من (خ ب ر) المنبئ بالخبر ومن يزود الصحيفة بالأخبار ومنيتجسس الأخبار محافظــة على أمن الدول.
من (خ ب ر) المنبئ بالخبر ومن يزود الصحيفة بالأخبار ومنيتجسس الأخبار محافظــة على أمن الدول.
رتم: رَتَمَ الشيءَ يَرْتِمُهُ رَتْماً: كسره ودقه. وشيءٌ رتِيمٌ
ورَتْمٌ، على الصفة بالمصدر: مكسور، وخص اللحياني بالرَّتْم كسر الأَنف.
التهذيب: والرَّتْمُ والرَّثْمُ، بالتاء والثاء، واحد. وقد رَتَمَ أَنْفَه
ورَثَمَهُ: كسره. والرَّتْمُ: المَرْتوم. والرَّتْمُ: الدق والكسر. يقال:
رَتَمَ أَنفه رَتْماً؛ قال أَوْسُ بن حَجَرٍِ:
لأَصْبَحَ رَتْماً دُقاقَ الحَصَى،
مكانَ النَّبيِّ من الكائِبِ
وروي بيت أَوس بن حجر بالتاء والثاء ومعناهما واحد. وفي حديث أَبي
ذَرٍّ: في كل شيء صدقة حتى في بيانك عن الأَرْتَمِ؛ قال ابن الأَثير: كذا وقع
في الرواية، فإِن كان محفوظاً فلعله من قولهم رَتَمْتُ الشيء إِذا كسرته،
ويكون معناه معنى الأَرَتِّ الذي لا يُفْصح الكلام ولا يُفْهِمُه ولا
يُبِينُهُ، وإِن كان بالثاء المثلثة فسيأْتي ذكره. والرُّتامُ: المتكسر؛
قال عنترة:
أَلَسْتم تَغضبون إِذا رأَيتم
يميني وَعْثَةً، وفمي رُتاما؟
وَعْثة: متكسرة. والرَّتَمَةُ: الخيط يُعْقَدُ على الإِصبع والخاتم
للعلامة، وفي المحكم: خيط يعقد في الإِصبع للتَّذَكُّر، وفي الصحاح: خيط يشد
في الإِصبع لتُسْتذكر به الحاجةُ. وذكره الجوهري الرَّتْمة، ورأَيته في
باقي الأُصول الرَّتَمَةَ. قال ابن بري: قال علي بن حمزة الرَّتَمَةُ هي
الرَّتِيمة، بفتح التاء. وفي الحديث: النهي عن شدِّ الرَّتائِم؛ هي جمع
رَتِيمةٍ الخيط الذي يشد في الإِصبع لتستذكر به الحاجة، والجمع رَتَمٌ، وهي
الرَّتِيمة، وجمعها رَتائِم ورِتام. وأَرْتَمَه إِرْتاماً: عقد
الرَّتِيمة في إِصبعه يستذكره حاجته؛ وقال الشاعر:
إِذا لم تكن حاجاتُنا في نُفُوسِكُمْ،
فليس بمُغْنٍ عنك عَقْدُ الرَّتائم
وارْتَتَمَ بها وتَرَتَّمَ؛ وقول الشاعر:
هل يَنْفعَنْكَ اليوم، إِن هَمَّتْ بِهَمّْ،
كثرةُ ما تُوصي وتَعْقادُ الرَّتَمْ؟
قال ابن بري: الرَّتَمُ ههنا جمع رَتَمَةٍ وهي الرَّتِيمة، قال: وليس هو
النبات المعروف لأَن الرَّتائِم لا تَخُصُّ شجراً دون شجر، وقيل في قوله
وتَعْقادُ الرَّتَم قال: الرَّتِيمةُ أَن يَعْقد الرجلُ إِذا أَراد
سفراًشجرتين أَو غُصْنين يعقدهما غُصْناً على غصن ويقول: إِن كانت المرأَة
على العهد ولم تَخُنْهُ بقي هذا على حاله معقوداً وإِلاَّ فقد نقضت العهد،
وفي المحكم: فإِذا رجع فوجدهما على ما عقد قال قد وَفَتِ امرأَته، وإِذا
لم يجدهما على ما عقد قال قد نَكَثَتْ، وكذلك قال ابن السكيت في تفسير
البيت.
والرَّتَمُ، بفتح التاء: شجر، واحدته رَتَمَةٌ. وقال أَبو حنيفة:
الرَّتَمُ والرَّتِيمَةُ نبات من دِقِّ الشجر كأَنه من دقته يشبَّه
بالرَّتَمِ؛: قال الراجز:
نَظَرْتُ والعَيْنُ مُبِينَةُ التَّهَمْ
إِلى سَنا نارٍ، وَقُودُها الرَّتَمْ،
شُبَّتْ بأَعْلى عانِدَيْنِ من إِضَمْ
والرَّتَمُ: المَزادة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
فتِلْكُ المَكارِمُ لا قِيلُكُمْ،
غَداةَ اللِّقاءِ، مَكَرَّ الرَّتَمْ
(* قوله: تلكُ بالبناء على الضمّ، لعله أراد تِلكُمُ المكارمُ فحذف
الميم محافظــة على وزن الشعر وابقى البناء على الضم).
ابن الأَعرابي: الرَّتَمُ المَزادة المملوءة ماء. والرَّتْماءُ: الناقة
التي تحمل الرَّتَمَ، والرَّتَمُ: المحجَّةُ. والرتَم: الكلام الخفي.
وما رَتَمَ فلان بكلمة أَي ما تكلم بها. والرَّتَمُ: الحَياء التام.
والرَّتَمُ: ضرب من النبات. وما زِلْتُ
راتِماً على هذا الأَمر وراتِباً أَي مقيماً، وزعم يعقوب أَن ميمه بدل،
والمصدر الرتَمُ. ويَرْتُمٌ: جبل بأَرض بني سُلَيْمٍ؛ قال:
تَلَفَّعَ فيها يَرْتُمٌ وتَعَمَّما
قسم: القَسْمُ: مصدر قَسَمَ الشيءَ يَقْسِمُه قَسْماً فانْقَسَم،
والموضع مَقْسِم مثال مجلس. وقَسَّمَه: جزَّأَه، وهي القِسمةُ. والقِسْم،
بالكسر: النصيب والحَظُّ، والجمع أَقْسام، وهو القَسِيم، والجمع أَقْسِماء
وأَقاسِيمُ، الأَخيرة جمع الجمع. يقال: هذا قِسْمُك وهذا قِسْمِي.
والأَقاسِيمُ: الحُظُوظ المقسومة بين العباد، والواحدة أُقْسُومة مثل أُظفُور
(*
قوله «مقل أظفور» في التكملة: مثل أُظفورة، بزيادة هاء التأنيث).
وأَظافِير، وقيل: الأَقاسِيمُ جمع الأَقسام، والأَقسام جمع القِسْم. الجوهري:
القِسم، بالكسر، الحظ والنصيب من الخير مثل طَحَنْت طِحْناً، والطِّحْنُ
الدَّقيق. وقوله عز وجل: فالمُقَسِّماتِ أَمراً؛ هي الملائكة تُقَسِّم ما
وُكِّلت به. والمِقْسَمُ والمَقْسَم: كالقِسْم؛ التهذيب: كتب عن أَبي
الهيثم أَنه أَنشد:
فَما لكَ إِلاَّ مِقْسَمٌ ليس فائِتاً
به أَحدٌ، فاسْتَأْخِرَنْ أَو تقَدَّما
(* قوله «فاستأخرن أو تقدما» في الاساس بدله: فاعجل به أو تأخرا)
قال: القِسْم والمِقْسَم والقَسِيم نصيب الإِنسان من الشيء. يقال:
قَسَمْت الشيء بين الشركاء وأَعطيت كل شريك مِقْسَمه وقِسْمه وقَسِيمه، وسمي
مِقْسم بهذا وهو اسم رجل. وحصاة القَسْم: حصاة تلقى في إِناء ثم يصب فيها
من الماء قدر ما يَغمر الحصاة ثم يتعاطونها، وذلك إِذا كانوا في سفَر ولا
ماء معهم إِلا شيء يسير فيقسمونه هكذا. الليث: كانوا إِذا قَلَّ عليهم
الماء في الفلَوات عَمدوا إِلى قَعْب فأَلقوا حصاة في أَسفله، ثم صَبُّوا
عليه من الماء قدر ما يغمرها وقُسِمَ الماء بينهم على ذلك، وتسمى تلك
الحصاةُ المَقْلَةَ. وتَقَسَّموا الشيء واقْتَسَموه وتَقاسَموه: قَسَمُوه
بينهم. واسْتَقسَمُوا بالقِداح: قَسَمُوا الجَزُور على مِقدار حُظوظهم
منها. الزجاج في قوله تعالى: وأَن تَسْتَقْسِمُوا بالأَزلام، قال: موضع أَن
رفع، المعنى: وحُرّم عليكم الاسْتِقْسام بالأَزلام؛ والأَزْلام: سِهام
كانت لأَهل الجاهلية مكتوب على بعضها: أَمَرَني ربِّي، وعلى بعضها: نَهاني
ربي، فإِذا أَراد الرجل سفَراً أَو أَمراً ضرب تلك القِداح، فإِن خَرج
السهم الذي عليه أَمرني ربي مضى لحاجته، وإِن خرج الذي عليه نهاني ربي لم
يمض في أَمره، فأَعلم الله عز وجل أَن ذلك حَرام؛ قال الأَزهري: ومعنى قوله
عز وجل وأَن تستقسموا بالأَزلام أَي تطلبوا من جهة الأَزلام ما قُسِم
لكم من أَحد الأَمرين، ومما يبين ذلك أَنَّ الأَزلام التي كانوا يستقسمون
بها غير قداح الميسر، ما روي عن عبد الرحمن بن مالك المُدْلجِي، وهو ابن
أَخي سُراقة بن جُعْشُم، أَن أَباه أَخبره أَنه سمع سراقة يقول: جاءتنا
رُسُل كفار قريش يجعلون لنا في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأَبي بكرٍ
دية كل واحد منهما لمن قتلهما أَو أَسَرَهما، قال: فبينا أَنا جالس في
مجلس قومي بني مُدْلج أَقبل منهم رجل فقام على رؤوسنا فقال: يا سراقة، إِني
رأَيت آنفاً أَسْوِدةً بالساحل لا أُراها إِلا محمداً وأَصحابه، قال:
فعرفت أَنهم هم، فقلت: إِنهم ليسوا بهم ولكنك رأَيت فلاناً وفلاناً
انطلقوا بُغاة، قال: ثم لَبِثْت في المجلس ساعة ثم قمتُ فدخلت بيتي وأَمرت
جاريتي أَن تخرج لي فرسي وتحبِسها من وراء أَكَمَة، قال: ثم أَخذت رمحي
فخرجت به من ظهر البيت، فخفَضْت عالِيةَ الرُّمح وخَطَطْت برمحي في الأَرض
حتى أَتيت فرسي فركبتها ورفَعْتها تُقَرِّب بي حتى رأَيت أَسودتهما، فلما
دنوت منهم حيث أُسْمِعُهم الصوت عَثَرَت بي فرسي فخَرَرت عنها، أَهويت
بيدي إِلى كِنانتي فأَخرجت منها الأَزْلامَ فاستقسمت بها أَضِيرُهم أَم
لا، فخرج الذي أَكره أَن لا أَضِيرَهم، فعَصَيْت الأَزلام وركبت فرسي
فرَفَعتها تُقَرِّب بي، حتى إِذا دنوت منهم عَثَرت بي فرسي وخَرَرْت عنها،
قال: ففعلت ذلك ثلاث مرات إِلى أَن ساخت يدا فرسي في الأَرض، فلما بلغتا
الركبتين خَرَرت عنها ثم زجرتها، فنهضت فلم تَكد تَخْرج يداها، فلما استوت
قائمة إِذا لأَثرِ يَدَيها عُثان ساطع في السماء مثل الدُّخان؛ قال
معمر، أَحد رواة الحديث: قلت لأَبي عمرو بن العلاء ما العُثان؟ فسكت ساعة ثم
قال لي: هو الدخان من غيرنا، وقال: ثم ركبت فرسي حتى أَتيتهم ووقع في
نفسي حين لَقِيت ما لقيت من الحبس عنهم أَن سيظهر أَمرُ رسولِ الله، صلى
الله عليه وسلم، قال: فقلت له إِن قومك جعلوا لي الدية وأَخبرتهم بأَخبار
سفرهم وما يريد الناس منهم، وعَرَضت عليهم الزاد والمتاع فلم يَرْزَؤُوني
شيئاً ولم يسأَلوني إِلا قالوا أَخْفِ عنا، قال: فسأَلت أَن يكتب كتاب
مُوادَعة آمَنُ به، قال: فأَمرَ عامرَ بن فُهَيْرَةَ مولى أَبي بكر فكتبه
لي في رُقعة من أَديم ثم مضى؛ قال الأَزهري: فهذا الحديث يبين لك أَن
الأَزرم قِداحُ الأَمر والنهي لا قِداح المَيْسر، قال: وقد قال المؤَرّج
وجماعة من أَهل اللغة إِن الأَزلام قداح الميسر، قال: وهو وهَم. واسْتَقْسم
أَي طلب القَسْم بالأَزلام. وفي حديث الفتح: دخل البيت فرأَى إِبراهيم
وإِسمعيلَ بأَيديهما الأَزلام فقال: قاتَلَهم الله والله لقد علِموا
أَنهما لم يَسْتَقْسما بها قطُّ؛ الاسْتِقْسام: طلب القِسم الذي قُسِم له
وقُدِّر مما لم يُقَسم ولم يُقَدَّر، وهو استِفعال منه، وكانوا إِذا أَراد
أَحدهم سفَراً أَو تزويجاً أَو نحو ذلك من المَهامِّ ضرب بالأَزلام، وهي
القداح، وكان على بعضها مكتوب أَمَرَني ربِّي، وعلى الآخر نهاني ربي،
وعلى الآخر غُفْل، فإِن خرج أَمرني مَضى لشأْنه، وإِن خرج نهاني أَمسك، وإِن
خرج الغُفْل عادَ فأَجالَها وضرب بها أُخرى إِلى أَن يخرج الأَمر أَو
النهي، وقد تكرّر في الحديث. وقاسَمْتُه المال: أَخذت منه قِسْمَك وأَخذ
قِسْمه. وقَسِيمُك: الذي يُقاسِمك أَرضاً أَو داراً أَو مالاً بينك وبينه،
والجمع أَقسِماء وقُسَماء. وهذا قَسِيم هذا أَي شَطْرُه. ويقال: هذه
الأَرض قَسيمة هذه الأرض أَي عُزِلت عنها. وفي حديث علي، عليه السلام: أَنا
قَسِيم النار؛ قال القتيبي: أَراد أَن الناس فريقان: فريق معي وهم على
هُدى، وفريق عليّ وهم على ضَلال كالخوارج، فأنا قسيم النار نصف في الجنة
معي ونصف عليّ في النار. وقَسِيم: فعيل في معنى مُقاسِم مُفاعِل،
كالسَّمير والجليس والزَّميل؛ قيل: أَراد بهم الخوارج، وقيل: كل من قاتله.
وتَقاسَما المال واقتَسَماه، والاسم القِسْمة مؤَنثة. وإِنما قال تعالى:
فارزقوهم منه، بعد قوله تعالى: وإِذا حضَر القِسْمة، لأَنها في معنى الميراث
والمال فذكَّر على ذلك.
والقَسَّام: الذي يَقْسِم الدور والأَرض بين الشركاء فيها، وفي المحكم:
الذي يَقسِم الأَشياء بين الناس؛ قال لبيد:
فارْضَوْا بما قَسَمَ المَلِيكُ، فإِنما
قَسَمَ المَعِيشةَ بيننا قَسَّامُها
(* رواية المعلقة:
فاقنع بما قسم المليكُ، فإنما
قسم الخلائقَ بيننا عَلامُها)
عنى بالمليك الله عز وجل. الليث: يقال قَسَمْت الشيء بينهم قَسْماً
وقِسْمة. والقِسْمة: مصدر الاقْتِسام. وفي حديث قراءة الفاتحة: قَسَمْت
الصلاة بيني وبين عبدي نصفين؛ أَراد بالصلاة ههنا القراءة تسمية للشيء ببعضه،
وقد جاءت مفسرة في الحديث، وهذه القِسْمة في المعنى لا اللفظ لأَن نصف
الفاتحة ثناء ونصفها مَسْأَلة ودُعاء، وانتهاء الثناء عند قوله: إِياك
نعبد، وكذلك قال في إِياك نستعين: هذه الآية بيني وبين عبدي.
والقُسامة: ما يَعْزِله القاسم لنفسه من رأْس المال ليكون أَجْراً له.
وفي الحديث: إِياكم والقُسامة، بالضم؛ هي ما يأْخذه القَسَّام من رأْس
المال عن أُجرته لنفسه كما يأْخذ السماسرة رَسماً مرسُوماً لا أَجراً
معلوماً، كتواضُعهم أَن يأْخذوا من كل أَلف شيئاً معيناً، وذلك حرام؛ قال
الخطابي: ليس في هذا تحريم إِذا أَخذ القَسّام أُجرته بإِذن المقسوم لهم،
وإِنما هو فيمن وَلِيَ أَمر قوم فإِذا قسم بين أَصحابه شيئاً
أَمسك منه لنفسه نصيباً
يستأْثر به عليهم، وقد جاء في رواية أُخرى: الرجل يكون على الفِئام من
الناس فيأْخذ من حَظّ هذا وحظ هذا. وأَما القِسامةُ، بالكسر، فهي صنعة
القَسَّام كالجُزارة والجِزارة والبُشارة والبِشارة. والقُسامةُ: الصَّدقة
لأَنها تُقسم على الضعفاء. وفي الحديث عن وابِصة: مثَلُ الذي يأْكل
القُسامة كمثل جَدْيٍ بَطنُه مملوء رَضْفاً؛ قال ابن الأَثير: جاء تفسيرها في
الحديث أَنها الصدقة، قال: والأَصل الأَوَّل.
ابن سيده: وعنده قَسْمٌ يَقْسِمه أَي عَطاء، ولا يجمع، وهو من
القِسْمة. وقسَمَهم الدَّهر يَقْسِمهم فتَقَسَّموا أَي فَرَّقهم فتَفَرَّقوا،
وقَسَّمَهم فرَّقهم قِسْماً هنا وقِسماً هنا. ونَوىً قَسُومٌ: مُفَرِّقة
مُبَعَّدة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
نَأَتْ عن بَناتِ العَمِّ وانقَلَبَتْ بها
نَوىً، يَوْم سُلاَّنِ البَتِيلِ، قَسوم
(* قوله «وانقلبت» كذا في الأصل، والذي في المحكم: وانفلتت).
أَي مُقَسِّمة للشَّمْل مُفَرِّقة له.
والتقْسِيم: التفريق؛ وقول الشاعر يذكر قِدْراً:
تُقَسِّم ما فيها، فإِنْ هِي قَسَّمَتْ
فَذاكَ، وإِن أَكْرَتْ فعن أَهلِها تُكْري
قال أَبو عمرو: قَسَّمت عَمَّت في القَسْم، وأَكْرَتْ نَقَصَتْ. ابن
الأََعرابي: القَسامةُ الهُِدنة بين العدو والمسلِمين، وجمعها قَسامات،
والقَسم الرَّأْي، وقيل: الشكُّ، وقيل: القَدَرُ؛ وأَنشد ابن بري في القَسْم
الشَّكِّ لعدي بن زيد:
ظِنّة شُبِّهتْ فأَمْكَنَها القَسْـ
ـمُ فأَعدَتْه، والخَبِيرُ خبِيرُ
وقَسَم أَمرَه قَسْماً: قَدَّره ونَظَر فيه كيف يفعل، وقيل: قَسَمَ
أَمرَه لم يدر كيف يَصنع فيه. يقال: هو يَقْسِم أَمره قَسْماً أَي يُقَدِّره
ويُدَبِّره ينظر كيف يعمل فيه؛ قال لبيد:
فَقُولا له إِن كان يَقْسِمُ أَمْرَه:
أَلَمَّا يَعِظْكَ الدَّهْرُ؟ أُمُّكَ هابِلُ
ويقال: قَسَمَ فلان أَمره إِذا مَيَّل فيه أَن يفعله أَو لا يفعله. أَبو
سعيد: يقال تركت فلاناً يَقْتَسِم أَي يفكر ويُرَوِّي بين أَمرين، وفي
موضع آخر: تركت فلاناً يَسْتَقْسِم بمعناه. ويقال: فلان جَيِّد القَسْمِ
أَي جيِّد الرأْي. ورجل مُقَسَّمٌ: مُشتَرك الخواطِر بالهُموم.
والقَسَمُ، بالتحريك: اليمين، وكذلك المُقْسَمُ، وهو المصدر مثل
المُخْرَج، والجمع أَقْسام. وقد أَقْسَم بالله واسْتَقْسَمه به وقاسَمَه: حلَف
له. وتَقاسمَ القومُ: تحالفوا. وفي التنزيل: قالوا تَقاسَمُوا بالله.
وأَقْسَمْت: حلفت، وأَصله من القَسامة. ابن عرفة في قوله تعالى: كما أَنزلنا
على المُقْتَسِمين؛ هم الذين تَقاسَمُوا وتَحالَفُوا على كَيْدِ الرسول،
صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن عباس: هم اليهود والنصارى الذين جعلوا
القرآن عِضِينَ آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. وقاسَمَهما أَي حلَفَ لهما.
والقَسامة: الذين يحلفون على حَقِّهم ويأْخذون. وفي الحديث: نحن نازِلُون
بخَيْفِ بني كِنانة حيث تَقاسَمُوا على الكفر؛ تقاسموا: من القَسَم اليمين
أَي تحالفوا، يريد لمَّا تعاهدت قريش على مُقاطعة بني هاشم وترك مُخالطتهم.
ابن سيده: والقَسامة الجماعة يُقْسِمُون على الشيء أَو يُشهدون،
ويَمِينُ القَسامةِ منسوبة إِليهم. وفي حديثٍ: الأَيْمانُ تُقْسَمُ على أَوْلياء
الدمِ. أَبو زيد: جاءت قَسامةُ الرجلِ، سمي بالمصدر. وقَتل فلان فلاناً
بالقَسامة أَي باليمين. وجاءت قَسامة من بني فلان، وأَصله اليمين ثم
جُعِل قَوْماً. والمُقْسَمُ: القَسَمُ. والمُقْسَمُ: المَوْضِع الذي حلف
فيه. والمُقْسِم: الرجل الحالف، أَقْسَم يُقْسِمُ إِقْساماً. قال الأَزهري:
وتفسير القَسامة في الدم أَن يُقْتل رجل فلا تشهد على قتل القاتل إِياه
بينة عادلة كاملة، فيجيء أَولياء المقتول فيدّعون قِبَل رجل أَنه قتله
ويُدْلُون بِلَوْث من البينة غير كاملة، وذلك أَن يُوجد المُدَّعى عليه
مُتلَطِّخاً بدم القتيل في الحال التي وُجد فيها ولم يشهد رجل عدل أَو امرأَة
ثقة أَن فلاناً قتله، أَو يوجد القتيل في دار القاتل وقد كان بينهما
عداوة ظاهرة قبل ذلك، فإِذا قامت دلالة من هذه الدلالات سَبَق إِلى قلب من
سمعه أَن دعوى الأَولياء صحيحة فَيُستَحْلَفُ أَولياءُ
القتيل خمسين يميناً أَن فلاناً الذي ادعوا قتله انفرد بقتل صاحبهم ما
شَرَكه في دمه أَحد، فإِذا حلفوا خمسين يميناً استحقوا دية قتيلهم، فإِن
أَبَوْا أَن يحلفوا مع اللوث الذي أَدلوا به حلف المُدَّعى عليه وبَرِئ،
وإِن نكل المدّعى عليه عن اليمين خير ورثة القتيل بين قتله أَو أَخذ
الدية من مال المدّعى عليه، وهذا جميعه قول الشافعي. والقَسامةُ: اسم من
الإِقْسام، وُضِع مَوْضِع المصدر، ثم يقال للذين يُقْسِمونَ قَسَامة، وإِن
لم يكن لوث من بينة حلف المدَّعى عليه خمسين يميناً وبرئ، وقيل: يحلف
يميناً واحدة. وفي الحديث: أَنه اسْتَحْلَف خمسةَ نفَر في قسامة معهم رجل من
غيرهم فقال: رُدُّوا الأَيمان على أَجالدِهم؛ قال ابن الأَثير:
القَسامة، بالفتح، اليمين كالقسَم، وحقيقتها أَن يُقْسِم من أَولياء الدم خمسون
نفراً على استحقاقِهم دمَ صاحبِهم إِذا وجدوه قتيلاً بين قوم ولم يُعرف
قاتله، فإِن لم يكونوا خمسين أَقسم الموجودون خمسين يميناً، ولا يكون فيهم
صبي ولا امرأَة ولا مجنون ولا عبد، أَو يُقسم بها المتهمون على نفي
القتل عنهم، فإِن حلف المدعون استحقوا الدية، وإِن حلف المتهَمون لم تلزمهم
الدية، وقد أَقْسَم يُقْسِم قَسَماً وقَسامة، وقد جاءت على بِناء الغَرامة
والحَمالة لأَنها تلزم أَهل الموضع الذي يوجد فيه القتيل؛ ومنه حديث
عمر، رضي الله عنه: القَسامة توجب العَقْل أَي تُوجب الدّية لا القَوَد. وفي
حديث الحسن: القَسامةُ جاهِلِيّة أَي كان أَهل الجاهلية يَديِنُون بها
وقد قرّرها الإِسلام، وفي رواية: القَتْلُ بالقسامة جاهِليةٌ أَي أَن أَهل
الجاهلية كانوا يقتُلُون بها أَو أَن القتل بها من أَعمال الجاهلية،
كأَنه إِنكار لذلك واسْتِعْظام.
والقَسامُ: الجَمال والحُسن؛ قال بشر بن أَبي خازم:
يُسَنُّ على مَراغِمِها القَسامُ
وفلان قَسِيمُ الوَجْهِ ومُقَسَّمُ الوجهِ؛ وقال باعث ابن صُرَيْم
اليَشْكُري، ويقال هو كعب بن أَرْقَمَ اليشكري قاله في امرأَته وهو
الصحيح:ويَوْمًا تُوافِينا بَوجْهً مُقسَّمٍ،
كأَنْ ظَبْية تَعْطُو إِلى وارِق السَّلَمْ
ويَوْماً تُرِيدُ مالَنا مع مالها،
فإِنْ لم نُنِلْها لم تُنِمْنا ولم تَنَمْ
نَظَلُّ كأَنَّا في خُصومِ غَرامةٍ،
تُسَمِّعُ جِيراني التَّأَلِّيَ والقَسَمْ
فَقُلْتُ لها: إِنْ لا تَناهَي، فإِنَّني
أَخو النُّكْر حتى تَقْرَعي السِّنَّ من نَدَمْ
وهذا البيت في التهذيب أَنشده أَبو زيد:
كأَنْ ظبية تعطو إِلى ناضِرِ السَّلم
وقال: قال أَبو زيد: سمعت بعض العرب ينشده: كأَنْ ظبيةٌ؛ يريد كأَنها
ظبية فأَضمر الكناية؛ وقول الربيع بن أَبي الحُقَيْق:
بأَحْسَنَ منها، وقامَتْ تريـ
ـك وجَهاً كأَنَّ عَلَيْه قَساما
أَي حُسْناً. وفي حديث أُم معبد: قَسِيمٌ وَسِيم؛ القَسامةُ: الحسن.
