من (ك ل د) تصغير ترخيم مُكْلِد بمعنى الجامع الشيء وجاعل بعضه على بعض.
من (ك ل د) تصغير ترخيم مُكْلِد بمعنى الجامع الشيء وجاعل بعضه على بعض.
كيل: الكَيْلُ: المِكْيال. غيره: الكَيْل كَيْل البُرِّ ونحوه، وهو مصدر
كالَ الطعامَ ونحوه يَكِيلُ كَيْلاً ومَكالاً ومَكِيلــاً أَيضاً، وهو شاذ
لأَن المصدر من فَعَل يَفْعِل مَفْعِل، بكسر العين؛ يقال: ما في برك
مَكالٌ، وقد قيل مَكِيل عن الأَخفش؛ قال ابن بري: هكذا قال الجوهري، وصوابه
مَفْعَل بفتح العين. وكِيلُ الطعامُ، على ما لم يسم فاعله، وإِن شئت ضممت
الكاف، والطعامُ مَكِيلٌ ومَكْيُول مثل مَخِيط ومَخْيوط، ومنهم من يقول:
كُولَ الطعامُ وبُوعَ واصْطُودَ الصَّيْدُ واسْتُوقَ مالُه، بقلب الياء
واواً حين ضم ما قبلها لأَن الياء الساكنة لا تكون بعد حرف مضموم.
واكْتالَه وكالَه طعاماً وكالَه له؛ قال سيبويه: اكْتَل يكون على
الاتحاد وعلى المُطاوَعة. وقوله تعالى: الذين إِذا اكْتالوا على الناس
يَسْتَوْفُون؛ أَي اكْتالوا منهم لأَنفسهم؛ قال ثعلب: معناه من الناس، والاسم
الكِيلَةُ، بالكسر، مثل الجِلْسة والرِّكْبة. واكْتَلْت من فلان واكْتَلْت
عليه وكِلْت فُلاناً طعاماً أَي كِلْتُ له؛ قال الله تعالى: وإِذا
كالُوهمْ أَو وَزَنُوهم؛ أَي كالُوا لهم. وفي المثل: أَحَشَفاً وسُوء كِيلة؟ أَي
أَتَجْمَعُ عليَّ أَن يكون الــمَكِيل حَشَفاً وأَن يكون الكَيل
مُطَفَّفاً؛ وقال اللحياني: حَشَف وسوء كِيلةٍ وكَيْلٍ ومَكِيلــةٍ. وبُرٌّ مَكِيلٌ،
ويجوز في القياس مَكْيول، ولغة بني أَسد مَكُول، ولغة رديئة مُكالٌ؛ قال
الأَزهري: أَما مُكالٌ فمن لغات الحَضَرِيِّين، قال: وما أَراها عربية
محضة، وأَما مَكُول فهي لغة رديئة، واللغة الفصيحة مَكِيل ثم يليها في
الجودة مَكْيول. الليث: المِكْيال ما يُكالُ به، حديداً كان أَو خشباً.
واكْتَلْتُ عليه: أَخذت منه. يقال: كال المعطي واكْتال الآخِذ. والكَيْلُ
والــمِكْيَلُ والمِكْيال والــمِكْيَلــةُ: ما كِيلَ به؛ الأَخيرة نادرة. ورجل
كَيَّال: من الكَيْل؛ حكاه سيبويه في الإِمالة، فإِما أَن يكون على التكثير
لأَن فِعْله معروف، وإِما يُفَرّ إِلى النسَب إِذا عُدِم الفعل؛ وقوله
أَنشده ابن الأَعرابي:
حين تكالُ النِّيبُ في القَفِيزِ
فسره فقال: أَراد حين تَغْزُر فيُكال لَبَنُها كَيْلاً فهذه الناقة
أَغزرهنَّ. وكال الدراهمَ والدنانير: وزنها؛ عن ابن الأَعرابي خاصة؛ وأَنشد
لشاعر جعل الكَيْل وَزْناً:
قارُروة ذات مِسْك عند ذي لَطَفٍ،
من الدَّنانيرِ، كالُوها بمِثْقال
فإِما أَن يكون هذا وَضْعاً، وإِما أَن يكون على النسب لأَن الكَيْل
والوزن سواء في معرِفة المَقادير. ويقال: كِلْ هذه الدراهمَ، يريدون زِنْ.
وقال مُرَّة: كُلُّ ما وزن فقد كِيلَ.
وهما يتَكايَلان أَي يتَعارَضان بالشَّتْم أَو الوَتْرِ؛ قالت امرأَة من
طيِّءٍ:
فيَقْتل خيراً بامرِئٍ لم يكن له
نِواءٌ، ولكن لا تَكَايُلَ بالدَّمِ
قال أَبو رِياش: معناه لا يجوز لك أَن تقتل إِلاَّ ثأْرَك ولا تعتبر فيه
المُساواة في الفضل إِذا لم يكن غيره. وكايَل الرجلُ صاحبَه: قال له مثل
ما يقول أَو فَعَل كفعله. وكايَلْته وتكايَلْنا إِذا كالَ لَكَ وكِلْتَ
له فهو مُكائِل، بالهمز. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه نَهَى عن
المُكايَلة وهي المُقايَسة بالقَوْل والفعل، والمراد المُكافأَة بالسُّوءِ
وتركُ الإِغْضاء والاحتمالِ أَي تقول له وتفعَل معه مثل ما يقول لك ويفعل
معك، وهي مُفاعلة من الكَيْل، وقيل: أَراد بها المُقايَسة في الدِّين وترك
العمل بالأَثر. وكالَ الزَّنْدُ يَكِيلُ كَيْلاً: مثل كَبا ولم يخرِج
ناراً فشبه مؤخَّر الصفوف
(* قوله «فشبه مؤخر الصفوف إلى قوله من كان فيه»
هكذا في الأصل هنا، وقد ذكره ابن الاثير عقب حديث دجانة، ونقله المؤلف
عنه فيما يأتي عقب ذلك الحديث ولا مناسبة له هنا فالاقتصار على ما يأتي
احق) في الحرب به لأَنه لا يُقاتِل مَن كان فيه.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: المِكْيال مِكْيال أَهل
المدينة والمِيزانُ مِيزانُ أَهلِ مكة؛ قال أَبو عبيدة: يُقال إِن هذا
الحديث أَصل لكل شيء من الكَيْل والوَزْن، وإِنما يأْتَمُّ الناس فيهما
بأَهل مكة وأَهل المدينة، وإِن تغيَّر ذلك في سائر الأَمصار، أَلا ترى أَن
أَصل التمر بالمدينة كَيْلٌ وهو يُوزَن في كثير من الأَمصار، وأَنَّ
السَّمْن عندهم وَزْن وهو كَيْل في كثير من الأَمصار؟ والذي يعرف به أَصل
الكَيْل والوَزْن أَن كل ما لَزِمه اسم المَخْتوم والقَفِيزِ والمَكُّوكِ
والمُدِّ والصاعِ فهو كَيْل، وكلُّ ما لزمه اسم الأَرْطالِ والأَواقيِّ
والأَمْناءِ فهو وزن؛ قال أَبو منصور: والتمر أَصله الكَيْل فلا يجوز أَن يباع
منه رِطْل برطل ولا وزن بوزن، لأَنه إِذا رُدَّ بعد الوزن إِلى الكيل
تَفاضَل، إِنما يُباع كَيْلاً بكَيْل سواء بسواء، وكذلك ما كان أَصله
مَوْزُوناً فإِنه لا يجوز أَن يُباع منه كَيْل بكَيْل، لأَنه إِذا رُدَّ إِلى
الوزن لم يؤْمن فيه التَّفاضُل، قال: وإِنما احتيج إِلى هذا الحديث لهذا
المعنى، ولا يتَهافت الناس في الرِّبَا الذي نَهَى الله عز وجل عنه، وكل
ما كان في عَهْد النبي، صلى الله عليه وسلم، بمكة والمدينة مَكِيلــاً فلا
يُباعُ إِلا بالكَيْل، وكل ما كان بها مَوْزُوناً فلا يُباع إِلا بالوزن
لئلا يدخله الرِّبا بالتَّفاضُل، وهذا في كل نوع تتعلق به أَحكام الشرع
من حقوق الله تعالى دون ما يَتعامل به الناسُ في بِياعاتِهم، فأَما
المِكْيال فهو الصاع الذي يتعلَّق به وُجوب الزكاة والكفارات والنفقات وغير
ذلك، وهو مقدر بكيل أَهل المدينة دون غيرها من البُلْدان لهذا الحديث، وهو
مِفْعال من الكَيْل، والميم فيه للآلة؛ وأَما الوَزْن فيريد به الذهب
والفضة خاصة لأَن حق الزكاة يتعلَّق بهما، ودِرْهمُ أَهلِ مكة ستة دَوانيق،
ودراهم الإِسلام المعدَّلة كل عشرة دراهم سبعة مَثاقيل، وكان أَهلُ
المدينة يتَعاملون بالدراهم عند مَقْدَمِ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، بالعَدَدِ فأَرْشَدَهم إِلى وزن مكة، وأَما الدنانير فكانت تحمل إِلى
العرب من الرُّوم إِلى أَن ضَرَبَ عبدُ الملك بن مَرْوان الدينار في
أَيامه، وأَما الأَرطالُ والأَمْناءُ فللناس فيها عادات مختلفة في البُلْدان
وهم مُعاملون بها ومُجْرَوْن عليها.
والكَيُّولُ: آخِرُ الصُّفوفِ في الحرب، وقيل: الكَيُّول مؤخر الصفوف؛
وفي الحديث: أَن رجلاً أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو يقاتِلُ
العدوَّ فسأَله سيفاً يقاتِل به فقال له: فلَعَلَّك إِن أَعطيتك أَن تقوم في
الكَيُّول، فقال: لا، فأَعطاه سيفاً فجعل يُقاتِل وهو يقول:
إِنِّي امْرُؤٌ عهَدَني خَلِيلي
أَن لا أَقومَ الدَّهْرَ في الكَيُّولِ
أَضْرِبْ بسيفِ الله والرسولِ،
ضَرْبَ غُلامٍ ماجدٍ بُهْلولِ
فلم يزل يقاتِل به حتى قُتِل. الأَزهري: أَبو عبيد الكَيُّولُ هو مؤخر
الصفوف، قال: ولم أَسمع هذا الحرف إِلا في هذا الحديث، وسكن الباءَ في
أَضْرِبْ لكثرة الحركات. وتَكَلَّى الرجلُ أَي قام في الكَيُّول، والأَصل
تَكَيَّل وهو مقلوب منه؛ قال ابن بري: الرجَز لأَبي دُجَانَةَ سِمَاك بن
خَرَشَةَ؛ قال ابن الأَثير: الكَيُّول، فَيْعُول، من كالَ الزندُ إِذا
كَبَا ولم يخرج ناراً، فشبَّه مؤخَّر الصفوف به لأَن مَنْ كان فيه لا
يُقاتِل، وقيل: الكَيُّول الجَبَان؛ والكَيُّول: ما أَشرف من الأَرض، يُريد
تقومُ فوقَه فتنظر ما يصنع غيرك. أَبو منصور: الكَيُّول في كلام العرب ما خرج
من حَرِّ الزَّنْد مُسْوَدّاً لا نار فيه.
الليث: الفرس يُكايِل الفرس في الجَرْي إِذا عارَضه وباراه كأَنه يَكِيل
له من جَرْيهِ مثل ما يَكِيل له الآخر. ابن الأَعرابي: المُكَايلة أَن
يتَشاتَم الرجلان فيُرْبِي أَحدهما على الآخر، والمُواكلة أَن يُهْدِيَ
المُدانُ للمَدِينِ ليُؤخِّر قضاءه. ويقال: كِلْتُ فلاناً بفلانٍ أَي
قِسْتُه به، وإِذا أَردْت عِلْمَ رجل فكِلْهُ بغيره، وكِلِ الفرسَ بغيره أَي
قِسْه به في الجَرْي؛ قال الأَخطل:
قد كِلْتُموني بالسَّوابِقِ كُلِّها،
فَبَرَّزْتُ منها ثانياً من عِنَانِيَا
أَي سبقتها وبعض عِناني مَكْفوف.
والكِيَالُ: المُجاراة؛ قال:
أُقْدُرْ لنَفْسِكَ أَمْرَها،
إِن كان من أَمْرٍ كِيَالَهْ
وذكر أَبو الحسن بن سيده في أَثناء خُطْبة كتابه المحكم مما قَصَدَ به
الوَضْعَ من ابن السكيت فقال: وأَيُّ مَوْقِفةٍ أَخْزَى لِواقِفِها من
مقامة أَبي يوسف يعق بن إِسحق السكيت مع أَبي عثمان المازني بين يدي
المتوكِّل جعفر؟ وذلك أَن المتوكل قال: يا مازني سل يعقوب عن مسأَلة من النحو،
فَتَلَكَّأَ المازني عِلْماً بتأَخر يعقوب في صناعة الإِعراب، فعَزَم
المتوكل عليه وقال: لا بدَّ لك من سؤاله، فأَقبل المازني يُجْهِد نفسه في
التلخيص وتَنكُّب السؤال الحُوشِيِّ العَوِيص، ثم قال: يا أَبا يوسف ما
وَزْن نَكْتَلْ من قوله عز وجل: فأَرْسِلْ معنا أَخانا نَكْتَلْ، فقال له:
نَفْعَل؛ قال: وكان هناك قوم قد علموا هذا المِقْدار، ولم يُؤْتَؤْا من
حَظِّ يعقوب في اللغة المِعْشار، ففاضوا ضَحِكاً، وأَداروا من اللَّهْو
فَلَكاً، وارتفع المتوكِّل وخرج السِّكِّيتي والمازني، فقال ابن السكيت: يا
أَبا عثمان أَسأْت عِشْرَتي وأَذْويْتَ بَشَرتي، فقال له المازني: والله
ما سأَلتُك عن هذا حتى بحثت فلم أَجد أَدْنى منه مُحاوَلاً، ولا أَقْرَب
منه مُتَناوَلاً.
شيع: الشَّيْعُ: مِقدارٌ من العَدَد كقولهم: أَقمت عنده شهراً أَو
شَيْعَ شَهْرٍ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: بَعْدَ بَدْرٍ بِشهر أَو
شَيْعِه أَي أَو نحو من شهرٍ. يقال: أَقمت به شهراً أَو شَيْعَ شهر أَي
مِقْدارَه أَو قريباً منه. ويقال: كان معه مائةُ رجل أَو شَيْعُ ذلك، كذلك.
وآتِيكَ غَداً أَو شَيْعَه أَي بعده، وقيل اليوم الذي يتبعه؛ قال عمر بن
أَبي ربيعة:
قال الخَلِيطُ: غَداً تَصَدُّعُنا
أَو شَيْعَه، أَفلا تُشَيِّعُنا؟
وتقول: لم أَره منذ شهر وشَيْعِه أَي ونحوه. والشَّيْعُ: ولد الأَسدِ
إِذا أَدْرَكَ أَنْ يَفْرِسَ.
والشِّيعةُ: القوم الذين يَجْتَمِعون على الأَمر. وكلُّ قوم اجتَمَعوا
على أَمْر، فهم شِيعةٌ. وكلُّ قوم أَمرُهم واحد يَتْبَعُ بعضُهم رأْي بعض،
فهم شِيَعٌ. قال الأَزهري: ومعنى الشيعة الذين يتبع بعضهم بعضاً وليس
كلهم متفقين، قال الله عز وجل: الذين فرَّقوا دِينَهم وكانوا شِيَعاً؛ كلُّ
فِرْقةٍ تكفِّر الفرقة المخالفة لها، يعني به اليهود والنصارى لأَنّ
النصارى بعضُهُم بكفراً بعضاً، وكذلك اليهود، والنصارى تكفِّرُ اليهود
واليهودُ تكفرهم وكانوا أُمروا بشيء واحد. وفي حديث جابر لما نزلت: أَو
يُلْبِسَكُمْ شِيَعاً ويُذيقَ بعضَكم بأْس بعض، قال رسول الله، صلى الله عليه
وسلم: هاتان أَهْوَنُ وأَيْسَرُ؛ الشِّيَعُ الفِرَقُ، أَي يَجْعَلَكُم
فرقاً مختلفين. وأَما قوله تعالى: وإِنَّ من شيعته لإِبراهيم، فإِن ابن
الأَعرابي قال: الهاءُ لمحمد، صلى الله عليه وسلم، أَي إِبراهيم خَبَرَ
نَخْبَره، فاتَّبَعَه ودَعا له، وكذلك قال الفراء: يقول هو على مِناجه ودِينه
وإِن كَان ابراهيم سابقاً له، وقيل: معناه أَي من شِيعة نوح ومن أَهل
مِلَّتِه، قال الأَزهري: وهذا القول أَقرب لأَنه معطوف على قصة نوح، وهو قول
الزجاج. والشِّيعةُ: أَتباع الرجل وأَنْصارُه، وجمعها شِيَعٌ، وأَشْياعٌ
جمع الجمع. ويقال: شايَعَه كما يقال والاهُ من الوَلْيِ؛ وحكي في تفسير
قول الأَعشى:
يُشَوِّعُ عُوناً ويَجْتابُها
يُشَوِّعُ: يَجْمَعُ، ومنه شيعة الرجل، فإِن صح هذا التفسير فعين
الشِّيعة واو، وهو مذكور في بابه. وفي الحديث: القَدَرِيَّةُ شِيعةُ
الدَّجَّالِ أَي أَولِياؤُه وأَنْصارُه، وأَصلُ الشِّيعة الفِرقة من الناس، ويقع
على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد ومعنى واحد، وقد
غلَب هذا الاسم على من يَتَوالى عَلِيًّا وأَهلَ بيته، رضوان الله عليهم
أَجمعين، حتى صار لهم اسماً خاصّاً فإِذا قيل: فلان من الشِّيعة عُرِف أَنه
منهم. وفي مذهب الشيعة كذا أَي عندهم. وأَصل ذلك من المُشايَعةِ، وهي
المُتابَعة والمُطاوَعة؛ قال الأَزهري: والشِّيعةُ قوم يَهْوَوْنَ هَوى
عِتْرةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، ويُوالونهم. والأَشْياعُ أَيضاً:
الأَمثالُ. وفي التنزيل: كما فُعِلَ بأَشْياعِهم من قبل؛ أَي بأَمْثالهم من
الأُمم الماضية ومن كان مذهبُه مذهبهم؛ قال ذو الرمة:
أَسْتَحْدَثَ الرَّكْبُ عن أَشْياعِهِم خَبَراً،
أَمْ راجَعَ القَلْبَ من أَطْرابِه طَرَبُ؟
يعني عن أَصحابهم. يقال: هذا شَيْعُ هذا أَي مِثْله. والشِّيعةُ:
الفِرْقةُ، وبه فسر الزجاج قوله تعالى: ولقد أَرسلنا من قبلك في شِيَعِ
الأَوّلينَ. والشِّيعةُ: قوم يَرَوْنَ رأْيَ غيرهم. وتَشايَعَ القومُ: صاروا
شِيَعاً. وشيَّعَ الرجلُ إِذا ادَّعى دَعْوى الشِّيعةِ. وشايَعَه شِياعاً
وشَيَّعَه: تابَعه. والمُشَيَّعُ: الشُّجاعُ؛ ومنهم من خَصَّ فقال: من
الرجال. وفي حديث خالد: أَنه كان رجُلاً مُشَيَّعاً؛ المُشَيَّع: الشُّجاع
لأَنَّ قَلْبَه لا يَخْذُلُه فكأَنَّه يُشَيِّعُه أَو كأَنَّه يُشَيَّعُ
بغيره. وشَيَّعَتْه نفْسُه على ذلك وشايَعَتْه، كلاهما: تَبِعَتْه
وشجَّعَتْه؛ قال عنترة:
ذُلُلٌ رِكابي حَيْثُ كُنْتُ مُشايِعي
لُبِّي، وأَحْفِزُهُ بِرأْيٍ مُبْرَمٍ
(* في معلقة عنترة :
ذلُلٌ جِمالي حيث شِئتُ مشايعي)
قال أَبو إِسحق: معنى شَيَّعْتُ فلاناً في اللغة اتَّبَعْتُ. وشَيَّعه
على رأْيه وشايَعه، كلاهما: تابَعَه وقَوَّاه؛ ومنه حديث صَفْوانَ: إِني
أَرى مَوضِعَ الشَّهادةِ لو تُشايِعُني نفْسي أَي تُتابِعُني.
ويقال: شاعَك الخَيرُ أَي لا فارقك؛ قال لبيد:
فَشاعَهُمُ حَمْدٌ، وزانَتْ قُبورَهُم
أَسِرَّةُ رَيْحانٍ بِقاعٍ مُنَوَّرِ
ويقال: فلان يُشَيِّعُه على ذلك أَي يُقَوِّيه؛ ومنه تَشْيِيعُ النار
بإِلقاء الحطب عليها يُقَوِّيها. وشَيَّعَه وشايَعَه، كلاهما: خرج معه عند
رحيله ليُوَدِّعَه ويُبَلِّغَه مَنْزِله، وقيل: هو أَن يخرج معه يريد
صُحْبته وإِيناسَه إِلى موضع مّا. وشَيَّعَ شَهْرَ رمضان بستة أَيّامٍ من
شَوَّال أَي أَتبَعَه بها، وقيل: حافظ على سِيرتِهِ فيها على المثل. وفلان
شِيعُ نِساء: يُشَيِّعُهُنَّ ويُخالِطُهُنَّ. وفي حديث الضَّحايا: لا
يُضَحَّى بالمُشَيِّعةِ من الغَنم؛ هي التي لا تزال تَتبَعُ الغنم عَجَفاً،
أَي لا تَلْحَقُها فهي أَبداً تُشَيِّعُها أَي تمشي وراءها، هذا إِن كسرت
الياء، وإِن فتحتها فهي التي تحتاج إِلى من يُشَيِّعُها أَي يَسُوقُها
لتأَخّرها عن الغنم حتى يُتْبِعَها لأَنها لا تَقْدِرُ على ذلك. ويقال: ما
تُشايِعُني رِجْلي ولا ساقي أَي لا تَتبَعُني ولا تُعِينُني على
المَشْيِ؛ وأَنشد شمر:
وأَدْماءَ تَحْبُو ما يُشايِعُ ساقُها،
لدى مِزْهَرٍ ضارٍ أَجَشَّ ومَأْتَمِ
الضارِي: الذي قد ضَرِيَ من الضَّرْب به؛ يقول: قد عُقِرَتْ فهي تحبو لا
تمشي؛ قال كثير:
وأَعْرَض مِنْ رَضْوى مَعَ الليْلِ، دونَهُم
هِضابٌ تَرُدُّ الطَّرْفَ مِمَّنْ يُشَيِّعُ
أَي ممن يُتبعُه طَرْفَه ناظراً.
ابن الأَعرابي: سَمِع أَبا المكارِمِ يَذُمُّ رجلاً فقال: هو ضَبٌّ
مَشِيعٌ؛ أَراد أَنه مثل الضَّبِّ الحقود لا ينتفع به. والمَشِيعُ: من قولك
شِعْتُه أَشِيعُه شَيْعاً إِذا مَلأتَه. وتَشَيَّعَ في الشيء: اسْتَهلك في
هَواه. وشَيَّعَ النارَ في الحطبِ: أَضْرَمَها؛ قال رؤبة:
شَداً كما يُشَيَّعُ التَّضْريمُ
(* قوله «شداً كذا بالأصل.)
