من (ك ش م ر) مقلــوب كشمير بمعنى إسم مقاطعة بالهند تقطنها أغلبية إسلامية، وإسم نوع من الثياب كان يجلب منها قديما.
من (ك ش م ر) مقلــوب كشمير بمعنى إسم مقاطعة بالهند تقطنها أغلبية إسلامية، وإسم نوع من الثياب كان يجلب منها قديما.
زين: الزَّيْنُ: خلافُ الشَّيْن، وجمعه أَزْيانٌ؛ قال حميد بن ثور:
تَصِيدُ الجَلِيسَ
بأَزْيَانِها ودَلٍّ أَجابتْ عليه الرُّقَى
زانه زَيْناً وأَزَانه وأَزْيَنَه، على الأَصل، وتَزَيَّنَ هو وازْدانَ
بمعنًى، وهو افتعل من الزِّينةِ إلاَّ أَن التاء لمَّا لانَ مخرجها ولم
توافق الزاي لشدتها، أَبدلوا منها دالاً، فهو مُزْدانٌ، وإن أَدغمت قلت
مُزّان، وتصغير مُزْدان مُزَيَّنٌ، مثل مُخَيَّر تصغير مُختار، ومُزَيِّين
إن عَوَّضْتَ كما تقول في الجمع مَزَاينُ ومَزَايِين، وفي حديث خُزَيمة:
ما منعني أَن لا أَكون مُزْداناً بإعلانك أَي مُتَزَيِّناً بإعلان أَمرك،
وهو مُفْتَعَلٌ من الزينة، فأَبدل التاء دالاً لأَجل الزاي. قال
الأَزهري: سمعت صبيّاً من بني عُقَيلٍ يقول لآخر: وجهي زَيْنٌ ووجهك شَيْنٌ؛
أَراد أَنه صبيح الوجه وأَن الآخر قبيحه، قال: والتقدير وجهي ذو زَيْنٍ
ووجهك ذو شَيْنٍ، فنعتهما بالمصدر كما يقال رجل صَوْمٌ وعَدْل أَي ذو عدل.
ويقال: زانه الحُسْنُ يَزِينه زَيْناً. قال محمد بن حبيب: قالت أَعرابية
لابن الأَعرابي إنك تَزُونُنا إذا طلعت كأَنك هلال في غير سمان، قال:
تَزُونُنا وتَزِينُنا واحدٌ، وزانَه وزَيَّنَه بمعنى؛ وقال المجنون:
فيا رَبِّ، إذ صَيَّرْتَ ليلَى لِيَ الهَوَى،
فزِنِّي لِعَيْنَيْها كما زِنْتَها لِيَا
وفي حديث شُرَيح: أَنه كان يُجِيزُ من الزِّينة ويَرُدُّ من الكذب؛ يريد
تَزْيين السلعة للبيع من غير تدليس ولا كذب في نسبتها أَو في صفتها.
ورجل مُزَيَّن أَي مُقَذَّذُ الشعر، والحَجَّامُ مُزَيِّن؛ وقول ابن
عَبْدَلٍ الشاعر:
أَجِئْتَ على بَغْلٍ تَزُفُّكَ تِسْعَةٌ،
كأَنك دِيكٌ مائِلُ الزَّيْنِ أَعْوَرُ؟
يعني عُرْفه. وتَزَيَّنَتِ الأَرضُ بالنبات وازَّيَّنَتْ وازْدانتِ
ازْدِياناً وتَزَيَّنت وازْيَنَّتْ وازْيَأَنَّتْ وأَزْيَنَتْ أَي حَسُنَتْ
وبَهُجَتْ، وقد قرأَ الأَعرج بهذه الأَخيرة. وقالوا: إذا طلعت الجَبْهة
تزينت النخلة. التهذيب: الزِّينة اسم جامع لكل شيء يُتَزَيَّن به.
والزِّينَةُ: ما يتزين به. ويومُ الزِّينةِ: العيدُ. وتقول: أَزْيَنَتِ الأَرضُ
بعُشبها وازَّيَّنَتْ مثله، وأَصله تَزَيَّنَت، فسكنت التاء وأُدغمت في
الزاي واجتلبت الأَلف ليصح الابتداء. وفي حديث الاستسقاء قال: اللهم أَنزل
علينا في أَرضنا زِينتَها أَي نباتَها الذي يُزَيّنها. وفي الحديث:
زَيِّنُوا القرآن بأَصواتكم؛ ابن الأَثير: قيل هو مقلــوب أَي زينوا أَصواتكم
بالقرآن، والمعنى الهَجُوا بقراءته وتزَيَّنُوا به، وليس ذلك على تطريب
القول والتحزين كقوله: ليس منا من لم يَتَغَنَّ بالقرآن أَي يَلْهَجْ
بتلاوته كما يَلْهَج سائر الناس بالغِناء والطَّرب، قال هكذا قال الهَرَوِيّ
والخَطَّابي ومن تَقَدَّمهما، وقال آخرون: لا حاجة إلى القلب، وإنما معناه
الحث على الترتيل الذي أَمر به في قوله تعالى: ورَتِّلِ القرآنَ ترتيلاً؛
فكأَنَّ الزِّينَة للمُرَتِّل لا للقرآن، كما يقال: ويل للشعر من رواية
السَّوْءِ، فهو راجع إلى الراوي لا للشعر، فكأَنه تنبيه للمقصر في
الرواية على ما يعاب عليه من اللحن والتصحيف وسوء الأَداء وحث لغيره على التوقي
من ذلك، فكذلك قوله: زينوا القرآن بأَصواتكم، يدل على ما يُزَيّنُ من
الترتيل والتدبر ومراعاة الإعراب، وقيل: أَراد بالقرآن القراءة، وهو مصدر
قرأَ يقرأُ قراءة وقُرْآناً أَي زينوا قراءتكم القرآن بأَصواتكم، قال:
ويشهد لصحة هذا وأَن القلب لا وجه له حديث أَبي موسى: أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، اسْتَمع إلى قراءته فقال: لقد أُوتِيت مِزْماراً من مزامير آل
داود، فقال: لو علمتُ أَنك تسمع لحَبَّرْتُه لك تحبيراً أَي حسَّنت
قراءته وزينتها، ويؤيد ذلك تأْييداً لا شبهة فيه حديث ابن عباس: أَن رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، قال: لكل شيء حِلْيَةٌ وحِلْيَةُ القرآن حُسْنُ
الصوت. والزِّيْنَةُ والزُّونَة: اسم جامع لما تُزُيِّنَ به، قلبت الكسرة
ضمة فانقلبت الياء واواً. وقوله عز وجل: ولا يُبْدِينَ زِينَتَهن إلا ما
ظهر منها؛ معناه لا يبدين الزينة الباطنة كالمِخْنقة والخَلْخال
والدُّمْلُج والسِّوار والذي يظهر هو الثياب والوجه. وقوله عز وجل: فخرج على قومه
في زينته؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَنه خرج هو وأَصحابه وعليهم وعلى
الخيل الأُرْجُوَانُ، وقيل: كان عليهم وعلى خيلهم الدِّيباجُ الأَحمر.
وامرأَة زَائنٌ: مُتَزَيِّنَة. والزُّونُ: موضع تجمع فيه الأَصنام
وتُنْصَبُ وتُزَيَّنُ. والزُّونُ: كل شيء يتخذ رَبّاً ويعبد من دون الله عز وجل
لأَنه يُزَيَّنُ، والله أَعلم.
هيل: هَالَ عليه التُّرابَ هَيْلاً وأَهالَه فانْهالَ وهَيَّله
فتَهَيَّل، ويذمّ الرجل فيقال: جُرْفٌ مُنْهالٌ،
(* قوله «فيقال جرف منهال إلخ»
عبارة المحكم: فيقال جرف منهال وسحاب منجال، أَما جرف منهال فانما يعني...
إلى آخر ما هنا) فإِنما يعني أَنه ليس له حَزْم ولا عَقْل؛ وأَما قولهم
سحاب مُنْجال فمعناه أَنه لا يُطْمَع في خيره كأَنه مقلــوب من مُنْجَلٍ.
والهَيْل: ما لم ترفع به يدك، والحَثْيُ: ما رفعت به يَدَك. وهالَ الرملَ:
دفعه فانْهال، وكذلك هَيَّلَه فَتَهَيَّل. والهَيْل والهَائل من الرمل:
الذي لا يثبت مكانَه حتى يَنْهال فيسقط، وهِلْتُه أَنا؛ وأَنشد:
هَيْلٌ مَهِيلٌ من مَهِيلِ الأَهْيَلِ
وفي حديث الخندَق: فعادت كثيباً أَهْيَلَ أَي رَمْلاً سائلاً، والهَيْل
والهَيَال والهَيْلانُ: ما انْهال منه؛ قال مزاحم:
بكل نَقاً وَعْثٍ، إِذا ما عَلَوْتَه
جرى نَصَفاً هَيْلانُه المُتَساوِقُ
ورمل أَهْيَل: مُنْهال لا يثبت. وجاء بالهَيْل والهَيْلَمَان
والهَيْلُمان أَي جاء بالمال الكثير؛ الأَخيرة عن ثعلب، وضعوا الهَيْل الذي هو
المصدر موضع الاسم أَي بالمَهِيل، شبه بالرّمل في كثرته، فالميم على هذا في
الهَيْلَمان زائدة كزيادتها في زُرْقُم؛ قال أَبو عبيد: أَي بالرمل
والريح، فالهَيْل من قوله تعالى: وكانت الجبالُ كَثيباً مَهِيلاً؛ وقال ساعدة
بن جُؤيَّة الهذلي يصف ضبُعاً نَبَشت قبراً:
فذَاحَتْ بالوَتائر ثم بَدَّت
يدَيْها، عند جانِبِه، تَهيلُ
والهَيْلَمان، فَيْعَلان، والياء زائدة بدليل قولهم هَلْمان فسقطت
الياء، وضعوا الهَيْل الذي هو المصدر موضع الاسم أَي بالمَهِيل، شبه بالرمل في
كثرته فالميم على هذا في الهَيْلَمان زائدة كزيادتها في زُرْقُم، الأَلف
والنون زائدتان فالوزن على هذا فعْلَمان.