ورجل مُقَسَّم الوجهِ أَي جميل كله كأَن كل موضع منه أَخذ قِسْماً من
الجمال. ويقال لحُرِّ الوجه: قَسِمة، بكسر السين، وجمعها قَسِماتٌ. ورجل
مُقَسَّمٌ وقَسِيم، والأُنثى قَسِيمة، وقد قَسُم. أَبو عبيد: القَسام والقَسامة
الحُسْن. وقال الليث: القَسِيمة المرأَة الجميلة؛ وأَما قول الشاعر
(*
قوله «الشاعر» هو عنترة):
وكأَنَّ فارةَ تاجِرٍ بِقَسِمةٍ
سَبَقَتْ عَوارِضَها إِليكَ مِن الفَمِ
فقيل: هي طلوع الفجر، وقيل: هو وقت تَغَير الأَفواه، وذلك في وقت السحر،
قال: وسمي السحر قَسِمة لأَنه يَقْسِم بين الليل والنهار، وقد قيل في
هذا البيت إِنه اليمين، وقيل: امرأَة حسَنة الوجه، وقيل: موضع، وقيل: هو
جُؤْنة العَطَّار؛ قال ابن سيده: والمعروف عن ابن الأَعرابي في جُؤْنة
العطار قَسِمة، فإِن كان ذلك فإِن الشاعر إِنما أَُشبع للضرورة، قال:
والقَسِيمة السُّوقُ؛ عن ابن الأَعرابي، ولم يُفسِّر به قول عنترة؛ قال ابن
سيده: وهو عندي مما يجوز أَن يُفسَّر به؛ وقول العجاج:
الحمدُ للهِ العَلِيّ الأَعْظَمِ،
باري السَّمواتِ بِغَيْرِ سُلَّمِ
ورَبِّ هذا الأَثَرِ المُقَسَّمِ،
مِن عَهْد إِبراهيمَ لَمَّا يُطْسَمِ
أَراد المُحَسَّن، يعني مَقام إِبراهيم، عليه السلام، كأَنه قُسِّم أَي
حُسِّن؛ وقال أَبو ميمون يصف فرساً:
كلِّ طَوِيلِ السّاقِ حُرِّ الخدّيْن،
مُقَسَّمِ الوجهِ هَرِيتِ الشِّدْقَيْن
ووَشْيٌ مُقَسَّمٌ أَي مُحَسَّنٌ. وشيء قَسامِيٌّ: منسوب إِلى القَسام،
وخفف القطامي ياء النسبة منه فأَخرجه مُخرج تِهامٍ وشآمٍ، فقال:
إِنَّ الأُبُوَّةَ والدَيْنِ تَراهُما
مُتَقابلينِ قَسامِياً وهِجانا
أَراد أُبوّة والدين. والقَسِمةُ: الحُسن. والقَسِمةُ: الوجهُ، وقيل: ما
أَقبل عليك منه، وقيل: قَسِمةُ الوجه ما خَرج من الشعر. وقيل: الأَنفُ
وناحِيتاه، وقيل: وسَطه، وقيل: أَعلى الوَجْنة، وقيل: ما بين الوَجْنتين
والأَنف، تكسر سينها وتفتح، وقيل: القَسِمة أَعالي الوجه، وقيل: القَسِمات
مَجارِي الدموع، والوجوه، واحدتها قَسِمةٌ. ويقال من هذا: رجل قَسِيم
ومُقَسَّم إِذا كان جميلاً. ابن سيده: والمُقْسَم موضع القَسَم؛ قال
زهير:فتُجْمَعُ أَيْمُنٌ مِنَّا ومِنْكُم
بمُقْسَمةٍ تَمُورُ بها الدِّماء
وقيل: القَسِماتُ مجاري الدموع؛ قال مُحْرِز بن مُكَعْبَرٍ الضبي:
وإِنِّي أُراخيكم على مَطِّ سَعْيِكم،
كما في بُطونِ الحامِلاتِ رِخاءُ
فَهلاَّ سَعَيْتُمْ سَعْيَ عُصْبةِ مازِنٍ،
وما لعَلائي في الخُطوب سَواءُ
كأَنَّ دَنانِيراً على قَسِماتِهِمِ،
وإِنْ كان قَدْ شَفَّ الوُجُوهَ لِقاءُ
لَهُمْ أَذْرُعٌ بادٍ نواشِزُ لَحْمِها،
وبَعضُ الرِّجالِ في الحُروب غُثاءُ
وقيل: القَسِمةُ ما بين العينين؛ روي ذلك عن ابن الأَعرابي، وبه فسر
قوله دنانيراً على قَسِماتهم؛ وقال أَيضاً: القَسِمةُ والقَسَمةُ ما فوق
الحاجب، وفتح السين لغة في ذلك كله.
أَبو الهيثم: القَسامِيُّ الذي يكون بين شيئين. والقَسامِيّ: الحَسَن،
من القسامة. والقَسامِيُّ: الذي يَطوي الثياب أَول طَيّها حتى تتكسر على
طيه؛ قال رؤبة:
طاوِينَ مَجْدُولَ الخُروقِ الأَحداب،
طَيَّ القَسامِيِّ بُرودَ العَصّاب
ورأَيت في حاشية: القَسَّامُ المِيزان، وقيل: الخَيّاطُ. وفرس قَسامِيٌّ
أَي إِذا قَرَحَ من جانب واحد وهو، من آخرَ، رَباعٍ؛ وأَنشد الجَعْدي
يصف فرساً:
أَشَقَّ قَسامِيّاً رَباعِيَ جانِبٍ،
وقارِحَ جَنْبٍ سُلَّ أَقْرَحَ أَشْقَرا
وفرس قَسامِيٌّ: منسوب إِلى قَسام فرس لبني جَعْدة؛ وفيه يقول الجعدي:
أَغَرّ قَسامِيّ كُمَيْت مُحَجَّل،
خَلا يده اليُمْنى فتَحْجِيلُه خَسا
أَي فَرْدٌ. وقال ابن خالويه: اسم الفرس قَسامة، بالهاء؛ وأَما قول
النابغة يصف ظبية:
تَسَفُّ برِيرَه، وتَرُودُ فيه
إِلي دُبُر النهارِ من القَسامِ
قيل: القَسامة شدّة الحرّ، وقيل: إِن القسام أَول وقت الهاجرة، قال
الأَزهري: ولا أَدري ما صحته، وقيل: القسام وقت ذُرور الشمس، وهي تكون حينئذ
أَحسن ما تكون وأَتمّ ما تكون مَرْآةً، وأَصل القَسام الحُسن؛ قال
الأَزهري: وهذا هو الصواب عندي؛ وقول ذي الرمة:
لا أَحْسَبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدّةً أَبداً،
ولا تُقَسَّم شَعْباً واحِداً شُعَبُ
يقول: إِني ظننت أَن لا تنقسم حالاتٌ كثيرة، يعني حالاتِ شبابه، حالاً
واحداً وأَمراً واحداً، يعني الكِبَر والشيب؛ قال ابن بري: يقول كنت
لغِرّتي أَحسب أَن الإِنسان لا يَهرم، وأَن الثوبَ الجديد لا يَخْلُق، وأَن
الشَّعْب الواحد الممتنع لا يَتفرَّق الشُّعَبَ المتفرِّقةَ فيتفرق بعد
اجتماع ويحصل متفرقاً في تلك الشُّعَبِ
(* قوله: وأن الشعب إلخ؛ هكذا في
الأصل).
والقَسُومِيَّات: مواضع؛ قال زهير:
ضَحَّوْا قَليلاً قَفا كُثْبانِ أَسْنِمةٍ،
ومِنْهُمُ بالقَسُومِيّاتِ مُعْتَرَكُ
(* قوله «ضحوا قليلاً إلخ» أنشده في التكملة ومعجم ياقوت:
وعرسوا ساعة في كثب اسنمة).
وقاسِمٌ وقَسِيمٌ وقُسَيْمٌ وقَسّام ومِقْسَم ومُقَسِّم: أَسماء.
والقَسْم: موضع معروف. والمُقْسِم: أَرض؛ قال الأَخطل:
مُنْقَضِبِين انْقِضابَ الخيل، سَعْيُهُم
بَين الشقيق وعَيْن المُقْسِمِ البَصِر
وأَما قول القُلاخ بن حَزْن السعدي:
القُلاخُ في بُغائي مِقْسَما،
أَقْسَمْتُ لا أَسْأَمُ حتَّى تَسْأَما
فهو اسم غلام له كان قد فرّ منه.
قوم: القيامُ: نقيض الجلوس، قام يَقُومُ قَوْماً وقِياماً وقَوْمة
وقامةً، والقَوْمةُ المرة الواحدة. قال ابن الأَعرابي: قال عبد لرجل أَراد أن
يشتريه: لا تشترني فإني إذا جعت أَبغضت قَوْماً، وإذا شبِعت أَحببت
نَوْماً، أي أَبغضت قياماً من موضعي؛ قال:
قد صُمْتُ رَبِّي، فَتَقَبَّلْ صامتي،
وقُمْتُ لَيْلي، فتقَبَّل قامَتي
أَدْعُوك يا ربِّ من النارِ التي
أَعْدَدْتَ للكُفَّارِ في القِيامةِ
وقال بعضهم: إنما أَراد قَوْمَتي وصَوْمَتي فأَبدل من الواو أَلفاً،
وجاء بهذه الأبيات مؤسَّسة وغير مؤسسة، وأَراد من خوف النار التي أَعددت؛
وأَورد ابن بري هذا الرجز شاهداً على القَوْمة فقال:
قد قمت ليلي، فتقبَّل قَوْمَتي،
وصمت يومي، فتقبَّل صَوْمَتي
ورجل قائم من رجال قُوَّمٍ وقُيَّمٍ وقِيَّمٍ وقُيَّامٍ وقِيَّامٍ.
وقَوْمٌ: قيل هو اسم للجمع، وقيل: جمع. التهذيب: ونساء قُيَّمٌ
وقائمات أَعرف. والقامةُ: جمع قائم؛ عن كراع. قال ابن بري رحمه الله: قد
ترتجل العرب لفظة قام بين يدي الجمل فيصير كاللغو؛ ومعنى القِيام
العَزْمُ كقول العماني الراجز للرشيد عندما همَّ بأَن يعهد إلى ابنه
قاسم:قُل للإمامِ المُقْتَدَى بأَمِّه:
ما قاسِمٌ دُونَ مَدَى ابنِ أُمِّه،
فَقَدْ رَضِيناهُ فَقُمْ فسَمِّه
أي فاعْزِمْ ونُصَّ عليه؛ وكقول النابغة الذبياني:
نُبِّئتُ حِصْناً وحَيّاً مِن بَني أَسَدٍ
قامُوا فقالُوا؛ حِمانا غيرُ مَقْروبِ
أَي عَزَموا فقالوا؛ وكقول حسان بن ثابت:
علاما قامَ يَشْتُمُني لَئِيمٌ،
كخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ في رَمادِ
(* قوله «علاما» ثبتت ألف ما في الإستفهام مجرورة بعلى في الأصل، وعليها
فالجزء موفور وإن كان الأكثر حذفها حينئذ).
معناه علام يعزم على شتمي؛ وكقول الآخر:
لَدَى بابِ هِنْدٍ إذْ تَجَرَّدَ قائما
ومنه قوله تعالى: وإنه لما قامَ عبد الله يدعوه؛ أي لما عزم. وقوله
تعالى: إذ قاموا فقالوا ربُّنا ربُّ السموات والأرض؛ أي عزَموا فقالوا، قال:
وقد يجيء القيام بمعنى الــمحافظــة والإصلاح؛ ومنه قوله تعالى: الرجال
قوّامون على النساء، وقوله تعالى: إلا ما دمت عليه قائماً؛ أي ملازماً
محافظــاً. ويجيء القيام بمعنى الوقوف والثبات. يقال للماشي: قف لي أي تحبَّس
مكانَك حتى آتيك، وكذلك قُم لي بمعنى قف لي، وعليه فسروا قوله سبحانه: وإذا
أَظلم عليهم قاموا؛ قال أهل اللغة والتفسير: قاموا هنا بمعنى وقَفُوا
وثبتوا في مكانهم غير متقدّمين ولا متأَخرين، ومنه التَّوَقُّف في الأَمر وهو
الوقُوف عنده من غير مُجاوَزة له؛ ومنه الحديث: المؤمن وَقَّافٌ
متَأَنٍّ، وعلى ذلك قول الأَعشى:
كانت وَصاةٌ وحاجاتٌ لها كَفَفُ،
لَوْ أَنَّ صْحْبَكَ، إذْ نادَيْتَهم، وقَفُوا
أي ثبتوا ولم يتقدَّموا؛ ومنه قول هُدبة يصف فلاة لا يُهتدى فيها:
يَظَلُّ بها الهادي يُقلِّبُ طَرْفَه،
يَعَضُّ على إبْهامِه، وهو واقِفُ
أَي ثابت بمكانه لا يتقدَّم ولا يتأَخر؛ قال: ومنه قول مزاحم:
أَتَعْرِفُ بالغَرَّيْنِ داراً تَأبَّدَتْ،
منَ الحَيِّ، واستَنَّتْ عَليها العَواصِفُ
وقَفْتُ بها لا قاضِياً لي لُبانةً،
ولا أَنا عنْها مُسْتَمِرٌّ فَصارِفُ
قال: فثبت بهذا ما تقدم في تفسير الآية. قال: ومنه قامت الدابة إذا وقفت
عن السير. وقام عندهم الحق أي ثبت ولم يبرح؛ ومنه قولهم: أقام بالمكان
هو بمعنى الثبات. ويقال: قام الماء إذا ثبت متحيراً لا يجد مَنْفَذاً،
وإذا جَمد أيضاً؛ قال: وعليه فسر بيت أبي الطيب:
وكذا الكَريمُ إذا أَقام بِبَلدةٍ،
سالَ النُّضارُ بها وقام الماء
أي ثبت متحيراً جامداً. وقامَت السُّوق إذا نفَقت، ونامت إذا كسدت.
وسُوق قائِمة: نافِقة. وسُوق نائِمة: كاسِدة. وقاوَمْتُه قِواماً: قُمْت معه،
صحَّت الواو في قِوام لصحتها في قاوَم. والقَوْمةُ: ما بين الركعتين من
القِيام. قال أَبو الدُّقَيْش: أُصلي الغَداة قَوْمَتَيْنِ، والمغرب ثلاث
قَوْمات، وكذلك قال في الصلاة.
والمقام: موضع القدمين؛ قال:
هذا مَقامُ قَدَمَي رَباحِ،
غُدْوَةَ حتَّى دَلَكَتْ بَراحِ
ويروى: بِراحِ. والمُقامُ والمُقامةُ: الموضع الذي تُقيم فيه.
والمُقامة، بالضم: الإقامة. والمَقامة، بالفتح: المجلس والجماعة من الناس، قال:
وأما المَقامُ والمُقامُ فقد يكون كل واحد منهما بمعنى الإقامة، وقد يكون
بمعنى موضع القِيام، لأَنك إذا جعلته من قام يَقُوم فمفتوح، وإن جعلته من
قام يُقِيمُ فَمضْموم، فإن الفعل إذا جاوز الثلاثة فالموضع مضموم الميم،
لأَنه مُشَبَّه ببنات الأَربعة نحو دَحْرَجَ وهذا مُدَحْرَجُنا. وقوله
تعالى: لا مقَامَ لكم، أي لا موضع لكم، وقُرئ لا مُقام لكم، بالضم، أي لا
إقامة لكم. وحَسُنت مُستقَرّاً ومُقاماً؛ أَي موضعاً؛ وقول لبيد:
عَفَتِ الدِّيارُ: مَحلُّها فَمُقامُها
بِمنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجامُها
يعني الإقامة. وقوله عزَّ وجل: كم تركوا من جنات وعيون وزُروع ومَقام
كَريم؛ قيل: المَقامُ الكريم هو المِنْبَر، وقيل: المنزلة الحسَنة. وقامت
المرأَة تَنُوح أَي جعَلت تنوح، وقد يُعْنى به ضدّ القُعود لأَن أكثر
نوائح العرب قِيامٌ؛ قال لبيد:
قُوما تَجُوبانِ مَعَ الأَنْواح
وقوله:
يَوْمُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ
أَفضَلُ من يومِ احْلِقِي وقُومي
إنما أَراد الشدّة فكنى عنه باحْلِقي وقومي، لأَن المرأَة إذا مات
حَمِيمها أو زوجها أو قُتل حلَقَت رأْسها وقامَت تَنُوح عليه. وقولهم: ضَرَبه
ضَرْبَ ابنةِ اقْعُدي وقُومي أي ضَرْبَ أمة، سميت بذلك لقُعودها وقِيامه
في خدمة مواليها، وكأنَّ هذا جعل اسماً، وإن كان فِعْلاً، لكونه من
عادتها كما قال: إن الله ينهاكم عن قِيلٍ وقالٍ. وأَقامَ بالمكان إقاماً
وإقامةً ومُقاماً وقامةً؛ الأخيرة عن كراع: لَبِثَ. قال ابن سيده: وعندي أن
قامة اسم كالطّاعةِ والطّاقَةِ. التهذيب: أَقَمْتُ إقامةً، فإذا أَضَفْت
حَذَفْت الهاء كقوله تعالى: وإقام الصلاةِ وإيتاء الزكاةِ. الجوهري:
وأَقامَ بالمكان إقامةً، والهاء عوض عن عين الفعل لأَن أصلَه إقْواماً،
وأَقامَه من موضعه. وأقامَ الشيء: أَدامَه، من قوله تعالى: ويُقِيمون الصلاةَ،
وقوله تعالى: وإنَّها لبِسَبيل مُقِيم؛ أراد إن مدينة قوم لوط لبطريق
بيِّن واضح؛ هذا قول الزجاج.
والاسْتِقامةُ: الاعْتدالُ، يقال: اسْتَقامَ له الأمر. وقوله تعالى:
فاسْتَقِيمُوا إليه أي في التَّوَجُّه إليه دون الآلهةِ. وقامَ الشيءُ
واسْتقامَ: اعْتدَل واستوى. وقوله تعالى: إن الذين قالوا ربُّنا الله ثم
اسْتَقاموا؛ معنى قوله اسْتَقامُوا عملوا بطاعته ولَزِموا سُنة نبيه، صلى الله
عليه وسلم. وقال الأَسود بن مالك: ثم استقاموا لم يشركوا به شيئاً، وقال
قتادة: استقاموا على طاعة الله؛ قال كعب بن زهير:
فَهُمْ صَرفُوكم، حينَ جُزْتُمْ عنِ الهُدَى،
بأَسْيافِهِِمْ حَتَّى اسْتَقَمْتُمْ على القِيَمْ
قال: القِيَمُ الاسْتِقامةُ. وفي الحديث: قل آمَنتُ بالله ثم اسْتَقِمْ؛
فسر على وجهين: قيل هو الاسْتقامة على الطاعة، وقيل هو ترك الشِّرك.
أَبو زيد: أَقمْتُ الشيء وقَوَّمْته فَقامَ بمعنى اسْتقام، قال:
والاسْتِقامة اعتدال الشيء واسْتِواؤه. واسْتَقامَ فلان بفلان أي مدَحه وأَثنى عليه.
وقامَ مِيزانُ النهار إذا انْتَصفَ، وقام قائمٌ الظَّهِيرة؛ قال الراجز:
وقامَ مِيزانُ النَّهارِ فاعْتَدَلْ
والقَوامُ: العَدْل؛ قال تعالى: وكان بين ذلك قَواماً؛ وقوله تعالى: إنّ
هذا القرآن يَهْدِي للتي هي أَقْومُ؛ قال الزجاج: معناه للحالة التي هي
أَقْوَمُ الحالاتِ وهي تَوْحِيدُ الله، وشهادةُ أن لا إله إلا الله،
والإيمانُ برُسُله، والعمل بطاعته. وقَوَّمَه هو؛ واستعمل أبو إسحق ذلك في
الشِّعر فقال: استقامَ الشِّعر اتَّزَنَ. وقَوّمَََ دَرْأَه: أَزال
عِوَجَه؛ عن اللحياني، وكذلك أَقامَه؛ قال:
أَقِيمُوا، بَني النُّعْمانِ، عَنَّا صُدُورَكُم،
وإلا تُقِيموا، صاغِرِينَ، الرُّؤوسا
عدَّى أَقِيمُوا بعن لأَن فيه معنى نَحُّوا أَو أَزيلُوا، وأَما قوله:
وإلاَّ تُقِيموا صاغرين الرُّؤوسا فقد يجوز أَن يُعْنى به عُني بأَقِيموا
أي وإلا تُقيموا رؤوسكم عنا صاغرين، فالرُّؤوسُ على هذا مفعول بتُقيموا،
وإن شئت جعلت أَقيموا هنا غير متعدّ بعن فلم يكن هنالك حرف ولاحذف،
والرُّؤوسا حينئذ منصوب على التشبيه بالمفعول.
أَبو الهيثم: القامةُ جماعة الناس. والقامةُ أيضاً: قامةُ الرجل. وقامةُ
الإنسان وقَيْمَتُه وقَوْمَتُه وقُومِيَّتُه وقَوامُه: شَطاطُه؛ قال
العجاج:
أَما تَرَيني اليَوْمَ ذا رَثِيَّهْ،
فَقَدْ أَرُوحُ غيرَ ذي رَذِيَّهْ
صُلْبَ القَناةِ سَلْهَبَ القُومِيَّهْ
وصَرَعَه من قَيْمَتِه وقَوْمَتِه وقامَته بمعنى واحد؛ حكان اللحياني عن
الكسائي. ورجل قَوِيمٌ وقَوَّامٌ: حَسَنُ القامة، وجمعهما قِوامٌ.
وقَوام الرجل: قامته وحُسْنُ طُوله، والقُومِيَّةُ مثله؛ وأنشد ابن بري رجز
العجاج:
أَيامَ كنتَ حسَنَ القُومِيَّهْ،
صلبَ القناة سَلهبَ القَوْسِيَّهْ
والقَوامُ: حُسْنُ الطُّول. يقال: هو حسن القامةِ والقُومِيَّة
والقِمّةِ. الجوهري: وقامةُ الإنسان قد تُجمَع على قاماتٍ وقِيَمٍ مِثْل تاراتٍ
وتِيَر، قال: وهو مقصور قيام ولحقه التغيير لأَجل حرف العلة وفارق رَحَبة
ورِحاباً حيث لم يقولوا رِحَبٌ كما قالوا قِيَمٌ وتِيَرٌ. والقُومِيَّةُ:
القَوام أَو القامةُ. الأَصمعي: فلان حسن القامةِ والقِمّة والقُوميَّة
بمعنى واحد؛ وأَنشد:
فَتَمَّ مِنْ قَوامِها قُومِيّ
ويقال: فلان ذُو قُومِيَّةٍ على ماله وأَمْره. وتقول: هذا الأَمر لا
قُومِيَّة له أي لا قِوامَ له. والقُومُ: القصدُ؛ قال رؤبة:
واتَّخَذَ الشَّد لهنَّ قُوما
وقاوَمَه في المُصارَعة وغيرها. وتقاوموا في الحرب أي قام بعضهم لبعض.
وقِوامُ الأمر، بالكسر: نِظامُه وعِماده. أَبو عبيدة: هو قِوامُ أهل
بيته وقِيامُ أهل بيته، وهو الذي يُقيم شأْنهم من قوله تعالى: ولا تُؤتوا
السُّفهاء أَموالكم التي جَعل الله لكم قِياماً. وقال الزجاج: قرئت جعل
الله لكم قِياماً وقِيَماً. ويقال: هذا قِوامُ الأَمر ومِلاكُه الذي يَقوم
به؛ قال لبيد:
أَفَتِلْكَ أمْ وَحْشِيّةٌ مَسْبُوعَةٌ
خُذِلَتْ، وهادِيةُ الصِّوارِ قوامُها؟
قال: وقد يفتح، ومعنى الآية أي التي جعلَها الله لكم قِياماً تُقِيمكم
فتَقُومون بها قِياماً، ومن قرأَ قِيَماً فهو راجع إلى هذا، والمعنى جعلها
الله قِيمةَ الأَشياء فبها تَقُوم أُمورُكم؛ وقال الفراء: التي جعل الله
لكم قِياماً يعني التي بها تَقُومون قياماً وقِواماً، وقرأَ نافع المدني
قيَماً، قال: والمعنى واحد.
ودِينارٌ قائم إذا كان مثقالاً سَواء لا يَرْجح، وهو عند الصيارفة ناقص
حتى يَرْجَح بشيء فيسمى مَيّالاً، والجمع قُوَّمٌ وقِيَّمٌ. وقَوَّمَ
السِّلْعة واسْتَقامها: قَدَّرها. وفي حديث عبد الله بن عباس: إذا
اسْتَقَمْت بنَقْد فبِعْتَ بنقد فلا بأْس به، وإذا اسْتَقَمْت بنقد فبعته
بِنَسيئة فلا خير فيه فهو مكروه؛ قال أَبو عبيد: قوله إذا استقمت يعني
قوَّمت، وهذا كلام أهل مكة، يقولون: اسَتَقَمْتُ المَتاع أي قَوَّمْته، وهما
بمعنى، قال: ومعنى الحديث أن يدفَعَ الرجلُ إلى الرجل الثوب فيقوّمه مثلاً
بثلاثين درهماً، ثم يقول: بعه فما زاد عليها فلك، فإن باعه بأكثر من
ثلاثين بالنقد فهو جائز، ويأْخذ ما زاد على الثلاثين، وإن باعه بالنسيئة
بأَكثر مما يبيعه بالنقد فالبيع مردود ولا يجوز؛ قال أَبو عبيد: وهذا عند من
يقول بالرأْي لا يجوز لأَنها إجارة مجهولة، وهي عندنا معلومة جائزة،
لأَنه إذا وَقَّت له وَقْتاً فما كان وراء ذلك من قليل أو كثير فالوقت يأْتي
عليه، قال: وقال سفيان بن عيينة بعدما روى هذا الحديث يَسْتَقِيمه بعشرة
نقداً فيبيعه بخمسة عشر نسيئة، فيقول: أُعْطِي صاحب الثوب من عندي عشرة
فتكون الخمسة عشر لي، فهذا الذي كره. قال إسحق: قلت لأَحمد قول ابن عباس
إذا استقمت بنقد فبعت بنقد، الحديث، قال: لأنه يتعجل شيئاً ويذهب عَناؤه
باطلاً، قال إسحق: كما قال قلت فما المستقيم؟ قال: الرجل يدفع إلى الرجل
الثوب فيقول بعه بكذا، فما ازْدَدْتَ فهو لك، قلت: فمن يدفع الثوب إلى
الرجل فيقول بعه بكذا فما زاد فهو لك؟ قال: لا بأْس، قال إسحق كما قال.
والقِيمةُ: واحدة القِيَم، وأَصله الواو لأَنه يقوم مقام الشيء.
والقيمة: ثمن الشيء بالتَّقْوِيم. تقول: تَقاوَمُوه فيما بينهم، وإذا انْقادَ
الشيء واستمرّت طريقته فقد استقام لوجه. ويقال: كم قامت ناقتُك أي كم بلغت.
