عن اليونانية بمعنى محب الحق أو محب العدل. يستخدم للذكور.
عن اليونانية بمعنى محب الحق أو محب العدل. يستخدم للذكور.
لهف: اللَّهْف واللَّهَف: الأَسى والحزن والغَيْظ، وقيل: الأَسى على شيء
يفُوتُك بعدما تُشرف عليه؛ وأَما قوله أَنشده الأَخفش وابن الأَعرابي
وغيرهما:
فلَسْتُ بمُدْرِكٍ ما فات مِني
بِلَهْفَ، ولا بلَيْتَ، ولا لوَأني
فإنما أَراد بأَن أَقول والهَفا فحذف الأَلف. الجوهري: لَهِف، بالكسر،
يَلْهَفُ لَهَفاً أَي حَزِن وتحسَّر، وكذلك التَّلهُّف على الشيء. وقولهم:
يا لَهْف فلان كلمة يُتحسَّر بها على ما فات؛ ورجل لَهِف ولَهِيف؛ قال
ساعدة بن جُؤية:
صَبَّ اللَّهِيفُ لها السُّبُوبَ بطَغْيةٍ
تُنْبي العُقابَ، كما يُلَطُّ المِجْنَبُ
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون اللَّهِيف فاعلاً بصَبَّ، وأَن يكون خبر
مبتدإٍ مضمر كأَنه قال: صُبَّ السُّبُوبُ بطَغية، فقيل: مَن هو؟ قال: هو
اللهيف، ولو قال اللهيفَ فنصب على الترحم لكان حَسناً، قال: وهذا كما حكاه
سيبويه من قولهم إنه المسكينَ أَحقُّ؛ وكذلك رجل لَهْفانُ وامرأَة
لَهْفَى من قوم ونساء لَهافى ولُهُفٍ. ويقال: فلان يُلَهِّف نفْسَه وأُمّه إذا
قال: وانَفْساه وا أُمِّياه وا لَهْفَتاه وا لَهْفَتِياهْ، واللَّهْفانُ:
المتَحسِّر. واللهْفانُ واللاهِفُ: المَكْروب. وفي الحديث: اتقوا دعْوة
اللَّهْفان؛ هو المكروب. وفي الحديث: كان يحب إغاثة اللَّهْفان. ومن
أَمثالهم: إلى أُمّه يَلْهَف اللهْفان؛ قال شمر: يَلْهَفُ من لَهِفَ. وبأُمه
يَستَغيث اللَّهِفُ، يقال ذلك لمن اضْطُرْ فاستغاث بأَهل ثِقَته. قال:
ويقال لهَّف فلان أُمَّه وأُمَّيْه، يريدون أَبويه؛ قال الجَعْدي:
أَشْكى ولَهَّفَ أُمّيْه، وقد لَهِفَتْ
أُمّاه، والأُم فيما تنحل الخبلا
يريد أَباه وأُمه. ويقال: لَهِف لَهفاً، فهو لَهْفان، ولُهِف، فهو
مَلْهوف أَي حَزين قد ذهب له مال أَو فُجع بحَميم؛ وقال الزَّفَيان:
يا ابْن أَبي العاصِي إليكَ لَهَّفَت،
تَشْكُو إليك سَنةً قد جَلَّفَتْ
لهَّفت أَي استغاثتْ. ويقال: نادَى لَهَفه إذا قال يا لَهَفي، وقيل في
قولهم يا لهْفا عليه: أَصله يا لهْفي، ثم جعلت ياء الإضافة أَلفاً كقولهم:
يا ويْلي عليه ويا ويْلا عليه. وفي نوادر الأَعراب: أَنا لَهِيفُ القلب
ولاهِفٌ ومَلهوف أَي مُحْتَرِق القلب. واللَّهِيف: المضطر. والملْهوف:
المظلوم ينادي ويستغيث. وفي الحديث: أَجِب المَلْهوفَ. وفي الحديث الآخر:
تُعِين ذا الحاجة المَلْهُوفَ؛ واستعاره بعضهم للرُّبَعِ من الإبل فقال:
إذا دعاها الرُّبَعُ المَلْهُوفُ،
نَوَّه منها الزَّجِلاتُ الحُوفُ
كأَنَّ هذا الرُّبَعَ ظُلِم بأَنه فُطِم قبل أَوانه، أَو حِيل بينه وبين
أُمه بأَمر آخر غير الفِطام. واللَّهوف: الطويل.
رود: الرَّوْدُ: مصدر فعل الرائد، والرائد: الذي يُرْسَل في التماس
النُّجْعَة وطلب الكلإِ، والجمع رُوَّاد مثل زائر وزُوَّار. وفي حديث عليّ،
عليه السلام، في صفة الصحابة، رضوان الله عليهم أَجمعين: يدخلون رُوَّاداً
ويخرجون أَدلة أَي يدخلون طالبين للعلم ملتمسين للحلم من عنده ويخرجون
أَدلة هُداة للناس. وأَصل الرائد الذي يتقدّم القوم يُبْصِر لهم الكلأَ
ومساقط الغيث؛ ومنه حديث الحجاج في صفة الغيث: وسمعت الرُّوَّاد يدعون إِلى
ديارتها أَي تطلب الناس إِليها، وفي حديث وفد عبد القيس: إِنَّا قوم
رادَةٌ؛ وهو جمع رائد كحاكة وحائك، أَي نرود الخير والدين لأَهلنا. وفي شعر
هذيل: رادَهم رائدهم
(* قوله «والريوند» في القاموس والروند كسجل، يعني
بكسر ففتح فسكون، والاطباء يزيدونها الفاً، فيقولون راوند)، ونحو هذا كثير
في لغتها، فإِما أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه، وإِما أَن يكون فَعَلاً،
إِلا أَنه إِذا كان فَعَلاً فإِنما هو على النسَب لا على الفعل؛ قال أَبو
ذؤيب يصف رجلاً حاجّاً طلب عسلاً:
فباتَ بِجَمْعٍ، ثم تمَّ إِلى مِنًى،
فأَصبح راداً يَبتِغي المزْجَ بالسَّحْل
أَي طالباً؛ وقد راد أَهله منزلاً وكلأً، وراد لهم رَوْداً وارتاد
واستراد. وفي حديث معقل
بن يسار وأُخته: فاستَراد لأَمر الله أَي رجع ولان وانقاد، وارتاد لهم
يرتاد.
ورجل رادٌ: بمعنى رائد، وهو فَعَل، بالتحريك، بمعنى فاعل كالفَرَط بمعنى
الفارط. ويقال: بعثنا رائداً يرود لنا الكلأَ والمنزل ويرتاد والمعنى
واحد أَي ينظر ويطلب ويختار أَفضله. قال وجاءَ في الشعر: بعثوا رادهم أَي
رائدهم؛ ومن أَمثالهم: الرائدُ لا يَكْذب أَهَله؛ يضرب مثلاً للذي لا يكذب
إِذا حدّث، وإِنما قيل له ذلك لأَنه إِن لم يَصْدُقهم فقد غرّر بهم.
وراد الكلأَ يَرُدوه رَوْداً ورِياداً وارتاده ارتياداً بمعنى أَي طلبه.
ويقال: راد أَهلَه يرودهم مَرْعىً أَو منزلاً رياداً وارتاد لهم ارتياداً؛
ومنه الحديث: إِذا أَراد أَحدكم أَن يبول فليَرتَدْ لبوله أَي يرتاد
مكاناً دَمِثاً ليناً منحدراً، لئلا يرتد عليه بوله ويرجع عليه رَشاشُه.
والرائد: الذي لا منزل له. وفي الحديث: الحمى رائدُ الموت أَي رسول الموت الذي
يتقدّمه، كالرائد الذي يبعث ليَرتاد منزلاً ويتقدم قومه؛ ومنه حديث
المولد: أُعيذُك بالواحد، من شر كلِّ حاسد وكلِّ خَلْقٍ رائد أَي يتقدم
بمكروه.
وقولهم: فلان مُسترادٌ لمثله، وفلانة مستراد لمثلها أَي مِثلُه ومثلها
يُطلب ويُشَحُّ به لنفاسته؛ وقيل: معناه مُسترادُ مِثلِه أَو مِثلِها،
واللام زائدة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
ولكنَّ دَلاًّ مُستراداً لمِثلِه،
وضرباً للَيْلى لا يُرى مِثلُه ضربا
ورادَ الدارَ يَرُودُها: سأَلها؛ قال يصف الدار:
وقفت فيها رائداً أَرُودُها
ورادث الدوابُّ رَوْداً وَرَوَداناً واسترادتْ: رَعَتْ؛ قال أَبو ذؤيب:
وكان مِثلَينِ أَن لا يَسرحَوا نَعَماً،
حيثُ استرادَتْ مواشيهمْ، وتسريحُ
ورُدْتُها أَنا وأَردتها.
والروائدُ: المختلفة من الدواب؛ وقيل: الروائدُ منها التي ترعى من بينها
وسائرها محبــوس عن المرتع أَو مربوط. التهذيب: والروائد من الدواب التي
ترتع؛ ومنه قول الشاعر:
كأَنَّ روائدَ المُهْراتِ منها
ورائدُ العين: عُوَّارُها الذي يَرُودُ فيها. ويقال: رادَ وِسادُه إِذا
لم يستقرّ.
والرِّيادُ وذَبُّ الرِّياد: الثور الوحشي سمي بالمصدر؛ قال ابن مقبل:
يُمَشِّي بها ذَبُّ الرِّيادِ، كأَنه
فتًى فارسيٌّ في سراويلِ رامح
وقال أَبو حنيفة: رادتِ الإِبلُ ترودُ رِياداً احتلفت في المرعى مقبلة
ومدبرة وذلك رِيادُها، والموضه مَرادٌ؛ وكذلك مَرادُ الريح وهو المكان
الذي يُذهَبُ فيه ويُجاء؛ قال جندل:
والآلُ في كلِّ مَرادٍ هَوْجَلِ
وفي حديث قس:
ومَراداً لمَحْشرِ الخَلْق طُرّا
أَي موضعاً يحشر فيه الخلق، وهو مَفْعل من رادَ يَرْودُ. وإِن ضُمَّت
الميم، فهو اليوم الذي يُرادُ أَن يحشر فيه الخلق. ويقال: رادَ يَرودُ إِذا
جاء وذهب ولم يطمئن. ورجل رائد الوِسادِ إِذا لم يطمئن عليه لِهَمٍّ
أَقلَقَه وبات رائدَ الوساد؛ وأَنشد:
تقول له لما رأَت جَمْعَ رَحلِه:
(* قوله «تقول له لما رأت جمع رحله»
كذا بالأصل ومثله في شرح القاموس. والذي في الأساس: لما رأت خمع رجله، بفتح
الخاء المعجمة وسكون الميم أي عرج رجله.)
أَهذا رئيسُ القومِ رادَ وِسادُها؟
دعا عليها بأَن لا تنام فيطمئن وسادها.
وامرأَة رادٌ ورَوادٌ، بالتخفيف غير مهموز، ورَو ود؛ الأَخيرة عن أَبي
علي: طوّافة في بيوت جاراتها، وقد رادتْ تَرودُ رَوْداً وَروَدَاناً
ورُؤوداً، فهي رادَة إِذا أَكثرت الاختلاف إِلى بيوت جاراتها. الأَصمعي:
الرادَة من النساء؛ غير مهموز، التي تَرودُ وتطوف، والرَّأَدة، بالهمز.
السريعة الشباب، مذكور في موضعه. ورادت الريحُ تَرودُ رَوْداً ورُؤوداً
وروَدَاناً: جالت؛ وفي التهذيث: إِذا تحركت، ونَسَمَتْ تَنْسِمِ نَسَماناً إِذا
تحركت تحركاً خفيفاً. وأَراد الشيءَ: شاءَه؛ قال ثعلب: الإِرادَة تكون
مَحَبَّــة وغير محبــة؛ فأَما قوله:
إِذا ما المرءُ كان أَبوه عَبْسٌ،
فَحَسْبُكَ ما تزيدُ إِلى الكلام
فإِنما عدّاه بإِلى لأَن فيه معنى الذي يحوجك أَو يجيئك إِلى الكلام؛
ومثله قول كثير:
أُريدُ لأَنسى ذِكرَها، فكأَنما
تَمثَّلُ لي لَيْلى بكلِّ سبيلِ
أَي أُريد أَن أَنسى. قال ابن سيده: وأُرى سيبويه قد حكى إِرادتي بهذا
لك أَي قصدي بهذا لك. وقوله عز وجل: فوجدا فيها جداراً يريد أَن ينقضَّ
فأَقامه؛ أَي أَقامه الخَضِرُ. وقال: يريد والإِرادة إِنما تكون من
الحيوان، والجدارُ لا يريد إِرادَة حقيقية لأَنَّ تَهَيُّؤه للسقوط قد ظهر كما
تظهر أَفعال المريدين، فوصف الجدار بالإِرادة إِذ كانت الصورتان واحدة؛
ومثل هذا كثير في اللغة والشعر؛ قال الراعي:
في مَهْمَةٍ قَلِقَتْ به هاماتُها،
قَلَقَ الفُؤُوسِ إِذا أَردنَ نُضولا
وقال آخر:
يُريدُ الرمحُ صدرَ أَبي بَراء،
ويَعدِلُ عن دِماءِ بَني عَقيل
وأَرَدْتُه بكلِ ريدَة أَي بكل نوع من أَنواع الإِرادة. وأَراده على
الشيء: كأَداره.
والرَّودُ والرُّؤْدُ: المُهْلَة في الشيء. وقالوا: رُؤَيْداً أَي
مَهلاً؛ قال ابن سيده: هذه حكاية أَهل اللغة، وأَما سيبويه فهو عنده اسم
للفعل. وقالوا رُوْيداً أَي أَمهِلْه ولذلك لم يُثن ولم يُجْمع ولم يؤنث.
وفلان يمشي على رُودٍ أَي على مَهَل؛ قال الجَموحُ الظَّفَرِيُّ:
تَكادِ لا تَثلِمُ البَطحاءَ وَطْأَتُها،
كأَنها ثَمِلٌ يَمِشي على رُودِ
وتصغيره رُوَيد. أَبو عبيد عن أَصحابه: تكبير رويدٍ رَوْدٌ وتقول منه
أَرْوِدْ في السيرِ إِرْواداً ومُرْوَداً أَي ارفق؛ وقال امرُؤ القيس:
جَوَادُ المَحَصَّةِ والمُرْوَدِ
وبفتح الميم أَيضاً مثل المُخْرَج والمَخرج؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده
جوادَ، بالنصب، لأَن صدرَه:
وأَعدَدْتُ للحرب وثَّابَةً
والجَواد هنا الفرس السريعة. والمَحَثَّة: من الحث؛ يقول إِذا استحثثتها
في السير أَو رفقت بها أَعطتك ما يرضيك من فعلها. وقولهم: الدهرُ أَرودُ
ذُو غِيَرٍ أَي يَعمل عمله في سكون لا يُشَعر به. والإِرواد: الإِمهال،
ولذلك قالوا رُوَيداً بدلاً من قولهم إِرْواداً التي بمعنى أَرْوِدْ،
فكأَنه تصغير الترخيم بطرح جميع الزوائد، وهذا حكم هذا الضرب من التحقير؛
قال ابن سيده: وهذا مذهب سيبويه في رويد لأَنه جعله بدلاً من أَرُوِدْ، غير
أَن رُويداً أَقرب إِلى إِرْوادٍ منها إِلى أَرْوِدْ لأَنها اسم مثل
إِرواد، وذهب غير سيبوية إِلى أَن رُويداً تصغير رُود؛ وأَنشد بيت الجموح
الظفري:
كأَنها ثَمِلٌ يمشي على رُود
قال: وهذا خطأٌ لأَن رُوداً لم يوضع موضع الفعل كما وضعت إِرواد بدليل
أَرود. وقالوا: رُويدك زيداً فلم يجعلوا للكاف موضعاً، وإِنما هي للخطاب
ودليل ذلك قولهم: أَرَأَيتك زيداً أَبو من؟ والكاف لا موضع لها لأَنك لو
قلت أَرأَيت زيداً أَبو من هو لا يستغني الكلام؛ قال سيبويه: وسمعنا من
العرب من يقول: والله لو أَردتَ الدراهم لأَعطيتك رُوَيْدَ ما الشِّعرِ؛
يريد أَرْوِدِ الشعر كقول القائل لو أَردت الدارهم لأُعْطِيَنَّك فدع
الشعر؛ قال الأَزهري: فقد تبين أَن رُويد في موضع الفعل ومُتَصَرَّفِهِ يقول
رُويدَ زيداً، وإِنما يقول أَرود زيداً؛ وأَنشد:
رُويدٍ عَلِيًّا، جُدَّ ما ثَدْيُ أُمِّهم
إِلينا، ولكن وُدُّهم مُتَماينُ
قال: رواه ابن كيسان «ولكن بعضهم مُتيامِنُ» وفسره أَنه ذاهب إِلى
اليمن. قال: وهذا أَحب إِليّ من متماين. قال ابن سيده: ومن العرب من يقول رويد
زيد كقوله غَدْرَ الحي وضَرْبَ الرِّقاب؛ قال: وعلى هذا أَجازوا رُويدك
نفسك زيداً. قال سيبويه: وقد يكون رويد صفة فيقولون ساروا سيراً رُويداً،
ويحذفون السير فيقولون ساروا رُويداً يجعلونه حالاً له، وصف كلامه
واجتزأَ بما في صدر حديثه من قولك سار عن ذكر السير؛ قال الأَزهري: ومن ذلك
قول العرب ضعه رويداً أَي وضعاً رويداً، ومن ذلك قول الرجل يعالج الشيء
إِنما يريد أَن يقول علاُجاً رويداً، قال: فهذا على وجه الحال إِلا أَن يظهر
الموصوف به فيكون على الحال وعلى غير الحال. قال: واعلم أَن رويداً
تلحقها الكاف وهي في موضع أَفعِلْ، وذلك قولك رويدك زيداً ورويدكم زيداً،
فهذه الكاف التي أُلحقت لتبيين المخاطب في رويداً، ولا موضع لها من الإِعراب
لأَنها ليست باسم، ورويد غير مضاف إِليها، وهو متعد إِلى زيد لأَنه اسم
سمي به الفعل يعمل عمل الأَفعال، وتفسير رويد مهلاً، وتفسير رويدك
أَمهِلْ، لأَن الكاف إِنما تدخله إِذا كان بمعنى أَفعِل دون غيره، وإِنما حركت
الدال لالتقاء الساكنين فنُصبَ نَصْبَ المصادر، وهو مصغر أَرْوَدَ
يُرْوِد، وله أَربعة أَوجه: اسم للفعل وصفة وحال ومصدر، فالاسم نحو قولك رويد
عمراً أَي أَروِدْ عمراً بمعنى أَمهِلْه، والصفة نحو قولك ساروا سيراً
رُويداً، والحال نحو قولك سار القومُ رُويداً لما اتصل بالمعرفة صار حالاً
لها، والمصدر نحو قولك رويد عَمْرٍو بالإِضافة، كقوله تعالى: فضرب الرقاب.
وفي حديث أَنْجَشَةَ: رُويدَك رِفْقاً بالقوارير أَي أَمهل وتأَنّ
وارفُق؛ وقال الأَزهري عند قوله: فهذه الكاف التي أُلحقت لتبيين المخاطب في
رويداً، قال: وإِنما أُلحقت المخصوص لأَن رويداً قد يقع للواحد والجمع
والذكر والأُنثى، فإِنما أَدخل الكاف حيث خِيف التباس من يُعْنى ممن لا
يُعْنى، وإِنما حذفت في الأَول استغناء بعلم المخاطب لأَنه لا يعنى غيره. وقد
يقال رويداً لمن لا يخاف أَن يلتبس بمن سواه توكيداً، وهذا كقولك
النَّجاءَكَ والوَحاك تكون هذه الكاف علماً للمأْمورين والمنهبين. قال وقال
الليث: إِذا أَردت بِرُوَيد الوعيد نصبتها بلا تنوين؛ وأَنشد:
رُويدَ تَصَاهَلْ بالعِراقِ جِيادَنا،
كأَنك بالضحَّاك قد قام نادِبُه
قال ابن سيده، وقال بعض أَهل اللغة: وقد يكون رويداً للوعيد، كقوله:
رُويدَ بني شيبانَ، بعضَ وَعيدِكم
تُلاقوا غداً خَيْلي على سَفَوانِ
فأَضاف رويداً إِلى بني شيبان ونصب بعضَ وعيدكم بإِضمار فعل، وإِنما قال
رويد بني شيبان على أَن بني شيبان في موضع مفعول، كقولك رويد زيدٍ
وكأَنه أَمر غيرهم بإِمهالهم، فيكون بعض وعيدكم على تحويل الغيبة إِلى الخطاب؛
ويجوز أَن يكون بني شيبان منادى أَي أَملهوا بعضَ وعيدكم، ومعنى الأَمر
ههنا التأْهير والتقليل منه، ومن رواه رويدَ بني شيبانَ بعضَ وعيدهم كان
البدل لأَن موضع بني شيبان نصب، على هذا يتجه إِعراب البيت؛ قال: وأَما
معنى الوعيد فلا يلزم وإِنما الوعيد فيه بحسب الحال لأَنه يتوعدهم باللقاء
ويتوعدونه بمثله. قال الأَزهري: وإِذا أَردت برُويد المهلة والإِرواد في
الشيء فانصب ونوّن، تقول: امش رويداً، قال: وتقول العرب أَروِدْ في معنى
رويداً المنصوبة. قال ابن كيسان في باب رويداً: كأَنّ رويداً من
الأَضداد، تقول رويداً إِذا أَرادوا دَعْه وخَلِّه، وإِذا أَرادوا ارفق به
وأَمسكه قالوا: رويداً زيداً أَيضاً، قال: وتَيْدَ زيداً بمعناها، قال: ويجوز
إِضافتها إِلى زيد لأَنهما مصدران كقوله تعالى: فضرب الرقاب. وفي حديث
علي: إِن لبني أُمية مَرْوَداً يَجرون إِليه، هو مَفْعَل من الإِرْوادِ
الإِمهال كأَنه شبه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذي يجرون إِليه، والميم
زائدة.
التهذيب: والرِّيدة اسم يوضع موضع الارتياد والإِرادة، وأَراد الشيء:
أَحبه وعُنِيَ به، والاسم الرِّيدُ. وفي حديث عبد الله: إِن الشيطان يريد
ابن آدَم بكل ريدة أَي بكل مَطْلَب ومُراد. يقال: أَراد يريد إِرادة،
والريدة الاسم من الإِرادة. قال ابن سيده: فأَما ما حكاه اللحياني من قولهم:
هَرَدْتُ الشيء أَهَريدُه هِرادةً، فإِنما هو على البدل، قال سيبويه:
أُريد لأَن تفعل معناه إِرادتي لذلك، كقوله تعالى: وأُمِرتُ لأَنْ أَكونَ
أَوَّلَ المسلمين. الجوهري وغيره: والإِرادة المشيئة وأَصله الواو، كقولك
راوده أَي أَراده على أَن يفعل كذا، إِلا أَن الواو سكنت فنقلت حركتها
إِلى ما قبلها فانقلبت في الماضي أَلفاً وفي المستقبل ياء، وسقطت في المصدر
لمجاورتها الأَلف الساكنة وعوّض منها الهاء في آخره.
قال الليث: وتقول راوَدَ فلان جاريته عن نفسها وراوَدَتْه هي عن نفسه
إِذا حاول كل واحد من صاحبه الوطء والجماع؛ ومنه قوله تعالى: تراود فتاها
عن نفسه؛ فجعل الفعل لها. وراوَدْتُه على كذا مُراوَدَةً ورِواداً أَي
أَردتُه. وفي حديث أَبي هريرة: حيث يُراوِدُ عمَّه أَبا طالب على الإِسلام
أَي يُراجعه ويُرادُّه؛ ومنه حديث الإسراء: قال له موسى، صلى الله عليهما
وسلم: قد والله راودْتُ بني إِسرائيل على أَدنى من ذلك فتركوه. وراودْته
عن الأَمر وعليه: داريته.
والرائد: العُود الذي يقبض عليه الطاحن إِذا أَداره. قال ابن سيده:
والرائدُ مَقْبِضُ الطاحن من الرحى. ورائدُ الرحى: مَقْبِضُها. والرائد: يد
الرحى. والمِرْوَدُ: الميل وحديدة تدور في اللجام ومِحورُ البكرة إِذا كان
من حديد. وفي حديث ماعز: كما يدخل المِرْوَدِ في المكحُلةِ؛ المِرْوَدُ،
بكسر الميم: الميل الذي يكتحل به، والميم زائدة. والمِرْوَدُ أَيضاً:
المَفْصِل. والمِرْوَدُ: الوَتِدُ؛ قال:
داوَيْتُه بالمَحْضِ حتى شتا،
يَجتذِبُ الأَرِيَّ بالمِرْوَد
أَراد مع المِروَد. ويقال: ريح رَوْدٌ لينة الهُبوب. ويقال: ريح رادة
إِذا كانت هَوْجاء تَجيءُ وتذهب. وريح رائدة: مثل رادة، وكذلك رُواد؛ قال
جرير:
أَصَعْصَعَ إِن أُمَّكَ، بعد ليلي،
رُوادُ الليلِ، مُطْلَقَةُ الكِمام
وكذلك امرأَة رواد ورَادة ورائدة.