وانْهال عليه القوم: تتابعوا عليه وعَلَوْه بالشتم والضرب والقَهر.
والأَهْيل: موضع؛ قال المتنخل الهذلي:
هل تَعرِف المنزلَ بالأَهْيَل،
كالوَشْمِ في المِعْصَمِ لم يَخْمُل
والهَيُول: الهَبارُ المنبتُّ وهو ما تراه في البيت من ضَوْء الشمس يدخل
في الكُوَّةِ، عبرانية أَو رومية معرَّبة. والهالةُ: دارة القمر؛ قال:
في هالَةٍ هِلالُها كالإِكْليلْ
قال ابن سيده: وإِنما قضينا على عينها أَنها ياء لأَن فيه معنى الهَيُول
الذي هو ضوء الشمس، فإِن قلت: إِن الهَيُول رومية والهَالة عربية كانت
الواو أَولى به لأَنّ انقلاب الأَلف عن الواو وهي عين أَكثر من انقلابها
عن الياء كما ذهب إِليه سيبويه، والجمع هالاتٌ.
الجوهري: هِلْتُ الدقيق في الجِراب صَبَبْته من غير كَيْل، وكل شيء
أَرسلته إِرْسالاً من رمل أَو تراب أَو طعام أَو نحوه قلت هِلْتُه أَهِيلهُ
هَيْلاً فانْهال أَي جرى وانصبَّ، وهو طعام مَهِيلٌ. وفي الحديث: أَن
قوماً شكَوْا إِليه سرعة فَناء طعامهم فقال: أَتَكِيلون أَم تَهِيلون؟
فقالوا: نَهِيلُ، فقال: كِيلو ولا تَهِيلوا فإِنَّ البركة في الكَيْل. وفي
المثل: أَراكِ مُحْسنَةً فَهِيلي؛ قال ابن بري: يُضرب مثلاً للرجل يُسيء في
فعله فيؤمر بذلك على الهُزْء به. وفي حديث العَلاء: أَوْصَى عند موته
هِيلُوا عليَّ هذا الكثيبَ ولا تحفِروا لي. وتَهَيَّل: تصبَّب. وأَهَلْتُ
الدقيق: لغة في هِلْت، فهو مُهَال ومَهِيل.
وهَيْلانُ في شعر الجعدي: حي من اليمن، ويقال: هو مكان؛ قال ابن بري بيت
الجعدي هو قوله:
كأَنَّ فاهَا، إِذا تَوَسَّنُ، من
طِيبِ مِشَمٍّ وحُسْن مُبْتَسَم،
يُسَنُّ بالضَّرْوِ من بَرَاقِش أَو
هَيْلانَ، أَو ناضِرٍ من العُتُم
والضرْوُ: شجر طيب الرائحة، والعُتُم: الزيتون، وقيل: نبت يشبهه. وقال
أَبو عمرو: بَراقِش وهَيْلان واديان باليمن. وهَالةُ: أُم حمزة بن عبد
المطلب.
قفا: الأَزهري: القَفا ، مقصور ، مؤخر العُنق ، أَلفها واو والعرب
تؤنثها ، والتذكير أَعم . ابن سيده: القَفا وراء العنق أُنثى ؛ قال :
فَما المَوْلَى ، وإن عَرُضَت قَفاه ،
بأَحْمَل للمَلاوِمِ مِن حِمار
ويروى: للمَحامِد، يقول: ليس المولى وإن أَتَى بما يُحمَد عليه بأَكثر
من الحِمار مَحامِد. وقال اللحياني: القَفا يذكر ويؤنث ، وحَكَى عن
عُكْلٍ هذه قَفاً، بالتأْنيث، وحكى ابن جني المدّ في القَفا وليست بالفاشية؛
قال ابن بري: قال ابن جني المدّ في القفا لغة ولهذا جمع على أَقفِية؛
وأَنشد :
حتى إذا قُلْنا تَيَفَّع مالكٌ ،
سَلَقَت رُقَيَّةُ مالِكاً لقَفائِه
فأَما قوله :
يا ابنَ الزُّبَير طالَ ما عَصَيْكا ،
وطالَ ما عَنَّيْتَنا إلَيْكا ،
لَنَضْرِبَنْ بسَيْفِنا قَفَيْكا
أَراد قَفاك ، فأَبدل الأَلف ياء للقافية ، وكذلك أَراد عَصَيْتَ ،
فأَبدل من التاء كافاً لأَنها أُختها في الهمس ، والجمع أَقْفٍ وأَقْفِيةٌ؛
الأَخيرة عن ابن الأعرابي ، وهو على غير قياس لأنه جمعُ الممدود مثل سَماء
وأَسْمِيَةٍ، وأَقفاءٌ مثل رَحاً وأَرْحاء ؛ وقال الجوهري: هو جمع
القلة، والكثير قُفِيٌّ على فُعُول مثل عَصاً وعُصِيٍّ، وقِفِيٌّ وقَفِينٌ؛
الأَخيرة نادرة لا يوجبها القياس .
والقافِيَةُ: كالقَفا ، وهي أَقلهما . ويقال: ثلاثة أَقْفاء، ومن قال
أَقْفِية فإنه جماعة والقِفِيّ والقُفِيّ؛ وقال أَبو حاتم: جمع القَفا
أَقْفاء، ومن قال أَقْفِية فقد أَخطأَ. ويقال للشيخ إذا هَرِمَ: رُدَّ على
قَفاه ورُدَّ قَفاً؛ قال الشاعر :
إن تَلْقَ رَيْبَ المَنايا أَو تُرَدُّ قَفاً ،
لا أَبْكِ مِنْكَ على دِينٍ ولا حَسَبِ
وفي حديث مرفوع: يَعْقِدُ الشيطانُ على قافِيةِ رأْس أَحدكم ثلاث
عُقَد، فإذا قام من الليل فَتَوَضَّأَ انحلت عُقْدة ؛ قال أَبو عبيدة: يعني
بالقافية القَفا. ويقولون :القَفَنُّ في موضع القَفا ، وقال: هي قافية
الرأْس .وقافِيةُ كل شيء: آخره، ومنه قافية بيت الشِّعْر ، وقيل قافية
الرأْس مؤخره، وقيل: وسطه؛ أَراد تَثْقِيلَه في النوم وإطالته فكأنه قد
شَدَّ عليه شِداداً وعَقَده ثلاث عُقَد.
وقَفَوْتُه: ضربت قَفاه. وقَفَيْتُه أَقْفِيه: ضربت قَفاه. وقَفَيْتُه
ولَصَيْتُه: رميته بالزنا. وقَفَوْتُه: ضربت قَفاه ، وهو بالواو. ويقال:
قَفاً وقَفوان، قال: ولم أَسمع قَفَيانِ. وتَقَفَّيْته بالعصا
واسْتَقْفَيْته: ضربت قفاه بها . وتَقَفَّيت فلاناً بعصا فضربته: جِئته من خَلْف
. وفي حديث ابن عمر: أَخَذَ المِسْحاةَ فاسْتَقْفاه فضربه بها حتى
قتله أَي أَتاه من قِبَل قفاه. وفي حديث طلحة: فوضعوا اللُّجَّ على قَفَيَّ
أَي وضَعوا السيف على قَفاي ، قال: وهي لغة طائِية يشددون ياء المتكلم .
وفي حديث عمر ، رضي الله عنه، كتب إليه صحيفة فيها:
فما قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ
قَفا سَلْعٍ بمُخْتَلَفِ التِّجارِ
سَلْعٌ: جبل، وقَفاه: وراءه وخَلْفه.
وشاة قَفِيَّة: مذبوحة من قفاها، ومنهم من يقول قَفِينةٌ، والأَصل
قَفِيَّة، والنون زائدة؛ قال ابن بري: النون بدل من الياء التي هي لام الكلمة.
وفي حديث النخعي: سئل عمن ذبح فأَبان الرأْس، قال: تلك القَفِينة لا
بأْس بها؛ هي المذبوحة من قِبَل القَفا، قال: ويقال للقَفا القَفَنُ، فهي
فَعِيلة بمعنى مَفْعولة. يقال: قَفَنَ الشاةَ واقْتَفَنَها؛ وقال أَبو
عبيدة
(* قوله« أَبو عبيدة» كذا بالأصل، والذي في غير نسخة من النهاية: أبو
عبيد بدون هاء التأنيث.): هي التي يبان رأْسها بالذبح، قال: ومنه حديث
عمر، رضي الله عنه: ثم أَكون على قَفّانِه، عند من جعل النون أَصلية.
ويقال: لا أَفعله قَفا الدهر أَي أَبداً أَي طول الدهر وهو قَفا
الأَكَمَة وبقَفا الأَكَمة أَي بظهرها. والقَفَيُّ: القَفا.