والشَّيُوعُ والشِّياعُ: ما أُوقِدَتْ به النار، وقيل: هو دِقُّ الحطب
تُشَيَّعُ به النار كما يقال شِبابٌ للنار وجِلاءٌ للعين. وشَيَّعَ الرجلَ
بالنار: أَحْرَقَه، وقيل: كلُّ ما أُحْرِقَ فقد شُيِّعَ. يقال:
شَيَّعْتُ النار إِذا أَلْقَيْتَ عليها حطباً تُذْكيها به، ومنه حديث الأَحنف:
وإِن حَسَكى
(* قوله «حسكى كذا بالأصل، وفي نسخة من النهاية مضبوطة بسكون
السين وبهاء تأْنيث ولعله سمي بواحدة الحسك محركة.) كان رجلاً
مُشَيَّعاً؛ قال ابن الأَثير: أَراد به ههنا العَجولَ من قولك شَيَّعْتُ النارَ
إِذا أَلقيت عليها حَطباً تُشْعِلُها به. والشِّياعُ: صوت قَصَبةٍ ينفخ فيها
الراعي؛ قال:
حَنِين النِّيبِ تَطْرَبُ للشِّياعِ
وشَيَّعَ الراعي في الشِّياعِ: رَدَّدَ صَوْتَه فيها. والشاعةُ:
الإِهابةُ بالإِبل. وأَشاعَ بالإِبل وشايَع بها وشايَعَها مُشايَعةً وأَهابَ
بمعنى واحد: صاح بها ودَعاها إِذا استأْخَرَ بعضُها؛ قال لبيد:
تَبكِّي على إِثْرِ الشَّبابِ الذي مَضَى،
أَلا إِنَّ إِخإوانَ الشّبابِ الرَّعارِعُ
(* في قصيدة لبيد: أخدان مكان إخوان.)
أَتَجْزَعُ مما أَحْدَثَ الدَّهْرُ بالفَتَى؟
وأَيُّ كرِيمٍ لم تُصِبْه القَوارِعُ؟
فَيَمْضُونَ أَرْسالاً ونَخْلُفُ بَعْدَهُم،
كما ضَمَّ أُخْرَى التالياتِ المُشايِعُ
(* قوله «فيمضون إلخ في شرح القاموس قبله:
وما المال والأَهلون إلا وديعة * ولا بد يوماً أن ترد
الودائع)
وقيل: شايَعْتُ بها إِذا دَعَوْتَ لها لتَجْتَمِعَ وتَنْساقَ؛ قال جرير
يخاطب الراعي:
فأَلْقِ اسْتَكَ الهَلْباءَ فَوْقَ قَعودِها،
وشايِعْ بها، واضْمُمْ إِليك التَّوالِيا
يقول: صوّت بها ليلحَق أُخْراها أُولاها؛ قال الطرمّاح:
إِذا لم تَجِدْ بالسَّهْلِ رِعْياً، تَطَوَّقَتْ
شمارِيخَ لم يَنْعِقْ بِهِنَّ مُشَيِّعُ
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إِنَّ مَرْيم ابنة
عِمْرانَ سأَلت ربها أَنْ يُطْعِمَها لحماً لا دم فيه فأَطْعَمها الجراد،
فقالت: اللهم أَعِشْه بغير رَضاع وتابِعْ بينه بغير شِياعٍ؛ الشِّياعُ،
بالكسر: الدعاء بالإِبل لتَنْساق وتجتمع؛ المعنى يُتابِعُ بينه في الطيران
حتى يَتَتابع من غير أَنْ يُشايَع كما يُشايِعُ الراعي بإِبله لتجتمع ولا
تتفرق عليه؛ قال ابن بري: بغير شِياعٍ أَي بغير صوت، وقيل لصوت
الزَّمّارة شِياعٌ لأَن الراعي يجمع إِبله بها؛ ومنه حديث عليّ: أُمِرْنا بكسر
الكُوبةِ والكِنّارةِ والشِّياعِ؛ قال ابن الأَعرابي: الشِّياعُ زَمّارةُ
الراعي، ومنه قول مريم: اللهم سُقْه بلا شِياعٍ أَي بلا زَمّارة راع.
وشاعَ الشيْبُ شَيْعاً وشِياعاً وشَيَعاناً وشُيُوعاً وشَيْعُوعةً
ومَشِيعاً: ظهَرَ وتفرَّقَ، وشاعَ فيه الشيبُ، والمصدر ما تقدّم، وتَشَيَّعه،
كلاهما: استطار. وشاعَ الخبَرُ في الناس يَشِيعُ شَيْعاً وشيَعاناً
ومَشاعاً وشَيْعُوعةً، فهو شائِعٌ: انتشر وافترَقَ وذاعَ وظهَر. وأََشاعَه هو
وأَشاعَ ذِكرَ الشيءِ: أَطارَه وأَظهره. وقولهم: هذا خبَر شائع وقد شاعَ
في الناس، معناه قد اتَّصَلَ بكل أَحد فاستوى علم الناس به ولم يكن علمه
عند بعضهم دون بعض. والشاعةُ: الأَخْبار المُنتشرةُ. وفي الحديث: أَيُّما
رجلٍ أَشاع على رجل عَوْرة ليَشِينَه بها أَي أَظهر عليه ما يُعِيبُه.
وأَشَعْتُ المال بين القوم والقِدْرَ في الحَيّ إِذا فرقته فيهم؛ وأَنشد
أَبو عبيد:
فقُلْتُ: أَشِيعَا مَشِّرا القِدْرَ حَوْلَنا،
وأَيُّ زمانٍ قِدْرُنا لم تُمَشَّرِ؟
وأَشَعْتُ السِّرّ وشِعْتُ به إِذا أَذعْتَ به. ويقال: نَصِيبُ فلان
شائِعٌ في جميع هذه الدار ومُشاعٌ فيها أَي ليس بمَقْسُوم ولا مَعْزول؛ قال
الأَزهري: إِذا كان في جميع الدار فاتصل كل جزء منه بكل جزء منها، قال:
وأَصل هذا من الناقة إِذا قَطَّعت بولها، قيل: أَوزَغَتْ به إِيزاغاً،
وإِذا أَرسلته إِرسالاً متصلاً قيل: أَشاعت. وسهم شائِعٌ أَي غير مقسوم،
وشاعٌ أَيضاً كما يقال سائِرُ اليوم وسارُه؛ قال ابن بري: شاهده قول ربيعة
بن مَقْروم:
له وهَجٌ من التَّقْرِيبِ شاعُ
أَي شائعٌ؛ ومثله:
خَفَضُوا أَسِنَّتَهُمْ فكلٌّ ناعُ
أَي نائِعٌ. وما في هذه الدار سهم شائِعٌ وشاعٍ مقلوب عنه أَي
مُشْتَهِرٌ مُنْتَشِرٌ.
ورجل مِشْياعٌ أَي مِذْياعٌ لا يكتم سِرّاً. وفي الدعاء: حَيّاكم اللهُ
وشاعَكم السلامُ وأَشاعَكم السلامَ أَي عَمَّكم وجعله صاحِباً لكم
وتابِعاً، وقال ثعلب: شاعَكم السلامُ صَحِبَكُم وشَيَّعَكم؛ وأَنشد:
أَلا يا نَخْلةً مِن ذاتِ عِرْقٍ
بَرُودِ الظِّلِّ، شاعَكُمُ السلامُ
أَي تَبِعكم السلامُ وشَيَّعَكم. قال: ومعنى أَشاعكم السلامَ أَصحبكم
إِيَّاه، وليس ذلك بقويّ. وشاعَكم السلامُ كما تقول عليكم السلامُ، وهذا
إِنما بقوله الرجل لأَصحابه إِذا أَراد أَن يفارقهم كما قال قيس بن زهير
لما اصطلح القوم: يا بني عبس شاعكم السلامُ فلا نظرْتُ في وجهِ ذُبْيانية
قَتَلْتُ أَباها وأَخاها، وسار إِلى ناحية عُمان وهناك اليوم عقِبُه
وولده؛ قال يونس: شاعَكم السلامُ يَشاعُكم شَيْعاً أَي مَلأَكم. وقد أَشاعكم
اللهُ بالسلام يُشِيعُكم إِشاعةً. ونصِيبُه في الشيء شائِعٌ وشاعٍ على
القلب والحذف ومُشاعٌ، كل ذلك: غير معزول. أَبو سعيد: هما مُتشايِعانِ
ومُشتاعانِ في دار أَو أَرض إِذا كانا شريكين فيها، وهم شُيَعاءُ فيها، وكل
واحد منهم شَيِّعٌ لصاحبه. وهذه الدار شَيِّعةٌ بينهم أَي مُشاعةٌ. وكلُّ
شيء يكون به تَمامُ الشيء أَو زيادتُه، فهو شِياعٌ له. وشاعَ الصَّدْعُ في
الزُّجاجة: استطارَ وافترق؛ عن ثعلب.
وجاءت الخيلُ شَوائِعَ وشَواعِيَ على القلب أَي مُتَفَرِّقة. قال
الأَجْدَعُ بن مالك بن مسروق بن الأَجدع:
وكأَنَّ صَرْعاها قِداحُ مُقامِرٍ
ضُرِبَتْ على شَرَنٍ، فَهُنّ شَواعِي
ويروى: كِعابُ مُقامِرٍ. وشاعتِ القطرةُ من اللبن في الماء
وتَشَيَّعَتْ: تَفَرَّقَت. تقول: تقطر قطرة من لبن في الماء
(* قوله «تقول تقطر قطرة
من لبن في الماء كذا بالأصل ولعله سقط بعده من قلم الناسخ من مسودة
المؤلف فتشيع أو تتشيع فيه أي تتفرق.). وشَيّع فيه أَي تفرَّق فيه. وأَشاعَ
ببوله إِشاعةً: حذف به وفَرَّقه. وأَشاعت الناقة ببولها واشتاعَتْ
وأَوْزَغَتْ وأَزْغَلَتْ، كل هذا: أَرْسَلَتْه متفَرِّقاً ورَمَتْه رَمْياً
وقَطَّعَتْه ولا يكون ذلك إِلا إِذا ضَرَبَها الفحل. قال الأَصمعي: يقال لما
انتشر من أَبوال الإِبل إِذا ضرَبَها الفحل فأَشاعَتْ ببولها: شاعٌ؛
وأَنشد:
يُقَطِّعْنَ لإِبْساسِ شاعاً كأَنّه
جَدايا، على الأَنْساءِ منها بَصائِر
قال: والجمل أَيضاً يُقَطِّعُ ببوله إِذا هاج، وبوله شاعٌ؛ وأَنشد:
ولقد رَمَى بالشّاعِ عِنْدَ مُناخِه،
ورَغا وهَدَّرَ أَيَّما تَهْدِيرِ
وأَشاعَتْ أَيضاً: خَدَجَتْ، ولا تكون الإِشاعةُ إِلا في الإِبل. وفي
التهذيب في ترجمة شعع: شاعَ الشيءُ يَشِيعُ وشَعَّ يَشِعُّ شَعّاً وشَعاعاً
كلاهما إِذا تفرَّقَ.
وشاعةُ الرجلِ: امرأَتُه؛ ومنه حديث سيف بن ذي يَزَن قال لعبد المطلب:
هل لك من شاعةٍ؟ أَي زوجة لأَنها تُشايِعُه أَي تُتابِعُه. والمُشايِعُ:
اللاحِقُ؛ وينشد بيت لبيد أَيضاً:
فيَمْضُون أَرْسالاً ونَلْحَقُ بَعْدَهُم،
كما ضَمَّ أُخْرَى التالِياتِ المُشايِعُ
(* روي هذا البيت في سابقاً في هذه المادة وفيه: نخلف بعدهم؛ وهو هكذا
في قصيدة لبيد.)
هذا قول أَبي عبيد، وعندي أَنه من قولك شايَعَ بالإِبل دعاها.
والمِشْيَعة: قُفَةٌ تضَعُ فيها المرأة قطنها.
والمِشْيَعةُ: شجرة لها نَوْر أَصغرُ من الياسمين أَحمر طيب تُعْبَقُ به
الثياب؛ عن أَبي حنيفة كذلك وجدناه تُعْبَق، بضم التاء وتخفيف الباء، في
نسخة موثوق بها، وفي بعض النسخ تُعَبَّقُ، بتشديد الباء. وشَيْعُ اللهِ:
اسم كتَيْمِ الله.
وفي الحديث: الشِّياعُ حرامٌ؛ قال ابن الأَثير: كذا رواه بعضهم وفسره
بالمُفاخَرةِ بكثرة الجماع، وقال أَبو عمرو: إِنه تصحيف، وهو بالسين
المهملة والباء الموحدة، وقد تقدم، قال: وإِن كان محفوظاً فلعله من تسمية
الزوجة شاعةً.
وبَناتُ مُشيّع: قُرًى معروفة؛ قال الأَعشى:
من خَمْرِ بابِلَ أُعْرِقَتْ بمِزاجِها،
أَو خَمْرِ عانةَ أَو بنات مُشَيّعا
جيأ: الـمَجِيء: الإِتيان. جاء جَيْئاً ومَجِيئاً. وحكى سيبويه عن بعض العرب هو يَجِيكَ بحذف الهمزة. وجَاء يَجيءُ جَيْئةً، وهو من بناء المرّة الواحدة إِلاّ أَنه <ص:52>
وُضِع موضع المصدر مثل الرَّجْفةِ والرحْمة. والاسم
الجِيئَةُ على فِعْلةٍ، بكسر الجيم، وتقول: جئْت مَجِيئاً حَسناً، وهو شاذ لأَن المصدر من فعَلَ يَفْعِلُ مَفْعَلٌ بفتح العين، وقد شذت منه حروف فجاءت على مَفْعِلٍ كالـمَجِيء والـمَحِيضِ والـــمَكيل والـمَصِير.
وأَجَأْتُه أَي جِئتُ به.
وجايأَني، على فاعَلني، وجاءاني فَجِئْتُه أَجِيئه أَي غالبَني بكثرة
الـمَجيء فغلَبْتُه. قال ابن بري: صوابه جايأَنِي؛ قال: ولا يجوز ما ذكره إِلاَّ على القلب. وجاء به، وأَجاءه، وإِنه لَجَيَّاءٌ بخير، وجَثَّاءٌ، الأَخيرة نادرة.
وحكى ابن جني رحمه اللّه: جائِيٌّ على وجه الشذوذ. وجايا: لغة في جاءا، وهو من البَدليّ.
ابن الأَعرابي: جايأَني الرجل من قُرْب أَي قابَلَني ومَرَّ بي، مُجايأَة أَي مقابلة؛ قال الأَزهري: هو من جِئْتُه مَجيئاً ومَجِيئةً: فأَنا جاءٍ. أَبو زيد: جايَأْتُ فلاناً: إِذا وافَقْت مَجِيئَه. ويقال: لو قد
جاوَزْتَ هذا المكان لجايَأْتَ الغَيْث مُجايأَةً وجِياءً أَي وافقته.
وتقول: الحمد للّه الذي جاء بك أَي الحمد للّهِ إذْ جِئتَ، ولا تقل
الحمد للّه الذي جِئْتَ. قال ابن بري: الصحيح ما وجدته بخط الجوهري في كتابه عند هذا الموضع، وهو: الحَمْدُ للّهِ الذي جاء بك، والحمدُ للّهِ اذْ جئت، هكذا بالواو في قوله: والحمد للّه اذ جئت، عوضاً من قوله: أَي الحمدُ للّهِ اذْ جئت؛ قال: ويقوِّي صِحَّة هذا قَوْلُ ابن السكيت، تقول: الحمد للّهِ اذْ كان كذا وكذا، ولا تقل: الحمد للّه الذي كان كذا وكذا، حتى تقول به أَو مِنْه أَو عَنه.
وانه لحَسَنُ الجِيئة أَي الحالةِ التي يَجيء عليها.
وأَجاءَه إِلى الشيء: جاءَ به وأَلجأَه واضْطَرَّه اليه؛ قال زهير بن
أَبي سُلْمى:
وجارٍ، سارَ مُعْتَمِداً اليْكُم، * أَجاءَتْهُ المخافةُ والرَّجاء
قال الفرَّاء: أَصله من جئت، وقد جعلته العَرب إِلجاء. وفي المثل: شَرٌّ ما أَجاءَك إِلى مُخَّةِ العُرْقُوب، وشَرٌّ ما يُجِيئُك إِلى مُخَّةِ عُرْقُوب؛ قال الأَصمعي: وذلك أَنّ العُرْقوب لا مُخَّ فيه وانما يُحْوَجُ اليه من لا يَقدِرُ على شيء؛ ومنهم من يقول: شَرٌّ ما أَلجأَك، والمعنى واحد، وتميم تقول: شَرٌّ ما أَشاءَك، قال الشاعر:
وشَدَدْنا شَدَّةً صادِقةً، * فأَجاءتْكم إِلى سَفْحِ الجَبَلْ
وما جاءتْ حاجَتَك أَي ما صارَتْ.
قال سيبويه: أَدخلَ التأْنيثَ على ما حيث كانتِ الحاجةَ؛ كما قالوا: مَن كانت أُمَّك، حيث أَوْقَعُوا مَنْ على مُؤَنث، وانما صُيِّر جاء بمنزلة كان في هذا الحرف لأَنه بمنزلة المثل، كما جَعَلُوا عسى بمنزلة كان فيِ قولهم: عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً، ولا تقول: عَسِيت أَخانا.
والجِئاوةُ والجِياء والجِياءة: وِعاء توضع فيه القِدْر، وقيل هي كلُّ ما وُضِعَت فيه من خَصَفةٍ أَو جلد أَو غيره؛ وقال الأَحمر: هي الجِواءُ والجِياء؛ وفي حديث عليٍّ: لأَنْ أَطَّلِيَ بِجِواءِ قِدْرٍ أَحَبُّ اليَّ مِنْ أَن أَطَّليَ بزَعْفَرانٍ. قال: وجمع الجِئاء(1)
(1 قوله «قال و جمع إلخ» يعني ابن الأثير ونصه وجمعها (أي الجواء) أجوية وقيل هي الجئاء مهموز وجمعها أجئية ويقال لها الجيا بلا همز ا هـ. وبهامشها جواء القدر سوادها.)
أَجْئِيةٌ، وجمع الجِواء أَجْوِيةٌ.
الفرّاء: جَأَوْتُ البُرْمَةَ: رَقَعْتُها، وكذلك النَّعل. الليث:
جِياوةُ: اسم حَيٍّ من قَيْسٍ قد دَرَجُوا ولا يُعْرَفُون.
<ص:53>
وجَيَّأْتُ القِرْبةَ: خِطْتُها. قال الشاعر:
تَخَرَّقَ ثَفْرُها، أَيَّام خُلَّتْ، * على عَجَلٍ، فجِيبَ بها أَدِيمُ
فجَيَّأَها النِّساءُ، فَخانَ مِنْها، * كَبَعْثاةٌ ورادِعةٌ رَدُوم
ابن السكيت: امْرأَةٌ مُجَيَّأَةٌ: إِذا أُفْضِيَتْ، فإِذا جُومِعَتْ
أَحْدَثَتْ. ورجل مُجَيَّأ: إِذا جامَعَ سَلَحَ.
وقال الفرّاء في قول اللّه: فأَجَاءها الـمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلةِ؛
هو من جِئْتُ، كما تقول: فجاء بها الـمَخاضُ، فلما أُلقِيَتِ الباءُ جُعل في الفِعْل أَلِفٌ، كما تقول: آتَيْتُكَ زَيْداً، تريد: أَتَيْتُك بزيد.
والجايئةُ: مِدَّةُ الجُرْحِ والخُرَاجِ وما اجْتَمَعَ فيه من المِدَّة
والقَيْحِ؛ يقال: جاءتْ جايِئةُ الجِراحِ.
والجِئَةُ والجِيئَةُ: حُفْرةٌ في الهَبْطةِ يجتمع فيها الماء، والأَعرف: الجِيَّةُ، من الجَوَى الذي هو فسادُ الجَوْف لأَنَّ الماءَ يَأْجِنُ هناك فيَتَغَيَّر، والجمع جَيْءٌ.
وفي التهذيب: الجَيْأَةُ: مُجْتَمَعُ ماء في هَبْطةٍ حوالي الحُصُونِ؛
وقيل: الجَيْأَةُ: الموضع الذي يَجْتَمِع فيه الماء؛ وقال أَبو زيد:
الجَيْأَةُ: الحُفْرة العظيمة يَجْتَمِع فيها ماء المطر وتُشْرِعُ الناسُ فيه
حُشُوشَهم؛ قال الكميت:
ضفادِعُ جَيْأَةٍ حَسِبَتْ أَضاةً، * مُنَضِّبةً، سَتَمْنَعُها، وطِينا
وجَيْئةُ البطن: أَسْفل من السُّرَّةِ إِلى العانةِ. والجَيْئةُ: قِطعة
يُرْقَعُ بها النَّعل، وقيل: هي سَيْرٌ يُخاط به. وقد أَجاءها.
والجِيءُ والجَيءُ: الدُّعاء إِلى الطعام والشراب، وهو أَيضاً دعاء الإِبل إِلى الماء؛ قال معاذ الهرّاء:
وما كانَ على الجِيءِ، * ولا الهِيءِ امْتِداحِيكا
وقولهم: لو كان ذلك في الهِيء والجِيء ما نَفَعَه؛ قال أَبو عمرو:
الهِيءُ: الطعام، والجِيءُ: الشَّرابُ. وقال الأُموي: هُما اسْمانِ من قولهم: جَأْجَأْتُ بالإِبل إِذا دَعَوْتها للشُّرْب، وهَأْهَأْتُ بها: إِذا
دَعَوْتها للعَلف.
طفف: طَفَّ الشيءُ يَطِفُّ طَفّاً وأَطَفَّ واسْتَطَفَّ: دَنا وتَهيَّأً
وأَمكن، وقيل: أَشرف وبدا ليؤخذ، والمَعْنيانِ مُتجاوران، تقول العرب:
خذ ما طفَّ لك وأَطفَّ واستَطَفَّ أَي ما أَشرف لك، وقيل: ما ارتفع لك
وأَمكن، وقيل: ما دنا وقرُب، ومثله: خذ ما دقّ لك واسْتَدقَّ أَي ما
تهيَّأَ. قال الكسائي في باب قناعة الرجل ببعض حاجته: يحكى عنهم خذ ما طف لك
ودَعْ ما استطفَّ لك أَي ارْضَ بما أَمكنك منه. الليث: أَطفَّ فلان لفلان
إذا طَبَنَ له وأَراد خَتْله؛ وأَنشد:
أَطَفَّ لها شَثْنُ البَنان جُنادِف
قال: واسْتطَفَّ لنا شيء أَي بدا لنا لنأخذه؛ قال علقمة يصف ظليماً:
يَظَلُّ في الحَنْظَلِ الخُطْبانِ يَنْقُفُه
وما اسْتَطَفَّ مِن التَّنُّومِ مَحْذُومُ
وروى المنذري عن أَبي الهيثم أَنه أَنشد بيت علقمة قال: الظَّلِيمُ
يَنْقُف رأْس الحنظلة ليستخرج هَبيدَه ويَهْتَبِده، وهبيدُه شَحمُه، ثم قال:
والهبيد شحم الحنظل يستخرج ثم يجعل في الماء ويترك فيه أَياماً، ثم يُضرب
ضَرْباً شديداً ثم يخرج وقد نقَصَت مرارته، ثم يُشَرَّر في الشمس ثم
يطحن ويستخرج دُهنه فيُتداوى به؛ وأَنشد:
خذي جَجَرَيْك فادَّقي هَبيدا،
كِلا كلْبَيْكِ أَعْيَا أَن يَصِيدا
وأَطَفَّه هو: مَكَّنه. ويقال: أَطَفَّ لأَنفِه المُوسَى فصبر أَي
أَدناه منه فقطعه.
والطَّفُّ: ما أَشْرَفَ من أَرض العرب على رِيف العراق، مشتق من ذلك.
وطفُّ الفرات: شَطُّه، سمي بذلك لدُنُوِّه؛ قال شُبْرمة بن الطُّفَيْل:
كأَنَّ أَبارِيقَ المُدامِ عليهِمُ
إوَزٌّ، بأَعْلى الطَّفِّ، عُوجُ الحَناجِرِ
وقيل: الطفُّ ساحل البحر وفِناء الدار. والطفُّ: اسم موضع بناحية
الكوفة. وفي حديث مَقْتل الحسين، عليه السلام: أَنه يُقتل بالطفِّ، سمي به
لأَنه طرَفُ البرّ مما يلي الفُرات وكانت تجري يومئذ قريباً منه. والطَّفُّ:
سَفْحُ الجبَل أَيضاً. وفي حديث عَرْضِ نفسه على القبائل: أَما أَحدهما
فطُفُوفُ البرّ وأَرض العرب؛ الطفُوف: جمع طَفٍّ، وهو ساحل البحر وجانب
البرّ.