وقد قامَتِ الأمةُ مائة دينار أي بلغ قيمتها مائة دينار، وكم قامَتْ
أَمَتُك أي بلغت. والاستقامة: التقويم، لقول أهل مكة استقَمْتُ المتاع أي
قوَّمته. وفي الحديث: قالوا يا رسول الله لو قوَّمْتَ لنا، فقال: الله هو
المُقَوِّم، أي لو سَعَّرْت لنا، وهو من قيمة الشيء، أي حَدَّدْت لنا
قيمتها. ويقال: قامت بفلان دابته إذا كلَّتْ وأَعْيَتْ فلم تَسِر. وقامت
الدابة: وَقَفَت. وفي الحديث: حين قام قائمُ الظهيرة أي قيام الشمس وقت
الزوال من قولهم قامت به دابته أي وقفت، والمعنى أن الشمس إذا بلغت وسَط
السماء أَبْطأَت حركةُ الظل إلى أن تزول، فيحسب الناظر المتأَمل أنها قد وقفت
وهي سائرة لكن سيراً لا يظهر له أثر سريع كما يظهر قبل الزوال وبعده،
ويقال لذلك الوقوف المشاهد: قام قائم الظهيرة، والقائمُ قائمُ الظهيرة.
ويقال: قام ميزان النهار فهو قائم أي اعْتَدَل. ابن سيده: وقام قائم الظهيرة
إذا قامت الشمس وعقَلَ الظلُّ، وهو من القيام. وعَيْنٌ قائمة: ذهب بصرها
وحدَقَتها صحيحة سالمة. والقائم بالدِّين: المُسْتَمْسِك به الثابت عليه.
وفي الحديث: إنَّ حكيم بن حِزام قال: بايعت رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، أن لا أخِرَّ إلا قائماً؛ قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: أمّا من
قِبَلِنا فلا تَخِرُّ إلا قائماً أي لسنا ندعوك ولا نبايعك إلا قائماً
أي على الحق؛ قال أبو عبيد: معناه بايعت أن لا أموت إلا ثابتاً على
الإسلام والتمسُّك به. وكلُّ من ثبت على شيء وتمسك به فهو قائم عليه. وقال
تعالى: ليْسُوا سَواء من أهل الكتاب أُمَّةٌ قائمةٌ؛ إنما هو من المُواظبة
على الدين والقيام به؛ الفراء: القائم المتمسك بدينه، ثم ذكر هذا الحديث.
وقال الفراء: أُمَّة قائمة أي متمسكة بدينها. وقوله عز وجل: لا يُؤَدِّه
إليك إلا ما دُمت عليه قائماً؛ أي مُواظِباً مُلازِماً، ومنه قيل في
الكلام للخليفة: هو القائِمُ بالأمر، وكذلك فلان قائِمٌ
بكذا إذا كان حافظاً له متمسكاً به. قال ابن بري: والقائِمُ على الشيء
الثابت عليه، وعليه قوله تعالى: من أهل الكتاب أُمةٌ قائمةٌ؛ أي مواظِبة
على الدين ثابتة. يقال: قام فلان على الشيء إذا ثبت عليه وتمسك به؛ ومنه
الحديث: اسْتَقِيموا لقُريش ما اسْتَقامُوا لكم، فإنْ لم يَفْعَلوا
فضَعُوا سيُوفَكم على عَواتِقكم فأَبِيدُوا خضْراءهم، أي دُوموا لهم في الطاعة
واثْبُتوا عليها ما داموا على الدين وثبتوا على الإسلام. يقال: قامَ
واسْتَقامَ كما يقال أَجابَ واسْتجابَ؛ قال الخطابي: الخَوارِج ومن يَرى
رأْيهم يتأَوَّلونه على الخُروج على الأَئمة ويحملون قوله ما اسْتقاموا لكم
على العدل في السِّيرة، وإنما الاستقامة ههنا الإقامة على الإسلام، ودليله
في حديث آخر: سيَلِيكم أُمَراءُ تَقْشَعِرُّ منهم الجلود وتَشْمَئِزُّ
منهم القلوب، قالوا: يا رسول الله، أَفلا تُقاتلهم؟ قال: لا ما أَقاموا
الصلاة، وحديثه الآخر: الأَئمة من قريش أَبرارُها أُمَراءُ أَبرارِها
وفُجَّارُها أُمَراءُ فُجَّارِها؛ ومنه الحديث: لو لم تَكِلْه لقامَ لكم أي
دام وثبت، والحديث الآخر: لو تَرَكَتْه ما زال قائماً، والحديث الآخر: ما
زال يُقِيمُ لها أُدْمَها. وقائِمُ السيف: مَقْبِضُه، وما سوى ذلك فهو
قائمة نحو قائمةِ الخِوان والسرير والدابة. وقَوائِم الخِوان ونحوها: ما
قامت عليه. الجوهري: قائمُ السيف وقائمتُه مَقْبِضه. والقائمةُ: واحدة قوائم
الدَّوابّ. وقوائم الدابة: أربَعُها، وقد يستعار ذلك في الإنسان؛ وقول
الفرزدق يصف السيوف:
إذا هِيَ شِيمتْ فالقوائِمُ تَحْتها،
وإنْ لمْ تُشَمْ يَوْماً علَتْها القَوائِمُ
أَراد سُلَّت. والقوائم: مقَابِض السيوف.
والقُوام: داءٌ يأْخذ الغنم في قوائمها تقوم منه. ابن السكيت: ما فَعل
قُوام كان يَعتري هذه الدابة، بالضم، إذا كان يقوم فلا يَنْبَعث. الكسائي:
القُوام داءٌ يأْخذ الشاة في قوائمها تقوم منه؛ وقَوَّمت الغنم: أَصابها
ذلك فقامت. وقامُوا بهم: جاؤوهم بأَعْدادهم وأَقرانِهم وأَطاقوهم. وفلان
لا يقوم بهذا الأمر أي لا يُطِيق عليه، وإذا لم يُطِق الإنسان شيئاً
قيل: ما قام به. الليث: القامةُ مِقدار كهيئة رجل يبني على شَفِير البئر
يوضع عليه عود البَكْرة، والجمع القِيم، وكذلك كل شيء فوق سطح ونحوه فهو
قامة؛ قال الأَزهري: الذي قاله الليث في تفسير القامة غير صحيح، والقامة عند
العرب البكرة التي يستقى بها الماء من البئر، وروي عن أبي زيد أنه قال:
النَّعامة الخشبة المعترضة على زُرْنُوقي البئر ثم تعلق القامة، وهي
البَكْرة من النعامة. ابن سيده: والقامةُ البكرة يُستقَى عليها، وقيل: البكرة
وما عليها بأَداتِها، وقيل: هي جُملة أَعْوادها؛ قال الشاعر:
لَمّا رأَيْتُ أَنَّها لا قامهْ،
وأَنَّني مُوفٍ على السَّآمَهْ،
نزَعْتُ نَزْعاً زَعْزَعَ الدِّعامهْ
والجمع قِيَمٌ مثل تارةٍ وتِيَرٍ، وقامٌ؛ قال الطِّرِمّاح:
ومشَى تُشْبِهُ أَقْرابُه
ثَوْبَ سْحْلٍ فوقَ أَعوادِ قامِ
وقال الراجز:
يا سَعْدُ غَمَّ الماءَ وِرْدٌ يَدْهَمُه،
يَوْمَ تَلاقى شاؤُه ونَعَمُهْ،
واخْتَلَفَتْ أَمْراسُه وقِيَمُهْ
وقال ابن بري في قول الشاعر:
لَمّا رأَيت أَنها لا قامه
قال: قال أَبو عليّ ذهب ثعلب إلى أَن قامة في البيت جمع قائِم مثل بائِع
وباعةٍ، كأَنه أَراد لا قائمين على هذا الحوض يَسْقُون منه، قال: ومثله
فيما ذهب إليه الأَصمعي:
وقامَتي رَبِيعةُ بنُ كَعْبِ،
حَسبُكَ أَخلاقُهمُ وحَسْبي
أي رَبِيعة قائمون بأَمري؛ قال: وقال عديّ بن زيد:
وإنِّي لابنُ ساداتٍ
كِرامٍ عنهمُ سُدْتُ
وإنِّي لابنُ قاماتٍ
كِرامٍ عنهمُ قُمْتُ
أَراد بالقاماتِ الذين يقومون بالأُمور والأَحداث؛ ومما يشهد بصحة قول
ثعلب أن القامة جمع قائم لا البكرة قوله:
نزعت نزعاً زعزع الدِّعامه
والدِّعامة إنما تكون للبكرة، فإن لم تكن بكْرَةٌ
فلا دعامة ولا زعزعةَ لها؛ قال ابن بري: وشاهد القامة للبكرة قول
الراجز:إنْ تَسْلَمِ القامةُ والمَنِينُ،
تُمْسِ وكلُّ حائِمٍ عَطُونُ
وقال قيس بن ثُمامة الأرْحبي في قامٍ جمع قامةِ البئر:
قَوْداءَ تَرْمَدُّ مِنْ غَمْزي لها مَرَطَى،
كأَن هادَيها قامٌ على بِيرِ
والمِقْوَم: الخَشَبة التي يُمْسكها الحرّاث. وقوله في الحديث: إنه
أَذِنَ في قَطْع المسَدِ والقائمَتينِ من شجر الحَرَم، يريد قائمتي الرَّحْل
اللتين تكون في مُقَدَّمِه ومُؤَخَّره.
وقَيِّمُ الأمر: مُقِيمهُ. وأمرٌ
قَيِّمٌ: مُسْتقِيم. وفي الحديث: أتاني مَلَك فقال: أَنت قُثَمٌ
وخُلُقُكَ قَيِّم أي مُسْتَقِيم حسَن. وفي الحديث: ذلك الدين القَيِّمُ أي
المستقيم الذي لا زَيْغ فيه ولا مَيْل عن الحق. وقوله تعالى: فيها كُتب
قيِّمة؛ أَي مستقيمة تُبيّن الحقّ من الباطل على اسْتِواء وبُرْهان؛ عن الزجاج.
وقوله تعالى: وذلك دِين القَيِّمة؛ أَي دين الأُمةِ القيّمة بالحق،
ويجوز أَن يكن دين المِلة المستقيمة؛ قال الجوهري: إنما أَنثه لأَنه أَراد
المِلة الحنيفية. والقَيِّمُ: السيّد وسائسُ الأَمر. وقَيِّمُ القَوْم:
الذي يُقَوِّمُهم ويَسُوس أَمرهم. وفي الحديث: ما أَفْلَحَ قَوْمٌ
قَيِّمَتُهُم امرأة. وقَيِّمُ المرأَةِ: زوجها في بعض اللغات. وقال أَبو
الفتح ابن جني في كتابه الموسوم بالمُغْرِب. يروى أَن جاريتين من بني
جعفر بن كلاب تزوجتا أَخوين من بني أَبي بكر ابن كلاب فلم تَرْضَياهما
فقالت إحداهما:
أَلا يا ابْنَةَ الأَخْيار مِن آلِ جَعْفَرٍ
لقد ساقَنا منْ حَيِّنا هَجْمَتاهُما
أُسَيْوِدُ مِثْلُ الهِرِّ لا دَرَّ دَرُّه
وآخَرُ مِثْلُ القِرْدِ لا حَبَّذا هُما
يَشِينانِ وجْهَ الأَرْضِ إنْ يَمْشِيا بِها،
ونَخْزَى إذَا ما قِيلَ: مَنْ قَيِّماهُما؟
قَيِّماهما: بَعْلاهُما، ثنت الهَجّمتين لأَنها أَرادت القِطْعَتَين أَو
القَطيعَيْنِ. وفي الحديث: حتى يكون لخمسين امرأَة قَيِّمٌ واحد؛
قَيِّمُ المرأَةِ: زوجها لأَنه يَقُوم بأَمرها وما تحتاج إليه. وقام بأَمر كذا.
وقام الرجلُ على المرأَة: مانَها. وإنه لَقَوّام علهيا: مائنٌ لها. وفي
التنزيل العزيز: الرجالُ قَوَّامون على النساء؛ وليس يراد ههنا، والله
أَعلم، القِيام الذي هو المُثُولُ والتَّنَصُّب وضدّ القُعود، إنما هو من
قولهم قمت بأَمرك، فكأنه، والله أَعلم، الرجال مُتكفِّلون بأُمور النساء
مَعْنِيُّون بشؤونهن، وكذلك قوله تعالى: يا أَيها الذين آمنوا إذا قُمتم
إلى الصلاة؛ أَي إذا هَمَمْتم بالصلاة وتَوَجّهْتم إليها بالعِناية وكنتم
غير متطهرين فافعلوا كذا، لا بدّ من هذا الشرط لأَن كل من كان على طُهر
وأَراد الصلاة لم يلزمه غَسْل شيء من أعضائه، لا مرتَّباً ولا مُخيراً
فيه، فيصير هذا كقوله: وإن كنتم جُنُباً فاطَّهروا؛ وقال هذا، أَعني قوله
إذا قمتم إلى الصلاة فافعلوا كذا، وهو يريد إذا قمتم ولستم على طهارة، فحذف
ذلك للدلالة عليه، وهو أَحد الاختصارات التي في القرآن وهو كثير جدّاً؛
ومنه قول طرفة:
إذا مُتُّ فانْعِينِي بما أَنا أَهْلُه،
وشُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ، يا ابنةَ مَعْبَدِ
تأْويله: فإن مت قبلك، لا بدّ أَن يكون الكلام مَعْقوداً على هذا لأَنه
معلوم أَنه لا يكلفها نَعْيَه والبُكاء عليه بعد موتها، إذ التكليفُ لا
يصح إلا مع القدرة، والميت لا قدرة فيه بل لا حَياة عنده، وهذا واضح.
وأَقامَ الصلاة إقامةً وإقاماً؛ فإقامةً
على العوض، وإقاماً بغير عوض. وفي التنزيل: وإقامَ الصلاة. ومن كلام
العرب: ما أَدري أَأَذَّنَ أَو أَقامَ؛ يعنون أَنهم لم يَعْتَدّوا أَذانَه
أَذانَاً ولا إقامَته إقامةً، لأَنه لم يُوفِّ ذلك حقَّه، فلما وَنَى فيه
لم يُثبت له شيئاً منه إذ قالوها بأَو، ولو قالوها بأَم لأَثبتوا أَحدهما
لا محالة. وقالوا: قَيِّم المسجد وقَيِّمُ الحَمَّام. قال ثعلب: قال ابن
ماسَوَيْهِ ينبغي للرجل أَن يكون في الشتاء كقَيِّم الحَمَّام، وأَما
الصيف فهو حَمَّام كله وجمع قَيِّم عند كراع قامة. قال ابن سيده: وعندي أَن
قامة إنما هو جمع قائم على ما يكثر في هذا الضرب.
والمِلَّة القَيِّمة: المُعتدلة، والأُمّة القَيِّمة كذلك. وفي التنزيل:
وذلك دين القَيّمة؛ أي الأُمَّة القيمة. وقال أَبو العباس والمبرد: ههنا
مضمرٍ، أَراد ذلك دِينُ الملَّةِ القيمة، فهو نعت مضمرٍ محذوفٌ محذوقٌ؛
وقال الفراء: هذا مما أُضيف إلى نفسه لاختلاف لفظيه؛ قال الأَزهري:
والقول ما قالا، وقيل: أباء في القَيِّمة للمبالغة، ودين قَيِّمٌ كذلك. وفي
التنزيل العزيز: ديناً قِيَماً مِلَّةَ إبراهيم. وقال اللحياني وقد قُرئ
ديناً قَيِّماً أي مستقيماً. قال أَبو إسحق: القَيِّمُ هو المُسْتَقيم،
والقِيَمُ: مصدر كالصِّغَر والكِبَر إلا أَنه لم يُقل قِوَمٌ مثل قوله: لا
يبغون عنها حِوَلاً؛ لأَن قِيَماً من قولك قام قِيَماً، وقامَ كان في
الأصل قَوَمَ أَو قَوُمَ، فصار قام فاعتل قِيَم، وأَما حِوَلٌ
فهو على أَنه جار على غير فِعْل؛ وقال الزجاج: قِيَماً مصدر كالصغر
والكبر، وكذلك دين قَوِيم وقِوامٌ.
ويقال: رمح قَوِيمٌ وقَوامٌ قَوِيمٌ
أَى مستقيم؛ وأَنشد ابن بري لكعب بن زهير:
فَهُمْ ضَرَبُوكُم حِينَ جُرْتم عن الهُدَى
بأَسْيافهم، حتَّى اسْتَقَمْتُمْ على القِيَمْ
(* قوله «ضربوكم حين جرتم» تقدم في هذه المادة تبعاً للأصل: صرفوكم حين
جزتم، ولعله مروي بهما).
وقال حسان:
وأَشْهَدُ أَنَّكَ، عِنْد المَلِيـ
ـكِ، أُرْسلْتَ حَقّاً بِدِينٍ قِيَمْ
قال: إلا أنّ القِيَمَ مصدر بمعنى الإستقامة. والله تعالى القَيُّوم
والقَيَّامُ. ابن الأَعرابي: القَيُّوم والقيّام والمُدبِّر واحد. وقال
الزجاج: القيُّوم والقيَّام في صفة الله تعالى وأَسمائه الحسنى القائم بتدبير
أَمر خَلقه في إنشائهم ورَزْقهم وعلمه بأَمْكِنتهم. قال الله تعالى: وما
من دابّة في الأَرض إلا على الله رِزْقُها ويَعلَم مُسْتَقَرَّها
ومُسْتَوْدَعها. وقال الفراء: صورة القَيُّوم من الفِعل الفَيْعُول، وصورة
القَيَّام الفَيْعال، وهما جميعاً مدح، قال: وأَهل الحجاز أَكثر شيء قولاً
للفَيْعال من ذوات الثلاثة مثل الصَّوَّاغ، يقولون الصَّيَّاغ. وقال الفراء
في القَيِّم: هو من الفعل فَعِيل، أَصله قَوِيم، وكذلك سَيّد سَوِيد
وجَيِّد جَوِيد بوزن ظَرِيف وكَرِيم، وكان يلزمهم أَن يجعلوا الواو أَلفاً
لانفتاح ما قبلها ثم يسقطوها لسكونها وسكون التي بعدها، فلما فعلوا ذلك
صارت سَيْد على فَعْل، فزادوا ياء على الياء ليكمل بناء الحرف؛ وقال
سيبويه: قَيِّم وزنه فَيْعِل وأَصله قَيْوِم، فلما اجتمعت الياء والواو والسابق
ساكن أَبدلوا من الواو ياء وأَدغموا فيها الياء التي قبلها، فصارتا ياء
مشدّدة، وكذلك قال في سيّد وجيّد وميّت وهيّن وليّن. قال الفراء: ليس في
أَبنية العرب فَيْعِل، والحَيّ كان في الأَصل حَيْواً، فلما إجتمعت الياء
والواو والسابق ساكن جعلتا ياء مشدّدة. وقال مجاهد: القَيُّوم القائم
على كل شيء، وقال قتادة: القيوم القائم على خلقه بآجالهم وأَعمالهم
وأَرزاقهم. وقال الكلبي: القَيُّومُ الذي لا بَدِيء له. وقال أَبو عبيدة: القيوم
القائم على الأشياء. الجوهري: وقرأَ عمر الحيُّ القَيّام، وهو لغة،
والحيّ القيوم أَي القائم بأَمر خلقه في إنشائهم ورزقهم وعلمه بمُسْتَقرِّهم
ومستودعهم. وفي حديث الدعاء: ولكَ الحمد أَنت قَيّام السمواتِ والأَرض،
وفي رواية: قَيِّم، وفي أُخرى: قَيُّوم، وهي من أبنية المبالغة، ومعناها
القَيّام بأُمور الخلق وتدبير العالم في جميع أَحواله، وأَصلها من الواو
قَيْوامٌ وقَيْوَمٌ وقَيْوُومٌ، بوزن فَيْعالٍ وفَيْعَلٍ وفَيْعُول.
والقَيُّومُ: من أَسماء الله المعدودة، وهو القائم بنفسه مطلقاً لا بغيره، وهو
مع ذلك يقوم به كل موجود حتى لا يُتَصوَّر وجود شيء ولا دوام وجوده إلا
به.
والقِوامُ من العيش
(* قوله «والقوام من العيش» ضبط القوام في الأصل
بالكسر واقتصر عليه في المصباح، ونصه: والقوام، بالكسر، ما يقيم الإنسان من
القوت، وقال أيضاً في عماد الأمر وملاكه أنه بالفتح والكسر، وقال صاحب
القاموس: القوام كسحاب ما يعايش به، وبالكسر، نظام الأمر وعماده): ما
يُقيمك. وفي حديث المسألة: أَو لذي فَقْرٍ مُدْقِع حتى يُصِيب قِواماً من عيش
أَي ما يقوم بحاجته الضرورية. وقِوامُ العيش: عماده الذي يقوم به.
وقِوامُ الجِسم: تمامه. وقِوام كل شيء: ما استقام به؛ قال العجاج:
رأْسُ قِوامِ الدِّينِ وابنُ رَأْس
وإِذا أَصاب البردُ شجراً أَو نبتاً فأَهلك بعضاً وبقي بعض قيل: منها
هامِد ومنها قائم. الجوهري: وقَوَّمت الشيء، فهو قَويم أي مستقيم، وقولهم
ما أَقوَمه شاذ، قال ابن بري: يعني كان قياسه أَن يقال فيه ما أَشدَّ
تَقْويمه لأَن تقويمه زائد على الثلاثة، وإنما جاز ذلك لقولهم قَويم، كما
قالوا ما أَشدَّه وما أَفقَره وهو من اشتدّ وافتقر لقولهم شديد وفقير.
قال: ويقال ما زِلت أُقاوِمُ فلاناً في هذا الأَمر أي أُنازِله. وفي
الحديث: مَن جالَسه أَو قاوَمه في حاجة صابَره. قال ابن الأَثير: قاوَمَه
فاعَله من القِيام أَي إذا قامَ معه ليقضي حاجتَه صبَر عليه إلى أن
يقضِيها.وفي الحديث: تَسْويةُ الصفّ من إقامة الصلاة أي من تمامها وكمالها، قال:
فأَمّا قوله قد قامت الصلاة فمعناه قامَ أَهلُها أَو حان قِيامهم. وفي
حديث عمر: في العين القائمة ثُلُث الدية؛ هي الباقية في موضعها صحيحة
وإنما ذهب نظرُها وإبصارُها. وفي حديث أَبي الدرداء: رُبَّ قائمٍ مَشكورٌ له
ونائمٍ مَغْفورٌ له أَي رُبَّ مُتَجَهِّد يَستغفر لأَخيه النائم فيُشكر
له فِعله ويُغفر للنائم بدعائه. وفلان أَقوَمُ كلاماً من فلان أَي أَعدَلُ
كلاماً.
والقَوْمُ: الجماعة من الرجال والنساء جميعاً، وقيل: هو للرجال خاصة دون
النساء، ويُقوِّي ذلك قوله تعالى: لا يَسْخَر قَوم من قوم عسى أَن
يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أَن يَكُنَّ خيراً منهن؛ أَي رجال من
رجال ولا نساء من نِساء، فلو كانت النساء من القوم لم يقل ولا نساء من
نساء؛ وكذلك قول زهير:
وما أَدرِي، وسوفَ إخالُ أَدري،
أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِساء؟
وقَوْمُ كل رجل: شِيعته وعشيرته. وروي عن أَبي العباس: النَّفَرُ
والقَوْم والرَّهط هؤُلاء معناهم الجمع لا واحد لهم من لفظهم للرجال دون
النساء. وفي الحديث: إن نَسَّاني الشيطان شيئاً من هلاتي فليُسبِّح القومُ
وليُصَفِّقِ النساء؛ قال ابن الأَثير: القوم في الأصل مصدر قام ثم غلب على
الرجال دون النساء، ولذلك قابلن به، وسموا بذلك لأَنهم قوّامون على النساء
بالأُمور التي ليس للنساء أَن يقمن بها. الجوهري: القوم الرجال دون
النساء لا واحد له من لفظه، قال: وربما دخل النساء فيه على سبيل التبع لأَن
قوم كل نبي رجال ونساء، والقوم يذكر ويؤَنث، لأَن أَسماء الجموع التي لا
واحد لها من لفظها إذا كانت للآدميين تذكر وتؤنث مثل رهط ونفر وقوم، قال
تعالى: وكذَّبَ به قومك، فذكَّر، وقال تعالى: كذَّبتْ قومُ نوح، فأَنَّث؛
قال: فإن صَغَّرْتَ لم تدخل فيها الهاء وقلت قُوَيْم ورُهَيْط ونُفَير،
وإنما يلحَقُ التأْنيثُ فعله، ويدخل الهاء فيما يكون لغير الآدميين مثل
الإبل والغنم لأَن التأنيث لازم له، وأَما جمع التكسير مثل جمال ومساجد،
وإن ذكر وأُنث، فإنما تريد الجمع إذا ذكرت، وتريد الجماعة إذا أَنثت. ابن
سيده: وقوله تعالى: كذَّبت قوم نوح المرسلين، إِنما أَنت على معنى كذبت
جماعة قوم نوح، وقال المرسلين، وإن كانوا كذبوا نوحاً وحده، لأَن من كذب
رسولاً واحداً من رسل الله فقد كذب الجماعة وخالفها، لأَن كل رسول يأْمر
بتصديق جميع الرسل، وجائز أَن يكون كذبت جماعة الرسل، وحكى ثعلب: أَن العرب
تقول يا أَيها القوم كفُّوا عنا وكُفّ عنا، على اللفظ وعلى المعنى. وقال
مرة: المخاطب واحد، والمعنى الجمع، والجمع أَقْوام وأََقاوِم وأقايِم؛
كلاهما على الحذف؛ قال أَبو صخر الهذلي أَنشده يعقوب:
فإنْ يَعْذِرِ القَلبُ العَشِيَّةَ في الصِّبا
فُؤادَكَ، لا يَعْذِرْكَ فيه الأَقاوِمُ
ويروى: الأقايِمُ، وعنى بالقلب العقل؛ وأَنشد ابن بري لخُزَز بن
لَوْذان:مَنْ مُبْلغٌ عَمْرَو بنَ لأ
يٍ، حَيْثُ كانَ مِن الأَقاوِمْ
وقوله تعالى: فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين؛ قال الزجاج: قيل
عنى بالقوم هنا الأَنبياء، عليهم السلام، الذين جرى ذكرهم، آمنوا بما أَتى
به النبي، صلى الله عليه وسلم، في وقت مَبْعثهم؛ وقيل: عنى به من آمن من
أَصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، وأَتباعه، وقيل: يُعنى به الملائكة
فجعل القوم من الملائكة كما جعل النفر من الجن حين قال عز وجل: قل أُوحي
إليّ أَنه استمع نفر من الجن، وقوله تعالى: يَسْتَبْدِلْ قوماً غيركم؛ قال
الزجاج: جاء في التفسير: إن تولى العِبادُ استبدل الله بهم الملائكة،
وجاء: إن تَوَلَّى أهلُ مكة استبدل الله بهم أهل المدينة، وجاء أيضاً:
يَسْتَبْدِل قوماً غيركم من أهل فارس، وقيل: المعنى إن تتولوا يستبدل قوماً
أَطْوَعَ له منكم. قال ابن بري: ويقال قوم من الجنّ وناسٌ من الجنّ
وقَوْمٌمن الملائكة؛ قال أُمية:
وفيها مِنْ عبادِ اللهِ قَوْمٌ،
مَلائِكُ ذُلُِّلوا، وهُمُ صِعابُ
والمَقامُ والمَقامة: المجلس. ومَقامات الناس: مَجالِسُهم؛ قال العباس
بن مرداس أَنشده ابن بري:
فأَيِّي ما وأَيُّكَ كان شَرّاً
فَقِيدَ إلى المَقامةِ لا يَراها
ويقال للجماعة يجتمعون في مَجْلِسٍ: مَقامة؛ ومنه قول لبيد:
ومَقامةٍ غُلْبِ الرِّقابِ كأَنَّهم
جِنٌّ، لدَى بابِ الحَصِيرِ، قِيامُ
الحَصِير: المَلِك ههنا، والجمع مَقامات؛ أَنشد ابن بري لزهير:
وفيهِمْ مَقاماتٌ حِسانٌ وجُوهُهُمْ،
وأَنْدِيةٌ يَنْتابُها القَوْلُ والفِعْلُ
ومَقاماتُ الناسِ: مَجالِسهم أيضاً. والمَقامة والمَقام: الموضع الذي
تَقُوم فيه. والمَقامةُ: السّادةُ.
