(الْــمَقْصد) يُقَال إِلَيْهِ مقصدي وجهتي
(الْــمَقْصد) الَّذِي يمرض ثمَّ يَمُوت سَرِيعا
(الْــمَقْصد) من لَيْسَ بالجسيم وَلَا الضئيل
قصد: القصد: استقامة الطريق. قَصَد يَقْصِدُ قصداً، فهو قاصِد. وقوله
تعالى: وعلى الله قَصْدُ السبيل؛ أَي على الله تبيين الطريق المستقيم
والدعاءُ إِليه بالحجج والبراهين الواضحة، ومنها جائر أَي ومنها طريق غير
قاصد. وطريقٌ قاصد: سهل مستقيم. وسَفَرٌ قاصدٌ: سهل قريب. وفي التنزيل
العزيز: لو كان عَرَضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتبعوك؛ قال ابن عرفة: سفراً
قاصداً أَي غيرَ شاقٍّ. والقَصْدُ: العَدْل؛ قال أَبو اللحام التغلبي، ويروى
لعبد الرحمن بن الحكم، والأَول الصحيح:
على الحَكَمِ المأْتِيِّ، يوماً إِذا قَضَى
قَضِيَّتَه، أَن لا يَجُورَ ويَقْصِدُ
قال الأَخفش: أَراد وينبغي أَن يقصد فلما حذفه وأَوقع يَقْصِدُ موقع
ينبغي رفعه لوقوعه موقع المرفوع؛ وقال الفراء: رفعه للمخالفة لأَن معناه
مخالف لما قبله فخولف بينهما في الإِعراب؛ قال ابن بري: معناه على الحكم
المرْضِيِّ بحكمه المأْتِيِّ إِليه ليحكم أَن لا يجور في حكمه بل يقصد أَي
يعدل، ولهذا رفعه ولم ينصبه عطفاً على قوله أَن لا يجور لفساد المعنى
لأَنه يصير التقدير: عليه أَن لا يجور وعليه أَن لا يقصد، وليس المعنى على
ذلك بل المعنى: وينبغي له أَن يقصد وهو خبر بمعنى الأَمر أَي وليقصد؛ وكذلك
قوله تعالى: والوالداتُ يُرْضِعْنَ أَولادهُنَّ؛ أَي ليرضعن. وفي
الحديث: القَصدَ القصدَ تبلغوا أي عليكم بالقصد من الأمور في القول والفعل، وهو
الوسط بين الطرفين، وهو منصوب على المصدر المؤكد وتكراره للتأكيد. وفي
الحديث: عليكم هَدْياً قاصداً أَي طريقاً معتدلاً. والقَصْدُ: الاعتمادُ
والأَمُّ. قَصَدَه يَقْصِدُه قَصْداً وقَصَدَ له وأَقْصَدَني إِليه
الأَمرُ، وهو قَصْدُكَ وقَصْدَكَ أَي تُجاهَك، وكونه اسماً أَكثر في كلامهم.
والقَصْدُ: إِتيان الشيء. تقول: قصَدْتُه وقصدْتُ له وقصدْتُ إِليه بمعنى.
وقد قَصُدْتَ قَصادَةً؛ وقال:
قَطَعْتُ وصاحِبي سُرُحٌ كِنازٌ
كَرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قصِيدٌ
وقَصَدْتُ قَصْدَه: نحوت نحوه.
والقَصْد في الشيء: خلافُ الإِفراطِ وهو ما بين الإِسراف والتقتير.
والقصد في المعيشة: أَن لا يُسْرِفَ ولا يُقَتِّر. يقال: فلان مقتصد في
النفقة وقد اقتصد. واقتصد فلان في أَمره أَي استقام. وقوله: ومنهم مُقْتَصِدٌ؛
بين الظالم والسابق. وفي الحديث: ما عالَ مقتصد ولا يَعِيلُ أَي ما
افتقر من لا يُسْرِفُ في الانفاقِ ولا يُقَتِّرُ. وقوله تعالى: واقْصِدْ في
مشيك واقصد بذَرْعِك؛ أَي ارْبَعْ على نفسِك. وقصد فلان في مشيه إِذا مشى
مستوياً، ورجل قَصْد ومُقْتَصِد والمعروف مُقَصَّدٌ: ليس بالجسيم ولا
الضئِيل.
وفي الحديث عن الجُرَيْرِيِّ قال: كنت أَطوف بالبيت مع أَبي الطفيل،
فقال: ما بقي أَحد رأَى رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، غيري، قال: قلت له:
ورأَيته؟ قال: نعم، قلت: فكيف كان صفته؟ قال: كان أَبيضَ مَلِيحاً
مُقَصَّداً؛ قال: أَراد بالــمقصد أَنه كان رَبْعة بين الرجلين وكلُّ بَيْن
مستوٍ غيرِ مُشْرفٍ ولا ناقِص فهو قَصْد، وأَبو الطفيل هو واثلة بن الأَسقع.
قال ابن شميل: الــمُقَصَّدُ من الرجال يكون بمعنى القصد وهو الربعة. وقال
الليث: الــمقصَّد من الرجال الذي ليس بجسيم ولا قصير وقد يستعمل هذا النعت
في غير الرجال أَيضاً؛ قال ابن الأَثير في تفسير الــمقصد في الحديث: هو
الذي ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم كأَنَّ خَلْقه يجيءُ به القَصْدُ من
الأُمور والمعتدِلُ الذي لا يميل إِلى أَحد طرفي التفريط والإِفراط.
والقَصْدَةُ من النساء: العظيمة الهامةِ التي لا يراها أَحد إِلاَّ
أَعجبته. والــمَقْصَدَــةُ: التي إِلى القِصَر.
والقاصد: القريب؛ يقال: بيننا وبين الماء ليلة قاصدة أَي هينة السير لا
تَعَب ولا بُطء.
والقَصِيدُ من الشِّعْر: ما تمَّ شطر أَبياته، وفي التهذيب: شطر ابنيته،
سمي بذلك لكماله وصحة وزنه. وقال ابن جني: سمي قصيداً لأَنه قُصِدَ
واعتُمِدَ وإِن كان ما قَصُر منه واضطرب بناؤُه نحو الرمَل والرجَز شعراً
مراداً مقصوداً، وذلك أَن ما تمَّ من الشِّعْر وتوفر آثرُ عندهم وأَشَدُّ
تقدماً في أَنفسهم مما قَصُر واختلَّ، فسَمُّوا ما طال ووَفَرَ قَصِيداً
أَي مُراداً مقصوداً، وإِن كان الرمل والرجز أَيضاً مرادين مقصودين، والجمع
قصائد، وربما قالوا: قَصِيدَة. الجوهري: القَصِيدُ جمع القَصِيدة
كسَفِين جمع سفينة، وقيل: الجمع قصائدُ وقصِيدٌ؛ قال ابن جني: فإِذا رأَيت
القصيدة الواحدة قد وقع عليها القصيد بلا هاء فإِنما ذلك لأَنه وُضِعَ على
الواحد اسمُ جنس اتساعاً، كقولك: خرجت فإِذا السبع، وقتلت اليوم الذئب،
وأَكلت الخبز وشربت الماء؛ وقيل: سمي قصيداً لأَن قائله احتفل له فنقحه
باللفظ الجيِّد والمعنى المختار، وأَصله من القصيد وهو المخ السمين الذي
يَتَقَصَّد أَي يتكسر لِسِمَنِه، وضده الرِّيرُ والرَّارُ وهو المخ السائل
الذائب الذي يَمِيعُ كالماء ولا يتقصَّد، إِذا نُقِّحَ وجُوِّدَ وهُذِّبَ؛
وقيل: سمي الشِّعْرُ التامُّ قصيداً لأَن قائله جعله من باله فَقَصَدَ له
قَصْداً ولم يَحْتَسِه حَسْياً على ما خطر بباله وجرى على لسانه، بل
رَوَّى فيه خاطره واجتهد في تجويده ولم يقتَضِبْه اقتضاباً فهو فعيل من
القصد وهو الأَمُّ؛ ومنه قول النابغة:
وقائِلةٍ: مَنْ أَمَّها واهْتَدَى لها؟
زيادُ بنُ عَمْرٍو أَمَّها واهْتَدَى لها
أَراد قصيدته التي يقول فيها:
يا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّنَدِ
ابن بُزُرج: أَقصَدَ الشاعرُ وأَرْملَ وأَهْزَجَ وأَرْجَزَ من القصيد
والرمَل والهَزَج والرَّجَزِ. وقَصَّدَ الشاعرُ وأَقْصَدَ: أَطال وواصل عمل
القصائد؛ قال:
قد وَرَدَتْ مِثلَ اليماني الهَزْهاز،
تَدْفَعُ عن أَعْناقِها بالأَعْجاز،
أَعْيَتْ على مُقْصِدِــنا والرَّجَّاز
فَمُفْعِلٌ إِنما يراد به ههنَا مُفَعِّل لتكثير الفعل، يدل على أَنه
ليس بمنزلة مُحْسِن ومُجْمِل ونحوه مما لا يدل على تكثير لأَنه لا تكرير
عين فيه أَنه قرنه بالرَّجَّاز وهو فعَّال، وفعَّال موضوع للكثرة. وقال
أَبو الحسن الأَخفش: ومما لا يكاد يوجد في الشعر البيتان المُوطَآن ليس
بينهما بيت والبيتان المُوطَآن، وليست القصيدة إِلا ثلاثة أَبيات فجعل
القصيدة ما كان على ثلاثة أَبيات؛ قال ابن جني: وفي هذا القول من الأَخفش جواز،
وذلك لتسميته ما كان على ثلاثة أَبيات قصيدة، قال: والذي في العادة أَن
يسمى ما كان على ثلاثة أَبيات أَو عشرة أَو خمسة عشر قطعة، فأَما ما زاد
على ذلك فإِنما تسميه العرب قصيدة. وقال الأَخفش: القصيد من الشعر هو
الطويل والبسيط التامّ والكامل التامّ والمديد التامّ والوافر التامّ والرجز
التامّ والخفيف التامّ، وهو كل ما تغنى به الركبان، قال: ولم نسمعهم
يتغنون بالخفيف؛ ومعنى قوله المديد التامُّ والوافر التامّ يريد أَتم ما جاء
منها في الاستعمال، أَعني الضربين الأَوّلين منها، فأَما أَن يجيئا على
أَصل وضعهما في دائرتيهما فذلك مرفوض مُطَّرَحٌ. قال ابن جني: أَصل «ق ص
د» ومواقعها في كلام العرب الاعتزام والتوجه والنهودُ والنهوضُ نحو
الشيء، على اعتدال كان ذلك أَو جَوْر، هذا أَصله في الحقيقة وإن كان قد يخص في
بعض المواضع بقصد الاستقامة دون الميل، أَلا ترى أَنك تَقْصِد الجَوْرَ
تارة كما تقصد العدل أُخرى؟ فالاعتزام والتوجه شامل لهما جميعاً.
والقَصْدُ: الكسر في أَيّ وجه كان، تقول: قصَدْتُ العُود قَصْداً كسَرْتُه،
وقيل: هو الكسر بالنصف قَصَدْتُهُ أَقْصِدُه وقَصَدْتُه فانْقَصَدَ
وتَقَصَّدَ؛ أَنشد ثعلب:
إِذا بَرَكَتْ خَوَّتْ على ثَفِناتِها
على قَصَبٍ، مِثلِ اليَراعِ الــمُقَصَّدِ
شبه صوت الناقة بالمزامير؛ والقِصْدَةُ: الكِسْرة منه، والجمع قِصَد.
يقال: القنا قِصَدٌ، ورُمْحٌ قَصِدٌ وقَصِيدٌ مكسور. وتَقَصَّدَتِ الرماحُ:
تكسرت. ورُمْحٌ أَقصادٌ وقد انْقَصَدَ الرمحُ: انكسر بنصفين حتى يبين،
وكل قطعة قِصْدة، ورمح قَصِدٌ بَيِّنُ القَصَد، وإِذا اشتقوا له فِعْلاً
قالوا انْقَصَدَ، وقلما يقولون قَصِدَ إِلا أَنَّ كل نعت على فَعِلٍ لا
يمتنع صدوره من انْفَعَلَ؛ وأَنشد أَبو عبيد لقيس بن الخطيم:
تَرَى قِصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى كأَنها
تَذَرُّعُ خُرْصانٍ بأَيدي الشَّواطِبِ
وقال آخر:
أَقْرُو إِليهم أَنابِيبَ القَنا قِصَدا
يريد أَمشي إِليهم على كِسَرِ الرِّماحِ. وفي الحديث: كانت المُداعَسَةُ
بالرماح حتى تَقَصَّدَتْ أَي تَكسَّرَت وصارت قِصَداً أَي قطعاً.
والقِصْدَةُ، بالكسر: القِطْعة من الشيء إِذا انكسر؛ ورمْحٌ أَقْصادٌ. قال
الأَخفش: هذا أَحد ما جاء على بناء الجمع. وقَصَدَ له قِصْدَةً من عَظْم وهي
الثلث أَو الربُع من الفَخِذِ أَو الذراعِ أَو الساقِ أَو الكَتِفِ.
وقَصَدَ المُخَّةَ قَصْداً وقَصَّدَها: كَسَرَها وفَصَّلَها وقد انقَصَدَتْ
وتَقَصَّدَتْ.
والقَصِيدُ: المُخُّ الغليظُ السمِينُ، واحدته قَصِيدَةٌ. وعَظْمٌ
قَصِيدٌ: مُمخٌّ؛ أَنشد ثعلب:
وهمْ تَرَكُوكمْ لا يُطَعَّمُ عَظْمُكُمْ
هُزالاً، وكان العَظْمُ قبْلُ قَصِيدَا
أَي مُمِخًّا، وإِن شئت قلت: أَراد ذا قَصِيدٍ أَي مُخٍّ. والقَصِيدَةُ:
المُخَّةُ إِذا خرجت من العظم، وإِذا انفصلت من موضعها أَو خرجت قيل:
انقَصَدَتْ. أَبو عبيدة: مُخٌّ قَصِيدٌ وقَصُودٌ وهو دون السمين وفوق
المهزول. الليث: القَصِيدُ اليابس من اللحم؛ وأَنشد قول أَبي زبيد:
وإِذا القَوْمُ كان زادُهُمُ اللحـ
ـمَ قَصِيداً منه وغَيرَ قَصِيدِ
وقيل: القَصِيدُ السمين ههنا. وسنام البعير إِذا سَمِنَ: قَصِيدٌ؛ قال
المثقب:
سَيُبْلِغُني أَجْلادُها وقَصِيدُهَا
ابن شميل: القَصُودُ من الإِبل الجامِسُ المُخِّ، واسم المُخِّ الجامِس
قَصِيدٌ. وناقة قَصِيدٌ وقصِيدَةٌ: سمينة ممتلئة جسيمة بها نِقْيٌ أَي
مُخٌّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وخَفَّتْ بَقايا النِّقْيِ إِلا قَصِيبَةً،
قَصِيدَ السُّلامى أَو لَمُوساً سَنامُها
والقَصيدُ أَيضاً والقَصْدُ: اللحمُ اليابس؛ قال الأَخطل:
وسيرُوا إِلى الأَرضِ التي قَدْ عَلِمْتُمُ،
يَكُنْ زادُكُمْ فيها قَصِيدُ الإِباعِرِ
والقَصَدَةُ: العُنُقُ، والجمع أَقْصادٌ؛ عن كراع: وهذا نادر؛ قال ابن
سيده: أَعني أَن يكون أَفعالٌ جمع فَعَلَةٍ إِلا على طرح الزائد والمعروف
القَصَرَةُ والقِصَدُ والقَصَدُ والقَصْدُ؛ الأَخيرة عن أَبي حنيفة: كل
ذلك مَشْرَةُ العِضاهِ وهي بَراعيمُها وما لانَ قبْلَ أَن يَعْسُوَ، وقد
أَقصَدتِ العِضاهُ وقصَّدَتْ. قال أَبو حنيفة: القَصْدُ ينبت في الخريف
إِذا بَرَدَ الليل من غير مَطَرٍ. والقَصِيدُ: المَشْرَةُ؛ عن أَبي حنيفة؛
وأَنشد:
ولا تَشْعفاها بالجِبالِ وتَحْمِيا
عليها ظَلِيلاتٍ يَرِفُّ قَصِيدُها
الليث: القَصَدُ مَشْرَةُ العِضاهِ أَيامَ الخَريفِ تخرج بعد القيظ
الورق في العضاه أَغْصان رَطْبة غَضَّةٌ رِخاصٌ، فسمى كل واحدة منها قَصَدة.
وقال ابن الأَعرابي: القَصَدَةُ من كل شجرة ذات شوك أَن يظهر نباتها
أَوَّلَ ما ينبت.
الأَصمعي: والإِقْصادُ القَتْل على كل حال؛ وقال الليث: هو القتل على
المكان، يقال: عَضَّتْه حيَّةٌ فأَقْصَدَتْه. والإِقْصادُ: أَن تَضْرِبَ
الشيءَ أَو تَرْمِيَه فيموتَ مكانه. وأَقصَد السهمُ أَي أَصاب فَقَتَلَ
مكانَه. وأَقْصَدَتْه حية: قتلته؛ قال الأَخطل:
فإِن كنْتِ قد أَقْصَدْتِني إِذْ رَمَيتِنِي
بِسَهْمَيْكِ، فالرَّامي يَصِيدُ ولا يَدري
أَي ولا يخْتُِلُ. وفي حديث عليّ: وأَقْصَدَت بأَسْهُمِها؛ أَقْصَدْتُ
الرجلَ إِذا طَعَنْتَه أَو رَمَيتَه بسهم فلم تُخْطئْ مَقاتلَه فهو
مُقْصَد؛ وفي شعر حميد ابن ثور:
أَصْبَحَ قَلْبي مِنْ سُلَيْمَى مُقْصَدا،
إِنْ خَطَأً منها وإِنْ تَعَمُّدا
والــمُقْصَدُ: الذي يَمْرَضُ ثم يموت سريعاً. وتَقَصَّدَ الكلبُ وغيره
أَي مات؛ قال لبيد:
فَتَقَصَّدَتْ منها كَسابِ وضُرِّجَتْ
بِدَمٍ، وغُودِرَ في المَكَرِّ سُحامُها
وقَصَدَه قَصْداً: قَسَرَه. والقصيدُ: العصا؛ قال حميد:
فَظَلَّ نِساء الحَيِّ يَحْشُونَ كُرْسُفاً
رُؤُوسَ عِظامٍ أَوْضَحَتْها القصائدُ
سمي بذلك لأَنه بها يُقْصَدُ الإِنسانُ وهي تَهدِيهِ وتَو مُّه، كقول
الأَعشى:
إِذا كانَ هادِي الفَتى في البِلا
دِ صَدْرَ القناةِ، أَطاعَ الأَمِيرا
والقَصَدُ: العَوْسَجُ، يَمانِيةٌ.
نزع: نَزَعَ الشيءَ يَنْزِعُه نَزْعاً، فهو مَنْزُوعٌ ونزِيعٌ،
وانْتَزَعَه فانْتَزعَ: اقْتَلَعَه فاقْتَلَعَ، وفرّق سيبويه بين نَزَعَ
وانْتَزَعَ فقال: انْتَزَعَ اسْتَلَبَ، ونزَع: حوّل الشيء عن موضعه وإِن كان على
نحو الاسْتِلاب. وانْتَزَعَ الرمحَ: اقْتَلَعَه ثم حَمل. وانتزَع الشيءُ:
انقلَع. ونزَع الأَمِيرُ العامِلَ عن عمله: أَزالَه، وهو على المثَل
لأَنه إِذا أَزالَه فقد اقْتَلَعَه وأَزالَه. وقولهم فلان في النزْعِ أَي في
قَلْعِ الحياةِ. يقال: فلان يَنْزِعُ نَزْعاً إِذا كان في السِّياقِ عند
الموْتِ، وكذلك هو يَسُوقُ سَوْقاً، وقوله تعالى: والنازِعاتِ غَرْقاً
والناشِطاتِ نَشْطاً؛ قال الفراء: تَنْزِعُ الأَنْفُس من صدورِ الكفَّارِ
كما يُغْرِقُ النازِعُ في القوْسِ إِذا جَذَبَ الوَتَرَ، وقيل في
التفسير: يعين به الملائكةَ تَنْزِعُ رُوحَ الكافر وتَنْشِطُه فيَشْتَدُّ عليه
أَمرُ خروجِ رُوحِه، وقيل: النازعاتُ غَرْقاً القِسِيُّ، والناشِطاتُ
نَشْطاً الأَوْهاقُ، وقيل: النازعاتُ والناشطاتُ النجومُ تَنْزِعُ من مكان
إِلى مكان وتَنْشِطُ.
والمِنْزَعةُ، بكسر الميم: خشبة عريضة نحو المِلْعَقةِ تكون مع مُشْتارِ
العَسلِ يَنْزِعُ بها النحْلَ اللَّواصِقَ بالشهْدِ، وتسمى المِحْبَضَ.
ونزَع عن الصبي والأَمر يَنْزِعُ نُزُوعاً: كَفَّ وانْتَهَى، وربما
قالوا نَزْعاً. ونازَعَتْنِي نفسي إِلى هَواها نِزاعاً: غالَبَتْنِي.
ونَزَعْتُها أَنا: غَلَبْتُها. ويقال للإِنسان إِذا هَوِيَ شيئاً ونازَعَتْه
نفسُه إِليه: هو يَنْزِعُ إِليه نِزاعاً. ونزَع الدلْوَ من البئر يَنْزِعُها
نزْعاً ونزَع بها، كلاهما: جَذَبَها بغير قامة وأَخرجها؛ أَنشد ثعلب:
قد أَنْزِعُ الدَّلْوَ تَقَطَّى بالمَرَسْ،
تُوزِغُ من مَلْءٍ كَإِيزاغِ الفَرَسْ
تَقَطِّيها: خروجُها قليلاً قليلاً بغير قامة، وأَصل النزع الجَذْبُ
والقَلْعُ، ومنه نَزْعُ الميتِ رُوحه. ونزَع القوْسَ إِذا جذَبَها. وبئرٌ
نَزُوعٌ ونَزِيعٌ: قريبة القَعْرِ تُنْزَعُ دِلاؤُها بالأَيْدِي نَزْعاً
لقربها، ونَزوعٌ هنا للمفعول مثل رَكُوبٍ، والجمع نِزاعٌ. وفي الحديث:
أَنه،صلى الله عليه وسلم، قال: رأَيْتُنِي أَنْزِعُ على قلِيبٍ؛ معناه
رأَيْتُنِي في المنامِ أَستَقِي بيدِي من قليب، يقال: نزَع بيده إِذا استقى
بدَلْوٍ عُلِّقَ فيها الرِّشاءُ. وجَمل نَزُوعٌ: يُنْزَعُ عليه الماءُ من
البئر وحده. والمَنْزَعةُ: رزْسُ البئر الذي يُنْزَعُ عليه؛ قال:
يا عَيْنُ بَكّي عامراً يومَ النَّهَلْ،
عند العشاءِ والرِّشاءِ والعَمَلْ،
قامَ على مَنْزَعةٍ زَلْجٍ فَزَلْ
وقال ابن الأَعرابي: هي صخرةٌ تكون على رأْسِ البئر يقوم عليها الساقي،
والعُقابانِ من جَنْبَتَيْها تُعَضِّدانِها، وهي التي تُسَمَّى
القِبيلةَ. وفلان قريب المَنْزَعةِ أَي قريب الهِمّةِ. ابن السكيت: وانْتِزاعُ
النّيّةِ بُعْدُها؛ ومنه نَزَعَ الإِنسانُ إِلى أَهله والبعيرُ إِلى وطَنِه
يَنْزِعُ نِزاعاً ونُزُوعاً: حَنَّ واشتاقَ، وهو نَزُوعٌ، والجمع نُزُعٌ،
وناقة نازِعٌ إِلى وطنِها بغير هاء، والجمع نَوازِعُ، وهي النّزائِعُ،
واحدتها نَزِيعةٌ. وجَمل نازِعٌ ونَزُوعٌ ونَزِيعٌ؛ قال جميل:
فقلتُ لَهُمْ: لا تَعْذِلُونِيَ وانْظُرُوا
إِلى النازِعِ المَقْصُورِ كيفَ يكون؟
وأَنْزَعَ القومُ فهم مُنْزِعُون: نَزَعَتْ إِبلهم إِلى أَوطانِها؛ قال:
فقد أَهافُوا زَعَمُوا وأَنْزَعُوا
أَهافُوا: عَطِشَتْ إِبلهم والنَّزِيعُ والنازعُ: الغريب، وهو أَيضاً
البعيد. والنَّزِيعُ: الذي أُمُّه سَبيَّةٌ؛ قال المرّارُ:
عَقَلْت نِساءَهُم فِينا حدِيثاً،
ضَنِينَ المالِ، والوَلَدَ النَّزِيعا
ونُزّاعُ القَبائِلِ: غُرَباؤُهم الذين يُجاوِرُون قَبائِلَ ليسوا منهم،
الواحد نَزِيعٌ ونازعٌ. والنَّزائِعُ والنُّزّاعُ: الغُرَباءُ، وفي
الحديث: طُوبَى للغُرَباء قيل: مَنْ هُم يا رسولَ اللهِ؟ قال: النُّزّاعُ من
القبائِلِ؛ هو الذي نزَع عن أَهله وعشِيرَتِه أَي بَعُدَ وغابَ، وقيل:
لأَنه نزَع إِلى وطنه أَي يَنْجَذِبُ ويميلُ، والمراد الأَوّل أَي طوبى
للمهاجرين الذين هجَروا أَوطانَهم في الله تعالى. ونزَع إِلى عِرْقٍ كريم أَو
لُؤْم يَنْزِعُ نُزُوعاً ونزَعَت به أَعراقُه ونَزَعَتْه ونَزَعها ونزَع
إِليها، قال: ونزَع شَبَهَه عِرْقٌ، وفي حديث القَذْفِ: إِنما هو عِرْقٌ
نزَعَه. والنَّزِيعُ: الشريفُ من القوم الذي نزَع إِلى عِرْق كريم، وكذلك
فرَس نَزِيعٌ. ونزَع فلان إِلى أَبيه يَنْزِعُ في الشَّبَه أَي ذهَب
إِليه وأَشْبهه. وفي الحديث: لقد نَزَعْتَ بمثْلِ ما في التوراةِ أَي جئتَ
بما يُشْبهها.
والنَّزائِعُ من الخيل: التي نَزَعَتْ إِلى أَعْراقٍ، واحدتها نَزِيعةٌ،
وقيل: النَّزائِعُ من الإِبل والخيل التي انْتُزِعَت من أَيْدِي
الغُرباء، وفي التهذيب: من أَيدي قوم آخَرِين، وجُلِبَتْ إِلى غير بلادها، وقيل:
هي المُنْتَقَذةُ من أَيديهم، وهي من النساء التي تُزَوَّجُ في غير
عشيرتها فتنقل، والواحدة من كل ذلك نَزِيعةٌ. وفي حديث ظبيان: أَن قَبائِلَ من
الأَزْد نَتَّجُوا فيها النَّزائِعَ أَي الإِبل الغرائبَ انْتَزَعُوها من
أَيدي الناس. وفي حديث عمر: قال لآلِ السائب: قد أَضْوَيْتُم فانكِحوا
في النَّزائِعِ أَي في النساء الغرائبِ من عشيرتكم.