لبب: لُبُّ كلِّ شيءٍ، ولُبابُه: خالِصُه وخِـيارُه، وقد غَلَبَ
اللُّبُّ على ما يؤكل داخلُه، ويُرْمى خارجُه من الثَّمر. ولُبُّ الجَوْز واللَّوز، ونحوهما: ما في جَوْفه، والجمعُ اللُّـبُوبُ؛ تقول منه: أَلَبَّ الزَّرْعُ، مثل أَحَبَّ، إِذا دَخَلَ فيه الأُكلُ.
ولَـبَّبَ الـحَبَّ تَلْبِـيباً: صار له لُبٌّ. ولُبُّ النَّخلةِ: قَلْبُها. وخالِصُ كلِّ شيءٍ: لُبُّه. الليث: لُبُّ كلِّ شيءٍ من الثمار داخلُه الذي يُطْرَحُ خارجُه، نحو لُبِّ الجَوْز واللَّوز. قال: ولُبُّ الرَّجُل: ما جُعِل في قَلْبه من العَقْل.
وشيءٌ لُبابٌ: خالِصٌ. ابن جني: هو لُبابُ قَومِه، وهم لُبابُ قومهم، وهي لُبابُ قَوْمها؛ قال جرير:
تُدَرِّي فوقَ مَتْنَيْها قُروناً * على بَشَرٍ، وآنِسَـةٌ لُبابُ
والـحَسَبُ: اللُّبابُ الخالصُ، ومنه سميت المرأَة لُبابَة. وفي الحديث: إِنـَّا حَيٌّ من مَذْحجٍ، عُبابُ سَلَفِها ولُبابُ شرَفِها. اللُّبابُ: الخالِصُ من كل شيءٍ، كاللُّبِّ. واللُّبابُ: طَحِـينٌ مُرَقَّقٌ. ولَبَّبَ الـحَبُّ: جَرَى فيه الدَّقيقُ. ولُبابُ القَمْح، ولُبابُ الفُسْتُقِ، ولُبابُ الإِبلِ: خِيارُها. ولُبابُ الـحَسَبِ: مَحْضُه. واللُّبابُ: الخالِصُ من كلِّ شيءٍ؛ قال ذو الرمة يصف فحلاً مِئناثاً:
سِـبَحْلاً أَبا شِرْخَينِ أَحْيا بَناتِه * مَقالِـيتُها، فهي اللُّبابُ الـحَبائسُ
وقال أَبو الحسن في الفالوذَج: لُبابُ القَمْحِ بِلُعابِ النَّحْل.
ولُبُّ كلِّ شيءٍ: نفسُه وحَقِـيقَتُه. وربما سمي سمُّ الحيةِ: لُبّاً.
واللُّبُّ: العَقْلُ، والجمع أَلبابٌ وأَلْـبُبٌ؛ قال الكُمَيْتُ:
إِليكُمْ، بني آلِ النبـيِّ، تَطَلَّعَتْ * نَوازِعُ من قَلْبي، ظِماءٌ، وأَلْـبُبُ
وقد جُمعَ على أَلُبٍّ، كما جُمِعَ بُؤْسٌ على أَبْؤُس، ونُعْم على
أَنْعُم؛ قال أَبو طالب:
قلْبي إِليه مُشْرِفُ الأَلُبِّ
واللَّبابةُ: مصدرُ اللَّبِـيب. وقد لَبُبْتُ أَلَبُّ، ولَبِـبْتَ تَلَبُّ، بالكسر، لُبّاً ولَبّاً ولَبابةً: صِرْتَ ذا لُبٍّ. وفي التهذيب: حكى لَبُبْتُ، بالضم، وهو نادر، لا نظير له في المضاعف. وقيل لِصَفِـيَّة بنت
عبدالمطَّلب، وضَرَبَت الزُّبَير: لم تَضْرِبينَهُ؟ فقالتْ: لِـيَلَبَّ، ويقودَ الجَيشَ ذا الجَلَب أَي يصير ذا لُبٍّ. ورواه بعضهم: أَضْرِبُه
لكيْ يَلَبَّ، ويَقودَ الجَيشَ ذا اللَّجَب. قال ابن الأَثير: هذه لغةُ
أَهلِ الـحِجاز؛ وأَهْلُ نَجْدٍ يقولون: لَبَّ يَلِبُّ بوزن فَرَّ يَفِرُّ.
ورجل ملبوبٌ: موصوف باللَّبابة.
ولَبيبٌ: عاقِلٌ ذو لُبٍّ، مِن قوم أَلِبَّاء؛ قال سيبويه: لا يُكَسَّرُ على غير ذلك، والأُنثى لبيبةٌ. الجوهري: رجلٌ لَبيبٌ، مثلُ لَبٍّ؛ قال الـمُضَرِّبُ ابن كَعْب:
فقلتُ لها: فِـيئي إِلَيكِ، فإِنَّني * حَرامٌ، وإِني بعد ذاكَ لَبِـيبُ
التهذيب: وقال حسان:
وجارِيَةٍ مَلْبُوبةٍ ومُنَجَّسٍ * وطارِقةٍ، في طَرْقِها، لم تُشَدِّدِ
واسْتَلَبَّهُ: امْتَحَنَ لُبَّهُ.
ويقال: بناتُ أَلْبُبٍ عُروق في القَلْبِ، يكون منها الرِّقَّةُ. وقيل
لأَعْرابيةٍ تُعاتِبُ ابْنَها: ما لَكِ لا تَدْعِـينَ عليه؟ قالت: تَـأْبى
له ذلك بناتُ أَلْبُـبـي. الأَصمعي قال: كان أَعرابيٌّ عنده امرأَة
فَبَرِمَ بها، فأَلقاها في بِئرٍ غَرَضاً بها، فمَرَّ بها نَفَرٌ فسَمِعوا
هَمْهَمَتَها من البئر، فاسْتَخْرجوها، وقالوا: من فَعَلَ هذا بك؟ فقالت: زوجي، فقالوا ادعِـي اللّهَ عليه، فقالَتْ: لا تُطاوعُني بناتُ أَلبُـبـي. قالوا: وبَناتُ أَلبُبٍ عُروقٌ متصلة بالقلب. ابن سيده: قد عَلِمَتْ بذلك بَناتُ أَلبُبِه؛ يَعْنونَ لُبَّه، وهو أَحدُ ما شَذَّ من الـمُضاعَف، فجاءَ على الأَصل؛ هذا مذهب سيبويه، قال يَعْنُونَ لُبَّه؛ وقال المبرد في قول الشاعر:
قد عَلِمَتْ ذاكَ بَناتُ أَلبَـبِهْ
يريدُ بَناتِ أَعْقَلِ هذا الـحَيِّ، فإِن جمعت أَلبُـباً، قلتَ: أَلابِبُ، والتصغير أُلَيبِـيبٌ، وهو أَولى من قول من أَعَلَّها.
واللَّبُّ: اللَّطِـيفُ القَريبُ من الناس، والأُنْثى: لَبَّةٌ، وجمعها
لِـبابٌ. واللَّبُّ: الحادِي اللاَّزم لسَوقِ الإِبل، لا يَفْتُر عنها
ولا يُفارِقُها. ورجلٌ لَبٌّ: لازمٌ لِصَنْعَتِهِ لا يفارقها. ويقال: رجلٌ
لَبٌّ طَبٌّ أَي لازِمٌ للأَمرِ؛ وأَنشد أَبو عمرو:
لَبّاً، بأَعْجازِ الـمَطِـيِّ، لاحقا
ولَبَّ بالمكان لَبّاً، وأَلَبَّ: أَقام به ولزمَه. وأَلَبَّ على الأَمرِ: لَزِمَه فلم يفارقْه.
وقولُهم: لَبَّيكَ ولَبَّيهِ، مِنه، أَي لُزوماً لطاعَتِكَ؛ وفي الصحاح: أَي أَنا مُقيمٌ على طاعَتك؛ قال:
إِنَّكَ لو دَعَوتَني، ودوني
زَوراءُ ذاتُ مَنْزَعٍ بَيُونِ،
لَقُلْتُ: لَبَّيْهِ، لـمَنْ يَدعُوني
أَصله لَبَّـبْت فعَّلْت، من أَلَبَّ بالمكان، فأُبدلت الباء ياءً لأَجلِ التضعيف. قال الخليل، هو من قولهم: دار فلان تُلِبُّ داري أَي تُحاذيها أَي أَنا مُواجِهُكَ بما تُحِبُّ إِجابةً لك، والياء للتثنية، وفيها
دليل على النصب للـمَصدر. وقال سيبويه: انْتَصَب لَبَّيْكَ، على الفِعْل، كما انْتَصَبَ سبحانَ اللّه. وفي الصحاح: نُصِبَ على المصدر، كقولك: حَمْداً للّه وشكراً، وكان حقه أَن يقال: لَبّاً لكَ، وثُنِّي على معنى التوكيد أَي إِلْباباً بك بعد إِلبابٍ، وإِقامةً بعد إِقامةٍ. قال الأَزهري: سمعت أَبا الفضل الـمُنْذِرِيَّ يقول: عُرضَ على أَبي العباس ما سمعتُ من أَبي طالب النحويّ في قولهم لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، قال: قال الفراء: معنى لَبَّيْكَ، إِجابةً لك بعد إِجابة؛ قال: ونصبه على المصدر.
قال: وقال الأَحْمَرُ: هو مأْخوذٌ من لَبَّ بالمكان، وأَلَبَّ به إِذا
أَقام؛ وأَنشد:
لَبَّ بأَرضٍ ما تَخَطَّاها الغَنَمْ
قال ومنه قول طُفَيْل:
رَدَدْنَ حُصَيْناً من عَدِيٍّ ورَهْطِهِ، * وتَيْمٌ تُلَبِّي في العُروجِ، وتَحْلُبُ
أَي تُلازمُها وتُقيمُ فيها؛ وقال أَبوالهيثم قوله:
وتيم تلبي في العروج، وتحلب
أَي تَحْلُبُ اللِّبَـأَ وتَشْرَبهُ؛ جعله من اللِّبـإِ، فترك همزه، ولم يجعله من لَبَّ بالمكان وأَلَبَّ. قال أَبو منصور: والذي قاله أَبو الهيثم أَصوبُ. لقوله بعده وتَحْلُبُ. قال وقال الأَحمر: كأَنَّ أَصْلَ لَبَّ
بك، لَبَّبَ بك، فاستثقلوا ثلاث باءَات، فقلبوا إِحداهن ياءً، كما
قالوا: تَظَنَّيْتُ، من الظَّنِّ. وحكى أَبو عبيد عن الخليل أَنه قال: أَصله من أَلبَبْتُ بالمكان، فإِذا دعا الرجلُ صاحبَه، أَجابه: لَبَّيْكَ أَي أَنا مقيم عندك، ثم وكد ذلك بلَبَّيكَ أَي إِقامةً بعد إِقامة. وحكي عن الخليل أَنه قال: هو مأْخوذ من قولهم: أُمٌّ لَبَّةٌ أَي مُحِـبَّــة عاطفة؛ قال: فإِن كان كذلك، فمعناه إِقْبالاً إِليك ومَحَبَّـــةً لك؛ وأَنشد:
وكُنْتُمْ كأُمٍّ لَبَّةٍ، طَعَنَ ابْنُها * إِليها، فما دَرَّتْ عليه بساعِدِ
قال، ويقال: هو مأْخوذ من قولهم: داري تَلُبُّ دارَك، ويكون معناه: اتِّجاهي إِليك وإِقبالي على أَمرك. وقال ابن الأَعرابي: اللَّبُّ الطاعةُ، وأَصله من الإِقامة. وقولهم: لَبَّيْكَ، اللَّبُّ واحدٌ، فإِذا ثنيت، قلت في الرفع: لَبَّانِ، وفي النصب والخفض: لَبَّينِ؛ وكان في الأَصل لَبَّيْنِكَ أَي أَطَعْتُكَ مرتين، ثم حُذِفَت النون للإِضافة أَي أَطَعْتُكَ طاعةً، مقيماً عندك إِقامةً بعد إِقامة. ابن سيده: قال سيبويه وزعم يونس أَن لَبَّيْكَ اسم مفرد، بمنزلة عَلَيكَ، ولكنه جاءَ على هذا اللفظ في حَدِّ الإِضافة، وزعم الخليل أَنها تثنية، كأَنه قال: كلما أَجَبْتُكَ في شيءٍ، فأَنا في الآخر لك مُجِـيبٌ. قال سيبويه: ويَدُلُّك على صحة قول الخليل قولُ بعض العرب: لَبِّ، يُجْريه مُجْرَى أَمْسِ وغاقِ؛ قال: ويَدُلُّك على أَن لبَّيكَ ليست بمنزلة عليك، أَنك إِذا أَظهرت الاسم، قلت:
لَبَّيْ زَيْدٍ؛ وأَنشد:
دَعَوْتُ لِـمَانا بَني مِسْوَراً، * فَلَبَّـى، فَلَبَّـيْ يَدَيْ مِسْوَرِ
فلو كان بمنزلة على لقلتَ: فَلَبَّى يَدَيْ، لأَنك لا تقول: عَلَيْ زَيدٍ إِذا أَظهرتَ الاسم. قال ابن جني: الأَلف في لَبَّـى عند بعضهم هي ياء التثنية في لَبَّيْكَ، لأَنهم اشتقوا من الاسم المبني الذي هو الصوت مع حرف التثنية فعلاً، فجمعوه من حروفه، كما قالوا مِن لا إِله إِلا اللّه: هَلَّلْتُ، ونحو ذلك، فاشتقوا لبَّيتُ من لفظ لبَّيكَ، فجاؤُوا في لفظ لبَّيْت بالياءِ التي للتثنية في لبَّيْكَ، وهذا قول سيبويه. قال: وأَما يونس فزعم أَن لبَّيْكَ اسم مفرد، وأَصله عنده لَبَّبٌ، وزنه فَعْلَل، قال: ولا يجوز أَن تَحْمِلَه على فَعَّلَ، لقلة فَعَّلَ في الكلام، وكثرة فَعْلَلَ، فقُلِـبَت الباء، التي هي اللام الثانية من لَبَّبٍ، ياءً، هَرباً من التضعيف، فصار لَبَّـيٌ، ثم أَبدل الياء أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار لَبَّـى، ثم إِنه لما وُصِلَتْ بالكاف في لبَّيْك، وبالهاءِ في لَبَّيْه، قُلِـبَت الأَلفُ ياء كما قُلِـبَتْ في إِلى وعَلى ولدَى إِذا وصلتها بالضمير، فقلت إِليك وعليك ولديك؛ واحتج سيبويه على يونس فقال: لو كانت ياءُ لَبَّيْكَ، بمنزلة ياء عليك ولديك، لوجب، مَتى أَضَفْتَها إِلى الـمُظْهَر، أَن تُقِرَّها أَلِفاً، كما أَنك إِذا أَضَفْتَ عليك وأُختيها إِلى الـمُظْهَرِ، أَقْرَرْتَ أَلفَها بحالها، ولكُنْتَ تقول على هذا: لَـبَّى زيدٍ، ولَـبَّى جَعْفَرٍ، كما تقول: إِلى زيدٍ، وعلى عمرو، ولدَى خالدٍ؛ وأَنشد قوله: فلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرِ؛ قال: فقوله لَبَّيْ، بالياءِ مع إِضافته إِلى الـمُظْهَر، يدل على أَنه اسم مثنى، بمنزلة غلامَيْ زيدٍ، ولَبَّاهُ قالَ:
لَبَّيْكَ، ولَبَّـى بالـحَجِّ كذلك؛ وقولُ الـمُضَرِّبِ بن كعبٍ:
وإِني بعد ذاكَ لَبيبُ
إِنما أَراد مُلَبٍّ بالـحَج. وقوله بعد ذاك أَي مع ذاك. وحكى ثعلب:
لَبَّـأْتُ بالحج. قال: وكان ينبغي أَن يقول: لَبَّيْتُ بالحج. ولكن العرب قد قالته بالهمز، وهو على غير القياس. وفي حديث الإِهْلالِ بالحج: لَبَّيْكَ اللهمَّ لبَّيْكَ، هو من التَّلْبية، وهي إِجابةُ الـمُنادِي أَي إِجابَتي لك يا ربِّ، وهو مأْخوذٌ مما تقدم. وقيل: معناه إِخلاصِـي لك؛ مِن قولهم: حَسَبٌ لُبابٌ إِذا كان خالصاً مَحْضاً، ومنه لُبُّ الطَّعام ولُبابُه. وفي حديث عَلْقمة أَنه قال للأَسْوَدِ: يا أَبا عَمْرو. قال: لبَّيْكَ!قال: لبَّى يَدَيكَ. قال الخَطّابي: معناه سَلِمَتْ يداك وصَحَّتا، وإِنما ترك الإِعراب في قوله يديك، وكان حقه أَن يقول: يداك، لِـيَزْدَوِجَ يَدَيْكَ بلَبَّـيْكَ. وقال الزمخشري: معنى لَبَّى يَدَيْك أَي أُطيعُكَ، وأَتَصَرَّفُ بإِرادتك، وأَكونُ كالشيءِ الذي تُصَرِّفُه بيديك كيف شئت. ولَبابِ لَبَابِ يُريدُ به: لا بأْس، بلغة حمير. قال ابن سيده: وهو عندي مما تقدم، كأَنه إِذا نَفَى البأْسَ عنه اسْتَحَبَّ مُلازمَته.
واللَّبَبُ: معروف، وهو ما يُشدُّ على صَدْر الدابة أَو الناقة؛ قال ابن سيده وغيرُه: يكونُ للرَّحْل والسَّرْج يمنعهما من الاستئخار، والجمعُ أَلبابٌ؛ قال سيبويه: لم يجاوزوا به هذا البناءَ.
وأَلْبَبْتُ السَّرْجَ: عَمِلْتُ له لَبَـباً. وأَلْبَـبْتُ الفرسَ، فهو مُلْبَبٌ، جاءَ على الأَصل، وهو نادر: جَعَلْتُ له لَبَـباً. قال: وهذا الحرف هكذا رواه ابن السكيت، بإِظهار التضعيف. وقال ابن كَيْسان: هو غلط، وقياسُه مُلَبٌّ، كما يقال مُحَبٌّ، مِن
أَحْبَبْتُه، ومنه قولهم: فلان في لَبَبٍ رخِـيٍّ إِذا كان في حال واسعة؛ ولَبَبْتُهُ، مخفف، كذلك عن ابن الأَعرابي: واللَّبَبُ: البالُ، يقال: إِنه لَرَخِـيُّ اللَّبَبِ. التهذيب، يقال: فلانٌ في بالٍ رَخِـيٍّ ولَبَبٍ رَخِـيٍّ أَي في سَعَة وخِصْب وأَمْنٍ.
واللَّبَبُ من الرَّمْل: ما اسْتَرَقَّ وانحَدَرَ من مُعْظَمه، فصار بين
الجَلَد وغَلْظِ الأَرضِ؛ وقيل: لَبَبُ الكَثِـيبِ: مُقَدَّمُه؛ قال ذو
الرمة:
بَرَّاقةُ الجِـيدِ واللَّبَّاتِ واضحةٌ، * كأَنها ظَبْيَةٌ أَفْضَى بها لَبَبُ
قال الأَحمر: مُعْظَمُ الرمل العَقَنْقَلُ، فإِذا نَقَصَ قيل: كَثِيبٌ؛
فإِذا نقَص قيل: عَوْكَلٌ؛ فإِذا نقص قيل: سِقْطٌ؛ فإِذا نقص قيل:
عَدابٌ؛ فإِذا نقَص قيل: لَبَبٌ. التهذيب: واللَّبَبُ من الرمل ما كان قريباً من حَبْل الرَّمْل.
واللَّبَّةُ: وَسَطُ الصَّدْر والـمَنْحَر، والجمع لَبَّاتٌ ولِـبابٌ، عن ثعلب. وحكى اللحياني: إِنها لَـحَسنةُ اللَّبَّاتِ؛ كأَنهم جَعَلوا كلَّ جُزْءٍ منها لَبَّةً، ثم جَمَعُوا على هذا. واللَّبَبُ كاللَّبَّةِ: وهو موضع القلادة من الصدر من كل شيءٍ، والجمع الأَلْبابُ؛ وأَما ما جاءَ في الحديث: إِن اللّه منع مِنِّي بَني مُدْلِـجٍ لصلَتِهِم الرَّحِم، وطَعْنِهم في أَلْبابِ الإِبل، ورواه بعضهم: في لَبَّاتِ الإِبل. قال أَبو عبيد: من رواه في أَلباب الإِبلِ، فله معنيان: أَحدهما أَن يكون أَراد جمعَ اللُّبِّ، ولُبُّ كلِّ شيءٍ خالصُه، كأَنه أَراد خالصَ إِبلهم وكرائمها،
والمعنى الثاني أَنه أَراد جمعَ اللَّـبَب، وهو موضع الـمَنْحَر من كل شيءٍ. قال: ونُرَى أَن لَبَبَ الفرس إِنما سمي به، ولهذا قيل: لَبَّـبْتُ فلاناً إِذا جَمَعْتَ ثيابَه عند صَدْره ونحْره، ثم جَرَرْتَه؛ وإِن كان المحفوظُ اللَّبَّات، فهي جمعُ اللَّبَّةِ، وهي اللِّهْزِمةُ التي فوق الصدر، وفيها تُنْحَرُ الإِبل. قال ابن سيده: وهو الصحيح عندي.
ولَبَـبْتُه لَبّاً: ضَرَبْتُ لَبَّـتَه. وفي الحديث: أَما تكونُ الذكاةُ إِلاَّ في الـحَلْقِ واللَّبَّة. ولَبَّه يَلُبُّه لَبّاً: ضَرَبَ لَبَّتَه. ولَبَّةُ القلادة: واسطتُها.
(يتبع...)
(تابع... 1): لبب: لُبُّ كلِّ شيءٍ، ولُبابُه: خالِصُه وخِـيارُه، وقد غَلَبَ... ...
وتَلَبَّبَ الرجلُ: تَحَزَّم وتَشَمَّر. والـمُتَلَبِّبُ: الـمُتَحَزِّمُ بالسلاح وغيره. وكل مُجَمِّعٍ لثيابِه: مُتَلَبِّبٌ؛ قال عنترة:
إِني أُحاذِرُ أَن تَقولَ حَلِـيلَتي: * هذا غُبارٌ ساطِـعٌ، فَتَلَبَّبِ
واسم ما يُتَلَبَّبُ: اللَّبابَةُ؛ قال:
ولَقَدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَومَ طِرادِها، * فطَعَنْتُ تَحْتَ لَبابةِ الـمُتَمَطِّر
وتَلَبُّب المرأَة بمِنْطَقَتِها: أَن تضع أَحد طرفيها على مَنكِـبها
الأَيسر، وتُخْرِجَ وسطَها من تحت يدها اليمنى، فتُغَطِّـيَ به صَدرَها، وتَرُدَّ الطَّرَفَ الآخر على مَنكِـبِها الأَيسر.
والتَّلْبيبُ من الإِنسان: ما في موضع اللَّبَبِ من ثيابه. ولَبَّبَ الرجلَ: جعل ثيابه في عُنقِه وصدره في الخصومة، ثم قَبَضَه وجَرَّه. وأَخَذَ بتَلْبـيبِه كذلك، وهو اسم كالتَّمْتِـينِ.
التهذيب، يقال: أَخَذ فلانٌ بتَلْبِـيبِ فلان إِذا جمَع عليه ثوبه الذي
هو لابسه عند صدره، وقَبَض عليه يَجُرُّه. وفي الحديث: فأَخَذْتُ
بتَلْبيبِه وجَرَرْتُه؛
يقال لَبَّبَه: أَخذَ بتَلْبيبِه وتَلابيبِه إِذا جمعتَ ثيابَه عند نَحْره وصَدْره، ثم جَرَرْته، وكذلك إِذا جعلتَ في عُنقه حَبْلاً أَو ثوباً، وأَمْسَكْتَه به. والـمُتَلَبَّبُ: موضعُ القِلادة. واللَّبَّة: موضعُ الذَّبْح، والتاء زائدة. وتَلَبَّبَ الرَّجُلانِ: أَخَذَ كلٌّ منهما بلَبَّةِ صاحِـبه.
وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، صَلَّى في ثوبٍ واحدٍ مُتَلَبِّـباً به. الـمُتَلَبِّبُ: الذي تَحَزَّم بثوبه عند صدره. وكلُّ من جَمَعَ ثوبه مُتَحَزِّماً، فقد تَلَبَّبَ به؛ قال أَبو ذؤيب:
وتَمِـيمَةٍ من قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ، * في كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطَعُ
ومن هذا قيل للذي لبس السلاحَ وتَشَمَّر للقتال: مُتَلَبِّبٌ؛ ومنه قول
الـمُتَنَخِّل:
واسْتَلأَموا وتَلَـبَّبوا، * إِنَّ التَّلَبُّبَ للـمُغِـير
وفي الحديث: أَن رجلاً خاصم أَباه عنده، فأَمَرَ به فلُبَّ له.
يقال: لَبَبْتُ الرجلَ ولَبَّبْتُه إِذا جعلتَ في عُنقه ثوباً أَو غيره،
وجَرَرْتَه به.