وقَفاه قَفْواً وقُفُوّاً واقْتَفاه وتَقَفَّاه: تَبِعَه. الليث:
القَفْوُ مصدر قولك قَفا يَقْفُو قَفْواً وقُفُوّاً، وهو أَن يتبع الشيء. قال
الله تعالى: ولا تَقْفُ ما ليس لك به عِلم؛ قال الفراء: أَكثر القراء
يجعلونها من قَفَوْت كما تقول لا تدع من دعوت، قال: وقرأَ بعضهم ولا تَقُفْ
مثل ولا تَقُلْ، وقال الأَخفش في قوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم؛
أَي لا تَتَّبِع ما لا تعلم، وقيل: ولا تقل سمعت ولم تسمع، ولا رأَيت ولم
تر، ولا علمت ولم تعلم، إِن السمع والبصر والفؤاد كل أُولئك كان عنه
مسؤولاً. أَبو عبيد: هو يَقْفُو ويَقُوفُ ويَقْتافُ أَي يتبع الأَثر. وقال
مجاهد: ولا تقف ما ليس لك به علم لا تَرُمْ؛ وقال ابن الحنفية: معناه لا
تشهد بالزور. وقال أَبو عبيد: الأَصل في القَفْوِ والتَّقافي البُهْتان
يَرمي به الرجل صاحبه، والعرب تقول قُفْتُ أَثره وقَفَوْته مثل قاعَ الجمل
الناقة وقَعاها إِذا ركبها، ومثل عاثَ وعَثا. ابن الأَعرابي: يقال قَفَوْت
فلاناً اتبعت أَثره، وقَفَوْته أَقْفُوه رميته بأَمر قبيح. وفي نوادر
الأَعراب: قَفا أَثره أَي تَبِعَه، وضدُّه في الدعاء: قَفا الله أَثَره مثل
عَفا الله أَثَره. قال أَبو بكر: قولهم قد قَفا فلان فلاناً، قال أَبو
عبيد: معناه أَتْبَعه كلاماً قبيحاً. واقْتَفى أَثَره وتَقَفَّاه: اتبعه.
وقَفَّيْت على أَثره بفلان أَي أَتْبَعْته إِياه. ابن سيده: وقَفَّيْته
غيري وبغيري أَتْبَعْته إِياه. وفي التنزيل العزيز: ثم قَفَّينا على
آثارهم برُسُلنا؛ أَي أَتبعنا نوحاً وإِبراهيم رُسُلاً بعدهم؛ قال امرؤ القيس:
وقَفَّى على آثارِهِنَّ بحاصِبِ
أَي أَتْبَع آثارَهن حاصباً. وقال الحوفي: اسْتَقْفاه إِذا قَفا أَثره
ليَسْلُبَه؛ وقال ابن مقبل في قَفَّى بمعنى أَتى:
كَمْ دُونَها من فَلاةٍ ذاتِ مُطَّرَدٍ،
قَفَّى عليها سَرابٌ راسِبٌ جاري
أَي أَتى عليها وغَشِيَها. ابن الأَعرابي: قَفَّى عليه أَي ذهب به؛
وأَنشد:
ومَأْرِبُ قَفًى عليه العَرِمْ
والاسم القِفْوةُ، ومنه الكلام المُقَفَّى. وفي حديث النبي، صلى الله
عليه وسلم: لي خمسة أَسماء منها كذا وأَنا المُقَفِّي، وفي حديث آخر: وأَنا
العاقب؛ قال شمر: المُقَفِّي نحو العاقب وهو المُوَلِّي الذاهب.
يقال: قَفَّى عليه أَي ذهبَ به، وقد قَفَّى يُقَفِّي فهو مُقَفٍّ،
فكأَنَّ المعنى أَنه آخِر الأَنبياءَ المُتَّبِع لهم، فإِذا قَفَّى فلا نبيَّ
بعده، قال: والمُقَفِّي المتَّبع للنبيين. وفي الحديث: فلما قَفَّى قال
كذا أَي ذهب مُوَلِّياً، وكأَنه من القَفا أَي أَعطاه قفاه وظهره؛ ومنه
الحديث: أَلا أُخبركم بأَشدَّ حرّاً منه يوم القيامة هَذَيْنِكَ الرجلين
المُقَفِّيَيْن أَي المُوَلِّيَين، والحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَنه قال: أَنا محمد وأَحمد والمُقَفِّي والحاشِر ونبيّ الرحْمة ونبي
المَلْحَمة؛ وقال ابن أَحمر:
لا تَقْتَفِي بهمُ الشمالُ إِذا
هَبَّتْ، ولا آفاقُها الغُبْرُ
أَي لا تُقِيم الشمال عليهم، يريد تُجاوِزهم إِلى غيرهم ولا تَستَبِين
عليهم لخِصْبهم وكثرة خَيرهم؛ ومثله قوله:
إِذا نَزَلَ الشِّتاءُ بدارِ قَومٍ،
تَجَنَّبَ دارَ بيتِهمُ الشِّتاءُ
أَي لا يظهر أَثر الشتاء بجارهم. وفي حديث عمر، رضي الله
عنه، في الاسْتسقاءِ: اللهم إِنا نتقرب إِليك بعمِّ نبيك وقَفِيَّةِ
آبائه وكُبْر رجاله؛ يعني العباس. يقال: هذا قَفِيُّ الأَشياخ وقَفِيَّتُهم
إِذا كان الخَلَف منهم، مأْخوذ من قَفَوْت الرجل إِذا تَبِعْتَه، يعني
أَنه خَلَفُ آبائه وتِلْوهم وتابعهم كأَنه ذهب إِلى استسقاء أَبيه عبد
المطلب لأَهل الحرمَين حين أَجْدَبوا فسقاهم الله به، وقيل: القَفِيَّةُ
المختار. واقْتفاه إِذا اختاره. وهو القِفْوةُ: كالصِّفْوة من اصْطَفى، وقد
تكرر ذلك القَفْو والاقْتفاء في الحديث اسماً وفعلاً ومصدراً. ابن سيده:
وفلان قَفِيُّ أَهله وقَفِيَّتُهم أَي الخلف منهم لأَنه يَقْفُو آثارهم في
الخير. والقافية من الشعر: الذي يقفو البيت، وسميت قافية لأَنها تقفو
البيت، وفي الصحاح: لأَن بعضها يتبع أَثر بعض. وقال الأَخفش: القافية آخر
كلمة في البيت، وإنما قيل لها قافية لأَنها تقفو الكلام، قال: وفي قولهم
قافية دليل على أَنها ليست بحرف لأَن القافية مؤنثة والحرف مذكر، وإن
كانوا قد يؤنثون المذكر، قال: وهذا قد سمع من العرب، وليست تؤخذ الأَسماء
بالقياس، أَلا ترى أَن رجلاً وحائطاً وأَشباه ذلك لا تؤخذ بالقياس إِنما
ينظر ما سمته العرب، والعرب لا تعرف الحروف؟ قال ابن سيده: أَخبرني من أَثق
به أَنهم قالوا لعربي فصيح أَنشدنا قصيدة على الذال فقال: وما الذال؟
قال: وسئل بعض العرب عن الذال وغيرها من الحروف فإِذا هم لا يعرفون الحروف؛
وسئل أَحدهم عن قافية:
لا يَشْتَكينَ عَمَلاً ما أَنْقَيْنْ
فقال: أَنقين؛ وقالوا لأَبي حية: أَنشدنا قصيدة على القاف فقال:
كَفى بالنَّأْيِ من أَسماء كاف
فلم يعرف القاف. قال محمد بن المكرّم: أَبو حية، على جهله بالقاف في هذا
كما ذكر، أَفصح منه على معرفتها، وذلك لأَنه راعى لفظة قاف فحملها على
الظاهر وأَتاه بما هو على وزن قاف من كاف ومثلها، وهذا نهاية العلم
بالأَلفاظ وإِن دق عليه ما قصد منه من قافية القاف، ولو أَنشده شعراً على غير
هذا الروي مثل قوله:
آذَنَتْنا بِبَيْنِها أَسماءُ
ومثل قوله:
لِخَوْلةَ أَطْلالٌ ببُرْقةِ ثَهْمَدِ
(* قوله« ببرقة» هي بالضم كما في ياقوت، وضبطت في تمهد بالفتح خطأ.)
كان يعد جاهلاً وإِنما هو أَنشده على وزن القاف، وهذه معذرة لطيفة عن
أَبي حية، والله أَعلم. وقال الخليل: القافية من آخر حرف في البيت إِلى
أَوّل ساكن يليه مع الحركة التي قبل الساكن، ويقال مع المتحرك الذي قبل
الساكن كأَن القافية على قوله من قول لبيد:
عَفَتِ الدِّيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها
من فتحة القاف إِلى آخر البيت، وعلى الحكاية الثانية من القاف نفسها
إِلى آخر البيت؛ وقال قطرب: القافية الحرف الذي تبنى القصيدة عليه، وهو
المسمى رَوِيّاً؛ وقال ابن كيسان: القافية كل شيء لزمت إِعادته في آخر البيت،
وقد لاذ هذا بنحو من قول الخليل لولا خلل فيه؛ قال ابن جني: والذي يثبت
عندي صحته من هذه الأَقوال هو قول الخليل؛ قال ابن سيده: وهذه الأَقوال
إِنما يخص بتحقيقها صناعة القافية، وأَما نحن فليس من غرضنا هنا إِلا أَن
نعرّف ما القافية على مذهب هؤلاء من غير إسهاب ولا إطناب؛ وأَما ما حكاه
الأَخفش من أَنه سأَل من أَنشد:
لا يشتكين عملاً ما أَنقين
فلا دلالة فيه على أَن القافية عندهم الكلمة، وذلك أَنه نحا نحو ما
يريده الخليل، فلَطُف عليه أَن يقول هي من فتحة القاف إِلى آخر البيت فجاء
بما هو عليه أَسهل وبه آنَس وعليه أَقْدَر، فذكر الكلمة المنطوية على
القافية في الحقيقة مجازاً، وإِذا جاز لهم أَن يسموا البيت كله قافية لأَن في
آخره قافية، فتسميتهم الكلمة التي فيها القافية نفسها قافية أَجدر
بالجواز، وذلك قول حسان:
فَنُحْكِمُ بالقَوافي مَن هَجانا،
ونَضْرِبُ حينَ تخْتَلِطُ الدِّماءُ
وذهب الأَخفش إِلى أَنه أَراد هنا بالقوافي الأَبيات؛ قال ابن جني: لا
يمتنع عندي أَن يقال في هذا إِنه أَراد القصائد كقول الخنساء:
وقافِيةٍ مِثْلِ حَدِّ السِّنا
نِ تَبْقى، ويَهْلِك مَن قالَها
تعني قصيدة والقافية القصيدة؛ وقال:
نُبِّئْتُ قافِيةً قيلَتْ، تَناشَدَها
قَوْمٌ سأَتْرُك في أَعْراضِهِمْ نَدَبا
وإِذا جاز أَن تسمى القصيدة كلها قافية كانت تسمية الكلمة التي فيها
القافية قافية أجدر، قال: وعندي أَن تسمية الكلمة والبيت والقصيدة قافية
إِنما هي على إِرادة ذو القافية، وبذلك خَتَم ابن جني رأْيه في تسميتهم
الكلمة أَو البيت أَو القصيدة قافية. قال الأَزهري: العرب تسمي البيت من
الشِّعر قافية وربما سموا القصيدة قافية. ويقولون: رويت لفلان كذا وكذا
قافية. وقَفَّيْتُ الشِّعر تَقْفِية أَي جعلت له قافية.
