من (ح ر س) مؤنث محروس.
من (ح ر س) مؤنث محروس.
حرض: التَّحْرِيض: التَّحْضِيض. قال الجوهري: التَّحْرِيضُ على القتال
الحَثُّ والإِحْماءُ عليه. قال اللّه تعالى: يا أَيها النبيُّ حَرِّض
الكؤمنين على القِتال؛ قال الزجاج: تأْويله حُثَّهم على القتال، قال: وتأْويل
التَّحْرِيض في اللغة أَن تحُثَّ الإِنسان حَثّاً يعلم معه أَنه حارِضٌ
إِنْ تَخَلَّف عنه، قال: والحارِضُ الذي قد قارب الهلاك. قال ابن سيده:
وحَرَّضَه حَضَّه. وقال اللحياني: يقال حارَضَ فلان على العمل وواكَبَ
عليه وواظَبَ وواصَبَ عليه إِذا داوَمَ القتال، فمعنى حَرِّض المؤمنين على
القتال حُثَّهم على أَن يُحارِضُوا أَي يُداوِمُوا على القتال حتى
يُثْخِنُوهم.
ورجل حَرِضٌ وحَرَضٌ: لا يرجى خيره ولا يخاف شرُّه، الواحد والجمع
والمؤنث في حَرَض سواء، وقد جمع على أَحْراض وحُرْضان، وهو أَعْلى، فأَما
حَرِضٌ، بالكسر، فجمعه حَرضُون لأَن جمع السلامة في فَعِل صفةً أَكثرُ، وقد
يجوز أَن يكسَّر على أَفعال لأَن هذا الضرب من الصفة ربما كُسِّر عليه نحو
نَكِدٍ وأَنْكاد. الأَزهري عن الأَصمعي: ورجل حارَضة للذي لا خير فيه.
والحُرْضان: كالحَرِضِ والحَرَض، والحَرِضُ والحَرَضُ الفاسد. حَرَضَ
الرجلُ نفْسَه يَحْرِضُها حَرْضاً: أَفسدها. ورجل حَرِضٌ وحَرَضٌ أَي فاسد
مريض في بنائه، واحدُه وجمعه سواء. وحَرَضه المرضُ وأَحْرَضَه إِذا أَشفى
منه على شرف الموت، وأَحْرَضَ هو نفسَه كذلك.
الأَزهري: الــمُحْرَــضُ الهالك مَرَضاً الذي لا حيٌّ فيُرْجَى ولا ميت
فيُوأَس منه؛ قال امرؤ القيس:
أَرى المرءَ ذا الأَذْوادِ يُصْبِحُ مُحْرَــضاً
كإِحْراضِ بكْرٍ في الديارِ مَرِيض
ويروى: مُحْرِــضاً. وفي الحديث: ما مِنْ مُؤمِنٍ يَمْرَضُ مَرَضاً حتى
يُحْرِضَه أَي يُدْنِفَه ويُسْقِمَه؛ أَحْرَضَه المرض، فهو حَرِضٌ وحارِضٌ
إِذا أَفسد بدنه وأَشْفى على الهلاك. وحَرَضَ يَحْرِضُ ويَحْرُضُ حَرْضاً
وحُرُوضاً: هلك. ويقال: كَذَبَ كِذْبةً فأَحْرَضَ نفسَه أَي أَهلكها.
وجاءَ بقول حَرَضٍ أَي هالك. وناقة حُرْضان: ساقطة. وجمل حُرْضان: هالك،
وكذلك الناقة بغير هاء. وقال الفراء في قوله تعالى: حتى تكونَ حَرَضاً أَو
تكونَ من الهالكين، يقال: رجل حَرَضٌ وقوم حَرَضٌ وامرأَة حَرَضٌ، يكون
مُوَحّداً على كل حال، الذكر والأُنثى والجمع فيه سواء، قال: ومن العرب من
يقول للذكر حارِضٌ وللأُنثى حارِضة، ويثنَّى ههنا ويجمع لأَنه خرج على
صورة فاعل، وفاعلٌ يجمع. قال: والحارِضُ الفاسد في جسمه وعقله، قال: وأَما
الحَرَضُ فترك جمعه لأَنه مصدر بمنزلة دَنَفٍ وضَنىً، قوم دَنَفٌ وضَنىً
ورجل دَنَفٌ وضَنىً. وقال الزجاج: من قال رجل حَرَضٌ فمعناه ذو حَرَضٍ
ولذلك لا يثنَّى ولا يجمع، وكذلك رجل دَنَفٌ ذو دَنَفٍ، وكذلك كل ما نعت
بالمصدر. وقال أَبو زيد في قوله: حتى تكونَ حَرَضاً، أَي مُدْنَفاً، وهو
مُحْرَــض؛ وأَنشد:
أَمِنْ ذِكْرِ سَلْمَى غَرْبَةً أَنْ نأَتْ بها،
كأَنَّكَ حَمٌّ للأَطِبّاءِ مُحْرَــضُ؟
والحَرَضُ: الذي أَذابه الحزن أَو العشق وهو في معنى مُحْرَــض، وقد
حَرِضَ، بالكسر، وأَحْرَضَه الحُبُّ أَي أَفسده؛ وأَنشد للعَرْجِيّ:
إِني امرؤ لَجَّ بي حُبٌّ، فأَحْرَضَني
حتى بَلِيتُ، وحتى شَفَّني السَّقَم
أَي أَذابَني. والحَرَضُ والــمُحْرَــضُ والإِحْرِيضُ: الساقط الذي لا يقدر
على النهوض، وقيل: هو الساقط الذي لا خير فيه. وقال أَكْثَم بن صَيْفي:
سُوءٌ حمل الناقة يُحْرِضُ الحسَبَ ويُدِيرُ العَدُوَّ ويُقَوِّي
الضرورة؛ قال: يُحْرِضُه أَي يُسْقِطه. ورجل حَرَضٌ: لا خير فيه، وجمعه
أَحْرَاضٌ، والفعل حَرُضَ يَحْرُضُ حُروضاً. وكلُّ شيءٍ ذاوٍ حَرَضٌ. والحَرَضُ:
الرَّدِيء من الناس والكلام، والجمع أَحْراضٌ؛ فأَما قول رؤبة:
يا أَيُّها القائِلُ قوْلاً حَرْضا
فإِنه احتاج فسكنه. والحَرَضُ والأَحْراضُ: السَّفِلة من الناس. وفي
حديث عوف بن مالك: رأَيت مُحَلِّم بن حَثَّامةَ في المنام فقلت: كيف أَنتم؟
فقال: بِخَير وجَدْنا رَبَّنا رحيماً غَفَرَ لنا، فقلت: لكلِّكم؟ قال:
لكلِّنا غير الأَحْراضِ، قلت: ومَن الأَحْراضُ؟ قال: الذين يُشارُ إِليهم
بالأَصابع أَي اشتهروا بالشَّرّ، وقيل: هم الذين أَسرفوا في الذنوب
فأَهلكوا أَنفسهم، وقيل: أَراد الذين فسُدَت مذاهبهم.
والحُرْضة: الذي يَضْرِبُ للأَيْسارِ بالقِداح لا يكون إِلا ساقطاً،
يدعونه بذلك لرذالته؛ قال الطرماح يصف حماراً:
ويَظَلُّ المَلِيءُ يُوفِي على القرْ
نِ عَذُوباً، كالحُرْضة المُسْتَفاضِ
المُسْتَفاضُ: الذي أُمِرَ أَن يُفِيضَ القداح، وهذا البيت أَورده
الأَزهري عقيب روايته عن أَبي الهيثم. الحُرْضةُ: الرجل الذي لا يشتري اللحم
ولا يأْكله بثمن إِلا أَن يجده عند غيره، وأَنشد البيت المذكور وقال: أَي
الوَقْب الطويل لا يأْكل شيئاً. ورجل مَحُروضٌ: مَرْذولٌ، والاسم من ذلك
الحَرَاضة والحُروضة والحُروض. وقد حَرُضَ وحَرِضَ حَرَضاً، فهو حَرِضٌ،
ورجل حارِضٌ: أَحمق، والأُنثى بالهاء. وقوم حُرْضان: لا يعرفون مكان
سيدهم. والحَرَضُ: الذي لا يتخذ سلاحاً ولا يُقاتِل. والإِحْرِيضُ:
العُصْفُرُ عامة، وفي حديث عطاء في ذكر الصدقة: كذا وكذا والإِحْرِيض، قيل: هو
العُصْفُر؛ قال الراجز:
أَرَّقَ عَيْنَيْك، عن الغُمُوضِ،
بَرْقٌ سَرَى في عارِضٍ نَهُوضِ
مُلْتَهِبٌ كَلَهَبِ الإِحْرِيضِ،
يُزْجِي خَراطِيمَ عَمامٍ بِيضِ
وقيل: هو العُصْفر الذي يجعل في الطبخ، وقيل: حَبُّ العصفر. وثوب
مُحَرَّــضٌ: مصبوغ بالعُصْفُر. والحُرُضُ: من نَجِيل السباخ، وقيل: هو من الحمض،
وقيل: هو الأُشْنان تُغْسَل به الأَيدي على أَثر الطعام، وحكاه سيبويه
الحَرْض، بالإِسكان، وفي بعض النسخ الحُرْض، وهو حَلقة القُرْط.
والــمِحْرَــضةُ: وِعاء الحُرُض وهو النَّوْفَلة. والحُرْضُ: الجِصُّ. والحَرَّاضُ:
الذي يُحْرِق الجِصَّ ويُوقِد عليه النار؛ قال عدي بن زيد:
مِثْل نارِ الحَرَّاضِ يَجْلو ذُرَى المُزْ
نِ لِمَنْ شامَهُ، إِذا يَسْتَطِيرُ
قال ابن الأَعرابي: شبَّه البَرْقَ في سرعة ومِيضه بالنار في الأُشْنان
لسرعتها فيه، وقيل: الحَرَّاضُ الذي يُعالج القِلْيَ. قال أَبو نصر: هو
الذي يُحْرِقُ الأُشْنان. قال الأَزهري: شجر الأُشْنان يقال له الحَرْض
وهو من الحمض ومنه يُسَوَّى القِلْيُ الذي تغسل به الثياب، ويحرق الحمض
رطباً ثم يرَشُّ الماءُ على رماده فينعقد ويصير قِلْياً. والحَرَّاضُ
أَيضاً: الذي يُوقِد على الصَّخْر ليتخذ منه نُورة أَو جِصّاً، والحَرَّاضةُ:
الموضعُ الذي يُحْرَقُ فيه، وقيل: الحَرَّاضةُ مَطْبَخُ الجِصِّ، وقيل:
الحَرَّاضةُ موضعُ إِحْراقِ الأُشْنان يتخذ منه القِلْيُ للصبّاغِين، كل
ذلك اسم كالبَقّالة والزَّرّاعة، ومُحْرِــقُه الحَرّاضُ، والحَرّاضُ
والإِحرِيضُ: الذي يُوقِد على الأُشْنان والجِصِّ. قال أَبو حنيفة: الحَرَّاضةُ
سُوقُ الأُشْنان.
وأَحَرَضَ الرجلُ أَي وَلَدَ ولدَ سَوءٍ.
والأَحْراضُ والحُرْضانُ: الضِّعافُ الذين لا يُقاتِلون؛ قال الطرماح:
مَنْ يَرُمْ جَمْعَهم يَجِدْهم مراجِيـ
ـحَ حُماةً للعُزَّلِ الأَحْراضِ
وحَرْضٌ: ماء معروف في البادية. وفي الحديث ذكر الحُرُض، بضمتين، هو
وادٍ عند أُحُد. وفي الحديث ذكر حُرَاض، بضم الحاء وتخفيف الراء: موضع قرب
مكة، قيل: كانت به العُزَّى.
ملك: الليث: المَلِكُ هو الله، تعالى ونقدّس، مَلِكُ المُلُوك له
المُلْكُ وهو مالك يوم الدين وهو مَلِيكُ الخلق أي ربهم ومالكهم. وفي التنزيل:
مالك يوم الدين؛ قرأ ابن كثير ونافع وأَبو عمرو وابن عامر وحمزة: مَلِك
يوم الدين، بغير أَلف، وقرأَ عاصم والكسائي ويعقوب مالك، بأَلف، وروى عبد
الوارث عن أَبي عمرو: مَلْكِ يوم الدين، ساكنة اللام، وهذا من اختلاس أبي
عَمرو، وروى المنذر عن أَبي العباس أَنه اختار مالك يوم الدين، وقال: كل
من يَمْلِك فهو مالك لأنه بتأْويل الفعل مالك الدراهم، ومال الثوب،
ومالكُ يوم الدين، يَمْلِكُ إقامة يوم الدين؛ ومنه قوله تعالى: مالِكُ
المُلْكِ، قال: وأما مَلِكُ الناس وسيد الناس ورب الناس فإنه أَراد أَفضل من
هؤلاء، ولم يريد أَنه يملك هؤلاء، وقد قال تعالى: مالِكُ المُلْك؛ أَلا ترى
أنه جعل مالكاً لكل شيءٍ فهذا يدل على الفعل؛ ذكر هذا بعقب قول أَبي
عبيد واختاره.
والمُلْكُ: معروف وهو يذكر ويؤنث كالسُّلْطان؛ ومُلْكُ الله تعالى
ومَلَكُوته: سلطانه وعظمته. ولفلان مَلَكُوتُ العراق أي عزه وسلطانه ومُلْكه؛
عن اللحياني، والمَلَكُوت من المُلْكِ كالرَّهَبُوتِ من الرَّهْبَةِ،
ويقال للمَلَكُوت مَلْكُوَةٌ، يقال: له مَلَكُوت العراق ومَلْكُوةُ العراق
أَيضاً مثال التَّرْقُوَةِ، وهو المُلْكُ والعِزُّ. وفي حديث أَبي سفيان:
هذا مُلْكُ هذه الأُمة قد ظهر، يروى بضم الميم وسكون اللام وبفتحها وكسر
اللام وفي الحديث: هل كان في آبائه مَنْ مَلَكَ؟ يروى بفتح الميمين
واللام وبكسر الميم الأُولى وكسر اللام. والْمَلْكُ والمَلِكُ والمَلِيكُ
والمالِكُ: ذو المُلْكِ. ومَلْك ومَلِكٌ، مثال فَخْذٍ وفَخِذٍ، كأن المَلْكَ
مخفف من مَلِك والمَلِك مقصور من مالك أو مَلِيك، وجمع المَلْكِ مُلوك،
وجمع المَلِك أَمْلاك، وجمع المَلِيك مُلَكاء، وجمع المالِكِ مُلَّكٌ
ومُلاَّك، والأُمْلُوك اسم للجمع. ورجل مَلِكٌ وثلاثة أَمْلاك إلى العشرة،
والكثير مُلُوكٌ، والاسم المُلْكُ، والموضع مَمْلَكَةٌ. وتَمَلَّكه أي
مَلَكه قهراً. ومَلَّكَ القومُ فلاناً على أَنفسهم وأَمْلَكُوه: صَيَّروه
مَلِكاً؛ عن اللحياني. ويقال: مَلَّكَه المالَ والمُلْك، فهو مُمَلَّكٌ؛ قال
الفرزدق في خال هشام بن عبد الملك:
وما مثلُه في الناس إلاّ مُمَلَّكاً،
أَبو أُمِّه حَيٌّ أَبوه يُقارِبُه
يقول: ما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملَّك أَبو أُم ذلك المُمَلَّكِ
أَبوه، ونصب مُمَلَّكاً لأنه استثناء مقدّم، وخال هشام هو إبراهيم بن
إسماعيل المخزومي. وقال بعضهم: المَلِكُ والمَلِيكُ لله وغيره، والمَلْكُ
لغير الله. والمَلِكُ من مُلوك الأرض، ويقال له مَلْكٌ، بالتخفيف، والجمع
مُلُوك وأَمْلاك، والمَلْكُ: ما ملكت اليد من مال وخَوَل. والمَلَكة:
مُلْكُكَ، والمَمْلَكة: سلطانُ المَلِك في رعيته. ويقال: طالت مَمْلَكَتُه
وساءت مَمْلَكَتُه وحَسُنَت مَمْلَكَتُه وعَظُم مُلِكه وكَثُر مُلِكُه.