ويقال: هذه الأَرض تُنازِعُ أَرضَ كذا أَي تَتَّصِلُ بها؛ وقال ذو
الرمة:
لَقًى بين أَجْمادٍ وجَرْعاء نازَعَتْ
حِبالاً، بِهِنًّ الجازِئاتُ الأَوابِدُ
والمَنْزَعةُ: القوْسُ الفَجْواءُ. ونَزَع في القوْسِ يَنْزِعُ نَزْعاً:
مَدَّ بالوتَر، وقيل: جذَبَ الوتر بالسهم: والنّزَعةُ: الرُّماةُ،
واحدُهم نازِعٌ. وفي مثلٍ: عادَ السهمُ إِلى النَّزَعةِ أَي رجع الحقّ إِلى
أَهله وقامَ بأِصْلاحِ الأَمرِ أَهلُ الأَناةِ، وهو جمع نازِعٍ. وفي التهذيب:
وفي المثل عادَ الرَّمْيُ على النَّزَعةِ؛ يُضْرَبُ مثلاً للذي يَحِيقُ
به مَكْرُه. وفي حديث عمر: لَنْ تَخُورَ قُوىً ما دامَ صاحِبُها يَنْزِعُ
ويَنْزُو أَي يَجْذِبُ قوْسَه ويَثِبُ على فرسه.
وانْتَزَعَ للصيْدِ سَهْماً: رماه به، واسمُ السهْمِ المِنْزَعُ؛ ومنه
قول أَبي ذؤيب:
فَرَمَى ليُنْفِذَ فُرَّهاً، فَهَوَى له
سَهْمٌ، فأَنْقَذَ طُرَّتَيْه المِنْزَعُ
فُرَّهاً جمع فاره؛ قال ابن بري: أَنشد الجوهري عجز هذا البيت: ورَمَى
فأَنفَذَ، والصواب ما ذكرناه. والمِنْزَعُ أَيضاً: السهم الذي يُرْمَى به
أَبْعَدَ ما يُقْدَرُ عليه لتُقَدَّر به الغَلْوةُ؛ قال الأَعشى:
فهْو كالمِنْزَعِ المَرِيشِ من الشَّوْ
حَطِ، غالَتْ به يَمِينُ المُغالي
وقال أَبو حنيفة: المِنْزَعُ حديدة لا سِنْخَ لها إِنما هي أَدْنى
حديدةٍ لا خير فيها، تؤخَذ وتُدْخَلُ في الرُّغْظِ.
وانْتَزَعَ بالآية والشّعْرِ: تمثَّلَ. ويقال للرجل إِذا استنبط معنى
آيةٍ من كتاب الله عز وجل: قد انْتَزَعَ معنًى جيِّداً، ونَزَعَه مثله أَي
اسْتَخْرَجَه.
ومُنازَعةُ الكأْس: مُعاطاتُها. قال الله عز وجل: يَتَنازَعون فيها
كأْساً لا لَغْوٌ فيها ولا تأْثِيمٌ؛ أَي يَتَعاطَوْن والأَصل فيه
يتجاذَبُون. ويقال: نازَعني فلانٌ بَنانَه أَي صافحني. والمُنازعةُ: المُصافَحةُ؛
قال الراعي:
يُنازِعْنَنا رَخْصَ البَنانِ، كأَنما
يُنازِعْنَنا هُدَّابَ رَيطٍ مُعَضَّدِ
والمُنازعةُ: المُجاذَبةُ في الأَعْيانِ والمَعاني؛ ومنه الحديث: أَنا
فَرَاطُكم على الحوْضِ فَلأُلْفِيَنَّ ما نُوزِعْتُ في أَحدِكم فأَقولُ
هذا مِني أَي يُجْذَبُ ويؤخَذُ مني.
والنَّزاعةُ والنِّزاعةُ والمِنْزَعةُ والمَنْزَعةُ: الخُصومة.
والمُنازَعةُ في الخُصومةِ: مُجاذَبةُ الحُجَجِ فيما يَتنازَعُ فيه الخَصْمانِ.
وقد نازَعَه مُنازَعةً ونِزاعاً: جاذَبه في الخصومة؛ قال ابن مقبل:
نازَعْتُ أَلْبابَها لُبِّي بمُقْتَصِرٍ
من الأَحاديثِ، حتى زِدْنَنِي لِينَا
أَي نازَعَ لُبِّي أَلْبابَهُنَّ. قال سيبويه: ولا يقال في العاقبة
فَنَزَعْتُه استَغْنَوْا عنه بِغَلَبْتُه.
والتنازُع: التخاصُمُ. وتنازَعَ القومُ: اخْتَصَمُوا. وبينهم نِزاعةٌ
أَي خصومةٌ في حقّ. وفي الحديث: أَنه،صلى الله عليه وسلم، صلَّى يوماً فلما
سلَّم من صلاته قال: ما لي أُنازَعُ القرآنَ أَي أُجاذَبُ في قراءته،
وذلك أَن بعض المأْمومين جَهَرَ خَلْفه فنازَعه قِراءتَه فشغله فنهاه عن
الجهر بالقراءة في الصلاة خلفه.
والمِنْزَعةُ والمَنْزَعةُ: ما يرجِعُ إِليه الرجل من أَمره ورأْيِه
وتدبيرِه. قال الأَصمعي: يقولون والله لَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَضْعَفُ
مِنْزَعةً، بكسر الميم، ومَنْزَعةً، بفتحها، أَي رأْياً وتدبيراً؛ حكى ذلك ابن
السكيت في مِفْعلة ومَفْعلة، وقيل: المنزَعةُ قوّة عزْمِ الرأْي
والهِمّة، ويقال للرجل الجيِّد الرأْي: إِنه لجيِّد المنزعة. ونَزَعَتِ الخيل
تَنْزِعُ: جَرَتْ طِلْقاً؛ وأَنشد:
والخيْلَ تَنْزِعُ قُبًّا في أَعِنَّتِها،
كالطيرِ تَنْجُو من الشُّؤْبوبِ ذي البَرَدِ
ونزَع المريضُ يَنْزِعُ نزْعاً ونازَع نِزاعاً: جادَ بنفسِه. ومَنْزعة
الشرابِ: طِيبُ مَقْطَعِه، يقال: شرابٌ طيِّبُ المنزعةِ أَي طيب مقطع
الشرب. وقيل في قوله تعالى: خِتامُه مِسْك، إِنهم إِذا شربوا الرَّحيقَ
فَفَنِيَ ما في الكأْس وانقطع الشرْب انختم ذلك بريح المسك.
والنَّزَعُ: انْحِسارُ مقدَّم شعَر الرأْسِ عن جانبي الجَبْهةِ،
وموضِعُه النَّزَعةُ، وقد نَزِعَ يَنْزَعُ نَزَعاً، وهو أَنْزَعُ بَيِّنُ
النَّزَعِ، والاسم النَّزَعةُ، وامرأَة نَزْعاءُ؛ وقيل: لا يقال امرأَة نزعاء،
ولكن يقال زَعْراءُ. والنَّزَعتانِ: ما يَنْحَسِرُ عنه الشعر من أَعلى
الجَبينَينِ حتى يُصَعِّدَ في الرأْس. والنَّزْعاءُ من الجِباهِ التي
أَقبلت ناصيتها وارتفع أَعلى شعَرِ صُدْغِها. وفي حديث القرشي: أَسَرني رجل
أَنْزَعُ. وفي صفة علي، رضي الله عنه: البَطِينُ الأَنْزَعُ. والعرب تحبُّ
النزَع وتَتَيَمَّنُ بالأَنْزع وتَذُمُّ الغَمَمَ وتَتَشاءَم بالأَغَمّ،
وتَزْعُمُ أَن الأَغم القفا والجبين لا يكون إِلا لَئِيماً: ومنه وقول
هُدْبةَ بن خَشْرَمٍ:
ولا تَنْكِحي، إِنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا،
أَغَمَّ القَفا والوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزَعا
وأَنْزَع الرجلُ إِذا ظهرت نَزَعَتاه. ونَزَعَه بنَزِيعةٍ: نَخَسَه؛ عن
كراع. وغنم نُزُعٌ ونُزَّعٌ: حَرامَى تَطْلُبُ الفحْلَ، وبها نِزاعٌ،
وشاة نازِعٌ.
والنزائِعُ من الرِّياحِ: هي النُّكْبُ، سميت نزائِعَ لاختلاف
مَهابِّها.والنَّزَعةُ: بقلة كالخَضِرةِ، وثُمام مُنَزَّعٌ: شُدِّدَ للكثرة. قال
أَبو حنيفة: النَّزَعةُ تكون بالرَّوْضِ وليس لها زَهْرٌ ولا ثَمَرٌ،
تأْكلها الإِبل إِذا لم تجد غيرها، فإِذا أَكلتها امتنعت أَلبانها خُبْثاً.
ورأَيت في التهذيب: النزعةُ نَبت معروف. ورأَيت فلاناً مُتَنَزِّعاً إِلى
كذا أَي مُتَسَرِّعاً نازِعاً إِليه.
أمم: الأمُّ، بالفتح: القَصْد. أَمَّهُ يَؤُمُّه أَمّاً إِذا قَصَدَه؛
وأَمَّمهُ وأْتَمَّهُ وتَأَمَّمَهُ ويَنمَّه وتَيَمَّمَهُ، الأَخيراتان
على البَدل؛ قال:
فلم أَنْكُلْ ولم أَجْبُنْ، ولكنْ
يَمَمْتُ بها أَبا صَخْرِ بنَ عَمرو
ويَمَّمْتُه: قَصَدْته؛ قال رؤبة:
أَزْهَر لم يُولَدْ بنَجْم الشُّحِّ،
مُيَمَّم البَيْت كَرِيم السِّنْحِ
(* قوله «أزهر إلخ» تقدم في مادة سنح على غير هذا الوجه).
وتَيَمَّمْتُهُ: قَصَدْته. وفي حديث ابن عمر: مَن كانت فَتْرَتُهُ إِلى
سُنَّةٍ فَلأَمٍّ ما هو أَي قَصْدِ الطريق المُسْتقيم. يقال: أَمَّه
يَؤمُّه أَمّاً، وتأَمَّمَهُ وتَيَمَّمَه. قال: ويحتمل أَن يكون الأَمُّ
أُقِيم مَقام المَأْمُوم أَي هو على طريق ينبغي أَن يُقْصد، وإِن كانت
الرواية بضم الهمزة، فإِنه يرجع إِلى أَصله
(* قوله «إلى أصله إلخ» هكذا في
الأصل وبعض نسخ النهاية وفي بعضها إلى ما هو بمعناه باسقاط لفظ أصله). ما هو
بمعناه؛ ومنه الحديث: كانوا يَتَأَمَّمُون شِرارَ ثِمارِهم في الصدَقة
أَي يَتَعَمَّدون ويَقْصِدون، ويروى يَتَيَمَّمون، وهو بمعناه؛ ومنه حديث
كعب بن مالك: وانْطَلَقْت أَتَأَمَّمُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
وفي حديث كعب بن مالك: فتَيمَّمت بها التَّنُّور أَي قَصَدت. وفي حديث كعب
بن مالك: ثم يُؤمَرُ بأَمِّ الباب على أَهْلِ
النار فلا يخرج منهم غَمٌّ أَبداً أَي يُقْصَد إِليه فَيُسَدُّ عليهم.
وتَيَمَّمْت الصَّعيد للصلاة، وأَصلُه التَّعَمُّد والتَّوَخِّي، من قولهم
تَيَمَّمْتُك وتَأَمَّمْتُك. قال ابن السكيت: قوله: فَتَيَمَّمُوا
صعِيداً طيِّباً، أَي اقْصِدوا لصَعِيد طيِّب، ثم كَثُر استعمالُهم لهذه
الكلِمة حتى صار التَّيَمُّم اسماً علَماً لِمَسْح الوَجْه واليَدَيْن
بالتُّراب. ابن سيده:والتَّيَمُّم التَّوَضُّؤ بالتُّراب على البَدل، وأَصْله من
الأَول لأَنه يقصِد التُّراب فيَتَمَسَّحُ به. ابن السكيت: يقال
أَمَمْتُه أَمًّا وتَيَمَّمته تَيَمُّماً وتَيَمَّمْتُه يَمامَةً، قال: ولا يعرف
الأَصمعي أَمَّمْتُه، بالتشديد، قال: ويقال أَمَمْتُه وأَمَّمْتُه
وتَأَمَّمْتُه وتَيَمَّمْتُه بمعنى واحد أَي تَوَخَّيْتُه وقَصَدْته. قال:
والتَّيَمُّمُ بالصَّعِيد مأْخُوذ من هذا، وصار التيمم عند عَوامّ الناس
التَّمَسُّح بالتراب، والأَصلُ فيه القَصْد والتَّوَخِّي؛ قال الأَعشى:
تَيَمَّمْتُ قَيْساً وكم دُونَه،
من الأَرض، من مَهْمَهٍ ذي شزَنْ
وقال اللحياني: يقال أَمُّو ويَمُّوا بمعنى واحد، ثم ذكَر سائر اللغات.
ويَمَّمْتُ
المَرِيضَ فَتَيَمَّم للصلاة؛ وذكر الجوهري أَكثر ذلك في ترجمة يمم
بالياء. ويَمَّمْتُه بِرُمْحي تَيْمِيماً أَي تَوَخَّيْتُه وقَصَدْته دون مَن
سواه؛ قال عامر بن مالك مُلاعِب الأَسِنَّة:
يَمَّمْتُه الرُّمْح صَدْراً ثم قلت له:
هَذِي المُرُوءةُ لا لِعْب الزَّحالِيقِ
وقال ابن بري في ترجمة يَمم: واليَمامة القَصْد؛ قال المرَّار:
إِذا خَفَّ ماءُ المُزْن عنها، تَيَمَّمَتْ
يَمامَتَها، أَيَّ العِدادِ تَرُومُ
وجَمَلٌ مِئمٌّ: دَلِيلٌ هادٍ، وناقة مِئَمَّةٌ كذلك، وكلُّه من القَصْد
لأَن الدَّليلَ الهادي قاصدٌ.
والإِمَّةُ: الحالةُ، والإِمَّة والأُمَّةُ: الشِّرعة والدِّين. وفي
التنزيل العزيز: إِنَّا وجَدْنا آباءَنا على أُمَّةٍ؛ قاله اللحياني، وروي
عن مجاهد وعمر بن عبد العزيز: على إِمَّةٍ. قال الفراء: قرئ إِنَّا
وَجَدْنا آباءَنا على أُمَّةٍ، وهي مثل السُّنَّة، وقرئ على إِمَّةٍ، وهي
الطريقة من أَمَمْت. يقال: ما أَحسن إِمَّتَهُ، قال: والإِمَّةُ أيضاً
النَّعِيمُ والمُلك؛ وأَنشد لعديّ بن زيد:
ثم، بَعْدَ الفَلاح والمُلك والإِمْــــمَةِ، وارَتْهُمُ هناك القُبورُ
قال: أَراد إِمامَة المُلك ونَعِيمه. والأُمَّةُ والإِمَّةُ: الدَّينُ.
قال أَبو إِسحق في قوله تعالى: كان الناسُ أُمَّةً واحدةً فبعَث اللهُ
النَّبِيِّين مُبَشِّرين ومُنْذِرين، أي كانوا على دينٍ واحد. قال أَبو
إِسحق: وقال بعضهم في معنى الآية: كان الناس فيما بين آدم ونوح كُفّاراً
فبعَث الله النبيِّين يُبَشِّرون من أَطاع بالجنة ويُِنْذِرون من عَصى
بالنار. وقال آخرون: كان جميع مَن مع نوح في السفينة مؤمناً ثم تفرَّقوا من
بعد عن كُفر فبعث الله النبيِّين. وقال آخرون: الناسُ
كانوا كُفّاراً فبعث الله إبراهيم والنَّبيِّين من بعدهِ. قال أَبو
منصور
(* قوله «قال أبو منصور إلخ» هكذا في الأصل، ولعله قال أبو منصور: الأمة
فيما فسروا إلخ): فيما فسَّروا يقع على الكُفَّار وعلى المؤمنين.
والأُمَّةُ: الطريقة والدين. يقال: فلان لا أُمَّةَ له أَي لا دِينَ
له ولا نِحْلة له؛ قال الشاعر:
وهَلْ يَسْتَوي ذو أُمَّةٍ وكَفُورُ؟
وقوله تعالى: كُنْتُمْ خير أُمَّةٍ؛ قال الأَخفش: يريد أَهْل أُمّةٍ أَي
خير أَهْلِ دينٍ؛ وأَنشد للنابغة:
حَلَفْتُ فلم أَتْرُكْ لِنَفْسِك رِيبةً،
وهل يأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ وهو طائعُ؟
والإِمَّةُ: لغة في الأُمَّةِ، وهي الطريقة والدينُ. والإِمَّة:
النِّعْمة؛ قال الأَعشى:
ولقد جَرَرْتُ لك الغِنى ذا فاقَةٍ،
وأَصاب غَزْوُك إِمَّةً فأَزالَها
والإِمَّةُ: الهَيْئة؛ عن اللحياني. والإِمَّةُ أَيضاً: الحالُ
والشأْن. وقال ابن الأَعرابي: الإِمَّةُ غَضارةُ العَيش والنعْمةُ؛ وبه
فسر قول عبد الله بن الزبير، رضي الله عنه:
فهلْ لكُمُ فيكُمْ، وأَنْتُم بإِمَّةٍ
عليكم عَطاءُ الأَمْنِ، مَوْطِئُكم سَهْلُ
والإِمَّةُ، بالكسر: العَيْشُ الرَّخِيُّ؛ يقال: هو في إِمَّةٍ من
العَيْش وآمَةٍ أَي في خِصْبٍ. قال شمر: وآمَة، بتخفيف الميم: عَيْب؛
وأَنشد:مَهْلاً، أَبَيْتَ اللَّعْنَ مَهْـ
ـلاً إِنَّ فيما قلتَ آمَهْ
ويقال: ما أَمّي وأَمُّه وما شَكْلي وشَكله أَي ما أَمْري وأَمْره
لبُعْده مني فلِمَ يَتعرَّض لي؟ ومنه قول الشاعر:
فما إِمِّي وإمُّ الوَحْشِ لَمَّا
تَفَرَّعَ في ذُؤابَتِيَ المُشيبُ
يقول: ما أَنا وطَلَب الوَحْش بعدما كَبِرْت، وذكر الإِمِّ حَشْو في
البيت؛ قال ابن بري: ورواه بعضهم وما أَمِّي وأَمُّ الوَحْش، بفتح الهمزة،
والأَمُّ: القَصْد. وقال ابن بُزُرْج: قالوا ما أَمُّك وأَمّ ذات عِرْق
أَي أَيْهاتَ منك ذاتُ عِرْق. والأَمُّ: العَلَم الذي يَتْبَعُه الجَيْش.
ابن سيده: والإِمَّة والأُمَّة السُّنَّةُ.
وتَأَمَّم به وأْتَمَّ: جعله أَمَّةً. وأَمَّ القومَ وأَمَّ بهم:
تقدَّمهم، وهي الإِمامةُ. والإِمامُ: كل من ائتَمَّ به قومٌ كانوا على الصراط
المستقيم أَو كانوا ضالِّين. ابن الأَعرابي في قوله عز وجل: يَوْمَ
نَدْعُو كلَّ أُناسٍ بإِمامِهْم، قالت طائفة: بكتابهم، وقال آخرون: بنَبيّهم
وشَرْعهم، وقيل: بكتابه الذي أَحصى فيه عَمَله. وسيدُنا رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، إِمامُ أُمَّتِه، وعليهم جميعاً الائتمامُِ
بسُنَّته التي مَضى عليها. ورئيس القوم: أَمِّهم.
ابن سيده: والإِمامُ ما ائْتُمَّ به من رئيسٍ وغيرِه، والجمع أَئِمَّة.
وفي التنزيل العزيز: فقاتِلوا أَئِمَّةَ الكُفْر، أَي قاتِلوا رؤساءَ
الكُفْر وقادَتَهم الذين ضُعَفاؤهم تَبَعٌ لهم. الأَزهري: أَكثر القُراء
قَرَؤوا أَيِمَّة الكُفْرِ، بهمزة واحدة، وقرأَ بعضهم أَئمَّةَ، بهمزيتن،
قال: وكل ذلك جائز. قال ابن سيده: وكذلك قوله تعالى: وجَعلْناهم أَيِمَّةً
يَدْعون إِلى النارِ، أَي مَن تَبِعَهم فهو في النار يوم القيامة، قُلبت
الهمزة ياء لثِقَلها لأَنها حرف سَفُل في الحَلْق وبَعُد عن الحروف
وحَصَل طرَفاً فكان النُّطْق به تكَلُّفاً، فإِذا كُرِهت الهمزة الواحدة،
فَهُمْ باسْتِكْراه الثِّنْتَيْن ورَفْضِهما لاسِيَّما إِذا كانتا
مُصْطَحِبتين غير مفرَّقتين فاءً وعيناً أَو عيناً ولاماً أَحرى، فلهذا لم يأْت
في الكلام لفظةٌ توالتْ فيها هَمْزتان أَصلاً البتَّة؛ فأَما ما حكاه أَبو
زيد من قولهم دَريئة ودَرائئٌ وخَطيئة وخَطائيٌ فشاذٌّ لا يُقاس عليه،
وليست الهمزتان أَصْلَين بل الأُولى منهما زائدة، وكذلك قراءة أَهل
الكوفة أَئمَّة، بهمزتين، شاذ لا يقاس عليه؛ الجوهري: الإِمامُ
الذي يُقْتَدى به وجمعه أَيِمَّة، وأَصله أَأْمِمَة، على أَفْعِلة، مثل
إِناء وآنِيةٍ وإِلَه وآلِهةٍ، فأُدغمت الميم فنُقِلَت حركتُها إلى ما
قَبْلَها، فلما حَرَّْكوها بالكسر جعلوها ياء، وقرئ أَيِمَّة الكُفْر؛ قال
الأَخفش: جُعلت الهمزة ياء، وقرئ أَيِمَّة الكُفْر؛ قال الأَخفش: جُعلت
الهمزة ياء لأَنها في موضع كَسْر وما قبلها مفتوح فلم يَهمِزُوا لاجتماع
الهمزتين، قال: ومن كان رَأْيه جمع الهمزتين همَز، قال: وتصغيرها
أُوَيْمة، لما تحرّكت الهمزة بالفتحة قلبها واواً، وقال المازني أُيَيْمَة ولم
يقلِب، وإِمامُ كلِّ شيء: قَيِّمُهُ والمُصْلِح له، والقرآنُ إِمامُ
المُسلمين، وسَيدُنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إِمام الأَئِمَّة،
والخليفة إمام الرَّعِيَّةِ، وإِمامُ
الجُنْد قائدهم. وهذا أَيَمٌّ من هذا وأَوَمُّ من هذا أَي أَحسن إمامةً
منه، قَلَبوها إِلى الياء مرَّة وإِلى الواو أُخرى كَراهِية التقاء
الهمزتين. وقال أَبو إِسحق: إِذا فضَّلنا رجُلاً في الإِمامةِ قلنا: هذا
أَوَمُّ من هذا، وبعضهم يقول: هذا أَيَمُّ من هذا، قال: والأَصل في أَئمَّة
أَأْمِمَة لأَنه جمع إِمامٍ مثل مِثال وأَمْثِلة ولكنَّ المِيمَيْن لمَّا
اجتمعتا أُدغمت الأُولى في الثانية وأُلقيت حركتها على الهمزة، فقيل
أَئِمَّة، فأَبدلت العرب من الهمزة المكسورة الياء، قال: ومن قال هذا أَيَمُّ
من هذا، جعل هذه الهمزة كلَّما تحركت أَبدل منها ياء، والذي قال فلان
أَوَمُّ من هذا كان عنده أَصلُها أَأَمُّ، فلم يمكنه أَن يبدل منها أَلفاً
لاجتماع الساكنين فجعلها واواً مفتوحة، كما قال في جمع آدَم أَوادم، قال:
وهذا هو القياس، قال: والذي جَعَلها ياء قال قد صارت الياءُ في أَيِمَّة
بدلاً لازماً، وهذا مذهب الأَخفش، والأَول مذهب المازني، قال:وأَظنه
أَقْيَس المذهَبين، فأَما أَئمَّة باجتماع الهمزتين فإِنما يُحْكى عن أَبي
إِسحق، فإِنه كان يُجيز اجتماعَهما، قال: ولا أَقول إِنها غير جائزة، قال:
والذي بَدَأْنا به هو الاختيار. ويقال: إِمامُنا هذا حَسَن الإِمَّة أَي
حَسَن القِيام بإِمامته إِذا صلَّى بنا.
وأَمَمْتُ القومَ في الصَّلاة إِمامةً. وأْتمّ به أَي اقْتَدَى به.
والإِمامُ: المِثالُ؛ قال النابغة:
أَبوه قَبْلَه، وأَبو أَبِيه،
بَنَوْا مَجْدَ الحيَاة على إِمامِ
وإِمامُ الغُلام في المَكْتَب: ما يَتعلَّم كلَّ يوم. وإِمامُ
المِثال: ما امْتُثِلَ
عليه. والإِمامُ: الخَيْطُ الذي يُمَدُّ على البناء فيُبْنَي عليه
ويُسَوَّى عليه سافُ البناء، وهو من ذلك؛ قال:
وخَلَّقْتُه، حتى إِذا تمَّ واسْتَوى
كَمُخَّةِ ساقٍ أَو كَمَتْنِ إِمامِ
أَي كهذا الخَيْط المَمْدود على البِناء في الامِّلاسِ والاسْتِواء؛ يصف
سَهْماً؛ يدل على ذلك قوله:
قَرَنْتُ بِحَقْوَيْه ثَلاثاً فلم يَزِغُ،
عن القَصْدِ، حتى بُصِّرَتْ بِدِمامِ
وفي الصحاح: الإِمامُ خشبة البنَّاء يُسَوِّي عليها البِناء. وإِمامُ
القِبلةِ: تِلْقاؤها. والحادي: إمامُ الإِبل، وإِن كان وراءها لأَنه
الهادي لها. والإِمامُ: الطريقُ. وقوله عز وجل: وإِنَّهما لَبِإِمامٍ
مُبينٍ، أَي لَبِطريق يُؤَمُّ أَي يُقْصَد فَيُتَمَيَّز، يعني قومَ لوط
وأَصحابَ الأَيكةِ. والإِمامُ: الصُّقْعُ من الطريق والأَرض. وقال الفراء:
وإِنهما لَبِإِمامٍ مُبين، يقول: في طَريق لهم يَمُرُّون عليها في أَسْفارِهم
فَجعل الطَّريقَ إِماماً لأَنه يُؤم ويُتَّبَع.