وأَطَفَّ له بحجر: رَفَعَه ليرميَه. وطَفَّ له بحجر: أَهوى إليه ليرميه.
الجوهري: الطُّفافُ والطُّفافة، بالضم، ما فوق المكيال. وطَفُّ
المَكُّوكِ وطفَفُه وطَفافُه وطِفافُه مثل جَمامِ المَكُّوكِ وجِمامِه، بالفتح
والكسر: ما مَلأَ أَصْباره، وفي المحكم: ما بقي فيه بعد المسح على رأْسه في
باب فَعالٍ وفِعال، وقيل: هو مِلْؤه، وكذلك كلُّ إناء، وقيل: طفافُ
الإناء أَعْلاه. والتطفيفُ: أَن يؤخذ أَعلاه ولا يُتَمَّ كيلُه، فهو
طَفَّانُ. وفي حديث حُذيفة: أَنه اسْتسقى دِهْقاناً فأَتاه بِقدَحِ فِضّة فحذفه
به، فنَكَّس الدِّهْقانُ وطفَّفَه القدَحُ أَي عَلا رأْسه وتعدّاه، وتقول
منه: طَفَّفْتُه. وإناء طَفَّان: بلغ المِلءُ طِفافَه، وقيل: طَفَّان
مَلآن؛ عن ابن الأَعرابي. وأَطَفَّه وطَفَّفَه: أَخذ ما عليه، وقد
أَطْفَفْتُه. ويقال: هذا طَفُّ المِكيال وطَفافه وطِفافه إذا قارَب مِلأَه ولمَّا
يُمْلأ، ولهذا قيل للذي يُسيء الكيل ولا يُوَفِّيه مُطَفِّف، يعني أَنه
إنما يبلغ به الطَّفاف. والطُّفافةُ: ما قَصُرَ عن ملء الإِناء من شَراب
وغيره. وفي الحديث: كلُّكم بنو آدم طَفُّ الصاعِ لم تَمْلَؤُوه، وهو أَن
يَقْرُبَ أَن يَمْتَلِئ فلا يفعلَ؛ قال ابن الأَثير: المعنى كلُّكم في
الانتِساب إلى أَبٍ واحد بمنزلة واحدة في النقْص والتقاصُر عن غايةِ
التَّمامِ، وشَبَّههم في نُقْصانهم بالكيل الذي لم يبلُغ أَن يملأَ المِكيالَ،
ثم أَعلمهم أَن التفاضُل ليس بالنسب ولكن بالتقْوى. وفي حديث آخر: كلُّكم
بنو آدم طفُّ الصاعِ بالصاع أَي كلكم قريبٌ بعضُكم من بعض فليس لأَحد
فضْلٌ على أَحد إلا بالتقوى لأَنَّ طَفَّ الصاع قريب من ملئه فليس لأَحد
أَن يقرُب الإناء من الامتلاء، ويصدق هذا قوله: المسلمون تتكافأُ دماؤهم.
والتطفيفُ في المِكيال: أَن يقرب الإناء من الامتلاء. يقال: هذا طَفُّ
المِكيال وطَفافُه وطِفافه. وفي حديث في صفة إسرافيلَ: حتى كأَنه طِفافُ
الأَرض أَي قُرْبَها. وطِفافُ الليلِ وطَفافُهُ: سوادُه؛ عن أَبي
العَمَيْثَل الأَعرابي. والطفاف: سواد الليل؛ وأَنشد:
عِقْبان دَجْنٍ بادَرَتْ طَفافا
صَيداً، وقد عايَنَتِ الأَسْدافا،
فهي تَضُمُّ الرِّيشَ والأَكْتافا
وطَفَّفَ على الرجل إذا أَعطاه أَقلَّ مما أَخذ منه. والتطفيفُ:
البَخْسُ في الكيل والوزن ونقصُ المِكيال، وهو أَن لا تملأَه إلى أَصْبارِه. وفي
حديث ابن عمر حين ذكر أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، سَبَّقَ بين
الخيلِ: كنتُ فارساً يومئذ فسبَقْت الناس حتى طَفَّفَ بي الفرسُ مسجدَ بني
زُرَيْقٍ حتى كاد يُساوي المسجدَ؛ قال أَبو عبيد: يعني أَن الفرس وثَبَ بي
حتى كاد يُساوي المسجد. يقال: طفَّفْتُ بفلان موضعَ كذا أَي دفعته إليه
وحاذيته به؛ ومنه قيل: إناءٌ طَفَّانُ وهو الذي قَرُب أَن يَمْتَلئَ
ويساوي أَعْلى المِكيال، ومنه التطفيفُ في الكيل. فأَما قوله تعالى: ويلٌ
للمُطَفِّفِين، فقيل: التطفيفُ نَقْصٌ يخون به صاحبه في كيل أَو وزن، وقد
يكون النقصُ ليرجع إلى مقدار الحق فلا يسمى تطفيفاً، ولا يسمى بالشيء
اليسير مُطَفِّفاً على إطلاق الصفة حتى يصيرَ إلى حال تتفاحش؛ قال أَبو إسحق:
المُطفِّفون الذين يَنْقُصون المِكيالَ والميزان، قال: وإنما قيل للفاعل
مُطَفِّفٌ لأَنه لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء الخفِيفَ
الطفيف، وإنما أُخذ من طَفِّ الشيء، وهو جانبه، وقد فسره عز وجل بقوله:
وإذا كالُوهم أَو وزَنوهم يُخسِرون، أَي يَنْقُصون. والطِّفافُ والطَّفاف:
الجِمام. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، قال لرجل: ما حَبَسك عن صلاة
العصر؟ فذكر له عُذْراً فقال عمر: طَفَّفْتَ أَي نَقَصْتَ. والتطفيفُ يكون
بمعنى الوفاء والنقص.
والطفَفُ: التقتير، وقد طَفَّفَ عليه.
والطَّفِيفُ: القليل. والطَّفِيفُ: الخسيس الدونُ الحقيرُ.
وطَفَّ الحائطَ طَفّاً: علاه.
والطَّفْطَفةُ والطِّفْطِفَةُ: كل لحم أَو جلد، وقيل: هي الخاصرةُ،
وقيل: هي ما رَقَّ من طرف الكبد؛ قال ذو الرمة:
وسوداء مِثل التُّرْسِ نازَعْتُ صُحْبَتي
طَفاطِفَها، لم نَسْتَطِعْ دونَها صَبْرا
التهذيب: الطَّفْطَفةُ والطِّفْطفَةُ معروفة وجمعها طَفاطِفُ؛ وأَنشد:
وتارةً يَنْتَهِسُ الطَّفاطِفا
قال: وبعض العرب يجعل كلَّ لحم مضطرب طَفْطَفة وطِفطِفة؛ قال أَبو ذؤيب:
قَلِيلٌ لحمُها إلا بقايا
طَفاطِفِ لَحْمِ مَنْحُوضٍ مَشِيقِ
أَبو عمرو: هو الطَّفْطَفَةُ والطِّفْطِفةُ والخَوْشُ والصُّقْلُ
والسولاّ
(* قوله «والسولا» كذا بالأصل، ورُسم في شرح القاموس: بألف ممدودة.)
والأَفَقةُ كله الخاصرة. أَبو زيد: أَطَلَّ على ما له وأَطفَّ عليه معناه
أَنه اشتمل عليه فذهب به.
والطَّفطافُ: الناعم الرَّطْبُ من النبات؛ قال الكميت يصف رِئالاً:
أَوَيْنَ إلى مُلاطِفةٍ خَضُودٍ،
مآكلُهُنَّ طَفْطافُ الرُّبولِ
يعني فِراخَ النَّعام وأَنهنَّ يَأْوِين إلى أُم مُلاطِفة تُكسِّر لهن
أَطْرافَ الرُّبُول، وهي شجر. المفضَّل: الطَّفْطافُ ورق الغُصون؛
وأَنشد:تَحْدُمُ طَفْطافاً من الرُّبُولِ
(* قوله «نحدم» كذا بالأصل.)
وقيل: الطَّفطاف أَطراف الشجر.
شيم: الشِّيمةُ: الخُلُقُ. والشِّيمةُ: الطبيعة، وقد تقدم أن الهمز فيها
لُغَيَّة، وهي نادرة. وتَشَيَّم أباه: أشبهه في شيمتِه؛ عن ابن
الأعرابي.والشّامة: علامة مخالفة لسائر اللون. والجمع شاماتٌ وشامٌ. الجوهري:
الشَّامُ جمع شامةٍ وهي الخالُ، وهي من الياء، وذكر ابن الأثير الشامة في
شأَم، بالهمز، وذكر حديث ابن الحنظلية قال: حتى تكونوا كأنكم شَأْمة في
الناس، قال: الشأْمةُ الخالُ في الجسد معروفة، أراد كونوا في أَحْسن زِيٍّ
وهَيْئةٍ حتى تَظْهروا للناس ويَنْظُروا إليكم كما تَظْهَرُ الشأْمةُ
ويُنْظَرُ إليها دون باقي الجسد، وقد شِيمَ شَيْماً، ورجل مَشِيمٌ ومَشْيُومٌ
وأَشْيَمُ، والأُنثى شَيْماء. قال بعضهم: رجل مَشْيُوم لا فعل له.
الليث: الأَشْيَمُ من الدواب ومن كل شيء الذي به شامة، والجمع شِيمٌ. قال أبو
عبيدة: مما لا يقال له بَهِيمٌ ولا شِيَةَ له الأَبْرَشُ والأَشْيَمُ،
قال: والأَشْيَمُ أن تكون به شامةٌ أو شامٌ في جَسده. ابن شميل: الشامةُ
شامةٌ تخالف لون الفرس على مكان يُكْرَهُ وربما كانت في دوائرها. أبو زيد:
رجل أشْيَمُ بَيِّنُ الشّيمِ
(* قوله «بين الشيم» كذا بالأصل، والذي في
التهذيب: بين الشام) الذي به شامة، ولم نعرف له فعلاً. والشامةُ أيضاً:
الأَثَرُ الأسْودُ في البدن وفي الأرض، والجمع شامٌ؛ قال ذو الرمة:
وإنْ لم تَكُوني غَيْرَ شامٍ بقَفْرةٍ،
تَجُرُّ بها الأَذْيالَ صَيْفِيَّةٌ كُدْرُ
ولم يستعملوا من هذا الأخير فعلاً ولا فاعلاً ولا مفعولاً. وشامَ
يَشِيمُ إذا ظهرت بجِلْدَته الرَّقْمَةُ السوداء. ويقال: ما له شامةٌ ولا
زَهْراءُ يعني ناقةُ سوداء ولا بيضاء؛ قال الحرث بن حِلِّزَةَ:
وأَتَوْنا يَسْتَرْجِعون، فلم تَرْ
جِعْ لهم شامةٌ ولا زَهْراءُ
ويروى: فلم تُرْجَعْ. وحكى نفطويه: شأْمة، بالهمز، قال ابن سيده: ولا
أعرف وجه هذا إلا أن يكون نادراً أو يهمزه من يهمز الخأْتم والعأْلم.
والشِّيمُ: السُّودُ. وشِيمُ الإبل وشُومُها: سُودُها، فأما شِيمٌ فواحدها
أشْيَمُ وشَيْماء، وأما شُومٌ فذهب الأصمعي إلى أنه لا واحد له، وقد يجوز أن
يكون جمع أشْيَمَ وشَيْماء، إلاَّ أنه آثر إخراج الفاء مضمومة على
الأصل، فانقلبت الياء واواً؛ قال أبو ذؤيب يصف خمراً:
فما تُشْتَرى إلاَّ بربْحٍ سِباؤُها،
بَناتُ المَخاضِ شُومُها وحِضارُها
ويروى: شِيمُها وحِضارُها، وهو جمع أَشْيَمَ، أي سُودها وبيضها؛ قال ذلك
أبو عمرو والأَصمعي، هكذا سمعتها، قال: وأظنها جمعاً واحدها أشْيَمُ،
وقال الأصمعي: شُومها لا واحد له، وقال عثمان بن جني: يجوز أن يكون لما
جمعه على فُعْلٍ أَبقى ضمة الفاء فانقلبت الياء واواً، ويكون واحده على هذا
أَشْيَم، قال: ونظير هذه الكلمة عائِطٌ وعِيطٌ وعُوطٌ؛ قال: ومثله قول
عُقْفانَ بن قيس بن عاصم:
سَواءٌ عليكم شُومُها وهجانُها،
وإن كان فيها واضحُ اللَّوْنِ يَبْرُقُ
ابن الأَعرابي: الشامة الناقةُ السوداء، وجمعها شامٌ. والشِّيمُ: الإبلُ
السُّودُ، والحِضارُُ: البِيضُ، يكون للواحد والجمع على حدّ ناقةٌ
هِجانٌ ونُوق هِجانٌ ودِرْع دِلاصٌ ودُروع دِلاصٌ.
وشامَ السَّحابَ والبرقَ شَيْماً: نظر إليه أين يَقْصِدُ وأين يُمْطر،
وقيل: هو النظر إليهما من بعيد، وقد يكون الشَّيْمُ النظرَ إلى النار؛ قال
ابن مقبل:
ولو تُشْتَرى منه لباعَ ثِيابَهُ
بنَبْحةِ كلْبٍ، أو بنارٍ يَشِيمُها
وشِمْتُ مَخايِلَ الشيء إذا تَطَلَّعْتَ نحوها ببصرك منتظراً له.
وشِمْتُ البَرْقَ إذا نَظَرْت إلى سحابته أين تمطر. وتَشَيَّمه الضِّرامُ أي
دخله؛ وقال ساعدة ابن جُؤَيَّةَ:
أفَعَنْكَ لا بَرْقٌ، كأَنَّ وَمِيضَهُ
غابٌ تَشَيَّمهُ ضِرامٌ مُثْقَبُ
ويروى: تَسَنَّمه، يريد أفَمِنْكَ لا بَرْقٌ، ومُثْقَبٌ: مُوقَدٌ؛ يقال:
أثْقَبْتُ النارَ أوْقَدْتُها.
وانْشامَ الرجل إذا صار منظوراً إليه. والانْشِيامُ في الشيء: الدخولُ
فيه. وشامَ السيفَ شَيْماً: سلَّه وأغمده، وهو من الأضداد، وشك أبو عبيد
في شِمْتُه بمعنى سللْته، قال شمر: ولا أَعْرِفُه أنا؛ وقال الفرزدق في
السَّلِّ يصف السيوفَ:
إذا هي شِيمَتْ فالقوائِمُ تحتها،
وإنْ لم تُشَمْ يوماً عَلَتْها القوائمُ
قال: أراد سُلَّتْ، والقوائم: مقابضُ السيوف؛ قال ابن بري: وشاهدُ
شِمْتُ السيف أغْمَدْتُه قول الفرزدق:
بأَيدِي رجالٍ لم يَشيموا سيوفَهُم،
ولم تَكْثُرِ القَتْلى بها حين سُلَّتِ
قال: الواو في قوله ولم واو الحال أي لم يغمدوها والقَتْلى بها لم تكثر،
وإنما يُغْمِدونها بعد أن تكثر القتلى بها؛ وقال الطِّرِمَّاحُ:
وقد كنتُ شِمْتُ السيفَ بعد اسْتِلالِه،
وحاذَرْتُ، يومَ الوَعْدِ، ما قيل في الوعْدِ
وقال آخر:
إذا ما رآني مُقْبِلاً شامَ نَبْلَهُ،
ويَرْمِي إذا أَدْبَرْتُ عنه بأَسْهُمِ
وفي حديث أبي بكر، رضي الله عنه: شُكِيَ إليه خالد بن الوليد فقال: لا
أَشِيمُ سَيْفاً سَلَّه اللهُ على المشركين أي لا أُغْمِدُه. وفي حديث
عليّ، عليه السلام: قال لأبي بكر لما أراد أن يخرج إلى أهل الرِّدَّة وقد
شَهَرَ سيفَه: شِمْ سَيْفَك ولا تفْجَعْنا بنَفْسِك. وأصل الشَّيْمِ
النظرُ إلى البرق، ومن شأْنه أنه كما يَخْفِقُ يخفى من غير تَلَبُّثٍ ولا
يُشامُ إلاَّ خافقاً وخافياً، فَشُبِّه بهما السَّلُّ والإغْمادُ. وشامَ
يَشِيمُ شَيْماً وشُيُوماً إذا حَقَّقَ الحَمْلَة في الحرب. وشامَ أبا
عُمَيْرٍ إذا نال من البِكْرِ مُرادَه. وشامَ الشيءَ في الشيء: أدخله وخَبَأَه؛
قال الراعي:
بمُعْتَصِبٍ من لحمِ بِكْرٍ سَمِينةٍ،
وقد شامَ رَبَّاتُ العِجافِ المَناقِيا
أي خَبَأْنَها وأدخلنها البيوت خشية الأَضياف. وانْشام الشيءُ في الشيء
وتَشَيَّم فيه وتَشَيَّمه: دخل فيه؛ وأنشد بيت ساعدة بن جؤيَّة:
غابٌ تَشَيَّمه ضِرامٌ مُثْقَبُ
(* روي هذا البيت سابقاً في هذه المادة).
قال: وروي تَسَنَّمه أي علاه ورَكِبَه أراد: أعنك البرق؛ قال ابن سيده:
هذا تفسير أبي عبيد، قال: والصواب عندي أنه أراد أعنك بَرْقٌ، لأن ساعدة
لم يقل أفَعَنْكَ لا البرق، معرفاً بالأَلف واللام، إنما قال أفعنك لا
برق، منكراً، فالحكم أن يفسر بالنكرة. وشام إذا دخَل. أبو زيد: شِمْ في
الفَرسِ ساقَكَ أَي ارْكلها بساقِكَ وأمِرَّها. أبو مالك: شِمْ أدْخِلْ وذلك
إذا أَدخَلَ رجله في بطنها يضربها. وتَشَيَّمه الشَّيْبُ: كثر فيه
وانتشر؛ عن ابن الأعرابي.
والشِّيامُ: حُفْرةٌ أو أرضٌ رِخْوَةٌ. ابن الأعرابي: الشِّيامُ،
بالكسر، الفأْر. الكسائي: رجل مَشِيمٌ ومَشُومٌ ومَشْيُوم من الشامة.
والشِّيامُ: الترابُ عامَّةً؛ قال الطرماح:
كَمْ به من مَكْءٍ وَحْشيَّةٍ،
قِيضَ في مُنْتَثَلٍ أو شيام
(* قوله «من مكء إلخ» كذا بالأصل كالتكملة بهمزة بعد الكاف، والذي في
الصحاح والتهذيب: من مكو بواو بدلها ولعله روي بهما إذ كل منهما صحيح،
وقبله كما في التكلمة:
منزل كان لنا مرة * وطناً نحتله كل عام).
مُنْتَثَل: مكان كان محفوراً فاندفن ثم نظف. وقال الخليل: شِيامٌ حفرة،
وقيل: أرض رِخْوة التراب. وقال الأصمعي: الشِّيام الكِناسُ، سمي بذلك
لانْشِيامه فيه أي دخوله. الأصمعي: الشِّيمةُ التراب يُحْفَر من الأرض.
وشامَ يَشِيمُ إذا غَبَّرَ رجليه من الشِّيام، وهو التراب. قال أبو سعيد:
سمعت أبا عمرو ينشد بيت الطرماح أو شَيام، بفتح الشين، وقال: هي الأرض
السهلة؛ قال أبو سعيد: وهو عندي شِيام، بكسر الشين، وهو الكِناسُ، سمي شِياماً
لأن الوحش يَنْشامُ فيه أي يدخل، قال: والمُنْتَثَلُ الذي كان اندفَن
فاحتاج الثورُ إلى انْتِثاله أي استخراج ترابه، والشِّيامُ الذ ي لم
يَنْدَفِنْ ولا يحتاج إلى انْتِثاله فهو يَنْشامُ فيه، كما يقال لِباسٌ لما
يُلْبَسُ. ويقال: حَفَرَ فشَيَّمَ، قال: والشَّيَمُ كل أرض لم يُحْفَرْ فيها
قَبْلُ فالحفرُ على الحافر فيها أَشَدُّ؛ وقال الطرماح يصف ثوراً:
غاصَ، حتى استَباثَ من شَيَمِ الأَرْ
ضِ سفاةً، من دُنها ثَأَدُهْ
(* قوله «غاص» وقع في التهذيب بالصاد المهملة كما في الأصل، وفي التكلمة
بالطاء المهملة وكل صحيح).
التهذيب: المَشِيمَةُ هي للمرأَة التي فيها الوَلَدُ، والجمع مَشِيمٌ
ومَشايِمُ؛ قال جرير:
وذاك الفَحْلُ جاء بِشرِّ نَجْلٍ
خَبيثاتِ المَثابِرِ والمَشِيمِ
ابن الأَعرابي: يقال لما يكون فيه الولد المَشِيمَةُ والكِيسُ
والحَوْرانُ
(* قوله «والحوران» كذا بالأصل والتهذيب بالحاء المهلمة.)
والقَمِيصُ.الجوهري: والشِّيمُ ضرب من السمك؛ وقال:
قُلْ لِطَغامِ الأَزْدِ: لا تَبْطَرُوا
بالشِّيمِ والجِرِّيثِ. والكَنْعَدِ
والمَشِيمةُ: الغِرْسُ، وأصله مَفْعِلةٌ فسكنت الياء، والجمع مَشايِمُ
مثلُ مَعايشَ؛ قال ابن بري: ويجمع أيضاً مَشِيماً؛ وأنشد بيت جرير:
خبيثات المثابر والمشيم
وقوم شُيُومٌ: آمِنُونَ، حَبَشِيَّةٌ. ومن كلام النجاشي لقريش: اذهبوا
فأَنتم شُيُومٌ بأَرْضِي.
وبَنُو أَشْيَمَ: قبيلة. والأَشْيَمُ وشَيْمانُ: اسمان. ومَطَرُ بن
أَشْيَمَ: من شعرائهم. وصِلةُ ابن أشْيَمَ: رجلٌ من التابعين؛ وقول بلال مؤذن
سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
ألا لَيْتَ شِعْرِي هل أَبِيتَنَّ ليلةً
بوادٍ، وحَوْلي إذْخِرٌ وجَليلُ؟
وهَلْ أرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَنَّةٍ؟
وهل يَبْدُوَنْ لي شامَةٌ وطَفِيلُ؟
هما جبلان مُشْرِفانِ، وقيل: عينان، والأول أكثر. ومَجَنَّةُ: موضع قريب
من مكة كانت تُقام به سُوقٌ في الجاهلية، وقال بعضهم: إنه شابة بالباء
(* قوله «وقال بعضهم إنه شابة بالباء» هو الذي صوّبه في التكملة وزاد
فيها: أول ما تخرج الخضرة في اليبيس هو التشيم، ويقال تشيمه الشيب واشتام فيه
أي دخل، وشم ما بين كذا إلى كذا أي قدّره، والشام الفرق من الناس اهـ.
ومثله في القاموس)، وهو جبل حجازي. والأَشْيَمان: موضعان.
فصل الصاد المهملة
خيم: الخَيْمَةُ: بيت من بيوت الأَعراب مستدير يبنيه الأعراب من عيدانِ
الشجر؛ قال الشاعر:
أَو مَرْخَة خَيَّمَتْ
(* قوله «أو مرخة خيمت» كذا بالأصل، والشطرة موجودة بتمامها في التهذيب
وهي:
أو مرخة خيمت في أصلها البقر).
