لمحمد بن أبي طالب الأنصاري، الصوفي، الدمشقي.
وهو: كتاب مصور.
مشتمل على: فصول.
وهو: (نخبة الدهر).
يأتي في: النون.
ثني: ثَنَى الشيءَ ثَنْياً: ردَّ بعضه على بعض، وقد تَثَنَّى وانْثَنَى.
وأَثْناؤُه ومَثانِيه: قُواه وطاقاته، واحدها ثِنْي ومَثْناة ومِثْناة؛
عن ثعلب. وأَثْناء الحَيَّة: مَطاوِيها إِذا تَحَوَّتْ. وثِنْي الحيّة:
انْثناؤُها، وهو أَيضاً ما تَعَوَّج منها إِذا تثنت، والجمع أَثْناء؛
واستعارة غيلان الرَّبَعِي لليل فقال:
حتى إِذا شَقَّ بَهِيمَ الظَّلْماءْ،
وساقَ لَيْلاً مُرْجَحِنَّ الأَثْناءْ
وهو على القول الآخر اسم. وفي صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
ليسَ بالطويل المُتَثَنّي؛ هو الذاهب طولاً، وأَكثر ما يستعمل في طويل
لا عَرْض له. وأَثْناء الوادِي: مَعاطِفُه وأَجْراعُه. والثِّنْي من
الوادي والجبل: مُنْقَطَعُه. ومَثاني الوادي ومَحانِيهِ: مَعاطِفُه. وتَثَنَّى
في مِشيته. والثِّنْي: واحد أَثْناء الشيء أَي تضاعيفه؛ تقول: أَنفذت
كذا ثِنْيَ كتابي أَي في طَيّه. وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله
عنهما: فأَخذ بطَرَفَيْه ورَبَّقَ لكُمْ أَثْناءَه أَي ما انْثَنَى منه،
واحدها ثِنْيٌ، وهي معاطف الثوب وتضاعيفه. وفي حديث أَبي هريرة: كان يَثْنِيه
عليه أَثْناءً من سَعَتِه، يعني ثوبه. وثَنَيْت الشيء ثَنْياً: عطفته.
وثَناه أَي كَفَّه. ويقال: جاء ثانياً من عِنانه. وثَنَيْته أَيضاً:
صَرَفته عن حاجته، وكذلك إِذا صرت له ثانياً. وثَنَّيْته تَثْنِية أَي جعلته
اثنين. وأَثْناءُ الوِشاح: ما انْثنَى منه؛ ومنه قوله:
تَعَرُّض أَثْناء الوِشاح المُفَصَّل
(* البيت لامرئ القيس من معلقته).
وقوله:
فإِن عُدَّ من مَجْدٍ قديمٍ لِمَعْشَر،
فَقَوْمي بهم تُثْنَى هُناك الأَصابع
يعني أَنهم الخيار المعدودون؛ عن ابن الأَعرابي، لأَن الخيار لا يكثرون.
وشاة ثانِيَةٌ بَيِّنة الثِّنْي: تَثْني عنقها لغير علة. وثَنَى رجله عن
دابته: ضمها إِلى فخذه فنزل، ويقال للرجل إِذا نزل عن دابته. الليث:
إِذا أَراد الرجل وجهاً فصرفته عن وجهه قلت ثَنَيْته ثَنْياً. ويقال: فلان
لا يُثْنى عن قِرْنِه ولا عن وجْهه، قال: وإِذا فعل الرجل أَمراً ثم ضم
إِليه أَمراً آخر قيل ثَنَّى بالأَمر الثاني يُثَنِّي تَثْنِية. وفي حديث
الدعاء: من قال عقيب الصلاة وهو ثانٍ رِجْلَه أَي عاطفٌ رجله في التشهد
قبل أَن ينهَض. وفي حديث آخر: من قال قبل أَن يَثْنيَ رِجْلَه؛ قال ابن
الأَثير: وهذا ضد الأَول في اللفظ ومثله في المعنى، لأَنه أَراد قبل أَن
يصرف رجله عن حالتها التي هي عليها في التشهد. وفي التنزيل العزيز: أَلا
إِنهم يَثْنُون صُدورَهم؛ قال الفراء: نزلت في بعض من كان يلقى النبي، صلى
الله عليه وسلم، بما يحب ويَنْطَوِي له على العداوة والبُغْض، فذلك
الثَّنْيُ الإِخْفاءُ؛ وقال الزجاج: يَثْنُون صدورهم أَي يسرّون عداوة النبي،
صلى الله عليه وسلم؛ وقال غيره: يَثْنُون صدورهم يُجِنُّون ويَطْوُون ما
فيها ويسترونه استخفاء من الله بذلك. وروي عن ابن عباس أَنه قرأَ: أَلا
إِنَّهم تَثْنَوْني صدورهم، قال: وهو في العربية تَنْثَني، وهو من الفِعل
افعَوْعَلْت. قال أَبو منصور: وأَصله من ثَنَيت الشيء إِذا حَنَيْته
وعَطَفته وطويته. وانْثَنى أَي انْعطف، وكذلك اثْنَوْنَى على افْعَوْعَل.
واثْنَوْنَى صدره على البغضاء أَي انحنى وانطوى. وكل شيء عطفته فقد ثنيته.
قال: وسمعت أَعرابيّاً يقول لراعي إِبل أَوردها الماءَ جملة فناداه: أَلا
واثْنِ وُجوهَها عن الماء ثم أَرْسِل مِنْها رِسْلاً رِسْلاً أَي قطيعاً،
وأَراد بقوله اثْنِ وُجوهها أَي اصرف وجوهها عن الماء كيلا تزدحم على
الحوض فتهدمه. ويقال للفارس إِذا ثَنَى عنق دابته عند شدَّة حُضْرِه: جاء
ثانيَ العِنان. ويقال للفرس نفسه: جاء سابقاً ثانياً إِذا جاء وقد ثَنَى
عنقه نَشاطاً لأَنه إِذا أَعيا مدّ عنقه، وإِذا لم يجئ ولم يَجْهَد وجاء
سيرُه عَفْواً غير مجهود ثَنى عنقه؛ ومنه قوله:
ومَن يَفْخَرْ بمثل أَبي وجَدِّي،
يَجِئْ قبل السوابق، وهْو ثاني
أَي يجئ كالفرس السابق الذي قد ثَنى عنقه، ويجوز أَن يجعله كالفارس
الذي سبق فرسُه الخيل وهو مع ذلك قد ثَنى من عنقه.
والاثْنان: ضعف الواحد. فأَما قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إِلَهين
اثنَين، فمن التطوّع المُشامِ للتوكيد، وذلك أَنه قد غَنِيَ بقوله
إِلَهَيْن عن اثنين، وإِنما فائدته التوكيد والتشديد؛ ونظيره قوله تعالى:
ومَنَاة الثالثةَ الأُخرى؛ أَكد بقولة الأُخرى، وقوله تعالى: فإِذا نُفخ في
الصور نفخةٌ واحدةٌ، فقد علم بقوله نفخة أَنها واحدة فأَكد بقوله واحدة،
والمؤنث الثِّنْتان، تاؤه مبدلة من ياء، ويدل على أَنه من الياء أَنه من
ثنيت لأَن الاثنين قد ثني أَحدهما إِلى صاحبه، وأَصله ثَنَيٌ، يدلّك على
ذلك جمعهم إِياه على أَثْناء بمنزلة أَبناء وآخاءٍ، فنقلوه من فَعَلٍ إِلى
فِعْلٍ كما فعلوا ذلك في بنت، وليس في الكلام تاء مبدلة من الياء في غير
افتعل إِلا ما حكاه سيبويه من قولهم أَسْنَتُوا، وما حكاه أَبو علي من
قولهم ثِنْتان، وقوله تعالى: فإِن كانتا اثْنَتين فلهما الثلثان؛ إِنما
الفائدة في قوله اثنتين بعد قوله كانتا تجردهما من معنى الصغر والكبر، وإِلا
فقد علم أَن الأَلف في كانتا وغيرها من الأَفعال علامة التثنية. ويقال:
فلان ثاني اثْنَين أَي هو أَحدهما، مضاف، ولا يقال هو ثانٍ اثْنَين،
بالتنوين، وقد تقدم مشبعاً في ترجمة ثلث. وقولهم: هذا ثاني اثْنَين أَي هو
أَحد اثنين، وكذلك ثالثُ ثلاثةٍ مضاف إِلى العشرة، ولا يُنَوَّن، فإِن
اختلفا فأَنت بالخيار، إِن شئت أَضفت، وإِن شئت نوّنت وقلت هذا ثاني واحد
وثانٍ واحداً، المعنى هذا ثَنَّى واحداً، وكذلك ثالثُ اثنين وثالثٌ اثنين،
والعدد منصوب ما بين أَحد عشر إِلى تسعة عشر في الرفع والنصب والخفض إِلا
اثني عشر فإِنك تعربه على هجاءين. قال ابن بري عند قول الجوهري والعدد
منصوب ما بين أَحد عشر إِلى تسعة عشر، قال: صوابه أَن يقول والعدد مفتوح،
قال: وتقول للمؤنث اثنتان، وإِن شئت ثنتان لأَن الأَلف إِنما اجتلبت لسكون
الثاء فلما تحركت سقطت. ولو سمي رجل باثْنين أَو باثْنَي عشر لقلت في
النسبة إِليه ثَنَوِيٌّ في قول من قال في ابْنٍ بَنَوِيٌّ، واثْنِيٌّ في
قول من قال ابْنِيٌّ؛ وأَما قول الشاعر:
كأَنَّ خُصْيَيْه مِنَ التَّدَلْدُلِ
ظَرْفُ عجوزٍ فيه ثِنْتا حَنْظَلِ
أَراد أَن يقول: فيه حنظلتان، فأَخرج الاثنين مخرج سائر الأَعداد
للضرورة وأَضافه إِلى ما بعده، وأَراد ثنتان من حنظل كما يقال ثلاثة دراهم
وأَربعة دراهم، وكان حقه في الأَصل أَن يقول اثنا دراهم واثنتا نسوة، إِلاَّ
أَنهم اقتصروا بقولهم درهمان وامرأَتان عن إِضافتهما إِلى ما بعدهما.
وروى شمر بإِسناد له يبلغ عوف بن مالك أَنه سأَل النبي، صلى الله عليه وسلم،
عن الإِمارة فقال: أَوَّلها مَلامة وثِناؤُها نَدامة وثِلاثُها عذابٌ
يومَ القيامة إِلاَّ مَنْ عَدَل؛ قال شمر: ثِناؤها أَي ثانيها، وثِلاثها
أَي ثالثها. قال: وأَما ثُناءُ وثُلاثُ فمصروفان عن ثلاثة ثلاثة واثنين
اثنين، وكذلك رُباعُ ومَثْنَى؛ وأَنشد:
ولقد قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً،
وتركتُ مُرَّةَ مثلَ أَمْسِ الدَّابِرِ
وقال آخر:
أُحاد ومَثْنَى أَضْعَفَتْها صَواهِلُه
الليث: اثنان اسمان لا يفردان قرينان، لا يقال لأَحدهما اثْنٌ كما أَن
الثلاثة أَسماء مقترنة لا تفرق، ويقال في التأْنيث اثْنَتان ولا يفردان،
والأَلف في اثنين أَلف وصل، وربما قالوا اثْنتان كما قالوا هي ابنة فلان
وهي بنته، والأَلف في الابنة أَلف وصل لا تظهر في اللفظ، والأَصل فيهما
ثَنَيٌ، والأَلف في اثنتين أَلف وصل أَيضاً، فإِذا كانت هذه الأَلف مقطوعة
في الشعر فهو شاذ كما قال قيس بن الخَطِيم:
إِذا جاوَزَ الإِثْنَيْن سِرٌّ، فإِنه
بِنثٍّ وتَكْثيرِ الوُشاةِ قَمِينُ
غيره: واثنان من عدد المذكر، واثنتان للمؤنث، وفي المؤَنث لغة أُخرى
ثنتان بحذف الأَلف، ولو جاز أَن يفرد لكان واحده اثن مثل ابن وابنة وأَلفه
أَلف وصل، وقد قطعها الشاعر على التوهم فقال:
أَلا لا أَرى إِثْنَيْنِ أَحْسنَ شِيمةً،
على حدثانِ الدهرِ، مني ومنْ جُمْل
والثَّنْي: ضَمُّ واحد إِلى واحد، والثِّنْيُ الاسم، ويقال: ثِنْيُ
الثوب لما كُفَّ من أَطرافه، وأَصل الثَّنْي الكَفّ. وثَنَّى الشيءَ: جعله
اثنين، واثَّنَى افتعل منه، أَصله اثْتنَى فقلبت الثاء تاء لأَن التاء آخت
الثاء في الهمس ثم أُدغمت فيها؛ قال:
بَدا بِأَبي ثم اتَّنى بأَبي أَبي،
وثَلَّثَ بالأَدْنَيْنَ ثَقْف المَحالب
(* قوله «ثقف المحالب» هو هكذا بالأصل).
