بكسر أوله، وسكون ثانيه، وياء مفتــوحة، وباء موحدة: مويهة بالدآث من بلاد بني أسد بقرب جبل عبد، وقد قال فيها الشاعر:
شرّ مياه الحارث بن ثعلبة ... ماء يسمى بالحرير العليبه
لقط: اللَّقْطُ: أَخْذُ الشيء من الأَرض، لقَطَه يَلْقُطه لَقْطاً
والتقَطَه: أَخذه من الأَرض. يقال: لِكُلِّ ساقِطةٍ لاقِطةٌ أَي لكل ما نَدَر
من الكلام مَن يَسْمَعُها ويُذِيعُها. ولاقِطةُ الحَصى: قانِصةُ الطير
يجتمع فيها الحصى. والعرب تقول: إِنَّ عندك ديكاً يَلْتَقِط الحصى، يقال
ذلك للنّمّام. الليث: إِذا التقَط الكلامَ لنميمةٍ قلت لُقَّيْطَى
خُلَّيْطَى، حكاية لفعله.
قال الليث: واللُّقْطةُ، بتسكين القاف، اسم الشيء الذي تجِدُه مُلْقىً
فتأْخذه، وكذلك المَنبوذ من الصبيان لُقْطةٌ، وأَمّا اللُّقَطةُ، بفتح
القاف، فهو الرجل اللّقّاطُ يتبع اللُّقْطات يَلْتَقِطُها؛ قال ابن بري:
وهذا هو الصواب لأَنّ الفُعْلة للمفعول كالضُّحْكةِ، والفُعَلةُ للفاعل
كالضُّحَكةِ؛ قال: ويدل على صحة ذلك قول الكميت:
أَلُقْطَةَ هُدهدٍ وجُنُودَ أُنْثَى
مُبَرْشِمةً، أَلَحْمِي تأْكُلُونا؟
لُقْطة: منادى مضاف، وكذلك جنود أُنثى، وجعلهم بذلك النهايةَ في
الدَّناءة لأَنّ الهُدْهد يأْكل العَذِرةَ، وجعلهم يَدِينون لامرأَة.
ومُبَرْشِمة: حال من المنادى. والبَرْشَمةُ: إِدامة النظر، وذلك من شدّة الغيظ،
قال: وكذلك التُّخْمةُ، بالسكون، هو الصحيح، والنُّخَبةُ، بالتحريك، نادر
كما أَن اللُّقَطة، بالتحريك، نادر؛ قال الأَزهري: وكلام العرب الفصحاء غير
ما قال الليث في اللقْطة واللقَطة، وروى أَبو عبيد عن الأَصمعي والأَحمر
قالا: هي اللُّقَطةُ والقُصَعةُ والنُّفَقةُ مثقّلات كلها، قال: وهذا
قول حُذّاق النحويين لم أَسمع لُقْطة لغير الليث، وهكذا رواه المحدّثون عن
أَبي عبيد أَنه قال في حديث النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، إِنه سئل عن
اللقَطة فقال: احْفَظْ عِفاصَها ووِكاءها. وأَما الصبيّ المنبوذ يَجِده
إِنسان فهو اللقِيطُ عند العرب، فعيل بمعنى مفعول، والذي يأْخذ الصبي أَو
الشيء الساقِط يقال له: المُلْتَقِطُ.
وفي الحديث: المرأَةُ تَحُوز ثلاثةَ مَوارِيثَ: عَتِيقَها ولَقِيطَها
وولدَها الذي لاعَنَت عنه؛ اللَّقِيطُ الطِّفل الذي يوجَد مرْميّاً على
الطُّرق لا يُعرف أَبوه ولا أُمّه، وهو في قول عامة الفقهاء حُرّ لا وَلاء
عليه لأَحد ولا يَرِثُه مُلْتَقِطه، وذهب بعض أَهل العلم إِلى العمل بهذا
الحديث على ضَعفه عند أَكثر أَهل النقل.
ويقال للذي يَلْقُط السَّنابِلَ إِذا حُصِدَ الزرعُ ووُخِزَ الرُّطَب من
العِذْق: لاقِطٌ ولَقّاطٌ ولَقَّاطةٌ. وأَمَّا اللُّقاطةُ فهو ما كان
ساقطاً من الشيء التَّافِه الذي لا قيمة له ومَن شاءَ أَخذه.
وفي حديث مكة: ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إِلا لِمُنْشِد، وقد تكرر ذكرها
من الحديث، وهي بضم اللام وفتح القاف، اسم المالِ المَلْقُوط أَي الموجود.
والالتقاطُ: أَن تَعْثُر على الشيء من غير قَصْد وطلَب؛ وقال بعضهم: هي
اسم المُلْتَقِط كالضُّحَكةِ والهُمَزَةِ كما قدّمناه، فأَما المالُ
المَلْقُوط فهو بسكون القاف، قال: والأَول أَكثر وأَصح. ابن الأَثير:
واللقَطة في جميع البلاد لا تحِل إِلا لمن يُعرِّفها سنة ثم يتملَّكها بعد السنة
بشرط الضمان لصاحبها إِذا وجده، فأَمّا مكةُ، صانها اللّه تعالى، ففي
لُقَطتِها خِلاف، فقيل: إِنها كسائر البلاد، وقيل: لا، لهذا الحديث،
والمراد بالإِنشاد الدَّوام عليه، وإِلا فلا فائدة لتخصيصها بالإِنشاد، واختار
أَبو عبيد أَنه ليس يحلُّ للملتقِط الانتفاع بها وليس له إِلا الإِنشاد،
وقال الأَزهري: فَرق بقوله هذا بين لُقَطة الحرم ولقطة سائر البلاد، فإِن
لُقَطة غيرها إِذا عُرِّفت سنة حل الانتفاع بها، وجَعل لُقطةَ الحرم
حراماً على مُلْتَقِطها والانتفاعَ بها وإِن طال تعريفه لها، وحكم أَنها لا
تحلُّ لأَحد إِلا بنيّة تعريفها ما عاش، فأَمَّا أَن يأْخذها وهو ينوي
تعريفها سنة ثم ينتفع بها كلقطة غيرها فلا؛ وشيء لَقِيطٌ ومَلْقُوطٌ.
واللَّقِيطُ: المنبوذ يُلْتَقَطُ لأَنه يُلْقَط، والأُنثى لقيطة؛ قال
العنبري:لوْ كُنْتُ مِن مازِنٍ، لم تَسْتَبِحْ إِبِلي
بَنُو اللَّقِيطةِ من ذُهْلِ بنِ شَيْبانا
والاسم: اللِّقاطُ. وبنو اللَّقِيطةِ: سُموا بذلك لأَن أُمهم، زعموا،
التَقَطها حُذَيْفةُ بن بدر في جَوارٍ قد أَضَرّتْ بهنّ السنة فضمّها
إِليه، ثم أَعجبته فخطبها إِلى أَبيها فتزوَّجها.
