(الرقعة) شَجَرَة عَظِيمَة سَاقهَا كالدلب وورقها كورق القرع وَثَمَرهَا كالتين (ج) رقع
(الرقعة) شَجَرَة عَظِيمَة سَاقهَا كالدلب وورقها كورق القرع وَثَمَرهَا كالتين (ج) رقع
خزن: خَزَنَ الشَّيءَ يَخْزُنه خَزْناً واخْتَزَنه: أَحْرَزه وجعله في
خِزانة واختزنه لنفسه. والخِزانةُ: اسم الموضع الذي يُخْزَن فيه الشيء.
وفي التنزيل العزيز: وإنْ من شيء إلا عندنا خَزائنُه. والخِزانةُ: عَملُ
الخازِن. والمَخْزَن، بفتح الزاي: ما يُخْزَن فيه الشيء. والخِزانةُ: واحدة
الخَزائن. وفي التنزيل العزيز: ولا أَقول لكم عندي خَزائن الله؛ قال ابن
الأَنباري: معناه غُيوب علم الله التي لا يعلمها إلا الله، وقيل للغُيوب
خَزائنُ لغموضها على الناس واستتارها عنهم. وخَزَن المالَ إذا غيَّبه.
وقال سفيان بن عيينة: إنما آياتُ القرآن خزائن، فإِذا دخلتَ خزانةً فاجتهد
أَن لا تخرج منها حتى تعرف ما فيها، قال: شبَّه الآية من القرآن بالوعاء
الذي يجمع فيه المال المخزون، وسمي الوعاء خزانة لأَنه من سبب المخزون
فيه. وخِزانة الإنسان: قلبه. وخازِنه وخَزّانه: لسانه، كلاهما على المثل.
وقال لقمان لابنه: إذا كان خازِنك حفيظاً وخِزانتك أَمينةً رَشدْتَ في
أَمرَيْكَ دنياك وآخرتك، يعني اللسان والقلب؛ وقال:
إذا المَرْءُ لم يَخْزُنْ عليه لسانُه،
فليس على شيءٍ سِواه بخازِنِ.
وخَزَنتُ السِّرَّ واختزَنْتُه: كتَمْتُه. وخَزِنَ اللحمُ، بالكسر،
يَخْزَنُ وخَزَنَ يَخْزُن خَزْناً وخُزوناً وخَزُنَ، فهو خَزينٌ: تغير وأَنتن
مثل خَنِزَ مقلوب منه؛ قالَ طرفة:
ثُمَّ لا يَحْزَنُ فينا لَحْمُها،
إنما يَخْزَنُ لحمُ المُدَّخِر.
وعمَّ بعضهم به تغير الطعام كله. وقال أَبو حنيفة: الخَزَّانُ الرُّطَب
تسْوَدُّ أَجوافه من آفة تصيبه، اسم كالجَبّان والقَذّاف، واحدته
خَزّانة. واختَزَنتُ الطريقَ واخْتَصرْتُه، وأَخذنا مخازِنَ الطريق ومَخاصِرَها
أَي أَخذنا أَقرَبها.
قوس: القَوْس: معروفة، عجمية وعربية. الجوهري: القَوْس يذكَّر ويؤنَّث،
فمن أَنَّث قال في تصغيرها قُوَيْسَة، ومن ذكَّر قال قُوَيْس. وقي المثل:
هو من خير قُوَيْس سَهْماً. ابن سيده: القَوْس التي يُرْمى عنها، أُنثى،
وتصغيرها قُوَيْس، بغير هاء، شذَّت عن القياس ولها نظائر قد حكاها
سيبويه، والجمع أَقْوُسٌ وأَقْواس وأَقْياس على المُعاقبة، حكاها يعقوب،
وقِياس، وقِسِيٌّ وقُسِيٌّ، كلاهما على القلْب عن قُوُوس، وإِن كان قُوُوس لم
يستعمل استغَنوْا بقِسِيٍّ عنه فلم يأْتِ إِلا مقلوباً. وقِسْي، قال ابن
جني: وفيه صَنعة
(* قوله «وفيه صنعة» هذا لقظ الأصل.). قال أبو عبيد: جمع
القَوْس قياس؛ قال القُلاخُ بن حَزْن:
ووَتَّرَ الأَساوِرُ القِياسا،
صُغْدِيَّةً تَنتزِعُ الأَنْفاسا
الأَساوِرٌ: جمع أَسوار، وهو المقدَّم من أَساوِرة الفُرْس. والصُّغْد:
جِيل من العجم، ويقال: إِنه اسم بلد. وقولهم في جمع القَوْس قِياس
أَقْيَس من قول من يقول قُسيّ لأَن أَصلها قَوْس، فالواوُ منها قبل السين،
وإِنما حوِّلت الواو ياء لكسرة ما قبلها، فإِذا قلت في جمع القَوْس قِسِيّ
أَخرت الواو بعد السين، قال: فالقِياس جَمْعَ القَوْس أَحسن من القِسِيّ،
وقال الأَصمعي: من القِياس الفَجَّاء. الجوهري: وكان أَصل قِسيّ قُووس
لأَنه فُعُول، إِلا أَنهم قدَّموا اللام وصيَّروه قِسُوٌّ على فُلُوع، ثم
قلبوا الواو ياء وكسروا القاف كما كَسَروا عين عِصِيّ، فصارت قِسِيّ على
فِليعٍ، كانت من ذوات الثلاثة فصارت من ذوات الأَربعة، وإِذا نسبت إِليها
قلت قُسَوِيّ لأَنها فُلُوع مغيّر من فُعُول فتردها إِلى الأَصل، وربما
سمُّوا الذراع قَوساً.
ورجل مُتَقَوِّسٌ قَوْسَه أَي معه قَوْس.
والمِقْوَسُ، بالكسر: وعاء القَوْس.
ابن سيده: وقاوسَني فَقُسته؛ عن اللحياني، لم يَزِدْ على ذلك، قال:
وأَراه أَراد حاسَنَني بقَوْسِه فكنت أَحسن قوساً منه كما تقول: كارَمَني
فَكَرَمْتُه وشاعَرَني فشعَرْتُه وفاخَرَني فَفَخَرْتُه، إِلا أَن مثل هذا
إِنما هو في الأَعراض نحو الكَرَم والفَخْر، وهو في الجواهر كالقَوْس
ونحوها قليل، قال: وقد عَمِلَ سيبويه في هذا باباً فلم يذكر فيه شيئاً من
الجواهر.
وقَوْس قَزَحَ: الخط المُنْعطف في السماء على شكل القَوْس، ولا يفصل من
الإِضافة، وقيل: إِنما هو قوس اللَّه لأَن قُزَح اسم شيطان.
وقَوْس الرجل: ما انحنى من ظهره؛ هذه عن ابن الأعرابي، قال: أَراه على
التشبيه. وتَقَوَّس قَوْسَه احتملها. وتَقَوَّس الشيءُ واسْتَقْوَس:
انعطف. ورجل أَقْوَسُ ومُتَقَوِّس ومُقَوِّس: منعطِف؛ قال الراجز:
مُقَوِّساً قد ذَرِئَتْ مَجالِيهْ
واستعاره بعض الرجَّاز لليوم فقال:
إِني إِذا وجْه الشَّريب نكّسا،
وآضَ يومُ الوِرْد أَجْناً أَقْوَسا،
أُوصِي بأُولى إِبلي أَن تُحْبَسا
وشيخٌ أَقْوَس: مُنْحَني الظهر. وقد قَوَّسَ الشيخُ تَقْويساً أَي
انحنى، واسْتَقْوَس مثله، وتَقَوَّس ظهره؛ قال امرُؤ القيس:
أَراهُنَّ لا يُحْبِبْنَ مَنْ قَلَّ مالُه،
ولا مَنْ رأَيْنَ الشَّيْبَ فيه وقَوَّسا
وحاجب مُقَوِّس: على التشبيه بالقَوْس. وحاجب مُسْتَقْوِس ونُؤْيٌّ
مُسْتَقْوِس إِذا صار مثل القَوْس، ونحو ذلك مما ينعطف انعطاف القَوْس؛ قال
ذو الرمة:
ومُسْتَقْوِس قد ثَلَّمَ السَّيْلُ جُدْرَهُ،
شَبيه بأَعضادِ الخَبيطِ المُهَدَّمِ
ورجل قَوَّاس وقَيَّاس: للذي يَبْري القِياس؛ قال: وهذا على المُعاقبة.
والقَوْسُ: القليل من التمر يبقى في أَسفل الجُلَّةِ، مؤنث أَيضاً، وقيل:
الكُتْلة من التمر، والجمع كالجمع، يقال: ما بقي إِلا قَوْس في أَسفلها.
ويروى عن عمرو بن معد يكرب أَنه قال: تضيَّفْت خالد بن الوليد، وفي
رواية: تضيَّفْت بني فلان فأَتَوْني بثَوْر وقَوْس وكَعْب؛ فالقوس الشيء من
التمر يبقى في أَسفل الجُلَّة، والكعْب الشيء المجموع من السمن يبقى في
النِّحْيِ، والثور القطعة من الأَقِط. وفي حديث وفْد عبد القَيْس: قالوا
لرجُل منهم أَطعِمْنا من بقية القَوْس الذي في نَوْطِك.
وقَوْسى: اسم موضع. والقُوسُ، بضم القاف: رأْس الصَّوْمعة، وقيل: هو
موضع الراهب، وقيل: صَوْمَعة الراهبْ، وقيل: هو الراهب بعينه؛ قال جرير وذكر
امرأَة:
لا وَصْلَ، إِذ صرفتْ هندٌ، ولو وقَفَتْ
لاسْتَفْتَنَتْني وذا المِسْحَيْن في القُوسِ
قد كنتِ تِرْباً لنا يا هندُ، فاعْتبِري،
ماذا يَريبُك من شَيْبي وتَقْويسي؟
أَي قد كنتِ تِرْباً من أَتْرابي وشبتِ كما شِبْتُ فما بالُك يَريبُك
شيبي ولا يَريبُني شيبك؟ ابن الأَعرابي: القُوس بيت الصائد.
والقُوسُ أَيضاً: زَجر الكلب إِذا خَسَأْته قلت له: قُوسْ قُوسْ قال:
فإِذا دعوته قلت له: قُسْ قُسْ وقَوْقَسَ إِذا أَشلى الكلب.
والقَوِسُ: الزمان الصعب؛ يقال: زمان أَقْوَس وقَوِس وقُوسِيّ إِذا كان
صعباً، والأَقْوَسُ من الرمل: المشْرِفُ كالإِطارِ؛ قال الراجز:
أَثْنى ثِناءً من بَعيد المَحْدِسِ،
مشهُورة تَجْتاز جَوْزَ الأَقْوَسِ
أَي تقطع وسط الرمل. وجَوْزُ كل شيء: وسَطه والقَوْسُ: بُرْجٌ في
السماء.وقِسْتُ الشيء بغيره وعلى غيره أَقِيسُ قَيْساً وقِياساً فانقاس إِذا
قدَّرته على مثاله؛ وفيه لغة أُخْرى: قُسْتُه أَقُوسُه قَوْساً وقِياساً
ولا تقل أَقَسْته، والمِقْدار مِقْياس. ابن سيده: قُسْتُ الشيءَ قِسْتُه،
وأَهل المدينة يقولون: لا يجوز هذا قي القَوْس، يريدون القياس. وقايَسْت
بين الأَمرين مُقايَسة وقياساً. ويقال: قايَسْت فلاناً إِذا جارَيْتَه في
القِياس. وهو يَقْتاسُ الشيء بغيره أَي يَقِيسُه به، ويَقْتاس بأَبيه
اقْتِياساً أَي يسْلك سبيله ويَقتدي به. والمِقْوَس: الحَبْل الذي تُصَفُّ
عليه الخيل عند السِّباق، وجمعه مَقاوِس، ويقال المِقْبَصُ أَيضاً؛ قال
أَبو العيال الهذلي:
إِنَّ البلاءَ لَدى المَقاوِس مُخْرِجٌ
ما كان من غَيْبٍ، ورَجْمٍ ظُنُون
قال ابن الأَعرابي: الفرَس يَجْري بِعتْقِه وعِرْقه، فإِذا وُضع في
المِقْوَس جرى بِجِدِّ صاحبه. الليث: قام فلان على مِقْوَس أَي على
حِفاظ.ولَيْل أَقْوَس: شديد الظلمة؛ عن ثعلب؛ أَنشد ابن الأعرابي:
يكون من لَيْلي ولَيْلِ كَهْمَسِ،
ولَيْلِ سَلْمان الغَسِيّ الأَقْوَسِ،
واللاَّمِعات بالنُّشُوعِ النُّوَّسِ
وقَوَّسَت السحابة: تَفَجَّرت؛ عنه أَيضاً؛ وأَنشد:
سَلَبْتُ حُمَيَّاها فعادَتْ لنَجْرِها،
وآلَتْ كَمُزْنٍ قَوَّسَتْ بعُيونِ
أَي تفجَّرت بعيون من المطَر. وروى المنذر عن أَبي الهيثم أَنه قال:
يقال إِن الأَرنب قالت: لا يَدَّريني إِلا الأَجْنى الأَقْوَسُ الذي
يَبْدُرُني ولا ييأَس؛ قوله لا يَدَّريني أَي لا يَخْتِلُني. والأَجْنى
الأَقْوَس: المُمارس الداهية من الرجال. يقال: إِنه لأَجْنى أَقْوَس إِذا كان
كذلك، وبعضهم يقول: أَحْوى أَقْوَس؛ يريدون بالأَحْوى الأَلْوَى، وحَوَيْتُ
ولَوَيْتُ واحد؛ وأَنشد:
ولا يزال، وهو أَجْنى أَقْوَسُ،
يأْكل، أَو يَحْسو دَماً ويَلْحَسُ
ميد: ماد الشيء يَميد: زاغ وزكا؛ ومِدْتُه وأَمَدْتُه: أَعْطَيْتُه.
وامْتَادَه: طلب أَن يَمِيدَه. ومادَ أَهْلَه إذا غارَهم ومارَهم. ومادَ
إِذا تَجِرَ، ومادَ: أَفْضَلَ. والمائِدةُ: الطعام نَفْسُه وإِن لم يكن هناك
خِوانٌ؛ مشتق من ذلك؛ وقيل: هي نفس الخِوان؛ قال الفارسي: لا تسمى مائدة
حتى يكون عليها طعام وإِلا فهي خِوان؛ قال أَبو عبيدة: وفي التنزيل
العزيز: أَنْزِلْ علينا مائِدةً من السماء؛ المائِدةُ في المعنى مفعولة
ولفظها فاعلة، وهي مثل عِيشةٍ راضيةٍ بمعنى مَرْضِيّةٍ، وقيل: إِن المائدةَ من
العطاء.
والمُمْتادُ: المطلوب منه العطاء مُفْتَعَلٌ؛ وأَنشد لرؤبة:
تُهْدَى رُؤُوس المُتْرَفِينَ الأَنْداد،
إِلى أَمير المؤمنينَ المُمْتاد
أَي المتفضل على الناس، وهو المُسْتَعْطَى المسؤولُ؛ ومنه المائدة، وهي
خوان عليه طعام. ومادَ زيد عَمراً إِذا أَعطاه. وقال أَبو إِسحق: الأَصل
عندي في مائدة أَنها فاعلة من مادَ يَمِيدُ إِذا تحرّك فكأَنها تَمِيدُ
بما عليها أَي تتحرك؛ وقال أَبو عبيدة: سميت المائدة لأَنها مِيدَ بها
صاحِبُها أَي أُعْطِيها وتُفُضِّل عليه بها. والعرب تقول: مادَني فلان
يَمِيدُني إِذا أَحسن إِليّ؛ وقال الجرمي: يقال مائدةٌ ومَيْدةٌ؛
وأَنشد:ومَيْدة كَثِيرة الأَلْوانِ،
تُصْنَعُ للإِخْوانِ والجِيرانِ
وما دهُمْ يَمِيدُهُم إِذا زادَهم
(* قوله «إذا زادهم» في القاموس
زارهم.) وإِنما سميت المائدةُ مائدة لأَنه يزاد عليها. والمائدةُ: الدائرةُ من
الأَرض. ومادَ الشيءُ يَمِيدُ مَيْداً: تحرّك ومال. وفي الحديث: لما خلق
اللَّهُ الأَرضَ جعلتْ تمِيدُ فَأَرْساها بالجبال. وفي حديث ابن عباس:
فدَحَا اللَّهُ الأَرضَ من تحتها فمادَتْ. وفي حديث علي: فَسَكَنَتْ من
المَيَدانِ بِرُسُوبِ الجبال، وهو بفتح الياء، مصدر مادَ يَميدُ. وفي حديثه
أَيضاً يَذُمُّ الدنيا: فهي الحَيُودُ المَيُودُ، قَعُولٌ منه. ومادَ
السَّرابُ: اضطَرَبَ: ومادَ مَيْداً: تمايل. ومادَ يَمِيدُ إِذا تَثَنَّى
وتَبَخْتَرَ. ومادت الأَغْصانُ: تمايلت. وغصن مائدةٌ وميَّاد: مائل.
والمَيْدُ: ما يُصِيبُ من الحَيْرةِ عن السُّكْر أَو الغَثَيانِ أَو ركوب
البحر، وقد ماد، فهو مائد، من قوم مَيْدى كرائب ورَوْبى. أَبو الهيثم: المائد
الذي يركب البحر فَتَغْثي نَفسُه من نَتْن ماء البحر حتى يُدارَ بِهِ،
ويَكاد يُغْشَى عليه فيقال: مادَ به البحرُ يَمِيدُ به مَيْداً. وقال أَبو
العباس في قوله: أَن تَميدَ بكم، فقال: تَحَرَّكَ بكم وتَزَلْزَلَ. قال
الفراء: سمعت العرب تقول: المَيْدى الذين أَصابهم المَيْدُ من الدُّوارِ.
وفي حديث أُمّ حَرامٍ: المائدُ في البحر له أَجْرُ شهيد؛ هو الذي يُدارُ
برأْسه من ريح البحر واضطراب السفينة بالأَمواج. الأَزهري: ومن المقلوب
الموائِدُ والمآوِدُ الدَّواهي. ومادَتِ الحنظلةُ تَمِيدُ: أَصابها نَدًى
أَو بَلَل فتغيرت، وكذلك التمر. وفَعَلْتُه مَيْدَ ذاك أَي من أَجله ولم
يسمع من مَيْدى ذلك. ومَيْدٌ: بمعنى غَيْرٍ أَيضاً، وقيل: هي بمعنى على
كما تقدم في بَيْد. قال ابن سيده: وعسى ميمه أَن تكون بدلاً من باء بَيْد
لأَنها أَشهر. وفي ترجمة مَأَدَ يقال للجارية التارَّة: إِنها لمأْدةُ
الشباب؛ وأَنشد أَبو عبيد:
مادُ الشَّبابِ عَيْشَها المُخَرْفَجا
غير مهموز. ومِيداءُ الطريق: سَنَنُه. وبَنَوْا بيوتهم على مِيداءٍ واحد
أَي على طريقة واحدة؛ قال رؤبة:
إِذا ارْتَمى لم يَدْرِ ما مِيداؤُه
ويقال: لم أَدر ما مِيداءُ ذلك أَي لم أَدر ما مَبْلَغُه وقِياسُه،
وكذلك مِيتاؤُه، أَي لم أَدر ما قَدْرُ جانبيه وبُعْده؛ وأَنشد:
إِذا اضْطَمَّ مِيداءُ الطَّريقِ عليهما،
مَضَتْ قُدُماً مَوْجُ الجِبالِ زَهوقُ
ويروى مِيتاءُ الطريقِ. والزَّهُوقُ: المُتَقَدِّمة من النُّوق. قال ابن
سيده: وإِنما حملنا مِيداء وقضينا بأَنها ياء على ظاهر اللفظ مع عدم «م
و د».
وداري بِمَيْدى دارِه، مفتوح الميم مقصور، أَي بحذائها؛ عن يعقوب.
ومَيّادةُ: اسم امرأَة. وابنُ مَيّادةَ: شاعر؛ وزعموا أَنه كان يضرب
خَصْرَي أُمّه ويقول:
اعْرَنْزِمي مَيّادَ لِلْقَوافي
والمَيْدانُ: واحد المَيادينِ؛ وقول ابن أَحمر:
وصادَفَتْ
نَعِيماً ومَيْداناً مِنَ العَيْشِ أَخْضَرَا
يعني به ناعماً. ومادَهُم يَمِيدُهُم: لغة في مارَهُم من الميرة؛
والمُمْتادُ مُفْتَعَِلٌ، منه؛ ومائِدٌ في شعر أَبي ذؤَيب:
يَمانِية، أَحْيا لَها، مَظَّ مائِدٍ
وآلِ قَراسٍ، صَوْبُ أَرْمِيةٍ كُحْلِ
(* قوله «مائد» هو بهمزة بعد الألف، وقراس، بضم القاف وفتحها، كما في
معجم ياقوت واقتصر المجد على الفتح) اسم جبل. والمَظُّ: رُمَّان البَرّ.
وقُراسٌ: جبل بارِدٌ مأْخوذ من القَرْسِ، وهو الَردُ. وآلُه: ما حوله، وهي
أَجْبُلٌ بارِدَة. وأَرْمِيةٌ: جمع رَمِيٍّ، وهي السحابة العظيمة
القَطْر، ويروى: صَوْبُ أَسْقِيةٍ، جمع سَقِيٍّ، وهي بمعنى أَرْمِية. قال ابن
بري: صواب إِنشاده مَأْبِد، بالباء المعجمة بواحدة، وقد ذكر في مبد.
ومَيْد: لغة في بَيْدَ بمعنى غير، وقيل: معناهما على أَنّ؛ وفي الحديث:
أَنا أَفْصَحُ العَرَبِ مَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ ونشَأْتُ في بني
سعدِ بنِ بَكْر؛ وفسّره بعضهم: من أَجْلِ أَني. وفي الحديث: نحن الآخِرون
السابِقون مَيْدَ أَنَّا أُوتينا الكِتابَ من بَعْدِهِم.
مهر: المَهْرُ: الصَّداق، والجمع مُهور؛ وقد مهر المرأَة يَمْهَرها
ويَمْهُرها مَهْراً وأَمهرها. وفي حديث أُمِّ حبيبة: وأَمهرها النجاشيُّ من
عنده؛ ساق لها مهرها، وهو الصداق وفي المثل: أَحمقُ من المَمْهُورة إِحدى
خَدَمَتَيْها؛ يضرب مثلاً للأَحمق البالغ في الحمق الغايةَ؛ وذلك أَنّ
رجلاً تزوج امرأَة فلما دخل عليها قالت: لا أُطيعك أَو تُعطِيَني مهري
فنزع إِحدى خدمتَيْها من رجلها ودفعها إِليها فرضيت بذلك لحمقها؛ وقال ساعدة
بن جؤية:
إِذا مُهِرتْ صُلْباً قليلاً عِراقُهُ
تَقول: أَلا أَدّيْتَني فَتَقَرَّبِ
وقال آخر:
أُخِذْنَ اغْتِصاباً خِطْبَةً عَجْرَفِيَّةً،
وأُمْهِرْنَ أَرْماحاً مِنَ الخَطِّ ذُبَّلا
وقال بعضهم: مَهَرْتها، فهي ممهورة، أَعطيتها مهراً. وأَمهرتها: زوّجتها
غيري على مهر. والمَهِيرة: الغالية المهر.
والمَهارة: الحِذق في الشيء. والماهر: الحاذق بكل عمل، وأَكثر ما يوصف
به السابح المُجِيد، والجمع مَهَرَة؛ قال الأَعشى يذكر فيه تفضيل عامر على
علقمة ابن عُلاثة:
إِنّ الذي فيه تمارَيْتُما
بَيَّنَ لِلسامِع والنَّاظرِ
ما جُعِلَ الجُدُّ الظَّنُونُ الذي
جُنِّب صَوْب اللَّجِبِ المَاطِر
مثلَ الفُراتيِّ، إِذا ما طَما
يَقْذِف بالبُوصِيِّ والماهِر
قال: الجُدُّ البئر، والظَّنون: التي لا يوثق بمائها، والفراتيّ: الماء
المنسوب إِلى الفرات، وطما: ارتفع، والبُوصي: الملاَّح، والماهر: السابح.
ويقال: مَهَرْتُ بهذا الأَمر أَمهَرُ به مَهارة أَي صرتُ به حاذقاً. قال
ابن سيده: وقد مَهَر الشيءَ وفيه وبه يَمْهَر مَهْراً ومُهُوراً ومَهارة
ومِهارة.
