِه هل شرِب الخمر أَم لا. ونُكِهَ الرجلُ: تغيرت نَكْهَتُهُ من
التُّخَمَةِ. ويقال في الدعاء للإنسان: هُنِّيتَ ولا تُنْكَهْ أَي أَصَبْتَ
خَيْراً ولا أَصابك الضُّرُّ. والنُّكَّهُ من الإبل: التي ذهبت أَصواتها من
الضعف، وهي لغة تميم في النُّقَّهِ؛ وأَنشد ابن بري لرؤبة:
بعد اهتِضام الراغِياتِ النُّكَّهِ
قتل: القَتْل: معروف، قَتَلَه يَقْتُله قَتْلاً وتَقْتالاً وقَتَل به
سواء عند ثعلب، قال ابن سيده: لا أَعرفها عن غيره وهي نادرة غريبة، قال:
وأَظنه رآه في بيت فحسِب ذلك لغة؛ قال: وإِنما هو عندي على زيادة الباء
كقوله:
سُودُ المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَر
وإِنما هو يقرأْن السُّوَر، وكذلك قَتَّله وقَتَل به غيرَه أَي قتله
مكانه؛ قال:
قَتَلتُ بعبد الله خيرَ لِداتِه
ذُؤاباً، فلم أَفخَرْ بذاك وأَجْزَعا
التهذيب: قَتَله إِذا أَماته بضرْب أَو حجَر أَو سُمّ أَو علَّة،
والمنية قاتلة؛ وقول الفرزدق وبلغه موت زياد، وكان زياد هذا قد نفاه وآذاه ونذر
قتله فلما بلغ موته الفرزدق شَمِت به فقال:
كيف تراني قالِباً مِجَنِّي،
أَقْلِب أَمري ظَهْره لِلْبَطْنِ؟
قد قَتَلَ اللهُ زياداً عَنِّي
عَدَّى قَتَل بعنْ لأَنَّ فيه معنى صَرَفَ فكأَنه قال: قد صَرَف الله
زياداً، وقوله قالِباً مِجَنِّي أَي أَفعل ما شئت لا أَتَرَوَّع ولا
أَتَوقَّع. وحكى قطرب في الأَمر إِقْتُل، بكسر الهمزة على الشذوذ، جاء به على
الأَصل؛ حكى ذلك ابن جني عنه، والنحويون ينكرون هذا كراهية ضمة بعد كسرة
لا يحجُز بينهما إِلا حرف ضعيف غير حصين. ورجل قَتِيل: مَقْتول، والجمع
قُتَلاء؛ حكاه سيبويه، وقَتْلى وقَتالى؛ قال منظور بن مَرْثَد:
فظلَّ لَحْماً تَرِبَ الأَوْصالِ،
وَسْطَ القَتلى كالهَشِيم البالي
ولا يجمع قَتِيل جمعَ السلامة لأَن مؤنثه لا تدخله الهاء، وقَتَله
قِتْلة سَوء، بالكسر. ورجل قَتِيل: مَقْتول. وامرأَة قَتِيل: مَقْتولة، فإِذا
قلت قَتيلة بَني فلان قلت بالهاء، وقيل: إِن لم تذكر المرأَة قلت هذه
قَتِيلة بني فلان، وكذلك مررت بقَتِيلة لأَنك تسلك طريق الاسم. وقال
اللحياني: قال الكسائي يجوز في هذا طرْح الهاء وفي الأَوّل إِدخال الهاء يعني
أَن تقول: هذه امرأَة قَتِيلة ونِسْوة قَتْلى.
وأَقْتَل الرجلَ: عرَّضه للقَتْل وأَصْبَره عليه. وقال مالك بن نُوَيْرة
لامرأَته يوم قَتَله خالد بن الوليد: أَقْتَلْتِني أَي عرَّضْتِني
بحُسْن وجهك للقَتْل بوجوب الدفاع عنك والمُحاماة عليك، وكانت جميلة فقَتَله
خالد وتزوَّجها بعد مَقْتَله، فأَنكر ذلك عبد الله بن عمر؛ ومثله:
أَبَعْتُ الثَّوْب إِذا عَرَّضْته للبيع. وفي الحديث: أَشدُّ الناس عذاباً يوم
القيامة من قتَل نبيّاً أَو قَتَله نبيٌّ؛ أَراد من قَتَله وهو كافر
كقَتْله أُبيَّ بن خَلَف يوم بدْر لا كمَن قَتَله تطهيراً له في الحَدِّ
كماعِزٍ. وفي الحديث: لا يُقْتَل قُرَشيٌّ بعد اليوم صبْراً؛ قال ابن الأَثير:
إِن كانت اللام مرفوعة على الخَبر فهو محمول على ما أَباح من قَتْل
القُرَشيّين الأَربعة يوم الفَتْح، وهم ابن خَطَل ومَنْ معه أَي أَنهم لا
يعودون كفَّاراً يُغْزوْن ويُقْتَلون على الكفر كما قُتِل هؤلاء، وهو كقوله
الآخر: لا تُغْزَى مكة بعد اليوم أَي لا تعودُ دار كفر تُغْزى عليه، وإِن
كانت اللام مجزومة فيكون نهياً عن قَتْلهم في غير حَدٍّ ولا قِصاص. وفي
حديث سَمُرة: مَنْ قَتَل عَبْده قَتَلْناه ومن جَدَعَ عبده جَدَعْناه؛
قال ابن الأَثير: ذكر في رواية الحسن أَنه نَسِيَ هذا الحديث فكان يقول لا
يُقْتَل حرٌّ بعبد، قال: ويحتمل أَن يكون الحسن لم يَنْسَ الحديث، ولكنه
كان يتأَوَّله على غير معنى الإِيجاب ويراه نوعاً من الزَّجْر
ليَرْتَدِعوا ولا يُقْدِموا عليه كما قال في شارب الخمر: إِنْ عاد في الرابعة أَو
الخامسة فاقتُلوه، ثم جيء به فيها فلم يَقْتله، قال: وتأَوَّله بعضهم أَنه
جاء في عَبْد كان يملِكه مرَّة ثم زال مِلْكه عنه فصار كُفؤاً له
بالحُرِّية، قال: ولم يقل بهذا الحديث أَحد إِلاَّ في رواية شاذة عن سفيان
والمرويُّ عنه خلافه قال: وقد ذهب جماعة إِلى القِصاص بين الحرِّ وعبد الغير،
وأَجمعوا على أَن القِصاص بينهم في الأَطراف ساقط، فلما سقَط الجَدْع
بالإِجماع سقط القِصاص لأَنهما ثَبَتا معاً، فلما نُسِخا نُسِخا معاً،
فيكون حديث سَمُرة منسوخاً؛ وكذلك حديث الخمر في الرابعة والخامسة، قال: وقد
يرد الأَمر بالوَعيد رَدْعاً وزَجْراً وتحذيراً ولا يُراد به وقوع الفعل،
وكذلك حديث جابر في السارق: أَنه قُطِع في الأُولى والثانية والثالثة
إِلى أَن جيء به في الخامسة فقال اقتُلوه، قال جابر: فقَتَلْناه، وفي
إِسناده مَقال قال: ولم يذهب أَحد من العلماء إِلى قَتْل السارق وإِن تكررت
منه السَّرقة.
ومن أَمثالهم: مَقْتَلُ الرجل بين فَكَّيْه أَي سبب قَتْله بين
لَحْيَيْه وهو لِسانه. وقوله في حديث زيد بن ثابت: أَرسَل إِليَّ أَبو بكر
مَقْتَلع أَهل اليمامة؛ المَقْتَل مَفْعَل من القَتْل، قال: وهو ظرف زمان ههنا
أَي عند قَتْلهم في الوَقْعة التي كانت باليمامة مع أَهل الرِّدَّة في
زمن أَبي بكر، رضي الله عنه.
