(الــمنسج) النول
(الــمنسج) النول
كثب: الكَثَبُ، بالتحريك: القُرْبُ. وهو كَثَبَك أَي قُرْبَكَ؛ قال
سيبويه: لا يُستعمل إِلاَّ ظر فاً. ويقال: هو يَرْمِي من كَثَبٍ، ومِنْ
كَثَمٍ أَي من قُرْبٍ وتَمَكُّنٍ؛ أَنشد أَبو إِسحق:
فهذانِ يَذُودانِ، * وذا، مِنْ كَثَبٍ، يَرْمِي
وأَكْثَبَك الصيدُ والرَّمْيُ، وأَكْثَبَ لك: دنا منكَ وأَمْكَنَك، فارْمِه. وأَكْثَبُوا لكم: دَنَوْا منكم. النضر: أَكْثَبَ فلانٌ إِلى القوم أَي دنا منهم؛ وأَكْثَبَ إِلى الجَبل أَي دنا منه. وكاثَبْتُ القومَ أَي دَنَوْتُ منهم. وفي حديث بَدْرٍ: إِنْ أَكْثَبَكُمُ القومُ فانْبِلوهم؛ وفي رواية: إِذا
كَثَبُوكم فارْمُوهُمْ بالنَّبْل من كَثَب.
وأَكْثَبَ إِذا قارَبَ، والهمزة في أَكْثَبكم لتعدية كَثَبَ، فلذلك عَدّاها إِلى ضميرهم. وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي اللّه عنهما: وظَنَّ رجالٌ أَنْ قد أَكْثَبَتْ أَطْماعُهم أَي قَرُبَتْ.
ويقال: كَثَبَ القومُ إِذا اجتَمعوا، فهم كاثِـبُون. وكَثَبُوا لكم: دخَلوا بينكم وفيكم، وهو من القُرْب. وكَثَبَ الشيءَ يَكْثِـبُه ويَكْثُبه
كَثْباً: جَمَعَه من قُرْبٍ وصَبَّه؛ قال الشاعر:
لأَصْبَحَ رَتْماً دُقاقُ الـحَصَى، * مكانَ النبـيِّ من الكاثِبِ
قال: يريد بالنبـيِّ، ما نَبا من الـحَصَى إِذا دُقَّ فَنَدَر.
والكاثِبُ: الجامِـعُ لما ندَر منه؛ ويقال: هما موضعان، وسيأْتي في أَثناءِ هذه الترجمة أَيضاً. وفي حديث أَبي هريرة: كنتُ في الصُّفَّةِ، فبَعَثَ النبـيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، بتَمْرِ عَجْوةٍ فكُثِبَ بيننا، وقيل: كُلُوه ولا تُوَزِّعُوه أَي تُرِكَ بين أَيدينا مَجْموعاً. ومنه الحديث: جئتُ عليّاً، عليه السلام، وبين يديه قَرَنْفَلٌ مَكْثُوبٌ أَي مجموع. وانْكَثَبَ الرمل: اجْتَمع.
والكَثِـيبُ من الرمل: القِطْعةُ تَنْقادُ مُحْدَوْدِبةً. وقيل: هو ما
اجتَمع واحْدَوْدَبَ، والجمع: أَكْثِـبةٌ وكُثُبٌ وكُثْبانٌ، مُشْتَقٌّ من
ذلك، وهي تلالُ الرمل. وفي التنزيل العزيز: وكانتِ الجبالُ كَثيباً مَهِـيلاً. قال الفراء: الكَثيبُ الرَّمْل. والـمَهِـيلُ: الذي تُحَرِّكُ
أَسْفَلَه، فيَنْهالُ عليك من أَعلاه.
الليث: كَثَبْتُ الترابَ فانْكَثَب إِذا نَثَرْتَ بعضَه فوقَ بعض. أَبو
زيد: كَثَبْتُ الطعامَ أَكْثُبه كَثْباً، ونَثَرْتُه نَثْراً، وهما واحدٌ. وكلُّ ما انْصَبَّ في شيءٍ واجتمع، فقد انْكَثَب فيه. والكُثْبة من الماءِ واللَّبن: القَلِـيلُ منه؛ وقيل: هي مثل الجَرْعَةِ تَبْقَى في الإِناءِ؛ وقيل: قَدْرُ حَلْبة. وقال أَبو زيد: ملْءُ القَدَح من اللَّبن؛ ومنه
قولُ العرب، في بعض ما تَضَعُه على أَلسنة البهائم، قالت الضَّائنةُ: أُوَلَّدُ رُخالاً، وأُجَزُّ جُفَالاً، وأُحْلَبُ كُثَباً ثِقالاً، ولم
تَرَ مِثْلي مالاً. والجمع الكُثَبُ؛ قال الراجز:
بَرَّحَ بالعَيْنَيْنِ خطَّابُ الكُثَبْ،
يقولُ: إِني خاطِبٌ وقد كَذَبْ،
وإِنما يَخْطُبُ عُسّاً منْ حَلَبْ
يعني الرجلَ يَجيءُ بعِلَّةِ الخِطْبةِ، وإِنما يُريدُ القِرَى. قال ابن
الأَعرابي: يقال للرَّجُل إِذا جاءَ يَطْلُبُ القِرَى، بعِلَّةِ الخِطْبة: إِنه لَيَخْطُبُ كُثْبةً؛ وأَنشد الأَزهري لذي الرمة:
مَيْلاءَ، من مَعْدِنِ الصِّيرانِ، قاصِـيَةً، * أَبْعارُهُنَّ على أَهْدافِها كُثَبُ
وأَكْثَبَ الرجلَ: سقاه كُثْبةً من لَبَن. وكلُّ طائفةٍ من طعام أَو تمر
أَو تراب أَو نحو ذلك، فهو كُثْبةٌ، بعد أَن يكون قليلاً. وقيل: كلُّ
مُجْتَمِعٍ من طعامٍ، أَو غيره، بعد أَن يكون قليلاً، فهو كُثْبةٌ. ومنه
سُمِّيَ الكَثِـيبُ من الرمل، لأَنه انْصَبَّ في مكانٍ فاجتمع فيه. وفي
الحديث: ثلاثةٌ على كُثُبِ الـمِسْكِ، وفي رواية على كُثْبانِ الـمِسْك، هما جمع كَثِـيبٍ. والكَثِـيبُ: الرملُ الـمُسْتَطيلُ الـمُحْدَوْدِبُ. ويقال للتَّمْر، أَو للبُرِّ ونحوه إِذا كان مَصْبوباً في مواضع، فكُلُّ صُوبةٍ منها: كُثْبة. وفي حديثِ ماعزِ بن مالكٍ: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَمَر بِرَجْمِه حين اعْتَرَفَ بالزنى، ثم قال: يَعْمِدُ أَحَدُكم إِلى المرأَة الـمُغِـيبَة، فيَخْدَعُها بالكُثْبَة، لا أُوتى بأَحدٍ منهم فَعَلَ ذلك، إِلاَّ جعلْتُه نَكالاً. قال أَبو عبيد قال شُعْبةُ: سأَلتُ سِماكاً عن الكُثْبة، فقال: القليلُ من اللَّبن؛ قال أَبو عبيد: وهو كذلك في غير اللبن.
أَبو حاتم: احْتَلَبوا كُثَباً أَي من كلِّ شاةٍ شيئاً قليلاً. وقد كَثَبَ لَبَنُها إِذا قَلَّ إِمَّا عند غزارةٍ، وإِما عند قِلَّةِ كَلإٍ. والكُثْبة: كلُّ قليل جَمَعْتَه من طعام،أَو لبن، أَو غير ذلك. والكَثْباءُ، ممدود: التُّرابُ.
ونَعَمٌ كُثابٌ: كثير. والكُثَّابُ: السَّهْمُ (1)
(1 قوله «والكثاب السهم إلخ» ضبطه المجد كشداد ورمان.) عامَّةً، وما رماه بكُثَّابٍ أَي بسَهْمٍ؛ وقيل: هو الصغير من
السِّهام ههنا. الأَصمعي: الكُثَّابُ سهم لا نَصْلَ له، ولا ريشَ، يَلْعَبُ به الصِّبيان؛ قال الراجز في صفة الحية:
كأَنَّ قُرْصاً من طَحِـينٍ مُعْتَلِثْ، * هامَتُه في مِثْلِ كُثَّابِ العَبِثْ
وجاءَ يَكْثُبه أَي يَتْلُوه. والكاثِـبةُ من الفَرس: الـــمَنْسِجُ؛ وقيل: هو ما ارْتَفَعَ من الـــمَنْسِج؛ وقيل: هو مُقَدَّمُ الـــمَنْسِج، حيث تَقَع عليه يَدُ الفارِس، والجمعُ الكواثِبُ؛ وقيل: هي من أَصل العُنُق إِلى ما بين الكَتِفَيْن؛ قال النابغة:
لَـهُنَّ عليهم عادةٌ قد عَرَفْنَها، * إِذا عُرِضَ الخَطِّـيُّ فَوْقَ الكَواثِبِ
وقد قيل في جمعه: أَكْثابٌ؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف ذلك. وفي الحديث: يَضَعُونَ رِماحَهم على كَواثِبِ خيلهم، وهي من الفَرس، مُجْتَمع كَتِفَيْه قُدَّامَ السَّرْج.
والكاثِبُ: موضعٌ، وقيل: جبل؛ قال أَوْسُ بنُ حَجَر يَرْثي فَضالةَ بنَ كِلْدَة الأَسَدِيَّ:
على السَّيِّدِ الصَّعْبِ، لو أَنه * يَقُوم على ذِرْوَةِ الصَّاقِبِ
لأَصْبَحَ رَتْماً دُقاقُ الـحَصى، * مَكانَ النبـيّ من الكاثِبِ
النبـيُّ: موضع، وقيل: هو ما نَبا وارْتَفَع. قال ابن بري: النبـيُّ
رَمْل معروف؛ ويقال: هو جمع
نابٍ، كغازٍ وغَزِيٍّ. وقوله: لأَصْبَحَ، هو جواب لو في البيت الذي قبله؛ يقول: لو عَلا فَضالةُ هذا على الصاقِبِ، وهو جبل معروف في بلاد بني عامر، لأَصْبَحَ مَدْقُوقاً مكسوراً، يُعَظِّم بذلك أَمْرَ فَضالةَ. وقيل: إِن قوله يقوم، بمعنى يُقاومُه.
نسج: النَّسْجُ: ضَمُّ الشيء إِلى الشيء، هذا هو الأَصلُ. نَسَجه
يَنْسِجُه نَسْجاً فانْتَسَجَ ونَسَجت الريحُ الترابَ تَنْسِجُه نَسْجاً:
سَحَبَتْ بعضَه إِلى بعض. والريحُ تَنْسِج التراب إِذا نَسَجت المَوْرَ
والجَوْلَ على رُسومها
(* قوله «على رسومها» كذا بالأصل، وعبارة الأَساس: ومن
المجاز الريح تنسج رسم الدار، والتراب والرمل والماء إِذا ضربته فانتسجت
له طرائق كالحبك.). والريح تَنْسِجُ الماءَ إِذا ضَرَبَتْ مَتْنَه
فانْتَسَجَتْ له طرائِقُ كالحُبُكِ. ونَسَجَت الريحُ الرَّبْعَ إِذا تَعاوَرَتْه
رِيحانِ طولاً وعَرْضاً، لأَن الناسِجَ يَعترِضُ النسيجة فيُلْحِمُ ما
أَطالَ من السَّدَى. ونَسَجَت الريحُ الماءَ: ضَرَبَتْه فانْتَسَجت فيه
طَرائِقُ؛ قال زهير يصف وادياً:
مُكَلَّلٌ بعَمِيمِ النَّبْتِ، تَنْسِجُه
رِيحٌ خَريقٌ، لِضاحي مائِهِ حُبُك
ونَسَجت الريحُ الوَرقَ والهَشيمَ: جَمَعَتْ بعضَه إِلى بعض؛ قال حُميد
بن ثور:
وعادَ خُبَّازٌ يُسَقِّيه النَّدى
ذُراوَةً، تَنْسِجُه الهُوجُ الدُّرُجْ
والنَّسْج معروف، ونَسَجَ الحائِكُ الثوبَ يَنْسِجُه ويَنْسُجُه
نَسْجاً، مِن ذلك لأَنه ضَمَّ السَّدَى إِلى اللُّحْمة، وهو النَّسّاجُ،
وحِرْفَته النِّساجَة، وربما سُمِّي الدَّرَّاعُ نَسَّاجاً. وفي حديث جابر: فقام
في نِساجةٍ مُلْتَحِفاً بها؛ هي ضَرْبٌ من المَلاحِف مَنسوجة، كأَنها
سُمِّيت بالمصدر.
وقالوا في الرجل المحمود: هو نَسِيجُ وحْدِه؛ ومعناه أَن الثوبَ إِذا
كان كريماً لم يُنْسَجْ على مِنْوالِه غيرُه لِدِقَّتِه، وإِذا لم يكن
كريماً نَفِيساً دَقِيقاً عُمِلَ على مِنْوالِه سَدَى عِدَّةِ أَثوابٍ؛ وقال
ثعلب: نَسيجُ وَحْدِه الذي لا يُعْمَلُ على مثاله مِثْلُه؛ يُضْرَبُ
مثلاً لكل مَنْ بُولِغَ في مَدْحِه، وهو كقولك: فلان واحدُ عصرِه وقَرِيعُ
قَومِه، فنَسيجُ وَحْدِه أَي لا نظيرَ له في عِلم أَو غَيره، وأَصلُه في
الثوب لأَنَّ الثوبَ الرفيعَ لا يُنْسَجُ على مِنوالِه. وفي حديث عمر: مَنْ
يَدُلُّني على نَسيجِ وَحْدِه؟ يُريدُ رجلاً لا عَيْب فيه، وهو فَعِيلٌ
بمعنى مفعول، ولا يقال إِلاّ في المدح. وفي حديث عائشةَ أَنها ذكرت عمر
تَصِفُه، فقالت: كان واللهِ أَحْوَذِيّاً نَسِيجَ وَحْدِه؛ أَرادت: أَنه
كان مُنْقَطِعَ القَرِينِ.
والموضِعُ مَنْسِجٌ ومَنْسَجٌ. الأَزهري: مِنْسَجُ الثوب، بكسر الميم،
ومَنْسِجــه حيث يُنْسَج، حكاه عن شمر. ابن سيده: والــمِنْسَجُ والــمِنْسِج،
بكسر الميم، كلُّه: الخشبة والأَداة المستعملة في النِّساجة التي يُمَدُّ
عليها الثوب للنَّسْج؛ وقيل: الــمِنْسجُ، بالكسر، لا غير: الحَفُّ خاصة.
ونَسَجَ الكذَّابُ الزُّورَ: لَفَّقَه. ونَسَج الشاعرُ الشِّعْر:
نَظَمَه. والشاعرُ يَنْسِجُ الشِّعْر، والكذَّابُ يَنْسِجُ الزُّورَ، ونَسَجَ
الغَيْثُ النباتَ، كلُّه على المَثَل. ونسَجَت الناقةُ في سيرِها
تَنْسِجُ، وهي نَسُوجٌ: أَسْرَعَتْ نَقْلَ قوائِمِها؛ وقيل: النَّسُوجُ من الإِبل
التي لا يَثْبُت حِملُها ولا قَتَبُها عليها إِنما هو مضطرِبٌ. وناقة
نَسُوجٌ وَسُوجٌ: تَنْسِج وتَسِجُ في سَيرها، وهو سُرعة نَقْلِها
قَوائمَها. ومِنْسَجُ الدابة، بكسر الميم وفتح السين، ومَنْسِجُــه: أَسْفَلُ من
حارِكه، وقيل: هو ما بين العُرْف وموضع اللِّبْد؛ قال أَبو ذؤيب:
مُسْتَقْبِل الرِّيحِ يَجري فَوقَ مَنْسِجِــه،
إِذا يُراعُ اقْشَعَرَّ الكَشْحُ والعَضُد
أَراد: اقْشَعَرَّ الكَشحُ والعَضُدُ منه. التهذيب: والــمِنْسَجُ
المُنْتَبِرُ من كاثبة الدابة عند منتهى مَنْبِت العُرْف تحتَ القَرَبوس
المقَدَّم؛ وقيل: سُمِّي مِنْسَجَ الفَرَسِ لأَن عَصَبَ العُنُق يَجيء قِبَلَ
الظَّهْر، وعَصَبُ الظَّهْر يذهبُ قِبَلَ العُنُق فيَنْسِجُ على
الكَتِفَين. أَبو عبيد: الــمَنْسِجُ والحارِك ما شَخَص من فُروع الكَتِفَين إِلى
أَصل العُنُق إِلى مُسْتوى الظَّهر، والكاهِلُ خَلْف الــمَنْسِج. وفي الحديث:
بَعَث رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، زيدَ بنَ حارثة إِلة جُذامَ،
فأَوّلُ من لَقِيهم رجُلٌ على فَرَسٍ أَدْهَم كان ذَكرُه على مَنْسج فرَسِه؛
قال: الــمَنْسِجُ ما بين مَغْرِز العُنُق إِلى مُنْقَطَع الحارِك في
الصُّلْب؛ وقيل: الــمَنْسِجُ والحاركُ والكاهِلُ ما شَخَص من فروع الكتِفَين
إِلى أَصل العُنُق؛ وقيل: هو، بكسر الميم، للفَرَس بمنزلة الكاهِلِ من
الإِنسان، والحارِك من البعير. وفي الحديث: رجالٌ جاعِلو أَرماحِهِم على
مَناسِجِ خيولهم، هي جمع الــمَنْسِج.
ابن شميل: النَّسُوجُ من الإِبل التي تقدِّم جَهازَها إِلى كاهِلِها
لشدّة سَيرها.
ثعلب عن ابن الأَعرابي: النُّسُج السَّجَّادات.
شعب: الشَّعْبُ: الجَمعُ، والتَّفْريقُ، والإِصلاحُ، والإِفْسادُ: ضدٌّ.
وفي حديث ابن عمر: وشَعْبٌ صَغِـيرٌ من شَعْبٍ كبيرٍ أَي صَلاحٌ قلِـيلٌ من فَسادٍ كَثِـيرٍ. شَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً، فانْشَعَبَ، وشَعَّبَه
فَتَشَعَّب؛ وأَنشد أَبو عبيد لعليّ بنِ غَديرٍ الغَنَويِّ في الشَّعْبِ
بمعنى التَّفْريق:
وإِذا رأَيتَ المرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَهُ، * شَعْبَ العَصا، ويَلِـجُّ في العِصْيانِ
قال: معناه يُفَرِّقُ أَمْرَه. قال الأَصْمَعِـيُّ: شَعَبَ الرَّجُلُ أَمْرَهُ إِذا شَتَّتَه
وفَرَّقَه.وقال ابن السِّكِّيت في الشَّعْبِ: إِنه يكونُ بمَعْنَيَيْنِ، يكونُ إِصْلاحاً، ويكونُ تَفْريقاً. وشَعْبُ الصَّدْعِ في الإِناءِ:
إِنما هو إِصلاحُه ومُلاءَمَتُه، ونحوُ ذلك. والشَّعْبُ: الصَّدْعُ الذي
يَشْعَبُهُ الشَّعّابُ، وإِصْلاحُه أَيضاً الشَّعْبُ. وفي الحديث:
اتَّخَذَ مكانَ الشَّعْبِ سِلْسلةً؛ أَي مكانَ الصَّدْعِ والشَّقِّ الذي فيه.
والشَّعّابُ: الـمُلَئِّمُ، وحِرْفَتُه الشِّعابةُ. والـمِشْعَبُ: الـمِثْقَبُ الـمَشْعُوبُ به.
والشَّعِـيبُ: الـمَزادةُ الـمَشْعُوبةُ؛ وقيل: هي التي من أَديمَين؛
وقيل: من أَدِمَينِ يُقابَلان، ليس فيهما فِئامٌ في زَواياهُما؛ والفِئامُ
في الـمَزايدِ: أَن يُؤْخَذَ الأَدِيمُ فيُثْنى، ثم يُزادُ في جَوانِـبِها
ما يُوَسِّعُها؛ قال الراعي يَصِفُ إِبِلاً تَرعَى في العَزيبِ:
إِذا لمْ تَرُحْ، أَدَّى إِليها مُعَجِّلٌ، * شَعِـيبَ أَدِيمٍ، ذا فِراغَينِ مُتْرَعا
يعني ذا أَدِيمَين قُوبِلَ بينهما؛ وقيل: التي تُفْأَمُ بجِلْدٍ ثالِثٍ
بين الجِلْدَين لتَتَّسِعَ؛ وقيل: هي التي من قِطْعَتَينِ، شُعِبَتْ
إِحداهُما إِلى الأُخرى أَي ضُمَّتْ؛ وقيل: هي الـمَخْرُوزَةُ من وَجْهينِ؛ وكلُّ ذلك من الجمعِ.
والشَّعِـيبُ أَيضاً: السِّقاءُ البالي، لأَنه يُشْعَب، وجَمْعُ كلِّ
ذلك شُعُبٌ. والشَّعِـيبُ، والـمَزادةُ، والراويَةُ، والسَّطيحةُ: شيءٌ
واحدٌ، سمي بذلك، لأَنه ضُمَّ بعضُه إِلى بعضٍ.
ويقال: أَشْعَبُه فما يَنْشَعِبُ أَي فما يَلْتَئِمُ.
ويُسَمَّى الرحلُ شَعِـيباً؛ ومنه قولُ الـمَرّار يَصِفُ ناقةً:
إِذا هي خَرَّتْ، خَرَّ، مِن عن يمينِها، * شَعِـيبٌ، به إِجْمامُها ولُغُوبُها(1)
(1 قوله «من عن يمينها» هكذا في الأصل والجوهري والذي في التهذيب من عن شمالها.)
يعني الرحْل، لأَنه مَشْعوب بعضُه إِلى بعضٍ أَي مضمومٌ.
وتقول: التَـأَمَ شَعْبُهم إِذا اجتمعوا بعد التفَرُّقِ؛ وتَفَرَّقَ
شَعْبُهم إِذا تَفَرَّقُوا بعد الاجتماعِ؛ قال الأَزهري: وهذا من عجائب
كلامِهم؛ قال الطرماح:
شَتَّ شَعْبُ الحيِّ بعد التِئامِ، * وشَجاكَ، اليَوْمَ، رَبْعُ الـمُقامِ
أَي شَتَّ الجميعُ.
وفي الحديث: ما هذه الفُتْيا التي شَعَبْتَ بها الناسَ؟ أَي فرَّقْتَهم.
والـمُخاطَبُ بهذا القول ابنُ عباسٍ، في تحليلِ الـمُتْعةِ،
والـمُخاطِبُ له بذلك رَجُلٌ من بَلْهُجَيْم.
والشَّعْبُ: الصدعُ والتَّفَرُّقُ في الشيءِ، والجمْع شُعوبٌ.
والشُّعْبةُ: الرُّؤْبةُ، وهي قِطْعةٌ يُشْعَب بها الإِناءُ.
يقال: قَصْعةٌ مُشَعَّبة أَي شُعِبَتْ في مواضِـعَ منها، شُدِّدَ
للكثرة.