والأَمامُ: بمعنى القُدّام. وفلان يَؤمُّ القومَ: يَقْدُمهم. ويقال:
صَدْرك أَمامُك، بالرفع، إِذا جَعَلْته اسماً، وتقول: أَخوك أَمامَك،
بالنصب، لأَنه صفة؛ وقال لبيد فَجَعله اسماً:
فَعَدَتْ كِلا الفَرْجَيْن تَحْسِبُ أَنه
مَوْلَى المَخافَةِ: خَلْفُها وأَمامُها
(* قوله «فعدت كلا الفرجين» هو في الأصل بالعين المهملة ووضع تحتها
عيناً صغيرة، وفي الصحاح في مادة ولي بالغين المعمجة ومثله في التكلمة في
مادة فرج، ومثله كذلك في معلقة لبيد).
يصف بَقَرة وَحْشِية ذَعَرها الصائدُ فَعَدَتْ. وكِلا فَرْجَيها: وهو
خَلْفُها وأَمامُها. تَحْسِب أَنه: الهاء عِمادٌ. مَوْلَى مَخافَتِها أَي
وَلِيُّ مَخافَتِها. وقال أَبو بكر: معنى قولهم يَؤُمُّ القَوْمَ أَي
يَتَقَدَّمُهم، أُخِذ من الأَمامِ.
يقال: فُلانٌ إِمامُ القوم؛ معناه هو المتقدّم لهم، ويكون الإِمامُ
رئِسياً كقولك إمامُ المسلمين، ويكون الكتابَ، قال الله تعالى: يَوْمَ
نَدْعُو كلَّ أُناسٍ بإِمامِهم، ويكون الإِمامُ الطريقَ الواضحَ؛ قال الله
تعالى: وإِنَّهما لَبِإِمامٍ مُبينٍ، ويكون الإِمامُ المِثالَ، وأَنشد بيت
النابغة:
بَنَوْا مَجْدَ الحَياةِ على إِمامِ
معناه على مِثال؛ وقال لبيد:
ولكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ وإِمامُها
والدليل: إِمامُ السَّفْر. وقوله عز وجل: وجَعَلْنا للمُتَّقِين
إِماماً؛ قال أَبو عبيدة: هو واحد يَدُلُّ على الجمع كقوله:
في حَلْقِكم عَظْماً وقد شُجِينا
وإِنَّ المُتَّقِين في جَنَّات ونَهَرٍ. وقل: الإِمامُ جمع آمٍّ كصاحِبٍ
وصِحابٍ، وقيل: هو جمع إِمامٍ ليس على حَدِّ عَدْلٍ ورِضاً لأَنهم قد
قالوا إِمامان، وإِنما هو جمع مُكَسَّر؛ قال ابن سيده: أَنْبأَني بذلك أَبو
العَلاء عن أَبي علي الفارسي قال: وقد استعمل سيبويه هذا القياسَ
كثيراً، قال: والأُمَّةُ الإِمامُ.
الليث: الإِمَّةُ الائتِمامُ بالإِمامِ؛ يقال: فُلانٌ أَحقُّ بإِمَّةِ
هذا المسجد من فُلان أَي بالإِمامة؛ قال أَبو منصور: الإِمَّة الهَيْئةُ
في الإِمامةِ والحالةُ؛ يقال: فلان حَسَن الإِمَّةِ أَي حَسَن الهَيْئة
إِذا أَمَّ الناسَ في الصَّلاة، وقد ائتَمَّ بالشيء وأْتَمَى به، على
البدَل كراهية التضعيف؛ وأَنشد يعقوب:
نَزُورُ امْرأً، أَمّا الإِلَه فَيَتَّقِي،
وأَمّا بفعلِ الصَّالحين فَيَأْتَمِي
والأُمَّةُ: القَرْن من الناس؛ يقال: قد مَضَتْ أُمَمٌ أَي قُرُونٌ.
وأُمَّةُ كل نبي: مَن أُرسِل إِليهم من كافر ومؤمنٍ. الليث: كلُّ قوم
نُسِبُوا إِلى نبيّ فأُضيفوا إِليه فَهُمْ أُمَّتُه، وقيل: أُمة محمد، صلى الله
عليهم وسلم، كلُّ مَن أُرسِل إِليه مِمَّن آمَن به أَو كَفَر، قال: وكل
جيل من الناس هم أُمَّةٌ على حِدَة.وقال غيره: كلُّ جِنس من الحيوان غير
بني آدم أُمَّةٌ على حِدَة، والأُمَّةُ: الجِيلُ والجِنْسُ من كل حَيّ.
وفي التنزيل العزيز: وما من دابَّةٍ في الأرض ولا طائرٍ يَطِيرُ
بِجناحَيْه إلاَّ أُمَمٌ أَمثالُكم؛ ومعنى قوله إلاَّ أُمَمٌ أمثالُكم في مَعْنىً
دون مَعْنىً، يُريدُ، والله أعلم، أن الله خَلَقَهم وتَعَبَّدَهُم بما
شاء أن يَتَعَبَّدَهُم من تسْبيح وعِبادةٍ عَلِمها منهم ولم يُفَقِّهْنا
ذلك. وكل جنس من الحيوان أُمَّةٌ. وفي الحديث: لولا أنَّ الكِلاب أُمَّةٌ
من الأُمَمِ لأَمَرْت بقَتْلِها، ولكن اقْتُلوا منها كل أَسْوَد بَهيم،
وورد في رواية: لولا أنها أُمَّةٌ تُسَبِّحُ لأَمَرْت بقَتْلِها؛ يعني بها
الكلاب.
والأُمُّ: كالأُمَّةِ؛ وفي الحديث: إن أَطاعُوهما، يعني أبا بكر وعمر،
رَشِدوا ورَشَدت أُمُّهم، وقيل، هو نَقِيضُ قولهم هَوَتْ أُمُّه، في
الدُّعاء عليه، وكل مَن كان على دينِ الحَقِّ مُخالفاً لسائر الأَدْيان، فهو
أُمَّةٌ وحده. وكان إبراهيمُ خليلُ الرحمن، على نبينا وعليه السلام،
أُمَّةً؛ والأُمَّةُ: الرجل الذي لا نظِير له؛ ومنه قوله عز وجل: إن إبراهيم
كان أُمَّةً قانِتاً لله؛ وقال أبو عبيدة: كان أُمَّةً أي إماماً. أَبو
عمرو الشَّيباني: إن العرب تقول للشيخ إذا كان باقِيَ القوّة: فلان
بإِمَّةٍ، معناه راجع إلى الخير والنِّعْمة لأن بَقاء قُوّتِه من أَعظم
النِّعْمة، وأصل هذا الباب كله من القَصْد. يقال: أَمَمْتُ إليه إذا قَصَدْته،
فمعنى الأُمَّة في الدِّينِ أَنَّ مَقْصِدَــهم مقْصِد واحد، ومعنى الإمَّة
في النِّعْمة إنما هو الشيء الذي يَقْصِده الخلْق ويَطْلُبونه، ومعنى
الأُمَّة في الرجُل المُنْفَرد الذي لا نَظِير له أن قَصْده منفرد من قَصْد
سائر الناس؛ قال النابغة:
وهل يَأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ وهو طائعُ
ويروي: ذو إمَّةٍ، فمن قال ذو أُمَّةٍ فمعناه ذو دينٍ ومن قال ذو إمَّةٍ
فمعناه ذو نِعْمة أُسْدِيَتْ إليه، قال: ومعنى الأُمَّةِ القامة
(*
وقوله «ومعنى الأمة القامة إلخ» هكذا في الأصل). سائر مقصد الجسد، وليس يخرج
شيء من هذا الباب عن معنى أَمَمْت قَصَدْت. وقال الفراء في قوله عز وجل:
إن إبراهيم كان أُمَّةً؛ قال: أُمَّةً مُعلِّماً للخَير. وجاء رجل إلى
عبد الله فسأَله عن الأُمَّةِ، فقال: مُعَلِّمُ الخير، والأُمَّةُ
المُعَلِّم. ويروى عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: يُبْعَث يوم القيامة
زيدُ بنُ عمرو بنِ نُفَيْل أُمَّةً على حِدَةٍ، وذلك أَنه كان تَبَرَّأَ
من أَدْيان المشركين وآمَن بالله قبل مَبْعَث سيدِنا محمد رسول الله، صلى
الله عليه وسلم. وفي حديث قُسِّ بن ساعدة: أَنه يُبْعَث يوم القيامة
أُمَّةً وحْدَه؛ قال: الأُمَّةُ الرجل المُتَفَرِّد بدينٍ كقوله تعالى: إنَّ
إبراهيمَ كان أُمَّةً قانِتاً لله، وقيل: الأُمَّةُ الرجلُ الجامع للخير.
والأُمَّةُ: الحِينُ. قال الفراء في قوله عز وجل: وادَّكَرَ بعد
أُمَّةٍ، قال بعد حينٍ من الدَّهْرِ. وقال تعالى: ولَئِنْ أَخّرْنا عنهم العَذاب
إلى أُمَّةٍ معْدودةٍ. وقال ابن القطاع: الأُمَّةُ المُلْك، والأُمة
أَتْباعُ الأنبياء، والأُمّةُ الرجل الجامعُ للخير، والأُمَّةُ الأُمَمُ،
والأُمَّةُ الرجل المُنْفَرد بدينه لا يَشْرَكُه فيه أَحدٌ، والأُمَّةُ
القامةُ والوجهُ؛ قال الأَعشى:
وإنَّ مُعاوية الأَكْرَمِيـ
نَ بيضُ الوُجوهِ طِوالُ الأُمَمْ
أي طِوالُ القاماتِ؛ ومثله قول الشَّمَرْدَل بن شريك اليَرْبوعي:
طِوال أَنْصِية الأَعْناقِ والأُمَمِ
قال: ويروى البيت للأَخْيَلِيَّة. ويقال: إنه لحسَنُ الأُمَّةِ أي
الشَّطاطِ. وأُمَّةُ الوجه: سُنَّته وهي مُعظَمه ومَعْلم الحُسْن منه. أبو
زيد: إنه لَحَسن أُمَّة الوجه يَعْنُون سُنَّته وصُورَته. وإنه لَقَبيحُ
أُمَّةِ الوجه. وأُمَّة الرجل: وَجْهُه وقامَتُه. والأُمَّة: الطاعة.
والأُمَّة: العالِم. وأُمَّةُ الرجل: قومُه. والأُمَّةُ: الجماعة؛ قال الأخفش:
هو في اللفظ واحد وفي المعنى جَمْع، وقوله في الحديث: إنَّ يَهُودَ بَني
عَوْفٍ أُمَّةٌ من المؤْمنين، يريد أَنهم بالصُّلْح الذي وقَع بينهم وبين
المؤْمنين كجماعةٍ منهم كلمَتُهم وأيديهم واحدة. وأُمَّةُ الله: خلْقه:
يقال: ما رأَيت من أُمَّةِ الله أَحسنَ منه.
وأُمَّةُ الطريق وأُمُّه: مُعْظَمُه.
والأُمَمُ: القَصْد الذي هو الوسَط. والأَمَمُ: القُرب، يقال: أَخذت ذلك
من أَمَمٍ أي من قُرْب. وداري أَمَمُ دارِه أي مُقابِلَتُها. والأَمَمُ:
اليسير. يقال: داركم أَمَمٌ، وهو أَمَمٌ منك. وكذلك الاثنان والجمع.
وأمْرُ بَني فُلان أَمَمٌ ومُؤامٌّ أي بيّنٌ لم يجاوز القدر.
والمؤَامُّ، بتشديد الميم: المقارب، أُخِذ الأَمَم وهو القرب؛ يقال: هذا
أَمْرٌ مؤَامٌّ مثل مُضارٍّ. ويقال للشيء إذا كان مُقارِباً: هو
مُؤامٌّ. وفي حديث ابن عباس: لا يَزال أَمْرُ الناس مُؤَامّاً ما لم يَنْظروا في
القَدَرِ والوِلْدان أي لا يَزال جارياً على القَصْد والاستقامة.
والمُؤَامُّ: المُقارَب، مُفاعَل من الأَمِّ، وهو القَصْد أَو من الأَمَمِ
القرب، وأَصله مُؤامَم فأُدْغِم. ومنه حديث كعب: لا تَزال الفِتْنة مُؤامّاً
بها ما لم تبْدأْ من الشام؛ مُؤَامٌّ هنا: مُفاعَل، بالفتح، على المفعول
لأن معناه مُقارَباً بها، والباء للتعدية، ويروى مُؤَمّاً، بغير مدٍّ.
والمُؤَامٌّ: المُقارِب والمُوافِق من الأَمَم، وقد أَمَّهُ؛ وقول
الطرِمّاح:
مثل ما كافَحْتَ مَحْزُوبَةً
نَصَّها ذاعِرُ وَرْعٍ مُؤَامْ
يجوز أَن يكون أَراد مُؤَامٌّ فحذف إحدى الميمين لالتقاء الساكنين،
ويجوز أن يكون أَراد مُؤَامٌّ فأَبدل من الميم الأخيرة ياء فقال: مُؤَامي ثم
وقف للقافية فحذف الياء فقال: مُؤَامْ، وقوله: نَصَّها أي نَصَبَها؛ قال
ثعلب: قال أَبو نصر أَحسنُ ما تكون الظَّبْية إذا مَدَّت عُنُقَها من
رَوْعٍ يَسير، ولذلك قال مؤَامْ لأَنه المُقاربُ اليَسير.
قال: والأَمَمُ بين القريب والبعيد، وهو من المُقارَبة. والأَمَمُ:
الشيءُ اليسير؛ يقال: ما سأَلت إلا أَمَماً. ويقال: ظلَمْت ظُلْماً أَمَماً؛
قال زهير:
كأَنّ عَيْني، وقد سال السَّلِيلُ بهم،
وَجِيرة ما هُمُ لَوْ أَنَّهم أَمَمُ
يقول: أيّ جيرةٍ كانوا لو أنهم بالقرب مِنِّي. وهذا أمْر مُؤَامٌّ أي
قَصْدٌ مُقارب؛ وأَنشد الليث:
تَسْأَلُني بِرامَتَيْنِ سَلْجَما،
لو أنها تَطْلُب شيئاً أَمَما
أراد: لو طَلَبَت شيئاً يقْرُب مُتَناوَله لأَطْلَبْتُها، فأَما أن
تَطْلُب بالبلدِ السَّباسِبِ السَّلْجَمَ فإنه غير مُتَيَسِّر ولا أَمَمٍ.
وأُمُّ الشيء: أَصله.
والأُمُّ والأُمَّة: الوالدة؛ وأَنشد ابن بري:
تَقَبَّلَها من أُمَّةٍ، ولَطالما
تُنُوزِعَ، في الأسْواق منها، خِمارُها
وقال سيبويه . . . .
(* هنا بياض بالأصل). لإمِّك؛ وقال أيضاً:
إضْرِب الساقَيْنِ إمِّك هابِلُ
قال فكسَرهما جميعاً كما ضم هنالك، يعني أُنْبُؤُك ومُنْحُدُر، وجعلها
بعضهم لغة، والجمع أُمَّات وأُمّهات، زادوا الهاء، وقال بعضهم: الأُمَّهات
فيمن يعقل، والأُمّات بغير هاء فيمن لا يعقل، فالأُمَّهاتُ للناس
والأُمَّات للبهائم، وسنذكر الأُمَّهات في حرف الهاء؛ قال ابن بري: الأَصل في
الأُمَّهات أن تكون للآدميين، وأُمَّات أن تكون لغير الآدَمِيِّين، قال:
وربما جاء بعكس ذلك كما قال السفَّاح اليَرْبوعي في الأُمَّهات لغير
الآدَمِيِّين:
قَوّالُ مَعْروفٍ وفَعّالُه،
عَقَّار مَثْنى أُمَّهات الرِّباعْ
قال: وقال ذو الرمة:
سِوى ما أَصابَ الذئبُ منه وسُرْبَةٌ
أطافَتْ به من أُمَّهات الجَوازِل
فاستعمل الأُمَّهات للقَطا واستعملها اليَرْبوعي للنُّوق؛ وقال آخر في
الأُمَّهات للقِرْدانِ:
رَمى أُمَّهات القُرْدِ لَذْعٌ من السَّفا،
وأَحْصَدَ من قِرْانِه الزَّهَرُ النَّضْرُ
وقال آخر يصف الإبل:
وهام تَزِلُّ الشمسُ عن أُمَّهاتِه
صِلاب وأَلْحٍ، في المَثاني، تُقَعْقِعُ
وقال هِمْيان في الإبل أيضاً:
جاءَتْ لِخِمْسٍ تَمَّ من قِلاتِها،
تَقْدُمُها عَيْساً مِنُ امَّهاتِها
وقال جرير في الأُمَّات للآدَمِييِّن:
لقد وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ،
مُقَلَّدة من الأُمَّاتِ عارا
التهذيب: يَجْمَع الأُمَّ من الآدَميّاتِ أُمَّهات، ومن البَهائم
أُمَّات؛ وقال:
لقد آلَيْتُ أَغْدِرُ في جَداعِ،
وإن مُنِّيتُ، أُمَّاتِ الرِّباعِ
قال الجوهري: أَصل الأُمِّ أُمّهةٌ، ولذلك تُجْمَع على أُمَّهات. ويقال:
يا أُمَّةُ لا تَفْعَلي ويا أَبَةُ افْعَلْ، يجعلون علامة التأْنيث
عوضاً من ياء الإضافة، وتَقِفُ عليها بالهاء؛ وقوله:
ما أُمّك اجْتاحَتِ المَنايا،
كلُّ فُؤادٍ عَلَيْك أُمُّ
قال ابن سيده: عَلَّق الفؤاد بعَلى لأنه في معنى حَزينٍ، فكأَنه قال:
عليك حَزينٌ.
وأَمَّتْ تَؤُمُّ أُمُومَةً: صارت أُمّاً. وقال ابن الأَعرابي في امرأَة
ذكرها: كانت لها عمة تَؤُمها أي تكون لها كالأُمِّ. وتَأَمَّها
واسْتَأَمَّها وتأَمَّمها: اتَّخَذَها أُمّاً؛ قال الكميت:
ومِن عَجَبٍ، بَجِيلَ، لَعَمْرُ أُمّ
غَذَتْكِ، وغيرَها تَتأَمّمِينا
قوله: ومن عَجَبٍ خبر مبتدإِ محذوف، تقديرهُ: ومن عَجَبٍ انْتِفاؤكم عن
أُمِّكم التي أَرْضَعَتْكم واتِّخاذكم أُمّاً غيرَها. قال الليث: يقال
تأَمَّم فلان أُمّاً إذا اتَّخذَها لنفسه أُمّاً، قال: وتفسير الأُمِّ في
كل معانيها أُمَّة لأن تأْسيسَه من حَرْفين صحيحين والهاء فيها أصلية،
ولكن العَرب حذَفت تلك الهاء إذ أَمِنُوا اللَّبْس. ويقول بعضُهم في تَصْغير
أُمٍّ أُمَيْمة، قال: والصواب أُمَيْهة، تُردُّ إلى أَصل تأْسيسِها، ومن
قال أُمَيْمَة صغَّرها على لفظها، وهم الذين يقولون أُمّات؛ وأَنشد:
إذِ الأُمّهاتُ قَبَحْنَ الوُجوه،
فَرَجْتَ الظَّلامَ بأُمَّاتِكا
وقال ابن كيسان: يقال أُمٌّ وهي الأصل، ومنهم من يقول أُمَّةٌ، ومنهم من
يقول أُمَّهة؛ وأنشد:
تَقَبَّلْتَها عن أُمَّةٍ لك، طالَما
تُنوزِعَ بالأَسْواقِ عنها خِمارُها
يريد: عن أُمٍّ لك فأَلحقها هاء التأْنيث؛ وقال قُصَيّ:
عند تَناديهمْ بِهالٍ وَهَبِي،
أُمَّهَتي خِنْدِفُ، والياسُ أَبي
فأَما الجمع فأَكثر العرب على أُمَّهات، ومنهم من يقول أُمَّات، وقال
المبرّد: والهاء من حروف الزيادة، وهي مزيدة في الأُمَّهات، والأَصل
الأَمُّ وهو القَصْد؛ قال أَبو منصور: وهذا هو الصواب لأن الهاء مزيدة في
الأُمَّهات؛ وقال الليث: من العرب من يحذف أَلف أُمٍّ كقول عديّ بن زيد:
أَيُّها العائِبُ، عِنْدِ، امَّ زَيْدٍ،
أنت تَفْدي مَن أَراكَ تَعِيبُ
وإنما أراد عنْدي أُمَّ زيدٍ، فلمّا حذَف الأَلف التَزقَتْ ياء عنْدي
بصَدْر الميم، فالتقى ساكنان فسقطت الياء لذلك، فكأَنه قال: عندي أُمَّ
زيد. وما كنت أُمّاً ولقد أَمِمْتِ أُمُومةً؛ قال ابن سيده: الأُمَّهة
كالأُمِّ، الهاء زائدة لأَنه بمعنى الأُمِّ، وقولهم أمٌّ بَيِّنة الأُمومة
يُصَحِّح لنا أن الهمزة فيه فاء الفعل والميم الأُولى عَيْن الفِعْل، والميم
الأُخرى لام الفعْل، فَأُمٌّ بمنزلة دُرٍّ وجُلٍّ ونحوهما مما جاء على
فُعْل وعينُه ولامُه من موضع، وجعل صاحبُ العَيْنِ الهاء أَصْلاً، وهو
مذكور في موضعه. الليث: إذا قالت العرب لا أُمَّ لك فإنه مَدْح عندهم؛ غيره:
ويقال لا أُمَّ لك، وهو ذَمٌّ. قال أَبو عبيد: زعم بعض العلماء أن قولهم
لا أُمَّ لك قد وُضعَ موضع المَدح؛ قال كعب بن سعد الغَنَويّ يَرْثي
أَخاه:
هَوَتْ أُمُّه ما يَبْعَث الصُّبْح غادِياً،
وماذا يُؤدّي الليلُ حينَ يَؤوبُ؟
قال أبو الهيثم في هذا البيت: وأَيْنَ هذا مما ذهب إليه أَبو عبيد؟
وإنما معنى هذا كقولهم: وَيْحَ أُمِّه ووَيْلَ أُمِّه والوَيلُ لها، وليس
للرجل في هذا من المَدْح ما ذهَب إليه، وليس يُشْبِه هذا قولهم لا أُمَّ لك
لأَن قوله أُمَّ لك في مذهب ليس لك أُمٌّ حُرَّة، وهذا السَّبُّ
الصَّريح، وذلك أَنّ بَني الإماء عند العرب مَذْمومون لا يلحقون بِبَني الحَرائر،
ولا يقول الرجل لصاحبه لا أُمَّ لك إلاَّ في غضَبه عليه مُقَصِّراً به
شاتِماً له، قال: وأَمّا إذا قال لا أَبا لَك، فلم يَترك له من
الشَّتِيمَة شيئاً، وقيل: معنى قولهم لا أُمَّ لك، يقول أنت لَقِيطٌ لا تُعْرَف لك
أُمٌّ. قال ابن بري في تفسير يت كعب بن سعد قال: قوله هَوَتْ أُمُّه،
يُسْتَعْمَل على جهة التعَجُّب كقولهم: قاتَله الله ما أَسْمَعه ما يَبْعَث
الصبحُ: ما استفهام فيها معنى التعَجُّب وموضعها نَصْب بيَبْعَث، أيْ
أَيُّ شيءٍ يَبعَثُ الصُّبْح من هذا الرجل؟ أَي إذا أَيْقَظه الصُّبح
تصرَّف في فِعْل ما يُريده. وغادِياً منصوب على الحال والعامل فيه يَبْعَث،
ويَؤُوب: يَرجع، يريد أَن إقْبال اللَّيل سَبَب رجوعه إلى بيته كما أن
إقْبال النهار سَبَب لتصرُّفه، وسنذكره أَيضاً في المعتل. الجوهري: وقولهم
وَيْلِمِّهِ، ويريدون وَيْلٌ لأُمّه فحذف لكثرته في الكلام. قال ابن بري:
وَيْلِمِّه، مكسورة اللام، شاهده قول المنتخل الهذلي يَرْثي ولدهَ
أُثَيلة:وَيْلِمِّه رجلاَ يأْتي به غَبَناً،
إذا تَجَرَّد لا خالٌ ولا بَخِلُ
الغَبَنُ: الخَديعةُ في الرأْي، ومعنى التَّجَرُّد ههنا التَّشْميرُ
للأَمرِ، وأَصْله أن الإنسان يَتجرَّد من ثيابه إذا حاوَل أَمْراً. وقوله:
لا خالٌ ولا بَخِل، الخالُ: الاختيال والتَّكَبُّر من قولهم رجل فيه خالٌ
أي فيه خُيَلاء وكِبْرٌ، وأما قوله: وَيْلِمِّه، فهو مَدْح خرج بلفظ
الذمِّ، كما يقولون: أَخْزاه الله ما أَشْعَرَه ولعَنه الله ما أَسْمَعه
قال: وكأَنهم قَصَدوا بذلك غَرَضاً مَّا، وذلك أَن الشيء إذا رآه الإنسان
فأَثْنى عليه خَشِيَ أَن تُصِيبه العين فيَعْدِل عن مَدْحه إلى ذمّه خوفاً
عليه من الأَذيَّةِ، قال: ويحتمل أيضاً غَرَضاً آخر، وهو أن هذا الممدوح
قد بلَغ غاية الفَضْل وحصل في حَدّ من يُذَمُّ ويُسَب، لأَن الفاضِل
تَكْثُر حُسَّاده وعُيّابه والناقِص لا يُذَمُّ ولا يُسَب، بل يَرْفعون
أنفسَهم عن سَبِّه ومُهاجاتِه، وأَصْلُ وَيْلِمِّه وَيْلُ أُمِّه، ثم حذفت
الهمزة لكثرة الاستعمال وكَسَروا لامَ وَيْل إتْباعاً لكسرة الميم، ومنهم من
يقول: أصله وَيلٌ لأُمِّه، فحذفت لام وَيْل وهمزة أُمّ فصار وَيْلِمِّه،
ومنهم من قال: أَصله وَيْ لأُمِّه، فحذفت همزة أُمٍّ لا غير. وفي حديث
ابن عباس أنه قال لرجل: لا أُمَّ لك؛ قال: هو ذَمٌّ وسَبٌّ أي أنت لَقِيطٌ
لا تُعْرف لك أُمٌّ، وقيل: قد يقَع مَدْحاً بمعنى التعَجُّب منه، قال:
وفيه بُعدٌ.