هذا هو المشهور في الاستعمال والقويّ في القياس، ومنهم من يقلب تاء
افتعل ثاء فيجعلها من لفظ الفاء قبلها فيقول اثَّنى واثَّرَدَ واثَّأَرَ، كما
قال بعضهم في ادَّكر اذَّكر وفي اصْطَلحوا اصَّلحوا. وهذا ثاني هذا أَي
الذي شفعه. ولا يقال ثَنَيْته إِلاَّ أَن أَبا زيد قال: هو واحد فاثْنِه
أَي كن له ثانياً. وحكى ابن الأَعرابي أَيضاً: فلان لا يَثْني ولا
يَثْلِثُ أَي هو رجل كبير فإِذا أَراد النُّهوض لم يقدر في مرة ولا مرتين ولا
في الثالثة. وشَرِبْتُ اثْنَا القَدَح وشرِبت اثْنَيْ هذا القَدَح أَي
اثنين مِثلَه، وكذلك شربت اثْنَيْ مُدِّ البصرة، واثنين بِمدّه البصرة.
وثَنَّيتُ الشيء: جعلته اثنين. وجاء القوم مَثْنى مَثْنى أَي اثنين اثنين.
وجاء القوم مَثْنى وثُلاثَ غير مصروفات لما تقدم في ث ل ث، وكذلك النسوة
وسائر الأَنواع، أَي اثنين اثنين وثنتين ثنتين. وفي حديث الصلاة صلاة
الليل: مَثْنى مَثْنى أَي ركعتان ركعتان بتشهد وتسليم، فهي ثُنائِِية لا
رُباعية. ومَثْنَى: معدول من اثنين اثنين؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
فما حَلَبَتْ إِلاَّ الثَّلاثة والثُّنَى،
ولا قَيَّلَتْ إِلاَّ قريباً مَقالُها
قال: أَراد بالثلاثة الثلاثة من الآنية، وبالثُّنَى الاثنين؛ وقول كثير
عزة:
ذكرتَ عَطاياه، وليْستْ بحُجَّة
عليكَ، ولكن حُجَّةٌ لك فَاثْنِني
قيل في تفسيره: أَعطني مرة ثانية ولم أَره في غير هذا الشعر.
والاثْنانِ: من أَيام الأُسبوع لأَن الأَول عندهم الأَحد، والجمع
أَثْناء، وحكى مطرز عن ثعلب أَثانين، ويومُ الاثْنين لا يُثَنى ولا يجمع لأَنه
مثنّىً، فإِن أَحببت أَن تجمعه كأَنه صفة الواحد، وفي نسخة كأَن لَفْظَه
مبنيٌّ للواحد، قلت أَثانِين، قال ابن بري: أَثانين ليس بمسموع وإِنما هو
من قول الفراء وقِياسِه، قال: وهو بعيد في القياس؛ قال: والمسموع في جمع
الاثنين أَثناء على ما حكاه سيبويه، قال: وحكى السيرافي وغيره عن العرب
أن فلاناً ليصوم الأَثْناء وبعضهم يقول ليصوم الثُّنِيَّ على فُعول مثل
ثُدِيٍّ، وحكى سيبويه عن بعض العرب اليوم الثِّنَى، قال: وأَما قولهم
اليومُ الاثْنانِ، فإِنما هو اسم اليوم، وإِنما أَوقعته العرب على قولك
اليومُ يومان واليومُ خمسةَ عشرَ من الشهر، ولا يُثَنَّى، والذين قالوا
اثْنَيْ جعلوا به على الاثْن، وإِن لم يُتَكلم به، وهو بمنزلة الثلاثاء
والأربعاء يعني أَنه صار اسماً غالباً؛ قال اللحياني: وقد قالوا في الشعر يوم
اثنين بغير لام؛ وأَنشد لأَبي صخر الهذلي:
أَرائحٌ أَنت يومَ اثنينِ أَمْ غادي،
ولمْ تُسَلِّمْ على رَيْحانَةِ الوادي؟
قال: وكان أَبو زياد يقول مَضى الاثْنانِ بما فيه، فيوحِّد ويذكِّر،
وكذا يَفْعل في سائر أَيام الأُسبوع كلها، وكان يؤنِّث الجمعة، وكان أَبو
الجَرَّاح يقول: مضى السبت بما فيه، ومضى الأَحد بما فيه، ومضى الاثْنانِ
بما فيهما، ومضى الثلاثاء بما فيهن، ومضى الأربعاء بما فيهن، ومضى الخميس
بما فيهن، ومضت الجمعة بما فيها، كان يخرجها مُخْرج العدد؛ قال ابن جني:
اللام في الاثنين غير زائدة وإِن لم تكن الاثنان صفة؛ قال أَبو العباس:
إِنما أَجازوا دخول اللام عليه لأَن فيه تقدير الوصف، أَلا ترى أَن معناه
اليوم الثاني؟ وكذلك أَيضاً اللام في الأَحد والثلاثاء والأَربعاء ونحوها
لأَن تقديرها الواحد والثاني والثالث والرابع والخامس والجامع والسابت،
والسبت القطع، وقيل: إِنما سمي بذلك لأَن الله عز وجل خلق السموات
والأَرض في ستة أَيام أَولها الأَحد وآخرها الجمعة، فأَصبحت يوم السبت منسبتة
أَي قد تمت وانقطع العمل فيها، وقيل: سمي بذلك لأَن اليهود كانوا ينقطعون
فيه عن تصرفهم، ففي كلا القولين معنى الصفة موجود. وحكى ثعلب عن ابن
الأَعرابي: لا تكن اثْنَويّاً أَي ممن يصوم الاثنين وحده.
وقوله عز وجل: ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم؛ المثاني من
القرآن: ما ثُنِّيَ مرة بعد مرة، وقيل: فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات، قيل
لها مَثَانٍ لأَنها يُثْنى بها في كل ركعة من ركعات الصلاة وتعاد في كل
ركعة؛ قال أَبو الهيثم: سميت آيات الحمد مثاني، واحدتها مَثْناة، وهي سبع
آيات؛ وقال ثعلب: لأَنها تثنى مع كل سورة؛ قال الشاعر:
الحمد لله الذي عافاني،
وكلَّ خيرٍ صالحٍ أَعطاني،
رَبِّ مَثاني الآيِ والقرآن
وورد في الحديث في ذكر الفاتحة: هي السبع المثاني، وقيل: المثاني سُوَر
أَوَّلها البقرة وآخرها براءة، وقيل: ما كان دون المِئِين؛ قال ابن بري:
كأَن المِئِين جعلت مبادِيَ والتي تليها مَثاني، وقيل: هي القرآن كله؛
ويدل على ذلك قول حسان بن ثابت:
مَنْ للقَوافي بعدَ حَسَّانَ وابْنِه؟
ومَنْ للمثاني بعدَ زَيْدِ بنِ ثابتِ؟
قال: ويجوز أَن يكون، والله أَعلم، من المثاني مما أُثْني به على الله
تبارك وتقدَّس لأَن فيها حمد الله وتوحيدَه وذكر مُلْكه يومَ الدين،
المعنى؛ ولقد آتَيناك سبع آيات من جملة الآيات التي يُثْنَى بها على الله عز
وجل وآتيناك القرآن العظيم؛ وقال الفراء في قوله عز وجل: اللهُ نَزَّلَ
أَحسَن الحديث كتاباً مُتشابهاً مَثانيَ؛ أَي مكرراً أَي كُرِّرَ فيه
الثوابُ والعقابُ؛ وقال أَبو عبيد: المَثاني من كتاب الله ثلاثة أَشياء،
سَمَّى اللهُ عز وجل القرآن كله مثانيَ في قوله عز وجل: الله نزل أَحسن الحديث
كتاباً متشابهاً مَثاني؛ وسَمَّى فاتحةَ الكتاب مثاني في قوله عز وجل:
ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم؛ قال: وسمي القرآن مَثاني
لأَن الأَنْباء والقِصَصَ ثُنِّيَتْ فيه، ويسمى جميع القرآن مَثانيَ أَيضاً
لاقتران آية الرحمة بآية العذاب. قال الأَزهري: قرأْت بخط شَمِرٍ قال
روى محمد بن طلحة بن مُصَرِّف عن أَصحاب عبد الله أَن المثاني ست وعشرون
سورة وهي: سورة الحج، والقصص، والنمل، والنور، والأَنفال، ومريم،
والعنكبوت، والروم، ويس، والفرقان، والحجر، والرعد، وسبأ، والملائكة، وإِبراهيم،
وص، ومحمد، ولقمان، والغُرَف، والمؤمن، والزُّخرف، والسجدة، والأَحقاف،
والجاثِيَة، والدخان، فهذه هي المثاني عند أَصحاب عبد الله، وهكذا وجدتها
في النسخ التي نقلت منها خمساً وعشرين، والظاهر أَن السادسة والعشرين هي
سورة الفاتحة، فإِما أَن أَسقطها النساخ وإِمّا أَن يكون غَنيَ عن ذكرها
بما قدَّمه من ذلك وإِما أَن يكون غير ذلك؛ وقال أَبو الهيثم: المَثاني
من سور القرآن كل سورة دون الطُّوَلِ ودون المِئِين وفوق المُفَصَّلِ؛
رُوِيَ ذلك عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم عن ابن مسعود وعثمان وابن
عباس، قال: والمفصل يلي المثاني، والمثاني ما دُونَ المِئِين، وإِنما قيل
لِمَا ولِيَ المِئِينَ من السُّوَر مثانٍ لأَن المئين كأَنها مَبادٍ
وهذه مثانٍ، وأَما قول عبد الله بن عمرو: من أَشراط الساعة أَن توضَعَ
الأَخْيار وتُرْفَعَ الأَشْرارُ وأَن يُقْرَأَ فيهم بالمَثناةِ على رؤوس
الناسِ ليس أَحَدٌ يُغَيّرُها، قيل: وما المَثْناة؟ قال: ما اسْتُكْتِبَ من
غير كتاب الله كأَنه جعل ما اسْتُكتب من كتاب الله مَبْدَأً وهذا مَثْنىً؛
قال أَبو عبيدة: سأَلتُ رجلاً من أَهل العِلم بالكُتُبِ الأُوَلِ قد
عرَفها وقرأَها عن المَثْناة فقال إِن الأَحْبار والرُّهْبان من بني إِسرائيل
من بعد موسى وضعوا كتاباً فيما بينهم على ما أَرادوا من غير كتاب الله
فهو المَثْناة؛ قال أَبو عبيد: وإِنما كره عبد الله الأَخْذَ عن أَهل
الكتاب، وقد كانت عنده كتب وقعت إِليه يوم اليَرْمُوكِ منهم، فأَظنه قال هذا
لمعرفته بما فيها، ولم يُرِدِ النَّهْيَ عن حديث رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، وسُنَّتِه وكيف يَنْهَى عن ذلك وهو من أَكثر الصحابة حديثاً عنه؟
وفي الصحاح في تفسير المَثْناةِ قال: هي التي تُسَمَّى بالفارسية
دُوبَيْني، وهو الغِناءُ؛ قال: وأَبو عبيدة يذهب في تأْويله إِلى غير هذا.
والمَثاني من أَوْتارِ العُود: الذي بعد الأَوّل، واحدها مَثْنىً.
اللحياني: التَّثْنِيَةُ أَن يَفُوزَ قِدْحُ رجل منهم فيَنجُو ويَغْنَم
فيَطْلُبَ إِليهم أَن يُعِيدُوه على خِطارٍ، والأَول أَقْيَسُ
(* قوله
«والأول أقيس إلخ» أي من معاني المثناة في الحديث). وأَقْرَبُ إِلى
الاشتقاق، وقيل: هو ما اسْتُكْتِبَ من غير كتاب الله.