أَبو إسحق في قوله عزّ وجل: فسبحان الذي بيده مَلَكُوتُ كل شيء؛ مَعناه
تنزيه الله عن أن يوصف بغير القدرة، قال: وقوله تعالى ملكوت كل شيء أي القدرة
على كل شيء وإليه ترجعون أي يبعثكم بعد موتكم. ويقال: ما لفلان مَولَى
مِلاكَةٍ دون الله أي لم يملكه إلا الله تعالى. ابن سيده: المَلْكُ
والمُلْكُ والمِلْك احتواء الشيء والقدرة على الاستبداد به، مَلَكه يَمْلِكه
مَلْكاً ومِلْكاً ومُلْكاً وتَمَلُّكاً؛ الأخيرة عن اللحياني، لم يحكها
غيره. ومَلَكَةً ومَمْلَكَة ومَمْلُكة ومَمْلِكة: كذلك. وما له مَلْكٌ
ومِلْكٌ ومُلْكٌ ومُلُكٌ أي شيء يملكه؛ كل ذلك عن اللحياني، وحكي عن الكسائي:
ارْحَمُوا هذا الشيخ الذي ليس له مُلْكٌ ولا بَصَرٌ أي ليس له شيء؛ بهذا
فسره اللحياني، وقال ليس له شيء يملكه. وأَمْلَكه الشيءَ ومَلَّكه إياه
تَمْليكاً جعله مِلْكاً له يَمْلِكُه. وحكى اللحياني: مَلِّكْ ذا أَمْرٍ
أَمْرَه، كقولك مَلِّك المالَ رَبَّه وإن كان أَحمق، قال هذا نص قوله: ولي
في هذا الوادي مَلْكٌ وملْك ومُلْك ومَلَكٌ يعني مَرْعًى ومَشْرباً
ومالاً وغير ذلك مما تَمْلِكه، وقيل: هي البئر تحفرها وتنفرد بها. وجاء في
التهذيب بصورة النفي: حكي عن ابن الأعرابي قال ما له مَلْكٌ ولا نَفْرٌ،
بالراء غير معجمة، ولا مِلْكٌ ولا مُلْك ولا مَلَكٌ؛ يريد بئراً وماء أي ما
له ماء. ابن بُزُرْج: مياهنا مُلُوكنا. ومات فلانٌ عن مُلُوك كثيرة،
وقالوا: الماء مَلَكُ أَمْرٍ أي إذا كان مع القوم ماء مَلَكُوا أَمْرَهم أي
يقوم به الأمر؛ قال أَبو وَجْزَة السَّعْدي:
ولم يكن مَلَكٌ للقوم يُنْزِلُهم،
إلا صَلاصِلُ لا تُلْوَى على حَسَبِ
أي يُقْسَم بينهم بالسوية لا يُؤثَرُ به أَحدٌ. الأُمَوِيُّ: ومن
أَمثالهم: الماءُ مَلَكُ أَمْرِه أي أن الماء مِلاكُ الأشياء، يضرب للشيء الذي
به كمال الأمر. وقال ثعلب: يقال ليس لهم مِلْك ولا مَلْكٌ ولا مُلْكٌ إذا
لم يكن لهم ماء. ومَلَكَنا الماءُ: أرْوانا فقَوِينا على مَلْكِ
أَمْرِنا. وهذا مِلْك يَميني ومَلْكُها ومُلْكُها أي ما أَملكه؛ قال الجوهري:
والفتح أفصح. وفي الحديث: كان آخر كلامه الصلاة وما مَلَكَتْ أَيمانكم،
يريد الإحسانَ إلى الرقيق، والتخفيفَ عنهم، وقيل: أَراد حقوق الزكاة
وإخراجها من الأموال التي تملكها الأَيْدي كأَنه علم بما يكون من أَهل الردة،
وإنكارهم وجوب الزكاة وامتناعهم من أَدائها إلى القائم بعده فقطع حجتهم بأن
جعل آخر كلامه الوصية بالصلاة والزكاة فعقل أَبو بكر، رضي الله عنه، هذا
المعنى حين قال: لأَقْتُلَنَّ من فَرَّق بين الصلاة والزكاة. وأَعطاني
من مَلْكِه ومُلْكِه؛ عن ثعلب، أي مما يقدر عليه. ابن السكيت: المَلْكُ ما
مُلِكَ. يقال: هذا مَلْكُ يدي ومِلْكُ يدي، وما لأَحدٍ في هذا مَلْكٌ
غيري ومِلْكٌ، وقولهم: ما في مِلْكِه شيء ومَلْكِه شيء أي لا يملك شيئاً.
وفيه لغة ثالثة ما في مَلَكَته شيء، بالتحريك؛ عن ابن الأَعرابي. ومَلْكُ
الوَليِّ المرأَةَ ومِلْكُه ومُلْكه: حَظْرُه إياها ومِلْكُه لها.
والمَمْلُوك: العبد. ويقال: هو عَبْدُ مَمْلَكَةٍ ومَمْلُكة ومَمْلِكة؛ الأخيرة
عن ابن الأعرابي، إذا مُلِكَ ولم يُمْلَكْ أَبواه. وفي التهذيب: الذي
سُبيَ ولم يُمْلَكْ أَبواه. ابن سيده: ونحن عَبِيدُ مَمْلَكَةٍ لا قِنٍّ أي
أَننا سُبِينا ولم نُمْلَكْ قبلُ. ويقال: هم عبِيدُ مَمْلُكة، وهو أَن
يُغْلَبَ عليهم ويُستْعبدوا وهم أَحرار. والعَبْدُ القنّ: الذي مُلِك هو
وأَبواه، ويقال: القِنُّ المُشْتَرَى. وفي الحديث: أن الأَشْعَثَ بن
قَيْسٍ خاصم أَهل نَجْرانَ إلى عمر في رِقابهم وكان قد استعبدهم في الجاهلية،
فلما أَسلموا أَبَوْا عليه، فقالوا: يا أَمير المؤمنين إنا إنما كنا عبيد
مَمْلُكة ولم نكن عبيدَ قِنٍّ؛ المَمْلُكة، بضم اللام وفتحها، أَن
يَغْلِبَ عليهم فيستعبدَهم وهم في الأصل أَحرار. وطال مَمْلَكَتُهم الناسَ
ومَمْلِكَتُهم إياهم أي مِلْكهم إياهم؛ الأخيرة نادرة لأن مَفْعِلاً
ومَفْعِلَةً قلما يكونان مصدراً. وطال مِلْكُه ومُلْكه ومَلْكه ومَلَكَتُه؛ عن
اللحياني، أَي رِقُّه. ويقال: إنه حسن المِلْكَةِ والمِلْكِ؛ عنه أَيضاً.
وأَقرّ بالمَلَكَةِ والمُلُوكةِ أي المِلْكِ. وفي الحديث: لا يدخل الجنةَ
سَيءُ المَلَكَةِ، متحرّك، أي الذي يُسيءُ صُحْبة المماليك. ويقال: فلان
حَسَنُ المَلَكة إذا كان حسن الصُّنْع إلى مماليكه. وفي الحديث: حُسْنُ
المَلَكة نماء، هو من ذلك. ومُلُوك النحْل: يَعاسيبها التي يزعمون أنها
تقتادها، على التشبيه، واحدها مَلِيكٌ؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يأْوي مَلِيكُها
إلى طَنَفٍ أََعْيَا بِراقٍ ونازِلِ
يريد يَعْسُوبَها، ويَعْسُوبُ النحل أَميره. والمَمْلَكة والمُمْلُكة:
سلطانُ المَلِكِ وعَبيدُه؛ وقول ابن أَحمر:
بَنَّتْ عليه المُلْكُ أَطْنابها،
كأْسٌ رَنَوْناةٌ وطِرْفًٌ طِمِرّ
قال ابن الأَعرابي: المُلْكُ هنا الكأْس، والطِّرْف الطِّمِرُّ، ولذلك
رفع الملك والكأْس معاً بجعل الكأْس بدلاً من الملك؛ وأَنشد غيره:
بنَّتُ عليه المُلْكَ أَطنابَها
فنصب الملك على أنه مصدر موضوع موضع الحال كأَنه قال مُمَلَّكاً وليس
بحال، ولذلك ثبتت فيه الألف واللام، وهذا كقوله: فأَرْسَلَها العِرَاكَ أي
مُعْتَرِكةً وكأْسٌ حينئذ رفع ببنَّت، ورواه ثعلب بنت عليه الملك، مخفف
النون، ورواه بعضهم مدَّتْ عليه الملكُ، وكل هذا من المِلْكِ لأَن
المُلْكَ مِلْكٌ، وإنما ضموا الميم تفخيماً له. ومَلَّكَ النَّبْعَةَ:
صَلَّبَها، وذلك إذا يَبَّسَها في الشمس مع قشرها. وتَمالَكَ عن الشيء: مَلَكَ
نَفْسَه. وفي الحديث: امْلِكْ عليك لسانَك أي لا تُجْرِه إلا بما يكون لك لا
عليك. وليس له مِلاكٌ أي لا يَتَمالك. وما تَمالَك أن قال ذلك أي ما
تَماسَك ولا يَتَماسَك. وما تَمالَكَ فلان أن وقع في كذا إذا لم يستطع أَن
يحبس نفسه؛ قال الشاعر:
فلا تَمَلَك عن أَرضٍ لها عَمَدُوا
ويقال: نفسي لا تُمالِكُني لأن أَفعلَ كذا أَي لا تُطاوعني. وفلان ما له
مَلاكٌ، بالفتح، أي تَماسُكٌ. وفي حديث آدم: فلما رآه أَجْوَفَ عَرَفَ
أَنه خَلق لا يَتَمالَك أي لا يَتَماسَك. وإذا وصف الإنسان بالخفة
والطَّيْش قيل: إنه لا يَتَمالَكُ. ومِلاكُ الأمر ومَلاكُه: قِوامُه الذي
يُمْلَكُ به وصَلاحُه. وفي التهذيب: ومِلاكُ الأمر الذي يُعْتَمَدُ عليه،
ومَلاكُ الأمر ومِلاكُه ما يقوم به. وفي الحديث: مِلاكُ الدين الورع؛ الملاك،
بالكسر والفتح: قِوامُ الشيء ونِظامُه وما يُعْتَمَد عليه فيه، وقالوا:
لأَذْهَبَنَّ فإما هُلْكاً وإما مُلْكاً ومَلْكاً ومِلْكاً أي إما أن
أَهْلِكَ وإما أن أَمْلِكَ. والإمْلاك: التزويج. ويقال للرجل إذا تزوّج: قد
مَلَكَ فلانٌ يَمْلِكُ مَلْكاً ومُلْكاً ومِلْكاً. وشَهِدْنا إمْلاك فلان
ومِلاكَه ومَلاكه؛ الأخيرتان عن اللحياني، أي عقده مع امرأته. وأَمْلكه
إياها حتى مَلَكَها يَمْلِكها مُلْكاً ومَلْكاً ومِلْكاً: زوَّجه إياها؛
عن اللحياني. وأُمْلِكَ فلانُ يُمْلَكُ إمْلاكاً إذا زُوِّج؛ عنه أَيضاً.
وقد أَمْلَكْنا فلاناً فلانَة إذا زَوَّجناه إياها؛ وجئنا من إمْلاكه ولا
تقل من مِلاكِه. وفي الحديث: من شَهِدَ مِلاكَ امرئ مسلم؛ نقل ابن
الأثير: المِلاكُ والإمْلاكُ التزويجُ وعقد النكاح. وقال الجوهري: لا يقال
مِلاك ولا يقال مَلَك بها
(* قوله «ولا يقال ملك بها إلخ» نقل شارح القاموس
عن شيخه ابن الطيب أن عليه أكثر أهل اللغة حتى كاد أن يكون اجماعاً منهم
وجعلوه من اللحن القبيح ولكن جوزه صاحب المصباح والنووي محافظة على
تصحيح كلام الفقهاء.) ولا أُمْلِك بها. ومَلَكْتُ المرأَة أي تزوّجتها.
وأُمْلِكَتْ فلانةُ أَمرها: طُلّقَتْ؛ عن اللحياني، وقيل: جُعِل أَمر طلاقها
بيدها. قال أَبو منصور: مُلِّكَتْ فلانةُ أَمرها، بالتشديد، أكثر من
أُمْلِكَت؛ والقلب مِلاكُ الجسد. ومَلَك العجينَ يَمْلِكُه مَلْكاً
وأَمْلَكَه: عجنه فأَنْعَمَ عجنه وأَجاده. وفي حديث عمر: أَمْلِكُوا العجين فإِنه
أَحد الرَّيْعَينِ أَي الزيادتين؛ أَراد أَن خُبْزه يزيد بما يحتمله من
الماء لجَوْدة العجْن. ومَلَكَ العجينَ يَمْلِكه مَلْكاً: قَوِيَ عليه.
الجوهري: ومَلَكْتُ العجين أَمْلِكُه مَلْكاً، بالفتح، إِذا شَدَدْتَ عجنه؛
قال قَيْسُ بن الخطيم يصف طعنة:
مَلَكْتُ بها كَفِّي، فأَنْهَرْتُ فَتْقَها،
يَرى قائمٌ مِنْ دُونها ما وَراءَها
يعني شَدَدْتُ بالطعنة. ويقال: عجَنَت المرأَة فأَمْلَكَتْ إِذا بلغت
مِلاكَتَهُ وأَجادت عجنه حتى يأْخذ بعضه بعضاً، وقد مَلَكَتْه تَمْلِكُه
مَلْكاً إِذا أَنعمت عَجنه؛ وقال أَوْسُ بن حَجَر يصف قوساً:
فَمَلَّك بالليِّطِ التي تَحْتَ قِشْرِها،
كغِرْقِئ بيضٍ كَنَّهُ القَيْضُ من عَلُ
قال: مَلَّكَ كما تُمَلِّكُ المرأَةُ العجينَ تَشُدُّ عجنه أَي ترك من
القشر شيئاً تَتمالك القوسُ
به يَكُنُّها لئلا يبدو قلب القوس فيتشقق، وهو يجعلون عليها عَقَباً
إِذا لم يكن عليها قشر، يدلك على ذلك تمثيله إِياه بالقَيْض للغِرْقِئ؛
الفراء عن الدُّبَيْرِيَّة: يقال للعجين إِذا كان متماسكاً متيناً
مَمْلُوكٌ ومُمْلَكٌ ومُمَلَّكٌ، ويروى فمن لك، والأَول أَجود؛ أَلا ترى إِلى
قول الشماخ يصف نَبْعَةً:
فَمَصَّعَها شهرين ماءَ لِحائها،
وينْظُرُ منها أَيَّها هو غامِزُ
والتَّمْصِيع: أَن يترك عليها قشرها حتى يَجِفَّ عليها لِيطُها وذلك
أَصلب لها؛ قال ابن بري: ويروى فمظَّعَها، وهو أَن يبقي قشرها عليها حتى
يجف. ومَلَكَ الخِشْفُ أُمَّه إِذا قَوِيَ وقدَر أَن يَتْبَعها؛ عن ابن
الأَعرابي. وناقةٌ مِلاكُ الإِبل إِذا كانت تتبعها؛ عنه أَيضاً. ومَلْكُ
الطريق ومِلْكُه ومُلْكه: وسطه ومعظمه، وقيل حدّه؛ عن اللحياني. ومِلْكُ
الوادي ومَلْكه ومُلْكه: وسطه وحَدّه؛ عنه أَيضاً. ويقال: خَلِّ عن مِلْكِ
الطريق ومِلْكِ الوادي ومَلْكِه ومُلْكه أَي حَدِّه ووسطه. ويقال: الْزَمْ
مَلْكَ الطريق أَي وسطه؛ قال الطِّرمّاح:
إِذا ما انْتَحتْ أُمَّ الطريقِ، توَسَّمَتْ
رَتِيمَ الحَصى من مَلْكِها المُتَوَضِّحِ
وفي حديث أَنس: البَصْرةُ إِحْدى المؤتفكات فانْزلْ في ضَواحيها، وإِياك
والمَمْلُكَةَ، قال شمر: أَراد بالمَمُلُكة وَسَطَها. ومَلْكُ ا لطريق
ومَمْلُكَتُه: مُعْظمه ووسطه؛ قال الشاعر:
أَقامَتْ على مَلْكِ الطريقِ، فمَلْكُه
لها ولِمَنْكُوبِ المَطايا جَوانِبُهْ
ومُلُك الدابة، بضم الميم واللام: قوائمه وهاديه؛ قال ابن سيده: وعليه
أُوَجِّه ما حكاه اللحياني عن الكسائي من قول الأَعرابي: ارْحَمُوا هذا
الشيخ الذي ليس له مُلُكٌ ولا بَصَرٌ أَي يدان ولا رجلان ولا بَصَرٌ،
وأَصله من قوائم الدابة فاستعاره الشيخ لنفسه. أَبو عبيد: جاءنا تَقُودُه
مُلُكُه يعني قوائمه وهاديه، وقوام كل دابة مُلُكُه؛ ذكره عن الكسائي في كتاب
الخيل، وقال شمر: لم أَسمعه لغيره، يعني المُلُك بمعنى القوائم.
والمُلَيْكَةُ: الصحيفة.
والأُمْلُوك: قوم من العرب من حِمْيَرَ، وفي التهذيب: مَقاوِلُ من حمير
كتب إِليهم النبي، صلى الله عليه وسلم: إِلى أُمْلُوك رَدْمانَ،
ورَدْمانُ موضع باليمن. والأُمْلُوك: دُوَيبَّة تكون في الرمل تشبه العَظاءة.
ومُلَيْكٌ ومُلَيْكَةُ ومالك ومُوَيْلِك ومُمَلَّكٌ ومِلْكانُ، كلها:
أَسماء؛ قال ابن سيده: ورأَيت في بعض الأَشعار مالَكَ الموتِ في مَلَكِ الموت
وهو قوله:
غدا مالَكٌ يبغي نِسائي كأَنما
نسائي، لسَهْمَيْ مالَكٍ، غرَضانِ
قال: وهذا عندي خطأ وقد يجوز أَن يكون من جفاء الأَعراب وجهلهم لأَن
مَلَك الموت مخفف عن مَلأَك، الليث: المَلَكُ واحد الملائكة إِنما هو تخفيف
المَلأَك، واجتمعوا على حذف همزه، وهو مَفْعَلٌ من الأَلُوكِ، وقد ذكرناه
في المعتل. والمَلَكُ من الملائكة: واحد وجمع؛ قال الكسائي: أَصله
مَأْلَكٌ بتقديم الهمزة من الأَلُوكِ، وهي الرسالة، ثم قلبت وقدمت اللام فقيل
مَلأَكٌ؛ وأَنشد أَبو عبيدة لرجل من عبد القَيْس جاهليّ يمدح بعض الملوك
قيل هو النعمان وقال ابن السيرافي هو لأَبي وَجْزة يمدح به عبد الله بن
الزبير:
فَلَسْتَ لإِِنْسِيٍّ، ولكن لِمَلأَكٍ
تَنَزَّلَ من جَوِّ السَّماءِ يَصُوبُ
ثم تركت همزته لكثرة الاستعمال فقيل مَلَكٌ، فلما جمعوه رَدُّوها إِليه
فقالوا مَلائكة ومَلائك أَيضاً؛ قال أُمية بن أَبي الصَّلْتِ:
وكأَنَّ بِرْقِعَ، والملائكَ حَوْلَه،
سَدِرٌ تَواكَلَهُ القوائمُ أَجْرَبُ
قال ابن بري: صوابه أَجْرَدُ بالدال لأَن القصيدة دالية؛ وقبله:
فأَتَمَّ سِتّاًّ، فاسْتَوَتْ أَطباقُها،
وأَتى بِسابعةٍ فأَنَّى تُورَدُ
وفيها يقول في صفة الهلال:
لا نَقْصَ فيه، غير أَن خَبِيئَه
قَمَرٌ وساهورٌ يُسَلُّ ويُغْمَدُ
وفي الحديث: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة؛ قال ابن الأَثير:
أَراد الملائكة السَّيَّاحِينَ غير الحفظة والحاضرين عند الموت. وفي
الحديث: لقد حَكَمْت بحكم المَلِكِ؛ يريد الله تعالى، ويروى بفتح اللام،
يعني جبريل، عليه السلام، ونزوله بالوحي. قال ابن بري: مَلأَكٌ مقلوب من
مَأْلَكٍ، ومَأْلَكٌ وزنه مَفْعَل في الأَصل من الأَلوك، قال: وحقه أَن
يذكر في فصل أَلك لا في فصل ملك.