والتَّلْبيبُ: مَجْمَعُ ما في موضع اللَّبَب من ثياب الرجل. وفي الحديث: أَنه أَمر بإِخراج المنافقين من المسجد، فقام أَبو أَيُّوبَ إِلى رافع بن وَدِيعةَ، فلَبَّبَه بردائه، ثم نَتَره نَتْراً شديداً.
واللَّبيبةُ: ثوبٌ كالبَقِـيرة.
والتَّلْبيبُ: التَّرَدُّد. قال ابن سيده: هكذا حُكِيَ، ولا أَدرِي ما
هو. الليث: والصَّريخ إِذا أَنذر القومَ واسْتَصْرَخَ: لَبَّبَ، وذلك أَن
يَجْعل كِنانَته وقَوْسَه في عُنقه، ثم يَقْبِضَ على تَلْبيبِ نَفْسِه؛
وأَنشد:
إِنا إِذا الدَّاعي اعْتَزَى ولَبَّبا
ويقال: تَلْبيبُه تَرَدُّدُه. ودارُه تُلِبُّ داري أَي تَمتَدُّ معها.
وأَلَبَّ لك الشيءُ: عَرَضَ؛ قال رؤبة:
وإِن قَراً أَو مَنْكِبٌ أَلَبَّا
واللَّبْلَبةُ: لَحْسُ الشاة ولدَها، وقيل: هو أَن تُخْرِجَ الشاةُ لسانَها كأَنها تَلْحَسُ ولدَها، ويكون منها صوتٌ، كأَنها تَقول: لَبْ لَبْ.
واللَّبْلَبة: الرِّقَّة على الولد، ومنه: لَبْلَبَتِ الشاةُ على ولدها إِذا لَحِسَتْه، وأَشْبَلَتْ عليه حين تضَعُه. واللَّبْلَبة: فِعْلُ الشاةِ بولدها إِذا لَحِسَتْه بشفتها. التهذيب، أَبو عمرو: اللَّبْلَبَةُ التَّفَرُّق؛ وقال مُخَارِقُ بنُ شهاب في صفة تَيْسِ غَنَمِه:
وراحَتْ أُصَيْلاناً، كأَنَّ ضُروعَها * دِلاءٌ، وفيها واتِدُ القَرْن لَبْلَبُ
أَراد باللَّبْلَب: شَفَقَتَه على الـمِعْزى التي أُرْسِلَ فيها، فهو ذو
لَبْلَبةٍ عليها أَي ذو شَفَقةٍ.
ولَبالِبُ الغَنم: جَلَبَتُها وصَوتها. واللَّبْلَبَة: عَطْفُك على الإِنسان ومَعُونتُه. واللَّبْلَبة: الشَّفَقة على الإِنسان، وقد لَبْلَبْتُ عليه؛ قال الكميت:
ومِنَّا، إِذا حَزَبَتْكَ الأُمورُ، * علَيْكَ الـمُلَبْلِبُ والـمُشْبِلُ
وحُكيَ عن يونس أَنه قال: تقول العرب للرجل تَعْطِفُ عليه: لَبابِ، لَبابِ، بالكسر، مثل حَذامِ وقَطامِ.
واللَّبْلَبُ: النَّحْرُ. ولَبْلَبَ التَّيْسُ عند السِّفادِ: نَبَّ، وقد يقال ذلك للظبي. وفي حديث ابن عمرو: أَنه أَتى الطائفَ، فإِذا هو يَرى
التُّيوسَ تَلِبُّ، أَو
تَنِبُّ على الغَنم؛ قال: هو حكاية صوتِ التُّيوس عند السِّفادِ؛ لَبَّ يَلِبُّ، كَفَرَّ يَفِرُّ.
واللَّبابُ من النَّبات: الشيءُ القليل غير الواسع، حكاه أَبو حنيفة.
واللَّبْلابُ: حَشيشة. واللَّبْلابُ: نَبْتٌ يَلْتَوي على الشجر.
واللَّبْلابُ: بقلة معروفة يُتَداوَى بها.
ولُبابةُ: اسم امرأَة. ولَبَّى ولُبَّى ولِـبَّى: موضعٌ؛ قال:
أَسيرُ وما أَدْرِي، لَعَلَّ مَنِـيَّتي * بلَبَّـى، إِلى أَعْراقِها، قد تَدَلَّتِ
لذذ: اللَّذَّةُ: نقيض الأَلم، واحدة اللذان. لذَّه ولَذَّ به يَلَذُّ
لَذًّا ولَذَاذَةً والْتَذَّهُ والْتَذّ به واسْتَلَذّه: عدّه لَذِيذاً.
ولَذِذْتُ الشيءَ، بالكسر، لَذَاذاً ولَذَاذَةً أَي وجدته لذيذاً. والتذذت
به وتلذذت به بمعنى. واللَّذّة واللَّذَادَةُ واللَّذِيذُ واللَّذْوَى:
كله الأَكل والشرب بِنَعْمَةٍ وكفاية. ولَذِذْتُ الشيء وأَنا أَلَذُّ به
لَذَاذَةً ولَذِذْته سواء؛ وأَنشد ابن السكيت:
تَقاكَ بِكَعْبً واحد وتَلَذّه
يداك، إِذا ما هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ
ولَذَّ الشيءُ يَلَذُّ إِذا كان لذيذاً؛ وقال رؤْبة:
لَذَّتْ أَحاديثُ الغَوِيِّ المُبْدِعِ
أَي اسْتُلِذ بها؛ ويُجْمَعُ اللَّذيذُ لِذاذاً.
وفي الحديث: إِذا ركب أَحدكم الدابة فليحملها على مَلاذِّها أَي
ليُجْرِها في السُّهولة لا في الحُزُونة. والمَلاذُّ: جمع مَلَذٍّ، وهو موضع
اللذة، من لَذَّ الشيءُ يَلَذُّ لَذاذة، فهو لذيذ أَي مشتهى. وفي حديث
عائشة، رضي الله عنها: أَنها ذكرت الدنيا فقالت: قد مضى لَذْواها وبقي
بَلْواها أَي لذتها، وهو فَعْلى من اللذة فقلبت احدى الذالين ياء كالتقضي
والتلظي، وأَرادت بذهاب لَذْواها حياة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
وبالبلوى ما حدث بعده من المحن. وقول الزبير
(* قوله «وقول الزبير إلخ» في
شرح القاموس وفي الحديث كان الزبير يرقص عبد الله ويقول).
في الحديث حين كان يُرَقّص عبدَ الله ويقول:
أَبيضُ من آل أَبي عَتيقِ،
مُبارَكٌ من ولَدِ الصِّدِّيقِ،
أَلَذُّه كما أَلَذُّ رِيقي
قال: تقول لذذته، بالكسر، أَلذه، بالفتح. ورجل لَذٌّ: مُلْتذ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي لابن سَعْنَهَ:
فَراحَ أَصِيلُ الحَزْم لَذّاً مُرَزَّأً
وباكَرَ مَمْلُوءاً من الرَّاح مُتْرَعا
واللَّذّ واللَّذيذ: يجريان مَجرى واحداً في النعت. وقوله عز وجل: من
خمر لذةٍ للشاربِين أَي لذيذة، وقيل لذة أَي ذات لذةٍ؛ وشراب لَذٌّ من
أَشربة لُذٍّ ولِذاذ، ولَذيذٌ من أَشربة لِذاذ. وكأْسٌ لَذَّةٌ: لذيذة. وفي
التنزيل: بيضاء لَذةٍ للشاربين. وقد روي بيت ساعدة: لَذٌّ بِهَزِّ
الكَفِّ؛ أَراد يلتذ الكف به، وجعل اللذة للعَرَض الذي هو الهز لتشبثه بالكف
إِذا هزته، والمعروف لَدْنٌ، وكذلك رواه سيبويه؛ وأَنشد ثعلب:
حَتى اكْتَسى الرأْسُ قِناعاً أَشبها
أَمْلَحَ، لا لَذًّا ولا مُحَبَّــا
فنفى عنه أَن يكون لَذًّا، وكذلك لو احتاج إِلى إِثباته وإِنجابه لوصفه
بأَنه لَذٌّ؛ وكان يقول:
«قناعاً أَشهبا، أَملح لذّاً محبــبا». ولَذَّ الشيءُ: صار لذيذاً. ابن
الأَعرابي: اللَّذُّ النوم؛ وأَنشد:
ولَذٍّ كَطَعْمِ الصَّرْخَدِيِّ، تركتُه
بأَرْضِ العِدى، من خَشْيَةِ الحَدَثانِ
واستشهد الجوهري هنا بقول الشاعر:
ولَذٍّ كطعم الصّرْخَدِيّ
قال ابن بري: البيت للراعي وعجزه:
. . . . . . . . . دفعته
عَشيَّةَ خَمْسِ القومِ والعينُ عاشقه.
أَراد أَنه لما دخل ديار أَعدائه لم ينم حذاراً لهم. وقوله في الحديث:
لَصُبَّ عليكم العذاب صَبّاً ثم لُذَّ لَذًّا أَي قُرن بعضه إِلى بعض.
واللَّذْلَذَةُ: السُّرْعَةُ والخِفَّةُ. ولَذْلاذٌ: الذئبُ لسرعته؛
هكذا حكي لَذْلاذٌ بغير الأَلف واللام كأَوس ونَهْشَلٍ.
الجوهري: واللذِ واللذْ، بكسر الذال وتسكينها، لغة في الذي، والتثنية
اللذا بحذف النون، والجمع الذين؛ وربما قالوا في الجمع اللذون. قال ابن
بري: صواب هذه أَن تذكر في فصل لذا من المعتل. تاموضع قال وقد ذكره في ذلك
وإِنما غلّطه في جعله في هذا الموضع كونُه بغير ياء، قال: وهذا إِنما بابه
الشعر أَعني حذف الياء من الذي.
قفص: القَفْصُ: الخفّة والنشاطُ والوَثْبُ، قَفَصَ يَقْفِصُ قَفْصاً
وقَفِصَ قَفَصاً، فهو قَفِصٌ، والقَبْصُ نحوه. والقَفِصُ: النشيط.
والقُفَاصُ: الوَعِلُ لوثَبانِه. وقَفِصَ الفرسُ قَفَصاً: لم يُخْرِجْ كلَّ ما
عنده من العَدْوِ. والقَفِصُ: المُتَقبِّض. وفرسٌ قَفِصٌ، وهو المتقبض الذي
لا يُخْرِج كلَّ ما عنده، يقال: جَرَى قَفِصاً؛ قال ابن مقبل :
جَرَى قَفِصاً، وارْتَدّ من أَسْرِ صُلْبِه
إِلى مَوْضعٍ من سَرْجِه، غيرَ أَحْدَبِ
أَي يَرْجِعُ بعضُه إِلى بعض لقَفَصِه وليس من الحدَب. وقَفِصَ قَفَصاً،
فهو قَفِصٌ: تقَبَّض وتَشَنَّجَ من البرد، وكذلك كل ما شَنِجَ؛ عن
اللحياني؛ قال زيد الخيل:
كأَنّ الرِّجالَ التَّغْلَبيّين، خَلْفَها،
قَنافذُ قَفْصَى عُلِّقَتْ بالجَنائِب
قَفْصَى جمع قَفِصٍ مثل جَرِب وجَرْبى وحَمِقٍ وحَمْقَى. والقَفَص: مصدر
قَفِصَت أَصابِعُه من البرد يَبِسَت. وقَفَصَ الشيءَ قَفْصاً: جمَعَه.
وقَفَّصَ الظَبْيَ: شدَّ قوائمه وجمَعَها. وفي حديث أَبي جرير: حَجَجْت
فلَقِيَني رجل مُقَفِّصٌ ظَبْياً فاتَّبَعْتُه فذَبَحْتُه وأَنا ناسٍ
لإِحْرامي؛ المقَفَّصُ: الذي شُدَّت يداه ورِجْلاه، مأْخوذ من القَفَصِ الذي
يُحْبَسُ فيه الطيرُ. والقَفِصُ: المُتَقَبض بعضُه إِلى بعض. الأَصمعي:
أَصْبَحَ الجرادُ قَفِصاً إِذا أَصابَه البرْدُ فلم يستطع أَن يَطِيرَ.
والقُفَاصُ: داء يصيب الدوابّ فَتَيْبَسُ قوائمها.
وتقافَصَ الشيء: اشْتَبَك. والقَفَصُ: واحدُ الأَقْفاصِ التي للطير.
والقَفَصُ: شيء يُتَّخذُ من قصب أَو خشَبٍ للطير. والقَفَصُ: خشبتان
مَحْنُوّتان بين أَحْنائِهما شبَكةٌ يُنْقَل بها البُرُّ إِلى الكُدْسِ. وفي
الحديث: في قُفْصٍ من الملائكة أَو قَفْصٍ من النور، وهو المُشْتَبِك
المتَداخِل. والقَفِيصة: حَدِيدة من أَداة الحَرّاث.
وبَعيرٌ قَفِصٌ: مات من حَرٍّ. وقَفِصَ الرجل قَفَصاً: أَكل التمر
وشرِبَ عليه النَّبيذ فوَجَد لذلك حرارة في حَلْقِه وحُموضةً في معدته. قال
أَبو عوْن الحِرْمازِيّ: إِن الرجل إِذا أَكل التمر وشرِبَ عليه الماء
قَفِصَ، وهو أَن يُصِيبَه القَفَصُ، وهو حرارةٌ في حَلْقِه وحُموضةٌ في
معدته. وقال الفراء: قالت الدُّبَيرِيّة قَفِصَ وقَبِصَ، بالفاء والباء، إِذا
عَرِبَتْ معدته.
والقُفْصُ: قوم في جَبَل من جبال كِرْمان، وفي التهذيب: القُفْصُ جيلٌ
من الناس مُتَلَصِّصُون في نواحي كِرْمان أَصحاب مِراسٍ في الحرْب.
وقَفُوصٌ: بَلدٌ يُجْلَب منه العُود؛ قال عدي بن زيد:
يَنْفَحُ مِنْ أَرْدانِها المِسْكُ والـ
ـهِنْدِيُّ والغَلْوَى، ولُبْنى قَفُوصْ
وفي حديث أَبي هريرة: وأَن تَعْلوَ التُّحُوتُ الوُعُولَ، قيل: وما
التحُوتُ؟ قال: بيوتُ القافِصَةِ يُرْفَعُون فوق صالحيهم؛ القافصةُ اللئام،
والسين فيه أَكثر، قال الخطابي: ويحتمل أَن يكون أَراد بالقافصة ذوي
العيوب من قولهم أَصبح فلان قَفِصاً إِذا فسدت معدته وطبيعته.
والقَفْصُ: القُلَة التي يُلْعَبُ بها، قال: ولست منها على ثقة.
قصر: القَصْرُ والقِصَرُ في كل شيء: خلافُ الطُّولِ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
عادتْ مَحُورَتُه إِلى قَصْرِ
قال: معناه إِلى قِصَر، وهما لغتان. وقَصُرَ الشيءُ، بالضم، يَقْصُرُ
قِصَراً: خلاف طال؛ وقَصَرْتُ من الصلاة أَقْصُر قَصْراً. والقَصِيرُ: خلاف
الطويل. وفي حديث سُبَيْعَةَ: نزلت سورة النساء القُصْرَى بعد الطُّولى؛
القُصْرَى تأْنيث الأَقْصَر، يريد سورة الطلاق، والطُّولى سورة البقرة
لأَن عِدَّة الوفاة في البقرة أَربعة أَشهر وعشر، وفي سورة الطلاق وَضْعُ
الحمل، وهو قوله عز وجل: وأُولاتِ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ
حَمْلَهِنّ. وفي الحديث: أَن أَعرابيّاً جاءه فقال: عَلِّمْني عملاً
يُدْخِلُني الجنّة، فقال: لئن كنتَ أَقْصَرْتَ الخِطْبة لقد أَعْرَضْتَ
المسأَلةَ؛ أَي جئت بالخِطْبةِ قصيرة وبالمسأَلة عريضة يعني قَلَّلْتَ
الخِطْبَةَ وأَعظمت المسأَلة. وفي حديث عَلْقَمة: كان إِذا خَطَبَ في نكاح
قَصَّرَ دون أَهله أَي خَطَبَ إِلى من هو دونه وأَمسك عمن هو فوقه، وقد قَصُرَ
قِصَراً وقَصارَة؛ الأَخيرة عن اللحياني، فهو قَصِير، والجمع قُصَراء
وقِصارٌ، والأُنثى قصِيرة، والجمع قِصارٌ. وقَصَّرْتُه تَقْصِيراً إِذا
صَيَّرْته قَصِيراً. وقالوا: لا وفائتِ نَفَسِي القَصِيرِ؛ يَعْنُون
النَّفَسَ لقِصَرِ وقته، الفائِتُ هنا هو الله عز وجل. والأَقاصِرُ: جمع أَقْصَر
مثل أَصْغَر وأَصاغِر؛ وأَنشد الأَخفش:
إِليكِ ابنةَ الأَغْيارِ، خافي بَسالةَ الـ
ـرِّجالِ، وأَصْلالُ الرِّجالِ أَقاصِرُهْ
ولا تَذْهَبَنْ عَيْناكِ في كلِّ شَرْمَحٍ
طُوالٍ، فإِنَّ الأَقْصَرِينَ أَمازِرُهْ
يقول لها: لا تعيبيني بالقِصَرِ فإِن أَصْلالَ الرجال ودُهاتَهم
أَقاصِرُهم، وإِنما قال أَقاصره على حدّ قولهم هو أَحسنُ الفتيان وأَجْمَله،
يريد: وأَجملهم، وكذا قوله فإِن الأَقصرين أَمازره يريد أَمازِرُهم، وواحدُ
أَمازِرَ أَمْزَرُ، مثل أَقاصِرَ وأَقْصَر في البيت المتقدم، والأَمْزَرُ
هو أَفعل، من قولك: مَزُرَ الرجلُ مَزارة، فهو مَزِيرٌ، وهو أَمْزَرُ
منه، وهو الصُّلْبُ الشديد والشَّرْمَحُ الطويل. وأَما قولهم في المثل: لا
يُطاعُ لقَصِيرٍ أَمرٌ، فهو قَصِيرُ بن سَعْد اللَّخْمِيّ صاحب جَذِيمَة
الأَبْرَشِ. وفرس قَصِيرٌ أَي مُقْرَبَةٌ لا تُتْرَكُ أَن تَرُودَ
لنفاستها؛ قال مالك بن زُغْبة، وقال ابن بري: هو لزُغْبَةَ الباهليّ وكنيته
أَبو شقيق، يصف فرسه وأَنها تُصانُ لكرامتها وتُبْذَلُ إِذا نزلت
شِدَّةٌ:وذاتِ مَناسِبٍ جَرْداءَ بِكْرٍ،
كأَنَّ سَراتَها كَرٌّ مَشيِقُ
تُنِيفُ بصَلْهَبٍ للخيلِ عالٍ،
كأَنَّ عَمُودَه جِذْعٌ سَحُوقُ
تَراها عند قُبَّتِنا قَصِيراً،
ونَبْذُلُها إِذا باقتْ بَؤُوقُ
البَؤُوقُ: الداهيةُ. وباقَتْهم: أَهْلَكَتْهم ودهَتْهم. وقوله: وذاتُ
مَناسب يريد فرساً منسوبة من قِبَلِ الأَب والأُم. وسَراتُها:
أَعلاها.والكَرُّ، بفتح الكاف هنا: الحبل. والمَشِيقُ: المُداوَلُ. وتُنِيفُ:
تُشْرِفُ. والصَّلْهَبُ: العُنُق الطويل. والسَّحُوقُ من النخل: ما طال. ويقال
للــمَحْبُــوسة من الخيل: قَصِير؛ وقوله:
لو كنتُ حَبْلاً لَسَقَيْتُها بِيَهْ،
أَو قاصِراً وَصَلْتُه بثَوْبِيَهْ
قال ابن سيده: أُراه على النَّسَب لا على الفعل، وجاء قوله ها بيه وهو
منفصل مع قوله ثوبيه لأَن أَلفها حينئذ غير تأْسيس، وإِن كان الروي حرفاً
مضمراً مفرداً، إِلا أَنه لما اتصل بالياء قوي فأَمكن فصله.
وتَقَاصَرَ: أَظْهَرَ القِصَرَ. وقَصَّرَ الشيءَ: جعله قَصِيراً.
والقَصِيرُ من الشَّعَر: خلافُ الطويل. وقَصَرَ الشعرَ: كف منه وغَضَّ حتى
قَصُرَ. وفي التنزيل العزيز: مُحَلِّقِين رُؤُوسَكم ومُقَصِّرينَ؛ والاسم منه
القِصارُ؛ عن ثعلب. وقَصَّرَ من شعره تَقْصِيراً إِذا حذف منه شيئاً ولم
يستأْصله. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه مر برجل قد قَصَّر الشَّعَر
في السوق فعاقَبه؛ قَصَّرَ الشعَرَ إِذا جَزَّه، وإِنما عاقبه لأَن الريح
تحمله فتلقيه في الأَطعمة.وقال الفراء: قلت لأَعرابي بمنى: آلْقِصارُ
أَحَبُّ إِليك أَم الحَلْقُف يريد: التقصيرُ أَحَبُّ إِليك أَم حلق الرأْس.
وإِنه لقَصِير العِلْم على المَثَل.
والقَصْرُ: خلاف المَدِّ، والفعلُ كالفعل والمصدر كالمصدر. والمَقْصُور:
من عروض المديد والرمل ما أُسْقِطَ آخِرُه وأُسْكِنَ نحو فاعلاتن حذفت
نونه وأُسكنت تاؤه فبقي فاعلات فنقل إِلى فاعلان، نحو قوله:
لا يَغُرَّنَّ امْرَأً عَيْشُه،
كلُّ عَيْشٍ صائرٌ للزَّوالْ
وقوله في الرمل:
أَبِلِغِ النُّعمانَ عَنِّي مَأْلُكاً:
انَّنِي قد طالَ حَبْسِي وانْتِظارْ
قال ابن سيده: هكذا أَنشده الخليل بتسكين الراء ولو أَطلقه لجاز، ما لم
يمنع منه مخافةُ إِقواء؛ وقول ابن مقبل:
نازعتُ أَلبابَها لُبِّي بمُقْتَصِرٍ
من الأَحادِيثِ، حتى زِدْنَني لِينا
إِنما أَراد بقَصْر من الأَحاديث فزِدْنَني بذلك لِيناً. والقَصْرُ:
الغاية؛ قاله أَبو زيد وغيره؛ وأَنشد:
عِشْ ما بدا لك، قَصْرُكَ المَوْتُ،
لا مَعْقِلٌ منه ولا فَوْتُ
بَيْنا غِنى بَيْتٍ وبَهْجَتِه،
زال الغِنى وتَقَوَّضَ البَيْتُ
وفي الحديث: من شَهِدَ الجمعة فصَلى ولم يُؤذ أَحداً بقَصْرِه إِن لم
يُغْفَرْ له جُمْعَتَه تلك ذُنوبُه كلُّها أَن تكون كفارتُه في الجمعة التي
تليها أَي غايته. يقال: قَصْرُك أَن تفعل كذا أَي حسبك وكفايتك وغايتك،
وكذلك قُصارُك وقُصارَاك، وهو من معنى القَصْرِ الحَبْسِ لأَنك إِذا بلغت
الغاية حَبَسَتْك، والباء زائدة دخلت على المبتدإِ دُخُولَها في قولهم:
بحسبك قولُ السَّوْءِ، وجمعته منصوبة على الظرف. وفي حديث معاذ: فإِنَّ
له ما قَصَرَ في بيته أَي ما حَبَسَه. وفي حديث أَسماء الأَشْهَلِيَّة:
إِنا مَعْشَرَ النساء، محصوراتٌ مقصوراتٌ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فإِذا
هم رَكْبٌ قد قَصَر بهم الليلُ أَي حبسهم. وفي حديث ابن عباس: قُصِرَ
الرجالُ على أَربع من أَجل أَموال اليتامى أَي حُبِسُوا أَو منعوا عن نكاح
أَكثر من أَربع. ابن سيده: يقال قَصْرُك وقُصارُك وقَصارُك وقُصَيْراكَ
وقُصارَاكَ أَن تفعل كذا أَي جُهْدُك وغايتُك وآخرُ أَمرك وما اقْتَصَرْتَ
عليه؛ قال الشاعر:
لها تَفِراتٌ تَحْتَها، وقُصارُها
إِلى مَشْرَةٍ لم تُعْتَلَقْ بالمَحاجِنِ
وقال الشاعر:
إِنما أَنْفُسُنا عارِيَّةٌ،
والعَوارِيُّ قُصارَى أَن تُرَدّ
ويقال: المُتَمَنِّي قُصاراه الخَيْبةُ. والقَصْرُ كَفُّك نَفْسَك عن
أَمر وكفُّكها عن أَن تطمح بها غَرْبَ الطَّمَع. ويقال: قَصَرْتُ نفسي عن
هذا أَقْصُرها قَصْراً. ابن السكيت: أَقْصَر عن الشيءِ إِذا نَزَع عنه وهو
يَقْدِر عليه، وقَصَر عنه إِذا عجز عنه ولم يستطعه، وربما جاءَا بمعنى
واحد إِلا أَن الأَغلب عليه الأَول؛ قال لبيد:
فلستُ، وإِن أَقْصَرْتُ عنه، بمُقْصِر
قال المازني: يقول لستُ وإِن لمتني حتى تُقْصِرَ بي بمُقْصِرٍ عما
أُريد؛ وقال امرؤ القيس:
فتُقْصِرُ عنها خَطْوَة وتَبوصُ
ويقال: قَصَرْتُ بمعنى قَصَّرْت؛ قال حُمَيْد:
فلئن بَلَغْتُ لأَبْلُغَنْ مُتَكَلِّفاً،
ولئن قَصَرْتُ لكارِهاً ما أَقْصُرُ
وأَقْصَر فلان عن الشيء يُقْصِرُ إِقصاراً إِذا كفَّ عنه وانتهى.