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، وَوَصَفَتْ أَباها، رضي اللّه عنه: يَرْأَبُ شَعْبَها أَي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَ أَمْرِ الأُمّةِ وكلِمَتَها؛ وقد
يكونُ الشَّعْبُ بمعنى الإِصلاحِ، في غير هذا، وهو من الأَضْدادِ.
والشَّعْبُ: شَعْبُ الرَّأْسِ، وهو شأْنُه الذي يَضُمُّ قَبائِلَه،
وفي الرَّأْسِ أَربَعُ قَبائل؛ وأَنشد:
فإِنْ أَوْدَى مُعَوِيَةُ بنُ صَخْرٍ، * فبَشِّرْ شَعْبَ رَأْسِكَ بانْصِداعِ
وتقول: هما شَعْبانِ أَي مِثْلانِ.
وتَشَعَّبَتْ أَغصانُ الشجرة، وانْشَعَبَتْ: انْتَشَرَت وتَفَرَّقَتْ.
والشُّعْبة من الشجر: ما تَفَرَّقَ من أَغصانها؛ قال لبيد:
تَسْلُبُ الكانِسَ، لم يُؤْرَ بها، * شُعْبةَ الساقِ، إِذا الظّلُّ عَقَل
شُعْبةُ الساقِ: غُصْنٌ من أَغصانها. وشُعَبُ الغُصْنِ: أَطرافُه
الـمُتَفَرِّقَة، وكلُّه راجعٌ إِلى معنى الافتراقِ؛ وقيل: ما بين كلِّ
غُصْنَيْن شُعْبةٌ؛ والشُّعْبةُ، بالضم: واحدة الشُّعَبِ، وهي الأَغصانُ. ويقال: هذه عَصاً في رأْسِها شُعْبَتانِ؛ قال الأَزهري: وسَماعي من العرب: عَصاً في رَأْسِها شُعْبانِ، بغير تاء.
والشُّعَبُ: الأَصابع، والزرعُ يكونُ على ورَقة، ثم يُشَعِّبُ.
وشَعَّبَ الزرعُ، وتَشَعَّبَ: صار ذا شُعَبٍ أَي فِرَقٍ.
والتَّشَعُّبُ: التفرُّق. والانْشِعابُ مِثلُه.
وانْشَعَبَ الطريقُ: تَفَرَّقَ؛ وكذلك أَغصانُ الشجرة. وانْشَعَبَ
النَّهْرُ وتَشَعَّبَ: تَفرَّقَتْ منه أَنهارٌ. وانْشَعَبَ به القولُ: أَخَذَ
به من مَعْـنًى إِلى مَعْـنًى مُفارِقٍ للأَولِ؛ وقول ساعدة:
هَجَرَتْ غَضُوبُ، وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ، * وعَدَتْ عَوادٍ، دُونَ وَلْيِـكَ، تَشْعَبُ
قيل: تَشْعَبُ تَصْرِفُ وتَمْنَع؛ وقيل: لا تجيءُ على القصدِ.
وشُعَبُ الجبالِ: رؤُوسُها؛ وقيل: ما تفرَّقَ من رؤُوسِها. الشُّعْبةُ:
دون الشِّعْبِ، وقيل: أُخَيَّة الشِّعْب، وكلتاهما يَصُبُّ من الجبل.
والشِّعْبُ: ما انْفَرَجَ بين جَبَلَينِ. والشِّعْبُ: مَسِـيلُ الماء في
بطنٍ من الأَرضِ، له حَرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُه بَطْحةُ رجُلٍ، إِذا انْبَطَح، وقد يكون بين سَنَدَيْ جَبَلَين.
والشُّعْبةُ: صَدْعٌ في الجبلِ، يأْوي إِليه الطَّيرُ، وهو منه.
والشُّعْبةُ: الـمَسِيلُ في ارتفاعِ قَرارَةِ الرَّمْلِ. والشُّعْبة: الـمَسِـيلُ
الصغيرُ؛ يقال: شُعْبةٌ حافِلٌ أَي مُمتلِئة سَيْلاً. والشُّعْبةُ: ما
صَغُرَ عن التَّلْعة؛ وقيل: ما عَظُمَ من سَواقي الأَوْدِيةِ؛ وقيل:
الشُّعْبة ما انْشَعَبَ من التَّلْعة والوادي، أَي عَدَل عنه، وأَخَذ في طريقٍ غيرِ طريقِه، فتِلك الشُّعْبة، والجمع شُعَبٌ وشِعابٌ. والشُّعْبةُ: الفِرْقة والطائفة من الشيءِ. وفي يده شُعْبةُ خيرٍ، مَثَلٌ بذلك. ويقال: اشْعَبْ لي شُعْبةً من المالِ أَي أَعْطِني قِطعة من مالِكَ. وفي يدي شُعْبةٌ من مالٍ. وفي الحديث: الحياءُ شُعْبةٌ من الإِيمانِ أَي طائفةٌ منه وقِطعة؛ وإِنما جَعَلَه بعضَ الإِيمان، لأَنَّ الـمُسْتَحِـي يَنْقَطِـعُ لِحيائِه عن المعاصي، وإِن لم تكن له تَقِـيَّةٌ، فصار كالإِيمانِ الذي يَقْطَعُ بينَها وبينَه. وفي حديث ابن مسعود:
الشَّبابُ شُعْبة من الجُنونِ، إِنما جَعَله شُعْبةً منه، لأَنَّ الجُنونَ يُزِيلُ العَقْلَ، وكذلك الشَّبابُ قد يُسْرِعُ إِلى قِلَّةِ العَقْلِ، لِـما فيه من كثرةِ الـمَيْلِ إِلى الشَّـهَوات، والإِقْدامِ على الـمَضارّ. وقوله تعالى: إِلى ظِلٍّ ذي ثَلاثِ شُعَبٍ؛ قال ثعلب: يقال إِنَّ النارَ يومَ القيامة، تَتَفَرَّقُ إِلى ثلاثِ فِرَقٍ، فكُـلَّما ذهبُوا
أَن يخرُجوا إِلى موضعٍ، رَدَّتْـهُم. ومعنى الظِّلِّ ههنا أَن النارَ أَظَلَّتْه، لأَنـَّه ليس هناك ظِلٌّ.
وشُعَبُ الفَرَسِ وأَقْطارُه: ما أَشرَفَ منه، كالعُنُقِ والـــمَنْسِج؛
وقيل: نواحِـيه كلها؛ وقال دُكَينُ ابنُ رجاء:
أَشَمّ خِنْذِيذٌ، مُنِـيفٌ شُعَبُهْ، * يَقْتَحِمُ الفارِسَ، لولا قَيْقَبُه
الخِنْذِيذُ: الجَيِّدُ من الخَيْلِ، وقد يكون الخصِـيَّ أَيضاً. وأَرادَ بقَيْقَبِه: سَرْجَه.
والشَّعْبُ: القَبيلةُ العظيمةُ؛ وقيل: الـحَيُّ العظيمُ يتَشَعَّبُ من
القبيلةِ؛ وقيل: هو القبيلةُ نفسُها، والجمع شُعوبٌ. والشَّعْبُ: أَبو القبائِلِ الذي يَنْتَسِـبُون إِليه أَي يَجْمَعُهُم ويَضُمُّهُم. وفي التنزيل: وجعَلناكم شُعُوباً وقبائِلَ لتعارَفُوا. قال ابن عباس، رَضي اللّه عنه، في ذلك: الشُّعُوبُ الجُمّاعُ، والقبائلُ البُطُونُ، بُطونُ العرب، والشَّعْبُ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب والعجم. وكلُّ جِـيلٍ شَعْبٌ؛ قال ذو الرمة:
لا أَحْسِبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدَّةً، أَبداً، * ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحداً، شُعَبُ
والجَمْعُ كالجَمْعِ. ونَسَب الأَزهري الاستشهادَ بهذا البيت إِلى
الليث، فقال: وشُعَبُ الدَّهْر حالاتُه، وأَنشد البيت، وفسّره فقال: أَي ظَنَنْت أَن لا يَنْقَسِمَ الأَمرُ الواحد إِلى أُمورٍ كثيرةٍ؛ ثم قال: لم
يُجَوِّد الليثُ في تفسير البيت، ومعناه: أَنه وصفَ أَحياءً كانوا مُجتَمِعينَ في الربيعِ، فلما قَصَدُوا الـمَحاضِرَ، تَقَسَّمَتْهُم المياه؛ وشُعَب القومِ نِـيّاتُهم، في هذا البيت، وكانت لكلِّ فِرْقَةٍ منهم نِـيَّة غيرُ نِـيّة الآخَرينَ، فقال: ما كنتُ أَظُنُّ أَنَّ نِـيَّاتٍ مختَلِفةً تُفَرِّقُ نِـيَّةً مُجْتمعةً. وذلك أَنهم كانوا في مُنْتَواهُمْ ومُنْتَجَعِهم مجتمعين على نِـيَّةٍ واحِدةٍ، فلما هاجَ العُشْبُ، ونَشَّتِ الغُدرانُ، توزَّعَتْهُم
الـمَحاضِرُ، وأَعْدادُ الـمِـياهِ؛ فهذا معنى قوله:
ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحداً شُعَبُ
وقد غَلَبَتِ الشُّعوبُ، بلفظِ الجَمْعِ، على جِـيلِ العَجَمِ، حتى قيل
لـمُحْتَقرِ أَمرِ العرب: شُعُوبيٌّ، أَضافوا إِلى الجمعِ لغَلَبَتِه على
الجِـيلِ الواحِد، كقولِهم أَنْصاريٌّ.
والشُّعوبُ: فِرقَةٌ لا تُفَضِّلُ العَرَبَ على العَجَم.
والشُّعوبيُّ: الذي يُصَغِّرُ شأْنَ العَرَب، ولا يَرَى لهم فضلاً على
غيرِهم. وأَما الذي في حديث مَسْروق: أَنَّ رَجلاً من الشُّعوبِ أَسلم، فكانت تؤخذُ منه الجِزية، فأَمرَ عُمَرُ أَن لا تؤخذَ منه، قال ابن الأَثير: الشعوبُ ههنا العجم، ووجهُه أَن الشَّعْبَ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب، أَو العجم، فخُصَّ بأَحَدِهِما، ويجوزُ أَن يكونَ جمعَ الشُّعوبيِّ، وهو الذي يصَغِّرُ شأْنَ العرب، كقولِهم اليهودُ والمجوسُ، في جمع اليهوديِّ والمجوسيِّ. والشُّعَبُ: القبائِل.
وحكى ابن الكلبي، عن أَبيه: الشَّعْبُ أَكبرُ من القبيلةِ، ثم
الفَصيلةُ، ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ. قال الشيخ ابن بري: الصحيح في هذا ما رَتَّبَه الزُّبَيرُ ابنُ بكَّارٍ: وهو الشَّعْبُ، ثم القبيلةُ، ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ، ثم الفصيلة؛ قال أَبو أُسامة: هذه الطَّبَقات على ترتِـيب خَلْق الإِنسانِ، فالشَّعبُ أَعظمُها، مُشْتَقٌّ من شَعْبِ الرَّأْسِ، ثم القبيلةُ من قبيلةِ الرّأْسِ لاجْتماعِها، ثم العِمارةُ وهي الصَّدرُ،
ثم البَطنُ، ثم الفخِذُ، ثم الفصيلة، وهي الساقُ.والشعْبُ، بالكسرِ: ما انْفَرَجَ بينَ جبلين؛ وقيل: هو الطَّريقُ في الجَبَلِ، والجمعُ الشِّعابُ. وفي الـمَثَل: شَغَلَتْ شِعابي جَدْوايَ أَي شَغَلَتْ كَثرةُ المؤُونة عَطائي عن الناسِ؛ وقيل: الشِّعْبُ مَسِـيلُ الماءِ، في بَطْنٍ منَ الأَرضِ، لهُ جُرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُهُ بطْحَةُ رَجُلٍ. والشُّعْبة: الفُرْقة؛ تقول: شَعَبَتْهم المنية أَي فرَّقَتْهم، ومنه سميت المنية شَعُوبَ، وهي معرفة لا تنصرف، ولا تدخلها الأَلف
واللام. وقيل: شَعُوبُ والشَّعُوبُ، كِلْتاهُما الـمَنِـيَّة، لأَنها
تُفَرِّقُ؛ أَمـّا قولهم فيها شَعُوبُ، بغير لامٍ، والشَّعوبُ باللام، فقد يمكن أَن يكونَ في الأَصل صفةً، لأَنه، من أَمْثِلَةِ الصِّفاتِ، بمنزلة قَتُولٍ وضَروبٍ، وإِذا كان كذلك، فاللامُ فيه بمنزلتِها في العَبّاسِ والـحَسَنِ والـحَرِثِ؛ ويؤَكِّدُ هذا عندَكَ أَنهم قالوا في اشْتِقاقِها، إِنها سُمِّيَتْ شَعُوبَ، لأَنها تَشْعَبُ أَي تُفَرِّقُ، وهذا المعنى يؤَكِّدُ الوَصْفِـيَّةَ فيها، وهذا أَقْوى من أَن تُجْعَلَ اللام زائدةً. ومَن قال شَعُوبُ، بِلا لامٍ، خَلَصَتْ عندَه اسْماً صريحاً، وأَعْراها في اللفظ مِن مَذْهَبِ الصفةِ، فلذلك لم يُلْزمْها اللام، كما فَعَلَ ذلك من قال عباسٌ وحَرِثٌ، إِلاَّ أَنَّ روائِحَ الصفةِ فيه على كلِّ حالٍ، وإِنْ لم تكن فيه لامٌ، أَلا ترَى أَنَّ أَبا زيدٍ حَكَى أَنهم يُسَمُّونَ الخُبزَ جابِرَ بن حبَّة؟ وإِنما سَمَّوهُ بذلك، لأَنه يَجْبُر الجائِعَ؛ فقد تَرَى معنى الصِّفَةِ فيه، وإِن لم تَدْخُلْهُ اللامُ. ومِن ذلك قولهم: واسِطٌ؛ قال سيبويه: سَمَّوهُ واسِطاً، لأَنه وَسَطَ بينَ العِراقِ
والبَصْرَة، فمعنى الصفةِ فيه، وإِن لم يكن في لفظِه لامٌ.
وشاعَبَ فلانٌ الحياةَ، وشاعَبَتْ نَفْسُ فلانٍ أَي زَايَلَتِ الـحَياةَ
وذَهَبَت؛ قال النابغة الجعدي:
ويَبْتَزُّ فيه المرءُ بَزَّ ابْنِ عَمِّهِ، * رَهِـيناً بِكَفَّيْ غَيْرِه، فَيُشاعِبُ
يشَاعِبُ: يفَارِق أَي يُفارِقُه ابنُ عَمِّه؛ فَبزُّ ابنِ عَمِّه:
سِلاحُه. يَبْتَزُّه: يأْخُذُه.
وأَشْعَبَ الرجلُ إِذا ماتَ، أَو فارَقَ فِراقاً لا يَرْجِـعُ. وقد شَعَبَتْه شَعُوبُ أَي الـمَنِـيَّة، تَشْعَبُه، فَشَعَب، وانْشَعَب، وأَشْعَبَ أَي ماتَ؛ قال النابغة الجعدي:
أَقَامَتْ بِهِ ما كانَ، في الدَّارِ، أَهْلُها، * وكانُوا أُناساً، مِنْ شَعُوبَ، فأَشْعَبُوا
تَحَمَّلَ منْ أَمْسَى بِهَا، فَتَفَرَّقُوا * فَريقَيْن، مِنْهُمْ مُصْعِدٌ ومُصَوِّبُ
قال ابن بري: صَوابُ إِنْشادِه، على ما رُوِيَ في شعره: وكانوا شُعُوباً من أُناسٍ أَي مـمَّنْ تَلْحَقُه شَعُوبُ. ويروى: من شُعُوب، أَي كانوا من الناس الذين يَهْلِكُون فَهَلَكُوا.
ويقال للمَيِّتِ: قد انْشَعَبَ؛ قال سَهْم الغنوي:
حتى تُصادِفَ مالاً، أَو يقال فَـتًى * لاقَى التي تشْعَبُ الفِتْيانَ، فانْشَعَبَا
ويقال: أَقَصَّتْه شَعُوب إِقْصاصاً إِذا أَشْرَفَ على الـمَنِـيَّة، ثم
نَجَا. وفي حديث طلحة: فما زِلْتُ واضِعاً رِجْلِـي على خَدِّه حتى
أَزَرْتُه شَعُوبَ؛ شَعُوبُ: من أَسماءِ الـمَنِـيَّةِ، غيرَ مَصْروفٍ،
وسُمِّيَتْ شعُوبَ، لأَنـَّها تُفَرِّقُ. وأَزَرْتُه: من الزيارةِ.
(يتبع...)
(تابع... 1): شعب: الشَّعْبُ: الجَمعُ، والتَّفْريقُ، والإِصلاحُ، والإِفْسادُ: ضدٌّ.... ...
وشَعَبَ إِليهم في عدد كذا: نَزَع، وفارَقَ صَحْبَهُ.
والـمَشْعَبُ: الطَّريقُ. ومَشْعَبُ الـحَقِّ: طَريقُه الـمُفَرِّقُ بينَه وبين الباطلِ؛ قال الكميت:
وما لِـيَ، إِلاَّ آلَ أَحْمَد، شِـيعةٌ، * وما لِـيَ، إِلاَّ مَشْعَبَ الحقِّ، مَشْعَبُ
والشُّعْبةُ: ما بين القَرْنَيْنِ، لتَفْريقِها بينهما؛ والشَّعَبُ: تَباعُدُ ما بينهما؛ وقد شَعِبَ شَعَباً، وهو أَشْعَبُ.
وظَبْـيٌ أَشْعَبُ: بَيِّنُ الشَّعَب، إِذا تَفَرَّقَ قَرْناه، فتَبايَنَا بينُونةً شديدةً، وكان ما بين قَرْنَيْه بعيداً جدّاً، والجمع شُعْبٌ؛
قال أَبو دُوادٍ:
وقُصْرَى شَنِجِ الأَنْساءِ، * نَـبَّاجٍ من الشُّعْبِ
وتَيْسٌ أَشْعَبُ إِذا انْكَسَرَ قَرْنُه، وعَنْزٌ شَعْبَاءُ. والشَّعَبُ أَيضاً: بُعْدُ ما بين الـمَنْكِـبَيْنِ، والفِعلُ كالفِعلِ. والشاعِـبانِ: الـمَنْكِبانِ، لتَباعُدِهِما، يَمانِـيَةٌ. وفي الحديث: إِذا قَعَدَ الرَّجُلُ من المرأَةِ ما بين شُعَبِها الأَرْبعِ، وَجَبَ عليه الغُسْلُ. شُعَبُها الأَرْبعُ: يَداها ورِجْلاها؛ وقيل: رِجْلاها وشُفْرا فَرْجِها؛ كَنى بذلك عن تَغْيِـيبِه الـحَشَفَة في فَرْجِها.
وماءٌ شَعْبٌ: بعيدٌ، والجمع شُعُوبٌ؛ قال:
كما شَمَّرَتْ كَدْراءُ، تَسْقِـي فِراخَها * بعَرْدَةَ، رِفْهاً، والمياهُ شُعُوبُ
وانْشَعَبَ عنِّي فُلانٌ: تباعَدَ. وشاعَبَ صاحبَه: باعَدَه؛ قال:
وسِرْتُ، وفي نَجْرانَ قَلْبـي مُخَلَّفٌ، * وجِسْمي، ببَغْدادِ العِراقِ، مُشاعِبُ
وشَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً إِذا صَرَفَه. وشَعَبَ اللجامُ الفَرَسَ إِذا كَفَّه؛ وأَنشد:
شاحِـيَ فيه واللِّجامُ يَشْعَبُهْ
وشَعْبُ الدار: بُعْدُها؛ قال قيسُ بنُ ذُرَيْحٍ:
وأَعْجَلُ بالإِشْفاقِ، حتى يَشِفَّـنِـي، * مَخافة شَعْبِ الدار، والشَّمْلُ جامِـعُ
وشَعْبانُ: اسمٌ للشَّهْرِ، سُمِّيَ بذلك لتَشَعُّبِهم فيه أَي
تَفَرُّقِهِم في طَلَبِ الـمِـياهِ، وقيل في الغاراتِ. وقال ثعلب: قال بعضهم إِنما سُمِّيَ شَعبانُ شَعبانَ لأَنه شَعَبَ، أَي ظَهَرَ بين شَهْرَيْ رمضانَ ورَجَبٍ، والجمع شَعْباناتٌ، وشَعابِـينُ، كرمضانَ ورَمَاضِـينَ. وشَعبانُ: بَطْنٌ من هَمْدانَ، تَشَعَّب منَ اليَمَنِ؛ إِليهم يُنْسَبُ عامِرٌ الشَّعْبِـيُّ، رحمه اللّه، على طَرْحِ الزائدِ. وقيل: شَعْبٌ جبلٌ باليَمَنِ، وهو ذُو شَعْبَيْنِ، نَزَلَه حَسَّانُ بنُ عَمْرو الـحِمْيَرِيُّ وَولَدُه، فنُسِـبوا إِليه؛ فمن كان منهم بالكوفة، يقال لهم الشَّعْبِـيُّونَ، منهم عامرُ بنُ شَراحِـيلَ الشَّعْبِـيُّ، وعِدادُه في هَمْدانَ؛ ومن كان منهم بالشامِ، يقالُ لهم الشَّعْبانِـيُّون؛ ومن كان منهم باليَمَن، يقالُ لهم آلُ ذِي شَعْبَيْنِ، ومَن كان منهم بمصْرَ
والـمَغْرِبِ، يقال لهم الأُشْعُوبُ. وشَعَب البعيرُ يَشْعَبُ شَعْباً: اهْتَضَمَ الشجرَ من أَعْلاهُ. قال ثعلبٌ، قال النَّضْر: سمعتُ أَعرابياً حِجازيّاً باعَ بعيراً له، يقولُ: أَبِـيعُكَ،
هو يَشْبَعُ عَرْضاً وشَعْباً؛ العَرْضُ: أَن يَتَناوَلَ الشَّجَرَ من أَعْراضِه.
وما شَعَبَك عني؟ أَي ما شَغَلَكَ؟ والشِّعْبُ: سِمَةٌ لبَنِـي مِنْقَرٍ، كهَيْئةِ الـمِحْجَنِ وصُورَتِه، بكسر الشين وفتحها.
وقال ابن شميل: الشِّعابُ سِمَةٌ في الفَخِذ، في طُولِها خَطَّانِ،
يُلاقى بين طَرَفَيْهِما الأَعْلَيَيْنِ، والأَسْفَلانِ مُتَفَرِّقانِ؛ وأَنشد:
نار علَيْها سِمَةُ الغَواضِرْ: * الـحَلْقَتانِ والشِّعابُ الفاجِرْ
وقال أَبو عليّ في التذكِرةِ: الشَّعْبُ وسْمٌ مُجْتَمِـعٌ أَسفلُه،
مُتَفَرِّقٌ أَعلاه.