وقَفاه قَفْواً: قَدَفه أَو قَرَفَه، وهي القِفْوةُ، بالكسر. وأَنا له
قَفِيٌّ: قاذف. والقَفْوُ القَذْف، والقَوْفُ مثل القفْو. وقال النبي، صلى
الله عليه وسلم: نحن بنو النضر بن كِنانة لا نَقْذِفُ أَبانا ولا نقْفُو
أُمنا؛ معنى نقفو: نقذف، وفي رواية: لا نَنْتَفي عن أَبينا ولا نَقْفُو
أُمنا أَي لا نتهمها ولا نقذفها. يقال: قَفا فلان فلاناً إِذا قذفه بما
ليس فيه، وقيل: معناه لا نترك النَّسَب إِلى الآباءِ ونَنْتَسب إِلى
الأُمهات. وقَفَوْت الرجل إِذا قذفته بفُجور صريحاً. وفي حديث القاسم بن محمد:
لا حَدَّ إِلا في القَفْوِ البيّن أَي القذف الظاهر. وحديث حسان بن
عطية: من قَفا مؤمناً بما ليس فيه وقَفَه الله في رَدْغةِ الخَبال. وقَفَوْت
الرجل أَقْفُوه قَفْواً إِذا رميته بأَمر قبيح. والقِفْوةُ: الذنب. وفي
المثل: رُبَّ سامع عِذْرَتي لم يَسمَع قِفْوتي؛ العِذْرةُ: المَعْذِرةُ،
أَي رب سامع عُذْري لم يَسمع ذَنبي أَي ربما اعتذرت إِلى من لم يعرف ذنبي
ولا سمع به وكنت أَظنه قد علم به. وقال غيره: يقول ربما اعتذرت إِلى رجل
من شيء قد كان مني إِلى مَنْ لم يبْلُغه ذنبي. وفي المحكم: ربما اعتذرت
إِلى رجل من شيء قد كان مني وأَنا أَظن أَنه قد بلغه ذلك الشيء ولم يكن
بلغه؛ يضرب مثلاً لمن لا يحفظ سره ولا يعرف عيبه، وقيل: القِفْوة أَن تقول
في الرجل ما فيه وما ليس فيه.
وأَقفى الرجلَ على صاحبه: فضَّله؛ قال غيلان الربعي يصف فرساً:
مُقْفًى على الحَيِّ قَصِيرَ الأَظْماء
والقَفِيَّةُ: المَزِيَّة تكون للإِنسان على غيره، تقول: له عندي
قَفِيَّةٌ ومزية إِذا كانت له منزلة ليست لغيره. ويقال: أَقْفَيته ولا يقال
أَمْزَيته، وقد أَقْفاه. وأَنا قَفِيٌّ به أَي حَفِيٌّ، وقد تَقَفَّى به.
والقَفِيُّ: الضَّيْف المُكْرَم. والقَفِيُّ والقَفِيَّةُ: الشيء الذي
يُكْرَم به الضيْفُ من الطعام، وفي التهذيب: الذي يكرم به الرجل من الطعام،
تقول: قَفَوْته، وقيل: هو الذي يُؤثر به الضيف والصبي؛ قال سلامة بن جندل
يصف فرساً:
ليس بأَسْفى ولا أَقْنى ولا سَغِلٍ،
يُسْقى دَواء قَفِيّ السَّكْنِ مَرْبُوب
وإِنما جُعِل اللبنُ دواء لأَنهم يُضَمِّرون الخيل بسَقْي اللبن
والحَنْذ، وكذلك القَفاوة، يقال منه: قَفَوْته به قَفْواً وأَقْفَيته به أَيضاً
إِذا آثَرْته به. يقال: هو مُقْتَفًى به إِذا كان مُكْرَماً، والاسم
القِفْوة، بالكسر، وروى بعضهم هذا البيت دِواء، بكسر الدال، مصدر داويته،
والاسم القَفاوة. قال أَبو عبيد: اللبن ليس باسم القَفِيِّ، ولكنه كان
رُفِعَ لإِنسان خص به يقول فآثرت به الفرس. وقال الليث: قَفِيُّ السَّكْنِ
ضَيْفُ أَهل البيت. ويقال: فلان قَفِيٌّ بفلان إِذا كان له مُكْرِماً. وهو
مُقْتَفٍ به أَي ذو لُطْف وبِرّ، وقيل: القَفِيُّ الضَّيف لأَنه يُقْفَى
بالبِر واللطف، فيكون على هذا قَفِيّ بمعنى مَقْفُوّ، والفعل منه قَفَوته
أَقْفُوه. وقال الجعدي: لا يُشِعْن التَّقافِيا؛ ويروى بيت الكميت:
وباتَ وَلِيدُ الحَيِّ طَيَّانَ ساغِباً،
وكاعِبُهمْ ذاتُ القَفاوَةِ أَسْغَبُ
أَي ذات الأُثْرَة والقَفِيَّةِ؛ وشاهد أَقْفَيْتُه قول الشاعر:
ونُقْفِي وَلِيدَ الحيّ إِن كان جائعاً،
ونُحْسِبُه إِن كان ليس بجائعِ
اي نُعْطِيه حتى يقول حَسْبي. ويقال: أَعطيته القَفاوة، وهي حسن
الغِذاء. واقْتَفى بالشيء: خَص نفسه به؛ قال:
ولا أَتَحَرَّى وِدَّ مَن لا يَودُّني،
ولا أَقْتَفِي بالزادِ دُون زَمِيلِي
والقَفِيَّة: الطعام يُخص به الرجل. وأَقفاه به: اخْتصَّه. واقْتَفَى
الشيءَ وتَقَفَّاه: اختاره، وهي القِفْوةُ، والقِفْوةُ: ما اخترت من شيء.
وقد اقْتَفَيْت أَي اخترت. وفلان قِفْوَتي أَي خيرتي ممن أُوثره. وفلان
قِفْوَتي أَي تُهَمَتي، كأَنه من الأَضداد، وقال بعضهم: قِرْفتي.
والقَفْوة: رَهْجة تثور عند أَوّل المطر.
أَبو عمرو: القَفْو أَن يُصيب النبتَ المطرُ ثم يركبه التراب فيَفْسُد.
أَبو زيد: قَفِئَت الأَرضُ قَفْأً إِذا مُطِرت وفيها نبت فجعل المطرُ على
النبت الغُبارَ فلا تأْكله الماشية حتى يَجْلُوه الندى. قال الأَزهري:
وسمعت بعض العرب يقول قُفِيَ العُشب فهو مَقْفُوٌّ، وقد قفاه السَّيل،
وذلك إِذا حَمل الماءُ الترابَ عليه فصار مُوبِئاً.
وعُوَيْفُ القَوافي: اسم شاعر، وهو عُوَيْفُ بنُ معاوية بن عُقْبة بن
حِصْن بن حذيفة بن بدر.
والقِفْيةُ: العيب؛ عن كراع. والقُفْية: الزُّبْيةُ، وقيل: هي مثل
الزبية إِلا أَن فوقها شجراً، وقال اللحياني: هي القُفْيةُ والغُفْيةُ.
والقَفِيَّةُ: الناحية؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فأَقْبَلْتُ حتى كنتُ عند قَفِيَّةٍ
من الجالِ، والأَنُفاسُ مِنِّي أَصُونُها
أَي في ناحية من الجال وأَصون أَنفاسِي لئلا يُشعَر بي.
ملج: مَلَجَ الصبيُّ أُمه يَمْلُجُها مَلْجاً ومَلِجَها إِذا رضَعَها،
وأَمْلَجَتْه هي.
وقيل: المَلْجُ تناوُلُ الشيء، وفي الصحاح: تناوُلُ الثدْي بأَدْنى
الفم.ورجل مَلْجانُ مَصَّانُ: يَرْضَعُ الإِبلَ والغنَم من ضُروعِها ولا
يَحْلُبُها لئلا يُسْمَع، وذلك من لُؤْمه. وامْتَلَجَ الفصيلُ ما في
الضَّرْع: امْتصَّه.