وتَقاتَل القوم واقتَتَلوا وتقَتَّلوا وقَتَّلوا وقِتَّلوا، قال سيبويه:
وقد أَدغم بعض العرب فأَسكن لمَّا كان الحرفان في كلمة واحدة ولم يكونا
مُنفَصِلين، وذلك قولهم يَقِتِّلون وقد قِتَّلوا، وكسروا القاف لأَنهما
ساكنان التقيا فشبِّهت بقولهم رُدِّ يا فَتى، قال: وقد قال آخرون
قَتَّلوا، أَلقَوْا حركة المتحرك على الساكن، قال: وجاز في قاف اقتَتَلوا
الوَجْهان ولم يكن بمنزلة عَصَّ وقِرَّ يلزمه شيء واحد لأَنه لا يجوز في الكلام
(* قوله «لأنه لا يجوز في الكلام إلخ» هكذا في الأصل) فيه الإِظهار
والإِخْفاء والإِدغام، فكما جاز فيه هذا في الكلام وتصرَّف دَخَله شيئَان
يَعْرضان في التقاء الساكنين، وتحذف أَلف الوَصْل حيث حرِّكت القاف كما حذفت
الأَلف التي في رُدَّ حيث حركت الراء، والأَلف التي في قلَّ لأَنهم حرفان
في كلمة واحدة لحقها الإِدغام، فحذفت الأَلف كما حذفت في رُبَّ لأَنه قد
أُدْغِم كما أُدْغم، قال: وتصديق ذلك قراءة الحسن: إِلا مَنْ خَطَّف
الخَطْفة؛ قال: ومن قال يَقَتِّل قال مُقَتِّل، ومن قال يَقِتِّل قال
مُقِتِّل، وأَهل مكة يقولون مُقُتِّل يُتْبِعون الضمة الضمة. قال سيبويه:
وحدثني الخليل وهرون أَنَّ ناساً يقولون مُرُدِّفين يريدون مُرْتَدِفين
أَتبَعُوا الضمةَ الضمة؛ وقول منظور بن مرثد الأَسدي:
تَعَرَّضَتْ لي بمكان حِلِّ،
تَعَرُّضَ المُهْرةِ في الطِّوَلِّ،
تَعَرُّضاً لم تَأْلُ عن قَتْلَلِّي
أَراد عن قَتْلي، فلما أَدخل عليه لازماً مشدَّدة كما أَدخل نوناً
مشدَّدة في قول دَهْلَب بن قريع:
جارية ليسَتْ من الوَخْشَنِّ
أُحِبُّ منكِ مَوْضِع القُرْطنِّ
وصار الإِعراب فيه فتَحَ اللامَ الأُولى كما تفتح في قولك مررت بتَمْرٍ
وبتَمْرَةٍ وبرجُلٍ وبرَجُلَين؛ قال ابن بري والمشهور في رجز منظور:
لم تَأْلُ عن قَتْلاً لي
على الحِكاية أَي عن قولها قَتْلاً له أَي اقتُلوه. ثم يُدغم التنوين في
اللام فيصير في السَّمْع على ما رواه الجوهري، قال: وليس الأَمر على ما
تأَوَّله. وقاتَله مُقاتَلة وقِتالاً، قال سيبويه: وَفَّروا الحروف
كما وَفَّروها في أَفْعَلْت إِفْعالاً.
قال: والتَّقْتال القَتْل وهو بناء موضوع للتَّكثير كأَنك قلت في
فَعَلْت فَعَّلْت، وليس هو مصدر فَعَّلْت، ولكن لما أَردت التَّكْثير بَنَيْت
المصدر على هذا كما بنيت فَعَّلْت على فَعَلْت. وقتَّلوا تقْتيلاً: شدِّد
للكثرة. والمُقاتَلة: القتال؛ وقد قاتَله قِتالاً وقِيتالاً، وهو من كلام
العرب، وكذلك المُقاتَل؛ قال كعب بن مالك:
أُقاتِل حتى لا أَرى لي مُقاتَلاً،
وأَنجو إِذا عُمَّ الجَبانُ من الكَرْب
وقال زيد الخيل:
أُقاتِل حتى لا أَرى لي مُقاتَلاً،
وأَنجُو إِذا لم يَنْجُ إِلا المُكَيّس
والمُقاتِلة: الذين يَلُون القِتال، بكسر التاء، وفي الصحاح: القوم
الذين يَصْلحون للقتال. وقوله تعالى: قاتَلهم الله أَنَّى يؤفَكُون؛ أَي
لَعَنَهم أَنَّى يُصْرَفون، وليس هذا بمعنى القِتال الذي هو من المُقاتلة
والمحاربة بين اثنين. وقال الفراء في قوله تعالى: قُتِل الإِنسان ما
أَكْفَره؛ معناه لُعِن الإِنسان، وقاتَله الله لعَنه الله؛ وقال أَبو عبيدة:
معنى قاتَلَ الله فلاناً قَتَله. ويقال: قاتَل الله فلاناً أَي عاداه. وفي
الحديث: قاتَل الله اليهود أَي قَتَلَهُم الله، وقيل: لعَنهم الله، وقيل:
عاداهم، قال ابن الأَثير: وقد تكرر في الحديث ولا يخرج عن أَحد هذه
المعاني، قال: وقد يرد بمعنى التعجب من الشيء كقولهم: تَرِبَتْ يداه، قال: وقد
ترد ولا يراد بها وُقوعُ الأَمر، وفي حديث عمر، رضي الله عنه: قاتَل
الله سَمُرة؛ وسَبِيلُ فاعَلَ أَن يكون بين اثنين في الغالب، وقد يرد من
الواحد كسافرْت وطارَقْت النعْل. وفي حديث المارّ بين يدي المُصَلِّي:
قاتِلْه فإِنه شيطان أَي دافِعْه عن قِبْلَتِك، وليس كل قِتال بمعنى القَتْل.
وفي حديث السَّقِيفة: قَتَلَ الله سعداً فإِنه صاحب فتنة وشرٍّ أَي دفع
الله شرَّه كأَنه إِشارة إِلى ما كان منه في حديث الإِفْك، والله أَعلم؛
وفي رواية: أَن عمر قال يوم السَّقِيفة اقْتُلوا سعداً قَتَله الله أَي
اجعلوه كمن قُتِل واحْسِبُوه في عِدادمَنْ مات وهلك، ولا تَعْتَدُّوا
بمَشْهَده ولا تُعَرِّجوا على قوله. وفي حديث عمر أَيضاً: مَنْ دَعا إِلى
إِمارة فسِه أَو غيره من المسلمين فاقتلوه أَي اجعلوه كمن قُتِلَ ومات بأَن
لا تَقْبَلوا له قولاً ولا تُقِيموا له دعوة، وكذلك الحديث الآخر: إِذا
بُويِع لخَلِيفتين فاقتلوا الأَخير منهما أَي أَبْطِلوا دعوته واجعلوه
كمَنْ قد مات.