ومالِكٌ الحَزينُ: اسم طائر من طير الماء.
والمالِكان: مالك بن زيد ومالك بن حنظلة. ابن الأَعرابي: أَبو مالك كنية
الكِبَر والسِّنّ كُنِيَ به لأَنه مَلَكه وغلبه؛ قال الشاعر:
أَبا مالِكٍ إِنَّ الغَواني هَجَرْنَني،
أَبا مالِك إِني أَظُنُّكَ دائبا
ويقال للهَرَمِ أَبو مالك؛ وقال آخر:
بئسَ قرينُ اليَفَنِ الهالِكِ:
أُمُّ عُبَيْدٍ وأَبو مالِكِ
وأَبو مالك: كنية الجُوعِ؛ قال الشاعر:
أَبو مالكٍ يَعْتادُنا في الظهائرِ،
يَجيءُ فيُلْقِي رَحْلَه عند عامِرِ
ومِلْكانُ: جبل بالطائف. وحكى ابن الأَنباري عن أَبيه عن شيوخه قال: كل
ما في العرب مِلْكان، بكسر الميم، إِلاَّ مَلْكان بن حزم بن زَبَّانَ
فإِنه بفتحها. ومالك: اسم رمل؛ قال ذو الرمة:
لعَمْرُك إِني يومَ جَرْعاءِ مالِك * لَذو عَبْرةٍ، كَلاً تَفِيضُ وتخْنُقُ
عرب:العُرْبُ والعَرَبُ : جِيْلٌ من الناس معروف ، خِلافُ العَجَم ، وهما واحدٌ ، مثل العُجْمِ والعَجَم ، مؤنث ، وتصغيره بغير هاء نادر . الجوهري : العُرَيْبُ تصغير العَرَبِ ؛ قال أبو الهِنْدِيّ ، واسمه عَبْدُالمؤمن ابن عبدالقُدُوس :
فأَمَّا البَهَطُ وحِيتَانُكُم ، * فما زِلْتُ فيها كثيرَ السَّقَمْ
وقد نِلْتُ منها كما نِلْتُمُ ، * فلَمْ أرَ فيها كَضَبٍّ هَرِمْ
وما في البُيُوضِ كبَيْضِ الدَّجاج ، * وبَيْضُ الجَرادِ شِفاءُ القَرِمْ
ومَكْنُ الضِّبابِ طَعامُ العُرَيْـ * ـبِ ، لا تَشْتَهيهِ نفوسُ العَجَمْ
صَغَّرهم تعظيماً ، كما قال : أنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ ، وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ . والعَرَبُ العارِبة : هم الخُلَّصُ منهم ، وأُخِذ من لَفْظه فأُكِّدَ به ، كقولك لَيلٌ لائِلٌ ؛ تقول : عَرَبٌ عارِبةٌ وعَرْباءُ : صُرَحاءُ . ومُتَعَرِّبةُ ومُسْتَعْرِبةٌ : دُخَلاءُ، ليسوا بخُلَّصٍ . والعربي منسوب إلى العرب ، وإن لم يكن بدوياً . والأعرابي : البدوي ؛ وهم الأعراب ؛ والأعاريب : جمع الأعراب . وجاء في الشعر الفصيح الأعاريب ، وقيل : ليس الأعراب جمعاً لعرب ، كما كان الأنباط جمعاً لنبطٍ ، وإنما العرب اسم جنس . والنسب إلى الأعراب : أعرابي ؛ قال سيبويه إنما قيل في النسب إلى الأعراب أعرابي ، لأنه لا واحد له على هذا
المعنى . ألا ترى أنك تقول العرب ، فلا يكون على هذا
المعنى ؟ فهذا يقويه . وعربي : بين العروبة والعروبية ، وهما من المصادر التي لا أفعال لها . وحكى الأزهري : رجل عربي إذا كان نسبه في العرب ثابتاً ، وإن لم يكن فصيحاً ، وجمعه العرب ، كما يقال : رجل مجوسي ويهودي ، والجمع ، بحذف ياء النسبة ، اليهود والمجوس . ورجل معرب إذا كان فصيحاً ، وإن كان عجمي النسب . ورجل أعرابي ، بالألف ، إذا كان بدوياً ، صاحب نجعة وانتواء وارتياد للكلإ ، وتتبع لمساقط الغيث ، وسواء كان من العرب أو من مواليهم .
ويجمع الأعرابي على الأعراب والأعاريب . والأعرابي إذا قيل له : يا عربي ! فرح بذلك وهش له . والعربي إذا قيل له : يا أعرابي ! غضب له . فمن نزل البادية ، أو جاور البادين وظعن بظعنهم ، وانتوى بانتوائهم : فهم أعراب ؛ ومن نزل بلاد الريف واستوطن مدن والقرى العربية وغيرها ممن ينتمي إلى العرب : فهم عرب ، وإن لم يكونوا فصحاء . وقول اللّه ، عز وجل : قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا ،قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا، وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا . فهؤلاء قوم من بوادي العرب قدموا على النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، المدينة، طمعاً في الصدقات ، لا رغبة في الإسلام ، فسماهم اللّه تعالى العرب ؛ ومثلْهم الذين ذكرهم اللّه في سورة التوبة، فقال : الأَعْرابُ أَشدّ كُفراً ونِفاقاً ؛ الآية . قال الأزهري : والذي لا يفرق بين العربي والأعراب والعربي والأعرابي ، ربما تحامل على العرب بما يتأوله في هذه الآية ، وهو لا يميز بين العرب والأعراب ، ولا يجوز أن يقال للمهاجرين
والأنصار أعراب ، إنما هم عرب لأنهم استوطنوا القرى العربية ، وسكنوا المدن ، سواء منهم الناشئ بالبدو ثم استوطن القرى ، والناشئ بمكة ثم هاجر إلى المدينة ، فإن لحقت طائفة منهم بأهل البدو بعد هجرتهم ، واقتنوا نعماً ، ورعوا مساقط الغيث بعد ما كانوا حاضرة أو مهاجرة ، قيل : قد تعربوا أي صاروا أعراباً ، بعدما كانوا عرباً . وفي الحديث : تمثل في خطبته مهاجر ليس بأعرابي ؛ جعل المهاجر ضد الأعرابي . قال : والأعراب ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ، ولا يدخلونها إلا لحاجة . والعرب : هذا الجيل،لا واحد له من لفظه ، وسواء أقام بالبادية والمدن ، والنسبة إليهما أعرابيٌّ وعربيٌّ . وفي الحديث : ثلاث (1)
(1 قوله« وفي الحديث ثلاث الخ »كذا بالأصل والذي في النهاية وقيل ثلاث إلـخ ) من الكبائر ، منها التعرب بعد الهجرة: هو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الأعراب ، بعد أن كان
مهاجراً . وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير
(يتبع...)
(تابع... 1): عذب: العَذْبُ من الشَّرابِ والطَّعَامِ: كُلُّ مُسْتَسَاغٍ. والعَذْبُ:... ...
عذر ، يعدونه كالمرتد . ومنه حديث ابن الأكوع : لما قتل عثمان خرج إلى الربذة وأقام بها ، ثم إنه دخل على الحجاج يوماً ، فقال له : يا ابن الأكوع ارتددت على عقبك وتعربت ؛ قال : ويروى بالزاي ، وسنذكره في موضعه . قال : والعرب أهل الأمصار ، والأعراب منهم سكان البادية خاصة . وتعرب أي تشبه بالعرب ، وتعرب بعد هجرته أي صار أعرابياً . والعربية : هي هذه اللغة .واختلف الناس في العرب لم سموا عرباً فقال بعضهم : أول من أنطق اللّه لسانه بلغة العرب يعرب بن قحطان،وهو أبو اليمن كلهم ، وهم العرب العاربة ، ونشأ إسمعيل ابن إبراهيم ، عليهما السلام ، معهم فتكلم بلسانهم ، فهو وأولاده : العرب المستعربة ؛ وقيل : إن أولاد إسمعيل نشؤوا بعربة ، وهي من تهامة ، فنسبوا إلى بلدهم . وروي عن النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، أنه قال : خمسة أنبياء من العرب ،
وهم : محمد ، وإسمعيل ، وشعيب ، وصالح ، وهود ، صلوات اللّه عليهم . وهذا يدل على أن لسان العرب قديم . وهؤلاء الأنبياء كلهم كانوا يسكنون بلاد العرب ؛ فكان شعيب وقومه بأرض مدين ، وكان صالح وقومه بأرض ثمود ينزلون بناحية الحجر ، وكان هود وقومه عاد ينزلون الأحقاف من رمال
اليمن ، وكانوا أهل عمدٍ ، وكان إسمعيل ابن إبراهيم والنبي المصطفى محمد ، صلى اللّه عليهم وسلم ، من سكان الحرم . وكل من سكن بلاد العرب وجزريتها ونطق بلسان أهلها ، فهم عرب يمنهم ومعدهم . قال الأزهري : والأقرب عندي أنهم سموا عرباً باسم بلدهم العربات . وقال إسحق ابن الفرج : عربة باحة العرب ، وباحة دار أبي الفصاحة إسمعيل ابن إبراهيم ، عليهما السلام ، وفيها يقول قائلهم :
وعربة أرض ما يحل حرامها ، * من الناس ، إلا اللوذعي الحلاحل
يعني النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، أحلت له مكة ساعة من نهارٍ ، ثم هي حرام إلى يوم القيامة . قال : واضطر الشاعر إلى تسكين الراء من عربة، فسكنها ؛ وأنشد قول الآخر :
ورجت باحة العربات رجا ، * ترقرق ، في مناكبها ،الدماءُ
قال : وأقامت قريش بعربة فتنخت بها ، وانتشر سائر العرب في جزيرتها ، فنسبوا كلهم إلى عربة ، لأن أباهم إسمعيل ، صلى اللّه عليه وسلم ، بها نشأ ، وربل أولاده فيها ، فكثروا ، فلما لم تحتملهم البلاد ، انتشروا وأقامت قريش بها . وروي عن أبي بكر الصديق ، رضي اللّه عنه ، أنه قال : قريش هم أوسط العرب في العرب داراً ، وأحسنه جواراً ، وأعربه ألسنة . وقال قتادة : كانت قريش تجتبي ، أي تختار ، أفضل لغات العرب ، حتى صار أفضل لغاتها لغتها، فنزل القرآن بها . قال
الأزهري : وجعل اللّه ، عز وجل ، القرآن المنزل على النبي المرسل محمد ، صلى اللّه عليه وسلم ، عربياً، لأنه نسبه إلى العرب الذين أنزله بلسانهم ، وهم النبي والمهاجرون والأنصار الذين صيغة لسانهم لغة العرب ، في باديتها وقراها ،العربية ؛ وجعل النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، عربياً لأنه من صريح العرب ، ولو أن قوماً من الأعراب الذين يسكنون البادية حضروا القرى العربية وغيرها ، وتناءوا معهم فيها ، سموا عرباً ولم يسموا أعراباً . وتقول : رجل عربي اللسان إذا كان فصيحاً ؛ وقال الليث : يجوز أن يقال رجل عرباني اللسان . قال : والعرب المستعربة هم الذين دخلوا فيهم بعد ، فاستعربوا. قال الأزهري : المستعربة عندي قوم من العجم دخلوا في العرب، فتكلموا بلسانهم ،وحكوا هيئاتهم ، وليسوا بصرحاء
فيهم . وقال الليث : تعربوا مثل استعربوا . قال الأزهري : ويكون التعرب أن يرجع إلى البادية ، بعدما كان مقيماً
بالحضر ، فيلحق بالأعراب . ويكون التعرب المقام بالبادية ، ومنه قول الشاعر :
تعرب آبائي ! فهلا وقاهم ، * من الموت ، رملاً وزرود
يقول : أقام آبائي بالبادية ، ولم يحضروا القرى . وروي عن النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، أنه قال : الثيب تعرب عن نفسها أي تفصح. وفي حديث آخر : الثيب يعرب عنها لسانها ، والبكر تستأمر في نفسها . وقال أبو عبيد : هذا الحرف جاء في الحديث يعرب ، بالتخفيف .وقال الفراء : إنما هو يعرب ، بالتشديد . يقال : عربت عن القوم إذا تكلمت عنهم ، واحتججت لهم ؛ وقيل : إن أعرب بمعنى عرب . وقال الأزهري : الإعراب والتعريب معناهما واحد ، وهو الإبانة ؛ يقال : أعرب عنه لسانه وعرب أي أبان وأفصح . وأعرب عن الرجل : بين
عنه . وعرب عنه : تكلم بحجته . وحكى ابن الأثير عن ابن قتيبة : الصواب يعرب عنها ، بالتخفيف . وإنما سمي الإعراب إعراباً ، لتبيينه وإيضاحه ؛ قال : وكلا القولين لغتان
متساويتان ، بمعنى الإبانة والإيضاح . ومنه الحديث الآخر فإنما كان يعرب عما في قلبه لسانه . ومنه حديث التيمي : كانوا يستحبون أن يلقنوا الصبي ، حين يعرب ، أن يقول : لا إله إلا اللّه، سبع مرات أي حين ينطق ويتكلم. وفي حديث السقيفة : أعربهم أحساباً أي أبينهم وأوضحهم . ويقال : أعرب عما في ضميرك أي أبن . ومن هذا يقال للرجل الذي أفصح بالكلام : أعرب . وقال أبو زيد الأنصاري : يقال أعرب الأعجمي
إعراباً ، وتعرب تعرباً ، واستعرب استعراباً : كل ذلك للأغتم دون
الصبي . قال : وأفصح الصبي في منطقه إذا فهمت ما يقول أول ما يتكلم . وأفصح الأغتم إفصاحاً مثله . ويقال للعربي أفصح لي أي أبن لي كلامك . وأعرب الكلام ، وأعرب به : بينه ؛ أنشد أبو زياد :
وإني لأكني عن قذوربغيرها ، * وأعرب أحياناً ، بها ، فأصارح .