ومَثْنى الأَيادِي: أَن يُعِيدَ معروفَه مرتين أَو ثلاثاً، وقيل: هو أَن
يأْخذَ القِسْمَ مرةً بعد مرة، وقيل: هو الأَنْصِباءُ التي كانت
تُفْصَلُ من الجَزُور، وفي التهذيب: من جزور المَيْسِر، فكان الرجلُ الجَوادُ
يَشْرِيها فَيُطْعِمُها الأَبْرامَ، وهم الذين لا يَيْسِرون؛ هذا قول أَبي
عبيد: وقال أَبو عمرو: مَثْنَى الأَيادِي أَن يَأْخُذَ القِسْمَ مرة بعد
مرة؛ قال النابغة:
يُنْبِيك ذُو عِرْضِهمْ عَنِّي وعالِمُهُمْ،
وليس جاهلُ أَمْر مِثْلَ مَنْ عَلِمَا
إِني أُتَمِّمُ أَيْسارِي وأَمْنَحُهُمْ
مَثْنَى الأَيادِي، وأَكْسُو الجَفْنَة الأُدُما
والمَثْنَى: زِمامُ الناقة؛ قال الشاعر:
تُلاعِبُ مَثْنَى حَضْرَمِيٍّ، كأَنَّهُ
تَعَمُّجُ شَيْطانٍ بذِي خِرْوَعٍ قَفْرِ
والثِّنْيُ من النوق: التي وضعت بطنين، وثِنْيُها ولدها، وكذلك المرأَة،
ولا يقال ثِلْثٌ ولا فوقَ ذلك. وناقة ثِنْيٌ إِذا ولدت اثنين، وفي
التهذيب: إِذا ولدت بطنين، وقيل: إِذا ولدت بطناً واحداً، والأَول أَقيس،
وجمعها ثُناءٌ؛ عن سيبويه، جعله كظِئْرٍ وظُؤارٍ؛ واستعاره لبيد للمرأَة
فقال:لياليَ تحتَ الخِدْرِ ثِنْي مُصِيفَة
من الأُدْم، تَرْتادُ الشُّرُوج القَوابِلا
والجمع أَثْناء؛ قال:
قامَ إِلى حَمْراءَ مِنْ أَثْنائِها
قال أَبو رِياش: ولا يقال بعد هذا شيء مشتقّاً؛ التهذيب: وولدها الثاني
ثِنْيُها؛ قال أَبو منصور: والذي سمعته من العرب يقولون للناقة إِذا ولدت
أَول ولد تلده فهي بِكْر، وَوَلَدها أَيضاً بِكْرُها، فإِذا ولدت الولد
الثاني فهي ثِنْيٌ، وولدها الثاني ثِنْيها، قال: وهذا هو الصحيح. وقال في
شرح بيت لبيد: قال أَبو الهيثم المُصِيفة التي تلد ولداً وقد أَسنَّت،
والرجل كذلك مُصِيف وولده صَيْفِيّ، وأَرْبَعَ الرجلُ وولده رِبْعِيُّون.
والثَّواني: القُرون التي بعد الأَوائل.
والثِّنَى، بالكسر والقصر: الأَمر يعاد مرتين وأَن يفعل الشيءَ مرتين.
قال ابن بري: ويقال ثِنىً وثُنىً وطِوىً وطُوىً وقوم عِداً وعُداً ومكان
سِوىً وسُوىً. والثِّنَى في الصّدَقة: أَن تؤخذ في العام مرتين. ويروى عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا ثِنَى في الصدقة، مقصور، يعني
لا تؤخذ الصدقة في السنة مرتين؛ وقال الأَصمعي والكسائي، وأَنشد أَحدهما
لكعب بن زهير وكانت امرأَته لامته في بَكْرٍ نحره:
أَفي جَنْبِ بَكْرٍ قَطَّعَتْني مَلامَةً؟
لَعَمْري لَقَدْ كانَتْ مَلامَتُها ثِنَى
أَي ليس بأَوّل لومِها فقد فعلته قبل هذا، وهذا ثِنىً بعده، قال ابن
بري: ومثله قول عديّ بن زيد:
أَعاذِلُ، إِنَّ اللَّوْمَ، في غير كُنْهِهِ،
عَليَّ ثِنىً من غَيِّكِ المُتَرَدِّد
قال أَبو سعيد: لسنا ننكر أَن الثِّنَى إِعادة الشيء مرة بعد مرة ولكنه
ليس وجهَ الكلام ولا معنى الحديث، ومعناه أَن يتصدق الرجل على آخر بصدقة
ثم يبدو له فيريد أَن يستردَّها، فيقال لا ثِنَى في الصدقة أَي لا رجوع
فيها، فيقول المُتَصَدِّقُ بها عليه ليس لك عليَّ عُصْرَةُ الوالد أَي ليس
لك رجوع كرجوع الوالد فيما يُعطي وَلَده؛ قال ابن الأَثير: وقوله في
الصدقة أَي في أَخذ الصدقة، فحذف المضاف، قال: ويجوز أَن تكون الصدقة بمعنى
التصديق، وهو أَخذ الصدقة كالزكاة والذكاة بمعنى التزكية والتذكية، فلا
يحتاج إِلى حذف مضاف. والثِّنَى: هو أَن تؤخذ ناقتان في الصدقة مكان
واحدة.والمَثْناة والمِثْناة: حبل من صوف أَو شعر، وقيل: هو الحبل من أَيّ شيء
كان. وقال ابن الأَعرابي: المَثْناة، بالفتح، الحبل.
الجوهري: الثِّنَاية حبل من شعر أَو صوف؛ قال الراجز:
أَنا سُحَيْمٌ، ومَعِي مِدرايَهْ
أَعْدَدْتُها لِفَتْكِ ذِي الدوايَهْ،
والحَجَرَ الأَخْشَنَ والثِّنايَهْ
قال: وأَما الثِّناءُ، ممدود، فعقال البعير ونحو ذلك من حبل مَثْنيٍّ،
وكل واحد من ثِنْيَيْه فهو ثِناءٌ لو أُفرد؛ قال ابن بري: إِنما لم يفرد
له واحد لأَنه حبل واحد تشدّ بأَحد طرفيه اليد وبالطرف الآخر الأُخرى،
فهما كالواحد. وعقلت البعير بِثنايَيْن، غير مهموز، لأَنه لا واحد له إِذا
عقلت يديه جميعاً بحبل أَو بطرفي حبل، وإِنما لم يهمز لأَنه لفظ جاء
مُثَنّىً لا يفرد واحده فيقال ثِناء، فتركت الياء على الأَصل كما قالوا في
مِذْرَوَيْن، لأَن أَصل الهمزة في ثِنَاءٍ لو أُفْرد ياءٌ، لأَنه من ثنيت،
ولو أُفرد واحده لقيل ثناءان كما تقول كساءان ورداءان. وفي حديث عمرو بن
دينار قال: رأَيت ابن عمر ينحر بدنته وهي باركة مَثْنِيَّة بِثِنايَيْن،
يعني معقولة بِعِقالين، ويسمى ذلك الحبل الثِّنايَة؛ قال ابن الأَثير:
وإِنما لم يقولوا ثناءَيْن، بالهمز، حملاً على نظائره لأَنه حبل واحد يشد
بأَحد طرفيه يد، وبطرفه الثاني أُخرى، فهما كالواحد، وإِن جاء بلفظ اثنين
فلا يفرد له واحد؛ قال سيبويه: سأَلت الخليل عن الثِّنايَيْن فقال: هو
بمنزلة النهاية لأَن الزيادة في آخره لا تفارقه فأَشبهت الهاء، ومن ثم قالوا
مذروان، فجاؤوا به على الأَصل لأَن الزيادة فيه لا تفارقه. قال سيبويه:
وسأَلت الخليل، رحمه الله، عن قولهم عَقَلْته بِثِنايَيْن وهِنايَيْن
لِمَ لم يهمزوا؟ فقال: تركوا ذلك حيث لم يُفْرد الواحدُ. وقال ابن جني: لو
كانت ياء التثنية إِعراباً أَو دليل إِعراب لوجب أَن تقلب الياء التي بعد
الأَلف همزة فيقال عقلته بِثِناءَيْن، وذلك لأَنها ياء وقعت طرفاً بعد
أَلف زائدة فجرى مجرى ياء رِداءٍ ورِماءٍ وظِباءٍ. وعَقَلْتُه بِثِنْيَيْنِ
إِذا عَقَلْت يداً واحدة بعُقْدتين. الأَصمعي: يقال عَقَلْتُ البعيرَ
بثِنَايَيْنِ، يُظهرون الياء بعد الأَلف وهي المدة التي كانت فيها، ولو مدّ
مادٌّ لكان صواباً كقولك كساء وكساوان وكساءان. قال: وواحد
الثِّنَايَيْنِ ثِناءٌ مثل كساء ممدود. قال أَبو منصور: أَغفل الليث العلة في
الثِّنايَين وأَجاز ما لم يجزه النحويون؛ قال أَبو منصور عند قول الخليل تركوا
الهمزة في الثِّنَايَيْن حيث لم يفردوا الواحد، قال: هذا خلاف ما ذكره
الليث في كتابه لأَنه أَجاز أَن يقال لواحد الثِّنَايَيْن ثِناء، والخليل
يقول لم يهمزوا الثِّنايَيْنِ لأَنهم لا يفردون الواحد منهما، وروى هذا شمر
لسيبويه. وقال شمر: قال أَبو زيد يقال عقلت البعير بثِنايَيْن إِذا عقلت
يديه بطرفي حبل، قال: وعقلته بثِنْيَيْنِ إِذا عقله يداً واحدة بعقدتين.
قال شمر: وقال الفراء لم يهمزوا ثِنَايَيْن لأَن واحده لا يفرد؛ قال
أَبو منصور: والبصريون والكوفيون اتفقوا على ترك الهمز في الثنايين وعلى أَن
لا يفردوا الواحد. قال أَبو منصور: والحبل يقال له الثِّنَايةُ، قال:
وإِنما قالوا ثِنايَيْن ولم يقولوا ثِنايتَيْنِ لأَنه حبل واحد يُشَدُّ
بأَحد طرفيه يَدُ البعير وبالطرف الآخر اليدُ الأُخْرى، فيقال ثَنَيْتُ
البعير بثِنايَيْنِ كأَنَّ الثِّنايَيْن كالواحد وإِن جاء بلفظ اثنين ولا
يفرد له واحد، ومثله المِذْرَوانِ طرفا الأَلْيَتَيْنِ، جعل واحداً، ولو
كانا اثنين لقيل مِذْرَيان، وأَما العِقَالُ الواحدُ فإِنه لا يقال له
ثِنايَةٌ، وإِنما الثِّناية الحبل الطويل؛ ومنه قول زهير يصف السَّانيةَ
وشدَّ قِتْبِها عليها:
تَمْطُو الرِّشاءَ، فَتُجْرِي في ثِنايَتها،
من المَحالَةِ، ثَقْباً رائداً قَلِقاً
والثِّنَاية ههنا: حبل يشد طرفاه في قِتْب السانية ويشد طرف الرِّشاء في
مَثْناته، وكذلك الحبل إِذا عقل بطرفيه يد البعير ثِنايةٌ أَيضاً. وقال
ابن السكيت: في ثِنَايتها أَي في حبلها، معناه وعليها ثنايتها. وقال أَبو
سعيد: الثِّنَاية عود يجمع به طرفا المِيلين من فوق المَحَالة ومن تحتها
أُخرى مثلها، قال: والمَحَالة والبَكَرَة تدور بين الثّنَايتين. وثِنْيا
الحبل: طرفاه، واحدهما ثِنْيٌ. وثِنْيُ الحبل ما ثَنَيْتَ؛ وقال طرفة:
لَعَمْرُك، إِنَّ الموتَ ما أَخْطَأَ الفَتَى
لَكالطِّوَلِ المُرْخى، وثِنْياه في اليد
يعني الفتى لا بُدَّ له من الموت وإِن أُنْسِئ في أَجله، كما أَن
الدابة وإِن طُوّل له طِوَلُه وأُرْخِي له فيه حتى يَرُود في مَرتَعه ويجيء
ويذهب فإِنه غير منفلت لإِحراز طرف الطِّوَل إِياه، وأَراد بِثِنْييه الطرف
المَثْنِيَّ في رُسْغه، فلما انثنى جعله ثِنْيين لأَنه عقد بعقدتين،
وقيل في تفسير قول طرفة: يقول إِن الموت، وإِن أَخطأَ الفتى، فإِن مصيره
إِليه كما أَن الفرس، وإِن أُرْخِي له طِوَلُه، فإِن مصيره إِلى أَن يَثْنيه
صاحبه إِذ طرفه بيده. ويقال: رَبَّق فلان أَثناء الحبل إِذا جعل وسطه
أَرْباقاً أَي نُشَقاً للشاء يُنْشَق في أَعناق البَهْمِ.
والثِّنَى من الرجال: بعد السَّيِّد، وهو الثُّنْيان؛ قال أَوس بن
مَغْراء:
تَرَى ثِنانا إِذا ما جاء بَدْأَهُمُ،
وبَدْؤُهُمْ إِن أَتانا كان ثُنْيانا
ورواه الترمذي: ثُنْيانُنا إِن أَتاهم؛ يقول: الثاني منَّا في الرياسة
يكون في غيرنا سابقاً في السُّودد، والكامل في السُّودد من غيرنا ثِنىً في
السودد عندنا لفضلنا على غيرنا. والثُّنْيان، بالضم: الذي يكون دون
السيد في المرتبة، والجمع ثِنْيةٌ؛ قال الأَعشى:
طَوِيلُ اليدَيْنِ رَهْطُه غيرُ ثِنْيةٍ،
أَشَمُّ كَرِيمٌ جارُه لا يُرَهَّقُ
وفلان ثِنْية أَهل بيته أَي أَرذلهم. أَبو عبيد: يقال للذي يجيء ثانياً
في السُّودد ولا يجيء أَولاً ثُنىً، مقصور، وثُنْيانٌ وثِنْيٌ، كل ذلك
يقال. وفي حديث الحديبية: يكون لهم بَدْءُ الفُجور وثِناه أَي أَوَّله
وآخره.
