مضاف إليها ذات: في بلاد كلاب، قال حكيم ابن عياش:
فهل تبلغنّيها، على نأي دارها ... بذات البراق، اليعملات العرامس
عنس: عَنَسَتِ المرأَة تَعْنُس، بالضم، عُنُوساً وعِناساً وتَأَطَّرَتْ،
وهي عانس، من نِسوة عُنَّسٍ وعَوَانِسَ، وعَنَّسَتْ، وهي مُعَنَّس،
وعَنَّسَها أَهلُها: حَبَسُوها عن الأَزواج حتى جازت فَتَاءَ السِّن ولمَّا
تَعْجُِزْ. قال الأَصمعي: لا يقال عَنَسَتْ ولا عَنَّسَت ولكن يقال
عُنِّسَت، على ما لم يسمَّ فاعلُه، فهي مُعَنَّسَة، وقيل: يقال عَنَسَت،
بالتخفيف، وعُنِّسَتْ ولا يقال عَنَّسَت؛ قال ابن بري: الذي ذكره الأَصمعي في
خَلْق الإِنسان أَنه يقال عَنَّسَت المرأَة، بالفتح مع التشديد، وعَنَسَت،
بالتخفيف، بخلاف ما حكاه الجوهري. وفي صفته، صلى اللَّه عليه وسلم: لا
عانِسٌ ولا مُفَنِّدٌ؛ العانِس من الرجال والنساء: الذي يَبقى زماناً بعد
أَن يُدْرِك لا يتزوج، وأَكثر ما يُستعمل في النساء. يقال: عَنَسَتِ
المرأِة، فهي عانِس، وعُنِّسَت، فهي مُعَنِّسَة إِذا كَبِرَت وعَجَزَتْ في
بيت أَبويها. قال الجوهري: عَنَسَتِ الجارية تَعْنُس إِذا طال مكثها في
منزل أَهلها بعد إِدْراكها حتى خرجتْ من عِداد الأَبكار، هذا ما لم تتزوج،
فإِن تزوجت مرَّة فلا يقال عَنَسَت؛ قال الأَعشى:
والبِيضُ قد عَنَسَتْ وطالَ جِراؤُها،
ونَشَأْنَ في فَنَنٍ وفي أَذْوادِ
ويروى: والبيضِ، مجروراً بالعطف على الشَّرْب في قوله:
ولقد أُرَجَّل لِمَّتي بِعَشِيَّةٍ
للشَّرْبِ، قبلَ حَوادثِ المُرْتادِ
ويروى: سَنابِك، أَي قيل حوادث الطَّالِب؛ يقول: أُرَجِّلُ لِمَّتي
للشَّرْب وللجواري الحِسان اللواتي نشَأْن في فَنَنٍ أَي في نعمة. وأَصلها
أَغصان الشجر؛ هذه رواية الأَصمعي، وأَما أَبو عبيدة فإِنه رواه: في قِنٍّ،
بالقاف، أَي في عبيد وخَدَم. ورجل عانِس، والجمع العانِسُون؛ قال أَبو
قيس بن رفاعة:
مِنَّا الذي هو ما إِنْ طَرَّ شارِبُه،
والعانِسُون، ومِنَّا المُرْدُ والشِّيبُ
وفي حديث الشعبي: سئل عن الرجل يَدخل بالمرأَة على أَنها بكر فيقول لم
أَجدها عَذْراء، فقال: إِن العُذْرة قد يُذهِبها التَعْنيسُ والحَيْضَة،
وقال الليث: عَنَسَت إِذا صارت نَصَفاً وهي بكر ولم تتزوَّج. وقال
الفَرَّاء: امرأَة عانس التي لم تتزوج وهي تترقب ذلك، وهي المُعَنَّسة. وقال
الكسائي: العَانِس فوق المُعْصِر؛ وأَنشد لذي الرمة:
وعِيطاً كأَسْراب الخُروج تَشَوَّقَتْ
مَعاصِيرُها، والعاتِقاتُ العَوانِسُ
العِيطُ: يعني بها إِبلاً طِوال الأَعناق، الواحدة منها عَيْطاء. وقوله
كأَسراب الخروج أَي كجماعة نساء خرجْن متشوّفات لأَحد العِيدين أَي
متزينات، شبَّه الإِبل بهنَّ. والمُعْصِر: التي دنا حيضها. والعانِقُ: التي في
بيت أَبويها ولم يقع عليها اسم الزوج، وكذلك العانِس.
وفلان لم تَعْنُس السِّنُّ وَجهَه أَي لم تغيّره إِلى الكِبَرِ؛ قال
سُوَيْدٌ الحارثي:
فَتى قَبَلٌ لم تَعْنُس السنُّ وجهَهُ،
سِوى خُلْسَةٍ في الرأْس كالبَرْقِ في الدُّجى
وفي التهذيب: أَعْنَس الشيبُ رأْسَه إِذا خالطه؛ قال أَبو ضب الهذلي:
فَتى قَبَلٌ لم يَعْنُسِ الشَّيبُ رأْسَه،
سِوى خُيُطٍ في النُّورِ أَشرَقْنَ في الدُّجى
ورواه المُبَرَّد: لم تعْنُس السِّنُّ وَجهه؛ قال الأَزهري: وهو أَجود.
والعُنَّسُ من الإِبلِ فوق البَكارة أَي الصِّغار. قال بعض العرب: جَعل
الفحلُ يضرب في أَبكارِها وعُنَّسِها؛ يعني بالأَبكار جمع بَكْر،
والعُنَّس المتوسِّطات التي لَسْن بأَبكار.
والعَنْسُ: الصَّخرة. والعَنْسُ: الناقة القويَّةُ، شبهت بالصخرة
لصلابتها، والجمع عُنْسٌ وعُنُوس وعُنَّس مثل بازِل وبُزْلٍ وبُزَّل؛ قال
الراجز:
يُعْرِسُ أَبكاراً بها وعُنَّسا
وقال ابن الأَعرابي: العَنْس البازِل الصُّلبة من النُّوق لا يقال
لغيرها، وجمعها عِناس، وعُنُوس جمع عِناس؛ قال ابن سيده: هذا قول ابن
الأَعرابي وأَظنه وهَماً منه لأَن فِعالاً لا يجمع على فُعُول، كان واحداً أَو
جمعاً، بل عُنُوس جمع عَنْس كعِناس. قال الليث: تُسمّى عَنْساً إِذا
تَمَّتْ سِنّها واشتدت قوَّتها ووفَر عظامها وأَعضاؤُها؛ قال الراجز:
كَمْ قَدْ حَسَرْنا مِنْ عَلاةٍ عَنْسِ
وناقة عانِسَة وجمل عانِس: سمين تامّ الخَلق؛ قال أَبو وجزة السعدي:
بعانِساتٍ هَرِماتِ الأَزْمَلِ،
جُشٍّ كبَحْريّ السَّحاب المُخْيِلِ
والعَنْس: العُقاب. وعَنَسَ العودَ: عَطَفَه، والشين أَفصح.
واعْنَوْنَسَ ذنَب الناقةٍ، واعْنِيناسُه: وفُورُ هُلْبِه وطولُه؛ قال
الطِّرِمَّاح يصف ثوراً وحشيّاً:
يَمْسَحُ الأَرض بمُعْنَوْنِسٍ،
مِثل مئلاة النِّياح القِيام
أَي بذنب سابغ. وعَنْسٌ: قبيلة، وقيل: قبيلة من اليمن؛ حكاها سيبويه؛
وأَنشد:
لا مَهْلَ حَتى تَلْحَقي بعَنْسِ،
أَهلِ الرِّباطِ البِيضِ والقَلَنْسِ
قال: ولم يقل القَلَنْسُو لأَنَه ليس في الكلام اسم آخره واو قبلها حرف
مضموم، ويكفيك من ذلك أَنهم قالوا: هذه أَدْلي زير.
والعِناسُ: المرآة. والعُنُس: المرايا؛ وأَنشد الأَصمعي:
حتى رَأَى الشَّيْبَة في العِناسِ،
وعادمَ الجُلاحبِ العَوَّاسِ
وعُنَيِّس: اسم رَمْل معروف؛ وقال الراعي:
وأَعْرَضَ رَمْلٌ من عُنَيِّس، تَرْتَعِي
نِعاجُ المَلا، عُوذاً به ومَتالِيا
أَراد: ترتعي به نعاجُ الملا أَي بَقَرُ الوحش. عوذاً: وضَعَتْ
حَدِيثاً، ومَتَاليَ: يتلوها أَولادها. والملا: ما اتّسع من الأَرض، ونَصَب
عُوذاً على الحال.
عرش: العَرْش: سرير الملِك، يدلُّك على ذلك سرير ملِكة سَبَإِ، سمَّاه
اللَّه عز وجل عَرْشاً فقال عز من قائل: إِني وجدتُ امرأَة تملكهم
وأُوتيتْ من كل شيءٍ، ولها عرش عظيمٌ؛ وقد يُستعار لغيره، وعرض الباري سبحانه
ولا يُحدُّ، والجمع أَعراشٌ وعُروشٌ وعِرَشَةٌ. وفي حديث بَدْءِ الوَحْيِ:
فرفعتُ رأْسي فإِذا هو قاعدٌ على عَرْش في الهواء، وفي رواية: بين السماء
والأَرض، يعني جبريلَ على سرير. والعَرْش: البيتُ، وجمعه عُروشٌ. وعَرْش
البيت: سقفُه، والجمع كالجمع. وفي الحديث: كنت أَسمع قراءة رسول اللَّه،
صلى اللَّه عليه وسلم، وأَنا على عَرْشِي، وقيل: على عَرِيشٍ لي؛
العَرِيشُ والعَرْشُ: السقفُ، وفي الحديث: أَو كالقِنْديلِ المعلَّق بالعَْرش،
يعني بالسقف. وفي التنزيل: الرحمن على العَرْش استوى، وفيه؛ ويحمل عَرْشَ
ربِّك فوقهم يومئذ ثمانيةٌ؛ روي عن ابن عباس أَنه قال: الكرسيّ موضع
القدَمين والعَرْش لا يُقدَر قدرُه، وروي عنه أَنه قال: العَرْش مجلِس
الرحمن، وأَما ما ورد في الحديث: اهتزَّ العرشُ لموت سعد، فإِن العَرْش ههنا
الجِنَازة، وهو سرير الميت، واهتزازُه فَرَحُه بحمْل سعد عليه إِلى
مَدْفنِه، وقيل: هو عَرْش اللَّه تعالى لأَنه قد جاء في رواية أُخرى: اهتزَّ
عرشُ الرحمن لموْت سعد، وهو كِنايةٌ عن ارتياحِه بروحه حين صُعِد به
لكرامته على ربه، وقيل: هو على حذف مضافٍ تقديره: اهتزَّ أَهل العرش لقدومه على
اللَّه لما رأَوْا من منزلته وكرامته عند. وقوله عز وجل: وكأَيِّنْ من
قرية أَهلكناها وهي ظالمة فهي خاويةٌ على عُروشِها؛ قال الزجاج: المعنى
أَنها خَلَتْ وخرّت على أَركانها، وقيل: صارت على سقُوفها، كما قال عز من
قائل: فجعلنا عالِيَها سافِلَها، أَراد أَن حيطانها قائمة وقد تهدَمت
سُقوفُها فصارت في قَرارِها وانقَعَرَت الحيطانُ من قواعدِها فتساقطت على
السُّقوف المتهدّمة قَبْلها، ومعنى الخاوِية والمنقعِرة واحد يدلُّك على ذلك
قول اللَّه عز وجل في قصَّة قوم معاد: كأَنهم أَعجازٌ نَخلٍ خاوِيةٍ؛
وقال في موضع آخر يذكر هلاكَهم أَيضاً: كأَنهم أَعجازُ نخلٍ مُنْقَعرٍ،
فمعنى الخاوية والمنقعر في الآيتين واحد، وهي المُنقلِعة من أُصولها حتى
خَوى مَنْبتُها. ويقال: انقَعَرَتِ الشجرة إِذا انقلَعتْ، وانقَعَر النبتُ
إِذا انقلَعَ من أَصله فانهدم، وهذه الصفة في خراب المنازل من أَبلغ ما
يوصف. وقد ذكر اللَّه تعالى في موضع آخر من كتابه ما دل على ما ذكرناه وهو
قوله: فأَتى اللَّه بُنيانَهم من القواعد فخرَّ عليهم السقفُ من فوقهم؛
أَي قلع أَبنيتَهم من أِساسها وهي القواعِدُ فتساقطت سُقوفُها، وعليها
القواعد، وحيطانُها وهم فيها، وإِنما قيل للمُنقَعِرِ خاوٍ أَي خالٍ، وقال
بعضهم في قوله تعالى: وهي خاوِية على عروشها؛ أَي خاوية عن عروشها
لتهدُّمِها، جعل على بمعنى عن كما قال اللَّه عز وجل: الذين إِذا اكتالُوا على
الناس يَسْتَوْفُون؛ أَي اكتالوا عنهم لأَنفسهم، وعُروشُها: سُقوفها، يعني
قد سقَط بعضُه على بعض، وأَصل ذلك أَن تسقُط السقوفُ ثم تسقُط الحيِطان
عليها. خَوَتْ: صارت خاوِيةً من الأَساس. والعَرْش أَيضاً: الخشَبة،
والجمع أَعراشٌ وعُروشٌ. وعرَش العَرْشَ يعرِشه ويعرُشه عَرْشاً: عَمِلَه.
وعَرْشُ الرجل: قِوام أَمره، منه. والعَرْش: المُلْك. وثُلَّ عَرْشُه:
هُدِم ما هو عليه من قِوام أَمره، وقيل: وَهَى أَمريه وذهَب عِزُّه؛ قال
زهير:تَداركْتُما الأَحْلافَ، قد ثُلَّ عَرْشُها،
وذُبيانَ إِذ زَلَّتْ بأَحلامِها النَّعْلُ
(* في الديوان: بأَقدامها بدلاً من بأَحلامها.)