وكل ما أَوْجَعَك من جسَدِك فقد قامَ بك. أَبو زيد في نوادره: قامَ بي
ظَهْري أَي أَوْجَعَني، وقامَت بي عيناي.
ويومُ القِيامة: يومُ البَعْث؛ وفي التهذيب: القِيامة يوم البعث يَقُوم
فيه الخَلْق بين يدي الحيّ القيوم. وفي الحديث ذكر يوم القِيامة في غير
موضع، قيل: أَصله مصدر قام الخَلق من قُبورهم قِيامة، وقيل: هو تعريب
قِيَمْثَا
(* قوله «تعريب قيمثا» كذا ضبط في نسخة صحيحة من النهاية، وفي أخرى
بفتح القاف والميم وسكون المثناة بينهما. ووقع في التهذيب بدل المثلثة
ياء مثناة ولم يضبط)، وهو بالسريانية بهذا المعنى. ابن سيده: ويوم
القِيامة يوم الجمعة؛ ومنه قول كعب: أَتَظْلِم رجُلاً يوم القيامة؟
ومَضَتْ قُِوَيْمةٌ من الليلِ أَي ساعةٌ
أَو قِطْعة، ولم يَجِدْه أَبو عبيد، وكذلك مضَى قُوَيْمٌ
من الليلِ، بغير هاء، أَي وَقْت غيرُ محدود.
قوا: الليث: القوّة من تأْليف ق و ي، ولكنها حملت على فُعْلة فأُدغمت
الياء في الواو كراهية تغير الضمة، والفِعالةُ منها قِوايةٌ، يقال ذلك في
الحَزْم ولا يقال في البَدَن؛ وأَنشد:
ومالَ بأَعْتاقِ الكَرَى غالِباتُها،
وإِنِّي على أَمْرِ القِوايةِ حازِمُ
قال: جعل مصدر القوِيّ على فِعالة، وقد يتكلف الشعراء ذلك في الفعل
اللازم. ابن سيده: القُوَّةُ نقيض الضعف، والجمع قُوًى وقِوًى. وقوله عز وجل:
يا يحيى خُذِ الكتاب بقُوَّةٍ؛ أَي بِجِدّ وعَوْن من الله تعالى، وهي
القِوايةُ، نادر، إنما حكمه القِواوةُ أَو القِواءة، يكون ذلك في البَدن
والعقل، وقد قَوِيَ فهو قَوِيّ وتَقَوَّى واقْتَوى كذلك، قال رؤبة:
وقُوَّةَ اللهِ بها اقْتَوَيْنا
وقَوّاه هو. التهذيب: وقد قَوِيَ الرجل والضَّعيف يَقْوَى قُوَّة فهو
قَوِيٌّ وقَوَّيْتُه أَنا تَقْوِيةً وقاوَيْتُه فَقَوَيْتُه أَي غَلَبْته.
ورجل شديد القُوَى أَي شدِيدُ أَسْرِ الخَلْقِ مَمَرُّه. وقال سبحانه
وتعالى: شدِيدُ القُوَى؛ قيل: هو جبريل، عليه السلام. والقُوَى: جمع
القُوَّة، قال عز وجل لموسى حين كتب له الأَلواح: فخذها بقوَّة؛ قال الزجاج: أَي
خذها بقُوَّة في دينك وحُجَّتك. ابن سيده: قَوَّى الله ضعفَك أَي أُبدَلك
مكان الضعف قُوَّة، وحكى سيبويه: هو يُقَوَّى أَي يُرْمَى بذلك. وفرس
مُقْوٍ: قويٌّ، ورجل مُقْوٍ: ذو دابة قَوِيّة. وأَقْوَى الرجلُ فهو مُقْوٍ
إِذا كانت دابته قَوِيَّة. يقال: فلان قَوِيٌّ مُقْوٍ، فالقَوِي في نفسه،
والمُقْوِي في دابته. وفي الحديث أَنه قال في غزوة تبوك: لا يَخْرُجَنَّ
معنا الاَّ رجل مُقْوٍ أَي ذو دابة قَوِيَّة. ومنه حديث الأَسود بن زيد
في قوله عز وجل: وإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرون، قال: مُقْوون مُؤْدونَ أَي
أَصحاب دَوابّ قَوِيّة كامِلُو أَداةِ الحرب. والقَوِيُّ من الحروف: ما لم
يكن حرف لين. والقُوَى: العقل؛ وأَنشد ثعلب:
وصاحِبَيْنِ حازِمٍ قُواهُما
نَبَّهْتُ، والرُّقادُ قد عَلاهُما،
إِلى أَمْونَيْنِ فَعَدَّياهما
القُوَّة: الخَصْلة الواحدة من قُوَى الحَبل، وقيل: القُوَّة الطاقة
الواحدة من طاقاتِ الحَبْل أَو الوَتَر، والجمع كالجمع قُوًى وقِوًى. وحبل
قَوٍ ووتَرٌ قَوٍ، كلاهما: مختلف القُوَى. وأَقْوَى الحبلَ والوَتر: جعل
بعض قُواه أَغلظ من بعض. وفي حديث ابن الديلمي: يُنْقَضُ الإِسلامُ
عُرْوَةً عُروة كما يُنْقَضُ الحبلُ قُوَّة قُوَّة. والمُقْوِي: الذي يُقَوِّي
وتره، وذلك إِذا لم يُجد غارَته فتراكبت قُواه. ويقال: وتَر مُقْوًى.
أَبو عبيدة: يقال أَقْوَيْتَ حبلَك، وهو حبلٌ مُقْوًى، وهو أَن تُرْخِي
قُوَّة وتُغير قوَّة فلا يلبث الحبل أَن يَتَقَطَّع، ويقال: قُوَّةٌ وقُوَّىً
مثل صُوَّة وصُوًى وهُوَّة وهُوًى، ومنه الإِقواء في الشعر. وفي الحديث:
يذهَب الدِّين سُنَّةً سُنة كما يذهب الحبل قُوَّة قُوَّة.
أَبو عمرو بن العلاء: الإِقْواء أَن تختلف حركات الروي، فبعضه مرفوع
وبعضه منصوب أَو مجرور. أَبو عبيدة: الإِقواء في عيوب الشعر نقصان الحرف من
الفاصلة يعني من عَرُوض البيت، وهو مشتق من قوَّة الحبل، كأَنه نقص
قُوَّة من قُواه وهو مثل القطع في عروض الكامل؛ وهو كقول الربيع بن زياد:
أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مالِك بن زُهَيْرٍ
تَرْجُو النِّساءُ عَواقِبَ الأَطْهار؟فنقَص من عَروضه قُوَّة.
والعَروض: وسط البيت: وقال أَبو عمرو الشيباني: الإِقْواء اختلاف إِعراب
القَوافي؛ وكان يروي بيت الأَعشى:
ما بالُها بالليل زالَ زَوالُها
بالرفع، ويقول: هذا إِقْواء، قال: وهو عند الناس الإِكفاء، وهو اختلاف
إِعراب القَوافي، وقد أَقْوى الشاعر إِقْواء، ابن سيده: أَقْوَى في الشعر
خالفَ بين قَوافِيه، قال: هذا قول أَهل اللغة. وقال الأَخفش: الإِقْواء
رفع بيت وجرّ آخر نحو قول الشاعر:
لا بَأْسَ بالقَوْمِ من طُولٍ ومن عِظَمٍ،
جِسْمُ البِغال وأَحْلامُ العَصافيرِ
ثم قال:
كأَنهم قَصَبٌ، جُوفٌ أَسافِلُه،
مُثَقَّبٌ نَفَخَتْ فيه الأَعاصيرُ
قال: وقد سمعت هذا من العرب كثيراً لا أُحصي، وقَلَّت قصيدة ينشدونها
إِلا وفيها إِقْواء ثم لا يستنكِرونه لأَنه لا يكسر الشعر، وأَيضاً فإِن كل
بيت منها كأَنه شعر على حِياله. قال ابن جني: أَما سَمْعُه الإِقواء عن
العرب فبحيث لا يُرتاب به لكن ذلك في اجتماع الرفع مع الجرّ، فأَما
مخالطة النصب لواحد منهما فقليل، وذلك لمفارقة الأَلف الياء والواو ومشابهة كل
واحدة منهما جميعاً أُختها؛ فمن ذلك قول الحرث بن حلزة:
فَمَلَكْنا بذلك الناسَ، حتى
مَلَكَ المُنْذِرُ بنُ ماءِ السَّماء
مع قوله:
آذَنَتْنا بِبَيْنِها أَسْماءُ،
رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنْه الثَّواءُ
وقال آخر أَنشده أَبو عليّ:
رَأَيْتُكِ لا تُغْنِينَ عَنِّى نَقْرََةً،
إِذا اخْتَلَفَت فيَّ الهَراوَى الدَّمامِكْ
ويروى: الدَّمالِكُ.
فأَشْهَدُ لا آتِيكِ ما دامَ تَنْضُبٌ
بأَرْضِكِ، أَو صُلْبُ العَصا مِن رِجالِكِ
ومعنى هذا أَن رجلاً واعدته امرأَة فعَثر عليها أَهلُها فضربوه
بالعِصِيّ فقال هذين البيتين، ومثل هذا كثير، فأَما دخول النصب مع أَحدهما فقليل؛
من ذلك ما أَنشده أَبو عليّ:
فَيَحْيَى كان أَحْسَنَ مِنْكَ وَجْهاً،
وأَحْسَنَ في المُعَصْفَرَةِ ارْتِداآ
ثم قال:
وفي قَلْبي على يَحْيَى البَلاء
قال ابن جني: وقال أَعرابي لأَمدحنّ فلاناً ولأهجونه وليُعْطِيَنِّي،
فقال:
يا أَمْرَسَ الناسِ إِذا مَرَّسْتَه،
وأَضْرَسَ الناسِ إِذا ضَرَّسْتَه
(* قوله« يا أمرس الناس إلخ» كذا بالأصل.)
وأَفْقَسَ الناسِ إِذا فَقَّسْتَه،
كالهِنْدُوَانِيِّ إِذا شَمَّسْتَه
وقال رجل من بني ربيعة لرجل وهبه شاة جَماداً:
أَلم تَرَني رَدَدْت على ابن بَكْرٍ
مَنِيحَتَه فَعَجَّلت الأَداآ
فقلتُ لِشاتِه لمَّا أَتَتْني:
رَماكِ اللهُ من شاةٍ بداءِ
وقال العلاء بن المِنهال الغَنَوِيّ في شريك بن عبد الله النخعي:
لَيتَ أَبا شَرِيكٍ كان حَيّاً،
فَيُقْصِرَ حِينَ يُبْصِرُه شَرِيكُ
ويَتْرُكَ مِنْ تَدَرُّئِه علينا،
إِذا قُلنا له: هذا أَبْوكا
وقال آخر:
لا تَنْكِحَنَّ عَجُوزاً أَو مُطَلَّقةً،
ولا يسُوقَنَّها في حَبْلِك القَدَرُ
أَراد ولا يسُوقَنَّها صَيْداً في حَبْلِك أَو جَنيبة لحبلك.
وإِنْ أَتَوْكَ وقالوا: إنها نَصَفٌ،
فإِنَّ أَطْيَبَ نِصْفَيها الذي غَبَرا
وقال القُحَيف العُقَيْلي:
أَتاني بالعَقِيقِ دُعاءُ كَعْبٍ،
فَحَنَّ النَّبعُ والأَسَلُ النِّهالُ
وجاءَتْ مِن أَباطِحها قُرَيْشٌ،
كَسَيْلِ أَتِيِّ بيشةَ حين سالاَ
وقال آخر:
وإِني بحَمْدِ اللهِ لا واهِنُ القُوَى،
ولم يَكُ قَوْمِي قَوْمَ سُوءٍ فأَخْشعا
وإِني بحَمْدِ اللهِ لا ثَوْبَ عاجِزٍ
لَبِسْتُ، ولا من غَدْرةٍ أَتَقَنَّعُ
ومن ذلك ما أَنشده ابن الأَعرابي:
قد أَرْسَلُوني في الكَواعِبِ راعِياً،
فَقَدْ، وأَبي راعِي الكواعِبِ، أَفْرِسُ
أَتَتْه ذِئابٌ لا يُبالِينَ راعِياً،
وكُنَّ سَواماً تَشْتَهِي أَن تُفَرَّسا
وأَنشد ابن الأَعرابي أَيضاً:
عَشَّيْتُ جابانَ حتى اسْتَدَّ مَغْرِضُه،
وكادَ يَهْلِكُ لولا أَنه اطَّافا
قُولا لجابانَ: فَلْيَلْحَقْ بِطِيَّته،
نَوْمُ الضُّحَى بعدَ نَوْمِ الليلِ إِسْرافُ
وأَنشد ابن الأَعرابي أَيضاً:
أَلا يا خيْزَ يا ابْنَةَ يَثْرُدانٍ،
أَبَى الحُلْقُومُ بَعْدكِ لا يَنام
ويروى: أُثْردانٍ.
وبَرْقٌ للعَصِيدةِ لاحَ وَهْناً،
كما شَقَّقْتَ في القِدْر السَّناما
وقال: وكل هذه الأَبيات قد أَنشدنا كل بيت منها في موضعه. قال ابن جني:
وفي الجملة إِنَّ الإِقواء وإِن كان عَيباً لاختلاف الصوت به فإِنه قد
كثر، قال:
واحتج الأَخفش لذلك بأَن كل بيت شعر برأْسه وأَنَّ الإِقواء لا يكسر
الوزن؛ قال: وزادني أَبو علي في ذلك فقال إِن حرف الوصل يزول في كثير من
الإِنشاد نحو قوله:
قِفا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِل
وقوله:
سُقِيتِ الغَيْثَ أَيَّتُها الخِيام
وقوله:
كانت مُبارَكَةً مِن الأَيَّام
فلما كان حرف الوصل غير لازم لأَن الوقف يُزيله لم يُحْفَل باختلافه،
ولأَجل ذلك ما قلَّ الإِقواء عنهم مع هاء الوصل، أَلا ترى أَنه لا يمكن
الوقوف دون هاء الوصل كما يمكن الوقوف على لام منزل ونحوه؟ فلهذا قل جدّاً
نحو قول الأعشى:
ما بالُها بالليلِ زال زوالُها
فيمن رفع. قال الأَخفش: قد سمعت بعض العرب يجعل الإِقواء سِناداً؛ وقال
الشاعر:
فيه سِنادٌ وإِقْواءٌ وتَحْرِيدُ
قال: فجعل الإِقواء غير السناد كأَنه ذهب بذلك إِلى تضعيف قول من جعل
الإِقواء سناداً من العرب وجعله عيباً. قال: وللنابغة في هذا خبر مشهور،
وقد عيب قوله في الداليَّة المجرورة:
وبذاك خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسودُ
فعِيب عليه ذلك فلم يفهمه، فلما لم يفهمه أُتي بمغنية فغنته:
مِن آلِ مَيّةَ رائحٌ أَو مُغْتَدِي
ومدّت الوصل وأَشبعته ثم قالت:
وبذاك خَبَّرنا الغُدافُ الأَسودُ
ومَطَلَت واو الوصل، فلما أَحسَّه عرفه واعتذر منه وغيَّره فيما يقال
إِلى قوله:
وبذاكَ تَنْعابُ الغُرابِ الأَسْودِ
وقال: دَخَلْتُ يَثْرِبَ وفي شعري صَنْعة، ثم خرجت منها وأَنا أَشْعر
العرب.
واقْتَوى الشيءَ: اخْتَصَّه لنفسه. والتَّقاوِي: تزايُد الشركاء.
والقِيُّ: القَفْر من الأَرض، أبدلوا الواو ياء طلباً للخفة، وكسروا
القاف لمجاورتها الياء. والقَواءُ: كالقِيّ، همزته منقلبة عن واو. وأَرض
قَواء وقَوايةٌ؛ الأَخيرة نادرة: قَفْرة لا أَحد فيها. وقال الفراء في قوله
عز وجل: نحن جَعَلْناها تَذْكِرة ومتاعاً للمُقْوِين، يقول: نحن جعلنا
النار تذكرة لجهنم ومتاعاً للمُقْوِين، يقول: منفعةً للمُسافرين إِذا نزلوا
بالأَرض القِيّ وهي القفر. وقال أَبو عبيد: المُقْوِي الذي لا زاد معه،
يقال: أَقْوَى الرجل إِذا نَفِد زاده. وروى أَبو إسحق: المُقْوِي الذي
ينزل بالقَواء وهي الأَرض الخالية. أَبو عمرو: القَواية الأَرض التي لم
تُمْطَر. وقد قَوِيَ المطر يَقْوَى إِذا احْتبس، وإنما لم يدغم قَوِيَ
وأُدغمت قِيٌّ لاختلاف الحرفين، وهما متحركان، وأُدغمت في قولك لوَيْتُ لَيّاً
وأَصله لَوْياً، مع اختلافهما، لأَن الأُولى منهما ساكنة، قَلَبْتَها
ياء وأَدغمت. والقَواء، بالفتح: الأَرض التي لم تمطر بين أَرضين
مَمطورتَين. شمر: قال بعضهم بلد مُقْوٍ إِذا لم يكن فيه مطر، وبلد قاوٍ ليس به
أَحد. ابن شميل: المُقْوِيةُ الأَرض التي لم يصبها مطر وليس بها كلأٌ، ولا
يقال لها مُقْوِية وبها يَبْسٌ من يَبْسِ عام أَوَّل. والمُقْوِية:
المَلْساء التي ليس بها شيء مثل إِقْواء القوم إِذا نَفِد طعامهم؛ وأَنشد شمر
لأَبي الصوف الطائي:
لا تَكْسَعَنّ بَعْدَها بالأَغبار
رِسْلاً، وإن خِفْتَ تَقاوِي الأَمْطار
قال: والتَّقاوِي قِلَّته. وسنة قاويةٌ: قليلة الأَمطار. ابن الأَعرابي:
أَقْوَى إِذا اسْتَغْنَى، وأَقْوى إِذا افتقَرَ، وأَقْوَى القومُ إِذا
وقعوا في قِيٍّ من الأَرض. والقِيُّ: المُسْتَوِية المَلْساء، وهي
الخَوِيَّةُ أَيضاً. وأَقْوَى الرجلُ إِذا نزل بالقفر. والقِيُّ: القفر؛ قال
العجاج:
وبَلْدَةٍ نِياطُها نَطِيُّ،
قِيٌّ تُناصِيها بلادٌ قِيُّ
وكذلك القَوا والقَواء، بالمد والقصر. ومنزل قَواء: لا أَنِيسَ به؛ قال
جرير:
أَلا حَيِّيا الرَّبْعَ القَواء وسَلِّما،
ورَبْعاً كجُثْمانِ الحَمامةِ أَدْهَما
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وبي رُخِّصَ لكم في صَعِيدِ الأَقْواءِ؛
الأَقْواءُ: جمع قَواء وهو القفر الخالي من الأَرض، تريد أَنها كانت سبب
رُخصة التيمم لما ضاع عِقْدُها في السفر وطلبوه فأَصبحوا وليس معهم ماء
فنزلت آية التيمم، والصَّعِيدُ: التراب. ودارٌ قَواء: خَلاء، وقد
قَوِيَتْ وأَقْوَتْ. أَبو عبيدة: قَوِيَت الدار قَواً، مقصور، وأَقْوَتْ إِقواءً
إِذا أَقْفَرت وخَلَتْ. الفراء: أَرض قِيٌّ وقد قَوِيَتْ وأَقْوَتْ
قَوايةً وقَواً وقَواء. وفي حديث سَلْمان: مَن صَلَّى بأَرْض قِيٍّ فأَذَّنَ
وأَقامَ الصلاةَ صلَّى خَلْفَه من الملائكة ما لا يُرَى قُطْرُه، وفي
رواية: ما من مسلم يصلي بِقِيٍّ من الأَرض؛ القيّ، بالكسر والتشديد: فِعْل
من القَواء، وهي الأَرض القَفْر الخالية. وأَرض قَواء: لا أَهل فيها،
والفِعْل أَقْوَت الأَرض وأَقْوَتِ الدار إِذا خلت من أَهلها، واشتقاقه من
القَواء. وأَقْوَى القومُ: نزلوا في القَواء. الجوهري: وبات فلان القَواء،
وبات القَفْر إِذا بات جائعاً على غير طُعْم؛ وقال حاتم طيِّء:
وإِني لأَختارُ القَوا طاوِيَ الحَشَى،
مُحافَظَــةً مِنْ أَنْ يُقالَ لَئِيمُ
ابن بري: وحكى ابن ولاد عن الفراء قَواً مأْخوذ من القِيِّ، وأَنشد بيت
حاتم؛ قال المهلبي: لا معنى للأَرض ههنا، وإِنما القَوَا ههنا بمعنى
الطَّوَى. وأَقْوى الرجل: نَفِدَ طعامه وفَنِي زاده؛ ومنه قوله تعالى:
ومتاعاً للمُقْوِين. وفي حديث سرية عبد الله بن جَحش: قال له المسلمون إِنَّا
قد أَقْوَيْنا فأَعْطِنا من الغنيمة أَي نَفِدَت أَزْوادنا، وهو أَن يبقى
مِزْوَدُه قَواء أَي خالياً؛ ومنه حديث الخُدْرِي في سَرِيَّةِ بني
فَزارةَ: إِني قد أَقْوَيْت مُنْذُ ثلاث فخِفْت أَن يَحْطِمَني الجُوع؛ ومنه
حديث الدعاء: وإِنَّ مَعادِن إِحسانك لا تَقْوَى أَي لا تَخْلُو من
الجوهر، يريد به العطاء والإِفْضال. وأَقْوَى الرجل وأَقْفَرَ وأَرْمَلَ إِذا
كان بأَرض قَفْرٍ ليس معه زاد. وأَقْوَى إِذا جاعَ فلم يكن معه شيء، وإِن
كان في بيته وسْطَ قومه. الأَصمعي: القَواء القَفْر، والقِيُّ من
القَواء فعل منه مأْخوذ؛ قال أَبو عبيد: كان ينبغي أَن يكون قُوْيٌ، فلما جاءت
الياء كسرت القاف. وتقول: اشترى الشركاء شيئاً ثم اقْتَوَوْه أَي تزايدوه
حتى بلغ غاية ثمنه. وفي حديث ابن سيرين: لم يكن يرى بأْساً بالشُّركاء
يتَقاوَوْنَ المتاع بينهم فيمن يزيد؛ التَّقاوِي بين الشركاء: أَن يشتروا
سلعة رخيصة ثم يتزايدوا بينهم حتى يَبْلُغوا غاية ثمنها. يقال: بيني وبين
فلان ثوب فتَقاوَيْناه أَي أَعطيته به ثمناً فأَخذته أَو أَعطاني به
ثمناً فأَخذه. وفي حديث عطاء: سأَل عُبَيْدَ اللهِ بنَ عبد الله بنِ عُتْبةَ
عن امرأَة كان زوجها مملوكاً فاشترته، فقال: إِنِ اقْتَوَتْه فُرّق
بينهما وإن أَعتقته فهما على نكاحهما أَي إِن اسْتخْدمَتْه، من القَتْوِ
الخِدمةِ، وقد ذكر في موضعه من قَتا؛ قال الزمخشري: هو افْعَلَّ من القَتْوِ
الخِدمةِ كارْعَوَى من الرَّعْوَى، قال: إِلا أَن فيه نظراً لأَن
افْعَلَّ لم يَجئْ متعَدِّياً، قال: والذي سمعته اقْتَوَى إِذا صار خادماً،
قال: ويجوز أَن يكون معناه افْتَعَل من القْتواء بمعنى الاستخلاص، فكَنى به
عن الاستخدام لأَن من اقتوى عبداً لا بُدَّ أَن يستخدمه، قال: والمشهور
عن أَئمة الفقه أَن المرأَة إِذا اشترت زوجها حرمت عليه من غير اشتراط
خدمة، قال: ولعل هذا شيء اختص به عبيد الله. وروي عن مسروق أَنه أَوصى في
جارية له: أَن قُولوا لِبَنِيَّ لا تَقْتَوُوها بينكم ولكن بيعوها، إِني لم
أَغْشَها ولكني جلست منها مجلِساً ما أُحِبُّ أَن يَجلِس ولد لي ذلك
المَجْلِس، قال أَبو زيد: يقال إِذا كان الغلام أَو الجارية أَو الدابة أَو
الدار أَو السلعة بين الرجلين فقد يَتَقاوَيانِها، وذلك إِذا قوّماها
فقامت على ثمن، فهما في التَّقاوِي سواء، فإِذا اشتراها أَحدُهما فهو
المُقْتَوِي دون صاحبه فلا يكون اقْتِواؤهما وهي بينهما إِلا أَن تكون بين
ثلاثة فأَقول للاثنين من الثلاثة إِذا اشتريا نصيب الثالث اقْتَوَياها
وأَقْواهما البائع إِقْواء. والمُقْوِي: البائع الذي باع، ولا يكون الإِقْواء
إِلا من البائع، ولا التَّقاوِي إِلا من الشركاء، ولا الاقتواء إِلا ممن
يشتري من الشركاء، والذي يباع من العبد أَو الجارية أَو الدابة من
اللَّذَيْنِ تَقاويا، فأَما في غير الشركاء فليس اقْتِواء ولا تَقاوٍ ولا
إِقْواء. قال ابن بري: لا يكون الاقْتِواء في السلعة إِلا بين الشركاء، قيل
أَصله من القُوَّة لأَنه بلوغ بالسلعة أَقْوَى ثمنها؛ قال شمر: ويروى بيت
ابن كلثوم:
مَتى كُنَّا لأُمِّكَ مُقْتَوِينا
أَي متى اقْتَوَتْنا أُمُّك فاشترتنا. وقال ابن شميل: كان بيني وبين
فلان ثوب فَتَقاوَيْناه بيننا أَي أَعطيته ثمناً وأَعطاني به هو فأَخذه
أَحدنا. وقد اقْتَوَيْت منه الغلام الذي كان بيننا أَي اشتريت منه نصيبه.
وقال الأَسدي: القاوِي الآخذ، يقال: قاوِه أَي أَعْطِه نصيبه؛ قال
النَّظَّارُ الأَسدي:
ويومَ النِّسارِ ويَوْمَ الجِفا
رِ كانُوا لَنا مُقْتَوِي المُقْتَوِينا
التهذيب: والعرب تقول للسُّقاة إِذا كَرَعوا في دَلْوٍ مَلآنَ ماء
فشربوا ماءه قد تَقاوَوْه، وقد تقاوَينا الدَّلْو تَقاوِياً.
الأَصمعي: من أَمثالهم انقَطَع قُوَيٌّ من قاوِيةٍ إِذا انقطع ما بين
الرجلين أَو وجَبت بَيْعَةٌ لا تُسْتقال؛ قال أَبو منصور: والقاويةُ هي
البيضة، سميت قاوِيةً لأَنها قَوِيَتْ عن فَرْخها. والقُوَيُّ: الفَرْخ
الصغير، تصغير قاوٍ، سمي قُوَيّاً لأَنه زايل البيضة فَقَوِيَتْ عنه وقَوِيَ
عنها أَي خَلا وخَلَتْ، ومثله: انْقَضَتْ قائبةٌ من قُوبٍ؛ أَبو عمرو:
القائبةُ والقاوِيةُ البيضة، فإِذا ثقبها الفرخ فخرج فهو القُوبُ
والقُوَيُّ، قال: والعرب تقول للدَّنيءِ قُوَيٌّ من قاوِية.