وقالوا: لم تفعل به المِهَرَة ولم تُعْطِه المِهَرَة، وذلك إِذا عالجت
شيئاً فلم ترفُق به ولم تُحسِن عملَه، وكذلك إِن غَذَّى إِنساناً أَو
أَدّبه فلم يحسن. أَبو زيد: لم تعط هذا الأَمر المِهَرَة أَي لم تأْته من
قِبَل وجهه. ويقال أَيضاً: لم تأْت إِلى هذا البناء المِهَرَة أَي لم تأْته
من قِبَل وجهه ولم تَبْنِه على ما كان ينبغي. وفي الحديث: مَثَلُ الماهِر
بالقرآن مَثَل السَّفَرَة؛ الماهر: الحاذق بالقراءة، والسفَرة:
الملائكة.الأَزهري: والمُهْر ولد الرَّمَكَة والفرسِ، والأُنثى مُهْرة، والجمع
مُهَر ومُهَرات؛ قال الربيع بن زياد العبسي يحرِّض قومه في طلب دم مالك بن
زهير العبسي،وكانت فزارة قتلته لما قَتَلَ حذيفة بن بدر الفزاري:
أَفبَعْدَ مَقْتَلِ مالك بنِ زُهَيْر
تَرْجو النساءُ عَواقِبَ الأَطْهارِ؟
ما إِنْ أَرَى في قتله لِذوِي الحِجى،
إِلا المَطِيَّ تُشدُّ بالأَكْوارِ
ومُجَنَّباتٍ ما يَذُقْنَ عَذُوفاً
يَقْذِفْنَ بالمُهَرات والأَمْهارِ
(* وقوله« عذوفاً» أورده المؤلف هنا وأورده في عدف بمهملتين وهاء
تأنيث.)المجنبات: الخيل تُجَنَّب إِلى الإِبل. ابن سيده: المُهْر ولدُ الفرس
أَوّل ما يُنْتَج من الخيل والحُمُرِ الأَهلية وغيرها، والجمع القليل
أَمْهار؛ قال عدي بن زيد:
ودي تَناوِيرَ مَمْعُونٍ، له صَبَحٌ،
يَغْذُو أَوابِدَ قَدْ أَفْلَيْنَ أَمْهارا
يعني بالأَمْهار ههنا أَولادَ الوحش، والكثير مِهار ومِهارة؛ قال:
كأَن عَتِيقاً مِن مِهارة تَغلِب،
بأَيْدِي الرِّجال الدَّافِنين ابنَ عَتَّابْ
وقد فَرَّ حَرْبٌ هارباً وابنُ عامِرٍ،
ومن كان يرجو أَنْ يَؤُوبَ، فلا آبْ
قال ابن سيده: هكذا روته الرواة بإِسكان الباء ووزن نَعَتْتَابْ؛ ووزن
فلا آب مفاعيلْ، والأُنثى مُهْرَة؛ قال الأَزهري: ومنه قولهم لا يَعْدَمُ
شَقِيٌّ مُهَيْراً. يقول: من الشَّقاءِ مُعالَجَة المِهارَةِ. وفرس
مُمْهِرٌ: ذات مُهْر. وأُمُّ أَمْهار: اسم قارَة، وفي التهذيب: هَضْبَة، وقال
ابن جبلة: أُمُّ أَمْهار أُكُمٌ حُمْر بأَعْلى الصَّمَّان، ولعلها شبهت
بالأَمْهار من الخيل فسميت بذلك؛ قال الراعي:
مَرَّتْ على أُمِّ أَمْهارٍ مُشَمِّرَةً،
تَهْوِي بها طُرُقٌ، أَوساطُها زُورُ
وأَما قول أَبي زبيد في صفة الأَسد:
أَقْبَلَ يَرْدِي، كما يَرْدِي الحِصانُ، إِلى
مُسْتَعْسِبٍ أَرِبٍ مِنْهُ بِتَمْهِيرِ
أَرِبٍ: ذي إِرْبَةٍ أَي حاجة. وقوله بِتَمْهِير أَي يَطْلُب مُهْراً.
ويقال للخَرَزَة: المُهْرة، قال: وما أُراه عربيّاً.
والمِهارُ: عُود غليظ يُجْعَل في أَنْفِ البُخْتيِّ.
والمُهَرُ: مَفاصِلُ مُتلاحِكَةٌ في الصَّدْرِ، وقيل: هي غَراضِيفُ
الضُّلوعِ، واحدتها مُهْرَةٌ؛ قال أَبو حاتم: وأُراها بالفارسية، أَراد
فُصُوصَ الصدْرِ أَو خَرَزَ الصدْرِ في الزوْر؛ أَنشد ابن الأَعراي لغُداف:
عن مُهْرَةِ الزَّوْرِ وعنْ رَحاها
وأَنشد أَيضاً:
جافي اليدَين عن مُشاشِ المُهْر
الفراء: تحت القلب عُظَيْم يقال له المُهْر والزِّرُّ، وهو قِوامُ
القلب. وقال الجوهري في تفسير قوله مشاش المهر: يقال هو عَظْم في زُوْر
الفرس.ومَهْرَةُ بن حَيْدان: أَبو قبيلة، وهم حيّ عظيم، وإِبل مَهْرِيَّة
منسوبة إِليهم، والجمع مَهارِيُّ ومَهارٍ ومَهارَى، مخففة الياء؛ قال
رؤبة:به تَمَطَّتْ غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ
بنا حَراجِيجُ المَهارَى النُّفَّهِ
وأَمْهَرَ الناقةَ: جلعها مَهْرِيَّة. والمَهْرِيَّة: ضَرْب من
الحِنْطَة، قال أَبو حنيفة: وهي حمراء، وكذلك سَفاها، وهي عظيمة السُّنْبُلِ
غَلِيظة القَصَب مُرَبَّعــة. وماهِرٌ ومُهَيْر: اسمان.
ومَهْوَرٌ: موضع؛ قال ابن سيده: وإِنما حملناه على فَعْوَل دون مَفْعل
من هار يَهُورُ لأَنه لو كان مفعلاً منه كان مُعْتَلاًّ ولا يحمل على
مُكرَّرِه لأَن ذلك شاذ للعلمية. ونَهْرُ مِهْرانَ: نَهر بالسند، وليس بعربي.
الجوهري: المَهِيرَةُ الحُرّةُ، والمَهائِرُ الحرائِرُ، وهي ضِدُّ
السَّرائرِ.
مرع: المَرْعُ: الكَلأُ، والجمع أَمْرُعٌ وأَمْراعٌ مثل يَمْنٍ
وأَيْمُنٍ وأَيمانٍ؛ قال أَبو ذؤيب يعني عَضَّ السِنِينَ المُجْدِبةِ:
أَكَلَ الجَمِيمَ وطاوَعَتْه سَمْحجٌ
مثْلُ القَناةِ، وأَزْعَلَتْه الأَمْرُعُ
ذكر الجوهري في هذا الفصل: المَرِيعُ الخَصِيبُ، والجمع أَمْرُعٌ
وأَمْراعٌ، قال ابن بري: لا يصح أَن يجمع مَرِيعٌ على أَمْرُعٍ لأَنّ فَعِيلاً
لا يجمع على أَفْعُلٍ إِلا إِذا كان مؤنثاً نحو يمِينٍ وأَيْمُنٍ، وأَما
أَمْرُعٌ في بيت أَبي ذؤيب فهو جمع مَرْعٍ، وهو الكَلأُ؛ قال أَعرابي:
أَتَتْ علينا أَعوامٌ أَمْرُعٌ إِذا كانت خَصْبةً.
ومَرَعَ المكانُ والوادِي مَرْعاً ومَراعةً ومَرِعَ مَرَعاً وأَمْرَعَ،
كلُّه: أَخْصَبَ وأَكْلأَ،وقيل لم يأْت مَرَعَ، ويجوز مَرُعَ. ومَرِعَ
الرجل إِذا وَقَعَ في خِصْبٍ، ومَرِع إِذا تَنَعَّمَ. ومكانٌ مَرِعٌ
ومَرِيعٌ: خَصِيب مُمْرِع ناجِعٌ؛ قال الأَعشى:
سَلِسٌ مُقَلَّدُه أَسِيـ
ـلٌ خَدُّه مَرِعٌ جَنابُهْ
وأَمْرَعَ القومُ: أَصابوا الكَلأَ فأَخْصَبُوا. وفي المثل: أَمْرَعْتَ
فانْزِلْ؛ وأَنشد ابن بري:
بما شِئْتَ من خَزٍّ وأَمْرَعْتَ فانْزِلِ
ويقال للقوم مُمْرِعُون إِذا كانت مواشِيهم في خِصْبٍ. وأَرض أُمْرُوعةٌ
أَي خصيبة. ابن شميل: المُمْرِعةُ. الأَرض المُعْشِبةُ المُكْلِئةُ. وقد
أَمْرَعَت الأَرضُ إِذا شَبِعَ غنمها، وأَمْرَعَتْ إِذا أَكْلأَتْ في
الشجر والبقل، ولا يزال يقال لها مُمْرِعةٌ ما دامت مُكْلِئةً من الربيع
واليَبِيسِ. وأَمْرَعَتِ الأَرضُ إِذا أَعْشَبَتْ. وغَيْثٌ مَرِيعٌ
ومِمْراعٌ: تُمْرِعُ عنه الأَرضُ. وفي حديث الاستسقاء: أَن النبي، صلى الله عليه
وسلم، دَعا فقال: اللهم اسْقِنا غَيْثاً مَرِيئاً مَرِيعاً مُرْبِعــاً؛
المَرِيعُ: ذُو المَراعةِ والخِصْبِ. يقال: أَمْرَعَ الوادي إِذا أَخْصَبَ؛
قال ابن مقبل:
وغَيْث مَرِيع لم يُجَدَّعْ نَباتُه
أَي لم ينقطع عنه المطر فَيُجَدَّعَ كما يجدّع الصبي إِذا لم يَرْوَ من
اللبن فيسوءَ غِذاؤه ويُهْزَلَ. ومَمارِيعُ الأَرضِ: مَكارِمُها، قال:
أَعني بمكارمها التي هي جمع مَكْرُمةٍ؛ حكاه أَبو حنيفة ولم يذكر لها
واحداً. ورجل مَرِيعُ الجنابِ: كثير الخير، على المثل. وأَمْرَعَتِ الأَرضُ:
شَبِعَ مالُها كلُّه؛ قال:
أَمْرَعَتِ الأرضُ لَوَ نَّ مالا،
لو أَنَّ نُوقاً لَكَ أَو جِمالا،
أَو ثَلّةً من غَنَمٍ إِمَّالا
والمُرَعُ: طير صِغار لا يظهر إِلا في المطر شبيه بالدُّرّاجة، واحدته
مُرَعةٌ مثل هُمَزةٍ مثل رُطَبٍ ورُطَبةٍ؛ قال سيبويه: ليس المُرَعُ تكسير
مُرَعةٍ، إِنما هو من باب ثَمْرة وتَمْر لأَن فُعَلةَ لا تكسَّر لقلها في
كلامها، أَلا تراهم قالوا: هذا المُرَعُففذكّروا فلو كان كالغُرَفِ
لأَنَّثُوا. ابن الأَعرابي: المُرْعةُ طائر طويل، وجمعها مُرَعٌ؛ وأَنشد
لمليح:
سَقَى جارَتَيْ سُعْدَى، وسُعْدَى ورَهْطَها،
وحيثُ التَقَى شَرْقٌ بِسُعْدَى ومَغْرِبُ
بِذي هَيْدبٍ أَيْما الرُّبا تحتَ وَدْقِه
فَترْوَى، وأَيْما كلُّ وادٍ فَيَرْعَبُ
له مُرَعٌ يَخْرُجْنَ من تحتِ وَدْقِه،
منَ الماءِ جُونٌ رِيشُها يَتَصَبَّبُ
قال أَبو عمرو: المُرْعةُ طائر أَبيض حسَنُ اللونِ طيب الطعم في قدر
السُّمانَى. وفي حديث ابن عباس: أَنه سئل عن السَّلْوى فقال: هي المُرَعةُ؛
قال ابن الأَثير: هو طائر أَبيض حسن اللون طويل الرجلين بقدر السُّمانى،
قال: إِنه يقع في المطر من السماء.
ومارِعةُ: مِلكٌ في الدهْرِ الأوّل. وبنو مارِعةَ: بطن يقال لهم
الموارِعُ. ومَرْوَعُ: أَرض؛ قال رؤْبة:
في جَوْفِ أَجْنَى من حِفافى مَرْوَعا
وأَمْرَعَ رأْسَه بدُهْنٍ أَي أَكْثَرَ منه وأَوْسَعَه، يقال: أَمرِعْ
رأْسك وامْرَعْه أَي أَكثر منه؛ قال رؤبة:
كَغُصْنِ بانٍ عُودُه سَرََعْرَعُ،
كأَنَّ وَرْداً من دِهانٍ يُمْرَعُ
لَوْنِي، ولو هَبَّتْ عَقِيمٌ تَسْفَعُ
يقول كأَنَّ لونه يُعْلَى بالدُّهْنِ لصَفائِه. ابن الأَعرابي: أَمْرَعَ
المكانُ لا غير. ومَرَعَ رأْسَه بالدهن إِذا مَسَحَه.
مسك: المَسْكُ، بالفتح وسكون السين: الجلد، وخَصَّ بعضهم به جلد
السَّخْلة، قال: ثم كثر حتى صار كل جلد مَسْكاً، والجمع مُسُكٌ ومُسُوك؛ قال
سلامة بن جَنْدل:
فاقْنَيْ لعلَّكِ أن تَحْظَيْ وتَحْتَبِلي
في سَحْبَلٍ، من مُسُوك الضأْن، مَنْجُوب
ومنه قولهم: أنا في مَسْكِك إن لم أفعل كذا وكذا. وفي حديث خيبر: أَين
مَسْكُ حُيَيِّ بن أَخْطَب كان فيه ذخيرة من صامِتٍ وحُليّ قُوِّمت بعشرة
آلاف دينار، كانت أَوَّلاً في مَسْك جَمَل ثم مَسْك ثور ثم مَسْك جَمَل.
وفي حديث علي، رضي الله عنه: ما كان على فِراشي إلاّ مَسْكُ كَبْشٍ أي
جلده. ابن الأعرابي: والعرب تقول نحن في مُسُوك الثعالب إذا كانوا خائفين؛
وأنشد المُفَضَّل:
فيوماً تَرانا في مُسُوك جِيادنا
ويوماً تَرانا في مُسُوك الثعالِبِ
قال: في مسوك جيادنا معناه أنَّا أُسِرْنا فكُتِّفْنا في قُدودٍ من
مُسُوك خيولنا المذبوحة، وقيل في مُسُوك أي على مسوك جيادنا أي ترانا فرساناً
نُغِير على أَعدائنا ثم يوماً ترانا خائفين. وفي المثل: لا يَعْجِزُ
مَسْكُ السَّوْءِ عن عَرْفِ السَّوْءِ أي لا يَعْدَم رائحة خبيثة؛ يضرب
للرجل اللئيم يكتم لؤمه جُهْدَه فيظهر في أفعاله. والمَسَكُ: الذَّبْلُ.
والمَسَكُ: الأَسْوِرَة والخلاخيل من الذَّبْلِ والقرون والعاج، واحدته
مَسَكة. الجوهري: المَسَك، بالتحريك، أَسْوِرة من ذَبْلٍ أو عاج؛ قال
جرير:تَرَى العَبَسَ الحَوْليَّ جَوْباً بكُوعِها
لها مسَكاً، من غير عاجٍ ولا ذَبْلِ
وفي حديث أبي عمرو النَّخَعيّ: رأَيت النعمان بن المنذر وعليه قُرْطان
ودُمْلُجانِ ومَسَكتَان، وحديث عائشة، رضي الله عنها: شيء ذَفِيفٌ
يُرْبَطُ به المَسَكُ. وفي حديث بدر: قال ابن عوف ومعه أُمية بن خلف: فأحاط بنا
الأنصار حتى جعلونا في مثل المَسَكَةِ أي جعلونا في حَلْقةٍ كالسِّوارِ
وأحدقوا بنا؛ واستعاره أَبو وَجْزَة فجعل ما تُدخِلُ فيه الأُتُنُ
أَرجلَها من الماء مَسَكاً فقال:
حتى سَلَكْنَ الشَّوى منهنَّ في مَسَكٍ،
من نَسْلِ جدَّابةِ الآفاقِ مِهْداجِ
التهذيب: المَسَكُ الذَّبْلُ من العاج كهيئة السِّوار تجعله المرأَة في
يديها فذلك المَسَكُ، والذَّبْلُ القُرون، فإن كان من عاج فهو مَسَك وعاج
ووَقْفٌ، وإذا كان من ذَبْلٍ فهو مَسَكٌ لا غير. وقال أَبو عمرو
المَسَكُ مثل الأَسْوِرة من قُرون أو عاج؛ قال جرير:
ترى العبس الحوليّ جوناً بكوعها
لها مسكاً، من غير عاج ولا ذبل
وفي الحديث: أنه رأى على عائشة، رضي الله عنها، مَسَكَتَيْن من فضة،
المَسَكةُ، بالتحريك: الوسار من الذَّبْلِ، وهي قُرون الأَوْعال، وقيل: جلود
دابة بحرية، والجمع مَسَكٌ. الليث: المِسْكُ معروف إلا أَنه ليس بعربي
محض.
ابن سيده: والمِسْكُ ضرب من الطيب مذكر وقد أَنثه بعضهم على أنه جمع،
واحدته مِسْكة. ابن الأعرابي: وأصله مِسَكٌ محرّكة؛ قال الجوهري: وأما قول
جِرانِ العَوْدِ:
لقد عاجَلَتْني بالسِّبابِ وثوبُها
جديدٌ، ومن أَرْدانها المِسْكُ تَنْفَحُ
فإنما أَنثه لأنه ذهب به إلى ريح المسك. وثوب مُمَسَّك: مصبوغ به؛ وقول
رؤبة:
إن تُشْفَ نَفْسي من ذُباباتِ الحَسَكْ،
أَحْرِ بها أَطْيَبَ من ريحِ المِسِكْ
فإنه على إرادة الوقف كما قال:
شُرْبَ النبيذ واعْتِقالاً بالرِّجِلْ
ورواه الأصمعي:
أَحْرِ بها أَطيب من ريح المِسَك
وقال: هو جمع مِسْكة. ودواء مُمَسَّك: فيه مِسك. أَبو العباس في حديث
النبي، صلى الله عليه وسلم، في الحيض: خُذِي فِرْصةً فَتَمَسَّكي بها، وفي
رواية: خذي فَرِصَة مُمَسّكة فَتَطَيَّبي بها؛ الفِرصَةُ: القِطْعة يريد
قطعة من المسك، وفي رواية أُخرى: خذي فِرْصَةً من مِسْكٍ فتطيبي بها، قال
بعضهم: تَمَسَّكي تَطَيَّبي من المِسْك، وقالت طائفة: هو من التَّمَسُّك
باليد، وقيل: مُمَسَّكة أي مُتَحَمَّلة يعني تحتملينها معك، وأَصل
الفِرْصة في الأصل القطعة من الصوف والقطن ونحو ذلك؛ قال الزمخشري:
المُمَسَّكة الخَلَقُ التي اُمْسِكَتْ كثيراً، قال: كأنه أراد أن لا يستعمل الجديد
من القطن والصوف للارْتِفاق به في الغزل وغيره، ولأن الخَلَقَ أصلح لذلك
وأَوفق؛ قال ابن الأثير: وهذه الأقوال أكثرها مُتَكَلَّفَة والذي عليه
الفقهاء أنا الحائض عند الاغتسال من الحيض يستحب لها أن تأْخذ شيئاً يسيراً
من المِسْك تتطيب به أو فِرصةً مطيَّبة من المسك. وقال الجوهري: المِسْك
من الطيب فارسي معرب، قال: وكانت العرب تسميه المَشْمُومَ. ومِسْكُ
البَرِّ: نبت أطيب من الخُزامى ونباتها نبات القَفْعاء ولها زَهْرة مثل زهرة
المَرْوِ؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وقال مرة: هو نبات مثل العُسْلُج سواء.
ومَسَكَ بالشيءِ وأَمْسَكَ به وتَمَسَّكَ وتَماسك واسْتمسك ومَسَّك، كُلُّه:
احْتَبَس. وفي التنزيل: والذي يُمَسِّكون بالكتاب؛ قال خالد بن زهير:
فكُنْ مَعْقِلاً في قَوْمِكَ، ابنَ خُوَيْلدٍ،
ومَسِّكْ بأَسْبابٍ أَضاعَ رُعاتُها
التهذيب في قوله تعالى: والذين يُمْسِكُون بالكتاب؛ بسكون وسائر القراء
يُمَسِّكون بالتشديد، وأَما قوله تعالى: ولا تُمَسِّكوا بعِصَم الكوافر،
فإن أَبا عمرو وابن عامر ويعقوب الحَضْرَمِيَّ قرؤُوا ولا تُمَسِّكوا،
بتشديدها وخففها الباقون، ومعنى قوله تعالى: والذي يُمَسِّكون بالكتاب، أي
يؤْمنون به ويحكمون بما فيه. الجوهري: أَمْسَكْت بالشيء وتَمَسَّكتُ به
واسْتَمْسَكت به وامْتَسَكْتُ كُلُّه بمعنى اعتصمت، وكذلك مَسَّكت به
تَمْسِيكاً، وقرئَ ولا تُمَسِّكوا بعِصَمِ الكَوافرِ. وفي التنزيل: فقد
اسْتمسكَ بالعُرْوَة الوُثْقى؛ وقال زهير:
بأَيِّ حَبْلِ جِوارٍ كُنْتُ أَمْتَسِكُ
ولي فيه مُسْكة أي ما أَتَمَسَّكُ به. والتَّمَسُّك: اسْتِمْساكك
بالشيء، وتقول أَيضاً: امْتَسَكْت به؛ قال العباس:
صَبَحْتُ بها القومَ حتى امْتَسكْـ
تُ بالأرْضِ، أَعْدِلُها أَن تَمِيلا
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لا يُمْسِكَنَّ الناسُ
عليَّ بشيءِ فإني لا أُحِلُّ إلا ما أَحَلَّ الله ولا أُحرِّم إلاّ ما
حَرَّم الله؛ قال الشافعي: معناه إن صحَّ أنَّ الله تعالى أَحل للنبي، صلى
الله عليه وسلم، أَشياء حَظَرَها على غيره من عدد النساء والموهوبة وغير
ذلك، وفرض عليه أَشياء خففها عن غيره فقال: لا يُمْسِكَنَّ الناسُ عليَّ
بشيء، يعني بما خصِّصْتُ به دونهم فإن نكاحي أَكثر من أَربع لا يحل لهم أَن
يبلغوه لأنه انتهى بهم إلى أَربع، ولا يجب عليهم ما وجب عليَّ من تخيير
نسائهم لأنه ليس بفرض عليهم. وأَمْسَكْتُ عن الكلام أي سكت. وما تَماسَكَ
أن قال ذلك أي ما تمالك. وفي الحديث: من مَسَّك من هذا الفَيْءِ بشيءٍ أي
أَمسَك.
والمُسْكُ والمُسْكةُ: ما يُمْسِكُ الأبدانَ من الطعام والشراب، وقيل:
ما يتبلغ به منهما، وتقول: أَمْسَك يُمْسِكُ إمْساكاً. وفي حديث ابن أَبي
هالَة في صفة النبي، صلى الله عليه وسلم: بادنٌ مُتَماسك؛ أراد أَنه مع
بدانته مُتَماسك اللحم ليس بمسترخيه ولا مُنْفَضِجه أي أنه معتدل الخلق
كأَن أعضاءَه يُمْسِك بعضها بعضاً. ورجل ذو مُسْكةٍ ومُسْكٍ أي رأْي وعقل
يرجع إليه، وهو من ذلك. وفلان لا مِسُكة له أي لا عقل له. ويقال: ما بفلان
مُسْكة أي ما به قوَّة ولا عقل. ويقال: فيه مُسْكَةٌ من خير، بالضم، أي
بقية.
وأَمْسَكَ الشيءَ: حبسه. والمَسَكُ والمَسَاكُ: الموضع الذي يُمْسِك
الماءَ؛ عن ابن الأعرابي.
ورجل مَسِيكٌ ومُسَكَةٌ أي بخيل. والمِسِّيك: البخيل، وكذلك المُسُك،
بضم الميم والسين، وفي حديث هند بنت عُتْبة: أن أَبا سفيان رجل مَسِيكٌ أي
بخيل يُمْسِكُ ما في يديه لا يعطيه أَحداً وهو مثل البخيل وزناً ومعنى.