والإِقْصار: الكف عن الشيء. وأَقْصَرْتُ عن الشيء: كففتُ ونَزَعْتُ مع القدرة
عليه، فإِن عجزت عنه قلت: قَصَرْتُ، بلا أَلف. وقَصَرْتُ عن الشيء قصوراً:
عجزت عنه ولم أَبْلُغْهُ. ابن سيده: قَصَرَ عن الأَمر يَقْصُر قُصُوراً
وأَقْصَر وقَصَّرَ وتَقَاصَر، كله: انتهى؛ قال:
إِذا غَمَّ خِرْشاءُ الثُّمالَةِ أَنْفَه،
تَقاصَرَ منها للصَّرِيحَ فأَقْنَعا
وقيل: التَّقاصُر هنا من القِصَر أَي قَصُر عُنُقُه عنها؛ وقيل: قَصَرَ
عنه تركه وهو لا يقدر عليه، وأَقْصَرَ تركه وكف عنه وهو يقدر عليه.
والتَّقْصِيرُ في الأَمر: التواني فيه. والاقْتصارُ على الشيء: الاكتفاء
به. واسْتَقْصَره أَي عَدَّه مُقَصِّراً، وكذلك إِذا عَدَّه قَصِيراً.
وقَصَّرَ فلانٌ في حاجتي إِذا وَنى فيها؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يقولُ وقد نَكَّبْتُها عن بلادِها:
أَتَفْعَلُ هذا يا حُيَيُّ على عَمْدِف
فقلتُ له: قد كنتَ فيها مُقَصِّراً،
وقد ذهبتْ في غير أَجْرٍ ولا حَمْدِ
قال: هذا لِصٌّ؛ يقول صاحب الإِبل لهذا اللِّص: تأْخذ إِبلي وقد عرفتها،
وقوله: فقلت له قد كنت فيها مقصِّراً، يقول كنت لا تَهَبُ ولا تَسْقي
منها قال اللحياني: ويقال للرجل إِذا أَرسلته في حاجة فَقَصَر دون الذي
أَمرته به إِما لحَرّ وإِما لغيره: ما منعك أَن تدخل المكان الذي أَمرتك به
إِلا أَنك أَحببت القَصْرَ والقَصَرَ والقُصْرَةَ أَي أَن تُقَصِّرَ.
وتَقاصَرتْ نَفْسُه: تضاءلت. وتَقَاصَر الظلُّ: دنا وقَلَصَ.
وقَصْرُ الظلام: اختلاطُه، وكذلك المَقْصَر، والجمع المَقاصر؛ عن أَبي
عبيد؛ وأَنشد لابن مقبل يصف ناقته:
فَبَعَثْتُها تَقِصُ المَقاصِرَ، وبعدما
كَرَبَتْ حياةُ النارِ للمُتَنَوِّرِ
قال خالد بن جَنْيَة: المقاصِرُ أُصولُ الشجر، الواحد مَقْصُور، وهذا
البيت ذكره الأَزهري في ترجمة وقص شاهداً على وَقَصْتُ الشيء إِذا
كَسَرْتَه، تَقِصُ المقاصر أَي تَدُقُّ وتكسر. ورَضِيَ بمَقْصِرٍ، بكس الصاد مما
كان يُحاوِلُ أي بدونِ ما كان يَطْلُب. ورضيت من فلان بمَقْصِرٍ
ومَقْصَرٍ أَي أَمرٍ دُونٍ. وقَصَرَ سهمُه عن الهَدَف قُصُوراً: خَبا فلم ينته
إِليه. وقَصَرَ عني الوجعُ والغَضَبُ يَقْصُر قُصُوراً وقَصَّر: سكن،
وقَصَرْتُ أَنا عنه، وقَصَرْتُ له من قيده أَقْصُر قَصْراً: قاربت. وقَصَرْتُ
الشيء على كذا إِذا لن تجاوز به غيره. يقال: قَصَرْتُ اللِّقْحة على فرسي
إِذا جعلت دَرَّها له. وامرأَة قاصِرَةُ الطَّرْف: لا تَمُدُّه إِلى غير
بعلها. وقال أَبو زيد: قَصَرَ فلانٌ على فرسه ثلاثاً أَو أَربعاً من
حلائبه يَسْقِيه أَلبانها. وناقة مَقْصورة على العِيال: يشربون لبنها؛ قال
أَبو ذؤيب:
قَصَر الصَّبوحَ لها فَشَرَّجَ لَحْمَها
بالتيِّ، فهي تَتُوخُ فيه الإِصْبَعُ
قَصَره على الأَمر قَصْراً: رَدّه إِليه. وقَصَرْتُ السِّتْر: أَرخيته.
وفي حديث إِسلام ثُمامة: فأَبى أَن يُسْلِمَ قَصْراً فأَعتقه، يعني
حَبساً عليه وإِجباراً. يقال: قَصَرْتُ نفسي على الشيء إِذا حبستها عليه
وأَلزمتها إِياه، وقيل: أَراد قهراً وغلبةً، من القسْر، فأَبدل السين صاداً،
وهما يتبادلان في كثير من الكلام، ومن الأَول الحديث: ولتَقْصُرَنَّه على
الحق قَصْراً. وقَصَرَ الشيءَ يَقْصُره قَصْراً: حبسه؛ ومنه مَقْصُورة
الجامع؛ قال أَبو دُواد يصف فرساً:
فَقُصِرْنَ الشِّتاءَ بَعْدُ عليه، * وهْو للذَّوْدِ أَن يُقَسَّمْنَ جارُ
أَي حُبِسْنَ عليه يَشْرَبُ أَلبانها في شدة الشتاء. قال ابن جني: هذا
جواب كم، كأَنه قال كم قُصِرْن عليه، وكم ظرف ومنصوبه الموضع، فكان قياسه
أَن يقول ستة أَشهر لأَن كم سؤال عن قدرٍ من العدد محصور، فنكرة هذا
كافية من معرفته، أَلا ترى أَن قولك عشرون والعشرون وعشرون؟؟ فائدته في العدد
واحدةً لكن المعدود معرفة في جواب كم مرة، ونكرة أُخرى، فاستعمل الشتاء
وهو معرفة في جواب كم، وهذا تطوّع بما لا يلزم وليس عيباً بل هو زائد على
المراد، وإِنما العيب أَن يُقَصِّرَ في الجواب عن مقتضى السؤَال، فأَما
إِذا زاد عليه فالفضل له، وجاز أَن يكون الشتاء جوباً لكم من حيث كان عدداً
في المعنى، أَلا تراه ستة أَشهر؟ قال: ووافقنا أَبو علي، رحمه الله
تعالى، ونحن بحلب على هذا الموضع من الكتاب وفسره ونحن بحلب فقال: إِلا في
هذا البلد فإِنه ثمانية أَشهر؛ ومعنى قوله:
وهو للذود أَن يقسَّمن جار
أَي أَنه يُجيرها من أَن يُغار عليها فَتُقْسَمَ، وموضع أَن نصبٌ كأَنه
قال: لئلا يُقَسَّمْنَ ومن أَن يُقَسَّمْنَ، فَحذف وأَوصل. وامرأَة
قَصُورَة وقَصيرة: مَصُونة محبــوسة مقصورة في البيت لا تُتْرَكُ أَن تَخْرُج؛
قال كُثَيِّر:
وأَنتِ التي جَبَّبْتِ كلَّ قَصِيرَةٍ
إِليَّ، وما تدري بذاك القَصائِرُ
عَنَيْتُ قَصِيراتِ الحِجالِ، ولم أُرِدْ
قِصارَ الخُطَى، شَرُّ النساء البَحاتِرُ
وفي التهذيب: عَنَيتُ قَصُوراتِ الحجالِ، ويقال للجارية المَصونة التي
لا بُروزَ لها: قَصِيرةٌ وقَصُورَة؛ وأَنشد الفراء:
وأَنتِ التي حببتِ كلَّ قَصُورة
وشَرُّ النساءِ البَهاتِرُ. التهذيب: القَصْرُ الحَبْسُ؛ قال الله تعالى:
حُورٌ مقصورات في الخيام، أَي محبــوسات في خيام من الدُّرِّ مُخَدَّرات
على أَزواجهن في الجنات؛ وامرأَة مَقْصورة أَي مُخَدَّرة. وقال الفرّاء في
تفسير مَقْصورات، قال: قُصِرْنَ على أَزواجهن أَي حُبِسْن فلا يُرِدْنَ
غيرهم ولا يَطْمَحْنَ إِلى من سواهم. قال: والعرب تسمي الحَجَلَةَ
المقصورةَ والقَصُورَةَ، وتسمي المقصورة من النساء القَصُورة، والجمع
القَصائِرُ، فإِذا أَرادوا قِصَرَ القامة قالوا: امرأَة قَصِيرة، وتُجْمَعُ
قِصاراً. وأَما قوله تعالى: وعندهم قاصراتُ الطَّرْفِ أَترابٌ؛ قال
الفراء:قاصراتُ الطَّرْف حُورٌ قد قَصَرْنَ أَنفسهنَّ على أَزواجهن فلا يَطْمَحْنَ
إِلى غيرهم؛ ومنه قول امرئ القيس:
من القاصراتِ الطَّرْفِ، لو دَبَّ مُحْوِلٌ
من الذَّرِّ فوقَ الإِتْبِ منها لأَثَّرا
وقال الفراء: امرأَة مَقْصُورة الخَطْوِ، شبهت بالمقيَّد الذي قَصَرَ
القيدُ خَطوَه، ويقال لها: قَصِيرُ الخُطى؛ وأَنشد:
قَصِيرُ الخطى ما تَقْرُبُ الجِيرَةَ القُصَى،
ولا الأَنَسَ الأَدْنَيْنَ إِلا تَجَشُّما
التهذيب: وقد تُجْمَعُ القَصِيرةُ من النساء قِصارَةً؛ ومنه قول
الأَعشى:لا ناقِصِي حَسَبٍ ولا
أَيْدٍ،إِذا مدَّتْ قِصارَه
قال الفراء: والعرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعالٍ، يقولون:
الجِمالَةُ والحِبالَة والذِّكارَة والحِجارة، قال: جِمالاتٌ صُفْرٌ. ابن سيده:
وأَما قول الشاعر:
وأَهْوى من النِّسْوانِ كلَّ قَصِيرةٍ،
لها نَسَبٌ، في الصالحين، قَصِيرُ
فمعناه أَنه يَهْوى من النساء كل مقصورة يُغْنى بنسبها إِلى أَبيها عن
نَسَبها إِلى جَدِّها. أَبو زيد: يقال أَبْلِغ هذا الكلامَ بني فلان
قَصْرَةً ومَقْصُورةً أَي دون الناس، وقد سميت المَقْصورة مَقْصُورَةً لأَنها
قُصِرَت على الإِمام دون الناس. وفلان قَصِيرُ النسب إِذا كان أَبوه
معروفاً إِذ ذِكْره للابن كفايةٌ عن الانتماء إِلى الجد الأَبعد؛ قال
رؤبة:قد رَفَعَ العَجَّاجُ ذِكْري فادْعُني
باسْمٍ، إِذا الأَنْسابُ طالتْ، يَكفِني
ودخل رُؤْبةُ على النَّسَّابة البَكْريّ فقال: من أَنتف قال: رؤبة بن
العجاج. قال: قُصِرْتَ وعُرِفْتَ. وسَيْلٌ قَصِير: لا يُسِيل وادِياً
مُسَمًّى إِنما يُسِيلُ فُرُوعَ الأَوْدِية وأَفْناءَ الشِّعابِ وعَزَازَ
الأَرضِ. والقَصْرُ من البناء: معروف، وقال اللحياني: هو المنزل، وقيل: كل
بيت من حَجَر، قُرَشِيَّةٌ، سمي بذلك لأَنه تُقصَرُ فيه الحُرَمُ أَي
تُحْبس، وجمعه قُصُور. وفي التنزيل العزيز: ويجْعَل لك قُصُوراً.
والمَقْصُورة: الدار الواسعة المُحَصَّنَة،وقيل: هي أَصغر من الدار، وهو من ذلك
أَيضاً. والقَصُورَةُ والمَقْصورة: الحَجَلَةُ؛ عن اللحياني. الليث:
المَقْصُورَة مقام الإِمام، وقال: إِذا كانت دار واسعة مُحَصَّنة الحيطان فكل
ناحية منها على حِيالِها مَقْصُورة، وجمعها مَقاصِرُ ومَقاصِيرُ؛
وأَنشد:ومن دونِ لَيْلى مُصْمَتاتُ المَقاصِرِ
المُصْمَتُ: المُحْكَمُ. وقُصارَةُ الدار: مَقْصُورة منها لا يدخلها غير
صاحب الدار. قال أُسَيْدٌ: قُصارَةُ الأَرض طائفة منها قَصِيرَة قد علم
صاحبها أَنها أَسْمَنُها أَرضاً وأَجودُها نبتاً قدر خمسين ذراعاً أَو
أَكثر، وقُصارَةُ الدار: مَقْصورة منها لا يدخلها غير صاحب الدار، قال:
وكان أَبي وعمي على الحِمى فَقَصَرَا منها مقصورة لا يطؤها غيرهما.
واقْتَصَرَ على الأَمر: لم يُجاوزه.
وماء قاصِرٌ أَي بارد. وماء قاصِرٌ: يَرْعى المالُ حولَه لا يجاوزه،
وقيل: هو البعيد عن الكلإِ. ابن السكيت: ماء قاصِرٌ ومُقْصِرٌ إِذا كان
مَرْعاه قريباً؛ وأَنشد:
كانتْ مِياهِي نُزُعاً قَواصِرَا،
ولم أَكنْ أُمارِسُ الجَرائرا
والنُّزُعُ: جمع النَّزُوعِ، وهي البئر التي يُنْزَعُ منها باليدين
نَزْعاً، وبئر جَرُورٌ: يستقى منها على بعير؛ وقوله أَنشده ثعلب في صفة
نخل:فهُنَّ يَرْوَيْنَ بطَلٍّ قَاصِرِ
قال: عَنى أَنها تشرب بعروقها. وقال ابن الأَعرابي: الماء البعيد من
الكلإِ قاصِرٌ باسِطٌ ثم مُطْلِبٌ. وكَلأ قاصِرٌ: بينه وبين الماء نَبْحَةُ
كلب أَو نَظَرُك باسِطاً. وكَلأ باسِطٌ: قريب؛ وقوله أَنشده ثعلب:
إِليكِ ابْنَةَ الأَغْيارِ، خافي بَسالَةَ الر
جالِ، وأَصْلالُ الرجالِ أَقاصِرُهْ
لم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه عنى حَبائسَ قَصائِرَ.
والقُصارَةُ والقِصْرِيُّ والقَصَرَة والِقُصْرى والقَصَرُ؛ الأَخيرة عن
اللحياني: ما يَبْقى في المُنْخُلِ بعد الانتخال، وقيل: هو ما يَخْرُجُ
من القَثِّ وما يبقى في السُّنْبُل من الحب بعد الدَّوْسَةِ الأُولي،
وقيل: القِشْرتان اللتان على الحَبَّة سُفْلاهما الحَشَرَةُ وعُلْياهما
القَصَرة. الليث: والقَصَرُ كَعابِرُ الزرع الذي يَخْلُص من البُرِّ وفيه
بقية من الحب، يقال له القِصْرَى، على فِعْلى. الأَزهري: وروى أَبو عبيد
حديثاً عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في المُزارَعة أَن أَحدهم كان
يَشْتَرِطُ ثلاثة جَداوِلَ والقُصارَةَ؛ القُصارَةُ، بالضم: ما سَقى الربيعُ،
فنه النبي،صلى الله عليه وسلم، عن ذلك. قال أَبو عبيد: والقُصارة ما بقي في
السنبل من الحب مما لا يتخلص بعدما يداس، قال: وأَهل الشام يسمونه
القِصْرِيَّ بوزن القِبْطِيِّ، قال الأَزهري: هكذا أَقرأَنيه ابن هاجَك عن ابن
جَبَلة عن أَبي عبيد، بكسر القاف وسكون الصاد وكسر الراء وتشديد الياء،
قال: وقال عثمان ابن سعيد: سمعت أَحمد بن صالح يقول هي القُصَرَّى إِذا
دِيسَ الزرعُ فغُرْبِل، فالسنابل الغليظة هي القُصَرَّى، على فُعَلَّى.
وقال اللحياني: نُقِّيَتْ من قَصَره وقَصَلِه أَي من قُماشِه. وقال أَبو
عمرو: القَصَلُ والقَصَرُ أَصل التبن. وقال ابن الأَعرابي: القَصَرةُ قِشْر
الحبة إِذا كانت في السنبلة، وهي القُصارَةُ. وذكر النضر عن أَبي الخطاب
أَنه قال: الحبة عليها قشرتان: فالتي تلي الحبة الحَشَرَةُ، والتي فوق
الحَشَرة القَصَرَةُ. والقَصَرُ: قِشْر الحنطة إِذا يبست. والقُصَيْراة:
ما يبقى في السنبل بعدما يداس. والقَصَرَة، بالتحريك: أَصل العنق. قال
اللحياني: إِنما يقال لأَصل العنق قَصَرَة إِذا غَلُظَت، والجمع قَصَرٌ؛ وبه
فسر ابن عباس قوله عز وجل: إِنها تَرْمي بشَرَرٍ كالقَصَر، بالتحريك؛
وفسره قَصَرَ النخلِ يعني الأَعْناقَ. وفي حديث ابن عباس في وقوله تعالى:
إِنها ترمي بشرر كالقصر؛ هو بالتحريك، قال: كنا نرفع الخشب للشتاء ثلاث
أَذرع أَو أَقل ونسميه القَصَر، ونريد قَصَر النخل وهو ما غَلُظَ من
أَسفلها أَو أَعناق الإِبل، واحدتها قَصَرة؛ وقيل في قوله بشرر كالقَصَر، قيل:
أَقصارٌ جمعُ الجمع. وقال كراع: القَصَرة أَصل العنق، والجمع أَقصار،
قال: وهذا نادر إِلا أَن يكون على حذف الزائد. وفي حديث سلْمانَ: قال لأَبي
سفيان وقد مر به: لقد كان في قَصَرة هذا موضع لسيوف المسلمين، وذلك قبل
أَن يسلم، فإِنهم كانوا حِراصاً على قتله، وقيل: كان بعد إِسلامه. وفي
حديث أَبي رَيْحانة: إِني لأَجِدُ في بعض ما أُنْزِلَ من الكتب الأَقْبَلُ
القَصِيرُ القَصَرةِ صاحبُ العِراقَيْنِ مُبَدِّلُ السُّنَّة يلعنه أَهلُ
السماء وأَهل الأَرض، وَيْلٌ له ثم ويل له وقيل: القَصَر أَعناق الرجال
والإِبل؛ قال:
لا تَدْلُكُ الشمسُ إِلاَّ حذْوَ مَنْكِبِه،
في حَوْمَةٍ تَحْتَها الهاماتُ والقَصَرُ
وقال الفراء في قوله تعالى: إِنها ترمي بشَرَرٍ كالقَصْر، قال: يريد
القَصْر من قُصُورِ مياه العرب، وتوحيده وجمعه عربيان. قال: ومثله:
سَيُهْزَمُ الجمع ويُولُّون الدُّبُرَ، معناه الأَدبار، قال: ومن قرأَ كالقَصَر،
فهو أَصل النخل، وقال الضحاك: القَصَرُ هي أُصول الشجر العظام. وفي
الحديث: من كان له بالمدينة أَصلٌ فلْيَتَمَسَّك به، ومن لم يكن فليجعل له
بها أَصلاً ولو قَصَرةً؛ القَصَرةُ، بالفتح والتحريك: أَصل الشجرة، وجمعها
قَصَر؛ أَراد فليتخذ له بها ولو أَصل نخلة واحدة. والقَصَرة أَيضاً:
العُنُق وأَصل الرقبة. قال: وقرأَ الحسن كالقَصْر، مخففاً، وفسره الجِذْل من
الخشب، الواحدة قَصْرة مثل تمر وتمرة؛ وقال قتادة: كالقَصَرِ يعني أُصول
النخل والشجر. النَّضِر: القِصارُ مِيْسَمٌ يُوسَمُ به قَصَرةُ العُنق.
يقال: قَصَرْتُ الجمل قَصْراً، فهو مَقْصورٌ. قال: ولا يقال إِبل
مُقَصَّرة. ابن سيده: القِصارُ سِمَة على القَصَر وقد قَصَّرها. والقَصَرُ: أُصول
النخل والشجر وسائر الخشب، وقيل: هي بقايا الشجر، وقيل: إِنها ترمي بشرر
كالقَصْر، وكالقَصَر، فالقَصَر: أُصول النخل والشجر، والقَصْر من
البناء، وقيل: القَصْر هنا الحطب الجَزْلُ؛ حكاه اللحياني عن الحسن. والقَصْرُ:
المِجْدَلُ وهو الفَدَنُ الضخمُ، والقَصَرُ: داء يأْخذ في القَصَرة.
وقال أَبو معاذ النحوي: واحد قَصَر النخل قَصَرة، وذلك أَن النخلة تُقْطَعُ
قَدْرَ ذراع يَسْتَوْقِدُون بها في الشتاء، وهو من قولك للرجل: إِنه
لتَامُّ القَصَرَةِ إِذا كان ضَخْمَ الرَّقَبة، والقَصَرُ يُبْسٌ في العنق؛
قَصِرَ، بالكسر، يَقْصَرُ قَصَراً، فهو قَصِرٌ وأَقْصَرُ، والأُنثى
قَصْراء؛ قال ابن السكيت: هو داء يأْخذ البعير في عنقه فيلتوي فَيُكْتَوَى في
مفاصل عنقه فربما بَرَأَ. أَبو زيد: يقال قَصِرَ الفرسُ يَقْصَرُ قَصَراً
إِذا أَخذه وجع في عنقه، يقال: به قَصَرٌ. الجوهري: قَصِرَ الرجلُ إِذا
اشتكى ذلك. يقال: قَصِرَ البعير، بالكسر، يَقْصَرُ قَصَراً.
والتِّقْصارُ والتِّقْصارَة، بكسر التاء: القِلادة للزومها قَصَرَةَ
العُنق، وفي الصحاح: قلادة شبيهة بالمِخْنَقَة، والجمع التَّقاصِيرُ؛ قال
عَدِيُّ بن زيد العِبَادي:
ولها ظَبْيٌ يُؤَرِّثُها،
عاقِدٌ في الجِيدِ تِقْصارا
وقال أَبو وَجْزة السَّعْدِي:
وغَدا نوائحُ مُعْوِلات بالضَّحى
وُرْقٌ تَلُوحُ، فكُلُّهُنَّ قِصارُها
قالوا: قِصارُها أَطواقها. قال الأَزهري: كأَنه شبه بقِصارِ المِيْسَمِ،
وهو العِلاطُ. وقال نُصَير: القَصَرَةُ أَصل العنق في مُرَكَّبِهِ في
الكاهل وأَعلى اللِّيتَيْنِ، قال: ويقال لعُنُقِ الإِنسانِ كلِّه قَصَرَةٌ.
والقَصَرَةُ: زُبْرَةُ الحَدَّادِ؛ عن قُطْرُب. الأَزهري: أَبو زيد:
قَصَرَ فلانٌ يَقْصُرُ قَصْراً إِذا ضم شيئاً إِلى أَصله الأَوّل؛ وقَصَرَ
قَيْدَ بعيره قَصْراً إِذا ضيقه، وقَصَرَ فلانٌ صلاتَه يَقْصُرها قَصْراً
في السفر. قال الله تعالى: ليس عليكم جُناحٌ أَن تَقْصُروا من الصلاة، وهو
أَن تصلي الأُولى والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين، فأَما العشاءُ
الأُولى وصلاة الصبح فلا قَصْرَ فيهما، وفيها لغات: يقال قَصَرَ الصلاةَ
وأَقْصَرَها وقَصَّرَها، كل ذلك جائز، والتقصير من الصلاة ومن الشَّعَرِ
مثلُ القَصْرِ. وقال ابن سيده: وقَصَرَ الصلاةَ، ومنها يَقْصُر قَصْراً
وقَصَّرَ نَقَصَ ورَخُصَ، ضِدٌّ. وأَقْصَرْتُ من الصلاة: لغة في قَصَرْتُ.