والثَّنِيّة: واحدة الثَّنايا من السِّن. المحكم: الثَّنِيّة من
الأَضراس أولُ ما في الفم. غيره: وثَنايا الإنسان في فمه الأربعُ التي في مقدم
فيه: ثِنْتانِ من فوق، وثِنْتانِ من أَسفل. ابن سيده: وللإنسان والخُفِّ
والسَّبُع ثَنِيّتان من فوقُ وثَنِيّتان من أَسفلَ. والثَّنِيُّ من الإبل:
الذي يُلْقي ثَنِيَّته، وذلك في السادسة، ومن الغنم الداخل في السنة
الثالثة، تَيْساً كان أَو كَبْشاً. التهذيب: البعير إذا استكمل الخامسة وطعن
السادسة فهو ثَنِيّ، وهو أَدنى ما يجوز من سنِّ الإبل في الأَضاحي،
وكذلك من البقر والمِعْزى
(* قوله «وكذلك من البقر والمعزى» كذا بالأصل، وكتب
عليه بالهامش: كذا وجدت أ هـ. وهو مخالف لما في القاموس والمصباح
والصحاح ولما سيأتي له عن النهاية)، فأما الضأن فيجوز منها الجَذَعُ في
الأَضاحي، وإنما سمي البعير ثَنِيّاً لأَنه أَلقى ثَنيَّته. الجوهري: الثَّنِيّ
الذي يُلْقِي ثَنِيَّته، ويكون ذلك في الظِّلْف والحافر في السنة
الثالثة، وفي الخُفّ في السنة السادسة. وقيل لابْنةِ الخُسِّ: هل يُلْقِحُ
الثَّنِيُّ؟ فقالت: وإلْقاحُه أَنِيٌّ أَي بَطِيءٌ، والأُنْثى ثَنِيَّةٌ،
والجمع ثَنِيّاتٌ، والجمع من ذلك كله ثِناء وثُناء وثُنْيانٌ. وحكى سيبويه
ثُن. قال ابن الأَعرابي: ليس قبل الثَّنيّ اسم يسمى ولا بعد البازل اسم
يسمى. وأَثْنَى البعيرُ: صار ثَنِيّاً، وقيل: كل ما سقطت ثَنِيّته من غير
الإنسان ثَنيٌّ، والظبي ثَنِيٌّ بعد الإجذاع ولا يزال كذلك حتى يموت.
وأَثْنى أَي أَلْقى ثَنِيّته. وفي حديث الأضحية: أَنه أمر بالثَّنِيَّة من
المَعَز؛ قال ابن الأَثير: الثَّنِيّة من الغنم ما دخل في السنة الثالثة،
ومن البقر كذلك، ومن الإبل في السادسة، والذكر ثَنِيٌّ، وعلى مذهب أَحمد بن
حنبل ما دخل من المَعَز في الثانية، ومن البقر في الثالثة. ابن
الأَعرابي: في الفرس إذا استَتمَّ الثالثة ودخل في الرابعة ثَنِيٌّ، فإذا أَثْنَى
أَلقى رواضعه، فيقال أَثْنَى وأدْرَم للإثناء، قال: وإذا أَثْنَى سقطت
رواضعه ونبت مكانها سِنٌّ، فنبات تلك السن هو الإثناء، ثم يسقط الذي يليه
عند إرباعه. والثَّنِيُّ من الغنم: الذي استكمل الثانية ودخل في الثالثة،
ثم ثَنِيٌّ
في السنة الثالثة مثل الشاة سواءً. والثَّنِيّة: طريق العقبة؛ ومنه
قولهم: فلان طَلاَّع الثَّنايا إذا كان سامياً لمعالمي الأُمور كما يقال
طَلاَّ أَنْجُدٍ، والثَّنِيّة: الطريقة في الجبل كالنَّقْب، وقيل: هي
العَقَبة، وقيل: هي الجبل نفسه. ومَثاني الدابة: ركبتاه ومَرْفقاه؛ قال امرؤ
القيس:
ويَخْدِي على صُمٍّ صِلابٍ مَلاطِسٍ،
شَديداتِ عَقْدٍ لَيِّناتِ مَثاني
أَي ليست بجاسِيَة. أَبو عمرو: الثَّنايا العِقاب. قال أَبو منصور:
والعِقاب جبال طِوالٌ بعَرْضِ الطريق، فالطريق تأخذ فيها، وكل عَقَبة مسلوكة
ثَنِيَّةٌ، وجمعها ثَنايا، وهي المَدارِج أَيضاً؛ ومنه قول عبد الله ذي
البِجادَيْن المُزَني:
تَعَرَّضِي مَدارِجاً، وَسُومِي،
تعَرُّضَ الجَوْزاء للنُّجوم
يخاطب ناقة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكان دليله بركوبه،
والتعرّض فيها: أن يَتَيامَن الساندُ فيها مرَّة ويَتَياسَر أخرى ليكون
أَيسر عليه. وفي الحديث: مَنْ يَصْعَدْ ثَنِيّة المُرارِ حُطَّ عنه ما حُطَّ
عن بني إسرائيل؛ الثَّنِيّة في الجبل: كالعقبة فيه، وقيل: هي الطريق
العالي فيه، وقيل: أَعلى المَسِيل في رأْسه، والمُرار، بالضم: موضع بين مكة
والمدينة من طريق الحُدَيْبية، وبعضهم يقوله بالفتح، وإنما حَثَّهم على
صعودها لأَنها عَقَبة شاقَّة، وصلوا إليها ليلاً حين أَرادوا مكة سنة
الحديبية فرغَّبهم في صعودها، والذي حُطَّ عن بني إسرائيل هو ذنوبهم من قوله
تعالى: وقولوا حِطَّةٌ نغفر لكم خطاياكم؛ وفي خطبة الحجَّاج:
أَنا ابنُ جَلا وطَلاَّع الثَّنايا
هي جمع ثَنِيّة، أَراد أَنه جَلْدٌ يرتكب الأُمور العظام.
والثَّناءُ: ما تصف به الإنسانَ من مَدْح أَو ذم، وخص بعضهم به المدح،
وقد أثْنَيْتُ عليه؛ وقول أبي المُثلَّم الهذلي:
يا صَخْرُ، أَو كنت تُثْني أَنَّ سَيْفَكَ مَشْـ
قُوقُ الخُشَيْبةِ، لا نابٍ ولا عَصِلُ
معناه تمتدح وتفتخر، فحذف وأَوصل. ويقال للرجل الذي يُبْدَأُ بذكره في
مَسْعاةٍ أو مَحْمَدة أَو عِلْمٍ: فلان به تُثْنَى الخناصر أَي تُحْنَى في
أَوَّل من يُعَدّ ويُذْكر، وأَثْنَى عليه خيراً، والاسم الثَّناء.
المظفر: الثَّناءُ، ممدود، تَعَمُّدُك لتُثْنيَ على إنسان بحسَن أَو قبيح. وقد
طار ثَناءُ فلان أَي ذهب في الناس، والفعل أَثْنَى فلان
(* قوله «والفعل
أثنى فلان» كذا بالأصل ولعل هنا سقطاً من الناسخ وأصل الكلام: والفعل
أثنى فلان إلخ). على الله تعالى ثم على المخلوق يثني إثناء أَو ثناء يستعمل
في القبيح من الذكر في المخلوقين وضده. ابن الأَعرابي: يقال أَثْنَى إذا
قال خيراً أَو شرّاً، وأَنْثَنَى إذا اغتاب.
وثِناء الدار: فِناؤها. قال ابن جني: ثِناء الدار وفِناؤها أَصْلانِ
لأَن الثِّناء مِن ثَنَى يَثْني، لأَن هناك تَنْثَني عن الانبساط لمجيء
آخرها واستقصاء حدودها، وفِناؤها مِنْ فَنِيَ يَفْنَى لأَنك إذا تناهيت إلى
أَقصى حدودها فَنِيَتْ. قال ابن سيده: فإن قلت هلا جعلت إجماعهم على
أَفْنِيَة، بالفاء، دلالة على أَن الثاء في ثِناء بدل من فاء فناء، كما زعمت
أَن فاء جَدَف بدل من ثاء جَدَث لإجماعهم على أَجْداث بالثاء، فالفرق
بينهما وجودنا لِثِناء من الاشتقاق ما وجدناه لِفِناء، أَلا ترى أَن الفعل
يتصرف منهما جميعاً؟ ولَسْنا نعلم لِجَدَفٍ بالفاء تَصَرُّفَ جَدَثٍ، فلذلك
قضينا بأَن الفاء بدل من الثاء، وجعله أَبو عبيد في المبدل.
واسْتَثْنَيْتُ الشيءَ من الشيء: حاشَيْتُه. والثَّنِيَّة: ما اسْتُثْني. وروي عن
كعب أَنه قال: الشُّهداء ثَنِيَّةُ الله في الأَرض، يعني مَن اسْتَثْناه من
الصَّعْقة الأُولى، تأوَّل قول الله تعالى: ونفخ في الصور فصَعِق من في
السموات ومن في الأَرض إلا من شاء الله؛ فالذين استَثْناهم الله عند كعب
من الصَّعْق الشهداء لأَنهم أَحياء عند ربهم يُرْزَقون فَرِحِين بما
آتاهم الله من فضله، فإذا نُفِخ في الصور وصَعِقَ الخَلْقُ عند النفخة
الأُولى لم يُصْعَقوا، فكأَنهم مُسْتَثْنَوْنَ من الصَّعِقين، وهذا معنى كلام
كعب، وهذا الحديث يرويه إبراهيم النخعي أَيضاً. والثَّنِيَّة: النخلة
المستثناة من المُساوَمَة.
وحَلْفةٌ غير ذات مَثْنَوِيَّة أَي غير مُحَلَّلة. يقال: حَلَف فلان
يميناً ليس فيها ثُنْيا ولا ثَنْوَى
(* قوله «ليس فيها ثنيا ولا ثنوى» أي
بالضم مع الياء والفتح مع الواو كما في الصحاح والمصباح وضبط في القاموس
بالضم، وقال شارحه: كالرجعى). ولا ثَنِيَّة ولا مَثْنَوِيَّةٌ
ولا استثناء، كله واحد، وأصل هذا كله من الثَّنْي والكَفِّ والرَّدّ
لأَن الحالف إذا قال والله لا أَفعل كذا وكذا إلا أَن يشاء الله غَيْرَه فقد
رَدَّ ما قاله بمشيئة الله غيره. والثَّنْوة: الاستثناء. والثُّنْيانُ،
بالضم: الإسم من الاستثناء، وكذلك الثَّنْوَى، بالفتح. والثُّنيا
والثُّنْوى: ما استثنيته، قلبت ياؤه واواً للتصريف وتعويض الواو من كثرة دخول
الياء عليها، والفرقِ أَيضاً بين الإسم والصفة. والثُّنْيا المنهي عنها في
البيع: أَن يستثنى منه شيء مجهول فيفسد البيع، وذلك إذا باع جزوراً بثمن
معلوم واستثنى رأْسه وأَطرافه، فإن البيع فاسد. وفي الحديث: نهى عن
الثُّنْيا إلا أَن تُعْلَمَ؛ قال ابن الأَثير: هي أَن يستثنى في عقد البيع شيء
مجهول فيفسده، وقيل: هو أَن يباع شيء جزافاً فلا يجوز أَن يستثنى منه
شيء قلَّ أَو كثر، قال: وتكون الثُّنْيا في المزارعة أَن يُسْتثنى بعد
النصف أَو الثلث كيل معلوم. وفي الحديث: من أَعتق أو طلَّق ثم استثنى فله
ثُنْياءُ أَي من شرط في ذلك شرطاً أَو علقه على شيء فله ما شرط أَو استثنى
منه، مثل أَن يقول طلقتها ثلاثاً إلا واحدة أَو أَعتقتهم إلا فلاناً،
والثُّنْيا من الجَزور: الرأْس والقوائم، سميت ثُنْيا لأَن البائع في
الجاهلية كان يستثنيها إذا باع الجزور فسميت للاستثناء الثُّنْيا. وفي الحديث:
كان لرجل ناقة نجيبة فمرضت فباعها من رجل واشترط ثُنْياها؛ أَراد قوائمها
ورأْسها؛ وناقة مذكَّرة الثُّنْيا؛ وقوله أَنشده ثعلب:
مذَكَّرة الثُّنْيا مُسانَدة القَرَى،
جُمالِيَّة تَخْتبُّ ثم تُنِيبُ
فسره فقال: يصف الناقة أَنها غليظة القوائم كأَنها قوائم الجمل لغلظها.