وقال أَبو موسى: إنه مِسِّيكٌ، بالكسر والتشديد، بوزن الخِمَّير
والسِّكِّير أي شديد الإمْساك لماله، وهو من أَبنية المبالغة، قال: وقيل المِسِّيك
البخيل إلاَّ أن المحفوظ الأول؛ ورجل مُسَكَةٌ، مثل هُمَزَة، أي بخيل؛
ويقال: هو الذي لا يَعْلَقُ بشيء فيتخلص منه ولا يُنازِله مُنازِلٌ
فيُفْلِتَ، والجمع مُسَكٌ، بضم الميم وفتح السين فيهما؛ قال ابن بري: التفسير
الثاني هو الصحيح، وهذا البناء أعني مُسَكة يختص بمن يكثر منه الشيء مثل
الضُّحكة والهُمَزَة. وفي حديث عثمان بن عفان، رضي الله عنه، حين قال له
ابن عُرَانَةَ: أَما هذا الحَيُّ من بَلْحرث بن كعب فَحَسَكٌ أَمْراسٌ،
ومُسَكٌ أَحْماس، تَتَلَظَّى المَنايا في رِماحِهِم؛ فوصفهم بالقوَّة
والمَنَعةِ وأَنهم لِمَنْ رامهم كالشوك الحادِّ الصُّلْب وهو الحَسَك، وإذا
نازَلوا أَحداً لم يُفْلِتْ منهم ولم يتخلص؛ وأما قول ابن حِلِّزة:
ولما أَن رأَيتُ سَراةَ قَوْمِي
مَسَاكَى، لا يَثُوبُ لهم زَعِيمُ
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون مساكى في بيته اسماً لجمع مَسِيك، ويجوز أن
يتوهم في الواحد مَسْكان فيكون من باب سَكَارَى وحَيَارَى. وفيه
مُسْكةٌ ومُسُكةٌ؛ عن اللحياني، ومَسَاكٌ ومِساك ومَسَاكة وإمْساك: كل ذلك من
البخل والتَّمَسُّكِ بما لديه ضَنّاً به؛ قال ابن بري: المِسَاك الاسم من
الإمْساك؛ قال جرير:
عَمِرَتْ مُكَرَّمةَ المَساكِ وفارَقَتْ،
ما شَفَّها صَلَفٌ ولا إقْتارُ
والعرب تقول: فلان حَسَكة مَسَكة أي شجاع كأَنه حَسَكٌ في حَلْق عدوِّه.
ويقال: بيننا ماسِكة رحِم كقولك ماسَّة رحم وواشِجَة رحم.
وفرس مُمْسَك الأَيامِن مُطْلَقُ الأياسر: مُحَجَّلُ الرجل واليد من
الشِّقِّ الأيمن وهم يكرهونه، فإن كان مُحَجَّل الرجل واليد من الشِّقِّ
الأيسر قالوا: هو مُمْسَكُ الأياسر مُطْلَق الأيامن، وهم يستحبون ذلك. وكل
قائمة فيها بياض، فهي مُمْسَكة لأنها أُمسِكت بالبياض؛ وقوم يجعلون
الإمْسَاك أن لا يكون في القائمة بياض. التهذيب: والمُطْلَق كل قائمة ليس بها
وَضَحٌ، قال: وقوم يجعلون البياض إطلاقاً والذي لا بياض فيه إمساكاً؛
وأَنشد؛
وجانب أُطْلِقَ بالبَياضِ،
وجانب أُمْسك لا بَياض
وقال: وفيه من الاختلاف على القلب كما وصف في الإمْساك.
والمَسَكةُ والمَاسِكة: قِشْرة تكون على وجه الصبي أَو المُهْر، وقيل:
هي كالسَّلى يكونان فيها. وقال أَبو عبيدة: المَاسِكة الجلدة التي تكون
على رأْس الولد وعلى أطراف يديه، فإذا خرج الولد من الماسِكة والسَّلى فهو
بَقِير، وإذا خرج الولد بلا ماسِكة ولا سَلىً فهو السَّلِيل. وبلغ مَسَكة
البئر ومُسْكَتَها إذا حفر فبلغ مكاناً صُلْباً. ابن شميل: المَسَكُ
الواحد مَسَكة وهو أن تَحْفِر البئر فتبلغ مَسَكةً صُلْبةً وإن بِئارَ بني
فلان في مَسَك؛ قال الشاعر:
اللهُ أَرْواكَ وعَبْدُ الجَبَّارْ،
تَرَسُّمُ الشَّيخِ وضَرْبُ المِنْقارْ،
في مَسَكٍ لا مُجْبِلٍ ولا هارْ
الجوهري: المُسْكَةُ من البئر الصُّلْبةُ التي لا تحتاج إلى طَيّ.
ومَسَك بالنار. فَحَصَ لها في الأرض ثم غطاها بالرماد والبعر ودفنها.
أبو زيد: مَسَّكْتُ بالنار تَمْسِيكاً وثَقَّبْتُ بها تَثْقْيباً، وذلك إذا
فَحَصت لها في الأَرض ثم جعلت عليها بعراً أو خشباً أو دفنتها في
التراب.والمُسْكان: العُرْبانُ، ويجمع مَساكينَ، ويقال: أَعطه المُسْكان. وفي
الحديث: أنه نهى عن بيع المُسْكانِ؛ وهو بالضم بيع العُرْبانِ
والعَرَبُونِ، وهو أن يشتري السِّلعة ويدفع إلى صاحبها شيئاً على أنه إن أَمضى البيع
حُسب من الثمن وإن لم يمض كان لصاحب السلعة ولم يرتجعه المشتري، وقد ذكر
في موضعه. ابن شميل: الأرض مَسَكٌ وطرائق: فَمَسَكة كَذَّانَةٌ ومَسَكة
مُشاشَة ومَسَكة حجارة ومَسَكة لينة، وإنما الأرض طرائق فكل طريقة
مَسَكة، والعرب تقول للتَّناهي التي تُمْسِك ماء السماء مَساك ومَساكة
ومَساكاتٌ، كل ذلك مسموع منهم. وسقاءٌ مَسِيك: كثير الأخذ للماء. وقد مَسَك، بفتح
السين، مَساكة، رواه أَبو حنيفة. أبو زيد: المَسِيك من الأَساقي التي
تحبس الماء فلا يَنْضَحُ. وأرض مَسِيكة: لا تُنَشِّفُ الماءَ لصلابتها.
وأَرض مَساك أيضاً. ويقال للرجل يكون مع القوم يخوضون في الباطل: إن فيه
لَمُسْكةً عما هم فيه. وماسِكٌ: اسم. وفي الحديث ذكر مَسْك
(* قوله «ذكر مسك
إلخ» كذا بالأصل والنهاية، وفي ياقوت: ان الموضع الذي قتل به مصعب والذي
كانت به وقعة الحجاج مسكن بالنون آخره كمسجد وهو المناسب لقول الأصل
وكسر الكاف وليس فيه ولا في القاموس مسك؛) هو بفتح الميم وكسر الكاف صُقْع
بالعراق قتل فيه مُصْعَب ابن الزبير، وموضع بدُجَيْل الأهْواز حيث كانت
وقعة الحجاج وابن الأشعث.
مندل: قال المبرد: المَنْدَل العود الرَّطْب، وهو المَنْدَلِيُّ؛ قال
الأَزهري: هو عندي رباعي لأَن الميم أَصلية، قال: لا أَدري أَعربي هو أَو
معرب.
مول: المالُ: معروف ما مَلَكْتَه من جميع الأَشياء. قال سيبويه: من شاذ
الإِمالة قولهم مال، أَمالُوها لشبه أَلفها بأَلف غَزَا، قال: والأَعرف
أَن لا يمال لأَنه لا علَّة هناك توجب الإِمالة، قال الجوهري: ذكر بعضهم
أَن المال يؤنث؛ وأَنشد لحسان:
المالُ تُزْرِي بأَقوامٍ ذوِي حَسَبٍ،
وقد تُسَوِّد غير السيِّد المالُ
والجمع أَمْوال. وفي الحديث: نهى عن إِضاعة المال؛ قيل: أَراد به
الحيوان أَي يُحْسَن إِليه ولا يهمَل، وقيل: إِضاعته إِنفاقه في الحرام
والمعاصي وما لا يحبه الله، وقيل: أَراد به التبذير والإِسْراف وإِن كان في
حَلال مُباح. قال ابن الأَثير: المال في الأَصل ما يُملك من الذهب والفضة ثم
أُطلِق على كل ما يُقْتَنَى ويملَك من الأَعيان، وأَكثر ما يُطلق المال
عند العرب على الإِبل لأَنها كانت أَكثر أَموالهم.
ومِلْت بعدنا تَمال ومُلْت وتَمَوَّلْت، كله: كثُر مالُك. ويقال:
تَمَوَّل فلان مالاً إِذا اتَّخذ قَيْنة
(* قوله «قينة» كذا في الأصل، ولعله
بالكسر كما يؤخذ ذلك من مادة قنو في المصباح) ؛ ومنه قول النبي، صلى الله
عليه وسلم: فليأْكُلْ منه غير مُتَمَوِّل مالاً وغير مُتَأَثِّل مالاً،
والمعنيان مُتقارِبان. ومالَ الرجل يَمُول ويَمَالُ مَوْلاً ومُؤولاً إِذا
صار ذا مالٍ، وتصغيره مُوَيْل، والعامة تقول مُوَيِّل، بتشديد الياء، وهو
رجلٌ مالٌ، وتَمَوَّلَ مثله ومَوَّلَه غيره. وفي الحديث: ما جاءَك منه
وأَنتَ غيرُ مُشْرِف عليه فَخْذْه وتَموّله أَي اجعله لك مالاً. قال ابن
الأَثير: وقد تكرّر ذكر المال على اختلاف مُسَمَّياتِه في الحديث ويُفرَق
فيها بالقَرائن. ورجلٌ مالٌ: ذو مالٍ، وقيل: كثيرُ المال كأَنه قد جَعل
نفسَه مالاً، وحقيقته ذو مالٍ؛ وأَنشد أَبو عمرو:
إِذا كان مالاً كان مالاً مُرَزَّأً،
ونال ندَاه كلُّ دانٍ وجانِب
قال ابن سيده: قال سيبويه مال إِما أَن يكون فاعلاً ذهبت عينُه، وإِما
أَن يكون فَعْلاً من قوم مالةٍ ومالِينَ، وامرأَة مالةٌ من نسوة مالةٍ
ومالاتٍ. وما أَمْوَلَهُ أَي ما أَكثر مالَهُ. قال ابن جني: وحكى الفراء عن
العرب رجل مَئِلٌ إِذا كان كثير المال، وأَصلُها مَوِل بوزن فَرِقٍ
وحَذِرٍ، ثم انقلبت الواو أَلِفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت مالاً، ثم
إِنهم أَتوا بالكسرة التي كانت في واو مَوِل فحركوا بها الأَلف في مالٍ
فانقلبت همزة فقالوا مَئِل. وفي حديث مُصْعَب بن عمير: قالت له أُمُّه
والله لا أَلبَس خِماراً ولا أَستظِلُّ أَبداً ولا آكل ولا أَشرب حتى تَدَعَ
ما أَنتَ عليه، وكانت امرأَة مَيِّلة أَي ذات مال. يقال: مالَ يَمالُ
ويَمول فهو مالٌ ومَيِّل، على فَعْل وفَيْعِل، قال: والقياس مائِلِ. وفي
حديث الطفيل: كان رجلاً شريفاً شاعراً مَيِّلاً أَي ذا مالٍ. ومُلْتُه:
أَعطيته المال. ومالُ أَهلِ البادية: النَّعَمُ.
والمُولةُ: العنكبوت؛ أَبو عمرو: هي العنكبوت والمُولةُ والشَّبَثُ
والمِنَنَة. قال الجوهري: زعم قوم أَن المُولَ العنكبوت، الواحدة مُولةٌ؛
وأَنشد:
حاملة دَلْوك لا محمولَهْ،
مَلأَى من المال كعَيْن المُولَهْ
قال: ولم أَسمعه عن ثِقَة.
ومُوَيْل: من أَسماء رَجَب؛ قال ابن سيده: أَراها عادِيَّة.
نجج: نَجَّتِ القُرْحَةُ تَنِجُّ، بالكسر، نَجًّا ونَجِيجاً: رَشَحَت؛
وقيل: سالَتْ بما فيها. الأَصمعي: إِذا سال الجُرْح بما فيه، قيل: نَجَّ
يَنِجُّ نَجِيجاً؛ قال القَطِران:
فإِنْ تَكُ قُرْحةٌ خَبُثَتْ ونَجَّتْ،
فإِنَّ الله يَفعل ما يَشاء
وهذا البيت أَورده الجوهري منسوباً لجرير، ونبه عليه ابنُ بَرِّي في
أَماليه أَنه للقَطِران، كما ذكره ابن سيده. يقال: خَبُثَتِ القُرْحة إِذا
فسَدت وأَفْسَدت ما حَولها؛ يُريد أَنها، وإِن عَظُمَ فسَادُها. فاللهُ
قادرٌ على إِبْرَائِها. وفي حديث الحجاج: سأَحْمِلُك على صَعْبٍ حَدْباءَ
(* قوله «صعب حدباء» كذا ضبط صعب في الأصل بالتنوين، وكذا فيما بأيدينا من
النهاية هنا وفي حدبر.) حِدْبارٍ يَنِجُّ ظهرُها أَي يسيلُ قَيْحاً،
وكذلك الأُذُن إِذا سال منها الدَّمُ والقَيْحُ. وأُذُنٌ نَجَّةٌ: رافِضةٌ
بما لا يُوَافِقُها من الحديث.
ويقال: جاء بِأَدْبَرَ يَنِجُّ ظهرُه. ونَجَّ الشيءَ من فيه نَجًّا:
كمجَّه.
ونَجْنَجَ في رأْيه وتَنَجْنَجَ: اضطرَبَ. وتَنَجْنَجَ لحمُه
(* قوله
«وتنجنج لحمه إلخ» تبع الجوهري فيه. والذي في القاموس هو غلط، وإِنما هو
تبجبج، بياءين اهـ. وفي شرحه أَصل الردّ للهروي في الغريبين.) أَي كَثُرَ
واسترخَى. ونَجْنَجَ أَمْرَه إِذا ردَّد أَمْرَه ولم يُنَفِّذْه؛ وقال ذو
الرمة:
حتى إِذا لم يَجِدْ وَغْلاً ونَجْنَجَها
مَخافةَ الرَّمْيِ، حتى كلُّها هِيمُ
والنَّجْنَجَةُ: التحريك والتقليب. ويقال: نَجْنِجْ أَمْرَك فلَعَلَّك
تَجِدُ إِلى الخُرُوج سَبيلاً. ونَجْنَجَ إِذا هَمَّ بالأَمْرِ ولم
يَعْزِم عليه. الليث: النَّجْنَجةُ الجَوْلَةُ عند الفَزْعةِ؛ وقال
العجاج:ونَجْنَجَتْ بالخَوْف مَن تَنَجْنَجا
أَبو تراب: قال بعضُ غَنيٍّ: يقال لجَْلَجْتُ اللُّقْمة ونَجْنَجْتها
إِذا حَرَّكْتَها في فِيك وردَّدْتَها فلم تَبْتَلِعْها.شجاع السّلَمي:
مَجْمَجَ بي ونَجْنَجَ إِذا ذَهَب بكَ في الكلام مَذْهباً على غير
الاسْتِقامة،وردَّكَ مِنْ حالٍ إِلى حالٍ. ابن الأَعرابي: مَجَّ ونَجَّ، بمعنى
واحد؛ وقال أَوس:
أُحاذِرُ نَجَّ الخَيلِ فَوْقَ سَراتِها،
ورَبًّا غَيُوراً، وَجْهُه يتمَعَّر
نَجَّتُها: إِلْقاؤُها زَوالَها
(* هكذا في الأصل.) عن ظهورها.ونَجْنَجَ
الرجُلَ: حَرَّكَه. ونَجْنَجَه عن الأَمر: كَفَّه؛ قال:
فَنَجْنَجَها عن ماءِ حَلْيَةَ، بعدما
بَدَا حاجِبُ الإِشْراق، أَو كاد يُشْرِقُ
والنَّجْنَجَةُ: الحَبس عن المَرْعى. ونَجْنَجَ إِبلَه نَجْنَجَةً إِذا
ردّها عن الماء. الجوهري: نَجْنَجَ إِبِلَه إِذا ردَّها على الحَوض؛
وأَنشد بيت ذي الرمة:
حتى إِذا لم يجد وَغْلاً ونَجنَجَها
والنَّجْنَجَةُ: تَرْديدُ الرأْي. ونَجْنَجت عيْنُه غارت. واليَنْجُوجُ
والأَنجُوجُ: العود الذي يُتبَخَّرُ به؛ قال أَبو دواد:
يَكْتَبِينَ الأَنْجُوجَ في كَبَّةِ المَشْـ
ـتَى، وبُلْهٌ أَحْلامُهُنَّ وِسامُ
وفي حديث سَلْمَانَ: أَهْبِطَ آدَمُ من الجنة وعليه إِكْلِيلٌ، فَتحاتَّ
منه عودُ الأَنْجُوج؛ هو لغة في العود الذي يُتَبَخَّر به، والمشهور فيه
أَلَنْجوج ويَلَنْجُوج وأَلَنْجَج، والأَلف والنون زائدتان؛ وفي الحديث:
مَجامِرُهُمُ الأَلَنْجوج؛ قال ابن الأَثير: كأَنه يَلِجُّ في تَضَوُّعِ
رائحتهِ، وهو انتشارُها.
نفج: نَفَجَ الأَرنَبُ إِذا ثارَ؛ ونَفَجَت، وهو أَوْحَى عَدْوِها.
وأَنْفَجَها الصائدُ: أَثارها من مَجْثَمِها؛ وفي حديث قَيْلةَ: فانْتَفَجَتْ
منه الأَرنبُ أَي وَثَبَتْ. ونَفَجْتُه أَنا: أَثَرْتُه فثارَ من
جُحْرِه؛ ومنه الحديث: فانْتَفَجْنا أَرنباً أَي أَثَرْناها؛ ومنه الحديث: أَنه
ذَكر فِتْنَتَين فقال: ما الأُولى عند الآخرة إِلا كَنَفْجةِ أَرنبٍ أَي
كَوَثْبَتِه من مَجْثَمِه؛ يُريدُ تقليلَ مدتها. ابن سيده: نَفَجَ
اليَرْبوعُ يَنْفِجُ ويَنْفُجُ نُفوجاً، وانْتَفَجَ: عَدَا. وأَنْفَجَه
الصائدُ واسْتَنْفَجَه: استخرجه، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
يَسْتَنْفِجُ الخِزّانَ من أَمْكائها
وكلُّ ما ارتَفَعَ: فقد نَفَجَ وانْتَفَجَ وتَنَفَّجَ. ونَفَجَه هو
يَنْفُجُه نَفْجاً ونَفَجَت الفَرُّوجةُ من بَيْضَتِها أَي خرجَتْ. ونَفَجَ
ثَدْيُ المرأَةِ قميصَها إِذا رفعه.
ورجلُ مُنْتَفِجُ الجَنْبينِ؛ وبعيرٌ مُنْتَفِجٌ إِذا خرجَتْ خواصِرُه.
وانتفج جَنْبا البعير: ارْتَفعا؛ وفي حديث أَشراط الساعة: انْتِفاج
الأَهِلَّةِ؛ روي بالجيم، مِن انتفَج جَنْبا البعير إِذا ارتفعا وعظُما
خِلْقةً. ونَفَجْتُ الشيءَ فانْتفج أَي رفَعتُه وعظَّمْتُه.
وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: نافِجاً حِضْنَيهِ، كنى به عن التعاظُم
والتكبُّر والخُيَلاء.
ونَوافجُ المِسْك؛ معرَّبةٌ
(* قوله «ونوافج المسك إلخ» عبارة القاموس
وشرحه والنافجة: وعاء المسك، معرف عن تافه. قال شيخنا: ولذلك جزم بعضهم
بفتح فائها، وزعم صاحب المصباح أَنها عربية.).
ونَفَجَ السِّقاءَ نَفْجاً: مَلأَه؛ وقوله:
فأَعْجَلَتْ شَنَّتَها أَن تُنْفَجا
يعني أَن تُمْلأَ ماءً لِتُنْقى وتُغْسَلَ قبل أَن يُسْتَقى بها؛ وقيل:
أَعْجَلَتْ عن أَن يُزادَ فيها ماءٌ يُوَسِّعُها ويَرْفَعُها.
وصوتٌ نافجٌ: جافٍ غليظٌ؛ قال الشاعر:
تسمعُ لِلأَعبُدِ زَجْراً نافِجا،
من قِيلِهم: أَياهَجاً أَياهَجا
وقيل: أَراد بالزجْرِ النافج الذي يَنْفُجُ الإِبِلَ حتى تتوسَّع في
مَراتِعِها ولا تَجتَمع؛ ويقال للإِبل التي يَرِثُها الرجلُ فتكثُرُ بها
إِبِلُه: نافِجةٌ؛ وكانت العربُ تقول في الجاهلية للرجل إِذا وُلِدَتْ له
بنتٌ: هنيئاً لك النافجةُ أَي المُعَظِّمَةُ لِمالِك، وذلك أَنه
يُزَوِّجُها فيأْخُذ مَهْرَها من الإِبِلِ، فيَضُمُّها إِلى إِبِلِه فيَنْفُجُها
أَي يَرْفَعُها ويُكَثِّرُها.
والنَّفْجُ: اسمُ ما نُفِجَ به.
ورجل نَفَّاجٌ إِذا كان صاحبَ فَخْرٍ وكِبْرٍ؛ وقيل: نَفَّاجٌ يَفْخَرُ
بما ليس عنده، وليست بالعالِية؛ وفي حديث عليّ: إِنَّ هذا البَجْباجَ
النفَّاجَ لا يدري ما الله؛ النفَّاجُ: الذي يَتَمَدَّحُ بما ليس فيه من
الانْتِفاج الارتفاعِ. ورجلٌ نفَّاجٌ: ذو نَفْجٍ، يقول ما لا يَفعلُ،
ويَفتخِر بما ليس له ولا فيه.
وامرأَةٌ نُفُجُ الحقِيبةِ إِذا كانت ضخْمةَ الأَرْدافِ والمَأْكَمِ؛
وأَنشد:
نُفُج الحَقيبةِ بَضَّة المُتَجَرَّدِ
وفي الحديث في صفة الزبير:
كان نُفُجَ الحَقِيبةِ أَي عظيمَ العَجُزِ، وهو بضم النون والفاء.
والنِّفاجةُ: رُقْعَةٌ مُرَبَّعــةٌ تحت كُمِّ الثوبِ.
وتَنَفَّجَت الأَرنبُ: اقشعَرَّتْ، يمانية، وكل ما اجْتالَ: فقد
انْتَفَجَ.
والنوافِجُ: مُؤَخَّراتُ الضُّلوعِ، واحدُها نافجٌ ونافجةٌ، وتُسَمَّى
الدَّخارِيصُ التنافيجَ لأَنها تَنْفُجُ الثوبَ فتُوَسِّعُه.
ويقال: ما لذي اسْتَنْفَجَ غضَبَكَ؟ أَي أَظْهَرَهُ وأَخرجه.
ابن الأَعرابي: النِّفِّيجُ، بالجيم: الذي يَجِيءُ أَجنبيّاً فيدخُل بين
القَومِ ويُسْمِلُ بينهم ويُصلِحُ أَمْرَهم؛ وقال أَبو العباس:
النِّفِّيجُ الذي يَعْترضُ بين القوم، لا يُصْلِحُ ولا يُفْسِد.
ونَفَجَت الريحُ: جاءت بَغْتَةً؛ وقيل: النافِجةُ كلُّ رِيحٍ تَبْدَأُ
بشدَّةٍ؛ وقيل أَوّلُ كلِّ رِيحٍ تَبْدأُ بشدَّةٍ؛ قال الأَصمعي: وأُرى
فيها بَرْداً. قال أَبو حنيفة: ربما انتفجت الشَّمالُ على الناس بعدما
يَنامون، فتَكادُ تُهلِكُهم بالقُرِّ من آخرِ لَيْلتِهم، وقد كان أَوَّلُ
لَيْلتِهم دَفِيئاً. والنافجةُ: أَوَّلُ شيء يَبْدَأُ بشدَّةٍ؛ تقول:
نَفَجَت الريحُ إِذا جاءت بقُوَّةٍ؛ قال ذو الرمة يصف ظليماً:
يَرْقَدُّ في ظِلِّ عَرَّاصٍ، ويَطْرده
حَفِيفُ نافِجَةٍ، عُثْنُونُها حَصِبُ
قال شمر: النافجةُ من الرياحِ التي لا تَشْعُر حتى تَنْتَفِجَ عليك؛
وانتِفاجُها: خروجُها عاصِفةً عليك، وأَنت غافلٌ، قال: وقد تُسَمَّى
السحابةُ الكثيرةُ المطرِ بذلك، كما يسمَّى الشيءُ باسمِ غيرهِ لكونهِ منه
بسببٍ؛ قال الكميت:
راحَتْ له، في جُنُوحِ الليلِ، نافجةٌ،
لا الضَّبُّ ممتنعٌ منها، ولا الوَرَلُ
ثم قال:
يَسْتَخرجُ الحَشَراتِ الخُشْنَ رَيِّقُها،
كأَنَّ أَرْؤُسَها في مَوْجِه الخَشَلُ
وفي حديث المُستضعفَينِ بمكة: فنَفَجَتْ بهم الطريقُ أَي رمَتْ بهم
فَجْأَةً.