واللُّقْطةُ واللُّقَطةُ واللُّقاطةُ: ما التُقِط. واللَّقَطُ،
بالتحريك: ما التُقِط من الشيء. وكل نُثارة من سُنْبل أَو ثمَر لَقَطٌ، والواحدة
لَقَطة. يقال: لقَطْنا اليوم لقَطاً كثيراً، وفي هذا المكان لَقَطٌ من
المرتع أَي شيء منه قليل. واللُّقاطةُ: ما التُقِط من كَربِ النخل بعد
الصِّرامِ. ولَقَطُ السُّنْبُل: الذي يَلْتَقِطُه الناس، وكذلك لُقاطُ
السنبل، بالضم. واللَّقاطُ: السنبل الذي تُخْطِئه المَناجِلُ تلتقطه الناس؛
حكاه أَبو حنيفة، واللِّقاطُ: اسم لذلك الفعل كالحَصاد والحِصاد. وفي الأَرض
لَقَطٌ للمال أَي مَرْعى ليس بكثير، والجمع أَلقاط. والأَلقاطُ:
الفِرْقُ من الناس القَلِيلُ، وقيل: هم الأَوْباشُ. واللَّقَطُ: نبات سُهْلِيّ
يَنْبُتُ في الصيف والقَيظ في ديار عُقَيْل يشبه الخِطْرَ والمَكْرَةَ
إِلا أَن اللقَط تشتدُّ خُضرته وارتفاعه، واحدته لَقَطة. أَبو مالك:
اللقَطةُ واللقَطُ الجمع، وهي بقلة تتبعها الدوابُّ فتأْكلها لطيبها، وربما
انتتفها الرجل فناولها بعيرَه، وهي بُقول كثيرة يجمعها اللَّقَطُ.
واللَّقَطُ: قِطَع الذَّهب المُلْتَقَط يوجد في المعدن. الليث: اللقَطُ قِطَعُ ذهب
أَو فضة أَمثال الشَّذْرِ وأَعظم في المعادن، وهو أَجْوَدُه. ويقال ذهبٌ
لَقَطٌ.
وتَلقَّط فلان التمر أَي التقطه من ههنا وههنا.
واللُّقَّيْطَى: المُلْتقِط للأَخْبار. واللُّقَّيْطى شبه حكاية إِذا
رأَيته كثير الالتِقاطِ للُّقاطاتِ تَعِيبه بذلك. اللحياني: داري بلِقاطِ
دار فلان وطَوارِه أَي بحِذائها: أَبو عبيد: المُلاقَطةُ في سَير الفرس
أَن يأْخذ التقْرِيبَ بقوائمه جميعاً. الأَصمعي: أَصْبحت مَراعِينا
مِلاقِطَ من الجَدْبِ إِذا كانت يابسة لا كَلأَ فيها؛ وأَنشد:
تَمْشي، وجُلُّ المُرْتَعَى مِلاقِطُ،
والدِّنْدِنُ البالي وحَمْضٌ حانِطُ
واللَّقِيطةُ واللاَّقِطةُ: الرجلُ الساقِطُ الرَّذْل المَهِينُ،
والمرأَة كذلك. تقول: إِنه لَسقِيطٌ لقِيطٌ وإِنه لساقِط لاقِط وإِنه لسَقِيطة
لقِيطة، وإِذا أَفردوا للرجل قالوا: إِنه لسقيط. واللاَّقِطُ الرَّفّاء،
واللاقِطُ العَبد المُعْتَقُ، والماقِط عبد اللاقِطِ، والساقِطُ عبد
الماقِطِ.
الفراء: اللَّقْطُ الرَّفْو المُقارَبُ، يقال: ثوبٌ لقِيطٌ، ويقال:
القُط ثوبَك أَي ارْفَأْه، وكذلك نَمِّل ثَوْبَكَ.
ومن أَمثالهم: أَصِيدَ القُنْفذُ أَم لُقَطةٌ؛ يُضرب
(* قوله «يضرب إلخ»
في مجمع الامثال للميداني: يضرب لمن وجد شيئاً لم يطلبه.) مثلاً للرجل
الفقير يَستغني في ساعة.
قال شمر: سمعت حِمْيرِيّةً تقول لكلمة أَعَدْتُها عليها: قد لقَطْتها
بالمِلْقاطِ أَي كتبتها بالقلم. ولَقِيتُه التِقاطاً إِذا لقيته من غير أَن
ترجُوَه أَو تَحْتَسِبه؛ قال نِقادة الأَسدي:
ومنهلٍ وردته التِقاطا،
لم أَلْقَ، إِذْ وَرَدْتُه، فُرَّاطا
إِلا الحَمامَ الوُرْقَ والغَطاطا
وقال سيبويه: التِقاطاً أَي فَجأَةً وهو من المصادر التي وقعت أَحوالاً
نحو جاء رَكضاً. ووردت الماء والشيء التِقاطاً إِذا هجمت عليه بغتة ولم
تحتسبه. وحكى ابن الأَعرابي: لقيته لِقاطاً مُواجَهة. وفي حديث عمر، رضي
اللّه عنه: أَن رجلاً من تميم التقط شَبكة فطلب أَن يجعلها له؛ الشَّبَكةُ
الآبارُ القَريبةُ الماء، والتِقاطها عُثُورُه عليها من غير طلب.
ويقال في النِّداء خاصة: يا مَلْقَطانُ، والأُنثى يا مَلْقطانة، كأَنهم
أَرادوا يا لاقِط. وفي التهذيب: تقول يا ملقطان تعني به الفِسْلَ
الأَحمق.واللاقِطُ: المَولى. ولقط الثوبَ لَقْطاً: رقَعَه.
ولقِيط: اسم رجل. وينو مِلْقَطٍ: حَيّانِ.