والأُمُّ تكون للحيَوان الناطِق وللموات النامِي كأُمِّ النَّخْلة
والشجَرة والمَوْزَة وما أَشبه ذلك؛ ومنه قول ابن الأصمعي له: أنا كالمَوْزَة
التي إنما صَلاحُها بمَوْت أُمِّها. وأُمُّ كل شيء: أَصْلُه وعِمادُه؛
قال ابن دُريَد: كل شيء انْضَمَّت إليه أَشياء، فهو أُمٌّ لها. وأُم القوم:
رئيسُهم، من ذلك؛ قال الشنْفَرى:
وأُمَِّ عِيال قد شَهِدْتُ تَقُوتُهُمْ
يعني تأَبط شرّاً. وروى الرَّبيعُ عن الشافعي قال: العرب تقول للرجل
يَلِي طَعام القَوْم وخِدْمَتَهم هو أُمُّهم؛ وأَنشد للشنفرى:
وأُمِّ عِيال قد شَهدت تَقُوتُهُمْ،
إذا أَحْتَرَتْهُم أَتْفَهَتْ وأَقَلَّتِ
(* قوله «وأم عيال قد شهدت» تقدم هذا البيت في مادة حتر على غير هذا
الوجه وشرح هناك).
وأُمُّ الكِتاب: فاتِحَتُه لأَنه يُبْتَدَأُ بها في كل صلاة، وقال
الزجاج: أُمُّ الكتاب أَصْلُ الكتاب، وقيل: اللَّوْحُ المحفوظ. التهذيب: أُمُّ
الكتاب كلُّ آية مُحْكَمة من آيات الشَّرائع والأَحْكام والفرائض، وجاء
في الحديث: أنَّ أُم الكِتاب هي فاتحة الكتاب لأنها هي المُقَدَّمة
أَمامَ كلِّ سُورةٍ في جميع الصلوات وابْتُدِئ بها في المُصْحف فقدِّمت وهي
(* هنا بياض في الأصل) ..... القرآن العظيم. وأَما قول الله عز وجل: وإنه
في أُمِّ الكتاب لَدَيْنا، فقال: هو اللَّوْح المَحْفوظ، وقال قَتادة:
أُمُّ الكتاب أَصْلُ الكِتاب. وعن ابن عباس: أُمُّ الكِتاب القرآن من أَوله
إلى آخره. الجوهري: وقوله تعالى: هُنَّ أُمُّ الكِتاب، ولم يقل أُمَّهات
لأَنه على الحِكاية كما يقول الرجل ليس لي مُعين، فتقول: نحن مُعِينك
فتَحْكِيه، وكذلك قوله تعالى: واجْعَلْنا للمُتَّقين إماماً. وأُمُّ
النُّجوم: المَجَرَّة لأنها مُجْتَمَع النُّجوم. وأُمُّ التَّنائف: المفازةُ
البعيدة. وأُمُّ الطريق: مُعْظَمها إذا كان طريقاً عظيماً وحَوْله طَرُق
صِغار فالأَعْظم أُمُّ الطريق؛ الجوهري: وأُمُّ الطريق مُعظمه في قول كثير
عَزّة:
يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِيّ وناصِحٍ،
تَخصُّ به أُمُّ الطريقِ عِيالَها
قال: ويقال هي الضَّبُع، والعَسْب: ماء الفَحْل، والوالِقِيّ وناصِح:
فَرَسان، وعِيالُ الطريق: سِباعُها؛ يريد أَنهنّ يُلْقِين أَولادَهنّ لغير
تَمامٍ من شِدّة التَّعَب. وأُمُّ مَثْوَى الرجل: صاحِبةُ مَنْزِله الذي
يَنْزله؛ قال:
وأُمُّ مَثْوايَ تُدَرِّي لِمَّتي
الأَزهري: يقال للمرأَة التي يَأْوي إليها الرجل هي أُمُّ مَثْواهُ. وفي
حديث ثُمامَة: أَتى أُمَّ مَنْزِلِه أَي امرأَته ومن يُدَبِّر أَمْر
بَيْته من النساء. التهذيب: ابن الأَعرابي الأُم امرأَة الرجل المُسِنَّة،
قال: والأُمّ الوالدة من الحيوان. وأُمُّ الحَرْب: الراية. وأُم الرُّمْح:
اللِّواء وما لُفَّ عليه من خِرْقَةٍ؛ ومنه قول الشاعر:
وسَلَبْنا الرُّمْح فيه أُمُّه
من يَدِ العاصِي، وما طَالَ الطِّوَلْ
وأُم القِرْدانِ: النُّقْرَةُ التي في أَصْل فِرْسِن البعير. وأُم
القُرَى: مكة، شرَّفها الله تعالى، لأَنها توسطَت الأرض فيما زَعَموا، وقي
لأنها قِبْلةُ جميع الناس يؤُمُّونها، وقيل: سُمِّيَت بذلك لأَنها كانت
أَعظم القُرَى شأْناً، وفي التنزيل العزيز: وما كان رَبُّك مُهْلِكَ القُرَى
حتى يبعثَ في أُمِّها رسولاً. وكلُّ مدينة هي أُمُّ ما حَوْلها من
القُرَى. وأُمُّ الرأْسِ: هي الخَريطةُ التي فيها الدِّماغ، وأُمُّ الدِّماغِ
الجِلدة التي تجْمع الدِّماغَ. ويقال أَيضاً: أُم الرأْس، وأُمُّ الرأْس
الدِّماغ؛ قال ابن دُرَيد: هي الجِلْدة الرقيقة التي عليها، وهي
مُجْتَمعه. وقالوا: ما أَنت وأُمُّ الباطِل أي ما أنت والباطِل؟ ولأُمٍّ أَشياءُ
كثيرة تضاف إليها؛ وفي الحديث: أنه قال لزيد الخيل نِعْم فَتىً إن نَجا من
أُمّ كلْبةَ، هي الحُمَّى، وفي حديث آخر: لم تَضُرّه أُمُّ الصِّبْيان،
يعني الريح التي تَعْرِض لهم فَربما غُشِي عليهم منها. وأُمُّ
اللُّهَيْم: المَنِيّة، وأُمُّ خَنُّورٍ الخِصْب، وأُمُّ جابرٍ الخُبْزُ، وأُمُّ
صَبّار الحرَّةُ، وأُم عُبيدٍ الصحراءُ، وأُم عطية الرَّحى، وأُمُّ شملة
الشمس
(* قوله «وأم شملة الشمس» كذا بالأصل هنا، وتقدم في مادة شمل: أن أم
شملة كنية الدنيا والخمر)، وأُمُّ الخُلْفُف الداهيةُ، وأُمُّ رُبَيقٍ
الحَرْبُ، وأُم لَيْلى الخَمْر، ولَيْلى النَّشْوة، وأُمُّ دَرْزٍ الدنيْا،
وأُم جرذان النخلة، وأُم رَجيه النحلة، وأُمُّ رياح الجرادة، وأُمُّ
عامِرٍ المقبرة، وأُمُّ جابر السُّنْبُلة، وأُمُّ طِلْبة العُقابُ، وكذلك
شَعْواء، وأُمُّ حُبابٍ الدُّنيا، وهي أُمُّ وافِرَةَ، وأُمُّ وافرة
البيره
(* قوله «وأم خبيص إلخ» قال شارح القاموس قبلها: ويقال للنخلة أيضاً أم
خبيص ألى آخر ما هنا، لكن في القاموس: أم سويد وأم عزم بالكسر وأم طبيخة
كسكينة في باب الجيم الاست)، وأُم سمحة العنز، ويقال للقِدْر: أُمُّ
غياث، وأُمُّ عُقْبَة، وأُمُّ بَيْضاء، وأُمُّ رسمة، وأُمُّ العِيَالِ،
وأُمُّ جِرْذان النَّخْلة، وإذا سميت رجُلاً بأُمِّ جِرْذان لم تَصْرِفه،
وأُمُّ خبيص
(* قوله: البيرة هكذا في الأصل. وفي القاموس: أم وافرة الدنيا)،
وأُمُّ سويد، وأُمُّ عِزْم، وأُم عقاق، وأُم طبيخة وهي أُم تسعين،
وأُمُّ حِلْس كُنْية الأتان، ويقال للضَّبُع أُمُّ عامِر وأُمُّ عَمْرو.
الجوهري: وأُم البَيْضِ في شِعْرِ أَبي دُواد النعَامة وهو قوله:
وأَتانا يَسْعَى تَفَرُّسَ أُمِّ الـ
بيضِ شََدّاً، وقد تَعالى النَّهارُ
قال ابن بري: يصف رَبيئَة، قال: وصوابه تَفَرُّش، بالشين معجَمةً،
والتَّفَرُّش: فَتْحُ جَناحَي الطائر أَو النَّعامة إذا عَدَتْ. التهذيب:
واعلم أنَّ كل شيء يُضَمُّ إليه سائرُ ما يليه فإنَّ العربَ تسمي ذلك الشيء
أُمّاً، من ذلك أُمُّ الرأْس وهو الدِّماغُ، والشجَّةُ الآمَّةُ التي
تَهْجُمُ على الدِّماغ.
وأَمَّه يَؤُمُّه أَمّاً، فهو مَأْمُومٌ وأَمِيم: أصاب أُمَّ رأْسِه.
الجوهري: أَمَّهُ أي شجُّهُ آمَّةً، بالمدِّ، وهي التي تَبْلُغ أُمَّ
الدِّماغِ حتى يبقَى بينها وبين الدِّماغ جِلْدٌ رقيقٌ. وفي حديث الشِّجاج: في
الآمَّة ثُلُثُ الدِّيَة، وفي حديث آخر: المَأْمُومَة، وهي الشَّجَّة
التي بلغت أُمَّ الرأْس، وهي الجلدة التي تجمَع الدماغ. المحكم: وشَجَّةٌ
آمَّةٌ ومَأْمُومةٌ بلغت أُمَّ الرأْس، وقد يُستعار ذلك في غير الرأْس؛
قال:
قَلْبي منَ الزَّفَرَاتِ صَدَّعَهُ الهَوى،
وَحَشايَ من حَرِّ الفِرَاقِ أَمِيمُ
وقوله أَنشده ثعلب:
فلولا سِلاحي، عندَ ذاكَ، وغِلْمَتي
لَرُحْت، وفي رَأْسِي مآيِمُ تُسْبَرُ
فسره فقال: جَمَع آمَّةً على مآيِمَ وليس له واحد من لفظه، وهذا كقولهم
الخيل تَجْرِي على مَسَاوِيها؛ قال ابن سيده: وعندي زيادة وهو أَنه أراد
مآمَّ، ثم كَرِه التَّضْعِيف فأَبدل الميم الأَخيرة ياءً، فقال مآمِي، ثم
قلب اللامَ وهي الياء المُبْدَلة إلى موضع العين فقال مآيِم، قال ابن
بري في قوله في الشَّجَّة مَأْمُومَة، قال: وكذا قال أَبو العباس المبرّد
بعضُ العرب يقول في الآمَّة مَأْمُومَة؛ قال: قال عليّ بن حمزة وهذا غلَطٌ
إنما الآمَّةُ الشَّجَّة، والمَأْمُومَة أُمُّ الدِّماغ المَشْجُوجَة؛
وأَنشد:
يَدَعْنَ أُمَّ رأْسِه مَأْمُومَهْ،
وأُذْنَهُ مَجْدُوعَةً مَصْلُومَه
ويقال: رجل أَمِيمٌ ومَأْمُومٌ للذي يَهْذِي من أُمِّ رأْسه.
والأُمَيْمَةُ: الحجارة التي تُشْدَخ بها الرُّؤُوس، وفي الصحاح:
الأَمِيمُ حَجَرٌ يُشْدَخُ به الرأْس؛ وأَنشد الأزهري:
ويَوْمَ جلَّيْنا عن الأَهاتِم
بالمَنْجَنِيقاتِ وبالأَمائِم
قال: ومثله قول الآخر:
مُفَلَّقَة هاماتُها بالأَمائِم
وأُم التَّنائف:: أَشدُّها. وقوله تعالى: فَأُمُّه هاوِيَةٌ، وهي النارُ
(* قوله «وهي النار إلخ» كذا بالأصل ولعله هي النار يهوي فيها من إلخ) .
يَهْوِي مَن أُدْخِلَها أي يَهْلِك، وقيل: فَأُمُّ رأْسه هاوِيَة فيها
أي ساقِطة. وفي الحديث: اتَّقوا الخَمْر فإنها أُمُّ الخَبائث؛ وقال شمر:
أُمُّ الخبائث التي تَجْمَع كلَّ خَبيث، قال: وقال الفصيح في أَعراب قيس
إذا قيل أُمُّ الشَّرِّ فهي تَجْمَع كل شرٍّ على وَجْه الأرض، وإذا قيل
أُمُّ الخير فهي تجمع كلَّ خَيْر. ابن شميل: الأُمُّ لكل شيء هو المَجْمَع
والمَضَمُّ.
والمَأْمُومُ من الإبِل: الذي ذهَب وَبَرهُ عن ظَهْره من ضَرْب أو
دَبَرٍ؛ قال الراجز:
ليس بذِي عَرْكٍ ولا ذِي ضَبِّ،
ولا بِخَوّارٍ ولا أَزَبِّ،
ولا بمأْمُومٍ ولا أَجَبِّ
ويقال للبعير العَمِدِ المُتَأَكِّل السَّنامِ: مَأْمُومٌ. والأُمِّيّ:
الذي لا يَكْتُبُ، قال الزجاج: الأُمِّيُّ الذي على خِلْقَة الأُمَّةِ لم
يَتَعَلَّم الكِتاب فهو على جِبِلَّتِه، وفي التنزيل العزيز: ومنهم
أُمِّيُّون لا يَعلَمون الكتابَ إلاّ أَمَانِيَّ؛ قال أَبو إسحق: معنى
الأُمِّيّ المَنْسُوب إلى ما عليه جَبَلَتْه أُمُّه أي لا يَكتُبُ، فهو في أَنه
لا يَكتُب أُمِّيٌّ، لأن الكِتابة هي مُكْتسَبَةٌ فكأَنه نُسِب إلى ما
يُولد عليه أي على ما وَلَدَته أُمُّهُ عليه، وكانت الكُتَّاب في العرب من
أَهل الطائف تَعَلَّموها من رجل من أهل الحِيرة، وأَخذها أَهل الحيرة عن
أَهل الأَنْبار. وفي الحديث: إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لا نَكْتُب ولا
نَحْسُب؛ أَراد أَنهم على أَصل ولادة أُمِّهم لم يَتَعَلَّموا الكِتابة
والحِساب، فهم على جِبِلَّتِهم الأُولى. وفي الحديث: بُعِثتُ إلى أُمَّةٍ
أُمِّيَّة؛ قيل للعرب الأُمِّيُّون لأن الكِتابة كانت فيهم عَزِيزة أَو
عَديمة؛ ومنه قوله: بَعَثَ في الأُمِّيِّين رسولاً منهم. والأُمِّيُّ:
العَييّ الجِلْف الجافي القَليلُ الكلام؛ قال:
ولا أعُودِ بعدَها كَرِيّا
أُمارسُ الكَهْلَةَ والصَّبيَّا،
والعَزَبَ المُنَفَّه الأُمِّيَّا
قيل له أُمِّيٌّ لأنه على ما وَلَدَته أُمُّه عليه من قِلَّة الكلام
وعُجْمَة اللِّسان، وقيل لسيدنا محمدٍ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
الأُمِّي لأَن أُمَّة العرب لم تكن تَكْتُب ولا تَقْرَأ المَكْتُوبَ، وبَعَثَه
الله رسولاً وهو لا يَكْتُب ولا يَقْرأُ من كِتاب، وكانت هذه الخَلَّة
إحْدَى آياته المُعجِزة لأَنه، صلى الله عليه وسلم، تَلا عليهم كِتابَ
الله مَنْظُوماً، تارة بعد أُخْرَى، بالنَّظْم الذي أُنْزِل عليه فلم
يُغَيِّره ولم يُبَدِّل أَلفاظَه، وكان الخطيبُ من العرب إذا ارْتَجَل خُطْبَةً
ثم أَعادها زاد فيها ونَقَص، فحَفِظه الله عز وجل على نَبيِّه كما
أَنْزلَه، وأَبانَهُ من سائر مَن بَعَثه إليهم بهذه الآية التي بايَنَ بَينه
وبينهم بها، ففي ذلك أَنْزَل الله تعالى: وما كنتَ تَتْلُو من قَبْلِه من
كِتاب ولا تَخُطُّه بِيَمِينِك إذاً لارْتابَ المُبْطِلون الذين كفروا،
ولَقالوا: إنه وَجَدَ هذه الأَقاصِيصَ مَكْتوبةً فَحَفِظَها من الكُتُب.
والأَمامُ: نَقِيضُ الوَراء وهو في معنى قُدَّام، يكون اسماً وظرفاً.
قال اللحياني: وقال الكِسائي أمام مؤنثة، وإن ذُكِّرتْ جاز، قال سيبويه:
وقالوا أَمامَك إذا كنت تُحَذِّره أو تُبَصِّره شيئاً، وتقول أنت أَمامَه
أي قُدَّمه. ابن سيده: والأَئمَّةُ كِنانة
(* قوله: والائمة كِنانة؛ هكذا
في الأصل، ولعله اراد ان بني كنانة يقال لهم الأئمة)؛ عن ابن الأعرابي.
وأُمَيْمَة وأُمامةُ: اسم امرأَة؛ قال أَبو ذؤيب:
قالتْ أُمَيْمةُ: ما لجِسْمك شاحِباً
مثلي ابْتُذِلْتَ، ومِثلُ ما لك يَنْفَعُ
(* قوله «مثلي ابتذلت» تقدم في مادة نفع بلفظ منذ ابتذلت وشرحه هناك).
وروى الأَصمعي أُمامةُ بالأَلف، فَمَن روى أُمامة على الترخيم
(* قوله
«فمن روى امامة على الترخيم» هكذا في الأصل، ولعله فمن روى أمامة فعلى
الأصل ومن روى أميمة فعل تصغير الترخيم). وأُمامةُ: ثَلَثُمائة من الإبِلِ؛
قال:
أَأَبْثُرهُ مالي ويَحْتُِرُ رِفْدَه؟
تَبَيَّنْ رُوَيْداً ما أُمامةُ من هِنْدِ
أَراد بأُمامة ما تقدَّم، وأَراد بِهِنْد هُنَيْدَة وهي المائة من
الإبل؛ قال ابن سيده: هكذا فسره أَبو العَلاء؛ ورواية الحَماسة:
أَيُوعِدُني، والرَّمْلُ بيني وبينه؟
تَبَيَّنْ رُوَيْداً ما أُمامة من هِنْدِ
وأَما: من حروف الابتداء ومعناها الإخْبار. وإمَّا في الجَزاء:
مُرَكَّبة من إنْ ومَا. وإمَّا في الشَّكِّ: عَكْسُ أو في الوضع، قال: ومن
خَفِيفِه أَمْ. وأَمْ حرف عَطف، معناه الاستفهام، ويكون بمعنى بَلْ. التهذيب:
الفراء أَمْ في المعنى تكون ردّاً على الاستفهام على جِهَتَيْن: إحداهما
أن تُفارِق معنى أَمْ، والأُخرى أن تَسْتَفْهِم بها على جهة النّسَق،
والتي يُنْوى به الابتداء إلاَّ أَنه ابتداء متصِل بكلام، فلو ابْتَدَأْت
كلاماً ليس قبله كلامٌ ثم استَفْهَمْت لم يكن إلا بالأَلف أو بهَلْ؛ من ذلك
قوله عز وجل: ألم تَنْزيلُ الكِتاب لا رَيْبَ فيه مِن رَبِّ العالَمين
أمْ يَقولونَ افْتَراه، فجاءت بأَمْ وليس قَبْلَها استفهام فهذه دليل على
أَنها استفهام مبتدأٌ على كلام قد سبقه، قال: وأَما قوله أَمْ تُريدُون أن
تَسْأَلوا رَسولَكم، فإن شئت جعَلْته استفهاماً مبتدأً قد سبقه كلامٌ،
وإن شئت جعَلْته مردوداً على قوله ما لنا لا نرى
(* قوله «وان شئت جعلته
مردوداً على قوله ما لنا لا نرى» هكذا في الأصل)، ومثله قوله: أَلَيْسَ لي
مُلْكُ مِصْرَ وهذه الأَنهارُ تَجْري من تحتي، ثم قال: أَم أَنا خَيْرٌ،
فالتفسير فيهما واحدٌ. وقال الفراء: وربما جَعَلتِ العرب أَمْ إذا سبقها
استفهام ولا يَصْلُح فيه أَمْ على جهة بَلْ فيقولون: هل لك قِبَلَنا
حَقٌّ أَم أَنتَ رجل معروف بالظُّلْم، يُريدون بل أنت رجُل معروف بالظُّلْم؛
وأَنشد:
فوَالله ما أَدري أَسَلْمى تَغَوَّلَتْ،
أَمِ النَّوْمُ أَمْ كلٌّ إليَّ حَبِيبُ
يُريد: بَلْ كلٌّ، قال: ويفعلون مثل ذلك بأَوْ، وهو مذكور في موضعه؛
وقال الزجاج: أَمْ إذا كانت معطوفة على لفظ الاستفهام فهي معروفة لا إشكال
فيها كقولك زيد أَحسن أَمْ عَمرو، أَكذا خيرٌ أَمْ كذا، وإذا كانت لا
تقَعُ عطفاً على أَلِف الاستفهام، إلا أَنها تكون غير مبتدأَة، فإنها تُؤذِن
بمعنى بَلْ ومعنى أَلف الاستفهام، ثم ذكر قول الله تعالى: أَمْ تُريدُون
أَن تَسأَلوا رَسُولكم، قال: المعنى بَلْ تُريدون أَن تَسأَلوا رسولَكم،
قال: وكذلك قوله: ألم تَنْزيلُ الكتاب لا رَيب فيه من ربِّ العالمين أمْ
يَقولون افْتَراه؛ قال: المعنى بَلْ يقولون افْتَراه، قال الليث: أَمْ
حَرْف أَحسَن ما يكون في الاستفهام على أَوَّله، فيصير المعنى كأَنه
استفهام بعد استفهام، قال: ويكون أمْ بمعنى بَلْ، ويكون أم بمعنى ألِف
الاستفهام كقولك: أَمْ عِنْدك غَداء حاضِرٌ؟ وأنت تريد: أَعِندَك غداء حاضِرٌ وهي
لغة حسنة من لغات العرب؛ قال أَبو منصور: وهذا يَجُوز إذا سبقه كلام،
قال الليث: وتكون أَمْ مبتدَأَ الكلام في الخبر، وهي لغة يَمانية، يقول
قائلُهم: أم نَحْن خَرَجْنا خِيارَ الناس، أَمْ نُطْعِم الطَّعام، أَمْ
نَضْرِب الهامَ، وهو يُخْبِر. وروي عن أبي حاتم قال: قال أَبو زيد أَم تكون
زائدة لغةُ أَهل اليمن؛ قال وأَنشد:
يا دَهْن أَمْ ما كان مَشْيي رَقَصا،
بل قد تكون مِشْيَتي تَوَقُّصا
أَراد يا دَهْناء فَرَخَّم، وأَمْ زائدة، أراد ما كان مَشْيي رَقَصاً أي
كنت أَتَوقَّصُ وأَنا في شَبِيبتي واليومَ قد أَسْنَنْت حتى صار مَشيي
رَقَصاً، والتَّوَقُّص: مُقارَبةُ الخَطْو؛ قال ومثلُه:
يا ليت شعري ولا مَنْجى من الهَرَمِ،
أَمْ هلْ على العَيْش بعدَ الشَّيْب مِن نَدَمِ؟
قال: وهذا مذهب أَبي زيد وغيره، يذهَب إلى أَن قوله أَمْ كان مَشْيي
رَقَصاً معطوف على محذوف تقدّم، المعنى كأَنه قال: يا دَهْن أَكان مَشْيي
رَقَصاً أَمْ ما كان كذلك، وقال غيره: تكون أَمْ بلغة بعض أَهل اليَمن
بمعنى الأَلِف واللامِ، وفي الحديث: ليس من امْبرِّ امْصِيامُ في امْسَفَر أي
ليس من البِرِّ الصِّيامُ في السفَر؛ قال أَبو منصور: والأَلفُ فيها
أَلفُ وَصْلٍ تُكْتَب ولا تُظْهر إذا وُصِلت، ولا تُقْطَع كما تُقْطَع أَلِف
أَم التي قدَّمنا ذكْرَها؛ وأَنشد أَبو عبيد:
ذاكَ خَلِيلي وذُو يُعاتِبُني،
يَرْمي ورائي بامْسَيْفِ وامْسَلِمَه
ألا تراه كيف وَصَل الميمَ بالواو؟ فافهمه. قال أَبو منصور: الوجه أن لا
تثبت الألف في الكِتابة لأَنها مِيمٌ جعلتْ بدَلَ الأَلفِ واللام
للتَّعْريف. قال محمد ابن المكرَّم: قال في أَوَّل كلامه: أَمْ بلغة اليمن
بمعنى الأَلف واللام، وأَوردَ الحديث ثم قال: والأَلف أَلفُ وَصْل تُكْتَبُ
ولا تُظْهر ولا تُقْطَع كما تُقْطَع أَلف أَمْ، ثم يقول: الوَجُه أَن لا
تثبت الألِف في الكتابة لأَنها ميمٌ جُعِلَتْ بدَل الأَلف واللام
للتَّعْريف، والظاهر من هذا الكلام أَن الميمَ عِوَض لام التَّعْريف لا غَيْر،
والأَلفُ على حالِها، فكيف تكون الميم عِوَضاً من الألف واللام؟ ولا حُجَّة
بالبيت الذي أَنشده فإن أَلفَ التَّعْريف واللام في قوله والسَّلِمَة لا
تظهر في ذلك، ولا في قوله وامْسَلِمَة، ولولا تشديدُ السين لَما قدر على
الإتْيان بالميم في الوزْن، لأَنَّ آلةَ التَّعْريف لا يَظْهر منها شيء
في قوله والسَّلِمة، فلمّا قال وامْسَلِمة احتاج أَن تظهر الميم بخلاف
اللام والألف على حالتها في عَدَم الظُّهور في اللفظ خاصَّة، وبإظهاره
الميم زالت إحْدى السِّينَيْن وخَفَّت الثانية وارْتَفَع التشديدُ، فإن كانت
الميم عِوَضاً عن الأَلف واللام فلا تثبت الألف ولا اللام، وإن كانت
عِوَضَ اللام خاصَّة فَثُبوت الألف واجبٌ. الجوهري: وأَمّا أَمْ مُخَفَّفة
فهي حرَف عَطف في الاستفهام ولها مَوْضِعان: أحدهُما أنْ تَقَع مُعادِلةً
لألِفِ الاستفهام بمعنى أيّ تقول أَزَيْدٌ في الدار أَمْ عَمرو والمعنى
أَيُّهما فيها، والثاني أَن تكون مُنْقَطِعة مما قبلها خَبراً كان أو
استفهاماً، تقول في الخَبَر: إنها لإِبلٌ أَمْ شاءٌ يا فتى، وذلك إذا نَظَرْت
إلى شَخْص فَتَوَهَّمته إبِلاً فقلت ما سبق إليك، ثم أَدْرَكك الظنُّ
أَنه شاءٌ فانصَرَفْت عن الأَوَّل فقلت أَمْ شاءٌ بمعنى بَلْ لأَنه إضْرابٌ
عمَّا كان قبله، إلاَّ أَنَّ ما يَقَع بعد بَلْ يَقِين وما بَعْد أَمْ
مَظْنون، قال ابن بري عند قوله فقلت أمْ شاءٌ بمعنى بَلْ لأَنه إِضْراب عما
كان قبله: صَوابُه أَنْ يَقول بمعنى بل أَهِيَ شاءٌ، فيأْتي بأَلِف
الاستفهام التي وَقَع بها الشكُّ، قال: وتَقول في الاستفهام هل زيد
مُنْطَلِق أمْ عَمرو يا فَتى؟ إنما أَضْرَبْت عن سُؤالك عن انْطِلاق زيدٍ
وجعَلْته عن عَمرو، فأَمْ معها ظنٌّ واستفهام وإضْراب؛ وأَنشد الأخفش
للأخطل:كَذَبَتْك عَينُكَ أَمْ رأَيت بِواسِطٍ
غَلَسَ الظَّلام، من الرَّبابِ، خَيالا؟
وقال في قوله تعالى: أَمْ يَقولون افْتراه؛ وهذا لم يكن أَصلهُ
استفهاماً، وليس قوله أَمْ يَقولون افْتَراهُ شكّاً، ولكنَّه قال هذا لِتَقبيح
صَنيعِهم، ثم قال: بل هو الحَقُّ من رَبِّك، كأَنه أَراد أَن يُنَبِّه على
ما قالوه نحو قولك للرجل: الخَيرُ أَحَبُّ إليك أمِ الشرُّ؟ وأَنتَ
تَعْلَم أنه يقول الخير ولكن أَردت أن تُقَبِّح عنده ما صنَع، قاله ابن بري.