مذكَّرة الثُّنْيا: يعني أَن رأْسها وقوائمها تشبه خَلْق الذِّكارة، لم
يزد على هذا شيئاً. والثَّنِيَّة: كالثُّنْيا. ومضى ثِنْيٌ من الليل أَي
ساعة؛ حكى عن ثعلب: والثُنون
(* قوله «والثنون إلخ» هكذا في الأصل): الجمع
العظيم.
فتق: الفَتْق: خلاف الرَّتْق. فَتَقَهُ يَفْتُقُه ويَفْتِقُه فَتْقاً:
شقه؛ قال:
ترى جَوَابها بالشحم مَفْتُوقا
إِنما أَراد مفتوقة فأَوقع الواحد موقع الجماعة. وفَتَّقهُ تَفْتيِقاً
فانْفتَقَ وتَفَتَّق. والفَتْقُ: الخَلَّةُ من الغيم، والجمع فُتُوق؛ قال
أَبو محمد الحذلمي:
إِنَّ لها في العامِ ذي الفُتُوقِ،
وزَلَلِ النيَّةِ والتَّصْفِيقِ،
رِعْيةَ ربٍّ ناصحٍ شَفِيقِ،
يَظَلُّ تحت الفَنَنِ الوَرِيقِ،
يَشُولُ بالمِحْجَنِ كالمَحْروقِ
قوله لها يعني للإِبل، ذو الفُتُوق: القليل المطر، وزَلَلُ النيَّة: أَن
تَزِلَّ من موضع إِلى موضع لطلب الكَلأِ، والنيَّةُ: حيث يُنْوى من
نواحي البلاد، والمِحْجَنُ: شيء يجذب به أَغصان الشجر لتقرب من الإِبل
فتأْكل منها، فإِذا سئم ربط في أَسفل المِحْجَن عقالاً ثم جعله في ركبته،
والمَحْروق: الذي انقطعتِ حارقته. وأَفْتَقَ القومُ: تَفَتَّق عنهم الغيم.
وأَفْتَقَ قَرْنُ الشمس: أَصاب فَتْقاً من السحاب فبدا منه؛ قال الراعي:
تُرِيكَ بياضَ لَبَّتِها ووَجْهاً،
كقَرْنِ الشمس، أَفْتَقَ ثم زَالا
والفِتَاقُ: الشمس حين يُطْبقُ عليها ثم يبدو منها شيء.
والفَتَقَةُ: الأَرض التي يصيب ما حولها المطر ولا يصيبها. وأَفْتَقْنا:
لم تُمْطَر بلادُنا ومُطِرَ
غيرُنا؛ عن ابن الأَعرابي، وحكي: خرجنا فما أَفْتَقْنا حتى وردنا
اليمامة، ولم يفسره، فقد يكون من قوله أَفْتَقَ
القوم إِذا تَفَتَّقَ عنهم الغيم، وقد يكون قولهم أَفْتَقْنا إِذا لم
تُمْطَر بلادُنا ومُطِر غيرُها. والفَتْقُ: الموضع الذي لم يمطر. وفي حديث
مسيره إِلى بدر: خرج حتى أَفْتَقَ بين الصَّدْمتين أَي خرج من مَضيق
الوادي إِلى المُتَّسع. وأَفْتَقَ السحابُ إِذا انفرج. وأَفْتَقْنا: صادفنا
فَتْقاً أَي موضعاً لم يمطر وقد مُطِرَ ما حوله؛ وأَنشد:
إِنَّ لها في العام ذي الفُتوقِ
والفَتَقُ: الصبح. وصبح فَتِيقٌ: مُشرق. التهذيب: والفَتْق انفلاق
الصبح؛ قال ذو الرمة:
وقد لاحَ للسَّارِي الذي كَمَّل السُّرَى،
على أُخْرَياتِ الليل، فَتْقٌ مُشَهَّرُ
والفَتِيقُ
اللسانِ: الحُذَاقيّ الفصيح. ورجل فَتِيقُ اللسان، على فعيل: فصيحُه
حَدُِيدُه. ونَصْلٌ فَتِيق: حديد الشَّفْرتين جُعِلَ له شُعْبتان كأَنَّ
إِحداهما فُتِقَتْ من الأخرى؛ وأَنشد:
فَتِيقَ الغِرَارَينِ حَشْراً سَنينَا
وسيف فَتِيقٌ إِذا كان حادّاً؛ ومنه قوله: كنَصْل الزَّاعِبيّ فَتِيق.
وفَتَقَ فلان الكلام وبَجَّه إِذا قوَّمه ونقْحه. وامرأَة فُتُق، بضم
الفاء والتاء: مُتَفَتِّقَة بالكلام. والفَتَقُ، بالتحريك: مصدر قولك امرأَة
فَتْقاء، وهي المُنْفَتِقةُ الفرج خلاف الرَّتْقاء. أَبو الهيثم:
الفَتْقاءُ من النساء التي صار مَسْلَكاها واحداً وهي الأَتُومُ. ابن السكيت:
امرأَة فُتُق للتي تفتق في الأُمور؛ قال ابن أَحمر:
ليْسَت بشَوْشَاةِ الحديثِ، ولا
فُتُق مُغَالبة على الأَمْرِ
والفِتاقُ: انْفِتاقُ الغيم عن الشمس في قوله:
وفَتَاة بَيْضاء ناعمة الجِسْـ
ـمِ لَعُوب، ووَجْهُها كالفِتاق
وقيل: الفِتاقُ أَصل اللِّيف والأَبيض يشبِّه به الوجه لنقائه وصفائه،
وقيل: الفِتاقُ أَصل الليف الأَبيض الذي لم يظهر.
والفَتْق: انشقاق العَصا ووقوع الحرب بين الجماعة وتصدُّع الكلمة. وفي
الحديث: لا تَحِلُّ المسأَلة إِلاَّ في حاجة أَو فَتْق. التهذيب: والفَتْق
شقُّ عصا المسلمين بعد اجتماع الكلمة من قِبَل حَرْب في ثَغْرٍ أَو غير
ذلك؛ وأَنشد:
ولا أَرى فَتْقَهُمْ في الدِّينِ يَرْتَتِقُ
وفي الحديث: يسأَل الرجل في الجَائِحة أَو الفَتْق أَي الحرب يكون بين
القوم وتقع فيها الجراحات والدماء، وأَصله الشَّقُّ والفتح، وقد يراد
بالفَتْق نقض العهد؛ ومنه حديث عروة بن مسعود: اذهب فقد كان فَتْقٌ بين
جُرَش. وأفْتَقَ الرجل إِذا أَلحت عليه الفُتُوق، وهي الآفات من جوع وفقر
ودَيْنٍ. والفَتْقُ: علَّة أَو نُتُوٌّ في مراقّ البطن. التهذيب: الفَتْقُ
يصيب الإِنسان في مراقّ بطنه يَنْفِتِقُ الصِّفاق الداخل. ابن بري:
والفَتْق، هو انفتاق المثانةِ، ويقال: هو أَن يَنْفَتِقَ الصِّفاق إِلى داخل،
وكان الأَزهري يقول: هو الفَتَق، بفتح التاء، وفي حديث زيد بن ثابت: في
الفَتَق الدية؛ قال الهروي: هكذا أَقرأَنيه الأَزهري بفتح التاء. وفي صفته ،
صلى الله عليه وسلم: كان في خاصرتيه انْفِتاق أَي اتساع، وهو محمود في
الرجل مذموم في النساء. والفَتْق: أَن تَنْشق الجلدة التي بين الخُصْية
وأَسفل البطن فتقع الأَمْعاء في الخصية. والفَتَقُ: الخصب، سمِّي بذلك
لانشقاق الأرض بالنبات؛ قال رؤبة:
تأْوي إِلى سَفْعاءَ كالثوب الخَلَقْ،
لم تَرْجُ رِسْلاً بعد أَعوامِ الفَتَقْ
أَي بعد أَعوام الخِصْب، تقول منه: فَتِقَ، بالكسر. وعام الفَتَق: عام
الخصب. وقد أَفْتَقَ القوم إِفْتاقاً إِذا سمنت دوابهم فَتَقَتَّقَت.
وتَفَتَّقَت خواصر الغنم من البقل إِذا اتسعت من كثرة الرعي. وبعير فَتِيقٌ
وناقة فَتِيقٌ أَي تَفَتَّقَتْ في الخصب، وقد فَتِقَتْ تَفْتَقُ فَتَقاً.
وعام فَتِقٌ: خصيب. وانْفَتَقَت الماشية وتَفَتَّقَتْ: سمنت. وجمل
فَتِيقٌ إِذا تَفَتَّقَ سمناً. وفي حديث عائشة: فمُطِروا حتى نبت العُشْب وسمنت
الإِبل حتى تَفَتَّقَتْ
أَي انتفخت خواصرها واتسعت من كثرة ما رعت، فسمي عام الفَتَقِ أَي
الخصب. الفراء: أَفْتَقَ الحيُّ إِذا أَصاب إِبلهم الفَتَقُ، وذلك إِذا
انْفَتَقَتْ خواصرها سِمَناً
فتموت لذلك وربما سلمت. وفي الحديث ذكر فُتُق، هو بضمتين: موضع في طريق
تَبَالة، سلكه قُطْبة بن عامر لما وجهه رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
ليُغير على خَثْعَم سنة تسع. والفَتَقُ: داءٌ يأْخذ الناقة بين ضرعها
وسرتها فَتَنْفَتِقُ وذلك من السمن. أَبو زيد: انْفَتَقَت الناقة
انْفِتاقاً، وهو الفَتَقُ، وهو داءٌ يأْخذها ما بين ضرعها وسرتها، فربما أَفْرَقَتْ
وربما ماتت وذلك من السمن، وقيل: الفَتَقُ انفتاق الصِّفاق إِلى داخل في
مراقِّ البطن وفيه الدية، وقال شريح والشعبي: فيه ثلث الدية، وقال مالك
وسفيان: فيه الاجتهاد من الحاكم، وقال الشافعي: فيه الحُكُومة، وقيل: هو
أَن ينقطع اللحم الــمشتمل على الأُنْثَيَيْنِ.
وفَتَق الخياطة يَفْتِقُها. الفراء في قوله تعالى: كانتا رَتْقاً
فَفَتْقَناهما، قال: فُتِقَتِ السماءُ بالقَطْر والأَرض بالنبات، وقال الزجاج:
المعنى أَن السموات كانت سماء واحدة مُرْتَتِقةً ليس فيها ماء فجعلها
الله غير واحدة، ففَتَقَ الله السماء فجعلها سبعاً وجعل الأَرض سبع أَرضين،
قال: ويدل على أَنه يريد بفَتْقِِها
كَوْنَ المطر قوله: وجعلنا من الماء كل شيء حيّ. ابن الأَعرابي: أَفْتَق
القمرُ إِذا برز بين سحابتين سوادوين، وأَفْتَقَ
الرجل إِذا استاك بالفِتَاقِ، وهو عرجون الكِباسَةِ، وفَتَقَ الطّيب
يَفْتُقه فَتْقاً: طيَّبه وخلطه بعود وغيره، وكذلك الدهن؛ قال الراعي:
لها فَأْرةٌ ذَفْرَاءً كل عشيّةٍ،
كما فَتَقَ الكافورَ بالمِسْكِ فاتِقُه
ذكر إِبلاً رعت العشب وزَهْرته وأَنها نَدِيَتْ جلودها ففاحت رائحة
المسك. والفِتاقُ: ما فُتِقَ به. وفَتْقُ المسك بغيره: استخراج رائحته بشيء
تدخله عليه، وقيل: الفِتَاقُُ أَخلاط من أَدوية مدقوقة تُفْتَقُ أَي تخلط
بدهن الزِئْبَقِ كي تفوح ريحه، والفِتاقُ: أَن تَفْتُق المسك بالعنبر.
ويقال: الفِتاقُ ضرب من الطِّيب، ويقال طيب الرائحة؛ قال الشاعر:
وكأَن الأَرْيَ المَشُورَ مع الخَمْـ
ـرِ بفِيها، يَشُوب ذاك فِتاقُ
وقال آخر:
علَّلَتْهُ الذَّكِيَّ والمِسْكَ طَوْراً،
ومن البْان ما يكون فِتاقا
والفِتاق: خَمِيرة ضخمة لا يَلْبَثُ العجين إِذا جعل فيه أَن يُدْرِكَ،
تقول: فَتَقْتُ العجين إِذا جعلت فيه فِتاقاً؛ قال ابن سيده: والفِتاقُ
خمير العجين، والفعل كالفعل.
والفَيْتَقُ: النَجّار، وهو فَيْعَل؛ قال الأَعشى:
ولا بدَّ من جَارٍ يُجِيرُ سَبِيلَها،
كما سَلَك السَّكِّيَّ في الباب فَيْتَقُ
والسَّكِّيّ: المسمار. والفَيْتَقُ: البوّاب، وقيل الحدّاد؛ التهذيب:
يقال للمِلك فَيْتَق؛ ومنه قول الشاعر:
رأَيت المَنَايَا لا يُغَادِرْنَ ذا غِنىً
لِمالٍ، ولا ينجو من الموت فَيْتَقُ
وفِتاق: اسم موضع؛ قال الحرب بن حلزمة:
فمُحَيَّاة فالصِّفَاح، فأَعنا
ق فِتَاق، فعَاذِب فالوَفَاء
(* روي هذا البيت في معلقة الحرث بن حلّزة على هذه الصورة:
فالمُحَيَّاةُ، فالصفاحُ، فأعْلى * ذي فِتاقٍ، فعاذبٌ، فالوفاءُ).