وعربه: كأعربه . وأعرب بحجته أي أفصح بها ولم يتقِّ أحداً ؛ قال الكميت : وجدنا لكم ، في آل حمِ ، آية ، * تأولها منا تقيٌّ معربُ
هكذا أنشده سيبويه كَمُكَلِّمٍ . وأورد الأزهري هذا البيت« تقي ومعرب» وقال : تقي يتوقى إظهاره ، حذر أن يناله مكروه من أعدائكم ؛ ومعرب أي مفصح بالحقِّ لا يتوقاهم . وقال الجوهري : معربٌ مفصحٌ بالتفصيل ، وتقيٌّ ساكتٌ عنهُ للتقيّة . قال الأزهري : والخطاب في هذا لبني هاشم ، حين ظهروا على بني أمية ، والآية قوله عز وجل : قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى . وعرب منطقه أي هذبه من اللحن . والإعراب الذي هو النحو إنما هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ . وأعرب كلامه إذا لم يلحن في الإعراب . ويقال : عربت له الكلام تعريباً ، وأعربت له إعراباً إذا بينته له حتى لا يكون فيه حضرمة . وعرب الرجل (1)
(1 قوله« وعرب الرجل إلـخ »بضم الراء كفصح وزناً ومعنى وقوله وعرب إذا فصح بعد لكنة بابه فرح كما هو مضبوط بالأصول وصرح به في المصباح . )
يعرب عرباً وعروباً ، عن ثعلب ، وعروبة وعرابة وعروبية ، كفصح . وعرب إذا فصح بعد لكنة في لسانه . ورجل عريب معرب . وعرّبه : علمه العربية . وفي حديث الحسن أنه قال له البتّيُّ : ما تقول في رجل رعف في الصلاة ؟ فقال الحسن : إن هذا يعرب الناس ، وهو يقول رعف ، أي يعلمهم العربية
ويلحن ، إنما هو رعف . وتعريب الاسم الأعجمي : أن تتفوه به العرب على منهاجها ؛ تقول : عربته العرب ، وأعربته أيضاً ، وأعرب الأغتم ، وعرب لسانه ، بالضم ، عروبة أي صار عربياً ، وتعرب واستعرب أفصح ؛ قا ل الشاعر:
ماذا لقينا من المستعربين، ومن * قياس نحوهم هذا الذي ابتدعوا
وأعرب الرجل أي ولد له ولد عربي اللون . وفي الحديث : لا تنقشوا في خواتمكم عربياً أي لا تنقشوا فيها محمد رسول اللّه ، صلى اللّه عليه وسلم ، لأنه كان نقش خاتم النبي ، صلى اللّه عليه وسلم . ومنه حديث عمر ، رضي اللّه عنه : لا تنقشوا في خواتمكم العربية . وكان ابن عمر يكره أن ينقش في الخاتم القرآن . وعربية الفرس : عتقه وسلامته من الهجنة . وأعرب: صهل ، فعرف عتقه بصهيله . والإعراب : معرفتك بالفرس العربي من الهجين ، إذا صهل . وخيل عراب معربة ، قال الكسائي : والمعرب من الخيل : الذي ليس فيه عرق
هجين ، والأنثى معربة ؛ وإبل عراب كذلك ، وقد قالوا : خيل أعرب ، وإبل أَعربٌ ؛ قال :
ما كان إلا طلقُ الإهماد ، * وكرنا بالأعرب الجياد
<ص:590>
حتى تحاجزن عن الرواد ، * تحاجز الري ولم تكاد
حول الإخبار إلى المخاطبة، ولو أراد الإخبار فاتزن له ، لقال : ولم تكد . وفي حديث سطيح : تقود خيلاً عراباً أي عربية منسوبة إلى العرب . وفرقوا بين الخيل والناس ، فقالوا في الناس : عرب وأعراب ، وفي الخيل : عراب . والإبل
العراب ، والخيل العراب ، خلاف البخاتي والبراذين . وأعرب الرجل : ملك خيلاً عراباً ، أو إبلاً عراباً ، أو اكتسبها ، فهو معرب ؛ قال الجعدي :
ويصهل في مثل جوف الطويّ ، * صهيلاً تبين للمعرب
يقول : إذا سمع صهيله من له خيل عراب عرف أنه عربي . والتعريب : أن يتخذ فرساً عربياً . ورجل معربٌ : معه فرسٌ عربيٌّ . وفرسٌ معربٌ : خلصتْ عربيتهُ وعرّب الفرسَ :
بزَّغَهُ ، وذلك أنْ تنسفَ أسفلَ حافرهُ ؛ ومعناهُ أنهُ قدْ بانَ بذلك ما كان خفيّاً من أمرهِ ، لظهورهِ إلى مرآةِ العينِ ، بعد ما كان مستوراً ، وبذلك تُعرفُ حالهُ أصلبٌ هو أم رِخْوٌ ، وصحيح هو أم سقيم . قال الأزهريُّ : والتعريبُ ، تعريبُ الفرسِ، وهو أن يكوى على أشاعر حافره ، في مواضعَ ثمَّ يُبزَغُ بمَبْزِغٍ بَزْغَاً رفيقاً ، لا يؤثر في عصبه ليشتدّ أشعره . وعرب الدابة : بزغها على أشاعرها ، ثم كواها . والإعراب والتعريب : الفحش . والتعريب ، والإعراب ، والإعرابة ، والعرابة ، بالفتح والكسر: ما قبح من الكلام . وأعرب الرجل :تكلم بالفحش . وقال ابن عباس في قوله تعالى : فلا رفث ولا فسوق ؛ هو العرابة في كلام العرب . قال : والعرابة كأنه اسم موضوع من التعريب ، وهو ما قبح من الكلام . يقال منه : عربت وأعربت . ومنه حديث عطاء : أنه كره الإعراب للــمحرم ، وهو الإفحاش في القول ، والرفث . ويقال : أراد به الإيضاح والتصريح بالهجر من الكلام . وفي حديث ابن الزبير :لا تحل العرابة للــمحرم . وفي الحديث : أن رجلاً من المشركين كان يسب النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، فقال له رجل من المسلمين : واللّه لتكفنَّ عن شتمه أو لأرحلنَّك بسيفي هذا ، فلم يزدد إلا استعراضاً ، فحمل عليه فضربه ، وتعاوى عليه المشركون فقتلوه . الإستعراب : الإفحاش في القول . وقال رؤبة يصف نساء : جمعن العفاف عند الغرباء ، والإعراب عند الأزواج ؛ وهو ما يستفحش من ألفاظ النكاح والجماع ؛ فقال :
والعرب في عفافة وإعراب
وهذا كقولهم : خير النساء المتبذلة لزوجها ، الخفرة في قومها . وعرب عليه : قبح قوله وفعله وغيره عليه ورده عليه . والإعراب كالتعريب . والإعراب : ردك الرجل عن القبيح . وعرب عليه : منعه . وأما حديث عمر بن الخطاب ، رضي اللّه عنه : ما لكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس ، أنْ لا تعربوا عليه ؛ فليس من التعريب الذي جاء في الخبر ، وإنما هو من قولك : عربت على الرجل قوله إذا قبحت عليه . وقال الأصمعي وأبو زيد في قوله : أن لا تعربوا عليه ، معناه أن لا تفسدوا عليه كلامه
وتقبحوه ؛ ومنه قول أوس ابن حجر :
ومثل ابن عثمٍ إنْ ذحولٌ تذكرت، * وقتلى تياس ،عن
صلاح ،تعرب
ويروى يعرب ؛يعني أن هؤلاء الذين قتلوا منا ، ولم نثئر بهم ، ولم نقتل الثأر ، إذا ذكر دماؤهم أفسدت المصالحة ومنعتنا
عنها . والصلاح : المصالحة . ابن الأعرابي : التعريب التبيين والإيضاح ، في قوله : الثيب تعرب عن نفسها ، أي ما يمنعكم أن تصرحوا له بالإنكار ، والرد عليه ، ولا تستأثروا . قال : والتعريب المنع والإنكار ، في قوله أن لا تعربوا أي لا تمنعوا . وكذلك قوله عن صلاح تعرب أي تمنع . وقيل : الفحش والتقبيح ، من عرب الجرح مصعب أبو عمار
ضرع: ضَرَعَ إِليه يَضْرَعُ ضَرَعاً وضَراعةً: خضع وذلَّ، فهو ضارِعٌ،
من قوم ضَرَعةٍ وضُرُوعٍ. وتضرَّع: تذلَّل وتخشَّع. وقوله عز وجل: فلولا
إِذْ جاءهم بأْسُنا تضَرَّعوا، فمعناه تذلَّلوا وخضَعوا. ويقال: ضرَع فلان
لفلان وضَرِعَ له إِذا ما تخشَّع له وسأَله أَن يُعْطِيَه؛ قال الأعشى:
سائِلْ تَميماً به، أَيّامَ صَفْقَتِهمْ،
لَمّا أَتَوْه أَسارى كلُّهُم ضَرَعا
أَي ضرَع كلُّ واحدٍ منهم له وخضَع. ويقال: ضرَع له واستَضْرَعَ.
والضارِعُ: المتذلِّلُ للغَنِيّ. وتضرَّع إِلى الله أَي ابْتَهَلَ. قال الفواء:
جاء فلان يَتَضَرَّعُ ويَتَعَرَّضُ ويَتَأَرَّضُ ويَتصَدَّى ويَتَأَتَّى
بمعنًى إِذا جاء يَطْلُبُ إِليك الحاجةَ، وأَضرَعَتْه إِليه الحاجةُ
وأَضرَعَه غيره. وفي المثل: الحُمَّى أَضرَعَتْني لَكَ. وخَدٌّ ضارِعٌ وجَنْبٌ
ضارعٌ: مُتَخَشِّعٌ على المثل. والتضرُّعُ: التَّلَوِّي والاستغاثةُ.
وأَضرَعْتُ له مالي أَي بَذَلْتُه له؛ قال الأَسود: وإِذا أَخِلاَّئي
تَنَكَّبَ ودُّهُمْ،
فأَبُو الكُدادةِ مالُه لي مُضْرَعُ
أَي مبذولٌ. والضَّرَعُ، بالتحريك، والضارِعُ: الصغير من كل شيء، وقيل:
الصغير السنّ الضعيف الضاوي النحيفُ. وإِنَّ فلاناً لضارِعُ الجسمِ أَي
نحيف ضعيف. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، رأَى ولَدَيْ
جَعْفَرٍ الطَّيَّار فقال: ما لي أَراهُما ضارِعَيْن؟ فقالوا: إِنَّ العَيْنَ
تُسْرِعُ إِليهما: الضَّارِعُ النَّحِيفُ الضَّاوي الجسم. يقال: ضَرِعَ
يَضْرَعُ، فهو ضارِعٌ وضَرَعٌ، بالتحريك. ومنه حديث قيس بن عاصم: إِني
لأُفْقِرُ البَكْرَ الضَّرَعَ والنَّابَ المُدْبِرَ أَي أُعِيرُهُما
للرّكوب، يعني الجمل الضعيف والناقة الهَرِمةَ التي هَرِمَتْ فأَدْبَرَ خيرُها؛
ومنه حديث المِقْداد: وإِذا فيهما فرس آدَمُ ومُهْرٌ ضَرَعٌ، وحديث عمرو
بن العاصِ: لَسْتُ بالضَّرَعِ، ويقال: هو الغُمْرُ الضَّعِيفُ من الرجال؛
وقال الشاعر:
أَناةً وحِلْماً وانْتِظاراً بِهِمْ غَداً،
فَما أَنا بالواني ولا الضَّرَعِ الغُمْرِ
ويقال: جَسَدُك ضارِعٌ وجَنْبُكَ ضارِعٌ؛ وأَنشد:
مِنَ الحُسْنِ إِنْعاماً وجَنْبُكَ ضارِعُ
ويقال: قوم ضَرَعٌ ورجل ضَرَعٌ؛ وأَنشد:
وأَنْتُمُ لا أُشاباتٌ ولا ضَرَعُ
وقد ضَرُعَ ضَراعةً، وأَضْرَعَه الحُبُّ وغيره؛ قال صخر:
ولَما بَقِيتُ لَيَبْقَيَنَّ جَوًى،
بَيْنَ الجَوانِحِ، مُضْرِعٌ جِسْمِي
ورجل ضارعٌ بيِّنُ الضُّرُوعِ والضَّراعةِ: ناحِل ضعيفٌ. والضَّرَعُ:
الجمل الضَّعِيفُ. والضَّرَعُ: الجَبانُ. والضَّرَعُ: المُتهالِكُ مِنَ
الحاجةِ للغنى؛ وقول أَبي زبيد:
مُسْتَضْرِعٌ ما دَنا مِنْهُنَّ مُكْتَنِتٌ
من الضَّرَعِ وهو الخاضِعُ، والضَّارِعُ مثله.
وقوله عزَّ وجل: تدعونه تضرُّعاً وخفية؛ المعنى تدعونه مظهرين الضراعة
وهي شدة القر والحاجة إِلى الله عز وجل، وانتصابهما على الحال، وإِن كانا
مصدرين. وفي حديث الاستسقاء: خرج مُتَبَدِّلاً مُتَضَرِّعاً؛ التضَرُّعُ
الذلُّلُ والمبالغة في السؤَال والرغْبة. يقال: ضَرِعَ يَضْرَعُ، بالكسر
والفتح، وتَضَرَّعَ إِذا خَضَعَ وذلَّ. وفي حديث عمر: فقد ضَرَعَ الكبيرُ ورقَّ
الصغير؛ ومنه حديث علي: أَضْرَعَ اللهُ خُدُودَكم أَي أَذلَّها. ويقال:
لفلان فَرَسٌ قدْ ضَرِعَ به أَي غَلَبَه، وقد ورد في حديث سلمان: قد ضَرِع
به. وضَرَعَتِ الشمسُ وضَرَّعَتْ: غابَتْ أَو دَنَتْ من المَغِيبِ،
وتَضْريعُها: دُنُوُّها للمغيب. وضَرَّعَتِ القِدْرُ تَضْرِيعاً: حان أَنْ
تُدْرِكَ.
والضَّرْعُ لكل ذات ظِلْف أَو خُفّ، وضَرْعُ الشاةِ والناقةِ: مَدَرُّ
لبنها، والجمع ضُرُوعٌ. وأَضْرَعَتِ الشاةُ والناقة وهي مُضْرِعٌ: نَبَتَ
ضَرْعُها أَو عَظُم. والضَّرِيعةُ والضَّرْعاءُ جميعاً: العظيمة
الضَّرْعِ من الشاءِ والإِبل. وشاة ضَرِيعٌ: حَسَنة الضَّرْعِ. وأَضْرَعَتِ
الشاةُ أَي نزل لبنها قبيل لنِّتاجِ. وأَضْرَعَتِ الناقةُ، وهي مُضْرِعٌ: نزل
لبنها من ضَرْعها قُرْب النتاج، وقيل: هو إِذا قرب نتاجها. وما له زرع
ولا ضَرْعٌ: يعني بالضرع الشاة والناقة؛ وقول لبيد:
وخَصْمٍ كبادِي الجِنِّ أَسْقَطْتُ شَأْوَهُم
بِمُسْتَحْوِذٍ ذِي مِرَّة وضُرُوعِ
فسره ابن الأَعرابي فقال: معناه واسع له مَخارِجُ كمخارج اللبن، ورواه
أَبو عبيد: وصُرُوع، بالصاد المهملة، وهي الضُّروبُ من الشيء، يغني ذي
أَفانِينَ. قال أَبو زيد: الضَّرْعُ جِماع وفيه الأَطْباءُ، وهي الأَخْلافُ،
واحدها طُبْيٌ وخِلْفٌ، وفي الأَطْباءِ الأَحالِيلُ وهي خُروقُ اللبن.
والضُّروعُ: عِنَبٌ أَبيض كبير الحب قليل الماء عظيم العناقيد.
والمُصارِعُ: المُشْبِهُ. والمُضارَعةُ: المشابهة. والمُضارعة للشيء:
أَن يُضارِعه كأَنه مثله أَو شبْهه. وفي حديث عدِيّ، رضي الله عنه: قال له لا
يَخْتَلِجَنَّ في صدرك شيء ضارَعْتَ فيه النصرانية؛ المُضارَعةُ:
المُشابَهةُ والمُقارَبةُ، وذلك أَنه سأَله عن طعام النصارى فكأَنه أَراد لا
يتحرَّكنَّ في قلبك شكّ أَنَّ ما شابَهْتَ فيه النصارى حرام أَو خبيث أَو
مكروه، وذكره الهروي لا يَتَحَلَّجنَّ، ثم قال يعني أَنه نظيف، قال ابن
الأَثير: وسياقُ الحديث لا يناسب هذا التفسير؛ ومنه حديث معمر بن عبد الله: إِني
أَخافُ أَن تُضارِعَ، أَي أَخاف أَن يُشْبِه فعلُك الرِّياء. وفي حديث
معاوية: لستُ بنُكَحةٍ طُلَقةٍ ولا بسُبَبةٍ ضُرَعةٍ، أَي لست بشَتَّام
للرجال المُشابِه لهم والمُساوِي. ويقال: هذا ضِرْعُ هذا وصِرْعُه، بالضاد
والصاد، أَي مِثْله. قال الأَزهري: والنحويون يقولون للفعل المستَقْبَلِ
مُضارِعٌ لمشاكلته الأَسماء فيما يلحقه من الإِعراب. والمُضارِعُ من
الأَفعال: ما أَشبه الأَسماء وهو الفعل الآتي والحاضر؛ والمُضارِعُ في
العَرُوضِ: مفاعيل فاع لاتن مفاعيل فاع لاتن كقوله:
دَعاني إِلى سُعاد
دَواعِي هَوَى سُعاد
سمِّي بذلك لأَنه ضارَعَ المُجْتَثَّ.
والضُّروعُ والصُّروعُ: قُوَى الحبْل، واحدها ضِرْعٌ وصِرْعٌ.
والضَّرِيعُ: نبات أَخضَر مُنْتِنٌ خفيف يَرْمي به البحرُ وله جوْفٌ،
وقيل: هو يَبِيسُ العَرْفَجِ والخُلَّةِ، وقيل: ما دام رطباً فهو ضرِيعٌ،
فإِذا يَبِسَ فهو ضرِيعٌ، فإِذا يَبِسَ فهو الشَّبْرِقُ، وهو مَرْعَى
سَوءٍ لا تَعْقِدُ عليه السائمةُ شَحْماً ولا لحماً، وإِن لم تفارقه إِلى غيره
ساءَت حالها. وفي التنزيل: ليس لهم طعام إِلاَّ من ضريع لا يُسْمِنُ ولا
يُغني من جوع؛ قال الفراء: الضرِيعُ نبت يقال له الشَّبْرِقُ، وأَهل
الحجاز يسمونه الضريع إِذا يبس، وقال ابن الأَعرابي: الضريع العوْسَجُ
الرطْب، فإِذا جَفَّ فهو عَوْسَجٌ، فإِذا زاد جُفوفاً فهو الخَزِيزُ، وجاءَ في
التفسير: أَن الكفار قالوا إِنَّ الضريعَ لتَسْمَنُ عليه إِبلنا، فقال الله
عز وجل: لا يُسْمِنُ ولا يُغْني من جوع. وجاء في حديث أَهل النار:
فيُغاثون بطعام من ضريع؛ قال ابن الأَثير: هو نبت بالحجاز له شوْكٌ كبار يقال له
الشبرق؛ وقال قَيْسُ بن عَيْزارةَ الهذليّ يذكر إِبلاً وسُوءَ مَرْعاها:
وحُبِسْنَ في هَزْمِ الضَّرِيعِ، فكُلُّها
حَدْباءُ دامِيةُ اليَدَيْنِ، حَرُودُ
هَزْمُ الضرِيعِ: ما تَكَسَّر منه، والحَرُودُ: التي لا تكاد تَدِرُّ؛
وصف الإِبل بشدَّة الهُزال؛ وقيل: الضرِيعُ طعام أَهل النار، وهذا لا
يعرفه العرب. والضَّرِيعُ: القِشْرُ الذي على العظم تحت اللحم، وقيل: هو جلد
على الضِّلَعِ.
وتَضْرُوعُ: بلدة؛ قال عامر ابن الطفيل وقد عُقِرَ فرسُه:
ونِعْمَ أَخُو الضُّعْلُوكِ أَمسِ تَرَكْتُه
بِتَضْرُوعَ، يَمْرِي باليَدَيْنِ ويَعْسِفُ
قال ابن برِّي: أَخو الصُّعْلوك يعني به فرسه، ويَمْرِي بيديه: يحرّكهما
كالعابث، ويَعْسِف: ترجُف حَنْجَرتُه من النَّفَسِ، وهذا المكان وهذا
البيت أَورده الجوهري بتَضْرُع بغير واو؛ قال ابن بري: ورواه ابن دريد
بتَضْرُوعَ مثل تَذْنُوب.