وفي حديث السهو: أَقَصُرَتِ الصلاةُ أَم نُسِيَت؛ يروى على ما لم يسم
فاعله وعلى تسمية الفاعل بمعنى النقص. وفي الحديث: قلت لعمر إِقْصارَ الصلاةِ
اليومَ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية من أَقْصَرَ الصلاةَ، لغة
شاذة في قَصَر. وأَقْصَرَتِ المرأَة: ولدت أَولاداً قِصاراً، وأَطالت إِذا
ولدت أَولاداً طِوالاً. وفي الحديث: إِن الطويلة قد تُقْصِرُ وإِن
القَصيرة قد تُطِيل؛ وأَقْصَرتِ النعجةُ والمَعَزُ، فهي مُقْصِرٌ، إِذا
أَسَنَّتا حتى تَقْصُرَ أَطرافُ أَسنانهما؛ حكاها يعقوب. والقَصْرُ والمَقْصَرُ
والمَقْصِرُ والمَقْصَرَةُ: العَشِيّ. قال سيبويه: ولا يُحَقَّرُ
القُصَيْرَ، اسْتَغْنوا عن تَحْقيره بتحقير المَساء. والمَقاصِر والمَقاصِير:
العشايا؛ الأَخيرة نادرة، قال ابن مقبل:
فبَعَثْتُها تَقِصُ المَقاصِرَ، بعدما
كَرَبَتْ حَياةُ النارِ للمُتَنَوِّرِ
وقَصَرْنا وأَقْصَرْنا قَصْراً: دخلنا في قَصْرِ العَشِيِّ، كما تقول:
أَمْسَيْنا من المَساء. وقَصَرَ العَشِيُّ يَقْصُر قُصوراً إِذا
أَمْسَيْتَ؛ قال العَجَّاجُ:
حتى إِذا ما قَصَرَ العَشِيُّ
ويقال: أَتيته قَصْراً أَي عَشِيّاً؛ وقال كثير عزة:
كأَنهمُ قَصْراً مَصابيحُ راهِبٍ
بمَوْزَنَ، رَوَّى بالسَّلِيط ذُبالَها
همُ أَهلُ أَلواحِ السَّرِيرِ ويمْنِه،
قَرابِينُ أَرْدافاً لها وشِمالَها
الأَردافُ: الملوك في الجاهلية، والاسم منه الرِّدافة، وكانت
الرِّدافَةُ في الجاهلية لبني يَرْبوعٍ. والرِّدافَةُ: أَن يجلس الرِّدْف عن يمين
الملك، فإِذا شَرِبَ المَلِكُ شَرِبَ الرِّدْفُ بعده قبل الناس، وإِذا
غَزا المَلِكُ قعَدَ الرِّدْف مكانه فكان خليفة على الناس حتى يعود
المَلِكُ، وله من الغنيمة المِرْباعُ. وقَرابينُ الملك: جُلَساؤه وخاصَّتُه،
واحدهم قُرْبانٌ. وقوله: هم أَهل أَلواح السرير أَي يجلسون مع الملك على
سريره لنفاستهم وجلالتهم. وجاء فلان مُقْصِراً حين قَصْرِ العِشاء أَي كاد
يَدْنُو من الليل؛ وقال ابن حِلِّزَة:
آنَسَتْ نَبْأَةً وأَفْزَعَها القـ
ـناصُ قَصْراً، وقَدْ دنا الإِمْساءُ
ومَقاصِيرُ الطريق: نواحيها،واحدَتُها مَقْصَرة، على غير قياس.
والقُصْرَيانِ والقُصَيْرَيانِ ضِلَعانِ تَلِيانِ الطِّفْطِفَة، وقيل:
هما اللتان تَلِيانِ التَّرْقُوَتَيْنِ. والقُصَيرَى: أَسْفَلُ
الأَضْلاعِ، وقيل هي الضِّلَعُ التي تلي الشاكلَةَ، وهي الواهِنةُ، وقيل: هي آخر
ضِلَعٍ في الجنب. التهذيب: والقُصْرَى والقُصَيْرى الضِّلَعُ التي تلي
الشاكلة بين الجنب والبطن؛ وأَنشد:
نَهْدُ القُصَيْرَى يزينُهُ خُصَلُه
وقال أَبو دُواد:
وقُصْرَى شَنِجِ الأَنْسا
ءِ نَبَّاحٍ من الشَّعْب
أَبو الهيثم: القُصَرَى أَسفل الأَضلاع،والقُصَيرَى أَعلى الأَضلاع؛
وقال أَوس:
مُعاوِدُ تأْكالِ القَنِيصِ، شِواؤُه
من اللحمِ قُصْرَى رَخْصَةٌ وطَفاطِفُ
قال: وقُصْرَى ههنا اسم، ولو كانت نعتاً لكانت بالأَلف واللام. قال: وفي
كتاب أَبي عبيد: القُصَيْرَى هي التي تلي الشاكلة، وهي ضِلَعُ الخَلْفِ؛
فأَما قوله أَنشده اللحياني:
لا تَعْدِليني بظُرُبٍّ جَعْدِ،
كَزِّ القُصَيْرَى، مُقْرِفِ المَعَدِّ
قال ابن سيده: عندي أَن القُصَيْرَى أَحد هذه الأَشياء التي ذكرنا في
القُصَيْرَى؛ قال: وأَما اللحياني فحكى أَن القُصَيْرَى هنا أَصلُ العُنُق،
قال: وهذا غير معروف في اللغة إِلا أَن يريد القُصَيْرَة، وهو تصغير
القَصَرة من العُنق، فأَبدل الهاء لاشتراكهما في أَنهما علما تأْنيث.
والقَصَرَةُ: الكَسَلُ؛ قال الأَزهري أَنشدني المُنْذرِيُّ رواية عن ابن
الأَعرابي:
وصارِمٍ يَقْطَعُ أَغْلالَ القَصَرْ،
كأَنَّ في مَتْنَتِهِ مِلْحاً يُذَرّ،
أَوْ زَحْفَ ذَرٍّ دَبَّ في آثارِ ذَرّ
ويروى:
كأَنَّ فَوْقَ مَتْنِهِ ملْحاً يُذَرّ
ابن الأَعرابي: القَصَرُ والقَصارُ الكَسَلُ. وقال أَعرابي: أَردت أَن
آتيك فمنعني القَصارُ، قل: والقَصارُ والقُصارُ والقُصْرَى والقَصْرُ، كله
أُخْرَى الأُمور. وقَصْرُ المجْدِ: مَعْدِنهُ؛ وقال عَمْرُو ابن
كُلْثُوم:
أَباحَ لَنا قُصُورُ المَجْدِ دينا
ويقال: ما رضيت من فلان بِمَقْصَرٍ ومَقْصِرٍ أَي بأَمر من دون أَي
بأَمر يسير، ومن زائدة. ويقال: فلان جاري مُقاصِرِي أَي قَصْرُه بحذاء
قَصْرِي؛ وأَنشد:
لِتَذْهَبْ إِلى أَقْصى مُباعَدةٍ جَسْرُ،
فما بي إِليها من مُقاصَرةٍ فَقْرُ
يقول: لا حاجة لي في جوارهم. وجَسْرٌ: من محارب. والقُصَيْرَى
والقُصْرَى: ضرب من الأَفاعي، يقال: قُصْرَى قِبالٍ وقُصَيْرَى قِبالٍ.
والقَصَرَةُ: القطعة من الخشب.
وقَصَرَ الثوبَ قِصارَةً؛ عن سيبويه، وقَصَّرَه، كلاهما: حَوَّرَه
ودَقَّهُ؛ ومنه سُمِّي القَصَّارُ. وقَصَّرْتُ الثوب تَقْصِيرا مثله.
والقَصَّارُ والمُقَصِّرُ: المُحَوِّرُ للثياب لأَنه يَدُقُّها بالقَصَرَةِ التي
هي القِطْعَة من الخشب، وحرفته القِصارَةُ. والمِقْصَرَة: خشبة
القَصَّار. التهذيب: والقَصَّارُ يَقْصُر الثوبَ قَصْراً. والمُقَصِّرُ: الذي
يُخسُّ العطاءَ ويقلِّله. والتَّقْصيرُ: إِخْساسُ العطية. وهو ابن عمي
قُصْرَةً، بالضم، ومَقْصُورةً ابن عمي دِنْيا ودُنْيا أَي داني النسب وكان ابنَ
عَمِّه لَحًّا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
رَهْطُ الثِّلِبِّ هؤلا مَقْصُورةً
قال: مقصورةً، أَي خَلَصُوا فلم يخالطهم غيرهم من قومهم؛ وقال اللحياني:
تقال هذه الأَحرف في ابن العمة وابن الخالة وابن الخال. وتَقَوْصَرَ
الرجلُ: دخل بعضه في بعض. والقَوْصَرَة والقَوْصَرَّةُ، مخفف ومثقل: وعاء من
قصب يرفع فيه التمر من البَوارِي؛ قال: وينسب إِلى عليّ، كرم الله وجهه:
أَفْلَحَ من كانتْ له قَوْصَرَّه،
يأْكلُ منا كلَّ يومٍ مَرَّه
قال ابن دريد: لا أَحسبه عربيّاً. ابن الأَعرابي: العربُ تَكْنِي عن
المرأَة بالقارُورةِ والقَوْصَرَّة. قال ابن بري: وهذا الرجز ينسب إِلى علي؛
عليه السلام، وقالوا: أَراد بالقَوْصَرَّة المرأَة وبالأَكل النكاح. قال
ابن بري: وذكر الجوهري أَن القَوْصرَّة قد تخفف راؤها ولم يذكر عليه
شاهداً. قال: وذكر بعضهم أَن شاهده قول أَبي يَعْلى المْهَلَّبِي:
وسَائِلِ الأَعْلَم ابنَ قَوْصَرَةٍ:
مَتَى رَأَى بي عن العُلى قَصْرا؟
قال: وقالوا ابن قَوْصَرة هنا المَنْبُوذ. قال: وقال ابن حمزة: أَهل
البصرة يسمون المنبوذ ابن قَوْصَرة، وجد في قَوصَرة أَو في غيرها، قال: وهذا
البيت شاهد عليه.
وقَيْصَرُ: اسم ملك يَلي الرُّومَ، وقيل: قَيْصَرُ ملك الروم.
والأُقَيْصِرُ: صنم كان يعبد في الجاهلية؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وأَنْصابُ الأُقَيْصِرِ حين أَضْحَتْ
تَسِيلُ، على مَناكِبِها، الدِّماءُ
وابن أُقَيْصِر: رجل بصير بالخيل.
وقاصِرُونَ وقاصِرِينَ: موضع، وفي النصب والخفض قاصِرِينَ.
نقع: نَقَعَ الماءُ في المَسِيلِ ونحوه يَنْفَعُ نُقُوعاً واسْتَنْقَعَ:
اجْتَمَعَ. واسْتَنْقَعَ الماءُ في الغَدِيرِ أَي اجتمع وثبت. ويقال:
استنقَعَ الماءُ إِذا اجتمع في نِهْيٍ أَو غيره، وكذلك نَقَعَ يَنْقَعُ
نُقُوعاً. ويقال: طالَ إِنْقاعُ الماءِ واسْتِنْقاعُه حى اصفرّ.
والمَنْقَعُ، بالفتح: المَوْضِعُ يَسْتَنْقِعُ فيه الماءُ، والجمع مَناقِعُ. وفي
حديث محمد بن كعب: إِذا اسْتَنْقَعَتْ نَفْسُ المؤمنِ جاءَه ملَكُ الموتِ
أَي إِذا اجْتَمَعَتْ في فِيهِ تريد الخروج كما يَسْتَنْقِعُ الماءُ في
قَرارِه، وأَراد بالنفْسِ الرُّوحَ؛ قال الأَزهري: ولهذا الحديث مَخْرَجٌ
آخَر وهو من قولهم نَقَعْتُه إِذا قتلته، وقيل: إِذا اسْتَنْقَعَتْ، يعني
إِذا خرجَت؛ قال شمر: ولا أَعرفها؛ قال ابن مقبل:
مُسْتَنْقِعانِ على فُضُولِ المِشْفَرِ
قال أَبو عمرو: يعني نابي الناقة أَنهما مُسْتَنْقِعانِ في اللُّغامِ،
وقال خالد بن جَنْبةَ: مُصَوِّتانِ.
والنَّقْعُ: مَحْبِــسُ الماءِ. والنَّقْعُ: الماءُ الناقِعُ أَي
المُجْتَمِعُ. ونَقْعُ البئرِ: الماءُ المُجْتَمِعُ فيها قبل أَنْ يُسْتَقَى. وفي
حديث عائشة، رضي الله عنها، عن النبي،صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا
يُمْنَعُ نَقْعُ البئرِ ولا رَهْوُ الماءِ. وفي الحديث: لا يَقْعُدْ
أَحدُكم في طريقٍ أَو نَقْعِ ماءٍ، يعني عند الحَدَثِ وقضاءِ الحاجةِ.
والنَّقِيعُ: البئرُ الكثيرةُ الماءِ، مُذَكَّر والجمعُ أَنْقِعةٌ، وكلُّ
مُجْتَمَعِ ماءٍ نَقْعٌ، والجمع نُقْعانٌ، والنَّقْعُ: القاعُ منه، وقيل: هي
الأَرض الحُرَّةُ الطينِ ليس فيها ارْتفاع ولا انْهِباط، ومنهم من خَصَّصَ
وقال: التي يسْتَنْقِعُ فيها الماء، وقيل: هو ما ارتفع من الأَرض،
والجمع نِقاعٌ وأَنْقُعٌ مثل بَحْرٍ وبِحارٍ وأَبْحُرٍ، وقيل: النِّقاعُ
قِيعانُ الأَرض؛ وأَنشد:
يَسُوفُ بأَنْفَيْهِ النِّقاعَ كأَنَّه،
عن الرَّوْضِ من فَرْطِ النَّشاطِ، كَعِيمُ
وقال أَبو عبيد: نَقْعُ البئرِ فَضْلُ مائِها الذي يخرج منها أَو من
العين قبل أَن يصير في إِناء أَو وِعاء، قال: وفسره الحديث الآخر: من مَنَعَ
فَضْلَ الماءِ لِيَمْنَع به فَضْلَ الكَلإِ مَنَعَه الله فَضْلَه يومَ
القيامةِ؛ وأَصل هذا في البئر يحتفرها الرجل بالفَلاةِ من الأَرض يَسْقِي
بها مَواشِيَه، فإِذا سَقاها فليس له أَن يَمْنَعَ الماءَ الفاضِلَ عن
مَواشِيهِ مَواشِيَ غيره أَو شارباً يشرب بشَفَتِه، وإِنما قيل للماء
نَقْعٌ لأَنه يُنْقَعُ به العَطَشُ أَي يُرْوَى به. يقال: نَقَعَ بالرّيّ
وبَضَعَ. ونَقَعَ السّمُّ في أَنْيابِ الحيَّةِ: اجْتَمعَ، وأَنْقَعَتْه
الحيّةُ؛ قال:
أَبْعْدَ الذي قد لَجَّ تَتَّخِذِينَني
عَدُوًّا، وقد جَرَّعْتِني السّمَّ مُنْقَعا؟
وقيل: أَنْقَعَ السمَّ عَتَّقَه. ويقال: سمّ ناقِعٌ أَي بالِغٌ
قاتِلٌ،وقد نَقَعَه أَي قَتَلَه، وقيل: ثابت مُجْتَمِعٌ من نَقْعِ الماء. ويقال:
سمّ مَنْقُوعٌ ونَقِيعٌ وناقِعٌ؛ ومنه قول النابغة:
فَبِتُّ كأَنِّي ساوَرَتْني ضَئِيلةٌ
من الرُّقْشِ، في أَنْيابِها السُّمُّ ناقِعُ
وفي حديث بَدْرٍ: رأَيتُ البَلايا تَحْمِلُ المنايا، نَواضِحُ يَثْرِبَ
تَحْمِلُ السُّمَّ الناقِعَ. وموْتٌ ناقِعٌ أَي دائِمٌ. ودمٌ ناقِعٌ أَي
طَرِيٌّ؛ قال قَسّام بن رَواحةَ:
وما زالَ مِنْ قَتْلَى رِزاحٍ بعالِجٍ
دَمٌ ناقِعٌ، أَو جاسِدٌ غيرُ ماصِحِ
قال أَبو سعيد: يريد بالناقِعِ الطَّرِيَّ وبالجاسِدِ القَدِيمَ. وسَمٌّ
مُنْقَعٌ أَي مُرَبًّى؛ قال الشاعر:
فيها ذَراريحٌ وسَمٌّ مُنْقَعُ
يعني في كأْس الموت. واسْتَنْقَعَ في الماء: ثَبَتَ فيه يَبْتَرِدُ،
والموضع مُسْتَنْقَعٌ، وكان عط يَسْتَنْقِعُ في حِياضِ عَرَفةَ أَي يدخلُها
ويَتَبَرَّد بمائها. واسْتُنْقِعَ الشيء في الماء، على ما لم يُسَمَّ
فاعِلُه.
والنَّقِيعُ والنَّقِيعةُ: المَحْضُ من اللبن يُبَرَّدُ؛ قال ابن بري:
شاهده قول الشاعر:
أُطَوِّفُ، ما أُطَوِّفُ، ثم آوِي
إِلى أُمِّي، ويَكْفِيني النَّقِيعُ
وهو المُنْقَعُ أَيضاً؛ قال الشاعر يصف فرساً:
قانَى له في الصَّيْفِ ظِلٌّ بارِدٌ،
ونَصِيُّ ناعِجةٍ ومَحْضٌ مُنْقَعُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده ونصِيُّ باعِجةٍ، بالباء؛ قال أَبو هشام:
الباعِجةُ هي الوَعْساءُ ذاتُ الرِّمْثِ والحَمْضِ، وقيل: هي السَّهْلةُ
المُسْتَوِيةُ تُنْبِتُ الرِّمْثَ والبَقْلَ وأَطايِبَ العُشْبِ،وقيل: هي
مُتَّسَعُ الوادِي، وقانى له أَي دامَ له؛ قال الأَزهريّ: أَصلُه من
أَنْقَعْتُ اللبَنَ، فهو نَقِيعٌ، ولا يقال مُنْقَعٌ، ولا يقولون نَقَعْتُه،
قال: وهذا سَماعي من العرب، قال: ووجدْتُ للمُؤَرِّجِ حُرُوفاً في
الإِنقاعِ ما عُجْت بها ولا علِمْت راوِيها عنه. يقال: أَنْقَعْتُ الرجُلَ إِذا
ضَرَبْتَ أَنْفَه بإِصْبَعِكَ، وأَنْقَعْتُ الميِّتَ إِذا دَفَنْته،
وأَنْقَعْتُ البَيْتَ إِذا زَخْرَفْتَه، وأَنْقَعْتُ الجاريةَ إِذا
افْتَرَعْتَها، وأَنْقَعْتُ البيت إِذا جَعَلْتَ أَعلاه أَسفلَه، قال: وهذه حُروفٌ
مُنْكَرةٌ كلُّها لا أَعرِفُ منها شيئاً.
والنَّقُوعُ، بالفتح: ما يُنْقَعُ في الماء من الليل لِدواءٍ أَو
نَبِيذٍ ويُشْرَبُ نهاراً، وبالعكس. وفي حديث الكَرْمِ: تتخذونه زَبِيباً
تُنْقِعُونه أَي تَخْلِطونه بالماء ليصير شَراباً. وفي التهذيب: النَّقُوعُ ما
أَنْقَعْتَ من شيء. يقال: سَقَوْنا نَقُوعاً لِدواءٍ أُنْقِعَ من الليل،
وذلك الإِناء مِنْقَعٌ، بالكسر. ونَقَعَ الشيءَ في الماءِ وغيره
يَنْقَعُه نَقْعاً، فهو نَقِيعٌ، وأَنْقَعَه: نَبَذَه. وأَنْقَعْتُ الدّواءَ
وغيره في الماء، فهو مُنْقَعٌ. والنَّقِيعُ والنَّقُوعُ: شيء يُنْقَعُ فيه
الزَّبِيبُ وغيره ثم يُصَفَّى ماؤُه ويُشْرَبُ، والنُّقاعةُ: ما
أَنْقَعْتَ من ذلك. قال ابن بري: والنُّقاعةُ اسْمُ ما أُنْقِعَ فيه الشيءُ؛ قال
الشاعر:
به مِنْ نِضاخِ الشَّوْلِ رَدْعٌ، كأَنَّه
نُقاعةُ حِنّاءٍ بماءِ الصَّنَوْبَرِ
وكلُّ ما أُلقِيَ في ماءٍ، فقد أُنْقِعَ. والنَّقُوعُ والنَّقِيعُ:
شَرابٌ يتخذ من زبيب ينقع في الماء من غير طَبْخٍ، وقيل في السَّكَر: إِنه
نَقِيعُ الزَّبيبِ.
والنَّقْعُ: الرَّيُّ، شَرِبَ فما نَقَعَ ولا بَضَعَ. ومثَلٌ من
الأَمثالِ: حَتَّامَ تَكْرَعُ ولا تَنْقَعُ؟
ونَقَعَ من الماء وبه يَنْقَعُ نُقُوعاً: رَوِيَ؛ قال جرير:
لو شِئْتِ، قد نَقَعَ الفُؤادُ بشَرْبةٍ،
تَدَعُ الصَّوادِيَ لا يَجِدْنَ غَلِيلا
ويقال: شَرِبَ حتى نَقَعَ أَي شَفى غَلِيلَه ورَوِيَ. وماءٌ ناقِعٌ: وهو
كالناجِعِ؛ وما رأَيت سَرْبةً أَنْقَعَ منها. ونَقَعْتُ بالخبر
وبالشّرابِ إِذا اشْتَفَيْتَ منه. وما نَقَعْتُ بخبره أَي لم أَشْتَفِ به. ويقال:
ما نَقَعْتُ بخبَر فلان نُقوعاً أَي ما عُجْتُ بكلامِه ولم أُصَدِّقْه.
ويقال: نَقَعَتْ بذلك نفْسِي أَي اطْمَأَنَّتْ إِليه ورَوِيَتْ به.
وأَنْقَعَني الماءُ أَي أَرْواني. وأَنْقَعَني الرَّيُّ ونَقَعْتُ به ونَقَعَ
الماءُ العَطَشَ يَنْقَعُه نَقْعاً ونُقُوعاً: أَذْهَبَه وسَكَّنَه؛ قال
حَفْصٌ الأُمَوِيُّ:
أَكْرَعُ عند الوُرُودِ في سُدُمٍ
تَنْقَعُ من غُلَّتي، وأَجْزَأُها
وفي المثل: الرَّشْفُ أَنْقَعُ أَي الشَّرابُ الذي يُتَرَشَّفُ قَلِيلاً
قَليلاً أَقْطَعُ للعطَشِ وأَنْجَعُ، وإِن كان فيه بُطءٌ. ونَقَعَ
الماءُ غُلَّتَه أَي أَرْوى عَطَشَه. ومن أَمثال العرب: إِنه لَشَرَّابٌ
بأَنْقُعٍ. ووَرَدَ أَيضاً في حديثِ الحَجّاجِ: إِنَّكُم يا أَهلَ العِراقِ
شَرَّابُونَ عَلَيَّ بأَنْقُعٍ؛ قال ابن الأَثير: يُضْرَبُ للرجل الذي
جَرَّبَ الأُمُورَ ومارَسها، وقيل للذي يُعادُ الأُمور المَكْرُوهةَ، أَراد
أَنهم يَجْتَرئُونَ عليه ويَتَناكَرون. وقال ابن سيده: هو مثل يضرب
للإِنسان إِذا كان متعاداً لفعل الخير والشرِّ، وقيل: معناه أَنه قد جَرَّبَ
الأُمور ومارَسها حتى عرفها وخبرها، والأَصل فيه أَن الدليل من العرب إِذا
عرف المِياهَ في الفَلَواتِ ووَرَدَها وشرب منها، حَذَقَ سُلُوكَ الطريقِ
التي تُؤَدّيه إِلى البادية، وقيل: معناه أَنه مُعاوِدٌ للأُمور يأْتيها
حتى يبلغ أَقْصَى مُرادِه، وكأَنَّ أَنْقُعاً جمع نَقْعٍ؛ قال ابن
الأَثير: أَنْقُعٌ جمع قِلَّة، وهو الماءُ الناقِعُ أَو الأَرض التي يجتمع فيها
الماء، وأَصله أَنَّ الطائر الحَذِرَ لا يُرِدُ المَشارِعَ، ولكنه يأْتي
المَناقِعَ يشرب منها، كذلك الرجل الحَذِرُ لا يَتَقَحّمُ الأُمورَ؛ قال
ابن بري: حكى أَبو عبيد أَن هذا المثل لابن جريج قاله في مَعْمَرِ بن
راشد، وكان ابن جريج من أَفصح الناس، يقول ابن جريج: إِنه رَكِب في طلَبِ
الحديث كلَّ حَزْن وكتب من كل وجْهٍ، قال الأَزهريُّ: والأَنْقُعُ جمع
النَّقْعِ، وهو كلّ ماءٍ مُسْتَنْقِعٍ من عِدٍّ أَو غَدِيرٍ يَسْتَنْقِعُ
فيه الماء. ويقال: فلان مُنْقَعٌ أَي يُسْتَشْفى بِرأْيه، وأَصله من
نَقَعْتُ بالرّيّ.