فرِيَاض القَطَآ فأَودية الشُرْ
بُب، فالشُّعْبَتان فالأَبْلاء
فرض: فرَضْت الشيء أَفْرِضه فَرْضاً وفَرَّضْتُه للتكثير: أَوْجَبْتُه.
وقوله تعالى: سُورةٌ أَنْزَلْناها وفَرَضْناها، ويقرأ: وفرَّضْناها، فمن
قرأَ بالتخفيف فمعناه أَلزَمْنا كم العَمل بما فُرِضَ فيها، ومن قرأَ
بالتشديد فعلى وجهين: أَحدهما على معنى التكثير على معنى إِنا فرضنا فيها
فُرُوضاً، وعلى معنى بَيَّنَّا وفَصَّلْنا ما فيها من الحلال والحرام
والحدُود. وقوله تعالى: قد فرَضَ اللّه لكم تَحِلّةَ أَيْمانِكم؛ أَي بيَّنها.
وافْتَرَضَه: كفَرَضَه، والاسم الفَرِيضةُ. وفَرائضُ اللّهِ: حُدودُه
التي أَمرَ بها ونهَى عنها، وكذلك الفَرائضُ بالمِيراثِ. والفارِضُ
والفَرَضِيُّ: الذي يَعْرِف الفرائضَ ويسمى العِلْمُ بقِسْمةِ المَوارِيث
فَرائضَ. وفي الحديث: أَفْرَضُكم زيد. والفَرْضُ: السُّنةُ، فَرَضَ رسول اللّه،
صلّى اللّ عليه وسلّم، أَي سَنَّ، وقيل: فَرَضَ رسولُ اللّه، صلّى اللّه
عليه وسلّم، أَي أَوْجَبَ وُجُوباً لازماً، قال: وهذا هو الظاهر.
والفَرْضُ: ما أَوْجَبه اللّه عزّ وجلّ، سمي بذلك لأَنَّ له مَعالِمَ
وَحُدُوداً. وفرَض اللّه علينا كذا وكذا وافْتَرَضَ أَي أَوْجَب. وقوله عزّ وجلّ:
فمَن فرَض فيهنّ الحج؛ أَي أَوْجَبه على نفسه بإِحرامه. وقال ابن عرفة:
الفَرْضُ التوْقِيتُ. وكلُّ واجِبٍ مؤقَّتٍ، فهو مَفْرُوضٌ. وفي حديث ابن
عمر: العِلْمُ ثلاثةٌ منها فرِيضةٌ عادلةٌ؛ يريد العَدْل في القِسْمة
بحيث تكون على السِّهام والأَنْصِباء المذكورة في الكتاب والسنَّة، وقيل:
أَراد أَنها تكون مُسْتَنْبَطَةً من الكتاب والسنة وإِن لم يَرِد بها نص
فيهما فتكون مُعادِلةً للنص، وقيل: الفَرِيضةُ العادِلةُ ما اتفق عليه
المسلمون. وقوله تعالى: وقال لأَتَّخِذنَّ من عِبادِكَ نصِيباً مَفْرُوضاً؛
قال الزجاج: معناه مؤقتاً. والفَرْضُ: القِراءة. يقال: فَرَضْتُ جُزْئي
أَي قرأْته، والفَرِيضةُ من الإِبل والبقر: ما بلغ عَدَدُه الزكاةَ.
وأَفْرَضَتِ الماشِيةُ: وجبت فيها الفَرِيضة، وذلك إِذا بلغت نِصاباً.
والفَرِيضةُ: ما فُرِضَ في السائمةِ من الصدقة. أَبو الهيثم: فَرائضُ الإِبل التي
تحتَ الثَّنيّ والرُّبُعِ. يقال للقَلُوصِ التي تكون بنت سنة وهي تؤخذ
في خمس وعشرين: فَرِيضةٌ، والتي تؤخذ في ست وثلاثين وهي بنت لَبُونٍ وهي
بنت سنتين: فريضةٌ، والتي تؤخذ في ست وأَربعين وهي حِقّة وهي ابنة ثلاثِ
سنين: فريضة، والتي تؤخذ في إِحدى وستين جَذَعةٌ وهي فريضتها وهي ابنة
أَربع سنين فهذه فرائضُ الإِبلِ، وقال غيره: سميت فريضة لأَنها فُرِضَتْ أَي
أُوجِبَتْ في عَدَدٍ معلوم من الإِبل، فهي مَفْروضةٌ وفَريضة، فأُدخلت
فيها الهاء لأَنها جعلت اسماً لا نعتاً. وفي الحديث: في الفريضة تجبُ عليه
ولا توجَدُ عنده، يعني السِّنَّ المعين للإِخراج في الزكاة، وقيل: هو
عامّ في كل فرْضٍ مَشْروعٍ من فرائضِ اللّه عزّ وجل. ابن السكيت: يقال ما
لهم إِلا الفَرِيضتانِ، وهما الجَذَعةُ من الغنم والحِقّةُ من الإِبل. قال
ابن بري: ويقال لهما الفرْضتانِ أَيضاً؛ عن ابن السكيت. وفي حديث
الزكاة: هذه فَرِيضةُ الصدقةِ التي فَرَضَها رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه
وسلّم، على المسلمين أَي أَوجَبها عليهم بأَمر اللّه. وأَصلُ الفرض القطْعُ.
والفَرْضُ والواجِبُ سِيّانِ عند الشافعي، والفَرْضُ آكَدُ من الواجب عند
أَبي حنيفة، وقيل: الفرْضُ ههنا بمعنى التقدير أَي قَدّرَ صدَقةَ كلِّ
شيء وبَيَّنَها عن أَمر اللّه تعالى. وفي حديث حُنَيْنٍ: فإِن له علينا
ستّ فَرائضَ؛ الفرائضُ: جمع فَرِيضةٍ، وهو البعير المأْخوذ في الزكاة، سمي
فريضة لأَنه فَرْضٌ واجب على ربّ المال، ثم اتُّسِع فيه حتى سمي البعيرُ
فريضة في غير الزكاة؛ ومنه الحديث: مَن مَنَعَ فَرِيضةً من فَرائضِ
اللّه. ورجل فارِضٌ وفَرِيضٌ: عالِمٌ بالفَرائضِ كقولك عالِمٌ وعَلِيمٌ؛ عن
ابن الأعْرابي. والفَرْضُ: الهِبةُ. يقال: ما أَعطاني فَرْضاً ولا قَرْضاً.
والفرْضُ: العَطيّةُ المَرْسُومةُ، وقيل: ما أَعْطَيْتَه بغير قَرْضٍ.
وأَفْرَضْتُ الرَّجل وفَرَضْتُ الرَّجل وافْتَرَضْتُه إِذا أَعطيته. وقد
أَفْرَضْتُه إِفْراضاً. والفرْضُ: جُنْدٌ يَفْتَرِضُون، والجمع الفُروضُ.
الأَصمعي: يقال فَرَضَ له في العَطاء وفرَض له في الدِّيوانِ يَفْرِضْ
فَرْضاً، قال: وأَفْرَضَ له إِذا جعل فريضة. وفي حديث عَدِيّ: أَتيت عمر بن
الخطاب، رضي اللّه عنهما، في أُناسٍ من قَوْمِي فجعل يَفْرِضُ للرجل من
طَيِّء في أَلفين أََلفين ويُعْرِضُ عني أَي يَقْطَعُ ويُوجِبُ لكل رجل
منهم في العَطاء أَلفين من المال. والفرْضُ: مصدر كل شيء تَفْرِضُه
فتُوجِبه على إِنسان بقَدْر معلوم، والاسم الفَرِيضةُ.
والفارِضُ: الضخْمُ من كل شيء، الذكر والأُنثى فيه سواء، ولا يقال
فارِضةٌ. ولِحْيةٌ فارضٌ وفارِضةٌ: ضَخْمةٌ عظيمة، وشِقْشِقةٌ فارِضٌ وسِقاء
فارضٌ كذلك، وبَقَرة فارضٌ: مُسِنّة. وفي التنزيل: إِنها بقَرة لا فارِضٌ
ولا بِكْر؛ قال الفرّاء: الفارِضي الهَرِمةُ والبِكْرُ الشابّة. وقد
فَرَضَتِ البقرةُ تَفْرِضُ فُروضاً أَي كَبِرَتْ وطَعَنَت في السِّنّ، وكذلك
فَرُضَتِ البقرة، بالضم، فَراضةً؛ قال علقمة بن عوف وقد عَنى بقرة هرمة:
لَعَمْرِي، لقد أَعْطَيْتَ ضَيْفَكَ فارِضاً
تُجَرُّ إِليه، ما تَقُوم على رِجْلِ
ولم تُعْطِه بِكْراً، فَيَرْضَى، سَمِينةً،
فَكَيْفَ يُجازِي بالمَوَدَّةِ والفِعْلِ؟
وقال أُمية في الفارض أَيضاً:
كُمَيْت بَهِيم اللَّوْنِ ليس بِفارِضٍ،
ولا بخَصِيفٍ ذاتِ لَوْنٍ مُرَقَّمِ
وقد يستعمل الفارِضُ في المُسِنّ من غير البقر فيكون للمذكر وللمؤنث؛
قال:
شَوْلاء مسك فارض نهيّ،
من الكِباشِ، زامِر خَصيّ
وقومٌ فُرَّضٌ: ضِخامٌ، وقيل مَسانُّ؛ قال رجل من فُقَيْم:
شَيَّبَ أَصْداغِي، فرَأْسِي أَبْيَضُ،
مَحامِلٌ فيها رجالٌ فُرَّضُ
مِثْلُ البَراذِينِ، إِذا تأَرَّضُوا،
أَو كالمِراضِ غَيْرَ أَنْ لم يَمْرَضُوا
لو يَهْجَعُونَ سَنةً لم يَعْرِضُوا،
إِنْ قلْتَ يَوْماً: للغَداء، أَعْرَضُوا
نَوْماً، وأَطْرافُ السِّبالِ تَنْبِضُ،
وخُبِئَ المَلْتُوتُ والمُحَمَّضُ
واحدهم فارِضٌ؛ وروى ابن الأَعرابي:
مَحامِلٌ بِيضٌ وقَوْمٌ فُرَّضُ
قال: يريد أَنهم ثِقالٌ كالمَحاملِ؛ قال ابن بري: ومثله قول العجاج:
في شَعْشعانٍ عُنُق يَمْخُور،
حابي الحُيُودِ فارِضِ الحُنْجُور
قال: وقال الفقعسي يذكر غَرْباً واسِعاً:
والغَرْبُ غَرْبٌ بَقَرِيٌّ فارِضُ
التهذيب: ويقال من الفارض فَرَضَتْ وفُرضَت، قال: ولم نسمع بِفَرِضَ.
وقال الكسائي: الفارِضُ الكبيرة العظيمة، وقد فَرَضَت تَفْرِضُ فُرُوضاً.
ابن الأَعرابي: الفارض الكبيرة، وقال أَبو الهيثم: الفارِضُ المُسِنّةُ.