وتُضارُعٌ، بضم التاء والراء: موضع أَو جبل بنجد، وفي التهذيب:
بالعَقِيق. وفي الحديث: إِذا سال تُضارُعٌ فهو عامُ ربِيعٍ، وفيه: إِذا أَخصبت
تُضارُعٌ أَخصبت البلاد؛ قال أَبو ذؤيب:
كأَنَّ ثِقالَ المُزْنِ بَيْنَ تُضارُعٍ
وشابةَ بَرْكٌ من جُذامَ لَبِيجُ
قال ابن بري: صوابه تُضارِع، بكسر الراء، قال: وكذا هو في بيت أَبي ذؤيب،
فأَمّا بضم التاء والراء فهو غلط لأَنه ليس في الكلام تُفاعُل ولا
فُعالُلٌ، قال ابن جني: ينبغي أَن يكون تُضارِعٌ فُعالِلاً بمنزلة عُذافِرٍ،
ولا نحكم على التاء بالزيادة إِلا بدليل، وأَضرُعٌ: موضع؛ وأَما قول
الراعي:فأَبصَرْتُهُمْ حتى تَواراتْ حُمُولُهُم،
بأَنْقاءٍ يَحْمُومٍ، ووَرَّكْنَ أَضْرُعا
فإِنَّ أَضْرُعاً ههنا جبال أَو قاراتٌ صِغار؛ قال خالد ابن جبلة: هي
أُكَيْمات صغار، ولم يذكر لها واحداً.
حكم: الله سبحانه وتعالى أَحْكَمُ الحاكمِينَ، وهو الحَكِيمُ له
الحُكْمُ، سبحانه وتعالى. قال الليث: الحَكَمُ الله تعالى. الأَزهري: من صفات
الله الحَكَمُ والحَكِيمُ والحاكِمُ، ومعاني هذه الأَسماء متقارِبة، والله
أعلم بما أَراد بها، وعلينا الإيمانُ بأَنها من أَسمائه. ابن الأَثير: في
أَسماء الله تعالى الحَكَمُ والحَكِيمُ وهما بمعنى الحاكِم، وهو القاضي،
فَهو فعِيلٌ بمعنى فاعَلٍ، أو هو الذي يُحْكِمُ الأَشياءَ ويتقنها، فهو
فَعِيلٌ بمعنى مُفْعِلٍ، وقيل: الحَكِيمُ ذو الحِكمة، والحَكْمَةُ عبارة
عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم. ويقال لمَنْ يُحْسِنُ دقائق
الصِّناعات ويُتقنها: حَكِيمٌ، والحَكِيمُ يجوز أن يكون بمعنى الحاكِمِ مثل
قَدِير بمعنى قادر وعَلِيمٍ بمعنى عالِمٍ. الجوهري: الحُكْم الحِكْمَةُ من
العلم، والحَكِيمُ العالِم وصاحب الحِكْمَة. وقد حَكُمَ أي صار حَكِيماً؛
قال النَّمِرُ بن تَوْلَب:
وأَبْغِض بَغِيضَكَ بُغْضاً رُوَيْداً،
إذا أنتَ حاوَلْتَ أن تَحْكُما
أي إذا حاوَلتَ أن تكون حَكيِماً. والحُكْمُ: العِلْمُ والفقه؛ قال الله
تعالى: وآتيناه الحُكْمَ صَبِيّاً، أي علماف وفقهاً، هذا لِيَحْيَى بن
زَكَرِيَّا؛ وكذلك قوله:
الصَّمْتُ حُكْمٌ وقليلٌ فاعِلُهْ
وفي الحديث: إنَّ من الشعر لحُكْماً أي إِن في الشعر كلاماً نافعاً يمنع
من الجهل والسَّفَهِ ويَنهى عنهما، قيل: أراد بها المواعظ والأمثال التي
ينتفع الناس بها. والحُكْمُ: العِلْمُ والفقه والقضاء بالعدل، وهو مصدر
حَكَمَ يَحْكُمُ، ويروى: إن من الشعر لحِكْمَةً، وهو بمعنى الحُكم؛ ومنه
الحديث: الخِلافةُ في قُرَيش والحُكْمُ في الأنصار؛ خَصَّهُم بالحُكْمِ
لأن أكثر فقهاء الصحابة فيهم، منهم مُعاذُ ابن جَبَلٍ وأُبَيّ بن كَعْبٍ
وزيد بن ثابت وغيرهم. قال الليث: بلغني أنه نهى أن يُسَمَّى الرجلُ
حكِيماً
(* قوله «أن يسمى الرجل حكيماً» كذا بالأصل، والذي في عبارة الليث التي
في التهذيب: حكماً بالتحريك)، قال الأزهري: وقد سَمَّى الناسُ حَكيماً
وحَكَماً، قال: وما علمتُ النَّهي عن التسمية بهما صَحيحاً. ابن الأثير:
وفي حديث أبي شُرَيْحٍ أنه كان يكنى أبا الحَكَمِ فقال
له النبي، صلى الله عليه وسلم: إن الله هو الحَكَمُ، وكناه بأَبي
شُرَيْحٍ، وإنما كَرِه له ذلك لئلا يُشارِكَ الله في صفته؛ وقد سَمّى الأَعشى
القصيدة المُحْكمَةَ حَكِيمَةً فقال:
وغَريبَةٍ، تأْتي المُلوكَ، حَكِيمَةٍ،
قد قُلْتُها ليُقالَ: من ذا قالَها؟
وفي الحديث في صفة القرآن: وهو الذِّكْرُ الحَكِيمُ أي الحاكِمُ لكم
وعليكم، أو هو المُحْكَمُ الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب، فَعِيلٌ بمعنى
مُفْعَلٍ، أُحْكِمَ فهو مُحْكَمٌ. وفي حديث ابن عباس:
قرأْت المُحْكَمَ على عَهْدِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ يريد
المُفَصَّلَ من القرآن لأنه لم يُنْسَخْ منه شيء، وقيل: هو ما لم يكن متشابهاً
لأنه أُحْكِمَ بيانُه بنفسه ولم يفتقر إلى غيره، والعرب تقول: حَكَمْتُ
وأَحْكَمْتُ وحَكَّمْتُ بمعنى مَنَعْتُ ورددت، ومن هذا قيل للحاكم بين
الناس حاكِمٌ، لأنه يَمْنَعُ الظالم من الظلم. وروى المنذري عن أَبي طالب
أنه قال في قولهم: حَكَمَ الله بيننا؛ قال الأصمعي: أصل الحكومة رد الرجل
عن الظلم، قال: ومنه سميت حَكَمَةُ اللجام لأَنها تَرُدُّ الدابة؟ ومنه
قول لبيد:
أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ من عَوْراتِها
كلَّ حِرْباءٍ، إذا أُكْرِهَ صَلّ
والجِنْثِيُّ: السيف؛ المعنى: رَدَّ السيفُ عن عَوْراتِ الدِّرْعِ وهي
فُرَجُها كلَّ حِرْباءٍ، وقيل: المعنى أَحْرَزَ الجِنثيُّ وهو الزَّرَّادُ
مساميرها، ومعنى الإحْكامِ حينئذ الإحْرازُ. قال ابن سيده: الحُكْمُ
القَضاء، وجمعه أَحْكامٌ، لا يكَسَّر على غير ذلك، وقد حَكَمَ عليه بالأمر
يَحْكُمُ حُكْماً وحُكومةً وحكم بينهم كذلك. والحُكْمُ: مصدر قولك حَكَمَ
بينهم يَحْكُمُ أي قضى، وحَكَمَ له وحكم عليه. الأزهري: الحُكْمُ القضاء
بالعدل؛ قال النابغة:
واحْكمْ كحكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ، إذ نَظَرَتْ
إلى حَمامٍ سِراعٍ وارد الثَّمَدِ
(* قوله «حمام سراع» كذا هو في التهذيب بالسين المهملة وكذلك في نسخة
قديمة من الصحاح، وقال شارح الديوان: ويروى أيضاً شراع بالشين المعجمة أي
مجتمعة).
وحكى يعقوب عن الرُّواةِ أن معنى هذا البيت:
كُنْ حَكِيماً كفتاة الحي أي إذا قلت فأَصِبْ كما أصابت هذه المرأَة، إذ
نظَرَتْ إلى الحمامِ فأَحْصَتْها ولم تُخْطِئ عددها؛ قال: ويَدُلُّكَ
على أن معنى احْكُمْ كُنْ حَكِيماً قولُ النَّمر بن تَوْلَب:
إذا أنتَ حاوَلْتَ أن تَحْكُما
يريد إذا أَردت أن تكون حَكِيماً فكن كذا، وليس من الحُكْمِ في القضاء
في شيء. والحاكِم: مُنَفّذُ الحُكْمِ، والجمع حُكّامٌ، وهو الحَكَمُ.
وحاكَمَهُ إلى الحَكَمِ: دعاه. وفي الحديث: وبكَ حاكَمْتُ أي رَفَعْتُ
الحُكمَ إليك ولا حُكْمَ إلا لك، وقيل: بكَ خاصمْتُ في طلب الحُكْمِ وإبطالِ من
نازَعَني في الدِّين، وهي مفاعلة من الحُكْمِ.
وحَكَّمُوهُ بينهم: أمروه أن يَحكمَ. ويقال: حَكَّمْنا فلاناً فيما
بيننا أي أَجَزْنا حُكْمَهُ بيننا. وحَكَّمَهُ في الأمر فاحْتَكَمَ: جاز فيه
حُكْمُه، جاء فيه المطاوع على غير بابه والقياس فَتَحَكَّمَ، والاسم
الأُحْكُومَةُ والحُكُومَةُ؛ قال:
ولَمِثْلُ الذي جَمَعْتَ لرَيْبِ الـ
ـدَّهْرِ يَأْبى حُكومةَ المُقْتالِ
يعني لا يَنْفُذُ حُكومةُ من يَحْتَكِمُ عليك من الأَعداء، ومعناه يأْبى
حُكومةَ المُحْتَكِم عليك، وهو المُقْتال، فجعل المُحْتَكِمَ
المُقْتالَ، وهو المُفْتَعِلُ من القول حاجة منه إلى القافية، ويقال: هو كلام
مستعمَلٌ، يقال: اقْتَلْ عليَّ أي احْتَكِمْ، ويقال: حَكَّمْتُه في مالي إذا
جعلتَ إليه الحُكْمَ فيه فاحْتَكَمَ عليّ في ذلك. واحْتَكَمَ فلانٌ في مال
فلان إذا جاز فيه حُكْمُهُ. والمُحاكَمَةُ: المخاصمة إلى الحاكِمِ.
واحْتَكَمُوا إلى الحاكِمِ وتَحاكَمُوا بمعنى. وقولهم في المثل: في بيته
يُؤْتَى الحَكَمُ؛ الحَكَمُ، بالتحريك: الحاكم؛ وأَنشد ابن بري:
أَقادَتْ بَنُو مَرْوانَ قَيْساً دِماءَنا،
وفي الله، إن لم يَحْكُمُوا، حَكَمٌ عَدْلُ
والحَكَمَةُ: القضاة. والحَكَمَةُ: المستهزئون. ويقال: حَكَّمْتُ فلاناً
أي أطلقت يده فيما شاء. وحاكَمْنا فلاناً إلى الله أي دعوناه إلى حُكْمِ
الله. والمُحَكَّمُ: الشاري. والمُحَكَّمُ: الذي يُحَكَّمُ في نفسه. قال
الجوهري: والخَوارِج يُسَمَّوْنَ المُحَكِّمَةَ لإنكارهم أمر
الحَكَمَيْن وقولِهِمْ: لا حُكْم إلا لله. قال ابن سيده: وتحْكِيمُ الحَرُوريَّةِ
قولهم لا حُكْمَ إلا الله ولا حَكَمَ إلا اللهُ، وكأَن هذا على السَّلْبِ
لأَنهم ينفون الحُكْمَ؛ قال:
فكأَني، وما أُزَيِّنُ منها،
قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيما
(* قوله «وما أزين» كذا في الأصل، والذي في المحكم: مما أزين).
وقيل: إنما بدءُ ذلك في أمر عليّ، عليه السلام، ومعاوِيةَ. والحَكَمان:
أَبو موسى الأَشعريُّ وعمرو ابن العاص. وفي الحديث: إن الجنة
للمُحَكّمين، ويروى بفتح الكاف وكسرها، فالفتح هم الذين يَقَعُون في يد العدو
فيُنَحيَّرُونَ بين الشِّرْك والقتل فيختارون القتل؛ قال الجوهري: هم قوم من
أَصحاب الأُخْدودِ فُعِل بهم ذلك، حُكِّمُوا وخُيِّروا بين القتل والكفر،
فاختاروا الثَّبات على الإسلام مع القتل، قال: وأما الكسر فهو المُنْصِفُ
من نفسه؛ قال ابن الأَثير: والأَول الوجه؛ ومنه حديث كعب:
إن في الجنة داراً، ووصفها ثم قال: لا يَنْزِلُها إلا نبي أو صِدِّيق أو
شَهيد أو مُحَكَّمٌّ في نفسه. ومُحَكَّم اليَمامَةِ رجل قتله خالد بن
الوليد يوم مُسَيْلِمَةَ. والمْحَكَّمُ، بفتح الكاف
(* قوله «والمحكم بفتح
الكاف إلخ» كذا في صحاح الجوهري، وغلطه صاحب القاموس وصوب أنه بكسر
الكاف كمحدث، قال ابن الطيب محشيه: وجوز جماعة الوجهين وقالوا هو كالمجرب
فانه بالكسر الذي جرب الأمور، وبالفتح الذي جربته الحوادث، وكذلك المحكم
بالكسر حكم الحوادث وجربها وبالفتح حكمته وجربته، فلا غلط)، الذي في شعر
طَرَفَةَ إذ يقول:
ليت المُحَكَّمَ والمَوْعُوظَ صوتَكُما
تحتَ التُّرابِ، إذا ما الباطِلُ انْكشفا
(* قوله «ليت المحكم إلخ» في التكملة ما نصه: يقول ليت أني والذي يأمرني
بالحكمة يوم يكشف عني الباطل وأدع الصبا تحت التراب، ونصب صوتكما لأنه
أراد عاذليّ كفّا صوتكما).
هو الشيخ المُجَرّبُ المنسوب إلى الحِكْمة. والحِكْمَةُ: العدل. ورجل
حَكِيمٌ: عدل حكيم. وأَحْكَمَ الأَمر: أتقنه، وأَحْكَمَتْه التجاربُ على
المَثَل، وهو من ذلك. ويقال للرجل إذا كان حكيماً: قد أَحْكَمَتْه
التجارِبُ. والحكيم: المتقن للأُمور، واستعمل ثعلب هذا في فرج المرأَة فقال:
المكَثَّفَة من النساء المحكمة الفرج، وهذا طريف جدّاً.
الأزهري: وحَكَمَ الرجلُ يَحْكُمُ حُكْماً إذا بلغ النهاية في معناه
مدحاً لازماً؛ وقال مرقش:
يأْتي الشَّبابُ الأَقْوَرينَ، ولا
تَغْبِطْ أَخاك أن يُقالَ حَكَمْ
أي بلغ النهاية في معناه.
أبو عدنان: اسْتَحْكَمَ الرجلُ إذا تناهى عما يضره في دِينه أو دُنْياه؛
قال ذو الرمة:
لمُسْتَحْكِمٌ جَزْل المُرُوءَةِ مؤمِنٌ
من القوم، لا يَهْوى الكلام اللَّواغِيا
وأَحْكَمْتُ الشيء فاسْتَحْكَمَ: صار مُحْكَماً. واحْتَكَمَ الأمرُ
واسْتَحْكَمَ: وثُقَ. الأَزهري: وقوله تعالى: كتاب أُحْكِمَتْ آياته
فُصِّلَتْ من لَدُنْ حَكيم خبير؛ فإن التفسير جاء: أُحْكِمَتْ آياته بالأمر
والنهي والحلالِ والحرامِ ثم فُصِّلَتْ بالوعد والوعيد، قال: والمعنى، والله
أعلم، أن آياته أُحْكِمَتْ وفُصِّلَتْ بجميع ما يحتاج إليه من الدلالة على
توحيد الله وتثبيت نبوة الأنبياء وشرائع الإسلام، والدليل على ذلك قول
الله عز وجل: ما فرَّطنا في الكتاب من شيء؛ وقال بعضهم في قول الله تعالى:
الر تلك آيات الكتاب الحَكِيم؛ إنه فَعِيل بمعنى مُفْعَلٍ، واستدل بقوله
عز وجل: الر كتاب أُحْكِمَتْ آياته؛ قال الأزهري: وهذا إن شاء الله كما
قِيل، والقرآنُ يوضح بعضُه بعضاً، قال: وإنما جوزنا ذلك وصوبناه لأَن
حَكَمْت يكون بمعنى أَحْكَمْتُ فَرُدَّ إلى الأصل، والله أعلم. وحَكَمَ
الشيء وأَحْكَمَهُ، كلاهما: منعه من الفساد. قال الأزهري: وروينا عن إبراهيم
النخعي أنه قال: حَكِّم اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك أي امنعه من الفساد
وأصلحه كما تصلح ولدك وكما تمنعه من الفساد، قال: وكل من منعته من شيء فقد
حَكَّمْتَه وأحْكَمْتَهُ، قال: ونرى أن حَكَمَة الدابة سميت بهذا المعنى
لأنها تمنع الدابة من كثير من الجَهْل. وروى شمرٌ عن أبي سعيد الضّرير
أنه قال في قول النخعي: حَكِّمِ اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك؛ معناه
حَكِّمْهُ في ماله ومِلْكِه إذا صلح كما تُحكِّمُ ولدك في مِلْكِه، ولا يكون
حَكَّمَ بمعنى أَحْكَمَ لأنهما ضدان؛ قال الأَزهري: وقول أبي سعيد الضرير ليس
بالمرضي. ابن الأَعرابي: حَكَمَ فلانٌ عن الأمر والشيء أي رجع،
وأَحْكَمْتُه أنا أي رَجَعْتُه، وأَحْكَمه هو عنه رَجَعَهُ؛ قال جرير:
أَبَني حنيفةَ، أَحْكِمُوا سُفَهاءَكم،
إني أَخافُ عليكمُ أَن أَغْضَبا
أي رُدُّوهم وكُفُّوهُمْ وامنعوهم من التعرّض لي. قال الأَزهري: جعل ابن
الأعرابي حَكَمَ لازماً كما ترى، كما يقال رَجَعْتُه فرَجَع ونَقَصْتُه
فنَقَص، قال: وما سمعت حَكَمَ بمعنى رَجَعَ لغير ابن الأَعرابي، قال: وهو
الثقة المأْمون. وحَكَمَ الرجلَ وحَكَّمَه وأَحْكَمَهُ: منعه مما يريد.