والنَّفِيجةُ: القَوسُ، وهي شَطيبةٌ من نَبْعٍ؛ قال الجوهري: ولم
يعرِفْه أَبو سعيد بالحاء؛ وقال مُلَيح الهُذَلي:
أَناخُوا مُعِيداتِ الوَجِيفِ، كأَنها
نفائجُ نَبْعٍ، لم تُرَيَّعْ، ذَوابِلُ
وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه كان يَحْلُبُ لأَهْلِه بعيراً،
فيقول: أُنْفِجُ أَم أُلْبِدُ؟ الإِنفاجُ: إِبانةُ الإِناء عن الضَّرْعِ
عند الحَلْبِ حتى تَعْلُوَه الرَّغوةُ، والإِلْبادُ: إِلصاقُه بالضَّرْعِ
حتى لا تكونَ له رَغْوةٌ.
نعش: نَعَشَه اللَّهُ يَنْعَشُه نَعْشاً وأَنْعَشَه: رَفَعَه.
وانْتَعَشَ: ارتفع. والانْتِعاشُ: رَفْعُ الرأْس. والنَّعْشُ: سَريرُ الميت منه،
سمي بذلك لارتفاعه، فإِذا لم يكن عليه ميّت فهو سرير؛ وقال ابن الأَثير:
إِذا لم يكن عليه ميت محمول فهو سرير. والنَّعْشُ: شَبِيهٌ بالمِحَفَّة
كان يُحْمَل عليها المَلِكُ إِذا مَرِض؛ قال النابغة:
أَلم تَرَ خَيْرَ الناسِ أَصْبَحَ نَعْشُه
على فِتْيةٍ، قد جاوَزَ الحَيَّ سائرا؟
ونَحْنُ لَدَيْه نسأَل اللَّه خُلْدَه،
يُرَدُّ لنا مَلْكاً، وللأَرض عامِرا
وهذا يدل على أَنه ليس بميت، وقيل: هذا هو الأَصل ثم كثر في كلامهم حتى
سُمِّي سريرُ الميت نَعْشاً. وميت مَنْعُوشٌ: محمول على النَعْش؛ قال
الشاعر:
أَمَحْمُولٌ على النَّعْشِ الهُمام؟
وسئل أَبو العباس أَحمد بن يحيى عن قول عنترة:
يَتْبَعْن قُلَّةَ رأْسِه، وكأَنه
حَرَجٌ على نَعْشٍ لهنَّ مُخَيِّم
فحَكى عن ابن الأَعرابي أَنه قال: النَّعامُ مَنْخُوبُ الجَوف لا عَقل
له. وقال أَبو العباس: إِنما وصف الرِّئالَ أَنها تتبع النعامةَ
فَتَطْمَحُ بأَبصارها قُلَّة رأْسِها، وكأَن قُلَّةَ رأْسها ميتٌ على سرير، قال:
والرواية مخيِّم، بكسر الياء؛ ورواه الباهِليّ:
وكأَنه زَوْجٌ على نعش لهن مخيَّم
بفتح الياء؛ قال: وهذه نعام يُتَّبَعْن. والمُخَيَّمُ: الذي جُعِل
بمنزلة الخَيْمة. والزَّوْجُ: النَّمطُ. وقُلَّةُ رأْسه: أَعْلاهُ. يَتْبَعْن:
يعني الرِّئالَ؛ قال الأَزهري: ومن رواه حَرَجٌ على نعش، فالحَرَجُ
المَشْبَك الذي يُطْبَق على المرأَة إِذا وُضِعت على سرير المَوْتى وتسميه
الناس النَّعْش، وإِنما النَّعْش السريرُ نفسُه، سمي حَرَجاً لأَنه
مُشَبَّكٌ بعِيدان كأَنها حَرَجُ الهَوْدَج. قال: ويقولون النَّعْش الميت
والنَّعْش السرير.
وبَناتُ نعش: سبعةُ كَواكبَ: أَربعة منها نَعْش لأَنها مُربّعــة، وثلاثةٌ
بَناتُ نَعْشٍ؛ الواحدُ ابنُ نَعْشٍ لأَن الكوكب مذكر فَيُذكِّرونه على
تذكيره، وإِذا قالوا ثلاث أشو أَربع ذهبوا إِلى البنات، وكذلك بَناتُ
نَعْشٍ الصُّغْرى، واتفق سيبويه والفراء على ترك صرْف نعْش للمعرفة
والتأْنيث، وقيل: شبهت بحَمَلة النَّعْشِ في تَرْبيعها؛ وجاء في الشعر بَنُو
نَعَش، أَنشد سيبويه للنابغة الجَعْديّ:
وصَهْباء لا يَخْفى القَذى وهي دُونَه،
تُصَفِّقُ في رَاوُوقِها ثم تُقْطَبُ
تمَزَّزْتُها، والدِّيكُ يَدْعُو صَباحَهُ،
إِذا ما بَنُو نَعْشٍ دَنَوْا فتَصَوَّبُوا
الصَّهْباءُ: الخَمْرُ. وقوله لا يَخْفى القَذى وهي دونه أَي لا
تَسْترُهُ إِذا وقَعَ فيها لكونها صافية فالقَذى يُرى فيها إِذا وقع. وقوله: وهي
دونه يريد أَن القَذى إِذا حصل في أَسفل الإِناء رآه الرائي في الموضع
الذي فَوْقَه الخمرُ والخمرُ أَقْربُ إِلى الرائي من القذى، يريد أَنها
يُرى ما وراءها. وتُصَفَّق: تُدارُ من إِناء إِلى إِناء. وقوله:
تمزَّزْتُها أَي شَرِبْتها قليلاً قليلاً. وتُقْطَب: تُمْزَج بالماء؛ قال الأَزهري:
وللشاعر إِذا اضطر أَن يقول بَنُو نَعْش كما قال الشاعر، وأَنشد البيت،
ووجْهُ الكلامِ بَناتُ نَعْشٍ كما قالوا بَناتُ آوى وبناتُ عُرْس،
والواحدُ منها ابنُ عُرْس وابن مِقْرَض
(* قوله «والواحد منها ابن عرس وابن
مقرض» هكذا في الأصل بدون ذكر ابن آوى وبدون تقدم بنات مقرض.)، يؤنثون جمْعَ
ما خلا الآدميّين؛ وأَما قول الشاعر:
تَؤُمُّ النَّواعِشَ والفَرْقَدَيـ
ن، تَنْصِبُ للقَصْد منها الجَبينا
فإِنه يريد بنات نَعْش إِلا أَنه جَمَعَ المضاف كما أَنه جُمِع سامُّ
أَبْرَصَّ الأَبارِصَ، فإِن قلت: فكيف كَسَّر فَعْلاَ على فَواعِلَ وليس من
بابه؟ قيل: جاز ذلك من حيث كان نَعْشٌ في الأَصل مصدر نَعَشَه نَعْشاً،
والمَصْدرُ إِذا كان فَعْلاَ فقد يُكسَّر على ما يكسَّر عليه فاعِل، وذلك
لمُشابهَةِ المصدر لاسم الفاعل من حيث جازَ وقُوعُ كلِّ واحد منهما
موقبعَ صاحبه، كقوله قُمْ قائماً أَي قُمْ قياماً، وكقوله سبحانه: قل
أَرأَيْتُم إِن أَصبَحَ ماؤكم غَوْراً. ونَعَشَ الإِنسان يَنْعَشُه نَعْشاً:
تَدارَكَه من هَلَكةٍ. ونَعَشَه اللَّهُ وأَنْعَشَه: سَدَّ فَقْرَه؛ قال
رؤبة:
أَنْعَشَني منه بسَيْبٍ مُقْعَثِ
ويقال: أَقْعَثَني وقد انْتَعَشَ هو. وقال ابن السكيت: نَعَشَه اللَّهُ
أَي رَفَعَه، ولا يقال أَنْعَشه وهو من كلام العامَّة، وفي الصحاح: لا
يقال أَنْعَشَه اللَّه؛ قال ذو الرمة:
لا يَنْعَشُ الطَّرْفَ إِلا ما تَخَوَّنَه
داغٍ يُنادِيه، باسْمِ الماءِ، مَبْغُوم
وانْتَعَشَ العاثرُ إِذا نَهَض من عَثْرَتِه. ونَعَّشْتُ له: قلت: له
نَعَشَك اللَّهُ؛ قال رؤبة:
وإِنْ هَوى العاثرُ قُلْنا: دَعْدَعا
له، وعالَيْنا بتَنْعِيشِ لَعَا
وقال شمر: النَّعْشُ البقاءُ والارتفاع. يقال: نَعَشَه اللَّه أَي
رَفَعَه اللَّهُ وجَبَره. قال: والنَّعْشُ مِنْ هذا لأَنه مرتفع على السرير.
والنَّعْشُ: الرفْعُ. ونَعَشْت فلاناً إِذا جَبَرته بعد فَقْر أَو
رَفَعْته بعد عَثْرة. قال: والنَعْشُ إِذا ماتَ الرجلُ فهم يَنْعَشُونه أَي
يذكُرونه ويَرْفَعون ذِكْرَه. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: انْتَعِشْ
نَعَشَك اللَّهُ؛ معناه ارْتَفِعْ رفَعَك اللَّه؛ ومنه قولهم: تَعِسَ فلا
انْتَعَش، وشِيكَ فلا انْتَقَش؛ فلا انْتَعَش أَي لا ارْتَفَع وهو دُعاء عليه.
وقالت عائشة في صِفَة أَبيها، رضي اللَّه عنهما: فانْتاشَ الدِّينَ
بنَعْشِه إِيّاه أَي تَدارَكَه بإِقامته إِياه من مَصْرَعِه، ويروى: فانْتاشَ
الدِّينَ فَنَعَشَه، بالفاء على أَنه فِعْل وفي حديث جابر: فانْطَلَقْنا
به نَنْعَشُه أَي نُنْهِضه ونُقَوّي جأْشَه. ونَعَشْت الشجرةَ إِذا كانت
مائلةً فأَقَمْتها. والرَّبِيعُ يَنْعَشُ الناسَ: يُعيشُهم ويُخْصِبهم؛
قال النابغة:
وأَنتَ رَبِيعٌ يَنْعَشُ الناسَ سَيْبُه،
وسَيفٌ، أَْعِيرَتْه المَنِيّةُ، قاطعُ
نطق: نَطَقَ الناطِقُ يَنْطِقُ نُطْقاً: تكلم. والمَنطِق: الكلام.
والمِنْطِيق: البليغ؛ أَنشد ثعلب:
والنَّوْمُ ينتزِعُ العَصا من ربِّها،
ويَلوكُ، ثِنْيَ لسانه، المِنْطِيق
وقد أَنْطَقَه الله واسْتَنْطقه أَي كلَّمه وناطَقَه. وكتاب ناطِقٌ
بيِّن، على المثل: كأَنه يَنْطِق؛ قال لبيد:
أو مُذْهَبٌ جُدَدٌ على أَلواحه،
أَلنَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتومُ
وكلام كل شيء: مَنْطِقُه؛ ومنه قوله تعالى: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطير؛
قال ابن سيده: وقد يستعمل المَنطِق في غير الإنسان كقوله تعالى: عُلِّمْنا
مَنْطِقَ الطير؛ وأَنشد سيبويه:
لم يَمْنع الشُّرْبَ منها، غَيْرَ أَن نطقت
حمامة في غُصُونٍ ذاتِ أَوْقالِ
لما أضاف غيراً إلى أن بناها معها وموضعها الرفع. وحكى يعقوب: أَن
أَعرابيّاً ضَرطَ فتَشَوَّر فأَشار بإبهامه نحو استه، وقال: إنها خَلْف
نَطَقَت خَلْفاً، يعني بالنطق الضرط.
وتَناطَق الرجلان: تَقاوَلا؛ وناطَقَ كلُّ واحد منهما صاحبه: قاوَلَه؛
وقوله أَنشده ابن الأعرابي:
كأَن صَوْتَ حَلْيَها المُناطِقِ
تَهزُّج الرِّياح بالعَشارِقِ
أراد تحرك حليها كأنه يناطق بعضه بعضاً بصوته. وقولهم: ما له صامِت ولا
ناطِقٌ؛ فالناطِقُ الحيوان والصامِتُ ما سواه، وقيل: الصامِتُ الذهب
والفضة والجوهر، والناطِقُ الحيوان من الرقيق وغيره، سمي ناطِقاً لصوته.
وصوتُ كلِّ شيء: مَنْطِقه ونطقه.
والمِنْطَقُ والمِنْطقةُ والنِّطاقُ: كل ما شد به وسطه. غيره:
والمِنْطَقة معروفة اسم لها خاصة، تقول منه: نطَّقْتُ الرجل تَنْطِيقاً فتَنَطَّق
أي شدَّها في وسطه، ومنه قولهم: جبل أَشَمُّ مُنَطَّقٌ لأن السحاب لا
يبلغ أَعلاه وجاء فلان منُتْطِقاً فرسه إذا جَنَبَهُ ولم يركبه، قال خداش بن
زهير:
وأَبرَحُ ما أَدامَ الله قَوْمي،
على الأَعداء، مُنْتَطِقاً مُجِيدا
يقول: لا أَزال أَجْنُب فرسي جواداً، ويقال: إنه أَراد قولاً يُسْتجاد
في الثناء على قومي، وأَراد لا أَبرح، فحذف لا، وفي شعره رَهْطي بدل قومي،
وهو الصحيح لقوله مُنْتَطِقاً بالإفراد، وقد انْتَطق بالنِّطاق
والمِنْطَقة وتَنعطَّق وتَمَنْطَقَ؛ الأَخيرة عن اللحياني. والنِّطاق: شبه إزارٍ
فيه تِكَّةٌ كانت المرأَة تَنتَطِق به. وفي حديث أُم إسمعيل: أَوَّلُ ما
اتخذ النساءُ المِنْطَقَ من قِبَلِ أُم إسمعيل اتخذت مِنْطَقاً؛ هو
النِّطاق وجمعه مناطق، وهو أَن تلبس المرأة ثوبها، ثم تشد وسطها بشيء وترفع
وسط ثوبها وترسله على الأسفل عند مُعاناةِ الأَشغال، لئلا تَعْثُر في
ذَيْلها، وفي المحكم: النَّطاق شقَّة أو ثوب تلبسه المرأَة ثم تشد وسطها بحبل،
ثم ترسل الأعلى على الأسفل إلى الركبة، فالأَسفل يَنْجَرّ على الأَرض،
وليس لها حُجْزَة ولا نَيْفَق ولا ساقانِ، والجمع نُطُق . وقد انْتَطَقت
وتَنَطَّقت إذا شدت نِطاقها على وسطها؛ وأَنشد ابن الأعرابي:
تَغْتال عُرْضَ النُّقْبَةِ المُذالَهْ،
ولم تَنَطَّقْها على غِلالَهْ،
وانْتَطق الرجل أَي لبس المِنْطَق وهو كل ما شددت به وسطك. وقالت عائشة
في نساء الأَنصار: فعَمَدْن إلى حُجَزِ أو حُجوز مناطِقهنّ فَشَقَقْنَها
وسَوَّيْنَ منها خُمُراً واخْتَمَرْنَ بها حين أَنزل الله تعالى:
ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرهنّ على جيوبهن؛ المَناطِق واحدها مِنْطق، وهو النِّطاق.
يقال: مِنْطَق ونِطاق بمعنى واحد، كما يقال مِئْزر وإزار ومِلحف ولِحاف
ومِسْردَ وسِراد، وكان يقال لأسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما، ذات
النطاقَيْنِ لأنها كانت تُطارِق نِطاقاً على نِطاق، وقيل: إنه كان لها نِطاقان
تلبس أحدهما وتحمل في الآخر الزاد إلى سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، وأبي بكر، رضي الله عنه، وهما في الغار؛ قال: وهذا أصح القولين،
وقيل: إنها شقَّت نِطاقها نصفين فاستعملت أَحدهما وجعلت الآخر شداداً
لزادهما. وروي عن عائشة، رضي الله عنها: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما خرج
مع أبي بكر مهاجرَيْنِ صنعنا لهما سُفْرة في جِراب فقطعت أَسماء بنت أبي
بكر، رضي الله عنهما، من نِطاقها وأَوْكَت به الجراب، فلذلك كانت تسمى
ذات النطاقين، واستعاره علي، عليه السلام، في غير ذلك فقال: من يَطُلْ
أَيْرُ أَبيه يَنْتَطِقْ به أَي من كثر بنو أَبيه يتقوى بهم؛ قال ابن بري:
ومنه قول الشاعر:
فلو شاء رَبِّي كان أَيْرُ أَبِيكمُ
طويلاً، كأَيْرِ الحَرثِ بنَ سَدُوسِ
وقال شمر في قول جرير:
والتَّغْلَبيون، بئس الفَحْلُ فَحْلُهُمُ
قِدْماً وأُمُّهُمُ زَلاَّءُ مِنْطِيقُ
تحت المَناطق أَشباه مصلَّبة،
مثل الدُّوِيِّ بها الأَقلامُ واللِّيقُ
قال شمر: مِنْطيق تأْتزر بحَشِيَّة تعظِّم بها عجيزتها، وقال بعضهم:
النِّطاق والإزار الذي يثنى؛ والمِنْطَقُ: ما جعل فيه من خيط أَو غيره؛
وأَنشد:
تَنْبُو المَناطقُ عن جُنُوبهِمُ،
وأَسِنَّةُ الخَطِّيِّ ما تَنْبُو
وصف قوماً بعظم البطون والجُنوب والرخاوة. ويقال: تَنَطَّقَ بالمِنْطقة
وانْتَطق بها؛ ومنه بيت خِداش بن زهير:
على الأعداء مُنْتطقاً مُجِيدا
وقد ذكر آنفاً.
والمُنَطَّقةُ من المعز: البيضاءُ موضِع النِّطاق. ونَطَّق الماءُ
الأَكَمَةَ والشجرة: نَصَفَها، واسم ذلك الماء النِّطاق على التشبيه بالنِّطاق
المقدم ذكره، واستعارة عليّ، عليه السلام، للإسلام، وذلك أَنه قيل له:
لَمَ لا تَخْضِبُ فإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد خَضَب؟ فقال: كان
ذلك والإسلامُ قُلٌّ، فأَما الآن فقد اتسع نِطاقُ الإسلام فامْرَأً وما
اختار. التهذيب: إذا بلغ الماء النِّصْف من الشجرة والأكَمَة يقال قد
نَطَّقَها؛ وفي حديث العباس يمدح النبي، صلى الله عليه وسلم:
حتى احْتَوى بَيْتُكَ المُهَيْمِنُ من
خِنْدِفَ عَلْياءَ، تحتها النُّطُقُ
النُّطُق: جمعِ نطاقٍ وهي أَعراضٌ من جِبال بعضها فوق بعض أَي نواحٍ
وأَوساط منها شبهت بالنُّطُق التي يشد بها أوساط الناس، ضربه مثلاً له في
ارتفاعه وتوسطه في عشيرته، وجعلهم تحته بمنزلة أوساط الجبال، وأَراد ببيته
شرفه، والمُهَيْمِنُ نعته أَي حتى احتوى شرفك الشاهد على فضلك أعلى مكان
من نسبِ خِنْدِفَ. وذات النِّطاقِ أَيضاً: اسم أَكَمةٍ لهم. ابن سيده:
ونُطُق الماء طرائقه، أَراه على التشبيه بذلك؛ قال زهير:
يُحِيلُ في جَدْوَل تَحْبُو ضفادعُهُ،
حَبْوَ الجَواري تَرى في مائة نُطُقا
والنَّاطِقةُ: الخاصرة.
نبل: النُّبْل، بالضم: الذَّكاءُ والنَّجابة، وقد نَبُلَ نُبْلاً
ونَبالة وتَنَبَّل، وهو نَبِيلٌ ونَبْلٌ، والأُنثى نَبْلة، والجمع نِبالٌ،
بالكسر، ونَبَلٌ، بالتحريك، ونَبَلة. والنَّبِيلة: الفَضِيلة
(* قوله «ونبل
بالتحريك ونبلة والنبيلة الفضيلة» هكذا في الأصل المعول عليه مصلحاً بخط
السيد مرتضى لتقطيع في الورق، وفي بعض النسخ: ونبل بالتحريك مثل كريم
وكرم، الليث: النبل في الفضل والفضيلة إلى آخر ما هنا) ، وأَما النَّبالة فهي
أَعمّ تجري مَجْرَى النُّبْل، وتكون مصدراً للشيء النَّبيل الجسيم؛
وأَنشد:
كَعْثَبُها نَبِيلُ
قال: وهو يَعيبها بهذا، قال: والنَّبَلُ في معنى جماعة النَّبيل، كما
أَن الأَدَم جماعة الأَدِيم، والكَرَم قد يجيء جماعة الكريم. وفي بعض
القول: رجل نَبْل وامرأَة نَبْلة وقوم نِبالٌ، وفي المعنى الأَول قوم نُبَلاء.
الجوهري: النُّبْل والنَّبالة الفَضْل، وامرأَة نَبِيلة في الحسن
بَيِّنة النَّبالة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي في صفة امرأَة:
ولم تَنَطَّقْها على غِلالَهْ،
إِلاَّ لِحُسنِ الخَلْق والنَّبالَهْ
وكذلك الناقة في حسن الخَلْق. وفرسٌ نَبِيل المَحْزِم: حَسَنه مع غلظ؛
قال عنترة:
وَحَشيّتي سَرْجٌ على عَبْل الشَّوَى،
مهدٍ مراكِلُهُ، نَبِيلِ المَحْزِمِ
وكذلك الرجل؛ أَنشد ثعلب في صفة رجل:
فقامَ وَثَّابٌ نَبيلٌ مَحْزِمُهْ،
لم يَلْقَ بُؤْساً لحمه ولا دَمُهْ
ويقال: ما انتَبَلَ نَبْلَهُ إِلاَّ بأَخَرةٍ، ونُبْلَه ونَبَالَه كذلك
أَي لم يَنْتَبِه له وما بالي به؛ قال يعقوب: وفيها أَربع لغات: نُبْلَه
ونَبالَهُ ونَبالتَه ونُبالَتَه؛ قال ابن بري: اللغات الأَربع التي ذكرها
يعقوب إِنما هي نُبْلَه ونَبْلَه ونَبالَه ونَبالَتَه لا غير. وأَتاني
فلانٌ وأَتاني هذا الأَمر وما نَبَلْت نَبْلَه أَنْبُل أَي ما شعَرْت به
ولا أَردته؛ وقال اللحياني: أَتاني ذلك الأَمر وما انتَبَلْت نُبْلَه
ونُبْلَتَه؛ قال: وهي لغة القَناني، ونَبالَه ونَبالَته أَي ما علمت به، قال:
وقال بعضهم معناه ما شَعرْت به ولا تهيَّأْت له ولا أَخذت أُهْبَتَه،
يقال ذلك للرجل يغْفُل عن الأَمر في وقته ثم ينتبه له بعد إِدْباره. وفي
حديث النضر بن كَلْدة: والله يا معْشَر قريش لقد نزل بكم أَمر ما ابْتَلْتم
بَتْلَه؛ قال الخطابي: هذا خطأ والصواب ما انتَبَلْتم نُبْله أَي ما
انتبهتم له ولم تعلموا علمه، تقول العرب: أَنذرتك الأَمر فلم تَنْتَبِل
نَبْله أَي ما انتبهت له، والله أَعلم.
ابن الأَعرابي: النُّبْلة اللُّقْمة الصغيرة وهي المَدَرَة الصغيرة.