وفي الحديث: على المُقْتَتِلِين أَن يَنْحَجِزوا الأَوْلى فالأَوْلى،
وإِن كانت امرأَة؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي معناه أَن يَكُفُّوا عن
القَتْل مثل أَن يُقْتَل رجل له وَرَثة فأَيهم عفا سقط القَوَدُ، والأَوْلى
هو الأَقرب والأَدنى من ورثة القتيل، ومعنى المُقْتَتِلِين أَن يطلُب
أَولياء القَتِيل القَوَد فيمتنع القَتَلة فينشأ بينهم القِتال من أَجله،
فهو جمع مُقْتَتِل، اسم فاعل من اقْتَتَل، ويحتمل أَن تكون الرواية بنصب
التاءين على المفعول؛ يقال: اقْتُتِل، فهو مُقْتَتَل، غير أَن هذا إِنما
يكثر استعماله فيمن قَتَله الحُبُّ؛ قال ابن الأَثير: وهذا حديث مشكل
اختلف فيه أَقوال العلماء فقيل: إِنه في المُقْتَتِلِين من أَهل القِبْلة على
التأْويل فإِن البَصائر ربما أَدْرَكت بعضَهم فاحتاج إِلى الانصراف من
مَقامه المذموم إِلى المحمود، فإِذا لم يجد طريقاً يمرُّ فيه إِليه بقي في
مكانه الأَول فعسى أَن يُقْتَل فيه، فأُمِرُوا بما في هذا الحديث، وقيل:
إِنه يدخل فيه أَيضاً المُقْتَتِلون من المسلمين في قِتالهم أَهل الحرب،
إِذ قد يجوز أَن يَطْرأَ عليهم مَنْ معه العذر الذي أُبِيح لهم الانصراف
عن قِتاله إِلى فِئة المسلمين التي يَتَقَوَّون بها على عدوِّهم، أَو
يصيروا إِلى قوم من المسلمين يَقْوَون بهم على قِتال عدوِّهم فيقاتِلونهم
معهم. ويقال: قُتِل الرجل، فإِن كان قَتَله العِشْق أَو الجِنُّ قيل
اقْتُتِل. ابن سيده: اقْتُتِل فلان قتله عشق النساء أَو قَتَله الجِنُّ، وكذلك
اقْتَتَلَتْه النساء، لا يقال في هذين إِلا اقْتُتِل. أَبو زيد:
اقْتُتِل جُنَّ، واقْتَتَله الجِنُّ خُبِل، واقْتُتِل الرجل إِذا عَشِق عِشْقاً
مُبَرِّحاً؛ قال ذو الرمة:
إِذا ما امْرُؤٌ حاوَلْن أَن يَقْتَتِلْنه،
بِلا إِحْنةٍ بين النُّفوس، ولا ذَحْل
هذا قول أَبي عبيد؛ وقد قالوا قَتَله الجِنّ وزعموا أَن هذا البيت:
قَتَلْنا سَيِّد الخَزْرَ
ج سعدَ بْنَ عُباده
إِنما هو للجنّ. والقِتْلة: الحالة من ذلك كله. وفي الحديث: أَعَفُّ
الناس قِتْلَةً أَهلُ الإِيمان؛ القِتْلة، بالكسر: الحالة من القَتْل،
وبفتحها المرَّة منه، وقد تكرر في الحديث ويفهَم المراد بهما من سياق اللفظ.
ومَقاتِل الإِنسان: المواضع التي إِذا أُصيبت منه قَتَلَتْه، واحدها
مَقْتَل. وحكى ابن الأَعرابي عن أَبي المجيب: لا والذي أَتَّقِيه إِلا
بمَقْتَلِه
(* قوله «والذي أتقيه إلا بمقتله» هكذا في الأصل) أَي كل موضع مني
مَقْتَل بأَيِّ شيءٍ شاء أَن ينزِل قَتْلي أَنزله، وأَضاف المَقْتَل إِلى
الله لأَن الإِنسان كله مِلْك لله عز وجل، فمَقاتِله ملك له.
وقالوا في المَثل: قَتَلَتْ أَرْضٌ جاهلَها وقَتَّلَ أَرضاً عالِمُها.
قال أَبو عبيدة: من أَمثالهم في المعرفة وحمدِهم إِياها قولُهم قَتَّل
أَرضاً عالمُها وقَتَلت أَرضٌ جاهلها، قال: قولهم قتَّل ذلك من قولهم فلان
مُقَتَّل مُضَرَّس، وقالوا قَتَله عِلْماً على المَثل أَيضاً، وقَتَلْت
الشيء خُبْراً. قال تعالى: وما قَتَلوه يَقِيناً بل رفعه الله إِليه؛ أَي
لم يُحيطوا به عِلْماً، وقال الفراء: الهاء ههنا للعلم كما تقول قَتَلْتُه
علماً وقَتَلْتَه يقيناً للرأْي والحديث، وأَما الهاء في قوله: وما
قَتَلوه وما صَلَبوه، فهو ههنا لعيسى، عليه الصلاة والسلام؛ وقال الزجاج:
المعنى ما قَتَلوا علْمَهم يقيناً كما تقول أَنا أَقْتُل الشيء علماً
تأْويله أَي أَعْلم علماً تامًّا. ابن السكيت: يقال هو قاتِل الشَّتَوات أَي
يُطعِم فيها ويُدْفِيءُ الناس، والعرب تقول للرجل الذي قد جرَّب الأُمور:
هو مُعاوِد السَّقْي سقى صَيِّباً. وقَتَل غَليلَه: سقاه فزال غَليلُه
بالرِّيِّ، مثل بما تقدم؛ عن ابن الأَعرابي.
والقِتْل، بالكسر: العدوُّ؛ قال:
واغْتِرابي عن عامِر بن
لُؤَيٍّ في بلادٍ كثيرة الأَقْتال
الأَقتال: الأَعداء، واحدهم قِتْل وهم الأَقْران؛ قال ابن بري: البيت
لابن قيس الرُّقَيّات، ولُؤَي بالهمز تصغير اللأْيِ، وهو الثور الوحشيُّ.
والقَتالُ والكَتَالُ: الكِدْنة والغِلْظ، فإِذا قيل ناقة نَقِيَّة
القَتال فإِنما يريد أَنها، وإِن هُزِلت، فإِن عملَها باقٍ؛ قال ابن
مقبل:ذعرْت بِجَوْس نَهْبَلَةٍ قِذَافٍ
من العِيدِيِّ باقِية القَتَال
والقِتْل: القِرْن في قِتال وغيره. وهما قِتْلان أَي مِثْلان وحَِتْنان.
وقِتْل الرجل: نظيرة وابنُ عمه. وإِنه لقِتْل شرٍّ أَي عالم به، والجمع
من ذلك كله أَقْتال.
ورجل مُقَتَّل: مجرِّب للأُمور. أَبو عمرو: المجرِّبُ والمُجَرَّس
والمُقَتَّل كله الذي جرَّب الأُمور وعرفها. وقَتَل الخمر قَتْلاً: مزجها
فأَزال بذلك حِدَّتها؛ قال الأَخطل:
فقلتُ: اقْتُلوها عنكُم بمِزاجِها،
وحُبَّ بها مَقْتولة، حين تُقْتَل
وقال حسان:
إِنَّ التي عاطَيْتَني فَرَدَدْتُها
قُتِلَتْ، قُتِلْتَ فهاتِها لم تُقْتَل
قوله قُتِلْتَ دعاء عليه أَي قَتَلك الله لِمَ مزجتها؛ وقول دكين:
أُسْقَى بَراوُوقِ الشَّباب الخاضِلِ،
أُسْقَى من المَقْتولَةِ القَواتِلِ
أَي من الخُمور المَقْتولة بالمَزْج القَواتِل بحدَّتها وإِسكارها.