وقيل: وهي ثلاثة أَعواد أَو أَربعة يُلْقَى عليها الثُّمامُ
ويُسْتَظَلُّ بها في الحر، والجمع خَيْماتٌ وخِيامٌ وخِيَمٌ وخَيْمٌ، وقيل: الخَيْمُ
أَعواد تنصب في القَيْظِ، وتجعل لها عَوَارِضُ، وتُظَلَّلُ بالشجر فتكون
أَبرَدَ من الأَخْبِيَةِ، وقيل: هي عيدانٌِ يبنى عليها الخِيامُ؛ قال
النابغة:
فلم يَبْقَ إلاَّ آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدٍ،
وسُفْعٌ على آسٍ ونُؤْيٌ مُعَثْلِبُ
الآسُ: الرماد. ومُعَثْلِبٌ: مهدوم. والذي رواه ابن السيرافي على أَسٍّ
قال: وهو الأَساسُ؛ ويروى عَجُزُهُ أَيضاً:
وثُمٌّ على عَرْشِ الخِيامِ غَسِيلُ
ورواه أَبو عبيد للنابغة، ورواه ثعلب لزُهَيرٍ، وقيل: الخَيْمُ ما يبنى
من الشجر والسِّعَفِ، يَسْتَظِل به الرجلُ إذا أَورد إبله الماء.
وخَيَّمَه أَي جعله كالخَيْمَة. والخَيْمَةُ عند العرب: البيت والمنزل، وسميت
خَيْمَةً
لأن صاحبها يتخذها كالمنزل الأَصلي. ابن الأَعرابي: الخيمة لا تكون إلا
من أَربعة أَعواد ثم تُسَقَّفُ بالثُّمامِ ولا تكون من ثياب، قال: وأَما
المَظَلَّةُ فمن الثياب وغيرها، ويقال: مِظَلَّةٌ. قال ابن بري: الذي
حكاه الجوهري من أَن الخَيْمَةَ بيت تبنيه الأَعراب من عِيدان الشَّجَر هو
قول الأَصمعي، وهو أَنه كان يذهب إلى أَن الخَيْمَةَ إنما تكون من شجر،
فإن كانت من غير شجر فهي بيت، وغيره يذهب إلى أَن الخَيْمَة تكون من
الخِرَقِ المَعْمولة بالأَطْنابِ، واستدل بأن أصل التَّخْييم الإقامة،
فسُمِّيَتْ بذلك لأَنها تكون عند النزول فسميت خَيْمةً؛ قال: ومثلُ بيت النابغة
قولُ مُزاحِمٍ:
مَنَازِلُ، أَمَّا أَهْلُها فَتَحَمَّلُوا
فَبانُوا، وأَمَّا خَيْمُها فَمُقِيمُ
قال: ومثله قول زهير:
أرَبَّتْ به الأرْواحُ كلَّ عَشِيَّةٍ،
فمل يَبْقَ إلاَّ آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدِ
قال: وشاهد الخِيَمِ قول مُرَقِّشٍ:
هل تعرف الدَّار عَفَا رَسْمُها
إلا الأَثافيَّ ومَبْنَى الخِيَمْ؟
وشاهدُ الخِيامِ قول حَسّان:
ومَظْعَن الحَيِّ ومَبْنَى الخِيام
وفي الحديث: الشَّهِيدُ في خَيْمَةِ اللِه تحتَ العَرْشِ؛ الخَيْمَةُ:
معروفة؛ ومنه: خَيَّمَ بالمكان أَي أَقام به وسكنه، واستعارها لِظلِّ رحمة
الله ورِضْوانه، ويُصَدِّقُهُ الحديث الآخر: الشهيد في ظِلِّ الله
وظِلِّ عَرْشِه. وفي الحديث: من أَحب أَن يَسْتَخِيمَ له الرجالُ قِياماً كما
يُقامُ بين يدي المُلوك والأُمراء، وهو من قولهم: خام يَخِيمُ وخَيِّمُ
وَخَيَّمَ يُخَيِّمُ إذا أقام بالمكان، ويروى: اسْتَخَمَّ واسْتَجَمَّ،
وقد تقدما. والخِيامُ أَيضاً: الهَوادِجُ على التشبيه؛ قال الأَعشى:
أَمِن جَبَل الأَمْرارِ ضرْبُ خيامِكم
على نَبإٍ، إنّ الأَشافيّ سَائل
وأَخامَ الخَيْمَةَ وأخْيَمَها: بَناها؛ عن ابن الأَعرابي. وتَخَيَّم
مكانَ كذا: ضَرَب خَيْمَتَهُ. وخَيَّمَ القومُ: دخلوا في الخَيْمة.
وخَيَّمُوا بالمكان: أَقاموا؛ وقال الأَعشى:
فَلَمَّا أَضاءَ الصُّبْحُ قامَ مُبادراً،
وكانَ انْطِلاقُ الشاة مِن حَيْثُ خَيَّمَا
والعرب تقول: خَيَّمَ فلان خَيْمَةً إذا بناها، وتَخَيَّمَ إذا أقامَ
فيها؛ وقال زهير:
وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ
وخَيَّمَت الرائحة الطيِّبةُ بالمكان والثوب: أَقامت وعَبِقَت به.
وخَيِّمَ الوَحْشِيُّ في كِناسه: أَقامَ فيه فلم يَبْرَحْهُ.وخَيَّمَه:
غَطَّاه بشيء كي يَعْبق به؛ وأَنشد:
مَعَ الطِّيبِ المُخَيَّم في الثياب
أَبو عبيد: الخِيمُ الشيمَة والطبيعة والخُلُق والسجية. ويقال: خِيم
السيف فِرِنْدُه، والخِيمُ: الأَصل؛ وأَنشد:
ومَنْ يَبْتَدِعْ ما لَيْس مِن خِيم نَفْسِه،
يَدَعْه ويَغْلِبْه على النفسِ خِيمُها
ابن سيده: الخِيمُ، بالكسر، الخُلُق، وقيل: سَعة الخُلُق، وقيل: الأَصل
فارسي معرَّب لا واحد له من لفظه. وخامَ عنه يَخِيم خَيْماً وخَيَماناً
وخُيُوماً وخِياماً وخَيْمومة: نَكَصَ وجَبُنَ، وكذلك إذا كاد يكيد كيداً
فرجع عليه ولم ير فيه ما يحب، ونَكَلَ ونَكَصَ، وكذلك خامُوا في الحرْب
فلم يَظْفَرُوا بخير وضعُفوا؛ وأَنشد:
رَمَوْني عن قِسِيِّ الزُّور، حتى
أَخامَهُمُ الإلَهُ بها فَخامُوا
والخَائِمُ: الجَبان. وخامَ عن القِتال يَخِيمُ خَيماً وخام فيه: جَبُن
عنه؛ وقول الهذلي جُنادة بن عامر:
لعَمْرُك مَا وَنَى ابْنُ أَبي أُنَيْسٍ،
ولاخامَ القِتالَ ولا أَضاعا
قال ابن جني: أَراد حرف الجر وحذَفَه أَي خامَ في القتال، وقال: خامَ
جَبُنَ وتَراجع؛ قال ابن سيده: وهو عندي من معنى الخَيْمَةِ، وذلك أن
الخَيْمَة تُعطف وتُثْنى على ما تحتها لتَقيه وتحفظه، فهي من معنى القَصْر
والثَّنْي، وهذا هو معنى خامَ لأَنه انكَسَر وتراجع وانثنى، أَلا تَراهم
قالوا لجانب الخِباء كِسْرٌ؟ ابن سيده: والخامَةُ من الزَّرع أَولُ ما
يَنْبتُ على ساقٍ واحدة، وقيل: هي الطَّاقَةُ الغَضَّة منه، وقيل: هي الشجرة
الغَضَّة الرَّطْبة. ابن الأَعرابي: الخامة السُّنْبُلة، وجمعها خامٌ.
والخامة: الفُجْلة، وجمعها خام؛ قال أَبو سعيد الضرير: إن كانت محفوظة فليست
من كلام العرب؛ قال أَبو منصور: وابن الأَعرابي أَعْرَفُ بكلام العرب من
أَبي سعيد، وقد جعل الخامة من كلام العرب بمعنيين مختلفين، والخامُ من
الجلود: ما لم يُدْبغ أَو لم يُبالَغْ في دبغه. والخامُ: الدِّبْسُ الذي
لم تَمسه النار؛ عن أَبي حنيفة، قال: وهو أَفضله. والخِيمُ: الحَمْضُ.
ابن بري: وخِيماءُ اسم ماءةٍ؛ عن الفراء: وخِيَمٌ: جبل معروف؛ قال جرير:
أَقْبَلْت مِن نَجْران أَو جَنْبَيْ خِيَمْ
وخِيمٌ: موضع معروف. والمَخِيمُ: موضعان؛ قال أَبوذؤيب:
ثم انْتَهى بَصَري عنهُمْ، وقَدْ بَلَغُوا
بطنَ المَخِيم، فقالوا الجَرّ أَو راحُوا
قال ابن جني: المَخِيمُ مَفْعِلٌ لعدم م خ م، وعِزَّة باب قَلِقَ.
وحكى أَبو حنيفة: خامت الأَرض تَخِيمُ خَيَماناً، وزعم أَنه مقلوب من
وَخُمَتْ؛ قال ابن سيده: وليس كذلك، إنما هو في معناه لا مقلوب عنه.
وخِمْتُ رِجْلي خَيْماً إذا رفعتها؛ وأَنشد ثعلب:
رَأَوْا وَقْرَةً في السّاقِ مِنّي فحاولوا
جُبُورِيَ، لما أَن رأَوْني أُخِيمُها
الفراء وابن الأَعرابي: الإخامَةُ أَن يصيِب الإنسانَ أَو الدابةَ
عَنَتٌ في رِجْله، فلا يستطيع أَن يُمَكّنَ قَدَمَهُ من الأرض فيُبْقِي عليها؛
يقال: إنه ليُخِيم إحدى رجْليه. أَبو عبيد: الإخامَةُ للفرس أَن يرفع
إحدى يديه أَو إحدى رجليه على طَرَفِ حافره؛ وأَنشد الفراء ما أَنشده ثعلب
أَيضاً:
رَأَوْا وَقْرَةً في السَّاقِ مِنِّي فحاولوا
جُبُوريَ، لما أَن رأَوْني أُخِيمُها
جزف: الجَزْفُ: الأَخذُ بالكثرة. وجَزَفَ له في الكيْل: أَكثر. الجوهري:
الجَزْفُ أَخْذ الشيء مُجازفةً وجِزافاً، فارسي مُعَرَّب. وفي الحديث:
ابْتاعُوا الطعامَ جِزافاً؛ الجِزافُ والجَزْفُ: الـمَجْهولُ القَدْر.
مَكِيلــاً كان أَو مَوْزوناً.
والجُزاف
(* قوله «والجزاف إلخ» في القاموس: والجزاف والجزافة مثلثتين.)
والجِزاف والجُزافةُ والجِزافةُ: بيعك الشيء واشْتِراؤكَه بلا وزن ولا
كيل وهو يرجع إلى الـمُساهلةِ، وهو دخيل، تقول: بِعْتُه بالجُزافِ
والجُزافةِ والقياس جِزافٌ؛ وقولُ صخْر الغَيّ:
فأقْبَلَ منه طِوالُ الذُّرى،
كأَنَّ عليهنَّ بَيْعاً جَزِيفا
أَراد طعاماً بِيعَ جِزافاً بغير كَيْل، يَصِفُ سَحاباً. أَبو عمرو:
اجْتَزَفْتُ الشيءَ اجْتِزافاً إذا شَرَيْتَه جِزافاً، واللّه أَعلم.
زبن: الزَّبْنُ: الدَّفْع. وزَبَنَتِ الناقة إذا ضربت بثَفِناتِ رجليها
عند الحلب، فالزَّبْنُ بالثَّفِنات، والركض بالرجْل، والخَبْط باليد. ابن
سيده وغيره: الزَّبْنُ دفع الشيء عن الشيء كالناقة تَزْبِنُ ولدها عن
ضرعها برجلها وتَزْبِنُ الحالب. وزَبَن الشيءَ يَزْبِنُه زَبْناً وزَبَنَ
به وزَبَنَت الناقة بثَفناتِها عند الحلب: دَفَعَتْ بها. وزَبَنَتْ ولدها:
دفعته عن ضرعها برجلها. وناقة زبُون: دَفُوع، وزُبُنَّتاها رجلاها
لأَنها تَزْبِنُ بهما؛ قال طُرَيْحٌ:
غُبْسٌ خَنابِسُ كلُّهنَّ مُصَدَّرٌ،
نَهْدُ الزُّبُنَّةِ، كالعَرِيشِ، شَتِيمُ.
وناقة زَفُون وزَبُونٌ: تضرب حالبها وتدفعه، وقيل: هي التي إذا دنا منها
حالبها زَبَنَتْه برجلها. وفي حديث علي، عليه السلام: كالنَّاب
الضَّرُوسِ تَزْبِنُ برجلها أَي تدفع. وفي حديث معاوية: وربما زَبَنَتْ فكسرت
أَنف حالبها. ويقال للناقة إذا كان من عادتها أَن تدفع حالبها عن حَلبها:
زَبُون. والحرب تَزْبِنُ الناسَ إذا صدَمتهم. وحرب زَبُون: تَزْبِنُ الناس
أَي تَصْدِمِهُم وتدفعهم، على التشبيه بالناقة، وقيل: معناه أَن بعض
أَهلها يدفع بعضها لكثرتهم. وإنه لذو زَبُّونة أَي ذو دفع، وقيل أَي مانعٌ
لجنبه؛ قال سَوَّار بن المُضَرِّب:
بِذَبِّي الذَّمَّ عن أَحْسابِ قومي،
وزَبُّوناتِ أَشْوَسَ تَيَّحانِ
والزَّبُّونَةُ من الرجال: الشديد المانع لما وراء ظهره. ورجل فيه
زَبُّونة، بتشديد الباء، أَي كِبْر. وتَزابَن القومُ: تدافعوا. وزابَنَ
الرجلَ: دافعه؛ قال:
بمِثْلِي زابَنِي حِلْماً ومَجْداً،
إذا الْتَقَتِ المَجامعُ للخُطوبِ
وحَلَّ زَبْناً من قومه وزِبْناً أَي نَبْذَةً، كأَنه اندفع عن مكانهم،
ولا يكاد يستعمل إلا ظرفاً أَو حالاً. والزَّابِنَة: الأَكمة التي
شَرَعَتْ في الوادي وانعَرَج عنها كأَنها دفعته. والزِّبْنِيَةُ: كل متمرّد من
الجن والإِنس. والزِّبْنِيَة: الشديد؛ عن السيرافي، وكلاهما من الدافع.
والزَّبانِية: الذين يَزْبِنون الناسَ أَي يدفعونهم؛ قال حسان:
زَبانِيَةٌ حولَ أَبياتهم،
وخُورٌ لدى الحربِ في المَعْمَعه
وقال قتادة: الزَّبانِية عند العرب الشُّرَطُ، وكله من الدَّفْع، وسمي
بذلك بعض الملائكة لدفعهم أَهل النار إليها. وقوله تعالى: فلْيَدْعُ
نادِيَه سَنَدْعُو الزَّبانية؛ قال قتادة: فليدع ناديه حَيَّه وقومه، فسندعو
الزبانية قال: الزَّبانية في قول العرب الشُّرَط؛ قال الفراء: يقول الله
عز وجل سندعو الزبانية وهم يعملون بالأَيْدي والأَرجل فهم أَقوى؛ قال
الكسائي: واحد الزَّبانية زِبْنيٌّ، وقال الزجاج: الزَّبانية الغلاظ الشداد،
واحدهم زِبْنية، وهم هؤلاء الملائكة الذين قال الله تعالى: عليها ملائكة
غلاظ شِدادٌ، وهم الزَّبانية. وروي عن ابن عباس في قوله تعالى: سندعو
الزَّبانية، قال: قال أَبو جهل لئن رأَيت محمداً يصلي لأَطَأَنَّ على عنقه،
فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: لو فعله لأَخذته الملائكة عِياناً؛ وقال
الأَخفش: قال بعضهم واحد الزبانية زَبانيّ، وقال بعضهم: زابنٌ، وقال
بعضهم: زِبْنِيَة مثل عِفْرية، قال: والعرب لا تكاد تعرف هذا وتجعله من
الجمع الذي لا واحد له مثل أَبابيلَ وعَبادِيد. والزِّبِّين: الدافع
للأَخْبَثَينِ البول والغائط؛ عن ابن الأَعرابي، وقيل: هو الممسك لهما على كُرْه.
وفي الحديث: خمسة لا تقبل لهم صلاة: رجلٌ صلى بقوم وهم له كارهون،
وامرأَةٌ تبيت وزوجها عليها غضبان، والجاريةُ البالغةُ تصلي بغير خِمار،
والعبدُ الآبق حتى يعود إلى مولاه، والزِّبِّينُ؛ قال الزِّبِّين الدافع
للأَخبثين وهو بوزن السِّجِّيل، وقيل: بل هو الزِّبِّين، بنونين، وقد روي
بالوجهين في الحديث، والمشهور بالنون. وزَبَنْتَ عنا هَدِيَّتك تَزْبِنُها
زَبْناً: دفعتها وصرفتها؛ قال اللحياني: حقيقتها صرفت هديتك ومعروفك عن
جيرانك ومعارفك إلى غيرهم. وزُباني العقرب: قرناها، وقيل: طرف قرنها، وهما
زُبانَيانِ كأَنها تدفع بهما. والزُّباني: كواكبُ من المنازل على شكل
زُبانى العقرب. غيره: والزُّبانَيانِ كوكبان نَيِّرانِ، وهما قرنا العقرب
ينزلهما القمر. ابن كُناسة: من كواكب العقرب زُبانَيا العقرب، وهما كوكبان
متفرّقان أَمام الإِكليل بينهما قِيدُ رُمْح أَكبر من قامة الرجل،
والإِكْليل ثلاثة كواكب معترضة غير مستطيلة. قال أَبو زيد: يقال زُباني
وزُبانَيانِ وزُبَانيات للنجم، وزُبانى العقرب وزُبانَياها، وهما قرناها،
وزُبانَيات؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
فِداك نِكْسٌ لا يَبِض حَجَرُهْ،
مُخَرَّقُ العِرْضِ حديدٌ مِمْطَرُهْ،
في ليلِ كانونٍ شَديدٍ خَصَرُهْ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
عَضَّ بأَطرافِ الزُّبانى قَمَرُهْ
يقول: هو أَقْلف ليس بمختون إلا ما قَلَّص منه القَمرُ، وشبه قلْفته
بالزُّباني، قال: ويقال من ولد والقمر في العقرب فهو نحس؛ قال ثعلب: هذا
القول يقال عن ابن الأَعرابي، وسأَلته عنه فأَبى هذا القول وقال: لا، ولكنه
اللئيم الذي لا يطعم في الشتاء، وإذا عَضَّ القمرُ بأَطرافِ الزُّبانَى
كان أَشد البرد؛ وأَنشد:
وليلة إِحْدَى اللَّيالي العُرَّمِ،
بين الذِّراعَيْنِ وبين المِرْزَمِ،
تَهُمُّ فيها العَنْزُ بالتَّكَلُّمِ.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه نهى عن المُزابنة ورَخَّصَ في
العَرايا؛ والمُزابنة: بيع الرُّطَب على رؤوس النخل بالتمر كيلاً، وكذلك
كل ثمر بيع على شجره بثمر كيلاً، وأَصله من الزَّبْنِ الذي هو الدفع،
وإنما نهى عنه لأَن الثمر بالثمر لا يجوز إلا مثلاً
بمثل، فهذا مجهول لا يعلم أَيهما أَكثر، ولأَنه بيع مُجازفة من غير كيل
ولا وزن، ولأَن البَيِّعَيْن إذا وقفا فيه على الغَبْن أَراد المغبون أَن
يفسخ البيع وأَراد الغابن أَن يُمْضيه فتَزابَنا فتدافعا واختصما، وإن
أَحدهما إذا ندم زَبَنَ صاحبه عما عقد عليه أَي دفعه؛ قال ابن الأَثير:
كأَنَّ كل واحد من المتبايعين يَزْبِنُ صاحبَه عن حقه بما يزداد منه، وإنما
نهى عنها لما يقع فيها من الغبن والجهالة، وروي عن مالك أَنه قال:
المُزابنة كل شيء من الجِزافِ الذي لا يعلم كيله ولا عدده ولا وزنه بيع شيء
مسمى من الكيل والوزن والعدد. وأَخذت زِبْني من الطعام أَي حاجتي. ومَقام
زَبْنٌ إذا كان ضيقاً لا يستطيع الإنسان أَن يقوم عليه في ضيقه وزَلِقِه؛
قال:
ومَنْهَلٍ أَوْردَنيهِ لَزْنِ
غيرِ نَميرٍ، ومَقامٍ زَبْنِ
كَفَيْتُه، ولم أَكُنْ ذا وَهْنِ.
وقال مُرَقّش:
ومنزلِ زَبْنٍ ما أُريد مَبيتَه،
كأَني به، من شِدَّة الرَّوْعِ، آنِسُ
ابن شُبْرُمَة: ما بها زَبِينٌ أَي ليس بها أَحد. والزَّبُّونة
والزُّبُّونة، بفتح الزاي وضمها وشدّ الباء فيهما جميعاً: العُنُق؛ عن ابن
الأَعرابي، قال: ويقال خُذْ بقَرْدنِه وبَزَبُّونَتِه أَي بعُنقه. وبنو
زَبِينَةَ: حيّ، النسب إليه زَباني على غير قياس؛ حكاه سيبويه كأَنهم أَبدلوا
الأَلف مكان الياء في زَبِينِيٍّ. والحَزِيمَتانِ والزَّبينتانِ: من باهلة
ابن عمرو بن ثعلبة، وهما حَزِيمةُ وزَبِينَةُ؛ قال أَبو مَعْدان الباهلي:
جاء الحَزائمُ والزَّبائِنُ دُلْدُلاً،
لا سابقينَ ولا مع القُطَّانِ
فعَجِبْتُ من عَوْفٍ وماذا كُلِّفَتْ،
وتَجِيءُ عَوْفٌ آخر الرُّكْبانِ
قال الجوهري: وأَما الزَّبُون للغبيِّ والحَرِيف فليس من كلام أَهل
البادية. وزَبَّانُ: اسم رجل.
ربا: رَبا الشيءُ يَرْبُو رُبُوّاً ورِباءً: زاد ونما. وأَرْبَيْته:
نَمَّيته. وفي التنزيل العزيز: ويُرْبي الصدَقات؛ ومنه أُخِذَ الرِّبا
الحَرام؛ قال الله تعالى: وما آتَيْتُم من رباً ليَرْبُوَ في أَموالِ
الناسِفلا يَرْبُو عند الله؛ قال أَبو إِسحق: يَعني به دَفْعَ الإِنسان الشيءَ
ليُعَوَّضَ ما هو أَكثرُ منه، وذلك في أَكثر التفسير ليس بِحَرامٍ، ولكن
لا ثواب لمن زاد على ما أَخذ، قال: والرِّبا رِبَوانِ: فالحَرام كلُّ
قَرْض يُؤْخَذُ به أَكثرُ منه أَو تُجَرُّ به مَنْفَعة فحرام، والذي ليس
بحرام أَن يَهَبَه الإِنسان يَسْتَدْعي به ما هو أَكْثَر أَو يُهْديَ
الهَدِيَّة ليُهْدى له ما هو أَكثرُ منها؛ قال الفراء: قرئ هذا الحرف
ليَرْبُوَ بالياء ونصب الواو، قرأَها عاصم والأَعمش، وقرأَها أَهل الحجاز
لتَرْبُو، بالتاء مرفوعة، قال: وكلٌّ صوابٌ، فمن قرأَ لتربو فالفعل للقوم
الذين خوطبوا دل على نصبها سقوط النون، ومن قرأَها ليَرْبُوَ فمعناه
ليَرْبُوَ ما أَعطيتم من شيء لتأْخذوا أَكثر، منه، فذلك رُبُوّه وليس ذلك زاكياً
عند الله، وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فتلك تَرْبُو بالتضعيف.