وقُوَّةُ: اسم رجل. وقَوٌّ: موضع، وقيل: موضع بين فَيْدٍ والنِّباج؛
وقال امْرُؤ القَيْس:
سَما لَكَ شَوْقٌ بعدَ ما كان أَقْصَرا،
وحَلَّتْ سُلَيْمَى بطنَ قَوٍّ فعَرْعَرا
والقَوقاةُ: صوت الدجاجة. وقَوْقَيْتُ: مثل ضَوْضَيْتُ. ابن سيده:
قَوْقَتِ الدجاجة تُقَوْقي قيقاءً وقَوْقاةً صوّتت عند البيض، فهي مُقَوْقِيةٌ
أَي صاحت، مثل دَهْدَيْتُ الحجر دِهْداء ودَهْداةً، على فَعْلَلَ
فَعَللة وفِعْلالاً، والياء مبدلة من واو لأَنها بمنزلة ضَعْضَعْت كرّر فيه
الفاء والعين؛ قال ابن سيده: وربما استعمل في الديك؛ وحكاه السيرافي في
الإِنسان، وبعضهم يهمز فيبدل الهمزة من الواو المُتوهَّمة فيقول قَوْقَأَت
الدجاجة. ابن الأَعرابي: القِيقاءة والقِيقايةُ، لغتان: مشْرَبَة
كالتَّلْتلةِ؛ وأَنشد:
وشُرْبٌ بِقِيقاةٍ وأَنتَ بَغِيرُ
(* قوله« وشرب» هذا هو الصواب كما في التهذيب هنا وفي مادة بغر، وتصحف
في ب غ ر من اللسان بسرت خطأ.)
قصره الشاعر. والقِيقاءة: القاعُ المستديرة في صلابة من الأَرض إِلى
جانب سهل، ومنهم من يقول قِيقاةٌ؛ قال رؤبة:
إِذا جَرَى، من آلِها الرَّقْراقِ،
رَيْقٌ وضَحْضاحٌ على القَياقي
والقِيقاءة: الأَرض الغَليظة؛ وقوله:
وخَبَّ أَعْرافُ السَّفى على القِيَقْ
كأَنه جمع قِيقةٍ، وإِنما هي قِيقاة فحذفت ألفها، قال: ومن قال هي قِيقة
وجمعها قَياقٍ، كما في بيت رؤبة، كان له مخرج.
رقد: الرُّقاد: النَّوْم. والرَّقْدَة: النومة. وفي التهذيب عن الليث:
الرُّقود النوم بالليل، والرُّقادُ: النوم بالنهار؛ قال الأَزهري:
الرُّقاد والرُّقُود يكون بالليل والنهار عند العرب؛ ومنه قوله تعالى: قالوا يا
ويلنا من بعثنا من مَرْقدِنا؛ هذا قول الكفار إِذا بعثوا يوم القيامة
وانقطع الكلام عند قوله من مرقدنا، ثم قالت لهم الملائكة: هذا ما وعَد
الرحمنُ، ويجوز أَن يكون هذا من صفة المَرْقَد، وتقول الملائكة: حق ما وعَد
الرحمن؛ ويحتمل أَن يكون المَرْقَد مصدراً، ويحتمل أَن يكون موضعاً وهو
القبر، والنوم أَخو الموت.
ورَقَدَ يَرْقُدُ رَقْداً ورُقُوداً ورُقاداً: نام. وقوم رُقُود أَي
رُقَّد. والمَرْقَد، بالفتح: المضجع. وأَرْقَدَهُ: أَنامه. والرَّقُود
والمِرْقِدَّى: الدائم الرُّقاد؛ أَنشد ثعلب:
ولقد رَقَيْتَ كِلابَ أَهلِكَ بالرُّقَى،
حتى تَرَكْتَ عَقُورَهُنَّ رَقُودا
ورجل مِرْقِدَّى مثل مِرْعِزَّى أَي يَرْقَدُّ في أُموره.
والمُرْقِدُ: شيء يُشرب فينوِّم مَن شربه ويُرْقِدُه.
والرَّقْدَة: هَمْدة ما بين الدنيا والآخرة. ورَقَدَ الحَرُّ: سكن.
والرَّقْدَة: أَن يصيبك الحرّ بعد أَيام ريح وانكسار من الوَهَج.
ورَقَدَ الثوبُ رَقْداً ورُقاداً: أَخلق. وحكى الفارسي عن ثعلب:
رَقَدَتِ السوقُ كَسَدت، وهو كقولهم في هذا المعنى نامت. وأَرْقَد بالمكان:
أَقام به. ابن الأَعرابي: أَرْقَدَ الرجل بأَرض كذا إِرْقاداً إِذا أَقام
بها. والارقِدادُ والارْمِدادُ: السير، وكذلك الإِغْذاذُ. ابن سيده:
الارقداد سرعة السير؛ تقول منه: ارْقَدَّ ارْقِداداً أَي أَسرع؛ وقيل: الارقداد
عدو الناقِزِ كأَنه نَفَرَ من شيء فهو يَرْقَدُّ. يقال: أَتيتك
مُرْقَدّاً؛ وقيل: هو أَن يذهب على وجهه؛ قال العجاج يصف ثوراً:
فظلَّ يَرْقَدُّ من النَّشاط،
كالبَرْبَريّ لَجَّ في انخِراط
وقول ذي الرمة يصف ظليماً:
يَرْقَدُّ في ظِلِّ عَرَّاصٍ، ويَتْبَعُه
حَفِيفُ نافجَة، عُثْنُونها حَصِب
يرقدّ: يسرع في عدوه؛ قال ابن سيده: وروي عن الأَصمعي المُرْقِدُ مخفف،
قال: ولا أَدري كيف هو.
والراقُودُ: دَنٌّ طويل الأَسفل كهيئة الإِرْدَبَّة يُسَيَّع داخله
بالقار، والجمع الرواقيد معرَّب، وقال ابن دريد: لا أَحسبه عربيّاً. وفي حديث
عائشة: لا يشرب في راقود ولا جرَّة؛ الراقُود: إِناءُ خزف مستطيل
مقيَّر، والنهي عنه كالنهي عن الشرب في الحناتم والجرار المقيرة.
ورُقاد والرُّقاد: اسم رجل؛ قال:
أَلا قُلْ للأَمير: جُزِيتَ خيراً
أَجِرْنا من عُبَيدةَ والرُّقادِ
ورَقْد: موضع، وقيل: واد في بلاد قيس، وقيل: جبل وراء إِمَّرَةَ في بلاد
بني أَسد؛ قال ابن مقبل:
وأَظْهَرَ في عِلانِ رَقْدٍ، وسَيْلُه
عَلاجِيمُ، لا ضَحْلٌ ولا مُتَضَحْضِحُ
وقيل: هو جبل تنحت منه الأَرْحِية؛ قال ذو الرمة يصف كِرْكِرَة البعير
ومَنْسِمَه:
تَفُضُّ الحَصَى عن مُجْمِرات وَقِيعِه،
كَأَرْحاءِ رَقْدٍ، زَلَّمَتْها المَناقِرُ
قال ابن بري: إِنما وصف ذو الرمة مناسم الإِبل لا كركرة البعير كما ذكر
الجوهري. وتَفُضُّ: تفرّق أَي تفرق الحصى عن مناسمها. والمجمرات:
المجتمعات الشديدات. وزَلَّمَتها المناقر: أَخَذت من حافاتها. والرُّقادُ: بطن
من جَعْدة؛ قال:
مُحافَظَــةً على حَسَبي، وأَرْعَى
مَساعِي آلِ ورْدٍ والرُّقاد
ربط: رَبَطَ الشيءَ يَرْبِطُه ويَرْبُطُه رَبْطاً، فهو مَرْبُوطٌ
ورَبِيطٌ: شدَّه. والرِّباطُ: ما رُبِطَ به، والجمع رُبُطٌ، وربَط الدابةَ
يربِطُها ويربُطُها رَبْطاً وارْتَبَطَها. وفلان يرتَبِطُ كذا رأْساً من
الدوابّ، ودابَّةٌ رَبِيطٌ: مَربوطة.
والمِرْبَطُ والمِرْبَطةُ: ما ربَطها به. والمَرْبِطُ والمَرْبَطُ: موضع
رَبْطها، وهو من الظروف المخصوصة، ولا يَجْرِي مَجْرى مَنْزِلةَ الولد
ومَناطَ الثُّرَيّا، لا تقول هو مني مَرْبَطَ الفرس، قال ابن بري: فمن قال
في المستقبل أَرْبِطُ، بالكسر، قال في اسم المكان المَرْبِطُ، بالكسر،
ومن قال أَربُط، بالضم، قال في اسم المكان مَرْبَطاً، بالفتح. ويقال: ليس
له مَرْبِطُ عَنْزٍ. والمِرْبَطةُ من الرَّحْل: نِسْعةٌ لطيفة تشدّ فوق
الحَشِيَّةِ. والرَّبِيطُ: ما ارْتُبِط من الدوابّ.
ويقال: نِعم الرَّبِيطُ هذا لما يُرْتَبَطُ من الخيل. ويقال: لفلان
رِباطٌ من الخيل كما تقول تِلادٌ، وهو أَصلُ خيلِه. وقد خَلَّف فلان
بالثَّغْر خيلاً رابِطةً، وببلد كذا رابِطةٌ من الخيل. ورِباطُ الخيلِ:
مُرابَطَتُها.
والرِّباطُ من الخيل: الخمسةُ فما فوقها؛ قال بُشَير ابن أَبي حمام
العَبْسِيّ:
وإِنَّ الرِّباطَ النُّكْدَ من آلِ داحِسٍ
أَبَيْنَ، فما يُفْلِحْن دُونَ رِهانِ
(* قوله «دون رهان» في الصحاح: يوم رهان.)
والرِّباطُ والمُرابَطةُ: مُلازمةُ ثَغْرِ العَدُوِّ، وأَصله أَن
يَرْبِطَ كلُّ واحد من الفَريقين خيلَه، ثم صار لزومُ الثَّغْرِ رِباطاً، وربما
سميت الخيلُ أَنفُسها رِباطاً. والرِّباطُ: المُواظَبةُ على الأَمر. قال
الفارسي: هو ثانٍ من لزومِ الثغر، ولزومُ الثغْر ثانٍ من رِباط الخيل.
وقوله عزَّ وجلَّ: وصابِرُوا ورابِطُوا؛ قيل: معناه حافِظُوا، وقيل:
واظِبُوا على مَواقِيت الصلاة. وفي الحديث عن أَبي هريرة: أَن رسول اللّه،
صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: أَلا أَدُلُّكم على ما يَمْحو اللّهُ به
الخَطايا ويَرْفَعُ به الدرجاتِ؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: إِسْباغُ
الوُضوءِ على المَكارِه، وكثرةُ الخُطى إِلى المساجِد، وانْتِظارُ الصلاةِ
بعد الصلاة، فذلِكم الرِّباطُ؛ الرِّباطُ في الأَصل: الإِقامةُ على جِهادِ
العدوِّ بالحرب، وارتِباطُ الخيل وإِعْدادُها، فشبَّه ما ذكر من الأَفعال
الصالحة به. قال القتيبيّ: أَصل المُرابَطةِ أَن يَرْبطَ الفَرِيقانِ
خيولها في ثَغْرٍ كلٌّ منهما مُعِدّ لصاحبه، فسمي المُقامُ في الثُّغور
رِباطاً؛ ومنه قوله: فذلكم الرِّباطُ أَي أَنَّ المُواظبةَ على الطهارة
والصلاة كالجهاد في سبيل اللّه، فيكون الرِّباطُ مصدرَ رابطْتُ أَي لازمت،
وقيل: هو ههنا اسم لما يُرْبَطُ به الشيء أَي يُشَدُّ، يعني أَنَّ هذه
الخِلال تَرْبِطُ صاحبها عن المعاصي وتكفُّه عن المحارم. وفي الحديث: أَنَّ
رَبِيطَ بني إِسرائيل قال: زَيْنُ الحَكيِم الصمْتُ أَي زاهِدهم وحكِيمهم
الذي يَرْبُطُ نفسه عن الدنيا أَي يَشُدُّها ويمنَعُها. وفي حديث عديّ:
قال الشعبي وكان لنا جاراً ورَبيطاً بالنهْرَيْنِ؛ ومنه حديث ابن
الأَكواع: فَرَبَطْتُ عليه أَسْتَبْقِي نفْسِي أَي تأَخرت عنه كأَنه حبَس نفْسَه
وشدّها. قال الأَزهري: أَراد النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم،بقوله فذلكم
الرِّباطُ، قوله عزّ وجل: يا أَيها الذين آمنوا اصْبِرُوا وصابِرُا
ورابِطُوا؛ وجاءَ في تفسيره: اصبروا على دِينكم وصابروا عدوَّكم ورابطوا أَي
أَقيموا على جهاده بالحرب. قال الأَزهري: وأَصل الرِّباط من مَرابِطِ الخيل
وهو ارْتِباطُها بِإِزاء العدوّ في بعض الثغورِ، والعرب تسمي الخيل إِذا
رُبطت بالأَفنية وعُلِفَتْ: رُبُطاً، واحدها رَبيطٌ، ويجمع الرُّبُطُ
رِباطاً، وهو جمع الجمع، قال اللّه تعالى: ومن رِباطِ الخيل تُرهبون به
عَدُوَّ اللّه وعدوَّكم؛ قال الفرّاء في قوله ومن رباط الخيل، قال: يريد
الإِناث من الخيل، وقال: الرِّباطُ مُرابَطةُ العدوِّ وملازَمةُ الثغر،
والرجلُ مُرابِطٌ. والمُرابِطاتُ: جماعات الخيول التي رابَطَت. ويقال:
ترَابَط الماءُ في مكان كذا وكذا إِذا لم يبرحْه ولم يخرج منه فهو ماءٌ
مُترابِطٌ أَي دائمٌ لا يَنْزَحُ؛ قال الشاعر يصف سحاباً:
تَرَى الماء منه مُلْتقٍ مُترابِطٌ
ومُنْحَدِرٌ، ضاقَتْ به الأَرضُ، سائحُ
والرِّباطُ: الفُؤَاد كأَنَّ الجسم رُبِطَ به. ورجل رابِطُ الجَأْشِ
ورَبِيطُ الجأْشِ أََي شديد القلب كأَنه يرْبُط نفْسَه عن الفِرار يكُفُّها
بجُرْأَته وشَجاعته. وربَطَ جأْشُه رِباطةً: اشتدَّ قلبُه ووَثُقَ
وحَزُمَ فلم يَفِرّ عند الرَّوْعِ؛ وقال العجاج يصف ثوراً وحْشيّاً:
فباتَ وهو ثابتُ الرِّباطِ
أَي ثابِتُ النفْسِ. وربَطَ اللّهُ على قلبِه بالصبرِ أَي أَلهَمه
الصبْرَ وشدَّه وقَوّاه. ونَفَسٌ رابِطٌ: واسِعٌ أَريضٌ، وحكى ابن الأَعْرابي
عن بعض العرب أَنه قال: اللهم اغْفِر لي والجِلْدُ بارِدٌ والنفْسُ
رابِطٌ والصُّحُفُ منتَشِرة والتوْبةُ مقبولةٌ، يعني في صحَّته قبل الحِمام،
وذكَّر النفْسَ حَملاً على الرُّوحِ، وإِن شئت على النسب.
والرَّبِيطُ: التمر اليابسُ يوضع في الجِرابِ ثم يُصَبُّ عليه الماء.
والرَّبيطُ: البُسْرُ المَوْدونُ. وارتَبَطَ في الحَبْل: نَشِبَ؛ عن
اللحياني. والرَّبِيطُ: الذاهب؛ عن الزجّاجي، فكأَنه ضدّ، وقيل: الرَّبِيطُ
الرّاهِبُ.
والرِّباطُ: ما تُشَدُّ به القِرْبةُ والدابةُ وغيرهما، والجمع رُبُطٌ؛
قال الأَخطل:
مِثل الدَّعامِيصِ في الأَرْحامِ عائرة،
سُدَّ الخَصاصُ عليها، فهْو مَسْدُودُ
تموتُ طَوْراً، وتَحْيا في أَسِرَّتِها،
كما تُقَلَّبُ في الرُّبْطِ المَراوِيدُ
والأَصل في رُبْطٍ: رُبُطٌ ككتاب وكُتب، والإِسكان جائز على جهة
التخفيف. وقطَع الظبْيُ رِباطَه أَي حِبالَتَه إِذا انْصَرف مَجْهوداً. ويقال:
جاء فلان وقد قرَض رِباطَه. والرِّباطُ: واحد الرِّباطاتِ المبْنِيّةِ.
والرَّبِيطُ: لقَبُ الغَوْثِ بن مُرَّة
(* قوله «ابن مرة» في القاموس: ابن
مر، بدون هاء تأْنيث، قال شارحه: ووقع في الصحاح مرة، وهو وهم.).
رجع: رَجَع يَرْجِع رَجْعاً ورُجُوعاً ورُجْعَى ورُجْعاناً ومَرْجِعاً
ومَرْجِعةً: انصرف. وفي التنزيل: إِن إِلى ربك الرُّجْعى، أَي الرُّجوعَ
والمَرجِعَ، مصدر على فُعْلى؛ وفيه: إِلى الله مَرْجِعُكم جميعاً، أَي
رُجُوعكم؛ حكاه سيبويه فيما جاء من المصادر التي من فَعَلَ يَفْعِل على
مَفْعِل، بالكسر، ولا يجوز أَن يكون ههنا اسمَ المكان لأَنه قد تعدَّى بإِلى،
وانتصبت عنه الحالُ، واسم المكان لا يتعدَّى بحرف ولا تنتصب عنه الحال
إِلا أَنّ جُملة الباب في فَعَلَ يَفْعِل أَن يكون المصدر على مَفْعَل،
بفتح العين. وراجَع الشيءَ ورَجع إِليه؛ عن ابن جني، ورَجَعْته أَرْجِعه
رَجْعاً ومَرْجِعاً ومَرْجَعاً وأَرْجَعْتُه، في لغة هذيل، قال: وحكى أَبو
زيد عن الضََّّبِّيين أَنهم قرؤُوا: أَفلا يرون أَن لا يُرْجِع إِليهم
قولاً، وقوله عز وجل: قال رب ارْجِعُونِ لعلّي أَعمل صالحاً؛ يعني العبد
إِذا بعث يوم القيامة وأَبصر وعرف ما كان ينكره في الدنيا يقول لربه:
ارْجِعونِ أَي رُدُّوني إِلى الدنيا، وقوله ارجعون واقع ههنا ويكون لازماً
كقوله تعالى: ولما رَجَع موسى إِلى قومه؛ ومصدره لازماً الرُّجُوعُ، ومصدره
واقعاً الرَّجْع. يقال: رَجَعْته رَجْعاً فرجَع رُجُوعاً يستوي فيه لفظ
اللازم والواقع.
وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: من كان له مال يُبَلِّغه حَجَّ بيتِ
الله أَو تَجِب عليه فيه زكاة فلم يفعل سأَل الرَّجعةَ عند الموت أَي
سأَل أَن يُرَدّ إِلى الدنيا ليُحْسن العمل ويَسْتَدْرِك ما فات.
والرَّجْعةُ: مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم، ومذهب طائفة من فِرَق
المسلمين من أَُولي البِدَع والأَهْواء، يقولون: إِن الميت يَرْجِعُ إِلى
الدنيا ويكون فيها حيّاً كما كان، ومن جملتهم طائفة من الرَّافضة يقولون:
إِنَّ عليّ بن أَبي طالب، كرم الله وجهه، مُسْتتِر في السحاب فلا يخرج مع
من خرج من ولده حتى ينادِيَ مُنادٍ من السماء: اخرج مع فلان، قال: ويشهد
لهذا المذهب السوء قوله تعالى: حتى إِذا جاء أَحدَهم الموتُ قال رب
ارجعون لعلي أَعمل صالحاً فيما تركت؛ يريد الكفار. وقوله تعالى: لعلّهم
يَعْرِفونها إِذا انقلبوا إِلى أَهلهم لعلهم يرجعون، قال: لعلهم يرجعون أَي
يَرُدُّون البِضاعةَ لأَنها ثمن ما اكتالوا وأَنهم لا يأْخذون شيئاً إِلا
بثمنه، وقيل: يرجعون إِلينا إِذا عَلِموا أَنّ ما كِيلَ لهم من الطعام
ثمنه يعني رُدّ إِليهم ثمنه، ويدل على هذا القول قوله: ولما رجعوا إِلى
أَبيهم قالوا يا أَبانا ما نَبْغي هذه بِضاعتنا. وفي الحديث: أَنه نَفَّل في
البَدْأَة الرُّبع وفي الرَّجْعة الثلث؛ أَراد بالرَّجعة عَوْدَ طائفةٍ
من الغُزاة إِلى الغَزْو بعد قُفُولهم فَيُنَفِّلهم الثلث من الغنيمة
لأَنّ نهوضهم بعد القفول أَشق والخطر فيه أَعظم. والرَّجْعة: المرة من
الرجوع. وفي حديث السّحُور: فإِنه يُؤذِّن بليل ليَرْجِعَ قائمَكم ويُوقِظَ
نائمكم؛ القائم: هو الذي يصلي صلاة الليل. ورُجُوعُه عَوْدُه إِلى نومه أَو
قُعُوده عن صلاته إِذا سمع الأَذان، ورَجع فعل قاصر ومتَعَد، تقول:
رَجَعَ زيد ورَجَعْته أَنا، وهو ههنا متعد ليُزاوج يُوقِظ، وقوله تعالى: إِنه
على رَجْعه لقادر؛ قيل: إِنه على رَجْع الماء إِلى الإِحْليل، وقيل إِلى
الصُّلْب، وقيل إِلى صلب الرجل وتَرِيبةِ المرأَة، وقيل على إِعادته
حيّاً بعد موته وبلاه لأَنه المبدئ المُعيد سبحانه وتعالى، وقيل على بَعْث
الإِنسان يوم القيامة، وهذا يُقوّيه: يوم تُبْلى السّرائر؛ أَي قادر على
بعثه يوم القيامة، والله سبحانه أَعلم بما أَراد.
ويقال: أَرجع اللهُ همَّه سُروراً أَي أَبدل همه سروراً. وحكى سيبويه:
رَجَّعه وأَرْجَعه ناقته باعها منه ثم أَعطاه إِياها ليرجع عليها؛ هذه عن
اللحياني. وتَراجَع القومُ: رَجعُوا إِلى مَحَلِّهم.
ورجّع الرجلُ وتَرجَّع: رَدَّدَ صوته في قراءة أَو أَذان أَو غِناء أَو
زَمْر أَو غير ذلك مما يترنم به. والترْجيع في الأَذان: أَن يكرر قوله
أَشهد أَن لا إِله إِلاَّ الله، أَشهد أَن محمداً رسول الله. وتَرْجيعُ
الصوت: تَرْدِيده في الحَلق كقراءة أَصحاب الأَلحان. وفي صفة قراءته، صلى
الله عليه وسلم، يوم الفتح: أَنه كان يُرَجِّع؛ الترجِيعُ: ترديد القراءة،
ومنه ترجيع الأَذان، وقيل: هو تَقارُب ضُروب الحركات في الصوت، وقد حكى
عبد الله بن مُغَفَّل ترجيعه بمد الصوت في القراءة نحو آء آء آء. قال ابن
الأَثير: وهذا إِنما حصل منه، والله أَعلم، يوم الفتح لأَنه كان راكباً
فجعلت الناقة تُحرِّكه وتُنَزِّيه فحدَثَ الترجِيعُ في صوته. وفي حديث
آخر: غير أَنه كان لا يُرَجِّع، ووجهه أَنه لم يكن حينئذ راكباً فلم يَحْدُث
في قراءته الترجيع. ورجَّع البعيرُ في شِقْشِقَته: هَدَر. ورجَّعت
الناقةُ في حَنِينِها: قَطَّعَته، ورجَّع الحمَام في غِنائه واسترجع كذلك.
ورجّعت القَوْسُ: صوَّتت؛ عن أَبي حنيفة. ورجَّع النقْشَ والوَشْم والكتابة:
ردَّد خُطُوطها، وترْجيعها أَن يُعاد عليها السواد مرة بعد أُخرى. يقال:
رجَّع النقْشَ والوَشْم ردَّد خُطوطَهما. ورَجْعُ الواشِمة: خَطُّها؛
ومنه قول لبيد:
أَو رَجْع واشِمةٍ أُسِفَّ نَؤُورها
كِفَفاً، تعرَّضَ فَوْقهُنَّ وِشامُها
وقال الشاعر:
كتَرْجيعِ وَشْمٍ في يَدَيْ حارِثِيّةٍ،
يَمانِية الأَسْدافِ، باقٍ نَؤُورُها
وقول زهير:
مَراجِيعُ وَشْمٍ في نَواشِرِ مِعْصَمِ
هو جمع المَرْجُوع وهو الذي أُعِيد سواده. ورَجَع إِليه: كَرَّ. ورَجَعَ
عليه وارْتَجَع: كرَجَعَ. وارْتَجَع على الغَرِيم والمُتَّهم: طالبه.
وارتجع إِلي الأَمرَ: رَدَّه إِليّ؛ أَنشد ثعلب:
أَمُرْتَجِعٌ لي مِثْلَ أَيامِ حَمّةٍ،
وأَيامِ ذي قارٍ عَليَّ الرَّواجِعُ؟
وارْتَجَعَ المرأَةَ وراجَعها مُراجعة ورِجاعاً: رَجَعها إِلى نفسه بعد
الطلاق، والاسم الرِّجْعة والرَّجْعةُ. يقال: طلَّق فلان فلانة طلاقاً
يملك فيه الرَّجْعة والرِّجْعةَ، والفتح أَفصح؛ وأَما قول ذي الرمة يصف
نساء تَجَلَّلْنَ بجَلابيبهن:
كأَنَّ الرِّقاقَ المُلْحَماتِ ارْتَجَعْنَها
على حَنْوَةِ القُرْيانِ ذاتِ الهَمَائِم
أَراد أَنهن ردَدْنها على وجُوه ناضِرة ناعِمة كالرِّياض.
والرُّجْعَى والرَّجِيعُ من الدوابّ، وقيل من الدواب ومن الإِبل: ما
رَجَعْتَه من سفر إِلى سفر وهو الكالُّ، والأُنثى رَجِيعٌ ورَجِيعة؛ قال
جرير:
إِذا بَلَّغَت رَحْلي رَجِيعٌ، أَمَلَّها
نُزُوليَ بالموماةِ، ثم ارْتِحالِيا
وقال ذو الرمة يصف ناقة:
رجِيعة أَسْفارٍ، كأَنَّ زِمامَها
شُجاعٌ لدى يُسْرَى الذِّراعَينِ مُطْرِق
وجمعُهما معاً رَجائع؛ قال معن بن أَوْس المُزَني:
على حينَ ما بي مِنْ رِياضٍ لصَعْبةٍ،
وبَرَّحَ بي أَنْقاضُهُن الرَّجائعُ
كنَى بذلك عن النساء أَي أَنهن لا يُواصِلْنه لِكِبَره، واستشهد
الأَزهري بعجز هذا البيت وقال: قال ابن السكيت: الرَّجِيعةُ بعير ارْتَجعْتَه
أَي اشترَيْتَه من أَجْلاب الناس ليس من البلد الذي هو به، وهي الرَّجائع؛
وأَنشد:
وبَرَّحَ بي أَنقاضُهن الرَّجائع
وراجَعت الناقة رِجاعاً إِذا كانت في ضرب من السير فرَجعت إِلى سَير
سِواه؛ قال البَعِيث يصف ناقته:
وطُول ارْتِماء البِيدِ بالبِيدِ تَعْتَلي
بها ناقتي، تَخْتَبُّ ثُمَّ تُراجِعُ
وسَفَر رَجيعٌ: مَرْجُوع فيه مراراً؛ عن ابن الأَعرابي. ويقال للإِياب
من السفَر: سفَر رَجِيع؛ قال القُحَيْف:
وأَسْقِي فِتْيةً ومُنَفَّهاتٍ،
أَضَرَّ بِنِقْيِها سَفَرٌ رَجِيعُ
وفلان رِجْعُ سفَر ورَجِيعُ سفَر. ويقال: جعلها الله سَفْرة مُرْجِعةً.