أَبو زيد: بقرة فارِضٌ وهي العظيمةُ السمينة، والجمع فَوارِضُ. وبقرةٌ
عَوانٌ: من بقر عُونٍ، وهي التي نُتجَت بعد بَطْنها البِكْر، قال قتادة: لا،
فارِضٌ هي الهَرِمةُ. وفي حديث طَهْفةَ: لكم في الوَظِيفةِ الفَريضةُ؛
الفَريضةُ الهرمةُ المُسِنّةُ، وهي الفارِضُ أَيضاً، يعني هي لكم لا
تُؤْخذُ منكم في الزكاة، ويروى: عليكم في الوَظِيفةِ الفَرِيضةُ أَي في كل
نِصابٍ ما فُرِضَ فيه. ومنه الحديث: لكم الفارِضُ والفرِيضُ؛ الفَرِيضُ
والفارِضُ: المُسِنّةُ من الإِبل، وقد فَرَضَت، فهي فارِضٌ وفارِضةٌ
وفَرِيضةٌ، ومثله في التقدير طَلَقَتْ فهي طالق وطالِقةٌ وطَلِيقةٌ؛ قال
العجاج:نَهْرُ سَعِيدٍ خالِصُ البياضِ،
مُنْحَدِرُ الجِرْية في اعْتِراضِ
هَوْلٌ يَدُقُّ بكم العِراضِ،
يَجْرِي على ذِي ثَبَجٍ فِرْياضِ
(* قوله: العراض بالكسر؛ هكذا في الأصل ولعلها العراضي بالياء
المشدّدة.)كأَنَّ صَوْت مائِه الخَضْخاضِ
أَجْلابُ جِنٍّ بنَقاً مِغْياضِ
قال: ورأَيت بالسِّتارِ الأَغْبَرِ عَيْناً يقال لها فِرْياضٌ تَسْقي
نخلاً كثيرة وكان ماؤها عذباً؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
يا رُبَّ مَوْلىً حاسِدٍ مُباغِضِ،
عليَّ ذِي ضِغْنِ وضَبٍّ فارِضِ،
له قُروء كقُروء الحائِضِ
عنى بضب فارضٍ عَداوةً عظيمة كبيرة من الفارض التي هي المسنة؛ وقوله:
له قروء كقروء الحائض
يقول: لعداوته أَوقات تهيج فيها مثل وقت الحائض. ويقال: أَضمر عليّ
ضِغْناً فارضاً وضِغْنةً فارضاً، بغير هاء، أَي عظيماً، كأَنه ذو فَرْض أَي
ذو حَزٍّ؛ وقال:
يا رُبّ ذي ضِغن عليّ فارِض
والفَرِيضُ: جِرّةُ البعير؛ عن كراع، وهي عند غيره القَريضُ بالقاف،
وسيأْتي ذكره. ابن الأَعرابي: الفَرْضُ الحَزُّ في القِدْحِ والزَّنْدِ وفي
السَّير وغيره، وفُرْضةُ الزند الحز الذي فيه. وفي حديث عمر، رضي اللّه
عنه: اتخذ عام الجدب قِدْحاً فيه فَرْض؛ الفرض: الحَزُّ في الشيء والقطعُ،
والقِدْحُ: السهْمُ قبل أَن يُعْمل فيه الرِّيشُ والنَّصْلُ. وفي صفة
مريم، عليها السلام: لم يَفْتَرِضْها ولَد أَي لم يؤثِّر فيها ولم يَحُزّها
يعني قبل المسيح. قال: ومنه قوله تعالى: لأَتخذنّ من عبادك نَصِيباً
مَفْرُوضاً؛ أَي مؤقتاً، وفي الصحاح: أَي مُقْتَطَعاً مَحْدوداً. وفَرْضُ
الزَّنْد: حيث يُقْدَحُ منه. وفَرَضْتُ العُودَ والزَّندَ والمِسْواكَ
وفرَضْتُ فيهما أَفْرِضُ فَرْضاً: حَزَزْتُ فيهما حَزّاً. وقال الأَصمعي:
فرَض مِسْواكَه فهو يَفْرِضُه فَرْضاً إِذا حَزَّه بأَسنانِه. والفَرْضُ:
اسم الحز، والجمع فُروضٌ وفِراضٌ؛ قال:
منَ الرَّصَفاتِ البِيضِ، غيَّرَ لَوْنَها
بَناتُ فِراضِ المَرْخِ، واليابسِ الجَزْلِ
التهذيب في ترجمة فرض: الليث التقْرِيضُ في كلّ شيء كتقْريضِ يَدَيِ
الجُعَلِ؛ وأَنشد:
إِذا طَرَحا شَأْواً بأَرْضٍ، هَوَى له
مُقَرَّضُ أَطْرافِ الذِّراعَين أَفلَحُ
قال الأَزهري: هذا تصحيف وإِنما هو التفريض، بالفاء، من الفرْض وهو
الحز. وقولهم الجُعْلانةُ مُفَرَّضةٌ كَأَنَّ فيها حُزوزاً، قال: وهذا البيت
رواه الثِّقاتُ أََيضاً بالفاء: مُفَرَّضُ أَطْرافِ الذراعين، وهو في شعر
الشماخ، وأَراد بالشأْو ما يُلْقِيه العَيْرُ والأَتانُ من أَرْواثها،
وقال الباهلي: أَراد الشماخ بالمُفَرَّضِ المُحَزَّزَ يعني الجُعَل.
والمِفْرَضُ: الحديدة التي يُحَزّ بها.
وقال أَبو حنيفة: فراض النحل
(* قوله «فراض النحل» كذا بالنسخة التي
بأَيدينا، والذي في شرح القاموس: الفراض ما تظهره إلخ.») ما تظهره
الزَّنْدةُ من النار إِذا اقْتُدِحَت. قال: والفراض إِنما يكون في الأُنثى من
الزندتين خاصة. وفَرَضَ فُوقَ السهْمِ، فهو مَفْروضٌ وفَريضٌ: حَزَّه.
والفَريضُ: السهم المَفْروض فُوقُه. والتفْريضُ: التحزيز. والفَرْضُ:
العَلامةُ؛ ومنه فرْضُ الصلاةِ وغيرها إِنما هو لازم للعبد كلُزومِ الحَزِّ
للقِدْح. الفراء: يقال خرجت ثَناياه مُفَرَّضةً أَي مؤشَّرةً، قال: والغُروبُ
ماء الأَسنان والظَّلْمُ بياضُها كأَنه يعلوه سَواد، وقيل: الأَشْرُ تحزيز
في أَطراف الأَسنان وأَطرافُها غُروبها، واحدها غَرْبٌ. والفَرْضُ:
الشّقُّ في وسَط القبر. وفَرَضْت للميت: ضَرَحْت.
والفُرْضةُ: كالفَرْضِ. والفَرْضُ والفُرْضةُ: الحَزّ الذي في القوْس.
وفُرْضة القوس: الحز يقع عليه الوتَر، وفَرْضُ القوسِ كذلك، والجمع
فِراضٌ. وفُرْضةُ النهر: مَشْرَبُ الماء منه، والجمع فُرَضٌ وفِراضٌ. الأَصمعي:
الفُرْضةُ المَشْرَعةُ، يقال: سقاها بالفِراضِ أَي من فُرْضةِ النهر.
والفُرْضة: الثُّلْمة التي تكون في النهر. والفِراضُ: فُوَّهةُ النهر؛ قال
لبيد:
تجري خزائنه على مَن نابَه،
جَرْيَ الفُراتِ على فِراضِ الجَدْوَلِ
وفُرْضةُ النهر: ثُلْمَتُه التي منها يُسْتقى. وفي حديث موسى، عليه
السلام: حتى أَرْفَأ به عند فرضة النهر أَي مَشْرَعَتِه، وجمع الفرضة فُرَضٌ.
وفي حديث ابن الزبير: واجعلوا السيوف للمنايا فُرَضاً أَي اجعلوها
مَشارِعَ للمنايا وتَعَرَّضُوا للشهادة. وفُرْضَةُ البحر: مَحَطُّ السفُن.
وفُرْضةُ الدواةِ: موضع النِّفْس منها. وفُرْضة الباب: نَجْرانُه.
والفَرْضُ: القِدْحُ؛ قال عبيدُ بن الأَبرص يصف بَرْقاً:
فَهْوَ كَنِبْراسِ النَّبِيطِ، أَو الـ
ـفَرْضِ بكَفِّ اللاَّعِبِ المُسْمِرِ
والمُسْمِرُ: الذي دخل في السَّمَرِ. والفَرْضُ: التُّرْسُ؛ قال صخر
الغي الهذلي:
أَرِقْتُ له مِثْلَ لَمْعِ البَشِيـ
ـرِ، قَلَّبَ بالكفِّ فَرْصاً خَفِيفَا
قال أََبو عبيد: ولا تقل قُرْصاً خفيفا. والفَرْضُ: ضرب من التمر، وقيل:
ضرب من التمر صغار لأَهل عُمان؛ قال شاعرهم:
إِذا أَكلتُ سمَكاً وفَرْضا،
ذهَبْتُ طُولاً وذهَبْتُ عَرْضا
قال أَبو حنيفة: وهو من أَجود تمر عُمانَ هو والبَلْعَقُ، قال: وأَخبرني
بعض أَعرابها قال: إِذا أَرْطَبَتْ نخلَتُه فتُؤُخِّرَ عن اخْتِرافِها
تَساقَطَ عن نواه فبقيت الكِباسةُ ليس فيها إِلا نَوىً معلَّق
بالتَّفارِيق.
ابن الأَعرابي: يقال لذكر الخنافس المُفَرَّضُ وأَبو سَلْمانَ
والحَوَّاز والكَبَرْتَلُ.
والفِراضُ: موضع؛ قال ابن أَحمر:
جزَى اللّه قَوْمي بالأُبُلَّةِ نُصْرةً
ومَبْدىً لهم، حَولَ الفِراضِ، ومَحضَرا
وأَما قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
كأَنْ لم يكُنْ مِنّا الفِراضُ مَظِنَّةً،
ولم يُمْسِ يَوْماً مِلْكُها بيَمِيني
فقد يجوز أَن يَعْنِيَ الموضع نفْسَه، وقد يجوز أَن يعني الثغور يشبهها
بمشارِعِ المياهِ، وفي حديث ابن عمر: أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم،
استقبل فُرْضَتَيِ الجبلِ؛ فُرْضةُ الجبل ما انْحَدَرَ من وسطه وجانبه.
ويقال للرجل إِذا لم يكن عليه ثوب: ما عليه فِراضٌ أَي ثوب، وقال أَبو
الهيثم: ما عليه سِتْرٌ. وفي الصحاح: يقال ما عليه فِراضٌ أَي شيءٌ من
لِباسٍ. وفِرْياضٌ: موضع.
فلج: فِلْجُ كلِّ شَيءٍ: نِصْفُه.
وفَلَج الشيءً بينهما يَفْلِجُه، بالكسر، فَلْجاً: قَسَمَه بنِصْفَيْنِ.
والفَلْجُ: القَسْمُ. وفي حديث عمر: أَنه بَعَثَ حُذَيْفَةَ وعثمانَ بنَ
حُنَيفٍ إِلى السّوادِ فَفَلَجَا الجِزْيةَ على أَهْلِهِ؛ الأَصمعي:
يعني قَسَماها، وأَصْلُه من الفِلْج، وهو المِكْيَالُ الذي يقال له
الفالِجُ، قال: وإِنما سميت القِسْمةُ بالفَلْجِ لأَن خراجهم كان
طعاماً.شمر: فَلَّجْتُ المالَ بينهم أَي قَسَمْتُه؛ وقال أَبو دواد:
فَفَرِيقٌ يُفَلِّجُ اللَّحْمَ نِيئاً،
وفَرِيقٌ لِطابِخِيهِ قُتارُ
وهو يُفَلِّج الأَمر أَي ينظر فيه ويُقَسِّمُه ويُدَبِّرهُ. الجوهري:
فَلَجْتُ الشيء بينهم أَفْلِجُه، بالكسر، فَلْجاً إِذا قسمته. وفَلَجْتُ
الشيء فلِْجَيْنِ أَي شَقَقْتُه نِصفين، وهي الفُلُوجُ؛ الواحد فَلْجٌ
وفِلْجٌ. وفَلَجْتُ الجِزْيَةَ على القوم إِذا فرضتها عليهم؛ قال أَبو عبيد:
هو مأْخوذ من القَفِيز الفالِجِ. وفَلَجْتُ الأَرضَ للزراعة؛ وكل شيء
شَقَقْتَه، فقد فَلَجْتَه.
والفَلُّوجَةُ: الأَرض المُصْلَحَةُ لِلزَّرْع، والجمع فَلالِيجُ، ومنه
سمي موضعٌ في الفُرات فَلُّوجةَ. وتَفَلَّجَتْ قدَمه: تَشَقَّقَتْ.
والفَلْجُ والفَالِجُ: البعير ذُو السنامَين، وهو الذي بين البُخْتيِّ
والعَرَبيِّ، سمي بذلك لأَن سنامه نِصفان، والجمع الفَوالِجُ. وفي الصحاح:
الفَالِجُ الجمل الضخم ذو السنامين يحمل من السِّنْدِ لِلْفِحْلَة. وفي
الحديث: أَنَّ فالِجاً تَرَدَّى في بئر، هو البعير ذو السنامين، سمي بذلك
لأَن سناميه يختلف مَيْلُهما.
والفالِجُ: رِيحٌ يأْخذ الإِنسان فيذهب بشقِّه، وقد فُلِجَ فَالِجاً،
فهو مَفْلُوجٌ؛ قال ابن دريد: لأَنه ذهب نصفه، قال: ومنه قيل لشُقَّةِ
البيت فَلِيجَةٌ. وفي حديث أَبي هريرة: الفالِجُ داءُ الأَنبياء؛ هو داءٌ
معروف يُرَخِّي بعضَ البدن؛ قال ابن سيده: وهو أَحد ما جاء من المصادر على
مثال فاعل. والمَفْلُوجُ: صاحب الفالِجِ، وقد فُلِجَ.
والفَلَجُ: الفَحَجُ في السَّاقَينِ، وقال: وأَّصل الفَلْجِ النِّصفُ من
كل شيءٍ، ومنه يقال: ضَرَبَه الفالِجُ في السَّاقَينِ، ومنه قولهم:
كُرٌّ بالفالج وهو نصف الكُرِّ الكبير.