وجَمَلٌ مَشْعُوبٌ، وإِبلٌ مُشَعَّبةٌ: مَوْسُومٌ بها. والشَّعْبُ: موضعٌ.
وشُعَبَـى، بضم الشين وفتح العين، مقصورٌ: اسمُ موضعٍ في جبل طَيِّـئٍ؛ قال جرير يهجو العباس بن يزيد الكِنْدِي:
أَعَبْداً حَلَّ، في شُعَبَـى، غَريباً؟ * أَلُؤْماً، لا أَبا لَكَ، واغْتِرابا!
قال الكسائي: العرب تقولُ أَبي لكَ وشَعْبـي لكَ، معناه فَدَيْتُك؛
وأَنشد:
قالَتْ: رأَيتُ رَجُلاً شَعْبـي لَكْ، * مُرَجَّلاً، حَسِبْتُه تَرْجِـيلَكْ
قال: معناه رأَيتُ رجُلاً فدَيْتُك، شَبَّهتُهُ إِيَّاك.
وشعبانُ: موضعٌ بالشامِ.
والأَشْعَب: قَرْيةٌ باليَمامَةِ؛ قال النابغة الجَعْدي:
فَلَيْتَ رسُولاً، له حاجةٌ * إِلى الفَلَجِ العَوْدِ، فالأَشْعَبِ
وشَعَبَ الأَمِـيرُ رسولاً إِلى موضعِ كذا أَي أَرسَلَه.
وشَعُوبُ: قَبِـيلة؛ قال أَبو خِراشٍ:
مَنَعْنا، مِنْ عَدِيِّ، بَني حُنَيْفٍ، * صِحابَ مُضَرِّسٍ، وابْنَيْ شَعُوبَا
فأَثْنُوا، يا بَنِـي شِجْعٍ، عَلَيْنا، * وحَقُّ ابْنَيْ شَعُوبٍ أَن يُثِـيبا
قال ابن سيده: كذا وجدنا شَعُوبٍ مَصْروفاً في البيت الأَخِـير، ولو لمْ يُصْرَفْ لاحْتَمل الزّحافَ. وأَشْعَبُ: اسمُ رجُلٍ كان طَمَّاعاً؛ وفي الـمَثَل: أَطْمَعُ من أَشْعَبَ.
وشُعَيْبٌ: اسمٌ.
وغَزالُ شعبانَ: ضَرْبٌ من الجَنادِب، أَو الجَخادِب.
وشَعَبْعَبُ: موضع. قال الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّهِ القُشَيْرِي، قال ابن
بري: كثيرٌ ممن يَغْلَطُ في الصِّمَّة فيقولُ القَسْري، وهو القُشَيْرِي
لا غَيْرُ، لأَنه الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّه بنِ طُفَيْلِ بن قُرَّةَ بنِ
هُبَيْرةَ بن عامِر بن سَلَمَةِ الخَير بن قُشَيْرِ بن كَعبٍ:
يا لَيْتَ شِعْرِيَ، والأَقْدارُ غالِـبةٌ، * والعَيْنُ تَذْرِفُ، أَحْياناً، من الـحَزَنِ
هَلْ أَجْعَلَنَّ يَدِي، للخَدِّ، مِرْفَقَةً * على شَعَبْعَبَ، بينَ الـحَوْضِ والعَطَنِ؟
وشُعْبةُ: موضعٌ. وفي حديث المغازي: خرج رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، يريدُ قُريْشاً، وسَلَكَ شُعْبة، بضم الشين وسكون العين، موضعٌ قُرْب يَلْيَل، ويقال له شُعْبةُ ابنِ عبدِاللّه.
نغم: النَّغْمةُ: جَرْسُ الكلمة وحُسْن الصوت في القراءة وغيرها، وهو
حسَنُ النَّغْمةِ، والجمع نَغْمٌ؛ قال ساعدة بن جُؤَيَة:
وَلو انَّها ضَحِكت فتُسمِعَ نَغْمَها
رَعِشَ المَفاصِلِ، صُلْبُه مُتَحنِّبُ
وكذلك نَغَمٌ. قال ابن سيده: هذا قول اللغويين، قال: وعندي أَن النَّغَم
اسمٌ للجمع كما حكاه سيبويه من أَن حَلَقاً وفَلَكاً اسمٌ لجمع حَلْقةٍ
وفَلْكةٍ لا جمعٌ لهما، وقد يكون نَغَمٌ متحركاً من نَغْمٍ. وقد تنَغَّم
بالغِناء ونحوه. وإنه لَيَتَنَغَّم بشيء ويتَنسَّمُ بشيء ويَنسِمُ بشيء
أي يتكلم به. والنَّغَم: الكلام الخفيّ. والنَّغْمةُ: الكلام الحسن، وقيل:
هو الكلام الخفيّ، نَغَم يَنْغَم ويَنْغِم؛ قال: وأُرى الضمةَ لغةً،
نَغْماً. وسكت فلان فما نَغَم بحرف وما تنَغَّم مثله، وما نَغَم بكلمة.
ونغَم في الشراب: شَرب منه قليلاً كنَغَب؛ حكاه أَبو حنيفة، وقد يكون بدلاً.
والنُّغْمةُ: كالنُّغْبة؛ عنه أيضاً.
كهل: الكَهْلُ: الرجل إِذا وَخَطه الشيب ورأَيت له بَجالةً، وفي الصحاح:
الكَهْلُ من الرجال الذي جاوَز الثلاثين ووَخَطَه الشيبُ. وفي فضل أَبي
بكر وعمر، رضي الله عنهما: هذان سيِّدا كُهول الجنة، وفي رواية: كُهولِ
الأَوَّلين والآخِرين؛ قال ابن الأَثير: الكَهْلُ من الرجال من زاد على
ثلاثين سنة إِلى الأَربعين، وقيل: هو من ثلاث وثلاثين إِلى تمام الخمسين؛
وقد اكْتَهَلَ الرجلُ وكاهَلَ إِذا بلغ الكُهولة فصار كَهْلاً، وقيل:
أَراد بالكَهْلِ ههنا الحليمَ العاقلَ أَي أَن الله يدخِل أَهلَ الجنةِ
الجنةَ حُلماءَ عُقَلاءَ، وفي المحكم: وقيل هو من أَربع وثلاثين إِلى إِحدى
وخمسين. قال الله تعالى في قصة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام:
ويُكَلِّم الناسَ في المهدِ وكَهْلاً؛ قال الفراء: أَراد ومُكَلِّماً الناس
في المهد وكَهُْلاً؛ والعرب تَضَع يفعل في موضع الفاعل إِذا كانا في
معطوفين مجتمعين في الكلام كقول الشاعر:
بِتُّ أُعَشِّيها بِعَضْبٍ باتِرِ،
يَقْصِدُ في أَسْوُقِها، وجائِرِ
أَراد قاصِدٍ في أَسوُقها وجائرٍ، وقد قيل: إِنه عطف الكَهْل على الصفة،
أَراد بقوله في المَهْد صبيّاً وكَهْلاً، فردَّ الكَهْلَ على الصفة كما
قال دَعانا لِجَنْبِه أَو قاعِداً؛ روى المنذري عن أَحمد بن
يحيى أَنه قال: ذكر الله عز وجل لعيسى آيتين: تكليمه الناس في المَهْد
فهذه معجزة، والأُخْرى نزوله إِلى الأَرض عند اقتراب الساعة كَهْلاً ابن
ثلاثين سنة يكلِّم أُمة محمد فهذه الآية الثانية. قال أَبو منصور: وإِذا
بلغ الخمسين فإِنه يقال له كَهْل؛ ومنه قوله:
هل كَهْل خَمْسين، إِنْ شاقَتْه مَنْزِلةٌ
مُسَفَّه رأَيُه فيها، ومَسْبوبُ؟
فجعله كَهْلاً وقد بلغ الخمسين. ابن الأَعرابي: يقال للغُلام مُراهِق ثم
مُحْتَلم، ثم يقال تخرَّج وجهُه
(* قوله «ثم يقال تخرج وجهه الى قوله ثم
مجتمع» هكذا في الأصل، وعبارته في مادة جمع: ويقال للرجل إذا اتصلت
لحيته مجتمع ثم كهل بعد ذلك) ثم اتَّصلت لحيته، ثم مُجْتَمِعٌ ثم كَهْلٌ، وهو
ابن ثلاث وثلاثين سنة؛ قال الأَزهري: وقيل له كَهْل حينئد لانتهاء
شَبابه وكمال قوَّته، والجمع كَهْلُونَ وكُهُولٌ وكِهال وكُهْلانٌ؛ قال ابن
مَيَّادة:
وكيف تُرَجِّيها، وقد حال دُونها
بَنُو أَسَدٍ، كُهْلانُها وشَبابُها؟
وكُهَّل؛ قال: وأَراها على توهُّم كاهِل، والأُنثى كَهْلة من نسوة
كَهْلاتٍ، وهو القياس لأَنه صفة، وقد حكي فيه عن أَبي حاتم تحريك الهاء ولم
يذكره النحويون فيما شذَّ من هذا الضرب. قال بعضهم: قلما يقال للمرأَة كهلة
مفردة حتى يُزَوِّجُوها بشَهْلة، يقولون شَهْلةٌ كَهْلةٌ. غيره: رجل
كَهْل وامرأَة كَهْلة إِذا انتهى شبابُهما، وذلك عند استكمالهما ثلاثاً
وثلاثين سنة، قال: وقد يقال امرأَة كَهْلة ولم يذكر معها شَهْلة؛ قال ذلك
الأَصمعي وأَبو عبيدة وابن الأَعرابي؛ قال الشاعر:
ولا أَعُودُ بعدها كَرِيًّا،
أُمارِسُ الكَهْلَة والصَّبِيَّا،
والعَزَب المُنَفَّهَ الأُمِّيَّا
واكْتَهَل أَي صار كَهْلاً، ولم يقولوا كَهَلَ إِلاَّ أَنه قد جاء في
الحديث: هل في أَهْلِكَ من كاهِلٍ؟ ويروى: مَنْ كاهَلَ أَي مَنْ دخل حدَّ
الكُهُولة وقد تزوَّج، وقد حكى أَبو زيد: كاهَلَ الرجلُ تزوَّج. وروي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه سأَل رجلاً أَراد الجهادَ معه فقال: هل
في أَهلِك من كاهِلٍ؟ يروى بكسر الهاء على أَنه اسم، ويروى مَنْ كاهَلَ
بفتح الهاء على أَنه فِعْل، بوزن ضارِبٍ وضارَبَ، وهما من الكُهُولة؛ يقول:
هل فيهم مَنْ أَسَنَّ وصار كَهْلاً؟ وذكر عن أَبي سعيد الضرير أَنه ردَّ
على أَبي عبيد هذا التفسير وزعم أَنه خطأٌ، قد يخلُف الرجلُ الرجلَ في
أَهله كَهْلاً وغير كَهْلٍ، قال: والذي سمعناه من العرب من غير مسأَلة أَن
الرجل الذي يخلُف الرجلَ في أَهله يقال له الكاهِن، وقد كَهَنَ يَكْهَن
كُهُوناً، قال: ولا يخلو هذا الحرف من شيئين، أَحدهما أَن يكون المحدَّث
ساءَ سمعُه فظَنَّ أَنه كاهِلٌ وإِنما هو كاهِنٌ، أَو يكون الحرف تعاقب
فيه بين اللام والنون كما يقال هَتَنَتِ السماءُ وهَتَلَتْ، والغِرْيَنُ
والغِرْيَلُ وهو ما يَرْسُب أَسفل قارورة الدُّهْن من ثُفْلِه، ويرسُب من
الطين أَسفل الغَدير وفي أَسفل القِدْر من مَرَقه؛ عن الأَصمعي، قال
الأَزهري: وهذا الذي قاله أَبو سعيد له وجه غير أَنه بعيد، ومعنى قوله، صلى
الله عليه وسلم: هل في أَهلِك من كاهِلٍ أَي في أَهلك مَنْ تعْتَمِده
للقيام بشأْن عيالك الصغار ومن تُخلِّفه مِمَّن يلزمك عَوْلُه، فلما قال له:
ما هُمْ إِلاَّ أُصَيْبِيَةٌ صِغار، أَجابه فقال: تَخَلَّف وجاهِد فيهم
ولا تضيِّعهم. والعرب تقول: مُضَر كاهِلُ العرب وسَعْد كاهِل تميم، وفي
النهاية: وتَمِيم كاهِلُ مُضَر، وهو مأْخوذ من كاهل البعير وهو مقدَّم ظهره
وهو الذي يكون عليه المَحْمِل، قال: وإِنما أَراد بقوله هل في أَهلك من
تعتمد عليه في القيام بأَمر مَنْ تُخَلِّف من صِغار ولدك لئلا يضيعوا،
أَلا تراه قال له: ما هم إِلاَّ أُصَيْبِية صغار، فأَجابه وقال: ففيهم
فجاهِد، قال: وأَنكر أَبو سعيد الكاهِل وقال: هو كاهِن كما تقدم؛ وقول أَبي
خِراش الهذلي:
فلو كان سَلْمى جارَهُ أَو أَجارَهُ
رِماحُ ابنِ سعد، رَدَّه طائر كَهْلُ
(* قوله «رماح ابن سعد» هكذا الأصل، وفي الاساس: رباح ابن سعد)
قال ابن سيده: لم يفسره أَحد، قال: وقد يمكن أَن يكون جعله كَهْلاً
مبالغة به في الشدة. الأَزهري: يقال طار لفلان طائر كَهْلٌ إِذا كان له جَدّ
وحَظّ في الدنيا. ونَبْت كَهْل: مُتناهٍ.
واكْتَهَلَ النبتُ: طال وانتهى منتهاه، وفي الصحاح: تَمَّ طولُه وظهر
نَوْرُه؛ قال الأَعشى:
يُضاحِكُ الشمسَ منها كَوْكَبٌ شَرِقٌ،
مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْت مُكْتَهِل
وليس بعد اكْتِهال النَّبْت إِلاَّ التَّوَلِّي؛ وقول الأَعشى يُضاحِك
الشمسَ معناه يدُور معها، ومُضاحَكَتُه إِياها حُسْن له ونُضْرة،
والكَوْكب: مُعْظَم النبات، والشَّرِقُ: الرَّيَّان المُمْتلئ ماءً،
والمُؤَزَّر: الذي صار النبت كالإِزار له، والعَمِيمُ: النبتُ الكثيف الحسَن، وهو
أَكثر من الجَمِيم؛ يقال نَبْت عَمِيم ومُعْتَمٌّ وعَمَمٌ. واكْتَهَلَت
الروضة إِذا عَمَّها نبتُها، وفي التهذيب: نَوْرُها. ونعجة مُكْتَهِلةٌ إِذا
انتهى سِنُّها. المحكم: ونعجة مُكْتَهِلةٌ مُخْتَمِرةُ الرأْس بالبياض،
وأَنكر بعضهم ذلك.
والكاهِلُ: مقَدَّم أَعلى الظهر مما يَلي العنُق وهو الثُلث الأَعلى فيه
سِتُّ فِقَر؛ قال امرؤ القيس يصف فرساً:
له حارِكٌ كالدِّعْصِ لَبَّدهُ الثرى
إِلى كاهِل، مثل الرِّتاجِ المُضَبَّبِ
وقال النضر: الكاهِلُ ما ظهر من الزَّوْر، والزَّوْرُ ما بَطَن من
الكاهِل؛ وقال غيره: الكاهِل من الفرس ما ارتفع من فُروعِ كَتِفَيْه؛
وأَنشد:وكاهِل أَفْرعَ فيه، مع الـ
ـإِفْراعِ، إِشْرافٌ وتَقْبِيبُ
وقال أَبو عبيدة: الحارِك فُروعُ الكَتِفَيْن، وهو أَيضاً الكاهِلُ؛
قال: والــمِنْسَجُ أَسفل من ذلك، والكائبة مقدَّم الــمِنْسَج؛ وقيل: الكاهِلُ
من الإِنسان ما بين كتفيه، وقيل: هو مَوْصِل العنُق في الصُّلْب، وقيل:
هو في الفرس خلْف الــمِنْسَج، وقيل: هو ما شَخَص من فُروعِ كتفيه إِلى
مُسْتَوى ظهره. ويقال للشديد الغَضَب والهائِجِ من الفحول: إِنه لذو كاهِل،
حكاه ابن السكيت في كتابه المَوْسُوم بالأَلفاظ، وفي بعض النسخ: إِنه لذو
صاهِل، بالصاد؛ وقوله:
طَوِيل مِتَلِّ العُنْقِ أَشْرَف كاهِلاً،
أَشَقّ رَحِيب الجَوْف مُعْتَدِل الجِرْم
وضع الاسم فيه موضع الظرف كأَنه قال: ذهب صُعُداً. وإِنه لشديد الكاهل
أَي منيع الجانب؛ قال الأَزهري: سمعت غير واحد من العرب يقول فلان كاهل
بني فلان أَي مُعْتمَدهم في المُلِمَّات وسَنَدُهم في المهمات، وهو مأْخوذ
من كاهل الظهر لأَن عُنُق الفرس يَتَسانَدُ إِليه إِذا أَحْضَر، وهو
مَحْمِل مُقَدَّم قَرَبُوس السَّرْج ومُعْتَمَد الفارس عليه؛ ومن هذا قول
رؤبة يمدح مَعَدّاً:
إِذا مَعَدٌّ عَدَتِ الأَوائِلا،
فابْنَا نِزَارٍ فَرَّجا الزَّلازِلا
حِصْنَيْنِ كانا لِمَعَدٍّ كاهِلا،
ومَنْكِبَينِ اعْتَلَيا التَّلاتِلا
أَي كانا، يعني ربيعة ومُضَر، عُمْدة أَولادِ مَعَدّ كُلِّهم. وفي كتابه
إِلى أَهل اليمن في أَوقات الصلاة والعِشاء: إِذا غاب الشَّفَقُ إِلى
أَن تَذْهب كَواهِلُ الليلِ أَي أَوائله إِلى أَوساطه تشبيهاً لليْل
بالإِبل السائرة التي تتقدَّم أَعناقُها وهَوادِيها وتتبعُها أَعجازُها
وتَوالِيها. والكَواهِل: جمع كاهِل وهو مقدَّم أَعلى الظهْر؛ ومنه حديث عائشة:
وقَرَّر الرُّؤُوسَ على كَواهِلها أَي أَثْبَتها في أَماكنها كأَنها كانت
مشْفِية على الذهاب والهلاك. الجوهري: الكاهِلُ الحارِكُ وهو ما بين
الكَتِفين. قال النبي،صلى الله عليه وسلم: تميمٌ كاهِلٌ مُضَر وعليها
المَحْمل. قال ابن بري: الحارِكُ فرع الكاهل؛ هكذا قال أَبو عبيدة، قال: وهو عظم
مُشْرِف اكْتَنَفَه فَرْعا الكَتِفَين، قال: وقال بعضهم هو منبت أَدنى
العُرْف إِلى الظهر، وهو الذي يأْخذ به الفارس إِذا رَكِب. أَبو عمرو:
يقال للرجل إِنه لذو شاهِقٍ وكاهِلٍ وكاهِنٍ، بالنون واللام، إِذا اشتدَّ
غضبُه، ويقال ذلك للفحل عند صِيالِه حين تسمَع له صَوْتاً يخرج من
جَوْفه.والكُهْلُولُ: الضحَّاكُ، وقيل: الكَريم، عاقبت اللامُ الراءَ في كهرور.
ابن السكيت: الكُهْلُولُ والرُّهْشُوشُ والبُهْلُول كله السخيُّ الكريم.
والكَهْوَلُ: العَنْكَبُوت، وحُقُّ الكَهُول بَيْتُه. وقال عمرو بن
العاص لمعاوية حين أَراد عَزْلَه عن مِصْر: إِني أَتيتُك من العِراق وإِنَّ
أَمْرَك كَحُق الكَهُولِ أَو كالجُعْدُبةَ أَو كالكُعْدُبةِ، فما زلت
أُسْدِي وأُلْحِمُ حتى صار أَمْرُك كفَلْكَةِ الدَّرَّارةِ وكالطِّرَافِ
المُمَدَّدِ؛ قال ابن الأَثير: هذه اللفظة قد اختُلِف فيها، فَرَواها
الأَزهري بفتح الكاف وضم الهاء وقال: هي العَنْكَبُوت، ورواها الخطابيُّ
والزمخشري بسكون الهاء وفتح الكاف والواو وقالا: هي العنكبوت، ولم يقيِّدها
القتيبي، ويروى: كَحُقِّ الكَهْدَل، بالدال بدل الواو، وقال القتيبي: أَما
حُقُّ الكَهْدَل فلم أَسمع شيئاً ممن يوثق بعلمه بمعنى أَنه بيت العنكبوت؛
ويقال: إِنه ثَدْيُ العَجوز، وقيل: العجوز نفسها، وحُقُّها ثديُها، وقيل
غير ذلك؛ والجُعْدُبةُ: النُّفَّاخاتُ التي تكون من ماء المطر،
والكُعْدُبةُ: بيت العنكبوت، وكل ذلك مذكور في موضعه.
وكاهِلٌ وكَهْل وكُهَيْلٌ: أَسماء يجوز أَن يكون تصغير كَهْل وأَن يكون
تصغير كاهلٍ تصغيرَ الترخيم، قال ابن سيده: وأَن يكون تصغير كَهْلٍ أَولى
لأَن تصغير الترخيم ليس بكثير في كلامهم. وكُهَيْلة: موضع رمل؛ قال:
عُمَيْرِيَّة حَلَّتْ بِرَمْلِ كُهَيْلةٍ
فبَيْْنُونَةٍ، تَلْقى لها الدهرَ مَرْتَعا
الجوهري: كاهِل أَبو قبيلة من الأَسد، وهو كاهِل بن أَسد بن خُزيمة، وهم
قَتَلَةُ أَبي امرئ القيس. وكِنْهِل، بالكسر: اسم موضع أَو ماء.
سجم: سَجَمَتِ العين الدمع والسحابةُ الماء تَسْجِمُه وتَسْجُمُه
سَجْماً وسُجُوماً وسَجَماناً: وهو قَطَران الدمع وسَيَلانه، قليلاً كان أَو
كثيراً، وكذلك الساجِمُ من المطر، والعرب تقول دَمْعٌ ساجِمٌ. ودمع
مَسْجوم: سَجَمَتْه العين سَجْماً، وقد أَسْجَمَه وسَجَّمَه. والسَّجَمُ:
الدمع. وأَعْيُنٌ سُجُومٌ: سَواجِمُ؛ قال القطامي يصف الإِبل بكثرة
أَلبانها:ذَوارِفُ عَيْنَيْها من الحَفْلِ بالضُّحى،
سُجُومٌ كتَنْضاح الشِّنان المُشَرَّبِ
وكذلك عين سَجُوم وسحاب سَجُوم. وانْسَجَمَ الماءُ والدمع، فهو
مُنْسَجِــمٌ إِذا انْسَجَمَ أَي انصب. وسَجَّمَتِ السحابة مطرها تَسْجِيماً
وتَسْجاماً إِذا صَبَّتْه؛ قال:
دائماً تَسجامها
(* قوله «دائماً تسجامها» قطعة من بيت للبيد وأورده الصاغاني بتمامه
وهو:باتت وأسبل واكف من ديمة * يروي الخمائل دائماً تسجامها)
وفي شعر أَبي بكر:
فدَمْعُ العين أَهْوَنُه سِجامُ
سَجَمَ العينُ والدمعُ الماءَ يَسْجُمُ سُجُوماً وسِجاماً إِذا سال
وانْسَجَمَ. وأَسْجَمَتِ السحابة: دام مطرها كأَثجَمَتْ؛ عن ابن الأَعرابي.