ذا: قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى ومحمد بن زيد: ذا يكون بمعنى هذا، وم
نه قول الله عز وجل: مَنْ ذا الذي يَشْفَع عِنده إلا بإذنه؛ أَي مَنْ هذا
الذي يَشْفَع عِنده؛ قالا: ويكون ذا بمعنى الذي ، قالا: ويقال هذا دو
صَلاحٍ ورأَيتُ هذا ذا صَلاحٍ ومررت بهذا ذي صَلاحٍ، ومعناه كله صاحِب
صَلاح. وقال أَبو الهيثم: ذا اسمُ كلِّ مُشارٍ إليه مُعايَنٍ يراه المتكلم
والمخاطب، قال: والاسم فيها الذال وحدها مفتــوحة، وقالوا الذال وحدها هي
الاسم المشار إليه، وهو اسم مبهم لا يُعرَف ما هو حتى يُفَسِّر ما بعده كقولك
ذا الرَّجلُ، ذا الفرَسُ، فهذا تفسير ذا ونَصْبُه ورفعه وخفصه سواء،
قال: وجعلوا فتحة الذال فرقاً بين التذكير والتأْنيث كما قالوا ذا أَخوك،
وقالوا ذي أُخْتُك فكسروا الذال في الأُنثى وزادوا مع فتحة الذال في المذكر
أَلفاً ومع كسرتها للأُنثى ياء كما قالوا أَنْتَ وأَنْتِ. قال الأَصمعي:
والعرب تقول لا أُكَلِّمُك في ذي السنة وفي هَذِي السنة، ولا يقال في
ذا السَّنةِ، وهو خطأٌ، إِنما يقال في هذه السَّنةِ؛ وفي هذي السنة وفي ذي
السَّنَة، وكذلك لا يقال ادْخُلْ ذا الدارَ ولا الْبَسْ ذا الجُبَّة،
وإنما الصواب ادْخُل ذي الدارَ والْبَس ذي الجُبَّةَ، ولا يكون ذا إلا
للمذكر. يقال: هذه الدارُ وذي المرأَةُ. ويقال: دَخلت تِلْكَ الدَّار وتِيكَ
الدَّار، ولا يقال ذِيك الدَّارَ، وليس في كلام العرب ذِيك البَتَّةَ،
والعامَّة تُخْطِئ فيه فتقول كيف ذِيك المرأَةُ؟ والصواب كيف تِيكَ
المرأَةُ؟ قال الجوهري: ذا اسم يشار به إِلى المذكر، وذي بكسر الذال للمؤنث،
تقول: ذي أَمَةُ اللهِ، فإِن وقفت عليه قلت ذِهْ، بهاء موقوفة، وهي بدل من
الياء، وليست للتأْنيث، وإنما هي صِلةٌ كما أَبدلوا في هُنَيَّةٍ فقالوا
هُنَيْهة؛ قال ابن بري: صوابه وليست للتأْنيث وإنما هي بدل من الياء،
قال: فإِن أَدخلت عليها الهاء للتنبيه قلت هذا زيدٌ وهذي أَمَةٌ اللهِ وهذه
أَيضاً، بتحريك الهاء، وقد اكتفوا به عنه، فإِن صَغَّرْت ذا قلت دَيًّا،
بالفتح والتشديد ، لأَنك تَقْلِب أَلف ذا ياء لمكان الياء قبلها
فتُدْغِمها في الثانية وتزيد في آخره أَلفاً لتَفْرُقَ بين المُبْهَم والمعرب،
وذَيّانِ في التثنية، وتصغير هذا هَذَيًّا، ولا تُصَغَّر ذي للمؤنث وإنما
تصَغَّر تا، وقد اكتفوا به عنه، وإن ثَنَّيْتَ ذا قلت ذانِ لأَنه لا يصح
اجتماعهما لسكونهما فتَسْقُط إحدى الأَلفين، فمن أَسقط أَلف ذا قرأَ إنَّ
هذَينِْ لَساحِرانِ فأَعْرَبَ، ومن أَسقط أَلف التثنية قرأَ إَنَّ هذانِ
لساحِرانِ لأَن أَلف ذا لا يقع فيها إعراب، وقد قيل: إنها على لغة
بَلْحَرِثِ ابن كعب، قال ابن بري عند قول الجوهري: من أَسقط أَلف التثنية قرأَ
إنَّ هذان لساحران، قال: هذا وهم من الجوهري لأَن أَلف التثنية حرف زيد
لمعنى، فلا يسقط وتبقى الأَلف الأَصلية كما لم يَسقُط التنوين في هذا
قاضٍ وتبقى الياء الأَصلية، لأَن التنوين زيدَ لمعنى فلا يصح حذفه، قال:
والجمع أُولاء من غير لفظه، فإن خاطبْتَ جئْتَ بالكاف فقلت ذاكَ وذلك،
فاللام زائدة والكاف للخطاب، وفيها دليل على أَنَّ ما يُومأُ إِليه بعيد ولا
مَوْضِعَ لها من الإِعراب، وتُدْخِلُ الهاء على ذاك فتقول هذاك زَيدٌ، ولا
تُدْخِلُها على ذلك ولا على أُولئك كما لم تَدْخُل على تلْكَ، ولا
تَدْخُل الكافُ على ذي للمؤنث، وإنما تَدْخُلُ على تا، تقول تِيكَ وتِلْك، ولا
تَقُلْ ذِيك فأِنه خطأٌ، وتقول في التثنية: رأَيت ذَيْنِكَ الرِّجُلين،
وجاءني ذانِكَ الرَّجُلانِ، قال: وربما قالوا ذانِّك، بالتشديد. قال ابن
بري: من النحويين من يقول ذانِّك، بتشديد النون، تَثْنِيةَ ذلك قُلِبَتِ
اللام نوناً وأُدْغِمَت النون في النون، ومنهم من يقول تشديدُ النون
عِوضٌ من الأَلف المحذوفة من ذا، وكذلك يقول في اللذانِّ إِنَّ تشديد النون
عوض من الياء المحذوفة من الذي، قال الجوهري: وإنما شددوا النون في ذلك
تأْكيداً وتكثيراً للاسم لأَنه بقي على حرف واحد كما أَدخلوا اللام على
ذلك، وإنما يفعلون مثل هذا في الأَسماء المُبْهَمة لنقصانها، وتقول للمؤنث
تانِكَ وتانِّك أَيضاً، بالتشديد، والجمع أُولئك، وقد تقدم ذكر حكم الكاف
في تا، وتصغير ذاك ذَيّاك وتصغير ذلك ذَيّالِك؛ وقال بعض العرب وقَدِمَ
من سَفَره فوجد امرأَته قد ولدت غلاماً فأَنكره فقال لها:
لَتَقْعُدِنَّ مَقْعَدَ القَصِيِّ
مِنِّي ذي القاذُورةِ المَقْلِيِّ
أَو تَحْلِفِي برَبِّكِ العَلِيِّ
أَنِّي أَبو ذَيّالِكِ الصَّبيِّ
قد رابَني بالنَّظَر التُّرْكِيِّ،
ومُقْلةٍ كمُقْلَةِ الكُرْكِيِّ
فقالت:
لا والذي رَدَّكَ يا صَفِيِّي،
ما مَسَّني بَعْدَك مِن إنْسِيِّ
غيرِغُلامٍ واحدٍ قَيْسِيِّ،
بَعْدَ امرأَيْنِ مِنْ بَني عَدِيِّ
وآخَرَيْنِ مِنْ بَني بَلِيِّ،
وخمسة كانوا على الطَّوِيِّ
وسِتَّةٍ جاؤوا مع العَشِيِّ،
وغيرِ تُرْكِيٍّ وبَصْرَوِيِّ
وتصغير تِلْك تَيَّاكَ؛ قال ابن بري: صوابه تَيّالِكَ، فأَما تَيّاك
فتصغير تِيك. وقال ابن سيده في موضع آخر: ذا إِشارة إِلى المذكر، يقال
ذا وذاك، وقد تزاد اللام فيقال ذَلِكَ. وقوله تعالى: ذَلِكَ الكِتابُ؛
قال الزجاج: معناه هَذا الكتابُ، وقد تدخل على ذا ها التي للتَّنْبِيه
فيقال هَذا، قال أَبو علي: وأَصله ذَيْ فأَبدلوا ياءه أَلفاً، وإن كانت
ساكنة ، ولم يقولوا ذَيْ لئلا يشبه كَيْ وأَيْ، فأَبدلوا ياءه أَلفاً
لِيلْحَقَ بباب متى وإذ أَو يخرج من شَبَه الحَرْفِ بعضَ الخُروج. وقوله تعالى:
إنَّ هَذانِ لَساحِرانِ؛ قال الفراء: أَراد ياء النصب ثم حذفها لسكونها
وسكون الأَلف قَبْلَها، وليس ذلك بالقوي، وذلِك أَن الياء هي الطارئة على