وتَقَتَّل الرجل للمرأَة: خضَع. ورجل مُقَتَّل أَي مُذَلَّل قَتَله
العشق. وقلْب مُقَتَّل: قُتِل عشقاً، وقيل مذلَّل بالحب؛ وقال أَبو الهيثم في
قوله:
بسَهْمَيْكِ في أَعْشارِ قَلْب مُقَتَّل
(* هذا البيت لامرئ القيس من معلقته، وصدره:
وما ذَرَفَت عيناك إلا لتضربي)
قال: المُقَتَّل العَوْد المُضَرَّس بذلك الفعل كالناقة المُقَتَّلة
المُذَلَّلة لعمل من الأَعمال وقد رِيضت وذُلِّلَتْ وعُوِّدت؛ قال: ومن ذلك
قيل للخمر مَقْتولة إِذا مُزِجت بالماء حتى ذهبت شدَّتها فصار رِياضة
لها. والمُقَتَّل: المَكْدود بالعمل المُذَلَّلُ. وجمل مُقَتَّل: ذَلول؛ قال
زهير:
كأَنَّ عَيْنيَّ في غَرْبَيْ مُقَتَّلَةٍ،
من النواضِحِ، تَسْقي جَنَّةً سُحُقَا
واسْتَقْتَل أَي اسْتَمات. التهذيب: المُقَتَّل من الدواب الذي ذَلَّ
ومَرَن على العمل. وناقة مُقَتَّلة: مذللة. وتَقَتَّلَت المرأَةُ للرجل:
تزينت. وتَقَتَّلت: مشت مِشْية حسنة تقلَّبت فيها وتثنَّت وتكسَّرت؛ يوصف
به العشق؛ وقال:
تَقَتّلْتِ لي، حتى إِذا ما قَتَلْتِني
تنسَّكْتِ، ما هذا بفِعْل النَّواسِكِ
قال أَبو عبيد: يقال للمرأَة هي تَقَتَّل في مِشْيتها؛ قال الأَزهري:
معناه تَدَلُّلها واخْتيالها.
واسْتَقْتَل في الأَمر: جدَّ فيه. وتقتَّل لحاجته: تهيَّأ وجدَّ.
والقَتَال: النَّفْس، وقيل بقيَّتها؛ قال ذو الرمة:
أَلم تَعْلَمِي يا مَيُّ أَني، وبيننا
مَهاوٍ يَدَعْنَ الجَلْسَ نَحْلاً قَتَالُها،
أُحَدِّثُ عنكِ النَّفْسَ حتى كأَنني
أُناجِيكِ من قُرْبٍ، فيَنْصاحُ بالُها؟
ونَحْلاً: جمع ناحِل، تقول منه قَتْله كما تقول صَدرَه ورأَسَه
وفَأَدَه. والقَتَال: الجسمُ واللحمُ، وقيل: القَتال بقيَّة الجسم. وقال في موضع
آخر: العُجُوس مَشْيُ العَجَاساء وهي الناقة السمينة تتأَخَّر عن النُّوق
لثِقَل قَتالها، وقَتالُها شحمُها ولحمُها. ودابة ذات قَتال: مستوية
الخَلْق وَثِيقة. وبقي منه قَتَال إِذا بقي منه بعد الهُزال غِلَظ
أَلواح.وامرأَة قَتُول أَي قاتلة؛ وقال مدرك بن حصين:
قَتُول بعَيْنَيْها رَمَتْكَ، وإِنما
سِهامُ الغَواني القاتِلاتُ عُيونُها
والقَتُول وقَتْلَة: اسمان؛ وإِياها عنى الأَعشى بقوله:
شاقَتْك مَنْ قَتْلَة أَطْلالُها،
بالشَّطِّ فالوُِتْر إِلى حاجِرِ
والقَتَّال الكِلابي: من شُعَرائهم.
ثبط: الليث: ثَبَّطَه عن الشيء تَثْبِيطاً إِذا شغَلَه عنه. وفي التنزيل
العزيز: ولكن كَرِه اللّهُ انْبِعاثَهم فثبَّطَهم؛ قال أَبو إِسحق:
التثبيط ردّك الإِنسانَ عن الشيء يفعله، أَي كره اللّه أَن يَخْرجوا معكم
فردَّهم عن الخروج. وثَبَطَه عن الشيء ثَبْطاً وثَبَّطَه: رَيَّثه وثَبَّته.
وثَبَّطه على الأَمر فتَثَبَّط: وقَّفَه عليه فتوَقَّف. وأَثْبَطه
المرَضُ إِذا لم يكد يُفارِقُه. وثَبَطْتُ الرجلَ ثَبْطاً: حبَسْتُه،
بالتخفيف. وفي الحديث: كانت سَوْدةُ امرأَةً ثَبِطةً أَي ثقِيلة بَطِيئةً من
التَّثْبِيطِ وهو التعْوِيقُ والشَّغْلُ عن المُراد؛ وقول لبيد:
وهُمُ العَشِيرةُ إِنْ يُثَبِّطْ حاسِد
معناه إِنْ بَحَثَ عن مَعايِبِها؛ بذلك فسره ابن الأَعرابي. وفي بعض
اللغات: ثَبَطَتْ شَفةُ الإِنسانِ وَرِمَتْ، وليس بثَبَت.
فطس: الفَطَس: عِرَضُ قَصَبَة الأَنف وطُمَأْنِينَتُها، وقيل: الفَطَس،
بالتحريك، انخِفاضُ قَصَبَة الأَنف وتَطامُنها وانتِشارُها، والاسم
الفَطَسَة لأَنها كالعاهة، وقد فَطِسَ فَطَساً، وهو أَفطَس، والأُنثى فطساء.
والفَطَسة: موضع الفَطَس من الأَنف. وفي حديث أَشراط الساعة: تُقاتِلون
قَوْماً فُطْس الأُنوف؛ الفَطَس:
انخِفاض قَصَبَة الأَنف وانفِراشُها. وفي الحديث في صفة نَمْرَةِ
العَجُوزِ: فُطْسٌ خُنْسٌ أَي صغار الحب لاطئة الأَقْماع. وفُطْس: جمع فَطْساء.
والفِطِّيسة والفِنْطِيسَة: خَطْم الخنزير. ويقال لِخَطْم الخنزير:
فَطَسَة؛ وروي عن أَحمد ابن يحيى قال: هي الشفة من الإِنسان، ومن ذات الخف
المِشْفَر، ومن السباع الخَطْم والخُرْطُوم، ومن الخنزير الفِنْطِيسة؛ كذا
رواه على فِنْعِيلة، والنون زائدة: الجوهري: فِطِّيسة الخنزير أَنفه،
وكذلك الفِنْطِيسة.
والفِطِّيس، مثال الفِسِّيق: المِطْرَقَة العظيمة والفَأْس العظيمة.
والفَطْسُ: حبُّ الآس، واحدته فَطْسة. والفَطْس: شدّة الوطء. وفَطَس
يَفْطِس فُطُوساً إِذا مات؛ وقيل: مات من غير داء ظاهر. وطَفَسَ أَيضاً:
مات، فهو طافِس وفاطِس؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
تَتْرُكُ يَرْبُوعَ الفَلاةِ فاطِسا
والفَطْسَة، بالتسكين: خَرَزَة يؤخَّذ بها؛ يقولون
(* قوله «يقولون
أَخذته إلخ» عبارة القاموس وشرحه: يقولون:
أَخذته بالفطسة بالثؤبا والعطسة
بقصر الثؤباء مراعاة لوزن المنهوك.) :
أَخَّذْتُه بالفَطْسَةِ
بالثُّؤَبَا والعَطْسَةِ
قال الشاعر:
جَمَّعْنَ من قَبَلٍ لَهُنَّ وفَطْسةٍ
والدَّرْدَبِيسِ، مُقابَلاً في المَنْظَمِ
فرشط: فَرْشَط الرجلُ فَرْشَطة: أَلصق أَليتيه بالأَرض وتوسَّد ساقيه.
وفَرْشَط البعيرُ فَرْشَطة وفِرْشاطاً: برَك بُروكاً مسترخياً فأَلصق
أَعضاده بالأَرض، وقيل: هو أَن ينتشر، بِرْكةَ البعير عند البُروك.