وأَرض مَسْجومة أَي ممطورة. وأسْجَمَتِ السماءُ: صَبَّت مثل أَثْجَمَتْ.
والأَسْجَمُ: الجمل الذي لا يَرْغُو. وبعير أَسْجَم: لا يرغو، وقد تقدم
في زيم.
والسَّجَمُ: شجر له ورق طويل مُؤَلَّلُ الأَطرافِ ذو عرض تشبَّه به
المَعابِلُ؛ قال الهذلي يصف وَعِلاً:
حتى أُتِيحَ له رامٍ بِمُحْدَلَةٍ
جَشْءٍ، وبِيضٍ نَواحِيهِنَّ كالسَّجَم
وقيل: السَّجَمُ هنا ماء السماء، شَبّه الرماح في بياضها به.
والسَّاجُوم: صِبْغٌ. وساجوم والسَّاجوم: موضع؛ قال امرؤ القيس:
كَسَا مُزْبِدَ السَّاجومِ وَشْياً مُصَوَّرا
ذأب: الذِّئْبُ: كَلْبُ البَرِّ، والجمعُ أَذْؤُبٌ، في القليل، وذِئابٌ
وذُؤْبانٌ؛ والأُنثَى ذِئْبَةٌ، يُهْمَزُ ولا يُهْمَزُ، وأَصله الـهَمْز.
وفي حديث الغار: فيُصْبِحُ في ذُوبانِ الناسِ. يقال لِصعالِيك العرب ولُصُوصِها: ذُوبانٌ، لأَنهم كالذِّئابِ. وذكره ابن الأَثير في ذَوَبَ، قال:
والأَصل في ذُوبان الهمزُ، ولكنه خُفِّفَ، فانْقَلَبت واواً.
وأَرْضٌ مَذْأَبةٌ: كثِـيرة الذِّئابِ، كقولك أَرضٌ مَـأْسَدَةٌ، من الأَسَد. قال أَبو علي في التذكرة: وناسٌ من قَيْس يقولون مذيَبة، فلا
يَهْمِزون، وتعليل ذلك أَنه خُفِّفَ الذِّئْبُ تَخْفيفاً بَدَلِـيّاً صحيحاً، فجاءَت الهمزة ياءً، فلَزِمَ ذلك عندَه، في تَصْرِيفِ الكلمة.
وذُئِبَ الرَّجُلُ: إِذا أَصابَه الذِّئْبُ.
ورجلٌ مَذْؤُوبٌ: وقَع الذِّئْبُ في غَنَمِه، تقول منه: ذُئِبَ الرَّجُلُ، على فُعِلَ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
هاعٍ يُمَظِّعُني، ويُصْبِحُ سادِراً، * سَدِكاً بلَحْمِـي، ذِئْبُه لا يَشْبَعُ
عَنَى بِذِئْبِه لسانَه أَي إِنه يأْكلُ عِرْضَه، كما يأْكلُ الذِّئْبُ الغنمَ.
وذُؤْبانُ العرب: لُصُوصُهم وصَعالِـيكُهُمُ الذين يَتَلَصَّصون
ويَتَصَعْلَكُونَ.
وذِئابُ الغَضَى: بنو كعب بن مالك بن حنظلة، سُمُّوا بذلك لخُبْثِهم، لأَن ذِئْبَ الغَضَى أَخْبَثُ الذِّئَابِ.
وذَؤُبَ الرجلُ يَذْؤُبُ ذَآبَةً، وذَئِبَ وتَذَأَّبَ: خَبُثَ، وصار كالذِّئْبِ خُبْثاً ودَهاءً.
واسْتَذْأَبَ النَّقَدُ: صارَ كالذِّئْب؛ يُضْرَبُ مثلاً للذُّلاّن إِذا عَلَوا الأَعِزَّة.
وتَذَأَّبَ الناقةَ وتَذَأَّبَ لَـها: وهو أَن يَسْتَخْفِـيَ لها إِذا عَطَفَها على غير ولَدِها، مُتَشَبِّهاً لها بالسَّبُعِ، لتكون أَرْأَمَ عليه؛ هذا تعبير أَبي عبيد.
قال: وأَحسن منه أَن يقول: مُتَشَبِّهاً لها بالذِّئْبِ، لـيَتَبَـيَّن الاِشْتقاقُ. وتَذَأَّبَتِ الرِّيحُ وتَذَاءَبَتْ: اخْتَلَفَتْ، وجاءَتْ من هُنا وهُنا. وتَذَأَّبْـتُه وتَذاءَبْـتُه: تَدَاولْـتُه، وأَصْلُه من الذِّئْبِ إِذا حَذِرَ من وجهٍ جاءَ من آخَر. أَبو عبيد: الـمُتَذَئِّبَة والـمُتَذائِبَةُ، بوَزنِ مُتَفَعِّلة ومُتَفاعِلَة: من الرِّياح التي تَجِـيءُ من هَهُنا مرَّةً ومن ههنا مرَّةً؛ أُخِذَ من فِعْل
الذِّئْبِ، لأَنه يأْتي كذلك. قال ذوالرُّمة، يذكر ثوراً وَحْشِـيّاً:
فباتَ يُشْئِزهُ ثَـأْدٌ، ويُسْهِرُه * تَذَؤُّبُ الرِّيح، والوَسْواسُ والـهِضَبُ
وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهه: خَرَجَ منكم جُنَيْدٌ مُتَذائِبٌ
ضَعِـيفٌ؛ الـمُتَذائِبُ: الـمُضْطَرِبُ، من قولهم: تَذَاءَبَتِ الرِّيحُ،
اضْطرب هبوبُها. وغَرْبٌ ذَأْبٌ: مُخْتَلَفٌ به؛ قال أَبو عبيدة، قال
الأَصمعي: ولا أُراهُ أُخِذَ إِلا من تَذَؤُّبِ الرِّيحِ، وهو اخْتِلافُها،
فشُبِّه اخْتلافُ البَعيرِ في الـمَنْحاةِ بها؛ وقيل: غَرْبٌ ذَأْبٌ، على
مثالِ فَعْلٍ: كثيرةُ الحركةِ بالصُّعُودِ والنُّزول. والـمَذْؤُوبُ:
الفَزِعُ.
وذُئِبَ الرجُل: فَزِعَ من الذِّئْبِ.
وذَأَّبْتُه: فَزَّعْتُه.
وذَئِب وأَذْأَبَ: فَزِع من أَيِّ شيءٍ كان. قال الدُّبَيْرِيُّ:
إِني، إِذا ما لَيْثُ قَوْمٍ هَرَبا، * فسَقَطَتْ نَخْوَتُه وأَذْأَبا
قال: وحقيقتُه من الذِّئبِ.
ويقال للذي أَفْزَعَتْه الجِنُّ: تَذَأَّبَتْه وتَذَعَّبَتْه.
وقالوا: رَماه اللّهُ بداءِ الذِّئبِ، يَعْنُونَ الجُوعَ، لأَنهم يَزْعُمونَ أَنه لا داءَ له غيرُ ذلك.
وبنُو الذِّئبِ: بَطْنٌ من الأَزْدِ، منهم سَطِـيحٌ الكاهنُ؛ قال الأَعشى:
ما نَظَرَتْ ذاتُ أَشْفارٍ كنَظْرَتِها * حَقّاً، كما صَدَقَ الذِّئْبِـيُّ، إِذ سَجَعا
وابنُ الذِّئْبةِ: الثَّقَفِـيُّ، من شُعرائِهِم.
ودارةُ الذِّئبِ: موضعٌ. ويقال للمرأَةِ التي تُسَوِّي مَرْكَبَها: ما
أَحْسَنَ ما ذَأَبَتْه! قال الطِّرمَّاح:
كلُّ مَشْكُوكٍ عَصافِيرُه، * ذَأَبَتْه نِسْوَةٌ من جُذامْ
وذَأَبْتُ الشيءَ: جَمَعْته.
والذُّؤَابةُ: النَّاصِيةُ لنَوَسانِها؛ وقيل: الذُّؤَابةُ مَنْبِتُ الناصيةِ من الرأْس، والجَمْعُ الذَّوائِبُ. وكان الأَصلُ ذَآئبَ، وهو القياسُ، مثل دُعابةٍ ودَعائِبَ، لكنه لـمَّا التَقَتْ همزتان بينهما أَلِفٌ لَيِّنةٌ، لَيَّـنُوا الهمزة الأولى، فقَلَبُوها واواً، اسْتِثقالاً لالتقاءِ همزتين في كلمة واحدةٍ؛ وقيل: كان الأَصلُ (1)
(1 قوله «وقيل كان الأصل إلخ» هذه عبارة الصحاح والتي قبلها عبارة المحكم.) ذَآئبَ، لأَن أَلِف ذُؤَابةٍ كأَلِفِ رِسالَةٍ، فحقُّها أَنْ تُبْدَل منها همزةٌ في الجمع، لكنهم اسْتَثْقَلوا أَن تقَع أَلِف الجمع بين الهمزتين، فأَبدلوا من الأُولى واواً. أَبو زيد: ذُؤَابة الرأْسِ: هي التي أَحاطَتْ بالدَوَّارة من الشَّعَر. وفي حديث دَغْفَلٍ وأَبي بكرٍ: إِنَّكَ لستَ من ذَوائِبِ قُرَيْشٍ؛ هي جمع ذُؤَابةٍ، وهي الشَّعَر الـمَضْفورُ من شَعَرِ الرأْسِ؛ وذُؤَابَةُ الجَبَلِ: أَعْلاه، ثم اسْتُعيرَ للعِزِّ والشَّرَف والـمَرْتَبة أَي لستَ من أَشرافِهِم وذَوِي أَقْدارِهم.
وغُلامٌ مُذَأَّبٌ: له ذُؤَابة. وذُؤَابةُ الفَرَسِ: شَعَرٌ في الرأْسِ،
في أَعْلى النَّاصِـية.
أَبو عمرو: الذِّئْبانُ الشَّعَر على عُنُقِ البعيرِ ومِشْفَرِه. وقال
الفَرَّاءُ: الذِّئْبانُ بَقِـيَّة الوَبَر؛ قال: وهو واحدٌ. قال الشيخ
أَبو محمد بن بري: لم يذكر الجوهريّ شاهداً على هذا. قال: ورأَيتُ في الحاشية بيتاً شاهداً عليه لكُثير، يصف ناقة:
عَسُوف بأَجْوازِ الفَلا حِمْيَرِيَّة، * مَريش، بذئْبانِ السَّبِـيبِ، تَلِـيلُها
والعَسُوفُ: التي تَمُرُّ على غيرِ هدايةٍ، فتَرْكَبُ رأْسها في
السَّـيْر، ولا يَثْنِـيها شيءٌ. والأَجْوازُ: الأَوْساطُ. وحِمْيَرِيَّة: أَراد
مَهْرِية، لأَن مَهْرة من حِمْيَر. والتَّلِـيلُ: العُنق. والسَّبِـيبُ:
الشَّعَرُ الذي يكونُ مُتَدَلِّياً على وجه الفَرَسِ من ناصِـيَتِه؛ جَعل
الشَّعَر الذي على عيْنَي الناقة بمنزلة السَّبِـيبِ.
وذُؤَابةُ النَّعْلِ: الـمُتَعَلِّقُ من القِبالِ؛ وذُؤَابة النَّعْلِ: ما أَصابَ الأَرضَ من الـمُرْسَلِ على القَدَم لتَحَرُّكِه. وذُؤَابةُ كلِّ شيءٍ أَعلاه، وجَمْعُها ذُؤَابٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
بأَرْي التي تَـأْري اليَعاسيبُ، أَصْبَحَتْ * إِلى شاهِقٍ، دُونَ السَّماءِ، ذُؤَابُها
قال: وقد يكون ذُؤَابُها من بابِ سَلٍّ وسَلَّةٍ. والذُّؤَابَةُ: الجِلْدَة الـمُعَلَّقَة على آخِر الرَّحْلِ، وهي العَذبَة؛ وأَنشد الأَزهري،
في ترجمة عذب في
هذا المكان:
قَالُوا: صَدَقْتَ ورَفَّعُوا، لـمَطِـيِّهِمْ، * سَيْراً، يُطِـيرُ ذَوائِبَ الأَكْوارِ
وذُؤَابَة السَّيْفِ: عِلاقَةُ قائِمِه. والذُّؤَابَةُ: شَعَرٌ مَضْفُور، ومَوْضِعُها من الرَّأْسِ ذُؤَابَةٌ، وكذلك ذُؤَابةُ العِزِّ والشَّرَف. وذُؤَابة العِزِّ والشَّرَف: أَرْفَعُه على الـمَثَلِ، والجَمْع من ذلك كلِّه ذَوائِبُ. ويقال: هم ذُؤَابَة قَوْمِهِمْ أَي أَشْرافُهُم، وهو في ذُؤَابَةِ قَوْمِه أَي أَعْلاهُم؛ أُخِذوا من ذُؤَابَةِ الرَّأْسِ.
واسْتَعارَ بعضُ الشُّعراءِ الذَّوائِبَ للنَّخْل؛ فقال:
جُمّ الذَّوائِب تَنْمِـي، وهْيَ آوِيَةٌ، * ولا يُخافُ، على حافاتِها، السَّرَق
والذِّئْبَةُ من الرَّحْلِ، والقَتَبِ، والإِكافِ ونحوِها، ما تَحْتَ مُقَدَّمِ مُلْتَقَى الـحِنْوَيْن، وهو الذي يَعَضُّ على مِنْسَجِ الدَّابَّةِ؛ قال:
وقَتَبٍ ذِئْبَتُه كالـمِنْجَلِ
وقيل: الذِّئْبَةُ: فُرْجَةُ ما بَيْنَ دَفَّتَي الرَّحْلِ والسَّرْجِ والغَبِـيطِ أَيّ ذلك كان.
وقال ابن الأَعرابي: ذِئْبُ الرَّحْلِ أَحْناؤُه من مُقَدَّمِه.
وذَأَبَ الرَّحْلَ: عَمِلَ لَه ذِئْبةً.
وقَتَبٌ مُذَأَّبٌ وغَبِـيطٌ مُذَأَبٌ: إِذا جُعِلَ له فُرْجَة؛ وفي الصحاح: إِذا جُعِلَ له ذُؤَابَةٌ؛ قال لبيد:
فكَلَّفْتُها هَمِّي، فآبَتْ رَذِيَّـةً * طَلِـيحاً، كأَلْواحِ الغَبِـيطِ الـمُذَأَبِ
وقال امرؤُ القيس:
له كَفَلٌ، كالدِّعْصِ، لَبَّدَه النَّدى * إِلى حارِكٍ، مِثلِ الغَبِـيطِ الـمُذأَبِ
والذِّئْبةُ: دَاءٌ يأْخُذُ الدَّوابَّ في حُلُوقِها؛ يقال: بِرْذوْنٌ مَذْؤُوبٌ: أَخَذَتْهُ الذِّئْبَةُ. التهذيب: من أَدْواءِ الخَيْلِ الذِّئْبَةُ، وقد ذُئِبَ الفَرسُ، فهو مَذْؤُوبٌ إِذا أَصابَه هذا الدَّاءُ؛ ويُنْقَبُ عنه بحديدةٍ في أَصلِ أُذُنِهِ، فيُسْتَخْرَجُ منه غُدَدٌ صِغارٌ بيضٌ، أَصْغَرُ من لُبِّ الجَاوَرْسِ.
وذَأَبَ الرَّجُلَ: طَرَدَه وضَرَبَه كذَأَمَه، حكاه اللحياني. وذَأَبَ
الإِبِلَ يَذْأَبُها ذَأْباً: ساقَها. وذَأَبَه ذَأْباً: حَقَّرَه وطَرَدَه، وذَأَمَه ذَأْماً؛ ومنه قوله تعالى: مَذْؤُوماً مَدْحوراً.
والذَّأْبُ: الذَّمُّ، هذه عن كُراع. والذَّأْبُ: صَوْتٌ شديدٌ، عنه أَيضاً.
وذُؤَابٌ وذُؤَيْبٌ: اسْمانِ.
وذُؤَيْبَة: قبيلَةٌ من هذيل؛ قال الشاعر:
عَدَوْنا عَدْوَةً، لا شَكَّ فِـيها، * فَخِلْناهُم ذُؤَيْبَةَ، أَو حَبِـيبَا
وحَبِـيبٌ: قبيلَةٌ أَيضاً.
معد: المَعْدُ: الضَّخْم. وشيء مَعْدٌ: غليظ. وتَمَعْدَدَ: غَلُظ
وسَمِن؛ عن اللحياني، قال:
رَبَبْتُه حتى إِذا تمَدَدَا
والمَعِدَةُ والمَِعْدَةُ: موضع الطعام قبل أَن يَنحدر إِلى الأَمعاء؛
وقال الليث: التي تَسْتَوْعِبُ الطعامَ من الإِنسان. ويقال: المَعِدةُ
للإِنسان بمنزلة الكرشة لكل مُجْتَرٍّ؛ وفي المحكم: بمنزلة الكرِش لذوات
الأَظْلافِ والأَخْلافِ، والجمع مَعِدٌ ومِعَدٌ، توهمت فيه فِعَلَة. وأَما
ابن جني فقال في جمع مَعِدَة: مِعَدٌ، قال: وكان القِياس أَن يقولوا
مَعِدٌ كما قالوا في جمع نَبِقة نَبِقٌ، وفي جمع كلِمةٍ كَلِمٌ، فلم يقولوا
ذلك وعدلوا عنه إِلى أَن فتحوا المكسور وكسروا المفتوح. قال: وقد علمنا أَن
من شرط الجمع بخلع الهاءِ أَن لا يغير من صيغة الحروف والحركات شيء ولا
يزاد على طرح الهاء نحو تمرة وتمر ونخلة ونخل، فلولا أَن الكسرة والفتحة
عندهم تجريان كالشيء الواحد لما قالوا مَعِدٌ، ولكنهم فعلوا هذا لقرب
الحالين عليهم ولِيُعْلِموا رأْيهم في ذلك فيؤنسوا به ويوطِّئوا بمكانه لما
وراء.
هومُعِدَ الرجلُ، فهو مَمْعودٌ: ذَرِبت مَعِدَتُه فلم يَسْتَمْرِئْ ما
يأْكله. ومَعَدَه: أَصاب مَعِدتَه. والمَعْدُ: ضَرْب من الرُّطَب.
ورُطَبَة مَعْدَة ومُتَمَعِّدة: طرية؛ عن ابن الأَعرابي. وبسر ثَعْدٌ مَعْدٌ
أَي رخْص؛ وبعضهم يقول: هو إِتباع لا يفرد. والمَعْدُ: الفسادُ.
ومَعَدَ الدَّلْوَ مَعْداً ومَعَدَ بها وامْتَعَدَها: نزعها وأَخرجها من
البئر، وقيل: جدبها. والمَعْدُ: الجَذْبُ؛ مَعَدْتُ الشيء: جَذَبْتُه
بسرعة.
وذِئْبٌ مِمْعَدٌ وماعِدٌ إِذا كان يَجْذِبُ العَدْو جَذْباً؛ قال ذو
الرمة يذكر صائداً شبهه في سرعته بالذئب:
كأَنَّما أَطْمارُه، إِذا عدا،
جُلِّلْنَ سِرحانَ فَلاةٍ مِمْعَدا
ونَزْعٌ مَعْدٌ: يُمَدُّ فيه بالبكْرة؛ قال أَحمد بن جندل السعدي:
يا سَعْدُ، يا ابنَ عُمَرٍ، يا سعدُ
هل يُرْوِيَنْ ذَوْدَكَ نَزْعٌ مَعْدُ،
وساقِيانِ: سَبِطٌ وجَعْدُ؟
وقال ابن الأَعرابي: نَزْعٌ مَعْدٌ سَريع، وبعض يقول: شديد، وكأَنه
نَزْعٌ من أَسفل قعر الركية؛ وجعل أَحد الساقيين جَعْداً والآخر سَبطاً لأَن
الجعد منهما أَسودُ زنْجِيٌّ والسبط رُوميّ، وإِذا كانا هكذا لم يشغلا
بالحديث عن ضيعتهما.
وامْتَعَدَ سَيْفَه من غِمْدَه: اسْتَلَّه واخْتَرَطَه. ومَعَدَ الرمْحَ
مَعْداً وامْتَعَدَه: انتزعه من مركزه، وهو من الاجتذاب. وقال اللحياني:
مَرَّ بِرُمْحِهِ وهو مَرْكُوز فامْتَعَدَه ثم حَمَل: اقتلعه. ومَعَدَ
الشيءَ مَعْداً وامْتَعَدَ: اخْتَطَفَه فَذَهَبَ به، وقيل: اختلسه؛ قال:
أَخْشَى عليها طَيِّئاً وأَسَدَا،
وخارِبَيْنِ خَرَباً فَمَعَدَا،
لا يَحْسَبَانِ اللهَ إِلا رَقَدَا
أَي اخْتَلساها واخْتَطفاها. ومَعَدَ في الأَرض يَمْعَدُ مَعْداً
ومُعُوداً إِذا ذَهب؛ الأَخيرة عن اللحياني. والمُتَمَعْدِدُ: البَعِيدُ.
وتَمَعْدَدَ: تباعَد؛ قال مَعْنُ بن أَوس:
قِفا إِنَّها أمْسَتْ قِفاراً ومَنْ بِها،
وإِن كانَ مِنْ ذي ودِّنا، قد تَعَمْدَدا
أَي تَباعَدَ. قال شمر: قوله المُتَمَعْدِدُ البعيد لا أَعلمه إِلا من
مَعَدَ في الأَرض إِذا ذهب فيها، ثم صيره تَفَعْلَلَ منه.
وبعير مَعْد أَي سريع؛ قال الزَّفَيانُ:
لمَّا رأَيتُ الظُّعْنَ شَالَتْ تُحْدَى،
أَتْبَعْتُهُنَّ أَرْحَبِيًّا مَعْدا
ومَعَدَ بِخُصْيَيه مَعْداً: ذهب بهما، وقيل: مدّهما. وقال اللحياني:
أَخذ فلان بِخُصْيَيْ فلان فمعدهما ومعد بهما أَي مدّهما واجتبذهما.
والمَعَدّ، بتشديد الدال: اللحم الذي تحت الكتف أَو أَسفل منها قليلاً،
وهو من أَطيب لحم الجنب؛ قال الأَزهري: وتقول العرب في مثل يضربونه: قَدْ
يَأْكُلُ المَعَدِّيُّ أَكلَ السُّوءِ؛ قال: هو في الاشتقاق يخرج على
مَفْعَل ويخرج على فَعَلٍّ على مثال عَلَدٍّ، ولم يشتقُّ منه فِعْل.