والعَرْش: البيت والمنزل، والجمع عُرُش؛ عن كراع. والعَرْش كواكِبُ
قُدَّام السَّماك الأَعْزَلِ. قال الجوهري: والعَرْشُ أَربعةُ كَواكِبَ صغار
أَسفل من العَوَّاء، يقال إِنها عَجُزُ الأَسَدِ؛ قال ابن أَحمر:
باتت عليه ليلةٌ عَرْشيَّةٌ
شَرِبَتْ، وبات على نَقاً مُتهدِّمِ
وفي التهذيب: وعَرْشُ الثُّريَّا كواكِبُ قريبة منها. والعَرْشُ
والعَرِيش: ما يُستَظلُّ به. وقيل لرسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، يوم بدر:
أَلا نَبْني لك عَرِيشاً تتظلَّل به؟ وقالت الخنساء:
كان أَبو حسّان عَرْشاً خَوَى،
ممَّا بَناه الدَّهْرُ دَانٍ ظَلِيلْ
أَي كان يظلُّنا، وجمعه عُروش وعُرُش. قال ابن سيده: وعندي أَن عُروشاً
جمع عَرْش، وعُرُشاً جمعُ عَرِيش وليس جمعَ عَرْشٍ، لأَن باب فَعْل
وفُعُل كرَهْن ورُهُن وسَحْل وسُحُل لا يتَّسع.
وفي الحديث: فجاءت حُمَّرةٌ جعلت تُعَرِّشُ؛ التَّعْرِيش: أَن ترتفع
وتظلَّل بجناحيها على من تحتها. والعَرْش: الأَصل يكون فيه أَربعُ نَخْلات
أَو خمسٌ؛ حكاه أَبو حنيفة عن أَبي عمرو، وإِذا نبتتْ رواكِيبُ أَربعٌ أَو
خمسٌ على جِذْع النَّخْلَة فهو العَرِيشُ. وعَرْشُ البئر: طَيُّها
بالخشب. وعرشْت الرَّكِيَّة أَعرُشها وأَعرِشُها عَرْشاً: طَويْتُها من
أَسفلها قدرَ قامةٍ بالحجارة ثم طَوَيْتُ سائرَها بالخشب، فهي مَعْرُوشةٌ، وذلك
الخشب هو العَرْش، فأَما الطيُّ فبالحجارة خاصَّة، وإِذا كانت كلها
بالحجارة، فهي مطويَّة وليست بمعروشة، والعَرْشُ: ما عَرَشْتها به من الخشب،
والجمع عُروشٌ. والعَرْشُ: البناء الذي يكون على فَمِ البئر يقوم عليه
الساقي، والجمع كالجمع؛ قال الشاعر:
أَكُلَّ يومٍ عَرْشُها مَقِيلي
وقال القَطامي عُمَيْرُ بنُ شُيَيْمٍ:
وما لِمَثاباتِ العُرُوشِ بَقِيَّةٌ،
إِذا استُلَّ من تحت العُرُوشِ الدَّعائمُ
فلم أَرَ ذا شَرٍّ تَماثَلَ شَرُّهُ،
على قومِه، إِلا انتهى وهو نادمُ
أَلم تَرَ لِلبنْيانِ تَبْلى بُيوتُهُ،
وتَبْقَى من الشِّعْرِ البُيوتُ الصوارِمُ؟
يريد أَبياتَ الهِجاء. والصوارِمُ: القواطِع. والمثابةُ: أَعلى البئر
حيث يقوم المستقي. قال ابن بري: والعَرْش على ما قاله الجوهري بناءٌ يُبنى
من خشب على رأْس البئْر يكون ظِلالاً، فإذا نُزِعت القوائمُ سقطتِ
العُروشُ، ضَرَبَهُ مثلاً.
وعَرْشُ الكَرْمِ: ما يُدْعَمُ به من الخشب، والجمع كالجمع. وعَرَشَ
الكَرْمَ يَعْرِشُه ويعرُشه عَرْشاً وعُرُوشاً وعَرَّشَه: عَمِل له عَرْشاً،
وعَرَّشَه إِذا عَطَف العِيدان التي تُرْسَل عليها قُضْبان الكَرْم،
والواحد عَرْش والجمع عُروش، ويقال: عَرِيش وجمعه عُرُشٌ. ويقال: اعْتَرَشَ
العِنَبُ العَريشَ اعْتِراشاً إِذا عَلاه على العِراش. وقوله تعالى:
جَنَّاتٍ مَعْرُوشات؛ المعروشاتُ: الكُرُوم. والعَرِيشُ ما عَرَّشْتَه به،
والجمع عُرُشٌ. والعَرِيشُ: شِبْهُ الهَوْدَج تقْعُد فيه المرأَةُ على
بَعِيرٍ وليس به؛ قال رؤبة:
إِمَّا تَرَيْ دَهْراً حَناني خَفْضا
أَطْرَ الصَّناعَيْنِ العَرِيشَ القَعْضا
وبئرٌ مَعْروشةُ وكُرُومٌ مَعْروشاتٌ. وعرَشَ يعْرِشُ ويعرُش عَرْشاً
أَي بَنى بِناءً من خشبٍ. والعَرِيشُ: خَيْمةٌ من خشب وثُمام. والعُروش
والعُرُش: بيوت مكة، واحدها عَرْشٌ وعَرِيشٌ، وهو منه لأَنها كانت تكون
عِيداناً تُنْصَبُ ويُظَلَّلُ عليها؛ عن أَبي عبيد: وفي حديث ابن عمر: أَنه
كان يَقْطع التَلْبِيةَ إِذا نَظَر إِلى عُروش مكة؛ يعني بيوتَ أَهل
الحاجة منهم، وقال ابن الأَثير: بيوت مكة لأَنها كانت عيداناً تنصب ويُظَلَّل
عليها. وفي حديث سعد قيل له: إِن معاوية يَنْهانا عن مُتْعة الحج، فقال:
تَمَتَّعْنا مع رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، ومعاويةُ كافر
بالعُرُشِ؛ أَراد بيوت مكة، يعني وهو مقيم بعُرُش مكة أَي بيوتها في حال
كُفْرِه قبل إِسلامِه، وقيل أَراد بقوله كافر الاخْتِفاء والتغطّي؛ يعني أَنه
كان مُخْتفياً في بيوت مكة، فمن قال عُرُش فواحدها عريشٌ مثل قَليبٍ
وقُلُبٍ، ومن قال عُروش فواحدها عريشٌ مثل قَليبِ وقُلُبٍ، ومن قال عُروش
فواحدها عَرش مثل فَلْس وفُلوس. والعَريش والعَرْشُ: مكةُ نفسُها كذلك؛ قال
الأَزهري: وقد رأَيتُ العربَ تسمي المَظالَّ التي تُسَوَّى من جريد النخل
ويُطْرح فوقها التُّمام عُرُشاً، والواحد منها عَريش: ثم يُجْمع عُرْشاً،
ثم عُروشاً جمعَ الجمعِ. وفي حديث سهل بن أَبي خَيْثَمة: إِني وجدت ستين
عَرِيشاً فأَلقيت لهم من خَرْصِها كذا وكذا؛ أَراد بالعَرِيش أَهل البيت
لأَنهم كانوا يأْتون النَّخيل فيَبْتَنُون فيه من سَعَفِه مثل الكُوخ
فيُقِيمون فيه يأْكلون مدّة حَمْله الرُّطَبَ إِلى أَن يُصْرَمَ. ويقال
للحَظِيرة التي تُسَوَّى للماشية تكُنّها من البَرد: عَريشٌ.
والإِعْراشُ: أَن تمْنَع الغنمَ أَن تَرْتَع، وقد أَعْرَشْتها إِذا
مَنعْتها أَن ترتع؛ وأَنشد:
يُمْحى به المَحْلُ وإِعْراشُ الرُّمُم
ويقال: اعْرَوَّشْتُ الدابةَ واعنَوَّشْته
(* قوله «واعنوشته» هو في
الأصل بهذا الضبط .) وتَعَرْوَشْته إِذا ركبته. وناقة عُرْشٌ: ضخْمة كأَنها
مَعْروشة الزَّوْر؛ قال عبدةُ بن الطبيب:
عُرْشٌ تُشِيرُ بقِنْوانٍ إِذا زُجِرَتْ،
من خَصْبة، بقِيَتْ منها شَمالِيلُ
وبعيرٌ مَعْروشُ الجَنْبين: عظيمُهما كما تُعْرَشُ البئر إِذا طُوِيتْ.
وعَرْشُ القَدَمِ وعُرْشُها: ما بين عَيرِها وأَصابعها من ظاهرٍ، وقيل:
هو ما نَتأَ في ظهرها وفيه الأَصابعُ، والجمع أَعْراشٌ وعِرَشة. وقال ابن
الأَعرابي: ظهرُ القدم العَرْش وباطنُه الأَخْمَص. والعُرْشانِ من
الفرس: آخرُ شَعرِ العُرْف. وعُرْشا العُنُق: لَحْمتان مسْتَطِيلتان بينهما
الفَقارُ، وقيل: هما موضعا المِحْجَمَتين؛ قال العجاج:
يَمْتَدّ عُرْشا عُنْقِه للُقْمَتِهْ
ويروى: وامتدَّ عُرْشا. وللعنُقِ عُرْشان بينهما القفا، وفيهما
الأَخْدَعانِ، وهما لحمتان مُسْتطيلتانِ عِدا العُنُق؛ قال ذو الرمة:
وعبدُ يَغُوث يَحْجُلُ الطَّيْرُ حوله،
قد احْتَزّ عُرْشَيهِ الحُسامُ المُذَكَّرُ
لنا الهامةُ الأُولى التي كلُّ هامةٍ،
وإِن عظُمَتْ، منها أَذَلُّ وأَصْغَرُ
وواحدهما عُرْش، يعني عبد يغوث بن وقّاص المُحاربي، وكان رئيسَ مَذْحِج
يومَ الكُلاب ولم يُقْتل ذلك اليومَ، وإِنما أُسِرَ وقُتِل بعد ذلك؛
وروي: قد اهْتَذّ عُرْشَيه أَي قَطَع، قال ابن بري: في هذا البيت شاهِدانِ:
أَحدُهما تقديمُ مِنْ على أَفْعَل، والثاني جواز قولهم زيد أَذلُّ من
عُمرٍو، وليس في عَمْرٍو ذُلٌّ؛ على حد قول حسان:
فَشَرُّكُما لِخيرِكُما الفِداءُ
وفي حديث مَقْتَل أَبي جهل قال لابن مسعود: سَيْفُك كَهامٌ فخُذْ سَيفي
فاحْتَزَّ به رأْسي من عُرْشِي؛ قال: العُرْشُ عِرْقٌ في أَصل العُنُق.
وعُرْشا الفرسِ: مَنْبِت العُرْفِ فوق العِلْباوَيْنِ.
وعَرْشَ الحِمارُ بعانَتهِ تَعْريشاً: حَمَلَ عليها فاتحاً فمَه رافعاً
صوتَه، وقيل إِذا شَحَا بعد الكَرْفِ؛ قال رؤبة:
كأَنّ حيث عَرَّشَ القَبائلا
من الصَّبِيّيْنِ وحِنُوًا ناصِلا
والأُذُنان تُسَمَّيان: عُرْشَينِ لِمُجاوَرَتِهما العُرْشَين. أَراد
فلان أَن يُقِرّ لي بحقّي فَنَفَث فلانٌ في عُرْشَيهِ، وإِذا سارَّه في
أُذُنيه فقد دَنا من عُرْشَيْهِ. وعَرَشَ بالمكان يَعْرِش عُرُوشاً
وتَعرَّش: ثبَتَ. وعَرِشَ بغَرِيمه عرَشاً: لزِمَه. والمُتَعَرْوِشُ:
المُسْتَظِلّ بالشجرة. وعَرَّشَ عني الأَمرُ أَي أَبْطأَ: قال الشماخ.
ولما رأَيتُ الأَمرَ عَرْشَ هَوِيّةٍ،
تسَلّيْتُ حاجاتِ الفؤاد بشَمَّرا
الهَوِيّةُ: موضعٌ يَهْوِي مَنْ عليه أَي يَسْقُط؛ يصِفُ فوتَ الأَمرِ
وصعوبتَه بقوله عَرْشَ هَوِيّة. ويقال الكلب إِذا خَرِقَ فلم يَدْنُ
للصيد: عَرِشَ وعَرِسَ.