وأَرْبى الرجل في الرِّبا يُرْبي. والرُّبْيَةُ: من الرِّبا، مخففة. وفي
الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في صلح أَهل نجران: أَن ليس عليهم
رُبِّيَّةٌ ولا دَمٌ؛ قال أَبو عبيد: هكذا روي بتشديد الباء والياء، وقال
الفراء: إِنما هو رُبْيَة، مخفف، أَراد بها الرِّبا الذي كان عليهم في
الجاهلية والدماءَ التي كانوا يُطْلَبون بها. قال الفراء: ومثل الرُّبْيَة
من الرِّبا حُبْيَة من الاحْتِباء، سماعٌ من العرب يعني أَنهم تكلموا بهما
بالياء رُبْيَة وحُبْيَة ولم يقولوا رُبْوَة وحُبْوة، وأَصلهما الواو،
والمعنى أَنه أُسقط عنهم ما اسْتَسْلَفُوه في الجاهلية من سَلَفٍ أَو
جَنَوه من جناية، أُسقط عنهم كلُّ دمِ كانوا يُطْلبون به وكلُّ رِباً كان
عليهم إِلاَّ رؤوسَ أَموالهم فإِنهم يردّونها، وقد تكرر ذكره في الحديث،
والأَصل فيه الزيادة من رَبا المالُ إِذا زاد وارْتَفَع، والاسم الرِّبا
مقصور، وهو في الشرع الزيادة على أَصل المال من غير عَقْدِ تبايُعٍ ، وله
أَحكام كثيرة في الفقه، والذي جاء في الحديث رُبِّيَّة، بالتشديد؛ قال ابن
الأَثير: ولم يعرف في اللغة؛ قال الزمخشري: سبيلها أَن تكون فُعُّولة من
الرِّبا كما جعل بعضهم السُّرِّيَّة فُعُّولة من السَّرْوِ لأَنها أَسْرى
جواري الرجل. وفي حديث طَهْفةَ: من أَبى فعليه الرِّبْوَةُ أَي من
تَقاعَدَ عن أَداءٍ الزكاةِ فعليه الزيادةُ في الفريضة الواجبة عليه
كالعُقُوبة له، ويروى: من أَقَرَّ بالجِزْية فعليه الرَّبْْوَةُ أَي من امتنع عن
الإِسلام لأَجْل الزكاة كان عليه من الجِزْية أَكثرُ مما يجب عليه
بالزكاة.وأَرْبى على الخمسين ونحوها: زاد. وفي حديث الأَنصار يوم أُحُدٍ: لئِنْ
أَصَبْنا منهم يَوْماً مثلَ هذا لَنُرْبِيَنَّ عليهم في التمثيل أَي
لَنَزِيدَنَّ ولَنُضاعِفَنَّ. الجوهري: الرِّبا في البيع وقد أَرْبى الرجلُ.
وفي الحديث: من أَجْبى فقد أَرْبى. وفي حديث الصدقة: وتَرْبُو في كَفِّ
الرحمن حتى تكونَ أَعْظَمَ من الجبل.
ورَبا السويقُ ونحوه رُبُوّاً: صُبَّ عليه الماءُ فانْتَفَخ. وقوله عز
وجل في صفةِ الأَرضِ: اهْتَزَّتْ ورَبَتْ؛ قيل: معناه عَظُمَتْ
وانْتَفَخَتْ، وقرئ ورَبأَتْ، فمن قرأَ ورَبَتْ فهو رَبا يَرْبُو إِذا زاد على
أَيِّ الجهاتِ زاد، ومن قرأَ ورَبأَتْ بالهمز فمعناه ارْتَفَعَتْ. وسابَّ
فلان فلاناً فأَرْبى عليه في السِّباب إِذا زاد عليه. وقوله عز وجل:
فأَخَذَهم أَخْذَةً رابِيَة أَي أَخْذَةً تَزِيدُ على الأَخَذات؛ قال الجوهري:
أَي زائِدَةً كقولك أَرْبَيْت إِذا أَخَذْتَ أَكثرَ مما أَعْطَيْتَ.
والرَّبْوُ والرَّبْوَةُ: البُهْرُ وانْتِفاخُ الجَوْفِ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
ودُونَ جُذُوٍّ وابْتِهارٍ ورَبْوةٍ،
كأَنَّكُما بالرِّيقِ مُخْتَنِقانِ
أَي لسْتَ تقدر عليها إِلاَّ بَعْدَ جُذُوٍّ على أَطْراف الأَصابِعِ
وبَعْدَ رَبْوٍ يأْخُذُكَ.
والرَّبْوُ: النَّفَسُ العالي. ورَبا يَرْبُو رَبْواً: أَخَذَه
الرَّبْوُ. وطَلَبْنا الصَّيْدَ حتى تَرَبَّيْنا أَي بُهِرْنا
(* قوله «حتى
تربينا أي بهرنا» هكذا في الأصل). وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: أَن النبي،
صلى الله عليه وسلم، قال لها ما لي أَراكِ حَشْيَا رابيَةً؛ أَراد
بالرابية التي أَخَذَها الرَّبْوُ وهو البُهْرُ، وهو النَّهِيجُ وتَواتُرُ
النَّفَسِ
الذي يَعْرِضُ للمُسْرِعِ في مَشْيِه وحَرَكَتِه وكذلك الحَشْيا. ورَبا
الفَرَس إِذا انَتَفَخَ من عَدْوٍ أَو فَزَعٍ؛ قال بِشْر بن أَبي خازم:
كأَنَّ حَفِيفَ مُنْخُرِه، إِذَا مَا
كتَمْنَ الرَّبْوَ، كِيرٌ مُسْتَعارُ
والرِّبَا: العِينَة. وهو الرِّمَا أَيضاً على البَدَل؛ عن اللحياني،
وتثنيته رِبَوانِ ورِبَيان، وأَصله من الواو وإِنما ثُنِّيَ بالياء
للإِمالة السائغة فيه من أَجل الكسرة. ورَبَا المالُ: زادَ بالرِّبَا.
والمُرْبِي: الذي يَأْتي الرِّبَا. والرَّبْوُ والرَّبْوَةُ والرُّبْوَةُ
والرِّبْوة والرَّباوة والرُّباوة والرِّباوَة والرَّابِيَة والرَّباةُ: كلُّ ما
ارْتَفَعَ من الأَرض ورَبا؛ قال المُثَقِّب العَبْدي:
عَلَوْنَ رَباوَةً وهَبَطْنَ غَيْباً،
فَلَمْ يَرْجِعْنَ قَائِمَةً لِحِينِ
وأَنشد ابن الأَعرابي:
يَفُوتُ العَشَنَّقَ إِلْجامُهَا،
وإِنْ هُوَ وَافَى الرَّبَاةَ المَدِيدَا
المديدَ: صفة للعَشَنَّقِ، وقد يجوز أَن يكون صفة للرَّبَاةِ على أَن
يكون فَعِيلاً في معنى مَفْعولةٍ، وقد يجوز أَن يكونَ على المعنى كأَنَه
قال الرَّبْوَ المَدِيدَ، فيكون حينئذ فَاعِلاً ومَفْعولاً. وأَرْبَى
الرجلُ إِذا قام على رابِيَة؛ قال ابن أَحمر يصف بقرة يَخْتَلِف الذِّئْبُ
إِلى ولَدها:
تُرْبِي له، فَهْوَ مَسْرورٌ بطَلْعَتِها
طَوْراً، وطَوْراً تَناسَاهُ فتَعْتَكِرُ
وفي الحديث: الفِرْدَوْسُ رَبْوَة الجَنَّةِ أَي أَرْفَعُها. ابن
دُرَيْدٍ: لفُلان على فلان رَباءٌ بالفتح والمَدِّ، أَي طَوْلٌ. وفي التنزيل
العزيز: كمَثَلِ
جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ؛ والاختيار من اللغات رُبْوةٌ لأَنها أَكثر اللغات،
والفتحُ لُغة تَمِيمٍ، وجَمْعُ الرَّبْوة رُبىً ورُبِيُّ؛ وأَنشد:
ولاحَ إِذْ زَوْزَى به الرُّبِيُّ
وزَوْزَى به أَي انْتَصَب به. قال ابنُ شُمَيْلٍ: الرَّوابِي ما أَشْرَف
من الرَّمْلِ مثلُ الدَّكْدَاكَةِ غيرَ أَنها أَشَدُّ منها إِشْرافاً،
وهي أَسْهَلُ من الدَّكْداكةِ، والدَّكْدَاكَةُ أَشَدُّ اكْتِنازاً منها
وأَغْلَظُ، والرَّابِيَة فيها خُؤُورَةٌ وإشْرافٌ تُنْبِتُ أَجْوَدَ
البَقْلِ الذي في الرّمال وأَكثرَه يَنْزِلُها الناسُ.
ويقال جَمَل صَعْبُ الرُّبَةِ أَي لَطيف الجُفْرةِ؛ قاله ابن شميل، قال
أَبو منصور: وأَصله رُبْوَةٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
هَلْ لَكِ، يا خَدْلَةُ، في صَعْبِ الرُّبَهْ
مُعْتَرِمٍ، هامَتُه كالحَبْحَبَهْ؟
ورَبَوْت الرَّابِية: عَلَوْتها. وأَرضٌ مُرْبِية: طَيّبة.
وقد رَبَوْت في حِجْرِهِ رُبُوّاً ورَبْواً؛ الأَخيرة عن اللحياني،
ورَبِيْتُ رِباءً ورُبِيّاً، كِلاهما: نَشَأْتُ فيهم؛ أَنشد اللحياني لمسكين
الدارمي:
ثَلاثَة أَمْلاكٍ رَبَوْا في حُجُورِنَا،
فهَلْ قائِلٌ حَقّاً كمَنْ هُوَ كاذِبُ؟
هكذا رواه رَبَوْا على مِثال غَزَوْا؛ وأَنشد في الكسر للسَّمَوْأَل بنِ
عَادِياءَ:
نُطْفَةً مَّا خُلِقْتُ يومَ بُرِيتُ
أَمِرَتْ أَمْرَها، وفيها رَبِيتُ
كَنَّها اللهُ تحتَ سِتْرٍ خَفِيٍّ،
فتَجافَيْتُ تَحْتَها فَخَفِيتُ
ولكُلٍّ من رِزْقِه ما قَضَى الْـ
ـلَهُ، وإِن حكّ أَنْفَه المسْتَمِيتُ
ابن الأَعرابي: رَبِيت في حجرِه ورَبَوْتُ ورَبِيتُ أَرْبَى رَباً
ورُبُوّاً: وأَنشد:
فَمَنْ يكُ سائلاً عَنِّي فإِنِّي
بمَكَّة مَنْزِلي، وبِها رَبِيتُ
الأَصمعي: رَبَوْتُ في بَني فلان أَرْبُو نَشَأْتُ فيهِم، ورَبَّيْتُ
فلاناً أُرَبِّيه تَرْبِيَةً وتَرَبَّيْتُه ورَبَبْتُه ورَبَّبْته بمعنى
واحد. الجوهري: رَبَّيْته تَرْبِية وتَرَبَّيْته أَي غَذَوْتُه، قال: هَذا
لكل ما يَنْمِي كالوَلَد والزَّرْع ونحوه.
وتقول: زَنْجَبيل مُرَبّىً ومُرَبَّبٌ أَيضاً أَي معمول بالرُّبِّ.
والأُرْبيَّة، بالضم والتشديد: أَصل الفَخِذِ، وأَصله أُرْبُوَّة
فاستثقلوا التشديد على الواو، وهما أُرْبِيَّتان، وقيل: الأُرْبِيَّة ما بَيْنَ
أَعْلى الفَخِذ وأَسْفَل البَطْنِ، وقال اللحياني: هي أَصل الفخذ مما
يلي البطنَ وهي فُعْلِيَّة، وقيل: الأُرْبِيّة قَرِيبَة من العانَة، قال:
وللإِنسان أُرْبِيَّتان وهما العانَة والرُّفْعُ تَحْتَها. وأُرْبِيَّة
الرجل: أَهلُ
بَيْتِه وبنُو عَمِّه لا تكون الأُرْبِيَّة من غيرهم؛ قال الشاعر:
وإِنِّي وَسْطَ ثَعْلَبةَ بنِ عمروٍ
بِلا أُرْبِيَّة نَبَتَتْ فُروعا
ويقال: جاء في أُرْبِيَّةٍ من قومه أَي في أَهل بيته وبَنِي عمّه
ونحوهم.والرَّبْوُ: الجَماعة هم عشرة آلاف كالرُّبَّة. أَبو سعيد: الرُّبْوة،
بضم الراء، عشرة آلاف من الرجال، والجمع الرُّبي؛ قال العجاج:
بَيْنَا هُمُو يَنْتَظِرون المُنْقَضَى
مِنَّا، إِذا هُنَّ أَراعِيلٌ رُبَى
وأَنشد:
أَكَلْنا الرُّبَى يا أُمَّ عَمْروٍ، ومَنْ يَكُنْ
غَرِيباً بأَرْضٍ يأْكُلِ الحَشَراتِ
والأَرْباء: الجماعات من الناس، واحدهم رَبْوٌ غير مهموز. أَبو حاتم:
الرُّبْية ضَرْب من الحَشَرات، وجمعه رُبىً.
قال الجوهري: الإِرْبيانُ، بكسر الهمزة، ضرب من السمك، وقيل: ضَرب من
السمكِ بيضٌ كالدُّود يكون بالبصرة، وقيل: هو نَبْتٌ؛ عن السيرافي.
والرُّبْية: دُوَيْبَّة بين الفَأْرة وأُمِّ حُبَيْنٍ.
والرَّبْوُ: موضع؛ قال ابن سيده: قَضَيْنا عليه بالواو لوجودنا رَبَوْت
وعدمنا رَبَيت على مثال رَمَيت.
كنف: الكَنَفُ والكَنَفةُ: ناحية الشيء، وناحِيتا كلِّشيء كنَفاه،
والجمع أَكناف. وبنو فلان يَكْنُفون بني فلان أَي هم نُزول في ناحيتهم. وكنَفُ
الرَّجل: حِضْنه يعني العَضُدين والصدْرَ. وأَكناف الجبل والوادي:
نواحِيه حيث تنضم إليه، الواحد كنَفٌ. والكَنَفُ: الجانب والناحية، بالتحريك.
وفي حديث جرير، رضي اللّه عنه: قال له أَين منزلك؟ قال: بأَكْنافِ بِيشةَ
أَي نواحيها. وفي حديث الإفك: ما كشَفْتُ من كَنَفِ أُنثى؛ يجوز أَن
يكون بالكسر من الكِنْفِ، وبالفتح من الكَنَف. وكنَفا الإنسان: جانِباه،
وكنَفاه ناحِيتاه عن يمينه وشماله، وهما حِضْناه. وكنَفُ اللّه: رحمته.
واذْهَبْ في كنَف اللّه وحِفظه أَي في كَلاءته وحِرْزه وحِفظه، يَكْنُفه
بالكَلاءة وحُسن الوِلاية. وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما، في النْجوى:
يُدْنى المؤمنُ من ربّه يوم القيامة حتى يضَع عليه كنَفه؛ قال ابن
المبارك: يعني يستره، وقيل: يرحمه ويَلْطُف به، وقال ابن شميل: يضَعُ اللّه عليه
كنَفه أَي رحمته وبِرّه وهو تمثيل لجعله تحت ظلّ رحمته يوم القيامة. وفي
حديث أَبي وائل، رضي اللّه عنه: نشَر اللّه كنَفه على المسلم يوم
القيامة هكذا، وتعطَّفَ بيده وكُمه. وكنَفَه عن الشيء: حَجَزه عنه. وكنَف
الرجلَ يكْنُفه وتَكَنَّفَه واكْتَنَفه: جعله في كنَفِه. وتكَنَّفوه
واكْتَنَفُوه: أَحاطوا به، والتكْنِيفُ مثله. يقال: صِلاء مكَنَّف أَي أُحيط به من
جَوانِبه . وفي حديث الدعاء: مَضَوْا على شاكلتهم مُكانِفين أَي يكنُف
بعضُهم بعضاً. وفي حديث يحيى بن يَعْمَرَ: فاكتنَفْته أنا وصاحبي أي
أَحطْنا به من جانِبَيْه. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: فتكنَّفَه الناس.
وكنَفَه يَكنُفه كنْفاً وأَكنَفه: حَفِظه وأَعانه؛ الأَخيرة عن اللحياني.
وقال ابن الأَعرابي: كنَفه ضمّه إليه وجعله في عِياله. وفلان يَعِيش في كنف
فلان أي في ظِلِّه. وأَكنَفْت الرجل إذا أَعَنْتَه، فهو مُكْنَف.
الجوهري: كنَفْت الرَّجل أَكنُفه أَي حُطْتُه وصُنْتُه، وكنفت بالرجل إذا قمت به
وجعلته في كنَفك. والمُكانفة: المعاونة. وفي حديث أَبي ذر، رضي اللّه
عنه: قال له رجل أَلا أَكون لك صاحباً أَكنُف راعِيَكَ وأَقْتَبِس منك؟ أَي
أُعِينُه وأَكون إلى جانبه وأجعله في كنَف. وأَكنَفَه: أَتاه في حاجة
فقام له بها وأَعانه عليها. وكَنَفا الطائر: جناحاه. وأَكنَفَه الصيدَ
والطير: أَعانه على تصيّدها، وهو من ذلك.
ويُدْعى على الإنسان فيقال: لاتكنُفُه من اللّه كانفة أي لا تحفظه.
الليث: يقال للإنسان المخذول لا تكنفه من اللّه كانفة أَي لا تحْجُزه.
وانهزموا فما كانت لهم كانفة دون المنزل أَو العسكر أَي موضع يلجَؤُون إليه،
ولم يفسره ابن الأَعرابي، وفي التهذيب: فما كان لهم كانفة دون العسكر أَي
حاجز يحجُز عنهم العدوَّ.
وتكنَّف الشيء واكْتَنَفه: صار حواليه. وتكنَّفُوه من كل جاني أي
احْتَوَشُوه.
وناقة كنوف: وهي التي إذا أَصابها البرد اكتنفت في أَكناف الإبل تستتر
بها من البرد. قال ابن سيده: والكَنوف من النوق التي تبرُك في كنَفة الإبل
لتقي نفسها من الريح والبرد، وقد اكتنفت، وقيل: الكَنوف التي تبرك ناحية
من الإبل تستقبل الريح لصحتها: واطْلُب ناقتك في كنَف الإبل أَي في
ناحيتها. وكنَفةُ الإبل: ناحيتها. قال أَبو عبيدة: يقال ناقة كَنوف تبرك في
كنَفة الإبل مثل القَذُور إلا أَنها لا تَسْتبعد كما تستبعد القَذور. وحكى
أَبو زيد: شاة كَنْفاء أَي حَدْباء. وحكى ابن بري: ناقة كنوف تبيت في
كنف الإبل أَي ناحيتها؛ وأَنشد:
إذا اسْتَثارَ كنُوفاً خِلْت ما بَرَكَت
عليه يُنْدَفُ، في حافاتِه، العُطُبُ
والمُكانِفُ: التي تبرُك من وراء الإبل؛ كلاهما عن ابن الأعرابي.
والكَنَفانِ: الجَناحانِ؛ قال:
سِقْطانِ من كَنَفَيْ نَعامٍ جافِلِ
وكلُّ ما سُتر، فقد كُنف.
والكَنِيفُ: التُّرْس لسَتْره، ويوصف به فيقال: تُرْس كَنِيف، ومنه قيل
للمَذْهب كَنِيف، وكل ساتر كَنيف؛ قال لبيد:
حَريماً حين لم يَمْنَعْ حَريماً
سُيوفُهمُ، ولا الحَجَفُ الكَنِيفُ
والكنيفُ: الساتر. وفي حديث علي، كرم اللّه وجهه: ولا يكن للمسلمين
كانفةٌ أَي ساترة، والهاء للمبالغة. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: شَقَقْن
أَكنَفَ مُروطِهنّ فاخْتَمَرْن به أَي أَسْتَرَها وأَصْفَقَها، ويروى
بالثاء المثلثة، وقد تقدم. والكنيفُ: حَظيرة من خشَب أو شجر تتخذ للإبل،
زاد الأَزهري: وللغنم؛ تقول منه: كنَفْت الإبل أَكنُف وأَكنِفُ. واكْتَنَفَ
القومُ إذا اتخذوا كَنيفاً لإبلهم. وفي حديث النخعي: لا تؤخذ في الصدقة
كَنوف، قال: هي الشاة القاصية التي لا تمشي مع الغنم، ولعله أَراد
لإتْعابها المصدِّق باعتزالها عن الغنم، فهي كالمُشَيِّعةِ المنهي عنها في
الأَضاحي، وقيل: ناقة كَنوف إذا أَصابها البرد فهي تستتر بالإبل. ابن سيده:
والكَنيف حَظيرة من خشب أَو شجر تتخذ للإبل لتقِيَها الريح والبرد، سمي
بذلك لأَنه يكنِفُها أي يسترها ويقيها؛ قال الراجز:
تَبِيتُ بين الزَّرْبِ والكَنِيفِ
والجمع كُنُفٌ؛ قال:
لَمّا تَآزَيْنا إلى دِفْء الكُنُفْ
وكنَف الكَنِيفَ يكنُفه كَنْفاً وكُنوفاً: عمله. وكنَفْت الدار
أَكنُفها: اتخذت لها كنيفاً. وكَنف الإبل والغنم يكْنُفها كَنْفاً: عمل لها
كَنيفاً.وكنَف لإبله كَنِيفاً: اتخذه لها؛ عن اللحياني. وكَنف الكَيّالُ
يكنُفُ كَنْفاً حَسناً: وهو أَن يجعل يديه على رأْس القَفِيز يُمْسِك بهما
الطعام، يقال: كِلْه كَيْلاً غير مَكْنُوف. وتكنَّف القومُ بالغِثاث: وذلك
أَن تموت غنمهم هُزالاً فيَحْظُروا بالتي ماتت حول الأَحْياء التي بَقِين
فتسْتُرها من الرِّياح. واكتَنف كَنِيفاً: اتخذه. وكنَف القومُ: حبَسوا
أَموالهم من أَزْلِ وتَضْييق عليهم. والكَنيف: الكُنّة تُشْرَع فوق باب
الدار. وكنَف الدارَ يكْنُفها كَنْفاً: اتخذ لها كَنِيفاً. والكَنِيف:
الخَلاء وكله راجع إلى السَّتر، وأَهل العراق يسمون ما أَشرعوا من أَعالي
دُورهم كَنِيفاً، واشتقاق اسم الكَنِيف كأَنه كُنِفَ في أَستر النواحي،
والحظيرةُ تسمى كَنِيفاً لأَنها تكنف الإبل أَي تسترها من البرد، فعيل بمعنى
فاعل. وفي حديث أَبي بكر حين استخلف عمر، رضي اللّه عنهما: أَنه أَشرف من
كَنِيف فكلَّمهم أَي من سُتْرة؛ وكلُّ ما سَتر من بناء أَو حظيرة، فهو
كنيف؛ وفي حديث ابن مالك والأَكوع:
تبيت بين الزرب والكنيف
أَي الموضع الذي يكنفها ويسترها.
والكِنْفُ: الزَّنْفَلِيجة يكون فيها أَداة الراعي ومَتاعه، وهو أَيضاً
وِعاء طويل يكون فيه مَتاع التِّجار وأَسْقاطهم؛ ومنه قول عمر في عبد
اللّه بن مسعود، رضي اللّه عنهما: كُنَيْفٌ مُلِئ عِلْماً أَي أَنه وعاء
للعلم بمنزلة الوعاء الذي يضع الرجل فيه أَداته، وتصغيره على جهة المدح له،
وهو تصغير تعظيم لكِنْف كقول حُباب بن المُنْذِر: أَنا جُذَيْلُها
المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجّب؛ شبّه عمر قلب ابن مسعود بِكِنْف الرّاعي
لأَن فيه مِبْراتَه ومِقَصَّه وشَفْرته ففيه كلُّ ما يريد؛ هكذا قلبُ ابن
مسعود قد جُمع فيه كلُّ ما يحتاج إليه الناس من العلوم، وقيل: الكِنْف
وعاء يجعل فيه الصائغ أَدواته، وقيل: الكِنْف الوعاء الذي يكْنُف ما جُعل
فيه أَي يحفظه. والكِنْفُ أَيضاً: مثل العَيْبة؛ عن اللحياني. يقال: جاء
فلان بكنِف فيه متاع، وهو مثل العيبة. وفي الحديث: أَنه توضَّأَ فأدخل يده
في الإناء فكَنَفَها وضرب بالماء وجهه أَي جَمَعها وجعلها كالكِنْف وهو
الوعاء. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه أَعطى عياضاً كنف الرَّاعي أَي
وعاءه الذي يجعل فيه آلته. وفي حديث ابن عمرو وزوجته، رضي اللّه عنهم:
لم يُفَتِّش لنا كِنْفاً؛ قال ابن الأَثير: لم يدخل يده معها كما يدخل
الرجل يده مع زوجته في دواخل أَمرها؛ قال: وأَكثر ما يروى بفتح الكاف والنون
من الكَنَف، وهو الجانب، يعني أَنه لم يَقْرَبها. وكَنَف الرجلُ عن
الشيء: عدل؛ قال القطامي:
فَصالوا وصُلْنا، واتَّقَونا بماكِرٍ،
ليُعْلَمَ ما فِينا عن البيْع كانِفُ
قال الأَصمعي: ويروى كاتف؛ قال: أَظن ذلك ظنّاً؛ قال ابن بري: والذي في
شعره:
ليُعلَمَ هل مِنّا عن البيع كانف
قال: ويعني بالماكر الحمار أَي له مَكر وخَديعة.