وفي حديث ابن عباس: كان الرجل يَرِثُ امرأَةً ذاتَ قاربة فيَعْضُلُها حتى
تموتَ أو تَرُدَّ إليه صداقها، فأَحْكَمَ الله عن ذلك ونهى عنه أي
مَنَعَ منه. يقال: أَحْكَمْتُ فلاناً أي منعته، وبه سُمِّيَ الحاكمُ لأنه يمنع
الظالم، وقيل: هو من حَكَمْتُ الفَرسَ وأَحْكَمْتُه وحَكَّمْتُه إذا
قَدَعْتَهُ وكَفَفْتَه. وحَكَمْتُ السَّفِيه وأَحْكَمْتُه إذا أَخذت على
يده؛ ومنه قول جرير:
أَبَني حنيفة، أحْكِمُوا سُفهاءكم
وحَكَمَةُ اللجام: ما أَحاط بحَنَكَي الدابة، وفي الصحاح: بالحَنَك،
وفيها العِذاران، سميت بذلك لأنها تمنعه من الجري الشديد، مشتق من ذلك،
وجمعه حَكَمٌ. وفي الحديث: وأَنا آخذ بحَكَمَة فرسه أي بلجامه. وفي الحديث:
ما من آدميّ إلا وفي رأْسه حَكَمَةٌ، وفي رواية: في رأْس كل عبد حَكَمَةٌ
إذا هَمَّ بسيئةٍ، فإن شاء الله تعالى أن يَقْدَعَه بها قَدَعَه؛
والحَكَمَةُ: حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس وحَنَكِهِ تمنعه عن مخالفة
راكبه، ولما كانت الحَكَمَة تأْخذ بفم الدابة وكان الحَنَكُ متَّصلاً بارأْس
جعلها تمنع من هي في رأْسه كما تمنع الحَكَمَةُ الدابة. وحَكَمَ الفرسَ
حَكْماً وأَحْكَمَهُ بالحَكَمَةِ: جعل للجامه حَكَمَةً، وكانت العرب
تتخذها من القِدِّ والأَبَقِ لأن قصدهم الشجاعةُ لا الزينة؛ قال زهير:
القائد الخَيْلَ مَنْكوباً دوائرُها،
قد أُحْكِمَتْ حَكَمات القِدِّ والأَبَقا
يريد: قد أُحْكِمَتْ بحَكَماتِ القِدِّ وبحَكَماتِ الأَبَقِ، فحذف
الحَكَمات وأَقامَ الأَبَقَ مكانها؛ ويروى:
مَحْكومَةً حَكَماتِ القِدِّ والأبَقا
على اللغتين جميعاً؛ قال أبو الحسن: عَدَّى قد أُحْكِمَتْ لأن فيه معنى
قُلِّدَتْ وقُلِّدَتْ متعدّية إلى مفعولين. الأزهري: وفرس مَحْكومةٌ في
رأْسها حَكَمَةٌ؛ وأنشد:
مَحْكومة حَكَمات القِدِّ والأبقا
وقد رواه غيره: قد أُحْكِمَتْ، قال: وهذا يدل على جواز حَكَمْتُ الفرس
وأَحْكَمْتُه بمعنى واحد. ابن شميل: الحَكَمَةُ حَلْقَةٌ تكون في فم
الفرس. وحَكََمَةُ الإنسان: مقدم وجهه. ورفع الله حَكَمَتَةُ أي رأْسه وشأْنه.
وفي حديث عمر: إن العبد إذا تواضع رفع اللهُ حَكَمَتَهُ أي قدره
ومنزلته. يقال: له عندنا حَكَمَةٌ أي قدر، وفلان عالي الحَكَمَةِ، وقيل:
الحَكَمَةُ من الإنسان أسفل وجهه، مستعار من موضع حَكَمَةِ اللجام، ورَفْعُها
كناية عن الإعزاز لأَن من صفة الذَّليل تنكيسَ رأْسه. وحَكَمة الضائنة:
ذَقَنُها.
الأزهري: وفي الحديث: في أَرْش الجِراحات الحُكومَةُ؛ ومعنى الحُكومة في
أَرش الجراحات التي ليس فيها دِيَةٌ معلومة: أن يُجْرَحَ الإنسانُ في
موضع في بَدَنه يُبْقِي شَيْنَهُ ولا يُبْطِلُ العُضْوَ، فيَقْتاس الحاكم
أَرْشَهُ بأن يقول: هذا المَجْروح لو كان عبداً غير مَشينٍ هذا الشَّيْنَ
بهذه الجِراحة كانت قيمتُه ألفَ دِرْهمٍ، وهو مع هذا الشين قيمتُه
تِسْعُمائة درهم فقد نقصه الشَّيْنُ عُشْرَ قيمته، فيجب على الجارح عُشْرُ
دِيَتِه في الحُرِّ لأن المجروح حُرٌّ، وهذا وما أَشبهه بمعنى الحكومة التي
يستعملها الفقهاء في أَرش الجراحات، فاعْلَمْه.
وقد سَمَّوْا حَكَماً وحُكَيْماً وحَكِيماً وحَكّاماً وحُكْمان.
وحَكَمٌ: أبو حَيٍّ من اليمن. وفي الحديث: شَفاعَتي لأهل الكبائر من أُمتي حتى
حَكَم وحاءَ؛ وهما قبيلتان جافِيتان من وراء رمل يَبرين.
حرم: الحِرْمُ، بالكسر، والحَرامُ: نقيض الحلال، وجمعه حُرُمٌ؛ قال
الأَعشى:
مَهادي النَّهارِ لجاراتِهِمْ،
وبالليل هُنَّ عليهمْ حُرُمْ
وقد حَرُمَ عليه الشيء حُرْماً وحَراماً وحَرُمَ الشيءُ، بالضم،
حُرْمَةً وحَرَّمَهُ الله عليه وحَرُمَتِ الصلاة على المرأة حُرُماً وحُرْماً،
وحَرِمَتْ عليها حَرَماً وحَراماً: لغة في حَرُمَت. الأَزهري: حَرُمَت
الصلاة على المرأة تَحْرُمُ حُروماً، وحَرُمَتِ المرأةُ على زوجها تَحْرُمُ
حُرْماً وحَراماً، وحَرُمَ عليه السَّحورُ حُرْماً، وحَرِمَ لغةٌ.
والحَرامُ: ما حَرَّم اللهُ. والــمُحَرَّــمُ: الحَرامُ. والمَحارِمُ: ما حَرَّم
اللهُ. ومَحارِمُ الليلِ: مَخاوِفُه التي يَحْرُم على الجَبان أَن يسلكها؛
عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
مَحارِمُ الليل لهُنَّ بَهْرَجُ،
حين ينام الوَرَعُ الــمُحَرَّــجُ
(* قوله «الــمحرج» كذا هو بالأصل والصحاح، وفي المحكم؛ المزلج كمعظم).
ويروى: مخارِمُ الليل أَي أَوائله. وأَحْرَمَ الشيء: جَعله حَراماً.
والحَريمُ: ما حُرِّمَ فلم يُمَسَّ. والحَريمُ: ما كان الــمُحْرِــمون
يُلْقونه من الثياب فلا يَلْبَسونه؛ قال:
كَفى حَزَناً كَرِّي عليه كأَنه
لَقىً، بين أَيْدي الطائفينَ، حَريمُ
الأَزهري: الحَريمُ الذي حَرُمَ مسه فلا يُدْنى منه، وكانت العرب في
الجاهلية إذا حَجَّت البيت تخلع ثيابها التي عليها إذا دخلوا الحَرَمَ ولم
يَلْبسوها ما داموا في الحَرَم؛ ومنه قول الشاعر:
لَقىً، بين أَيدي الطائفينَ، حَريمُ
وقال المفسرون في قوله عز وجل: يا بني آدم خذوا زينَتكم عند كل مَسْجد؛
كان أَهل الجاهلية يطوفون بالبيت عُراةً ويقولون: لا نطوف بالبيت في ثياب
قد أَذْنَبْنا فيها، وكانت المرأة تطوف عُرْيانَةً أَيضاً إلاّ أنها
كانت تَلْبَس رَهْطاً من سُيور؛ وقالت امرأة من العرب:
اليومَ يَبْدو بعضُه أَو كلُّهُ،
وما بَدا منه فلا أُْحِلُّهُ
تعني فرجها أَنه يظهر من فُرَجِ الرَّهْطِ الذي لبسته، فأَمَرَ اللهُ عز
وجل بعد ذكره عُقوبة آدمَ وحوّاء بأَن بَدَتْ سَوْآتُهما بالإستتار
فقال: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد؛ قال الأَزهري: والتَّعَرِّي
وظهور السوءة مكروه، وذلك مذ لَدُنْ آدم. والحَريمُ: ثوب الــمُحْرم، وكانت العرب
تطوف عُراةً وثيابُهم مطروحةٌ بين أَيديهم في الطواف. وفي الحديث: أَن
عِياضَ بن حِمار المُجاشِعيّ كان حِرْميَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
فكان إذا حج طاف في ثيابه؛ كان أشراف العرب الذي يتَحَمَّسونَ على دينهم
أَي يتشدَّدون إذا حَج أحدهم لم يأكل إلاّ طعامَ رجلٍ من الحَرَم، ولم
يَطُفْ إلاَّ في ثيابه فكان لكل رجل من أَشرافهم رجلٌ من قريش، فيكون كل
واحدٍ منهما حِرْمِيَّ صاحبه، كما يقال كَرِيٌّ للمُكْري والمُكْتَري،
قال: والنَّسَبُ في الناس إلى الحَرَمِ حِرْمِيّ، بكسر الحاء وسكون الراء.
يقال: رجل حِرْمِيّ، فإذا كان في غير الناس قالوا ثوب حَرَمِيّ.
وحَرَمُ مكة: معروف وهو حَرَمُ الله وحَرَمُ رسوله. والحَرَمانِ: مكة
والمدينةُ، والجمع أَحْرامٌ. وأَحْرَمَ القومُ: دخلوا في الحَرَمِ. ورجل
حَرامٌ: داخل في الحَرَمِ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، وقد جمعه بعضهم
على حُرُمٍ.
والبيت الحَرامُ والمسجد الحَرامُ والبلد الحَرام. وقوم حُرُمٌ
ومُحْرِــمون. والــمُحْرِــمُ: الداخل في الشهر الحَرام، والنَّسَبُ إلى
الحَرَم حِرْمِيٌّ، والأُنثى حِرْمِيَّة، وهو من المعدول الذي يأتي على غير
قياس، قال المبرد: يقال امرأة حِرْمِيَّة وحُرْمِيَّة وأَصله من قولهم:
وحُرْمَةُ البيت وحِرْمَةُ البيت؛ قال الأَعشى:
لا تأوِيَنَّ لحِرْمِيٍّ مَرَرْتَ به،
بوماً، وإنْ أُلْقِيَ الحِرْميُّ في النار
وهذا البيت أَورده ابن سيده في المحكم، واستشهد به ابن بري في أَماليه
على هذه الصورة، وقال: هذا البيت مُصَحَّف، وإنما هو:
لا تَأوِيَنَّ لِجَرْمِيٍّ ظَفِرْتَ به،
يوماً، وإن أُلْقِيَ الجَرْميُّ في النّار
الباخِسينَ لِمَرْوانٍ بذي خُشُبٍ،
والدَّاخِلين على عُثْمان في الدَّار
وشاهد الحِرْمِيَّةِ قول النابغة الذبياني:
كادَتْ تُساقِطُني رَحْلي ومِيثَرَتي،
بذي المَجازِ، ولم تَحْسُسْ به نَغَما
من قول حِرْمِيَّةٍ قالت، وقد ظَعنوا:
هل في مُخْفِّيكُمُ مَنْ يَشْتَري أَدَما؟
وقال أَبو ذؤيب:
لَهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشيلِ، كأَنها
ضَرائرُ حِرْميٍّ تفاحشَ غارُها
قال الأَصمعي: أَظنه عَنى به قُرَيْشاً، وذلك لأَن أَهل الحَرَمِ أَول
من اتخذ الضرائر، وقالوا في الثوب المنسوب إليه حَرَمِيّ، وذلك للفرق الذي
يحافظون عليه كثيراً ويعتادونه في مثل هذا. وبلد حَرامٌ ومسجد حَرامٌ
وشهر حرام.
والأَشهُر الحُرُمُ أَربعة: ثلاثة سَرْدٌ أَي متتابِعة وواحد فَرْدٌ،
فالسَّرْدُ ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والــمُحَرَّــمُ، والفَرْدُ رَجَبٌ. وفي
التنزيل العزيز: منها أَربعة حُرُمٌ؛ قوله منها، يريد الكثير، ثم قال:
فلا تَظْلِموا فيهنَّ أَنفسكم لما كانت قليلة.
والــمُحَرَّــمُ: شهر الله، سَمَّتْه العرب بهذا الإسم لأَنهم كانوا لا
يستَحلُّون فيه القتال، وأُضيف إلى الله تعالى إعظاماً له كما قيل للكعبة
بيت الله، وقيل: سمي بذلك لأَنه من الأشهر الحُرُمِ؛ قال ابن سيده: وهذا
ليس بقوي. الجوهري: من الشهور أَربعة حُرُمٌ كانت العرب لا تستحل فيها
القتال إلا حَيّان خَثْعَم وطَيِّءٌ، فإنهما كانا يستَحِلاَّن الشهور، وكان
الذين يَنْسؤُون الشهور أَيام المواسم يقولون: حَرّمْنا عليكم القتالَ في
هذه الشهور إلاَّ دماء المُحِلِّينَ، فكانت العرب تستحل دماءهم خاصة في
هذه الشهور، وجمع الــمُحَرَّــم مَحارِمُ ومَحاريمُ ومُحَرَّــماتٌ. الأَزهري:
كانت العرب تُسَمِّي شهر رجب الأَصَمَّ والــمُحَرَّــمَ في الجاهلية؛ وأَنشد
شمر قول حميد بن ثَوْر:
رَعَيْنَ المُرارَ الجَوْنَ من كل مِذْنَبٍ،
شهورَ جُمادَى كُلَّها والــمُحَرَّــما
قال: وأَراد بالــمُحَرَّــمِ رَجَبَ، وقال: قاله ابن الأَعرابي؛ وقال
الآخر:أَقَمْنا بها شَهْرَيْ ربيعٍ كِليهما،
وشَهْرَيْ جُمادَى، واسْتَحَلُّوا الــمُحَرَّــما
وروى الأَزهري بإسناده عن أُم بَكْرَةَ: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم،
خَطَبَ في صِحَّته فقال: أَلا إنَّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق
السموات والأرض، السَّنَة اثنا عشر شهراً، منها أَربعة حُرُمٌ، ثلاثةٌ
مُتَوالِياتٌ: ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والــمحَرَّــمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الذي بين
جُمادَى وشعبان. والــمُحَرَّــم: أَول الشهور. وحَرَمَ وأَحْرَمَ: دخل في
الشهر الحرام؛ قال:
وإذْ فَتَكَ النُّعْمانُ بالناس مُحْرِــماً،
فَمُلِّئَ من عَوْفِ بن كعبٍ سَلاسِلُهْ
فقوله مُحْرِــماً ليس من إحْرام الحج، ولكنه الداخل في الشهر الحَرامِ.
والحُرْمُ، بالضم: الإحْرامُ بالحج. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كنت
أُطَيِّبُه، صلى الله عليه وسلم، لحِلِّهِ ولِحُرْمِه أَي عند إِحْرامه؛
الأَزهري: المعنى أَنها كانت تُطَيِّبُه إذا اغْتسل وأَراد الإِحْرام
والإهْلالَ بما يكون به مُحْرِــماً من حج أَو عمرة، وكانت تُطَيِّبُه إذا
حَلّ من إحْرامه؛ الحُرْمُ، بضم الحاء وسكون الراء: الإحْرامُ بالحج،
وبالكسر: الرجل الــمُحْرِــمُ؛ يقال: أَنتَ حِلّ وأَنت حِرْمٌ. والإِحْرامُ: مصدر
أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إحْراماً إذا أَهَلَّ بالحج أَو العمرة
وباشَرَ أَسبابهما وشروطهما من خَلْع المَخِيط، وأَن يجتنب الأشياء التي منعه
الشرع منها كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك، والأَصل فيه المَنْع، فكأنَّ
الــمُحْرِــم ممتنع من هذه الأَشياء. ومنه حديث الصلاة: تَحْرِيمُها
التكبير، كأن المصلي بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعاً من الكلام
والأَفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأَفعالِها، فقيل للتكبير تَحْرِيمٌ
لمنعه المصلي من ذلك، وإنما سميت تكبيرَة الإحْرام أَي الإِحرام
بالصلاة.والحُرْمَةُ: ما لا يَحِلُّ لك انتهاكه، وكذلك الــمَحْرَــمَةُ
والــمَحْرُــمَةُ، بفتح الراء وضمها؛ يقال: إن لي مَحْرُــماتٍ فلا تَهْتِكْها، واحدتها
مَحْرَــمَةٌ ومَحْرُــمَةٌ، يريد أن له حُرُماتٍ. والمَحارِمُ: ما لا يحل
إستحلاله.
وفي حديث الحُدَيْبية: لا يسألوني خُطَّةً يعَظِّمون فيها حُرُماتِ الله
إلا أَعْطيتُهم إياها؛ الحُرُماتُ جمع حُرْمَةٍ كظُلْمَةٍ وظُلُماتٍ؛
يريد حُرْمَةَ الحَرَمِ، وحُرْمَةَ الإحْرامِ، وحُرْمَةَ الشهر الحرام.