ومثله قوله عز وجل: أمِ اتَّخَذ ممَّا يَخْلق بَناتٍ، وقد عَلِم النبيُّ،
صلى الله عليه وسلم، والمسلمون، رضي الله عنهم، أنه تعالى وتقدّس لم
يَتَّخِذ وَلَداً سبحانه وإنما قال ذلك لِيُبَصِّرهم ضَلالَتَهم، قال:
وتَدْخُل أَمْ على هلْ تقول أَمْ هلْ عندك عمرو؛ وقال عَلْقمة ابن
عَبَدة:أَمْ هلْ كَبيرٌ بَكَى لم يَقْضِ عَبْرَتَه،
إثْرَ الأَحبَّةِ، يَوْمَ البَيْنِ، مَشْكُومُ؟
قال ابن بري: أمْ هنا مُنْقَطِعة، واستَأْنَف السُّؤال بها فأَدْخَلها
على هلْ لتَقَدُّم هلْ في البيت قبله؛ وهو:
هلْ ما عَلِمْت وما اسْتودِعْت مَكْتوم
ثم استأْنف السؤال بِأَمْ فقال: أَمْ هلْ كَبير؛ ومثله قول الجَحَّاف بن
حكيم:
أَبا مالِكٍ، هلْ لُمْتَني مُذْ حَصَضَتَنِي
على القَتْل أَمْ هلْ لامَني منكَ لائِمُ؟
قال: إلاّ أَنه متى دَخَلَتْ أَمْ على هلْ بَطَل منها معنى الاستفهام،
وإنما دَخَلتْ أَم على هلْ لأَنها لِخُروجٍ من كلام إلى كلام، فلهذا
السَّبَب دخلتْ على هلْ فقلْت أَمْ هلْ ولم تَقُل أَهَلْ، قال: ولا تَدْخُل
أَم على الأَلِف، لا تَقول أَعِنْدك زيد أَمْ أَعِنْدك عَمْرو، لأن أصل ما
وُضِع للاستفهام حَرْفان: أَحدُهما الألفُ ولا تَقع إلى في أَوَّل
الكلام، والثاني أمْ ولا تقع إلا في وَسَط الكلام، وهلْ إنما أُقيمُ مُقام
الألف في الاستفهام فقط، ولذلك لم يَقَع في كل مَواقِع الأَصْل.
عضد: العَضُدُ والعَضْدُ والعُضُدُ والعُضْدُ والعَضِدُ من الإِنسان
وغيره؛ الساعدُ وهو ما بين المرفق إِلى الكتف، والكلام الأَكثر العَضُدُ:
وحكى ثعلب: العَضَد، بفتح العين والضاد، كلٌّ يذكر ويؤْنث. قال أَبو زيد:
أَهل تِهامة يقولون العُضُد والعُجُزُ ويُذكرون. قال اللحياني: العضد
مؤنثة لا غير، وهما العَضُدانِ، وجمعها أَعضادٌ، لا يُكَسَّرُ على غير ذلك.
وفي حديث أُمّ زرع: وملأَ من شَحْمٍ عَضُدَيَّ؛ العضد ما بين الكَتِفِ
والمِرْفَقِ ولم ترده خاصة، ولكنها أَرادت الجسد كله فإِنه إِذا سَمِن العضد
سمن سائر الجسد؛ ومنه حديث أَبي قتادة والحمارِ الوحشي: فناولْتُه
العضدَ فأَكلها، يريد كتفه.وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: كان أَبيض
مُعَضَّداً؛ هكذا رواه يحيى بن معين وهو المُوَثَّقُ الخَلْق؛ والمحفوظ في
الرواية: مُقَصّداً؛ واستعمل ساعدةُ بنُ جؤيَّةَ الأَعضاد للنحل، فقال:
وكأَنَّ ما جَرَسَتْ على أَعضادِها،
حَيْثُ اسْتَقَلَّ بها الشرائعُ مَحْلَبُ
شبه ما على سوقها من العسل بالمحلب.
ورجل
(* قوله «ورجل إلخ» في القاموس ورجل عضادي مثلثة إلخ.) عُضِاديٌّ:
عظيم العضد، وأَعْضَدُ: دَقيق العضد.
وعَضَدَه يَعْضِدُه عَضْداً: أَصاب عَضُدَه؛ وكذلك إِذا أَعَنْتَه وكنتَ
له عضداً. وعَضِدَ عَضَداً: أَصابه داءٌ في عَضُدِه. وعُضِدَ عَضْداً:
شكا عَضُدَه، يطَّرد على هذا بابٌ في جميع الأَعضاءِ. وأَعْضَدَ المطرُ
وعَضَّدَ: بلغ ثراه العَضُدَ وعَضُدٌ عَضِدَةٌ: قصيرة. ويَدٌ عَضِدَةٌ:
قصيرة العَضُد.
والعِضادُ: من سِمات الإِبل وَسْمٌ في العضد عرضاً؛ عن ابن حبيب من
تذكرة أَبي عليّ. وإِبِلٌ مُعَضَّدَةٌ: موسومة في أَعضادها. وناقةٌ عَضادٌ:
وهي التي لا تَرِدُ النَّضيحَ حتى يَخْلو لهَا، تَنْصرِمُ عن الإِبل ويقال
لها القَذُورُ. والعِضادُ والمِعْضَدُ: ما شُدَّ في العَضُدِ من
الحِرْزِ؛ وقيل: المِعْضَدَةُ والمِعْضَد الدُّمْلُجُ لأَنه على العضد يكون؛
حكاه اللحياني، والجمع مَعاضِدُ.
واعْتَضَدْتُ الشيء: جعلته في عضدي.
والمِعْضَدَةُ أَيضاً: التي يشدّها المسافرُ على عضده ويجعل فيها نفقته،
عنه أَيضاً.
وثوب مُعَضَّدٌ: مخطط على شكل العضد؛ وقال اللحياني: هو الذي وَشْيُه في
جوانبه. والمُعَضَّدُ: الثوب الذي له عَلَم في موضع العضد من لابسه؛ قال
زهير يصف بقرة:
فجالَتْ على وحْشِيِّها، وكأَنَّها
مُسَرْبَلَةٌ من رازِقِيٍّ مُعَضَّدِ
والعَضُدُ: القوة لأَن الإِنسان إِنما يَقْوى بعضده فسميت القوّة به.
وفي التنزيل: سَنَشُدُّ عضدك بأَخيك؛ قال الزجاج: أَي سنعينك بأَخيك. قال:
ولفظ العضد على جهة المثل لأَن اليد قِوامُها عَضُدُها. وكل مُعين، فهو
عَضُدٌ. والعَضُدُ: المُعين على المثل بالعضد من الأَعضاءِ. وفي التنزيل:
وما كنتَ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً؛ أَي أَعضاداً وإِنما أَفرد
لتعتدل رؤوس الآي بالإِفراد. وما كنتَ متخذ المضلين عضداً؛ أَي ما كنت يا
محمد لتتخذ المضلين أَنصاراً. وعَضُدُ الرجلِ: أَنصاره وأَعوانه. والعرب
تقول: فلانٌ يَفُتُّ في عضد فلان ويقدح في ساقه؛ فالعضد أَهل بيته وساقه
نفسه. والاعْتِضادُ: التَّقَوِّي والاستعانة. وفلان يَعْضُدُ فلاناً أَي
يُعِنيه. ويقال: فلان عَضُدُ فلانٍ وعِضادَتُه ومُعاضِدُه إِذا كان يعاونه
ويرافقه؛ وقال لبيد:
أَوْ مِسْحَل سَنِق عِضادَة سَمْحَجٍ،
بِسَراتها نَدَبٌ له وكُلومُ
واعتضدت بفلان: استعنت. وعَضَدَه يَعْضُدُه عَضْداً وعاضَدَه: أَعانه.
وعاضدني فلان على فلان أَي عاونني. والمُعاضدَة: المُعاونة. وعَضُدُ
البِناء وغيره وعَضَدُه وأَعْضاده: ما شُدَّ من حواليه كالصفائح المنصوبة
حول شَفِير الحوض. وعَضُدُ الحوض: من إِزائها إِلى مُؤَخّره، وإِزاؤُه
مَصَبُّ الماء فيه، وقيل: عضده جانباه؛ عن ابن الأَعرابي، والجمع أَعضاد؛ قال
لبيد يصف الحوض الذي طال عهده بالواردة:
راسِخُ الدِّمْنِ على أَعْضادِه،
ثَلَمَتْه كلُّ رِيحٍ وسَبَلْ
وعُضود؛ قال الراجز:
فَارْفَتَّ عُقْرُ الحَوْضِ والعُضودُ
مِنْ عَكَراتٍ، وَطْو ها وئِيدُ
وعَضُدُ الركائبِ: ما حواليها. وعَضَدَ الركائبَ يَعْضُدُها عَضْداً:
أَتاها من قبَلِ أَعْضادِها فضمَّ بعضها إِلى بعض؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذا مَشى لم يَعْضُدِ الرَّكائبا
والعاضِدُ: الذي يمشي إِلى جانب دابة عن يمينه أَو يساره. وتقول: هو
يَعْضُدُها يكون مرة عن يمينها ومرة عن يسارها لا يفارقها، وقد عَضَدَ
يَعْضُدُ عُضُوداً، والبعيرُ معضود؛ قال الراجز:
ساقَتُها أَربعةٌ بالأَشْطانْ،
يَعْضُدُها اثْنانِ، ويَتْلوها اثنانْ
يقال: اعْضُدْ بَعِيرَك ولا تَتْلُه. وعَضَدَ البعيرُ البعيرَ إِذا أَخذ
بِعَضُدِه فَصَرَعَه، وضَبَعَه إِذا أَخذ بِضَبْعَيْهِ. والعاضِدُ:
الجمل يأْخُذُ عَضُدَ الناقة فَيَتَنَوَّخُها. وحِمارٌ عَضِدٌ وعاضِدٌ إِذا
ضَمَّ الأُتنَ من جوانبها. وعَضُدُ الطريقِ وعِضادَتُه: ناحيته. وعَضُدُ
الإِبْطِ وعَضَدُه: ناحيته؛ وقيل: كلُّ ناحية عَضُدٌ وعَضَدٌ. وأَعْضادُ
البيت: نواحِيه. ويقال: إِذا نَخَرَتِ الرِّيحُ من هذه العَضُدِ أَتاك
الغيثُ، يعني ناحيةَ اليمن. وعضُدُ الرَّحْلِ: خشبتان تَلزقان بواسطته؛
وقيل: بأَسفل واسطته. وعضَدَ القَتَبُ البعيرَ عَضْداً: عَضَّه فَعَقَرَه؛
قال ذو الرمة:
وهُنَّ على عَضْدِ الرِّحالِ صَوابِرُ
وعَضَدَتْها الرِّحالُ إِذا أَلَحَّتْ عليها. أَبو زيد: يقال لأَعْلى
ظَلِفَتَي الرَّحْلِ مما يَلي العَراقي: العَضُدان، الواسِط والمُؤخَّرَةِ.
وعَضُدُ النعل وعِضادَتاها: اللتان تقعان على القدم. وعِضادتا البابِ
والإِبْزيمِ: ناحيتاه. وما كان نحو ذلك، فهو العِضادة. وعِضادَتا الباب:
الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل منه وشماله. والعِضادتان: العُودان
اللذان في النِّير الذي يكون على عنق ثور العجلة، والواسِطُ: الذي يكون وسط
النير. والعاضِدان: سَطْران من النخل على فَلَج. والعَضُدُ من النخل:
الطريقة منه. وفي الحديث: أَنّ سَمُرة كانت له عَضُدٌ من نخل في حائط رجل من
الأَنصار؛ حكاه الهرويّ في الغريبين؛ أَراد طريقة من النخل، وقيل: إِنما
هو عَضِيدٌ من النخل. ورجل عَضُدٌ وعَضِدٌ وعَضْدٌ؛ الأَخيرة عن كراع.
وامرأَة عَضادٌ
(* قوله «وامرأة عضاد» في القاموس والعضاد كسحاب القصير من
الرجال والنساء والغليظة العضد.) قصيرة؛ قال الهذلي:
ثَنَتْ عُنُقاً لم تَثْنِه جَيْدَرِيَّةٌ
عَضادٌ، ولا مَكْنوزَةُ اللحمِ ضَمْزَرُ
الضمزرُ: الغليظة اللئيمة. قال المؤرّخ: ويقال للرجل القصير عَضادٌ.
وعضَدَ الشجرَ يَعْضِدُه، بالكسر، عَضْداً، فهو مَعْضود وعَضِيدٌ،
واسْتَعْضَدَه: قطعه بالمِعْضَد؛ الأَخيرة عن الهرويّ؛ قال: ومنه حديث طهفة:
ونَسْتَعْضِدُ البَريرَ أَي نقطعه ونَجْنِيه من شجره للأَكل. والعَضَدُ:
ما عُضِدَ من الشجر أَو قطع بمنزلة المعضود؛ قال عبد مناف بن ربع
الهُذَلي:الطَّعْنُ شَغْشَغَةٌ، والضَّرْبُ هَيْقَعَةٌ،
ضَرْبَ المُعَوِّلِ تحتَ الدِّيمَةِ العَضَدَا
الشغشغة: صوت الطَّعْن. والهيقعة: صوت الضرب بالسيف. والمُعَوِّلُ: الذي
يبني العالَةَ، وهي ظُلَّةٌ من الشجر يُسْتَظَلُّ بها من المطر. وفي
حديث تحريم المدينة: نهى أَن يُعْضَدَ شجرُها أَي يقطع. وفي الحديث:
لوَدِدْتُ أَني شجرةٌ تُعْضَد. وفي حديث ظبيان: وكان بنو عمرو بن خالد من
جَذيمَةَ يخبِطون عَضِيدَها ويأْكلون حَصِيدَها؛ العَضِيدُ والعَضَدُ: ما قُطِع
من الشجر أَي يضربونه ليسقط ورقه فيتخذوه عَلَفاً لإِبلهم. وعَضَدَ
الشجرَ: نَثَر ورَقَها لإِبله؛ عن ثعلب، واسم ذلك الورَقِ العَضَدُ.
والمِعْضَدُ والمِعْضادُ من السيوف: المُمْتَهَنُ في قطع الشجر؛ أَنشد
ثعلب:سَيْفاً بِرِنْداً لم يكن مِعْضاداً
قال: والمِعْضادُ سيف يكون مع القصّابين تقطع به العظام. والمعضاد: مثل
المِنْجل ليس لها أُشُرٌ
(* قوله «أشر» كشطب وشطب، بفتح الشين وضمها كما في الصحاح والقاموس،
وقوله نصابها كذا فيه وفي شرح القاموس ولعله نصالها باللام لا بالباء).
يُرْبَط نِصابُها إِلى عصا أَو قناة ثم يَقْصِمُ الراعي بها على غنمه
أَو إِبله فُروعَ غُصونِ الشجر؛ قال:
كأَنما تُنْحي، على القَتادِ
والشَّوْكِ، حَدَّ الْفَأْسِ والمِعْضادِ
وقال أَبو حنيفة: كل ما عُضِد به الشجر فهو مِعْضَد. قال: وقال أَعرابي:
المِعْضَدُ عندنا حديدة ثقيلة في هيئة المِنْجل يقطع بها الشجر.
والعَضِيدُ: النخلة التي لها جِذْعٌ يَتناولُ منه المتناول، وجمعه
عِضْدانٌ؛ قال الأَصمعي: إِذا صار للنخلة جذع يتناول منه المتناول فتلك النخلة
العَضِيدُ، فإِذا فأَتت اليد فهي جَبَّارَةٌ. والعَواضِدُ: ما ينبت من
النخل على جانبي النهر. وبُسْرَةٌ مُعَضِّدة، بكسر الضاد: بدا الترطيب في
أَحد جانبيها.
وقال النضر: أَعضادُ المزارع حدودها يعني الحدود التي تكون فيما بين
الجار والجار كالجُدْران في الأَرضين. والعضد، بالتحريك: داء يأْخذ الإِبل
في أَعضادها فَتُبَطُّ، تقول منه: عَضِدَ البعير، بالكسر؛ قال النابغة:
شَكَّ الفَريصَةَ بالمِدْرى فَأَنْفَذَها،
شَكَّ المُبَيْطِر إِذ يَشفِي من العَضَدِ
واليَعْضِيدُ: بقلة، وهو الطَّرْخَشْقوق، وفي التهذيب: التَّرْخَجْقوق.
قال ابن سيده: واليعضيد بقلة زهرها أَشد صفرة من الوَرْس، وقيل: هي من
الشجر، وقيل: هي بقلة من بقول الربيع فيها مَرارة. وقال أَبو حنيفة:
اليعضيد بقلة من الأَحرار مرة، لها زهرة صفراء تشتهيها الإِبل والغنم والخيل
أَيضاً تُعْجِبُ بها وتُخْصِبُ عليها؛ قال النابغة ووصف خيلاً:
يَتَحَلَّبُ اليَعْضِيدُ من أَشْداقِها،
صُفْراً مَناخِرُها من الجَرْجارِ
رشق: الرَّشْق: الرَّمْيُ؛ وقد رَشَقَهم بالسًهم والنَّبْل يرشُقُهم
رَشقاً: رَماهم، وكلُّ شَوْط ووجْهٍ من ذلك رِشْق. والرِّشْقُ، بالكسر:
الاسم، وهو الوجه من الرمي. التهذيب: الرَّشْق والخَزْقُ بالرمي، قال: وإذا
رَمى أَهلُ النِّضال ما معهم من السِّهام كلها ثم عادوا فكلُّ شوْط من ذلك
رِشْقٌ. أَبو عبيد: الرِّشْقُ الوَجْهُ من الرَّمْي إِذا رمَوْا
بأَجْمعهم وجْهاً بجميع سِهامهم في جهة واحدة قالوا: رمَيْنا رِشْقاً واحداً،
ورموا رِشْقاً واحداً أَو على رشقٍ واحد أَي وجهاً واحداً بجميع سِهامهم؛
قال أَبو زُبَيْد:
كلَّ يَوْمٍ تَرْمِيهِ منها بِرِشْقٍ،
فَمُصِيبٌ أَو صافَ غيرَ بَعِيدِ
والرَّشْقُ: المصدر، يقال: رَشقْت رشقاً. وفي حديث حسّان: قال له النبي،
صلى الله عليه وسلم، في هِجائه للمشركين: لهُو أَشدُّ عليهم من رَشْقِ
النَّبْلِ؛ الرشْق: مصدر رشَقه يرشقه رَشْقاً إِذا رَماه بالسِّهام؛ ومنه
حديث سلَمَة: فأَلْحَقُ رَجلاً فأَرْشُقُه بسَهم؛ ومنه الحديث: فرشَقُوهم
رَشْقاً، ويجوز أَن يكون ههنا بالكسر، وهو الوجه من الرمي. والرِّشْقُ
أَيضاً: أَن يرمي الرامي بالسِّهام كلها، ويُجمع على أَرشاق؛ ومنه حديث
فَضالَة: أَنه كان يخرج فيَرمِي الأَرْشاق. ويقال للقَوْس: ما أَرْشَقَها
أَي ما أَخفَّها وأَسرَع سهمَها. ورشَقَهم بِنظْرة: رَماهم. والإِرْشاقُ:
إحدادُ النظر؛ وأَرشَقَتِ المرأَة والمَهاةُ؛ قال القطامي:
ولقد يَرُوقُ قُلوبَهُنَّ تَكلُّمِي،
ويَرُوعُني مُقَلُ الصُّوارِ المُرْشِقِ
أَبو عبيد: أَرْشقْتُ إِليه النَّظَر إِذا أَحْدَدْته. ورَشقْت القوم
ببصري وأَرشقْت أَي طمَحْت ببصري فنظرت. والمُرْشِق من الظباء: التي
تَمُدُّ عنقَها وتنظر فهي أَحسن ما تكون. والمُرْشِق من النساء والظباء: التي
معها ولدها؛ وقيل: الإِرْشاقُ امْتدادُ أَعناقها وانتصابُها. وأَرْشقَت
الظبْيةُ أَي مدَّت عُنقها، ولا يقال للبقر مُرشِقات لِقصَر أَعناقِهن؛ قال
أَبو دُواد:
ولقد ذَعَرْتُ بَناتِ عمِّ
المُرْشِقاتِ لها بَصابِصْ
أَراد ذَعرتُ بَقَر الوحْش بناتِ عمّ الظباء، والبَصابِصُ: حركاتُ
الأَذناب، وبَصْبَصَ: حرّك ذنَبَه؛ قال المُسيَّب بن عَلَس:
وكأَنَّ غِزْلانَ الصَّرِيمة، إِذْ
مَتَعَ النهارُ وأَرْشَقَ الحَدَقُ
وجِيدٌ أَرشَقُ: منتصِب؛ قال رُؤبة:
بِمُقْلَتَيْ رِئمٍ وجِيدٍ أَرْشقا
والرِّشْق والرَّشْقُ، لغتان: صوت القلم إِذا كُتب به. وفي حديث موسى،
عليه السلام، قال: كأَني برَشْقِ القلم في مسامِعي حين جَرى على الأَلواح
بكَتْبه التوراةَ.
والمُرْشِقُ والرَّشِيقُ من الغِلمان والجَواري: الخَفِيفُ الحسنُ
القَدّ اللَّطِيفةُ، وقد رَشُق، بالضم، رَشاقة. التهذيب: يقال للغلام والجارية
إِذا كانا في اعْتِدال: رَشيقٌ ورَشِيقةٌ، وقد رَشُقا رَشاقة. وناقة
رَشِيقة: خفيفة سريعة.
وتَرشَّق في الأَمر: احْتَدَّ.
والرَّشانِيقُ: بَطْنٌ من السودان.
رمي: الليث: رَمى يَرْمي رَمْياً فهو رامٍ. وفي التنزيل العزيز: وما
رَمَيْتَ إذ رَمَيْتَ ولكنّ اللهَ رَمى؛ قال أَبو إسحق: ليس هذا نَفْيَ
رَمْيِ النبي، صلى الله عليه وسلم، ولكن العرب خُوطِبَت بما تَعْقِل. وروي
أَنّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لأَبي بكر، رضي الله عنه: ناوِلْني
كَفّاً من تُرابِ بَطْحاءِ مكةَ، فناولَهُ كفّاً فرَمى به فلم يَبقَ منهم
أَحدٌ من العدُوّ إلا شُغِلَ بعَيْنهِ، فأَعْلَمَ الله عز وجل أَن
كَفّاً من تُرابٍ أَوحَصًى لا يَمْلأُ به عُيونَ ذلك الجيش الكثير بَشَرٌ،
وأَنه سبحانه وتعالى توَلَّى إيصالَ ذلك إلى أَبصارهم فقال: وما رَمَيْتَ
إذْ رَمَيْتَ ولكنّ اللهَ رَمى؛ أَي لم يُصِبْ رَمْيُك ذلك ويبْلُغ ذلك
المَبْلَغ، بل إنما الله عز وجل تولى ذلك، فهذا مَجازُ وما رَمَيْتَ إذْ
رَمَيْتَ ولكنّ اللهَ رَمى، وروى أَبو عمرو عن أَبي العباس أَنه قال:
معناه وما رَمَيْتَ الرُّعْبَ والفَزَعَ في قلوبهم إذْ رَمَيْتَ بالحَصى
ولكنّ الله رَمى؛ وقال المبرد: معناه ما رميت بقوتك إذ رميت ولكن بقوة
الله رميت. ورَمى اللهُ لفلان: نَصَره وصنَع له؛ عن أَبي علي، قال: وهو
معنى قوله تعالى وما رميت إذْ رميت ولكنّ الله رمى، قال: وهذا كله من
الرَّمْيِ لأَنه إذا نصره رَمى عدُوَّه.
ويقال: طَعَنه فأَرْماه عن فَرسه أَي أَلقاه عن ظهر دابته كما يقال
أَذْراه. وأَرْمَيْتُ الحجَرَ من يدي أَي أَلقيت. ابن سيده: رَمى الشيءَ
رَمْياً ورَمى به ورَمى عن القوْس ورَمى عليها، ولا يقال رَمى بها في هذا
المعنى؛ قال الراجز:
أَرْمي عليها فَرْعٌ أَجْمَعُ،
وهي ثلاثُ أَذْرُعٍ وإصْبَعُ
قال ابن بري: إنما جاز رَمَيْتُ عليها لأَنه إذا رَمى عنها جعَلَ
السهمَ عليها. ورَمى القَنَصَ رَمْىاً لا غير. وخرجتُ أَرْتَمِي وخرج
يَرْتَمي إذا خرج يَرْمي القنَصَ؛ وقال الشماخ:
خَلَتْ غيرَ آثارِ الأَراجِيلِ تَرْتَمِي،
تَقَعْقَع في الآباطِ منها وِفاضُها
قال: ترْتمي أَي تَرْمي الصَّيدَ، والأَراجِيلُ رجالةٌ لُصوصٌ. أَبو
عبيدة: ومن أَمثالهم في الأَمر يُتقدَّم فيه قَبْلَ فِعْلِه: قبل الرِّماءِ
تُمْلأُ الكَنائنُ.