الأَلف فيجب أَن تحذف الأَلف لمكانها، فأَما ما أَنشده اللحياني عن
الكسائي لجميل من قوله:
وأَتَى صَواحِبُها فَقُلْنَ: هَذَا الَّذي
مَنَحَ المَوَدَّةَ غَيْرَنا وجَفانا
فإِنه أَراد أَذا الَّذِي، فأَبدل الهاء من الهمزة. وقد استُعْمِلت ذا
مكان الذي كقوله تعالى: ويَسْأَلُونك ماذا يُنْفِقُون قل العَفْوُ؛ أَي ما
الذي ينفقون فيمن رفع الجواب فَرَفْعُ العَفْوِ يدلّ على أَن ما مرفوعة
بالابتداء وذا خبرها ويُنْفِقُون صِلةُ ذا، وأَنه ليس ما وذا جميعاً
كالشيء الواحد، هذا هو الوجه عند سيبويه، وإِن كان قد أَجاز الوجهَ الآخر مع
الرفع. وذي، بكسر الذال، للمؤنث وفيه لُغاتٌ: ذِي وذِهْ، الهاء بدل من
الياء، الدليل على ذلك قولهم في تحقير ذَا ذَيًّا، وذِي إنما هي تأْنيث ذا
ومن لفظه، فكما لا تَجِب الهاء في المذكر أَصلاً فكذلك هي أَيضاً في
المؤنث بَدَلٌ غيرُ أَصْلٍ، وليست الهاء في هَذِه وإن استفيد منها التأْنيث
بمنزلة هاء طَلْحَة وحَمْزَة لأَن الهاء في طلحة وحمزة زائدة، والهاء في
هَذا ليست بزائدة إِنما هي بدل من الياء التي هي عين الفعل في هَذِي،
وأَيضاً فإِنَّ الهاء في حمزة نجدها في الوصل تاء والهاء في هذه ثابِتةٌ في
الوصل ثَباتَها في الوقف. ويقال: ذِهِي، الياء لبيان الهاء شبهها بهاء
الإِضمار في بِهِي وهَذِي وهَذِهِي وهَذِهْ، الهاء في الوصل والوقف ساكنةٌ
إِذا لم يلقها ساكن، وهذه كلها في معنى ذِي؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
قُلْتُ لَها: يا هَذِهي هذا إِثِمْ،
هَلْ لَكِ في قاضٍ إِلَيْهِ نَحْتَكِمْ؟
ويوصل ذلك كله بكاف المخاطبة. قال ابن جني: أَسماء الإِشارة هَذا وهذِه
لا يصح تثنية شيء منها من قِبَلِ أَنَّ التثنية لا تلحق إِلا النكرة، فما
لا يجوز تنكيره فهو بأَن لا تصح تثنيته أَجْدَرُ، فأَسْماء الإِشارة لا
يجوز أَن تُنَكَّر فلا يجوز أَن يُثَنَّى شيء منها، أَلا تراها بعد
التثنية على حدّ ما كانت عليه قبل التثنية، وذلك نحو قولك هَذانِ الزَّيْدانِ
قائِمَيْن، فَنَصْبُ قائِمَيْن بمعنى الفعل الذي دلت عليه الإِشارةُ
والتنبيهُ، كما كنت تقول في الواحد هذا زَيْدٌ قائماً، فَتَجِدُ الحال واحدةً
قبل التثنيةِ وبعدها، وكذلك قولك ضَرَبْتُ اللَّذَيْنِ قاما، تَعرَّفا
بالصلة كما يَتَعَرَّفُ بها الواحد كقولك ضربت الذي قامَ، والأَمر في هذه
الأَشياء بعد التثنية هو الأَمر فيها قبل التثنية، وليس كذلك سائرُ
الأَسماء المثناة نحو زيد وعمرو، أَلا ترى أَن تعريف زيد وعمرو إِنما هو
بالوضع والعلمية؟ فإِذا ثنيتهما تنكرا فقلت عندي عَمْرانِ عاقِلانِ، فإِن آثرت
التعريف بالإِضافة أَو باللام فقلت الزَّيْدانِ والعَمْرانِ وزَيْداكَ
وعَمْراكَ، فقد تَعَرَّفا بَعْدَ التثنية من غير وجه تَعَرُّفِهما قبلها
ولَحِقا بالأَجْناسِ وفارَقا ما كانا عليه من تعريف العَلَمِيَّةِ
والوَضْعِ، فإِذا صح ذلك فينبغي أَن تعلمَ أَنَّ هذانِ وهاتانِ إِنما هي أَسماء
موضوعة للتثنية مُخْتَرعة لها، وليست تثنية للواحد على حد زيد وزَيْدانِ،
إِلا أَنها صِيغت على صورة ما هو مُثَنًّى على الحقيقة فقيل هذانِ
وهاتانِ لئلا تختلف التثنية، وذلك أَنهم يُحافِظون عليها ما لا يُحافِظون على
الجمع، أَلا ترى أَنك تجد في الأَسماء المتمكنة أَلفاظَ الجُموع من غير
أَلفاظِ الآحاد، وذلك نحو رجل ونَفَرٍ وامرأَةٍ ونِسْوة وبَعير وإِبلٍ
وواحد وجماعةٍ، ولا تجد في التثنية شيئاً من هذا، إنما هي من لفظ الواحد نحو
زيد وزيدين ورجل ورجلين لا يختلف ذلك، وكذلك أَيضاً كثير من المبنيات
على أَنها أَحق بذلك من المتمكنة، وذلك نحو ذا وأُولَى وأُلات وذُو وأُلُو،
ولا تجد ذلك في تثنيتها نحو ذا وذانِ وذُو وذَوانِ، فهذا يدلك على
محافظتهم على التثنية وعنايتهم بها، أَعني أَن تخرج على صورة واحدة لئلا
تختلف، وأَنهم بها أَشدُّ عِناية منهم بالجمع، وذلك لَمَّا صيغت للتثنية
أَسْماء مُخْتَرَعة غير مُثناة على الحقيقة كانت على أَلفاظ المُثناة
تَثْنِيةً حقيقةً، وذلك ذانِ وتانِ، والقول في اللَّذانِ واللَّتانِ كالقول في
ذانِ وتانِ. قال ابن جني: فأَما قولهم هذانِ وهاتانِ وفذانك فإِنما تقلب في
هذه المواضع لأَنهم عَوَّضوا من حرف محذوف، وأَما في هذانِ فهي عِوَضٌ
من أَلف ذا، وهي في ذانِك عوض من لام ذلك، وقد يحتمل أَيضاً أَن تكون
عوضاً من أَلف ذلك، ولذلك كتبت في التخفيف بالتاء
(* قوله« ولذلك كتبت في
التخفيف بالتاء إلخ» كذا بالأصل.) لأَنها حينئذ ملحقة بدَعْد، وإِبدال التاء
من الياء قليل، إِنما جاء في قولهم كَيْتَ وكَيْتَ، وفي قولهم ثنتان،
والقول فيهما كالقول في كيت وكيت، وهو مذكور في موضعه. وذكر الأَزهري في
ترجمة حَبَّذا قال: الأَصل حَبُبَ ذا فأُدغمت إِحدى الباءَين في الأُخرى
وشُدِّدت، وذا إِشارة إِلى ما يقرب منك؛ وأَنشد بعضهم:
حَبَّذا رَجْعُها إِلَيْكَ يَدَيْها
في يَدَيْ دِرْعِها تَحُلُّ الإِزارا
كأَنه قال: حَبُبَ ذا، ثم ترجم عن ذا فقال: هو رَجْعُها يَدَيْها إِلى
حَلّ تِكَّتها أَي ما أَحَبَّه، ويَدا دِرْعِها: كُمَّاها. وفي صفة
المهدي: قُرَشِيٌّ يَمانٍ ليس مِن ذِي ولا ذُو أَي ليس نَسَبُه نَسَبَ أَذْواء
اليمن، وهم مُلوكُ حِمْيَرَ، منهم ذُو يَزَنَ وذُو رُعَيْنٍ؛ وقوله:
قرشيٌّ يَمانٍ أَي قُرَشِيُّ النَّسَب يَمانِي المَنْشإ؛ قال ابن الأَثير:
وهذه الكلمة عينها واو، وقياس لامها أَن تكون ياء لأَن باب طَوَى أَكثر من
باب قَوِيَ؛ ومنه حديث جرير: يَطْلُع عليكم رَجل من ذِي يَمَنٍ على
وجْهِه مَسْحة من ذي مَلَكٍ؛ قال ابن الأَثير: كذا أَورده أَبو عُمَر الزاهد
وقال ذي ههنا صِلة أَي زائدة.