وفَرْشَطَت الناقة إِذا تفَحَّجَت للحلَب. وفَرْشَط الجملُ إِذا تفَحَّجَ للبول،
والفَرْشَطةُ: أَن تفرّج رجليك قائماً أَو قاعداً. والفَرْشَطةُ: بمعنى
الفَرْحَجة. وفَرْشَطَ الشيءَ وفَرْشَط به: مدَّه؛ قال:
فَرْشَط لمّا كُرِه الفِرْشاطُ
بفَيْشةِ، كأَنَّها مِلْطاطُ
وفرشط اللحمَ: شرْشَره. ابن بزرج: الفَرْشَطة بسط الرجلين في الركوب من
جانب واحد.
عرن: العَرَنُ والعُرْنَةُ: داء يأْخُذُ الدابة في أُخُرِ رجلها
كالسَّحَج في الجلد يُذْهِبُ الشَّعر، وقيل: هو تَشَقُّق يُصِيبُ الخَيْل في
أَيديها وأَرجلها، وقيل: هو جُسُوءِ يحدث في رُسْغِ رجل الفرس والدابة وموضع
ثُنَّتِها من أُخُرٍ للشيء يصيبه فيه من الشُّقاقِ أَو المَشَقَّة من
أَن يَرْمَحَ جَبَلاً أَو حجراً، وقد عَرِنَتْ تَعْرَنُ عَرَناً، فهي
عَرِنة وعَرُونٌ، وهو عَرِنٌ؛ وعَرِنَتْ رجلُ الدابة، بالكسر، والعَرَنُ
أَيضاً: شبيه بالبَثْرِ يَخْرُجُ بالفِصال في أَعناقها تَحْتكُّ منه، وقيل:
قَرْحٌ يخرج في قوائمها وأَعناقها، وهو غير عَرَنِ الدواب، والفعل كالفعل.
وأَعَرَنَ الرجلُ إذا تشَقَّقتْ سيقانُ فُصْلانه، وأَعْرَنَ إذا وقَعَتِ
الحِكَّة في إِبله؛ قال ابن السكيت: هو قَرْحٌ يأْخذه في عنقه فيحتك منه
وربما بَرَكَ إلى أَصل شجرة واحْتَكَّ بها، قال: ودواؤه أَن يُحْرَقَ
عليه الشحمُ؛ قال ابن بري: ومنه قول رؤبة:
يَحُكُّ ذِفْراهُ لأَصحابِ الضَّفَنْ،
تَحَكُّكَ الأَجرَبِ يأْذَى بالعَرَنْ
والعَرَنُ: أَثرُ المَرَقة في يد الآكل؛ عن الهَجريِّ. والعِرَانُ: خشبة
تُجْعَلُ في وَتَرةِ أَنف البعير وهو ما بين المَنْخِرَين، وهو الذي
يكون للبَخاتيِّ، والجمع أَعْرِنة. وعَرَنَه يَعْرُنُه ويَعْرِنُه عَرْناً:
وضع في أَنفه العِرَانَ، فهو مَعْرُونٌ. وعُرِنَ عَرْناً: شكا أَنفه من
العِرَان. الأَصمعي: الخشاشُ ما يكون من عُود أَو غيره يجعل في عظم أَنف
البعير، والعِرانُ ما كان في اللحم فوق الأَنف؛ قال الأَزهري: وأَصل هذا
من العَرَنِ والعَرِين، وهو اللحم. والعِرانُ: المِسْمارُ الذي يضم بين
السِّنانِ والقَناة؛ عن الهَجريِّ. والعَرِينُ: اللحم؛ قالت غادِيَةُ
الدُّبيريَّةُ:
مُوَشِّمةُ الأَطرافِ رَخْصٌ عَرِينُها.
وهذا العجز أورده ابن سِيدَهْ والأَزهري منسوباً لغاديةَ الدُّبيرية كما
ذكرناه، وأَورده الجوهري مهملاً لم ينسبه إلى أَحد، وقال ابن بري: هو
لمُدْرِكِ بن حِصْنٍ، قال: وهو الصحيح؛ وجملة البيت:
رَغا صاحِبي، عندَ البُكاءِ، كما رَغَتْ
مُوَشَّمَةُ الأَطرافِ رَخْصٌ عَرِينُها.
قال: وأَنشده أَبو عبيدة في نوادر الأَسماء؛ وأَنشد بعده:
من المُلْحِ لا يُدْرَى أَرجْلُ شِمالِها،
بها الظَّلْعُ لما هَرْوَلتْ، أَم يمينُها.
وفي شعره: موشمة الجنبين؛ وأَراد بالمُوشَّمة الصَّبْغَ، والأَمْلَحُ:
بين الأَبيض والأَسود، والتَّوشُّمُ: بياضٌ وسواد يكون فيه كهيئة الوَشْمِ
في يد المرأَة، والرَّخْصُ: الرَّطْبُ الناعم، وقيل: العَرِينُ اللحم
المَطْبُوخ. ابن الأَعرابي: أَعْرَنَ إذا دام على أَكل العَرَنِ، قال: وهو
اللحم المطبوخ. والعَرِينُ والعَرِينَةُ: مأْوى الأَسد الذي يأْلفه.
يقال: ليثُ عرينَةٍ وليْثُ غابةٍ، وأَصلُ العَرين جماعة الشَّجر؛ قال ابن
سيده: العَرينة مأْوى الأَسد والضبع والذئب والحية؛ قال الطرّمّاح يصف
رَحْلاً:
أَحَمَّ سَراةِ أَعْلى اللَّوْنِ منه،
كلَوْنِ سَرَاةِ ثُعْبانِ العَرينِ.
وقيل: العَرينُ الأَجَمةُ ههنا؛ قال الشاعر:
ومُسَرْبلٍ حَلَقَ الحديدِ مُدَجِّجٍ،
كاللَّيْثِ بين عَرينَةِ الأَشْبالِ.
هكذا أَنشده أَبو حنيفة: مُدَجِّجٍ، بالكسر، والجمع عُرُنٌ. والعَرينُ:
هَشيمُ العِضاهِ. والعرينُ: جماعة الشَّجر والشَّوْكِ والعِضاهِ، كان
فيه أَسد أَو لم يكن. والعَرينُ والعِرَانُ: الشَّجر المُنْقاد المُسْتطيل.
والعَرين: الفِناء. وفي الحديث: أَن بعض الخُلفاء دفن بعَرينِ مكة أَي
بفنائها، وكان دفن عند بئر مَيْمُون. والعَرينُ في الأَصل: مأْوى الأَسد،
شبهت به لعزها ومَنَعتِها، زادها الله عزّاً ومَنَعةً. والعَرينُ: صياحُ
الفاختة؛ أَنشد الأَزهري في ترجمة عزهل:
إذا سَعْدانةُ السََّعفاتِ ناحَتْ
عَزَاهِلُها، سَمِعْتَ لها عَرِينا.
العَرينُ: الصوتُ. والعِرَانُ: القِتالُ. والعِرانُ: الدار البعيدة.
والعِرانُ: البُعْدُ وبُعْدُ الدار. يقال: دارهم عارِنَة أَي بعيدة.
وعَرَنَتِ الدارُ عِراناً: بَعُدَتْ وذهبت جهة لا يريدها من يحبه. ودِيارٌ
عِرَانٌ: بعيدة، وُصِفَتْ بالمصدر؛ قال ابن سيده: وليست عندي بجمع كما ذهب
إليه أَهل اللغة؛ قال ذو الرمة:
أَلا أَيُّها القلْبُ الذي بَرَّحَتْ به
منازِلُ مَيٍّ، والعِرانُ الشَّواسِعُ.