والرِّماءُ: المُراماةُ بالنَّبْلِ. والتِّرْماءُ: مثل الرِّماءِ
والمُراماةِ.
وخرجْت أَتَرَمَّى وخرجَ يتَرَمَّى إذا خرج يَرْمي في الأَغْراضِ
وأُصُول الشجر. وفي حديث الكسوف: خرجتُ أَرْتَمي بأَسْهُمي، وفي رواية:
أَتَرامى. يقال رَمَيْت بالسَّهْمِ رَمْىاً وارْتَمَيْت وترامَيْت تَرامِىاً
ورامَيْت مُراماةً إذا رَمَيْت بالسهام عن القِسِيّ، وقيل: خرجتُ أَرْتَمِي
إذا رَمَيْت القَنَصَ، وأَترَمَّى إذا خرجت تَرْمي في الأَهْدافِ
ونحوِها. وفلان مُرْتَمىً للقوم
(* قوله «وفلان مرتمى للقوم إلخ» كذا بالأصل
والتهذيب بهذا الضبط، والذي في القاموس والتكملة: مرتم، بكسر الميم
الثانية وحذف الياء). ومُرْتَبىً أي طليعة. وقوله في الحديث: ليس وراءَ اللهِ
مَرْمىً أَي مَقْصِدٌ تُرْمى إليه الآمالُ ويوجَّه نحوهَ
الرَّجاءُ.والمَرْمى: موضع الرَّمْيِ تشبيهاً بالهَدَف الذي تُرْمى إليه السهام. وفي
حديث زيد بن حارثة: أنه سُبِيَ في الجاهلية فتَرامى به الأَمرُ إلى أَن
صار إلى خديجة، رضي الله عنها، فوَهَبَتْه للنبي، صلى الله عليه وسلم،
فأَعْتَقَه؛ تَرامَى به الأَمرُ إلى كذا أَي صار وأَفْضى إليه، وكأَنه
تَفاعَل من الرَّمْي أَي رَمَتْه الأَقدارُ إليه.
وتَيْسٌ رَمِيٌّ: مَرْمِيٌّ، وكذلك الأُنثى وجمعها رَمايا، إذا لم
يعرفوا ذكراً من أُنثى فهي بالهاء فيهما. وقال اللحياني: عَنْزٌ رَمِيٌّ
ورَمِيَّة، والأَول أَعلى.وفي الحديث الذي جاء في الخوارج: يَمْرُقون من
الدين كما يَمْرُق السهم من الرَّمِيَّة؛ الرَّمِيَّة: هي الطريدة التي
يَرْميها الصائد، وهي كلُّ دابةٍ مَرْمِيَّةٍ، وأُنِّثَتْ لأَنها جُعِلَت
اسماً لا نعتاً،يقال بالهاء للذكر والأُنثى: قال ابن الأَثير:
الرَّمِيَّة الصيد الذي تَرْميه فتَقْصِدهُ ويَنْفُذُ فيه سَهْمُك، وقيل: هي كلُّ
دابة مَرْمِيَّة. الجوهري: الرَّمِيَّة الصيد يُرْمى. قال سيبويه:
وقالوا بئس الرَّميَّةُ الأَرْنَبُ؛ يريدون بئس الشيءُ مما يُرْمى، يذهب إلى
أن الهاء في غالب الأَمر إنما تكون للإشعار بأَن الفعل لم يقع بعدُ
بالمفعول، وكذلك يقولون: هذه ذبيحتك، للشاة التي لم تُذْبَح بعدُ كالضَّحية،
فإذا وقع بها الفعل فيه ذبيحٌ. قالالجوهري في قولهم بئس الرَّمِيَّة
الأَرنب: أَي بئس الشيءُ مما يُرْمى به الأَرنب،قال: وإنما جاءت بالهاء
لأَنها صارت في عداد الأَسماء، وليس هو على رُمِيَتْ فهي مَرْمِيَّة، وعُدِلَ
به إلى فعيل، وإنما هو بئسَ الشيءُ في نفسه مما يُرْمى الأَرْنَبُ.
وبينهم رَمِّيَّا أَي رَمْيٌ. ويقال: كانت بين القومِ رِمِّيَّا ثم
حَجَزَتْ بينهم حِجِّيزى، أَي كان بين القوم تَرامٍ بالحجارة ثم توسَّطَهم
من حجزَ بينهم وكفَّ بعضَهم عن بعض.
والرِّمى: صوت الحجر الذي يَرْمي به الصبي.
والمِرْماةُ: سهمٌ صغير ضعيف؛ قال: وقال أَبو زياد مثلٌ للعرب إذا
رأَوْا كثرةَ المَرَامي في جَفِير الرجل قالوا:
ونَبْلُ العبدِ أَكثرُها المَرامي
قيل: معناه أَن الحُرَّ يغالي بالسهام فيشتري المِعْبَلة والنِّصْل
لأَنه صاحب حربٍ وصيدٍ، والعبد إنما يكون راعياً فتُقْنِعُه المَرامي لأَنها
أَرخصُ أَثماناً إن اشتراها، وإن اسْتَوهَبها لم يَجُدْ له أَحد إلا
بمرْماة. والمِرْماة: سهمُ الأَهداف؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم:
يَدَعُ أَحدُهم الصلاةَ وهو يُدْعى إليها فلا يُجيبُ، ولو دُعِيَ إلى
مِرْماتَيْنِ لأَجابَ، وفي رواية: لو أَن أَحدهم دُعِيَ إلى مِرْماتَيْن
لأَجابَ وهو لا يُجيب إلى الصلاة، فيقال المِرْماةُ الظِّلْفُ ظِلْفُ
الشاةِ. قال أَبو عبيدة: يقال إن المرماتَينِ ما بين ظِلْفَي الشاةِ،
وتُكْسَر ميمُه وتُفتح. قال: وفي بعض الحديث لو أَن رجلاً دَعا الناس إلى
مِرْماتَيْنِ أَو عَرْقٍ أَجابوه، قال: وفيها لغة أُخرى مَرْماة، وقيل:
المِرْماةُ، بالكسر، السَّهمُ الصغير الذي يُتَعلَّمُ فيه الرَّمْيُ وهو
أَحْقَرُ السهام وأَرْذَلُها، أَي لو دُعِي إلى أَن يُعْطى سهمين من هذه
السهام لأَسْرَعَ الإجابة؛ قال الزمخشري: وهذا ليس بوجيه، ويدفعه قوله في
الرواية الأُخرى لو دُعِيَ إلى مِرْماتَين أَو عَرْقٍ.
قال أَبو عبيد: وهذا حرف لا أَدري ما وجهه إلا أَنه هكذا يُفَسَّر بما
بين ظِلْفَي الشاةِ يريد به حقارَته قال ابن بري: قال ابن القَطاع
المِرْماة ما في جَوْفِ ظِلْف الشاة من كُراعِها، وروي عن ابن الأَعرابي
أَنه قال: المِرْماةُ، بالكسر، السَّهْمُ الذي يُرْمى به، في هذا الحديث.
قال ابن شميل: والمَرامي مثل المَسالِّ دقيقةٌ فيها شيءٌ من طول لا
حُروفَ لها ، قال: والقِدْحُ بالحديد مِرْماةٌ، والحديدة وحدها مِرْماةٌ،
قال: وهي للصيد لأَنها أَخَفّ وأَدَقُّ، قال: والمِرْماةُ قِدْح عليه
رِيشٌ وفي أَسْفَلهِ نَصْلٌ مثلُ الإصْبع؛ قال أَبو سعيد: المِرْماتانِ، في
الحديث، سهمان يَرْمي بهما الرجلُ فيُحْرِزُ سَبَقَه فيقول سابَق إلى
إحْرازِ الدنيا وسَبَقِها ويَدَع سَبَق الآخرة. الجوهري: المِرماة مثل
السِّرْوةِ وهو نَصْل مدَوَّرٌ للسَّهْم. ابن سيده: المِرْماة والمَرْماة
هَنَة بين ظِلْفَي الشَّاةِ.
ويقال: أَرْمى الفرسُ براكِبه إذا أَلقاه. ويقال: أَرْمَيْت الحِمْل عن
ظَهْرِ البَعِير فارْتَمى عنه إذا طاح وسَقَط إلى الأَرض؛ ومنه قوله:
وسَوْقاً بالأَماعِزِ يَرْتَمِينا
أَراد يَطِحْن ويَخْرِرْنَ. ورَمَيْت بالسَّهْم رَمْىاً ورِمايَةً
ورامَيْتُه مُراماةً ورِماءً وارْتَمَيْنا وتَرامَيْنا وكانت بينهم
رِمِّىَّا ثم صاروا إلى حِجِّيزى. ويقال للمرأَة. أَنتِ تَرْمِين وأَنْتُنَّ
تَرْمِين، الواحدة والجماعة سواء. وفي الحديث: من قُتِلَ في عِمِّيَّةٍ في
رِمِّيَّا تكون بينهم بالحجارة؛ الرِّمِّيَّا، بوزن الهِِجِّيرى
والخِصِّيصى: من الرَّمْي، وهو مصدرٌ يُراد به المبالغة. ويقال: تَرامَى القوم
بالسهام وارْتَمَوْا إذا رَمَى بعضُهم بعضاً. الجوهري: رَمَيْت الشيءَ من
يَدي أَي أَلْقَيْته فارْتَمى. ابن سيده: وأَرْمى الشيءَ من يدهِ أَلقاه.
ورَمى الله في يدِه وأَنْفِه وغير ذلك من أَعضائهِ رَمْىاً إذا دُعِي
عليه؛ قال النابغة:
قُعوداً لدى أَبْياتِهم يَثْمِدُونَها،
رَمى اللهُ في تلك الأُنوفِ الكَوانِعِ
والرَّمِيُّ: قِطَعٌ صغار من السحاب، زاد التهذيب: قدرُ الكَفِّ وأَعظمُ
شيئاً، وقيل: هي سحابة عظيمةُ القَطرِ شديدة الوقْعِ، والجمع أَرْماءٌ
وأَرْمِيَةٌ ورَمايا؛ ومنه قول أَبي ذؤَيب يصف عسلاً:
يَمانِيَةٍ أَجْبى لها مَظَّ مائِدٍ،
وآلِ قُراسٍ صوبُ أَرْميَةٍ كُحْلِ
ويروى: صوبُ أَسْقِية. الجوهري: الرَّميّ السّقيُّ وهي السحابة العظيمة
القطرِ. الأَصمعي: الرَّمِيّ والسَّقِيُّ، على وزن فعيل، هما سحابتان
عظيمتا القطر شديدتا الوقع من سحائب الحميم والخريف؛ قال الأَزهري: والقول
ما قاله الأَصمعي؛ وقال مُلَيح الهُذَلي في الرَّميّ السحاب:
حَنِين اليَماني هاجَه، بعْدَ سَلْوةٍ،
ومِيضُ رَميٍّ، آخرَ اللَّيلِ، مُعْرِقِ
وقال أَبو جندب الهذلي وجمعه أَرْمِيةً:
هنالك لو دَعَوْت، أَتاكَ منْهمُ
رجالٌ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الحَميم
والحَميم: مطرُ الصيف، ويكون عظيمَ القطر شديدَ الوَقْع. والسحابُ
يَتَرامى أَي يَنْضم بعضهُ إلى بعض، وكذلك يَرْمي؛ قال المُتَنَخِّل
الهذلي:أَنْشَأَ في العَيْقةِ يَرْمِي لَهُ
جُوفُ رَبابٍ وَرِهٍ مُثْقَلِ
ورَمَى بالقوم من بلد إلى بلد: أَخْرَجهم منه، وقد ارْتَمَت به البلادُ
وترَامَتْ به؛ قال الأَخطل:
ولكن قَذاها زائرٌ لا تُحِبُّهُ،
تَرامَتْ به الغِيطانُ من حيثُ لا يَدْرِي
ابن الأَعرابي: ورَمَى الرَّجلُ إذا سافر. قال أَبو منصور: وسمعت
أَعرابيّاً يقول لآخر أَيْنَ تَرْمِي؟ فقال: أُرِيدُ بلَدَ كذا وكذا؛ أَراد
بقوله أَيْنَ تَرْمِي أَيَّ جهةٍ تَنْوِي. ابن الأَعرابي: ورَمَى فلان
فلاناً بأَمرٍ قبيحٍ أَي قذفه؛ ومنه قول الله عز وجل: والذين يَرْمُون
المُحْصَنات، والذين يَرْمُون أَزواجَهم؛ معناه القَذْف. ورَمَى فلان يَرْمِي
إذا ظَنَّ ظَنّاً غيرَ مُصيب؛ قال أَبو منصور: هو مثل قوله رَجْماً
بالغيب؛ قال طُفَيْل يصف الخيل:
إذا قيلَ: نَهْنِهْها وقد جَدَّ جِدُّها،
تَرامَتْ كخُذْرُوفِ الوَلِيد المُثَقَّفِ
تَرامَتْ: تَتابَعَت وازْدادَتْ. يقال: ما زال الشرُّ يَتَرامَى بينهم
أَي يَتَتابَع. وتَرامَى الجُرْحُ والحَبْنُ إلى فَسادٍ أَي تَراخَى وصار
عَفِناً فاسداً. ويقال: تَرامَى أَمرُ فلانٍ إلى الظَّفَرِ أَو
الخِذْلانِ أَي صار إليه. والرَّمْي: الزيادة في العُمْرِ؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
وعَلَّمَنا الصَّبْرَ آباؤُنا،
وخُطَّ لَنا الرَّمْيُ في الوافِرَهْ
الوافرة: الدنيا. وقال ثعلب: الرَّمْي أَن يُرْمَى بالقومِ إلى بَلَدٍ.
ورَمَى على الخمسين رَمْىاً وأَرْمَى: زاد. وكلُّ ما زاد على شيء فَقَدْ
أَرْمَى عليه؛ وقول أَبي ذؤيب:
فَلَمَّا تَراماهُ الشَّباب وغَيُّه،
وفي النَّفْسِ منِهُ فِتْنَةٌ وفُجورُها
قال السُّكّري: تَراماهُ الشَّباب أَي تَمَّ. والرَّماء، بالمَدَّ:
الرِّبا؛ قال اللحياني: هو على البَدَل. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا
تَبيعُوا الذهب بالفِضَّة إلاَّ يَداً بِيَدٍ هاءَ وهاء إني أَخافُ عليكم
الرَّمَاء؛ قال الكسائي: هو بالفَتْح والمدّ. قال أَبو عبيد: أَراد
بالرَّماء الزيادة بمعنى الرِّبَا، يقول: هو زيادة على ما يَحِلُّ. يقال:
أَرْمَى على الشيءِ إرْماءً إذا زاد عليه كما يقال أَرْبى؛ ومنه قيل: أَرْمَيْت
على الخَمْسين أَي زدت عليها إرْماءً، ورواه بعضهم: إني أَخاف عليكم
الإرْماءَ، فجاءَ بالمصدر؛ وأَنشد لحاتم طيّء:
وأَسْمَرَ خَطِّيّاً، كأَنَّ كُعوبَهُ
نَوَى القَسْبِ قَدْ أَرْمَى ذِراعاً على العَشْرِ
أَي قد زَادَ عليها، وأَرْمَى وأَرْبى لغتان. وأَرْمَى فلانٌ أَي
أَرْبَى. ويقال: سابَّهُ فأَرْمَى عليه إذا زادَ، وحديث عَدِيٍّ الجُذَامِي:
قال يا رسول الله كانَ لي امْرَأَتانِ فاقْتَتَلَتا فَرَمَيْتُ إحْداهما
فرُمِيَ في جنَازَتِها أَي ماتَتْ فقال: اعْقِلْها ولا تَرِتْهَا؛ قال ابن
الأثير: يقال رُمِيَ في جنازةِ فلان إذا مات لأنَّ الجِنازَة تَصيرُ
مَرْميّاً فيها، والمراد بالرَّمْيِ الحَمْلُ والوَضْعُ، والفِعلُ فاعِلهُ
الذي أُسْنِدَ إليه هو الظَّرْفُ بعينه كقولك سِيرَ بِزَيْدٍ، ولذلك لم
يُؤَنَّث الفعل، وقد جاء في رواية فرُمِيَتْ في جِنازَتها، بإظهار
التاء.ورُمَيٌّ ورِمِّيانُ: موضعان. وأَرْميَا: اسمُ نَبِيٍّ؛ قال ابن دريد:
أَحْسبه مُعَرَّباً. قال ابن بري: ورَمَى اسم وادٍ، يصرف ولا يصرف؛ قال
ابن مُقْبِل:
أَحَقّاً أَتاني أَنَّ عَوْفَ بنَ مالِكٍ
ببَطْنِ رَمَى يُهْدِي إلَيَّ القَوافِيَا؟
(* قوله «ببطن رمى» في ياقوت: بين رمى، وقال: بِين رمى، بكسر الباء،
موضع إلخ).
سجع: سَجَعَ يَسْجَعُ سَجْعاً: استوى واستقام وأَشبه بعضه بعضاً؛ قال ذو
الرمة:
قَطَعْتُ بها أَرْضاً تَرَى وَجْه رَكْبها،
إِذا ما عَلَوْها، مُكْفَأً غَيْرَ ساجِعِ
أَي جائراً غير قاصد. والسجع: الكلام المُقَفَّى، والجمع أَسجاع
وأَساجِيعُ؛ وكلام مُسَجَّع. وسَجَعَ يَسْجَعُ سَجْعاً وسَجَّعَ تَسْجِيعاً:
تَكَلَّم بكلام له فَواصِلُ كفواصِلِ الشِّعْر من غير وزن، وصاحبُه سَجّاعةٌ
وهو من الاسْتِواءِ والاستقامةِ والاشتباهِ كأَن كل كلمة تشبه صاحبتها؛
قال ابن جني: سمي سَجْعاً لاشتباه أَواخِره وتناسب فَواصِلِه وكسَّرَه
على سُجُوع، فلا أَدري أَرواه أَم ارتجله، وحكِي أَيضاً سَجَع الكلامَ فهو
مسجوعٌ، وسَجَع بالشيء نطق به على هذه الهيئة. والأُسْجُوعةُ: ما سُجِعَ
به. ويقال: بينهم أُسْجُوعةٌ. قال الأَزهري: ولما قضى النبي، صلى الله
عليه وسلم، في جَنِينِ امرأَة ضربتها الأُخرى فَسَقَطَ مَيِّتاً بغُرّة على
عاقلة الضاربة قال رجل منهم: كيف نَدِيَ من لا شَرِبَ ولا أَكل، ولا
صاحَ فاستهل، ومِثْلُ دمِه يُطَلّْ
(* قوله «يطل» من طل دمه بالفتح أهدره
كما أَجازه الكسائي، ويروى بطل بباء موحدة، راجع النهاية.)؟ قال، صلى الله
عليه وسلم: إِياكم وسَجْعَ الكُهّان. وروي عنه، صلى الله عليه وسلم، أَنه
نهى عن السَّجْعِ في الدُّعاء؛ قال الأَزهري: إِنه، صلى الله عليه وسلم،
كره السَّجْعَ في الكلام والدُّعاء لمُشاكلتِه كلامَ الكهَنَة وسجْعَهم
فيما يتكهنونه، فأَما فواصل الكلام المنظوم الذي لا يشاكل المُسَجَّع فهو
مباح في الخطب والرسائل. وسَجَعَ الحَمامُ يَسْجَعُ سَجْعاً: هَدَلَ على
جهة واحدة. وفي المثل: لا آتيك ما سجَع الحمام؛ يريدون الأَبد عن
اللحياني. وحَمامٌ سُجُوعٌ: سَواجِعُ، وحمامة سَجُوعٌ، بغير هاء، وساجعة.
وسَجْعُ الحمامةِ: موالاة صوتها على طريق واحد. تقول العرب: سجَعَت الحمامة
إِذا دَعَتْ وطَرَّبَتْ في صوتها. وسجَعت الناقة سَجْعاً: مدّت حَنِينَها
على جهة واحدة. يقال: ناقة ساجِعٌ، وسَجَعَتِ القَوْسُ كذلك؛ قال يصف
قوساً:
وهْيَ، إِذا أَنْبَضْتَ فيها، تَسْجَعُ
تَرَنُّمُ النَّحْلِ أَباً لا يَهْجَعُ
(* قوله: أباً لا يهجع، هكذا في الأصل؛ ولعله أبَى أي كره وامتنع أن
ينام.)
قوله تَسْجَعُ يعني حَنِين الوَتر لإِنْباضِه؛ يقول: كأَنها تَحِنُّ
حنيناً متشابهاً، وكله من الاستواء والاستقامة والاشتباه. أَبو عمرو: ناقةٌ
ساجعٌ طويلةٌ؛ قال الأَزهري: ولم أَسمع هذا لغيره. وسجَع له سَجْعاً:
قصَد، وكلُّ سَجْع قَصْدٌ. والساجِعُ: القاصِدُ في سيره؛ وأَنشد بيت ذي
الرمة:
قطعتُ بها أَرْضاً تَرَى وَجْه رَكْبها
البيت المتقدم. وَجْهُ رَكْبها: الوَجْهُ الذي يَؤُمُّونه؛ يقول: إِنّ
السَّمُومَ قابَلَ هُبُوبُها وُجوهَ الرَّكبِ فَأَكْفَؤُوها عن مَهَبِّها
اتِّقاءً لِحَرِّها. وفي الحديث: أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، اشترى
جاريةً فأَراد وطأَها فقالت: إِني حامل، فرفع ذلك إِلى رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، فقال: إِنّ أَحدكم إِذا سَجَع ذلك المَسْجَعَ فليس بالخِيار
على اللهِ؛ وأَمَر بردِّها، أَي سَلَكَ ذلك المَسْلَكَ. وأَصل السجْعِ:
القَصْدُ المُسْتَوي على نسَقٍ واحد.
نجر: النَّجْر والنِّجارُ والنُّجارُ: الأَصْلُ والحَسَبُ، ويقال:
النَّجْرُ اللَّوْنُ؛ قال الشاعر:
انجارُ كلِّ إِبِلٍ نِجارُها،
ونارُ إِبْلِ العالَمِينَ نارُها
هذه إِبلٌ مسروقةٌ من آبالٍ شَتَّى وفيها من كلِّ ضَرْبٍ ولَوْنٍ وسِمةٍ
ضَرْب. الجوهريّ: ومن أَمثالهم في المخلط: كلُّ نِجارِ إِبلٍ نِجارُها
أَي فيه من كل لَوْن من الأَخلاقِ وليس له رأْي يثبت عليه؛ عن أَبي عبيدة.
وفي حديث عليّ: واختَلَفَ النَّجْر وتَشَتَّتَ الأَمْر؛ النَّجْر:
الطبْعُ والأَصْل. ابن الأَعرابي: النجر شَكْل الإِنسان وهيئتُه؛ قال
الأَخطل:وبَيْضاء لا نَجْرُ النجاشِيِّ نَجْرُها،
إِذا التَهَبَتْ منها القَلائدُ والنَّحْرُ
والنَّجْرُ: القَطْع، ومنه نَجْرُ النَّجَّارِ، وقد نَجَرَ العُودَ
نَجراً. التهذيب: الليث النَّجْرُ عمل النَّجَّارِ ونحْتُه، والنجْرُ نَحْتُ
الخَشَبة، نَجَرَها يَنْجُرها نَجْراً: نَحَتها. ونُجارةُ العُود: ما
انْتُحِتَ منه عند النِّجْرِ. والنجَّارُ: صاحبُ النَّجْر وحِرْفَتُه
النِّجارةُ. والنَّجْرانُ: الخَشَبة التي تَدُور فيها رِجْل الباب؛
وأَنشد:صَبَبْتُ الماءَ في النَّجْرانِ صَبّاً،
تَرَكْتُ البابَ ليس له صَرِيرُ
ابن الأَعرابي: يقال لأَنف الباب الرِّتاجُ، ولِدَرَوَنْدِه
النَّجْرانُ، ولِمِتْرَسه القُنَّاحُ والنِّجافُ؛ وقال ابن دريد: هو الخشبة التي
يَدُور فيها. والنَّوْجَرُ: الخَشبة التي تُكْرَبُ بها الأَرضُ، قال ابن
دريد: لا أَحسبها عربية محضة. والمنْجُور في بعض اللغات: المَحالةُ التي
يُسْنى عليها. والنَّجِيرةُ: سَقِيفةٌ من خشب ليس فيها قَصَبٌ ولا غيره.
ونَجَر الرجلَ يَنْجُرهُ نَجْراً إِذا جَمَعَ يده ثم ضَرَبه بالبُرْجُمةِ
الوُسْطى. الليث: نَجَرْتُ فلاناً بيدي، وهو أَن تَضُمَّ من كفِّك
بُرْجُمةَ الإِصبَعِ الوُسْطى ثم تَضْرِبَ بها رأْسَه، فَضَرْبُكَه النَّجْرُ؛
قال الأَزهري: لم أَسمعه لغيره والذي سمعناه نَجَرْتُه إِذا دفعْتَه
ضَرْباً؛ وقال ذو الرمة:
يَنْجُرْنَ في جانِبَيْها وهْيَ تَنْسَلِبُ
وأَصله الدقُّ. ويُقال لِلهاوُنِ: مِنْجارٌ.
والنَّجِيرةُ: بَيْنَ الحَسُوِّ وبين العَصِيدةِ؛ قال: ويقال انْجُرِي
لِصِبْيانِك ورِعائِك، ويقال: ماءٌ مَنْجُور أَي مُسَخَّنٌ؛ ابن
الأَعرابي: هي العَصيدةُ ثم النجِيرة ثم الحَسُوُّ. والنَّجِيرة: لَبن وطَحِينٌ
يُخْلَطان، وقيل: هو لبنٌ حليبٌ يجعل عليه سَمْن، وقيل: هو ماء وطَحِين
يُطْبخ.
ونَجَرْتُ الماء نَجْراً: أَسخنته بالرَّضَفَةِ. والمِنْجَرةُ: حجر
مُحْمى يُسخَّن به الماء وذلك الماء نَجِيرةٌ. ولأَنْجُرَنّ نَجِيرَتَك أَي
لأَجْزِينَّك جَزاءَك؛ عن ابن الأَعرابي.