والإِملاجُ: الإِرْضاعُ. وفي الحديث: لا تُحَرِّمُ الإِمْلاجةُ ولا
الإِمْلاجَتانِ؛ يعني أَن تُمِصَّه هي لَبَنَها؛ وفي النهاية: لا تُحَرِّمُ
المَلْجةُ والمَلْجَتانِ، قال: المَلْجُ المَصُّ، والمَلْجةُ المرّةُ،
والإِمْلاجةُ المرَّة أَيضاً مِن أَمْلَجَتْه أُمُّه أَي أَرْضَعَتْهُ؛ يعني
أَن المَصَّةَ والمَصَّتَينِ لا يُحَرِّمان ما يُحَرِّمُه الرضاعُ
الكامِلُ؛ ومنه الحديث: فجَعَلَ مالكُ بن سِنانٍ يَمْلُجُ الدمَ بفيه من وجه
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم ازْدَرَدَه أَي مَصَّه ثم ابْتَلَعَه؛
ومنه حديث عمرو ابن سعيد، قال لعبد الملك بن مَرْوانَ يوم قتلَه:
أُذَكِّرُكَ مَلْجَ فُلانةَ، يعني امرأَة كانت أَرضعتهما. والمَلِيجُ:
الرَّضِيعُ. والمَلِيجُ: الجَلِيلُ من الناسِ أَيضاً. ومَلَجَ المرأَةَ: نَكَحَها
كَلَمَجَها.
والمُلْجُ: السُّمْرُ من الناسِ؛ وفي نوادر الأَعراب: أَسودُ أَمْلَجُ،
وهو اللَّعِسُ. والأَمْلَجُ: الأصفر الذي ليس بأَسودَ ولا أَبيض، وهو
بينهما؛ يقال: ولدَت فلانةُ غلاماً فجاءت به أَمْلَجَ أَي أَصْفَرَ لا
أَبيضَ ولا أَسْودَ. والأَمْلَجُ: ضرب من العَقاقِير سمِّي بذلك
للَوْنِه.أَبو زيد: والمُلْجُ نَوى الــمُقْلِ، وجمعه أَمْلاجٌ؛ غيره: والمُلْجُ
نواة الــمُقْلــةِ. ومَلَجَ الرجلُ إِذا لاكَ المُلْجَ.
والأُمْلُوجُ: نَوَى الــمُقْلِ مثل المُلْجِ؛ ومنه حديث طَهْفَةَ: أَن
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، دخل عليه قوم يشكون القحطَ، وفي نسخة:
وفْدٌ من اليمن، فقال قائلهُم: سَقَطَ الأُمْلُوجُ وماتَ العُسْلُوجُ؛ وقيل:
الأُمْلُوجُ ورق من أَوراق الشجر كالعيدان، ليس بعريض كورق الطَّرْفاء
والسرْو، والجمع الأَمالِيجُ، حكاه الهروي في الغريبين. والأُملُوجُ: الغصن
الناعم؛ وقيل: هو العِرْقُ من عُرُوقِ الشجَر يُغْمَسُ في الثرى
لِيَلِينَ؛ وقيل: هو ضرب من النبات ورقه كالعيدان. وفي رواية: سقط الأُملوج من
البِكارةِ، هو جمع بَكْرٍ، وهو الفَتيُّ السمين من الإِبل، أَي سقط عنها
ما علاها من السِّمَنِ برَعْيِ الأُمْلُوج، فسَمَّى السِّمَنَ نفسَه
أُمْلُوجاً على سبيل الاستعارة، قال ابن الأَثير: قاله الزمخشري.
والمُلُجُ: الجِداءُ الرُّضَّعُ.
والمالَجُ: الذي يُطَيَّن به، فارسي مُعَرَّبٌ.
صبر: في أَسماء الله تعالى: الصَّبُور تعالى وتقدَّس، هو الذي لا
يُعاجِل العُصاة بالانْتقامِ، وهو من أَبنية المُبالَغة، ومعناه قَرِيب من
مَعْنَى الحَلِيم، والفرْق بينهما أَن المُذنِب لا يأْمَنُ العُقوبة في صِفَة
الصَّبُور كما يأْمَنُها في صِفَة الحَلِيم. ابن سيده: صَبَرَه عن الشيء
يَصْبِرُه صَبْراً حَبَسَه؛ قال الحطيئة:
قُلْتُ لها أَصْبِرُها جاهِداً:
وَيْحَك، أَمْثالُ طَرِيفٍ قَلِيلْ
والصَّبْرُ: نَصْب الإِنسان للقَتْل، فهو مَصْبُور. وصَبْرُ الإِنسان
على القَتْل: نَصْبُه عليه. يقال: قَتَلَه صَبْراً، وقد صَبَره عليه وقد
نَهَى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنْ تُصْبَرَ الرُّوح. ورجل
صَبُورَة، بالهاء: مَصْبُور للقتل؛ حكاه ثعلب. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه نَهَى عن قَتْل شيء من الدَّوابّ صَبْراً؛ قيل: هو أَن يُمْسك
الطائرُ أَو غيرُه من ذواتِ الرُّوح يُصْبَر حَيّاً ثم يُرْمَى بشيء حتى
يُقْتَل؛ قال: وأَصل الصَّبْر الحَبْس، وكل من حَبَس شيئاً فقد صَبَرَه؛
ومنه الحديث: نهى عن المَصْبُورة ونَهَى عن صَبْرِ ذِي الرُّوح؛
والمَصبُورة التي نهى عنها؛ هي المَحْبُوسَة على المَوْت. وكل ذي روح يصبر حيّاً
ثم يرمى حتى يقتل، فقد، قتل صبراً. وفي الحديث الآخر في رَجُل أَمسَك
رجُلاً وقَتَلَه آخر فقال: اقْتُلُوا القاتل واصْبُروا الصَّابرَ؛ يعني
احْبِسُوا الذي حَبَسَه للموْت حتى يَمُوت كفِعْلِهِ به؛ ومنه قيل للرجُل
يقدَّم فيضربَ عنقه: قُتِل صَبْراً؛ يعني أَنه أُمسِك على المَوْت، وكذلك لو
حَبَس رجُل نفسَه على شيء يُرِيدُه قال: صَبَرْتُ نفسِي؛ قال عنترة يذكُر
حرْباً كان فيها:
فَصَبَرْتُ عارِفَةً لذلك حُرَّةً
تَرْسُو، إِذا نَفْسُ الجبان تَطَلَّعُ
يقول: حَبَست نفساً صابِرة. قال أَبو عبيد: يقول إِنه حَبَس نفسَه،
وكلُّ من قُتِل في غير مَعْرَكة ولا حَرْب ولا خَطَإٍ، فإِنه مَقْتول
صَبْراً. وفي حديث ابن مسعود: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن
صَبْرِ الرُّوح، وهو الخِصاءُ، والخِصاءُ صَبْرٌ شديد؛ ومن هذا يَمِينُ
الصَّبْرِ، وهو أَن يحبِسَه السلطان على اليمين حتى يحلِف بها، فلو حلَف
إِنسان من غيرِ إِحلاف ما قيل: حلَف صَبْراً. وفي الحديث: مَنْ حَلَف على
يَمِين مَصْبُورَةٍ كاذِباً، وفي آخر: على يَمِينِ صَبْرٍ أَي أُلْزِم بها
وحُبِس عليها وكانت لازِمَة لصاحِبها من جِهَة الحَكَم، وقيل لها مَصْبُورة
وإِن كان صاحِبُها في الحقيقة هو المَصْبُور لأَنه إِنما صُبِرَ من
أَجْلِها أَي حُبس، فوُصِفت بالصَّبْر وأُضيفت إِليه مجازاً؛ والمَصْبورة: هي
اليَمِين، والصَّبْر: أَن تأْخذ يَمِين إِنسان. تقول: صَبَرْتُ يَمِينه
أَي حلَّفته. وكلُّ من حَبَسْتَه لقَتلٍ أَو يَمِين، فهو قتلُ صَبْرٍ.
والصَّبْرُ: الإِكراه. يقال: صَبَرَ الحاكم فُلاناً على يَمين صَبْراً أَي
أَكرهه. وصَبَرْت الرَّجل إِذا حَلَّفته صَبْراً أَو قتلتَه صَبْراً.
يقال: قُتِل فلانٌ صَبْراً وحُلِّف صَبْراً إِذا حُبِس. وصَبَرَه: أَحْلَفه
يَمِين صَبْرٍ يَصْبِرُه. ابن سيده: ويَمِين الصَّبْرِ التي يُمْسِكُكَ
الحَكَم عليها حتى تَحْلِف؛ وقد حَلَف صَبْراً؛ أَنشد ثعلب:
فَأَوْجِعِ الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرَا،
أَو يُبْلِيَ اللهُ يَمِيناً صَبْرَا
وصَبَرَ الرجلَ يَصْبِرُه: لَزِمَه.
والصَّبْرُ: نقِيض الجَزَع، صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْراً، فهو صابِرٌ
وصَبَّار وصَبِيرٌ وصَبُور، والأُنثى صَبُور أَيضاً، بغير هاء، وجمعه صُبُرٌ.
الجوهري: الصَّبر حَبْس النفس عند الجزَع، وقد صَبَرَ فلان عند المُصِيبة
يَصْبِرُ صَبْراً، وصَبَرْتُه أَنا: حَبَسْته. قال الله تعالى: واصْبِرْ
نفسَك مع الذينَ يَدْعُون رَبَّهم. والتَّصَبُّرُ: تكلُّف الصَّبْرِ؛
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أَرَى أُمَّ زَيْدٍ كُلَّمَا جَنَّ لَيْلُها
تُبَكِّي على زَيْدٍ، ولَيْسَتْ بَأَصْبَرَا
أَراد: وليست بأَصْبَرَ من ابنها، بل ابنها أَصْبَرُ منها لأَنه عاقٌّ
والعاقُّ أَصبَرُ من أَبَوَيْهِ. وتَصَبَّر وآصْطَبَرَ: جعل له صَبْراً.