والمَعَدّان: الجنبان من الإِنسان وغيره، وقيل: هما موضع رِجْلَي الراكب من
الفرس؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أُقَيْفِدُ حَفَّادٌ عَلَيْه عَبَاءَةٌ،
كَسَاها مَعَدَّيْهِ مُقَاتَلة الدَّهْرِ
أَخبر أَنه يقاتل الدهر من لؤْمه؛ هذا قول ابن الأَعرابي. وقال
اللحياني: المعدّ الجنب فأَفرده. والمَعَدّان من الفرس: ما بين رو وس كتفيه إِلى
مؤَخر متنه؛ قال ابن أَحمر يخاطب امرأَته:
فإِمَّا زالَ سَرْجِي عن مَعَدٍّ،
وأَجْدِرْ بالحَوادث أَن تَكُونا
يقول: إِن زال عنك سرجي فبنت بطلاق أَو بموت فلا تتزوجي هذا المطروق؛
وهو قوله:
فلا تَصِلِي بِمَطْروُق، إِذا ما
سَرَى في القَوْمِ أَصبَحَ مُسْتَكِينا
وقال ابن الأَعرابي: معناه إِن عُرِّي فرسي من سرجي ومت:
فَبَكِّي، يا غَنِيُّ بِأَرْيَحِيٍّ،
مِنَ الفِتْيانِ، لا يُمْسي بَطِينا
وقيل: المَعَدَّان من الفرس ما بين أَسفل الكتف إِلى منقطع الأَضلاع
وهما اللحم الغليظ المجتمع خلف كتفيه، ويستحب نُتُوءُهُما لأَن ذلك الموضع
إِذا ضاق ضغطَ القلب فَغَمَّه. والمَعَدُّ: موضع عقب الفارس. وقال
اللحياني: هو موضع رجل الفارس من الدابة، فلم يخص عقباً من غيرها، ومن الرَّجُل
مثله؛ وأَنشد شمر في المعدّ من الإِنسان:
وكأَنَّما تَحْتَ المَعَدِّ ضَئِيلةٌ،
يَنْفِي رُقادَك سَمُّها وسمَاعُها
يعني الحية. والمَعْدُ والمَغْدُ، بالعين والغين: النتف. والمَعَدُّ:
عرق في مَنْسِجِ الفرس. والمَعَدُّ: البطن؛ عن أَبي علي، وأَنشد:
أَبْرأْت مِنِّي بَرَصاً بِجِلْدِي،
مِنْ بَعْدِ ما طَعَنْتَ في مَعَدِّي
ومَعَدٌّ: حيّ سمي بأَحد هذه الأَشياء وغلب عليه التذكير، وهو مما لا
يقال فيه من بني فلان، وما كان على هذه السورة فالتذكير فيه أَغلبَ، وقد
يكون اسماً للقبيلة؛ أَنشد سيبويه:
ولَسْنا إِذا عُدِّ الحَصَى بِأَقَلِّهِ،
وإِنَّ مَعَدَّ اليومَ مُؤْذٍ ذَلِيلُها
والنسب إِليه مَعَدِّيٌّ. فأَما قولهم في المثل: تَسْمَعُ بالمُعَيْدِي
لا أَن تراه؛ فمخفف عن القياس اللازم في هذا الضرب؛ ولهذا النادر في حدّ
التحقير ذكرت الإِضافة
(* قوله «ذكرت الاضافة إلخ» كذا بالأصل.) إِليه
مكبراً وإِلا فَمَعَدِّي على القياس؛ وقيل فيه: أَن تَسْمَعَ بالمُعَيْدي
خير من أَن تراه، وقيل فيه: تسمع بالمعيدي خير من أَن تراه، وقيل: المختار
الأَول. قال: وإِن شئت قلت: لأَنْ تسمعَ بالمعيدي خير من أَن تراه؛ وكان
الكسائي يرى التشديد في الدال فيقول: بالمُعَيدِّيِّ، ويقول إِنما هو
تصغير رجل منسوب إِلى معدّ؛ يضرب مثلاً لمن خَبَرُه خير من مَرْآتِه؛ وكان
غير الكسائي يخفف الدال ويشدد ياء النسبة، وقال ابن السكيت: هو تصغير
معدّي إِلا أَنه إِذا اجتمعت تشديدة الحرف وتشديدة ياء النسبة خفت ياء
النسبة؛ وقال الشاعر:
ضَلَّتْ حُلُومُهُمُ عنهمْ، وغَرَّهُمُ
سَنُّ المُعَيديِّ في رَعْيٍ وتَعْزِيبِ.
يضرب للرجل الذي له صيت وذكر، فإذا رأَيته ازدريت مَرْآتَه، وكان
تأْويلُه تأْويلَ آمر كأَنه قال: اسمع به ولا تره.
والتَّمَعْدُدُ: الصبر على عيش معدّ، وقيل: التمعدد التشَظُّف،
مُرْتَجَل غير مشتق. وتَمَعْدَدَ: صار في مَعَدّ. وفي حديث عمر: اخْشَوْشِنُوا
وتَمَعْدَدُوا؛ هكذا روي من كلام عمر، وقد رفعه الطبراني في المعجم عن أَبي
حدرد الأَسلمي عن النبي، صلى الله عليه وسلم؛ قال أَبو عبيد: فيه قولان،
يقال: هو من الغلظ، ومنه قيل للغلام إِذا شب وغلظ: قد تمعدد؛ قال
الراجز:رَبَّيْتُه حتى إِذا تَمَعْدَدا
ويقال: تمعددوا تشبهوا بعيش مَعَدّ بن عدنان وكانوا أَهل قَشَف وغِلَظ
في المَعاش؛ يقول: فكونوا مثلهم ودَعُوا التَّنَعُّمَ وزِيَّ العجم؛ وهكذا
هو في حديث الآخر: عليكم باللِّبْسةِ المَعَدِّية أَي خُشُونةِ
اللِّباس. وقال الليث: التمعدد الصبر على عيش مَعَدّ في الحضر والسفر. قال: وإِذا
ذكرت أَن قوماً تحولوا عن معدٍّ إِلى اليمن ثم رجعوا قلت: تَمَعْدَدُوا.
ومَعْدِيٌّ ومَعْدانُ: اسمان. ومَعْديكَرِبَ: اسم مركب؛ من العرب من
يجعل إِعرابه في آخره ومنهم من يضيف مَعْدِي إِلى كَرِبَ؛ قال ابن جني:
معديكرب فيمن ركبه ولم يضف صدره إِلى عجزه يكتب متصلاً، فإِذا كان، يكتب كذلك
مع كونه اسماً، ومن حكم الأَسماء أَنْ تُفْرَد ولا توصل بغيرها لقوتها
وتمكنها في الوضع، فالفِعْلُ في قَلَّما وطالما لاتصاله في كثير من
المواضع بما بعده نحو ضربت وضربنا ولتُبلَوُنَّ، وهما يقومان وهم يقعدون وأَنتِ
تذهبين ونحو ذلك مما يدل على شدة اتصال الفعل بفاعله، أَحْجَى بجواز
خلطه بما وُصِلَ به في طالما وقلما؛ قال الأَزهري في آخر هذه الترجمة:
المَدْعِيُّ المُتَّهَمُ في نسبه، قال كأَنه جعله من الدِّعْوة في النسب،
وليست الميم بأَصلية.
طرب: الطَّرَبُ: الفَرَح والـحُزْنُ؛ عن ثعلب. وقيل: الطَّرَبُ خفة تَعْتَري عند شدَّة الفَرَح أَو الـحُزن والهمّ. وقيل: حلول الفَرَح وذهابُ الـحُزن؛ قال النابغة الجعديّ في الهمّ:
سَـأَلَتْني أَمتي عن جارَتي، * وإِذا ما عَيَّ ذو اللُّبِّ سَـأَلْ
سَـأَلَتْني عن أُناسٍ هَلَكوا، * شَرِبَ الدَّهْرُ عليهم وأَكلْ
وأَراني طَرِباً، في إِثْرِهِمْ، * طَرَبَ الوالِهِ أَو كالـمُخْتَبَلْ
والوالِهُ: الثاكِلُ. والـمُخْتَبَلُ: الذي اخْتُبِلَ عَقْله أَي جُنَّ.
وأَطْرَبَهُ هو، وتَطَرَّبه؛ قال الكميت:
ولم تُلْهِني دارٌ ولا رَسْمُ مَنزِلٍ، * ولم يَتَطَرَّبني بَنانٌ مُخَضَّبُ
وقال ثعلب: الطَّرَبُ عندي هو الحركة؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف ذلك.
والطَّرَبُ: الشَّوقُ، والجمع، من ذلك، أَطْرابٌ؛ قال ذو الرمة:
اسْتَحْدَثَ الرَّكْب، عن أَشياعِهِم، خَبَراً، * أَم راجَعَ القلبَ، من أَطرابه، طَرَبُ
وقد طَرِبَ طَرَباً، فهو طَرِبٌ، من قوم طِرابٍ. وقولُ الـهُذَليّ:
حتى شَـآها كَليلٌ؛ مَوْهِناً، عَمِلٌ، * بانَتْ طِراباً، وباتَ الليلَ لم يَنَمِ
يقول: باتت هذه البَقَر العِطاشُ طِراباً لِـمَا رَأَته من البَرْقِ،
فَرَجَتْه من الماء.
ورجل طَروبٌ ومِطْرابٌ ومِطرابةٌ، الأَخيرة عن اللحياني: كثيرُ
الطَّرَبِ؛ قال: وهو نادرٌ.
واسْتَطْرَب: طلب الطَّرب واللَّهْوَ.
وطَرَّبه هو، وطَرَّب: تَغَنَّى؛ قال امرؤ القيس:
يُغَرِّدُ بالأَسْحارِ، في كلِّ سُدْفَةٍ، * تَغَرُّدَ مَيَّاحِ النَّدامى الـمُطَرِّبِ
ويقال: طَرَّب فلانٌ في غِنائِه تَطْريباً إِذا رَجَّع صوتَه وزيَّنَه؛
قال امرؤ القيس:
كما طَرَّبَ الطَّائرُ الـمُسْتَحِرْ
أَي رجَّع.
والتَّطْريب في الصوت: مَدُّه وتَحْسينُه. وطَرَّبَ في قراءته: مَدَّ
ورجَّع. وطَرَّبَ الطائِرُ في صوته،
كذلك، وخَصَّ بعضُهم به الـمُكَّاء.
وقول سَلْمى (1)
(1 قوله «وقول سلمى إلخ» كذا بالأصل.) ابنِ الـمُقْعَدِ:
لما رأَى أَن طَرَّبوا من ساعَةٍ، * أَلْوى بِرَيْعانِ العِدى وأَجْذَما
قال السُّكَّريُّ: طَرَّبوا صاحُوا ساعةً بعد ساعةٍ. والأَطْرابُ:
نُقاوَةُ الرَّياحينِ؛ وقيل: الأَطْرابُ الرَّياحينُ وأَذْكاؤُها. وإِبلٌ
طرابٌ تَنزِعُ إِلى أَوْطانِها، وقيل: إِذا طَرِبَتْ لِـحُداتها.
واستَطْرَبَ الـحُداةُ الإِبلَ إِذا خَفَّتْ في سيرها، من أَجلِ حُداتِها؛ وقال الطِّرمَّاحُ:
واسْتَطْرَبَتْ ظُعْنُهُم، لما احْزَأَلَّ بهمْ * آلُ الضُّحى ناشِطاً من داعِـباتِ دَدِ(2)
(2 قوله «من داعبات» كذا بالأصل كالتهذيب بالموحدة بعد العين والذي في الأساس بالمثناة التحتية ثم قال أي سألته أن يطرب ويغني وهو من داعيات دد أي من دواعيه وأسبابه يعني الناشط وهو الحادي لأنه ينشط من مكان إلى مكان.)
يقول: حَملَهم على الطرب شوقٌ نازعٌ؛ وقولُ الكُمَيْت:
يُريد أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّله * عندَ الإِدامَة، حتى يَرْنَـأَ الطَّرِبُ(3)
(3 قوله «يريد أهزع إلخ» أنشده في دوم يستل أهزع إلخ والأهزع بالزاي السريع.)
فإِنما عَنى بالطَّرِبِ السَّهْم؛ سماه طَرِباً لِتَصْويته إِذا دُوِّم أَي فُتِلَ بالأَصابع.
والـمَطْرَبُ والـمَطْرَبةُ: الطريق الضيق، ولا فعل له، والجمعُ
الـمَطارِبُ؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
ومَتْلَفٍ مثلِ فَرْقِ الرَّأْسِ، تَخْلِجُه * مَطارِبٌ، زَقَبٌ أَميالُها فيحُ
ابن الأَعرابي: الـمَطْرَبُ والـمَقْرَبُ الطريق الواضح، والـمَتْلَفُ:
القَفْر؛ سمي بذلك لأَنه يُتْلِفُ سالِكَه في الأكثر كما سموا الصَّحراءَ بَيْداء لأَنها تُبيدُ سالِكَها. والزَّقَبُ: الضيقة. وقوله: مثل فَرْقِ الرأْس أَي مثل فرق الرأْس في ضيقه. وتَخْلِجُهُ أَي تَجْذِبهُ هذه الطرقُ إِلى هذه، وهذه إِلى هذه. وأَميالُها فيح أَي واسعة، والميلُ: المسافة من العَلَم إِلى العَلَم.
وفي الحديث: لَعَنَ اللّهُ من غيَّر الـمَطْرَبَةَ والـمَقْرَبَة.
الـمَطْرَبَة: واحدة المطارب، وهي طُرُقٌ صِغار تَنْفُذُ إِلى الطرقِ الكبارِ، وقيل: المطارِبُ طُرُقٌ متَفرقة، واحدتُها مَطْربة ومَطْرَبٌ؛ وقيل: هي الطرق الضيقة المنفردة.
يقال: طَرَّبْتُ عن الطريق: عدَلْتُ عنه.
والطَّرَبُ: اسم فرس سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم. وطَيْروب: اسم.
حفف: حَفَّ القومُ بالشيء وحَوالَيْه يَحُفُّونَ حَفّاً وحَفُّوه
وحَفَّفوه: أَحْدَقُوا به وأَطافُوا به وعَكفوا واسْتَداروا، وفي التهذيب:
حَفَّ القوم بسيدهم. وفي التنزيل: وترى الملائكة حافّين من حول العرش؛ قال
الزجاج: جاء في التفسير معنى حافِّين مُحدِقِين؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
كَبَيْضَةِ أُدْحِيٍّ بمَيْتِ خَمِيلةٍ،
يُحَفِّفُها جَوْنٌ بِجُؤْجِئِه صَعْلُ
وقوله:
إبْلُ أَبي الحَبْحابِ إبْلٌ تُعْرَفُ،
يَزِينُها مُحَفَّفٌ مُوَقَّفُ
الـمُحَّفَّفُ: الضَّرْعُ المـمْتَلئُ الذي له جوانب كأَنَّ جوانبه
حَفَّفَتْه أَي حَفَّتْ به، ورواه ابن الأَعرابي مُجَفَّفٌ، يريد ضَرْعاً
كأَنه جُفٌّ، وهو الوَطْبُ الخَلَقُ. وحَفَّه بالشي يَحُفُّه كما يُحَفُّ
الهَوْدَجُ بالثياب، وكذلك التَّحْفِيفُ. وفي حديث أَهْلِ الذكر:
فَيَحُفُّونَهم بأَجْنِحَتِهم أَي يطوفون بهم ويدُورُون حَوْلَهم. وفي حديث آخر:
إلاَّ حَفَّتهم الملائكةُ. وفي الحديث: ظَلَّلَ اللّه مكانَ البيتِ
غَمامةً فكانت حِفافَ البيتِ أَي مُحْدِقةً به.
والمِحَفَّةُ: رَحْلٌ يُحَفُّ بثوب ثم تركب فيه المرأَة، وقيل:
المِحَفَّةُ مَرْكَب كالهَوْدَجِ إلاَّ أَنَّ الهودج يُقَبَّبُ والمِحَفَّةُ لا
تُقَبَّبُ؛ قال ابن دريد: سميت بها لأَن الخَشب يَحُفُّ بالقاعد فيها أَي
يُحِيطُ به من جميع جوانبه، وقيل: المِحَفَّة مَركب من مراكب النساء.
والحَفَفُ: الجمعُ، وقيل: قِلَّة المأْكولِ وكثرة الأَكَلَةِ، وقال
ثعلب: هو أَن تكون العِيالُ مثلَ الزَّادِ، وقال ابن دريد: هو الضِّيقُ في
المعاش، وقالت امرأَة: خرج زوجي ويَتِمَ وَلَدي فما أَصابهم حَفَفٌ ولا
ضَفَفُّ، قال: فالحَفَفُ الضِّيق، والضَّفَف أَن يَقِلَّ الطعامُ ويَكْثُرَ
آكلوه، وقيل هو مِقدار العيال، وقال اللحياني: الحفف الكَفافُ من
الـمَعيشةِ. وأَصابهم حَفَفٌ من العيش أَي شدَّة، وما رُؤِيَ عليهم حَفَفٌ ولا
ضَفَفٌ أَي أَثرُ عَوَزٍ. قال الأَصمعي: الحفَف عَيْشُ سُوء وقِلَّة مال،
وأُولئك قوم مَحْفُوفُون. وفي الحديث: أَنه، عليه السلام، لم يشْبَعْ من
طعام إلا على حفَف؛ الحفَف: الضيق وقلة المعيشة، أَي لم يشبع إلاّ
والحالُ عنده خلافُ الرِّخاء والخِصْبِ. وطعام حَفَف: قليل. ومعيشة حَفَفٌ:
ضَنْكٌ. وفي حديث عمر قال له وفد العراق: إنَّ أَمير المؤمنين بلغ سِنّاً
وهو حافُّ الـمَطعَم أَي يابِسُه وقَحِلُه؛ ومنه حديثه الآخر أَنه سأَل
رجلاً فقال: كيف وجدت أَبا عُبيْدَة؟ فقال: رأَيت حُفُوفاً أَي ضِيقَ عيش؛
ومنه الحديث: أَبْلِغْ معاويةَ أَنَّ عبد اللّهِ بن جعفر حَفَّفَ
(* قوله
«حفّف» بهامش النهاية: حفف، مبالغة في حف أي جهد وقل ماله من حفت الارض
ونحوه.) وجُهِدَ أَي قلَّ ماله. الأَصمعي: أَصابهم من العَيْشِ ضَفَفٌ
وحَفَفٌ وقَشَفٌ، كل هذا من شدَّة العَيْشِ. ابن الأَعرابي: الضَّفَفُ
القِلَّة والحَفَفُ الحاجةُ، ويقال: الضفَف والحفَف واحد؛ وأَنشد:
هَدِيّة كانَتْ كَفافاً حَفَفا،
لا تَبْلُغُ الجار ومن تَلَطَّفا
قال أَبو العباس: الضفَفُ أَن تكون الأَكَلَةُ أَكثرَ من مِقدار المالِ،
والحفَفُ أَن تكون الأَكَلة بمقدار المال. قال: وكان النبي، صلى اللّه
عليه وسلم، إذا أَكلَ كان من يأْكل معه أَكثر عدداً من قدر مبلغ المأَكول
وكفافِه، قال: ومعنى قوله ومن تَلَطَّفا أَي من بَرَّنا لم يكن عندنا ما
نَبَرُّه: وما عند فلان إلا حَفَفٌ من الـمَتاعِ، وهو القوتُ القليل.
وحَفَّتْهم الحاجةُ تَحُفُّهم حَفّاً شديداً إذا كانوا مَحاوِيجَ. وعنده
حَفَّة من مَتاعٍ أَو مالٍ أَي قُوتٌ قليل ليس فيه فضل عن أَهله. وكان
الطعام حِفافَ ما أَكلوا أَي قَدْرَه. ووُلِدَ له على حفَفٍ أَي على حاجة
إليه؛ هذه عن ابن الأَعرابي. الفراء: يقال ما يَحُفُّهم إلى ذلك إلا الحاجةُ
يريد ما يدْعوهم وما يُحْوِجُهم.
والاحْتِفافُ: أَكلُ جميع ما في القِدْر، والاشتِفافُ: شربُ جميع ما في
الإناء.
والخُفُوفُ: اليُبْسُ من غير دَسَمٍ؛ قال رؤبة:
قالَتْ سُلَيْمى أَن رأَتْ حُفُوفي،
مع اضْطِرابِ اللَّحْمِ والشُّفُوفِ
قال الأَصمعي: حَفَّ رأْسُهُ يَحِفُّ حُفُوفاً وأَحْفَفْته أَنا.
وسَوِيقٌ حافٌّ: يابِسٌ غير ملتوت، وقيل: هو ما لم يُلَتَّ بسمْن ولا زيت.
وحَفَّتْ أَرضُنا تَحِفُّ حُفُوفاً: يَبِسَ بَقْلُها. وحفَّ بطن الرجل: لم
يأْكل دسَماً ولا لحماً فيبس. ويقال: حَفَّتِ الثَّريدة إذا يبِسَ أَعْلاها
فَتَشَقَّقَتْ. وفرس قَفِرٌ حافٌّ: لا يَسْمَنُ على الضبعة. وحَفَّ
رأْسَه وشارِبه يَحُفُّ حَفّاً أَي أَحْفاه. قال ابن سيده: وحَفَّ اللِّحية
يَحُفُّها حَفّاً: أَخذ منها، وحَفَّه يَحُفُّه حَفّاً: قَشَره، والمرأَة
تَحُفُّ وَجْهها حَفّاً وحِفافاً: تزيل عنه الشعر بالـمُوسَى
وتَقْشِرُهُ، مشتق من ذلك. واحْتَفَّتِ المرأَةُ وأَحَفّتْ وهي تحْتَفُّ: تأْمر من
يَحُفّ شعر وجهها نَتْفاً بخيطين، وهو من القَشْر، واسم ذلك الشعر
الحُفافةُ، وقيل: الحُفافةُ ما سَقَط من الشعَر الـمَحْفُوفِ وغيره. وحَفَّتِ
اللحيةُ تَحِفُّ حُفُوفاً: شَعِثَتْ. وحَفّ رأْسُ الإنسان وغيره يَحِفّ
حُفوفاً: شَعِثَ وبَعُدَ عَهْدُه بالدُّهن؛ قال الكميت يصف وَتِداً:
وأَشْعَثَ في الدَّارِ ذي لِمَّةٍ
يُطِيلُ الحُفُوفَ، ولا يَقْمَلُ
يعني وتداً حفّه صاحبُه تَرَك تَعَهُّدَه.