الجوهري: والنُّبْلة العطيَّة. والنَّبَل: الكِبارُ؛ قال بشر:
نَبِيلة موضع الحِجْلَيْنِ خَوْدٌ،
وفي الكَشْحَيْن والبطْن اضْطِمار
والنَّبَلُ أَيضاً: الصِّغار، وهو من الأَضداد. والنَّبَل: عِظام
الحجارة والمَدَر ونحوهما وصغارها ضدّ، واحدتها نَبَلة، وقيل: النَّبَل العِظام
والصِّغار من الحجارة والإِبل والناس وغيرهم. والنَّبَلُ: الحجارة التي
يُسْتنجى بها؛ ومنه الحديث: اتَّقُوا المَلاعِنَ وأَعِدُّوا النَّبَل؛
قال أَبو عبيد: وبعضهم يقول النُّبَل؛ قال ابن الأَثير: واحدتها نُبْلة
كغُرْفة وغُرَف، والمحدثون يفتحون النون والباء كأَنه جمع نبيل في التقدير؛
والنَّبَل، بالفتح، في غير هذا الكِبار من الإِبل والصغار، وهو من
الأَضداد. ونبَّلَه نُبَلاً: أَعطاه إِياها يستنجي بها، وتَنَبَّلَ بها:
اسْتَنْجى؛ قال الأَصمعي: أَراها هكذا بضم النون وفتح الباء. يقال: نَبِّلْني
أَحجاراً للاستنجاء أَي أَعطنيها، ونَبِّلني عَرْقاً أَي أَعطنيه. قال
أَبو عبيد: المحدثون يقولون النَّبَل، بفتح النون، قال: ونراها سميت نَبَلاً
لصغرها، وهذا من الأَضداد في كلام العرب أَن يقال للعِظام نَبَل وللصغار
نَبَل. وحكى ابن بري عن ابن خالويه: النَّبَل جمع نابِل وهي الحذَّاق
بعمَل السلاح. والنَّبَل: حجارة الاستنجاء، قال: ويقال النُّبَل، بضم
النون؛ قال محمد بن إِسحق بن عيسى: سمعت القاسم بن معن يقول: إِن رجلاً من
العرب توُفِّيَ فوَرِثه أَخوه فعيَّره رجل بأَنه فرِح بموت أَخيه لمَّا ورثه
فقال الرجل:
أَفْرَحُ أَنْ أُرْزَأَ الكِرامَ، وأَنْ
أُورَثَ ذَوْداً شَصائصاً نَبَلا؟
إِن كنتَ أَزْنَنْتَني بها كَذِباً،
جَزْءُ، فَلاقَيْتَ مِثْلَها عَجِلا
يقول: أَأَفْرَح بصِغار الإِبل وقد رُزِئْت بكِبار الكِرام؟ قال: وبعضهم
يَرْويه نُبَلا، يريد جمع نُبْلة، وهي العظيمة؛ قال ابن بري: الشعر
لحضْرَميِّ بني عامر، والنَّبَل في الشِّعْر الصِّغارُ الأَجسام، قال: فنَرى
أَن حجارة الاستنجاء سُمِّيت نَبَلاً لصَغارتها. وقال أَبو سعيد: كلما
ناولْت شيئاً ورَميته فهو نَبَل، قال: وفي هذا طريق آخر: يقال ما كانت
نُبْلَتك من فلان فيما صنعْت أَي ما كان جَزاؤُك وثوابُك منه، قال: وأَما ما
روي شَصائصاً نَبَلا، بفتح النون، فهو خطأ والصحيح نُبَلا، بضم النون.
والنُّبَلُ ههنا: عِوَضٌ مما أُصِبْت به، وهو مردود إِلى قولنا ما كانت
نُبْلَتُك من فلان أَي ما كان ثوابُك. وقال أَبو حاتم فيما أَلَّفه من
الأَضداد: يقال ضَبٌّ نَبَلٌ وهو الضخم، وقالوا: النَّبَل الخسيسُ؛ قاله أَبو
عبيد وأَنشد:
أُورَثَ ذوْداً شَصائصاً نَبَلا
بفتح النون؛ قال أَبو منصور: أَما الذي في الحديث وأَعِدُّوا النُّبَل،
فهو بضم النون، جمع النُّبْلة وهو ما تَناولْته من مَدَرٍ أَو حجَر،
وأَما النَّبَل فقد جاء بمعنى النَّبيل الجسيم وجاء بمعنى الخسيس، ومن هذا
قيل للرجل القصير تِنْبَل وتِنْبال؛ وأَنشد أَبو الهيثم بيت طرفة:
وهو بِسَمْلِ المُعْضَلات نَبِيلُ
(* قوله «وهو بسمل المعضلات نبيل» هكذا في الأصل بالنون والباء والياء
التحتية في الشطر وتفسيره، والذي في شرح القاموس فيهما تنبل كدرهم
بالمثناة الفوقية والنون والباء ويشهد له ما يأْتي).
فقال: قال بعضهم نَبيل أَي عاقل، وقيل: حاذِق، وهو نبيلُ الرأْي أَي
جيِّده، وقيل: نبيل أَي رفيق بإِصلاح عِظام الأُمور. واسْتَنْبَل المالَ:
أَخذ خِيارَه. ونُبْلة كل شيء: خِيارُه، والجمع نُبُلات مثل حُجْرة
وحُجُرات؛ وقال الكميت:
لآلئ، من نُبُلاتِ الصِّوا
رِ، كحْلَ المَدامِع لا تَكْتَحِل
أَي خِيار الصِّوار، شبَّه البقر الوَحْشِيَّ باللآلئ؛ وقوله أَنشده
ابن الأَعرابي:
مُقَدِّماً سَطِيحةً أَو أَنْبَلا
قال ابن سيده: لم يفسره إِلا أَني أَظنه أَصْغَرَ من ذلك لما قدَّمته من
أَن النَّبَل الصغارُ، أَو أَكبرَ لما قدَّمت من أَن النَّبَل الكِبارُ،
وإِن كان ذلك ليس له فعل.
والتِّنْبالُ والتِّنْبالةُ؛ القصير بَيِّن التِّنْبالة، ذهب ثعلب إِلى
أَنه من النَّبَل، وجعله سيبويه رباعيّاً.
والنَّبْلُ: السهام، وقيل: السِّهامُ العربية، وهي مؤنثة لا واحد له من
لفظه، فلا يقال نَبْلة وإِنما يقال سهم ونشَّابة؛ قال أَبو حنيفة: وقال
بعضهم واحدتها نَبْلة، والصحيح أَنه لا واحد له إِلا السَّهْم؛ التهذيب:
إِذا رجعوا إِلى واحدة قيل سهم؛ وأَنشد:
لا تَجْفوَانِي وانْبُلاني بكسره
(* قوله «لا تجفواني» هكذا في الأصل وانظر الشاهد فيه).
وحكي نَبْل ونُبْلان وأَنْبال ونِبال؛ قال الشاعر:
وكنتُ إِذا رَمَيْتُ ذَوِي سَوادٍ
بأَنْبالٍ، مَرَقْنَ من السَّوادِ
وأَنشد ابن بري على نِبال قولَ أَبي النجم:
واحْبِسْنَ في الجَعْبةِ من نِبالها
وقول اللَّعِين:
ولكنْ حَقّها هُرْدَ النِّبال
(* قوله ولكن حقها هرد النبال» هكذا في الأصل مضبوطاً).
وقال الفراء: النَّبْل بمنزلة الذَّوْد. يقال: هذه النَّبْلُ، وتصغَّر
بطرح الهاء، وصاحبها نابلٌ. ورجل نابِلٌ:
ذو نَبْلٍ. والنابِلُ: الذي يعمَل النَّبْلَ، وكان حقه أَن يكون
بالتشديد، والفعل النِّبالةُ. ابن السكيت: رجل نابلٌ ونَبَّال إِذا كان معه
نَبْل، فإِذا كان يعملها قلت نابِلٌ. ونابَلْتُه فَنَبَلْته إِذا كنت أَجودَ
نَبْلاً منه، قال: وقد يكون ذلك في النُّبْل أَيضاً، وتقول: هذا رجل
مُتَنَبِّل نَبْله إِذا كان معه نَبْل. وتَنَبَّل أَيضاً أَي تكلَّف
النُّبْل. وتَنَبَّل أَي أَخذ الأَنْبَل فالأَنْبَل؛ وأَنشد ابن بري
لأَوس:وأَمْلَقَ ما عندي خُطوبٌ تَنَبَّلُ
وفي المثل: ثارَ حابِلُهم على نابِلِهم أَي أَوْقَدوا بينهم الشرَّ.
ونَبَّال، بالتشديد: صانعٌ للنَّبْل، ويقال أَيضاً: صاحب النَّبْل؛ قال امرؤ
القيس:
وليس بذي رُمْحٍ فيَطْعُنني به،
وليس بذي سَيْف، وليس بنَبَّال
يعني ليس بذي نَبْل. وكان أَبو حَرَّار يقول: ليس بِنابِلٍ مثل لابِنٍ
وتامِر. قال ابن بري: النَّبَّال، بالتشديد، الذي يعمل النَّبْل،
والنابِلُ صاحب النَّبْل، هذا هو المستعمل؛ قال الراجز:
ما عِلَّتي وأَنا جَلْدٌ نابِلُ،
والقَوْسُ فيها وَتَرٌ عُنابِلُ
ونسب ابن الأَثير هذا القول لعاصم وقال: نابِل أَي ذو نَبْل، قال: وربما
جاء نَبَّال في موضع نابِل، ونابِلٌ في موضع نَبَّال. وليس القياس؛ قال
سيبويه: يقولون لِذِي التَّمْر واللَّبن والنَّبْل تامِر ولابِن ونابِل،
وإِن كان شيء من هذا صَنْعَتَه تَمَّار ولَبَّان ونَبَّال، ثم قال: وقد
تقول لِذِي السَّيْف سَيَّاف ولِذِي النَّبْل نَبَّال، على التشبيه
بالآخر، وحِرْفَته النِّبالة. ومُتَنَبِّل: حامل نَبْل.
وَنَبَله بالنَّبْل يَنْبُله نَبْلاً: رماه بالنَّبْل. وقوم نُبَّل:
رُماةٌ؛ عن أَبي حنيفة. ونَبَلَه يَنْبُله نَبْلاً وأَنْبَله، كلاهما:
أَعطاه النَّبْل. وأَنْبَلْته سهماً. أَعطيته. واسْتنْبَله: سأَله النَّبْل.
ونَبِّلْني أَي هَبْ لي نِبالاً. واسْتَنْبَلني فلان فأَنْبَلْتُه أَي
أَعطيته نَبْلاً، وفي الصحاح: اسْتَنْبَلَي فَنَبَلْته أَي ناولته نَبْلاً.
ونَبَل على القوم يَنْبُل: لقط لهم النَّبْل ثم دفعها إِليهم ليرموا بها.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: كنت أَيامَ الفِجار أَنْبُل على
عُمُومَتي، وروي: كنت أُنَبِّل على عُمومتي يومَ الفِجَار؛ نَبَّلْت الرجل،
بالتشديد، إِذا ناوَلْته النَّبْل ليرمي، وكذلك أَنْبَلْته. وفي الحديث:
إِنّ سعداً كان يرمي بين يدي النبي، صلى الله عليه وسلم، يوم أُحُد
والنبيُّ يُنَبِّلُه، وفي رواية: وفتىً يُنَبِّلُه كلما نَفِدتْ نَبْلُه، وفي
رواية: يَنْبُلُه، بفتح الياء وتسكين النون وضم الباء؛ قال ابن الأَثير:
قال ابن قتيبة وهو غلط من نَقَلة الحديث لأَن معنى نَبَلْته أَنْبُلُه
إِذا رميته بالنَّبْل، وقال أَبو عمر الزاهد: بل هو صحيح، يعني يقال
نَبَلْته وأَنْبَلْته ونَبَّلْته؛ ومنه الحديث: الرامِي ومُنْبِله، ويجوز أَن
يريد بالمُنْبِل الذي يردُّ النَّبْل على الرامي من الهَدَف. ونَبَلَ
بِسَهْم واحد: رَمَى به، ورجل نابِلٌ: حاذِق بالنَّبْل. وقال أَبو زيد:
تَنابل فلان وفلان فَنَبَله فلان إِذا تَنافَرا أَيهما أَنْبَل، من النُّبْل،
وأَيهما أَحذق عملاً.
ونابَلَني فلان فنَبَلْته أَي كنت أَجود نَبْلاً منه؛ قال ابن سيده: روى
بعض أَهل العلم عن رؤبة قال سأَلناه عن قول امرئ القيس:
نَطْعُنُهم سُلْكَى ومَخْلوجةً،
لَفْتَكَ لأْمين على نابِلِ
(* قوله «لفتك إلخ» مع بعد كرك لأمين إلخ هكذا في الأصل).
فقال: حدّثني أَبي عن أَبيه قال: حدثتني عمتي وكانت في بني دارِمٍ
فقالت: سأَلت امرأَ القيس وهو يشرب طِلاءً مع علقمة بن عَبَدة ما معنى:
كَرَّكَ لأْمَيْنِ على نابِلِ
فقال: مررت بنابِلٍ وصاحبُه يناوِلُه الريش لُؤاماً وظُهاراً فما رأَيت
أَسرع منه ولا أَحسن فشبَّهت به. التهذيب: النابِل الذي يرمي بالنَّبْل
في قول امرئ القيس:
كَرَّكَ لأْمَيْنِ على نابِلِ
وقيل: هو الذي يُسَوِّي النِّبال. وهو من أَنْبَلِ الناس أَي أَعلمهم
بالنَّبْل؛ قال:
تَرَّصَ أَفْواقَها وقَوَّمَها
أَنْبَلُ عَدْوانَ كُلِّها صَنَعَا
وفلان نابِل أَي حاذِق بما يُمارِسُه من عمل؛ ومنه قول أَبي ذؤيب يصف
عسلاً أَو نبعة:
تَدَلَّى عليها، بالحِبال مُوَثَّقاً
شديدَ الوَصاةِ، نابِلٌ وابنُ نابِلِ
(* سيرد هذا البيت في الصفحة التالية وروايته مختلفة عما هو عليه هنا).
الجوهري: والنابِلُ الحاذِق بالأَمر. يقال: فلان نابِل وابنُ نابِل أَي
حاذِق وابن حاذِق؛ وأَنشد الأَصمعي لذي الإِصْبع:
قَوَّمَ أَفْواقَها وتَرَّصَها
أَنْبَلُ عَدْوانَ كلِّها صَنَعا
أَي أَعلَمُهم بالنَّبْل. قال ابن سيده: وكل حاذِق نابِلِ؛ قال أَبو
ذؤيب يصف عاسِلاً:
تَدَلَّى عليها، بين سِبٍّ وخَيْطَةٍ،
شديدُ الوَصاة نابِلٌ وابنُ نابِل
جعله ابنَ نابِل لأَنه أَحْذَق له.
وأَنْبَلَ قداحه: جاء بها غِلاظاً جافِية؛ حكاه أَبو حنيفة.
وأَصابتني خُطوب تَنَبَّلَت ما عندي أَي أَخذت؛ قال اوس بن حجر:
لمَّا رأَيتُ العُدْمَ قَيَّد نائِلي،
وأَمْلَقَ ما عندي خُطوبٌ تَنَبَّل
تَنَبَّلتْ ما عندي: ذهبت بما عندي. ونَبَلَتْ: حَمَلتْ. ونَبَلَ الرجلَ
بالطعام ينْبُله: علَّله به وناوله الشيء بعد الشيء. ونَبَل به يَنْبُل:
رَفَقَ. ولأَنْبُلَنَّك بنبالتك أَي لأَجزينك جزاءك. والنَّبْل: السير
الشديد السريع، وقيل: حسْن السوق للإِبل، نَبَلَها يَنْبُلها نَبْلاً
فيهما. ابن السكيت: نَبَلْت الإِبل أَنْبُلها نَبْلاً إِذا سقتها سوقاً
شديداً. ونَبَلْت الإِبل أَي قمت بمصلحتها؛ قال زفر بن الخِيار
المحاربي:لا تَأْوِيا للعِيسِ وانْبُلاها،
فإِنها ما سَلِمَتْ قُواها،
بَعِيدة المُصْبَحِ من مُمْساها،
إِذا الإِكامُ لَمَعَتْ صُواها،
لَبِئْسَما بُطْءٌ ولا تَرْعاها
(* قوله «لا تأويا إلخ» المشاطير الثلاث الاول اوردها الجوهري، وفي
الصاغاني وصواب انشاده:
لا تأويا للعيس وانبلاها * لبئسما بطء ولا نرعاها
فانها ان سلمت قواها * نائية المرفق عن رحاها
بعيدة المصبح من ممساها * إذا الاكام لمعت صواها)
أَبو زيد
(* قوله «ابو زيد إلخ» عبارة الصاغاني: أبو زيد يقال انبل
بقومك اي ارفق بهم، قال صخر الغيّ:
فانبل بقومك اما كنت حاشرهم * وكل جامع محشور له نبل
اي كل سيد جماعة يحشرهم اي يجمعهم اهـ. وضبط لفظ نبل بفتحتين وضمتين
وكتب عليه لفظ معاً، وبهذه العبارة يعلم ما في الأصل).
انبُل بقومك أَي ارْفُقْ بقومك، وكل جامِعِ مَحْشورٍ أَي سيدِ جماعةٍ
يحشُرهم أَي يجمَعُهم له نُبُلٌ أَي رِفْق. قال: والنَّبْلُ في الحِذْق،
والنَّبالةُ والنَّبْلُ في الرجال. ويقال: ثَمَرة نَبِيلة وقَدِح نَبِيل.
وتَنَبَّل الرجلُ والبعيرُ: مات؛ وأَنشد ابن بري قول الشاعر:
فقلت له: يَا با جُعادةَ إِنْ تَمُتْ،
أَدَعْك ولا أَدْفِنْك حتى تَنَبَّل
والنَّبِيلة: الجِيفةُ. والنَّبِيلةُ: المَيْتةُ. ابن الأَعرابي:
انْتَبَل إِذا مات أَو قَتَل ونحو ذلك. وأَنْبَله عُرْفاً: أَعطاه إِيَّاه.
والتِّنْبال: القصير.
نيل: نِلت الشيء نَيْلاً ونالاً ونالةً وأَنَلْته إِيّاه وأَنَلْتُ له
ونِلْته؛ ابن الأَعرابي: نِلْته معروفاً؛ وأَنشد لجرير:
إِني سأَشكُر ما أُوليت من حَسَن،
وخيرُ مَنْ نِلْت معروفاً ذَوو الشكر
ويقال: أَنَلْتُك نائلاً ونِلْتكَ وتَنَوَّلْتُ لك ونَوَّلْتك؛ وقال
أَبو النجم يذكر نساء:
لا يَتَنَوَّلْنَ من النَّوَالِ
لِمَنْ تعرَّضْنَ من الرِّجالِ،
إِنْ لم يكن من نائلٍ حَلالِ
أَي لا يُعْطِين الرجال إِلا حلالاً بتزويج ويجوز أَن يقال: نَوَّلَني
فَتَوَّلْت أَي أَخذْت، وعلى هذا التفسير لا يأْخُذْن إِلاَّ مهراً
حلالاً. ويقال: ليس لك هذا بالنَّوَال؛ قال أَبو سعيد: النَّوَال ههنا الصواب.
وفي حديث أَبي جُحيفة: فحرج بلالٌ بفَضْل وَضوء النبي، صلى الله عليه
وسلم، فَبَيْن ناضِحٍ ونائلٍ أَي مصيبٍ منه وآخِذٍ. وفي حديث ابن عباس في
رَجُل له أَربعُ نِسوةٍ فطلَّق إِحداهنّ ولم يَدْر أَيَّتَهُنَّ طلَّق
فقال: يَنالُهُن من الطلاق ما يَنالهنّ من الميراث أَي أَن المِيراث يكون
بينهن لا تسقط منهن واحدة حتى تُعرَف بعينها، وكذلك إِذا طلَّقها وهو حيٌّ
فإِنه يعتزلهنّ جميعاً إِذا كان الطلاق ثلاثاً، يقول كما أُورِّثُهنَّ
جميعاً آمرُ باعتزالهنَّ جميعاً. وقوله عزَّ وجل: وهَمُّوا بما لم يَنالوا؛
قال ثعلب: معناه هَمُّوا بما لم يُدْرِكوه. والنَّيْل والنائِل: ما
نِلْته. وما أَصاب منه نَيْلاً ولا نَيْلةً ولا نُولة. وقوله تعالى: لَن
ينَالَ اللهَ لُحومُها ولا دِماؤها؛ أَراد لن يَصِل إِليه لحومُها ولا دماؤها
وإِنما يصِل إِليه التَّقْوَى، وذكَّر لأَن معناه لن ينال الله شيءٌ من
لُحومِها ولا دِمائِها، ونظيره قوله عز وجل:لا يَحِلُّ لك النساءُ من
بعدُ؛ أَي شيء من النساء، وهو مذكور في موضعه. وفي التنزيل العزيز: ولا
يَنالون من عدوٍّ نَيْلاً؛ قال الأَزهري: روى المنذري عن بعضهم أَنه قال
النَّيْل من ذوات الواو وقد ذكرناه في نول. وفلان يَنالُ من عِرْضِ فلان إِذا
سَبَّه، وهو يَنال من ماله ويَنال من عدوِّه إِذا وَتَرَه في مالٍ أَو
شيء، كل ذلك من نِلْت أَنالُ أَي أَصَبْت. ويقال: نالَني من فلان معروف
يَنالُني أَي وَصَل إِليّ منه معروف؛ ومنه قوله تعالى: لن يَنال اللهَ
لُحومُها ولا دِماؤها ولكن يَناله التَّقوَى منكم؛ أَي لن يصِل إِليه ما
يُعدُّ لكم به ثَوابه غير التقوَى دون اللُّحوم والدِّماء. وفي الحديث: أَن
رجُلاً كان يَنال من الصحابة، يعني الوقيعة فيهم. يقال منه: نال يَنال
نَيْلاً إِذا أَصاب، فهو نائل. وفي حديث أَبي بكر: قد نالَ الرحيلُ أَي حانَ
ودَنا. وفي حديث الحسن: ما نالَ لهم أَن يَفْقَهوا أَي لم يقرُبْ ولم
يَدْن. الجوهري: نالَ خيراً يَنال نَيْلاً، قال: وأَصله نَيِل يَنْيَل مثال
تعِب يتعَب وأَناله غيره، والأَمرُ منه نَلْ، بفتح النون، وإِذا أَخبرت
عن نفسك كسرته.
ونالةُ الدار: قاعَتُها لأَنها تُنال. ابن الأَعرابي: باحةُ الدار
ونالَتُها وقاعَتُها واحد؛ قال ابن مقبل:
يُسقَى بأَجْدادِ عادٍ هُمَّلاً رَغَداً،
مثل الظِّباء التي في نالَةِ الحَرَم
قال الأَصمعي: نالةُ الحرَم ساحتها وباحتُها.
والنِّيل: نهر مصر، حماها الله وصانها، وفي الصحاح: فيض مصر. ونِيل: نهر
بالكوفة، وحكى الأَزهري قال: رأَيت في سواد الكوفة قرية يقال لها
النِّيل يَخْرِقُها خَلِيج كبير يَتَخَلَّج من الفُرَات الكبير، قال: وقد نزلت
بهذه القرية؛ وقال لبيد:
ما جاوَزَ النِّيلُ يوماً أَهل إِبْلِيلاً
وجعل أُمية بن أَبي عائذ السَّحاب نِيلاً فقال:
أَناخُ بأَعْجازٍ وجاشَتْ بِحارُه،
ومَدَّ له نِيلُ السماء المنزَّلُ
ونُيَال: موضع؛ قال السُّلَيك بن
السُّلَكة:
أَلَمَّ خَيالٌ من أُميَّة بالرَّكْبِ،
وهُنَّ عِجالٌ من نُيَالٍ وعن نَقْبِ
ونائِلةُ: امرأَة. ونائلةُ: صنم كانت لقريش، والله أَعلم.