وقوله تعالى: ذلك ومن يُعَظِّمْ حُرُماتِ الله؛ قال الزجاج: هي ما وجب
القيامُ به وحَرُمَ التفريطُ فيه، وقال مجاهد: الحُرُماتُ مكة والحج
والعُمْرَةُ وما نَهَى الله من معاصيه كلها، وقال عطاء: حُرُماتُ الله معاصي
الله.وقال الليث: الحَرَمُ حَرَمُ مكة وما أَحاط إلى قريبٍ من الحَرَمِ، قال
الأَزهري: الحَرَمُ قد ضُرِبَ على حُدوده بالمَنار القديمة التي بَيَّنَ
خليلُ الله، عليه السلام، مشَاعِرَها وكانت قُرَيْش تعرفها في الجاهلية
والإسلام لأَنهم كانوا سُكان الحَرَمِ، ويعملون أَن ما دون المَنارِ إلى
مكة من الحَرَمِ وما وراءها ليس من الحَرَمِ، ولما بعث الله عز وجل
محمداً، صلى الله عليه وسلم، أَقرَّ قُرَيْشاً على ما عرفوه من ذلك، وكتب مع
ابن مِرْبَعٍ الأَنصاري إلى قريش: أَن قِرُّوا على مشاعركم فإنكم على إرْثٍ
من إرْثِ إبراهيم، فما كان دون المنار، فهو حَرَم لا يحل صيده ولا
يُقْطَع شجره، وما كان وراء المَنار، فهو من الحِلّ يحِلُّ صيده إذا لم يكن
صائده مُحْرِــماً. قال: فإن قال قائل من المُلْحِدين في قوله تعالى: أَوَلم
يَرَوْا أَنَّا جعلنا حَرَماً آمناً ويُتَخَطَّف الناس من حولهم؛ كيف
يكون حَرَماً آمناً وقد أُخِيفوا وقُتلوا في الحَرَمِ؟ فالجواب فيه أَنه عز
وجل جعله حَرَماً آمناً أَمراً وتَعَبُّداً لهم بذلك لا إخباراً، فمن آمن
بذلك كَفَّ عما نُهِي عنه اتباعاً وانتهاءً إلى ما أُمِرَ به، ومن
أَلْحَدَ وأَنكر أَمرَ الحَرَمِ وحُرْمَتَهُ فهو كافر مباحُ الدمِ، ومن
أَقَرَّ وركب النهيَ فصاد صيد الحرم وقتل فيه فهو فاسق وعليه الكفَّارة فيما
قَتَلَ من الصيد، فإن عاد فإن الله ينتقم منه. وأَما المواقيت التي يُهَلُّ
منها للحج فهي بعيدة من حدود الحَرَمِ، وهي من الحلّ، ومن أَحْرَمَ منها
بالحج في الأَشهر الحُرُمِ فهو مُحْرِــمٌ مأْمور بالانتهاء ما دام
مُحْرِــماً عن الرَّفَثِ وما وراءَه من أَمر النساء، وعن التَّطَيُّبِ بالطيبِ،
وعن لُبْس الثوب المَخيط، وعن صيد الصيد؛ وقال الليث في قول الأَعشى:
بأَجْيادِ غَرْبيِّ الصَّفا والــمُحَرَّــمِ
قال: الــمُحَرَّــمُ هو الحَرَمُ. وتقول: أَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِــمٌ
وحَرامٌ، ورجل حَرامٌ أَي مُحْرِــم، والجمع حُرُم مثل قَذالٍ وقُذُلٍ،
وأَحْرَم بالحج والعمرة لأَنه يَحْرُم عليه ما كان له حَلالاً من قبلُ كالصيد
والنساء. وأَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في الإحْرام بالإِهلال، وأَحْرَمَ إذا
صار في حُرَمِه من عهد أَو ميثاق هو له حُرْمَةٌ من أَن يُغار عليه؛
وأََما قول أُحَيْحَة أَنشده ابن الأَعرابي:
قَسَماً، ما غيرَ ذي كَذِبٍ،
أَن نُبيحَ الخِدْن والحُرَمَه
(* قوله «أن نبيح الخدن» كذا بالأصل، والذي في نسختين من المحكم: أن
نبيح الحصن).
قال ابن سيده: فإني أَحسب الحُرَمَةَ لغة في الحُرْمَةِ، وأَحسن من ذلك
أَن يقول والحُرُمَة، بضم الراء، فتكون من باب طُلْمة وظُلُمَةٍ، أَو
يكون أَتبع الضم الضم للضرورة كما أتبع الأَعشى الكسر الكسر أَيضاً
فقال:أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنْفاسَها،
وقد تُكْرَهُ الحربُ بعد السِّلِمْ
إلاَّ أن قول الأَعشى قد يجوز أَن يَتَوَجَّه على الوقف كما حكاه سيبويه
من قولهم: مررت بالعِدِلْ.
وحُرَمُ الرجلِ: عياله ونساؤه وما يَحْمِي، وهي المَحارِمُ، واحدتها
مَحْرَــمَةٌ ومَحْرُــمة مَحْرُــمة. ورَحِمٌ مَحْرَــمٌ: مُحَرَّــمٌ
تَزْويجُها؛ قال:
وجارةُ البَيْتِ أَراها مَحْرَــمَا
كما بَراها الله، إلا إنما
مكارِهُ السَّعْيِ لمن تَكَرَّمَا
كما بَراها الله أَي كما جعلها. وقد تَحَرَّمَ بصُحْبته؛ والــمَحْرَــمُ:
ذات الرَّحِم في القرابة أَي لا يَحِلُّ تزويجها، تقول: هو ذو رَحِمٍ
مَحْرَــمٍ، وهي ذاتُ رَحِمٍ مَحْرَــمٍ؛ الجوهري: يقال هو ذو رَحِمٍ منها إذا لم
يحل له نكاحُها. وفي الحديث: لا تسافر امرأة إلا مع ذي مَحْرَــمٍ منها،
وفي رواية: مع ذي حُرْمَةٍ منها؛ ذو الــمَحْرَــمِ: من لا يحل له نكاحها من
الأَقارب كالأب والإبن والعم ومن يجري مجراهم.
والحُرْمَة: الذِّمَّةُ. وأَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِــمٌ
إذا كانت له ذمة؛ قال الراعي:
قَتَلوا ابنَ عَفّان الخليفةَ مُحْرِــماً،
ودَعا فلم أَرَ مثلَهُ مَقْتولا
ويروى: مَخْذولا، وقيل: أَراد بقوله مُحْرِــماً أَنهم قتلوه في آخر ذي
الحِجَّةِ؛ وقال أَبو عمرو: أَي صائماً. ويقال: أَراد لم يُحِلَّ من نفسه
شيئاً يوقِعُ به فهو مُحْرِــمٌ. الأزهري: روى شمر لعُمَرَ أَنه قال الصيام
إحْرامٌ، قال: وإنما قال الصيامُ إحْرام لامتناع الصائم مما يَثْلِمُ
صيامَه، ويقال للصائم أَيضاً
مُحْرِــمٌ؛ قال ابن بري: ليس مُحْرِــماً في بيت الراعي من الإحْرام ولا من
الدخول في الشهر الحَرام، قال: وإنما هو مثل البيت الذي قبله، وإنما
يريد أَن عثمان في حُرْمةِ الإسلام وذِمَّته لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً
يُوقِعُ به، ويقال للحالف مُحْرِــمٌ لتَحَرُّمِه به، ومنه قول الحسن في الرجل
يُحْرِمُ في الغضب أَي يحلف؛ وقال الآخر:
قتلوا كِسْرى بليلٍ مُحْرِــماً،
غادَرُوه لم يُمَتَّعْ بكَفَنْ
يريد: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَباه أَبْرَوَيْز بنَ هُرْمُزَ. الأَزهري:
الحُرْمة المَهابة، قال: وإذا كان بالإنسان رَحِمٌ وكنا نستحي مه قلنا: له
حُرْمَةٌ، قال: وللمسلم على المسلم حُرْمةٌ ومَهابةٌ. قال أَبو زيد: يقال
هو حُرْمَتُك وهم ذَوو رَحِمِه وجارُه ومَنْ يَنْصره غائباً وشاهداً ومن
وجب عليه حَقُّه. ويقال: أَحْرَمْت عن الشيء إذا أَمسكتَ عنه، وذكر أَبو
القاسم الزجاجي عن اليزيدي أَنه قال: سألت عمي عن قول النبي، صلى الله
عليه وسلم: كلُّ مُسْلم عن مسلم مُحْرِــمٌ، قال: الــمُحْرِــمُ الممسك، معناه
أَن المسلم ممسك عن مال المسلم وعِرْضِهِ ودَمِهِ؛ وأَنشد لمِسْكين
الدارميّ:
أَتتْني هَناتٌ عن رجالٍ، كأَنها
خَنافِسُ لَيْلٍ ليس فيها عَقارِبُ
أَحَلُّوا على عِرضي، وأَحْرَمْتُ عنهُمُ،
وفي اللهِ جارٌ لا ينامُ وطالِبُ
قال: وأَنشد المفضل لأَخْضَرَ بن عَبَّاد المازِنيّ جاهليّ:
لقد طال إعْراضي وصَفْحي عن التي
أُبَلَّغُ عنكْم، والقُلوبُ قُلوبُ
وطال انْتِظاري عَطْفَةَ الحِلْمِ عنكمُ
ليَرْجِعَ وُدٌّ، والمَعادُ قريبُ
ولستُ أَراكُمْ تُحْرِمونَ عن التي
كرِهْتُ، ومنها في القُلوب نُدُوبُ
فلا تأمَنُوا مِنّي كَفاءةَ فِعْلِكُمْ،
فيَشْمَتَ قِتْل أَو يُساءَ حبيبُ
ويَظْهَرَ مِنّاً في المَقالِ ومنكُُمُ،
إذا ما ارْتَمَيْنا في المَقال، عُيوبُ
ويقال: أَحْرَمْتُ الشيء بمعنى حَرَّمْتُه؛ قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ:
إلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ، كأنها
رواهِبُ أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ
قال: والضمير في كأنها يعود على رِكابٍ تقدم ذكرها. وتَحَرَّم منه
بحُرْمَةٍ: تَحَمّى وتَمَنَّعَ. وأََحْرَمَ القومُ إذا دخلوا في الشهر
الحَرامِ؛ قال زهير:
جَعَلْنَ القَنانَ عن يَمينٍ وحَزْنَهُ،
وكم بالقَنانِ من مُحِلٍّ ومُحْرِــمِ
وأَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في حُرْمة لا تُهْتَكُ؛ وأَنشد بيت زهير:
وكم بالقنانِ من مُحِلٍّ ومُحْرِــمِ
أي ممن يَحِلُّ قتالُه وممن لا يَحِلُّ ذلك منه. والــمُحْرِــمُ:
المُسالمُ؛ عن ابن الأَعرابي، في قول خِداش بن زهير:
إذا ما أصابَ الغَيْثُ لم يَرْعَ غَيْثَهمْ،
من الناس، إلا مُحْرِــمٌ أَو مُكافِلُ
هكذا أَنشده: أَصاب الغَيْثُ، برفع الغيث، قال ابن سيده: وأَراها لغة في
صابَ أَو على حذف المفعول كأنه إذا أَصابَهُم الغَيثُ أَو أَصاب الغيث
بلادَهُم فأَعْشَبَتْ؛ وأَنشده مرة أُخرى:
إذا شَرِبوا بالغَيْثِ
والمُكافِلُ: المُجاوِرُ المُحالِفُ، والكَفيلُ من هذا أُخِذَ.
وحُرْمَةُ الرجل: حُرَمُهُ وأَهله. وحَرَمُ الرجل وحَريمُه: ما يقاتِلُ عنه
ويَحْميه، فجمع الحَرَم أَحْرامٌ، وجمع الحَريم حُرُمٌ. وفلان مُحْرِــمٌ بنا أَي
في حَريمنا. تقول: فلان له حُرْمَةٌ أَي تَحَرَّمَ بنا بصحبةٍ أَو بحق
وذِمَّةِ. الأَزهري: والحَريمُ
قَصَبَةُ الدارِ، والحَريمُ فِناءُ المسجد. وحكي عن ابن واصل الكلابي:
حَريم الدار ما دخل فيها مما يُغْلَقُ عليه بابُها وما خرج منها فهو
الفِناءُ، قال: وفِناءُ البَدَوِيِّ ما يُدْرِكُهُ حُجْرَتُه وأَطنابُهُ، وهو
من الحَضَرِيّ إذا كانت تحاذيها دار أُخرى، ففِناؤُهما حَدُّ ما بينهما.
وحَريمُ الدار: ما أُضيف إليها وكان من حقوقها ومَرافِقها. وحَريمُ
البئر: مُلْقى النَّبِيثَة والمَمْشى على جانبيها ونحو ذلك؛ الصحاح: حَريم
البئر وغيرها ما حولها من مَرافقها وحُقوقها. وحَريمُ النهر: مُلْقى طينه
والمَمْشى على حافتيه ونحو ذلك. وفي الحديث: حَريمُ البئر أَربعون ذراعاً،
هو الموضع المحيط بها الذي يُلْقى فيه ترابُها أَي أَن البئر التي يحفرها
الرجل في مَواتٍ فَحريمُها ليس لأَحد أَن ينزل فيه ولا ينازعه عليها،
وسمي به لأَنه يَحْرُمُ منع صاحبه منه أَو لأَنه مُحَرَّــمٌ على غيره
التصرفُ فيه.
الأَزهري: الحِرْمُ المنع، والحِرْمَةُ الحِرْمان، والحِرْمانُ نَقيضه
الإعطاء والرَّزْقُ. يقال: مَحْرُــومٌ ومَرْزوق. وحَرَمهُ الشيءَ
يَحْرِمُهُ وحجَرِمَهُ حِرْماناً وحِرْماً
(* قوله «وحرماً» أي بكسر فسكون، زاد في
المحكم: وحرماً ككتف) وحَريماً وحِرْمَةً وحَرِمَةً وحَريمةً،
وأَحْرَمَهُ لغةٌ ليست بالعالية، كله: منعه العطيّة؛ قال يصف امرأة:
وأُنْبِئْتُها أَحْرَمَتْ قومَها
لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا
أَي حَرَّمَتْهُم على نفسها. الأَصمعي: أَحْرَمَتْ قومها أَي
حَرَمَتْهُم أَن ينكحوها. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: كل مُسلمٍ
عن مسلم مُحْرِــمٌ أَخَوانِ نَصيرانِ؛ قال أَبو العباس: قال ابن الأَعرابي
يقال إنه لــمُحْرِــمٌ عنك أَي يُحَرِّمُ أَذاكَ عليه؛ قال الأَزهري: وهذا
بمعنى الخبر، أَراد أَنه يَحْرُمُ على كل واحد منهما أَن يُؤْذي صاحبَهُ
لحُرْمة الإسلام المانِعَتِه عن ظُلْمِه. ويقال: مُسلم مُحْرِــمٌ وهو الذي
لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يُوقِعُ به، يريد أَن المسلم مُعْتَصِمٌ
بالإسلام ممتنع بحُرْمتِهِ ممن أَراده وأَراد ماله.
والتَّحْرِيمُ: خلاف التَّحْليل. ورجل مَحْروم: ممنوع من الخير. وفي
التهذيب: الــمَحْروم الذي حُرِمَ الخيرَ حِرْماناً. وقوله تعالى: في أَموالهم
حقٌّ معلوم للسائل والــمَحْروم؛ قيل: الــمَحْروم الذي لا يَنْمِي له مال،
وقيل أَيضاً: إِنه المُحارِفُ الذي لا يكاد يَكْتَسِبُ. وحَرِيمةُ
الربِّ: التي يمنعها من شاء من خلقه. وأَحْرَمَ الرجلَ: قَمَرَه، وحَرِمَ في
اللُّعبة يحْرَمُ حَرَماً: قَمِرَ ولم يَقْمُرْ هو؛ وأَنشد:
ورَمَى بسَهْمِ حَريمةٍ لم يَصْطَدِ
ويُخَطُّ خَطٌّ
فيدخل فيه غِلمان وتكون عِدَّتُهُمْ في خارج من الخَطّ فيَدْنو هؤلاء من
الخط ويصافحُ أَحدُهم صاحبَهُ، فإن مسَّ الداخلُ الخارجَ فلم يضبطه
الداخلُ قيل للداخل: حَرِمَ وأَحْرَمَ الخارِجُ الداخلَ، وإن ضبطه الداخلُ
فقد حَرِمَ الخارِجُ وأَحْرَمَه الداخِلُ. وحَرِمَ الرجلُ حَرماً: لَجَّ
ومَحَكَ. وحَرِمَت المِعْزَى وغيرُها من ذوات الظِّلْف حِراماً
واسْتحْرَمَتْ: أَرادت الفحل، وما أَبْيَنَ حِرْمَتَها، وهي حَرْمَى، وجمعها حِرامٌ
وحَرامَى، كُسِّرَ على ما يُكَسَّرُ عليه فَعْلَى التي لها فَعْلانُ نحو
عَجْلان وعَجْلَى وغَرْثان وغَرْثى، والاسم الحَرَمةُ والحِرمةُ؛ الأَول
عن اللحياني، وكذلك الذِّئْبَةُ والكلبة وأكثرها في الغنم، وقد حكي ذلك
في الإبل. وجاء في بعض الحديث: الذين تقوم عليهم الساعةُ تُسَلَّطُ عليهم
الحِرْمَةُ أَي الغُلْمَةُ ويُسْلَبُون الحياءَ، فاسْتُعْمِل في ذكور
الأَناسِيِّ، وقيل: الإسْتِحْرامُ لكل ذات ظِلْفٍ خاصةً. والحِرْمَةُ،
بالكسر: الغُلْمةُ. قال ابن الأثير: وكأنها بغير الآدمي من الحيوان أَخَصُّ.