وقيل: العِرَان في بيت ذي الرمة هذا الطُّرُقُ لا واحد لها. ورجل
عِرْنةٌ: شديد لا يطاق، وقيل: هو الصِّرِّيعُ. الفراء: إذا كان الرجل صِرِّيعاً
خبيثاً قيل: هو عِرْنةٌ لا يُطاق؛ قال ابن أَحمر يصف ضَعْفَه:
ولسْتُ بِعِرْنةٍ عَرِكٍ، سلاحي
عَصاً مَثْقُوفَةٌ تَقِصُ الحِمارَا.
يقول: لست بقَوِيٍّ، ثم ابتدأَ فقال: سلاحي عصاً أَسوق بها حماري ولست
بمُقْرِنٍ لقِرْني. قال ابن بري في العِرْنةِ الصِّرِّيعِ، قال: هو مما
يمدح به، وقد تكون العِرْنةُ مما يُذَم به، وهو الجافي الكَزّ. وقال أَبو
عمرو الشَّيْبانيّ: هو الذي يَخْدُمُ البيوتَ. ورُمْحٌ مُعَرَّنٌ:
مُسَمَّرُ السِّنانِ، قال الجوهري: رُمْحٌ مُعَرَّنٌ إذا سُمِّر سِنانُه
بالعِرانِ، وهو المِسمارُ. والعَرَنُ: الغَمَرُ. والعَرَنُ: رائحة لحم له
غَمَرٌ؛ حكى ابن الأَعرابي: أَجِدُ رائحة عَرَنِ يديك أَي غَمَرَهما، وهو
العَرَمُ أَيضاً. والعَرَنَ والعِرْنُ: ريح الطبيخ؛ الأُولى عن كراع. ورجل
عَرِنٌ: يلزَم الياسِرَ حتى يَطْعَمَ من الجَزُورِ. وعِرْنَينُ كل شيء:
أَوَّله. وعِرْنينُ الأَنف: تحت مُجْتَمَع الحاجبين، وهو أَول الأَنف حيث
يكون فيه الشَّمَمُ. يقال: هم شُمُّ العَرانينِ، والعِرْنينُ الأَنف كله؛
وقيل: هو ما صَلُبَ من عَظْمِه؛ قال ذو الرمة:
تَثْني النِّقابَ على عِرْنِينِ أَرْنَبةٍ
شَمّاءَ، مارِنُها بالمِسْكِ مَرْثُومُ
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أقْنى العِرْنينِ أَي الأََنف، وقيل:
رأْس الأنف. وفي حديث علي، عليه السلام: من عَرانين أُنوفها؛ وفي قصيد كعب:
شُمُّ العَرانينِ أَبْطالٌ لَبُوسُهُمُ
واستعاره بعض الشعراء للدهر فقال:
وأَصبَحَ الدهرُ ذو العِرْنين قد جُدِعا.
وجمعه عَرانينُ. وعَرانِينُ الناس: وُجوهُهم. وعَرانِينُ القوم: سادتهم
وأَشرافُهم على المَثل؛ قال العجاج يذكر جيشاً:
تَهْدي قُداماهُ عَرانِينُ مُضَرْ.
والعُرانية: مَدُّ السيل: قال عَديُّ بن زيد العبّادي:
كانتْ رياحٌ، وماءٌ ذو عُرانيةٍ،
وظُلْمةٌ لم تَدَعْ فَتْقاً ولا خَلَلا
وماء ذو عُرانية إذا كثر وارتفع عُبابُه. والعُرانية، بالضم: ما يرْتفع
في أَعالي الماء من غَوارِب المَوْج. وعَرانينُ السحاب: أَوائلُ مطره؛
ومنه قول امرئ القيس يصف غيثاً:
كأَنَّ ثَبِيراً في عَرانِينَ وَدْقِه،
من السَّيل والغُثَّاءِ، فلكةُ مِغْزل
(* ويروى: وبله بدل ودقه والمعنى واحد).
والعِرْنةُ: عُروق العَرَتُنِ، وفي الصحاح: عُروق العَرَنْتُنِ.
والعِرْنة: شجرُ الظِّمْخِ يجيء أَديمه أَحمر. وسِقاءٌ معْرون ومُعَرَّنٌ: دبغ
بالعِرْنة، وهو خشب الظِّمخ؛ قال ابن السكيت: هو شجر يشبه العوسج إلا أَنه
أَضخم منه، وهو أَثِيتُ الفَرْعِ وليس له سُوقٌ طِوالٌ، يُدَقُّ ثم
يُطبَخ فيجيء أَديمه أَحمر. وقال شمر: العَرَتُنُ، بضم التاء، شجر، واحدتها
عَرَتُنة. ويقال: أَديم مُعَرْتَنٌ. قال الأَزهري: الظِّمْخُ واحدتها
ظِمْخةٌ، وهو العِرْنُ، واحدتها عِرْنة، شجرة على صورة الدُّلْب تُقْطع منه
خُشُب القصَّارين التي تُدْفن، ويقال لبائعها: عَرَّانٌ. وحكى ابن بري عن
ابن خالويه: العِرْنة الخشبة المدفونة في الأَرض التي يَدُقُّ عليها
القصّار، وأَما التي يدق بها فاسمها المِئجَنة والكِدْنُ. وعُرَيْنة وعَرينٌ:
حيّان. قال الأَزهري: عُرَينة حيٌّ من اليمن. وعَرين: حيّ من تميم؛ ولهم
يقول جرير:
عَرِينٌ من عُرَيْنةَ ليس مِنَّا،
بَرِئْتُ إلى عُرَيْنَةَ من عَرينِ
قال ابن بري: عَرينُ بن ثعلبة بن يَرْبوع بن حنظلة بن مالك بن زيد
مَناةَ بن تميم، قال: وقال القَزّاز عَرين في بيت جرير هذا اسم رجل بعينه.
وقال الأَخفش: عَرينٌ في البيت هو ثعلبة بن يربوع، ومَعْرونٌ اسم، وكذلك
عُرَّان. وبنو عَرين: بطن من تميم. وعُرَينة، مصغر: بطن من بَجيلة. وعُرونة
وعُرَنة: موضعان. وعُرَنات: موضع دون عرفات إلى أَنصاب الحرَم؛ قال لبيد:
والفِيلُ يومَ عُرَناتٍ كَعْكَعا،
إذ أَزْمَعَ العُجْمُ به ما أَزْمَعا.
وعِرْنانُ: غائط واسع منخفض من الأَرض؛ قال امرؤ القيس:
كأَني ورَحْلي فوقَ أَحْقَبَ قارحٍ
بشُرْبةَ، أَوْ طاوٍ بعِرْنان مُوجِسِ.
وعِرانُ البَكْرة: عُودها ويُشَدُّ فيه الخُطَّافُ. ورَهْطٌ من
العُرَنِيِّين، مثال الجُهَنِيِّين: ارتدوا فقتلهم النبي، صلى الله عليه وسلم.
وعِرْنانُ: اسم جبل بالجَناب دون وادي القُرى إلى فَيْدٍ. وعِرْنان: اسم
واد معروف. وبطْنُ عُرَنة: واد بحذاء عرفات. وفي حديث الحج: وارْتفعُوا عن
بطنِ عُرَنة؛ هو بضم العين وفتح الراء، موضع عند الموقف بعرفات. وفي
الحديث: اقْتُلوا من الكلاب كلَّ أَسوَدَ بهيم ذي عُرْنَتين؛ العُرْنَتان:
النُّكْتتان اللتان تكونان فوق عين الكلب.