وعُرْشانٌ: اسمٌ. والعُرَيْشانُ: اسم؛ قال القتَّال الكِلابي:
عفا النَّجْبُ بعدي فالعُرَيْشانُ فالبُتْرُ
بني: بَنَا في الشرف يَبْنُو؛ وعلى هذا تُؤُوِّلَ قول الحطيئة:
أُولَئِكَ قومٌ إنْ بَنَوا أَحْسنُوا البُنا
قال ابن سيده: قالوا إنه جمعُ بُنوَة أَو بِنْوَة؛ قال الأَصمعي: أَنشدت
أَعرابيّاً هذا البيت أَحسنوا البِنا، فقال: أَي بُنا أَحسنوا البُنَا،
أَراد بالأَول أَي بُنَيّ. والابنُ: الولد، ولامه في الأَصل منقلبة عن
واو عند بعضهم كأَنه من هذا. وقال في معتل الياء: الابنُ الولد، فَعَلٌ
محذوفة اللام مجتلب لها أَلف الوصل، قال: وإنما قضى أَنه من الياء لأَن
بَنَى يَبْنِي أَكثر في كلامهم من يَبْنُو، والجمع أَبناء. وحكى اللحياني:
أَبناءُ أَبنائهم. قال ابن سيده: والأُنثى ابنة وبنتٌ؛ الأَخيرة على غير
بناء مذكرها، ولامِ بِنْت واو، والتاء بدل منها؛ قال أَبو حنيفة؛ أَصله
بِنْوَة ووزنها فعلٌ، فأُلحقتها التاءُ المبدلة من لامها بوزن حِلْسٍ فقالوا
بِنْتٌ، وليست التاء فيها بعلامة تأَنيث كما ظن من لا خِبْرَة له بهذا
اللسان، وذلك لسكون ما قبلها، هذا مذهب سيبويه وهو الصحيح، وقد نص عليه في
باب ما لا ينصرف فقال: لو سميت بها رجلاً لصرفتها معرفة، ولو كانت
للتأْنيث لما انصرف الاسم، على أَن سيبويه قد تسمَّح في بعض أَلفاظه في الكتاب
فقال في بِنْت: هي علامة تأْنيث، وإنما ذلك تجوّز منه في اللفظ لأَنه
أَرسله غُفْلاً، وقد قيده وعلله في باب ما لا ينصرف، والأَخذ بقوله
المُعَلَّل أَقوى من القول بقوله المُغْفَل المُرْسَل، ووَجهُ تجوُّزه أَنه لما
كانت التاء لا تبدل من الواو فيها إلا مع المؤنث صارت كأَنها علامة
تأْنيث، قال: وأَعني بالصيغة فيها بناءها على فِعْل وأَصلها فَعَلٌ بدلالة
تكسيرهم إياها على أَفعال، وإبدالُ الواو فيها لازمٌ لأَنه عمل اختص به
المؤنث، ويدل أَيضاً على ذلك إقامتهم إياه مقام العلامة الصريحة وتعاقُبُها
فيها على الكلمة الواحدة، وذلك نحو ابنةٍ وبنتٍ، فالصيغة في بنت قائمة
مقام الهاء في ابنةٍ، فكما أَن الهاء علامة تأْنيث فكذلك صيغة بنتٍ علامة
تأْنيثها، وليست بنتٌٌ من ابنةٍ كصَعب من صَعْبة، إنما نظيرُ صعبة من صعب
ابنَةٌ من ابن، ولا دلالة لك في البُنُوَّة على أَن الذاهب من بنت واو،
لكن إبدال التاء من حرف العلة يدل على أَنه من الواو، لأَن إبدال التاء من
الواو أَضعف من إبدالها من الياء. وقال ابن سيده في موضع آخر: قال سيبويه
وأَلحقوا ابْناً الهاء فقالوا ابْنة، قال: وأَما بِنتٌ فليس على ابْنٍ،
وإنما هي صيغة على حدة، أَلحقوها الياء للإلحاق ثم أَبدلوا التاء منها،
وقيل: إنها مُبدلة من واو، قال سيبويه: وإنما بِنْتٌ كعِدْل، والنسب إلى
بِنْت بَنَوِيٌّ، وقال يونس: بِنْتِيٌّ وأُخْتِيٌّ؛ قال ابن سيده: وهو
مردود عند سيبويه. وقال ثعلب: العرب تقول هذه بنت فلان وهذه ابنةُ فلان،
بتاء ثابتة في الوقف والوصل، وهما لغتان جيدتان، قال: ومن قال إبنةٌ فهو
خطأٌ ولحن. قال الجوهري: لا تقل ابِنة لأَن الأَلف إنما اجتلبت لسكون الباء،
فإذا حركتها سقطت، والجمعُ بَناتٌ لا غير. قال الزجاج: ابنٌ كان في
الأَصل بِنْوٌ أَو بِنَوٌ، والأَلف أَلف وصل في الابن، يقال ابنٌ بيِّنُ
البُنُوَّة، قال: ويحتمل أَن يكون أَصله بَنَياً، قال: والذين قالوا بَنُونَ
كأَنهم جمعوا بَنَياً بَنُونَ، وأَبْنَاء جمْعَ فِعْل أَو فَعَل، قال:
وبنت تدل على أَنه يستقيم أَن يكون فِعْلاً، ويجوز أَن يكون فَعَلاً، نقلت
إلى فعْلٍ كما نقلت أُخْت من فَعَل إلى فُعْلٍ، فأَما بناتٌ فليس بجمع
بنت على لفظها، إنما ردّت إلى أَصلها فجمعت بَناتٍ، على أَن أَصل بِنْت
فَعَلة مما حذفت لامه. قال: والأَخفش يختار أَن يكون المحذوف من ابن الواو،
قال: لأَنه أَكثر ما يحذف لثقله والياء تحذف أَيضاً لأَنها تثقل، قال:
والدليل على ذلك أَن يداً قد أَجمعوا على أَن المحذوف منه الياء، ولهم دليل
قاطع مع الإجماع يقال يَدَيْتُ إليه يَداً، ودمٌ محذوف منه الياء،
والبُنُوَّة ليس بشاهد قاطع للواو لأَنهم يقولون الفُتُوَّة والتثنية فتيان،
فابن يجوز أَن يكون المحذوف منه الواو أَو الياء، وهما عندنا متساويان.
قال الجوهري: والابن أَصله بَنَوٌ، والذاهب منه واو كما ذهب من أَبٍ وأَخ
لأَنك تقول في مؤنثه بنتٌ وأُخت، ولم نر هذه الهاء تلحق مؤنثاً إلا ومذكره
محذوف الواو، يدلك على ذلك أَخَوات وهنوات فيمن ردّ، وتقديره من الفعل
فَعَلٌ، بالتحريك، لأَن جمعه أَبناء مثل جَمَلٍ وأَجمال، ولا يجوز أَن
يكون فعلاً أَو فُعْلاً اللذين جمعهما أَيضاً أَفعال مثل جِذْع وقُفْل،
لأَنك تقول في جمعه بَنُون، بفتح الباء، ولا يجوز أَيضاً أَن يكون فعلاً،
ساكنة العين، لأَن الباب في جمعه إنما هو أَفْعُل مثل كَلْب وأَكْلُب أَو
فعول مثل فَلْس وفُلوس. وحكى الفراء عن العرب: هذا من ابْناوَاتِ
الشِّعْبِ، وهم حيّ من كَلْب. وفي التنزيل العزيز: هؤلاء بناتي هنَّ أَطْهَرُ لكم؛
كنى ببناتِه عن نسائهم، ونساء أُمةِ كل نبيّ بمنزلة بناته وأَزواجُه
بمنزلة أُمهاتهم؛ قال ابن سيده: هذا قول الزجاج. قال سيبويه: وقالوا
ابْنُمٌ، فزادوا الميم كما زيدت في فُسْحُمٍ ودِلْقِمٍ، وكأَنها في ابنم أَمثَلُ
قليلاً لأَن الاسم محذوف اللام، فكأَنها عوض منها، وليس في فسحم ونحوه
حذف؛ فأَما قول رؤبة:
بُكاءَ ثَكْلى فَقَدَتْ حَميما،
فهي تَرَنَّى بأَبا وابناما
فإنما أَراد: وابْنِيما، لكن حكى نُدْبَتها، واحتُمِل الجمع بين الياء
والأَلف ههنا لأَنه أَراد الحكاية، كأَنَّ النادبة آثرت وا ابْنا على وا
ابْني، لأَن الأَلف ههنا أَمْتَع ندباً وأَمَدُّ للصوت، إذ في الأَلف من
ذلك ما ليس في الياء، ولذلك قال بأَبا ولم يقل بأَبي، والحكاية قد
يُحْتَمل فيها ما لا يحتمل في غيرها، أَلا ترى أَنهم قد قالوا مَن زيداً في جواب
من قال رأَيت زيداً، ومَنْ زيدٍ في جواب من قال مررت بزيد؟ ويروى:
فهي تُنادي بأَبي وابنِيما
فإذا كان ذلك فهو على وجه وما في كل ذلك زائدة، وجمع البِنْتِ بَناتٌ،
وجمع الابن أَبناء، وقالوا في تصغيره أُبَيْنُون؛ قال ابن شميل: أَنشدني
ابن الأَعرابي لرجل من بني يربوع، قال ابن بري: هو السفاح بن بُكير
اليربوعي:
مَنْ يَكُ لا ساءَ، فقد ساءَني
تَرْكُ أُبَيْنِيك إلى غير راع
إلى أَبي طَلحةَ، أَو واقدٍ
عمري فاعلمي للضياع
(* قوله «عمري فاعلمي إلخ» كذا بالأصل بهذه الصورة، ولم نجده في كتب
اللغة التي بأيدينا).
قال: أُبَيْني تصغير بَنِينَ، كأَنَّ واحده إبن مقطوع الأَلف، فصغره
فقال أُبين، ثم جمعه فقال أُبَيْنُون؛ قال ابن بري عند قول الجوهري كأَنَّ
واحده إبن، قال: صوابه كأَنَّ واحده أَبْنى مثل أَعْمَى ليصح فيه أَنه
معتل اللام، وأَن واوه لام لا نون بدليل البُنُوَّة، أَو أَبْنٍ بفتح الهمزة
على ميل الفراء أَنه مثل أَجْرٍ، وأَصله أَبْنِوٌ، قال: وقوله فصغره
فقال أُبَيْنٌ إنما يجيء تصغيره عند سيبويه أُبَيْنٍ مثل أُعَيْمٍ. وقال ابن
عباس: قال النبي، صلى الله عليه وسلم، أُبَيْنى لا ترموا جَمْرة
العَقَبة حتى تَطْلُعَ الشمس. قال ابن الأَثير: الهمزة زائدة وقد اختلف في
صيغتها ومعناها، فقيل إنه تصغير أَبْنى كأَعْمَى وأُعَيْمٍ، وهو اسم مفرد يدل
على الجمع، وقيل: إن ابْناً يجمع على أَبْنَا مقصوراً وممدوداً، وقيل: هو
تصغير ابن، وفيه نظر. وقال أَبو عبيد: هو تصغير بَنِيَّ جمع ابْنٍ
مضافــاً إلى النفس، قال: وهذا يوجب أَن يكون صيغة اللفظة في الحديث أُبَيْنِيَّ
بوزن سُرَيْجيّ، وهذه التقديرات على اختلاف الروايات
(* قوله: وهذه
التقديرات على اختلاف الروايات، يشعر ان في الكلام سقطاً). والاسم
البُنُوَّةُ. قال الليث: البُنُوَّةُ مصدر الابن. يقال: ابنٌ بَيّنُ البُنُوَّة.
ويقال: تَبَنيْتُه أَي ادَّعيت بُنُوَّتَه. وتَبَنَّاه: اتخذه ابناً. وقال
الزجاج: تَبَنَّى به يريد تَبَنَّاه. وفي حديث أَبي حذيفة: أَنه تَبَنَّى
سالماً أَي اتخذه ابناً، وهو تَفَعُّلٌ من الابْن، والنسبة إلى الأَبناء
بَنَوِيٌّ وأَبناوِيٌّ نحو الأَعرابيِّ، ينسب إلى الأَعراب، والتصغير
بُنَيٌّ. قال الفراء: يا بُنيِّ ويا بُنَيَّ لغتان مثل يا أَبتِ ويا أبَتَ،
وتصغير أَبْناء أُبَيْناء، وإن شئت أُبَيْنونَ على غير مكبره. قال
الجوهري: والنسبة إلى ابْنٍ بَنَوِيّ، وبعضهم يقول ابْنِيّ، قال: وكذلك إذا
نسبت إلى أَبْناء فارس قلت بَنَوِيّ، قال: وأَما قولهم أَبْناوِيّ فإنما هو
منسوب إلى أَبناء سعد لأَنه جعل اسماً للحي أَو للقبيلة، كما قالوا
مَدايِنِيٌّ جعلوه اسماً للبلد، قال: وكذلك إذا نسبت إلى بِنْت أَو إلى
بُنَيّاتِ الطَّريق قلت بَنَوِيّ لأَن أَلف الوصل عوض من الواو، فإذا حذفتها
فلا بد من رد الواو. ويقال: رأَيت بَناتَك، بالفتح، ويُجرونه مُجْرَى
التاء الأَصلية. وبُنَيَّاتُ الطريق: هي الطُّرُق الصغار تتشعب من الجادَّة،
وهي التُّرَّهاتُ.
والأَبناء: قوم من أَبناء فارس. وقال في موضع آخر: وأَبناء فارس قوم من
أَولادهم ارتهنتهم العرب، وفي موضع آخر: ارْتُهِنُوا باليمن وغلب عليهم
اسم الأَبناء كغلبة الأَنصار، والنسب إليهم على ذلك أَبْناوِيٌّ في لغة
بني سعد، كذلك حكاه سيبويه عنهم، قال: وحدثني أَبو الخطاب أَن ناساً من
العرب يقولون في الإضافة إليه بَنَوِيٌّ، يَرُدّونه إلى الواحد، فهذا على
أَن لا يكون اسماً للحي، والاسم من كل ذلك البُنُوَّةُ. وفي الحديث: وكان
من الأَبْناء، قال: الأَبْناء في الأَصل جمع ابْنٍ. ويقال لأَولاد فارس
الأَبْناء، وهم الذين أَرسلهم كِسرى مع سَيْفِ بنِ ذيِ يَزَنَ، لما جاء
يستنجدهم على الحَبَشة، فنصروه وملكوا اليمن وتَدَيَّرُوها وتزوّجوا في
العرب فقيل لأَولادهم الأَبناء، وغلب عليهم هذا الاسم لأَن أُمهاتهم من غير
جنس آبائهم.
وللأَب والابن والبنت أَسماء كثيرة تضاف إليها، وعَدَّدَ الأَزهري منها
أَشياء كثيرة فقال ما يعرف بالابن: قال ابن الأَعرابي ابْنُ الطِّينِ
آدمُ، عليه السلام، وابن مِلاطٍ العَضُدُ، وابْنُ مُخدِّشٍ رأْسُ الكَتِفِ،
ويقال إنه النُّغْضُ أَيضاً، وابن النَّعامة عظم الساقِ، وابن النَّعامة
عِرْق في الرِّجْل، وابنُ النَّعامة مَحَجَّة الطريق، وابن النَّعامة
الفرَس الفاره، وابن النَّعامة الساقي الذي يكون على رأْس البئر، ويقال
للرجل العالم: هو ابنُ بَجْدَتِها وابن بُعْثُطِها وابن سُرْسُورها وابنُ
ثَراها وابن مَدينتها وابن زَوْمَلَتِها أَي العالم بها، وابن زَوْمَلَة
أَيضاً ابن أَمة، وابن نُفَيْلَة ابن أَمة، وابن تامُورها العالم بها، وابنُ
الفأْرة الدَّرْصُ، وابن السِّنَّورِ الدِّرْصُ أَيضاً، وابن الناقةِ
البابُوس، قال: ذكره ابن أحمر في شعره، وابن الخَلَّة ابن مَخاضٍ، وابن
عِرْسٍ السُّرْعُوبُ، وابنُ الجَرادةِ السِّرْو، وابن اللَّيلِ اللِّصُّ،
وابن الطريق اللِّصُّ أيضاً، وابن غَبْراء اللص أَيضاً؛ وقيل في قول
طرفة:رأَيْتُ بني غَبْراءَ لا يُنْكرُونَني
إن بني غَبْراء اسم للصَّعاليك الذين لا مال لهم سُمُّوا بني غَبْراء
للزُوقهم بغَبْراء الأَرض، وهو ترابها، أَراد أَنه مشهور عند الفقراء
والأَغنياء، وقيل: بنو غبراء هم الرُّفْقَةُ يَتَناهَدُون في السفر، وابن
إلاهَةَ وأَلاهَةَ ضَوْءُ الشمس، وهو الضِّحُّ، وابن المُزْنةِ الهلالُ؛ ومنه
قوله:
رأَيتُ ابنَ مُزْنَتِها جانِحَا
وابن الكَرَوانِ الليلُ، وابن الحُبارَى النهارُ، وابن تُمَّرةَ طائر،
ويقال التُّمَّرةِ، وابنُ الأَرضِ الغَديرُ، وابن طامِرٍ البُرْغُوث،
وابنُ طامِرٍ الخَسِيسُ من الناس، وابن هَيَّانَ وابن بَيَّانَ وابن هَيٍّ
وابن بَيٍّ كُلُّه الخَسِيسُ من الناس، وابن النخلة الدَّنيء
(* قوله «وابن
النخلة الدنيء» وقوله فيما بعد «وابن الحرام السلا» كذا بالأصل). وابن
البَحْنَة السَّوْط، والبَحْنة النخلة الطويلة، وابنُ الأَسد الشَّيْعُ
والحَفْصُ، وابنُ القِرْد الحَوْدَلُ والرُّبَّاحُ، وابن البَراء أَوَّلُ
يوم من الشهر، وابنُ المازِنِ النَّمْل، وابن الغراب البُجُّ، وابن
الفَوالي الجانُّ، يعني الحيةَ، وابن القاوِيَّةِ فَرْخُ الحمام، وابنُ
الفاسِياء القَرَنْبَى، وابن الحرام السلا، وابن الكَرْمِ القِطْفُ، وابن
المَسَرَّة غُصْنُ الريحان، وابن جَلا السَّيِّدُ، وابن دأْيةَ الغُراب، وابن
أَوْبَرَ الكَمْأةُ، وابن قِتْرةَ الحَيَّة، وابن ذُكاءَ الصُّبْح، وابن
فَرْتَنَى وابن تُرْنَى ابنُ البَغِيَّةِ، وابن أَحْذارٍ الرجلُ الحَذِرُ،
وابن أَقْوالٍ الرجُل الكثير الكلام، وابن الفَلاةِ الحِرباءُ، وابن
الطَّودِ الحَجَر، وابنُ جَمِير الليلةُ التي لا يُرى فيها الهِلالُ، وابنُ
آوَى سَبُغٌ، وابن مخاضٍ وابن لَبُونٍ من أَولادِ الإبل. ويقال للسِّقاء:
ابنُ الأَدِيم، فإذا كان أَكبر فهو ابن أَدِيمَين وابنُ ثلاثةِ آدِمَةٍ.