شكر: الشُّكْرُ: عِرْفانُ الإِحسان ونَشْرُه، وهو الشُّكُورُ أَيضاً.
قال ثعلب: الشُّكْرُ لا يكون إِلاَّ عن يَدٍ، والحَمْدُ يكون عن يد وعن غير
يد، فهذا الفرق بينهما. والشُّكْرُ من الله: المجازاة والثناء الجميل،
شَكَرَهُ وشَكَرَ له يَشْكُرُ شُكْراً وشُكُوراً وشُكْراناً؛ قال أَبو
نخيلة:
شَكَرْتُكَ، إِنَّ الشُّكْرَ حَبْلٌ منَ التُّقَى،
وما كُلُّ مَنْ أَوْلَيْتَهُ نِعْمَةً يَقْضِي
قال ابن سيده: وهذا يدل على أَن الشكر لا يكون إِلا عن يد، أَلا ترى
أَنه قال: وما كل من أَوليته نعمة يقضي؟ أَي ليس كل من أَوليته نعمة يشكرك
عليها. وحكى اللحياني: شكرت اللهوشكرت لله وشَكَرْتُ بالله، وكذلك شكرت
نعمة الله، وتَشَكَّرَ له بلاءَه: كشَكَرَهُ. وتَشَكَّرْتُ له: مثل
شَكَرْتُ له. وفي حديث يعقوب: إِنه كان لا يأْكل شُحُومَ الإِبل تَشَكُّراً لله
عز وجل؛ أَنشد أَبو علي:
وإِنِّي لآتِيكُمْ تَشَكُّرَ ما مَضَى
من الأَمْرِ، واسْتيجابَ ما كان في الغَدِ
أَي لِتَشَكُّرِ ما مضى، وأَراد ما يكون فوضع الماضي موضع الآتي. ورجل
شَكورٌ: كثير الشُّكْرِ. وفي التنزيل العزيز: إِنه كان عَبْداً شَكُوراً.
وفي الحديث: حين رُؤيَ، صلى الله عليه وسلم، وقد جَهَدَ نَفْسَهُ
بالعبادة فقيل له: يا رسول الله، أَتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك
وما تأَخر؟ أَنه قال، عليه السلام: أَفَلا أَكونُ عَبْداً شَكُوراً؟ وكذلك
الأُنثى بغير هاء. والشَّكُور: من صفات الله جل اسمه، معناه: أَنه يزكو
عنده القليلُ من أَعمال العباد فيضاعف لهم الجزاء، وشُكْرُه لعباده:
مغفرته لهم. والشَّكُورُ: من أَبنية المبالغة. وأَما الشَّكُورُ من عباد الله
فهو الذي يجتهد في شكر ربه بطاعته وأَدائه ما وَظَّفَ عليه من عبادته.
وقال الله تعالى: اعْمَلُوا آلَ داودَ شُكْراً وقليلٌ من عِبادِيَ
الشَّكُورُ؛ نصب شُكْراً لأَنه مفعول له، كأَنه قال: اعملوا لله شُكْراً، وإِن
شئت كان انتصابه على أَنه مصدر مؤكد. والشُّكْرُ: مثل الحمد إِلا أَن
الحمد أَعم منه، فإِنك تَحْمَدُ الإِنسانَ على صفاته الجميلة وعلى معروفه،
ولا تشكره إِلا على معروفه دون صفاته. والشُّكْرُ: مقابلة النعمة بالقول
والفعل والنية، فيثني على المنعم بلسانه ويذيب نفسه في طاعته ويعتقد أَنه
مُولِيها؛ وهو من شَكَرَتِ الإِبل تَشْكُر إِذا أَصابت مَرْعًى فَسَمِنَتْ
عليه. وفي الحديث: لا يَشْكُرُ الله من لا يَشْكُرُ الناسَ؛ معناه أَن
الله لا يقبل شكر العبد على إِحسانه إِليه، إِذا كان العبد لا يَشكُرُ
إِحسانَ الناس ويَكْفُر معروفَهم لاتصال أَحد الأَمرين بالآخر؛ وقيل: معناه
أَن من كان من طبعه وعادته كُفْرانُ نعمة الناس وتركُ الشُّكْرِ لهم، كان
من عادته كُفْرُ نعمة الله وتركُ الشكر له، وقيل: معناه أَن من لا يشكُر
الناس كان كمن لا يشكُر الله وإِن شَكَرَهُ، كما تقول: لا يُحِبُّني من
لا يُحِبُّك أَي أَن محبتك مقرونة بمحبتي فمن أَحبني يحبك ومن لم يحبك لم
يحبني؛ وهذه الأَقوال مبنية على رفع اسم الله تعالى ونصبه. والشُّكْرُ:
الثناءُ على المُحْسِنِ بما أَوْلاكَهُ من المعروف. يقال: شَكَرْتُه
وشَكَرْتُ له، وباللام أَفصح. وقوله تعالى: لا نريد منكم جزاءً ولا شُكُوراً؛
يحتمل أَن يكون مصدراً مثل قَعَدَ قُعُوداً، ويحتمل أَن يكون جمعاً مثل
بُرْدٍ وبُرُود وكُفْرٍ وكُفُورٍ. والشُّكْرانُ: خلاف الكُفْرانِ.