وأَمْرٌ مُفَلَّجٌ: ليس بِمُسْتقِيمٍ على جهتِهِ.
والفَلَجُ: تباعُدُ القَدَمَينِ أُخُراً. ابن سيده: الفَلَجُ تَباعُدُ
ما بين السَّاقَيْنِ. وفَلَجُ الأَسنان: تباعُدٌ بينها؛ فَلِجَ فَلَجاً،
وهو أَفْلَجُ، وثَغْرٌ مُفَلَّجٌ أَفْلَجُ، والفَلَجُ بين الأَسنان. ورجل
أَفْلَجُ إِذا كان في أَسْنانِه تَفَرُّقٌ، وهو التفليج أَيضاً. التهذيب:
والفَلَجُ في الأَسنان تباعد ما بين الثّنايا والرَّباعِيات خِلْقةً،
فإِن تُكُلِّفَ، فهو التفليجُ.
ورجل أَفْلَجُ الأَسنانِ وامرأَة فَلْجاءُ الأَسنانِ، قال ابن دريد: لا
بد من ذكر الأَسنان، والأَفلج أَيضاً من الرجال: البعيد ما بين الثديين.
ورجل مُفَلَّجُ الثنايا أَي مُنْفَرِجُها، وهو خلاف المُتراصِّ
الأَسنان، وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان مُفَلَّجَ الأَسنانِ، وفي
رواية: أَفْلَجَ الأَسنانِ. وفي الحديث: أَنه لَعَنَ المُتَفَلِّجاتِ
للحُسْنِ، أَي النساءَ اللاتي يَفْعَلْنَ ذلك بأَسنانهن رغبة في التحسين.
وفَلَجُ الساقَيْنِ: تباعد ما بينهما. والفَلَجُ: انقِلابُ القدم على
الوَحْشِيّ وزوال الكَعْبِ.
وقيل: الأَفْلَجُ الذي اعْوِجاجُه في يَدَيْهِ، فإِن كان في رجليه، فهو
أَفْحَجُ. وَهَنٌ أَفْلَجُ: متباعِدُ الأَسْكَتَيْنِ. وفَرسٌ أَفْلَجُ:
مُتَبَاعِدُ الحَرْقَفَتَيْنِ، ويقال من ذلك كله: فَلِجَ فَلَجاً
وفَلَجةً، عن اللحياني. وأَمْرٌ مُفَلَّجٌ: ليس على اسْتِقامةٍ.
والفِلْجةُ: القِطْعةُ من البِجادِ. والفَلِيجةُ أَيضاً: شُقَّة من
شُقَقِ الخِباء، قال الأَصمعي: لا أَدري أَين تكون هي؟ قال عمرو بن
لَجَإٍ:تَمَشَّى غيرَ مُشْتمِلٍ بِثَوْبٍ،
سِوى خَلِّ الفَلِيجةِ بالخِلالِ
قال ابن سيده: وقول سلمى بن المُقْعَد الهُذَليِّ:
لَظَلَّتْ عليه أُّمُّ شِبْلٍ كأَنَّها،
إِذا شَبِعَتْ منه، فَلِيجٌ مُمَدَّدُ
يجوز أَن يكون أَراد فَلِيجَةً مُمَدَّدَةً، فحذف، ويجوز أَن يكون مما
يقال بالهاء وغير الهاء، ويجوز أَن يكون من الجمع الذي لا يفارق واحده
إِلا بالهاء.
والفَلْجُ: الظَّفَرُ والفَوْزُ؛ وقد فَلَجَ الرجلُ على خَصْمِه
يَفْلُجُ فَلْجاً. وفي المثل: مَنْ يَأْتِ الحَكَمَ وَحْدَه يَفْلُجْ.
وأَفْلَجَه الله عليه فَلْجاً وفُلُوجاً، وفَلَجَ القومَ وعلى القومِ
يَفْلُجُ ويَفْلِجُ فَلْجاً وأَفْلَجَ: فازَ. وفَلَجَ سَهْمُه وأَفْلَجَ:
فاز. وهو الفُلْجُ، بالضم. والسهْمُ الفالِجُ: الفائِزٌ. وفَلَجَ
بحُجَّتِه وفي حجته يَفْلُجُ فُلْجاً وفَلْجاً وفَلَجاً وفُلُوجاً، كذلك؛
وأَفْلَجَه على خَصْمِه: غَلَّبَه وفَضَّلَه.
وفالَجَ فلاناً فَفَلَجَه يَفْلُجُه: خاصَمه فخصَمَه وغَلَبَه.
وأَفْلَجَ اللهُ حجته: أَظْهَرها وقَوَّمَها، والاسم من جميع ذلك الفُلْجُ
والفَلَجُ، يقال: لمن الفُلْجُ والفَلَجُ؟ ورجل فالِجٌ في حُجَّته وفَلْجٌ، كما
يقال: بالِغٌ وبَلْغٌ، وثابتٌ وثَبْتٌ. والفَلْجُ: أَن يَفْلُجَ الرجلُ
أَصحابَه يَعْلُوهم ويَفُوتُهُمْ.
وأَنا من هذا الأَمر فالِجُ بنُ خَلاوةَ أَي بِريءٌ؛ فالِجٌ: اسم رجل،
وهو فالج بن خَلاوةَ الأَشجعي؛ وذلك أَنه قيل لفالج بن خَلاوةَ يوم
الرَّقَمِ لما قَتَلَ أُنَيْسٌ الأَسْرى: أَتَنْصُرُ أُنَيْساً؟ فقال: إِنِّي
منه بريء.
أَبو زيد: يقال للرجل إِذا وقع في أَمر قد كان منه بمعزل: كنتَ من هذا
فالِجَ بنَ خَلاوةَ يا فتى. الأَصمعي: أَنا من هذا فالج بن خلاوة أَي أَنا
منه بريء؛ ومثله: لا ناقةَ لي في هذا ولا جَمَلَ؛ رواه شمر لابن هانئ،
عنه.
والفَلَجُ، بالتحريك: النهر، وقيل: النهر الصغير، وقيل: هو الماء
الجاري؛ قال عبيد:
أَو فَلَجٌ بِبَطْنِ وادٍ
للماءِ، من تَحْتِه، قَسِيبُ
الجوهري: ولو روي في بُطونِ وادٍ، لاستقامَ وزن البيت، والجمع أَفْلاجٌ؛
وقال الأَعشى:
فما فَلَجٌ يَسْقِي جَداوِلَ صَعْنَبَى،
له مَشْرَعٌ سَهْلٌ إِلى كلِّ مَوْرِدِ
الجوهري: والفَلْج نهر صغير؛ قال العجاج:
فَصَبِّحا عَيْناً رِوًى وفَلْجا
قال: والفَلَجُ؛ بالتحريك، لغة فيه؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده:
تَذَكَّرا عَيْناً رِوًى وفَلَجا
بتحريك اللام؛ وبعده:
فَراحَ يَحْدُوها وباتَ نَيْرَجا
النَّيْرَجُ: السريعة؛ ويروى:
تَذَكَّرا عَيْناً رَواءً فَلَجا
يصف حماراً وأُتُناً. والماءٌ الرِّوي: العَذْبُ، وكذلك الرَّواءُ،
والجمع أَفْلاجٌ؛ قال امرؤ القيس:
بِعَيْنَيَّ ظُعْنُ الحَيِّ، لمَّا تَحَمَّلُوا
لَدى جانِبِ الإَفْلاجِ، منْ جَنْبِ تَيْمَرا
وقد يوصف به، فيقال: ماء فَلَجٌ وعين فَلَج، وقيل: الفَلَجُ الماء
الجاري من العين؛ قاله الليث وأَنشد:
تذكَْرا عيناً رَواءً فَلَجا
وأَنشد أَبو نصر:
تذكَّرا عيناً رِوًى وفَلَجا
والرِّوى: الكثير. والفُلُجُ: الساقِيةُ التي تَجْري إِلى جميع الحائطِ.
والفُلْجانُ: سواقي الزَّرْع. والفَلَجاتُ: المَزارِعُ؛ قال:
دَعُوا فَلَجاتِ الشامِ، قدْ حال دُونَها
طِعانٌ، كأَفْواهِ المخاضِ الأَوارِكِ
وهو مذكور في الحاء.
والفَلُّوجةُ: الأَرض الطيِّبَةُ البَيْضاءُ المُسْتَخْرَجةُ للزراعةِ.
والفَلَجُ: الصبح؛ قال حميد بن ثور:
عن القَرامِيصِ بأَعْلى لاحِبٍ
مُعَبَّدٍ، من عَهْدِ عادٍ، كالفَلَجْ
وانْفَلَجَ الصبْحُ: كانْبَلَجَ.
والفالِجُ والفِلْجُ: مِكيالٌ ضخم معروف؛ وقيل: هو القَفِيز، وأَصله
بالسُّرْيانية فالغاء، فعُرِّب؛ قال الجعدي يصف الخمر:
أُلْقِيَ فيها فِلْجانِ مِنْ مِسْكِ دا
رِينَ، وفِلْجٌ مِنْ فُلْفُلٍ ضَرِمِ
قال سيبويه: الفَِلْج الصِّنْفُ من الناس؛ يقال: الناسُ فِلْجانِ أَي
صِنْفانِ من داخلٍ وخارج؛ قال السيرافي: الفَِلْجُ هو الصِّنْفُ والنِّصْفُ
مشتق من الفِلْجِ الذي هو القَفِيزُ، فالفِلج على هذا القول عربي، لأَن
سيبويه إِنما حكى الفلج على أَنه عربي، غير مشتقّ من هذا الأَعجمي؛ وقول
ابن طفيل:
تَوَضَّحْنَ في عَلْياء قَفْرٍ كأَنَّها
مَهارِقُ فَلُّوجٍ، يُعارِضْنَ تاليَا
ابن جنبة: الفَلُّوجُ الكاتِبُ. والفَلْجُ والفُلْجُ: القَمْرُ. وفي
حديث علي، رضي الله عنه: إِن المُسْلِم، ما لم يَغْشَ دناءةً يَخْشَعُ لها
إِذا ذُكِرَتْ وتُغْري به لِئامَ الناس، كالياسِرِ الفالِجِ؛ الياسِرُ:
المُقامِرُ؛ والفالِجُ: الغالبُ في قِمارِه. وقد فَلَجَ أَصحابَه وعلى
أَصحابِه إِذا غَلَبَهم. وفي الحديث: أَيُّنا فَلَجَ فَلَجَ أَصحابه. وفي
حديث سعد: فأَخذْتُ سَهْمي الفالِجَ أَي القامِرَ الغالبَ، قال: ويجوز أَن
يكون السهمَ الذي سبق به النِّضال. وفي حديث مَعْنِ ابن يزيدَ: بايعت رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، وخاصَمْتُ إِليه فَأَفْلَجَني أَي حَكَمَ لي
وغَلَّبَني على خَصْمِي.
وفَلالِيجُ السَّوادِ: قُراها، الواحدة فَلُّوجةٌ.
وفَلْجٌ: اسم بلد، ومنه قيل لطريق يأْخذ من طريق البصرة إِلى اليمامة:
طريقُ بَطْنِ فَلْجٍ. ابن سيده: وفَلْجٌ موضع بين البَصْرةِ وضَرِيَّةَ
مذكر، وقيل: هو واد بطريق البصرة إِلى مكة، ببطنه مَنازِلُ للحاجّ، مصروف؛
قال الأَشْهَبُ بن رُمَيْلَة:
وإِنَّ الذي حانَتْ بِفَلْجٍ دِماؤُهُمْ
هُمُ القَوْمُ، كُلُّ القَوْمِ، يا أُمَّ خالِدِ
قال ابن بري: النحويون يستشهدون بهذا البيت على حذف النون من الذين
لضرورة الشعر، والأَصل فيه وإِن الذين؛ كما جاء في بيت الأَخطل:
أَبَني كُلَيْبٍ، إِنَّ عَمَّيَّ اللَّذا
قَتَلا المُلُوكَ، وفَكَّكا الأَغْلالا
أَراد اللذان، فحذف النون ضرورة. والإِفْلِيجُ: موضع. والفَلُّوجةُ:
قَرْيَةٌ من قُرى السَّوادِ. وفَلُّوجٌ: موضع. والفَلَجُ: أَرض لبني
جَعْدَةَ وغيرهم من قَيْسٍ من نَجْدٍ. وفي الحديث ذكر فَلَجٍ؛ هو بفتحتين، قرية
عظيمة من ناحية اليمامة وموضع باليمن من مساكن عادٍ؛ وهو بسكون اللام،
وادٍ بين البَصْرةِ وحِمَى ضَرِيَّةَ. وفالِجٌ: اسم؛ قال الشاعر:
مَنْ كانَ أَشْرَكَ في تَفَرُّقِ فالِجٍ،
فَلَبُونُه جَرِبَتْ مَعاً وأَغَدَّتِ