وروي عن أَبي الهَيْثَم أنه قال: يقال هذا ابْنُكَ، ويزاد فيه الميم
فيقال هذا ابْنُمك، فإذا زيدت الميم فيه أُعرب من مكانين فقيل هذا
ابْنُمُكَ، فضمت النون والميم، وأُعرب بضم النون وضم الميم، ومررت بابْنِمِك
ورأَيت ابنْمَك، تتبع النون الميم في الإعراب، والأَلف مكسورة على كل حال،
ومنهم من يعربه من مكان واحد فيعرب الميم لأَنها صارت آخر الاسم، ويدع النون
مفتوحة على كل حال فيقول هذا ابْنَمُكَ، ومررت بابْنَمِك، ورأَيت
ابْنَمَكَ، وهذا ابْنَمُ زيدٍ، ومررت بابْنَمِ زيدٍ، ورأَيت ابْنَمَ زيدٍ؛
وأَنشد لحسان:
وَلَدْنا بَني العَنقاءِ وابْنَيْ مُحَرِّقٍ،
فأَكْرِم بنا خالاً، وأَكْرِم بنا ابْنَما
وزيادة الميم فيه كما زادوها في شَدْقَمٍ وزُرْقُمٍ وشَجْعَمٍ لنوع من
الحيات؛ وأَما قول الشاعر:
ولم يَحْمِ أَنْفاً عند عِرْسٍ ولا ابْنِمِ
فإنه يريد الابن، والميم زائدة.
ويقال فيما يعرف ببنات: بناتُ الدَّمِ بنات أَحْمَرَ، وبناتُ المُسْنَدِ
صُروفُ الدَّهْر، وبناتُ معًى البَعَرُ، وبناتُ اللَّبَن ما صَغرَ منها،
وبناتُ النَّقا هي الحُلْكة تُشبَّهُ بِهنَّ بَنانُ العَذارَى؛ قال ذو
الرمة:
بناتُ النَّقا تَخْفَى مِراراً وتَظْهَرُ
وبنات مَخْرٍ وبناتُ بَخْرٍ سحائبُ يأْتين قُبُلَ الصَّيْفِ
مُنْتَصباتٍ، وبناتُ غَيرٍ الكَذِبُ، وبناتُ بِئْسَ الدواهي، وكذلك بناتُ طَبَقٍ
وبناتُ بَرْحٍ وبناتُ أَوْدَكَ وابْنةُ الجَبَل الصَّدَى، وبناتُ أَعْنَقَ
النساءُ، ويقال: خيل نسبت إلى فَحل يقال له أَعنَقُ، وبناتُ صَهَّالٍ
الخَيلُ، وبنات شَحَّاجٍ البِغالُ، وبناتُ الأَخْدَرِيّ الأُتُنُ، وبناتُ
نَعْش من الكواكب الشَّمالِيَّة، وبناتُ الأَرض الأَنهارُ الصِّغارُ، وبناتُ
المُنى اللَّيْلُ، وبناتُ الصَّدْر الهُموم، وبناتُ المِثالِ النِّساء،
والمِثالُ الفِراش، وبناتُ طارِقٍ بناتُ المُلوك، وبنات الدَّوِّ حمير
الوَحْشِ، وهي بناتُ صَعْدَة أَيضاً، وبناتُ عُرْجُونٍ الشَّماريخُ، وبناتُ
عُرْهُونٍ الفُطُرُ، وبنتُ الأَرضِ وابنُ الأَرضِ ضَرْبٌ من البَقْلِ،
والبناتُ التَّماثيلُ التي تلعب بها الجَواري. وفي حديث عائشة، رضي الله
عنها: كنت أَلعب مع الجواري بالبَناتِ أَي التماثيل التي تَلْعَبُ بها
الصبايا. وذُكِرَ لرؤبة رجلٌ فقال: كان إحدَى بَناتِ مَساجد الله، كأَنه
جعله حَصاةً من حَصَى المسجد. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أَنه سأَل رجلاً
قَدِمَ من الثَّغْر فقال: هل شَرِبَ الجيشُ في البُنَيَّاتِ الصِّغار؟
قال: لا، إن القوم لَيُؤْتَوْنَ بالإناء فيَتَداولوه حتى يشربوه كلُّهم؛
البُنَيَّاتُ ههنا: الأَقْداح الصِّغار، وبناتُ الليلِ الهُمومُ؛ أَنشد
ثعلب:
تَظَلُّ بَناتُ الليلِ حَوْليَ عُكَّفاً
عُكُوفَ البَواكي، بينَهُنَّ قَتِيلُ
وقول أُمَيَّة بن أَبي عائذ الهُذَليّ:
فسَبَتْ بَناتِ القَلْبِ، فهي رَهائِنٌ
بِخِبائِها كالطَّيْر في الأَقْفاصِ
إنما عنى ببناته طوائفه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
يا سَعْدُ يا ابنَ عمَلي يا سَعْدُ
أَراد: من يَعْملُ عَمَلي أَو مِثْلَ عمَلي، قال: والعرب تقول الرِّفْقُ
بُنَيُّ الحِلْمِ أَي مثله.
والبَنْيُ: نَقيضُ الهَدْم، بَنى البَنَّاءُ البِناءَ بَنْياً وبِنَاءً
وبِنًى، مقصور، وبُنياناً وبِنْيَةً وبِنايةً وابتَناه وبَنَّاه؛ قال:
وأَصْغَر من قَعْبِ الوَليدِ، تَرَى به
بُيوتاً مُبَنَّاةً وأَودِيةً خُضْرا
يعني العين، وقول الأَعْوَرِ الشَّنِّيِّ في صفة بعير أَكراه:
لما رَأَيْتُ مَحْمِلَيْهِ أَنَّا
مُخَدَّرَيْنِ، كِدْتُ أَن أُجَنَّا
قَرَّبْتُ مِثْلَ العَلَمِ المُبَنَّى
شبه البعير بالعَلَمِ لعِظَمِه وضِخَمِه؛ وعَنى بالعَلَمِ القَصْرَ،
يعني أَنه شبهه بالقصر المَبْنيّ المُشيَّدِ كما قال الراجز:
كَرأْسِ الفَدَنِ المُؤْيَدِ
والبِناءُ: المَبْنيُّ، والجمع أَبْنِيةٌ، وأَبْنِياتٌ جمعُ الجمع،
واستعمل أَبو حنيفة البِنَاءَ في السُّفُنِ فقال يصف لوحاً يجعله أَصحاب
المراكب في بناء السُّفُن: وإنه أَصلُ البِناء فيما لا ينمي كالحجر والطين
ونحوه. والبَنَّاءُ: مُدَبِّرُ البُنْيان وصانعه، فأَما قولهم في المثل:
أَبناؤُها أَجْناؤُها، فزعم أَبو عبيد أَن أَبْناءً جمع بانٍ كشاهدٍ
وأَشهاد، وكذلك أَجْناؤُها جمع جانٍ. والبِنْيَةُ والبُنْيَةُ: ما بَنَيْتَهُ،
وهو البِنَى والبُنَى؛ وأَنشد الفارسي عن أَبي الحسن:
أُولئك قومٌ، إن بَنَوْا أَحْسَنُوا البُنى،
وإن عاهَدُوا أَوْفَوْا، وإن عَقَدُوا شَدُّوا
ويروى: أَحْسَنُوا البِنَى؛ قال أَبو إسحق: إنما أَراد بالبِنى جمع
بِنْيَةٍ، وإن أَراد البِناءَ الذي هو ممدود جاز قصره في الشعر، وقد تكون
البِنايةُ في الشَّرَف، والفعل كالفعل؛ قال يَزيدُ بن الحَكَم:
والناسُ مُبْتَنيانِ: مَحْـ
مودُ البِنايَةِ، أَو ذَمِيمُ
وقال لبيد:
فبَنى لنا بَيْتاً رفيعاً سَمْكُه،
فَسَما إليه كَهْلُها وغُلامُها
ابن الأَعرابي: البِنى الأَبْنِيةُ من المَدَر أَو الصوف، وكذلك البِنى
من الكَرَم؛ وأَنشد بيت الحطيئة:
أُولئك قوم إن بنوا أَحسنوا البِنى
وقال غيره: يقال بِنْيَةٌ، وهي مثل رِشْوَةٍ ورِشاً كأَنَّ البِنْيةَ
الهيئة التي بُنِيَ عليها مثل المِشْيَة والرِّكْبةِ. وبَنى فلانٌ بيتاً
بناءً وبَنَّى، مقصوراً، شدّد للكثرة. وابْتَنى داراً وبَنى بمعنىً.
والبُنْيانُ: الحائطُ. الجوهري: والبُنَى، بالضم مقصور، مثل البِنَى. يقال:
بُنْيَةٌ وبُنًى وبِنْيَةٌ وبِنًى، بكسر الباء مقصور، مثل جِزْيةٍ وجِزًى،
وفلان صحيح البِنْيةِ أَي الفِطْرة. وأَبنَيْتُ الرجلَ: أَعطيتُه بِناءً
أَو ما يَبْتَني به داره؛ وقولُ البَوْلانيِّ:
يَسْتَوقِدُ النَّبْلَ بالحَضِيضِ، ويَصْـ
ـطادُ نُفوساً بُنَتْ على الكرَمِ
أَي بُنِيَتْ، يعني إذا أَخطأَ يُورِي النارَ. التهذيب: أَبنَيْتُ
فلاناً بَيْتاً إذا أَعطيته بيتاً يَبْنِيه أَو جعلته يَبْني بيتاً؛ ومنه قول
الشاعر:
لو وصَلَ الغيثُ أَبنَيْنَ امْرَأً،
كانت له قُبَّةٌ سَحْقَ بِجادْ
قال ابن السكيت: قوله لو وصل الغيث أَي لو اتصل الغيث لأَبنَيْنَ امرأً
سَحْقَ بجادٍ بعد أَن كانت له قبة، يقول: يُغِرْنَ عليه فيُخَرِّبْنَه
فيتخذ بناء من سَحْقِ بِجادٍ بعد أَن كانت له قبة. وقال غيره يصف الخيل
فيقول: لو سَمَّنَها الغيثُ بما ينبت لها لأَغَرْتُ بها على ذوي القِبابِ
فأَخذت قِبابَهم حتى تكون البُجُدُ لهم أَبْنيةً بعدها. والبِناءُ: يكون من
الخِباء، والجمع أَبْنيةٌ.
والبِناءُ: لزوم آخر الكلمة ضرباً واحداً من السكون أَو الحركة لا لشيء
أَحدث ذلك من العوامل، وكأَنهم إنما سموه بناء لأَنه لما لزم ضرباً
واحداً فلم يتغير تغير الإعراب، سمي بناء من حيث كان البناء لازماً موضعاً لا
يزول من مكان إلى غيره، وليس كذلك سائر الآلات المنقولة المبتذلة
كالخَيْمة والمِظَلَّة والفُسْطاطِ والسُّرادِقِ ونحو ذلك، وعلى أَنه مذ أَوقِع
على هذا الضرب من المستعملات المُزالة من مكان إلى مكان لفظُ البناء
تشبيهاً بذلك من حيث كان مسكوناً وحاجزاً ومظلاًّ بالبناء من الآجر والطين
والجص.
والعرب تقول في المَثَل: إنَّ المِعْزى تُبْهي ولا تُبْنى أَي لا
تُعْطِي من الثَّلَّة ما يُبْنى منها بَيْتٌ، المعنى أَنها لا ثَلَّة لها حتى
تُتَّخذ منها الأَبنيةُ أَي لا تجعل منها الأَبنية لأَن أَبينة العرب
طِرافٌ وأَخْبيَةٌ، فالطِّرافُ من أَدَم، والخِباءُ من صوف أَو أَدَمٍ ولا
يكون من شَعَر، وقيل: المعنى أَنها تَخْرِق البيوت بوَثْبِها عليها ولا
تُعينُ على الأَبنيةِ، ومِعزَى الأَعراب جُرْدٌ لا يطُول شعرها فيُغْزَلَ،
وأَما مِعْزَى بلاد الصَّرْدِ وأَهل الريف فإنها تكون وافية الشُّعور
والأَكْرادُ يُسَوُّون بيوتَهم من شعرها. وفي حديث الاعتكاف: فأَمَر ببنائه
فقُوِّضَ؛ البناءُ واحد الأَبنية، وهي البيوت التي تسكنها العرب في
الصحراء، فمنها الطِّراف والخِباء والبناءُ والقُبَّة المِضْرَبُ. وفي حديث
سليمان، عليه السلام: من هَدَمَ بِناءَ ربِّه تبارك وتعالى فهو ملعون، يعني
من قتل نفساً بغير حق لأَن الجسم بُنْيانٌ خلقه الله وركَّبه.