والمِنْقَعُ والمِنْقَعةُ: إِناءٌ يُنْقَعُ فيه الشيء. ومِنْقَعُ
البُرَمِ: تَوْرٌ صغير أَو قُدَيْرةٌ صغيرة من حِجارة، وجمعه مَناقِعُ، تكون
للصبي يَطْرَحُون فيه التمْر واللبَنَ يُطْعَمُه ويُسْقاهُ؛ قال
طَرَفةُ:أَلْقَوْا إِلَيْكَ بكلّ أَرْمَلةٍ
شَعْثاءَ، تَحْمِلُ مِنْقَعَ البُرَمِ
البُرَمُ ههنا: جمع بُرْمةٍ، وقيل: هي المِنْقَعةُ والمِنْقَعُ؛ وقال
أَبو عبيد: لا تكون إِلا من حجارة.
والأُنْقُوعةُ: وَقْبَةُ الثريد التي فيها الوَدَكُ. وكل شيء سالَ إِليه
الماءُ من مَثْعَبٍ ونحوه، فهو أُنْقُوعةٌ. ونُقاعةُ كل شيء: الماءُ
الذي يُنْقَعُ فيه. والنَّقْعُ: دَواءٌ يُنْقَعُ ويُشْربُ.
والنَّقِيعةُ من الإِبل: العَبِيطةُ تُوَفَّر أَعْضاؤها فَتُنْقَعُ في
أَشياءَ. ونَقَعَ نَقِيعةً: عَمِلَها. والنَّقِيعةُ: ما نُحِرَ من
النَّهْبِ قبل أَن يُقْتَسَمَ؛ قال:
مِيلُ الذُّرى لُخِبَتْ عَرائِكُها،
لَحْبَ الشِّفارِ نَقِيعةَ النَّهْبِ
صلى الله عليه وسلم
وانْتَقَعَ القومُ نَقيعةً أَي ذَبَحوا من الغنيةِ شيئاً قبل القَسْمِ.
ويقال: جاؤُوا بناقةٍ من نَهْبٍ فنحروها. والنَّقِيعةُ: طعام يُصْنَعُ
للقادِم من السفَر، وفي التهذيب: النقيعة ما صنَعَه الرجُل عند قدومه من
السفر. يقال: أَنْقَعْتُ إِنْقاعاً؛ قال مُهَلْهِلٌ:
إِنَّا لَنَضْرِبُ بالصَّوارِمِ هامَهُمْ،
ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعةَ القُدَّامِ
ويروى:
إِنَّا لَنَضْرِبُ بالسُّيوفِ رُؤوسَهم
القُدَّامُ: القادِمُون من سفَر جمع قادِمٍ، وقيل: القُدَّامُ المَلِكُ،
وروي القَدَّامُ، بفتح القاف، وهو المَلِكُ. والقُدارُ: الجَزَّارُ.
والنَّقِيعةُ: طَعامُ الرجلِ ليلةَ إِمْلاكِه. يقال: دَعَوْنا إِلى
نَقِيعَتهم، وقد نَقَعَ يَنْقَعُ نُقُوعاً وأَنْقَعَ. ويقال: كل جَزُورٍ جَزَرتَها
للضِّيافةِ، فهي نَقِيعةٌ. يقال: نَقَعْتُ النَّقِيعةَ وأَنْقَعْتُ
وانْتَقَعْتُ أَي نَحَرْتُ؛ وأَنشد ابن بري في هذا المكان:
كلُّ الطَّعامِ تَشْتَهي رَبِيعهْ:
الخُرْسُ والإِعْذارُ والنَّقِيعهْ
وربما نَقَعُوا عن عدّةٍ من الإِبل إِذا بَلَغَتْها جَزُوراً أَي نحروه،
فتلك النَّقِيعةُ؛ وأَنشد:
مَيْمونةُ الطَّيْر لم تَنْعِقْ أَشائِمُها،
دائِمَةُ القِدْرِ بالأَفْراعِ والنُّقُعِ
وإِذا زُوِّجَ الرجلُ فأَطْعَمَ عَيْبَتَه قيل: نَقَعَ لهم أَي نَحَرَ.
وفي كلام العرب: إِذا لقي الرجلُ منهم قوماً يقول: مِيلُوا يُنْقَعْ لكم
أَي يُجْزَرْ لكم، كأَنه يَدْعُوهم إِلى دَعْوَتِه. ويقال: الناسُ
نَقائِعُ الموْتِ أَي يَجْزُرُهم كما يَجْزُرُ الجَزَّارُ النَّقِيعةَ.
والنقْعُ: الغُبارُ الساطِعُ. وفي التنزيل: فأَثَرْنَ به نَقْعاً؛ أَي غباراً،
والجمع نِقاعٌ. ونَقَعَ الموتُ: كَثُرَ. والنَّقِيعُ: الصُّراخُ.
والنَّقْعُ: رَفْعُ الصوتِ. ونَقَعَ الصوتُ واسْتَنْقَعَ أَي ارْتَفَع؛ قال لبيد:
فَمَتى يَنْقَعْ صُراخٌ صادِقٌ،
يُحْلِبُوها ذاتَ جََرْسٍ وزَجَلْ
متى يَنْقَعْ صُراخٌ أَي متى يَرْتَفِعْ، وقيل: يَدُومُ ويثبت، والهاء
للحرْب وإِن لم يذكره لأَن في الكلام دليلاً عليه، ويروى يَحْلِبُوها متى
ما سَمِعُوا صارِخاً؛ أَحْلَبُوا الحرْبَ أَي جمعوا لها. ونَقَعَ
الصارِخُ بصوته يَنْقَعُ نُقُوعاً وأَنْقَعَه، كلاهما: تابَعَه وأَدامَه؛ ومنه
قول عمر، رضي الله عنه: إِنه قال في نساءٍ اجْتَمَعْنَ يَبْكِينَ على
خالد بن الوليد: وما على نساء بني المغيرة أَنْ يُهْرِقْنَ، وفي التهذيب:
يَسْفِكْنَ من دُموعِهِنَّ على أَبي سُلَيْمانَ ما لم يكن نَقْعٌ ولا
لَقْلَقةٌ، يعني رَفْعَ الصوتِ، وقيل: يعين بالنقْعِ أَصواتَ الخُدودِ إِذا
ضُرِبَتْ، وقيل: هو وضعهن على رؤُوسهن النَّقْعَ،وهو الغبارُ، قال ابن
الأَثير: وهذا أَولى لأَنه قَرَنَ به اللَّقْلَقَةَ، وهي الصوت، فحَمْلُ
اللفظين على معنيين أَوْلى من حملهما عى معنى واحد، وقيل: النَّقْعُ ههنا
شَقُّ الجُيُوبِ؛ قال ابن الأَعرابي: وجدت بيتاً للمرار فيه:
نَقَعْنَ جُيُوبَهُنَّ عليَّ حَيًّا،
وأَعْدَدْنَ المَراثيَ والعَوِيلا
والنَّقَّاعُ: المُتَكَثِّرُ بما ليس عنده من مدْحِ نفْسِه بالشَّجاعة
والسَّخاءِ وما أَشبهه.
ونَقَعَ له الشَّرَّ: أَدامَه. وحكى أَبو عبيد: أَنْقَعْتُ له شَرًّا،
وهو اسْتِعارةٌ. ويقال: نَقَعَه بالشتم إِذا شتمه شتماً قبيحاً.
والنَّقائِعُ: خَبارَى في بِلادِ تميم، والخَبارَى: جمع خَبْراءَ، وهي
قاعٌ مُسْتَدِيرٌ يَجْتَمِعُ فيه الماءُ.
وانْتُقِعَ لونُه: تَغَيَّرَ من هَمٍّ أَو فزَعٍ، وهو مُنْتَقَعٌ،
والميم أَعرف، وزعم يعقوب أَن ميم امْتُقِعَ بدل من نونها. وفي حديث المبعث:
أَنه أَتَى النبي، صلى الله عليه وسلم، ملكانِ فأَضْجَعاه وشَقَّا بَطنَه
فرجعَ وقد انْتُقِعَ لونُه؛ قال النضر: يقال ذلك إِذا ذَهَبَ دَمُه
وتغيرت جلدة وجهه إِما من خوْفٍ وإِما من مَرَضٍ.
والنَّقُوعُ: ضَرْبٌ من الطِّيب. الأَصمعي: يقال صَبَغَ فلان ثوبَه
بنَقُوعٍ، وهو صِبْغٌ يجعل فيه من أَفْواه الطِّيبِ.
وفي الحديث: أَنَّ عُمَرَ حَمَى غَرَزَ النَّقِيعِ؛ قال ابن الأَثير: هو
موضع حمَاه لِنَعَمِ الفيءِ وخَيْلِ المجاهدين فلا يَرْعاه غيرها، وهو
موضع قريب من المدينة كان يَسْتَنْقِعُ فيه الماء أَي يجتمع؛ قال: ومنه
الحديث أَول جُمُعةٍ جُمِّعَتْ في الإِسلام بالمدينة في نَقِيعِ
الخَضِماتِ؛ قال: هو موضع بنواحي المدينة.
صري: صَرَى الشيءَ صَرْياً: قَطَعَه ودَفَعه؛ قال ذو الرُّمة:
فوَدَّعْنَ مُشْتاقاً أَصَبْنَ فُؤادَهُ،
هَواهُنَّ، إن لم يَصْرِهِ اللهُ، قاتِلُهْ
وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال إنَّ آخِرَ مَنْ
يَدْخُلُ الجنَّةَ لرَجُلٌ يمشي على الصراط فيَنْكَبُّ مرة ويمشي مرة
وتَسْفَعُه النارُ، فإذا جاوز الصراطَ تُرْفَع له شَجرةٌ فيقول يا ربِّ
أَدْنِني منها؛ فيقول اللهُ عز وجل أَي عبدي ما يَصْرِيك مني؟ قال أَبو
عبيد: قوله ما يَصْرِيكَ ما يَقطَعُ مَسْأَلتَك عني ويَمْنَعُك من سؤالي.
يقال: صَرَيْتُ الشيءَ إذا قطَعْته ومنَعْته. ويقال: صَرَى اللهُ عنكَ
شرَّ فلانٍ أَي دَفَعه؛ وأَنشد ابن بري للطرماح:
ولو أَنَّ الظعائِنَ عُجْنَ يوماً
عليَّ ببَطْنِ ذي نَفْرٍ، صَراني
(* قوله «ذي نفر» هكذا في الأصل بهذا الضبط، ولعله ذي بقر).
أَي دَفعَ عني ووقاني. وصَرَيْتهُ: منَعْتُه؛ قال ابن مقبل:
ليس الفُؤادُ بِراءٍ أَرْضَها أَبداً،
وليس صارِيَهُ مِنْ ذِكرِها صارِ
وصَرَيْتُ ما بينهم صَرْياً أَي فَصَلْتُ. يقال: اخْتَصَمنا إلى الحاكم
فصَرَى ما بينَنا أَي قَطَعَ ما بينَنا وفَصَلَ. وصَرَيْتُ الماءَ إذا
اسْتَقَيْتَ ثم قَطَعْتَ. والصاري: الحافِظُ. وصَراةُ الله: وقاه، وقيل:
حَفِظَه، وقيل: نَجَّاه وكَفاهُ، وكلُّ ذلك قريبٌ بعضهُ من بعضٍ. وصَرَى
أَيضاً: نَجَّى؛ قال الشاعر:
صَرَى الفَحْلَ مِنِّي أَنْ ضَئِيلٌ سَنامُه،
ولم يَصْرِ ذاتَ النَّيِّ منها بُرُوعُها
وصَرَى ما بينَنا يَصْري صَرْياً: أَصْلَحَ. والصَّرَى والصِّرَى:
الماءُ الذي طالَ اسْتِنقاعه؛ وقال أَبو عمرو: إذا طال مُكْثُه وتغَيَّر، وقد
صَرِي الماءُ بالكسر؛ قال ابن بري: ومنه قول ذي الرمة:
صَرىً آجِنٌ يَزْوي له المَرْءُ وجْهَه،
إذا ذاقَه ظَمْآنُ في شَهْرِ ناجِرِ
وأَنشد لذي الرمة أَيضاً:
وماء صَرىً عافي الثَّنايا كأَنه،
من الأَجْنِ، أَبْوالُ المَخاضِ الضَّوارِبِ
ونُطْفةٌ صَراةٌ: مُتَغيِّرَة. وصَرَى فُلانٌ الماءَ في ظَهْرِه زَماناً
صَرْياً: حَبَسه بامْتِساكه عن النكاح، وقيل جَمَعه. ونُطْفةٌ صَراةٌ:
صَرَاها صاحِبُها في ظَهْرهِ زماناً؛ قال الأَغلب العجلي:
رُبَّ غُلامٍ قد صَرَى في فِقْرَتِهْ
ماءَ الشَّبابِ، عُنْقُوانَ سَنْبَتِهْ،
أَنْعَظَ حتى اشتَدَّ سََمُّ سُمَّتِهْ
ويروى: رأَتْ غلاماً، وقيل: صَرَى أَي اجْتَمع، والأَصل صَرِيَ، فقلبت
الياءُ أَلفاً كما يقال بَقَى في بَقِيَ. المُنْتَجع: الصَّرْيانُ من
الرجال والدوابِّ الذي قد اجْتَمع الماءُ في ظَهْرهِ؛ وأَنشد:
فهو مِصَكُّ صَمَىان صَرْيان
أَبو عمرو: ماءٌ صَرىً وصِرىً، وقد صَرِي يَصْرى. والصَّرَى: اللبن الذي
قد بَقِيَ فتَغَيَّرَ طَعْمهُ، وقيل: هو بقيَّةُ اللَّبَنِ، وقد صَرِيَ
صَرىً، فهو صَرٍ، كالماء. وصَرِيَتِ الناقةُ صَرىً وأَصْرَتْ: تَحَفَّل
لبَنُها في ضَرْعِها؛ وأَنشد:
مَنْ للجَعافِرِ يا قوْمي، فقد صَرِيَتْ،
وقد يُساقُ لذاتِ الصَّرْيةِ الحَلَبُ
الليث: صَرِيَ اللَّبَنُ يَصْرى في الضَّرْعِ إذا لم يُحْلَبْ ففَسَدَ
طَعْمُهُ، وهو لَبَنٌ صَرىً. وفي حديث أَبي موسى: أَنَّ رجلاً اسْتَفْتاه
فقال: امرأَتي صَرِيَ لبَنُها في ثَدْيها فدَعَتْ جارِيةً لها فمَصَّته،
فقال: حَرُمَت عليكَ، أَي اجْتَمَع في ثدْيِها حتى فسَدَ طَعْمُه،
وتحْريمُها على رأْيِ من يَرَى أَنَّ إرْضاع الكبير يُحَرِّم. وصَرَيْتُ
الناقةَ وغيرَها من ذواتِ اللَّبنِ وصَرَّيْتُها وأَصْرَيتها: حفَّلْتها.
وناقةٌ صَرْياءُ: مُحَفَّلة، وجمعُها صَرايا على غير قياس. وفي حديث النبي،
صلى الله عليه وسلم: من اشترى مُصَرَّاة فهو بخير النَّظَرَينِ، إن شاءَ
رَدَّها ورَدَّ معها صاعاً من تمرٍ؛ قال أَبو عبيد: المُصَرّاة هي الناقةُ
أَو البَقرة أَو الشاة يُصَرَّى اللبنُ في ضَرْعِها أَي يُجْمَعُ
ويُحْبَسُ، يقال منه: صَرَيْتُ الماءَ وصَرَّيْتُه. وقال ابن بزرج: صَرَتِ
الناقةُ تَصْرِي من الصَّرْيِ، وهو جمع اللبنِ في الضَّرْعِ: وصَرَّيْت الشاة
تَصْرِيةً إذا لم تَحْلُبْها أَياماً حتى يجتمعَ اللَّبَنُ في
ضَرْعِها، والشاةُ مُصَرَّاة. قال ابن بري: ويقال ناقةٌ صَرْياءُ وصَرِيَّة؛
وأَنشد أَبو عَمْرو لمُغَلِّس الأَسَدِيِّ:
لَيَاليَ لم تُنْتَجْ عُذامٌ خَلِيَّةً،
تُسَوِّقُ صَرْىَا في مُقَلَّدَةٍ صُهْبِ
(* قوله «ليالي إلخ» هذا البيت هو هكذا بهذا الضبط في الأصل).
قال: وقال ابن خالَويَه الصَّرْية اجتماعُ اللبنِ، وقد تُكْسَر الصادُ،
والفتح أَجْوَدُ. وروى ابن بري قال: ذكر الشافعي، رضي الله عنه،
المُصَرَّاةَ وفسرها أَنها التي تُصَرُّ أَخلافُها ولا تحْلَبُ أَياماً حتى
يجتمعَ اللبنُ في ضَرْعِها، فإذا حَلَبَها المشتري اسْتغْزرَها. قال: وقال
الأَزهري جائزٌ أَن تكونَ سُمِّيَتْ مُصَرَّاةً من صَرِّ أَخلافِها كما ذكر،
إلاَّ أَنهم لما اجتَمع في لهم الكلمة ثلاثُ راءَاتٍ قُلِبَتْ إحداها
ياءً كما قالوا تَظَنَّيْتُ في تَظنَّنْتُ، ومثلهُ تَقَضَّى البازِي في
تَقَضَّضَ، والتَّصَدِّي في تَصَدَّدَ، وكثيرٌ من أَمثالِ ذلك أَبْدلوا من
أَحدِ الأَحرفِ المكرَّرةِ ياءً كراهيةً لاجتماعِ الأَمثالِ، قال: وجائز
أَن تكون سمِّيتْ مُصَرَّاةً من الصَّرْيِ، وهو الجمع كما سَبق، قال:
وإليه ذهب الأَكثرون، وقد تكررت هذه اللفظةُ في أَحاديث منها قوله، صلى الله
عليه وسلم: لا تَصُرُّوا الإبِلَ والغَنَم، فإن كان من الصَّرِّ فهو بفتح
التاء وضم الصاد، وإن كان من الصَّرْيِ فيكون بضم التاء وفتح الصاد،
وإنما نَهَى عنه لأَنه خِداعٌ وغِشٌّ. ابن الأَعرابي: قيل لابْنَةِ الخُسِّ
أَيُّ الطعَامِ أَثْقَلُ؟ فقالت: بَيْضُ نَعامْ وصَرَى عامٍ بعدَ عامْ
أَي ناقة تُعَزِّزُها عاماً بعدَ عامٍ؛ الصَّرَى اللَّبَنُ يُتْرَكُ في
ضَرْعِ النَّاقَةِ فلا يُحتَلَبُ فَيصِيرُ مِلْحاً ذا رِياحٍ. وردَّ أَبو
الهيثم على ابن الأَعرابي قوله صَرَى عامٍ بعدَ عامٍ، وقال: كيف يكونُ هذا
والناقَةُ إنَّما تُحْلَب ستَّةَ أَشهُرٍ أَو سَبْعَةَ أَشْهُرٍ في
كلامٍ طَويلٍ قَدْ وَهِمَ في أَكْثَرِه؛ قال الأَزهري: والذي قاله ابن
الأَعرابي صحيحٌ، قال: ورأَيتُ العَرَب يَحْلُبْونَ النَّاقَةَ من يومِ
تُنْتَجُ سَنَةً إذا لم يَحْمِلُوا الفَحْلَ عَلَيْها كِشافاً، ثم
يُغَرِّزُونَها بعدَ تمامِ السَّنَةِ ليَبْقَى طِرْقُها، وإذا غَرَّزُوها ولم
يَحْتَلِبُوها وكانت السَّنَةُ مُخْصِبَةً تَرادَّ اللبنُ في ضَرْعِها فَخَثُرَ
وخَبُثَ طَعْمُه فَامَّسَح، قال: ولقد حَلَبْتُ لَيلَةً من اللَّيالي
ناقةً مُغَرَّزَة فلم يَتَهيأْ لي شربُ صَرَاهَا لِخُبْثِ طَعْمِهِ
ودَفَقْتُه، وإنما أَرادتِ ابنَةُ الخُسِّ بقولِها صَرَى عامٍ بعد عامٍ لَبَنَ
عامٍ اسْتَقْبَلَتْه بعد انْقِضاءِ عامٍ نُتِجَتْ فيه، ولم يَعْرِف أَبو
الهيثم مُرادَها ولم يَفْهم منه ما فَهِمَه ابن الأَعرابي، فطِفِقَ
يَرُدُّ على من عَرَفَه بتَطْويلٍ لا معنى فيه. وصَرَى بَوْله صَرْياً إذا
قَطَعَه. وصَرِيَ فلانٌ في يدِ فلانٍ إذا بَقِيَ في يَدِهِ رَهْناً
مَحْبــوساً؛ قال رؤْبة:
رَهْنَ الحَرُورِيِّينَ قد صَريتُ
والصَّرى: ما اجْتَمع من الدَّمْعِ، واحدته صَراةٌ. وصَرِيَ الدَّمْعُ
إذا اجْتَمع فَلَمْ يَجْرِ؛ وقالت خَنْساء:
فلم أَمْلِكْ، غَداةَ نَعِيِّ صَخْرٍ،
سَوابِقَ عَبْرةٍ حُلِبَتْ صَرَاها
ابن الأَعرابي: صَرَى يَصْرِي إذا قَطَع، وصَرَى يَصْرِي إذا عَطَفَ،
وصَرَى يَصْرِي إذا تقدَّم، وصَرَى يَصْري إذا تأَخَّرَ، وصَرَى يَصْري إذا
عَلا، وصَرَى يَصْرِي إذا سَفَلَ، وصَرَى يَصْرِي إذا أَنْجَى إنْساناً
مِنْ هَلَكةٍ وأَغاثَهُ؛ وأَنشد:
أَصْبَحْتُ لَحْمَ ضِباعِ الأَرضِ مُقْتَسَماً
بَيْنَ الفَراعِلِ، إنْ لَمْ يَصْرِني الصاري
وقال آخر في صَرَى إذا سَفَل:
والناشِياتِ الماشياتِ الخَيْزَرَى
وفي الحديث: أَنه مَسَحَ بيدهِ النَّصْلَ الذي بَقِيَ في لَبَّةِ
رافِعِ بن خَدِيجٍ وتَفَلَ عليه فلم يَصْرِ أي لم يَجْمَع المِدَّةَ. وفي حديث
عَرْضِ نَفْسِه على القبائل: وإنما نزلنا الصَّرَيَيْنِ اليَمامةَ
والسَّمامة؛ هما تثنيةُ صَرى، ويروى الصِّيرَيْن، وهو مذكور في موضعه. وكلُّ
ماءٍ مُجْتَمِعٍ صَرىً، ومنه الصراة؛ وقال:
كعُنُق الآرام أَوْفى أَو صرى
(* قوله «كعنق الآرام إلى قوله وصرى سفل» هكذا في الأصل. ومحل هذه
العبارة بعد قوله: والناشيات الماشيات الخيزرى).
قال: أَوْفى عَلا، وصَرَى سَفَلَ؛ وأَنشد في عَطَفَ:
وصَرَيْنَ بالأَعْناقِ في مَجْدُولةٍ،
وَصَلَ الصَّوانِعُ نِصفَهُنَّ جَدِيدَا
قال ابن بزرج: صَرَتِ النَّاقةُ عُنُقَها إذا رَفَعَتْه من ثِقَلِ
الوِقْرِ؛ وأَنشد:
والعِيسُ بيْنَ خاضِعٍ وصارِي
والصَّراة: نهرٌ معروف، وقيل: هو نهر بالعراق، وهي العظمى والصغرى.
والصَّرَاية: نَقِيعُ ماءِ الحَنْظَلِ. الأَصمعي: إذا اصْفَرَّ
الحَنْظَلُ فهو الصَّراءُ، ممدودٌ؛ وروي قول امرئِ القيس:
كأَنَّ سَراتَه لَدَى البَيْتِ قائماً
مَداكُ عَرُوسٍ، أَو صَرَايةُ حَنْظَلِ
(* صدر البيت مختلّ الوزن، ورواية المعلقة:
كأنَّ على المتنين منه، إذا انتحى، * مداكَ عروسٍ أو
صَلايةَ حَنظلِ).
والصَّرَاية: الحَنْظَلَةُ إذا اصْفَرَّتْ، وجَمْعها صَراءٌ وصَرَايا.
قال ابن الأَعرابي: أَنشد أَبو مَحْضَة أَبياتاً ثم قال هذه بِصَراهُنَّ
وبِطَراهُنَّ؛ قال أَبو تراب: وسأَلت الحُصَيْنيَّ عن ذلك فقال: هذه
الأَبيات بِطَرَاوَتِهِنَّ وصَرَواتَهِنَّ أَي بِجِدَّتِهِنَّ وغَضاضَتِهِنَّ؛
قال العجاج:
قُرْقُورُ ساجٍ، ساجُه مَصْليُّ
بالقَيْرِ والضَّباب زَنْبَرِيُّ
رَفَّعَ من جِلالِهِ الدَّارِيُّ،
ومَدَّهُ، إذْ عَدلَ الخَليُّ،
جَلٌّ وأَشْطانٌ وصرَّارِيُّ،
ودَقَلٌ أَجْرَدُ شَوْذَبِيُّ
وقال سُلَيْك بنُ السُّلَكة:
كأْنَّ مفالِق الهامات مِنهُمْ
صَراياتٌ نهادَتْها الجواري
قال بعضهم: الصِّرايَةُ نقِيعُ الحَنظل. وفي نوادر الأَعراب: الناقةُ
في فِخاذِها، وقد أَفْخَذتْ، يعني في إلْبائِها، وكذلك هي في إحْدائها
وصَراها. والصَّرى: أَن تحْمِل الناقةُ اثْنَي عشر شهراً فتُلْبئَ فذلك
الصَّرى، وهذا الصَّرى غير ما قاله ابن الأَعرابي، فالصَّرى وجهان.