وتقول: آصْطَبَرْتُ ولا تقول اطَّبَرْتُ لأَن الصاد لا تدغم في الطاء،
فإِن أَردت الإِدغام قلبت الطاء صاداً وقلت اصَّبَرْتُ. وفي الحديث عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن الله تعالى قال: إِنِّي أَنا الصَّبُور؛ قال
أَبو إِسحق: الصَّبُور في صفة الله عز وجلّ الحَلِيم. وفي الحديث: لا
أَحَدَ أَصْبَرُ على أَذًى يَسْمَعُه من الله عزَّ وجلَّ؛ أَي أَشدّ حِلْماً
على فاعِل ذلك وترك المُعاقبة عليه. وقوله تعالى: وتَتَواصَوْا
بالصَّبْرِ؛ معناه: وتَوَاصَوْا بالصبر على طاعة الله والصَّبْرِ على الدخول في
مَعاصِيه. والصَّبْرُ: الجَراءة؛ ومنه قوله عز وجلّ: فما أَصْبَرَهُمْ على
النار؛ أَي ما أَجْرَأَهُم على أَعمال أَهل النار. قال أَبو عمرو: سأَلت
الحليحي عن الصبر فقال: ثلاثة أَنواع: الصَّبْرُ على طاعة الجَبَّار،
والصَّبْرُ على معاصِي
(* قوله: «الحليحي» وقوله: «والصبر على معاصي إلخ»
كذا بالأَصل). الجَبَّار، والصَّبر على الصَّبر على طاعته وتَرْك معصيته.
وقال ابن الأَعرابي: قال عُمر: أَفضل الصَّبر التَّصَبر. وقوله: فَصَبْرٌ
جَمِيل؛ أَي صَبْرِي صَبْرٌ جَمِيل. وقوله عز وجل: اصْبِرُوا وصَابِرُوا؛
أَي اصْبِرُوا واثْبُتُوا على دِينِكم، وصابروا أَي صابروا أَعداءَكُم
في الجِهاد. وقوله عز وجل: اسْتَعِينوا بالصَّبْرِ؛ أَي بالثبات على ما
أَنتم عليه من الإِيمان. وشَهْرُ الصَّبْرِ: شهر الصَّوْم. وفي حديث
الصَّوْم: صُمْ شَهْرَ الصَّبْر؛ هُوَ شهرُ رمضان وأَصل الصَّبْرِ الحَبْس،
وسُمِّي الصومُ صَبْراً لِمَا فيه من حَبْس النفس عن الطَّعام والشَّرَاب
والنِّكاح. وصَبَرَ به يَصْبُرُ صَبْراً: كَفَلَ، وهو بِهِ صَبِيرٌ
والصَّبِيرُ: الكَفِيل؛ تقول منه: صَبَرْتُ أَصْبُرُ، بالضَّم، صَبْراً وصَبَارة
أَي كَفَلْت به، تقول منه: اصْبُرْني يا رجل أَي أَعْطِنِي كَفِيلاً.
وفي حديث الحسَن: مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً فَلا يأْخُذَنَّ به رَهْناً ولا
صَبِيراً؛ هو الكفِيل. وصَبِير القوم: زَعِيمُهم المُقَدَّم في أُمُورِهم،
والجمع صُبَراء. والصَّبِيرُ: السحاب الأَبيض الذي يصبرُ بعضه فوق بعض
درجاً؛ قال يصِف جَيْشاً:
كَكِرْفِئَة الغَيْث ذاتِ الصبِير
قال ابن بري: هذا الصدر يحتمل أَن يكون صدراً لبيت عامر بن جوين الطائي
من أَبيات:
وجارِيَةٍ من بَنَات المُلُو
ك، قَعْقَعْتُ بالخيْل خَلْخالَها
كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيـ
ـرِ، تأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَها
قال: أَي رُبَّ جارية من بَنات المُلُوك قَعْقَعتُ خَلْخَالَها لَمَّا
أَغَرْت عليهم فهَرَبَتْ وعَدَت فسُمِع صَوْت خَلْخَالِها، ولم تكن قبل
ذلك تَعْدُو. وقوله: كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ أَي هذه الجارية
كالسَّحابة البَيْضاء الكَثِيفة تأْتي السَّحاب أَي تقصِدُ إِلى جُمْلَة
السَّحاب. وتأْتالُه أَي تُصْلِحُه، وأَصله تأْتَوِلُهُ من الأَوْل وهو
الإِصْلاح، ونصب تأْتالَها على الجواب؛ قال ومثله قول لبيد:
بِصَبُوحِ صَافِيَة وجَذْب كَرِينَةٍ،
بِمُوَتَّرٍ تَأْتالُه إِبهامُها
أَي تُصْلِح هذه الكَرِينَة، وهي المُغَنِّية، أَوْتار عُودِها
بِإِبْهامِها؛ وأَصله تَأْتَوِلُه إِبْهامُها فقلبت الواو أَلفاً لتحركها وانفتاح
ما قبلها؛ قال: وقد يحتمل أَن يكون كَكِرْفِئَة الغيْث ذات الصبير
للْخَنْسَاء، وعجزه:
تَرْمِي السَّحابَ ويَرْمِي لَها
وقبله:
ورَجْراجَة فَوْقَها بَيْضُنا،
عليها المُضَاعَفُ، زُفْنا لَها
والصَّبِير: السحاب الأَبيض لا يكاد يُمطِر؛ قال رُشَيْد بن رُمَيْض
العَنَزيّ:
تَرُوح إِليهمُ عَكَرٌ تَراغَى،
كأَن دَوِيَّها رَعْدُ الصَّبِير
الفراء: الأَصْبار السحائب البيض، الواحد صِبْر وصُبْر، بالكسر والضم.
والصَّبِير: السحابة البيضاء، وقيل: هي القطعة من السحابة تراها كأَنها
مَصْبُورة أَي محبُوسة، وهذا ضعيف. قال أَبو حنيفة: الصَّبير السحاب يثبت
يوماً وليلة ولا يبرَح كأَنه يُصْبَرُ أَي يحبس، وقيل: الصَّبِير السحاب
الأَبيض، والجمع كالواحد، وقيل: جمعه صُبُرٌ؛ قال ساعدة بن جؤية:
فارْمِ بِهم لِيَّةَ والأَخْلافا،
جَوْزَ النُّعامَى صُبُراً خِفافا
والصُّبَارة من السحاب: كالصَّبِير.
وصَبَرَه: أَوْثقه. وفي حديث عَمَّار حين ضرَبه عُثمان: فلمَّا عُوتِب
في ضَرْبه أَياه قال: هذه يَدِي لِعَمَّار فَلْيَصْطَبِر؛ معناه فليقتصّ.
يقال: صَبَرَ فلان فلاناً لوليّ فلان أَي حبسه، وأَصْبَرَه أَقَصَّه منه
فاصْطَبر أَي اقتصَّ. الأَحمر: أَقادَ السلطان فلاناً وأَقَصَّه
وأَصْبَرَه بمعنى واحد إِذا قَتَلَه بِقَوَد، وأَباءَهُ مثلهُ. وفي الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، طَعَن إِنساناً بقضِيب مُدَاعَبة فقال له:
أَصْبِرْني، قال: اصْطَبر، أَي أَقِدْني من نفسك، قال: اسْتَقِدْ. يقال:
صَبَر فلان من خصْمه واصْطَبَر أَي اقتصَّ منه. وأَصْبَرَه الحاكم أَي
أَقصَّه من خصْمه.
وصَبِيرُ الخُوانِ: رُقَاقَة عَرِيضَة تُبْسَطُ تحت ما يؤكل من الطعام.
ابن الأَعرابي: أَصْبَرَ الرجل إِذا أَكل الصَّبِيرَة، وهي الرُّقاقة
التي يَغْرُِفُ عليها الخَبَُاز طَعام العُرْس.
والأَصْبَِرةُ من الغَنَم والإِبل؛ قال ابن سيده ولم أَسمع لها بواحد:
التي تَرُوح وتَغْدُو على أَهلها لا تَعْزُب عنهم؛ وروي بيت عنترة:
لها بالصَّيْف أَصْبِرَةٌ وجُلّ،
وسِتُّ من كَرائِمِها غِزَارُ
الصَّبرُ والصُّبْرُ: جانب الشيء، وبُصْره مثلُه، وهو حَرْف الشيء
وغِلَظه. والصَّبْرُ والصُّبْرُ: ناحية الشيء وحَرْفُه، وجمعه أَصْبار.
وصُبْرُ الشيء: أَعلاه. وفي حديث ابن مسعود: سِدْرة المُنْتَهى صُبْرُ الجنة؛
قال: صُبْرُها أَعلاها أَي أَعلى نواحيها؛ قال النمر بن تَوْلَب يصف
روضة:عَزَبَتْ، وباكَرَها الشَّتِيُّ بِدِيمَة
وَطْفاء، تَمْلَؤُها إِلى أَصْبارِها
وأَدْهَقَ الكأْس إِلى أَصْبارها ومَلأَها إِلى أَصْبارها أَي إِلى
أَعالِيها ورأْسها. وأَخذه بأَصْباره أَي تامّاً بجميعه.
وأَصْبار القبر: نواحيه وأَصْبار الإِناء: جوانِبه. الأَصمعي: إِذا
لَقِيَ الرجل الشِّدة بكمالها قيل: لَقِيها بأَصْبارها.
والصُّبْرَة: ما جُمِع من الطعام بلا كَيْل ولا وَزْن بعضه فوق بعض.
الجوهري: الصُّبرة واحدة صُبَرِ الطعام. يقال: اشتريت الشيء صُبْرَةً أَي
بلا وزن ولا كيل. وفي الحديث: مَرَّ على صُبْرَة طَعام فأَدخل يَدَه فيها؛
الصُّبْرة: الطعام المجتمِع كالكُومَة. وفي حديث عُمَر: دخل على النبي،
صلى الله عليه وسلم، وإِنَّ عند رجليه قَرَظاً مَصْبُوراً أَي مجموعاً، قد
جُعل صُبْرة كصُبْرة الطعام. والصُّبْرَة: الكُدْس، وقد صَبَّرُوا
طعامهم.