والبَنِيَّةُ، على فَعِيلة: الكعْبة لشرفها إذ هي أَشرف مبْنِيٍّ. يقال:
لا وربِّ هذه البَنِيَّة ما كان كذا وكذا. وفي حديث البراء بن مَعْرورٍ:
رأَيتُ أَن لا أَجْعَلَ هذه البَنِيَّة مني بظَهْرٍ؛ يريد الكعبة، وكانت
تُدْعَى بَنيَّةَ إبراهيم، عليه السلام، لأَنه بناها، وقد كثر قَسَمُهم
برب هذه البَنِيَّة. وبَنَى الرجلَ: اصْطَنَعَه؛ قال بعض المُوَلَّدين:
يَبْني الرجالَ، وغيرهُ يَبْني القُرَى،
شَتَّانَ بين قُرًى وبينَ رِجالِ
وكذلك ابْتناه. وبَنَى الطعامُ لَحْمَه يَبنِيه بِناءً: أَنْبَتَه
وعَظُمَ من الأَكل؛ وأَنشد:
بَنَى السَّوِيقُ لَحْمَها واللَّتُّ،
كما بَنَى بُخْتَ العِراقِ القَتُّ
قال ابن سيده: وأَنشد ثعلب:
مُظاهِرة شَحْماً عَتِيقاً وعُوطَطاً،
فقد بَنَيا لحماً لها مُتبانِيا
ورواه سيبويه: أَنْبَتا. وروى شَمِر: أَن مُخَنثاً قال لعبد الله بن
أَبي أَميَّةَ: إن فتح الله عليكم الطائفَ فلا تُفْلِتَنَّ منك باديةُ بنتُ
غَيْلانَ، فإنها إذا جلستْ تَبَنَّتْ، وإذا تكلمت تَغَنَّتْ، وإذا اضطجعت
تَمنَّتْ، وبَيْنَ رجلَيها مثلُ الإناء المُكْفَإ، يعني ضِخَم رَكَبِها
ونُهُودَه كأَنه إناء مكبوب، فإذا قعدت فرّجت رجليها لضِخَم رَكَبها؛ قال
أَبو منصور: ويحتمل أَن يكون قول المخنث إذا قعدت تَبَنَّتْ أَي صارت
كالمَبْناةِ من سمنها وعظمها، من قولهم: بَنَى لَحْمَ فلان طعامُه إذا
سمَّنه وعَظَّمه؛ قال ابن الأَثير: كأَنه شبهها بالقُبَّة من الأدَم، وهي
المَبْناة، لسمنها وكثرة لحمها، وقيل: شبهها بأَنها إذا ضُرِبَتْ وطُنِّبَت
انْفَرَجَتْ، وكذلك هذه إذا قعدت تربعت وفرشت رجليها. وتَبَنَّى
السَّنامُ: سَمِنَ؛ قال يزيد بن الأَعْوَر الشَّنِّيُّ:
مُسْتَجمِلاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى
وقول الأَخفش في كتاب القوافي: أَما غُلامي إذا أَردتَ الإضافة مع غلامٍ
في غير الإضافة فليس بإيطاء، لأَن هذه الياء أَلزمت الميم الكسرة وصيرته
إلى أَن يُبْنَى عليه، وقولُك لرجل ليس هذا الكسر الذي فيه ببناء؛ قال
ابن جني؛ المعتبر الآن في باب غلامي مع غلام هو ثلاثة أَشياء: وهو أَن
غلام نكرة وغلامي معرفة، وأَيضاً فإن في لفظ غلامي ياء ثابتة وليس غلام بلا
ياء كذلك، والثالث أَن كسرة غلامي بناء عنده كما ذكر وكسرة ميم مررت
بغلام إعراب لا بناء، وإذا جاز رجل مع رجل وأَحدهما معرفة والآخر نكرة ليس
بينهما أَكثر من هذا، فما اجتمع فيه ثلاثة أَشياء من الخلاف أَجْدَرُ
بالجواز، قال: وعلى أَن أَبا الحسن الأَخفش قد يمكن أَن يكون أَراد بقوله إن
حركة ميم غلامي بناء أَنه قد اقْتُصِر بالميم على الكسرة، ومنعت اختلافَ
الحركات التي تكون مع غير الياء نحو غلامه وغلامك، ولا يريد البناء الذي
يُعاقب الإعرابَ نحو حيث وأَين وأمس.
والمِبْناة والمَبْناةُ: كهيئة السِّتْرِ والنِّطْعِ. والمَبْناة
والمِبْناة أَيضاً: العَيْبةُ. وقال شريح بن هانئ: سأَلت عائشة، رضي الله
عنها، عن صلاة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالت: لم يكن من
الصلاةِ شيءٌ أَحْرَى أَن يؤخرها من صلاة العشاء، قالت: وما رأَيته مُتَّقِياً
الأَرض بشيء قَطُّ إلا أَني أَذكرُ يومَ مطَرٍ فإنَّا بَسَطْنا له بناءً؛
قال شمر: قوله بناءً أَي نِطَعاً، وهو مُتَّصل بالحديث؛ قال ابن
الأَثير: هكذا جاء تفسيره في الحديث، ويقال له المَبْناةُ والمِبْناة أَيضاً.
وقال أَبو عَدْنان: يقال للبيتِ هذا بِناءُ آخرته؛ عن الهوازني، قال:
المَبْناةُ من أَدَم كهيئة القبة تجعلها المرأَة في كِسْر بيتها فتسكن فيها،
وعسى أَن يكون لها غنم فتقتصر بها دون الغنم لنفسها وثيابها، ولها إزار في
وسط البيت من داخل يُكِنُّها من الحرِّ ومن واكِفِ المطر فلا تُبَلَّلُ
هي وثيابُها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للنابغة:
على ظَهْرِ مَبْناةٍ جديدٍ سُيُورُها،
يَطُوفُ بها وَسْطَ اللَّطيمة بائعُ
قال: المَبْناة قبة من أَدَم. وقال الأَصمعي: المَبْناة حصير أَو نطع
يبسطه التاجر على بيعه، وكانوا يجعلون الحُصُرَ على الأَنْطاع يطوفون بها،
وإنما سميت مَبناة لأَنها تتخذ من أَدم يُوصَلُ بعضُها ببعض؛ وقال جرير:
رَجَعَتْ وُفُودُهُمُ بتَيْمٍ بعدَما
خَرَزُوا المَبانيَ في بَني زَدْهامِ
وأَبْنَيْتُه بَيْتاً أَي أَعطيته ما يَبْني بَيْتاً.
والبانِيَةُ من القُسِيّ: التي لَصِقَ وتَرُها بكَبدها حتى كاد ينقطع
وترها في بطنها من لصوقه بها، وهو عيب، وهي الباناةُ، طائِيَّةٌ. غيره:
وقوسٌ بانِيَةٌ بَنَتْ على وترها إذا لَصِقَتْ به حتى يكاد ينقطع. وقوسٌ
باناةٌ: فَجَّاءُ، وهي التي يَنْتَحِي عنها الوتر. ورجل باناةٌ: مُنحنٍ على
وتره عند الرَّمْي؛ قال امرؤ القيس:
عارِضٍ زَوْراءَ من نَشَمٍ،
غَيْرَ باناةٍ على وَتَرِهْ
وأَما البائِنَةُ فهي التي بانَتْ عن وتَرها، وكلاهما عيب.
والبَواني: أَضْلاعُ الزَّوْرِ. والبَواني: قوائمُ الناقة. وأَلْقَى
بوانِيَه: أَقام بالمكان واطمأَنّ وثبت كأَلْقى عصاه وأَلْقى أَرْواقَه،
والأَرواق جمع رَوْقِ البيت، وهو رِواقُه. والبَواني: عِظامُ الصَّدْر؛ قال
العجاج بن رؤبة:
فإنْ يكنْ أَمْسَى شَبابي قد حَسَرْ،
وفَتَرَتْ مِنِّي البَواني وفَتَر
وفي حديث خالد: فلما أَلقى الشامُ بَوانِيَهُ عَزَلَني واستَعْمَلَ
غيري، أَي خَيرَه وما فيه من السَّعةِ والنَّعْمةِ. قال ابن الأَثير:
والبَواني في الأَصل أَضلاعُ الصَّدْر، وقيل: الأَكتافُ والقوائمُ، الواحدة
بانِيةٌ. وفي حديث عليّ، عليه السلام: أَلْقَت السماءُ بَرْكَ بَوانيها؛ يريد
ما فيها من المطر، وقيل في قوله أَلقى الشامُ بَوانِيَه، قال: فإن ابن
حبلة
(* قوله «ابن حبلة» هو هكذا في الأصل). رواه هكذا عن أَبي عبيد،
بالنون قبل الياء، ولو قيل بَوائنه، الياء قبل النون، كان جائزاً.
والبَوائِنُ جمع البُوانِ، وهو اسم كل عمود في البيت ما خَلا وَسَط
البيت الذي له ثلاث طَرائق. وبَنَيتُ عن حالِ الرّكِيَّة: نَحَّيْتُ الرِّشاء
عنه لئلا يقع الترابُ على الحافر.
والباني: العَرُوس الذي يَبْني على أَهله؛ قال الشاعر:
يَلُوحُ كأَنه مِصْباحُ باني
وبَنَى فلانٌ على أَهله بِناءً، ولا يقال بأَهله، هذا قول أَهل اللغة،
وحكى ابن جني: بَنى فلان بأَهله وابْتَنَى بها، عَدَّاهما جميعاً بالباء.
وقد زَفَّها وازْدَفَّها، قال: والعامة تقول بَنَى بأَهله، وهو خطأٌ،
وليس من كلام العرب، وكأَنَّ الأَصلَ فيه أَن الداخل بأَهله كان يضرب عليها
قبة ليلة دخوله ليدخل بها فيها فيقال: بَنَى الرجلُ على أَهله، فقيل لكل
داخل بأَهله بانٍ، وقد ورد بَنَى بأَهله في شعر جِرَانِ العَوْدِ قال:
بَنَيْتُ بها قَبْلَ المِحَاقِ بليلةٍ،
فكانَ مِحَاقاً كُلُّه ذلك الشَّهْرُ
قال ابن الأَثير: وقد جاءَ بَنى بأَهله في غير موضع من الحديث وغير
الحديث. وقال الجوهري: لا يقال بني بأَهله؛ وعادَ فاستعمله في كتابه. وفي
حديث أَنس: كان أَوَّلُ ما أُنْزِلَ من الحجاب في مُبْتَنى رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، بزينب؛ الابْتِناءُ والبِناء: الدخولُ بالزَّوْجةِ،
والمُبْتَنَى ههنا يُراد به الابْتِناءُ فأَقامه مُقَام المصدر. وفي حديث
عليّ، عليه السلام، قال: يا نبيّ الله مَتَى تُبْنِيني أَي تُدْخِلُني على
زوجتي؛ قال ابن الأَثير: حقيقته متى تجعلني أَبْتَني بزوجتي. قال الشيخ
أَبو محمد بن بري: وجاريةٌ بَناةُ اللَّحْمِ أَي مَبْنِيَّةُ اللحم؛ قال
الشاعر:
سَبَتْه مُعْصِرٌ، من حَضْرَمَوْتٍ،
بَنَاةُ اللحمِ جَمَّاءُ العِظامِ
ورأَيت حاشية هنا قال: بَناةُ اللحم في هذا البيت بمعنى طَيِّبةُ الريح
أَي طيبة رائحة اللحم؛ قال: وهذا من أَوهام الشيخ ابن بري، رحمه الله.
وقوله في الحديث: من بَنَى في دِيارِ العَجَمِ يَعْمَلُ نَيْرُوزَهُمْ
ومَهْرَجانَهم حُشِرَ معهم؛ قال أَبو موسى: هكذا رواه بعضهم، والصواب تَنَأ
أَي أَقام، وسيأْتي ذكره.
سفر: سَفَرَ البيتَ وغيره يَسْفِرُه سَفْراً: كنسه. والمِسْفَرَةُ:
المِكْنَسَةُ، وأَصله الكشف. والسُّفَارَةُ، بالضم: الكُنَاسَةُ. وقد
سَفَرَه: كَشَطَه.
وسَفَرَت الريحُ الغَيْمَ عن وجه السماء سَفراً فانْسَفَرَ: فَرَّقَتْه
فتفرق وكشطته عن وجه السماء؛ وأَنشد:
سَفَرَ الشَّمَالُ الزِّبْرِجَ المُزَبْرَجا
الجوهري: والرياح يُسافِرُ بعضها بعضاً لأَن الصَّبَا تَسْفِرُ ما
أَسْدَتْهُ الدَّبُورُ والجَنُوبُ تُلْحِمُه. والسَّفير: ما سقط من ورق الشجر
وتَحَاتَّ. وسَفَرَتِ الريحُ الترابَ والوَرَقَ تَسْفِرُه سَفْراً:
كنسته، وقيل: ذهبت به كُلَّ مَذْهَبٍ. والسَّفِيرُ: ما تَسْفِرُه الريح من
الورق، ويقال لما سقط من ورق العُشْبِ: سَفِيرٌ، لأَن الريح تَسْفِرُه أَي
تكنُسه؛ قال ذو الرمة:
وحائل من سَفِيرِ الحَوْلِ جائله،
حَوْلَ الجَرَائم، في أَلْوَانِه شُهَبُ
يعني الورق تغير لونه فحال وابيض بعدما كان أَخضر، ويقال: انْسَفَرَ
مُقَدَّمُ رأْسه من الشعر إِذا صار أَجْلَحَ. والانْسِفارُ: الانْحسارُ.