والصَّاريَةُ من الرَّكايا: البَعِيدَة العَهْد بالماء فقد أَجَنَت
وعَرْمَضَتْ. والصَّاري: الملاّحُ، وجمعه صُرٌّ على غير قياس، وفي المحكم:
والجمع صُرَّاءٌ، وصَرارِيُّ وصَرارِيُّون كلاهما جمع الجمع؛ قال:
جذْبُ الصَّراريِّين بالكُرُور
وقد تقدم أَنّ الصَّرارِيَّ واحد في تَرْجمة صَرر؛ قال الشاعر:
خَشِي الصَّرارِي صَوْلةً
منهُ، فعاذوا بالكلاكِلْ
وصاري السَّفِينة: الخَشَبة المُعترضةُ في وَسَطِها. وفي حديث ابن
الزُّبَيْر وبناء البيت: فأَمرَ بصَوارٍ فنُصِبَتْ حوْل الكَعبة؛ هي جمع
الصَّاري وهُو ذَقَلُ السفينة الذي يُنصَبُ في وَسَطِها قائماً ويكُون عليه
الشِّراعُ. وفي حديث الإسراء في فَرْض الصلاة: علِمْتُ أَنَّها فَرْضُ
الله صِرَّى أََي حَتْمٌ واجبٌ، وقيل: هي مُشتَقَّة من صَرَى إذا قَطَع،
وقيل: من أَصْرَرْت على الشيء إذا لزمنه، فإن كان هذا فهو من الصَّاد
والرَّاءِ المُشَدَّدة.
وقال أَبو موسى: هوصِرِّيٌّ بوزن جِنِّيٍّ، وصِرِّيُّ العَزْم ثابتُه
ومُستَقِرُّه، قال: ومن الأَول حديث أَبي سَمَّال الأَسَدي وقد ضَلَّت
ناقَتُه فقال: أَيْمُنكَ لئِنْ لم ترُدَّها عليَّ لا عَبَدْتُك فأَصابها وقد
تَعلَّق زمامُها بعَوْسجة فأَخذها وقال: علِمَ ربَّي أَنَّها مني صِرَّى
أَي عزيمة قاطعةٌ ويمينٌ لازمَة. التهذيب في قوله تعالى: فصُرْهُنَّ
إليكَ، قال: فسروه كلُّهم فصُرْهُنَّ أَمِلَّهُنَّ، قال: وأَما فصِرْهُنَّ،
بالكسر، فإنه فُسِّر بمعنى قَطِّعْهُنَّ، قال: ولم نجد قَطِّعْهُنَّ
معروفة، قال: وأُراها إن كانت كذلك من صَرَيْتُ أَصْري أَي قطَعْت،
فقُدِّمَتْ ياؤُها وقلب، وقيل: صِرْتُ أَصِير كما قالوا عَثَيْت أَعْثي وعِثْت
أَعيثُ بالعين، من قولك عِثْتُ في الأَرض أَي أَفسَدْت.
سعد: السَّعْد: اليُمْن، وهو نقيض النَّحْس، والسُّعودة: خلاف النحوسة،
والسعادة: خلاف الشقاوة. يقال: يوم سَعْد ويوم نحس. وفي المثل: في الباطل
دُهْدُرَّيْنْ سَعْدُ القَيْنْ، ومعناهما عندهم الباطل؛ قال الأَزهري:
لا أَدري ما أَصله؛ قال ابن سيده: كأَنه قال بَطَلَ يعدُ القينُ،
فَدُهْدُرَّيْن اسم لِبَطَلَ وسعد مرتفع به وجمعه سُعود. وفي حديث خلف: أَنه سمع
أَعرابيّاً يقول دهدرّين ساعد القين؛ يريد سعد القين فغيره وجعله
ساعداً.وقد سَعِدَ يَسْعَدُ سَعْداً وسَعادَة، فهو سعيد: نقيض شَقى مثل سَلمِ
فهو سَليم، وسُعْد، بالضم، فهو مسعود، والجمع سُعداء والأُنثى بالهاء. قال
الأَزهري: وجائز أَن يكون سعيد بمعنى مسعود من سَعَده الله، ويجوز أَن
يكون من سَعِد يَسْعَد، فهو سعيد. وقد سعَده الله وأَسعده وسَعِد يَسْعَد،
فهو سعيد. وقد سَعده الله وأَسعده وسَعِد جَدُّه وأَسَعده: أَنماه.
ويومٌ سَعْد وكوكبٌ سعد وُصِفا بالمصدر؛ وحكى ابن جني: يومٌ سَعْد وليلةٌ
سعدة، قال: وليسا من باب الأَسْعد والسُّعْدى، بل من قبيل أَن سَعْداً
وسَعْدَةً صفتان مسوقتان على منهاج واستمرار، فسَعْدٌ من سَعْدَة كجَلْد من
جَلْدة ونَدْب من نَدْبة، أَلا تراك تقول هذا يوم سَعْدٌ وليلة سعدة، كما
تقول هذا شَعر جَعْد وجُمَّة جعدة؟ وتقول: سَعَدَ يومُنا، بالفتح، يَسْعَد
سُعودا. وأَسعده الله فهو مسعود، ولا يقال مُسْعَد كأَنهم استَغْنَوا
عنه بمسعود.
والسُّعُد والسُّعود، الأَخيرة أَشهر وأَقيس: كلاهما سعود النجوم، وهي
الكواكب التي يقال لها لكل واحد منها سَعْدِ كذا، وهي عشرة أَنجم كل واحد
منها سعد: أَربعة منها منازلُ ينزل بها القمر، وهي: سعدُ الذابِح وسعدُ
بُلَع وسعد السُّعود وسعدُ الأَخْبِيَة، وهي في برجي الجدي والدلو، وستة
لا ينزل بها القمر، وهي: سعد ناشِرَة وسعد المَلِك وسعْدُ البِهامِ وسعدُ
الهُمامِ وسعد البارِع وسعد مَطَر، وكل سعد منها كوكبان بين كل كوبين في
رأْي العين قدر ذراع وهي متناسقة؛ قال ابن كناسة: سعد الذابح كوكبان
متقاربان سمي أَحدهما ذابحاً لأَن معه كوكباً صغيراً غامضاً، يكاد يَلْزَقُ
به فكأَنه مُكِبٌّ عليه يذبحه، والذابح أَنور منه قليلاً؛ قال: وسعدُ
بُلَع نجمان معترِضان خفيان. قال أَبو يحيى: وزعمت العرب أَنه طلع حين قال
الله: يا أَرض ابلعي ماءك ويا سماء أَقلعي؛ ويقال إِنما سمي بُلَعاً لأَنه
كان لقرب صاحبه منه يكاد أَن يَبْلَعَه؛ قال: وسعد السعود كوكبان، وهو
أَحمد السعود ولذلك أُضيف إِليها، وهو يشبه سعد الذابح في مَطْلَعِه؛ وقال
الجوهري: هو كوكب نَيِّرٌ منفرد. وسعد الأَخبية ثلاثة كواكب على غير طريق
السعود مائلة عنها وفيها اختلاف، وليست بخفية غامضة ولا مضيئة منيرة،
سميت سعد الأَخبية لأَنها إِذا طلعت خرجت حشَراتُ الأَرض وهوامُّها من
جِحَرتها، جُعِلَتْ جِحَرتُها لها كالأَخبية؛ وفيها يقول الراجز:
قد جاء سعدٌ مُقْبِلاً بِجَرِّه،
واكِدَةً جُنودُه لِشَرِّه
فجعل هوامَّ والأَرض جنوداً لسعد الأَخبية؛ وقيل: سعد الأَخبية ثلاثة
أَنجم كأَنها أَثافٍ ورابع تحت واحد منهن، وهي السعود، كلها ثمانية، وهي من
نجوم الصيف ومنازل القمر تطلع في آخر الربيع وقد سكنت رياح الشتاء ولم
يأْت سلطان رياح الصيف فأَحسن ما تكون الشمس والقمر والنجوم في أَيامها،
لأَنك لا ترى فيها غُبْرة، وقد ذكرها الذبياني فقال:
قامت تَراءَى بين سِجْفَيِ كلَّةٍ،
كالشمسِ يوم طُلوعِها بالأَسعَد
والإِسْعاد: المعونة. والمُساعَدة: المُعاونة.
وساعَدَه مُساعدة وسِعاداً وأَسعده: أَعانه. واستَسْعد الرجلُ برؤية
فلان أَي عدّه سَعْداً.
وسعْدَيك من قوله لَبَّيك وسعديك أَي إِسعاداً لك بعد إِسعادٍ. روي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه كان يقول في افتتاح الصلاة: لبيك وسعديك،
والخير في يديك والشر ليس إِليك؛ قال الأَزهري: وهو خبر صحيح وحاجة أَهل
العلم إِلى معرفة تفسيره ماسة، فأَما لبَّيْك فهو مأخوذ من لبَِّ
بالمكان وأَلبَّ أَي أَقام به لَبّاً وإِلباباً، كأَنه يقول أَنا مقيم على
طاعتك إِقامةً بعد إِقامةٍ ومُجيب لك إِجابة بعد إِجابة؛ وحكي عن ابن السكيت
في قوله لبيك وسعديك تأْويله إِلباباً بك بعد إِلباب أَي لزوماً لطاعتك
بعد لزوم وإِسعاداً لأَمرك بعد إِسعاد؛ قال ابن الأَثير أَي ساعدت طاعتك
مساعدة بعد مساعدة وإِسعاداً بعد إِسعاد ولهذا ثنى، وهو من المصادر
المنصوبة بفعل لا يظهر في الاستعمال؛ قال الجَرْميّ: ولم نَسْمَع لسعديك
مفرداً. قال الفراء: لا واحد للبيك وسعديك على صحة؛ قال ابن الأَنباري: معنى
سعديك أَسعدك الله إِسعاداً بعد إِسعاد؛ قال الفراء: وحنَانَيْك رحِمَك
الله رحمة بعد رحمة، وأَصل الإِسعاد والمساعدة متابعةُ العبد أَمرَ ربه
ورضاه. قال سيبويه: كلام العرب على المساعدة والإِسعاد، غير أَن هذا الحرف
جاء مثنى على سعديك ولا فعل له على سعد، قال الأَزهري: وقد قرئ قوله
تعالى: وأَما الذين سُعدوا؛ وهذا لا يكون إِلا من سعَدَه اللهُ وأَسعَدَه
(*
قوله «الا من سعده الله وأسعده إلخ» كذا بالأصل ولعل الأولى إلاّ من سعده
الله بمعنى أسعده.) أَي أَعانه ووفَّقَه، لا من أَسعده الله، ومنه سمي
الرجل مسعوداً. وقال أَبو طالب النحوي: معنى قوله لبيك وسعديك أَي
أَسعَدَني الله إِسعاداً بعد إِسعاد؛ قال الأَزهري: والقول ما قاله ابن السكيت
وأَبو العباس لأَن العبد يخاطب ربه ويذكر طاعته ولزومه أَمره فيقول سعديك،
كما يقول لبيك أَي مساعدة لأَمرك بعد مساعدة، وإِذا قيل أَسعَدَ الله
العبد وسعَدَه فمعناه وفقه الله لما يرضيه عنه فَيَسْعَد بذلك سعادة.
وساعِدَةُ الساق: شَظِيَّتُها.
والساعد: مُلْتَقى الزَّنْدَين من لدن المِرْفَق إِلى الرُّسْغ.
والساعِدُ: الأَعلى من الزندين في بعض اللغات، والذراع: الأَسفلُ منهما؛ قال
الأَزهري: والساعد ساعد الذراع، وهو ما بين الزندين والمرفق، سمي ساعداً
لمساعدته الكف إِذا بَطَشَت شيئاً أَو تناولته، وجمع الساعد سَواعد.
والساعد: مَجرى المخ في العظام ؛ وقول الأَعلم يصف ظليماً:
على حَتِّ البُرايَةِ زَمْخَرِيِّ السَّـ
واعِدِ، ظَلَّ في شَريٍ طِوالِ
عنى بالسواعد مجرى المخ من العظام، وزعموا أَن النعام والكرى لا مخ
لهما؛ وقال الأَزهري في شرح هذا البيت: سواعد الظليم أَجنحة لأَن جناحيه ليسا
كاليدين. والزَّمْخَرِيُّ في كل شيء: الأَجْوف مثل القصب وعظام النعام
جُوف لا مخ فيها. والحتُّ: السريع. والبُرَايَةُ: البقِية؛ يقول: هو سريع
عند ذهاب برايته أَي عند انحسار لحمه وشحمه.
والسواعد: مجاري الماء إِلى النَّهر أَو البَحْر. والساعدة: خشبة تنصب
لِتُمْسِكَ البَكْرَة، وجمعها السواعد. والساعد: إِحْلِيلُ خِلْف الناقة
وهو الذي يخرج منه اللبن؛ وقيل: السواعد عروق في الضَّرْع يجيء منها اللبن
إِلى الإِحليل؛ وقال الأَصمعي: السواعد قَصَب الضرع؛ وقال أَبو عمرو: هي
العروق التي يجيء منها اللبن شبهت بسواعد البحر وهي مجاريه. وساعد
الدَّرّ: عرق ينزل الدَّرُّ منه إِلى الضرع من الناقة وكذلك العرق الذي يؤدي
الدَّرَّ إِلى ثدي المرأَة يسمى ساعداً؛ ومنه قوله:
أَلم تعلمي أَنَّ الأَحاديثَ في غَدٍ
وبعد غَدٍ يا لُبن، أَلْبُ الطَّرائدِ
وكنتم كأُمٍّ لَبَّةٍ ظعَنَ ابُنها
إِليها، فما دَرَّتْ عليه بساعِدِ
رواه المفضل: ظعن ابنها، بالظاء، أَي شخص برأْسه إِلى ثديها، كما يقال
ظعن هذا الحائط في دار فلان أَي شخص فيها.
وسَعِيدُ المَزْرَعَة: نهرها الذي يسقيها. وفي الحديث: كنا نُزَارِعُ
على السَّعِيدِ.
والساعِدُ: مَسِيلُ الماء لى الوادي والبحر، وقيل: هو مجرى البحر إِلى
الأَنهار. وسواعد البئر: مخارج مائها ومجاري عيونها. والسعيد: النهر الذي
يسقي الأَرض بظواهرها إِذا كان مفرداً لها، وقيل: هو النهر، وقيل: النهر
الصغير، وجمعه سُعُدٌ؛ قال أَوس بن حجر:
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، مُقَفِّيَةً،
نخلٌ مَواقِرُ بينها السُّعُد
ويروى: حوله. أَبو عمرو: السواعد مجاري البحر التي تصب إِليه الماء،
واحدها ساعد بغير هاء؛ وأَنشد شمر:
تأَبَّدَ لأْيٌ منهمُ فَعُتائِدُه،
فذو سَلَمٍ أَنشاجُه فسواعِدُهْ
والأَنشاجُ أَيضاً: مَجَارِي الماء، واحدها نَشَجٌ. وفي حديث سعد: كنا
نَكْرِي الأَرض بما على السَّواقي وما سَعِدَ من الماء فيها فنهانا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك؛ قوله: ما سعد من الماء أَي ما جاء من
الماء سَيْحاً لا يحتاج إِلى دالية يَجِيئُه الماء سيحاً، لأَن معنى ما
سعد: ما جاء من غير طلب. والسَّعيدة: اللِّبْنَةُ لِبْنةُ القميص.
والسعيدة: بيت كان يَحُجه ربيعة في الجاهلية.
والسَّعْدانة: الحمامة؛ قال:
إِذا سَعْدانَةُ الشَّعَفاتِ ناحت
والسَّعدانة: الثَّنْدُوَة، وهو ما استدار من السواد حول الحَلَمةِ.
وقال بعضهم: سعدانة الثدي ما أَطاف به كالفَلْكَة. والسَّعْدانة: كِرْكِرَةُ
البعير، سميت سعدانه لاستدارتها. والسعدانة: مَدْخل الجُرْدان من
ظَبْيَةِ الفرس. والسَّعْدانة: الاست وما تَقبَّضَ من حَتَارِها. والسعدانة:
عُقْدة الشِّسع مما يلي الأَرض والقِبالَ مثلُ الزِّمام بين الإِصبع الوسطى
والتي تليها. والسعدانة: العقدة في أَسفل كفَّة الميزان وهي السعدانات.
والسَّعْدانُ: شوك النخل؛ عن أَبي حنيفة، وقيل: هو بقلة. والسعدان: نبت
ذو شوك كأَنه فَلْكَةٌ يَسْتَلْقِي فينظر إِلى شوكه كالحاً إِذا يبس،
ومََنْبتُهُ سُهول الأَرض، وهو من أَطيب مراعي الإِبل ما دام رطباً، والعرب
تقول: أَطيب الإِبل لبناً ما أَكلَ السَّعْدانَ والحُرْبُثَ. وقال
الأَزهري في ترجمة صفع: والإِبل تسمن على السعدان وتطيب عليه أَلبانها، واحدته
سَعْدانَة؛ وقيل: هو نبت والنون فيه زائدة لأَنه ليس في الكلام فَعْلال
غير خزعال وقَهْقار إِلا من المضاعف، ولهذا النبت شوك يقال له حَسَكَةُ
السعدان ويشبه به حَلَمَةُ الثدي، يقال سعدانة الثُّنْدُوَة. وأَسفلَ
العُجايَة هنَاتٌ بأَنها الأَظفار تسمى: السعدانات. قال أَبو حنيفة: من
الأَحرار السعدان وهي غبراء اللون حلوة يأْكلها كل شيء وليست بكبيرة، ولها إِذا
يبست شوكة مُفَلطَحَة كأَنها درهم، وهو من أَنجع المرعى؛ ولذلك قيل في
المثل: مَرْعًى ولا كالسَّعدان؛ قال النابغة:
الواهِب المائَة الأَبكار، زَيَّنها
سَعدانُ تُوضَح في أَوبارها اللِّبَد
قال: وقال الأَعرابي لأَعرابي أَما تريد البادية؟ فقال: أَما ما دام
السعدان مستلقياً فلا؛ كأَنه قال: لا أُريدها أَبداً. وسئلت امرأَة تزوّجت
عن زوجها الثاني: أَين هو من الأَول؟ فقالت: مرعى ولا كالسعدان، فذهبت
مثلاً، والمراد بهذا المثل أَن السعدان من أَفضل مراعيهم. وخلط الليث في
تفسير السعدان فجعل الحَلَمَة ثمرَ السعدان وجعل له حَسَكاً كالقُطْب؛ وهذا
كله غلط، والقطب شوك غير السعدان يشبه الحسَك؛ وأَما الحَلَمة فهي شجرة
أُخرى وليست من السعدان في شيء. وفي الحديث في صفة من يخرج من النار: يهتز
كأَنه سَعدانة؛ هو نبت ذو شوك. وفي حديث القيامة والصراط: عليها خَطاطيف
وكلاليبُ وحَسَكَةٌ لها شوكة تكون بنجد يقال لها السعدان؛ شَبَّه
الخطاطيف بشوك السعدان.
والسُّعْد، بالضم: من الطيب، والسُّعادى مثله. وقال أَبو حنيفة:
السُّعدة من العروق الطيبة الريح وهي أَرُومَة مُدحرجة سوداء صُلْبَة، كأَنها
عقدة تقع في العِطر وفي الأَدوية، والجمع سُعْد؛ قال: ويقال لنباته
السُّعَادَى والجمع سُعادَيات. قال الأَزهري: السُّعد نبت له أَصل تحت الأَرض
أَسود طيب الريح، والسُّعادى نبت آخر. وقال الليث: السُّعادَى نبت السُّعد.
ويقال: خرج القوم يَتَسَعَّدون أَي يرتادون مرعى السعدان. قال الأَزهري:
والسّعدان بقل له ثمر مستدير مشوك الوجه إِذا يبس سقط على الأَرض
مستلقياً، فإِذا وطئه الماشي عقَر رجله شوْكُه، وهو من خير مراعيهم أَيام
الربيع، وأَلبان الإِبل تحلو إِذا رعت السَّعْدانَ لأَنه ما دام رطباً حُلْوٌ
يتمصصه الإِنسان رطباً ويأْكله.
والسُّعُد: ضرب من التمر؛ قال:
وكأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ، مُدْبِرةً،
نَخْلٌ بِزارَةَ حَمْله السُّعُدُ
وفي خطبة الحجاج: انج سَعْدُ فقد قُتِلَ سُعَيْد؛ هذا مثل سائر وأَصله
أَنه كان لِضَبَّة بن أُدٍّ ابنان: سَعْدٌ وسُعَيْدٌ، فخرجا يطلبان إِبلاً
لهما فرجع سعد ولم يرجع سعيد، فكان ضبةُ إِذا رأَى سواداً تحت الليل قال:
سَعْد أَم سُعَيْد؟ هذا أَصل المثل فأُخذ ذلك اللفظ منه وصار مما
يتشاءَم به، وهو يضرب مثلاً في العناية بذي الرحم ويضرب في الاستخبار عن
الأَمرين الخير والشر أَيهما وقع؛ وقال الجوهري في هذا المكان: وفي المثل:
أَسعد أَم سعيد إِذا سئل عن الشيء أَهو مما يُحَبّ أَو يُكْرَه.
وفي الحديث أَنه قال: لا إِسعادَ ولا عُفْرَ في الإِسلام؛ هو إِسعاد
النساء في المَناحات تقوم المرأَة فتقوم معها أُخرى من جاراتها إِذا أُصيبت
إِحداهنَّ بمصيبة فيمن يَعِزُّ عليها بكت حولاً، وأَسْعَدها على ذلك
جاراتها وذواتُ قراباتها فيجتمعن معها في عِداد النياحة وأََوقاتها
ويُتابِعْنها ويُساعِدْنها ما دامت تنوح عليه وتَبْكيه، فإِذا أُصيبت صواحباتها
بعد ذلك بمصيبة أَسعدتهن فنهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن هذا الإِسعاد.
وقد ورد حديث آخر: قالت له أُم عطية: إِنَّ فلانه أَسْعَدَتْني فأُريد
أُسْعِدُها، فما قال لها النبي، صلى الله عليه وسلم، شيئاً. وفي رواية
قال: فاذْهَبي فأَسْعِدِيها ثم بايعيني؛ قال الخطابي: أَما الإِسعاد فخاص في
هذا المعنى، وأَما المُساعَدَة فعامَّة في كل معونة. يقال إِنما سُمِّيَ
المُساعَدَةَ المُعاونَةُ من وضع الرجل يدَه على ساعد صاحبه، إِذا
تماشيا في حاجة وتعاونا على أَمر.
ويقال: ليس لبني فلان ساعدٌ أَي ليس لهم رئيس يعتمدونه. وساعِدُ القوم:
رئيسهم؛ قال الشاعر:
وما خَيرُ كفٍّ لا تَنُوءُ بساعد
وساعدا الإِنسان: عَضْداه. وساعدا الطائر: جناحاه. وساعِدَةُ: قبيلة.
وساعِدَةُ: من أَسماء الأَسد معرفة لا ينصرف مثل أُسامَةَ.
وسَعِيدٌ وسُعَيْد وسَعْد ومَسْعُود وأَسْعَدُ وساعِدَةُ ومَسْعَدَة
وسَعْدان: أَسماءُ رجال، ومن أَسماءِ النساء مَسْعَدَةُ.
وبنو سَعْد وبنو سَعِيدٍ: بطنان. وبنو سَعْدٍ: قبائل شتى في تميم وقيس
وغيرهما؛ قال طرفة بن العبد:
رأَيتُ سُعوداً من شُعوبٍ كثَيرة،
فلم ترَ عَيْني مثلَ سَعِد بنِ مالك
الجوهري: وفي العرب سعود قبائل شتى منها سَعْدُ تَميم وسَعْد هُذيل وسعد
قَيْس وسَعد بَكر، وأَنشد بيت طرفة؛ قال ابن بري: سعود جمع سُعد اسم
رجل، يقول: لم أَرَ فيمن سمي سعداً أَكرم من سعد بن مالك بن ضَبيعة بن قيَس
بن ثَعْلبة بن عُكابَة، والشُّعوبُ جمع شَعْب وهو أَكبر من القبيلة. قال
الأَزهري: والسعود في قبائل العرب كثير وأَكثرها عدداً سَعْدُ بن زيد
مَناةَ بن تَميم بن ضُبَيعة بن قيس بن ثعلبة، وسَعْدُ بن قيس عَيْلان، وسعدُ
بنُ ذُبْيانَ بن بَغِيضٍ، وسعدُ بن عَدِيِّ بن فَزارةَ، وسعدُ بن بكر بن
هَوازِنَ وهم الذين أَرضعوا النبي، صلى الله عليه وسلم، وسعد بن مالك بن
سعد بن زيد مناة؛ وفي بني أَسد سَعْدُ بن ثعلبة بن دُودان، وسَعْد بن
الحرث بن سعد بن مالك بن ثعلبة بن دُودان؛ قال ثابت: كان بنو سعد بن مالك
لا يُرى مثلُهم في بِرِّهم ووفائهم، وهؤُلاء أَرِبَّاءُ النبي، صلى الله
عليه وسلم، ومنها بنو سعد بن بكر في قيس عيَلان، ومنها بنو سَعْدِ هُذَيم
في قُضاعة، ومنها سعد العشيرة. وفي المثل: في كل واد بنو سعد؛ قاله
الأَضْبطُ بن قُريع السَّعدي لما تحوَّل عن قومه وانتقل في القبائل فلما لم
يُحْمِدهم رجع إِلى قومه وقال: في كل زادٍ بنو سعد، يعني سعد بن زيد مناة
بن تميم. وأَما سعد بكر فهم أَظآر سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
قال اللحياني: وجمعُ سَعِيد سَعِيدون وأَساعِدُ. قال ابن سيده: فلا
أَدري أَعَنى له الاسم أَم الصفة غير أَن جمع سعَيدٍ على أَساعد شاذ.