وفي حديث ابن عباس في قوله عز وجل: وكان عرْشهُ على الماء، قال: كان
يَصْعَد إِلى السماء بُخَارٌ من الماء، فاسْتَصْبَر فعاد صَبِيراً؛
اسْتَصْبَرَ أَي استكْثَف، وتراكَم، فذلك قوله: ثم اسْتَوى إِلى السماء وهي
دُخَان؛ الصَّبِير: سَحاب أَبيض متكاثِف يعني تَكَاثَفَ البُخار وتَراكَم فصار
سَحاباً. وفي حديث طَهْفة: ويسْتَحْلب الصَّبِير؛ وحديث ظبيان:
وسَقَوْهُم بِصَبِير النَّيْطَل أَي سَحاب الموْت والهَلاك.
والصُّبْرة: الطعام المَنْخُول بشيء شبِيه بالسَّرَنْد
(* قوله:
«بالسرند» هكذا في الأَصل وشرح القاموس). والصُّبْرَة: الحجارة الغليظة
المجتمعة، وجمعها صِبَار. والصُّبَارة، بضم الصاد: الحجارة، وقيل: الحجارة
المُلْس؛ قال الأَعشى:
مَنْ مُبْلِغٌ شَيْبان أَنَّ
المَرْءَ لم يُخلَق صُبارَهْ؟
قال ابن سيده: ويروى صِيَارَهْ؛ قال: وهو نحوها في المعنى، وأَورد
الجوهري في هذا المكان:
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْراً بأَنَّ
المَرْءَ لم يُخْلَق صُبارَهْ؟
واستشهد به الأَزهري أَيضاً، ويروى صَبَارهْ، بفتح الصاد، وهو جمع
صَبَار والهاء داخلة لجمع الجمع، لأَن الصَّبَارَ جمع صَبْرة، وهي حجارة
شديدة؛ قال ابن بري: وصوابه لم يخلق صِبارهْ، بكسر الصاد، قال: وأَما صُبارة
وصَبارة فليس بجمع لصَبْرة لأَن فَعالاً ليس من أَبنية الجموع، وإِنما ذلك
فِعال، بالكسر، نحو حِجارٍ وجِبالٍ؛ وقال ابن بري: البيت لَعَمْرو بن
مِلْقَط الطائي يخاطب بهذا الشعر عمرو بن هند، وكان عمرو بن هند قتل له أَخ
عند زُرارَةَ بن عُدُس الدَّارِمِي، وكان بين عمرو بن مِلْقَط وبين
زُرارَة شَرٌّ، فحرّض عَمرو ابن هند على بني دارِم؛ يقول: ليس الإِنسان بحجر
فيصبر على مثل هذا؛ وبعد البيت:
وحَوادِث الأَيام لا
يَبْقَى لها إِلاَّ الحجاره
ها إِنَّ عِجْزَةَ أُمّه
بالسَّفْحِ، أَسْفَلَ مِنْ أُوارَهْ
تَسْفِي الرِّياح خِلال كَشْـ
ـحَيْه، وقد سَلَبوا إِزَارَهْ
فاقتلْ زُرَارَةَ، لا أَرَى
في القوم أَوفى من زُرَارَهْ
وقيل: الصُّبارة قطعة من حجارة أَو حديد.
والصُّبُرُ: الأَرض ذات الحَصْباء وليست بغليظة، والصُّبْرُ فيه لغة؛ عن
كراع.
ومنه قيل للحَرَّة: أُم صَبَّار ابن سيده: وأُمُّ صَبَّار، بتشديد
الباء، الحرَّة، مشتق من الصُّبُرِ التي هي الأَرض ذات الحَصْباء، أَو من
الصُّبَارة، وخَصَّ بعضهم به الرَّجْلاء منها. والصَّبْرة من الحجارة: ما
اشتد وغَلُظ، وجمعها الصَّبار؛ وأَنشد للأَعشى:
كأَن تَرَنُّمَ الهَاجَاتِ فيها،
قُبَيْلَ الصُّبح، أَصْوَات الصَّبَارِ
الهَاجَات: الضَّفادِع؛ شبَّه نَقِيق الضفادع في هذه العين بوقع
الحجارة. والصَّبِير: الجَبَل. قال ابن بري: اذكر أَبو عمر الزاهد أَن أُم
صَبَّار الحرّة، وقال الفزاري: هي حرة ليلى وحرَّة النار؛ قال: والشاهد لذلك
قول النابغة:
تُدافِع الناسَ عنّا حِين نَرْكَبُها،
من المظالم تُدْعَى أُمَّ صَبَّار
أَي تَدْفَعُ الناس عنّا فلا سَبِيل لأَحد إِلى غَزْوِنا لأَنها تمنعهم
من ذلك لكونها غَلِيظة لا تَطَؤُها الخيل ولا يُغار علينا فيها؛ وقوله:
من المظالم هي جمع مُظْلِمة أَي هي حَرَّة سوداء مُظْلِمة. وقال ابن
السكِّيت في كتاب الأَلفاظ في باب الاختلاط والشرِّ يقع بين القوم: وتدعى
الحرَّة والهَضْبَةُ أُمَّ صَبَّار. وروي عن ابن شميل: أَن أُم صَبَّار هي
الصَّفَاة التي لا يَحِيك فيها شيء. قال: والصَّبَّارة هي الأَرض الغَلِيظة
المُشْرفة لا نبت فيها ولا تُنبِت شيئاً، وقيل: هي أُم صَبَّار، ولا
تُسمَّى صَبَّارة، وإِنما هي قُفٌّ غليظة.
قال: وأَما أُمّ صَبُّور فقال أَبو عمرو الشيباني: هي الهَضْبة التي ليس
لها منفَذ. يقال: وقع القوم في أُمّ صَبُّور أَي في أَمرٍ ملتبِس شديد
ليس له منفَذ كهذه الهَضْبة التي لا منفَذ لها؛ وأَنشد لأَبي الغريب
النصري:
أَوْقَعَه اللهُ بِسُوءٍ فعْلِهِ
في أُمِّ صَبُّور، فأَودَى ونَشِبْ
وأُمّ صَبَّار وأُمُّ صَبُّور، كلتاهما: الداهية والحرب الشديدة. وأَصبر
الرجلُ: وقع في أُم صَبُّور، وهي الداهية، وكذلك إِذا وقع في أُم
صَبَّار، وهي الحرَّة. يقال: وقع القوم في أُم صَبُّور أَي في أَمر شديد. ابن
سيده: يقال وقعوا في أُم صَبَّار وأُم صَبُّور، قال: هكذا قرأْته في
الأَلفاظ صَبُّور، بالباء، قال: وفي بعض النسخ: أُم صيُّور، كأَنها مشتقَّة من
الصِّيارة، وهي الحجارة. وأَصْبَرَ الرجلُ إِذا جلس على الصَّبِير، وهو
الجبل. والصِّبَارة: صِمَام القارُورَة وأَصبر رأْسَ الحَوْجَلَة
بالصِّبَار، وهو السِّداد، ويقال للسِّداد القعولة والبُلْبُلَة
(* قوله:
«القعولة والبلبلة» هكذا في الأصل وشرح القاموس). والعُرْعُرة. والصَّبِرُ:
عُصَارة شجر مُرٍّ، واحدته صَبِرَة وجمعه صُبُور؛ قال الفرزدق:
يا ابن الخَلِيَّةِ، إِنَّ حَرْبي مُرَّة،
فيها مَذاقَة حَنْظَل وصُبُور
قال أَبو حنيفة: نَبات الصَّبِر كنَبات السَّوْسَن الأَخضر غير أَن ورقَ
الصَّبرِ أَطول وأَعرض وأَثْخَن كثيراً، وهو كثير الماء جدّاً. الليث:
الصَّبِرِ، بكسر الباء، عُصارة شجر ورقها كقُرُب السَّكاكِين طِوَال
غِلاظ، في خُضْرتها غُبْرة وكُمْدَة مُقْشَعِرَّة المنظَر، يخرج من وسطها ساقٌ
عليه نَوْر أَصفر تَمِهُ الرِّيح. الجوهري: الصَّبِر هذا الدَّواء
المرُّ، ولا يسكَّن إِلاَّ في ضرورة الشعر؛ قال الراجز:
أَمَرُّ من صَبْرٍ وحُضَضْ
وفي حاشية الصحاح: الحُضَضُ الخُولان، وقيل هو بظاءين، وقيل بضاد وظاء؛
قال ابن بري: صواب إِنشاده أَمَرَّ، بالنصب، وأَورده بظاءين لأَنه يصف
حَيَّة؛ وقبله:
أَرْقَشَ ظَمْآن إِذا عُصْرَ لَفَظْ
والصُّبَارُ، بضم الصاد: حمل شجرة شديدة الحموضة أَشد حُموضَة من
المَصْل له عَجَمٌ أَحمر عَرِيض يجلَب من الهِنْد، وقيل: هو التمر الهندي
الحامض الذي يُتَداوَى به.
وصَبَارَّة الشتاء، بتشديد الراء: شدة البَرْد؛ والتخفيف لغة عن
اللحياني. ويقال: أَتيته في صَبَارَّة الشتاء أَي في شدَّة البَرْد. وفي حديث
علي، رضي الله عنه: قُلْتم هذه صَبَارَّة القُرّ؛ هي شدة البرد كَحَمَارَّة
القَيْظ.
أَبو عبيد في كتاب اللَّبَن: المُمَقَّر والمُصَبَّرُ الشديد الحموضة
إِلى المَرارة؛ قال أَبو حاتم: اشتُقَّا من الصَّبِر والمَقِر، وهما
مُرَّان.