والشَّكُور من الدواب: ما يكفيه العَلَفُ القليلُ، وقيل: الشكور من الدواب الذي
يسمن على قلة العلف كأَنه يَشْكُرُ وإِن كان ذلك الإِحسان قليلاً،
وشُكْرُه ظهورُ نمائه وظُهُورُ العَلَفِ فيه؛ قال الأَعشى:
ولا بُدَّ مِنْ غَزْوَةٍ في الرَّبيعِ
حَجُونٍ، تُكِلُّ الوَقَاحَ الشَّكُورَا
والشَّكِرَةُ والمِشْكارُ من الحَلُوباتِ: التي تَغْزُرُ على قلة الحظ
من المرعى. ونَعَتَ أَعرابيٌّ ناقةً فقال: إِنها مِعْشارٌ مِشْكارٌ
مِغْبارٌ، فأَما المشكار فما ذكرنا، وأَما المعشار والمغبار فكل منهما مشروح في
بابه؛ وجَمْعُ الشَّكِرَةِ شَكارَى وشَكْرَى. التهذيب: والشَّكِرَةُ من
الحلائب التي تصيب حظّاً من بَقْل أَو مَرْعًى فَتَغْزُرُ عليه بعد قلة
لبن، وإِذا نزل القوم منزلاً فأَصابتْ نَعَمُهم شيئاً من بَقْلٍ قَدْ
رَبَّ قيل: أَشْكَرَ القومُ، وإِنهم لَيَحْتَلِبُونَ شَكِرَةَ حَيْرَمٍ، وقد
شَكِرَتِ الحَلُوبَةُ شَكَراً؛ وأَنشد:
نَضْرِبُ دِرَّاتِها، إِذا شَكِرَتْ،
بِأَقْطِها، والرِّخافَ نَسْلَؤُها
والرَّخْفَةُ: الزُّبْدَةُ. وضَرَّةٌ شَكْرَى إِذا كانت مَلأَى من
اللبن، وقد شِكْرَتْ شَكَراً.
وأَشْكَرَ الضَّرْعُ واشْتَكَرَ: امتلأَ لبناً.
وأَشْكَرَ القومُ: شَكِرتْ إِبِلُهُمْ، والاسم الشَّكْرَةُ. الأَصمعي:
الشَّكِرَةُ الممتلئة الضرع من النوق؛ قال الحطيئة يصف إِبلاً غزاراً:
إِذا لم يَكُنْ إِلاَّ الأَمَالِيسُ أَصْبَحَتْ
لَها حُلَّقٌ ضَرَّاتُها، شَكِرات
قال ابن بري: ويروى بها حُلَّقاً ضَرَّاتُها، وإِعرابه على أَن يكون في
أَصبحت ضمير الإِبل وهو اسمها، وحُلَّقاً خبرها، وضراتها فاعل بِحُلَّق،
وشكرات خبر بعد خبر، والهاء في بها تعود على الأَمالِيسِ؛ وهي جمع
إمْلِيسٍ، وهي الأَرض التي لا نبات لها؛ قال: ويجوز أَن يكون ضراتها اسم
أَصبحت، وحلقاً خبرها، وشكرات خبر بعد بعد خبر؛ قال: وأَما من روى لها حلق،
فالهاء في لها تعود على الإِبل، وحلق اسم أَصبحت، وهي نعت لمحذوف تقديره
أَصبحت لها ضروع حلق، والحلق جمع حالق، وهو الممتلئ، وضراتها رفع بحلق
وشكرات خبر أَصبحت؛ ويجوز أَن يكون في أَصبحت ضمير الأَبل، وحلق رفع
بالإِبتداء وخبره في قوله لها، وشكرات منصوب على الحال، وأَما قوله: إِذا لم يكن
إِلاَّ الأَماليس، فإِنَّ يكن يجوز أَن تكون تامة، ويجوز أَن تكون ناقصة،
فإِن جعلتها ناقصة احتجت إِلى خبر محذوف تقديره إِذا لم يكن ثَمَّ
إِلاَّ الأَماليس أَو في الأَرض إِلاَّ الأَماليس، وإِن جعلتها تامة لم تحتج
إِلى خبر؛ ومعنى البيت أَنه يصف هذه الإِبل بالكرم وجودة الأَصل، وأَنه
إِذا لم يكن لها ما ترعاه وكانت الأَرضُ جَدْبَةً فإِنك تجد فيها لبناً
غزيراً. وفي حديث يأْجوج ومأْجوج: دَوابُّ الأَرض تَشْكَرُ شَكَراً،
بالتحريك، إِذا سَمِنَت وامتلأَ ضَرْعُها لبناً. وعُشْبٌ مَشْكَرَة: مَغْزَرَةٌ
للبن، تقول منه: شَكِرَتِ الناقة، بالكسر، تَشْكَرُ شَكَراً، وهي
شَكِرَةٌ. وأَشْكَرَ القومُ أَي يَحْلُبُون شَكِرَةً. وهذا زمان الشَّكْرَةِ
إِذا حَفَلتْ من الربيع، وهي إِبل شَكَارَى وغَنَمٌ شَكَارَى. واشْتَكَرَتِ
السماءُ وحَفَلَتْ واغْبَرَّتْ: جَدَّ مطرها واشتْدَّ وقْعُها؛ قال امرؤ
القيس يصف مطراً:
تُخْرِجُ الوَدَّ إِذا ما أَشْجَذَتْ،
وتُوالِيهِ إِذا ما تَشْتَكِرْ
ويروى: تَعْتَكِرْ. واشْتَكَرَِت الرياحُ: أَتت بالمطر. واشْتَكَرَتِ
الريحُ: اشتدّ هُبوبُها؛ قال ابن أَحمر:
المُطْعِمُونَ إِذا رِيحُ الشِّتَا اشْتَكَرَتْ،
والطَّاعِنُونَ إِذا ما اسْتَلْحَمَ البَطَلُ
واشْتَكَرَتِ الرياحُ: اختلفت؛ عن أَبي عبيد؛ قال ابن سيده: وهو خطأُ.
واشْتَكَرَ الحرُّ والبرد: اشتدّ؛ قال الشاعر:
غَداةَ الخِمْسِ واشْتَكَرَتْ حَرُورٌ،
كأَنَّ أَجِيجَها وَهَجُ الصِّلاءِ
وشَكِيرُ الإِبل: صغارها. والشَّكِيرُ من الشَّعَرِ والنبات: ما ينبت من
الشعر بين الضفائر، والجمع الشُّكْرُ؛ وأَنشد:
فَبَيْنا الفَتى لِلْعَيْنِ ناضِراً،
كعُسْلُوجَةٍ يَهْتَزُّ منها شَكِيرُها
ابن الأَعرابي: الشَّكِيرُ ما ينبت في أَصل الشجرة من الورق وليس
بالكبار. والشَّكيرُ من الفَرْخِ: الزَّغَبُ. الفراء: يقال شَكِرَتِ
الشَّجَرَةُ وأَشْكَرَتْ إِذا خرج فيها الشيء.