وقوله في حديث آدم، عليه السلام: إنه اسْتَحْرَمَ بعد موت ابنه مائةَ سنةٍ
لم يَضْحَكْ؛ هو من قولهم: أَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في حُرْمَةٍ لا
تهْتَكُ، قال: وليس من اسْتِحْرام الشاة. الجوهري: والحِرْمةُ في الشاء
كالضَّبْعَةِ في النُّوقِ، والحِنَاء في النِّعاج، وهو شهوة البِضاع؛ يقال:
اسْتَحْرَمَت الشاةُ وكل أُنثى من ذوات الظلف خاصةً إذا اشتهت الفحل. وقال
الأُمَوِيُّ: اسْتَحْرَمتِ الذِّئبةُ والكلبةُ
إذا أَرادت الفحل. وشاة حَرْمَى وشياه حِرامٌ وحَرامَى مثل عِجالٍ
وعَجالى، كأَنه لو قيل لمذكَّرِهِ لَقِيل حَرْمانُ، قال ابن بري: فَعْلَى
مؤنثة فَعْلان قد تجمع على فَعالَى وفِعالٍ نحو عَجالَى وعِجالٍ، وأَما شاة
حَرْمَى فإنها، وإن لم يستعمل لها مذكَّر، فإنها بمنزلة ما قد استعمل لأَن
قياس المذكر منه حَرْمانُ، فلذلك قالوا في جمعه حَرامَى وحِرامٌ، كما
قالوا عَجالَى وعِجالٌ.
والــمُحَرَّــمُ من الإبل مثل العُرْضِيِّ: وهو الذَّلُول الوَسَط
(* قوله
«وهو الذلول الوسط» ضبطت الطاء في القاموس بضمة، وفي نسختين من المحكم
بكسرها ولعله أقرب للصواب) الصعبُ التَّصَرُّفِ حين تصَرُّفِه. وناقة
مُحَرَّــمةٌ: لم تُرَضْ؛ قال الأَزهري: سمعت العرب تقول ناقة مُحَرَّــمَةُ
الظهرِ إذا كانت صعبةً لم تُرَضْ ولم تُذَلَّْلْ، وفي الصحاح: ناقة
مُحَرَّــمةٌ أَي لم تَتِمَّ رياضتُها بَعْدُ. وفي حديث عائشة: إنه أَراد البَداوَة
فأَرسل إليَّ ناقة مُحَرَّــمةً؛ هي التي لم تركب ولم تُذَلَّل.
والــمُحَرَّــمُ من الجلود: ما لم يدبغ أَو دُبغ فلم يَتَمَرَّن ولم يبالغ، وجِلد
مُحَرَّــم: لم تتم دِباغته. وسوط مُحَرَّــم: جديد لم يُلَيَّنْ بعدُ؛ قال
الأَعشى:
تَرَى عينَها صَغْواءَ في جنبِ غَرْزِها،
تُراقِبُ كَفِّي والقَطيعَ الــمُحَرَّــما
وفي التهذيب: في جنب موقها تُحاذر كفِّي؛ أَراد بالقَطيع سوطه. قال
الأَزهري: وقد رأَيت العرب يُسَوُّون سياطَهم من جلود الإبل التي لم تدبغ،
يأخذون الشَّريحة العريضة فيقطعون منها سُيوراً عِراضاً ويدفنونها في
الثَّرَى، فإذا نَدِيَتْ ولانت جعلوا منها أَربع قُوىً، ثم فتلوها ثم علَّقوها
من شِعْبَي خشبةٍ يَرْكُزونها في الأَرض فتُقِلُّها من الأَرض ممدودةً
وقد أَثقلوها حتى تيبس.
وقوله تعالى: وحِرْم على قرية أهلكناها أَنهم لا يرجعون؛ روى قَتادةُ عن
ابن عباس: معناه واجبٌ عليها إذا هَلَكَتْ أن لا ترجع إلى دُنْياها؛
وقال أَبو مُعاذٍ النحويّ: بلغني عن ابن عباس أَنه قرأَها وحَرمَ على قرية
أَي وَجَب عليها، قال: وحُدِّثْت عن سعيد بن جبير أَنه قرأَها: وحِرْمٌ
على قرية أَهلكناها؛ فسئل عنها فقال: عَزْمٌ عليها. وقال أَبو إسحق في
قوله تعالى: وحرامٌ
على قرية أَهلكناها؛ يحتاج هذا إلى تَبْيين فإنه لم يُبَيَّنْ، قال:
وهو، والله أَعلم، أَن الله عز وجل لما قال: فلا كُفْرانَ لسعيه إنا له
كاتبون، أَعْلَمنا أَنه قد حَرَّمَ أعمال الكفار، فالمعنى حَرامٌ على قرية
أَهلكناها أَن يُتَقَبَّل منهم عَمَلٌ، لأَنهم لا يرجعون أَي لا يتوبون؛
وروي أَيضاً عن ابن عباس أَنه قال في قوله: وحِرْمٌ على قرية أَهلكناها،
قال: واجبٌ على قرية أَهلكناها أَنه لا يرجع منهم راجع أَي لا يتوب منهم
تائب؛ قال الأَزهري: وهذا يؤيد ما قاله الزجاج، وروى الفراء بإسناده عن ابن
عباس: وحِرْمٌ؛ قال الكسائي: أَي واجب، قال ابن بري: إنما تَأَوَّلَ
الكسائي وحَرامٌ في الآية بمعنى واجب، لتسلم له لا من الزيادة فيصير المعنى
عند واجبٌ على قرية أَهلكناها أَنهم لا يرجعون، ومن جعل حَراماً بمعنى
المنع جعل لا زائدة تقديره وحَرامٌ على قرية أَهلكناها أَنهم يرجعون،
وتأويل الكسائي هو تأْويل ابن عباس؛ ويقوّي قول الكسائي إن حَرام في الآية
بمعنى واجب قولُ عبد الرحمن بن جُمانَةَ المُحاربيّ جاهليّ:
فإنَّ حَراماً لا أَرى الدِّهْرَ باكِياً
على شَجْوِهِ، إلاَّ بَكَيْتُ على عَمْرو
وقرأ أَهل المدينة وحَرامٌ، قال الفراء: وحَرامٌ أَفشى في القراءة.
وحَرِيمٌ: أَبو حَيّ. وحَرامٌ: اسم. وفي العرب بُطون ينسبون إلى آل
حَرامٍ
(* قوله «إلى آل حرام» هذه عبارة المحكم وليس فيها لفظ آل) بَطْنٌ من
بني تميم وبَطْنٌ في جُذام وبطن في بكر بن وائل. وحَرامٌ: مولى كُلَيْبٍ.
وحَريمةُ: رجل من أَنجادهم؛ قال الكَلْحَبَةُ اليَرْبوعيّ:
فأَدْرَكَ أَنْقاءَ العَرَادةِ ظَلْعُها،
وقد جَعَلَتْني من حَريمةَ إصْبَعا
وحَرِيمٌ: اسم موضع؛ قال ابن مقبل:
حَيِّ دارَ الحَيِّ لا حَيَّ بها،
بِسِخالٍ فأُثالٍ فَحَرِمْ
والحَيْرَمُ: البقر، واحدتها حَيْرَمة؛ قال ابن أَحمر:
تَبَدَّلَ أُدْماً من ظِباءٍ وحَيْرَما
قال الأَصمعي: لم نسمع الحَيْرَمَ إلا في شعر ابن أَحمر، وله نظائر
مذكورة في مواضعها. قال ابن جني: والقولُ في هذه الكلمة ونحوها وجوبُ قبولها،
وذلك لما ثبتتْ به الشَّهادةُ من فَصاحة ابن أَحمر، فإما أَن يكون شيئاً
أَخذه عمن نَطَقَ بلغة قديمة لم يُشارَكْ في سماع ذلك منه، على حدّ ما
قلناه فيمن خالف الجماعة، وهو فصيح كقوله في الذُّرَحْرَح الذُّرَّحْرَحِ
ونحو ذلك، وإما أَن يكون شيئاً ارتجله ابن أَحمر، فإن الأَعرابي إذا
قَوِيَتْ فصاحتُه وسَمَتْ طبيعتُه تصرَّف وارتجل ما لم يسبقه أَحد قبله، فقد
حكي عن رُؤبَة وأَبيه: أَنهما كانا يَرْتَجِلان أَلفاظاً لم يسمعاها ولا
سُبِقا إليها، وعلى هذا قال أَبو عثمان: ما قِيس على كلام العَرَب فهو من
كلام العرب. ابن الأَعرابي: الحَيْرَمُ البقر، والحَوْرَمُ المال الكثير
من الصامِتِ والناطق.
والحِرْمِيَّةُ: سِهام تنسب إلى الحَرَمِ، والحَرَمُ قد يكون الحَرامَ،
ونظيره زَمَنٌ وزَمانٌ.
وحَريمٌ الذي في شعر امرئ القيس: اسم رجل، وهو حَريمُ بن جُعْفِيٍّ
جَدُّ الشُّوَيْعِر؛ قال ابن بري يعني قوله:
بَلِّغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَني،
عَمْدَ عَيْنٍ، قَلَّدْتُهُنَّ حَريما
وقد ذكر ذلك في ترجمة شعر. والحرَيمةُ: ما فات من كل مَطْموع فيه.
وحَرَمَهُ الشيء يَحْرِمُه حَرِماً مثل سَرَقَه سَرِقاً، بكسر الراء،
وحِرْمَةً
وحَريمةً وحِرْماناً وأَحْرَمَهُ أَيضاً إذا منعه إياه؛ وقال يصف إمرأة:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَها
لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا
(* قوله «ونبئتها» في التهذيب: وأنبئتها)
قال ابن بري: وأَنشد أَبو عبيد شاهداً على أَحْرَمَتْ بيتين متباعد
أَحدهما من صاحبه، وهما في قصيدة تروى لشَقِيق بن السُّلَيْكِ، وتروى لابن
أَخي زِرّ ابن حُبَيْشٍ الفقيه القارئ، وخطب امرأَة فردته فقال:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قومها
لتَنكِح في معشرٍ آخَرينا
فإن كنتِ أَحْرَمْتِنا فاذْهَبي،
فإن النِّساءَ يَخُنَّ الأَمينا
وطُوفي لتَلْتَقِطي مِثْلَنا،
وأُقْسِمُ باللهِ لا تَفْعَلِينا
فإمّا نَكَحْتِ فلا بالرِّفاء،
إذا ما نَكَحْتِ ولا بالبَنِينا
وزُوِّجْتِ أَشْمَطَ في غُرْبة،
تُجََنُّ الحَلِيلَة منه جُنونا
خَليلَ إماءٍ يُراوِحْنَهُ،
وللمُحْصَناتِ ضَرُوباً مُهِينا
إذا ما نُقِلْتِ إلى دارِهِ
أَعَدَّ لظهرِكِ سوطاً مَتِينا
وقَلَّبْتِ طَرْفَكِ في مارِدٍ،
تَظَلُّ الحَمامُ عليه وُكُونا
يُشِمُّكِ أَخْبَثَ أَضْراسِه،
إذا ما دَنَوْتِ فتسْتَنْشِقِينا
كأَن المَساويكَ في شِدْقِه،
إذا هُنَّ أُكرِهن، يَقلَعنَ طينا
كأَنَّ تَواليَ أَنْيابِهِ
وبين ثَناياهُ غِسْلاً لَجِينا
أَراد بالمارِدِ حِصْناً أَو قَصراً مما تُُعْلى حيطانُه وتُصَهْرَجُ
حتى يَمْلاسَّ فلا يقدر أَحد على ارتقائه، والوُكُونُ: جمع واكِنٍ مثل جالس
وجُلوسٍ، وهي الجاثِمة، يريد أَن الحمام يقف عليه فلا يُذْعَرُ
لارتفاعه، والغِسْل: الخطْمِيُّ، واللَّجِينُ: المضروب بالماء، شبَّه ما رَكِبَ
أَسنانَه وأنيابَِ من الخضرة بالخِطميّ المضروب بالماء. والحَرِمُ، بكسر
الراء: الحِرْمانُ؛ قال زهير:
وإنْ أَتاه خليلٌ يوم مَسْأَلةٍ
يقولُ: لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ
وإنما رَفَعَ يقولُ، وهو جواب الجزاء، على معنى التقديم عند سيبويه
كأَنه قال: يقول إن أَتاه خليل لا غائب، وعند الكوفيين على إضمار الفاء؛ قال
ابن بري: الحَرِمُ الممنوع، وقيل: الحَرِمُ الحَرامُ. يقال: حِرْمٌ
وحَرِمٌ وحَرامٌ بمعنى. والحَريمُ: الـصديق؛ يقال: فلان حَريمٌ
صَريح أَي صَديق خالص. قال: وقال العُقَيْلِيُّونَ حَرامُ
الله لا أَفعلُ ذلك، ويمينُ الله لا أَفعلُ ذلك، معناهما واحد. قال:
وقال أَبو زيد يقال للرجل: ما هو بحارِم عَقْلٍ، وما هو بعادِمِ عقل،
معناهما أَن له عقلاً. الأزهري: وفي حديث بعضهم إذا اجتمعت حُرْمتانِ طُرِحت
الصُّغْرى للكُبْرى؛ قال القتيبي: يقول إذا كان أَمر فيه منفعة لعامَّة
الناس ومَضَرَّةٌ على خاصّ منهم قُدِّمت منفعة العامة، مثال ذلك: نَهْرٌ
يجري لشِرْب العامة، وفي مَجْراه حائطٌ لرجل وحَمَّامٌ يَضُرُّ به هذا
النهر، فلا يُتْرَكُ إجراؤه من قِبَلِ هذه المَضَرَّة، هذا وما أَشبهه، قال:
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: في الحَرامِ كَفَّارةُ يمينٍ؛ هو أَن يقول
حَرامُ الله لا أَفعلُ كما يقول يمينُ اللهِ، وهي لغة العقيلِييّن، قال:
ويحتمل أَن يريد تَحْريمَ الزوجة والجارية من غير نية الطلاق؛ ومنه قوله
تعالى: يا أَيها النبي لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ الله لك، ثم قال عز وجل:
قد فرض الله لكم تَحِلَّةَ أَيْمانِكم؛ ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها:
آلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من نسائه وحَرَّمَ فجعل الحَرامَ
حلالاً، تعني ما كان حَرّمهُ على نفسه من نسائه بالإيلاء عاد فأَحَلَّهُ
وجعل في اليمين الكفارةَ. وفي حديث عليّ
(* قوله «وفي حديث عليّ إلخ» عبارة
النهاية: ومنه حديث عليّ إلخ) في الرجل يقول لامرأته: أَنتِ عليَّ
حَرامٌ، وحديث ابن عباس: من حَرّمَ امرأَته فليس بشيءٍ، وحديثه الآخر: إذا
حَرَّمَ الرجل امرأَته فهي يمينٌ يُكَفِّرُها. والإحْرامُ والتَّحْريمُ
بمعنى؛ قال يصف بعيراً:
له رِئَةٌ قد أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهرِهِ،
فما فيه للفُقْرَى ولا الحَجِّ مَزْعَمُ
قال ابن بري: الذي رواه ابن وَلاَّد وغيره: له رَبَّة، وقوله مَزْعَم
أَي مَطْمع. وقوله تعالى: للسائل والــمَحْرُــوم؛ قال ابن عباس: هو
المُحارِف.أَبو عمرو: الحَرُومُ الناقة المُعْتاطةُ الرَّحِمِ، والزَّجُومُ التي
لا تَرْغُو، والخَزُوم المنقطعة في السير، والزَّحُوم التي تزاحِمُ على
الحوض.
والحَرامُ: الــمُحْرِــمُ. والحَرامُ: الشهر الحَرامُ. وحَرام: قبيلة من
بني سُلَيْمٍ؛ قال الفرزدق:
فَمَنْ يَكُ خائفاً لأذاةِ شِعْرِي،
فقد أَمِنَ الهجاءَ بَنُو حَرامِ
وحَرَام أَيضاً: قبيلة من بني سعد بن بكر.
والتَّحْرِيمُ: الصُّعوبة؛ قال رؤبة:
دَيَّثْتُ من قَسْوتِهِ التَّحرِيما
يقال: هو بعير مُحَرَّــمٌ أَي صعب. وأَعرابيّ مُحَرَّــمٌ
أَي فصيح لم يخالط الحَضَرَ. وقوله في الحديث: أَما عَلِمْتَ أَن الصورة
مُحَرَّــمةٌ؟ أَي مُحَرَّــمَةُ الضربِ أَو ذات حُرْمةٍ، والحديث الآخر:
حَرَّمْتُ الظلمَ على نفسي أَي تَقَدَّسْتُ عنه وتعالَيْتُ، فهو في حقه
كالشيء الــمُحَرَّــم على الناس. وفي الحديث الآخر: فهو حَرامٌ بحُرمة الله أَي
بتحريمه، وقيل: الحُرْمةُ الحق أَي بالحق المانع من تحليله. وحديث
الرضاع: فَتَحَرَّمَ بلبنها أَي صار عليها حَراماً. وفي حديث ابن عباس:
وذُكِرَ عنده قولُ عليٍّ أَو عثمان في الجمع بين الأَمَتَيْن الأُختين:
حَرَّمَتْهُنَّ آيةٌ وأَحَلَّتْهُنَّ آيةٌ، فقال: يُحَرِّمُهُنَّ عليَّ قرابتي
منهن ولا يُحرِّمُهُنَّ قرابةُ بعضهن من بعض؛ قال ابن الأَثير: أَراد ابن
عباس أَن يخبر بالعِلَّة التي وقع من أجلها تَحْريمُ الجمع بين الأُختين
الحُرَّتَين فقال: لم يقع ذلك بقرابة إحداهما من الأخرى إذ لو كان ذلك لم
يَحِلَّ وطءُ الثانية بعد وطء الأولى كما يجري في الأُمِّ مع البنت،
ولكنه وقع من أجل قرابة الرجل منهما فَحُرمَ عليه أَن يجمع الأُختَ إلى
الأُخت لأَنها من أَصْهاره، فكأَن ابن عباس قد أَخْرَجَ الإماءَ من حكم
الحَرائر لأَنه لا قرابة بين الرجل وبين إمائِه، قال: والفقهاء على خلاف ذلك
فإنهم لا يجيزون الجمع بين الأُختين في الحَرائر والإماء، فالآية
الــمُحَرِّــمةُ قوله تعالى: وأَن تجمعوا بين الأُختين إلاَّ ما قد سلف، والآية
المُحِلَّةُ قوله تعالى: وما مَلكتْ أَيْمانُكُمْ.