يقال: انْسَفَرَ مُقَدَّمُ رأْسه من الشعَر. وفي حديث النخعي: أَنه سَفَرَ
شعره أَي استأْصله وكشفه عن رأْسه. وانْسَفَرَت الإِبل إِذا ذهبت في
الأَرض. والسَّفَرُ: خلاف الحَضَرِ، وهو مشتق من ذلك لما فيه من الذهاب
والمجيء كما تذهب الريح بالسفير من الورق وتجيء، والجمع أَسفار. ورجل سافرٌ: ذو
سَفَرٍ، وليس على الفِعْل لأَنه لم يُرَ له فِعْلٌ؛ وقومٌ سافِرَةٌ
وسَفْرٌ وأَسْفَارٌ وسُفَّارٌ، وقد يكون السَّفْرُ للواحد؛ قال:
عُوجي عَلَيَّ فإِنَّني سَفْرُ
والمُسافِرُ: كالسَّافِر. وفي حديث حذيفة وذكر قوم لوط فقال:
وتُتُبّعَتْ أَسْفَارُهم بالحجارة؛ يعني المُسافِرَ منهم، يقول: رُمُوا بالحجارة
حيث كانوا فَأُلْحِقُوا بأَهل المدينة. يقال: رجل سَفْرٌ وقوم سَفْرٌ، ثم
أَسافر جمع الجمع. وقال الأَصمعي: كثرت السَّافِرَةُ بموضع كذا أَي
المسافرون قال: والسَّفْر جمع سافر، كما يقال: شارب وشَرْبٌ، ويقال: رجل سافِرٌ
وسَفْرٌ أَيضاً. الجوهري: السَّفَرُ قطع المسافة، والجمع الأَسفار.
والمِسْفَرُ: الكثير الأَسفار القويُّ عليها؛ قال:
لَنْ يَعْدَمَ المَطِيُّ مِنِّي مِسْفَرا،
شَيْخاً بَجَالاً، وغلاماً حَزْوَرا
والأُنثى مِسْفَرَةٌ. قال الأَزهري: وسمي المُسافر مُسافراً لكشفه قِناع
الكِنِّ عن وجهه، ومنازلَ الحَضَر عن مكانه، ومنزلَ الخَفْضِ عن نفسه،
وبُرُوزِهِ إِلى الأَرض الفَضاء، وسمي السَّفَرُ سَفَراً لأَنه يُسْفِرُ
عن وجوه المسافرين وأَخلاقهم فيظهر ما كان خافياً منها. ويقال: سَفَرْتُ
أَسْفُرُ
(* قوله: «سفرت أسفر» من باب طلب كما في شرح القاموس ومن باب ضرب
كما في المصباح والقاموس). سُفُوراً خرجت إِلى السَّفَر فأَنا سافر وقوم
سَفْرٌ، مثل صاحب وصحب، وسُفَّار مثل راكب وركَّاب، وسافرت إِلى بلد كذا
مُسافَرَة وسِفاراً؛ قال حسان:
لَوْلا السِّفارُ وبُعْدُ خَرْقٍ مَهْمَةً،
لَتَرَكْتُها تَحْبُو على العُرْقُوبِ
وفي حديث المسح على الخفين: أَمرنا إِذا كنا سَفْراً أو مسافرين؛ الشك
من الراوي في السَّفْر والمسافرين. والسَّفْر: جمع سافر، والمسافرون: جمع
مسافر، والسَّفْر والمسافرون بمعنى. وفي الحديث: أَنه قال لأَهل مكة عام
الفتح: يا أَهل البلد صلوا أَربعاً فأَنا سَفْرٌ؛ ويجمع السَّفْر على
أَسْفارٍ. وبعير مِسْفَرٌ: قويّ على السفَر؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للنمر بن
تولب:
أَجَزْتُ إِلَيْكَ سُهُوبَ الفلاةِ،
وَرَحْلي على جَمَلٍ مِسْفَرِ
وناقةٌ مِسْفَرة ومِسْفار كذلك؛ قال الأَخطل:
ومَهْمَهٍ طَامِسٍ تُخْشَى غَوائلُه،
قَطَعْتُه بِكَلُوءِ العَيْنِ مِسْفارِ
وسمى زهير البقرةَ مُسافِرةً فقال:
كَخَنْسَاءُ سَفْعاءِ المِلاطَيْنِ حُرَّةٍ،
مُسافِرَةٍ مَزْؤُودَةٍ أُمِّ فَرْقَدِ
ويقال للثور الوحشي: مسافر وأَماني وناشط؛ وقال:
كأَنها، بَعْدَما خَفَّتْ ثَمِيلَتُها،
مُسافِرٌ أَشْعَثُ الرَّوْقَيْنِ مَكْحُولُ
والسَّفْرُ: الأَثر يبقى على جلد الإِنسان وغيره، وجمعه سُفُورٌ؛ وقال
أَبو وَجْزَة:
لقد ماحتْ عليكَ مُؤَبَّدَاتٌ،
يَلُوح لهنَّ أَنْدَابٌ سُفُورُ
وفرس سافِرُ اللحم أَي قليله؛ قال ابن مقبل:
لا سافِرُ اللَّحْمِ مَدْخُولٌ، ولا هَبِجٌ
كَاسِي العظامِ، لطيفُ الكَشْحِ مَهْضُومُ
التهذيب: ويقال سافرَ الرجلُ إِذا مات؛ وأَنشد:
زعمَ ابنُ جدعانَ بنِ عَمْـ
ـرٍو أَنَّه يوماً مُسافِرْ
والمُسَفَّرَة: كُبَّةُ الغَزْلِ. والسُّفرة، بالضم: طعام يتخذ للمسافر،
وبه سميت سُفرة الجلد. وفي حديث زيد بن حارثة قال: ذبحنا شاة فجعلناها
سُفْرَتَنا أَو في سُفْرتنا؛ السُّفْرَة: طعام يتخذه المسافر وأَكثر ما
يحمل في جلد مستدير فنقل اسم الطعام إِليه، وسمي به كما سميت المزادة راوية
وغير ذلك من الأَسماء المنقولة، فالسُّفْرَة في طعام السَّفَر
كاللُّهْنَةِ للطعام الذي يؤكل بُكرة. وفي حديث عائشة: صنعنا لرسول الله، صلى الله
عليه وسلم، ولأَبي بكر سُفْرَةً في جراب أَي طعاماً لما هاجر هو وأَبو
بكر، رضي الله عنه. غيره: السُّفرة التي يؤكل عليها سُميت سُفْرَةً لأَنها
تنبسط إِذا أَكل عليها.
والسَّفَار: سفار البعير، وهي حديدة توضع على أَنف البعير فيخطم بها
مكانَ الحَكَمَة من أَنف الفرس. وقال اللحياني: السِّفار والسِّفارة التي
تكون على أَنف البعير بمنزلة الحَكَمَة، والجمع أَسْفِرَة وسُفْرٌ وسَفائر؛
وقد سَفَرَه، بغير أَلفٍ، يَسْفِره سَفْراً وأَسْفَره عنه إِسْفَاراً
وسَفَّره؛ التشديد عن كراع، الليث: السِّفار حبل يشد طرفه على خِطام البعير
فَيُدَارُ عليه ويجعل بقيته زِماماً، قال: وربما كان السِّفار من حديد؛
قال الأَخطل:
ومُوَقَّع، أَثَرُ السِّفار بِخَطْمِهِ،
منْ سُودِ عَقَّةَ أَوْ بَنِي الجَوَّالِ
قال ابن بري: صوابه وموقعٍ مخفوض على إِضمار رب؛ وبعده:
بَكَرَتْ عَليَّ به التِّجَارُ، وفَوْقَه
أَحْمَالُ طَيِّبَة الرِّياح حَلالُ
أَي رب جمل موقع أَي بظهره الدبَرُ. والدَّبَرُ: من طول ملازمة القنَب
ظهرَه أُسْنِيَ عليه أَحمال الطيب وغيرها. وبنو عقة: من النمر بن قاسط.
وبنو الجوَّال: من بني تغلب. وفي الحديث: فوضع يده على رأْس البعير ثم قال:
هاتِ السِّفارَ فأَخذه فوضعه في رأْسه؛ قال: السِّفار الزمام والحديدة
التي يخطم بها البعير ليذل وينقاد؛ ومنه الحديث: ابْغِني ثلاث رواحل
مُسْفَرَات أَي عليهن السِّفار، وإِن روي بكسر الفاء فمعناه القوية على
السَّفر. يقال منه: أَسْفَر البعيرُ واسْتَسْفَرَ. ومنه حديث الباقر:
تَصَدَّقْ بِحَلال يدك وسَفْرِها؛ هو جمع السِّفار. وحديث ابن مسعود: قال له ابن
السَّعْدِيِّ: خرجتُ في السحر أَسْفِرُ فرساً لي فمررت بمسجد بني حنيفة؛
أَراد أَنه خرج يُدَمِّنُه على السَّيْرِ ويروضه ليقوى على السَّفَر،
وقيل: هو من سفرت البعير إِذا رعيته السَّفِيرَ، وهو أَسافل الزرع، ويروى
بالقاف والدال. وأَسْفَرَتِ الإِبلُ في الأَرض: ذهبت. وفي حديث معاذ: قال
قرأْت على النبي، صلى الله عليه وسلم، سَفْراً سَفْراً، فقال: هكذا
فَاقْرَأْ. جاء في الحديث: تفسيره هَذّاً هَذّاً. قال الحربي: إِن صح فهو من
السُّرعة والذهاب من أَسفرت الإِبل إِذا ذهبت في الأَرض، قال: وإِلاَّ فلا
أَعلم وجهه.
والسَّفَرُ: بياض النهار؛ قال ذو الرمة:
ومَرْبُوعَةٍ رِبْعِيَّةٍ قد لَبَأْتُها،
بِكَفَّيِّ مِنْ دَوِّيَّةٍ، سَفَراً سَفْرا
يصف كَمْأَةً مَرْبُوعَةً أَصابها الربيع. ربعية: منسوبة إِلى الربيع.
لبأْتها: أَطعمتهم إِياها طرية الاجتناء كاللِّبَا من اللبن، وهو أَبكره
وأَوّله. وسَفَراً: صباحاً. وسَفْراً: يعني مسافرين.
وسَفَرَِ الصبحُ وأَسْفَرَ: أَضاء. وأَسْفَرَ القومُ أَصبحوا. وأَسفر.
أَضاء قبل الطلوع. وسَفَرَ وجهُه حُسْناً وأَسْفَرَ: أَشْرَقَ. وفي
التنزيل العزيز: وُجُوهٌ يومئذ مُسْفِرَةٌ؛ قال الفراء: أَي مشرقة مضيئة. وقد
أَسْفَرَ الوَجْهُ وأَسْفَرَ الصبح. قال: وإِذا أَلقت المرأَةُ نِقَابها
قيل: سَفَرَتْ فهي سافِرٌ، بغير هاء.
ومَسَافِرُ الوجه: ما يظهر منه؛ قال امرؤ القيس:
وأَوْجُهُهُمْ بِيضُ المَسَافِرِ غُرَّانُ
ولقيته سَفَراً وفي سَفَرٍ أَي عند اسفرار الشمس للغروب؛ قال ابن سيده:
كذلك حكي بالسين. ابن الأَعرابي: السَّفَرُ الفجر؛ قال الأَخطل:
إِنِّي أَبِيتُ، وَهَمُّ المَرءِ يَبْعَثُه،
مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ حتى يُفْرِجَ السَّفَرُ
يريد الصبح؛ يقول: أَبيت أَسري إِلى انفجار الصبح. وسئل أَحمد بن حنبل
عن الإِسْفارِ بالفجر فقال: هو أَن يُصْبِحَ الفَجْرُ لا يُشَكُّ فيه،
ونحو ذلك قال إِسحق وهو قول الشافعي وذويه. وروي عن عمر أَنه قال: صلاة
المغرب والفجَاجُ مُسْفِرَةٌ. قالأَبو منصور: معناه أَي بَيِّنَةٌ مُبْصَرَةٌ
لا تخفى. وفي الحديث: صلاة المغرب يقال لها صلاة البَصَر لأَنها تؤدّى
قبل ظلمة الليل الحائلة بين الأَبصار والشخوص. والسَّفَرُ سَفَرانِ:
سَفَرُ الصبح وسَفَرُ المَسَاء، ويقال لبقية بياض النهار بعد مغيب الشمس:
سَفَرٌ لوضوحه؛ ومنه قول الساجع إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرى سَفَرا، ولم تَرَ
فيها مَطَرا؛ أَراد طلوعها عِشاء. وَسَفَرَتِ المرأَة وجهها إِذا كشف
النِّقابَ عن وجهها تَسْفِرُ سُفُوراً؛ ومنه سَفَرْتُ بين القوم أَسْفِرُ
سَِفَارَةً أَي كشفت ما في قلب هذا وقلب هذا لأُصلح بينهم. وسَفَرَتِ
المرأَةُ نِقابَها تَسْفِرُهُ سُفُوراً، فهي سافِرَةٌ: جَلَتْه.