موه: الماءُ والماهُ والماءةُ: معروف. ابن سيده: وحكى بعضهم اسْقِني
ماً، مقصور، على أَن سيبويه قد نفى أَن يكون اسمٌ على حرفين أَحدهما
التنوين، وهمزةُ ماءٍ منقلبة عن هاء بدلالة ضُروبِ تصاريفه، على ما أَذكره الآن
من جَمْعِه وتصغيره، فإن تصغيره مَوَيْه، وجمعُ الماءِ أَمواهٌ ومِياهٌ،
وحكى ابن جني في جمعه أَمْواء؛ قال أَنشدني أَبو علي:
وبَلْدة قالِصة أَمْواؤُها،
تَسْتَنُّ في رَأْدِ الضُّحَى أَفْياؤُها،
كأَنَّما قد رُفِعَتْ سَماؤُها
أَي مطرُها. وأَصل الماء ماهٌ، والواحدة ماهةٌ وماءةٌ. قال الجوهري:
الماءُ الذي يُشْرَب والهمزة فيه مبدلة من الهاء، وفي موضع اللام، وأَصلُه
مَوَهٌ، بالتحريك، لأَنه يجمع على أَمْواه في القِلَّة ومِياهٍ في الكثرة
مثل جَمَلٍ وأَجْمالٍ وجِمالٍ، والذاهبُ منه الهاءُ، لأَن تصغيره
مُوَيْه، وإذا أَنَّثْتَه قلتَ ماءَة مثل ماعةٍ. وفي الحديث: كان موسى، عليه
السلام، يغْتَسِلُ عند مُوَيْهٍ؛ هو تصغير ماء. قال ابن الأَثير: أَصل الماء
مَوَهٌ. وقال الليث: الماءُ مدَّتُه في الأَصل زيادة، وإنما هي خلف من
هاءٍ محذوفة، وبيان ذلك أَن تصغيرَه مُوَيْهٌ، ومن العرب من يقول ماءة
كبني تميم يعْنُون الرَّكِيَّةَ بمائها، فمنهم مَنْ يَرْوِيها ممدوةً ماءة،
ومنهم من يقول هذه ماةٌ مقصورة، وماءٌ
كثير على قياسِ شاة وشاء. وقال أَبو منصور: أَصلُ الماء ماهٌ بوزن قاهٍ،
فثَقُلَت الهاء مع الساكن قبلها فقلبوا الهاء مدَّةً، فقالوا ماء كما
ترى: قال: والدليل على أَن الأَصل فيه الهاء قولهم أَماهَ فلانٌ
رَكِيَّتَه، وقد ماهَتِ الرَّكِيَّةُ، وهذه مُوَيْهةٌ
عَذْبةٌ، ويجمع مِياهاً. وقال الفراء: يُوقَفُ على الممدود بالقصر
والمدَّ شَرِبْت ماء، قال: وكان يجب أَن يكون فيه ثلاثُ أَلِفاتٍ، قال: وسمعت
هؤلاء يقولون شربت مَيْ يا هذا، وهذه بَيْ يا هذا، وهذه بَ حَسَنة،
فشبَّهوا الممدودَ بالمقصور والمقصورَ بالممدود؛ وأَنشد:
يا رُبَّ هَيْجا هي خَيْرٌ مِنْ دَعَهْ
فقَصَر، وهو ممدود، وشبهه بالمقصور؛ وسَمَّى ساعدةُ بنُ جُؤَيَّة الدمَ
ماءَ اللحمِ فقال يهجو امرأَة:
شَرُوبٌ لماءِ اللحمِ في كلِّ شَتْوةٍ،
وإِن لم تَجِدْ مَنْ يُنْزِل الدَّرَّ تَحْلُبِ
وقيل: عَنَى به المَرَق تَحْسُوه دون عِيالِها، وأَراد: وإن لم تجد مَن
يَحلُب لها حَلَبتْ هي، وحَلْبُ النساء عارٌ
عند العرب، والنسبُ إلى الماء مائِيٌّ، وماوِيٌّ
في قول من يقول عَطاوِيّ. وفي التهذيب: والنسبة إلى الماء ما هِيٌّ.
الكسائي: وبئرٌ ماهَةٌ ومَيِّهةٌ
أَي كثيرةُ الماء. والماوِيَّةُ: المِرْآةُ صفة غالبة. كأَنها منسوبة
إلى الماء لصفائها حتى كأَنَّ الماءَ يجري فيها، منسوبة إلى ذلك، والجمع
ماوِيٌّ؛ قال:
ترَى في سَنا الْمَاوِيِّ بالعَصْرِ والضُّحَى
على غَفَلاتِ الزَّيْنِ والمُتَجَمّل
والماوِيَّةُ: البقرةُ لبياضِها.
وماهَتِ الرَّكِيَّةُ تَماهُ وتَموهُ وتَمِيهُ مَوْهاً ومَيْهاً
ومُؤُوهاً وماهَةً ومَيْهةً، فهي مَيِّهةٌ وماهةٌ: ظهر ماؤها وكثر،
ولفظةُتَمِيه تأْتي بعدَ هذا في الياء هناك من باب باع يبيع، وهو هنا من باب
حَسِبَ يَحْسِبُ كطاحَ يَطِيحُ
وتاهَ يَتِيهُ، في قول الخليل، وقد أَماهَتْها مادَّتُها وماهَتْها.
وحَفَر البئرَ حتى أَماهَ وأَمْوَه أَي بلغ الماءَ. وأَماهَ أَي أَنْبَط
الماءَ. ومَوَّهَ الموضعُ: صارَ فيه الماءُ؛ قال ذو الرمّة:
تَمِيميّة نَجْدِيّة دارُ أَهْلِها
إذا مَوَّهَ الصَّمَّانُ مِن سَبَلِ القَطْرِ
وقيل: مَوَّهَ الصَّمَّانُ صار مُمَوَّهاً بالبَقْل. ويقال: تَمَوَّهَ
ثمرُ النخل والعنبِ إذا امْتلأ ماءً وتَهَيّأَ للنُّضْجِ. أَبو سعيد: شجرٌ
مَوَهِيٌّ
إذا كانَ مَسْقَوِيَّاً، وشجر جَزَوِيٌّ يشرب بعروقه ولا يُسْقَى.
ومَوَّهَ فلانٌ حَوْضَه تَمْوِيهاً إذا جعل فيه الماءَ. ومَوَّهَ السحابُ
الوَقائعَ. ورجلٌ ماهُ الفُؤادِ وماهي الفُؤادِ: جبان كأَن قَلبه في ماء؛ عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
إنَّكَ يا جَهْضَمُ ما هي القلبِ
قال: كذا يُنْشِده، والأَصلُ مائِهُ القلبِ لأَنه مِن مُهْتُ. ورجل ماهٌ
أَي كثيرُ ماءِ القلب كقولك رجل مالٌ؛ وقال:
إنَّك يا جَهْضَمُ ماهُ القلبِ،
ضَخْمٌ عريضٌ مُجْرَئِشُّ الجَنْبِ
ماهُ
القلبِ: بلِيدٌ، والمُجْرئشُّ: المنتفخُ الجَنْبَين. وأَماهَتِ الأَرضُ:
كثُر ماؤها وظهر فيها النَّزُّ. وماهَتِ السفينةُ تَماهُ وتَموه
وأَماهَتْ: دخل فيها الماءُ. ويقال: أَماهَتِ السفينةُ بمعنى ماهَتْ. اللحياني:
ويقال امْهِنِي اسْقِِني. ومُهْتُ الرجلَ ومِهْتُه، بضم الميم وكسرها:
سقَيْتُه الماءَ. ومَوَّه القِدْرَ: أَكثر ماءَها. وأَماهَ الرجلَ
والسِّكِّينَ وغيرٍَهما: سَقاهُ الماءَ، وذلك حينَ تَسُنُّه به. وأَمَهْتُ
الدواةَ: صَبَبْتُ فيها الماء. ابن بُزُرْج: مَوَّهَت السماءُ أَسالَتْ ماءً
كثيراً. وماهَت البئرُ وأَماهت في كثرة مائها، وهي تَماهُ وتَموه إذا كثُر
ماؤها. ويقولون في حفْر البئر: أَمْهَى وأَماهَ؛ قال ابن بري: وقول امرئ
القيس:
ثم أَمْهاهُ على حَجَره
هو مقلوبٌ من أَماهَه، ووزنه أَفعله. والمَها: الحجر، مقلوب أَيضاً،
وكذلكَ المها ماءُ الفحل في رحم الناقة. وأَماهَ الفحلُ إذا أَلْقى ماءَه في
رَحِم الأُنثى.