وكَنيف وكانِف ومُكنِف، بضم الميم وكسر النون: أَسماء. ومُكنِف بن زَيد
الخيل كان له غَناء في الرِّدّة مع خالد بن الوليد، وهو الذي فتَح
الرَّيَّ، وأَبو حمّاد الراوية من سَبْيه.
جرب: الجَرَبُ: معروف، بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ.
جَرِبَ يَجْرَبُ جَرَباً، فهو جَرِبٌ وجَرْبان وأَجْرَبُ، والأُنثى
جَرْباءُ، والجمع جُرْبٌ وجَرْبى وجِرابٌ، وقيل الجِرابُ جمع الجُرْبِ، قاله الجوهري. وقال ابن بري: ليس بصحيح، إِنما جِرابٌ وجُرْبٌ جمع أَجْرَبَ.
قال سُوَيد بن الصَّلْت، وقيل لعُميِّر بن خَبَّاب، قال ابن بري: وهو الأَصح:
وفِينا، وإِنْ قِيلَ اصْطَلَحْنا تَضاغُنٌ، * كما طَرَّ أَوْبارُ الجِرابِ على النَّشْرِ
يقول: ظاهرُنا عند الصُّلْح حَسَنٌ، وقلوبنا مُتضاغِنةٌ، كما تنبُتُ
أَوْبارُ الجَرْبى على النَّشْر، وتحته داء في أَجْوافِها. والنَّشْرُ: نبت
يَخْضَرُّ بعد يُبْسه في دُبُر الصيف، وذلك لمطر يُصيِبه، وهو مُؤْذٍ للماشية إِذا رَعَتْه. وقالوا في جمعه أَجارِب أَيضاً، ضارَعُوا به الأَسْماءَ كأَجادِلَ وأَنامِلَ.
وأَجْرَبَ القومُ: جَرِبَتْ إِبلُهم. وقولهم في الدعاءِ على الإِنسان: ما
لَه جَرِبَ وحَرِبَ، يجوز أَن يكونوا دَعَوْا عليه بالجَرَب، وأَن يكونوا أَرادوا أَجْرَبَ أَي جَرِبَتْ إِبلُه، فقالوا حَرِبَ إِتْباعاً
لجَرِبَ، وهم قد يوجبون للإِتباع حُكْماً لا يكون قبله. ويجوز أَن يكونوا أَرادوا جَرِبَتْ إِبلُه، فحذَفوا الإِبل وأَقامُوه مُقامَها.
والجَرَبُ كالصَّدإِ، مقصور، يَعْلُو باطن الجَفْن، ورُبَّما أَلبَسَه
كلَّه، وربما رَكِبَ بعضَه.
والجَرْباءُ: السماءُ، سُمِّيت بذلك لما فيها من الكَواكِب، وقيل سميت بذلك لموضع الـمَجَرَّةِ كأَنها جَرِبَتْ بالنُّجوم. قال الفارسي: كما قيل للبَحْر أَجْرَدُ، وكما سموا السماءَ أَيضاً رَقيعاً لأَنها مَرقوعةٌ بالنجوم. قال أُسامة بن حبيب الهذلي:
أَرَتْه مِنَ الجَرْباءِ، في كلِّ مَوْقِفٍ، * طِباباً، فَمَثْواهُ، النَّهارَ، الـمَراكِدُ
وقيل: الجَرْباءُ من السماء الناحيةُ التي لا يَدُور فيها فلَكُ(1)
(1 قوله «لا يدور فيها فلك» كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في المحكم وتبعه المجد يدور بدون لا.) الشَّمْسِ والقمر. أَبو الهيثم: الجَرْباءُ والـمَلْساءُ: السماءُ الدُّنيا. وجِرْبةُ، مَعْرِفةً: اسمٌ للسماءِ، أَراه من ذلك.
وأَرضٌ جَرْباءُ: مـمْحِلةٌ مَقْحُوطةً لا شيءَ فيها.
ابن الأَعرابي: الجَرْباءُ: الجاريةُ الملِيحة، سُميت جَرْباءَ لأَن
النساءَ يَنْفِرْنَ عنها لتَقْبِيحها بَمحاسنِها مَحاسِنَهُنَّ. وكان لعَقيلِ بن عُلَّفَةَ الـمُرّي بنت يقال لها الجَرْباءُ، وكانت من أَحسن النساءِ.
والجَرِيبُ من الطعام والأَرضِ: مِقْدار معلوم. الأَزهري: الجَريبُ من الأَرضِ مقدار معلومُ الذِّراع والمِساحةِ، وهو عَشَرةُ أَقْفِزةٍ، كل قَفِيز منها عَشَرةٌ أَعْشِراء، فالعَشِيرُ جُزءٌ من مائة جُزْءٍ من الجَرِيبِ. وقيل: الجَريبُ من الأَرض نصف الفِنْجانِ(2)
(2 قوله «نصف الفنجان» كذا في التهذيب مضبوطاً.) . ويقال: أَقْطَعَ الوالي فلاناً جَرِيباً من الأَرض أَي مَبْزَرَ جريب، وهو مكيلــة معروفة، وكذلك أَعطاه صاعاً من حَرَّة الوادِي أَي مَبْزَرَ صاعٍ، وأَعطاه قَفِيزاً أَي مَبْزَرَ قَفِيزٍ. قال: والجَرِيبُ مِكْيالٌ قَدْرُ أَربعةِ أَقْفِزةٍ. والجَرِيبُ: قَدْرُ ما يُزْرَعُ فيه من الأَرض. قال ابن دريد: لا أَحْسَبُه عَرَبِيّاً؛ والجمعُ: أَجْرِبةٌ وجُرْبانٌ. وقيل: الجَرِيبُ الـمَزْرَعَةُ، عن كُراعٍ.
والجِرْبةُ، بالكسر: الـمَزْرَعَةُ. قال بشر بن أَبي خازم:
تَحَدُّرَ ماءِ البِئْرِ عن جُرَشِيَّةٍ، * على جِرْبةٍ، تَعْلُو الدِّبارَ غُروبُها
الدَبْرةُ: الكَرْدةُ من الـمَزْرعةِ، والجمع الدِّبارُ. والجِرْبةُ:
القَراحُ من الأَرض. قال أَبو حنيفة: واسْتَعارها امرؤُ القيس للنَّخْل فقال:كَجِرْبةِ نَخْلٍ، أَو كَجنَّةِ يَثْرِبِ وقال مرة: الجِرْبةُ كلُّ أَرضٍ أُصْلِحَتْ لزرع أَو غَرْسٍ، ولم يذكر الاستعارةَ. قال: والجمع جِرْبٌ كسِدْرةٍ وسِدْرٍ وتِبْنةٍ وتِبْنٍ. ابن الأَعرابي: الجِرْبُ: القَراحُ، وجمعه جِربَةٌ.
الليث: الجَرِيبُ: الوادي، وجمعه أَجْرِبةٌ، والجِرْبةُ: البُقْعَةُ
الحَسَنةُ النباتِ، وجمعها جِرَبٌ. وقول الشاعر:
وما شاكِرٌ إِلا عصافِيرُ جِرْبةٍ، * يَقُومُ إِليها شارِجٌ، فيُطِيرُها
يجوز أَن تكون الجِرْبةُ ههنا أَحد هذه الاشياءِ
المذكورة. والجِرْبةُ: جِلْدةٌ أَوبارِيةٌ تُوضَعُ على شَفِير البِئْر لئلا يَنْتَثِر الماءُ في البئر. وقيل: الجِرْبةُ جِلدةٌ توضع في الجَدْوَلِ يَتَحَدَّرُ عليها الماءُ.
والجِرابُ: الوِعاءُ، مَعْرُوف، وقيل هو المِزْوَدُ، والعامة تفتحه،
فتقول الجَرابُ،والجمع أَجْرِبةٌ وجُرُبٌ وجُرْبٌ. غيره: والجِرابُ: وِعاءٌ من إِهاب الشَّاءِ لا يُوعَى فيه إِلا يابسٌ. وجِرابُ البئر: اتِّساعُها، وقيل جِرابُها ما بين جالَيْها وحَوالَيْها، وفي الصحاح: جَوْفُها من أَعْلاها إِلى أَسْفَلِها. ويقال: اطْوِ جِرابَها بالحجارة. الليث: جِرابُ البئر: جَوْفُها من أَوَّلها إِلى آخرها. والجِرابُ: وِعاءُ الخُصْيَتَيْنِ.وجِرِبَّانُ الدِّرْعِ والقميصِ: جَيْبُه؛ وقد يقال بالضم، وهو بالفارسية كَرِيبان. وجِرِبَّانُ القَمِيص: لَبِنَتُهُ، فارسي معرب. وفي حديث قُرَّةً المزني: أَتَيْتُ النَّبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، فَأَدخلت يدي في جُرُبَّانه. الجُرُبَّانُ، بالضم، هو جَيْبُ القميص، والأَلف والنون زائدتان. الفرَّاءُ: جُرُبَّانُ السَّيْفِ حَدُّه أَو غِمْدُه؛ وعلى لفظه جُرُبَّانُ القمِيص. شمر عن ابن الأَعرابي: الجُرُبَّانُ قِرابُ السيفِ الضَّخمُ يكون فيه أَداةُ الرَّجل وسَوْطُه وما يَحْتاجُ إِليه. وفي الحديث: والسَّيْفُ في جُرُبَّانه، أَي في غِمْده. غيره: جُرُبَّانُ السَّيْفِ، بالضم والتشديد، قِرابُه، وقيل حَدُّه، وقيل: جُرْبانُه وجُرُبَّانُه شيءٌ مَخْرُوزٌ يُجعَلُ فيه السَّيْفُ وغِمْدُه وحَمائلُه. قال الرَّاعي:
وعلى الشَّمائلِ، أَنْ يُهاجَ بِنا، * جُرْبانُ كُلِّ مُهَنَّدٍ، عَضْبِ
عنَى إِرادة أَن يُهاجَ بِنا.
ومَرْأَة جِرِبَّانةٌ: صَخَّابةٌ سَيِّئةُ الخُلُقِ كجِلِبّانةٍ، عن ثعلب. قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ الهِلالي:
جِرِبَّانةٌ، وَرْهاءُ، تَخْصِي حِمارَها، * بِفي مَنْ بَغَى خَيْراً إِلَيْها الجَلامِدُ
قال الفارسي: هذا البيت يقع فيه تصحيف من الناس، يقول قَوْم مكان تَخْصي حِمارَها تُخْطِي خِمارَها، يظنونه من قولهم العَوانُ لا تُعَلَّمُ الخِمْرةَ، وإِنما يَصِفُها بقلَّة الحَياء. قال ابن الأعرابي: يقال جاءَ كَخاصي العَيْرِ، إِذا وُصِفَ بقلة الحياءِ، فعلى هذا لا يجوز في البيت غيْرُ تَخْصِي حِمارَها، ويروى جِلِبَّانةٌ، وليست راء جِرِبَّانةٍ بدلاً من لام جِلِبَّانةٍ، إِنما هي لغة، وهي مذكورة في موضعها.
ابن الأَعرابي: الجَرَبُ: العَيْبُ. غيره: الجَرَبُ: الصَّدَأُ يركب
السيف.
وجَرَّبَ الرَّجلَ تَجْرِبةً: اخْتَبَرَه، والتَّجْرِبةُ مِن الـمَصادِرِ الـمَجْمُوعةِ. قال النابغة:
إِلى اليَوْمِ قد جُرِّبْنَ كلَّ التَّجارِبِ
وقال الأَعشى:
كَمْ جَرَّبُوه، فَما زادَتْ تَجارِبُهُمْ * أَبا قُدامَةَ، إِلاَّ الـمَجْدَ والفَنَعا
فإِنه مَصْدر مَجْمُوع مُعْمَل في الـمَفْعول به، وهو غريب. قال ابن جني: وقد يجوز أَن يكون أَبا قُدامةَ منصوباً بزادَتْ، أَي فما زادت أَبا قُدامةَ تَجارِبُهم إِياه إِلا الـمَجْدَ. قال: والوجه أَنْ يَنْصِبه بِتَجارِبُهم لأَنها العامل الأَقرب، ولأنه لو أَراد
إِعمال الأَول لكان حَرًى أَن يُعْمِلَ الثاني أَيضاً، فيقول: فما زادت تَجارِبُهم إِياه، أَبا قُدامةَ، إِلا كذا. كما تقول ضَرَبْتُ، فأَوْجَعْته زيداً، ويَضْعُفُ ضَرَبْتُ فأَوجَعْتُ زيداً على إِعمال الأَول، وذلك أَنك إِذا كنت تُعْمِلُ الأَوَّل، على بُعْدِه، وَجَبَ إِعمال الثاني أَيضاً لقُرْبه، لأَنه لا يكون الأَبعدُ أَقوى حالاً من الأَقرب؛ فإِن قلت: أَكْتَفِي بمفعول العامل الأَول من مفعول العامل الثاني، قيل لك: فإِذا كنت مُكْتَفِياً مُخْتَصِراً فاكتِفاؤُك بإِعمال الثاني الأَقرب أَولى من اكتِفائك بإِعمال الأَوّل الأَبعد، وليس لك في هذا ما لَكَ في الفاعل، لأَنك تقول لا أُضْمِر على غَير تقدّمِ
ذكرٍ إِلا مُسْتَكْرَهاً، فتُعْمِل الأَوّل، فتقول: قامَ وقَعدا أَخَواكَ.
فأَما المفعول فمنه بُدٌّ، فلا ينبغي أَن يُتباعَد بالعمل إِليه، ويُترك ما هو أَقربُ إِلى المعمول فيه منه.
ورجل مُجَرَّب: قد بُليَ ما عنده. ومُجَرِّبٌ: قد عَرفَ الأُمورَ
وجَرَّبها؛ فهو بالفتح، مُضَرَّس قد جَرَّبتْه الأُمورُ وأَحْكَمَتْه،
والـمُجَرَّبُ، مثل الـمُجَرَّس والـمُضَرَّسُ، الذي قد جَرَّسَتْه الأُمور
وأَحكمته، فإِن كسرت الراءَ جعلته فاعلاً، إِلا أَن العرب تكلمت به بالفتح.
التهذيب: الـمُجَرَّب: الذي قد جُرِّبَ في الأُمور وعُرِفَ ما عنده. أَبو زيد: من أَمثالهم: أَنت على الـمُجَرَّب؛ قالته امرأَة لرجُل سأَلَها بعدما قَعَدَ بين رِجْلَيْها: أَعذْراءُ أَنتِ أَم ثَيِّبٌ؟ قالت له: أَنت على الـمُجَرَّبِ؛ يقال عند جَوابِ السائل عما أَشْفَى على عِلْمِه.
ودَراهِمُ مُجَرَّبةٌ: مَوْزُونةٌ، عن كراع. وقالت عَجُوز في رجل كان بينَها وبينه خُصومةٌ، فبلَغها مَوْتُه:
سَأَجْعَلُ للموتِ، الذي التَفَّ رُوحَه، * وأَصْبَحَ في لَحْدٍ، بجُدَّة، ثَاوِيا:
ثَلاثِينَ دِيناراً وسِتِّينَ دِرْهَماً * مُجَرَّبةً، نَقْداً، ثِقالاً، صَوافِيا
والجَرَبَّةُ، بالفتح وتشديد الباءِ: جَماعة الحُمُر، وقيل: هي الغِلاظُ
الشِّداد منها. وقد يقال للأَقْوِياءِ من الناس إِذا كانوا جَماعةً
مُتساوِينَ: جَرَبَّةٌ، قال:
جَرَبَّةٌ كَحُمُرِ الأَبَكِّ، * لا ضَرَعٌ فينا، ولا مُذَكِّي
يقول نحن جماعة مُتساوُون وليس فينا صغير ولا مُسِنٌّ. والأَبَكُّ: موضع. والجَرَبَّةُ، من أَهْلِ الحاجةِ، يكونون مُسْتَوِينَ. ابن بُزُرْج: الجَرَبَّةُ: الصَّلامةُ من الرجال، الذين لا سَعْيَ لهم(1)
(1 قوله «لا سعي لهم» في نسخة التهذيب لا نساء لهم.) ، وهم مع أُمهم؛ قال الطرماح:
وحَيٍّ كِرامٍ، قد هَنأْنا، جَرَبَّةٍ، * ومَرَّتْ بهم نَعْماؤُنا بالأَيامِنِ
قال: جَرَبَّةٌ صِغارهُم وكِبارُهم. يقول عَمَّمْناهم، ولم نَخُصَّ
كِبارَهم دون صِغارِهم. أَبو عمرو: الجَرَبُّ من الرِّجال القَصِيرُ الخَبُّ، وأَنشد:
إِنَّكَ قد زَوَّجْتَها جَرَبَّا، * تَحْسِبُه، وهو مُخَنْذٍ، ضَبَّا
وعيالٌ جَرَبَّةٌ: يأْكُلُون أَكلاً شديداً ولا يَنْفَعُون.
والجَرَبَّةُ والجَرَنْبة: الكَثيرُ. يقال: عليه عِيالٌ جَرَبَّةٌ، مثَّل به سيبويه وفسره السِّيرافي، وإِنما قالوا جَرَنْبة كَراهِية التَّضعِيف.
والجِرْبِياءُ،
على فِعْلِياء بالكسر والـمَدّ: الرِّيحُ التي تَهُبُّ بين
الجَنُوبِ والصَّبا. وقيل: هي الشَّمالُ، وإِنما جِرْبياؤُها بَرْدُها.
والجِرْبِياءُ: شَمالٌ بارِدةٌ. وقيل: هي النَّكْباءُ، التي تجري بين الشَّمال والدَّبُور، وهي ريح تَقْشَعُ السحاب. قال ابن أَحمر:
بِهَجْلٍ من قَساً ذَفِرِ الخُزامى، * تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
ورماه بالجَرِيب أَي الحَصَى الذي فيه التراب. قال: وأُراه مشتقاً من الجِرْبِياءِ. وقيل لابنة الخُسِّ: ما أَشدُّ البَرْدِ؟ فقالت شَمالٌ
جِرْبياءُ تحتَ غِبِّ سَماءٍ. والأَجْرَبانِ: بَطْنانِ من العرب.
والأَجْربانِ: بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانَ. قال العباسُ بن مِرْداسٍ:
وفي عِضادَتِه اليُمْنَى بَنُو أسَدٍ، * والأَجْرَبانِ: بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانِ
قال ابن بري: صوابه وذُبيانُ، بالرفع، معطوف على قوله بنو عبس. والقصيدة كلها مرفوعة ومنها:
إِنّي إِخالُ رَسُولَ اللّهِ صَبَّحَكُم * جَيْشاً، له في فَضاءِ الأَرضِ أَرْكانُ
فيهم أَخُوكُمْ سُلَيمٌ، ليس تارِكَكُم، * والـمُسْلِمُون، عِبادُ اللّهِ غسَّانُ
والأَجارِبُ: حَيٌّ من بني سَعْدٍ.
والجَريبُ: موضع بنَجْدٍ.
وجُرَيْبةُ بن الأَشْيَمِ من شُعرائهم.
وجُرابٌ، بضم الجيم وتخفيف الراءِ: اسم ماء معروف بمكة. وقيل: بئر قديمة كانت بمكة شرَّفها اللّه تعالى.
وأَجْرَبُ: موضع.
والجَوْرَبُ: لِفافةُ الرِّجْل، مُعَرَّب، وهو بالفارسية كَوْرَبٌ؛
والجمع جَواربةٌ؛ زادوا الهاءَ لمكان العجمة، ونظيره من العربية القَشاعِمة.
وقد قالوا الجَوارِب كما قالوا في جمع الكَيْلَجِ الكَيالِج، ونظيره من العربية الكَواكب. واستعمل ابن السكيت منه فعْلاً، فقال يصف مقتنص الظباء: وقد تَجَوْرَبَ جَوْرَبَيْنِ يعني لبسهما.
وجَوْرَبْته فتَجَوْرَبَ أَي أَلْبَسْتُه الجَوْرَبَ فَلَبِسَه.
والجَريبُ: وادٍ معروفٌ في بلاد قَيْسٍ وَحَرَّةُ النارِ بحِذائه. وفي حديث الحوض: عَرْضُ ما بينَ جَنْبَيْه كما بينَ جَرْبى(1)
(1 قوله «جربى» بالقصر، قال ياقوت في معجمه وقد يمد.) وأَذْرُح: هما قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال، وكتَب لهما النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَماناً. فأَما جَرْبةُ، بالهاءِ، فقرية بالـمَغْرب لها ذكر في حديث رُوَيْفِع ابن ثابت، رضي اللّه عنه.
قال عبداللّه بن مكرم: رُوَيْفِعُ بن ثابت هذا هو جَدُّنا الأَعلى من
الأَنصار، كما رأَيته بخط جدّي نَجِيبِ الدِّين(2)
(2 قوله «بخط جدي إلخ» لم نقف على خط المؤلف ولا على خط جدّه والذي وقفنا عليه من النسخ هو ما ترى.) ،والدِ الـمُكَرَّم أَبي الحسن علي بن أَحمد بن أَبي القاسم بن حَبْقةَ
(يتبع...)
(تابع... 1): جرب: الجَرَبُ: معروف، بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ.... ...
بن محمد بن منظور بن مُعافى بن خِمِّير بن ريام بن سلطان بن كامل بن قُرة بن كامل بن سِرْحان بن جابر بن رِفاعة بن جابر بن رويفع بن ثابت، هذا الذي نُسِب هذا الحديثُ إِليه. وقد ذكره أَبو عُمَر بن عبدالبر، رحمه اللّه، في كتاب الاسْتيعاب في معرفة الصحابة، رضي اللّه
عنهم، فقال: رويفع بن ثابت بن سَكَن بن عديّ بن حارثة الأَنصاري من بني مالك بن النجار، سكن مصر واخْتَطَّ بها داراً. وكان معاوية، رضي اللّه عنه، قد أَمَّره على طرابُلُس سنة ست وأَربعين، فغزا من طرابلس افريقية سنة سبع وأَربعين، ودخلها وانصرف من عامه، فيقال: مات بالشام، ويقال مات ببَرْقةَ وقبره بها. وروى عنه حَنَش بن عبداللّه الصَّنْعاني وشَيْبانُ بن أُمَيَّة القِتْباني، رضي اللّه عنهم أَجمعين. قال: ونعود إِلى تتِمَّةِ نَسَبِنا من عديّ بن حارثةَ فنقول: هو عديُّ بن حارثةَ بن عَمْرو بن زيد مناة بن عديّ بن عمرو بن مالك بن النجار، واسم النجار تَيْمُ اللّه، قال الزبير: كانوا تَيْمَ اللاتِ، فسماهم النبي، صلى اللّه عليه وسلم، تَيْمَ اللّهِ؛ ابن ثَعْلَبَةَ بن عمرو بن الخَزْرج، وهو أَخو الأَوْس، وإِليهما نسب الأَنصار، وأُمهما
قَيْلةُ بنت كاهِل بن عُذْرةَ بن سعيد بن زيدِ بن لَيْث بن سُود بن
أَسْلَمِ بنِ الحافِ بن قُضاعةَ؛ ونعود إِلى بقية النسب المبارك: الخَزْرَجُ بن حارثةَ ابن ثَعْلَبَة البُهْلُول بن عَمرو مُزَيْقِياء بن عامرٍ ماءِ السماءِ بن حارثةَ الغِطْريف بن امرئِ القَيْسِ البِطْريق بن ثَعْلبة العَنقاءِ بن مازِنٍ زادِ الرَّكْب، وهو جِماعُ غَسَّانَ بن الأَزْدِ. وهو دُرُّ بن الغَوْث بن نَبْتِ بن مالك بن زَيْدِ بن كَهْلانَ بن سبَأ، واسمه عامرُ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ، واسمه يَقْطُن، وإِليه تُنسب اليمن. ومن ههنا اختلف النسابون، فالذي ذكره ابن الكلبي أَنه قحطان بن الهميسع بن تيمن بن نَبْت ابن اسمعيل بن إِبراهيم الخليل(1)
(1 قوله «فالذي ذكره إلخ» كذا في النسخ وبمراجعة بداية القدماء وكامل ابن الأثير وغيرهما من كتب التاريخ تعلم الصواب.) ، عليه الصلاة والسلام.