والمُرْجِعةُ: التي لها ثَوابٌ وعاقبة حَسَنة.
والرَّجْع: الغِرْس يكون في بطن المرأَة يخرج على رأْس الصبي.
والرِّجاع: ما وقع على أَنف البعير من خِطامه. ويقال: رَجَعَ فلان على
أَنف بعيره إِذا انفسخ خَطْمُه فرَدَّه عليه، ثم يسمى الخِطامُ رِجاعاً.
وراجَعه الكلامَ مُراجَعةً ورِجاعاً: حاوَرَه إِيَّاه. وما أَرْجَعَ
إِليه كلاماً أَي ما أَجابَه. وقوله تعالى: يَرْجِعُ بعضُهم إِلى بعض القول؛
أَي يَتَلاوَمُونَ. والمُراجَعَة: المُعاوَدَةُ. والرَّجِيعُ من الكلام:
المَرْدُودُ إِلى صاحبه.
والرَّجْعُ والرَّجِيعُ: النَّجْوُ والرَّوْثُ وذو البَطن لأَنه رَجَع
عن حاله التي كان عليها. وقد أَرْجَعَ الرجلُ. وهذا رَجِيعُ السَّبُع
ورَجْعُه أَيضاً يعني نَجْوَه. وفي الحديث: أَنه نهى أَن يُسْتَنْجَى
بِرَجِيعٍ أَو عَظْم؛ الرَّجِيعُ يكون الرَّوْثَ والعَذِرةَ جَميعاً، وإِنما سمي
رَجِيعاً لأَنه رَجَع عن حاله الأُولى بعد أَن كان طعاماً أَو علَفاً
أَو غير ذلك. وأَرْجَع من الرَّجِيع إِذا أَنْجَى. والرَّجِيعُ: الجِرَّةُ
لِرَجْعِه لها إِلى الأَكل؛ قال حميد بن ثَوْر الهِلالي يَصِف إِبلاً
تُرَدِّد جِرَّتها:
رَدَدْنَ رَجِيعَ الفَرْثِ حتى كأَنه
حَصى إِثْمِدٍ، بين الصَّلاءِ، سَحِيقُ
وبه فسر ابن الأَعرابي قول الراجز:
بَمْشِينَ بالأَحْمال مَشْيَ الغِيلانْ،
فاسْتَقْبَلَتْ ليلةَ خِمْسٍ حَنّانْ،
تَعْتَلُّ فيه بِرَجِيعِ العِيدانْ
وكلُّ شيءٍ مُرَدَّدٍ من قول أَو فعل، فهو رَجِيع؛ لأَن معناه مَرْجُوع
أَي مردود، ومنها سموا الجِرَّة رَجِيعاً؛ قال الأَعشى:
وفَلاةٍ كأَنَّها ظَهْر تُرْسٍ،
ليس إِلاّ الرَّجِيعَ فيها عَلاقُ
يقول لا تَجِد الإِبل فيها عُلَقاً إِلاَّ ما تُرَدِّدُه من جِرَّتها.
الكسائي: أَرْجَعَتِ الإِبلُ إِذا هُزِلَت ثم سَمِنت. وفي التهذيب: قال
الكسائي إِذا هُزِلَت الناقة قيل أَرْجَعت. وأَرجَعَت الناقة، فهي مُرْجِع:
حَسُنت بعد الهُزال. وتقول: أَرْجَعْتُك ناقة إِرْجاعاً أَي
أَعطيْتُكَها لتَرْجِع عليها كما تقول أَسْقَيْتُك إِهاباً. والرَّجيعُ: الشِّواء
يُسَخَّن ثانية؛ عن الأَصمعي، وقيل: كلُّ ما رُدِّد فهو رَجِيع، وكلُّ طعام
بَرَد فأُعِيد إِلى النار فهو رَجِيع. وحبْل رَجِيع: نُقض ثم أُعِيد
فَتْلُه، وقيل: كلُّ ما ثَنَيْتَه فهو رَجِيع. ورَجِيعُ القول: المكروه.
وتَرَجَّع الرجل عند المُصِيبة واسْتَرْجَع: قال إِنّا لله وإِنا إِليه
راجعون. وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: أَنه حين نُعي له قُثَم
استرجع أَي قال إِنا لله وإِنا إِليه راجعون، وكذلك الترجيع؛ قال جرير:
ورَجَّعْت من عِرْفانِ دار، كأَنَّها
بَقِيّةُ وَشْمٍ في مُتُون الأَشاجِعِ
(* في ديوان جرير: من عِرفانِ رَبْع كأنّه، مكانَ: من عِرفانِ دارٍ
كأنّها.)
واسْتَرْجَعْت منه الشيءَ إِذا أَخذْت منه ما دَفَعْته إِليه،
والرَّجْع: رَدّ الدابة يديها في السير ونَحْوُه خطوها. والرَّجْع: الخطو.
وتَرْجِيعُ الدابة يدَيْها في السير: رَجْعُها؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
يَعْدُو به نَهْشُ المُشاشِ، كأَنّه
صَدَعٌ سَلِيمٌ رَجْعُه لا يَظْلَعُ
(* قوله «نهش المشاش» تقدم ضبطه في مادتي مشش ونهش: نهش ككتف.)
نَهْشُ المُشاشِ: خَفيفُ القوائم، وصفَه بالمصدر، وأَراد نَهِش القوائم
أَو مَنْهُوش القوائم. وفي حديث ابن مسعود، رضي الله عنه: أَنه قال
للجَلاَّد: اضْرِب وارجِعْ يدك؛ قيل: معناه أَن لا يرفع يده إِذا أَراد الضرب
كأَنه كان قد رفَع يده عند الضرب فقال: ارْجِعْها إِلى موضعها. ورَجْعُ
الجَوابِ ورَجْع الرَّشْقِ في الرَّمْي: ما يَرُدُّ عليه.
والرَّواجِعُ: الرِّياح المُخْتلِفَةُ لمَجِيئها وذَهابها.
والرَّجْعُ والرُّجْعَى والرُّجْعان والمَرْجُوعَةُ والمَرْجُوعُ: جواب
الرسالة؛ قال يصف الدار:
سأَلْتُها عن ذاك فاسْتَعْجَمَتْ،
لم تَدْرِ ما مَرْجُوعةُ السَّائلِ
ورُجْعان الكتاب: جَوابه. يقال: رجَع إِليَّ الجوابُ يَرْجِعُ رَجْعاً
ورُجْعاناً. وتقول: أَرسلت إِليك فما جاءني رُجْعَى رِسالتي أَي
مَرْجُوعها، وقولهم: هل جاء رُجْعةُ كتابك ورُجْعانُه أَي جوابه، ويجوز رَجْعة،
بالفتح. ويقال: ما كان من مَرْجُوعِ أَمر فلان عليك أَي من مَردُوده
وجَوابه. ورجَع إِلى فلان من مَرْجوعِه كذا: يعني رَدّه الجواب. وليس لهذا
البيع مَرْجُوع أَي لا يُرْجَع فيه. ومتاع مُرْجِعٌ: له مَرْجُوع. ويقال:
أَرْجَع الله بَيْعة فلان كما يقال أَرْبَح الله بَيْعَته. ويقال: هذا
أَرْجَعُ في يَدِي من هذا أَي أَنْفَع، قال ابن الفرج: سمعت بعض بني سليم
يقول: قد رجَع كلامي في الرجل ونَجَع فيه بمعنى واحد. قال: ورَجَع في الدابّة
العَلَفُ ونَجَع إِذا تَبيّن أَثَرُه. ويقال: الشيخ يَمْرض يومين فلا
يَرْجِع شَهراً أَي لا يَثُوب إِليه جسمه وقوّته شهراً. وفي النوادر: يقال
طَعام يُسْتَرْجَعُ عنه، وتَفْسِير هذا في رِعْي المال وطَعام الناس ما
نَفَع منه واسْتُمْرِئَ فسَمِنُوا عنه.
وقال اللحياني: ارْتَجَع فلان مالاً وهو أَن يبيع إِبله المُسِنة
والصغار ثم يشتري الفَتِيّة والبِكار، وقيل: هو أَن يبيع الذكور ويشتري
الإِناث؛ وعمَّ مرة به فقال: هو أَن يبيع الشيء ثم يشتري مكانه ما يُخَيَّل
إِليه أَنه أَفْتى وأَصلح.
وجاء فلان بِرِجْعةٍ حَسَنةٍ أَي بشيء صالح اشتراه مكان شيء طالح، أَو
مَكان شيء قد كان دونه، وباع إِبله فارْتَجع منها رِجْعة صالحة ورَجْعةً:
رَدّها. والرِّجْعةُ والرَّجْعة: إِبل تشتريها الأَعراب ليست من نتاجهم
وليست عليها سِماتُهم. وارْتَجَعها: اشتراها؛ أَنشد ثعلب:
لا تَرْتَجِعْ شارفاً تَبْغِي فَواضِلَها،
بدَفِّها من عُرى الأَنْساعِ تَنْدِيبُ
وقد يجوز أَن يكون هذا من قولهم: باع إِبله فارتجع منها رِجْعة صالحة،
بالكسر، إِذا صرف أَثْمانها فيما تَعود عليه بالعائدة الصالحة، وكذلك
الرِّجْعة في الصدقة، وفي الحديث: أَنه رأَى في إِبل الصدقة ناقة كَوْماء
فسأَل عنها المُصَدِّق فقال: إِني ارْتَجَعْتها بإِبل، فسكت؛ الارْتِجاعُ:
أَن يَقدُم الرجل المصر بإِبله فيبيعها ثم يشتري بثمنها مثلها أَو غيرها،
فتلك الرِّجعة، بالكسر؛ قال أَبو عبيد: وكذلك هو في الصدقة إِذا وجب على
رَبّ المال سِنّ من الإِبل فأَخذ المُصَدِّقُ مكانها سنّاً أُخرى فوقها
أَو دونها، فتلك التي أَخَذ رِجْعةٌ لأَنه ارتجعها من التي وجبت له؛ ومنه
حديث معاوية: شكت بنو تَغْلِبَ إِليه السنة فقال: كيف تَشْكُون الحاجةَ
مع اجْتِلاب المِهارة وارْتجاعِ البِكارة؟ أَي تَجْلُبون أَولاد الخيل
فتَبِيعُونها وترجعون بأَثمانها؛ البكارة للقِنْية يعني الإِبل؛ قال الكميت
يصف الأَثافي:
جُرْدٌ جِلادٌ مُعَطَّفاتٌ على الـ
أَوْرَقِ، لا رِجْعةٌ ولا جَلَبُ
قال: وإِن ردَّ أَثمانها إِلى منزله من غير أَن يشتري بها شيئاً فليست
برِجْعة. وفي حديث الزكاة: فإِنهما يَتراجَعانِ بينهما بالسَّويّة؛
التَّراجُع بين الخليطين أَن يكون لأَحَدهما مثلاً أَربعون بقرة وللآخر ثلاثون،
ومالُهما مُشتَرَك، فيأْخذ العامل عن الأَربعين مُسنة، وعن الثلاثين
تَبيعاً، فيرجع باذِلُ المسنة بثلاثة أَسْباعها على خَليطه، وباذلُ
التَّبِيع بأَربعة أَسْباعِه على خَلِيطه، لأَن كل واحد من السنَّين واجب على
الشُّيوعِ كأَن المال ملك واحد، وفي قوله بالسوية دليل على أَن الساعي إِذا
ظلم أَحدهما فأَخذ منه زيادة على فرْضه فإِنه لا يرجع بها على شريكه،
وإِنما يَغْرم له قيمة ما يخصه من الواجب عليه دون الزيادة؛ ومن أَنواع
التراجع أَن يكون بين رجلين أَربعون شاة لكل واحد عشرون، ثم كل واحد منهما
يعرف عين ماله فيأْخذ العاملُ من غنم أَحدهما شاة فيرجع على شريكه بقيمة
نصف شاة، وفيه دليل على أَن الخُلْطة تصح مع تمييز أَعيان الأَموال عند من
يقول به. والرِّجَع أَيضاً: أَن يبيع الذكور ويشتري الإِناث كأَنه مصدر
وإِن لم يصح تَغْييرُه، وقيل: هو أَن يبيع الهَرْمى ويشتري البِكارة؛ قال
ابن بري: وجمع رِجْعةٍ رِجَعٌ، وقيل لحَيّ من العرب: بمَ كثرت أَموالكم؟
فقالوا: أَوصانا أَبونا بالنُّجَع والرُّجَع، وقال ثعلب: بالرِّجَع
والنِّجَع، وفسره بأَنه بَيْع الهَرْمى وشراء البِكارة الفَتِيَّة، وقد فسر
بأَنه بيع الذكور وشراء الإِناث، وكلاهما مما يَنْمي عليه المال. وأَرجع
إِبلاً: شَراها وباعَها على هذه الحالة.
والرّاجعةُ: الناقة تباع ويشترى بثمنها مثلها، فالثانية راجعة ورَجِيعة،
قال علي بن حمزة: الرَّجيعة أَن يباع الذكور ويشترى بثمنه الأُنثى،
فالأُنثى هي الرَّجيعة، وقد ارتجعتها وترَجَّعْتها ورَجَعْتها. وحكى
اللحياني:جاءت رِجْعةُ الضِّياع، ولم يفسره، وعندي أَنه ما تَعُود به على صاحبها
من غلَّة.
وأَرْجَع يده إِلى سيفه ليستَلّه أَو إِلى كِنانته ليأْخذَ سهماً:
أَهْوى بها إِليها؛ قال أَبو ذؤيب:
فبَدا له أَقْرابُ هذا رائغاً
عنه، فعَيَّثَ في الكِنانةِ يُرْجِعُ
وقال اللحياني: أَرْجَع الرجلُ يديه إِذا رَدّهما إِلى خلفه ليتناوَل
شيئاً، فعمّ به. ويقال: سيف نَجِيحُ الرَّجْعِ إِذا كان ماضِياً في
الضَّريبة؛ قال لبيد يصف السيف:
بأَخْلَقَ مَحْمودٍ نَجِيحٍ رَجِيعُه
وفي الحديث: رَجْعةُ الطلاق في غير موضع، تفتح راؤه وتكسر، على المرة
والحالة، وهو ارْتِجاع الزوجة المطلَّقة غير البائنة إِلى النكاح من غير
استئناف عقد.
والرَّاجِعُ من النساء: التي مات عنها زوجها ورجعت إِلى أَهلها، وأَمّا
المطلقة فهي المردودة. قال الأَزهري: والمُراجِعُ من النساء التي يموت
زوجها أَو يطلقها فتَرجِع إِلى أَهلها، ويقال لها أَيضاً راجع. ويقال
للمريض إِذا ثابَتْ إِليه نفْسه بعد نُهوك من العِلَّة: راجع. ورجل راجع إِذا
رجعت إِليه نفسه بعد شدَّة ضَنىً.
ومَرْجِعُ الكتف ورَجْعها: أَسْفَلُها، وهو ما يلي الإِبط منها من جهة
مَنْبِضِ القلب؛ قال رؤبة:
ونَطْعَن الأَعْناق والمَراجِعا
يقال: طعَنه في مَرْجِع كتفيه. ورَجَع الكلب في قَيْئه: عاد فيه.
وهو يُؤمِن بالرِّجْعة، وقالها الأَزهري بالفتح، أَي بأَنّ الميت يَرْجع
إِلى الدنيا بعد الموت قبل يوم القيامة. وراجَع الرجلُ: رجَع إِلى خير
أَو شر. وتَراجعَ الشيء إِلى خلف.
والرِّجاعُ: رُجوع الطير بعد قِطاعها. ورَجَعَت الطير رُجوعاً ورِجاعاً:
قَطعت من المواضع الحارَّة إِلى البارِدة. وأَتانٌ راجِعٌ وناقة راجِع
إِذا كانت تَشُول بذنبها وتجمع قُطْرَيْها وتُوَزِّع ببولها فتظن أَنّ بها
حَمْلاً ثم تُخْلِف. ورجَعت الناقةُ تَرْجع رِجاعاً ورُجوعاً، وهي
راجِع: لَقِحت ثم أَخْلَفت لأَنها رجَعت عما رُجِيَ منها، ونوق رَواجِعُ،
وقيل: إِذا ضربها الفَحل ولم تَلْقَح، وقيل: هي إِذا أَلقت ولدها لغير تمام،
وقيل: إِذا نالت ماء الفحل، وقيل: هو أَن تطرحه ماء. الأَصمعي: إِذا
ضُربت الناقة مراراً فلم تَلْقَح فهي مُمارِنٌ، فإِن ظهر لهم أَنها قد لَقِحت
ثم لم يكن بها حَمل فهي راجِع ومُخْلِفة. وقال أَبو زيد: إِذا أَلقت
الناقة حملها قبل أَن يَستبِين خلقه قيل رَجَعَت تَرْجِعُ رِجاعاً؛ وأَنشد
أَبو الهيثم للقُطامي يصف نجِيبة لنَجِيبَتَين
(* قوله: نجيبة لنجيبتين،
هكذا في الأصل.):
ومن عيْرانةٍ عَقَدَتْ عليها
لَقاحاً ثم ما كَسَرَتْ رِجاعا
قال: أَراد أَن الناقة عقدَت عليها لَقاحاً ثم رمت بماء الفحل وكسرت
ذنبها بعدما شالَت به؛ وقول المرّار يَصِف إِبلاً:
مَتابيعُ بُسْطٌ مُتْئِماتٌ رَواجِعٌ،
كما رَجَعَتْ في لَيْلها أُمّ حائلِ
بُسْطٌ: مُخَلاَّةٌ على أَولادها بُسِطَت عليها لا تُقْبَض عنها.
مُتْئمات: معها ابن مَخاض. وحُوار رَواجِعُ: رجعت على أَولادها. ويقال: رواجِعُ
نُزَّعٌ. أُم حائل: أُمُّ ولدِها الأُنثى.
والرَّجِيعُ: نباتُ الربيع. والرَّجْعُ والرجيعُ والراجعةُ: الغدير
يتردَّد فيه الماء؛ قال المتنخل الهُذلي يصف السيف:
أَبيض كالرَّجْع رَسوبٌ، إِذا
ما ثاخَ في مُحْتَفَلٍ يَخْتَلي
وقال أَبو حنيفة: هي ما ارْتَدّ فيه السَّيْل ثم نَفَذَ، والجمع رُجْعان
ورِجاع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وعارَضَ أَطْرافَ الصَّبا وكأَنه
رِجاعُ غَدِيرٍ، هَزَّه الريحُ، رائِعُ
وقال غيره: الرِّجاع جمع ولكنه نعته بالواحد الذي هو رائع لأَنه على لفظ
الواحد كما قال الفرزدق:
إِذا القُنْبُضاتُ السُّودُ طَوَّفْنَ بالضُّحى،
رَقَدْنَ عليهِن السِّجالُ المُسَدَّفُ
(* قوله «السجال المسدف» كذا بالأصل هنا، والذي في غير موضع وكذا
الصحاح: الحجال المسجف.)
وإِنما قال رِجاعُ غدير ليَفْصِله من الرِّجاع الذي هو غير الغدير، إِذ
الرجاع من الأَسماء المشتركة؛ قال الآخر:
ولو أَنّي أَشاء، لكُنْتُ منها
مَكانَ الفَرْقَدَيْن من النُّجومِ
فقال من النجوم ليُخَلِّص معنى الفَرقدين لأَن الفرقدين من الأَسماء
المشتركة؛ أَلا ترى أَنَّ ابن أَحمر لما قال:
يُهِلُّ بالفَرقدِ رُكْبانُها،
كما يُهِلُّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ
ولم يُخَلِّص الفَرْقَد ههنا اختلفوا فيه فقال قوم: إِنه الفَرْقَد
الفَلَكي، وقال آخرون: إِنما هو فرقد البقرة وهو ولدها. وقد يكون الرِّجاعُ
الغَدير الواحد كما قالوا فيه الإِخاذ، وأَضافه إِلى نفسه ليُبَيِّنه
أَيضاً بذلك لأَن الرِّجاع كان واحداً أَو جمعاً، فهو من الأَسماء المشتركة،
وقيل: الرَّجْع مَحْبِس الماء وأَما الغدير فليس بمحبس للماء إِنما هو
القِطعة من الماء يُغادِرها السَّيْلُ أَي يتركها. والرَّجْع: المطر لأَنه
يرجع مرة بعد مرة. وفي التنزيل: والسماء ذاتِ الرَّجْع، ويقال: ذات
النفْع، والأَرض ذات الصَّدْع؛ قال ثعلب: تَرْجع بالمطر سنة بعد سنة، وقال
اللحياني: لأَنها ترجع بالغيث فلم يذكر سنة بعد سنة، وقال الفراء: تبتدئ
بالمطر ثم ترجع به كل عام، وقال غيره: ذاتِ الرجع ذات المطر لأَنه يجيء
ويرجع ويتكرّر.
والراجِعةُ: الناشِغةُ من نَواشِغ الوادي. والرُّجْعان: أَعالي التِّلاع
قبل أَن يجتمع ماء التَّلْعة، وقيل: هي مثل الحُجْرانِ، والرَّجْع عامة
الماء، وقيل: ماء لهذيل غلب عليه. وفي الحديث ذكر غَزوة الرَّجيعِ؛ هو
ماء لهُذَيْل. قال أَبو عبيدة: الرَّجْع في كلام العرب الماء، وأَنشد قول
المُتَنَخِّل: أَبيض كالرَّجْع، وقد تقدم: الأَزهري: قرأْت بخط أَبي
الهيثم حكاه عن الأَسدي قال: يقولون للرعد رَجْع. والرَّجِيعُ: العَرَق، سمي
رَجيعاً لأَنه كان ماء فعاد عرَقاً؛ وقال لبيد:
كَساهُنَّ الهَواجِرُ كلَّ يَوْمٍ
رَجِيعاً، في المَغَابنِ، كالعَصِيمِ
أَراد العَرَقَ الأَصفر شبَّهه بعصيم الحِنَّاء وهو أَثره. ورَجِيعُ:
اسم ناقة جرير؛ قال:
إِذا بلَّغتْ رَحْلي رَجِيعُ، أَمَلَّها
نُزُوليَ بالمَوْماةِ ثم ارْتحاليا
(* ورد هذا البيت سابقاً في هذه المادة، وقد صُرفت فيه رجيع فنُوّنت،
أما هنا فقد منعت من الصرف.)
ورَجْعٌ ومَرْجَعةُ: اسمان.
سنف: السِّنافُ: خَيْطٌ يُشَدُّ من حَقَبِ البَعير إلى تَصْدِيره ثم
يُشَدُّ في عُنُقِه إِذا ضَمَرَ، والجمع سُنُفٌ. الجوهري: قال الخليل
السِّنافُ للبعير بمنزلة اللّبَبِ للدابة؛ ومنه قول هِميانَ بن قحافَةَ:
أَبْقى السِّنافُ أَثراً بأَنْهُضِهْ،
قَريبةٍ نُدْوَتُه من مَحْمَضِهْ
وسَنَفَ البعيرَ يَسْنُفُه ويَسْنِفُه سَنْفاً وأَسْنَفَه: شدَّه
بالسِّنافِ؛ قال الجوهري: وأَبى الأَصمعي إلا أَسْنَفْتُ. الأَصمعي: السِّنافُ
حبل يُشَدُّ من التَّصْديرِ إلى خَلْفِ الكِرْكِرةِ حتى يَثْبُتَ
التصْديرُ في موضِعِه. وأَسْنَفْتُ البعير: جعلت له سِنافاً وإنما يفعل ذلك إذا
خَمُصَ بطنهُ واضْطَرَبَ تصدِيرُه، وهو الحِزامُ. وهي إبل مُسْنَفاتٌ إذا
جعل لها أَسْنِفةٌ تجعل وراء كراكِرها. ابن سيده: السِّناف سير يجعل من
ورا اللَّبَبِ أَو غيرُ سير لئلا يَزِلَّ. وخيل مُسْنَفاتٌ: مَشْرِفاتُ
المَناسِج، وذلك محمود فيها لأَنه لا يَعْتَري إلا خِيارَها وكِرامَها،
وإذا كان ذلك كذلك فإن السُّروجَ تتأَخَّر عن ظُهورها فيُجْعل لها ذلك
السِّنافُ لتَثْبُتَ به السُّروج.
والسَّنِيف: ثوب يُشدُّ على كَتف البعير، والجمع سُنُفٌ. أَبو عمرو:
السُّنُفُ ثياب توضع على أَكْتاف الإبل مثلُ الأَشِلَّةِ على مآخِيرها.
وبعير مِسْنافٌ: يؤخِّر الرحل فيُجْعل له سِنافٌ، والجمع مَسانِيفُ. وناقة
مِسْنافٌ ومُسْنِفةٌ: مُتقدِّمة في السير، وكذلك الفرس. التهذيب:
المُسْنِفاتُ، بكسر النون، المُتقدِّمات في سيرها؛ وقد أَسْنَفَ البعيرُ إذا تقدم
أَو قدَّم عُنُقه للسير؛ وقال كثيِّر في تقديم البعير زمامه:
ومُسْنِفة فَضْلَ الزِّمام، إذا انْتَحى
بِهِزَّةِ هاديها على السَّوْمِ بازِل
وفرس مُسْنِفةٌ إذا كانت تتقدّم الخيلَ؛ ومنه قول ابن كُلْثُوم:
إذا ما عَيَّ بالإِسْناف حَيٌّ
على الأَمْر المُشَبّه أَن يَكونا
أَي عَيُّوا بالتقدُّم؛ قال الأَزهري: ليس قول من قال إن معنى قوله إذا
ما عَيَّ بالإسْناف أَن يَدْهَش فلا يَدْري أَينَ يُشَدُّ السِّنافُ بشيء
هو باطل، إنما قاله الليث. الجوهري: أَسْنَفَ الفرَسُ أَي تقدَّمَ
الخيلَ، فإذا سمعت في الشعر مُسْنِفةً، بكسر النون، فهي من هذا، وهي الفرس
تتقدَّم الخيل في سيرها، وإذا سمعت مُسْنَفَةً، بفتح النون، فهي الناقة من
السِّناف أَي شُدَّ عليها ذلك، وربما قالوا أَسْنَفُوا أَمْرَهم أَي
أَحْكَمُوه، وهو استعارة من هذا. قال: ويقال في المثل لمن تَحَيَّر في أَمره:
عَيَّ بالإسناف. قال ابن بري في قول الجوهري: فإذا سمعت في الشعر
مُسْنِفة، بكسر النون، فهو من هذا، قال: قال ثعلب المَسانيفُ المتقدِّمة؛
وأَنشد:قد قُلْتُ يوماً للغُرابِ، إذ حَجَلْ:
عليكَ بالإبْلِ المَسانيفِ الأُوَلْ
قال: والمُسنِفُ المتقدِّمُ، والمُسْنَفُ: المشدود بالسِّنافِ؛ وأَنشد
الأَعشى في المتقدّم أَيضاً:
وما خِلْت أَبْقى بيننا من مَوَدَّةٍ
عِراض المَذاكي المُسْنفات القَلائصا
ابن شميل: المِسْنافُ من الإبل التي تُقَدِّم الحِمْلَ، قال: والمجناة
التي تؤخِّر الحمل، وعُرِضَ عليه قولُ الليث فأَنكره. وناقة مُسْنِفٌ
ومِسْنافٌ: ضامِرٌ؛ عن أَبي عمرو. وأَسْنَفَ الأَمْرَ: أَحْكَمَه.