ومَوَّهَ الشيءَ: طَلاهُ بذهبٍ أَو بفضةٍ وما تحت ذلك شََبَهٌ أَو
نُحاسٌأَو حديدٌ، ومنه التَّمْوِيهُ وهو التلبيسُ، ومنه قيل للمُخادِع:
مُمَوِّه. وقد مَوَّهَ فلانٌ
باطِلَه إذا زَيَّنه وأَراه في صورةِ الحقّ. ابن الأَعرابي: المَيْهُ
طِلاءُ السيفِ وغيرِه بماء الذهب؛ وأَنشد في نعت فرس:
كأَنَّه مِيهَ به ماءُ الذَّهَبْ
الليث: المُوهةُ لونُ الماء. يقال: ما أَحسن مُوهَةَ وجْهِهِ. قال ابن
بري: يقال وَجْهٌ مُمَوَّهٌ أَي مُزَيَّنٌ بماء الشَّباب؛ قال رؤبة:
لَمَّا رَأْْتْني خَلَقَ المُمَوَّهِ
والمُوهةُ: تَرَقْرُقُ الماء في وجه المرأَة الشابة. ومُوهةُ الشبابِ:
حُسْنُه وصَفاؤه. ويقال: عليه مُوهةٌ من حُسْنٍ ومُواهةٌ ومُوَّهةٌ
إذا مُنِحَه. وتَمَوَّهَ المالُ للسِّمَنِ إذا جرى في لحُومِه الربيعُ.
وتَمَوَّه العنَبُ إذا جرى فيهِ اليَنْعُ وحَسُنَ لَوْنُه. وكلامٌ عليه
مُوهةٌ أَي حُسْنٌ وحلاوةٌ، وفلانٌ مُوهةُ أَهلِ بيتِه. ابن سيده: وثَوْبُ
الماء الغِرْسُ الذي يكون على المولود؛ قال الراعي:
تَشُقُّ الطَّيْرُ ثَوْبَ الماء عنه،
بُعَيْدَ حياتِه، إلا الْوَتِينا
وماهَ الشيءَ بالشيء مَوْهاً: خَلَطَه؛ عن كراع. ومَوَّه عليه الخبرَ
إذا أَخْبَره بخلاف ما سَأَلَه عنه. وحكى اللحياني عن الأَسَدِيَّ: آهَة
وماهَة، قال: الآهَةُ الحَصْبةُ، والمَاهَةُ الجُدَرِيُّ.
وماهٌ: موضع، يُذَكَّرُ ويؤنث. ابن سيده: وماهُ مدينةٌ لا تَنْصرف لمكان
العُجْمة. وماهُ دينار: مدينة أَيضاً، وهي من الأَسماء المركبة. ابن
الأَعرابي: الْمَاهُ قصَبُ البلدِ، قال: ومنه ضُربَ هذا الدينارُ بماهِ
البَصْرة وماهِ فارسَ؛ الأَزهري: كأَنه معرّب. والْمَاهانِ: الدِّينَوَرُ
ونَهاوَنْدُ، أَحدُهما ماهُ الكوفةِ، والآخرُ ماهُ البصرةِ. وفي حديث الحسن:
كانَ أَصحابُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَشْتَرُون السَّمْنَ
المائيَّ؛ قال ابن الأَثير: هو منسوب إلى مواضعَ تُسَمَّى ماه يُعْملُ
بها، قال: ومنه قولهم ماهُ البصرةِ وماهُ الكوفةِ، وهو اسمٌ
للأَماكِن المضافة إلى كل واحدة منهما، فقَلَب الهاءَ في النَّسَب همزةً
أَو ياءً، قال: وليست اللفظةُ عربية. وماوَيْهِ: ماءٌ لبني العَنْبرِ
ببطن فَلْج؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وَرَدْنَ على ماوَيْه بالأَمْسِ نِسْوةٌ،
وهُنَّ على أَزْواجِهنَّ رُبوضُ
وماوِيَّةُ: اسمُ امرأَة؛ قال طرفة:
لا يَكُنْ حُبُّكِ داءً قاتِلاً،
ليس هذا مِنْكِ، ماوِيَّ، بِحُرْ
قال: وتصغيرُها مُوَيّة؛ قال حاتم طيء يخاطب ماوِيَّةَ وهي امرأَته:
فضارَتْه مُوَيُّ ولم تَضِرْني،
ولم يَعْرَقْ مُوَيّ لها جَبينِي
يعني الكَلِمةَ العَوْراء. وماهانُ: اسمٌ. قال ابن سيده: قال ابن جني لو
كان ماهانُ عربيّاً فكان من لفظ هَوَّمَ أَو هَيَّمَ لكان لَعْفانَ، ولو
كان من لفظ الوَهْم لكان لَفْعانَ، ولو كان من لفظ هَمَا لكان عَلْفانَ،
ولو وجد في الكلام تركيب وم هـ فكان ماهَانُ من لفظه لكان مثاله
عَفْلانَ، ولو كان من لفظ النَّهْم لكان لاعافاً، ولو كان من لفظ المُهَيْمِنِ
لكان عافالاً، ولو كان في الكلام تركيب م ن هـ فكان ماهانُ منه لكان
فاعالاً، ولو كان ن م هـ لكان عالافاً.
وماءُ السماءِ: لقب عامر بن حارثة الأَزْدِيّ، وهو أَبو عمرو
مُزَيْقِيَا الذي خرج من اليمن لما أَحَسَّ بسيل العَرِم، فسمي بذلك لأَنه كان إذا
أَجْدَبَ قومُه مانَهُمْ حتى يأْتيهم الخِصْبُ، فقالوا: هو ماءُ السماءِ
لأَنه خَلَفٌ
منه، وقيل لولده: بنو ماء السماء، وهم ملوك الشأْم؛ قال بعض الأَنصار:
أَنا ابنُ مُزَيْقِيَا عَمْرو، وجَدِّي
أَبوه عامرٌ ماءُ السماء
وماءُ السماء أَيضاً: لقَبُ أُمّ المُنْذِر بن امْرِئِ القَيْس
بن عَمْرو بن عَدِيّ بن ربيعة بن نَصْرٍ اللَّخْمِيّ، وهي ابنة عَوْفِ
بن جُشَمَ من النَّمِر بن قاسِطٍ، وسميت بذلك لجمالها، وقيل لولدها بنُو
ماءِ السماءِ، وهم ملوك العراق؛ قال زهير:
ولازَمْتُ المُلوكَ مِنَ آلِ نَصْرٍ،
وبعدَهُمُ بني ماءِ السماءِ
وفي حديث أَبي هريرة: أُمُّكم هاجَرُ يا بني ماءِ السماء؛ يريد العربَ
لأَنهم كانوا يَتَّبعون قَطْرَ السماء فينزلون حيث كان، وأَلفُ الماءِ
منقَلبةٌ عن واو. وحكى الكسائي: باتت الشَّاءُ ليلَتَها ماء ماء وماه ماه،
وهو حكاية صوتها.