والسَّفِيرُ: الرَّسول والمصلح بين القوم، والجمع سُفَراءُ؛ وقد سَفَرَ
بينهم يَسْفِرُ سَفْراً وسِفارة وسَفارة: أَصلح. وفي حديث عليّ أَنه قال
لعثمان: إِن الناس قد اسْتَسْفَرُوني بينك وبينهم أَي جعلوني سفيراً،
وهو الرسول المصلح بين القوم. يقال: سَفَرْتُ بين القوم إِذا سَعَيْتَ
بينهم في الإصلاح. والسِّفْرُ، بالكسر: الكتاب، وقيل: هو الكتاب الكبير،
وقيل: هو جزء من التوراة، والجمع أَسْفارٌ.والسَّفَرَةُ: الكَتَبَةُ، واحدهم
سافِرٌ، وهو بالنَّبَطِيَّةِ سافرا. قال الله تعالى:بِأَيْدِي سَفرَةٍ؛
وسَفَرْتُ الكتابَ أَسْفِرُهُ سَفْراً. وقوله عز وجل: كَمَثَلِ الحِمارِ
يَحْمِلُ أَسْفاراً؛ قال الزجاج فب الأَسفار: الكتب الكبار واحدها سِفْرٌ،
أَعْلَمَ اللهُ تعالى أَن اليهود مَثَلُهم في تركهم استعمالَ التوراة
وما فيها كَمَثَلِ الحمارُ يُحْمَل عليه الكتب، وهو لا يعرف ما فيها ولا
يعيها.والسَّفَرَةُ: كَتَبَة الملائكة الذين يحصون الأَعمال؛ قال ابن عرفة:
سميت الملائكة سَفَزَةً لأَنهم يَسْفِرُونَ بين الله وبين أَنبيائه؛ قال
أَبو بكر: سموا سَفَرَةً لأَنهم ينزلون بوحي الله وبإِذنه وما يقع به
الصلاح بين الناس، فشبهوا بالسُّفَرَاءِ الذين يصلحون بين الرجلين فيصلح
شأْنهما. وفي الحديث: مَثَلُ الماهِرِ بالقرآن مَثَلُ السَّفَرَةِ؛ هم
الملائكة جمع سافر، والسافِرُ في الأَصل الكاتب، سمي به لأَنه يبين الشيء
ويوضحه. قال الزجاج: قيل للكاتب سافر، وللكتاب سِفْرٌ لأَن معناه أَنه
يبين الشيء ويوضحه. ويقال: أَسْفَرَ الصبح إِذا انكشف وأَضاء إِضاءة لا يشك
فيه؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: أَسْفِرُوا بالفجر فإِنه أَعظم
للأَجْرِ؛ يقول: صلوا صلاة الفجر بعدما يتبين الفجر ويظهر ظهوراً لا
ارتياب فيه، وكل من نظر إِليه عرف أَنه الفجر الصادق. وفي الحديث:
أَسْفِرُوا بالفجر؛ أَي صلوا صلاة الفجر مُسْفِرين؛ ويقال: طَوِّلُوها إِلى
الإِسْفارِ؛ قال ابن الأَثير: قالوا يحتمل أَنهم حين أَمرهم بتغليس صلاة الفجر
في أَول وقتها كانوا يصلونها عند الفجر الأَوَّل حرصاً ورغبة، فقال:
أَسْفِرُوا بها أَي أَخروها إِلى أَن يطلع الفجر الثاني وتتحققوه، ويقوّي ذلك
أَنه قال لبلال: نَوِّرْ بالفجْرِ قَدْرَ ما يبصر القوم مواقع
نَبْلِهِم، وقيل: الأَمر بالإِسْفارِ خاص في الليالي المُقْمِرَة لأَن أَوَّل
الصبح لا يتبين فيها فأُمروا بالإِسفار احتياطاً؛ ومنه حديث عمر: صلوا المغرب
والفِجاجُ مُسْفِرَةٌ أَي بينة مضيئة لا تخفى. وفي حديث عَلْقَمَةَ
الثَّقَفِيِّ: كان يأْتينا بلال يُفْطِرُنا ونحن مُسْفِرُون جِدّاً؛ ومنه
قولهم: سفرت المرأَة. وفي التنزيل العزيز: بأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ
بَرَرَةٍ؛ قال المفسرون. السَّفَرَةُ يعني الملائكة الذين يكتبون أَعمال بني
آدم، واحدهم سافِرٌ مثل كاتِبٍ وكَتَبَةٍ؛ قال أَبو إِسحق: واعتباره بقوله:
كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون؛ وقول أَبي صخر الهذلي:
لِلَيْلَى بذاتِ البَيْنِ دارٌ عَرَفْتُها،
وأُخْرَى بذاتِ الجَيْشِ، آياتُها سَفْرُ
قال السكري: دُرِسَتْ فصارت رسومها أَغفالاً. قال ابن جني: ينبغي أَن
يكون السَّفْرُ من قولهم سَفَرْتُ البيت أَي كنسته فكأَنه من كنست الكتابة
من الطِّرْس. وفي الحديث: أَن عمر، رضي الله عنه، دخل على النبي، صلى
الله عليه وسلم، فقال: لو أَمرت بهذا البيت فَسُفِرَ؛ قال الأَصمعي: أَي
كُنِسَ. والسَّافِرَة: أُمَّةٌ من الروم. وفي حديث سعيد بن المسيب: لولا
أَصواتُ السَّافِرَةِ لسمعتم وَجْبَةَ الشمس؛ قال: والسافرة أُمة من الروم
(* قوله: «أمة من الروم» قال في النهاية كأَنهم سموا بذلك لبعدهم وتوغلهم
في المغرب. والوجبة الغروب يعني صوته فحذف الــمضاف). كذا جاء متصلاً
بالحديث، ووجبة الشمس وقوعها إِذا غربت.
وسَفَارِ: اسم ماء مؤنثة معرفة مبنية على الكسر. الجوهري: وسَفَارِ مثل
قَطامِ اسم بئر؛ قال الفرزدق:
متى ما تَرِدْ يوماً سَفَارِ، نَجِدْ بهَا
أُدَيْهِمَ يَرْمِي المُسْتَحِيزَ المُعَوَّرَا
وسُفَيْرَةُ: هَضْبَةٌ معروفة؛ قال زهير:
بكتنا أَرضنا لما ظعنَّا
. . . سفيرة والغيام
(* كذا بياض بالأَصل، ولم نجد هذا البيت في ديوان زهير).
ندأ: نَدَأَ اللحمَ يَنْدَؤُه نَدْءاً: أَلقاهُ في النار، أَو دَفَنَه فيها.
وفي التهذيب: نَدَأْتُه إِذا مَلَلْتَه في الـمَلَّةِ والجَمْر. قال:
والـنَّديءُ الاسم، وهو مثل الطَّبِيخِ، ولَحْمٌ نَدِيءٌ. ونَدَأً الـمَلَّة
يَنْدَؤُها: عَمِلَها.
ونَدَأَ القُرْصَ في النار نَدْءاً: دَفَنَه في الـمَلَّة ليَنْضَجَ.
وكذلك نَدَأَ اللحمَ في الـمَلَّة: دَفَنه حتى يَنْضَج. ونَدَأَ الشيءَ:
كَرِهَه.
والنَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ: الكَثْرةُ من المال، مثل النَّدْهةِ والنُّدْهةِ. والنُّدْأَةُ والنَّدْأَةُ: دارةُ القمر والشمس،
وقيل: هما قَوْسُ قُزَحَ. والنَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ والنَّدِيءُ، الأَخيرة عن كُراع: الحُمْرةُ تكون في الغَيْم إِلى غُروب الشمسِ أو طُلُوعها. وقال مرة: النَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ والنَّدِيءُ: الحمرة التي تكون إِلى جَنْبِ الشمس عند طُلوعها وغُروبها. وفي التهذيب: إِلى جانِب مَغْرِب الشمسِ، أَو مَطْلَعِها.
والنُّدْأَةُ: طَريقةٌ في اللَّحم مُخالِفَةٌ لِلَوْنِه. وفي التهذيب: النُّدْأَةُ، في لحم الجَزُور، طَرِيقةٌ مُخالِفةٌ للون اللحم.
والنُّدْأَتان: طَرِيقَتا لحم في بواطن الفخذين، عليهما بياض رقيق من عَقَبٍ، كأَنه نَسْجُ العنْكبوت، تَفْصِل بينهما مَضِيغة واحدة، فتصير كأَنها مَضِيغتان.والنُّدَأُ: القِطَعُ الـمُتَفَرِّقة من النبت، كالنُّفَإِ، واحدتها نُدْأَةٌ وَنُدَأَةٌ. ابن الأَعرابي: النُّدْأَةٌ: الدُّرْجَة التي يُحْشَى
بها خَوْرانُ الناقةِ ثم تُخَلَّلُ، إِذا عُطِفَتْ على وَلَدِ غَيرها، أَو على بَوٍّ أُعِدَّ لها. وكذلك قال أَبو عبيدة، ويقال نَدَأْتُه أَنْدَؤُهُ نَدْءاً، إِذا ذَعَرْتَه.
كرص: كَرَص الشيءَ: دقَّه.
والكَرِيصُ: الجَوْزُ بالسَّمْن يُكْرَص أَي يُدَقُّ؛ قال الطرماح يصف
وعلاً:
وشاخَسَ فاه الدَّهْرُ، حتى كأَنه
مُنَمِّسُ ثِيرانِ الكَرِيص الضَّوائنِ
شاخَسَ: خالَف بين نِبْتَة أَسنانه. والثِّيرانُ: جمع ثَوْر، وهي القطعة
من الأَقِط. والمُنَمِّسُ: القديم. والضَّوائنُ: البِيضُ. والكَرِيصُ:
الأَقِطُ المجموع المدقوق، وقيل: هو الأَقط قبل أَن يستحكم يُبْسُه، وقيل:
هو الأَقط الذي يُرْفع فيجعل فيه شيء من بَقْل لئلا يفسُد: وقيل:
الكَرِيصُ الأَقِط والبَقْلُ يُطْبَخان، وقيل: الكريص الأَقِط عامة. الفراء:
الكَرِيصُ والكَرِيز الأَقطُ. ابن بري: الكَرِيصُ الذي كُرِص أَي دُقَّ.
والكرِيصُ أَيضاً: بقلة يُحَمَّض بها الأَقِط؛ قال الشاعر:
جَنَيْتُها من مُجْتَنى عَوِيصِ،
من مُجْتَنى الأَجزر والكَرِيصِ
وقال ابن الأَعرابي: الاكتراص الجمْع، يقال: هو يَكْتَرِصُ ويَقْلِدُ
أَي يجمع، وهو المِكْرَصُ والمِصْربُ. واكْتَرَصَ الشيءَ: جمَعه؛ قال:
لا تَنْكِحَنّ أَبداً هَنَّانَهْ،
تَكْتَرِصُ الزادَ بلا أَمانَهْ
كوف: كوَّف الأَدِيم: قَطَعه؛ عن اللحياني، ككَيَّفه، وكَوَّف الشيءَ:
نحّاه، وكوَّفه: جمعه. والتكَوُّف: التجمع.
والكُوفة: الرملة المجتمعة، وقيل: الكوفة الرملة ما كانت، وقيل: الكوفة
الرملة الحمراء وبها سميت الكوفة. الأزهري: الليث كُوفانُ اسم أَرض وبها
سميت الكوفة. ابن سيده: الكوفة بلد سميت بذلك لأَن سعداً لما أَراد أَن
يبني الكوفة ارتادها لهم وقال: تكوَّفوا في هذا المكان أَي اجتمعوا فيه،
وقال المفضل: إنما قال كوِّفُوا هذا الرمل أي نَحُّوه وانزلوا، ومنه سميت
الكُوفة. وكُوفان: اسم الكوفة؛ عن اللحياني، قال: وبها كانت تدعى قبل،
قال الكسائي: كانت الكوفة تُدْعى كُوفانَ.
وكوَّفَ القومُ: أَتوا الكوفة؛ قال:
إذا ما رأَتْ يوماً من الناس راكباً
يُبَصِّر من جِيرانها، ويُكوِّفُ
وكوَّفْت تكويفاً أَي صرت إلى الكوفة؛ عن يعقوب. وتكوَّفَ الرجلُ أَي
تشبّه بأَهل الكوفة أَو انتسب إليهم. وتكوَّفَ الرملُ والقومُ أَي
استداروا.والكُوفانُ والكُوَّفان: الشرُّ الشديد. وتَرك القومَ في كَوفان أَي في
أَمر مستدير. وإنَّ بني فلان من بني فلان لفي كُوفان وكَوَّفان أَي في
أَمر شديد، ويقال في عَناء ومَشَقَّة ودَوَران؛ وأَنشد ابن بري:
فما أَضْحى وما أَمْسَيْتُ إلا
وإني منكُم في كَوَّفانِ
وإنه لفي كُوفان من ذلك أَي حِرْز ومَنَعة. الكسائي: والناس في كُوفان
من أَمرهم وفي كُوَّفان وكَوْفان أَي في اختلاط. والكُوفانُ: الدَّغَل بين
القصَب والخشب.
والكاف: حرف يذكر ويؤنث، قال: وكذلك سائر حروف الهجاء؛ قال الراعي:
أَشاقَتْكَ أَطْلالٌ تَعَفَّتْ رُسُومُها،
كما بيّنت كاف تلُوح ومِيمها؟
والكاف أَلفها واو؛ قال ابن سيده: وهي من الحروف حرف مهموس يكون أَصلاً
وبدلاً وزائداً ويكون اسماً، فإذا كانت اسماً ابتدئ بها فقيل كزيد
جاءني، يريد مثل زيد جاءني، وكبكر غلامٌ لزيد، يريد مثل بكر غلام لزيد، فإن
أَدخلت إنَّ على هذا قلت إنَّ كبكر غلامٌ لمحمد فرفعت الغلام لأَنه خبر
إنَّ، والكاف في موضع نصب لأَنها اسم إن، وتقول إذا جعلت الكاف خبراً مقدماً
إنَّ كبكر أَخاك تريد إن أَخاك كبكر كما تقول إن من الكرام زيداً، وإذا
كانت حرفاً لم تقع إلا متوسطة فتقول مررت بالذي كزيد، فالكاف هنا حرف لا
محالة، واعلم أَن هذه الكاف التي هي حرف جر كما كانت غير زائدة فيما
قدمنا ذكرها، فقد تكون زائدة مؤكدة بمنزلة الباء في خبر ليس وفي خبر ما ومِن
وغيرها من الحروف الجارّة، وذلك نحو قوله عز وجل: ليس كمثله شيء؛ تقديره
واللّه أَعلم: ليس مثلَه شيء، ولا بد من اعتقاد زيادة الكاف ليصح المعنى
لأَنك إن لم تعتقد ذلك أَثبتَّ له عزّ اسمه مثلاً، وزعمت أَنه ليس كالذي
هو مثله شيء، فيفسد هذا من وجهين: أَحدهما ما فيه من إثبات المثل لمن لا
مثل له عز وعلا علوّاً كبيراً، والآخر أَن الشيء إذا أَثبَتَّ له مثلاً
فهو مِثل مثله لأَن الشيء إذا ماثله شيء فهو أَيضاً مُماثل لما ماثله، ولو
كان ذلك كذلك على فساد اعتقاد اعتقاد معتقده لما جاز أَن يقال ليس كمثله
شيء، لأَنه تعالى مِثلُ مِثله وهو شيء لأَنه تبارك اسمه قد سمى نفسه
شيئاً بقوله: قل أَيُّ شيء أَكبر شَهادة قل اللّه شَهيد بيني وبينكم؛ وذلك
أَن أَيّاً إذا كانت استفهاماً لا يجوز أَن يكون جوابها إلا من جنس ما
أُضيفت إليه، أَلا ترى أَنك لو قال لك قائل أيُّ الطعام أَحب إليك لم يجز
أَن تقول له الركوب ولا المشي ولا غيره مما ليس من جنس الطعام؟ فهذا كله
يؤكد عندك أَن الكاف في كمثله لا بدَّ أَن تكون زائدة؛ ومثله قول رؤبة:
لَواحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ
والمَقَقُ: الطُّول، ولا يقال في هذا الشيء كالطول إنما يقال في هذا
الشيء طول، فكأَنه قال فيها مَقَق أَي طول، وقد تكون الكاف زائدة في نحو ذلك
وذاك وتِيك وتلك وأُولئك، ومن العرب من يقول لَيْسَكَ زيداً أَي ليس
زيداً والكاف لتوكيد الخطاب، ومن كلام العرب إذا قيل لأَحدهم كيف أَصبحت أَن
يقول كخيرٍ، والمعنى على خير، قال الأَخفش: فالكاف في معنى على؛ قال ابن
جني: وقد يجوز أَن تكون في معنى الباء أَي بخير، قال الأَخفش ونحو منه
قولهم: كن كما أَنت. الجوهري الكاف حرف جر وهي للتشبيه؛ قال: وقد تقع موقع
اسم فيدخل عليها حرف الجر كما قال امرؤ القيس يصف فرساً:
ورُحْنا بِكابنِ الماء يُجْنَبُ وسْطَنا،
تَصَوَّبُ فيه العَيْنُ طَوراً وتَرْتَقي
قال:؛ وقد تكون ضميراً للمُخاطب المجرور والمنصوب كقولك غلامك وضَربك،
وتكون للخطاب ولا موضع لها من الإعراب كقولك ذلك وتلك وأُولئك ورُوَيْدَك،
لأَنها ليست باسم ههنا وإنما هي للخطاب فقط تفتح للمذكر وتكسر للمؤنث.