نعم: النَّعِيمُ والنُّعْمى والنَّعْماء والنِّعْمة، كله: الخَفْض
والدَّعةُ والمالُ، وهو ضد البَأْساء والبُؤْسى. وقوله عز وجل: ومَنْ
يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله من بَعْدِ ما جاءته؛ يعني في هذا الموضع حُجَجَ الله
الدالَّةَ على أَمر النبي، صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: ثم
لَتُسْأَلُنَّ يومئذ عن النعيم؛ أي تُسْأَلون يوم القيامة عن كل ما استمتعتم به في
الدنيا، وجمعُ النِّعْمةِ نِعَمٌ وأََنْعُمٌ كشِدَّةٍ وأَشُدٍّ؛ حكاه
سيبويه؛ وقال النابغة:
فلن أَذْكُرَ النُّعْمان إلا بصالحٍ،
فإنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما
والنُّعْم، بالضم: خلافُ البُؤْس. يقال: يومٌ نُعْمٌ ويومٌ بؤُْْسٌ،
والجمع أَنْعُمٌ وأَبْؤُسٌ. ونَعُم الشيءُ نُعومةً أي صار ناعِما لَيِّناً،
وكذلك نَعِمَ يَنْعَم مثل حَذِرَ يَحْذَر، وفيه لغة ثالثة مركبة بينهما:
نَعِمَ يَنْعُمُ مثل فَضِلَ يَفْضُلُ، ولغة رابعة: نَعِمَ يَنْعِم،
بالكسر فيهما، وهو شاذ. والتنَعُّم: الترفُّه، والاسم النِّعْمة. ونَعِمَ
الرجل يَنْعَم نَعْمةً، فهو نَعِمٌ بيّن المَنْعَم، ويجوز تَنَعَّم، فهو
ناعِمٌ، ونَعِمَ يَنْعُم؛ قال ابن جني: نَعِمَ في الأصل ماضي يَنْعَمُ،
ويَنْعُم في الأصل مضارعُ نَعُم، ثم تداخلت اللغتان فاستضاف من يقول نَعِمَ
لغة من يقول يَنْعُم، فحدث هنالك لغةٌ ثالثة، فإن قلت: فكان يجب، على هذا،
أَن يستضيف من يقول نَعُم مضارعَ من يقول نَعِم فيتركب من هذا لغةٌ ثالثة
وهي نَعُم يَنْعَم، قيل: منع من هذا أَن فَعُل لا يختلف مضارعُه أَبداً،
وليس كذلك نَعِمَ، فإن نَعِمَ قد يأَْتي فيه يَنْعِمُ ويَنعَم، فاحتمل
خِلاف مضارعِه، وفَعُل لا يحتمل مضارعُه الخلافَ، فإن قلت: فما بالهُم
كسروا عينَ يَنْعِم وليس في ماضيه إلا نَعِمَ ونَعُم وكلُّ واحدٍ مِنْ فَعِل
وفَعُل ليس له حَظٌّ في باب يَفْعِل؟ قيل: هذا طريقُه غير طريق ما قبله،
فإما أن يكون يَنْعِم، بكسر العين، جاء على ماضٍ وزنه فعَل غير أَنهم لم
يَنْطِقوا به استغناءٍ عنه بنَعِم ونَعُم، كما اسْتَغْنَوْا بتَرَك عن
وَذَرَ ووَدَعَ، وكما استغنَوْا بمَلامِحَ عن تكسير لَمْحةٍ، أَو يكون
فَعِل في هذا داخلاً على فَعُل، أَعني أَن تُكسَر عينُ مضارع نَعُم كما
ضُمَّت عينُ مضارع فَعِل، وكذلك تَنَعَّم وتَناعَم وناعَم ونَعَّمه وناعَمَه.
ونَعَّمَ أَولادَه: رَفَّهَهم. والنَّعْمةُ، بالفتح: التَّنْعِيمُ.
يقال: نَعَّمَه الله وناعَمه فتَنَعَّم. وفي الحديث: كيف أَنْعَمُ وصاحبُ
القَرْنِ قد الْتَقَمه؟ أي كيف أَتَنَعَّم، من النَّعْمة، بالفتح، وهي
المسرّة والفرح والترفُّه. وفي حديث أَبي مريم: دخلتُ على معاوية فقال: ما
أَنْعَمَنا بك؟ أَي ما الذي أَعْمَلَكَ إلينا وأَقْدَمَك علينا، وإنما يقال
ذلك لمن يُفرَح بلقائه، كأنه قال: ما الذي أَسرّنا وأَفرَحَنا وأَقَرَّ
أَعيُنَنا بلقائك ورؤيتك.
والناعِمةُ والمُناعِمةُ والمُنَعَّمةُ: الحَسنةُ العيشِ والغِذاءِ
المُتْرَفةُ؛ ومنه الحديث: إنها لَطَيْرٌ ناعِمةٌ أي سِمانٌ مُتْرَفةٌ؛ قال
وقوله:
ما أَنْعَمَ العَيْشَ، لو أَنَّ الفَتى حَجَرٌ،
تنْبُو الحوادِثُ عنه، وهو مَلْمومُ
إنما هو على النسب لأَنا لم نسمعهم قالوا نَعِم العيشُ، ونظيره ما حكاه
سيبويه من قولهم: هو أَحْنكُ الشاتين وأَحْنَكُ البَعيرين في أَنه استعمل
منه فعل التعجب، وإن لم يك منه فِعْلٌ، فتَفهَّمْ.
ورجل مِنْعامٌ أي مِفْضالٌ. ونَبْتٌ ناعِمٌ ومُناعِمٌ ومُتناعِمٌ سواء؛
قال الأَعشى:
وتَضْحَك عن غُرِّ الثَّنايا، كأَنه
ذرى أُقْحُوانٍ، نَبْتُه مُتناعِمُ
والتَّنْعيمةُ: شجرةٌ ناعمةُ الورَق ورقُها كوَرَق السِّلْق، ولا تنبت
إلى على ماء، ولا ثمرَ لها وهي خضراء غليظةُ الساقِ. وثوبٌ ناعِمٌ:
ليِّنٌ؛ ومنه قول بعض الوُصَّاف: وعليهم الثيابُ الناعمةُ؛ وقال:
ونَحْمي بها حَوْماً رُكاماً ونِسْوَةً،
عليهنَّ قَزٌّ ناعِمٌ وحَريرُ
وكلامٌ مُنَعَّمٌ كذلك.
والنِّعْمةُ: اليدُ البَيْضاء الصاحلة والصَّنيعةُ والمِنَّة وما
أُنْعِم به عليك. ونِعْمةُ الله، بكسر النون: مَنُّه وما أَعطاه الله العبدَ
مما لا يُمْكن غيره أَن يُعْطيَه إياه كالسَّمْع والبصَر، والجمعُ منهما
نِعَمٌ وأَنْعُمٌ؛ قال ابن جني: جاء ذلك على حذف التاء فصار كقولهم ذِئْبٌ
وأَذْؤب ونِطْع وأَنْطُع، ومثله كثير، ونِعِماتٌ ونِعَماتٌ، الإتباعُ
لأَهل الحجاز، وحكاه اللحياني قال: وقرأَ بعضهم: أَن الفُلْكَ تجرِي في
البَحْرِ بنِعَمات الله، بفتح العين وكسرِها، قال: ويجوز بِنِعْمات الله،
بإسكان العين، فأَما الكسرُ
(* قوله «فأما الكسر إلخ» عبارة التهذيب: فأما
الكسر فعلى من جمع كسرة كسرات، ومن أسكن فهو أجود الأوجه على من جمع
الكسرة كسات ومن قرأ إلخ) فعلى مَنْ جمعَ كِسْرَةً كِسِرات، ومَنْ قرأَ
بِنِعَمات فإن الفتح أخفُّ الحركات، وهو أَكثر في الكلام من نِعِمات الله،
بالكسر. وقوله عز وجل: وأَسْبَغَ عليكم نِعَمَه ظاهرةً وباطنةً
(* قوله وقوله
عز وجل وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة إلى قوله وقرأ بعضهم» هكذا في
الأصل بتوسيط عبارة الجوهري بينهما). قال الجوهري: والنُّعْمى كالنِّعْمة،
فإن فتحتَ النون مددتَ فقلت النَّعْماء، والنَّعيمُ مثلُه. وفلانٌ واسعُ
النِّعْمةِ أي واسعُ المالِ. وقرأَ بعضهم: وأَسْبَغَ عليكم نِعْمَةً، فمن
قرأَ نِعَمَه أَراد جميعَ ما أَنعم به عليهم؛ قال الفراء: قرأَها ابن
عباس
(* قوله «قرأها ابن عباس إلخ» كذا بالأصل) نِعَمَه، وهو وَجْهٌ جيِّد
لأَنه قد قال شاكراً لأَنعُمِه، فهذا جمع النِّعْم وهو دليل على أَن
نِعَمَه جائز، ومَنْ قرأَ نِعْمةً أَراد ما أُعطوه من توحيده؛ هذا قول الزجاج،
وأَنْعَمها اللهُ عليه وأَنْعَم بها عليه؛ قال ابن عباس: النِّعمةُ
الظاهرةُ الإسلامُ، والباطنةُ سَتْرُ الذنوب. وقوله تعالى: وإذْ تقولُ للذي
أَنْعَم اللهُ عليه وأَنْعَمْت عليه أَمْسِكْ عليكَ زوْجَك؛ قال الزجاج:
معنى إنْعامِ الله عليه هِدايتُه إلى الإسلام، ومعنى إنْعام النبي، صلى
الله عليه وسلم، عليه إعْتاقُه إياه من الرِّقِّ. وقوله تعالى: وأَمّا
بِنِعْمةِ ربِّك فحدِّثْ؛ فسره ثعلب فقال: اذْكُر الإسلامَ واذكر ما أَبْلاكَ
به ربُّك. وقوله تعالى: ما أَنتَ بِنِعْمةِ ربِّك بمَجْنونٍ؛ يقول: ما
أَنت بإنْعامِ الله عليك وحَمْدِكَ إياه على نِعْمتِه بمجنون. وقوله
تعالى: يَعْرِفون نِعمةَ الله ثم يُنْكِرونها؛ قال الزجاج: معناه يعرفون أَن
أمرَ النبي، صلى الله عليه وسلم، حقٌّ ثم يُنْكِرون ذلك. والنِّعمةُ،
بالكسر: اسمٌ من أَنْعَم اللهُ عليه يُنْعِمُ إنعاماً ونِعْمةً، أُقيم الاسمُ
مُقامَ الإنْعام، كقولك: أَنْفَقْتُ عليه إنْفاقاً ونَفَقَةً بمعنى
واحد. وأَنْعَم: أَفْضل وزاد. وفي الحديث: إن أَهلَ الجنة ليَتراءوْنَ أَهلَ
عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء، وإنَّ
أبا بكر وعُمَر منهم وأَنْعَما أي زادا وفَضَلا، رضي الله عنهما. ويقال: قد
أَحْسَنْتَ إليَّ وأَنْعَمْتَ أي زدت عليَّ الإحسانَ، وقيل: معناه صارا
إلى النعيم ودخَلا فيه كما يقال أَشْمَلَ إذا ذخل في الشِّمالِ، ومعنى
قولهم: أَنْعَمْتَ على فلانٍ أي أَصَرْتَ إليه نِعْمةً. وتقول: أَنْعَم
اللهُ عليك، من النِّعْمة. وأَنْعَمَ اللهُ صَباحَك، من النُّعُومةِ.
وقولهُم: عِمْ صباحاً كلمةُ تحيّةٍ، كأَنه محذوف من نَعِم يَنْعِم، بالكسر، كما
تقول: كُلْ من أَكلَ يأْكلُ، فحذف منه الألف والنونَ استخفافاً. ونَعِمَ
اللهُ بك عَيْناً، ونَعَم، ونَعِمَك اللهُ عَيْناً، وأَنْعَم اللهُ بك
عَيْناً: أَقرَّ بك عينَ من تحبّه، وفي الصحاح: أي أَقرَّ اللهُ عينَك بمن
تحبُّه؛ أَنشد ثعلب:
أَنْعَم اللهُ بالرسولِ وبالمُرْ
سِلِ، والحاملِ الرسالَة عَيْنا
الرسولُ هنا: الرسالةُ، ولا يكون الرسولَ لأَنه قد قال والحامل الرسالة،
وحاملُ الرسالةِ هو الرسولُ، فإن لم يُقَل هذا دخل في القسمة تداخُلٌ،
وهو عيب. قال الجوهري: ونَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً نُعْمةً مثل نَزِهَ
نُزْهةً. وفي حديث مطرّف: لا تقُلْ نَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً فإن الله لا
يَنْعَم بأَحدٍ عَيْناً، ولكن قال أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً؛ قال الزمخشري:
الذي منَع منه مُطرّفٌ صحيحٌ فصيحٌ في كلامهم، وعَيْناً نصبٌ على
التمييز من الكاف، والباء للتعدية، والمعنى نَعَّمَكَ اللهُ عَيْناً أي نَعَّم
عينَك وأَقَرَّها، وقد يحذفون الجارّ ويُوصِلون الفعل فيقولون نَعِمَك
اللهُ عَيْناً، وأَمَّا أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً فالباء فيه زائدة لأَن
الهمزة كافية في التعدية، تقول: نَعِمَ زيدٌ عيناً وأَنْعَمه اللهُ عيناً،
ويجوز أَن يكون من أَنْعَمَ إذا دخل في النَّعيم فيُعدَّى بالباء، قال:
ولعل مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن
الفاعل فاستعظمه، تعالى اللهُ أن يوصف بالحواس علوّاً كبيراً، كما يقولون
نَعِمْتُ بهذا الأمرِ عَيْناً، والباء للتعدية، فحَسِبَ أن الأَمر في
نَعِمَ اللهُ بك عيناً كذلك، ونزلوا منزلاً يَنْعِمُهم ويَنْعَمُهم بمعنى
واحد؛ عن ثعلب، أي يُقِرُّ أَعْيُنَهم ويَحْمَدونه، وزاد اللحياني:
ويَنْعُمُهم عيناً، وزاد الأَزهري: ويُنْعمُهم، وقال أَربع لغات. ونُعْمةُ العين:
قُرَّتُها، والعرب تقول: نَعْمَ ونُعْمَ عينٍ ونُعْمةَ عينٍ ونَعْمةَ
عينٍ ونِعْمةَ عينٍ ونُعْمى عينٍ ونَعامَ عينٍ ونُعامَ عينٍ ونَعامةَ عينٍ
ونَعِيمَ عينٍ ونُعامى عينٍ أي أفعلُ ذلك كرامةً لك وإنْعاماً بعَينِك وما
أَشبهه؛ قال سيبويه: نصبوا كلَّ ذلك على إضمار الفعل المتروك إظهارهُ.
وفي الحديث: إذا سَمِعتَ قولاً حسَناً فَرُوَيْداً بصاحبه، فإن وافقَ قولٌ
عَملاً فنَعْمَ ونُعْمةَ عينٍ آخِه وأَوْدِدْه أي إذا سمعت رجُلاً
يتكلّم في العلم بما تستحسنه فهو كالداعي لك إلى مودّتِه وإخائه، فلا تَعْجَلْ
حتى تختبر فعلَه، فإن رأَيته حسنَ العمل فأَجِبْه إلى إخائه ومودّتهِ،
وقل له نَعْمَ ونُعْمة عين أَي قُرَّةَ عينٍ، يعني أُقِرُّ عينَك بطاعتك
واتّباع أمرك. ونَعِمَ العُودُ: اخضرَّ ونَضَرَ؛ أنشد سيبويه:
واعْوَجَّ عُودُك من لَحْوٍ ومن قِدَمٍ،
لا يَنْعَمُ العُودُ حتى يَنْعَم الورَقُ
(* قوله «من لحو» في المحكم: من لحق، واللحق الضمر).
وقال الفرزدق:
وكُوم تَنْعَمُ الأَضيْاف عَيْناً،
وتُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالا
يُرْوَى الأَضيافُ والأَضيافَ، فمن قال الأَضيافُ، بالرفع، أراد تَنْعَم
الأَضيافُ عيناً بهن لأَنهم يشربون من أَلبانِها، ومن قال تَنْعَم
الأَضيافَ، فمعناه تَنْعَم هذه الكُومُ بالأَضيافِ عيناً، فحذفَ وأَوصل فنَصب
الأَضيافَ أي أن هذه الكومَ تُسَرُّ بالأَضيافِ كسُرورِ الأَضيافِ بها،
لأنها قد جرت منهم على عادة مأَلوفة معروفة فهي تأْنَسُ بالعادة، وقيل:
إنما تأْنس بهم لكثرة الأَلبان، فهي لذلك لا تخاف أن تُعْقَر ولا تُنْحَر،
ولو كانت قليلة الأَلبان لما نَعِمَت بهم عيناً لأنها كانت تخاف العَقْرَ
والنحر. وحكى اللحياني: يا نُعْمَ عَيْني أَي يا قُرَّة عيني؛ وأَنشد عن
الكسائي:
صَبَّحكَ اللهُ بخَيْرٍ باكرِ،
بنُعْمِ عينٍ وشَبابٍ فاخِرِ
قال: ونَعْمةُ العيش حُسْنُه وغَضارَتُه، والمذكر منه نَعْمٌ، ويجمع
أَنْعُماً.
والنَّعامةُ: معروفةٌ، هذا الطائرُ، تكون للذكر والأُنثى، والجمع
نَعاماتٌ ونَعائمُ ونَعامٌ، وقد يقع النَّعامُ على الواحد؛ قال أبو
كَثْوة:ولَّى نَعامُ بني صَفْوانَ زَوْزَأَةً،
لَمَّا رأَى أَسَداً بالغابِ قد وَثَبَا
والنَّعامُ أَيضاً، بغير هاء، الذكرُ منها الظليمُ، والنعامةُ الأُنثى.
قال الأَزهري: وجائز أَن يقال للذكر نَعامة بالهاء، وقيل النَّعام اسمُ
جنس مثل حَمامٍ وحَمامةٍ وجرادٍ وجرادةٍ، والعرب تقول: أَصَمُّ مِن
نَعامةٍ، وذلك أنها لا تَلْوي على شيء إذا جفَلت، ويقولون: أَشمُّ مِن هَيْق
لأَنه يَشُمّ الريح؛ قال الراجز:
أَشمُّ من هَيْقٍ وأَهْدَى من جَمَلْ
ويقولون: أَمْوَقُ من نعامةٍ وأَشْرَدُ من نَعامةٍ؛ ومُوقها: تركُها
بيضَها وحَضْنُها بيضَ غيرها، ويقولون: أَجبن من نَعامةٍ وأَعْدى من
نَعامةٍ. ويقال: ركب فلانٌ جَناحَيْ نَعامةٍ إذا جدَّ في أَمره. ويقال
للمُنْهزِمين: أَضْحَوْا نَعاماً؛ ومنه قول بشر:
فأَما بنو عامرٍ بالنِّسار
فكانوا، غَداةَ لَقُونا، نَعامَا
وتقول العرب للقوم إذا ظَعَنوا مسرعين: خَفَّتْ نَعامَتُهم وشالَتْ
نَعامَتُهم، وخَفَّتْ نَعامَتُهم أَي استَمر بهم السيرُ. ويقال للعَذارَى:
كأنهن بَيْضُ نَعامٍ. ويقال للفَرَس: له ساقا نَعامةٍ لِقِصَرِ ساقَيْه،
وله جُؤجُؤُ نَعامةٍ لارتفاع جُؤْجُؤها. ومن أَمثالهم: مَن يَجْمع بين
الأَرْوَى والنَّعام؟ وذلك أن مَساكنَ الأَرْوَى شَعَفُ الجبال ومساكن النعام
السُّهولةُ، فهما لا يجتمعان أَبداً. ويقال لمن يُكْثِرُ عِلَلَه عليك:
ما أَنت إلا نَعامةٌ؛ يَعْنون قوله:
ومِثْلُ نَعامةٍ تُدْعَى بعيراً،
تُعاظِمُه إذا ما قيل: طِيري
وإنْ قيل: احْمِلي، قالت: فإنِّي
من الطَّيْر المُرِبَّة بالوُكور
ويقولون للذي يَرْجِع خائباً: جاء كالنَّعامة، لأَن الأَعراب يقولون إن
النعامة ذهَبَتْ تَطْلُبُ قَرْنَينِ فقطعوا أُذُنيها فجاءت بلا أُذُنين؛
وفي ذلك يقول بعضهم:
أو كالنَّعامةِ، إذ غَدَتْ من بَيْتِها
لتُصاغَ أُذْناها بغير أَذِينِ
فاجْتُثَّتِ الأُذُنان منها، فانْتَهَتْ
هَيْماءَ لَيْسَتْ من ذوات قُرونِ
ومن أَمثالهم: أنْتَ كصاحبة النَّعامة، وكان من قصتها أَنها وجَدتْ
نَعامةً قد غَصَّتْ بصُعْرورٍ فأَخذتْها وربَطتْها بخِمارِها إلى شجرة، ثم
دنَتْ من الحيّ فهتَفَتْ: من كان يحُفُّنا ويَرُفُّنا فلْيَتَّرِكْ
وقَوَّضَتْ بَيْتَها لتَحْمِل على النَّعامةِ، فانتَهتْ إليها وقد أَساغَتْ
غُصَّتَها وأَفْلَتَتْ، وبَقِيَت المرأَةُ لا صَيْدَها أَحْرَزَتْ ولا
نصيبَها من الحيّ حَفِظتْ؛ يقال ذلك عند المَزْريَةِ على من يَثق بغير
الثِّقةِ. والنَّعامة: الخشبة المعترضة على الزُّرنُوقَيْنِ تُعَلَّق منهما
القامة، وهي البَكَرة، فإن كان الزَّرانيق من خَشَبٍ فهي دِعَمٌ؛ وقال أَبو
الوليد الكِلابي: إذا كانتا من خَشَب فهما النَّعامتان، قال: والمعترضة
عليهما هي العَجَلة والغَرْب مُعَلَّقٌ بها، قال الأزهري: وتكون
النَّعامتانِ خَشَبتين يُضَمُّ طرَفاهما الأَعْليان ويُرْكَز طرفاهما الأَسفلان في
الأرض، أحدهما من هذا الجانب، والآخر من ذاك الجنب، يُصْقَعان بحَبْل
يُمدّ طرفا الحبل إلى وتِدَيْنِ مُثْبَتيْنِ في الأرض أو حجرين ضخمين،
وتُعَلَّقُ القامة بين شُعْبتي النَّعامتين، والنَّعامتانِ: المَنارتانِ
اللتان عليهما الخشبة المعترِضة؛ وقال اللحياني: النَّعامتان الخشبتان اللتان
على زُرْنوقَي البئر، الواحدة نَعامة، وقيل: النَّعامة خشبة تجعل على فم
البئر تَقوم عليها السَّواقي. والنَّعامة: صخرة ناشزة في البئر.
والنَّعامة: كلُّ بناء كالظُّلَّة، أو عَلَم يُهْتَدَى به من أَعلام المفاوز،
وقيل: كل بناء على الجبل كالظُّلَّة والعَلَم، والجمع نَعامٌ؛ قال أَبو ذؤيب
يصف طرق المفازة:
بِهنَّ نَعامٌ بَناها الرجا
لُ، تَحْسَب آرامَهُن الصُّروحا
(* قوله «بناها» هكذا بتأنيث الضمير في الأصل ومثله في المحكم هنا،
والذي في مادة نفض تذكيره، ومثله في الصحاح في هذه المادة وتلك).
وروى الجوهري عجزه:
تُلْقِي النَّقائِضُ فيه السَّريحا
قال: والنَّفائضُ من الإبل؛ وقال آخر:
لا شيءَ في رَيْدِها إلا نَعامَتُها،
منها هَزِيمٌ ومنها قائمٌ باقِي
والمشهور من شعره:
لا ظِلَّ في رَيْدِها
وشرحه ابن بري فقال: النَّعامة ما نُصب من خشب يَسْتَظِلُّ به الربيئة،
والهَزيم: المتكسر؛ وبعد هذا البيت:
بادَرْتُ قُلَّتَها صَحْبي، وما كَسِلوا
حتى نَمَيْتُ إليها قَبْلَ إشْراق
والنَّعامة: الجِلْدة التي تغطي الدماغ، والنَّعامة من الفرس: دماغُه.
والنَّعامة: باطن القدم. والنَّعامة: الطريق. والنَّعامة: جماعة القوم.
وشالَتْ نَعامَتُهم: تفرقت كَلِمَتُهم وذهب عزُّهم ودَرَسَتْ طريقتُهم
وولَّوْا، وقيل: تَحَوَّلوا عن دارهم، وقيل: قَلَّ خَيْرُهم وولَّتْ
أُمورُهم؛ قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ:
أَزْرَى بنا أَننا شالَتْ نَعامتُنا،
فخالني دونه بل خِلْتُه دوني
ويقال للقوم إذا ارْتَحَلوا عن منزلهم أو تَفَرَّقوا: قد شالت نعامتهم.
وفي حديث ابن ذي يَزَنَ: أتى هِرَقْلاً وقد شالَتْ نَعامَتُهم: النعامة
الجماعة أَي تفرقوا؛ وأَنشد ابن بري لأبي الصَّلْت الثَّقَفِيِّ:
اشْرَبْ هنِيئاً فقد شالَتْ نَعامتُهم،
وأَسْبِلِ اليَوْمَ في بُرْدَيْكَ إسْبالا
وأَنشد لآخر:
إني قَضَيْتُ قضاءً غيرَ ذي جَنَفٍ،
لَمَّا سَمِعْتُ ولمّا جاءَني الخَبَرُ
أَنَّ الفَرَزْدَق قد شالَتْ نعامَتُه،
وعَضَّه حَيَّةٌ من قَومِهَِ ذَكَرُ
والنَّعامة: الظُّلْمة. والنَّعامة: الجهل، يقال: سكَنَتْ نَعامتُه؛ قال
المَرّار الفَقْعَسِيّ:
ولو أَنيّ حَدَوْتُ به ارْفَأَنَّتْ
نَعامتُه، وأَبْغَضَ ما أَقولُ
اللحياني: يقال للإنسان إنه لخَفيفُ النعامة إذا كان ضعيف العقل.