والسِّنْفُ، بالكسر: ورَقةُ المَرْخِ، وفي المحكم: السَّنْفُ الورقةُ،
وقيل: وعاء ثمر المَرْخِ؛ قال ابن مقبل:
تُقَلْقِلْ منْ ضَغْمِ اللِّجامِ لَهاتَها،
تَقَلْقُلُ سِنْفِ المَرْخِ في جَعْبةٍ صِفْرِ
والجمع سِنَفةٌ وتشبّه به آذانُ الخيل. قال ابن بري في السَّنْفِ وِعاء
ثمر المرخ، قال: هذا هو الصحيح، قال: وهو قول أَهل المعرفة بالمَرْخ،
قال: وقال علي ابن حمزة ليس للمَرْخِ ورق ولا شَوْك وإنما له قُضْبان دقاق
تنبت في شُعَب، وأَما السِّنفُ فهو وعاء ثمر المرخ لا غير، قال: وكذلك
ذكره أَهل اللغة، والذي حكي عن أَبي عمرو من أَن السنف ورقة المرخ مردود
غير مقبول؛ وقال في البيت الذي أَنشده ابن سيده بكماله وأَورد الجوهري عجزه
ونسباه لابن مقبل وهو:
تَقَلْقُلَ سِنْفِ المَرْخِ في جَعْبةٍ صِفْرِ
هكذا هو في شعر الجَعْدِيِّ، قال: وكذا هي الرواية فيه عود المرخ؛ قال:
وأَما السِّنْفُ ففي بيت ابن مقبل وهو:
يُرْخي العِذارَ، ولو طالَتْ قبائلُه
عن حَشْرةٍ مِثلِ سِنْفِ المَرْخةِ الصِّفْرِ
الحَشْرةُ: الأُذُنُ اللطيفة المُحَدَّدةُ: قال أَبو حنيفة: السِّنْفةُ
وِعاء كل ثمر، مستطيلاً كان أَو مستديراً، وجمعها سِنْفٌ وجمع السِّنْفِ
سِنَفَةٌ ويقال لأَكِمَّةِ الباقِلاء واللُّوبياء والعَدَس وما أَشبهها:
سُنُوفٌ، واحدها سِنْفٌ. والسِّنْفُ: العُود المُجَرَّدُ من الورق.
والمَسانِفُ: السِّنُونَ؛ قال ابن سيده: أَعني بالسنينَ السنين المجدبة كأَنهم
شنَّعُوها فجمعوها؛ قال القُطامي:
ونَحْنُ نَرُودُ الخَيْلَ، وَسْطَ بُيوتِنا،
ويُغْبَقْنَ مَحْضاً، وهي مَحْلٌ مَسانِفُ
الواحدة مُسْنِفةٌ؛ عن أَبي حنيفة. وأَسْنَفَتِ الرِّيحُ: سافَتِ
الترابَ.
قرر: القُرُّ: البَرْدُ عامةً، بالضم، وقال بعضهم: القُرُّ في الشتاء
والبرد في الشتاء والصيف، يقال: هذا يومٌ ذو قُرٍّ أَي ذو بَرْدٍ.
والقِرَّةُ: ما أَصاب الإِنسانَ وغيره من القُرِّ. والقِرَّةُ أَيضاً:
البرد. يقال: أَشدُّ العطش حِرَّةٌ على قِرَّةٍ، وربما قالوا: أَجِدُ
حِرَّةً على قِرَّةٍ، ويقال أَيضاً: ذهبت قِرَّتُها أَي الوقتُ الذي يأْتي
فيه المرض، والهاء للعلة، ومَثَلُ العرب للذي يُظهر خلاف ما يُضْمِرُ:
حِرَّةٌ تحت قِرَّةٍ، وجعلوا الحارّ الشديدَ من قولهم اسْتَنحَرَّ القتلُ أَي
اشتدّ، وقالوا: أَسْخَنَ اللهُ عينه والقَرُّ: اليوم البارد. وكلُّ
باردٍ: قَرُّ.
ابن السكيت: القَرُورُ الماء البارد يغسل به. يقال: قد اقْتَرَرْتُ به
وهو البَرُودُ، وقرَّ يومنا، من القُرّ. وقُرَّ الرجلُ: أَصابه القُرُّ.
وأَقَرَّه اللهُ: من القُرِّ، فهو مَقْرُورٌ على غير قياس كأَنه بني على
قُرٍّ، ولا يقال قَرَّه. وأَقَرَّ القومُ: دخلوا في القُرِّ. ويوم مقرورٌ
وقَرٌّ وقارٌّ: بارد. وليلة قَرَّةٌ وقارَّةٌ أَي باردة؛ وقد قَرَّتْ
تَقَرّ وتَقِرُّ قَرًّا. وليلة ذاتُ قَرَّةٍ أَي ليلة ذات برد؛ وأَصابنا
قَرَّةٌ وقِرَّةٌ، وطعام قارٌّ.
وروي عن عمر أَنه قال لابن مسعود البدري: بلغني أَنك تُفْتي، وَلِّ
حارَّها من تَوَلَّى قارَّها؛ قال شمر: معناه وَلِّ شَرَّها من تَولَّى
خَيْرَها ووَلِّ شديدَتها من تولى هَيِّنَتها، جعل الحرّ كناية عن الشر،
والشدّةَ والبردَ كناية عن الخير والهَيْنِ. والقارُّ: فاعل من القُرِّ البرد؛
ومنه قول الحسن بن علي في جَلْدِ الوليد بن عُقْبة: وَلِّ حارَّها من
تولَّى قارَّها، وامتنعَ من جَلْدِه. ابن الأَعرابي: يوم قَرٌّ ولا أَقول
قارٌّ ولا أَقول يوم حَرٌّ. وقال: تَحَرَّقت الأَرضُ واليوم قَرٌّ. وقيل
لرجل: ما نَثَرَ أَسنانَك؟ فقال: أَكلُ الحارّ وشُرْبُ القارِّ. وفي حديث
أُم زَرْعٍ: لا حَرٌّ ولا قُرٌّ؛ القُرُّ: البَرْدُ، أَرادت أَنه لا ذو
حر ولا ذو برد فهو معتدل، أَرادت بالحر والبرد الكناية عن الأَذى، فالحرّ
عن قليله والبرد عن كثيره؛ ومنه حديث حُذَيفة في غزوة الخَنْدَق: فلما
أَخبرتُه خَبَرَ القوم وقَرَرْتُ قَرِرْتُ، أَي لما سكنتُ وجَدْتُ مَسَّ
البرد. وفي حديث عبد الملك بن عُمَيْر:لَقُرْصٌ بُرِّيٌّ بأَبْطَحَ
قُرِّيٍّ؛ قال ابن الأَثير: سئل شمر عن هذا فقال: لا أَعرفه إِلا أَن يكون من
القُرِّ البرد. وقال اللحياني: قَرَّ يومُنا يَقُرُّ، ويَقَرُّ لغة
قليلة.والقُرارة: ما بقي في القِدْرِ بعد الغَرْفِ منها. وقَرَّ القِدْرَ
يَقُرُّها قَرًّا: فَرَّغَ ما فيها من الطبيخ وصب فيها ماء بارداً كيلا
تحترق. والقَرَرَةُ والقُرَرَة والقَرارة والقِرارة والقُرورةُ، كلّه: اسم
ذلك الماء. وكلُّ ما لَزِقَ بأَسفل القِدْر من مَرَقٍ أَو حُطامِ تابِلٍ
محترق أَو سمن أَو غيره: قُرّة وقُرارة وقُرُرَة، بضم القاف والراء،
وقُرَرة، وتَقَرَّرَها واقْتَرَّها: أَخذها وائْتَدَمَ بها. يقال: قد
اقْتَرَّتِ القِدْرُ وقد قَرَرْتُها إِذا طبخت فيها حتى يَلْصَقَ بأَسفلها،
وأَقْرَرْتها إِذا نزعت ما فيها مما لَصِقَ بها؛ عن أَبي زيد.
والقَرُّ: صبُّ الماء دَفْعَة واحدة. وتَقَرَّرتِ الإِبلُ: صَبَّتْ
بولها على أَرجلها.
وتَقَرَّرَت: أَكلت اليَبِسَ فتَخَثَّرت أَبوالُها. والاقْتِرار: أَي
تأْكل الناقةُ اليبيسَ والحِبَّةَ فَيَتَعَقَّدَ عليها الشحمُ فتبول في
رجليها من خُثُورة بولها. ويقال: تَقَرَّرت الإِبل في أَسْؤُقها، وقَرّت
تَقِرُّ: نَهِلَتْ ولم تَعُلَّ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
حتى إِذا قَرَّتْ ولمّا تَقْرِرِ،
وجَهَرَت آجِنَةً، لم تَجْهَرِ
ويروى أَجِنَّةً. وجَهَرَتْ: كَسَحَتْ. وآجنة: متغيرة، ومن رواه
أَجِنَّةَ أَراد أَمْواهاً مندفنة، على التشبيه بأَجنَّة الحوامل. وقَرَّرت
الناقةُ ببولها تَقْريراً إِذا رمت به قُرَّةً بعد قُرَّةٍ أَي دُفْعَةً بعد
دُفْعة خاثراً من أَكل الحِبّة؛ قال الراجز:
يُنْشِقْنَه فَضْفاضَ بَوْلٍ كالصَّبَرْ،
في مُنْخُرَيْه، قُرَراً بَعْدَ قُرَرْ
قرراً بعد قرر أَي حُسْوَة بعد حُسْوَة ونَشْقَةً بعد نَشْقة. ابن
الأَعرابي: إِذا لَقِحَت الناقة فهي مُقِرٌّ وقارِحٌ، وقيل: إِن الاقْترارَ
السِّمنُ، تقول:
اقْتَرَّتِ الناقةُ سَمِنَتْ؛ وأَنشد لأَبي ذؤيب الهذلي يصف ظبية:
به أَبِلَتْ شَهْرَي رَبيعٍ كلاهما،
فقد مارَ فيها نَسْؤُها واقترارُها
نسؤها: بَدْءُ سمنها، وذلك إِنما يكون في أَوّل الربيع إِذا أَكلت
الرُّطْبَ، واقترارُها: نهاية سمنها، وذلك إِنما يكون إِذا أَكلت اليبيس
وبُزُور الصحراء فعَقَّدَتْ عليها الشحم.
وقَرَّ الكلامَ والحديث في أُذنه يَقُرُّه قَرّاً: فَرَّغه وصَبَّه
فيها، وقيل هو إِذا سارَّه. ابن الأَعرابي: القَرُّ تَرْدِيدُك الكلام في
أُذن الأَبكم حتى يفهمه. شمر: قَرَرْتُ الكلامَ في أُذنه أَقُرُّه قَرّاً،
وهو أَن تضع فاك على أُذنه فتجهر بكلامك كما يُفعل بالأَصم، والأَمر:
قُرَّ. ويقال: أَقْرَرْتُ الكلامَ لفلان إِقراراً أَي بينته حتى عرفه.
وفي حديث استراق السمع: يأْتي الشيطانُ فَيَتَسَمَّعُ الكلمةَ فيأْتي
بها إِلى الكاهن فَيُقِرُّها في أُذنه كما تُقَرُّ القارورةُ إِذا أُفرغ
فيها، وفي رواية: فيَقْذفها في أُذن وَلِيِّه كقَرِّ الدجاجة؛ القَرُّ:
ترديدك الكلام في أُذن المخاطَب حتى يفهمه.
وقَرُّ الدجاجة: صوتُها إِذا قطعته، يقال: قَرَّتْ تَقِرُّ قَرّاً
وقَرِيراً، فإِن رَدَّدَتْه قلت: قَرْقَرَتْ قَرْقَرَةً، ويروى: كقَزِّ
الزجاجة، بالزاي، أَي كصوتها إِذا صُبَّ فيها الماء. وفي حديث عائشة، رضي الله
عنها: أَن النبي،صلى الله عليه وسلم، قال: تنزل الملائكة في العَنانِ وهي
السحابُ فيتحدثون ما علموا به مما لم ينزل من الأَمر، فيأْتي الشيطان
فيستمع فيسمع الكلمة فيأْتي بها إِلى الكاهن فيُقِرُّها في أُذنه كما
تُقَرُّ القارورةُ إِذا أُفرغ فيها مائة كِذْبةٍ. والقَرُّ: الفَرُّوج.
واقْتَرَّ بالماء البارد: اغتسل. والقَرُورُ: الماء البارد يُغْتَسل به.
واقْتَرَرْتُ بالقَرُور: اغتسلت به. وقَرَّ عليه الماءَ يَقُرُّه: صبه.
والقَرُّ: مصدر قَرَّ عليه دَلْوَ ماء يَقُرُّها قَرّاً، وقَرَرْتُ على رأْسه
دلواً من ماء بارد أَي صببته.
والقُرّ، بالضم: القَرار في المكان، تقول منه قَرِرْتُ بالمكان، بالكسر،
أَقَرُّ قَراراً وقَرَرْتُ أَيضاً، بالفتح، أَقِرُّ قراراً وقُروراً،
وقَرَّ بالمكان يَقِرُّ ويَقَرُّ، والأُولى أَعلى؛ قال ابن سيده: أَعني أَن
فَعَلَ يَفْعِلُ ههنا أَكثر من فَعَلَ يَفْعَلُ قَراراً وقُروراً
وقَرّاً وتَقْرارةً وتَقِرَّة، والأَخيرة شاذة؛ واسْتَقَرَّ وتَقارَّ
واقْتَرَّه فيه وعليه وقَرَّره وأَقَرَّه في مكانه فاستقرَّ. وفلان ما يَتَقارُّ
في مكانه أَي ما يستقرّ. وفي حديث أَبي موسى: أُقِرَّت الصلاة بالبر
والزكاة؟، وروي: قَرَّتْ أَي اسْتَقَرَّت معهما وقُرِنت بهما، يعني أَن الصلاة
مقرونة بالبر، وهو الصدق وجماع الخير، وأَنها مقرونة بالزكاة في القرآن
مذكورة معها. وفي حديث أَبي ذر: فلم أَتَقارَّ أَن قمتُ أَي لم أَلْبَثْ،
وأَصله أَتَقارَر، فأُدغمت الراء في الراء. وفي حديث نائل مولى عثمان:
قلنا لرَباح ابن المُغْتَرِف: غَنِّنا غِناءَ أَهل القَرارِ أَي أَهل
الحَضَر المستقرِّين في منازلهم لا غِناءَ أَهل البَدْو الذين لا يزالون
متنقلين. الليث: أَقْرَرْتُ الشيء في مَقَرِّه ليَقِرّ. وفلان قارٌّ: ساكنٌ،
وما يَتَقَارُّ في مكانه. وقوله تعالى: ولكم في الأَرض مُسْتَقَرّ؛ أَي
قَرار وثبوت. وقوله تعالى: لكل نَبَإِ مُسْتَقَرّ؛ أَي لكل ما أُنبأْتكم
عن الله عز وجل غاية ونهاية ترونه في الدنيا والآخرة. والشمسُ تجري
لمُسْتَقَرٍّ لها؛ أَي لمكان لا تجاوزه وقتاً ومحلاًّ وقيل لأَجَلٍ قُدِّر
لها. وقوله تعالى: وقَرْنَ وقِرْنَ، هو كقولك ظَلْنَ وظِلْنَ؛ فقَرْنَ على
أَقْرَرْنَ كظَلْنَ على أَظْلَلْنَ وقِرنَ على أَقْرَرنَ كظِلْنَ على
أَظْلَلنَ. وقال الفراء: قِرْنَ في بيوتكنَّ؛ هو من الوَقار. وقرأَ عاصم
وأَهل المدينة: وقَرْن في بيوتكن؛ قال ولا يكون ذلك من الوَقار ولكن يُرَى
أَنهم إِنما أَرادوا: واقْرَرْنَ في بيوتكن، فحذف الراء الأُولى وحُوّلت
فتحتها في القاف، كما قالوا: هل أَحَسْتَ صاحِبَك، وكما يقال فَظِلْتم،
يريد فَظَلِلْتُمْ؛ قال: ومن العرب من يقول: واقْرِرْنَ في بيوتكن، فإِن قال
قائل: وقِرْن، يريد واقْرِرْنَ فتُحَوَّلُ كسرة الراء إِذا أُسقطت إِلى
القاف، كان وجهاً؛ قال: ولم نجد ذلك في الوجهين مستعملاً في كلام العرب
إِلا في فعَلْتم وفَعَلْتَ وفَعَلْنَ، فأَما في الأَمر والنهي والمستقبل
فلا، إِلا أَنه جوّز ذلك لأَن اللام في النسوة ساكنة في فَعَلْن ويَفْعَلن
فجاز ذلك؛ قال: وقد قال أَعرابي من بني نُمَيْر: يَنْحِطْنَ من الجبل،
يريد ينْحَطِطْنَ، فهذا يُقَوِّي ذلك. وقال أَبو الهيثم: وقِرْنَ في
بيوتكن، عندي من القَرارِ، وكذلك من قرأَ: وقَرْنَ، فهو من القَرارِ، وقال:
قَرَرْتُ بالمكان أَقِرُّ وقَرَرْتُ أَقَرُّ.
وقارّه مُقارَّةً أَي قَرّ معه وسَكَنَ. وفي حديث ابن مسعود: قارُّوا
الصلاةَ،هو من القَرارِ لا من الوَقارِ، ومعناه السكون، أَي اسكنوا فيها
ولا تتحرّكوا ولا تَعْبَثُوا، وهو تَفَاعُلٌ، من القَرارِ. وتَقْرِيرُ
الإِنسان بالشيء: جعلُه في قَراره؛ وقَرَّرْتُ عنده الخبر حتى
اسْتَقَرَّ.والقَرُور من النساء: التي تَقَِرّ لما يُصْنَعُ بها لا تَرُدّ
المُقَبِّلَ والمُراوِِدَ؛ عن اللحياني، كأَنها تَقِرُّ وتسكن ولا تَنْفِرُ من
الرِّيبَة.
والقَرْقَرُ: القاعُ الأَمْلَسُ، وقيل: المستوي الأَملس الذي لا شيء
فيه.والقَرارة والقَرارُ: ما قَرَّ فيه الماء. والقَرارُ والقَرارةُ من
الأَرض: المطمئن المستقرّ، وقيل: هو القاعُ المستدير، وقال أَبو حنيفة:
القَرارة كل مطمئن اندفع إِليه الماء فاستقَرّ فيه، قال: وهي من مكارم الأَرض
إِذا كانت سُهولةٌ. وفي حديث ابن عباس وذكر علّياً فقال: عِلْمِي إِلى
علمه كالقَرارة في المُثْعَنْجَرِ؛ القَرارةُ المطمئن من الأَرض وما يستقرّ
فيه ماء المطر، وجمعها القَرارُ. وفي حديث يحيى بن يَعْمَر: ولحقت
طائفةٌ بقَرارِ الأَودية.
وفي حديث الزكاة: بُطِحَ له بِقاعٍ قَرْقَرٍ؛ هو المكان المستوي. وفي
حديث عمر: كنت زَميلَه في غَزْوة قَرقَرةِِ الكُدْرِ؛ هي غزوة معروفة،
والكُدْرُ: ماء لبني سليم: والقَرْقَرُ: الأَرض المستوية، وقيل: إِن أَصل
الكُدْرِ طير غُبْرٌ سمي الموضعُ أَو الماء بها؛ وقول أَبي ذؤيب:
بقَرارِ قِيعانٍ سقَاها وابلٌ
واهٍ، فأَثْجَمَ بُرْهَةً لا يُقْلِعُ
قال الأَصمعي: القَرارُ ههنا جمع قَرارةٍ؛ قال ابن سيده: وإِنما حمل
الأَصمعي على هذا قولُه قِيعان ليضيف الجمع إِلى الجمع، أَلا ترى أَن قراراً
ههنا لو كان واحداً فيكون من باب سَلٍّ وسَلَّة لأَضاف مفرداً إِلى جمعف
وهذا فيه ضرب من التناكر والتنافر. ابن شميل: بُطونُ الأَرض قَرارُها
لأَن الماء يستقرّ فيها. ويقال: القَرار مُسْتَقَرُّ الماء في الروضة. ابن
الأَعرابي: المَقَرَّةُ الحوض الكبير يجمع فيه الماء، والقَرارة القاعُ
المستدير، والقَرْقَرة الأَرض الملساء ليست بجِدِّ واسعةٍ، فإِذا اتسعت
غلب عليها اسم التذكير فقالوا قَرْقَرٌ؛ وقال عبيد:
تُرْخِي مَرابِعَها في قَرْقَرٍ ضاحِي
قال: والقَرَِقُ مثل القَرْقَرِ سواء. وقال ابن أَحمر: القَرْقَرة وسطُ
القاع ووسطُ الغائط المكانُ الأَجْرَدُ منه لا شجر فيه ولا دَفَّ ولا
حجارة، إِنما هي طين ليست بجبل ولا قُفٍّ، وعَرْضُها نحو من عشرة أَذراع أَو
أَقل، وكذلك طولها؛ وقوله عز وجل: ذاتِ قَرارٍ ومَعِينٍ؛ هو المكان
المطمئن الذي يستقرّ فيه الماء. ويقال للروضة المنخفضة: القَرارة. وصار
الأَمر إِلى قَراره ومُسْتَقَرِّه: تَناهَى وثبت.
وقولهم عند شدّة تصيبهم: صابتْ بقُرٍّ أَي صارت الشدّةُ إِلى قَرارها،
وربما قالوا: وَقَعَت بقُرٍّ، وقال ثعلب: معناه وقعت في الموضع الذي
ينبغي. أَبو عبيد في باب الشدّة: صابتْ بقُرٍّ إِذا نزلت بهم شدّة، قال:
وإِنما هو مَثَل. الأَصمعي: وقع الأَمرُ بقُرِّه أَي بمُسْتَقَرّه؛
وأَنشد:لعَمْرُكَ، ما قَلْبي على أَهله بحُرّ،
ولا مُقْصِرٍ، يوماً، فيأْتيَني بقُرّْ
أَي بمُسْتَقَرّه؛ وقال عَدِيُّ بنُ زيد:
تُرَجِّيها، وقد وقَعَتْ بقُرٍّ،
كما تَرْجُو أَصاغِرَها عَتِيبُ
ويقال للثائر إِذا صادفَ ثَأْرَه: وقَعْتَ بقُرِّكَ أَي صادَفَ فؤادُك
ما كان مُتَطَلِّعاً إِليه فتَقَرّ؛ قال الشَّمَّاخ:
كأَنها وابنَ أَيامٍ تُؤَبِّنُه،
من قُرَّةِ العَْنِ، مُجْتابا دَيابُوذِ
أَي كأَنهما من رضاهما بمرتعهما وترك الاستبدال به مُجتابا ثوبٍ فاخِرٍ
فهما مسروران به؛ قال المنذريّ: فعُرِضَ هذا القولُ على ثعلب فقال هذا
الكلام أَي سَكَّنَ اللهُ عينَه بالنظر إِلى ما يحب.
ويقال للرجل: قَرْقارِ أَي قِرَّ واسكنْ.
قال ابن سيده: وقَرَّتْ عينُه تَقَرّ؛ هذه أَعلى عن ثعلب، أَعني
فَعِلَتْ تَفْعَلُ، وقَرَّت تَقِرُّ قَرَّة وقُرَّةً؛ الأَخيرة عن ثعلب، وقال:
هي مصدر، وقُرُوراً، وهي ضدُّ سَخِنتْ، قال: ولذلك اختار بعضهم أَن يكون
قَرَّت فَعِلَت ليجيء بها على بناء ضدّها، قال: واختلفوا في اشتقاق ذلك
فقال بعضهم: معناه بَرَدَتْ وانقطع بكاؤها واستحرارُها بالدمع فإِن للسرور
دَمْعَةً باردةً وللحزن دمعة حارة، وقيل: هو من القَرارِ، أَي رأَت ما
كانت متشوّقة إِليه فقَرَّتْ ونامت. وأَقَرَّ اللهُ عينَه وبعينه، وقيل:
أَعطاه حتى تَقَرَّ فلا تَطْمَحَ إِلى من هو فوقه، ويقال: حتى تَبْرُدَ ولا
تَسْخَنَ، وقال بعضهم: قَرَّت عينُه مأْخوذ من القَرُور، وهو الدمع
البارد يخرج مع الفرح، وقيل: هو من القَرارِ، وهو الهُدُوءُ، وقال الأَصمعي:
أَبرد اللهُ دَمْعَتَه لأَن دَمْعَة السرور باردة. وأَقَرَّ الله عينه:
مشتق من القَرُور، وهو الماء البارد، وقيل: أَقَرَّ اللهُ عينك أَي صادفت
ما يرضيك فتقرّ عينك من النظر إِلى غيره، ورضي أَبو العباس هذا القول
واختاره، وقال أَبو طالب: أَقرَّ الله عينه أَنام الله عينه، والمعنى صادف
سروراً يذهب سهره فينام؛ وأَنشد:
أَقَرَّ به مواليك العُيونا
أَي نامت عيونهم لما ظَفِرُوا بما أَرادوا. وقوله تعالى: فكلي واشربي
وقَرِّي عَيناً؛ قال الفراء: جاء في التفسير أَي طيبي نفساً، قال: وإِنما
نصبت العين لأَن الفعل كان لها فصيرته للمرأَة، معناه لِتَقَرَّ عينُك،
فإِذا حُوِّل الفعلُ عن صاحبه نصب صاحب الفعل على التفسير. وعين قَرِيرةٌ:
قارَّة، وقُرَّتُها: ما قَرَّت به. والقُرَّةُ: كل شيء قَرَّت به عينك،
والقُرَّةُ: مصدر قَرَّت العين قُرَّةً. وفي التنزيل العزيز: فلا تعلم
نفسٌ ما أُخفِيَ لهم من قُرَّةِ أَعْيُنٍ؛ وقرأَ أَبو هريرة: من قُرَّاتِ
أَعْيُن، ورواه عن النبي،صلى الله عليه وسلم. وفي حديث الاستسقاء: لو رآك
لقَرَّتْ عيناه أَي لَسُرَّ بذلك وفَرِحَ، قال: وحقيقته أَبْرَدَ اللهُ
دَمْعَةَ عينيه لأَن دمعة الفرح باردة، وقيل: أَقَرَّ الله عينك أَي
بَلَّغَك أُمْنِيَّتك حتى تَرْضَى نَفْسُك وتَسْكُنَ عَيْنُك فلا تَسْتَشْرِفَ
إِلى غيره؛ ورجل قَرِيرُ العين وقَرِرْتُ به عيناً فأَنا أَقَرُّ
وقَرَرْتُ أَقِرُّ وقَرِرْتُ في الموضع مثلها.