ابن الأَعرابي: المِشْكارُ من النُّوقِ التي تَغْزرُ في الصيف وتنقطع في
الشتاء، والتي يدوم لبنها سنتها كلها يقال لها: رَكُودٌ ومَكُودٌ
وَوَشُولٌ وصَفِيٌّ. ابن سيده: والشَّكِيرُ الشَّعَرُ الذي في أَصل عُرْفِ
الفَرَسِ كأَنه زَغَبٌ، وكذلك في الناصية. والشَّكِيرُ من الشعر والريش
والعَفا والنَّبْتِ: ما نَبَتَ من صغاره بين كباره، وقيل: هو أَول النبت على
أَثر النبت الهائج المُغْبَرِّ، وقد أَشْكَرَتِ الأَرضُ، وقيل: هو الشجر
ينبت حول الشجر، وقيل: هو الورق الصغار ينبت بعد الكبار. وشَكِرَتِ الشجرة
أَيضاً تَشْكَرُ شَكَراً أَي خرج منها الشَّكِيرُ، وهو ما ينبت حول
الشجرة من أَصلها؛ قال الشاعر:
ومِنْ عِضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها
قال: وربما قالوا للشَّعَرِ الضعيف شَكِيرٌ؛ قال ابن مقبل يصف فرساً:
ذَعَرْتُ بِهِ العَيرَ مُسْتَوْزِياً،
شَكِيرُ جَحَافِلِهِ قَدْ كَتِنْ
ومُسْتَوْزِياً: مُشْرِفاً منتصباً. وكَتِنَ: بمعنى تَلَزَّجَ
وتَوَسَّخَ. والشَّكِيرُ أَيضاً: ما ينبت من القُضْبانِ الرَّخْصَةِ بين
القُضْبانِ العاسِيَةِ. والشَّكِيرُ: ما ينبت في أُصول الشجر الكبار. وشَكِيرُ
النخلِ: فِراخُه. وشَكِرَ النخلُ شَكَراً: كثرت فراخه؛ عن أَبي حَنيفة؛ وقال
يعقوب: هو من النخل الخُوصُ الدر حول السَّعَفِ؛ وأَنشد لكثيِّر:
بُرُوكٌ بأَعْلى ذِي البُلَيْدِ، كأَنَّها
صَرِيمَةُ نَخْلٍ مُغْطَئِلٍّ شَكِيرُها
مغطئل: كثير متراكب. وقال أَبو حنيفة: الشكير الغصون؛ وروي الأَزهري
بسنده: أَن مَجَّاعَةَ أَتى رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، فقال
قائلهم:ومَجَّاعُ اليَمامَةِ قد أَتانا،
يُخَبِّرُنا بِمَا قال الرَّسُولُ
فأَعْطَيْنا المَقادَةَ واسْتَقَمْنا،
وكانَ المَرْءُ يَسْمَعُ ما يَقُولُ
فأَقْطَعَه رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، وكتب له بذلك كتاباً: بسم
الله الرحمن الرحيم، هذا كتابٌ كَتَبَهُ محمدٌ رسولُ الله، لِمَجَّاعَةَ
بنِ مُرارَةَ بن سَلْمَى، إِني أَقطعتك الفُورَةَ وعَوانَةَ من العَرَمَةِ
والجَبَل فمن حاجَّكَ فإِليَّ. فلما قبض رسولُ الله، صلى الله عليه
وسلم، وَفَدَ إِلى أَبي بكر، رضي الله عنه، فأَقطعه الخِضْرِمَةَ، ثم وَفَدَ
إِلى عمر، رضي الله عنه، فأَقطعه أَكثر ما بالحِجْرِ، ثم إِن هِلالَ بنَ
سِراجِ بنِ مَجَّاعَةَ وَفَد إِلى عمر بن عبد العزيز بكتاب رسولُ الله،
صلى الله عليه وسلم، بعدما استخلف فأَخذه عمر ووضعه على عينيه ومسح به
وجهه رجاء أَن يصيب وجهه موضع يد رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، فَسَمَرَ
عنده هلالٌ ليلةً، فقال له: يا هلال أَبَقِيَ من كُهُولِ بني مَجَّاعَةَ
أَحدٌ؟ ثقال: نَعَمْ وشَكِيرٌ كثير؛ قال: فضحك عمر وقال: كَلِمَةٌ
عربيةٌ، قال: فقال جلساؤه: وما الشَّكير يا أَمير المؤمنين؟ قال: أَلم تَرَ
إِلى الزرع إِذا زكا فأَفْرَخَ فنبت في أُصوله فذلكم الشَّكيرُ. ثم أَجازه
وأَعطاه وأَكرمه وأَعطاه في فرائض العيال والمُقاتِلَةِ؛ قال أَبو منصور:
أَراد بقوله وشَكِير كثير أَي ذُرِّيَّةٌ صِغارٌ،. شبههم بشَكِيرِ الزرع،
وهو ما نبت منه صغاراً في أُصول الكبار؛ وقال العجاج يصف رِكاباً
أَجْهَضَتْ أَولادَها:
والشَّدِنِيَّاتُ يُسَاقِطْنَ النَّغَرْ،
خُوصُ العُيونِ مُجْهِضَاتٌ ما اسْتَطَرْ،
مِنْهُنَّ إِتْمامُ شَكِيرٍ فاشْتَكَرْ
ما اسْتَطَرَّ: من الطَّرِّ. يقال: طَرَّ شَعَرُه أَي نبت، وطَرَّ شاربه
مثله. يقول: ما اسْتَطَرَّ منهنَّ. إِتمام يعني بلوغ التمام.
والشَّكِيرُ: ما نبت صغيراً فاشْتَكَر: صار شَكِيراً.
بِحاجِبٍ ولا قَفاً ولا ازْبأَرْ
مِنْهُنَّ سِيساءٌ، ولا اسْتَغْشَى الوَبَرْ
والشَّكِيرُ: لِحاءُ الشجر؛ قال هَوْذَةُ بنُ عَوْفٍ العامِريّ:
على كلِّ خَوَّارِ العِنانِ كأَنها
عَصَا أَرْزَنٍ، قد طارَ عَنْهَا شَكِيرُها
والجمع شُكُرٌ. وشُكُرُ الكَرْمِ: قُضْبانَه الطِّوالُ، وقيل: قُضبانه
الأَعالي. وقال أَبو حنيفة: الشَّكِير الكَرْم يُغرَسُ من قضيبه، والفعل
كل ذلك أَشْكَرَتْ واشْتَكَرَت وشَكِرَتْ.
والشَّكْرُ: فَرْجُ المرأَة وقيل لحم فرجها؛ قال الشاعر يصف امرأَة،
أَنشده ابن السكيت:
صَناعٌ بإِشْفاها، حَصانٌ بِشَكْرِها،
جَوادٌ بِقُوتِ البَطْنِ، والعِرْضُ وافِرُ
وفي رواية: جَوادٌ بزادِ الرَّكْبِ والعِرْق زاخِرُ، وقيل: الشَّكْرُ
بُضْعُها والشَّكْرُ لغة فيه؛ وروي بالوجهين بيت الأَعشى:
خَلَوْتُ بِشِكْرِها وشَكرها
(* قوله: «خلوت إلخ» كذا بالأَصل).