وأَراكةٌ نَعامةٌ: طويلة. وابن النعامة: الطريق، وقيل: عِرْقٌ في الرِّجْل؛ قال
الأَزهري: قال الفراء سمعته من العرب، وقيل: ابن النَّعامة عَظْم الساق،
وقيل: صدر القدم، وقيل: ما تحت القدم؛ قال عنترة:
فيكونُ مَرْكبَكِ القَعودُ ورَحْلُه،
وابنُ النَّعامةِ، عند ذلك، مَرْكَبِي
فُسِّر بكل ذلك، وقيل: ابن النَّعامة فَرَسُه، وقيل: رِجْلاه؛ قال
الأزهري: زعموا أَن ابن النعامة من الطرق كأَنه مركب النَّعامة من قوله:
وابن النعامة، يوم ذلك، مَرْكَبي
وابن النَعامة: الساقي الذي يكون على البئر. والنعامة: الرجْل.
والنعامة: الساق. والنَّعامة: الفَيْجُ المستعجِل. والنَّعامة: الفَرَح.
والنَّعامة: الإكرام. والنَّعامة: المحَجَّة الواضحة. قال أَبو عبيدة في
قوله:وابن النعامة، عند ذلك، مركبي
قال: هو اسم لشدة الحَرْب وليس ثَمَّ امرأَة، وإنما ذلك كقولهم: به داء
الظَّبْي، وجاؤوا على بَكْرة أَبيهم، وليس ثم داء ولا بَكرة. قال ابن
بري: وهذا البيت، أَعني فيكون مركبكِ، لِخُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسيّ؛
وقبله:
كذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٍ،
إنْ كنتِ شائلَتي غَبُوقاً فاذْهَبي
لا تَذْكُرِي مُهْرِي وما أَطعَمْتُه،
فيكونَ لَوْنُكِ مِثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ
إني لأَخْشَى أن تقولَ حَليلَتي:
هذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ
إن الرجالَ لَهمْ إلَيْكِ وسيلَةٌ،
إنْ يأْخذوكِ تَكَحِّلي وتَخَضِّبي
ويكون مَرْكَبَكِ القَلوصُ ورَحلهُ،
وابنُ النَّعامة، يوم ذلك، مَرْكَبِي
وقال: هكذا ذكره ابن خالويه وأَبو محمد الأَسود، وقال: ابنُ النَّعامة
فرس خُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسي، والنعامة أُمُّه فرس الحرث بن عَبَّاد،
قال: وتروى الأبيات أَيضا لعنترة، قال: والنَّعامة خَطٌّ في باطن
الرِّجْل، ورأَيت أبا الفرج الأَصبهاني قد شرح هذا البيت في كتابه
(* قوله «في
كتابه» هو الأغاني كما بهامش الأصل)، وإن لم يكن الغرض في هذا الكتاب
النقل عنه لكنه أَقرب إلى الصحة لأنه قال: إن نهاية غرض الرجال منكِ إذا
أَخذوك الكُحْل والخِضابُ للتمتع بك، ومتى أَخذوك أَنت حملوك على الرحل
والقَعود وأَسَروني أَنا، فيكون القَعود مَرْكَبك ويكون ابن النعامة مَرْكَبي
أَنا، وقال: ابنُ النَّعامة رِجْلاه أو ظلُّه الذي يمشي فيه، وهذا أَقرب
إلى التفسير من كونه يصف المرأَة برُكوب القَعود ويصف نفسه بركوب الفرس،
اللهم إلا أَن يكون راكب الفرس منهزماً مولياً هارباً، وليس في ذلك من
الفخر ما يقوله عن نفسه، فأَيُّ حالة أَسوأُ من إسلام حليلته وهرَبه عنها
راكباً أو راجلاً؟ فكونُه يَسْتَهوِل أَخْذَها وحملَها وأَسْرَه هو
ومشيَه هو الأمر الذي يَحْذَرُه ويَسْتهوِله.
والنَّعَم: واحد الأَنعْام وهي المال الراعية؛ قال ابن سيده: النَّعَم
الإبل والشاء، يذكر ويؤنث، والنَّعْم لغة فيه؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
وأَشْطانُ النَّعامِ مُرَكَّزاتٌ،
وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلول
والجمع أَنعامٌ، وأَناعيمُ جمع الجمع؛ قال ذو الرمة:
دانى له القيدُ في دَيْمومةٍ قُذُفٍ
قَيْنَيْهِ، وانْحَسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ
وقال ابن الأَعرابي: النعم الإبل خاصة، والأَنعام الإبل والبقر والغنم.
وقوله تعالى: فجَزاءٌ مثْلُ ما قَتَلَ من النَّعَم يحكم به ذَوَا عَدْلٍ
منكم؛ قال: ينظر إلى الذي قُتل ما هو فتؤخذ قيمته دارهم فيُتصدق بها؛ قال
الأَزهري: دخل في النعم ههنا الإبلُ والبقرُ والغنم. وقوله عز وجل:
والذين كفروا يتمتعون ويأْكلون كما تأْكل الأَنْعامُ؛ قال ثعلب: لا يذكرون
الله تعالى على طعامهم ولا يُسمُّون كما أَن الأَنْعام لا تفعل ذلك، وأما
قول الله عز وجَل: وإنَّ لكم في الأَنعام لَعِبْرةً نُسْقِيكم مما في
بطونه؛ فإن الفراء قال: الأَنْعام ههنا بمعنى النَّعَم، والنَّعَم تذكر
وتؤنث، ولذلك قال الله عز وجل: مما في بطونه، وقال في موضع آخر: مما في
بطونها، وقال الفراء: النَّعَم ذكر لا يؤَنث، ويجمع على نُعْمانٍ مثل حَمَل
وحُمْلانٍ، والعرب إذا أَفردت النَّعَم لم يريدوا بها إلا الإبل، فإذا قالوا
الأنعام أَرادوا بها الإبل والبقر والغنم، قال الله عز وجل: ومن
الأَنْعام حَمولةً وفَرْشاً كلوا مما رزقكم الله (الآية) ثم قال: ثمانية أَزواج؛
أي خلق منها ثمانية أَزواج، وكان الكسائي يقول في قوله تعالى: نسقيكم
مما في بطونه؛ قال: أَراد في بطون ما ذكرنا؛ ومثله قوله:
مِثْل الفراخ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ
أي حواصل ما ذكرنا؛ وقال آخر في تذكير النَّعَم:
في كلّ عامٍ نَعَمٌ يَحْوونَهُ،
يُلْقِحُه قَوْمٌ ويَنْتِجونَهُ
ومن العرب من يقول للإبل إذا ذُكِرت
(* قوله «إذا ذكرت» الذي في
التهذيب: كثرت) الأَنعام والأَناعيم.
والنُّعامى، بالضم على فُعالى: من أَسماء ريح الجنوب لأَنها أَبلُّ
الرياح وأَرْطَبُها؛ قال أَبو ذؤيب:
مَرَتْه النُّعامى فلم يَعْتَرِفْ،
خِلافَ النُّعامى من الشَّأْمِ، ريحا
وروى اللحياني عن أَبي صَفْوان قال: هي ريح تجيء بين الجنوب والصَّبا.
والنَّعامُ والنَّعائمُ: من منازل القمر ثمانيةُ كواكبَ: أَربعة صادرٌ،
وأَربعة واردٌ؛ قال الجوهري: كأنها سرير مُعْوجّ؛ قال ابن سيده: أَربعةٌ
في المجرّة وتسمى الواردةَ وأَربعة خارجة تسمَّى الصادرةَ. قال الأَزهري:
النعائمُ منزلةٌ من منازل القمر، والعرب تسمّيها النَّعامَ الصادرَ، وهي
أَربعة كواكب مُربَّعــة في طرف المَجَرَّة وهي شاميّة، ويقال لها
النَّعام؛ أَنشد ثعلب:
باضَ النَّعامُ به فنَفَّر أَهلَه،
إلا المُقِيمَ على الدّوَى المُتَأَفِّنِ
النَّعامُ ههنا: النَّعائمُ من النجوم، وقد ذكر مستوفى في ترجمة بيض.
ونُعاماكَ: بمعنى قُصاراكَ. وأَنْعَم أن يُحْسِنَ أَو يُسِيءَ: زاد.
وأَنْعَم فيه: بالَغ؛ قال:
سَمِين الضَّواحي لم تَُؤَرِّقْه، لَيْلةً،
وأَنْعَمَ، أبكارُ الهُمومِ وعُونُها
الضَّواحي: ما بدا من جَسدِه، لم تُؤرّقْه ليلةً أَبكارُ الهموم
وعُونُها، وأَنْعَمَ أي وزاد على هذه الصفة، وأَبكار الهموم: ما فجَأَك،
وعُونُها: ما كان هَمّاً بعدَ هَمّ، وحَرْبٌ عَوانٌ إذا كانت بعد حَرْب كانت
قبلها. وفَعَل كذا وأَنْعَمَ أي زاد. وفي حديث صلاة الظهر: فأَبردَ
بالظُّهْرِ وأَنْعَمَ أي أَطال الإبْرادَ وأَخَّر الصلاة؛ ومنه قولهم: أَنْعَمَ
النظرَ في الشيءِ إذا أَطالَ الفِكْرةَ فيه؛ وقوله:
فوَرَدَتْ والشمسُ لمَّا تُنْعِمِ
من ذلك أَيضاً أَي لم تُبالِغْ في الطلوع.
ونِعْمَ: ضدُّ بِئْسَ ولا تَعْمَل من الأَسماء إلا فيما فيه الألفُ
واللام أو ما أُضيف إلى ما فيه الأَلف واللام، وهو مع ذلك دالٌّ على معنى
الجنس. قال أَبو إسحق: إذا قلت نِعْمَ الرجلُ زيدٌ أو نِعْمَ رجلاً زيدٌ،
فقد قلتَ: استحقّ زيدٌ المدحَ الذي يكون في سائر جنسه، فلم يجُزْ إذا كانت
تَسْتَوْفي مَدْحَ الأَجْناسِ أن تعمل في غير لفظ جنسٍ. وحكى سيبويه:
أَن من العرب من يقول نَعْمَ الرجلُ في نِعْمَ، كان أصله نَعِم ثم خفَّف
بإسكان الكسرة على لغة بكر من وائل، ولا تدخل عند سيبويه إلا على ما فيه
الأَلف واللام مُظَهَراً أو مضمراً، كقولك نِعْم الرجل زيد فهذا هو
المُظهَر، ونِعْمَ رجلاً زيدٌ فهذا هو المضمر. وقال ثعلب حكايةً عن العرب: نِعْم
بزيدٍ رجلاً ونِعْمَ زيدٌ رجلاً، وحكى أَيضاً: مررْت بقومٍ نِعْم قوماً،
ونِعْمَ بهم قوماً، ونَعِمُوا قوماً، ولا يتصل بها الضمير عند سيبويه
أَعني أَنَّك لا تقول الزيدان نِعْما رجلين، ولا الزيدون نِعْموا رجالاً؛
قال الأزهري: إذا كان مع نِعْم وبِئْسَ اسمُ جنس بغير أَلف ولام فهو نصبٌ
أَبداً، وإن كانت فيه الأَلفُ واللامُ فهو رفعٌ أَبداً، وذلك قولك نِعْم
رجلاً زيدٌ ونِعْم الرجلُ زيدٌ، ونَصَبتَ رجلاً على التمييز، ولا تَعْملُ
نِعْم وبئْس في اسمٍ علمٍ، إنما تَعْمَلانِ في اسم منكورٍ دالٍّ على
جنس، أو اسم فيه أَلف ولامٌ تدلّ على جنس. الجوهري: نِعْم وبئس فِعْلان
ماضيان لا يتصرَّفان تصرُّفَ سائر الأَفعال لأَنهما استُعملا للحال بمعنى
الماضي، فنِعْم مدحٌ وبئسَ ذمٌّ، وفيهما أَربع لغات: نَعِمَ بفتح أَوله وكسر
ثانيه، ثم تقول: نِعِمَ فتُتْبع الكسرة الكسرةَ، ثم تطرح الكسرة الثانية
فتقول: نِعْمَ بكسر النون وسكون العين، ولك أَن تطرح الكسرة من الثاني
وتترك الأَوَّل مفتوحاً فتقول: نَعْم الرجلُ بفتح النون وسكون العين،
وتقول: نِعْمَ الرجلُ زيدٌ ونِعم المرأَةُ هندٌ، وإن شئت قلت: نِعْمتِ
المرأَةُ هند، فالرجل فاعلُ نِعْمَ، وزيدٌ يرتفع من وجهين: أَحدهما أَن يكون
مبتدأ قدِّم عليه خبرُه، والثاني أن يكون خبر مبتدإِ محذوفٍ، وذلك أَنَّك
لمّا قلت نِعْم الرجل، قيل لك: مَنْ هو؟ أو قدَّرت أَنه قيل لك ذلك فقلت:
هو زيد وحذفت هو على عادة العرب في حذف المبتدإ، والخبر إذا عرف المحذوف
هو زيد، وإذا قلت نِعْم رجلاً فقد أَضمرت في نِعْمَ الرجلَ بالأَلف
واللام مرفوعاً وفسّرته بقولك رجلاً، لأن فاعِلَ نِعْم وبِئْسَ لا يكون إلا
معرفة بالأَلف واللام أو ما يضاف إلى ما فيه الأَلف واللام، ويراد به تعريف
الجنس لا تعريفُ العهد، أو نكرةً منصوبة ولا يليها علَمٌ ولا غيره ولا
يتصل بهما الضميرُ، لا تقول نِعْمَ زيدٌ ولا الزيدون نِعْموا، وإن أَدخلت
على نِعْم ما قلت: نِعْمَّا يَعِظكم به، تجمع بين الساكنين، وإن شئت حركت
العين بالكسر، وإن شئت فتحت النون مع كسر العين، وتقول غَسَلْت غَسْلاً
نِعِمّا، تكتفي بما مع نِعْم عن صلته أي نِعْم ما غَسَلْته، وقالوا: إن
فعلتَ ذلك فَبِها ونِعْمَتْ بتاءٍ ساكنة في الوقف والوصل لأَنها تاء
تأْنيث، كأَنَّهم أَرادوا نِعْمَت الفَعْلةُ أو الخَصْلة. وفي الحديث: مَن
توضَّأَ يومَ الجمعة فبها ونِعْمَت، ومَن اغْتَسل فالغُسْل أَفضل؛ قال ابن
الأثير: أَي ونِعْمَت الفَعْلةُ والخَصْلةُ هي، فحذف المخصوص بالمدح،
والباء في فبها متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخَصْلةِ أو الفَعْلة، يعني
الوضوءَ، يُنالُ الفضلُ، وقيل: هو راجع إلى السُّنَّة أي فبالسَّنَّة أَخَذ
فأَضمر ذلك. قال الجوهري: تاءُ نِعْمَت ثابتةٌ في الوقف؛ قال ذو الرمة:
أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة
دَعائمَ الزَّوْرِ، نِعْمَت زَوْرَقُ البَلدِ
وقالوا: نَعِم القومُ، كقولك نِعْم القومُ؛ قال طرفة:
ما أَقَلَّتْ قَدَمايَ إنَّهُمُ
نَعِمَ السَّاعون في الأَمْرِ المُبِرّْ
هكذا أَنشدوه نَعِمَ، بفتم النون وكسر العين، جاؤوا به على الأَصل ولم
يكثر استعماله عليه، وقد روي نِعِمَ، بكسرتين على الإتباع. ودقَقْتُه
دَقّاً نِعِمّا أي نِعْمَ الدقُّ. قال الأَزهري: ودقَقْت دواءً فأَنْعَمْت
دَقَّه أي بالَغْت وزِدت. ويقال: ناعِمْ حَبْلَك وغيرهَ أَي أَحكمِه.
ويقال: إنه رجل نِعِمّا الرجلُ وإنه لَنَعِيمٌ.
وتَنَعَّمَه بالمكان: طلَبه. ويقال: أَتيتُ أَرضاً فتَنَعَّمَتْني أي
وافقتني وأَقمتُ بها. وتَنَعَّمَ: مَشَى حافياً، قيل: هو مشتق من النَّعامة
التي هي الطريق وليس بقويّ. وقال اللحياني: تَنَعَّمَ الرجلُ قدميه أي
ابتذَلَهما. وأَنْعَمَ القومَ ونَعَّمهم: أتاهم مُتَنَعِّماً على قدميه
حافياً على غير دابّة؛ قال:
تَنَعَّمها من بَعْدِ يومٍ وليلةٍ،
فأَصْبَحَ بَعْدَ الأُنْسِ وهو بَطِينُ
وأَنْعَمَ الرجلُ إذا شيَّع صَديقَه حافياً خطوات. وقوله تعالى: إن
تُبْدوا الصَّدَقاتِ فنِعِمَّا هي، ومثلُه: إنَّ الله نِعِمّا يَعِظكم به؛
قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو فنِعْمّا، بكسر النون وجزم
العين وتشديد الميم، وقرأَ حمزة والكسائي فنَعِمّا، بفتح النون وكسر العين،
وذكر أَبو عبيدة
(* قوله «وذكر أَبو عبيدة» هكذا في الأصل بالتاء، وفي
التهذيب وزاده على البيضاوي أبو عبيد بدونها) حديث النبي، صلى عليه وسلم،
حين قال لعمرو بن العاص: نِعْمّا بالمالِ الصالح للرجل الصالِح، وأَنه
يختار هذه القراءة لأَجل هذه الرواية؛ قال ابن الأَثير: أَصله نِعْمَ ما
فأَدْغم وشدَّد، وما غيرُ موصوفةٍ ولا موصولةٍ كأَنه قال نِعْمَ شيئاً
المالُ، والباء زائدة مثل زيادتها في: كَفَى بالله حسِبياً حسِيباً ومنه
الحديث: نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالِح؛ قال ابن الأثير: وفي نِعْمَ
لغاتٌ، أَشهرُها كسرُ النون وسكون العين، ثم فتح النون وكسر العين، ثم
كسرُهما؛ وقال الزجاج: النحويون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكينَ العين
ويقولون إن هذه الرواية في نِعْمّا ليست بمضبوطة، وروي عن عاصم أَنه قرأَ
فنِعِمَّا، بكسر النون والعين، وأَما أَبو عمرو فكأَنَّ مذهَبه في هذا كسرةٌ
خفيفةٌ مُخْتَلَسة، والأصل في نِعْمَ نَعِمَ نِعِمَ ثلاث لغات، وما في
تأْويل الشيء في نِعِمّا، المعنى نِعْمَ الشيءُ؛ قال الأزهري: إذا قلت
نِعْمَ ما فَعل أو بئس ما فَعل، فالمعنى نِعْمَ شيئاً وبئس شيئاً فعَل،
وكذلك قوله: إنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكم به؛ معناه نِعْمَ شيئاً يَعِظكم
به.والنُّعْمان: الدم، ولذلك قيل للشَّقِر شَقائق النُّعْمان. وشقائقُ
النُّعْمانِ: نباتٌ أَحمرُ يُشبَّه بالدم. ونُعْمانُ بنُ المنذر: مَلكُ العرب
نُسب إِليه الشَّقيق لأَنه حَماه؛ قال أَبو عبيدة: إن العرب كانت
تُسَمِّي مُلوكَ الحيرة النُّعْمانَ لأَنه كان آخِرَهم. أَبو عمرو: من أَسماء
الروضةِ الناعِمةُ والواضِعةُ والناصِفةُ والغَلْباء واللَّفّاءُ.
الفراء: قالت الدُّبَيْرِيّة حُقْتُ المَشْرَبةَ ونَعَمْتُها
(* قوله
«ونعمتها» كذا بالأصل بالتخفيف، وفي الصاغاني بالتشديد) ومَصَلْتها
(* قوله
«ومصلتها» كذا بالأصل والتهذيب، ولعلها وصلتها كما يدل عليه قوله بعد
والمصول) أي كَنسْتها، وهي المِحْوَقةُ. والمِنْعَمُ والمِصْوَلُ:
المِكْنَسة.
وأُنَيْعِمُ والأُنَيْعِمُ وناعِمةُ ونَعْمانُ، كلها: مواضع؛ قال ابن
بري: وقول الراعي:
صبا صَبْوةً مَن لَجَّ وهو لَجُوجُ،
وزايَلَه بالأَنْعَمينِ حُدوجُ
الأَنْعَمين: اسم موضع. قال ابن سيده: والأَنْعمان موضعٌ؛ قال أَبو
ذؤيب، وأَنشد ما نسبه ابن بري إلى الراعي:
صبا صبوةً بَلْ لجَّ، وهو لجوجُ،
وزالت له بالأَنعمين حدوجُ
وهما نَعْمانانِ: نَعْمانُ الأَراكِ بمكة وهو نَعْمانُ الأَكبرُ وهو
وادي عرفة، ونَعْمانُ الغَرْقَد بالمدينة وهو نَعْمانُ الأَصغرُ. ونَعْمانُ:
اسم جبل بين مكة والطائف. وفي حديث ابن جبير: خلقَ اللهُ آدمَ مِن
دَحْنا ومَسحَ ظهرَ آدمَ، عليه السلام، بِنَعْمان السَّحابِ؛ نَعْمانُ: جبل
بقرب عرفة وأَضافه إلى السحاب لأَنه رَكَد فوقه لعُلُوِّه. ونَعْمانُ،
بالفتح: وادٍ في طريق الطائف يخرج إلى عرفات؛ قال عبد الله ابن نُمَير
الثَّقَفِيّ:
تضَوَّعَ مِسْكاً بَطْنُ نَعْمانَ، أنْ مَشَتْ
به زَيْنَبٌ في نِسْوةٍ عَطرات
ويقال له نَعْمانُ الأَراكِ؛ وقال خُلَيْد:
أَمَا والرَّاقِصاتِ بذاتِ عِرْقٍ،
ومَن صَلَّى بِنَعْمانِ الأَراكِ
والتَّنْعيمُ: مكانٌ بين مكة والمدينة، وفي التهذيب: بقرب من مكة.
ومُسافِر بن نِعْمة بن كُرَير: من شُعرائهم؛ حكاه ابن الأَعرابي. وناعِمٌ
ونُعَيْمٌ ومُنَعَّم وأَنْعُمُ ونُعْمِيّ
(* قوله «ومنعم» هكذا ضبط في الأصل
والمحكم، وقال القاموس كمحدّث، وضبط في الصاغاني كمكرم. وقوله «وأنعم»
قال في القاموس بضم العين، وضبط في المحكم بفتحها. وقوله «ونعمى» قال في
القاموس كحبلى وضبط في الأصل والمحكم ككرسي) ونُعْمانُ ونُعَيمانُ
وتَنْعُمُ، كلهن: أَسماءٌ. والتَّناعِمُ: بَطْنٌ من العرب ينسبون إلى تَنْعُم بن
عَتِيك. وبَنو نَعامٍ: بطنٌ. ونَعامٌ: موضع. يقال: فلانٌ من أَهل بِرْكٍ
ونَعامٍ، وهما موضعان من أطراف اليَمن. والنَّعامةُ: فرسٌ مشهورة فارسُها
الحرث بن عبّاد؛ وفيها يقول:
قَرِّبا مَرْبَِطِ النَّعامةِ مِنّي،
لَقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حِيالِ
أي بَعْدَ حِيالٍ. والنَّعامةُ أَيضاً: فرسُ مُسافِع ابن عبد العُزّى.