وكوَّفَ الكاف: عَمِلها. وكوَّفْت كافاً حسناً أَي كتبت كافاً. ويقال:
ليست عليه تُوفة ولا كوفة، وهو مثل المَزْرِيةِ. وقد تافَ وكافَ.
والكُوَيْفةُ: موضع يقال له كُويفة عمرو، وهو عمرو بن قيس من الأزْد كان
أَبْرويز لما انهزم من بَهرام جُور نزل به فقراه وحمله، فلما رجع إلى
ملكه أَقطعه ذلك الموضع.
مزج: المَزْجُ: خَلْطُ المِزاجِ بالشيء. ومَزْجُ الشرابِ: خَلْطُه
بغيره. ومِزاجُ الشرابِ: ما يُمْزَجُ به.
ومَزَجَ الشيءَ يَمْزُجُه مَزْجاً فامْتَزَجَ: خَلَطَه. وشرابٌ مَزْجٌ:
مَمْزُوجٌ.
وكلُّ نوعين امْتَزَجا، فكل واحد منهما لصاحبه مِزْجٌ ومِزاجٌ. ومِزاجُ
البدَنِ: ما أُسِّسَ عليه من مِرَّةٍ؛ وفي التهذيب: ومِزاجُ الجِسْمِ ما
أُسِّس عليه البدن من الدّم والمِرّتَيْنِ والبَلْغَمِ.
والمِزْجُ والمَزْجُ: العَسَلُ؛ وفي التهذيب: الشَّهْدُ؛ قال أَبو ذؤيب:
فجاءَ بِمِزْجٍ لم يَرَ الناس مِثلَهُ؛
هو الضَّحْكُ، إِلاَّ أَنه عَمَلُ النَّحْلِ
قال أَبو حنيفة: سمِّي مِزْجاً لأَِنه مِزاجُ كلِّ شرابٍ حُلْوٍ طيب به،
وسَمَّى أَبو ذؤيب الماءَ الذي تُمْزَجُ به الخمر مِزْجاً. لأَن كل واحد
من الخمرِ والماء يُمازِجُ صاحِبَه؛ فقال:
بِمزْجٍ من العَذْب، عَذْبِ السَّراةِ،
يُزَعْزِعُه الرِّيحُ، بعدَ المَطَرْ
ومَزَّجَ السُّنبُلُ والعنب: اصْفَرَّ بعد الخضرة. وفي التهذيب: لَوَّنَ
من خُضْرة إِلى صفرة.
ورجل مَزَّاجٌ ومُمَزِّجٌ: لا يثبتُ على خُلُقٍ، إِنما هو ذ أَخْلاق،
وقيل: هو المُخَلِّطُ الكَذّاب؛ عن ابن الأَعرابي: وأَنشد لِمَدْرَجِ
الرِّيح:
إِني وَجَدْتُ إِخاءَ كلِّ مُمَزِّجٍ
مَلِقٍ، يَعُودُ إِلى المَخانةِ والقِلَى
والمِزْجُ اللَّوْزُ المُرُّ. قال ابن دريد: لا أَدري ما صحتُه، وقيل:
إِنما هو المَنْج.
والمَوْزَجُ: الخُفُّ؛ فارسيٌّ مُعَرَّبٌ، والجمع مَوازِجةٌ، أَلْحقُوا
الهاء للعجمة؛ قال ابن سيده: وهكذا وجد أَكثر هذا الضرب الأَعجمي
مُكَسَّراً بالهاء، فيما زعم سيبويه، والمَوْزَجُ معرّب وأَصله بالفارسية
مُوزَهْ، والجمع المَوازِجَةُ مثل الجَوْرَبِ والجَوارِبةِ، والهاء للعجمة،
وإِن شئتَ حذفتها؛ وفي الحديث: أَنَّ امرأَةً نَزَعَتْ خُفَّها أَو
مَوْزَجَها فَسَقَتْ به كَلْباً. ابن شميل: يَسأَلُ السَّائِلُ، فيقال:
مَزَّجُوهُ أَي أَعْطُوه شيئاً؛ وأَنشد:
وأَغْتَبِقُ الماءَ القَراحَ وأَنْطَوِي،
إِذا الماءُ أَمْسى لِلْمُزَلَّجِ ذا طَعْمِ
(* قوله «واغتبق الماء إلخ» كذا بالأصل، ولا شاهد فيه كما لا يخفى.)
وقول البريق الهذلي:
أَلمْ تَسْلُ عن لَيْلى، وقد ذهَبَ الدَّهْرُ،
وقد أُوحِشَتْ منها الموازِجُ والحَضْرُ
(* قوله «أوحشت إلخ» في معجم ياقوت:
أقفرت منها الموازج فالحضر.)؟
قال ابن سيده: أَظُنُّ المَوازِجَ مَوْضِعاً، وكذلك الحَضْرُ.
ميد: ماد الشيء يَميد: زاغ وزكا؛ ومِدْتُه وأَمَدْتُه: أَعْطَيْتُه.
وامْتَادَه: طلب أَن يَمِيدَه. ومادَ أَهْلَه إذا غارَهم ومارَهم. ومادَ
إِذا تَجِرَ، ومادَ: أَفْضَلَ. والمائِدةُ: الطعام نَفْسُه وإِن لم يكن هناك
خِوانٌ؛ مشتق من ذلك؛ وقيل: هي نفس الخِوان؛ قال الفارسي: لا تسمى مائدة
حتى يكون عليها طعام وإِلا فهي خِوان؛ قال أَبو عبيدة: وفي التنزيل
العزيز: أَنْزِلْ علينا مائِدةً من السماء؛ المائِدةُ في المعنى مفعولة
ولفظها فاعلة، وهي مثل عِيشةٍ راضيةٍ بمعنى مَرْضِيّةٍ، وقيل: إِن المائدةَ من
العطاء.
والمُمْتادُ: المطلوب منه العطاء مُفْتَعَلٌ؛ وأَنشد لرؤبة:
تُهْدَى رُؤُوس المُتْرَفِينَ الأَنْداد،
إِلى أَمير المؤمنينَ المُمْتاد
أَي المتفضل على الناس، وهو المُسْتَعْطَى المسؤولُ؛ ومنه المائدة، وهي
خوان عليه طعام. ومادَ زيد عَمراً إِذا أَعطاه. وقال أَبو إِسحق: الأَصل
عندي في مائدة أَنها فاعلة من مادَ يَمِيدُ إِذا تحرّك فكأَنها تَمِيدُ
بما عليها أَي تتحرك؛ وقال أَبو عبيدة: سميت المائدة لأَنها مِيدَ بها
صاحِبُها أَي أُعْطِيها وتُفُضِّل عليه بها. والعرب تقول: مادَني فلان
يَمِيدُني إِذا أَحسن إِليّ؛ وقال الجرمي: يقال مائدةٌ ومَيْدةٌ؛
وأَنشد:ومَيْدة كَثِيرة الأَلْوانِ،
تُصْنَعُ للإِخْوانِ والجِيرانِ
وما دهُمْ يَمِيدُهُم إِذا زادَهم
(* قوله «إذا زادهم» في القاموس
زارهم.) وإِنما سميت المائدةُ مائدة لأَنه يزاد عليها. والمائدةُ: الدائرةُ من
الأَرض. ومادَ الشيءُ يَمِيدُ مَيْداً: تحرّك ومال. وفي الحديث: لما خلق
اللَّهُ الأَرضَ جعلتْ تمِيدُ فَأَرْساها بالجبال. وفي حديث ابن عباس:
فدَحَا اللَّهُ الأَرضَ من تحتها فمادَتْ. وفي حديث علي: فَسَكَنَتْ من
المَيَدانِ بِرُسُوبِ الجبال، وهو بفتح الياء، مصدر مادَ يَميدُ. وفي حديثه
أَيضاً يَذُمُّ الدنيا: فهي الحَيُودُ المَيُودُ، قَعُولٌ منه. ومادَ
السَّرابُ: اضطَرَبَ: ومادَ مَيْداً: تمايل. ومادَ يَمِيدُ إِذا تَثَنَّى
وتَبَخْتَرَ. ومادت الأَغْصانُ: تمايلت. وغصن مائدةٌ وميَّاد: مائل.
والمَيْدُ: ما يُصِيبُ من الحَيْرةِ عن السُّكْر أَو الغَثَيانِ أَو ركوب
البحر، وقد ماد، فهو مائد، من قوم مَيْدى كرائب ورَوْبى. أَبو الهيثم: المائد
الذي يركب البحر فَتَغْثي نَفسُه من نَتْن ماء البحر حتى يُدارَ بِهِ،
ويَكاد يُغْشَى عليه فيقال: مادَ به البحرُ يَمِيدُ به مَيْداً. وقال أَبو
العباس في قوله: أَن تَميدَ بكم، فقال: تَحَرَّكَ بكم وتَزَلْزَلَ. قال
الفراء: سمعت العرب تقول: المَيْدى الذين أَصابهم المَيْدُ من الدُّوارِ.
وفي حديث أُمّ حَرامٍ: المائدُ في البحر له أَجْرُ شهيد؛ هو الذي يُدارُ
برأْسه من ريح البحر واضطراب السفينة بالأَمواج. الأَزهري: ومن المقلوب
الموائِدُ والمآوِدُ الدَّواهي. ومادَتِ الحنظلةُ تَمِيدُ: أَصابها نَدًى
أَو بَلَل فتغيرت، وكذلك التمر. وفَعَلْتُه مَيْدَ ذاك أَي من أَجله ولم
يسمع من مَيْدى ذلك. ومَيْدٌ: بمعنى غَيْرٍ أَيضاً، وقيل: هي بمعنى على
كما تقدم في بَيْد. قال ابن سيده: وعسى ميمه أَن تكون بدلاً من باء بَيْد
لأَنها أَشهر. وفي ترجمة مَأَدَ يقال للجارية التارَّة: إِنها لمأْدةُ
الشباب؛ وأَنشد أَبو عبيد:
مادُ الشَّبابِ عَيْشَها المُخَرْفَجا
غير مهموز. ومِيداءُ الطريق: سَنَنُه. وبَنَوْا بيوتهم على مِيداءٍ واحد
أَي على طريقة واحدة؛ قال رؤبة:
إِذا ارْتَمى لم يَدْرِ ما مِيداؤُه
ويقال: لم أَدر ما مِيداءُ ذلك أَي لم أَدر ما مَبْلَغُه وقِياسُه،
وكذلك مِيتاؤُه، أَي لم أَدر ما قَدْرُ جانبيه وبُعْده؛ وأَنشد:
إِذا اضْطَمَّ مِيداءُ الطَّريقِ عليهما،
مَضَتْ قُدُماً مَوْجُ الجِبالِ زَهوقُ
ويروى مِيتاءُ الطريقِ. والزَّهُوقُ: المُتَقَدِّمة من النُّوق. قال ابن
سيده: وإِنما حملنا مِيداء وقضينا بأَنها ياء على ظاهر اللفظ مع عدم «م
و د».
وداري بِمَيْدى دارِه، مفتوح الميم مقصور، أَي بحذائها؛ عن يعقوب.
ومَيّادةُ: اسم امرأَة. وابنُ مَيّادةَ: شاعر؛ وزعموا أَنه كان يضرب
خَصْرَي أُمّه ويقول:
اعْرَنْزِمي مَيّادَ لِلْقَوافي
والمَيْدانُ: واحد المَيادينِ؛ وقول ابن أَحمر:
وصادَفَتْ
نَعِيماً ومَيْداناً مِنَ العَيْشِ أَخْضَرَا
يعني به ناعماً. ومادَهُم يَمِيدُهُم: لغة في مارَهُم من الميرة؛
والمُمْتادُ مُفْتَعَِلٌ، منه؛ ومائِدٌ في شعر أَبي ذؤَيب:
يَمانِية، أَحْيا لَها، مَظَّ مائِدٍ
وآلِ قَراسٍ، صَوْبُ أَرْمِيةٍ كُحْلِ
(* قوله «مائد» هو بهمزة بعد الألف، وقراس، بضم القاف وفتحها، كما في
معجم ياقوت واقتصر المجد على الفتح) اسم جبل. والمَظُّ: رُمَّان البَرّ.
وقُراسٌ: جبل بارِدٌ مأْخوذ من القَرْسِ، وهو الَردُ. وآلُه: ما حوله، وهي
أَجْبُلٌ بارِدَة. وأَرْمِيةٌ: جمع رَمِيٍّ، وهي السحابة العظيمة
القَطْر، ويروى: صَوْبُ أَسْقِيةٍ، جمع سَقِيٍّ، وهي بمعنى أَرْمِية. قال ابن
بري: صواب إِنشاده مَأْبِد، بالباء المعجمة بواحدة، وقد ذكر في مبد.
ومَيْد: لغة في بَيْدَ بمعنى غير، وقيل: معناهما على أَنّ؛ وفي الحديث:
أَنا أَفْصَحُ العَرَبِ مَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ ونشَأْتُ في بني
سعدِ بنِ بَكْر؛ وفسّره بعضهم: من أَجْلِ أَني. وفي الحديث: نحن الآخِرون
السابِقون مَيْدَ أَنَّا أُوتينا الكِتابَ من بَعْدِهِم.