قال ابن حزم: وهذه النسبة الحقيقية لأَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال لقوم من خُزاعةَ، وقيل من الأَنصار، ورآهم يَنْتَضِلُون: ارْمُوا بَنِي اسمعيل فإِن أَباكم كان رامياً. وابراهيمُ، صلوات اللّه عليه، هو ابراهيمُ بن آزَرَ بن ناحور بن سارُوغ بن القاسم، الذي قسم الأَرض بين أَهلها، ابن عابَرَ بن شالحَ ابن أَرْفَخْشَذ ابن سام بن نوح، عليه الصلاة والسلام، ابن ملكان بن مثوب بن إِدريس، عليه السلام، ابن الرائد بن مهلاييل بن
قينان بن الطاهر ابن هبة اللّه، وهو شيث بن آدم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
فرخ: الفَرْخ: ولد الطائر، هذا الأَصل، وقد استعمل في كل صغير من
الحيوان والنبات والشجر وغيرها، والجمع القليل أَفرُخ وأَفراخه وأَفرِخَةٌ
نادرة؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَفْواقُها حِذَةَ الجَفِيرِ، كأَنَّها
أَفْواهُ أَفْرِخَةٍ من النِّغْرانِ
والكثير فُرُخٌ وفِراخٌ وفِرْخانٌ؛ قال:
مَعْها كفِرْخانِ الدجاجِ رُزَّخَا
دَرادِقاً، وهْيَ الشُّيوخُ فُرَّخَا
يقول: إِن هؤلاء وإِن كانوا صغاراً فإِن أَكلهم أَكل الشيوخ. والأُنثى
فرخة.
وأَفْرَخَت البيضة والطائرة وفرّخت، وهي مُفْرِخٌ ومُفْرِّخٌ: طار لها
فَرْخ. وأَفرخ البيضُ: خرج فرخه. وأَفرخ الطائر: صار ذا فرخ؛ وفرَّخ كذلك.
واسْتَفْرَخُوا الحَمامَ: اتخذوها للفراخ. وفي حديث عليّ، رضوان الله
عليه: أَتاه قوم فاستأْمروه في قتل عثمان، رضي الله عنه، فنهاهم وقال: إِن
تفعلوه فَبَيْضاً فَلْيُفْرِخَنَّه؛ أَراد إِن تقتلوه تهيجوا فتنة يتولى
منها شيء كثير؛ كما قال بعضهم:
أَرى فتنةً هاجت وباضت وفرّخت،
ولو تُركت طارت إِليها فراخُها
قال ابن الأَثير: ونصب بيضاً بفعل مضمر دل الفعل المذكور عليه تقديره
فَلْيُفْرِخَنَّ بَيْضاً فَلْيُفْرِخَنَّه، كما تقول زيداً أَضرب ضربت
(*
قوله «أضرب ضربت» كذا في نسخة المؤلف). أَي ضربت زيداً، فحذف الأَول وإِلا
فلا وجه لصحته بدون هذا التقدير، لأَن الفاء الثانية لا بدَّ لها من
معطوف عليه، ولا تكون لجواب الشرط لكون الأُولى كذلك. ويقال أَفرخت البيضة
إِذا خلت من الفرخ وأَفَرختها أُمّها. وفي حديث عمر: يا أَهل الشام،
تجهزوا لأَهل العراق فإِن الشيطان قد باض فيهم وفرّخ أَي اتخذهم مقرّاً
ومسكناً لا يفارقهم كما يلازم الطائر موضع بيضه وأَفراخه.
وفَرْخُ الرأْسِ: الدماغُ على التشبيه كما قيل له العصفور؛ قال:
ونحن كشَفْنا عن مُعاويةَ التي
هي الأُمُّ، تَغْشَى كلَّ فَرْخٍ مُنَقْنِق
وقول الفرزدق:
ويومَ جَعَلْنا البِيضَ فيه، لعامِرٍ،
مُصَمَّمَةً، تَفْأَى فِراخَ الجَماجِمِ
يعني به الدماغ. والفَرْخُ: مقدَّمُ دماغ الفرس. والفَرْخُ: الزرع إِذا
تهيأَ للانشقاق بعدما يطلُع؛ وقيل: هو إِذا صارت له أَغصان؛ وقد فرّخ
وأَفرخ تفريخاً. الليث: الزرع ما
دام في البَذر فهو الحب، فإذا انشق الحب عن الورقة فهو الفَرْخ؛ فإذا
طلع رأْسه فهو الحَقْل. وفي الحديث: أَنه نهى عن بيع الفَرُّوخ بالــمَكِيل
من الطعام؛ قال: الفَرُّوخ من السنبل ما استبانت عاقبته وانعقد حبه وهو
مِثلُ نهيه عن المُخاضَرة والمُحاقَلة. وأَفرخَ الأَمر وفرّخ: استبانت
عاقبته بعد اشتباه. وأَفرخَ القومُ بيضَهم إِذا أَبدوا سرهم؛ يقال ذلك للذي
أَظْهرَ أَمرَهُ وأَخرج خبره لأَن إفراخَ البيض أَن يخرج فرخه.
وفَرَّخَ الرَّوْعُ وأَفْرَخَ: ذهب الفَزَع؛ يقال: لِيُفْرِخْ رَوْعُكَ
أَي ليخرج عنك فَزَعُك كما يخرج الفرخ عن البيضة؛ وأَفْرِخْ رَوْعَك يا
فلان أَي سَكِّنْ جأْشَك. الأَزهري، أَبو عبيد: من أَمثالهم المنتشرة في
كشف الكرب عند المخاوف عن الجبان قولهم: أَفْرِخْ رَوْعَك؛ يقول:
لِيَذْهَبْ رُعْبُك وفَزَعك فإن الأَمر ليس على ما تحاذر. وفي الحديث: كتب معاوية
إلى ابن زياد: أَفْرِخْ رَوْعَكَ قد وليناك الكوفة؛ وكان يخاف أَن
يوليها غيره. وأَفْرَخَ فؤادُ الرجل إذا خرج رَوْعُه وانكشف عنه الفزع كما
تفرخ البيضة إذا انفلقت عن الفرخ فخرج منها؛ وأَصل الإِفراخ الانكشاف مأْخوذ
من إِفراخ البيض إِذا انقاض عن الفرخ فخرج منها؛ قال وقلبه ذو الرمة
لمعرفته في المعنى فقال:
جَذْلانَ قد أَفْرَخَتْ عن رُوعِه الكُرَبُ
قال: والرَّوْعُ في الفؤاد كالفرخ في البيضة؛ وأَنشد:
فقل لِلْفُؤَادِ إِنْ نَزَا بِكَ نَزْوَةً
من الخَوْفِ: أَفرِخْ، أَكثرُ الرَّوعِ باطِلُه
وقال أَبو عبيد: أَفرَخَ رَوْعُه إِذا دعي له أَن يسكن رَوْعُه ويذهب.
وفُرِّخَ الرِّعْدِيدُ: رُعِبَ وأُرْعِدَ، وكذلك الشيخ الضعيف. الأَزهري:
ويقال للفَرِقِ الرِّعْدِيدِ، قد فرَّخَ تَفْريخاً؛ وأَنشد:
وما رأَينا من معشر يَنْتَخوا
من شَنا إِلا فَرَّخُوا
(* قوله «وما رأينا من معشر إلخ» كذا في نسخة المؤلف وشطره الثاني ناقص
ولهذا تركه السيد مرتضى كعادته فيما لم يهتد إلى صحته من كلام المؤلف).
أبو منصور: معنى فرّخوا ضعفوا كأَنهم فراخ من ضعفهم؛ وقيل: معناه ذلوا.
الهوازني: إذا سمع صاحب الأَمَةِ الرعدَ والطَّحنَ فَرِخَ إِلى الأَرض
أَي لزق بها يفرخ فرخاً. وفَرِخَ الرجل إِذا زال فزعه واطمأَن.
والفَرِخُ: المدغدغ من الرجال.
والفَرْخَة: السنان العريض.
والفُرَيْخُ على لفظ التصغير: قَيْنٌ كان في الجاهلية تنسب إليه النصال
الفُرَيْخِيَّة؛ ومنه قول الشاعر:
ومَقْذوذَيْنِ من بَرْيِ الفُرَيْخِ
وقولهم: فلان فُرَيخ قريش، إِنما هو على وجه المدح كقول الحُباب
بن المنذر «أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ»
والعرب تقول: فلان فُريخ قومه إذا كانوا يعظمونه ويكرمونه، وصغر على وجه
المبالغة في كرامته.
وفَرّوخ: من ولد إِبراهيم، عليه السلام. وفي حديث أَبي هريرة: يا بني
فَرّوخ؛ قال الليث: بلغنا أَن فَرّوخ كان من ولد إِبراهيم، عليه السلام،
ولد بعد إِسحاق وإسماعيل وكثر نسله ونما عدده فولد العجم الذين هم في وسط
البلاد؛ وأَما قول الشاعر:
فإِنْ يَأْكلْ أَبو فَرّوخَ آكُلْ،
ولو كانت خَنانيصاً صغاراً
فإنه جعله أَعجميّاً فلم يصرفه لمكان العجمة والتعريف.
وسق: الوَسْقُ والوِسْقُ: مِكْيَلَــة معلومة، وقيل: هو حمل بعير وهو ستون
صاعاً بصاع النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو خمسة أَرطال وثلث، فالوسْقُ
على هذا الحساب مائة وستون مَناً؛ قال الزجاج: خمسة أَوسق هي خمسة عشر
قَفِيزاً، قال: وهو قَفِيزُنا الذي يسمى المعدّل، وكل وَسْق بالمُلَجَّم
ثلاثة أَقْفِزَةٍ، قال: وستون صاعاً أَربعة وعشرون مكُّوكاً بالمُلَجَّم
وذلك ثلاثة أَقفِزَةٍ. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ليس
فيما دون خمسة أَو سُقٍ من التمر صدقة. التهذيب: الوَسْقُ، بالفتح، ستون
صاعاً وهو ثلاثمائة وعشرون رطلاً عند أهل الحجاز، وأَربعمائة وثمانون
رطلاً عند أَهل العراق على اختلافهم في مقدار الصاع والمُدِّ، والأَصل في
الوَسْق الحَمْل؛ وكل شيء وسَقَتْه، فقد حملته. قال عطاء في قوله خمسة
أَوْسُقٍ: هي ثلاثمائة صاع، كذلك قال الحسن وابن المسيب. وقال الخليل: الوَسْق
هو حِمْل البعير، والوِقْرُ حمل البغل أَو الحمار. قال ابن بري: وفي
الغريب المصنف في باب طلع النخل: حَمَلت وَسْقاً أَي وِقْراً، بفتح الواو لا
غير، وقيل: الوَسْق العِدْل، وقيل العِدْلان، وقيل هو الحِملُ عامة،
والجمع أوْسُقٌ ووُسوق؛ قال أَبو ذؤيب:
ما حُمِّلَ البُخْتِيُّ عامَ غِيارِه،
عليه الوُسُوقُ، بُرُّها وشَعِيرُها
ووَسَقَ البعيرَ وأَوْسَقه: أَوْقَره.
والوَسْقُ: وَقْر النخلة. وأَوْسَقَت النخلةُ: كثر حَمْلها؛ قال لبيد:
وإلى الله تُرْجَعون، وعند الـْ
لمَه وِرْدُ الأُمور والإصدارُ
كلَّ شيء أَحْصَى كتاباً وحِفْظاً،
ولَدَيْهِ تَجَلَّت الأَسْرارُ
(* في رواية أخرى: وعِلماً بدل وحفظاً).
يوم أَرزاقُ من يُفَضَّلُ عُمٌّ،
موسِقاتٌ وحُفَّلٌ أَبكارُ
قال شمر: وأَهل الغرب يسمون الوَسْق الوِقْر، وهي الأَوْساق والوُسُوق.
وكل شيء حملته، فقد وَسَقْته. ومن أَمثالهم: لا أفعل كذا وكذا ما وَسَقَت
عيني الماءَ أَي ما حملته. ويقال: وَسَقَت النخلةُ إذا حملت، فإذا كثر
حملها قيل أَوْسَقَتْ أَي حملت وَسْقاً. وَوَسَقْت الشيء أَسِقُه وَسْقاً
إذا حملته؛ قال ضابئ بن الحرث البُرْجُمِيُّ:
فإنِّي، وإيَّاكم وشَوْقاً إليكُمُ،
كقابض ماء لم تَسِقْهُ أَنامِلُهْ
أَي لم تحمله، يقول: ليس في يدي شيء من ذلك كما أَنه ليس في يد القابض
على الماء شيء، ووَسَقَت الأَتان إذا حلت ولداً في بطنها. ووَسَقَت الناقة
وغيرُها تَسِقُ أَي حملت وأَغْلَقَتْ رَحِمَها على الماء، فهي ناقة
واسِقٌ ونُسوق وِساقٌ مثل نائم ونِيَام وصاحب وصِحَاب؛ قال بشر بن أَبي
خازم:أَلَظَّ بِهِنَّ يَحْدوهُنَّ، حتى
تَبَيَّنت الحِيالُ من الوِساقِ
ووَسَقَت الناقةُ والشاةُ وَسْقاً ووُسوقاً، وهي واسِقٌ: لَقِحَتْ،
والجمع مَوَاسِيق ومَواسِق كلاهما جمع على غير قياس؛ قال ابن سيده: وعندي أَن
مَوَاسيق ومَوَاسق جمع ميساق ومَوْسق. ولا آتيك ما وَسَقَتْ عيني الماءَ
أَي ما حملته.
والمِيسَاق من الحمام: الوافر الجناح، وقيل: هو على التشبيه جعلوا
جناحيه له كالوَسْقِ، وقد تقدم في الهمز، ويقوي أَن أَصله الهمز قولهم في جمعه
مَآسيق لا غير.
والوُسُوق: ما دخل فيه الليل وما ضم.
وقد وَسَقَ الليلُ واتَّسَقَ؛ وكل ما انضم، فقد اتَّسَق. والطريق
يأتَسِقُ؛ ويَتَّسق أَي ينضم؛ حكاه الكسائي. واتَّسَق القمر: استوى. وفي
التنزيل: فلا أُقسم بالشَّفَق والليل وما وَسَق والقمر إذا اتَّسَق؛ قال
الفراء: وما وسَقَ أَي وما جمع وضم. واتَّساقُ القمر: امتلاؤه واجتماعه
واستواؤه ليلة ثلاث عشرة وأَربع عشرة، وقال الفراء: إلى ست عشرة فيهن امتلاؤه
واتِّسَاقه، وقال أَبو عبيدة: وما وَسَقَ أَي وما جمع من الجبال والبحار
والأشجار كأنه جمعها بأَن طلع عليها كلِّها، فإذا جَلَّلَ الليلُ الجبال
والأَشجار والبحار والأَرض فاجتمعت له فقد وَسَقَها. أَبو عمرو: القمر
والوَبَّاص والطَّوْس والمُتَّسِق والجَلَمُ والزِّبْرقان والسِّنِمَّارُ.
ووَسَقْت الشيءَ: جمعته وحملته. والوَسْق: ضم الشيء إلى الشيء. وفي حديث
أُحُد: اسْتَوسِقُوا كما يَسْتَوْسِق جُرْبُ الغنم أَي استجمعوا وانضموا،
والحديث الآخر: أَن رجلاً كان يَجوز المسلمين ويقول اسْتَوسِقُوا. وفي
حديث النجاشي: واسْتَوْسَقَ عليه أَمْرُ الحَبَشة أَي اجتمعوا على طاعته
واستقر الملك فيه.
والوَسْقُ: الطرد؛ ومنه سميت الوَسِيقةُ، وهي من الإبل كالرُّفْقة من
الناس، فإذا سُرِقَتْ طُرِدت معاً؛ قال الأَسود بن يَعْفُر:
كَذَبْت عَلَيْكَ لا تزال تَقُوفُني،
كما قافَ آثارَ الوَسيقةِ قائفُ
وقوله كذبت عليك هو إغراء أَي عليك بي، وقوله تقوفني أَي تَقُضُّني
وتتبع آثاري، والوَسِيقُ: الطَّرْد؛ قال:
قَرَّبها، ولم تَكَدْ تُقَرَّب
من آل نَسْيان، وَسِيقٌ أَجدب
ووَسَق الإبلَ فاسْتَوْسقت أَي طردها فأَطاعت؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:إنَّ لنا لإبلاً نَقانِقا
مُسْتَوسْقاتٍ، لو تجدْنَ سائقا
أَراد مثل النَّقانِق وهي الظِّلْمانُ، شبهها بها في سرعتها.
واسْتَوْسَقت الإبل: اجتمعت؛ وأَنشد للعجاج:
إنَّ لنا قلائصاً حقَائقا
مُسْتَوْسقات، لو تجدْنَ سائقا
وأَوْسَقْتُ البعير: حَمّلته حمْله ووَسَقَ الإبل: طردها وجمعها؛
وأَنشد:يوماً تَرانا صالحينَ، وتارةً
تَقومُ بنا كالوَِاسِقِ المُتَلَبِّبِ
واسْتَوْسَقَ لك الأَمرُ إذا أَمكنك. واتَّسَقت الإبل واسْتَوْسقَت:
اجتمعت. ويقال: واسَقْتُ فلاناً مُوَاسقةً إذا عارضته فكنت مثله ولم تكن
دونه؛ وقال جندل:
فلسْتَ، إنْ جارَيْتني، مُوَاسِقِي،
ولسْتَ، إن فَرَرْتَ مِنِّي، سابِقي
والوِساقُ والمُوَاسقة: المُنَاهدة؛ قال عدي:
ونَدَامَى لا يَبْخَلُون بما نا
لوا، ولا يُعْسِرون عند الوِساقِ
والوَسِيقةُ من الإبل والحمير: كالرُّفْقة من الناس، وقد وَسَقها
وُسُوقاً، وقيل: كل ما جُمِع فقد وُسِقَ. ووَسِيقهُ الحمار: عانته. وتقول
العرب: إن الليل لطويل ولا أَسِقُ بالَهُ ولا أَسِقْهُ بالاً، بالرفع والجزم،
من قولك وَسَق إذا جَمَع أَي وُكِلت بجمع الهموم فيه. وقال اللحياني:
معناه لا يجتمع له أمره، قال: وهو دعاء. وفي التهذيب: إن الليل لطويل ولا
تَسِقْ جزم على الدعاء، ومثله: إن الليل طويل ولا يَطُلْ إلا بخير أَي لا
طال إلا بخير.
الأَصمعي: يقال للطائر الذي يُصَفِّقُ بجناحيه إذا طار: هو المِيساقُ،
وجمعه مَآسِيق؛ قال الأَزهري: هكذا سمعته بالهمز. الجوهري: أَبو عبيد
المِيساقُ الطائر الذي يُصَفِّقُ بجناحيه إذا طار، قال: وجمعه
مَياسِيقُ.والاتّساقُ: الإنتظام. ووَسَّقْتُ الحِنطة تَوْسيقاً أَي جعلتها وَسْقاً
وَسْقاً.
الأَزهري: الوَسِيقةُ القطيع من الإبل يطردها الشَّلاَّل، وسميت وَسيقةً
لأن طاردها يجمعها ولا يَدَعُها تنتشر عليه فيلحَقُها الطلبُ فيردها،
وهذا كما قيل للسائق قابض، لأَن السائق إذا ساق قطيعاً من الإبل قبضها أَي
جمعها لئلا يتعذر عليه سوقها، ولأَنها إذا انتشرت عليه لم تتابع ولم
تَطْرِدْ على صَوبٍ واحد. والعرب تقول: فلان يسوق الوَسِيقة وينسُل الوَدِيقة
ويحمي الحَقيقة؛ وجعل رؤبة الوَسْق من كل شيء فقال:
كأَنَّ وَسْقَ جَنْدَلٍ وتُرْبِ،
عليَّ، من تَنْحيب ذاك النَّحْبِ
والوَسِيقةُ من الإبل ونحوها: ما غصبت. الأَصمعي: فرس مِعْتاق الوَسِيقة
وهو الذي إذا طُرِدَ عليه طرِيدةٌ أنجاها وسبق بها؛ وأَنشد:
أَلم أَظْلِفْ عن الشعراء عِرْضي،
كما ظُلِفَ الوَسِيقةُ بالكُراعِ؟
حفف: حَفَّ القومُ بالشيء وحَوالَيْه يَحُفُّونَ حَفّاً وحَفُّوه
وحَفَّفوه: أَحْدَقُوا به وأَطافُوا به وعَكفوا واسْتَداروا، وفي التهذيب:
حَفَّ القوم بسيدهم. وفي التنزيل: وترى الملائكة حافّين من حول العرش؛ قال
الزجاج: جاء في التفسير معنى حافِّين مُحدِقِين؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
كَبَيْضَةِ أُدْحِيٍّ بمَيْتِ خَمِيلةٍ،
يُحَفِّفُها جَوْنٌ بِجُؤْجِئِه صَعْلُ
وقوله:
إبْلُ أَبي الحَبْحابِ إبْلٌ تُعْرَفُ،
يَزِينُها مُحَفَّفٌ مُوَقَّفُ
الـمُحَّفَّفُ: الضَّرْعُ المـمْتَلئُ الذي له جوانب كأَنَّ جوانبه
حَفَّفَتْه أَي حَفَّتْ به، ورواه ابن الأَعرابي مُجَفَّفٌ، يريد ضَرْعاً
كأَنه جُفٌّ، وهو الوَطْبُ الخَلَقُ. وحَفَّه بالشي يَحُفُّه كما يُحَفُّ
الهَوْدَجُ بالثياب، وكذلك التَّحْفِيفُ. وفي حديث أَهْلِ الذكر:
فَيَحُفُّونَهم بأَجْنِحَتِهم أَي يطوفون بهم ويدُورُون حَوْلَهم. وفي حديث آخر:
إلاَّ حَفَّتهم الملائكةُ. وفي الحديث: ظَلَّلَ اللّه مكانَ البيتِ
غَمامةً فكانت حِفافَ البيتِ أَي مُحْدِقةً به.
والمِحَفَّةُ: رَحْلٌ يُحَفُّ بثوب ثم تركب فيه المرأَة، وقيل:
المِحَفَّةُ مَرْكَب كالهَوْدَجِ إلاَّ أَنَّ الهودج يُقَبَّبُ والمِحَفَّةُ لا
تُقَبَّبُ؛ قال ابن دريد: سميت بها لأَن الخَشب يَحُفُّ بالقاعد فيها أَي
يُحِيطُ به من جميع جوانبه، وقيل: المِحَفَّة مَركب من مراكب النساء.