والصُّبْرُ: قبيلة من غَسَّان؛ قال الأَخطل:
تَسْأَله الصُّبْرُ من غَسَّان، إِذ حَضَرُوا،
والحَزْنُ: كيف قَراك الغِلْمَةُ الجَشَرُ؟
الصُّبْر والحَزْن: قبيلتان، ويروى: فسائل الصُّبْر من غَسَّان إِذْ
حضروا، والحَزْنَ، بالفتح، لأَنه قال بعده:
يُعَرِّفونك رأْس ابن الحُبَاب، وقد
أَمسى، وللسَّيْف في خَيْشُومه أَثَرُ
يعني عُمير بن الحُباب السُّلَمي لأَنه قُتِل وحُمِل رأْسهُ إِلى قَبائل
غَسَّان، وكان لا يبالي بِهِم ويقول: ليسوا بشيء إِنما هم جَشَرٌ.
وأَبو صَبْرَة
(*
قوله: «أَبو صبرة أَلخ» عبارة القاموس وأَبو صبيرة كجهينة طائر احمر
البطن اسود الظهر والرأس والذنب): طائر أَحمرُ البطنِ أَسوَدُ الرأْس
والجناحَيْن والذَّنَب وسائره أَحمر.
وفي الحديث: مَنْ فَعَل كذا وكذا كان له خيراً من صَبِير ذَهَباً؛ قيل:
هو اسم جبل باليمن، وقيل: إِنما هو مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ، بإِسقاط الباء
الموحدة، وهو جبلَ لطيّء؛ قال ابن الأَثير: وهذه الكلمة جاءت في حديثين
لعليّ ومعاذ: أَما حديث علي فهو صِيرٌ، وأَما رواية معاذ فصَبِير، قال: كذا
فَرق بينهما بعضهم.
زغبد: الزَّغْبَدُ: الزُّبْد؛ التهذيب: وأَنشد أَبو حاتم:
صَبَّحُونا بِزَغْبَدٍ وحَتِيٍّ،
بعد طِرْمٍ، وتامِكٍ وثُمالِ
الزَّغْبَدُ: الزّبْدُ. والحَتيُّ: قِرْفُ الــمُقْلِ. والتامِك: ما تَمَك
من السَّنام وارتفع. والثمال من الحليب: الرغوة، ومن الحامض: الفُلاقُ
الذي يبقى في أَسفل الإِناءِ؛ وأَنشد:
وقِمَعاً يكْسى ثُمالاً زَغْبَدا
غوق: الغَوِيق: الصوت من كل شيء، والعين أَعلى، وقد تقدم. والغَاقُ
والغَاقَة: من طير الماء. وغاقِ: حكاية صوت الغراب، فإِن نكَّرته نَوَّنته،
وهكذا ذكره الجوهري في غيق؛ قال القلاخ بن حَزْن:
مُعاوِدٌ للجُوع والإِمْلاقِ،
يَغْضَب إِن قال الغُراب: غاقِ
أَبْعَدَكُنَّ اللهُ من نِياقِ
قال ابن بري: صواب إِنشاده مُعاوداً للجوع لأَن قبله:
انْفَدْ، هداكَ اللهُ، من خُناقِ،
وصَعْدَةُ العاملُ للرُّسْتاقِ
أَقْبَلَ من يَثْرِبَ في الرِّفاقِ،
مُعاوِداً للجوع والإِمْلاقِ
أَبْعدَكُنَّ اللهُ من نِياقِ
إِن لم تُنَجّين من الوِثاقِ
بأَربع من كَذِبٍ سُماقِ
وأَنشد شمر:
عَنْهُ ولا قَوْل الغرابِ غَاقِ،
ولا الطَّبِيبان ذوا التِّرْياق
ويقال: سمعت غاقِ غاقِ
وغاقٍ غاقٍ، ثم سُمِّيَ الغراب غَاقاً فيقال: سمعت صوت الغَاقِ؛ ثال ابن
سيده: وربما سمي الغراب به لصوته؛ قال:
ولو تَرَى، إِذ جُبَّتِي من طَاقِ،
ولِمَّتي مثل جَناح غَاقِ
أَي مثل جناح غراب. قال ابن جني: إِذا قلتَ حكاية صوت الغراب غاقٍ غاقٍ
فكأَنك قلتَ بُعْداً وفِراقاً فِراقاً، وإِذا قلت غاقٍ غاقٍ فكأَنك قلت
البُعْدَ البُعْدَ، فصار التنوين عَلَمَ التنكير وتركه عَلَمَ التعريف.
والوَغِيقُ: صوت قُنْبِ
الدابة وهو وعاء جُرْدَانه؛ عن اللحياني، كأَنه مقلــوب عن الغَوِيقِ
أَو لغة فيه.
فنك: الفَنْكُ: العَجَبُ، والفَنْك الكذب، والفَنْكُ التَّعَدِّي،
والفَنْكُ اللَّحاج.
وفَنَك بالمكان يَفْنُكُ فُنُوكاً وأَرَكَ أُرُوكاً إذا أَقام به.
وفَنَكَ فُنُوكاً وأَفْنَكَ: واظب على الشيء. وفَنَك في الطعام يَفْنُك
فُنُوكاً إذا استمرّ على أَكله ولم يَعَفْ منه شيئاً، وفيه لغة أُخرى: فَنِكَ
في الطعام، بالكسر، فُنُوكاً. وفَنَك في أَمره: ابْتَزَّه ولَجَّ فيه
وغَلَبَ عليه؛ قال عَبِيدُ بن الأَبْرَص:
ودِّعْ لَمِيسَ ودَاعَ الصَّارِمِ اللاَّحِي،
إذ فَنَكَتْ في فسادٍ بعدَ إصْلاحِ
وفَنَكَ فُنُوكاً وأَفْنَك: كذبَ. وفَنَكَ في الكذب: مَضى ولَجَّ فيه؛
قال:
لما رأَيتُ أَنها في خُطِّي،
وفَنَكَتْ في كَذِبٍ ولَطِّ،
أَخَذْتُ منها بقُرونٍ شُمْطِ
وقال أَبو طالب: فَانَكَ في الكذب والشر وفَنَكَ وفَنَّكَ ولا يقال في
الخير، ومعناه لَجَّ فيه ومَحَكَ، وهو مثل التَتايُع لا يكون إلا في الشر.
الجوهري: الفُنُوك اللَّجاجُ؛ عن الكسائي وأَبو عبيدة مثله، وقد فَنَك
في هذا الأَمر يَفْنُك فُنوكاً أَي لَجَّ فيه، وزعم يعقوب أَنه مقلــوب من
فَكَنَ. الفراء قال: فَنَكْتَ في لَوْمِي وأَفْنَكْتَ إذا مَهَرْتَ ذلك
وأَكثرت فيه، فَنَكْتَ تَفْنُك فَنْكاً وفُنوكاً.
والفَنِيكُ من الإنسان: مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ في وَسط الذَّقَنِ،
وقيل: هو طرف اللحيين عند العَنْفَقة، ويقال: هو الإفْنِيكُ، قال ولم يعرف
الكسائي الإفْنِيكَ، وقىل: الفَنيك عظم ينتهي إليه حلق الرأس، وقيل:
الفَنِيكان من كل ذي لَحْيَيْنِ الطرفان اللذان يتحرَّكان في المَاضِغِ دون
الصُّدْغَين، وقيل: هما من عن يمين العنفقة وشمالها، ومَن جعل الفَنِيكَ
واحداً في الإنسان فهو مجمع اللحيين في وسط الذقن. وفي الحديث: أَن النبي،
صلى الله عليه وسلم، قال: أمرني جبريل أَن أَتعاهد فَنِيكَيَّ بالماء
عند الوضوء. وفي حديث عبد الرحمن بن سَابِطٍ: إذا توضأتَ فلا تَنْسَ
الفَنِيكَيْن، يعني جانبي العنفقة عن يمين وشمال، وهما المَغْفَلَة؛ وقيل:
أَراد به تخليل أُصول شعر اللحية. شمر: الفَنِيكان طرفا اللَّحْيَين العظمان
الدقيقان الناشزان أَسفل من الأُذنين بين الصُّدْغ والوَجْنة،
والصَّبِيَّان مُلْتَقى اللحيين الأَسفلين. والفَنِيكان من الحمامة: عُظَيمان
مُلزَقانِ بقَطَنِها إذا كسرا لم يستمسك بيضها في بطنها وأَخْدَجَتْها، وقيل:
الفَنِيك والإفْنِيكُ زِمِكَّى الطائر، قال ابن دريد: ولا أَحقه. أَبو
عمرو: الفَنِيك عَجْبُ الذنب. ابن سيده: والفَنْكُ العَجَبُ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
ولافَنْكَ إلا سَعْيُ عَمْروٍ ورَهْطِه،
بما اخْتَشَبُوا من مِعْضَدٍ ودَدانِ
اخُتَشَبُوا: اتخذوه خَشِيباً، وهو السيف الذي لم يُتَأنَّق في صُنْعه؛
وقال آخر:
جاءتْ بفَنْكٍ أُختُ بنت عَمْرِو
والفَنَكُ: كالفَنْكِ. ومضى فِنْكٌ من الليل وفُنْكٌ أَي ساعة؛ حكي ذلك
عن ثعلب. والفَنَكُ: جلد يلبس، معرَّب؛ قال ابن دريد: لا أَحسبه عربيّاً،
وقال كراع: الفَنَكُ دابة يُفْتَرى جلدُها أَي يلبس جلدها فَرْواً. أَبو
عبيد: قيل لأَعرابي إن فلاناً بَطَّنَ سراويله بفَنَك، فقال: الْتَقى
الثَّرَيانِ، يعني وبر الفَنَك وشعر استه؛ وأَنشد ابن بري لشاعر يصف
ديَكة:كأنما لَبِسَتْ أَو أُلْبِسَتْ فَنَكاً،
فقَلَّصَتْ من حَواشِيه عن السُّوقِ