وناعِمةُ: اسمُ امرأَةٍ طَبَخَت عُشْباً يقال له العُقّارُ رَجاءَ أَن
يذهب الطبخ بِغائلتِه فأَكلته فقَتلَها، فسمي العُقّارُ لذلك عُقّار
ناعِمةَ؛ رواه ابن سيده عن أبي حنيفة. ويَنْعَمُ: حَيٌّ من اليمن. ونَعَمْ
ونَعِمْ: كقولك بَلى، إلا أن نَعَمْ في جواب الواجب، وهي موقوفة الآخِر لأنها
حرف جاء لمعنى، وفي التنزيل: هلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ ربُّكم حَقّاً قالوا
نَعَمْ؛ قال الأزهري: إنما يُجاب به الاستفهامُ الذي لا جَحْدَ فيه،
قال: وقد يكون نَعَمْ تَصْديقاً ويكون عِدَةً، وربما ناقَضَ بَلى إذا قال:
ليس لك عندي ودِيعةٌ، فتقول: نَعَمْ تَصْديقٌ له وبَلى تكذيبٌ. وفي حديث
قتادة عن رجل من خثْعَم قال: دَفَعتُ إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو
بِمِنىً فقلت: أنتَ الذي تزعُم أنك نَبيٌّ؟ فقال: نَعِمْ، وكسر العين؛ هي
لغة في نَعَمْ، وكسر العين؛ وهي لغة في نَغَمْ بالفتح التي للجواب، وقد
قرئَ بهما. وقال أَبو عثمان النَّهْديّ: أمرَنا أميرُ المؤمنين عمرُ،
رضي الله عنه، بأمر فقلنا: نَعَمْ، فقال: لا تقولوا نَعَمْ وقولوا نَعِمْ،
بكسر العين. وقال بعضُ ولد الزبير: ما كنت أَسمع أشياخَ قرَيش يقولون
إلاَّ نَعِمْ، بكسر العين. وفي حديث أبي سُفيان حين أَراد الخروج إلى أُحد:
كتبَ على سَهمٍ نَعَمْ، وعلى آخر لا، وأَجالهما عند هُبَل، فخرج سهمُ
نَعَمْ فخرج إلى أُحُد، فلما قال لِعُمر: أُعْلُ هُبَلُ، وقال عمر: اللهُ
أَعلى وأَجلُّ، قال أَبو سفيان: أنعَمتْ فَعالِ عنها أي اترك ذِكرَها فقد
صدقت في فَتْواها، وأَنعَمَتْ أَي أَجابت بنَعَمُْ؛ وقول الطائي:
تقول إنْ قلتُمُ لا: لا مُسَلِّمةً
لأَمرِكُمْ، ونَعَمْ إن قلتُمُ نَعَما
قال ابن جني: لا عيب فيه كما يَظنُّ قومٌ لأَنه لم يُقِرَّ نَعَمْ على
مكانها من الحرفية، لكنه نقَلها فجعلها اسماً فنصَبها، فيكون على حد قولك
قلتُ خَيراً أو قلت ضَيراً، ويجوز أن يكون قلتم نَعَما على موضعه من
الحرفية، فيفتح للإطلاق، كما حرَّك بعضُهم لالتقاء الساكنين بالفتح، فقال:
قُمَ الليلَ وبِعَ الثوبَ؛ واشتقَّ ابنُ جني نَعَمْ من النِّعْمة، وذلك أن
نعَمْ أَشرفُ الجوابين وأَسرُّهما للنفْس وأَجلَبُهما للحَمْد، ولا
بضِدِّها؛ ألا ترى إلى قوله:
وإذا قلتَ نَعَمْ، فاصْبِرْ لها
بنَجاحِ الوَعْد، إنَّ الخُلْف ذَمّْ
وقول الآخر أَنشده الفارسي:
أبى جُودُه لا البُخْلِ واسْتَعْجَلتْ به
نَعَمْ من فَتىً لا يَمْنَع الجُوع قاتِله
(* قوله «لا يمنع الجوع قاتله» هكذا في الأصل والصحاح، وفي المحكم:
الجوس قاتله، والجوس الجوع. والذي في مغني اللبيب: لا يمنع الجود قاتله، وكتب
عليه الدسوقي ما نصه: قوله لا يمنع الجود، فاعل يمنع عائد على الممدوح؛
والجود مفعول ثان؛ وقاتله مفعول أول، ويحتمل أن الجود فاعل يمنع أي جوده
لا يحرم قاتله أي فإذا أراد إنسان قتله فجوده لا يحرم ذلك الشخص بل يصله
اهـ. تقرير دردير).
يروى بنصب البخل وجرِّه، فمن نصبه فعلى ضربين: أحدهما أن يكون بدلاً من
لا لأن لا موضوعُها للبخل فكأَنه قال أَبى جودُه البخلَ، والآخر أن تكون
لا زائدة، والوجه الأَول أعني البدلَ أَحْسَن، لأنه قد ذكر بعدها نَعَمْ،
ونَعمْ لا تزاد، فكذلك ينبغي أَن تكون لا ههنا غير زائدة، والوجه الآخر
على الزيادة صحيح، ومَن جرَّه فقال لا البُخْلِ فبإضافة لا إليه، لأَنَّ
لا كما تكون للبُخْل فقد تكون للجُود أَيضاً، ألا ترى أَنه لو قال لك
الإنسان: لا تُطْعِمْ ولا تأْتِ المَكارمَ ولا تَقْرِ الضَّيْفَ، فقلتَ
أَنت: لا لكانت هذه اللفظة هنا للجُود، فلما كانت لا قد تصلح للأَمرين جميعاً
أُضيفَت إلى البُخْل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين الضدّين. ونَعَّم
الرجلَ: قال له نعَمْ فنَعِمَ بذلك بالاً، كما قالوا بَجَّلْتُه أي قلت
له بَجَلْ أي حَسْبُك؛ حكاه ابن جني. وأَنعَم له أي قال له نعَمْ.
ونَعامة: لَقَبُ بَيْهَسٍ؛ والنعامةُ: اسم فرس في قول لبيد:
تَكاثرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها،
وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبالُ
(* قوله «وتحجل والخبال» هكذا في الأصل والصحاح، وفي القاموس في مادة
خبل بالموحدة، وأما اسم فرس لبيد المذكور في قوله:
تكاثر قرزل والجون فيها * وعجلى والنعامة والخيال
فبالمثناة التحتية، ووهم الجوهري كما وهم في عجلى وجعلها تحجل).
وأَبو نَعامة: كنية قَطَريّ بن الفُجاءةِ، ويكنى أَبا محمد أَيضاً؛ قال
ابن بري: أَبو نَعامة كُنْيَتُه في الحرب، وأَبو محمد كُنيته في السِّلم.
ونُعْم، بالضم: اسم امرأَة.
قطب: قَطَبَ الشيءَ يَقْطِـبُهُ قَطْباً: جَمَعه. وقَطَبَ يَقْطِبُ
قَطْباً وقُطوباً، فهو قاطِبٌ وقَطُوبٌ.
والقُطوبُ: تَزَوِّي ما بين العينين، عند العُبوس؛ يقال: رأَيتُه
غَضْبانَ قاطِـباً، وهو يَقْطِبُ ما بين عينيه قَطْباً وقُطوباً، ويُقَطِّبُ ما بين عينيه تقطيباً. وقَطَبَ يَقْطِبُ: زَوَى ما بين عينيه، وعَبَس،
وكَلَح من شَرابٍ وغيره، وامرأَة قَطُوبٌ. وقَطَّبَ ما بين عينيه أَي جَمعَ كذلك. والـمُقَطَّبُ والـمُقَطِّبُ والـمُقْطِبُ ما بين الحاجبين.
وقَطَّبَ وجهَه تَقْطيباً أَي عَبَسَ وغَضِبَ. وقَطَّب بين عينيه أَي
جَمعَ الغُضُونَ. أَبو زيد في الجَبِـينِ: الـمُقَطِّبُ وهو ما بين
الحاجبين. وفي الحديث: أَنه أُتِـيَ بنَبيذٍ فشَمَّه فقَطَّبَ أَي قَبَضَ ما بين عينيه، كما يفعله العَبُوسُ، ويخفف ويثقل. وفي حديث العباس: ما بالُ قريش يَلْقَوْننا بوُجُوهٍ قاطبةٍ؟ أَي مُقَطَّبة.
قال: وقد يجيءُ فاعل بمعنى مفعول، كعيشة راضية؛ قال: والأَحسن أَن يكون فاعل، على بابه، مِنْ
قَطَبَ، المخففة. وفي حديث المغيرة: دائمةُ القُطوب أَي العُبُوس.
يقال: قَطَبَ يَقْطِبُ قُطوباً، وقَطَبَ الشرابَ يَقْطِـبُه قَطْباً وقَطَّبه وأَقْطَبه: كلُّه مَزَجه؛ قال ابن مُقْبِل:
أَناةٌ، كأَنَّ الـمِسْكَ تحت ثيابِها، * يُقَطِّبُه، بالعَنْبَرِ الوَرْدِ، مُقْطِبُ(1)
(1 قوله «تحت ثيابها» رواه في التكملة دون ثيابها. وقال: ويروى يبكله أي بدل يقطبه.)
وشَرابٌ قَطِـيبٌ: مَقْطُوبٌ.
والقِطابُ: الـمِزاجُ، وكل ذلك من الجمع.
التهذيب: القَطْبُ الـمَزْجُ، وذلك الخَلْطُ، وكذلك إِذا اجتمع القومُ
وكانوا أَضيافاً، فاختلَطوا، قيل: قَطبوا، فهم قاطِـبون؛ ومن هذا يقال: جاءَ القومُ قاطِـبَةً أَي جميعاً، مُخْتَلِطٌ بعضُهم ببعض.
الليث: القِطابُ الـمِزاجُ فيما يُشْرَبُ ولا يُشْرَبُ، كقول الطائفية
في صَنْعَةِ غِسْلَة؛ قال أَبو فَرْوة: قَدِمَ فَرِيغُونُ بجارية، قد
اشتراها من الطائف، فصيحةٍ، قال: فدخلتُ عليها وهي تُعالِـجُ شيئاً، فقلتُ: ما هذا؟ فقالت: هذه غِسْلة. فقلتُ: وما أَخلاطُها؟ فقالت: آخُذُ الزبيبَ الجَيِّدَ، فأُلْقِـي لَزَجَه، وأُلَجِّنُه وأُعَبِّيه بالوَخِـيف، وأَقْطِـبه؛ وأَنشد غيره:
يَشرَبُ الطِّرْمَ والصَّريفَ قِطابا
قال: الطِّرْم العَسل، والصَّريفُ اللَّبن الحارُّ، قِطاباً: مِزاجاً.
والقَطْبُ: القَطْع، ومنه قِطابُ الجَيب؛ وقِطابُ الجَيْب: مَجمَعُه؛
قال طرفة:
رَحِـيبُ قِطابِ الجَيبِ منها، رَقيقَةٌ * بجَسِّ النَّدامى، بَضَّةُ الـمُتَجَرَّدِ
يعني ما يَتَضامُّ من جانبي الجَيب، وهي استعارة؛ وكلُّ ذلك من القَطْبِ الذي هو الجمع بين الشيئين؛ قال الفارسي: قِطابُ الجَيبِ أَسفلُه.
والقَطِـيبَةُ: لَبَنُ الـمِعْزى والضأْن يُقْطَبانِ أَي يُخلَطانِ، وهي
النَّخِـيسَةُ؛ وقيل: لبنُ الناقة والشاة يُخلَطان ويُجمَعان؛ وقيل اللبنُ الحليب أَو الـحَقِـينُ، يُخلَطُ بالإِهالة. وقد قَطَبْتُ له قَطِـيبةً فشَرِبَها؛ وكلُّ مَمْزوج قَطِـيبَةٌ. والقَطِـيبة: الرَّثِـيئَةُ.وجاءَ القومُ بقَطِـيبِهم أَي بجَماعَتهم. وجاؤُوا قاطِـبةً أَي جميعاً؛ قال سيبويه: لا يُستعمل إِلاَّ حالاً، وهو اسم يَدُلُّ على العموم.
الليث: قاطبة اسم يجمع كلَّ جِـيل من الناس، كقولك: جاءَت العربُ قاطبةً. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: لما قُبِضَ سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، ارْتَدَّتِ العَرَبُ قاطبةً أَي جميعُهم؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في الحديث، نكرة منصوبة، غير مضافة، ونصبها على المصدر أَو الحال.
والقَطْبُ أَن تُدْخَلَ إِحْدى عُرْوَتي الجُوالِقِ في الأُخرى عند
العَكْم، ثم تُثْنى، ثم يُجمَع بينهما، فإِن لم تُثْنَ، فهو السَّلْقُ؛ قال
جَنْدَلٌ الطُّهَويّ:
وحَوْقَلٍ ساعِدُه قد انْمَلَقْ، * يقول: قَطْباً ونِعِمّا، إِنْ سَلَقْ
ومنه يقال: قَطَبَ الرجلُ إِذا ثَنَى جِلْدةَ ما بين عينيه. وقَطَبَ
الشيءَ يَقْطِـبُه قَطْباً: قَطَعه. والقُطَابة: القِطْعة من اللحم، عن
كُراع.
وقِرْبة مَقْطُوبة أَي مملوءة، عن اللحياني.
والقُطْبُ والقَطْبُ والقِطْبُ والقُطُبُ: الحديدة
القائمة التي تدور عليها الرَّحَى. وفي التهذيب: القُطْبُ القائم الذي تَدُور عليه الرَّحَى، فلم يذكر الحديدة. وفي الصحاح: قُطْبُ الرَّحى التي تَدُورُ حَوْلَـها العُلْيا. وفي حديث فاطمة، عليها السلام: وفي يدها أَثَرُ قُطْبِ الرَّحَى؛ قال ابن الأَثير: هي الحديدة المركبة في وسط حجَر الرَّحَى السُّفْلى، والجمع أَقْطابٌ وقُطُوبٌ. قال ابن سيده: وأُرَى أَنَّ أَقْطاباً جمع قُطْبٍ وقُطُبٍ وقِطْبٍ، وأَنَّ قُطُوباً جمعُ قَطْبٍ.
والقَطْبة: لُغة في القُطْب، حكاها ثعلب.
وقُطْبُ الفَلَك وقَطْبُه وقِطْبُه: مَدَاره؛ وقيل القُطْبُ: كوكبٌ بين
الجَدْيِ والفَرْقَدَيْن يَدُورُ عليه الفَلَكُ، صغير أَبيضُ، لا يَبْرَحُ مكانه أَبداً، وإِنما شُبِّه بقُطْبِ الرَّحَى، وهي الحديدة التي في
الطَّبَقِ الأَسْفَل من الرَّحَيَيْنِ، يدور عليها الطَّبَقُ الأَعْلى، وتَدُور الكواكبُ على هذا الكوكب الذي يقال له: القُطْبُ. أَبو عَدْنان:
القُطْب أَبداً وَسَطُ الأَربع من بَنَات نَعْش، وهو كوكب صغير لا يزول الدَّهْرَ، والجَدْيُ والفَرْقدانِ تَدُور عليه. ورأَيت حاشية في نسخة الشيخ ابن الصلاح المحدّث، رحمه اللّه، قال: القَطْبُ ليس كوكباً، وإِنما هو بقعة من السماءِ قريبة من الجَدْي. والجَدْيُ: الكوكب الذي يُعْرَفُ به القِـبلة في البلاد الشَّمالية. ابن سيده: القُطْبُ الذي تُبْنَى عليه القِـبْلَة. وقُطْبُ كل شيء: مِلاكُه. وصاحبُ الجيش قُطْبُ رَحَى الـحَرْب.
وقُطْبُ القوم: سيدُهم. وفلان قُطْبُ بني فلان أَي سيدُهم الذي يدور عليه أَمرهم. والقُطْبُ: من نِصالِ الأَهْداف.
والقُطْبةُ: نَصْلُ الـهَدَفِ. ابن سيده: القُطْبةُ نَصْلٌ صغير،
قصير،مُرَبَّع في طَرَف سهم، يُغْلى به في الأَهْداف؛ قال أَبو حنيفة: وهو من الـمَرامي. قال ثعلب: هو طَرَفُ السهم الذي يُرْمى به في الغَرَض. النضر: القُطْبةُ لا تُعَدُّ سَهْماً. وفي الحديث: أَنه قال لرافع بن خَديج، ورُمِـيَ بسهم في ثَنْدُوَتِه: إِن شِئْتَ نَزَعْتُ السهم، وتركتُ القُطْبة، وشَهِدْتُ لك يوم القيامة أَنك شهيدُ القُطْبة.
والقُطْبُ: نصلُ السهم؛ ومنه الحديث: فيأْخذ سهمَه، فينظر إِلى قُطْبه، فلا يَرَى عليه دَماً.
والقُطْبة والقُطْبُ: ضربان من النبات؛ قيل: هي عُشْبة، لها ثمرة وحَبٌّ مثل حَبِّ الـهَراسِ. وقال اللحياني: هو ضربٌ من الشَّوْك يَتَشَعَّبُ منها ثلاثُ شَوْكات، كأَنها حَسَكٌ. وقال أَبو حنيفة: القُطْبُ يذهب حِـبالاً على الأَرض طولاً، وله زهرة صفراء وشَوْكةٌ إِذا أَحْصَدَ ويَبِسَ، يَشُقُّ على الناس أَن يطؤُوها مُدَحْرَجة، كأَنها حَصاةٌ؛ وأَنشد:
أَنْشَيْتُ بالدَّلْوِ أَمْشِـي نحوَ آجنةٍ، * من دونِ أَرْجائِها، العُلاَّمُ والقُطَبُ
واحدتُه قُطْبةٌ، وجمعها قُطَبٌ، وورَقُ أَصلِها يشبه ورق النَّفَل
والذُّرَقِ؛ والقُطْبُ ثَمَرُها. وأَرض قَطِـبةٌ: يَنْبُتُ فيها ذلك النَّوْعُ
من النبات. والقِطِبَّـى: ضَرْبٌ من النبات يُصْنَعُ منه حَبْل كحبل
النارَجيلِ، فَيَنْتَهي ثمنُه مائةَ دينار عَيْناً، وهو أَفضل من الكِنْبارِ. والقَطَبُ المنهيُّ عنه: هو أَن يأْخذَ الرجلُ الشيء، ثم يأْخذ ما بقي
من المتاع، على حسب ذلك بغير وزن، يُعْتَبر فيه بالأَول؛ عن كراع.
والقَطِـيبُ: فرس معروف لبعض العرب.
والقُطَيبُ: فرسُ سابقِ بن صُرَدَ.
وقُطْبَة وقُطَيْبة: اسمان.
والقُطَيْبِـيَّةُ: ماءٌ بعينه؛ فأَما قول عَبيدٍ في الشعر الذي كَسَّرَ
بعضَه:
أَقْفَرَ، من أَهْلِه، مَلْحُوبُ، * فالقُطَبِـيَّاتُ، فالذَّنُوبُ
إِنما أَراد القُطَبِـيَّة هذا الماءَ، فجمعه بما حَوْلَه.
وهَرمُ بنُ قُطْبَةَ الفَزاريّ: الذي نافَرَ إِليه عامِرُ ابنُ الطُّفيل
وعَلْقَمةُ بنُ عُلاثَةَ.
قرط: القُرْطُ: الشَّنْف، وقيل: الشَّنْفُ في أَعْلى الأُذن والقُرْط في
أَسفلها، وقيل: القُرْط الذي يعلَّق في شحمة الأُذن، والجمع أَقْراط
وقِراط وقُروط وقِرَطة. وفي الحديث: ما يمنع إِحْداكنَّ أَن تصنَع قُرْطين
من فضة؛ القُرْطُ: نوع من حُلِيِّ الأُذُن معروف؛ وقَرَّطْت الجارية
فتقَرَّطتْ هي؛ قال الراجز يخاطب امرأَته:
قَرَّطكِ اللّه، على العَيْنَينِ،
عَقَارِباً سُوداً وأَرْقَمَيْنِ
وجارية مُقَرَّطة: ذات قُرْط. ويقال للدُّرّة تعلَّق في الأُذُن قُرْط،
وللتُّومة من الفضة قُرْط، وللمَعاليق من الذهب قُرْط، والجمع في ذلك كله
القِرَطة. والقُرْط: الثُّرَيّا. وقُرْطا النَّصْل: أُذُناه.
والقَرَط: شِية
(* قوله «والقرط شية» كذا بالأصل.) حسَنة في المعزى، وهو
أَن يكون لها زَنَمَتان معلَّقتان من أُذنيها، فهي قَرْطاء، والذكر
أَقْرَط مُقَرَّط، ويستحب في التيس لأَنه يكون مِئناثاً. قال ابن سيده:
والقُرَطة والقِرَطة أَن يكون للمعزى أَو التَّيْس زَنَمَتان معلَّقتان من
أُذنيه، وقد قَرِطَ قَرَطاً، وهو أَقْرَط.
وقَرَّط فَرَسه اللِّجام: مَدَّ يدَه بعِنانه فجعله على قَذاله، وقيل:
إِذا وضع اللِّجام وراء أُذنيه. ويقال: قَرَّط فَرَسه إِذا طرح اللِّجام
في رأْسه. وفي حديث النعمان بن مقرّن: أَنه أَوصى أَصحابه يومَ نِهاوَنْد
فقال: إِذا هزَزْت اللواءَ فَلْتَثِب الرجال إِلى خيولها فيُقَرِّطوها
أَعِنّتها، كأَنه أَمرَهم بإِلجامها. قال ابن دريد: تَقْرِيط الفرس له
موضعان: أَحدهما طَرْحُ اللجام في رأْس الفرس، والثاني إِذا مدَّ الفارس يده
حتى جعلها على قَذال فرسِه وهي تُحْضِر؛ قال ابن بري وعليه قول المتنبي:
فقَرِّطْها الأَعِنَّةَ راجعاتٍ
وقيل: تَقْرِيطُها حَمْلُها على أَشدّ الخُضْر، وذلك أَنه إِذا اشتدَّ
حُضْرها امتدَّ العِنان على أُذُنها فصار كالقُرْط. وقَرَط الكُرّاثَ
وقَرَّطه: قطَّعه في القِدْرِ، وجعل ابن جِني القُرْطُم ثلاثيّاً، وقال:
سُمِّي بذلك لأَنه يُقَرَّط. وقَرَّطَ عليه: أَعطاه قليلاً. والقُرْط:
الصَّرْع؛ عن كراع. وقال ابن دريد: القِرْطي الصَّرْع على القَفا، والقُرْط
شُعْلة النار، والقِرط شُعْلة السِّراج. وقَرَّط السراجَ إِذا نزع منه ما
احترق ليُضيء. والقُراطة: ما يُقطع من أَنف السراج إِذا عشى، والقُراطة ما
احترق من طَرف الفَتيلة، وقيل: بل القُراطة المصباح نفسه؛ قال ساعدة
الهذلي:
سَبَقْتُ بها مَعابِلَ مُرْهَفات
مُسالاتِ الأَغِرَّةِ كالقِراطِ
(* قوله «سبقت» كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس: شنفت. قال ويروى
قرنت، ونسبه عن الصاغاني للمتنخل الهذلي يصف قوساً.)
مُسالات: جمع مُسالة، والأَغِرَّة: جمع الغِرار، وهو الحدّ، والجمع
أَقْرِطة. ابن الأَعرابي: القِراط السراج وهو الهِزْلقِ.
والقِرَّاط والقِيراط من الوزن: معروف، وهو نصف دانِق، وأَصله قِرّاط
بالتشديد لأَن جمعه قَراريط فأُبدل من إِحدى حرفي تضعيفه ياء على ما ذكر في
دينار كما قالوا ديباج وجمعوه دَبابيج، وأَما القيراط الذي في حديث ابن
عمر وأَبي هريرة في تَشْييع الجنازة فقد جاء تفسيره فيه أَنه مثل جبل
أُحُد، قال ابن دريرد: أَصل القيراط من قولهم قَرَّط عليه إِذا أَعطاه
قليلاً قليلاً. وفي حديث أَبي ذَرّ: ستفتحون أَرضاً يذكر فيها القيراط
فاستوصوا بأَهلها خيراً فإِن لهم ذِمّة ورَحِماً؛ القيراط جُزء من أَجزاء
الدينار وهو نصف عُشره في أَكثر البلاد، وأَهل الشام يجعلونه جزءاً من أَربعة
وعشرين، والياء فيه بدل من الراء وأَصله قِرّاط، وأَراد بالأَرض
المُستفتحة مِصر، صانها اللّه تعالى، وخصها بالذكر وإِن كان القيراط مذكوراً في
غيرها لأَنه كان يغلِب على أَهلها أَن يقولوا: أَعطيت فلاناً قَراريط إِذا
أَسمعه ما يَكْرهه، واذهَبْ لا أُعطيك قَراريطك أَي أَسُبُّك وأُسْمِعك
المكروه، قال: ولا يوجد ذلك في كلام غيرهم، ومعنى قوله فإِن لهم ذمّة
ورَحِماً أَنَّ هاجَرَ أُم إسمعيل، عليهما السلام، كانت قِبْطِيّة من أَهْل
مصر.
والقُرْط: الذي تُعْلَفه الدوابّ وهو شبيه بالرُّطْبة وهو أَجلُّ منها
وأَعظم ورَقاً.
وقُرْط وقُرَيْط وقَرِيط: بطون من بني كلاب يقال لهم القُروط. وقُرط:
اسم رجل من سِنْبِس. وقُرْط: قبيلة من مَهْرة بن حَيْدان. والقَرطِيّة
والقُرْطِيّة: ضرْب من الإِبل ينسب إِليها؛ قال:
قال ليَ القُرْطِيُّ قَوْلاً أَفهَمُهْ،
إِذ عَضَّه مَضْروسُ قِدٍّ يأْلَمُهْ