وفي الحديث: نَهَى عن شَكْرِ البَغِيِّ، هو بالفتح، الفرج، أَراد عن
وطئها أَي عن ثمن شَكْرِها فحذف المضاف، كقوله: نهى عن عَسِيبِ الفَحْلِ أَي
عن ثمن عَسْبِهِ. وفي الحديث: فَشَكَرْتُ الشاةَ، أَي أَبدلت شَكْرَها
أَي فرجها؛ ومنه قول يحيى بن يَعْمُر لرجل خاصمته إِليه امرأَته في
مَهْرِها: أَإِنْ سأَلَتْكَ ثمن شَكْرِها وشَبْرِك أَنْشأْتَ تَطُلُّها
وتَضْهَلُها؟ والشِّكارُ: فروج النساء، واحدها شَكْرٌ. ويقال للفِدرَة من اللحم
إِذا كانت سمينة: شَكْرَى؛ قال الراعي:
تَبِيتُ المَخالي الغُرُّ في حَجَراتِها
شَكارَى، مَراها ماؤُها وحَدِيدُها
أَراد بحديدها مِغْرَفَةٍ من حديد تُساطُ القِدْرُ بها وتغترف بها
إِهالتها. وقال أَبو سعيد: يقال فاتحْتُ فلاناً الحديث وكاشَرْتُه وشاكَرْتُه؛
أَرَيْتُه أَني شاكِرٌ.
والشَّيْكَرانُ: ضرب من النبت.
وبَنُو شَكِرٍ: قبيلة في الأَزْدِ. وشاكر: قبيلة في اليمن؛ قال:
مُعاوِيَ، لم تَرْعَ الأَمانَةَ، فارْعَها
وكُنْ شاكِراً للهِ والدِّينِ، شاكِرُ
أَراد: لم تَرْعَ الأَمانةَ شاكرٌ فارعها وكن شاكراً لله، فاعترض بين
الفعل والفاعل جملةٌ أُخرى، والاعتراض للتشديد قد جاء بين الفعل والفاعل
والمبتدإِ والخبر والصلة والموصول وغير ذلك مجيئاً كثيراً في القرآن وفصيح
الكلام. وبَنُو شاكرٍ: في هَمْدان. وشاكر: قبيلة من هَمْدان باليمن.
وشَوْكَرٌ: اسم. ويَشْكُرُ: قبيلة في ربيعة. وبنو يَشْكُرَ قبيلة في بكر بن
وائل.
وحص: ابن الأَعرابي: الوَحْصُ البَثْرةُ تخرج في وجه الجارية المَلِيحة.
ووَحَصَه وَحْصاً: سَحَبَه؛ يمانية. قال ابن السكيت: سمعت غير واحد من
الكلابيين يقول: أَصْبَحَت وليس بها وَحْصَة أَي بَرْدٌ يعني البلاد
والأَيامَ، والحاء غير معجمة. الأَزهري: قال ابن السكيت أَصْبَحَتْ وليس بها
وَحْصَة ولا وَذْية، قال الأَزهري: معناه ليس بها عِلَّة.
لغز: أَلْغَزَ الكلامَ وأَلْغَزَ فيه: عَمَّى مُرادَه وأَضْمَرَه على
خلاف ما أَظهره. واللُّغَّيْزَى، بتشديد الغين، مثل اللَّغَز والياء ليست
للتصغير لأَن ياء التصغير لا تكون رابعة، وإِنما هي بمنزلة خُضَّارَى
للزرع، وشُقَّارَى نبت.
واللُّغْزُ واللُّغَزُ واللَّغَزُ: ما أُلْغِزَ من كلام فَشُبِّه معناه،
مثل قول الشاعر أَنشده الفراءُ:
ولما رأَيتُ النَّسْرَ عَزَّ ابْنَ دَأْيَةٍ،
وعَشَّشَ في وَكْرَيْهِ، جاشَتْ له نَفْسي
أَراد بالنسر الشيب شبهه به لبياضه، وشبه الشباب بابن دَأْيَةَ، وهو
الغراب الأَسود، لأَن شعر الشباب أَسود. واللُّغَزَ: الكلام المُلَبَّس. وقد
أَلْغَزَ في كلامه يُلْغِزُ إِلغازاً إِذا ورَّى فيه وعَرَّضَ ليَخْفَى،
والجمع أَلغاز مثل رُطَب وأَرطاب. واللُّغْزُ واللَّغْزُ واللُّغَزُ
واللُّغَيْزَى والإِلْغازُ، كله: حفرة يحفرها اليَرْبُوع في حُجْرِه تحت
الأَرض، وقيل: هو جُحْر الضَّبِّ والفأْرِ واليَرْبُوع بين القاصِعاءِ
والنَّافِقاءِ، سمي بذلك لأَن هذه الدواب تحفره مستقيماً إِلى أَسفل، ثم تعدل
عن يمينه وشماله عُروضاً تعترضها تُعَمِّيهِ ليخفَى مكانُه بذلك
الإِلغاز، والجمع أَلغازٌ، وهو الأَصل في اللَّغَزِ. واللُّغَيْزَى
واللُّغَيْزاءُ والأُلْغوزَة: كاللَّغَزِ. يقال: أَلْغَزَ اليَرْبُوع إلغازاً فيحفر في
جانب منه طريقاً ويحفر في الجانب الآخر طريقاً، وكذلك في الجانب الثالث
والرابع، فإِذا طلبه البَدَوِيُّ بعصاه من جانب نَفَقَ من الجانب الآخر.
ابن الأَعرابي: اللُّغَزُ الحَفْرُ الملتوي. وفي حديث عمر، رضي الله عنه:
أَنه مرَّ بعلقمة بن القَعْواء يبايع أَعرابيّاً يُلْغِزُ له في اليمين،
ويَرَى الأَعرابيُّ أَنه قد حلف له، ويَرَى علقمةُ أَنه لم يحلف، فقال
له عمر: ما هذه اليمين اللُّغَيْزاءُ اللغيزاء، ممدود: من اللُّغَزِ، وهي
جِحَرَةُ اليربوع تكون ذات جهتين يدخل من جهة ويخرج من أُخرى فاستعير
لمعاريض الكلام ومَلاحته. قال ابن الأَثير: وقال الزمخشري اللُّغَّيْزى،
مثقلة الغين، جاء بها سيبويه في كتابه مع الخُلَّيْطَى وهي في كتاب
الأَزهري مخففة؛ قال: وحقها أَن تكون تحقير المثقلة كما يقال في سُكَيْتٍ إِنه
تحقير سِكِّيتٍ، والأَلْغازُ: طُرُقٌ وتُشْكِلُ على سالكها.
وابن أَلْغَزَ: رجلٌ. وفي المثل: فلان أَنْكَح من ابن أَلْغَزَ، وكان
رجلاً أُوتيَ حظّاً من الباه وبَسْطَةً في الغَشْيَة، فضربته العرب مثلاً
في هذا الباب، في باب التشبيه.