والحِفافان: ناحِيتا الرأْسِ والإناء وغيرهما، وقيل: هما جانباه، والجمع
أَحِفَّةٌ. وحِفافا الجبلِ: جانباه. وحفافا كل شيء: جانباه؛ وقال طرفة
يصف ناحيتي عسيب ذنب الناقة:
كأَنَّ جَناحَيْ مَضْرَحِيٍّ، تَكَنَّفا
حِفافَيْهِ، شُكّا في العَسِيبِ بِمسْرَدِ
وإناء حَفَّان: بلغ الماء وغيرُه حِفافَيْهِ. والأحِفّةُ أَيضاً: ما بقي
حول الصَّلَعةِ من الشعر، الواحد حِفافٌ. الأَصمعي: يقال بقي من شعره
حِفافٌ، وذلك إذا صَلِعَ فبقيت طُرَّة من شعَره حول رأْسه، قال: وجمع
الحِفافِ أَحِفّة؛ قال ذو الرمة يصفُ الجِفانَ التي تُطعم فيها
الضِّيفانُ:لَهُنَّ، إذا أَصْبَحْنَ، منهم أَحِفَّةٌ،
وحينَ يَرَوْنَ الليلَ أَقْبَلَ جائيا
أَراد بقوله لهن أَي للجِفانِ، أَحِفّة أَي قوم استداروا بها يأْكلون من
الثريد الذي لُبِّقَ فيها واللُّحْمانِ التي كُلِّلَتْ بها، أَي قوم
استداروا حولها؛ والجِفان تقدّم ذكرها في بيت قبله وهو:
فما مَرْتَعُ الجِيرانِ إلا جِفانُكُمْ،
تَبارَوْن أَنتم والرِّياحُ تَبارِيا
وفي حديث عمر: كان أَصلَعَ له حِفافٌ؛ هو أَن يَنْكَشِف الشعر عن وسط
رأْسه ويَبْقى ما حولَه. والحَفَّافُ: اللحم الذي في أَسفَل الحنك إلى
اللَّهاة. الأَزهري: يقال يَبِس حَفَّافُه وهو اللحم اللين أَسفل
اللَّهاة.والحَافَّانِ من اللسان: عِرْقان أَخْضَران يَكْتَنِفانه من باطن، وقيل:
حافُّ اللسانِ طَرَفُه. ورجل حافُّ العين بَيِّنُ الحُفُوفِ أَي شديد
الإصابة بها؛ عن اللحياني، معناه أَنه يصيب الناس بالعين.
وحَفُّ الحائكِ خَشَبته العريضة يُنَسِّقُ بها اللُّحْمةَ بين السَّدَى.
والحَفُّ، بغير هاء: الــمِنْسَجُ. الجوهري: الحَفّةُ المِنْوالُ وهو
الخشَبة التي يَلُفُّ عليها الحائِكُ الثوبَ. والحَفّةُ: القَصَباتُ الثلاث،
وقيل: الحِفّةُ، بالكسر، وقيل: هي التي يَضرب بها الحائكُ كالسيف،
والحَفُّ: القَصبة التي تجيء وتذهب. قال الأَزهري: كذا هو عند الأَعراب، وجمعها
حُفُوفٌ، ويقال: ما أَنت بحَفّةٍ ولا نِيرةٍ؛ الحفة: ما تقدَّم،
والنّيرة: الخَشَبةُ الـمُعْتَرِضةُ، يُضْرب هذا لمن لا يَنْفَع ولا يَضُرّ،
معناه ما يَصْلُحُ لشيء.
والحَفيفُ: صوت الشيء تسْمَعُه كالرَّنَّةِ أَو طيَرانِ الطائر أَو
الرَّمْيةِ أَو التهاب النار ونحو ذلك، حَفَّ يَحِفُّ حَفِيفاً. وحَفْحَفَ
وحَفَّ الجُعَلُ يَحِفُّ: طار، والحَفِيفُ صوت جناحَيْه، والأُنثى من
الأَساود تَحِفُّ حَفِيفاً، وهو صوت جلدها إذا دَلَكَتْ بعضَه ببعض. وحَفِيفُ
الرِّيح: صوتها في كل ما مرَّت به؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أَبْلِغْ أَبا قَيْسٍ حَفِيفَ الأَثْأَبَهْ
فسره فقال: إنه ضعيف العقل كأَنه حَفيفُ أَثْأَبةٍ تحركها الريح، وقيل:
معناه أُوعِدُه وأُحَرِّكه كما تحرِّك الريحُ هذه الشجرة؛ قال ابن سيده:
وهذا ليس بشيء. وحَفَّ الفرسُ يَحِفّ حفيفاً وأَحْفَفْتُه أَنا إذا حملته
على أَن يكون له حَفِيفٌ، وهو دَويّ جَرْيه، وكذلك حَفِيفُ جناح الطائر.
والحَفِيفُ: صوت أَخفاف الإبل إذا اشتد؛ قال:
يقول، والعِيسُ لها حَفِيفُ:
أَكلُّ مَنْ ساقَ بكُم عَنِيفُ؟
الأَصمعي: حَفَّ الغيْثُ إذا اشتَدَّت غَيْثَتُه حتى تسمع له حَفيفاً.
ويقال: أَجْرى الفرسَ حتى أَحَفَّه إذا حَمَلَه على الحُضْر الشديد حتى
يكون له حَفِيفٌ.
وحَفَّ سمعُه: ذهب كله فلم يبق منه شيء.
وحَفَّانُ النعام: رِيشُه. والحَفّانُ: وَلَدُ النعام؛ وأَنشد لأُسامةَ
الهُذَليّ:
وإلا النَّعامَ وحَفّانَه،
وطُغْيا مع اللَّهِقِ النَّاشِطِ
الطُّغْيا: الصغير من بقر الوحش، وأَحمد بن يحيى يقول: الطَّغيا،
بالفتح؛ قال ابن بري: واستعاره أَبو النجم لصغار الإبل في قوله:
والحَشْوُ من حَفّانِها كالحَنْظَلِ
فشبهها لما رَوِيت من الماء بالحَنظل في بَريقه ونَضارته، وقيل:
الحَفّانُ صِغارُ النعامِ والإبل. والحَفَّانُ من الإبل أَيضاً: ما دون الحِقاق،
وقيل: أَصل الحَفّان صغار النعام ثم استعمل في صغار كل جنس، والواحدة من
كل ذلك حَفّانةٌ، الذكر والأُنثى فيه سواء؛ وأَنشد:
وزَفَّتِ الشَّوْلُ من بَرْدِ العَشِيّ، كما
زَفَّ النَّعام، إلى حَفّانِه، الرُّوحُ
والحَفّانُ: الخَدَمُ. وفلان حَفٌّ بنفسِه أَي مَعْنيٌّ. والحَفَّةُ:
الكرامةُ التامّةُ. وهو يَحُفُّنا ويَرُفُّنا أَي يُعْطِينا ويَمِيرُنا.
وفي المثل: من حَفَّنا أَو رَفَّنا فَلْيَقْتَصِدْ، يقول: مَن مَدَحَنا فلا
يَغْلُوَنَّ في ذلك ولكنْ لِيَتَكَلَّمْ بالحقّ منه. وقال الجوهري: أَي
مَن خَدَمَنا أَو تَعَطَّفَ علينا وحاطَنا. الأَصمعي: هو يَحِفُّ
ويَرِفُّ أَي يَقُومُ ويَقْعُدُ ويَنْصَحُ ويُشْفِقُ، قال: ومعنى يَحِفُّ
تَسْمَع له حَفِيفاً. ويقال: شجر يَرِفُّ إذا كان له اهْتِزازٌ من النَّضارةِ.
ويقال: ما لِفلان حافٌّ ولا رافٌّ، وذهَب من كان يَحُفُّه ويَرُفُّه.
وحُفُّ العين: شَفْرُها. وجاء على حَفِّ ذلك وحَفَفِه وحِفافِه أَي حِينِه
وإبّانِه. وهو على حَفَفِ أَمْرٍ أَي ناحيةٍ منه وشَرَفٍ.
واحْتَفَّتِ الإبلُ الكَلأَ: أَكلتْه أَو نالَتْ منه، والحَفّةُ: ما
احْتَفَّتْ منه.
وحِفافُ الرمل: مُنْقَطَعُه، وجمعه أَحِفَّةٌ.
سجر: سَجَرَه يَسْجُرُه سَجْراً وسُجوراً وسَجَّرَه: ملأَه. وسَجَرْتُ
النهَرَ: ملأْتُه. وقوله تعالى: وإِذا البِحارُ سُجِّرَت؛ فسره ثعلب فقال:
مُلِئَتْ، قال ابن سيده: ولا وجه له إِلا أَن تكون مُلِئَت ناراً. وقوله
تعالى: والبحرِ المَسْجُورِ؛ جاء في التفسير: أَن البحر يُسْجَر فيكون
نارَ جهنم. وسَجَرَ يَسْجُر وانْسَجَرَ: امتلأَ. وكان علي بن أَبي طالب،
عليه السلام، يقول: المسجورُ بالنار أَي مملوء. قال: والمسجور في كلام
العرب المملوء. وقد سَكَرْتُ الإِناء وسَجَرْته إِذا ملأْته؛ قال لبيد:
مَسْجُورةً مُتَجاوراً قُلاَّمُها
وقال في قوله: وإِذا البِحارُ سُجِّرَت؛ أَفضى بعضها إِلى بعض فصارت
بحراً واحداً. وقال الربيع: سُجِّرَتْ أَي فاضت، وقال قتادة: ذَهَب ماؤها،
وقال كعب: البحر جَهنم يُسْجَر، وقال الزجاج: قرئ سُجِّرت وسُجِرَت،
ومعنى سُجِّرَت فُجِّرَت، وسُجِرَت مُلِئَتْ؛ وقيل: جُعِلَت مَبانِيها
نِيرانَها بها أَهْلُ النار. أَبو سعيد: بحر مسجورٌ ومفجورٌ. ويقال: سَجَّرْ
هذا الماءَ أَي فَجّرْه حيث تُرِيدُ. وسُجِرَت الثِّماد
(* قوله: «وسجرت
الثماد» كذا بالأَصل المعوّل عليه ونسخة خط من الصحاح أَيضاً، وفي المطبوع
منه الثمار بالراء وحرر، وقوله وكذلك الماء إلخ كذا بالأَصل المعوّل عليه
والذي في الصحاح وذلك وهو الأولى). سَجْراً: مُلِئت من المطر وكذلك
الماءُ سُجْرَة، والجمع سُجَر، ومنه البحر المسجور. والساجر: الموضع الذي
يمرّ به السيل فيملؤه، على النسب، أَو يكون فاعلاً في معنى مفعول، والساجر:
السيل الذي يملأ كل شيء. وسَجَرْت الماء في حلقه: صببته؛ قال مزاحم:
كما سَجَرَتْ ذا المَهْدِ أُمٌّ حَفِيَّةٌ،
بِيُمْنَى يَدَيْها، مِنْ قَدِيٍّ مُعَسَّلِ
القَدِيُّ: الطَّيِّبُ الطَّعْمِ من الشراب والطعام. ويقال:
(* قوله:
«ويقال إلخ» عبارة الأساس ومررنا بكل حاجر وساجر وهو كل مكان مر به السيل
فملأه). وَرَدْنا ماءً ساجِراً إذا ملأَ السيْلُ. والساجر: الموضع الذي
يأْتي عليه السيل فيملؤه؛ قال الشماخ:
وأَحْمَى عليها ابْنَا يَزِيدَ بنِ مُسْهِرٍ،
بِبَطْنِ المَراضِ، كلَّ حِسْيٍ وساجِرِ
وبئر سَجْرٌ: ممتلئة والمَسْجُورُ: الفارغ من كل ما تقدم، ضِدٌّ؛ عن
أَبي علي. أَبو زيد: المسجور يكون المَمْلُوءَ ويكون الذي ليس فيه شيء.
الفراء: المَسْجُورُ اللبنُ الذي ماؤه أَكثر من لبنه. والمُسَجَّرُ: الذي غاض
ماؤه.
والسَّجْرُ: إيقادك في التَّنُّور تَسْجُرُه بالوَقُود سَجْراً.
والسَّجُورُ: اسم الحَطَب. وسَجَرَ التَّنُّورَ يَسْجُرُه سَجْراً: أَوقده
وأَحماه، وقيل: أَشبع وَقُودَه. والسَّجُورُ: ما أُوقِدَ به. والمِسْجَرَةُ:
الخَشَبة التي تَسُوطُ بها فيه السَّجُورَ. وفي حديث عمرو بن العاص:
فَصَلِّ حتى يَعْدِلَ الرُّمْحَ ظَلُّه ثم اقْصُرْ فإِن جهنم تُسْجَرُ وتُفتح
أَبوابُها أَي توقد؛ كأَنه أَراد الإِبْرادَ بالظُّهر لقوله، صلى الله
عليه وسلم: أَبْرِدُوا بالظهر فإِن شِدَّةَ الحرّ من فَيْحِ جهنم، وقيل:
أَراد به ما جاء في الحديث الآخر: إِنّ الشمس إِذا استوتْ قارَنَها
الشيطانُ فإِذا زالت فارَقَها؛ فلعل سَجْرَ جهنم حينئذٍ لمقارنة الشيطانِ الشمسَ
وتَهْيِئَتِه لأَن يَسْجد له عُبَّادُ الشمس، فلذلك نهى عن ذلك في ذلك
الوقت؛ قال الخطابي، رحمه الله تعالى: قوله تُسْجَرُ جهنم وبين قرني
الشيطان وأَمثالها من الأَلفاظ الشرعية التي ينفرد الشارع بمعانيها ويجب علينا
التصديقُ بها والوُقوفُ عند الإِقرار بصحتها والعملُ بِمُوجَبِها.
وشَعْرٌ مُنْسَجِــرٌ وَمَسْجُورٌ
(* قوله: «ومسجور» في القاموس مسوجر،
وزاد شارحه ما في الأصل): مسترسل؛ قال الشاعر:
إِذا ما انْثَنَى شَعْرُه الــمُنْسَجِــرْ
وكذلك اللؤلؤُ لؤلؤٌ مسجورٌ إِذا انتثر من نظامه.
الجوهري: اللؤلؤُ المَسْجُورُ المنظومُ المسترسل؛ قال المخبل السعدي
واسمه ربيعة بن مالك:
وإِذ أَلَمَّ خَيَالُها طَرَفَتْ
عَيْني، فماءُ شُؤُونها سَجْمُ
كاللُّؤْلُؤِ المَسْجُورِ أُغفِلَ في
سِلْكِ النِّظامِ، فخانه النَّظْمُ
أَي كأَنَّ عيني أَصابتها طَرْفَةٌ فسالت دموعها منحدرة، كَدُرٍّ في
سِلْكٍ انقطع فَتَحَدَّرَ دُرُّه؛ والشُّؤُونُ: جمعُ شَأْنٍ، وهو مَجْرَى
الدمع إِلى العين. وشعر مُسَجَّرٌ: مُرَجَّلٌ. وسَجَرَ الشيءَ سَجْراً:
أَرسله، والمُسَجَّرُ: الشعَر المُرْسَل؛ وأَنشد:
إِذا ثُني فَرْعُها المُسَجَّر
ولؤلؤة مَسْجُورَةٌ: كثيرة الماء. الأَصمعي: إِذا حنَّت الناقة
فَطَرِبَتْ في إِثر ولدها قيل: سَجَرَت الناقةُ تَسْجُرُ سُجوراً وسَجْراً
ومَدَّتْ حنينها؛ قال أَبو زُبَيْد الطائي في الوليد بن عثمان بن عفان، ويروى
أَيضاً للحزين الكناني:
فإِلى الوليدِ اليومَ حَنَّتْ ناقتي،
تَهْوِي لِمُغْبَرِّ المُتُونِ سَمَالِقِ
حَنَّتْ إِلى بَرْقٍ فَقُلْتُ لها: قُرِي
بَعْضَ الحَنِينِ، فإِنَّ سَجْرَكِ شائقي
(* قوله: «إلى برق» كذا في الأَصل بالقاف، وفي الصحاح أَيضاً. والذي في
الأَساس إلى برك، واستصوبه السيد مرتضى بهامش الأصل).
كَمْ عِنْدَه من نائِلٍ وسَماحَةٍ،
وشَمائِلٍ مَيْمُونةٍ وخَلائق
قُرِي: هو من الوَقارِ والسكون، ونصب به بعض الحنين على معنى كُفِّي عن
بعض الحنين فإِنَّ حنينك إِلى وطنك شائقي لأَنه مُذَكِّر لي أَهلي ووطني.
والسَّمالِقُ: جمعُ سَمْلَق، وهي الأَرض التي لا نبات بها. ويروى:
قِرِي، من وَقَرَ. وقد يستعمل السَّجْرُ في صَوْتِ الرَّعْدِ. والساجِرُ
والمَسْجُورُ: الساكن. أَبو عبيد: المَسْجُورُ الساكن والمُمْتَلِئُ
معاً.والساجُورُ: القِلادةُ أَو الخشبة التي توضع في عنق الكلب. وسَجَرَ
الكلبَ والرجلَ يَسْجُرُه سَجْراً: وضع الساجُورَ في عنقه؛ وحكى ابن جني:
كلبٌ مُسَوْجَرٌ، فإِن صح ذلك فشاذٌّ نادر. أَبو زيد: كتب الحجاج إِلى عامل
له أَنِ ابْعَثْ إِليَّ فلاناً مُسَمَّعاً مُسَوْجَراً أَي مُقَيَّداً
مغلولاً. وكلب مَسْجُورٌ: في عنقه ساجورٌ.
وعين سَجْراءُ: بَيِّنَةُ السَّجَرِ إِذا خالط بياضها حمرة. التهذيب:
السَّجَرُ والسُّجْرَةُ حُمْرَةٌ في العين في بياضها، وبعضهم يقول: إِذا
خالطت الحمرة الزرقة فهي أَيضاً سَجْراءُ؛ قال أَبو العباس: اختلفوا في
السَّجَرِ في العين فقال بعضهم: هي الحمرة في سواد العين، وقيل: البياض
الخفيف في سواد العين، وقيل: هي كُدْرَة في باطن العين من ترك الكحل. وفي صفة
علي، عليه
السلام: كان أَسْجَرَ العين؛ وأَصل السَّجَرِ والسُّجْرَةِ الكُدْرَةُ.
ابن سيده: السَّجَرُ والسُّجْرَةُ أَن يُشْرَبَ سوادُ العين حُمْرَةً،
وقيل: أَن يضرب سوادها إِلى الحمرة، وقيل: هي حمرة في بياض، وقيل: حمرة في
زرقة، وقيل: حمرةٌ يسيرة تُمازج السوادَ؛ رجل أَسْجَرُ وامرأَة سَجْراءُ
وكذلك العين.
والأَسْجَرُ: الغَدِيرُ الحُرُّ الطِّينِ؛ قال الشاعر:
بِغَرِيضِ ساريةٍ أَدَرَّتْه الصَّبَا،
من ماء أَسْجَرَ، طَيِّبَ المُسْتَنْقَعِ
وغَدِيرٌ أَسْجَرُ: يضرب ماؤه إِلى الحمرة، وذلك إِذا كان حديث عهد
بالسماء قبل أَن يصفو؛ ونُطْفَةٌ سَجْراءُ، وكذلك القَطْرَةُ؛ وقيل: سُجْرَةُ
الماء كُدْرَتُه، وهو من ذلك. وأَسَدٌ أَسْجَرُ: إِمَّا للونه، وإِما
لحمرة عينيه.
وسَجِيرُ الرجل: خَلِيلُه وصَفِيُّه، والجمع سُجَرَاءٌ. وسَاجَرَه:
صاحَبَهُ وصافاه؛ قال أَبو خراش:
وكُنْتُ إِذا سَاجَرْتُ منهم مُساجِراً،
صَبَحْتُ بِفَضْلٍ في المُروءَةِ والعِلْم
والسَّجِيرُ: الصَّدِيقُ، وجمعُه سُجَراء.
وانْسَجَرَتِ الإِبلُ في السير: تتابعت. والسَّجْرُ: ضَرْبٌ من سير
الإِبل بين الخَبَب والهَمْلَجَةِ. والانْسِجارُ: التقدّمُ في السير
والنَّجاءُ، وهو بالشين معجمة، وسيأْتي ذكره.
والسَّجْوَرِيُّ: الأَحْمَقُ. والسَّجْوَرِيُّ: الخفيف من الرجال؛ حكاه
يعقوب، وأَنشد:
جاء يَسُوقُ الْعَكَرَ الهُمْهُومَا
السَّجْوَرِيُّ لا رَعَى مُسِيمَا
وصادَفَ الغَضْنْفَرَ الشَّتِيمَا
والسَّوْجَرُ: ضرب من الشجر، قيل: هو الخِلافُ؛ يمانية. والمُسْجَئِرُّ:
الصُّلْبُ. وساجِرٌ: اسم موضع؛ قال الراعي:
ظَعَنَّ ووَدَّعْنَ الجَمَادَ مَلامَةً،
جَمَادَ قَسَا لَمَّا دعاهُنَّ سَاجِرُ
والسَّاجُورُ: اسم موضع. وسِنْجارٌ: موضع؛ وقول السفاح بن خالد التغلبي:
إِنَّ الكُلابَ ماؤُنا فَخَلُّوهْ،
وساجِراً واللهِ لَنْ تَحُلّوهْ
قال ابن بري: ساجراً اسم ماء يجتمع من السيل.
دمع: الدَّمْع: ماء العين، والجمع أَدْمُعٌ ودُموعٌ، والقَطْرةُ منه
دَمْعة. وذُو الدَّمعة: الحُسَين بن زيد بن علي، رضوان الله عليهم، لُقِّبَ
بذلك لكثرة دَمْعِه، فَعُوتِبَ على ذلك فقال: وهل ترَكتِ النارُ
والسَّهمان لي مَضْحَكاً؟ يريد السهْمَين اللذين أَصابا زيد بن علي ويحيى بن زيد،
رضي الله عنهم، وقتلا بخُراسانَ. ودَمَعتِ العينُ ودَمِعت تدْمَع،
فيهما، دمْعاً ودَمَعاناً ودُموعاً، وقيل دَمِعَت دَمَعاً، وامرأَة دَمِعةٌ
ودَمِيعٌ، بغير هاء، كلتاهما: سريعة البكاء كثيرة دمع العين؛ الأَخيرة عن
اللحياني، من نسوة دَمْعَى ودَمائعَ، وما أَكثر دَمْعَتها، التأْنيث
للدَّمْعة. وقال الكسائي وأَبو زيد: دَمَعَت، بفتح الميم، لا غير. ورجل
دَمِيعٌ من قوم دُمَعاء ودَمْعَى. وعين دَموع: كثيرة الدَّمْعة أَو سريعتها؛
واستعار لبيد الدَّمْع في الجفْنة يَكْثرُ دسَمُها ويَسِيل فقال:
ولكنَّ مالي غالَه كُلُّ جَفْنةٍ،
إِذا حانَ وِرْدٌ، أَسْبَلَتْ بدُمُوعِ
يقال: جَفْنةٌ دامِعةٌ وقد دَمِعَت ورَذِمَت.
والمَدامِعُ: المآقي وهي أَطراف العين. والمَدْمَع: مَسِيل الدمع. قال
الأَزهري: والمَدْمَعُ مُجْتَمَعُ الدَّمْع في نواحي العين، وجمعه
مَدامِعُ. يقال: فاضت مَدامِعه. قال: والماقِيانِ من المَدامِع والمُؤْخِران
كذلك.