والنَّجَرُ والنَّجَرانُ: العطشُ وشِدّة الشرْب، وقيل: هو أَن يمتلئ
بطنه من الماء واللبَنِ الحامض ولا يَرْوَى من الماء، نَجِرَ نَجَراً، فهو
نَجِرٌ. والنجَرُ: أَن تأْكل الإِبل والغنم بُزُورَ الصحْراءِ فلا
تَرْوَى. والنجَرُ، بالتحريك: عطَشٌ يأْخذ الإِبل فتشرب فلا تروَى وتمرَض عنه
فتموت، وهي إِبل نَجْرَى ونَجارَى ونَجِرَةٌ. الجوهري: النَّجَرُ،
بالتحريك، عطش يصيب الإِبل والغنم عن أَكل الحِبَّةِ فلا تكاد تروَى من الماء؛
يقال: نَجِرَتِ الإِبلُ ومَجِرَتْ أَيضاً؛ قال أَبو محمد الفقعسي:
حتى إِذا ما اشْتَدّ لُوبانُ النَّجَرْ،
ورشَفَتْ ماءَ الإِضاءِ والغُدُرْ
ولاحَ لِلعَيْنِ سُهَيْلٌ بِسَحَرْ،
كَشُعْلةِ القابِس تَرْمي بالشَّرَرْ
يصف إِبلاً أَصابها عطش شديد. واللُّوبانُ واللُّوابُ: شِدّةُ العطشِ.
وسُهَيْلٌ: يجيء في آخر الصيف وإِقْبالِ البَرْدِ فَتَغْلُظُ كُروشُها فلا
تُمْسِكُ الماءَ ولذلك يُصِيبُها العطشُ الشديد. التهذيب: نَجِرَ
يَنْجَرُ نَجَراً إِذا أَكثر من شرب الماء ولم يكَدْ يروَى. قال يعقوب: وقد
يصيب الإِنسانَ
(* قوله«قال يعقوب وقد يصيب الانسان» عبارة يعقوب كما في
الصحاح: وقد يصيب الانسان النجر من شرب اللبن الحامض فلا يروى من الماء) ؛
ومنه شهرُ ناجِرٍ. وكل شهر في صَمِيمِ الحَرِّ، فاسمه ناجِرٌ لأَن الإِبل
تَنْجَرُ فيه أَي يَشتَدُّ عطشها حتى تَيْبَسَ جُلُودُها. وصَفَرٌ كان في
الجاهلية يقال له ناجرٌ؛ قال ذو الرمة:
صَرَّى آجِنٌ يَزْوِي له المَرْءُ وجْهَه،
إِذا ذاقَه الظَّمْآنُ في شهر ناجِرٍ
ابن سيده: والنَّجْر الحرُّ؛ قال الشاعر:
ذَهَبَ الشِّتاءُ مُوَلِّياً هَرَباً،
وأَتتكَ وافِدةٌ من النَّجْرِ
وشهرا ناجرٍ وآجرٍ: أَشدّ ما يكون من الحرّ، ويزعم قوم أَنهما حَزِيرانُ
وتَمُّوزُ، قال: وهذا غلط إِنما هو وقت طلوع نجمين من نجوم القَيْظ؛
وأَنشد عركة الأَسدي:
تُبَرِّدُ ماء الشَّنِّ في ليلة الصَّبا،
وتَسْقِينِيَ الكُرْكورَ في حَرِّ آجِرِ
وقيل: كل شهر من شهور الصيف ناجر؛ قال الحطيئة:
كنِعاج وَجْرَةَ، ساقَهُنّ
إِلى ظِلال السِّدْرِ ناجِرْ
وناجِرٌ: رَجَبٌ، وقيل: صفر؛ سمي بذلك لأَن المال إِذا ورد شرب الماء
حتى يَنْجَرَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
صَبَحْناهُمُ كأْساً من الموتِ مُرَّةً
بناجِرَ، حتى اشتَدّ حَرُّ الودائِقِ
وقال بعضهم: إِنما هو بِناجَرَ، بفتح الجيم، وجمعها نواجر. المفضل: كانت
العرب تقول في الجاهلية للمحرَّم مُؤْتَمِرٌ، ولصفرٍ ناجِرٌ،ولربيع
الأَول خَوَّانٌ. والنَّجْر: السَّوقُ الشديد. ورجل مِنْجَر أَي شديدُ
السَّوْقِ للإِبِل.
وفي حديث النجاشيِّ: لما دخل عليه عَمْرو بنُ العاصِ والوَفْدُ قال لهم:
نَجِّرُوا أَي سَوِّقوا الكلامَ؛ قال أَبو موسى: والمشهور بالخاء،
وسيجيء. ونَجَرَ الإِبل يَنْجُرْها نَجْراً: ساقَها سَوْقاً شديداً؛ قال
الشماخ:
جَوَّاب أَرْضٍ مِنْجَر العَشِيَّات
قال ابن سيده: هكذا أَنشده أَبو عبيدة جَوَّاب أَرض، قال: والمعروف
جوّاب لَيْل، قال: وهو أَقعد بالمعنى لأَن الليل والعَشِيّ زمانان، فأَما
الأَرض فليست بزمان. ونَجَرَ المرأَة نَجْراً: نكَحها.
والأَنْجَرُ: مِرْساةُ السفينة، فارسي؛ في التهذيب: هو اسم عِراقيٌّ،
وهو خَشبات يُخالَفُ بينها وبين رؤوسها وتُشدّ أَوساطها في موضع واحد ثم
يفرغ بينها الرَّصاص المذاب فتصير كأَنها صخرة، ورؤوسها الخشب ناتئة بها
الحبال وترسل في الماء فإِذا رَسَتْ رَسَتِ السفينة فأَقامت. ومن أَمثالهم
يقال: فلان أَثْقلُ مِن أَنجَرة.
والإِنْجارُ: لغة في الإِجَّارِ، وهو السَّطْح؛ وقول الشاعر:
رَكِبْتُ من قَصْدِ الطريق مَنْجَرَهْ
قال ابن سيده: فهو الــمَقْصِدُ الذي لا يَعْدِلُ ولا يَجُورُ عن الطريق.
والمِنْجارُ: لُعْبة للصبيان يَلْعَبُون بها؛ قال:
والوَرْدُ يَسْعى بِعُصْمٍ في رِحالِهِمُ،
كأَنه لاعِبٌ يَسْعى بِمِنْجارِ
والنُّجَيرُ: حِصْن باليَمن؛ قال الأَعشى:
وأَبْتَعِثُ العِيسَ المَراسِيلَ تَفْتَلي
مسافةَ ما بين النُّجَيرِ وصَرْخَدَا
وبنو النَّجَّار: قبيلة من العرب؛ وبنو النَّجَّار: الأَنصار
(* قوله«
وبنو النجار الأنصار» عبارة القاموس: وبنو النجار قبيلة من الأنصار)؛ قال
حسان:
نَشَدْتُ بَني النَّجَّارِ أَفعالَ والِدي،
إِذا العارُ لم يُوجَدْ له من يُوارِعُهْ
أَي يُناطِقُه، ويروى: يُوازِعُه.
والنَّجيرَةُ: نَبْت عَجِرٌ قَصِيرٌ لا يَطولُ.
الجوهري: نَجْرُ أَرض مكة والمدينة، ونَجْرَان: بلد وهو من اليمن؛ قال
الأَخطل:
مِثْل القَنافِذِ هَدّاجُونَ قد بَلَغَتْ
نَجْرَانَ، أَو بَلَغَتْ سَوآتِهِم هَجَرُ
(* في ديوان الأخطل: على العِياراتِ هذّاجون.)
قال: والقافية مرفوعة وإِنما السوأَة هي البالِغَةُ إِلاَّ أَنه
قَلَبَها. وفي الحديث: أَنه كُفِّن في ثلاثة أَثواب نَجْرَانِيَّة؛ هي منسوبة
إِلى نَجْرانَ، وهو موضع معروف بين الحجاز والشام واليمن. وفي الحديث:
قَدِمَ عليه نَصارى نَجْرَانَ.
وجه: الوَجْهُ: معروف، والجمع الوُجُوه. وحكى الفراء: حَيِّ الأُجُوهَ
وحَيِّ الوُجُوه. قال ابن السكيت: ويفعلون ذلك كثيراً في الواو إذا
انضمت. وفي الحديث: أَنه ذكر فِتَناً كوُجُوهِ البَقَرِ أَي يُشْبِه بَعْضُها
بعضاً لأَن وُجُوهَ البقر تتشابه كثيراً؛ أَراد أَنها فِتَنٌ
مُشْتَبِهَةٌ لا يُدْرَى كيف يُؤْتَى لها. قال الزمخشري: وعندي أَن المراد تأْتي
نواطِحَ للناس ومن ثم قالوا نَواطِحُ الدَّهْرِ لنوائبه. ووَجْهُ كُلِّ شيء:
مُسْتَقْبَلُه، وفي التنزيل العزيز: فأَيْنَما تُوَلُّوا فثَمَّ وَجْهُ
اللهِ. وفي حديث أُمّ سلمة: أَنها لما وَعَظَتْ عائشة حين خرجت إلى
البصرة قالت لها: لو أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عَارَضَكِ ببعض
الفَلَواتِ ناصَّةً قَلُوصاً من مَنْهَلٍ إلى مَنْهَلٍ قد وَجِّهْتِ
سدافَتَه وتَرَكْتِ عُهَّيْداهُ في حديث طويل؛ قولها: وَجَّهْتِ
سِدافَتَه أَي أَخذتِ وَجْهاً هَتَكْتِ سِتْرَك فيه، وقيل: معناه أَزَلْتِ
سِدافَتَهُ، وهي الحجابُ، من الموضع الذي أُمِرْتِ أَن تَلْزَمِيه وجَعَلْتِها
أَمامَكِ. القتيبي: ويكون معنى وَجَّهْتِهَا أَي أَزَلْتِهَا من المكان
الذي أُمِرْتِ بلزومه وجَعَلْتِهَا أَمامَكِ. والوَجْهُ: المُحَيَّا.
وقوله تعالى: فأَقِمْ وَجْهَكَ للدِّين حَنِيفاً؛ أَي اتَّبِع الدِّينَ
القَيِّمَ، وأَراد فأَقيموا وجوهكم، يدل على ذلك قوله عز وجل بعده:
مُنِيبِينَ إليه واتَّقُوهُ؛ والمخاطَبُ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، والمراد
هو والأُمَّةُ، والجمع أَوْجُهٌ ووُجُوهٌ. قال اللحياني: وقد تكون
الأَوْجُهُ للكثير، وزعم أَن في مصحف أُبَيٍّ أَوْجُهِكُمْ مكان وُجُوهِكُمْ،
أُراه يريد قوله تعالى: فامسحوا بوُجُوهِكُمْ. وقوله عز وجل: كلُّ شيءٍ
هالكٌ إلا وَجْهَهُ؛ قال الزجاج: أَراد إلا إيَّاهُ. وفي الحديث: كانَتْ
وُجُوهُ بُيُوت أَصحابِهِ شارعةً في المسجد؛ وَجْهُ البيتِ: الخَدُّ
الذي يكون فيه بابه أَي كانت أَبواب بيوتهم في المسجد، ولذلك قيل لَخَدِّ
البيت الذي فيه الباب وَجْهُ الكَعْبةِ. وفي الحديث: لتُسَوُّنَّ
صُفُوفَكُمْ أَو لَيُخالِفَنَّ الله بين وُجُوهكم؛ أَراد وُجوهَ القلوب، كحديثه
الآخر: لا تَخْتَلِفُوا فتَخْتَلِفَ قُلُوبكم أَي هَوَاها وإرادَتُها.
وفي حديث أَبي الدَّرْداءِ: لا تَفْقَهُ حتى تَرَى للقرآن وُجُوهاً أَي
تَرَى له مَعَانيَ يحتملها فتَهابَ الإقْدامَ عليه. ووُجُوهُ البلد:
أَشرافُه. ويقال: هذا وَجْهُ الرأْيِ أَي هو الرأْيُ نَفْسُه. والوَجْه
والجِهَةُ بمعنىً، والهاء عوض من الواو، والاسم الوِجْهَةُ والوُجْهَةُ، بكسر
الواو وضمها، والواو تثبت في الأَسماء كما قالوا وِلْدَةٌ، وإنما لا تجتمع
مع الهاء في المصادر. واتَّجَهَ له رأْيٌ أَي سَنَحَ، وهو افْتَعَلَ،
صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت ثم بُنِيَ
عليه قولك قعدت تُجاهَكَ وتِجَاهَكَ أَي تِلْقاءَك. ووَجْهُ الفَرَسِ: ما
أَقبل عليك من الرأْس من دون مَنَابت شعر الرأْس. وإنه لعَبْدُ الوَجْهِ
وحُرُّ الوَجْهِ، وإنه لسَهْلُ الوَجْهِ إذا لم يكن ظاهر الوَجْنَةِ.
ووَجْهُ النهار: أَوَّلُهُ. وجئتك بوَجْهِ نهارٍ أَي بأَوّل نهار. وكان ذلك
على وَجْهِ الدهرأَي أَوَّلِهِ؛ وبه يفسره ابن الأَعرابي. ويقال: أَتيته
بوَجْهِ نهارٍ وشَبابِ نهارٍ وصَدْرِ نهارٍ أَي في أَوَّله؛ ومنه قوله:
مَنْ كان مَسْروراً بمَقْتَلِ مالِكٍ،
فليأْتِ نِسْوَتَنَا بوَجْهِ نهارِ
وقيل في قوله تعالى: وَجْهَ النهارِ واكْفُروا آخِرَهُ؛ صلاة الصبح،
وقيل: هو أَوّل النهار. ووَجْهُ النجم: ما بدا لك منه. ووَجْهُ الكلام:
السبيلُ الذي تقصده به.
وجاهاهُ إذا فاخَرَهُ.
ووُجُوهُ القوم: سادتهم، واحدهم وَجْهٌ، وكذلك وُجَهَاؤهم، واحدهم
وَجِيهٌ. وصَرَفَ الشيءَ عن وَجْهِهِ أَي سَنَنِهِ.
وجِهَةُ الأَمرِ وجَهَتُهُ ووِجْهَتُه ووُجْهَتُهُ: وَجْهُهُ. الجوهري:
الاسم الوِجْهَة والوُجْهة، بكسر الواو وضمها، والواو تثبت في الأَسماء
كما قالوا وِلْدَةٌ، وإنما لا تجتمع مع الهاء في المصادرِ. وما له جِهَةٌ
في هذا الأَمرِ ولا وِجْهَةٌ أَي لا يبصر وجْهَ أَمره كيف يأْتي له.
والجِهَةُ والوِجْهَةُ جميعاً: الموضعُ الذي تَتَوَجَّهُ إليه وتقصده.
وضَلَّ وِجْهَةَ أَمْرهِ أَي قَصْدَهُ؛ قال:
نَبَذَ الجِوَارَ وضَلَّ وِجْهَةَ رَوْقِهِ،
لما اخْتَلَلْتُ فُؤَادَهُ بالمِطْرَدِ
ويروى: هِدْيَةَ رَوْقِهِ. وخَلِّ عن جِهَتِه: يريد جِهَةَ الطريقِ.
وقلت كذا على جِهَةِ كذا، وفعلت ذلك على جهة العدل وجهة الجور؛ والجهة:
النحو، تقول كذا على جهة كذا، وتقول: رجل أَحمر من جهته الحمرة، وأَسود من
جهته السواد. والوِجهةُ والوُجهةُ: القِبلةُ وشِبْهها في كل وجهة أَي
في كل وجه استقبلته وأَخذت فيه. وتَجَهْتُ إليك أَتْجَهُ أَي توجهتُ،
لأَن أَصل التاء فيهما واو.وتوَجَّه إليه: ذهب. قال ابن بري: قال أَبو زيد
تَجِهَ الرجلُ يَتْجَهُ تَجَهاً. وقال الأَصمعي: تَجَهَ،بالفتح؛ وأَنشد
أَبو زيد لمِرْداسِ بن حُصين:
قَصَرْتُ له القبيلةَ، إذ تَجِهْنا
وما ضاقَتْ بشَدّته ذِراعي
والأَصمعي يرويه: تَجَهْنا، والذي أَراده اتَّجَهْنا، فحذف أَلف الوصل
وإحدى التاءين، وقَصَرْتُ: حبَسْتُ. والقبيلةُ: اسم فرسه، وهي مذكورة في
موضعها، وقيل: القبيلة اسم فرسٍ؛ أَنشد ابن بري لطُفيلٍ:
بناتُ الغُرابِ والوجِيهِ ولاحِقٍ،
وأَعْوَجَ تَنْمي نِسْبَةَ المُتَنسِّبِ
واتَّجَهَ له رأْيٌ أَي سَنَحَ، وهو افْتَعَل، صارت الواو ياء لكسرة ما
قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت ثم بني عليه قولك قعدت تُجاهَكَ
وتِجاهَكَ أَي تِلْقاءك. وتَجَهْتُ إليك أَتْجَهُ أَي توجهتُ لأَن أَصل التاء
فيهما واو. ووَجَّه إليه كذا: أَرسله، ووجَّهْتُهُ في حاجةٍ ووجَّهْتُ
وجْهِيَ لله وتوَجَّهْتُ نحوَكَ وإليك. ويقال في التحضيض: وَجِّهِ الحَجَرَ
وجْهةٌ مّا له وجِهَةٌ مّا له ووَجْهٌ مّا له، وإنما رفع لأَن كل حَجَرٍ
يُرْمى به فله وجْهٌ؛ كل ذلك عن اللحياني، قال: وقال بعضهم وجِّه
الحَجَرَ وِجْهةً وجِهةً مّا له ووَجْهاً مّا له، فنصب بوقوع الفعل عليه، وجعل
ما فَضْلاً، يريد وَجِّه الأَمرَ وَجْهَهُ؛ يضرب مثلاً للأَمر إذا لم
يستقم من جهةٍ أَن يُوَجِّهَ له تدبيراً من جِهةٍ أُخرى، وأَصل هذا في
الحَجَرِ يُوضَعُ في البناء فلا يستقيم، فيُقْلَبُ على وجْهٍ آخر فيستقيم.
أَبو عبيد في باب الأَمر بحسن التدبير والنهي عن الخُرْقِ: وَجِّهْ وَجْهَ
الحَجَرِ وِجْهةً مّا له، ويقال: وِجْهة مّا له، بالرفع، أَي دَبِّرِ
الأَمر على وجْهِه الذي ينبغي أَن يُوَجَّهَ عليه. وفي حُسْنِ التدبير
يقال: ضرب وجْهَ الأَمر وعيْنَه. أَبو عبيدة: يقال وَجِّه الحجر جهةٌ مّا
له، يقال في موضع الحَضِّ على الطلب، لأَن كل حجر يُرْمى به فله وجْهٌ،
فعلي هذا المعنى رفعه، ومن نصبه فكأَنه قال وَجِّه الحجر جِهَتَه، وما
فضْلٌ، وموضع المثل ضََعْ كلَّ شيء موضعه. ابن الأَعرابي: وَجِّه الحجر
جِهَةً مّا له وجهةٌ مّا له ووِجْهةً مّا له ووِجهةٌ مّا له ووَجْهاً مّا له
ووَجْهٌ مّا له.
والمُواجَهَةُ: المُقابلَة. والمُواجَهةُ: استقبالك الرجل بكلام أَو
وَجْهٍ؛ قاله الليث.
وهو وُجاهَكَ ووِجاهَكَ وتُجاهَكَ وتِجاهَكَ أَي حِذاءَكَ من تِلْقاءِ
وَجْهِكَ. واستعمل سيبويه التُّجاهَ اسماً وظرفاً. وحكى اللحياني: داريِ
وجاهَ دارِكَ ووَجاهَ دارِكَ ووُجاهَ دارك، وتبدل التاء من كل ذلك. وفي
حديث عائشة، رضي الله عنها: وكان لعلي، رضوان الله عليه، وَجْهٌ من
الناس حياةَ فاطمةَ، رِضوانُ الله عليها، أَي جاهٌ وعِزٌّ فقَدَهما
بعدها.والوُجاهُ والتُّجاهُ: الوجْهُ الذي تقصده. ولقيه وِجاهاً ومُواجَهةً:
قابَل وجْهَهُ بوجْهِه. وتواجَهَ المنزلانِ والرجلان: تقابلا. والوُجاهُ
والتُّجاه: لغتان، وهما ما استقبل شيء شيئاً، تقول: دارُ فلانٍ تُجاهَ دار
فلان. وفي حديث صلاة الخوف: وطائفةٌ وُجاهَ العدوّ أَي مُقابَلتَهم
وحِذاءَهم، وتكسر الواو وتضم؛ وفي رواية: تُجاهَ العدوِّ، والتاء بدل من
الواو مثلها في تُقاةٍ وتُخَمةٍ، وقد تكرر في الحديث.
ورجل ذو وَجْهينِ إذا لَقِيَ بخلاف ما في قلبه.
وتقول: توجَّهوا إليك ووَجَّهوا، كلٌّ يقال غير أَن قولك وَجَّهوا إليك
على معنى وَلَّوْا وُجوهَهُم، والتَّوَجُّه الفعل اللازم. أَبو عبيد: من
أَمثالهم: أَينما أُوَجِّهْ أَلْقَ سَعْداً؛ معناه أَين أَتَوَجَّه.
وقَدَّمَ وتَقَدَّمَ وبَيَّنَ وتبَيَّنَ بمعنى واحد. والوجْهُ: الجاهُ. ورجل
مُوَجَّهٌ ووَجِيهٌ: ذو جاه وقد وَجُهَ وَجاهةٌ. وأَوْجَهَه: جعل له
وجْهاً عند الناس؛ وأَنشد ابن بري لامرئ القيس:
ونادَمْتُ قَيْصَرَ في مُلْكِه،
فأَوْجَهَني وركِبْتُ البَريدا
ورجل وَجِيهٌ: ذو وَجاهةٍ. وقد وَجُه الرجلُ، بالضم: صار وَجِيهاً أَي
ذا جاهٍ وقَدْر. وأَوجَهَه الله أَي صَيَّرَه وَجِيهاً. ووجَّهَه
السلطانُ وأَوجَهَه: شرَّفَه. وأَوجَهْتُه: صادَفْتُه وَجِيهاً، وكلُّه من
الوَجْهِ؛ قال المُساوِرُ بن هِنْدِ بن قيْس بن زُهَيْر:
وأَرَى الغَواني، بَعْدَما أَوْجَهْنَني،
أَدْبَرْنَ ثُمَّتَ قُلْنَ: شيخٌ أَعْوَرُ
ورجل وَجْهٌ: ذو جاه. وكِساءٌ مُوَجَّهٌ أَي ذو وَجْهَينِ. وأَحْدَبُ
مُوَجَّهٌ: له حَدَبَتانِ من خلفه وأَمامه، على التشبيه بذلك. وفي حديث
أَهل البيت: لايُحِبُّنا الأَحْدَبُ المُوَجَّهُ؛ حكاه الهروي في
الغريبين. ووَجَّهَتِ الأَرضَ المَطَرَةُ: صَيَّرتَهْا وَجْهاً واحداً، كما تقول:
تَرَكَتِ الأَرضَ قَرْواً واحداً. ووَجَّهَها المطرُ: قَشَرَ وَجْهَها
وأَثر فيه كحَرَصَها؛ عن ابن الأَعرابي.
وفي المثل: أَحمق ما يتَوَجَّهُ أَي لا يُحْسِنُ أَن يأْتي الغائط. ابن
سيده: فلان ما يتَوَجَّهُ؛ يعني أَنه إذا أَتى الغائط جلس مستدبر الريح
فتأْتيه الريح بريح خُرْئِه. والتَّوَجُّهُ: الإقبال والانهزام.
وتَوَجَّهَ الرجلُ: وَلَّى وكَبِرَ؛ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
كعَهْدِكِ لا ظِلُّ الشَّبابِ يُكِنُّني،
ولا يَفَنٌ مِمَّنْ تَوَجَّهَ دالِفُ
ويقال للرجل إذا كَبِرَ سِنُّهُ: قد تَوَجَّهَ.ابن الأَعرابي: يقال
شَمِطَ ثم شاخ ثم كَبِرَ ثم تَوَجَّهَ ثم دَلَف ثم دَبَّ ثم مَجَّ ثم ثَلَّبَ
ثم الموت. وعندي امرأَة قد أَوْجَهَتْ أَي قعدت عن الولادة.
ويقال: وَجَّهَتِ الريحُ الحصى تَوْجِيهاً إذا ساقته؛ وأَنشد:
تُوَجِّهُ أَبْساطَ الحُقُوفِ التَّياهِرِ
ويقال: قاد فلانٌ فلاناً فوَجَّه أَي انقاد واتّبع. وشيءٌ مُوَجَّهٌ إذا
جُعِلَ على جِهَةٍ واحدة لا يختلف. اللحياني: نظر فلانٌ بِوُجَيْهِ
سُوءٍ وبجُوهِ سُوءٍ وبِجيهِ سوءٍ. وقال الأَصمعي: وَجَهْتُ فلاناً إذا
ضربت في وجْهِه، فهو مَوْجوهٌ. ويقال: أَتى فلان فلاناً فأَوْجَهَهُ
وأَوْجَأَهُ إذا رَدَّهُ. وجُهتُ فلاناً بما كره فأَنا أَجُوهه إذا استقبلته به؛
قاله الفراء، وكأَن أَصله من الوَجْه فقُلِبَ، وكذلك الجاهُ وأَصله
الوَجْهُ. قال الفراء: وسمعت امرأَة تقول أَخاف أَن تجُوهَني بأَكثر من هذا
أَي تستقبلني. قال شمر: أُراه مأْخوذاً من الوَجْهِ؛ الأَزهري: كأَنه
مقلوب. ويقال: خرج القوم فوَجَّهُوا للناس الطريقَ توجيهاً إذا وَطِئُوه
وسَلَكوه حتى استبان أَثَرُ الطريق لمن يسلكه.
وأَجْهَتِ السماءُ فهي مُجْهِيَةٌ إذا أَصْبَحت، وأَجْهَت لك
السَّبيلُ أَي استبانت. وبيتٌ أَجْهَى: لا سِتْرَ عليه. وبيوتٌ جُهْوٌ، بالواو،
وعَنْزٌ جَهْواء: لا يستر ذَنَبُها حياءها. وهم وِجاهُ أَلْفٍ أَي زُهاءُ
أَلفٍ؛ عن ابن الأَعرابي.
ووَجَّهَ النخلةَ: غرسها فأَمالها قِبَلَ الشَّمال فأَقامتْها
الشَّمالُ. والوَجِيهُ من الخيل: الذي تخرج يداه معاً عند النِّتاج، واسم ذلك
الفعل التَّوْجيهُ. ويقال للولد إذا خرجت يداه من الرحم أَوّلاً: وَجِيهٌ،
وإذا خرجت رجلاه أََّْلاً: يَتْنٌ. والوجيهُ: فرس من خيل العرب نَجِيبٌ،
سمي بذلك.