وبنو أَسعَد: بطن من العرب، وهو تذكير سُعْدَى. وسعُادُ: اسم امرأَة،
وكذلك سُعْدى. وأَسعدُ: بطن من العرب وليس هو من سُعْدى كالأَكبر من الكبرى
والأَصغر من الصغرى، وذلك أَن هذا إِنما هو تَقاوُدُ الصفة وأَنت لا
تقول مررت بالمرأَة السعدى ولا بالرجل الأَسعد، فينبغي على هذا أَن يكون
أَسعدُ من سُعْدى كأَسْلَمَ من بُشْرى، وذهب بعضهم إِلى أَن أَسعد مذكر
سعدى؛ قال ابن جني: ولو كان كذلك حَريَ أَن يجيءَ به سماع ولم نسمعهم قط
وصفوا بسعدى، وإِنما هذا تَلاقٍ وقع بين هذين الحرفين المتفي اللفظ كما يقع
هذان المثالان في المُخْتَلِفَيْه نحو أَسلم وبشرى.
وسَعْدٌ: صنم كانت تعبده هذيل في الجاهلية.
وسُعْدٌ: موضع بنجد، وقيل وادٍ، والصحيح الأَول، وجعله أَوْسُ بن حَجَر
اسماً للبقعة، فقال:
تَلَقَّيْنَني يوم العُجَيرِ بِمَنْطِقٍ،
تَرَوَّحَ أَرْطَى سُعْدَ منه، وضَالُها
والسَّعْدِيَّةُ: ماءٌ لعمرو بن سَلَمَة؛ وفي الحديث: أَن عمرو بن
سَلَمَةَ هذا لما وَفَد على النبي، صلى الله عليه وسلم، استقطعه ما بين
السَّعدية والشَّقْراء.
والسَّعْدان: ماء لبني فزارة؛ قال القتال الكلابي:
رَفَعْنَ من السَّعدينِ حتى تفَاضَلَت
قَنابِلُ، من أَولادِ أَعوَجَ، قُرَّحُ
والسَّعِيدِيَّة: من برود اليمن.
وبنو ساعدَةَ: قوم من الخزرج لهم سقيفة بني ساعدة وهي بمنزلة دار لهم؛
وأَما قول الشاعر:
وهل سَعدُ إِلاَّ صخرةٌ بتَنُوفَةٍ
من الأَرضِ، لا تَدْعُو لِغَيٍّ ولا رُشْدِ؟
فهو اسم صنم كان لبني مِلْكانَ بن كنانة.
وفي حديث البَحِيرة: ساعدُ اللهِ أَشَدُّ ومُِوسَاه أَحدُّ أَي لو أَراد
الله تحريمها بشقِّ آذانها لخلقها كذلك فإِنه يقول لها: كوني فتكون.
كحب: الكَحْبُ والكَحْمُ: الـحِصْرِمُ، واحدته كَحْبةٌ، يمانية.
وقد كَحَّبَ الكَرْمُ إِذا ظهر كَحْبُه، وهو البَرْوَقُ، والواحد كالواحد. وفي حديث الدجال: ثم يأْتي الخِصْبُ، فيُعَقِّلُ الكَرْمُ ثم يُكَحِّبُ أَي تَخْرُجُ عَناقيدُ الـحِصْرِم، ثم يَطيبُ طَعْمُه. قال الليث: الكَحْبُ بلغة أَهل اليمن: العورة؛ والـحَبَّةُ منه: كَحْبَةٌ. قال الأَزهري:
هذا حرف صحيح، وقد رواه أَحمد بن يحيـى عن ابن الأَعرابي. قال: ويقال كَحَّبَ العِنَبُ تَكْحِـيباً إِذا انْعَقَدَ بعد تَفْقيح نَوْره، وروى
سَلَمة عن الفراء، يقال: الدَّراهمُ بين يديه كاحِـبةٌ إِذا واجَهَتْكَ
كثيرةً. قال: والنار إِذا ارْتَفَعَ لَـهَبُها، فهي كاحِـبةٌ. والكَحْبُ بلغتهم أَيضاً: الدُّبُر. وقد كَحَبَه: ضَرَبَ ذلك منه.
وكَوْحَبٌ: موضع.
موه: الماءُ والماهُ والماءةُ: معروف. ابن سيده: وحكى بعضهم اسْقِني
ماً، مقصور، على أَن سيبويه قد نفى أَن يكون اسمٌ على حرفين أَحدهما
التنوين، وهمزةُ ماءٍ منقلبة عن هاء بدلالة ضُروبِ تصاريفه، على ما أَذكره الآن
من جَمْعِه وتصغيره، فإن تصغيره مَوَيْه، وجمعُ الماءِ أَمواهٌ ومِياهٌ،
وحكى ابن جني في جمعه أَمْواء؛ قال أَنشدني أَبو علي:
وبَلْدة قالِصة أَمْواؤُها،
تَسْتَنُّ في رَأْدِ الضُّحَى أَفْياؤُها،
كأَنَّما قد رُفِعَتْ سَماؤُها
أَي مطرُها. وأَصل الماء ماهٌ، والواحدة ماهةٌ وماءةٌ. قال الجوهري:
الماءُ الذي يُشْرَب والهمزة فيه مبدلة من الهاء، وفي موضع اللام، وأَصلُه
مَوَهٌ، بالتحريك، لأَنه يجمع على أَمْواه في القِلَّة ومِياهٍ في الكثرة
مثل جَمَلٍ وأَجْمالٍ وجِمالٍ، والذاهبُ منه الهاءُ، لأَن تصغيره
مُوَيْه، وإذا أَنَّثْتَه قلتَ ماءَة مثل ماعةٍ. وفي الحديث: كان موسى، عليه
السلام، يغْتَسِلُ عند مُوَيْهٍ؛ هو تصغير ماء. قال ابن الأَثير: أَصل الماء
مَوَهٌ. وقال الليث: الماءُ مدَّتُه في الأَصل زيادة، وإنما هي خلف من
هاءٍ محذوفة، وبيان ذلك أَن تصغيرَه مُوَيْهٌ، ومن العرب من يقول ماءة
كبني تميم يعْنُون الرَّكِيَّةَ بمائها، فمنهم مَنْ يَرْوِيها ممدوةً ماءة،
ومنهم من يقول هذه ماةٌ مقصورة، وماءٌ
كثير على قياسِ شاة وشاء. وقال أَبو منصور: أَصلُ الماء ماهٌ بوزن قاهٍ،
فثَقُلَت الهاء مع الساكن قبلها فقلبوا الهاء مدَّةً، فقالوا ماء كما
ترى: قال: والدليل على أَن الأَصل فيه الهاء قولهم أَماهَ فلانٌ
رَكِيَّتَه، وقد ماهَتِ الرَّكِيَّةُ، وهذه مُوَيْهةٌ
عَذْبةٌ، ويجمع مِياهاً. وقال الفراء: يُوقَفُ على الممدود بالقصر
والمدَّ شَرِبْت ماء، قال: وكان يجب أَن يكون فيه ثلاثُ أَلِفاتٍ، قال: وسمعت
هؤلاء يقولون شربت مَيْ يا هذا، وهذه بَيْ يا هذا، وهذه بَ حَسَنة،
فشبَّهوا الممدودَ بالمقصور والمقصورَ بالممدود؛ وأَنشد:
يا رُبَّ هَيْجا هي خَيْرٌ مِنْ دَعَهْ
فقَصَر، وهو ممدود، وشبهه بالمقصور؛ وسَمَّى ساعدةُ بنُ جُؤَيَّة الدمَ
ماءَ اللحمِ فقال يهجو امرأَة:
شَرُوبٌ لماءِ اللحمِ في كلِّ شَتْوةٍ،
وإِن لم تَجِدْ مَنْ يُنْزِل الدَّرَّ تَحْلُبِ
وقيل: عَنَى به المَرَق تَحْسُوه دون عِيالِها، وأَراد: وإن لم تجد مَن
يَحلُب لها حَلَبتْ هي، وحَلْبُ النساء عارٌ
عند العرب، والنسبُ إلى الماء مائِيٌّ، وماوِيٌّ
في قول من يقول عَطاوِيّ. وفي التهذيب: والنسبة إلى الماء ما هِيٌّ.
الكسائي: وبئرٌ ماهَةٌ ومَيِّهةٌ
أَي كثيرةُ الماء. والماوِيَّةُ: المِرْآةُ صفة غالبة. كأَنها منسوبة
إلى الماء لصفائها حتى كأَنَّ الماءَ يجري فيها، منسوبة إلى ذلك، والجمع
ماوِيٌّ؛ قال:
ترَى في سَنا الْمَاوِيِّ بالعَصْرِ والضُّحَى
على غَفَلاتِ الزَّيْنِ والمُتَجَمّل
والماوِيَّةُ: البقرةُ لبياضِها.
وماهَتِ الرَّكِيَّةُ تَماهُ وتَموهُ وتَمِيهُ مَوْهاً ومَيْهاً
ومُؤُوهاً وماهَةً ومَيْهةً، فهي مَيِّهةٌ وماهةٌ: ظهر ماؤها وكثر،
ولفظةُتَمِيه تأْتي بعدَ هذا في الياء هناك من باب باع يبيع، وهو هنا من باب
حَسِبَ يَحْسِبُ كطاحَ يَطِيحُ
وتاهَ يَتِيهُ، في قول الخليل، وقد أَماهَتْها مادَّتُها وماهَتْها.
وحَفَر البئرَ حتى أَماهَ وأَمْوَه أَي بلغ الماءَ. وأَماهَ أَي أَنْبَط
الماءَ. ومَوَّهَ الموضعُ: صارَ فيه الماءُ؛ قال ذو الرمّة:
تَمِيميّة نَجْدِيّة دارُ أَهْلِها
إذا مَوَّهَ الصَّمَّانُ مِن سَبَلِ القَطْرِ
وقيل: مَوَّهَ الصَّمَّانُ صار مُمَوَّهاً بالبَقْل. ويقال: تَمَوَّهَ
ثمرُ النخل والعنبِ إذا امْتلأ ماءً وتَهَيّأَ للنُّضْجِ. أَبو سعيد: شجرٌ
مَوَهِيٌّ
إذا كانَ مَسْقَوِيَّاً، وشجر جَزَوِيٌّ يشرب بعروقه ولا يُسْقَى.
ومَوَّهَ فلانٌ حَوْضَه تَمْوِيهاً إذا جعل فيه الماءَ. ومَوَّهَ السحابُ
الوَقائعَ. ورجلٌ ماهُ الفُؤادِ وماهي الفُؤادِ: جبان كأَن قَلبه في ماء؛ عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
إنَّكَ يا جَهْضَمُ ما هي القلبِ
قال: كذا يُنْشِده، والأَصلُ مائِهُ القلبِ لأَنه مِن مُهْتُ. ورجل ماهٌ
أَي كثيرُ ماءِ القلب كقولك رجل مالٌ؛ وقال:
إنَّك يا جَهْضَمُ ماهُ القلبِ،
ضَخْمٌ عريضٌ مُجْرَئِشُّ الجَنْبِ
ماهُ
القلبِ: بلِيدٌ، والمُجْرئشُّ: المنتفخُ الجَنْبَين. وأَماهَتِ الأَرضُ:
كثُر ماؤها وظهر فيها النَّزُّ. وماهَتِ السفينةُ تَماهُ وتَموه
وأَماهَتْ: دخل فيها الماءُ. ويقال: أَماهَتِ السفينةُ بمعنى ماهَتْ. اللحياني:
ويقال امْهِنِي اسْقِِني. ومُهْتُ الرجلَ ومِهْتُه، بضم الميم وكسرها:
سقَيْتُه الماءَ. ومَوَّه القِدْرَ: أَكثر ماءَها. وأَماهَ الرجلَ
والسِّكِّينَ وغيرٍَهما: سَقاهُ الماءَ، وذلك حينَ تَسُنُّه به. وأَمَهْتُ
الدواةَ: صَبَبْتُ فيها الماء. ابن بُزُرْج: مَوَّهَت السماءُ أَسالَتْ ماءً
كثيراً. وماهَت البئرُ وأَماهت في كثرة مائها، وهي تَماهُ وتَموه إذا كثُر
ماؤها. ويقولون في حفْر البئر: أَمْهَى وأَماهَ؛ قال ابن بري: وقول امرئ
القيس:
ثم أَمْهاهُ على حَجَره
هو مقلوبٌ من أَماهَه، ووزنه أَفعله. والمَها: الحجر، مقلوب أَيضاً،
وكذلكَ المها ماءُ الفحل في رحم الناقة. وأَماهَ الفحلُ إذا أَلْقى ماءَه في
رَحِم الأُنثى.
ومَوَّهَ الشيءَ: طَلاهُ بذهبٍ أَو بفضةٍ وما تحت ذلك شََبَهٌ أَو
نُحاسٌأَو حديدٌ، ومنه التَّمْوِيهُ وهو التلبيسُ، ومنه قيل للمُخادِع:
مُمَوِّه. وقد مَوَّهَ فلانٌ
باطِلَه إذا زَيَّنه وأَراه في صورةِ الحقّ. ابن الأَعرابي: المَيْهُ
طِلاءُ السيفِ وغيرِه بماء الذهب؛ وأَنشد في نعت فرس:
كأَنَّه مِيهَ به ماءُ الذَّهَبْ
الليث: المُوهةُ لونُ الماء. يقال: ما أَحسن مُوهَةَ وجْهِهِ. قال ابن
بري: يقال وَجْهٌ مُمَوَّهٌ أَي مُزَيَّنٌ بماء الشَّباب؛ قال رؤبة:
لَمَّا رَأْْتْني خَلَقَ المُمَوَّهِ
والمُوهةُ: تَرَقْرُقُ الماء في وجه المرأَة الشابة. ومُوهةُ الشبابِ:
حُسْنُه وصَفاؤه. ويقال: عليه مُوهةٌ من حُسْنٍ ومُواهةٌ ومُوَّهةٌ
إذا مُنِحَه. وتَمَوَّهَ المالُ للسِّمَنِ إذا جرى في لحُومِه الربيعُ.
وتَمَوَّه العنَبُ إذا جرى فيهِ اليَنْعُ وحَسُنَ لَوْنُه. وكلامٌ عليه
مُوهةٌ أَي حُسْنٌ وحلاوةٌ، وفلانٌ مُوهةُ أَهلِ بيتِه. ابن سيده: وثَوْبُ
الماء الغِرْسُ الذي يكون على المولود؛ قال الراعي:
تَشُقُّ الطَّيْرُ ثَوْبَ الماء عنه،
بُعَيْدَ حياتِه، إلا الْوَتِينا
وماهَ الشيءَ بالشيء مَوْهاً: خَلَطَه؛ عن كراع. ومَوَّه عليه الخبرَ
إذا أَخْبَره بخلاف ما سَأَلَه عنه. وحكى اللحياني عن الأَسَدِيَّ: آهَة
وماهَة، قال: الآهَةُ الحَصْبةُ، والمَاهَةُ الجُدَرِيُّ.
وماهٌ: موضع، يُذَكَّرُ ويؤنث. ابن سيده: وماهُ مدينةٌ لا تَنْصرف لمكان
العُجْمة. وماهُ دينار: مدينة أَيضاً، وهي من الأَسماء المركبة. ابن
الأَعرابي: الْمَاهُ قصَبُ البلدِ، قال: ومنه ضُربَ هذا الدينارُ بماهِ
البَصْرة وماهِ فارسَ؛ الأَزهري: كأَنه معرّب. والْمَاهانِ: الدِّينَوَرُ
ونَهاوَنْدُ، أَحدُهما ماهُ الكوفةِ، والآخرُ ماهُ البصرةِ. وفي حديث الحسن:
كانَ أَصحابُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَشْتَرُون السَّمْنَ
المائيَّ؛ قال ابن الأَثير: هو منسوب إلى مواضعَ تُسَمَّى ماه يُعْملُ
بها، قال: ومنه قولهم ماهُ البصرةِ وماهُ الكوفةِ، وهو اسمٌ
للأَماكِن المضافة إلى كل واحدة منهما، فقَلَب الهاءَ في النَّسَب همزةً
أَو ياءً، قال: وليست اللفظةُ عربية. وماوَيْهِ: ماءٌ لبني العَنْبرِ
ببطن فَلْج؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وَرَدْنَ على ماوَيْه بالأَمْسِ نِسْوةٌ،
وهُنَّ على أَزْواجِهنَّ رُبوضُ
وماوِيَّةُ: اسمُ امرأَة؛ قال طرفة:
لا يَكُنْ حُبُّكِ داءً قاتِلاً،
ليس هذا مِنْكِ، ماوِيَّ، بِحُرْ
قال: وتصغيرُها مُوَيّة؛ قال حاتم طيء يخاطب ماوِيَّةَ وهي امرأَته:
فضارَتْه مُوَيُّ ولم تَضِرْني،
ولم يَعْرَقْ مُوَيّ لها جَبينِي
يعني الكَلِمةَ العَوْراء. وماهانُ: اسمٌ. قال ابن سيده: قال ابن جني لو
كان ماهانُ عربيّاً فكان من لفظ هَوَّمَ أَو هَيَّمَ لكان لَعْفانَ، ولو
كان من لفظ الوَهْم لكان لَفْعانَ، ولو كان من لفظ هَمَا لكان عَلْفانَ،
ولو وجد في الكلام تركيب وم هـ فكان ماهَانُ من لفظه لكان مثاله
عَفْلانَ، ولو كان من لفظ النَّهْم لكان لاعافاً، ولو كان من لفظ المُهَيْمِنِ
لكان عافالاً، ولو كان في الكلام تركيب م ن هـ فكان ماهانُ منه لكان
فاعالاً، ولو كان ن م هـ لكان عالافاً.
وماءُ السماءِ: لقب عامر بن حارثة الأَزْدِيّ، وهو أَبو عمرو
مُزَيْقِيَا الذي خرج من اليمن لما أَحَسَّ بسيل العَرِم، فسمي بذلك لأَنه كان إذا
أَجْدَبَ قومُه مانَهُمْ حتى يأْتيهم الخِصْبُ، فقالوا: هو ماءُ السماءِ
لأَنه خَلَفٌ
منه، وقيل لولده: بنو ماء السماء، وهم ملوك الشأْم؛ قال بعض الأَنصار:
أَنا ابنُ مُزَيْقِيَا عَمْرو، وجَدِّي
أَبوه عامرٌ ماءُ السماء
وماءُ السماء أَيضاً: لقَبُ أُمّ المُنْذِر بن امْرِئِ القَيْس
بن عَمْرو بن عَدِيّ بن ربيعة بن نَصْرٍ اللَّخْمِيّ، وهي ابنة عَوْفِ
بن جُشَمَ من النَّمِر بن قاسِطٍ، وسميت بذلك لجمالها، وقيل لولدها بنُو
ماءِ السماءِ، وهم ملوك العراق؛ قال زهير:
ولازَمْتُ المُلوكَ مِنَ آلِ نَصْرٍ،
وبعدَهُمُ بني ماءِ السماءِ
وفي حديث أَبي هريرة: أُمُّكم هاجَرُ يا بني ماءِ السماء؛ يريد العربَ
لأَنهم كانوا يَتَّبعون قَطْرَ السماء فينزلون حيث كان، وأَلفُ الماءِ
منقَلبةٌ عن واو. وحكى الكسائي: باتت الشَّاءُ ليلَتَها ماء ماء وماه ماه،
وهو حكاية صوتها.
كلف: الكلَف: شيء يعلو الوجه كالسِّمسم. كَلِفَ وجهُه يَكْلَفُ كلَفاً،
وهو أَكلف: تغيَّر. والكلَف والكُلْفَةُ: حُمْرة كَدرة تعلو الوجه، وقيل:
لون بين السواد والحمرة، وقيل: هو سواد يكون في الوجه، وقد كَلِفَ.
وبعير أَكلَف وناقة كلْفاء وبه كُلْفة، كلُّ هذا في الوجه خاصة، وهو لون يعلو
الجلد فيغير بشرته. وثور أَكلف وخدّ أَكلَفُ: أَسفَع؛ قال العجاج يصف
الثور:
عن حَرْفِ خَيْشومٍ وخَدٍّ أَكْلَفا
ويقال للبَهَق الكَلَف. والبعير الأَكلف: يكون في خديه سواد خَفيّ.
الأَصمعي: إذا كان البعير شديد الحمرة يخلِط حُمرته سواد ليس بخالص فتلك
الكلفة. ويقال: كُمَيْت أَكلف للذي كلِفَت حُمرته فلم تَصْفُ ويرى في أَطراف
شعره سواد إلى الاحتراق ما هو. والكَلْفاء: الخمر التي تشتد حُمرتها حتى
تضرب إلى السواد. شمر وغيره: من أَسماء الخمر الكَلْفاء والعَذْراء.
وكَلِف بالشيء كلَفاً وكُلْفة، فهو كلِفٌ ومُكلَّف: لهِج به. أَبو زيد:
كَلِفْت منك أَمْراً كلَفاً. وكلِفَ بها أَشْد الكَلَفِ أَي أَحَبَّها.
ورجل مِكْلاف: مُحِبّ للنساء.
والمُكلَّف والمُتكلِّف: الوقّاعُ فيما لا يَعْنيه. والمُتكلِّف:
العِرِّيض لما لا يعنيه. الليث: يقال كلِفْت هذا الأَمْر وتكلَّفْتُه.
والكُلْفةُ: ما تكلَّفْت من أَمر في نائبة أَو حق. ويقال: كلِفْتُ بهذا الأَمر
أَي أُولِعْتُ به. وفي الحديث: اكلَفُوا من العمل ما تُطيقون، هو من
كَلِفْت بالأَمر إذا أُولِعْت به وأَحْبَبْته. وفي الحديث: عثمان كَلِفٌ
بأَقاربه أَي شديدُ الحبّ لهم. والكلَف: الوُلوع بالشيء مع شغل قلب ومَشقة.
وكلَّفه تكليفاً أَي أَمره بما يشق عليه. وتكلَّفت الشيء: تجشَّمْته على
مشقَّة وعلى خلاف عادتك. وفي الحديث أَراك كلِفْت بعلم القرآن، وكلِفْته إذا
تحمَّلته. ويقال: فلان يتكلف لإخوانه الكُلَف والتكاليف. ويقال: حَمَلْت
الشيء تَكْلِفة إذا لم تُطقه إلا تكلُّفاً، وهو تَفْعِلةٌ. وفي الحديث:
أَنا وأُمتي بُراءٌ من التكلُّف. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: نُهِينا
عن التكلُّف؛ أَراد كثرة السؤال والبحثَ عن الأَشياء الغامضة التي لا يجب
البحث عنها والأَخذَ بظاهر الشريعة وقبولَ ما أَتت به. ابن سيده: كَلِفَ
الأَمرَ وكلفَه تجشَّمه
(* قوله «وكلفه تجشمه» كذا بالأصل مخففاً، ولعله
كلف الأمر وتكلفه تجشمه كما يرشد إليه الشاهد بعد.) على مشقَّة وعُسْرة؛
قال أَبو كبير:
أَزُهَيْرُ، هل عن شَيْبةٍ من مَصْرِفِ،
أَم لا خُلودَ لِباذِلٍ مُتَكَلِّفِ؟
وهي الكُلَف والتكالِف، واحدتها تَكلِفة؛ وقوله:
وهُنَّ يَطْوِينَ على التكالِف
بالسَّوْمِ، أَحياناً، وبالتقاذُف
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون من الجمع الذي لا واحد له، ويجوز أَن يكون
جمع تَكْلفة؛ ورواه ابن جني:
وهن يطوين على التكالُف
جاء به في السناد لأَن قبل هذا:
إذا احتسى، يومَ هَجِيرٍ هائف،
غُرورَ عِيدِيَّاتِها الخَوانِف
قال ابن سيده: ولم أَرَ أَحداً رواه التكالُف، بضم اللام، إلا ابن جني.
والكُلافيّ: ضرب من العنب أَبيض فيه خُضرة وإذا زُبِّب جاء زبيبه أَكلف
ولذلك سمي الكُلافي، وقيل: هو منسوب إلى كُلاف، بلد في شق اليمن معروف.
وذو كُلافٍ وكُلْفى: موضعان. التهذيب: وذو كُلاف اسم واد في شعر ابن
مقبل.