والدُّمُع، بضم الدال، والدِّماعُ، كلاهما: سِمةٌ من سِماتِ الإِبل في
مَجْرى الدَّمْع. وقال أَبو علي في التذكرة: والدُّمُع سمة في مَدْمَع
العين خطّ صغير، وبعير مَدْمُوعٌ. وقال ابن شميل: الدِّماع مِيسمٌ في
المَناظِر سائلٌ إِلى المَنْخَر، وربما كان عليه دِماعانِ. ودَمَعَ المطرُ:
سالَ، على المثَل؛ قال:
فبَات يأْذَى من رَذاذٍ دَمَعا
ويوم دَمّاعٌ: ذو رَذاذٍ. وثَرًى دَموعٌ ودامِعٌ ودَمّاعٌ ومكانٌ كذلك
إِذا كان نَدِيًّا يتحلَّبُ منه الماء أَو يكاد؛ قال:
من كلِّ دَمّاعِ الثَّرَى مُطَلَّلِ
وقد دَمَع. قال أَبو عدنان: من المياه المَدامِعُ، وهي ما قطر من عُرْضِ
جبل؛ قال: وسأَلت العُقَيْليّ عن هذا البيت:
والشمسُ تَدْمَعُ عَيْناها ومُنْخُرها،
وهنَّ يَخْرُجْن من بِيدٍ إِلى بِيدِ
فقال: هي الظهيرة إِذا سال لُعاب الشمس. وقال الغَنوي: إِذا عَطِشَت
الدَّوابُّ ذَرِفَت عُيونها وسالت مَناخِرها. وشَجَّة دامِعةٌ: تَسِيلُ
دَماً، وهي بعد الدَّامِية، فإِن الدامِيةَ هي التي تَدْمَى من غير أَن يسيل
منها دم، فإِذا سال منها دم فهي الدّامعةُ، بالعين غير المعجمة؛ وقال ابن
الأَثير: هو أَن يسيل الدَّم منها قَطْراً كالدَّمْع. والدُّماعُ
ودُمّاعُ الكَرْم: هو ما يسيل منه أَيام الربيع. وأَدْمَعَ الإِناءَ إِذا
مَلأَهُ حتى يَفِيضَ. وقدَحٌ دَمْعان إِذا امتلأَ فجعل يَسِيل من
جَوانِبه.والإِدْماع: مَلْء الإِناء. يقال: أَدْمِعْ مُشَقَّرَكَ أَي قَدَحَك،
قاله ابن الأَعرابي.
والدُّماعُ: نبت، ليس بثَبت. والدُّماع، بالضم: ماء العين من عِلَّة أَو
كِبر، ليس الدَّمْعَ؛ وقال:
يا مَنْ لْعَيْنٍ لا تَني تَهْماعا،
قد تَرَكَ الدَّمْعُ بها دُماعا
والدَّمْع: السيَلانُ من الرَّاوُوق، وهو مِصْفاة الصَّبّاغ.
نول: الليث: النائِل ما نِلْت من معروف إِنسان، وكذلك النَّوَال.
وأَنالَهُ معروفه ونَوَّلَه: أَعطاه معروفه؛ قال الشاعر:
إِنْ تُنَولْهُ فقد تَمْنَعُهُ،
وتُرِيهِ النَّجْمَ يَجْرِي بالظُّهُرْ
والنّالُ والمَنالةُ والمَنالُ: مصدر نِلْت أَنال.
ويقال: نُلْت له بشيء أَي جُدْت، وما نُلْتُه شيئاً أَي ما أَعطيته.
ويقال: نالَني بالخير يَنُولُني نَوالاً ونَوْلاً ونَيْلاً، وأَنالَني بخير
إِنالةً. ويقال في الأَمر من نِلْت أَنالُ للواحد: نَلْ، وللاثنين، نالا،
وللجمع: نالُوا. ونُلْتُه معروفاً ونَوَّلْته. الجوهري: النَّوَال
العَطاء، والنائِل مثله. ابن سيده: النّالُ والنَّوالُ معروف، ونُلْتُه ونُلْت
له ونُلْتُه به أَنُولُه به نَوْلاً؛ قال العُجير السَّلُولي:
فعَضَّ يَدَيْهِ أُصْبُعاً ثم أُصْبُعاً
وقال: لعلَّ الله سَوْفَ يَنِيل
أَي يَنُول بخير، فحذف. وأَنَلْته به وأَنَلْته إِيّاه ونَوَّلْته
ونَوَّلْت عليه بقليل، كله: أَعطيته. الكسائي: لقد تَنَوَّل علينا فلان بشيء
يسير أَي أَعطانا شيئاً يسيراً، وتَطَوَّل مثلها. وقال أَبو محجن:
التَّنَوُّل لا يكون إِلا في الخير، والتطوُّل قد يكون في الخير والشر جميعاً.
الجوهري: يقال نُلْت له بالعطيَّة أَنُول نَوْلاً ونُلْتُه العطيَّة.
ونَوَّلْته: أَعطينه نَوالاً؛ قال وَضّاح اليَمن:
إِذا قلتُ يوماً: نَوِِّّلِيني، تبسَّمتْ
وقالت: مَعاذ الله من نَيْل ما حَرُمْ
فما نَوَّلتْ حتى تضرَّعْت عندَها،
وأَنْبَأْتُها ما رَخَّص اللهُ في اللَّمَمْ
يعني التقبيلَ؛ قال ابن بري: وشاهد نُلْت له بالعطيَّة قول الشاعر:
تَنُول بمعروف الحديثِ، وإِن تُرِدْ
سِوَى ذاكَ تُذْعَرْ منك، وهي ذَعُورُ
وقال الغنوي:
ومن لا يَنُلْ حتى تسدَّ خِلالُه،
يجِدْ شَهوات النفْس غير قليلِ
وفي حديث موسى والخضر، عليهما السلام: حَمَلُوهما في السفينة بغير
نَوْلٍ أَي بغير أَجْرٍ ولا جُعْل، وهو مصدر ناله يَنُوله إِذا أَعطاه، وإِنه
لَيَتَنَوَّل بالخير وهو قبل ذلك لا خير فيه. ورجل نالٌ، بوزْن بالٍ:
جَوَاد، وهي في الأَصل نائل، قال ابن سيده: يجوز أَن يكون فَعْلاً وأَن يكون
فاعِلاً ذهبت عينه، وقيل: كثير النائِل. ونالَ ينال نائلاً ونَيْلاً:
صار نالاً. وما أَنْوَله أَي ما أَكثر نائله. وما أَصَبْتُ منه نَوْلةً أَي
نَيْلاً. وشيء مُنَوَّل ومَنِيل؛ عن سيبويه. ابن السكيت: رجل نالٌ كثير
النَّوال، ورجلان نالان وقوم أَنْوال؛ وقول لبيد:
وقَفْتُ بهنَّ حتى قال صحْبي:
جَزِعْتَ وليس ذلك بالنَّوال
أَي بالصواب. ونالَتِ المرأَة بالحديث والحاجة نَوالاً: سَمَحَتْ أَو
هَمَّت؛ قال الشاعر:
تَنُولُ بمعروف الحديث، وإِن تُرِدْ
سوى ذاك تُذْعَر منك، وهي ذَعورُ
وقيل: النَّوْلة القُبْلة.
وناوَلْت فلاناً شيئاً مُناولة إِذا عاطَيْته. وتناوَلْت من يده شيئاً
إِذا تَعاطيته، وناوَلْته الشيء فتناوله. ابن سيده: تناول الأَمرَ
أَخذه.قال سيبويه: أَما نَوْل فتقول نَوْلُك أَن تفعل كذا أَي ينبغي لك فِعْل
كذا؛ وفي الصحاح: أَي حقُّك أَن تفعل كذا، وأَصله من التناوُل كأَنه يقول
تناوُلك كذا وكذا؛ قال العجاج:
هاجَتْ، ومثلي نَوْلُه أَن يَرْبَعا،
حمامةٌ ناجت حماماً سُجَّعا
أَي حقُّه أَين يكُفَّ، وقيل: الرجز لرؤبة؛ وإِذا قال لا نَوْلُك فكأَنه
يقول أَقْصِر، ولكنه صار فيه معنى ينبغي لك، وقال في موضع لا نَوْلُك
أَن تفعل، جعلوه بدلاً من ينبغي مُعاقِباً له؛ قال أَبو الحسن: ولذلك وقعت
المعرفة هنا غير مكرَّرة. وقالوا: ما نَوْلُك أَن تفعل كذا أَي ما ينبغي
لك أَن تَناله؛ روى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه قال في قولهم للرجل ما
كان نَوْلُكَ أَن تفعل كذا قال: النَّوْل من النَّوال؛ يقول ما كان فعلُك
هذا حظًّا لك. الفراء: يقال أَلمْ يَأْنِ وأَلم يَأْنِ لك وأَلم يَنَلْ
لك وأَلم يُنِلْ لك، قال: وأَجْوَدُهنّ التي نزل بها القرآن العزيز يعني
قوله: أَلم يَأْنِ للذين آمنوا. ويقال: أَنَّى لك أَن تفعل كذا ونالَ لك
وأَنال لك وأآن لك بمعنى واحد. وفي الحديث: ما نَوْل امرئٍ مسلم أَن
يقول غير الصواب أَو أَن يقول ما لا يعلم أَي ما ينبغي له وما حظُّه أَن
يقول؛ومنه قولهم: ما نَوْلُك أَن تفعل كذا. الأَزهري في قوله قولهم: ولا
يَنالون من عدوٍّ نَيْلاً، قال: النَّيْل من ذوات الواو، صُيِّر واوها ياء
لأَن أَصله نَيْوِل، فأَدغموا الواو في الياء فقالوا نَيّل، ثم خفَّفوا
فقال نَيْل، ومثله مَيِّت ومَيْت، قال: ولا ينالون من عدوٍّ نَيْلاً، هو من
نِلْت أَنالُ لا من نُلْت أَنُول.
والنَّوْل: الوادي السائل؛ خثعمية عن كراع. والنَّوْل: خشبةُ الحائك
التي يلفُّ عليها الثوب، والجمع أَنْوال. والمِنْوَلُ والمِنْوال:
كالنَّوْل. الليث: المِنْوال الحائك الذي يَنْسُِج الوَسائد ونحوَها نفسُه، ذهب
(*
قوله «نفسه ذهب إلخ» عبارة الصاغاني بعد قوله ونحوها: وقال ابن الاعرابي
المنوال الحائك نفسه ذهب إلخ) إِلى أَنه يَنْسِج بالنَّوْل وهو مِنْسَج
يُنسَج به وأَداتُه المنصوبة تسمى أَيضاً مِنْوالاً؛ وأَنشد:
كُمَيْتاً كأَنها هِراوَةُ مِنْوالِ
وقال: أَراد بالمِنْوال النَّسّاج. وإِذا استوتْ أَخلاقُ القوم قيل: هم
على مِنْوالٍ واحد، وكذلك رَمَوْا على مِنْوالٍ واحد أَي على رِشْقٍ
واحد، وكذلك ات ذا اسْتَووا في النِّضال. ويقال: لا أَدري على أَي مِنْوالٍ
هو أَي على أَيِّ وجه هو.
والنّالةُ: ما حول الحرَم؛ قال ابن سيده: وإِنما قضينا على أَلِفها
أَنها واو لأَن انقلاب الأَلف عن الواو عيناً أَعرف من انقلابها عن الياء؛
وقال ابن جني: أَلِفها ياء لأَنها من النَّيْل أَي من كان فيها لم تَنَله
اليد، قال: ولا يعجبني.
وأَنالَ بالله: حلف بالله؛ قال ساعدة بن جؤبة:
يُنِيلانِ بالله المجيدِ لقد ثَوَى
لدى حيث لاقَى رينُها ونَصِيرُها
(* قوله «رينها ونصيرها» هكذا في الأصل).
ونَوَّال ومُنَوِّل: اسمان.
نفر: النَّفْرُ: التَّفَرُّقُ. ويقال: لقيته قبل كل صَيْحٍ ونَفْرٍ أَي
أَولاً، والصَّيْحُ: الصِّياحُ. والنَّفْرُ: التفرق؛ نَفَرَتِ الدابةُ
تَنْفِرُ وتَنْفُر نِفاراً ونُفُوراً ودابة نافِرٌ، قال ابن الأَعرابي: ولا
يقال نافِرَةٌ، وكذلك دابة نَفُورٌ، وكلُّ جازِعٍ من شيء نَفُورٌ. ومن
كلامهم: كلُّ أَزَبَّ نَفُورٌ؛ وقول أَبي ذؤيب:
إِذا نَهَضَتْ فيه تَصَعَّدَ نَفْرُها،
كَقِتْر الغِلاءِ مُسْتَدِرٌّ صيابُها
قال ابن سيده: إِنما هو اسم لجمع نافر كصاحب وصَحْبٍ وزائر وزَوْرٍ
ونحوه. ونَفَرَ القومُ يَنْفِرُون نَفْراً ونَفِيراً. وفي حديث حمزة
الأَسلمي: نُفِّرَ بنا في سَفَرٍ مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ يقال:
أَنْفَرْنا أَي تَفَرَّقَتْ إِبلنا، وأُنْفِرَ بنا أَي جُعِلنا مُنْفِرِين ذَوِي
إِبلٍ نافِرَةٍ. ومنه حديث زَيْنَبَ بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
فأَنْفَرَ بها المشركون بَعِيرَها حتى سَقَطَتْ. ونَفَرَ الظَّبْيُ وغيره
نَفْراً ونَفَراناً: شَرَدَ. وظَبْيٌ نَيْفُورٌ: شديد النِّفارِ.
واسْتَنْفَرَ الدابة: كَنَفَّرَ. والإِنْفارُ عن الشيء والتَّنْفِيرُ عنه
والاسْتِنْفارُ كلُّه بمعنًى. والاسْتِنْفارُ أَيضاً: النُّفُورُ؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
ارْبُطْ حِمارَكَ، إِنه مُسْتَنْفِرٌ
في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ
أَي نافر: ويقال: في الدابة نِفارٌ، وهو اسمٌ مِثْلُ الحِرانِ؛ ونَفَّرَ
الدابة واسْتَنْفَرَها. ويقال: اسْتَنْفَرْتُ الوحشَ وأَنْفَرْتُها
ونَفَّرْتُها بمعنًى فَنَفَرَتْ تَنْفِرُ واسْتَنْفَرَتْ تَسْتَنْفِرُ بمعنى
واحد. وفي التنزيل العزيز: كأَنهم حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ من
قَسْوَرَةٍ؛ وقرئت: مستنفِرة، بكسر الفاء، بمعنى نافرة، ومن قرأَ مستنفَرة،
بفتح الفاء، فمعناها مُنَفَّرَةٌ أَي مَذْعُورَةٌ. وفي الحديث: بَشِّرُوا
ولا تُنَفِّرُوا أَي لا تَلْقَوْهُمْ بما يحملهم على النُّفُورِ. يقال:
نَفَرَ يَنْفِر نُفُوراً ونِفاراً إِذا فَرَّ وذهب؛ ومنه الحديث: إِن منكم
مُنَفِّرِينَ أَي من يَلْقى الناسَ بالغِلْظَةِ والشِّدَّةِ
فَيَنْفِرُونَ من الإِسلام والدِّين. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُنَفِّرِ
الناسَ. وفي الحديث: أَنه اشْتَرَطَ لمن أَقْطَعَهُ أَرضاً أَن لا يُنَفَّرَ
مالُه أَي لا يُزْجَرَ ما يرعى من ماله ولا يُدْفَعَ عن الرَّعْي.
واسْتَنْفَرَ القومَ فَنَفَرُوا معه وأَنْفَرُوه أَي نصروه ومَدُّوه. ونَفَرُوا
في الأَمر يَنْفِرُون نِفاراً ونُفُوراً ونَفِيراً؛ هذه عن الزَّجَّاج،
وتَنافَرُوا: ذهبوا، وكذلك في القتال. وفي الحديث: وإِذا اسْتُنْفِرْتُمْ
فانْفِرُوا. والاسْتِنْفارُ: الاسْتِنْجادُ والاسْتِنْصارُ، أَي إِذا طلب
منكم النُّصْرَةَ فأَجيبوا وانْفِرُوا خارجين إِلى الإِعانة. ونَفَرُ
القومِ جماعَتُهم الذين يَنْفِرُون في الأَمر، ومنه الحديث: أَنه بعث جماعة
إِلى أَهل مكة فَنَفَرَتْ لهم هُذَيْلٌ فلما أَحَسُّوا بهم لجَؤُوا إِلى
قَرْدَدٍ أَي خرجوا لقتالهم. والنَّفْرَةُ والنَّفْرُ والنَّفِيرُ:
القومُ يَنْفِرُونَ معك ويَتَنافَرُونَ في القتال، وكله اسم للجمع؛ قال:
إِنَّ لها فَوارِساً وفَرَطَا،
ونَفْرَةَ الحَيِّ ومَرْعًى وَسَطَا،
يَحْمُونَها من أَنْ تُسامَ الشَّطَطَا
وكل ذلك مذكور في موضعه. والنَّفِيرُ: القوم الذين يتَقَدَّمُونَ فيه.
والنَّفيرُ: الجماعةُ من الناس كالنَّفْرِ، والجمع من كل ذلك أَنْفارٌ.
ونَفِير قريش: الذين كانوا نَفَرُوا إِلى بَدْرٍ ليمنعوا عِيْرَ أَبي
سفيان.ويقال: جاءت نَفْرَةُ بني فلان ونَفِيرُهم أَي جماعتهم الذين يَنْفِرُون
في الأَمر. ويقال: فلان لا في العِيْرِ ولا في النَّفِير؛ قيل هذا المثل
لقريش من بين العرب، وذلك أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما هاجر إِلى
المدينة ونهض منها لِتَلَقِّي عِير قريش سمع مشركو قريش بذلك، فنهضوا
ولَقُوه ببَدْرٍ ليَأْمَنَ عِيرُهم المُقْبِلُ من الشأْم مع أَبي سفيان،
فكان من أَمرهم ما كان، ولم يكن تَخَلَّفَ عن العِيْرِ والقتال إِلا زَمِنٌ
أَو من لا خير فيه، فكانوا يقولون لمن لا يستصلحونه لِمُهِمٍّ: فلان لا
في العِيرِ ولا في النَّفِيرِ، فالعيرُ ما كان منهم مع أَبي سفيان،
والنفير ما كان منهم مع عُتْبَةَ بن ربيعة قائدهم يومَ بَدْرٍ. واسْتَنْفَرَ
الإِمامُ الناسَ لجهاد العدوّ فنفروا يَنْفِرُونَ إِذا حَثَّهُم على
النَّفِيرِ ودعاهم إِليه؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: وإِذا
اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفِرُوا. ونَفَرَ الحاجُّ من مِنًى نَفْراً ونَفرَ الناسُ من
مِنًى يَنْفِرُونَ نَفْراً ونَفَراً، وهو يوم النَّفْرِ والنَّفَرِ
والنُّفُورِ والنَّفِيرِ، وليلةُ النَّفْر والنَّفَرِ، بالتحريك، ويومُ
النُّفُورِ ويومُ النَّفِير، وفي حديث الحج: يومُ النَّفْرِ الأَوّل؛ قال ابن
الأَثير: هو اليوم الثاني من أَيام التشريق، والنَّفْرُ الآخِرُ اليومُ
الثالث، ويقال: هو يوم النَّحْرِ ثم يوم القَرِّ ثم يوم النفر الأَول ثم
يوم النفر الثاني، ويقال يوم النفر وليلة النفر لليوم الذي يَنْفِرُ الناس
فيه من منى، وهو بعد يوم القرِّ؛ وأَنشد لِنُصَيْبٍ الأَسْوَدِ وليس هو
نُصَيْباً الأَسْوَدَ المَرْوانِيَّ:
أَمَا والذي حَجَّ المُلَبُّونَ بَيْتَهُ،
وعَلَّمَ أَيامَ الذبائحِ والنَّحْرِ
لقد زَادَني، لِلْغَمْرِ، حُبّاً، وأَهْلهِ،
لَيالٍ أَقامَتْهُنَّ لَيْلى على الغَمْرِ
وهل يَأْثَمَنِّي اللهُ في أَن ذَكَرْتُها،
وعَلَّلْتُ أَصحابي بها ليلةَ النَّفْرِ
وسَكَّنْتُ ما بي من كَلالٍ ومن كرً،
وما بالمَطايا من جُنُوحٍ ولا فَتْرِ
ويروى: وهل يأْثُمَنِّي، بضم الثاء. والنَّفَرُ، بالتحريك، والرَّهْطُ:
ما دون العشرة من الرجال، ومنهم من خصص فقال للرجال دون النساءِ، والجمع
أَنفار. قال أَبو العباس: النَّفَرُ والقومُ والرَّهْطُ هؤلاء معناهم
الجمع لا واحد لهم من لفظهم. قال سيبويه: والنسبُ إِليه نَفَرِيٌّ، وقيل:
النَّفَرُ الناسُ كلهم؛ عن كراع، والنَّفِيرُ مثلُه، وكذلك النَّفْرُ
والنَّفْرَةُ. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: لو كان ههنا أَحدٌ من أَنْفارِنا أَي من
قومنا، جمع نَفَرٍ وهم رَهْطُ الإِنسان وعشيرته، وهو اسم جمع يقع على
جماعة من الرجال خاصة ما بين الثلاثة إِلى العشرة. وفي الحديث: ونَفَرُنا
خُلُوفٌ أَي رجالنا. الليث: يقال هؤلاء عَشَرَةُ نَفَرٍ أَي عشرة رجال، ولا
يقال عشرون نَفَراً ولا ما فوق العشرة، وهم النَّفَرُ من القوم. وقال
الفراء: نَفْرَةُ الرجل ونَفَرُهُ رَهْطُه؛ قال امرؤ القيس يصف رجلاً
بِجَوْدَةِ الرَّمْي:
فَهْوَ لا تَنْمِي رَمِيَّتُهُ،
ما لَه؟ لا عُدَّ من نَفَرِه
فدعا عليه وهو يمدحه، وهذا كقولك لرجل يعجبك فعله: ما له قاتله اللهُ
أَخزاه اللهُ وأَنت تريد غير معنى الدعاء عليه. وقوله تعالى: وجعلناكم
أَكْثَرَ نَفِيراً؛ قال الزجاج: النَّفِيرُ جمع نَفْرٍ كالعَبِيدِ والكَلِيبِ،
وقيل: معناه وجعلناكم أَكثر منهم نُصَّاراً. وجاءنا في نُفْرَتِه
ونافِرَتِه أَي في فَصِيلَتِه ومن يغضب لغضبه. ويقال: نَفْرَةُ الرجل أُسْرَتُه.
يقال: جاءنا في نَفْرَتِه ونَفْرِه؛ وأَنشد:
حَيَّتْكَ ثُمَّتَ قالتْ: إِنَّ نَفْرَتَنا
أَلْيَوْمَ كلَّهُمُ، يا عُرْوَ، مُشْتَغِلُ
ويقال للأُسْرَةِ أَيضاً: النُّفُورَةُ. يقال: غابتْ نُفُورَتُنا
وغَلَبَتْ نُفُورَتُنا نُفُورَتَهُمْ، وورد ذلك في الحديث: غَلَبَتْ
نُفُورَتُنا نُفُورَتَهُم؛ يقال للأَصحاب الرجل والذين يَنْفِرُونَ معه إِذا
حَزَبَه أَمر. نَفْرَتُه ونَفْرُهُ ونافِرَتُه ونُفُورَتُه.