والتَّوْجيهُ في القوائم: كالصَّدَفِ إلاَّ أَنه دونه، وقيل:
التَّوْجيهُ من الفَرَس تَدانِي العُجايَتَيْنِ وتَداني الحافرين والْتِواءٌ مِنَ
الرُّسْغَيْنِ. وفي قَوافي الشِّعْرِ التأْسيس والتَّوْجيهُ والقافيةُ،
وذلك في مثل قوله:
كِلِيني لهَمٍّ، يا أُمَيمَةَ، ناصِبِ
فالباء هي القافية، والأَلف التي قبل الصاد تأْسيسٌ، والصادُ تَوْجِيهٌ
بين التأْسيس والقافية، وإِنما قيل له تَوْجِيهٌ لأَن لك أَن تُغَيِّرَه
بأَيِّ حرفٍ شئتَ، واسم الحرف الدَّخِيلُ. الجوهري: التَّوْجيهُ هو الحرف
الذي بين أَلف التأْسيس وبين القافية، قال: ولك أَن تغيره بأَي حرف شئتَ
كقول امرئ القيس: أَنِّي أَفِرْ، مع قوله: جميعاً صُبُرْ، واليومُ
قَرّ، ولذلك قيل له تَوْجيهٌ؛ وغيره يقول: التوجيه اسم لحركاته إِذا كان
الرَّوِيُّ مُقَيَّداً. قال ابن بري: التَّوْجيهُ هو حركة الحرف الذي قبل
الرويِّ المقيد، وقيل له توجيه لأَنه وَجَّهَ الحرفَ الذي قبل الرَّوِيِّ
المقيد إِليه لا غير، ولم يَحْدُث عنه حرفُ لِينٍ كما حدث عن الرَّسِّ
والحَذْوِ والمَجْرَى والنَّفادِ، وأَما الحرف الذي بين أَلف التأْسيس
والرَّوِيِّ فإِنه يسمى الدَّخيلَ، وسُمِّي دَخِيلاً لدخوله بين لازمين، وتسمى
حركته الإِشباعَ، والخليل لا يجيز اختلاف التوجيه ويجيز اختلاف الإِشباع،
ويرى أَن اختلاف التوجيه سِنادٌ، وأَبو الحسن بضدّه يرى اختلاف الإِشباع
أَفحش من اختلاف التوجيه، إِلا أَنه يرى اختلافهما، بالكسر والضم،
جائزاً، ويرى الفتح مع الكسر والضم قبيحاً في التوجيه والإِشباع، والخليل
يستقبحه في التوجيه أَشدّ من استقباحه في الإِشباع، ويراه سِناداً بخلاف
الإِشباع، والأَخفش يجعل اختلاف الإِشباع بالفتح والضم أَو الكسر سِناداً؛
قال: وحكاية الجوهري مناقضة لتمثيله، لأَنه حكى أَن التَّوْجِيهَ الحرف
الذي بين أَلف التأْسيس والقافية، ثم مثَّله بما ليس له أَلف تأْسيس نحو
قوله: أَني أَفرْ، مع قوله: صُبُرْ، واليومُ قَرّ. ابن سيده: والتَّوْجِيهُ
في قَوافي الشِّعْرِ الحرفُ الذي قبل الرَّوِيّ في القافية المقيدة،
وقيل: هو أَن تضمه وتفتحه، فإِن كسرته فذلك السِّنادُ؛ هذا قول أَهل اللغة،
وتحريره أَن تقول: إِن التَّوْجيهَ اختلافُ حركة الحرف الذي قبل
الرَّوِيَّ المقيد كقوله:
وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ
وقوله فيها:
أَلَّفَ شَتَّى ليس بالراعي الحَمِقْ
وقوله مع ذلك:
سِرّاً وقد أَوَّنَ تأْوينَ العُقُقْ
قال: والتوجيه أَيضاً الذي بين حرف الروي المطلق والتأْسيس كقوله:
أَلا طالَ هذا الليلُ وازْوَرَّ جانِبُهْ
فالأَلف تأْسيس، والنون توجيه، والباء حرف الروي، والهاء صلة؛ وقال
الأَحفش: التَّوْجيهُ حركة الحرف الذي إلى جنب الرَّوِيّ المقيد لا يجوز مع
الفتح غيره نحو:
قد جَبَرَ الدِّينَ الإِلهُ فجَبَرْ
التزم الفتح فيها كلها، ويجوز معها الكسر والضم في قصيدة واحدة كما
مثَّلنا. وقال ابن جني: أَصله من التَّوْجِيه، كأَن حرف الرَّوِيّ مُوَجَّهٌ
عندهم أَي كأَنَّ له وجهين: أَحدهما من قبله، والآخر من بعده، أَلا ترى
أَنهم استكرهوا اختلاف الحركة من قبله ما دام مقيداً نحو الحَمِقْ
والعُقُقْ والمُخْتَرَقْ؟ كما يستقبحون اختلافها فيه ما دام مطلقاً نحو
قوله:عَجْلانَ ذا زَادٍ وغيرَ مُزَوَّدِ
مع قوله فيها:
وبذاك خَبَّرَنا الغرابُ الأَسْوَدُ
وقوله:
عَنَمٌ يكادُ من اللَّطافَةِ يُعْقَدُ
فلذلك سميت الحركة قبل الرويّ المقيد تَوجيهاً، إَعلاماً أَن للرويّ
وجهين في حالين مختلفين، وذلك أَنه إِذا كان مقيداً فله وَجْهٌ يتقدّمه،
وإِذا كان مطلقاً فله وَجْهٌ يتأَخر عنه، فجرى مجرى الثوب المُوَجَّهِ
ونحوِه؛ قال: وهذا أَمثل عندي من قول مَنْ قال إِنما سُمِّي تَوْجيهاً لأَنه
يجوز فيه وُجُوهٌ من اختلاف الحركات، لأَنه لو كان كذلك لمَا تَشدَّد
الخليل في اختلاف الحركات قبله، ولمَا فَحُشَ ذلك عنده. والوَجِيهَةُ:
خَرَزَةٌ، وقيل: ضرب من الخَرَزِ. وبنو وَجِيهةَ: بطن.
حجج: الحَجُّ: القصدُ. حَجَّ إِلينا فلانٌ أَي قَدِمَ؛ وحَجَّه يَحُجُّه
حَجّاً: قصده. وحَجَجْتُ فلاناً واعتَمَدْتُه أَي قصدته. ورجلٌ محجوجٌ
أَي مقصود. وقد حَجَّ بنو فلان فلاناً إِذا أَطالوا الاختلاف إليه؛ قال
المُخَبَّلُ السعدي:
وأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولاً كثِيرةً،
يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا
أَي يَقْصِدُونه ويزورونه. قال ابن السكيت: يقول يُكْثِرُونَ الاختلاف
إِليه، هذا الأَصل، ثم تُعُورِفَ استعماله في القصد إِلى مكة للنُّسُكِ
والحجِّ إِلى البيت خاصة؛ تقول حَجَّ يَحُجُّ حَجًّا. والحجُّ قَصْدُ
التَّوَجُّه إِلى البيت بالأَعمال المشروعة فرضاً وسنَّة؛ تقول: حَجَجْتُ
البيتَ أَحُجُّه حَجًّا إِذا قصدته، وأَصله من ذلك. وجاء في التفسير: أَن
النبي، صلى الله عليه ولم، خطب الناسَ فأَعلمهم أَن الله قد فرض عليهم
الحجَّ، فقام رجل من بني أَسد فقال: يا رسول الله، أَفي كلِّ عامٍ؟ فأَعرض عنه
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فعاد الرجلُ ثانيةً، فأَعرض عنه، ثم عاد
ثالثةً، فقال عليه الصلاة والصلام: ما يؤمنك أَن أَقولَ نعم، فَتَجِبَ،
فلا تقومون بها فتكفرون؟ أَي تدفعون وجوبها لثقلها فتكفرون. وأَراد عليه
الصلاة والسلام: ما يؤمنك أَن يُوحَى إِليَّ أَنْ قُلْ نعم فَأَقولَ؟
وحَجَّه يَحُجُّه، وهو الحجُّ. قال سيبويه: حجَّه يَحُجُّه حِجًّا، كما
قالوا: ذكره ذِكْراً؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يومَ تَرَى مُرْضِعَةً خَلوجا،
وكلَّ أُنثَى حَمَلَتْ خَدُوجا
وكلَّ صاحٍ ثَمِلاً مَؤُوجا،
ويَسْتَخِفُّ الحَرَمَ المَحْجُوجا
فسَّره فقال: يستخف الناسُ الذهابَ إِلى هذه المدينة لأَن الأَرض
دُحِيَتْ من مكة، فيقول: يذهب الناس إِليها لأَن يحشروا منها. ويقال: إِنما
يذهبون إِلى بيت المقدس.
ورجلٌ حاجٌّ وقومٌ حُجَّاجٌ وحَجِيجٌ والحَجِيجُ: جماعةُ الحاجِّ. قال
الأَزهري: ومثله غازٍ وغَزِيٌّ، وناجٍ ونَجِيٌّ، ونادٍ ونَدِيٌّ، للقومِ
يَتَناجَوْنَ ويجتمعون في مجلس، وللعادِينَ على أَقدامهم عَدِبٌّ؛ وتقول:
حَجَجْتُ البيتَ أَحُجُّه حَجًّا، فأَنا حاجٌّ. وربما أَظهروا التضعيف في
ضرورة الشعر؛ قال الراجز:
بِكُلِّ شَيْخٍ عامِرٍ أَو حاجِجِ
ويجمع على حُجٍّ، مثل بازلٍ وبُزْلٍ، وعائذٍ وعُودٍ؛ وأَنشد أَبو زيد
لجرير يهجو الأَخطل ويذكر ما صنعه الجحافُ بن حكيم السُّلمي من قتل بني
تَغْلِبَ قوم الأَخطل باليُسُرِ، وهو ماءٌ لبني تميم:
قد كانَ في جِيَفٍ بِدِجْلَةَ حُرِّقَتْ،
أَو في الذينَ على الرَّحُوبِ شُغُولُ
وكأَنَّ عافِيَةَ النُّسُور عليهمُ
حُجٌّ، بأَسْفَلِ ذي المَجَازِ نُزُولُ
يقول: لما كثر قتلى بني تَغْلِبَ جافَتِ الأَرضُ فحُرّقوا لِيَزُولَ
نَتْنُهُمْ. والرَّحُوبُ: ماءٌ لبني تغلب. والمشهور في رواية البيت: حِجٌّ،
بالكسر، وهو اسم الحاجِّ. وعافِيةُ النسور: هي الغاشية التي تغشى لحومهم.
وذو المجاز: سُوقٌ من أَسواق العرب. والحِجُّ، بالكسر، الاسم.
والحِجَّةُ: المرَّة الواحدة، وهو من الشَّواذِّ، لأَن القياس بالفتح. وأَما
قولهم: أَقْبَلَ الحاجُّ والداجُّ؛ فقد يكون أَن يُرادَ به الجِنسُ، وقد يكون
اسماً للجمع كالجامل والباقر. وروى الأَزهري عن أَبي طالب في قولهم: ما
حَجَّ ولكنه دَجَّ؛ قال: الحج الزيارة والإِتيان، وإِنما سمي حاجًّا
بزيارة بيت الله تعالى؛ قال دُكَين:
ظَلَّ يَحُجُّ، وظَلِلْنا نَحْجُبُهْ،
وظَلَّ يُرْمَى بالحَصى مُبَوَّبُهْ
قال: والداجُّ الذي يخرج للتجارة. وفي الحديث: لم يترك حاجَّةً ولا
داجَّة. الحاجُّ والحاجَّةُ: أَحد الحُجَّاجِ، والداجُّ والدَّاجَّةُ:
الأَتباعُ؛ يريد الجماعةَ الحاجَّةَ ومَن معهم مِن أَتباعهم؛ ومنه الحديث:
هؤلاء الداجُّ وليْسُوا بالحاجِّ.
ويقال للرجل الكثير الحجِّ: إِنه لحَجَّاجٌ، بفتح الجيم، من غير إِمالة،
وكل نعت على فَعَّال فهو غير مُمَالِ الأَلف، فإِذا صيَّروه اسماً
خاصّاً تَحَوَّلَ عن حالِ النعت، ودخلته الإِمالَةُ، كاسم الحَجَّاجِ
والعَجَّاجِ. والحِجُّ: الحُجَّاجُ؛ قال:
كأَنما، أَصْواتُها بالوادِي،
أَصْواتُ حِجٍّ، مِنْ عُمانَ، عادي
هكذا أَنشده ابن دريد بكسر الحاء. قال سيبويه: وقالوا حَجَّةٌ واحدةٌ،
يريدون عَمَلَ سَنَةٍ واحدة. قال الأَزهري: الحَجُّ قَضاءُ نُسُكِ سَنَةٍ
واحدةٍ، وبعضٌ يَكسر الحاء، فيقول: الحِجُّ والحِجَّةُ؛ وقرئ: ولله على
الناسِ حِجُّ البيتِ، والفتح أَكثر. وقال الزجاج في قوله تعالى: ولله على
الناس حَِجُّ البيت؛ يقرأُ بفتح الحاء وكسرها، والفتح الأَصل. والحَجُّ:
اسم العَمَل. واحْتَجَّ البَيْتَ: كحَجَّه عن الهجري؛ وأَنشد:
تَرَكْتُ احْتِجاجَ البَيْتِ، حتى تَظَاهَرَتْ
عليَّ ذُنُوبٌ، بَعْدَهُنَّ ذُنُوبُ
وقوله تعالى: الحجُّ أَشهُرٌ معلوماتٌ؛ هي شوَّال وذو القعدة، وعشرٌ من
ذي الحجة. وقال الفراء: معناه وقتُ الحج هذه الأَشهرُ. وروي عن الأَثرم
وغيره: ما سمعناه من العرب حَجَجْتُ حَجَّةً، ولا رأَيتُ رأْيَةً، وإِنما
يقولون حَجَجْتُ حِجَّةً. قال: والحَجُّ والحِجُّ ليس عند الكسائي بينهما
فُرْقانٌ. وغيره يقول: الحَجُّ حَجُّ البيْتِ، والحِجُّ عَمَلُ
السَّنَةِ. وتقول: حَجَجْتُ فلاناً إِذا أَتَيْتَه مرَّة بعد مرة، فقيل: حُجَّ
البَيْتُ لأَن الناسَ يأَتونه كلَّ سَنَةٍ. قال الكسائي: كلام العرب كله
على فَعَلْتُ فَعْلَةً إِلاّ قولَهم حَجَجْتُ حِجَّةً، ورأَيتُ
رُؤْيَةً.والحِجَّةُ: السَّنَةُ، والجمع حِجَجٌ.
وذو الحِجَّةِ: شهرُ الحَجِّ، سمي بذلك لِلحَجِّ فيه، والجمع ذَواتُ
الحِجَّةِ، وذَواتُ القَعْدَةِ، ولم يقولوا: ذَوُو على واحده.
وامرأَة حاجَّةٌ ونِسْوَةٌ حَواجُّ بَيْتِ الله بالإِضافة إِذا كنّ قد
حَجَجْنَ، وإِن لم يَكُنَّ قد حَجَجْنَ، قلت: حَواجُّ بَيْتَ الله، فتنصب
البيت لأَنك تريد التنوين في حَواجَّ، إِلا أَنه لا ينصرف، كما يقال: هذا
ضارِبُ زيدٍ أَمْسِ، وضارِبٌ زيداً غداً، فتدل بحذف التنوين على أَنه قد
ضربه، وبإِثبات التنوين على أَنه لم يضربه.
وأَحْجَجْتُ فلاناً إِذا بَعَثْتَه لِيَحُجَّ. وقولهم: وحَجَّةِ الله لا
أَفْعَلُ بفتح أَوَّله وخَفْضِ آخره، يمينٌ للعرب.
الأَزهريُّ: ومن أَمثال العرب: لَجَّ فَحَجَّ؛ معناه لَجَّ فَغَلَبَ
مَنْ لاجَّه بحُجَجِه. يقال: حاجَجْتُه أُحاجُّه حِجاجاً ومُحاجَّةً حتى
حَجَجْتُه أَي غَلَبْتُه بالحُجَجِ التي أَدْلَيْتُ بها؛ قيل: معنى قوله
لَجَّ فَحَجَّ أَي أَنه لَجَّ وتمادَى به لَجاجُه، وأَدَّاه اللَّجاجُ إِلى
أَن حَجَّ البيتَ الحرام، وما أَراده؛ أُريد: أَنه هاجَر أَهلَه بلَجاجه
حتى خرج حاجّاً.
والمَحَجَّةُ: الطريق؛ وقيل: جادَّةُ الطريق؛ وقيل: مَحَجَّة الطريق
سَنَنُه.
والحَجَوَّجُ: الطَّرِيقُ تستقيم مَرَّةً وتَعْوَجُّ أُخْرى؛ وأَنشد:
أَجَدُّ أَيامُك من حَجَوَّجِ،
إِذا اسْتَقامَ مَرَّةً يُعَوَّجِ
والحُجَّة: البُرْهان؛ وقيل: الحُجَّة ما دُوفِعَ به الخصم؛ وقال
الأَزهري: الحُجَّة الوجه الذي يكون به الظَّفَرُ عند الخصومة.
وهو رجل مِحْجاجٌ أَي جَدِلٌ.
والتَّحاجُّ: التَّخاصُم؛ وجمع الحُجَّةِ: حُجَجٌ وحِجاجٌ. وحاجَّه
مُحاجَّةً وحِجاجاً: نازعه الحُجَّةَ.
وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً: غلبه على حُجَّتِه. وفي الحديث: فَحَجَّ آدمُ
موسى أَي غَلَبَه بالحُجَّة.
واحْتَجَّ بالشيءِ: اتخذه حُجَّة؛ قال الأَزهري: إِنما سميت حُجَّة
لأَنها تُحَجُّ أَي تقتصد لأَن القصد لها وإِليها؛ وكذلك مَحَجَّة الطريق هي
الــمَقْصِدُ والمَسْلَكُ. وفي حديث الدجال: إِن يَخْرُجْ وأَنا فيكم فأَنا
حَجِيجُه أَي مُحاجُّهُ ومُغالِبُه بإِظهار الحُجَّة عليه. والحُجَّةُ:
الدليل والبرهان. يقال: حاجَجْتُه فأَنا مُحاجٌّ وحَجِيجٌ، فَعِيل بمعنى
فاعل. ومنه حديث معاوية: فَجَعَلْتُ أَحُجُّ خَصْمِي أَي أَغْلِبُه
بالحُجَّة. وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً، فهو مَحْجوجٌ وحَجِيج، إِذا قَدَحَ
بالحَديد في العَظْمِ إِذا كان قد هَشَمَ حى يَتَلَطَّخ الدِّماغُ بالجم
فيَقْلَعَ الجِلْدَة التي جَفَّت، ثم يُعالَج ذلك فَيَلْتَئِمُ بِجِلْدٍ ويكون
آمَّةً؛ قال أَبو ذؤَيب يصف امرأَة:
وصُبَّ عليها الطِّيبُ حتى كأَنَّها
أُسِيٌّ، على أُمِّ الدِّماغ، حَجِيجُ
وكذلك حَجَّ الشجَّةَ يَحُجُّها حَجّاً إِذا سَبَرها بالمِيلِ
ليُعالِجَها؛ قال عذارُ بنُ دُرَّةَ الطائي:
يَحُجُّ مَأْمُومَةً، في قَعْرِها لَجَفٌ،
فاسْتُ الطَّبِيب قَذاها كالمَغاريدِ
المَغاريدُ: جمع مُغْرُودٍ، هو صَمْغٌ معروف. وقال: يَحُجُّ يُصْلِحُ
مَأْمُومَةً شَجَّةً بَلَغَتْ أُمَّ الرأْس؛ وفسر ابن دريد هذا الشعر فقال:
وصف هذا الشاعر طبيباً يداوي شجة بعيدَة القَعْر، فهو يَجْزَعُ من
هَوْلِها، فالقذى يتساقط من استه كالمَغاريد؛ وقال غيره: استُ الطبيب يُرادُ
بها مِيلُهُ، وشَبَّهَ ما يَخْرُجُ من القَذى على ميله بالمغاريد.
والمَغاريدُ: جمع مُغْرُودٍ، وهو صمغ معروف.
وقيل: الحَجُّ أَن يُشَجَّ الرجلُ فيختلط الدم بالدماغ، فيصب عليه السمن
المُغْلَى حتى يظهر الدم، فيؤْخذَ بقطنة. الأَصمعي: الحَجِيجُ من
الشِّجاجِ الذي قد عُولِجَ، وهو ضَرْبٌ من علاجها. وقال ابن شميل: الحَجُّ أَن
تُفْلَقَ الهامَةُ فَتُنْظَرَ هل فيها عَظْم أَو دم. قال: والوَكْسُ أَن
يقَعَ في أُمِّ الرأْس دم أَو عظام أَو يصيبها عَنَتٌ؛ وقيل: حَجَّ
الجُرْحَ سَبَرَهُ ليعرف غَوْرَهُ؛ عن ابن الأَعرابي:
والحُجُجُ: الجِراحُ المَسْبُورَةُ. وقيل: حَجَجْتُها قِسْتُها،
وحَجَجْتُهُ حَجّاً، فهو حَجِيجٌ، إِذا سَبَرْتَ شَجَّتَه بالمِيل
لِتُعالِجَه.والمِحْجاجُ: المِسْبارُ.
وحَجَّ العَظْمَ يَحُجُّهُ حَجّاً: قَطَعَهُ من الجُرْح واستخرجه، وقد
فسره بعضهم بما أُنشِدْنا لأَبي ذُؤَيْبٍ. ورأْسٌ أَحَجُّ: صُلْبٌ.
واحْتَجَّ الشيءُ: صَلُبَ؛ قال المَرَّارُ الفَقْعَسِيُّ يصف الركاب في سفر كان
سافره:
ضَرَبْنَ بكُلِّ سالِفَةٍ ورَأْسٍ
أَحَجَّ، كَأَنَّ مُقْدَمَهُ نَصِيلُ
والحَجاجُ والحِجاجُ: العَظْمُ النابِتُ عليه الحاجِبُ. والحِجاجُ:
العَظْمُ المُسْتَديرُ حَوْلَ العين، ويقال: بل هو الأَعلى تحت الحاجب؛
وأَنشد قول العجاج:
إِذا حِجاجا مُقْلَتَيْها هَجَّجا
وقال ابن السكيت: هو الحَجَّاجُ
(* قوله «الحجاج» هو بالتشديد في الأَصل
المعوّل عليه بأَيدينا، ولم نجد التشديد في كتاب من كتب اللغة التي
بأيدينا.). والحِجَاجُ: العَظْمُ المُطْبِقُ على وَقْبَةِ العين وعليه
مَنْبَتُ شعَر الحاجب. والحَجَاجُ والحِجَاجُ، بفتح الحاءِ وكسرها: العظم الذي
ينبت عليه الحاجب، والجمع أَحِجَّة؛ قال رؤْبة:
صَكِّي حِجاجَيْ رَأْسِه وبَهْزي
وفي الحديث: كانت الضبُعُ وأَولادُها في حَِجاجِ عينِ رجل من العماليق.
الحِجاج، بالكسر والفتح: العظم المستدير حول العين؛ ومنه حديث جَيْشِ
الخَبَطِ: فجلس في حَِجَاج عينه كذا كذا نفراً؛ يعني السمكة التي وجدوها على
البحر. وقيل: الحِجاجان العظمان المُشرِفانِ على غارِبَي العينين؛ وقيل:
هما مَنْبَتا شعَرِ الحاجبين من العظم؛ وقوله:
تُحاذِرُ وَقْعَ الصَّوْتِ خَرْصاءُ ضَمَّها
كَلالٌ، فَحالَتْ في حِجا حاجِبٍ ضَمْرِ
فإِن ابن جني قال: يريد في حِجاجِ حاجِبٍ ضَمْرٍ، فحذف للضرورة؛ قال ابن
سيده: وعندي أَنه أَراد بالحجا ههنا الناحية؛ والجمع: أَحِجَّةٌ
وحُجُجٌ. قال أَبو الحسن: حُجُجٌ شاذ لأَن ما كان من هذا النحو لم يُكَسَّر على
فُعُلٍ، كراهية التضعيف؛ فأَما قوله:
يَتْرُكْنَ بالأَمالِسِ السَّمالِجِ،
للطَّيْرِ واللَّغاوِسِ الهَزالِجِ،
كلَّ جَنِينٍ مَعِرِ الحَواجِجِ
فإِنه جمع حِجاجاً على غير قياس، وأَظهر التضعيف اضطراراً.
والحَجَجُ: الوَقْرَةُ في العظم.
والحِجَّةُ، بكسر الحاءِ، والحاجَّةُ: شَحْمَةُ الأُذُنِ، الأَخيرة اسم
كالكاهل والغارب؛ قال لبيد يذكر نساء:
يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ في كلِّ حِجَّةٍ،
وإِنْ لَمْ تَكُنْ أَعْناقُهُنَّ عَواطِلا
غَرائِرُ أَبْكارٌ، عَلَيْها مَهابَةٌ،
وعُونٌ كِرامٌ يَرْتَدينَ الوَصائِلا
يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ أَي يَثْقُبْنَهُ. والوصائِلُ: بُرُودُ
اليَمن، واحدتها وَصِيلة. والعُونُ جمع عَوانٍ: للثيِّب. وقال بعضهم: الحِجَّةُ
ههنا المَوْسِمُ؛ وقيل: في كل حِجَّة أَي في كل سنة، وجمعها حِجَجٌ.
أَبو عمرو: الحِجَّةُ والحَجَّةُ ثُقْبَةُ شَحْمَة الأُذن. والحَجَّة
أَيضاً: خَرَزَةٌ أَو لُؤْلُؤَةٌ تُعَلَّق في الأُذن؛ قال ابن دريد: وربما
سميت حاجَّةً.
وحَِجاجُ الشمس: حاجِبُها، وهو قَرْنها؛ يقال: بدا حِجاجُ الشمس.
وحَِجاجا الجبل: جانباه. والحُجُجُ: الطرُقُ المُحَفَّرَةُ.
والحَجَّاجُ: اسم رجل؛ أَماله بعض أَهل الإِمالة في جميع وجوه الإِعراب
على غير قياس في الرفع والنصب، ومثل ذلك الناس في الجرِّ خاصة؛ قال ابن
سيده: وإِنما مثلته به لأَن أَلف الحجاج زائدة غير منقلبة، ولا يجاورها مع
ذلك ما يوجب الإِمالة، وكذلك الناس لأَن الأَصل إِنما هو الأُناس فحذفوا
الهمزة، وجعلوا اللام خَلَفاً منها كالله إِلا أَنهم قد قالوا الأُناس،
قال: وقالوا مررت بناس فأَمالوا في الجر خاصة، تشبيهاً للألف بأَلف
فاعِلٍ، لأَنها ثانية مثلها، وهو نادر لأَن الأَلف ليست منقلبة؛ فأَما في
الرفع والنصب فلا يميله أَحد، وقد يقولون: حَجَّاج، بغير أَلف ولام، كما
يقولون: العباس وعباس، وتعليل ذلك مذكور في مواضعه.
وحِجِجْ: من زَجْرِ الغنم.
وفي حديث الدعاءِ: اللهم ثَبِّت حُجَّتي في الدنيا والآخرة أَي قَوْلي
وإِيماني في الدنيا وعند جواب الملكين في القبر.