والحَفَفُ: الجمعُ، وقيل: قِلَّة المأْكولِ وكثرة الأَكَلَةِ، وقال
ثعلب: هو أَن تكون العِيالُ مثلَ الزَّادِ، وقال ابن دريد: هو الضِّيقُ في
المعاش، وقالت امرأَة: خرج زوجي ويَتِمَ وَلَدي فما أَصابهم حَفَفٌ ولا
ضَفَفُّ، قال: فالحَفَفُ الضِّيق، والضَّفَف أَن يَقِلَّ الطعامُ ويَكْثُرَ
آكلوه، وقيل هو مِقدار العيال، وقال اللحياني: الحفف الكَفافُ من
الـمَعيشةِ. وأَصابهم حَفَفٌ من العيش أَي شدَّة، وما رُؤِيَ عليهم حَفَفٌ ولا
ضَفَفٌ أَي أَثرُ عَوَزٍ. قال الأَصمعي: الحفَف عَيْشُ سُوء وقِلَّة مال،
وأُولئك قوم مَحْفُوفُون. وفي الحديث: أَنه، عليه السلام، لم يشْبَعْ من
طعام إلا على حفَف؛ الحفَف: الضيق وقلة المعيشة، أَي لم يشبع إلاّ
والحالُ عنده خلافُ الرِّخاء والخِصْبِ. وطعام حَفَف: قليل. ومعيشة حَفَفٌ:
ضَنْكٌ. وفي حديث عمر قال له وفد العراق: إنَّ أَمير المؤمنين بلغ سِنّاً
وهو حافُّ الـمَطعَم أَي يابِسُه وقَحِلُه؛ ومنه حديثه الآخر أَنه سأَل
رجلاً فقال: كيف وجدت أَبا عُبيْدَة؟ فقال: رأَيت حُفُوفاً أَي ضِيقَ عيش؛
ومنه الحديث: أَبْلِغْ معاويةَ أَنَّ عبد اللّهِ بن جعفر حَفَّفَ
(* قوله
«حفّف» بهامش النهاية: حفف، مبالغة في حف أي جهد وقل ماله من حفت الارض
ونحوه.) وجُهِدَ أَي قلَّ ماله. الأَصمعي: أَصابهم من العَيْشِ ضَفَفٌ
وحَفَفٌ وقَشَفٌ، كل هذا من شدَّة العَيْشِ. ابن الأَعرابي: الضَّفَفُ
القِلَّة والحَفَفُ الحاجةُ، ويقال: الضفَف والحفَف واحد؛ وأَنشد:
هَدِيّة كانَتْ كَفافاً حَفَفا،
لا تَبْلُغُ الجار ومن تَلَطَّفا
قال أَبو العباس: الضفَفُ أَن تكون الأَكَلَةُ أَكثرَ من مِقدار المالِ،
والحفَفُ أَن تكون الأَكَلة بمقدار المال. قال: وكان النبي، صلى اللّه
عليه وسلم، إذا أَكلَ كان من يأْكل معه أَكثر عدداً من قدر مبلغ المأَكول
وكفافِه، قال: ومعنى قوله ومن تَلَطَّفا أَي من بَرَّنا لم يكن عندنا ما
نَبَرُّه: وما عند فلان إلا حَفَفٌ من الـمَتاعِ، وهو القوتُ القليل.
وحَفَّتْهم الحاجةُ تَحُفُّهم حَفّاً شديداً إذا كانوا مَحاوِيجَ. وعنده
حَفَّة من مَتاعٍ أَو مالٍ أَي قُوتٌ قليل ليس فيه فضل عن أَهله. وكان
الطعام حِفافَ ما أَكلوا أَي قَدْرَه. ووُلِدَ له على حفَفٍ أَي على حاجة
إليه؛ هذه عن ابن الأَعرابي. الفراء: يقال ما يَحُفُّهم إلى ذلك إلا الحاجةُ
يريد ما يدْعوهم وما يُحْوِجُهم.
والاحْتِفافُ: أَكلُ جميع ما في القِدْر، والاشتِفافُ: شربُ جميع ما في
الإناء.
والخُفُوفُ: اليُبْسُ من غير دَسَمٍ؛ قال رؤبة:
قالَتْ سُلَيْمى أَن رأَتْ حُفُوفي،
مع اضْطِرابِ اللَّحْمِ والشُّفُوفِ
قال الأَصمعي: حَفَّ رأْسُهُ يَحِفُّ حُفُوفاً وأَحْفَفْته أَنا.
وسَوِيقٌ حافٌّ: يابِسٌ غير ملتوت، وقيل: هو ما لم يُلَتَّ بسمْن ولا زيت.
وحَفَّتْ أَرضُنا تَحِفُّ حُفُوفاً: يَبِسَ بَقْلُها. وحفَّ بطن الرجل: لم
يأْكل دسَماً ولا لحماً فيبس. ويقال: حَفَّتِ الثَّريدة إذا يبِسَ أَعْلاها
فَتَشَقَّقَتْ. وفرس قَفِرٌ حافٌّ: لا يَسْمَنُ على الضبعة. وحَفَّ
رأْسَه وشارِبه يَحُفُّ حَفّاً أَي أَحْفاه. قال ابن سيده: وحَفَّ اللِّحية
يَحُفُّها حَفّاً: أَخذ منها، وحَفَّه يَحُفُّه حَفّاً: قَشَره، والمرأَة
تَحُفُّ وَجْهها حَفّاً وحِفافاً: تزيل عنه الشعر بالـمُوسَى
وتَقْشِرُهُ، مشتق من ذلك. واحْتَفَّتِ المرأَةُ وأَحَفّتْ وهي تحْتَفُّ: تأْمر من
يَحُفّ شعر وجهها نَتْفاً بخيطين، وهو من القَشْر، واسم ذلك الشعر
الحُفافةُ، وقيل: الحُفافةُ ما سَقَط من الشعَر الـمَحْفُوفِ وغيره. وحَفَّتِ
اللحيةُ تَحِفُّ حُفُوفاً: شَعِثَتْ. وحَفّ رأْسُ الإنسان وغيره يَحِفّ
حُفوفاً: شَعِثَ وبَعُدَ عَهْدُه بالدُّهن؛ قال الكميت يصف وَتِداً:
وأَشْعَثَ في الدَّارِ ذي لِمَّةٍ
يُطِيلُ الحُفُوفَ، ولا يَقْمَلُ
يعني وتداً حفّه صاحبُه تَرَك تَعَهُّدَه.
والحِفافان: ناحِيتا الرأْسِ والإناء وغيرهما، وقيل: هما جانباه، والجمع
أَحِفَّةٌ. وحِفافا الجبلِ: جانباه. وحفافا كل شيء: جانباه؛ وقال طرفة
يصف ناحيتي عسيب ذنب الناقة:
كأَنَّ جَناحَيْ مَضْرَحِيٍّ، تَكَنَّفا
حِفافَيْهِ، شُكّا في العَسِيبِ بِمسْرَدِ
وإناء حَفَّان: بلغ الماء وغيرُه حِفافَيْهِ. والأحِفّةُ أَيضاً: ما بقي
حول الصَّلَعةِ من الشعر، الواحد حِفافٌ. الأَصمعي: يقال بقي من شعره
حِفافٌ، وذلك إذا صَلِعَ فبقيت طُرَّة من شعَره حول رأْسه، قال: وجمع
الحِفافِ أَحِفّة؛ قال ذو الرمة يصفُ الجِفانَ التي تُطعم فيها
الضِّيفانُ:لَهُنَّ، إذا أَصْبَحْنَ، منهم أَحِفَّةٌ،
وحينَ يَرَوْنَ الليلَ أَقْبَلَ جائيا
أَراد بقوله لهن أَي للجِفانِ، أَحِفّة أَي قوم استداروا بها يأْكلون من
الثريد الذي لُبِّقَ فيها واللُّحْمانِ التي كُلِّلَتْ بها، أَي قوم
استداروا حولها؛ والجِفان تقدّم ذكرها في بيت قبله وهو:
فما مَرْتَعُ الجِيرانِ إلا جِفانُكُمْ،
تَبارَوْن أَنتم والرِّياحُ تَبارِيا
وفي حديث عمر: كان أَصلَعَ له حِفافٌ؛ هو أَن يَنْكَشِف الشعر عن وسط
رأْسه ويَبْقى ما حولَه. والحَفَّافُ: اللحم الذي في أَسفَل الحنك إلى
اللَّهاة. الأَزهري: يقال يَبِس حَفَّافُه وهو اللحم اللين أَسفل
اللَّهاة.والحَافَّانِ من اللسان: عِرْقان أَخْضَران يَكْتَنِفانه من باطن، وقيل:
حافُّ اللسانِ طَرَفُه. ورجل حافُّ العين بَيِّنُ الحُفُوفِ أَي شديد
الإصابة بها؛ عن اللحياني، معناه أَنه يصيب الناس بالعين.
وحَفُّ الحائكِ خَشَبته العريضة يُنَسِّقُ بها اللُّحْمةَ بين السَّدَى.
والحَفُّ، بغير هاء: المِنْسَجُ. الجوهري: الحَفّةُ المِنْوالُ وهو
الخشَبة التي يَلُفُّ عليها الحائِكُ الثوبَ. والحَفّةُ: القَصَباتُ الثلاث،
وقيل: الحِفّةُ، بالكسر، وقيل: هي التي يَضرب بها الحائكُ كالسيف،
والحَفُّ: القَصبة التي تجيء وتذهب. قال الأَزهري: كذا هو عند الأَعراب، وجمعها
حُفُوفٌ، ويقال: ما أَنت بحَفّةٍ ولا نِيرةٍ؛ الحفة: ما تقدَّم،
والنّيرة: الخَشَبةُ الـمُعْتَرِضةُ، يُضْرب هذا لمن لا يَنْفَع ولا يَضُرّ،
معناه ما يَصْلُحُ لشيء.
والحَفيفُ: صوت الشيء تسْمَعُه كالرَّنَّةِ أَو طيَرانِ الطائر أَو
الرَّمْيةِ أَو التهاب النار ونحو ذلك، حَفَّ يَحِفُّ حَفِيفاً. وحَفْحَفَ
وحَفَّ الجُعَلُ يَحِفُّ: طار، والحَفِيفُ صوت جناحَيْه، والأُنثى من
الأَساود تَحِفُّ حَفِيفاً، وهو صوت جلدها إذا دَلَكَتْ بعضَه ببعض. وحَفِيفُ
الرِّيح: صوتها في كل ما مرَّت به؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أَبْلِغْ أَبا قَيْسٍ حَفِيفَ الأَثْأَبَهْ
فسره فقال: إنه ضعيف العقل كأَنه حَفيفُ أَثْأَبةٍ تحركها الريح، وقيل:
معناه أُوعِدُه وأُحَرِّكه كما تحرِّك الريحُ هذه الشجرة؛ قال ابن سيده:
وهذا ليس بشيء. وحَفَّ الفرسُ يَحِفّ حفيفاً وأَحْفَفْتُه أَنا إذا حملته
على أَن يكون له حَفِيفٌ، وهو دَويّ جَرْيه، وكذلك حَفِيفُ جناح الطائر.
والحَفِيفُ: صوت أَخفاف الإبل إذا اشتد؛ قال:
يقول، والعِيسُ لها حَفِيفُ:
أَكلُّ مَنْ ساقَ بكُم عَنِيفُ؟
الأَصمعي: حَفَّ الغيْثُ إذا اشتَدَّت غَيْثَتُه حتى تسمع له حَفيفاً.
ويقال: أَجْرى الفرسَ حتى أَحَفَّه إذا حَمَلَه على الحُضْر الشديد حتى
يكون له حَفِيفٌ.
وحَفَّ سمعُه: ذهب كله فلم يبق منه شيء.
وحَفَّانُ النعام: رِيشُه. والحَفّانُ: وَلَدُ النعام؛ وأَنشد لأُسامةَ
الهُذَليّ:
وإلا النَّعامَ وحَفّانَه،
وطُغْيا مع اللَّهِقِ النَّاشِطِ
الطُّغْيا: الصغير من بقر الوحش، وأَحمد بن يحيى يقول: الطَّغيا،
بالفتح؛ قال ابن بري: واستعاره أَبو النجم لصغار الإبل في قوله:
والحَشْوُ من حَفّانِها كالحَنْظَلِ
فشبهها لما رَوِيت من الماء بالحَنظل في بَريقه ونَضارته، وقيل:
الحَفّانُ صِغارُ النعامِ والإبل. والحَفَّانُ من الإبل أَيضاً: ما دون الحِقاق،
وقيل: أَصل الحَفّان صغار النعام ثم استعمل في صغار كل جنس، والواحدة من
كل ذلك حَفّانةٌ، الذكر والأُنثى فيه سواء؛ وأَنشد:
وزَفَّتِ الشَّوْلُ من بَرْدِ العَشِيّ، كما
زَفَّ النَّعام، إلى حَفّانِه، الرُّوحُ
والحَفّانُ: الخَدَمُ. وفلان حَفٌّ بنفسِه أَي مَعْنيٌّ. والحَفَّةُ:
الكرامةُ التامّةُ. وهو يَحُفُّنا ويَرُفُّنا أَي يُعْطِينا ويَمِيرُنا.
وفي المثل: من حَفَّنا أَو رَفَّنا فَلْيَقْتَصِدْ، يقول: مَن مَدَحَنا فلا
يَغْلُوَنَّ في ذلك ولكنْ لِيَتَكَلَّمْ بالحقّ منه. وقال الجوهري: أَي
مَن خَدَمَنا أَو تَعَطَّفَ علينا وحاطَنا. الأَصمعي: هو يَحِفُّ
ويَرِفُّ أَي يَقُومُ ويَقْعُدُ ويَنْصَحُ ويُشْفِقُ، قال: ومعنى يَحِفُّ
تَسْمَع له حَفِيفاً. ويقال: شجر يَرِفُّ إذا كان له اهْتِزازٌ من النَّضارةِ.
ويقال: ما لِفلان حافٌّ ولا رافٌّ، وذهَب من كان يَحُفُّه ويَرُفُّه.
وحُفُّ العين: شَفْرُها. وجاء على حَفِّ ذلك وحَفَفِه وحِفافِه أَي حِينِه
وإبّانِه. وهو على حَفَفِ أَمْرٍ أَي ناحيةٍ منه وشَرَفٍ.
واحْتَفَّتِ الإبلُ الكَلأَ: أَكلتْه أَو نالَتْ منه، والحَفّةُ: ما
احْتَفَّتْ منه.
وحِفافُ الرمل: مُنْقَطَعُه، وجمعه أَحِفَّةٌ.
دقق: الدَّقُّ: مصدر قولك دَقَقْت الدَّواءَ أَدُقُّه دقّاً، وهو
الرَّضُّ. والدَّقُّ: الكَسر والرَّضُّ في كل وجه، وقيل: هو أَن تضرب الشيءَ
بالشيء حتى تَهْشِمَه، دَقَّة يَدُقُّه دَقّاً ودقَقْتُه فانْدَقَّ.
والتَّدْقيقُ: إنعامُ الدَّقّ. والمِدَقُّ والمِدَقَّةُ والمُدُقُّ: ما دقَقْتَ
به الشيءَ؛ قال سيبويه: وقالوا المُدُقُّ لأَنهم جعلوه اسماً له
كالجُلْمُود، يعني أَنه لو كان على الفعل لكان قياسه المِدَقَّ أو المِدَقَّة
لأنه مما يُعتمل بها، وهو أَحد ما جاء من الأدوات التي يُعتمل بها على
مُفعُل بالضم؛ قال العجاج يصف الحِمار والأُتُن:
يَتْبَعْنَ جأْباً كَمُدُقِّ المِعْطِيرْ
يعني مِدْوَكَ العَطّار، حَسِب أَنه يُدَقُّ به، وتصغيره مُدَيْق،
والجمع مَداقُّ. التهذيب: والمُدق حجر يُدّق به الطيب، ضمّ الميم لأنه جعل
اسماً، وكذلك المُنْخُل، فإذا جعل نعتاً رُدَّ إلى مِفْعل؛ وقول رؤبة أَنشده
ابن دريد:
يَرْمي الجَلامِيدَ بِجُلْمُود مِدَقّْ
استشهد به على أن المِدقّ ما دققت به الشيء، فإن كان ذلك فمدق بدل من
جلمود، والسابقُ إليّ من هذا أنه مِفعل من قولك حافز مدَق أَي يدُقُّ
الأشياء، كقولك رجل مِطْعَن، فإن كان كذلك فهو هنا صفة لجلمود؛ قال الأزهري:
مُدُقٌّ وأَخواته وهي مُسْعُط ومُنخل ومُدْهُن ومُنْصُلٌ ومُكْحُلةٌ جاءت
نوادِرَ، بضم الميم، وموضع العين من مفعلُ، وسائر كلام العرب جاء على
مِفْعل ومفْعلة فيما يعتمل به نحو مِخْرَز ومِقْطَع ومِسَلّة وما
أَشبهها.وفي حديث عطاء في الكَيل قال: لا دقّ ولا زَلْزَلةَ؛ هو أن يَدُقَّ ما
في الميكال من المَكيال حتى يَنْضَمَّ بعضُه إلى بعض.
والدَّقّاقةُ: شيء يُدَقُّ به الأَرزُّ.
والدَّقوقةُ والدَّواقُّ: البقر والحمر التي تَدُوس البُرَّ.
والدُّقاقةُ والدُّقاقُ: ما انْدَقَّ من الشيء، وهو التراب اللَّيِّن
الذي كَسَحَته الريح من الأرض. ودُقَقُ التراب: دُقاقهُ، واحدتها دُقَّة؛
قال رؤبة:
تَبْدو لنا أَعْلامُه بَعْدَ الغَرَقْ،
في قِطَعِ الآلِ وهَبْوات الدُّقَقْ
والدُّقاقُ: فُتات كل شيء دُقَّ. والدُّقَّةُ والدُّقَقُ: ما تَسْهَك به
الريح من الأرض؛ وأنشد:
بساهِكاتٍ دُقَقٍ وجَلْجالْ
وفي مناجاة موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: سَلْنِي حتى
الدُّقّة؛ هي بتشديد القاف: المِلح المدقوق. وهي أَيضاً ما تسحَقه الريح من
التراب. والدّقّةُ: مصدر الدَّقِيق، تقول: دَقَّ الشيء يدِقّ دِقّة، وهو على
أَربعة أنحاء في المعنى.
والدَّقِيقُ: الطحين. والرجل القليل الخير هو الدَّقِيق. والدَّقِيق:
الأمر الغامض. والدقيق: الشيء لا غِلَظَ له. وأَهل مكة يسمّون توابِل
القِدْر كلها دُقّة؛ ابن سيده: الدُّقّة التّوابل وما خُلط به من الابزار نحو
القِزْح وما أَشبهه. والدُّقة: الملح وما خلط به من الأبزار، وقيل: الدقة
الملح المدقوق وحده. وما له دُقة أَي ما له مِلْح. وامرأَة لا دُقة لها
إذا لم تكن مَلِيحة. وإن فلانة لقليلة الدقة إذا لم تكن مليحة، وقال
كراع: رجل دَقِمٌ مَدْقوق الأسنان على المثَل مشتقّ من الدقِّ، والميم زائدة،
وهذا يبطله التصريف.
والدِّقُّ: كل شيء دَقَّ وصغُر؛ تقول: ما رَزأْتُه دِقّاً ولا جِلاًّ.
والدِّقُّ: نقيض الجِلِّ، وقيل: هو صغاره دون جَلّه وجِلّه، وقيل: هو
صغاره ورَدِيئه، شيء دِقٌّ ودَقِيق ودُقاق. ودِقُّ الشجر: صغاره، وقيل:
خِساسه. وقال أَبو حنيفة: الدِّق ما دَقّ على الإبل من النبت ولانَ فيأْكله
الضعيف من الإبل والصغير والأَدْرَد والمريض، وقيل: دِقُّه صغار ورَقه؛ قال
جُبِيْها الأَشجعي:
فلو أَنَّها قامَتْ بِظِنْبٍ مُعَجَّمٍ،
نَفَى الجَدْبُ عنه دِقّه، فهو كالِحُ
(* قوله «بظنب إلخ» هذا البيت أوردوه شاهداً على الظنب بالكسر أصل
الشجرة، ووقع في مادة بجج بطاء مهملة مضمومة في البيت وتفسيره وهو خطأ).
ورواه ابن دريد:
فلو أَنها طافت بنَبْتٍ مُشَرْشَرٍ،
نفى الدِّقَّ عنه جَدْبُه، فهو كالحُ
المُشرشَر: الذي قد شَرْشَرتْه الماشية أَي أَكلته. والدَّقيق:
الطِّحْن. والدَّقِيقيُّ: بائع الدقيق. قال سيبويه: ولا يقال دَقّاق. ورجلْ
دَقِيقٌ بيِّن الدِّقّ: قليل الخير بخيل؛ قال:
وإن جاءكم مِنّا غَرِيبٌ بأَرضكم،
لَوَيْتُم له، دِقّاً، جُنوبَ المَناخرِ
وشيء دَقِيق: غامض. والدّقيق: الذي لا غِلظَ له خلاف الغليظ، وكذلك
الدُّقاقُ بالضم. والدِّق، بالكسر، مثله، ومنه حُمّى الدِّقّ. قال ابن بري:
الفرق بين الدَّقيق والرّقِيق أَن الدقِيق خلاف الغليظ، والرّقيق خلافل
الثَّخين، ولهذا يقال حَساء رَقيق وحَساء ثخين، ولا يقال فيه حساء دقيق.
ويقال: سيف دقيق المَضْرِب، ورُمْح دَقِيق، وغُصن دقيق كما تقول رُمح غليظ
وغصن غليظ، وكذلك حبل دقيق وحبل غليظ، وقد يُوقَع الدّقيق من صفة الأمر
الحقير الصغير فيكون ضدّه الجليل؛ قال الشاعر:
فإنَّ الدَّقِيقَ يهِيجُ الجَلِيلَ،
وإنَّ الغَرِيب إذا شاء ذَلْ
وفي حديث معاذ قال: اسْتَدِقَّ الدنيا واجْتَهِد رأْيَك أَي احْتقِرها
واستصغِرْها، وهو استَفْعل من الشيء الدّقيق. وقولهم: أَخذتُ جِلّه
ودِقَّه كما يقال أَخذت قليله وكثيره. وفي حديث الدعاء: اللهم اغفر لي ذنبي
كلَّه: دِقَّه وجِلَّه.
وما له دَقِيقة ولا جَلِيلة أَي ما له شاةٌ ولا ناقة. وأَتيته فما
أَدَقَّني ولا أَجلَّني أَي ما أَعطاني إحداهما، وقيل أَي ما أَعطاني دقيقاً
ولا جَلِيلاً؛ وقال ذو الرمة يهجو قوماً:
إذا اصْطَكَّت الحَرْبُ امْرأَ القَيْسِ، أَخْبَروا
عَضارِيطَ، إذ كانوا رِعاء الدَّقائقِ
أَراد أَنهم رعاء الشاء والبَهْم.
ودقَّقْت الشيءَ وأَدْقَقْته: جعلته دَقيقاً. وقد دَقَّ يَدِقُّ
دِقَّةً: صار دقيقاً، وأَدقَّه غيره ودقَّقَه. المُفَضَّل: الدَّقْداقُ صغار
الأنْقاء المتراكمة. ابن الأعرابي: الدَّقَقةُ المُظهرون أقْذالَ الناس أَي
عُيوبهم، واحدها قَذَلٌ. ودَقَّ الشيءَ يدُقُّه إذا أظهره؛ ومنه قول
زهير:ودَقُّوا بينهم عِطْرَ مَنْشِمِ
أي أَظهروا العُيوب والعَداوات. ويقال في التهدّد: لأَدُقَّنَّ شُقورَك
أي لأُظهِرنَّ أُمورَك.
ومُسْتَدَقُّ الساعد: مُقَدَّمه مما يلي الرُّسْغَ. ومستدَقُّ كل شيء:
ما دَقَّ منه واسْترَقَّ. واستَدَقَّ الشيءُ أي صار دقيقاً؛ والعرب تقول
للحَشْو من الإبل الدُّقَّة. والمِدَقُّ: القويّ. والدَّقْدَقةُ: حكاية
أصوات حوافر الدوابّ في سُرعة تردُّدها مثل الطَّقْطَقةِ. والمُداقَّةُ في
الأمر: التَّداقُّ. والمُداقَّة: فعل بين اثنين، يقال: إنه ليُداقُّه
الحِساب.