ونافَرْتُ الرجلَ مُنافَرَةً إِذا قاضيتَه. والمُنافَرَةُ: المفاخرة
والمحاكمة. والمُنافَرَةُ: المحاكمة في الحَسَبِ. قال أَبو عبيد:
المُنافَرَةُ أَن يفتخر الرجلان كل واحد منهما على صاحبه، ثم يُحَكِّما بينهما
رجلاً كَفِعْلِ عَلْقَمَةَ بن عُلاثَةَ مع عامر بن طُفَيْلٍ حين تَنافرا إِلى
هَرِمِ بن قُطْبَةَ الفَزارِيِّ؛ وفيهما يقول الأَعشى يمدح عامر بن
الطفيل ويحمل على عَلْقَمَةَ بن عُلاثَةَ:
قد قلتُ شِعْري فمَضى فيكما،
واعْتَرَفَ المَنْفُورُ للنَّافِرِ
والمَنْفُورُ: المغلوب. والنَّافِرُ: الغالب. وقد نافَرَهُ فَنَفَرَهُ
يَنْفُرُه، بالضم لا غير، أَي غلبه، وقيل: نَفَرَهُ يَنْفِرُه ويَنْفُرُهُ
نَفْراً إِذا غلبه. ونَفَّرَ الحاكمُ أَحدهما على صاحبه تَنْفِيراً أَي
قضى عليه بالغلبة، وكذلك أَنْفَرَه. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: نافَرَ أَخي
أُنَيْسٌ فلاناً الشاعِرَ؛ أَراد أَنهما تَفاخَرا أَيُّهما أَجْوَدُ
شِعْراً. ونافَرَ الرجلَ مُنافَرَةً ونِفاراً: حاكَمَهُ، واسْتُعْمِلَ منه
النُّفُورَةُ كالحُكومَةِ؛ قال ابن هَرْمَةَ:
يَبْرُقْنَ فَوْقَ رِواقِ أَبيضَ ماجِدٍ،
يُرْعى ليومِ نُفُورَةٍ ومَعاقِلِ
قال ابن سيده: وكأَنما جاءت المُنافَرَةُ في أَوّل ما اسْتْعْمِلَتْ
أَنهم كانوا يسأَلون الحاكم: أَيُّنا أَعَزُّ نَفَراً؟ قال زهير:
فإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعُه ثلاثٌ:
يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ
وأَنْفَرَهُ عليه ونَفَّرَه ونَفَرَهُ يَنْفُرُه، بالضم، كل ذلك:
غَلَبَه؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، ولم يَعْرِفْ أَنْفُرُ، بالضم، في
النِّفارِ الذي هو الهَرَبُ والمُجانَبَةُ. ونَفَّرَه الشيءَ وعلى الشيء وبالشيء
بحرف وغير حرف: غَلَبَهُ عليه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
نُفِرْتُمُ المَجْدَ فلا تَرْجُونَهْ،
وجَدْتُمُ القومَ ذَوِي زَبُّونَهْ
كذا أَنشده نُفِرْتُمْ، بالتخفيف.
والنُّفارَةُ: ما أَخَذَ النَّافِرُ من المَنْفَورِ، وهو الغالبُ
(*
قوله« هو الغالب» عبارة القاموس أي الغالب من المغلوب) ، وقيل: بل هو ما
أَخذه الحاكم. ابن الأَعرابي: النَّافِرُ القَامِرُ. وشاة نافِرٌ: وهي التي
تُهْزَلُ فإِذا سعلت انتثر من أَنفها شيء، لغة في النَّاثِرِ. ونَفَرَ
الجُرْحُ نُفُوراً إِذا وَرِمَ. ونَفَرَتِ العينُ وغيرها من الأَعضاء
تَنْفِرُ نُفُوراً: هاجت ووَرِمَتْ. ونَفَرَ جِلْدُه أَي وَرِمَ. وفي حديث
عمر: أَن رجلاً في زمانه تَخَلَّلَ بالقَصَبِ فَنَفَرَ فُوهُ، فنهى عن
التخلل بالقصب؛ قال الأَصمعي: نَفَرَ فُوه أَي وَرِمَ. قال أَبو عبيد: وأُراهُ
مأْخوذاً من نِفارِ الشيء من الشيء إِنما هو تَجافِيهِ عنه وتَباعُدُه
منه فكأَن اللحْمَ لما أَنْكَرَ الداء الحادث بينهما نَفَرَ منه فظهر،
فذلك نِفارُه. وفي حديث غَزْوانَ: أَنه لَطَمَ عينه فَنَفَرَتْ أَي
وَرِمَتْ.ورجل عِفْرٌ نِفْرٌ وعِفْرِيَةٌ نِفْرِيَةٌ وعِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ
وعُفارِيَةٌ نُفارِيَةٌ إِذا كان خبيثاً مارِداً. قال ابن سيده: ورجل
عِفْرِيتَةٌ نِفْرِيتَةٌ فجاء بالهاء فيهما، والنِّفْرِيتُ إِتباعٌ للعِفْرِيت
وتوكيدٌ.
وبنو نَفْرٍ: بطنٌ. وذو نَفْرٍ: قَيْلٌ من أَقيال حِمْيَرَ. وفي الحديث:
إِن الله يُبْغِضُ العِفْرِيَةَ النِّفْرِيَةَ أَي المُنْكَرَ الخَبيثَ،
وقيل: النِّفْرِيَةُ والنِّفْرِيتُ إِتباع للعِفْرِيَةِ والعِفْرِيتِ. ابن
الأَعرابي: النَّفائِرُ العصافير
(*قوله« النفائر العصافير» كذا بالأصل.
وفي القاموس: النفارير العصافير.) وقولهم: نَفِّرْ عنه أَي لَقِّبْهُ
لَقَباً كأَنه عندهم تَنْفِيرٌ للجن والعينِ عنه. وقال أَعرابي: لما وُلدتُ
قيل لأَبي: نَفِّرْ عنه، فسماني قُنْفُذاً وكنَّاني أَبا العَدَّاءِ.
نسب: النَّسَبُ: نَسَبُ القَراباتِ، وهو واحدُ الأَنْسابِ. ابن سيده:
النِّسْبةُ والنُّسْبَةُ والنَّسَبُ: القَرابةُ؛ وقيل: هو في الآباء خاصَّةً؛ وقيل: النِّسْبَةُ مصدرُ الانْتِسابِ؛ والنُّسْبَةُ: الاسمُ. التهذيب: النَّسَبُ يكون باللآباءِ، ويكونُ إِلى البلاد، ويكون في الصِّناعة، وقد
اضْطُرَّ الشاعر فأَسكن السين؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
يا عَمْرُو، يا ابنَ الأَكْرَمِـينَ نَسْبا، * قَدْ نَحَبَ الـمَجْدُ عليك نَحْبا
النَّحْبُ هنا: النَّذْرُ، والـمُراهَنة، والـمُخاطَرة أَي لا يُزايلُك، فهو لا يَقْضِـي ذلك النَّذْرَ أَبداً؛ وجمع النَّسَب أَنْسابٌ.
وانْتَسَبَ واسْتَنْسَبَ: ذَكَرَ نَسَبه. أَبو زيد: يقال للرجل إِذا سُئِلَ عن نَسَبه: اسْتَنْسِبْ لنا أَي انْتَسِبْ لنا حتى نَعْرِفَك.
ونَسَبَهُ يَنْسُبُهُ ويَنْسِـبُهُ (1)
(1 قوله «ونسبه ينسبه» بضم عين المضارع وكسرها والمصدر النسب والنسب كالضرب والطلب كما يستفاد الأوّل من الصحاح والمختار والثاني من المصباح واقتصر عليه المجد ولعله أهمل الأول لشهرته واتكالاً على القياس، هذا في نسب القرابات وأما في نسيب الشعر فسيأتي أن مصدره النسب محركة والنسيب.) نَسَباً: عَزاه. ونَسَبه: سَـأَله أَن يَنْتَسِبَ. ونَسَبْتُ فُلاناً إِلى أَبيه أَنْسُبه وأَنْسِـبُهُ نَسْباً إِذا رَفَعْتَ في نَسَبه إِلى جَدِّه الأَكبر. الجوهري: نَسَبْتُ الرجلَ أَنْسبُه، بالضم، نِسْبةً ونَسْباً إِذا ذَكَرْتَ نَسَبه، وانْتَسَبَ إِلى أَبيه أَي اعْتَزَى. وفي الخبر: أَنـَّها نَسَبَتْنا، فانْتَسَبْنا لها،
رواه ابن الأَعرابي. وناسَبَه: شَرِكَه في نَسَبِه. والنَّسِـيبُ: الـمُناسِبُ، والجمع نُسَباءُ وأَنْسِـباءُ؛ وفلانٌ يناسِبُ فلاناً، فهو نَسِـيبه أَي قَريبه.
وتَنَسَّبَ أَي ادَّعَى أَنه نَسِـيبُكَ. وفي المثل: القَريبُ مَن
تَقَرَّبَ، لا مَنْ تَنَسَّبَ.
ورجل نَسِـيبٌ مَنْسُوب: ذو حَسَبٍ ونَسَبٍ. ويقال: فلانٌ نَسِـيبي، وهم أَنْسِـبائي.
والنَّسَّابُ: العالم بالنَّسَب، وجمعه نَسَّابونَ؛ وهو النَّسَّابةُ؛ أَدخَلوا الهاءَ للمبالغة والمدح، ولم تُلْحَقْ لتأْنيثِ الموصوف بما هي
فيه، وإِنما لَحِقَتْ لإِعْلام السامع أَن هذا الموصوفَ بما هي فيه قد بَلَغَ الغايةَ والنهاية، فجَعَل تأْنيثَ الصفة أَمارة لِـما أُريد من تأْنيث الغايةِ والمبالغةِ، وهذا القولُ مُسْتَقْصًى في عَلاَّمة؛ وتقول: عندي ثلاثةُ نَسَّاباتٍ وعَلاَّماتٍ، تُريد ثلاثةَ رجالٍ، ثم جئتَ بنَسَّاباتٍ نَعْتاً لهم. وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: وكان رجلاً نَسَّابةً؛ النَّسَّابةُ: البليغ العالم بالأَنسابِ.
وتقول: ليس بينهما مُناسَبة أَي مُشاكَلةٌ. ونَسَبَ بالنساءِ، يَنْسُبُ، ويَنْسِبُ نَسَباً ونَسِـيباً، ومَنْسِـبة: شَبَّبَ (1)
(1 قوله «ومنسبة شبب إلخ» عبارة التكملة المنسب والمنسبة (بكسر السين فيهما بضبطه) النسيب في الشعر. وشعر منسوب فيه نسيب والجمع المناسيب.) بهنّ في الشعْر وتَغزَّل. وهذا الشِّعْر أَنْسَبُ من هذا أَي أَرَقُّ نَسِـيباً، وكأَنهم قد قالوا: نَسيبٌ ناسِبٌ، على المبالغة، فبُني هذا منه. وقال شمر: النَّسِـيبُ رَقيقُ الشِّعْر في النساءِ؛ وأَنشد:
هَلْ في التَّعَلُّلِ من أَسْماءَ مَن حُوبِ، * أَم في القَريضِ وإِهْداءِ الـمَناسِـيبِ؟
وأَنْسَبَتِ الريحُ: اشْتَدَّتْ، واسْتافَتِ التُّرابَ والـحَصى.
والنَّيْسَبُ والنَّيْسَبانُ: الطريقُ المستقيم الواضحُ؛ وقيل: هو الطريقُ الـمُسْتَدِقُّ، كطَريق النَّمْل والـحَيَّةِ، وطريقِ حُمُر الوَحْش إِلى مَواردها؛ وأَنشد الفرّاء لدُكَينٍ:
عَيْناً، تَرى الناسَ إِليه نَيْسَبا، * من صادرٍ أَو وارِدٍ، أَيْدي سَبَا
قال، وبعضهم يقول: نَيْسَم، بالميم، وهي لغة. الجوهري: النَّيْسَبُ الذي تراه كالطَّريق من النمل نفسها، وهو فَيْعَلٌ؛ وقال دُكَيْنُ بنُ رَجاء الفُقَيْميُّ:
عَيْناً ترى الناسَ إِليها نَيْسَبا
قال ابن بري والذي في رَجزه:
مُلْكاً، تَرَى الناسَ إِليه نَيْسَبا، * من داخِلٍ وخارجٍ، أَيْدي سَبَا(2)
(2 قوله «وقال ابن بري إلخ» وعبارة التكملة والرواية ملكاً إلخ أي اعطه ملكاً.)
ويروى من صادر أَو وارد. وقيل: النَّيْسَبُ ما وُجِدَ من أَثر الطريق.
ابن سيده: والنَّيْسَبُ طريقُ النمل إِذا جاءَ منها واحدٌ في إِثرِ آخر.
وفي النوادر: نَيْسَبَ فلانٌ بين فلانٍ وفلانٍ نَيْسَبةً إِذا أَدْبَرَ وأَقْبَلَ بينهما بالنميمة وغيرها.
ونُسَيْبٌ: اسم رجل ؛عن ابن الأَعرابي وحده.
نشب: نَشِبَ الشيءُ في الشيءِ، بالكسر، نَشَباً ونُشوباً ونُشْبةً: لم
يَنْفُذْ؛ وأَنْشَبَه ونَشَبَه؛ قال:
هُمُ أَنْشَبُوا صُمَّ القَنا في صُدُورِهِم، * وبِـيضاً تَقِـيضُ البَيْضَ من حيثُ طائرُهْ
وأَنْشَبَ البازي مَخالِـبَه في الأَخيذَة. ونَشِبَ فلانٌ مَنْشَبَ سَوْءٍ إِذا وَقَعَ فيما لا مَخْلَص منه؛ وأَنشد:
وإِذا الـمَنِـيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفارَها، * أَلْفَيْتَ كلَّ تَميمةٍ لا تَنْفَعُ
ونَشَّبَ في الشيءِ، كنَشَّمَ؛ حكاهما اللحياني، بعد أَن ضَعَّفَهما.
قال ابن الأَعرابي قال الحرث بن بَدْرٍ الغُدانيُّ: كنتُ مَرَّةً نُشْبَةً، وأَنا اليوم عُقْبَةٌ أَي كنتُ مَرَّةً إِذا نَشِـبْتُ أَي عَلِقْتُ بـإِنسان لَقِـيَ مني شرّاً، فقد أَعْقَبْتُ اليومَ، ورَجَعْتُ. والـمِنْشَبُ، والجمعُ الـمَناشِبُ: بُسْرُ الخَشْوِ. قال ابن الأَعرابي: الـمِنْشَبُ الخَشْوُ؛ يقال: أَتَوْنا بخَشْوٍ مِنْشَبٍ يأْخُذُ بالـحَلْق.الليث: نَشِبَ الشيءُ في الشيءِ نَشَباً، كما يَنْشَبُ الصَّيْدُ في الـحِـبالة. الجوهري: نَشِبَ الشيءُ في الشيءِ، بالكسر، نُشوباً أَي عَلِقَ فيه؛ وأَنْشَبْتُه أَنا فيه أَي أَعْلَقْتُه، فانْتَشَب؛ وأَنْشَبَ الصائدُ: أَعْلَقَ. ويقال: نَشِـبَت الحربُ بينهم؛ وقد ناشَبه الحرْبَ أَي نابَذَه. وفي حديث العباس، يوم حُنَيْنٍ: حتى تَناشَبُوا حَولَ رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَي تَضامُّوا، ونَشِبَ بعضُهم في بعض أَي دَخَلَ وتَعَلَّقَ. يقال: نَشِبَ في الشيءِ إِذا وَقَعَ فيما لا مَخْلَص له منه.
ولم يَنْشَبْ أَنْ فَعَل كذا أَي لم يَلْبَثْ؛ وحقيقتُه لم يَتَعَلَّقْ بشيءٍ غيره، ولا اشتغل بسواه. وفي حديث عائشةَ وزينبَ: لم أَنْشَبْ أَن أَثْخَنْتُ عليها. وفي حديث الأَحْنَفِ: أَنَّ الناسَ نَشِـبُوا في قتل
عثمان أَي عَلِقُوا. يقال: نَشِـبَتِ الحرْبُ بينهم نُشُوباً: اشْتَبَكَتْ.
وفي الحديث: أَن رجلاً قال لشُرَيح: اشتريتُ سِمْسِماً، فنَشِبَ فيه
رجلٌ، يعني اشتراه؛ فقال شُرَيْحٌ: هو للأَوَّل؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
وتِلْكَ بَنُو عَدِيٍّ قد تَـأَلَّوْا، * فيا عَجَبا لناشبةِ الـمَحالِ!(1)
(1 قوله «قد تألوا إلخ» كذا بالأصل ونقله عنه شارح القاموس والذي في التهذيب قد تولوا.)
فسره فقال: ناشِـبةُ الـمَحالِ البَكْرَةُ التي لا تجْري (2)
(2 قوله «البكرة التي لا تجري» قال شارح القاموس ومنه يعلم ما في كلام المجد من الاطلاق في محل التقييد.) أَي امْتَنَعُوا منا، فلم يُعِـينُونا؛ شَبَّهَهُم في امتِناعِهِم عليه، بامتِناعِ البَكْرَة من الجَرْي.
والنُّشَّابُ: النَّبْلُ، واحدتُه نُشَّابة.
والناشِبُ: ذو النُّشَّاب، ومنه سمي الرجل ناشِـباً.
والناشِبةُ: قومٌ يَرْمونَ بالنُّشَّابِ.
والنُّشَّابُ: السِّهامُ. وقوم نَشَّابة: يَرْمُونَ بالنُّشَّابِ، كل ذلك على النَّسَب لأَنه لا فعل له، والنَّشَّابُ مُتَّخِذُه.
والنُّشَبةُ من الرجال: الذي إِذا نَشِبَ بشيءٍ، لم يَكَدْ يُفارِقُه.
والنَّشَبُ والـمَنْشَبةُ: المالُ الأَصيلُ من الناطقِ والصامت. أَبو
عبيد: ومن أَسماءِ المال عندهم، النَّشَبُ والنَّشَبَةُ؛ يقال: فلانٌ ذو
نَشَبٍ، وفلانٌ ما له نَشَبٌ. والنَّشَبُ: المالُ والعَقارُ.وأَنْشَبَتِ الريحُ: اشْتَدَّتْ وسافتِ الترابَ. وانْتَشَبَ فلانٌ طعاماً أَي جَمَعَه، واتَّخذ منه نُشَباً. وانْتَشَبَ حَطَباً: جَمَعَه؛ قال الكميت:
وأَنْفَدَ النملُ بالصَّرائم ما * جَمَّعَ، والحاطِـبون ما انتَشَبوا
ونُشْبَةُ: من أَسماءِ الذِّئْب. ونُشْبة، بالضم: اسم رجل، وهو نُشْبة بنُ غَيْظِ بنِ مُرَّةَ بنِ عَوف بنِ سعدِ بنِ ذِبْيانَ، واللّه أَعلم.
مشط: مَشَطَ شَعرَه يَمْشُطُه ويَمْشِطه مَشْطاً: رَجَّله، والمُشاطةُ:
ما سقط منه عند المَشْط، وقد امْتَشَط، وامْتَشَطتِ المرأَة ومشَطتها
الماشِطةُ مَشْطاً. ولِمَّةٌ مَشِيطٌ أَي مَمْشوطةٌ. والماشِطةُ: التي
تُحْسِن المَشْطَ، وحرفتها المِشاطة. والمَشّاطة: الجارية التي تُحْسِن
المِشاطَة. ويقال للمُتَمَلِّقِ: هو دائم المَشْطِ، على المَثَل.
والمُشْطُ والمِشْطُ والمَشْطُ: ما مُشِطَ به، وهو واحد الأَمْشاطِ،
والجمع أَمْشاطٌ ومِشاطٌ؛ وأَنشد ابن بري لسعيد بن عبد الرحمن بن حسان:
قد كنتُ أَغْنى ذِي غِنىً عَنْكُمْ كما
أَغْنَى الرّجالِ، عن المِشاطِ، الأَقْرَعُ
قال أَبو الهيثم: وفي المِشْطِ لغة رابعة المُشُطُّ، بتشديد الطاء؛
وأَنشد:
قد كنتُ أَحْسَبُني غَنِيّاً عَنْكُمُ،
إِنّ الغَنِيّ عن المُشُطِّ الأَقْرَعُ
قال ابن بري: ويقال في أَسمائه المَشِطُ والمُشُطُ والمِمْشَطُ
والمِكَدُّ والمِرْجَلُ والمِسْرَحُ والمِشْقا، بالقصر والمدّ، والنَّحيتُ
والمُفَرَّجُ. وفي حديث سِحْرِ النبيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه طُبَّ وجعل
في مُشْط ومُشاطةٍ؛ قال ابن الأَثير: هو الشَّعر الذي يَسْقُط من
الرأْسِ واللحيةِ عند التَّسْريح بالمشط. والمِشْطَةُ: ضَرب من المَشْط
كالرِّكْبةِ والجِلْسة، والمَشْطةُ واحدة. ومن سِمات الإِبل ضرب يُسمّى المُشْط.
قال ابن سيده: والمُشُطُ سِمة من سِماتِ البعير على صورة المُشطِ. قال
أَبو علي: تكون في الخد والعنق والفخذ؛ قال سيبويه: أَمّا المُشْطُ
والدّلْو والخُطَّاف فإِنما يريد أَن عليه صورة هذه الأَشياء. وبعير مَمْشُوطٌ:
سِمَتُه المُشْطُ. ومَشِطَتِ الناقةُ مَشَطاً ومَشَّطَت: صار على
جانبيها مثل الأَمْشاط من الشحْمِ. ومُشْطُ القَدَمِ: سُلامَياتُ ظهرها، وهي
العِظامُ الرِّقاقُ المُفْتَرِشةُ فوق القدم دون الأَصابع. التهذيب:
المُشْط سُلامَياتُ ظهر القدم؛ يقال: انكسر مُشط ظهر قدمه. ومُشط الكَتِفِ:
اللحمُ العريض. والمُشْط: سبَجَةٌ فيها أَفنان، وفي وسَطها هِراوةٌ يُقبض
عليها وتُسوّى بها القِصابُ، ويُغَطَّى بها الحُبُّ، وقد مَشَط الأَرضَ
(*
قوله «مشط الأَرض» كذا في الأَصل بدون تفسير.).
ورجل مَمْشُوط: فيه طول ودِقَّةٌ. الخليل: المَمْشُوط الطويل الدقيق.
وغيره يقول: هو المَمْشُوقُ.
ومَشِطَتْ يده تَمْشَطَ مَشَطاً: خَشُنت من عمل، وقيل: المَشَطُ أَن يمس
الرجلُ الشوك أَو الجِذْع فيدخل منه في يده شيء، وفي بعض نسخ المصنف:
مَشِظَت يده، بالظاء المعجمة، لغة أَيضاً، وسيأْتي ذكره.
والمُشْط: نبت صغير يقال له مُشْط الذئب له جِراء مثل جراء القِثَّاء.