ويومُ القَرِّ: اليوم الذي يلي عيد النحر لأَن الناس يَقِرُّونَ في
منازلهم، وقيل: لأَنهم يَقِرُّون بمنًى؛ عن كراع، أَي يسكنون ويقيمون. وفي
الحديث: أَفضلُ الأَيام عند الله يومُ النحر ثم يوم القَرِّ؛ قال أَبو
عبيد: أَراد بيوم القَرِّ الغَدَ من يوم النحر، وهو حادي عشر ذي الحجة، سمي
يومَ القَرِّ لأَن أَهل المَوْسِمِ يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر في
تعب من الحج، فإِذا كان الغدُ من يوم النحر قَرُّوا بمنًى فسمي يومَ
القَرِّ؛ ومنه حديث عثمان: أَقِرُّوا الأَنفس حتى تَزْهَقَ أَي سَكِّنوا
الذبائح حتى تُفارقها أَرواحها ولا تُعْجِلُوا سَلْخها وتقطيعها. وفي حديث
البُراق: أَنه استصعبَ ثم ارْفَضَّ وأَقَرَّ أَي سكن وانقاد.
ومَقَرُّ الرحم: آخِرُها، ومُسْتَقَرُّ الحَمْل منه. وقوله تعالى:
فمستقرٌّ ومستودع؛ أَي فلكم في الأَرحام مستقر ولكم في الأَصلاب مستودع،
وقرئ: فمستقِرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ؛ أَي مستقرّ في الرحم، وقيل: مستقرّ في الدنيا
موجود، ومستودعَ في الأَصلاب لم يخلق بَعْدُ؛ وقال الليث: المستقر ما
ولد من الخلق وظهر على الأَرض، والمستودَع ما في الأَرحام، وقيل: مستقرّها
في الأَصلاب ومستودعها في الأَرحام، وسيأْتي ذكر ذلك مستوفى في حرف
العين، إِن شاءَ الله تعالى، وقيل: مُسْتَقِرٌّ في الأَحياء ومستودَع في
الثَّرَى.
والقارورة: واحدة القَوارير من الزُّجاج، والعرب تسمي المرأَة القارورة
وتكني عنها بها.والقارُورُ: ما قَرَّ فيه الشرابُ وغيره، وقيل: لا يكون
إِلا من الزجاج خاصة. وقوله تعالى: قَوارِيرَ قواريرَ من فضة؛ قال بعض
أَهل العلم: معناه أَوانيَ زُجاج في بياض الفضة وصفاء القوارير. قال ابن
سيده: وهذا حسن، فأَما من أَلحق الأَلف في قوارير الأَخيرة فإِنه زاد الأَلف
لتَعْدِلَ رؤوس الآي. والقارورة: حَدَقة العين، على التشبيه بالقارورة
من الزجاج لصفائها وأَن المتأَمّل يرى شخصه فيها؛ قال رؤبة:
قد قَدَحَتْ من سَلْبِهِنَّ سَلْبا
قارورةُ العينِ، فصارتْ وَقْبا
ابن الأَعرابي: القَوارِيرُ شجر يشبه الدُّلْبَ تُعمل منه الرِّحالُ
والموائد. وفي الحديث: أَن النبي،صلى الله عليه وسلم، قال لأَنْجَشةَ وهو
يَحْدُو بالنساء: رِفْقاً بالقَوارير؛ أَراد،صلى الله عليه وسلم، بالقوارير
النساء، شبههن بالقوارير لضعف عزائمهن وقلة دوامهن على العهد،
والقواريرُ من الزُّجاج يُسْرِع إِليها الكسر ولا تقبل الجَبْرَ، وكان أَنْجَشَةُ
يحدو بهن رِكابَهُنَّ ويرتجز بنسيب الشعر والرجز وراءهن، فلم يُؤْمَنْ
أَن يصيبهن ما يسمعن من رقيق الشعر فيهن أَو يَقَعَ في قلوبهن حُداؤه،
فأَمر أَنجشَةَ بالكف عن نشيده وحُدائه حِذارَ صَبْوَتِهن إِلى غير الجميل،
وقيل: أَراد أَن الإِبل إِذا سمعت الحُداء أَسرعت في المشي واشتدت فأَزعجت
الراكبَ فأَتعبته فنهاه عن ذلك لأَن النساء يضعفن عن شدة الحركة.
وواحدةُ القوارير: قارورةٌ، سميت بها لاستقرار الشراب فيها. وفي حديث عليّ: ما
أَصَبْتُ مُنْذُ وَلِيتُ عملي إِلا هذه القُوَيْرِيرةَ أَهداها إِليّ
الدِّهْقانُ؛ هي تصغير قارورة. وروي عن الحُطَيْئة أَنه نزل بقوم من العرب
في أَهله فسمع شُبَّانَهم يَتَغَنَّوْنَ فقال: أَغْنُوا أَغانيَّ
شُبَّانِكم فإِن الغِناء رُقْيَةُ الزنا. وسمع سليمانُ ابن عبد الملك غِناءَ راكب
ليلاً، وهو في مِضْرَبٍ له، فبعث إِليه من يُحْضِرُه وأَمر أَن يُخْصَى
وقال: ما تسمع أُنثى غِناءه إِلا صَبَتْ إِليه؛ قال: وما شَبَّهْتُه إِلا
بالفحل يُرْسَلُ في الإِبل يُهَدِّرُ فيهن فيَضْبَعُهنّ.
والاقْترارُ: تتبع ما في بطن الوادي من باقي الرُّطْبِ، وذلك إِذا هاجت
الأَرض ويَبِستْ مُتونُها. والاقترارُ: استقرارُ ماء الفحل في رحم
الناقة؛ قال أَبو ذؤيب:
فقد مار فيها نسؤها واقترارها
قال ابن سيده: ولا أَعرف مثل هذا، اللهم إِلا أَن يكون مصدراً وإِلا فهو
غريب ظريف، وإِنما عبر بذلك عنه أَبو عبيد ولم يكن له بمثل هذا علم،
والصحيح أَن الاقترار تَتَبُّعُها في بطون الأَوْدِية النباتَ الذي لم تصبه
الشمس. والاقترارُ: الشِّبَعُ. وأَقَرَّت الناقةُ: ثبت حملها. واقْتَرَّ
ماءُ الفحل في الرحم أَي استقرَّ. أَبو زيد: اقترارُ ماء الفحل في الرحم
أَن تبولَ في رجليها، وذلك من خُثورة البول بما جرى في لحمها. تقول: قد
اقْتَرَّت، وقد اقْتَرَّ المالُ إثذا شَبِعَ. يقال ذلك في الناس وغيرهم.
وناقة مُقِرٌّ: عَقَّدَتْ ماء الفحل فأَمسكته في رحمها ولم تُلْقِه.
والإِقرارُ: الإِذعانُ للحق والاعترافُ به. أَقَرَّ بالحق أَي اعترف به.
وقد قَرَّرَه عليه وقَرَّره بالحق غيرُه حتى أَقَرَّ.
والقَرُّ: مَرْكَبٌ للرجال بين الرَّحْل والسَّرْج، وقيل: القَرُّ
الهَوْدَجُ؛ وأَنشد:
كالقَرِّ ناسَتْ فوقَه الجَزاجِزُ
وقال امرؤ القيس:
فإِمَّا تَرَيْني في رِحالةِ جابرٍ
على حَرَجٍ كالقَرِّ، تَخْفِقُ أَكفاني
وقيل: القَرُّ مَرْكَبٌ للنساء.
والقَرارُ: الغنم عامَّةً؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَسْرَعْت في قَرارِ،
كأَنما ضِرارِي
أَرَدْتِ يا جَعارِ
وخصَّ ثعلبٌ به الضأْنَ. وقال الأَصمعي: القَرارُ والقَرارةُ النَّقَدُ،
وهو ضربٌ من الغَنَمِ قصار الأَرْجُل قِباح الوجوه. الأَصمعي: القَرار
النَّقَدُ من الشاء وهي صغارٌ، وأَجودُ الصوف صوف النَّقَدِ؛ وأَنشد
لعلقمة بن عبدة:
والمالُ صُوفُ قَرارٍ يَلْعَبونَ به،
على نِقادَتِه، وافٍ ومَجْلُومُ
أَي يقل عند ذا ويكثر عند ذا.
والقُرَرُ: الحَسا، واحدتها قُرَّة؛ حكاها أَبو حنيفة؛ قال ابن سيده:
ولا أَدري أَيَّ الحَسا عنى أَحَسَا الماء أَم غيره من الشراب. وطَوَى
الثَّوْبَ على قَرِّه: كقولك على غَرّه أَي على كَسْرِه، والقَرُّ والغَرُّ
والمَقَرُّ: كَسْرُ طَيِّ الثوب.
والمَقَرّ: موضعٌ وسطَ كاظمةَ،وبه قبر غالب أَبي الفرزدق وقبر امرأَة
جرير؛ قال الراعي:
فصَبَّحْنَ المَقَرَّ، وهنّ خُوصٌ،
على رَوَحٍ يُقَلِّبْنَ المَحارا
وقيل: المَقَرُّ ثنيةُ كاظِمةَ. وقال خالدُ بن جَبَلَة: زعم
النُّمَيْرِي أَن المَقَرّ جبل لبني تميم.
وقَرَّتِ الدَّجاجةُ تَقِرّ قَرًّا وقَرِيراً: قَطَعتْ صوتَها
وقَرْقَرَتْ رَدَّدَتْ صوتَها؛ حكاه ابن سيده عن الهروي في الغريبين.
والقِرِّيَّة: الحَوْصلة مثل الجِرِّيَّة. والقَرُّ: الفَرُّوجةُ؛ قال
ابن أَحمر:
كالقَرِّ بين قَوادِمٍ زُعْرِ
قال ابن بري: هذا العَجُزُ مُغَيَّر، قال: وصواب إِنشاد البيت على ما
روته الرواة في شعره:
حَلَقَتْ بنو غَزْوانَ جُؤْجُؤَه
والرأْسَ، غيرَ قَنازِعٍ زُعْرِ
فَيَظَلُّ دَفَّاه له حَرَساً،
ويَظَلُّ يُلْجِئُه إِلى النَّحْرِ
قال هذا يصف ظليماً. وبنو غزوان: حيّ من الجن، يريد أَن جُؤْجُؤَ هذا
الظليم أَجربُ وأَن رأْسه أَقرع، والزُّعْرُ: القليلة الشعر. ودَفَّاه:
جناحاه، والهاء في له ضمير البيض، أَي يجعل جناجيه حرساً لبيضه ويضمه إِلى
نحره، وهو معنى قوله يلجئه إِلى النحر.
وقُرَّى وقُرَّانُ: موضعان.
والقَرْقَرة: الضحك إِذا اسْتُغْرِبَ فيه ورُجِّعَ. والقَرْقَرة:
الهدير، والجمع القَراقِرُ. والقَرْقَرة: دُعاء الإِبل، والإِنْقاضُ: دعاء
الشاء والحمير؛ قال شِظَاظٌ:
رُبَّ عَجُوزٍ من نُمَيْرٍ شَهْبَرَهْ،
عَلَّمْتُها الإِنْقاضَ بعد القَرْقَره
أَي سبيتها فحوّلتها إِلى ما لم تعرفه. وقَرْقَر البعيرُ قَرْقَرة:
هَدَر، وذلك إِذا هَدَلَ صوتَه ورَجَّع، والاسم القَرْقارُ. يقال: بعير
قَرْقارُ الهَدِير صافي الصوت في هَديرِه؛ قال حُمَيدٌ:
جاءت بها الوُرَّادُ يَحْجِزُ بينَها
سُدًى، بين قَرْقارِ الهَدِير، وأَعْجَما
وقولهم: قَرْقارِ، بُنِيَ على الكسر وهو معدول، قال: ولم يسمع العدل من
الرباعي إِلا في عَرْعارِ وقَرْقارِ؛ قال أَبو النجم العِجْلِيُّ:
حتى إِذا كان على مَطارِ
يُمناه، واليُسْرى على الثَّرْثارِ
قالت له ريحُ الصَّبا: قَرْقارِ،
واخْتَلَطَ المعروفُ بالإِنْكارِ
يريد: قالت لسحاب قَرْقارِ كأَنه يأْمر السحاب بذلك. ومَطارِ
والثَّرْثارُ: موضعان؛ يقول: حتى إِذا صار يُمْنى السحاب على مَطارِ ويُسْراه على
الثَّرْثارِ قالت له ريح الصَّبا: صُبَّ ما عندك من الماء مقترناً بصوت
الرعد، وهو قَرْقَرَته، والمعنى ضربته ريح الصَّبا فدَرَّ لها، فكأَنها
قالت له وإِن كانت لا تقول. وقوله: واختلط المعروف بالإِنكار أَي اختلط ما
عرف من الدار بما أُنكر أَي جَلَّلَ الأَرضَ كلَّها المطرُ فلم يعرف منها
المكان المعروف من غيره. والقَرْقَرة: نوع من الضحك، وجعلوا حكاية صوت
الريح قَرْقاراً. وفي الحديث: لا بأْس بالتبسم ما لم يُقَرْقِرْ؛
القَرْقَرة: الضحك لعالي. والقَرْقَرة: لقب سعد الذي كان يضحك منه النعمان بن
المنذر. والقَرْقَرة: من أَصوات الحمام، وقد قَرْقَرَتْ قَرْقَرَةً
وقَرْقَرِيراً نادرٌ؛ قال ابن جني: القَرْقِيرُ فَعْلِيلٌ، جعله رُباعيّاً،
والقَرْقارَة: إِناء، سيت بذلك لقَرْقَرَتها.
وقَرْقَرَ الشرابُ في حلقه: صَوَّت. وقَرْقَرَ بطنُه صَوَّت. قال شمر:
القَرْقَرة قَرْقَرةُ البطن، والقَرْقَرة نحو القَهْقهة، والقَرْقَرة
قَرْقَرةُ الحمام إِذا هَدَر، والقَرْقَر قَرْقَرة الفحل إِذا هَدَر، وهو
القَرْقَرِيرُ.
ورجل قُرارِيٌّ: جَهيرُ الصوت؛ وأَنشد:
قد كان هَدَّاراً قُراقِرِيَّا
والقُراقِرُ والقُراقِرِيّ: الحَسَنُ الصوت؛ قال:
فيها عِشاشُ الهُدْهُدِ القُراقِر
ومنه: حادٍ قُراقِرٌ وقُراقِرِيٌّ جيد الصوت من القَرْقَرة؛ قال الراجز:
أَصْبَح صَوْتُ عامِرٍ صَئِيَّا،
من بعدِ ما كان قُراقِرِيّا،
فمن يُنادي بعدَك المَطِيّاف
والقُراقِرُ: فرس عامر بن قيس؛ قال:
وكانَ حدَّاءً قُراقِرِيَّا
والقَرارِيُّ: الحَضَريّ الذي لا يَنْتَجِعُ يكون من أَهل الأَمصار،
وقيل: إِن كل صانع عند العرب قَرارِيّ. والقَرارِيُّ: الخَيَّاط؛ قال
الأَعشى:
يَشُقُّ الأُمُورَ ويَجْتابُها
كشَقِّ القَرارِيِّ ثوبَ الرَّدَنْ
قال: يريد الخَيَّاطَ؛ وقد جعله الراعي قَصَّاباً فقال:
ودَارِيٍّ سَلَخْتُ الجِلْدَ عنه،
كما سَلَخ القَرارِيُّ الإِهابا
ابن الأَعرابي: يقال للخياط القَرارِيُّ والفُضُولِيُّ، وهو البَيطَرُ
والشَّاصِرُ.
والقُرْقُورُ: ضرب من السفن، وقيل: هي السفينة العظيمة أَو الطويلة،
والقُرْقُورُ من أَطول السفن، وجمعه قَراقير؛ ومنه قول النابغة:
قَراقِيرُ النَّبيطِ على التِّلالِ
وفي حديث صاحب الأُخْدُودِ: اذْهَبُوا فاحْمِلُوه في قُرْقُورٍ؛ قال: هو
السفينة العظيمة. وفي الحديث: فإِذا دَخَلَ أَهل الجنةِ الجنةَ ركب
شهداءُ البحر في قَراقيرَ من دُرّ. وفي حديث موسى، عليه السلام: رَكِبُوا
القَراقِيرَ حتى أَتوا آسِيَةَ امرأَة فرعون بتابُوتِ موسى.
وقُراقِرُ وقَرْقَرى وقَرَوْرى وقُرَّان وقُراقِريّ: مواضع كلها
بأَعيانها معروفة. وقُرَّانُ: قرية باليمامة ذات نخل وسُيُوحٍ جاريةٍ؛ قال
علقمة:سُلاءَة كَعصَا النَّهْدِيِّ غُلَّ لَها
ذُو فِيئَةٍ، من نَوى قُرَّانَ، مَعْجومُ
ابن سيده: قُراقِرُ وقَرْقَرى، على فَعْلَلى، موضعان، وقيل: قُراقِرُ،
على فُعالل، بضم القاف، اسم ماء بعينه، ومنه غَزَاةُ قُراقِر؛ قال
الشاعر:وَهُمْ ضَرَبُوا بالحِنْوِ، حِنْوِ قُراقِرٍ،
مُقَدِّمَةَ الهامُرْزِ حَتَّى تَوَلَّتِ
قال ابن بري: البيت للأَعشى، وصواب إِنشاده: هُمُ ضربوا؛ وقبله:
فِدًى لبني دُهْلِ بنِ شَيْبانَ ناقَتِي،
وراكبُها يومَ اللقاء، وقَلَّتِ
قال: هذا يذكِّر فعل بني ذهل يوم ذي قار وجعل النصر لهم خاصة دون بني
بكر بن وائل. والهامُرْزُ: رجل من العجم، وهو قائد من قُوَّاد كِسْرى.
وقُراقِرُ: خلف البصرة ودون الكوفة قريب من ذي قار، والضمير في قلت يعود على
الفدية أَي قَلَّ لهم أَن أَفديهم بنفسي وناقتي. وفي الحديث ذكر
قُراقِرَ، بضم القاف الأُولى، وهي مفازة في طريق اليمامة قطعها خالد بن الوليد،
وهي بفتح القاف، موضع من أَعراض المدينة لآل الحسن بن عليّ، عليهما
السلام. والقَرْقَرُ: الظهر. وفي الحديث: ركب أَتاناً عليها قَرْصَف لم يبق منه
إِلا قَرْقَرُها أَي ظهرها.
والقَرْقَرَةُ: جلدة الوجه. وفي الحديث: فإِذا قُرِّبُ المُهْلُ منه
سَقَطَتْ قَرْقَرَةُ وجهه؛ حكاه ابن سيده عن الغريبين للهروي. قَرقَرَةُ
وجهه أَي جلدته. والقَرْقَرُ من لباس النساء، شبهت بشرة الوجه به، وقيل:
إِنما هي رَقْرَقَةُ وجهه، وهو ما تَرَقْرَقَ من محاسنه. ويروى: فَرْوَةُ
وجهه، بالفاء؛ وقال الزمخشري: أَراد ظاهر وجهه وما بدا منه، ومنه قيل
للصحراء البارزة: قَرْقَرٌ. والقَرْقَرُ والقَرْقَرَةُ: أَرض مطمئنة
لينة.والقَرَّتانِ: الغَداةُ والعَشِيُّ؛ قال لبيد:
وجَوارِنٌ بيضٌ وكلُّ طِمِرَّةٍ،
يَعْدُو عليها، القَرَّتَيْنِ، غُلامُ
الجَوارِنُ: الدروع. ابن السكيت: فلان يأْتي فلاناً القَرَّتين أَي
يأْتيه بالغداة والعَشِيّ.
وأَيوب بن القِرِّيَّةِ: أَحدُ الفصحاء. والقُرَّةُ: الضِّفْدَعَة
وقُرَّانُ: اسم رجل. وقُرَّانُ في شعر أَبي ذؤيب: اسم وادٍ. ابن الأَعرابي:
القُرَيْرَةُ تصغير القُرَّة، وهي ناقة تؤْخذ من المَغْنَم قبل قسمة
الغنائم فتنحر وتُصْلَح ويأْكلها الناس يقال لها قُرَّة العين. يقال ابن
الكلبي: عُيِّرَتْ هَوازِنُ وبنو أَسد بأَكل القُرَّة، وذلك أَن أَهل اليمن
كانوا إِذا حلقوا رؤوسهم بمنًى وَضَع كلُّ رجل على رأْسه قُبْضَةَ دقيق
فإِذا حلقوا رؤوسهم سقط الشعر مع ذلك الدقيق ويجعلون ذلك الدقيق صدقة فكان
ناس من أَسد وقيس يأْخذون ذلك الشعر بدقيقة فيرمون الشعر وينتفعون بالدقيق؛
وأَنشد لمعاوية بن أَبي معاوية الجَرْمي:
أَلم تَرَ جَرْماً أَنْجَدَتْ وأَبوكُمُ،
مع الشَّعْرِ، في قَصِّ المُلَبّدِ، سارِعُ
إِذا قُرَّةٌ جاءت يقولُ: أُصِبْ بها
سِوى القَمْلِ، إِني من هَوازِنَ ضارِعُ
التهذيب: الليث: العرب تخرج من آخر حروف من الكلمة حرفاً مثلها، كما
قالوا: رَمادٌ رَمْدَدٌ، ورجل رَعِشٌ رِعْشِيشٌ، وفلان دَخيلُ فلان
ودُخْلُله، والياء في رِعْشِيشٍ مَدَّة، فإِن جعلتَ مكانها أَلفاً أَو واواً جاز؛
وأَنشد يصف إِبلاً وشُرْبَها:
كأَنَّ صَوْتَ جَرْعِهِنّ المُنْحَدِرْ
صَوْتُ شِقِرَّاقٍ، إِذا قال: قِرِرْ
فأَظهر حرفي التضعيف، فإِذا صَرَّفوا ذلك في الفعل قالوا: قَرْقَرَ
فيظهرون حرف المضاعف لظهور الراءين في قَرْقَر، كما قالوا صَرَّ يَصِرُّ
صَرِيراً، وإِذا خفف الراء وأَظهر الحرفين جميعاً تحوّل الصوت من المد إِلى
الترجيع فضوعف، لأَن الترجيع يُضاعَفُ كله في تصريف الفعل إِذا رجع
الصائت، قالوا: صَرْصَر وصَلْصَل، على توهم المدّ في حال، والترجيع في حال.
التهذيب: واد قَرِقٌ وقَرْقَرٌ وقَرَقُوْسٌ أَي أَملس، والقَرَق المصدر.
ويقال للسفينة: القُرْقُور والصُّرْصُور.
شور: شارَ العسلَ يشُوره شَوْراً وشِياراً وشِيَارَة ومَشَاراً
ومَشَارة: استخرجه من الوَقْبَة واّحتَناه؛ قال ساعدة بن جؤية:
فَقَضَى مَشارتَهُ، وحَطَّ كأَنه
حَلَقٌ، ولم يَنْشَبْ بما يَتَسَبْسَبُ
وأَشَاره واشْتاره: كَشَارَه. أَبو عبيد: شُرْت العسل واشْتَرْته
اجْتَنَيْته وأَخذته من موضعه؛ قال الأَعشى:
كأَن جَنِيّاً، من الزَّنْجبِيـ
ـل، باتَ لِفِيها، وأَرْياً مَشُورَا
شمر: شُرْت العسل واشْتَرْتُه وأَشَرْتُه لغة.
يقال: أَشِرْني على العسل أَي أَعِنِّي، كما يقال أَعْكِمْني؛ وأَنشد
أَبو عمرو لعدي بن زيد:
ومَلاهٍ قد تَلَهَّيْتُ بها،
وقَصَرْتُ اليومَ في بيت عِذارِي
في سَمَاعٍ يأْذَنُ الشَّيْخُ له،
وحَدِيثٍ مثْلِ ماذِيٍّ مُشارِ
ومعنى يأْذَن: يستمع؛ كما قال قعنب بن أُمّ صاحب:
صُمٌّ إِذا سَمِعوا خَيْراً ذُكِرْتُ به،
وِإِنْ ذُكِرْتُ بسُوء عندهم أَذِنُوا
أَوْ يَسْمَعُوا رِيبَةً طارُوا بها فَرَحاً
مِنِّي، وما سَمِعوا من صالح دَفَنُوا
والمَاذِيّ: العسل الأَبيض. والمُشَار: المُجْتَنَى، وقيل: مُشتار قد
أُعين على أَخذه، قال: وأَنكرها الأَصمعي وكان يروي هذا البيت: «مِثْلِ
ماذِيِّ مَشَار» بالإِضافة وفتح الميم. قال: والمَشَار الخَلِيَّة يُشْتار
منها. والمَشَاوِر: المَحابِض، والواحد مِشْوَرٌ، وهو عُود يكون مع
مُشْتار العسل. وفي حديث عمر: في الذي يُدْلي بحبْل ليَشْتَارَ عسلاً؛ شَار
العسل يَشُوره واشْتَاره يَشْتارُه: اجتناه من خلاياه ومواضعه. والشَّوْرُ:
العسل المَشُور، سُمّي بالمصدر؛ قال ساعدة بن جؤية:
فلّما دنا الإِفراد حَطَّ بِشَوْرِه،
إِلى فَضَلاتٍ مُسْتَحِيرٍ جُمومُها
والمِشْوَار: ما شار به. والمِشْوَارة والشُّورة: الموضع الذي تُعَسَّل
فيه النحل إِذا دَجَنَها.
والشَّارَة والشُّوْرَة: الحُسْن والهيئة واللِّباس، وقيل: الشُّوْرَة
الهيئة. والشَّوْرَة، بفتح الشين: اللِّباس؛ حكاه ثعلب، وفي الحديث: أَنه
أَقبل رجل وعليه شُوْرَة حَسَنة؛ قال ابن الأَثير: هي بالضم، الجَمال
والحُسْن كأَنه من الشَّوْر عَرْض الشيء وإِظهاره؛ ويقال لها أَيضاً:
الشَّارَة، وهي الهيئة؛ ومنه الحديث: أَن رجلاً أَتاه وعليه شَارَة حسَنة،
وأَلِفُها مقلوبة عن الواو؛ ومنه حديث عاشوراء: كانوا يتخذونه عِيداً
ويُلبسون نساءَهم فيه حُلِيَّهُم وشَارَتهم أَي لباسهم الحسَن الجميل. وفي حديث
إِسلام عمرو بن العاص. فدخل أَبو هريرة فَتَشايَرَه الناس أَي
اشْتَهَرُوه بأَبصارهم كأَنه من الشَّارَة، وهي الشَّارة الحسَنة. والمِشْوَار:
المَنْظَر. ورجل شَارٌ صارٌ، وشَيِّرٌ صَيِّرٌ: حسَن الصورة والشَّوْرة،
وقيل: حسَن المَخْبَر عند التجربة، وإِنما ذلك على التشبيه بالمنظَر، أَي
أَنه في مخبره مثله في منظره. ويقال: ما أَحسن شَوَارَ الرجل وشَارَته
وشِيَارَه؛ يعني لباسه وهيئته وحسنه. ويقال: فلان حسن الشَّارَة والشَّوْرَة
إِذا كان حسن الهيئة. ويقال: فلان حسن الشَّوْرَة أَي حسن اللِّباس.
ويقال: فلان حسن المِشْوَار، وليس لفلان مِشْوَار أَي مَنْظَر. وقال
الأَصمعي: حسن المِشْوَار أَي مُجَرَّبه وحَسَنٌ حين تجرّبه. وقصيدة شَيِّرة أَي
حسناء. وشيء مَشُورٌ أَي مُزَيِّنٌ؛ وأَنشد:
كأَن الجَراد يُغَنِّيَنه،
يُباغِمْنَ ظَبْيَ الأَنيس المَشُورَا.
الفراء: إِنه لحسن الصُّورة والشُّوْرَة، وإِنه لحسَن الشَّوْر
والشَّوَار، واحده شَوْرَة وشَوارة، أَي زِينته. وشُرْتُه: زَيَّنْتُه، فهو
مَشُور. والشَّارَة والشَّوْرَة: السِّمَن. الفراء: شَار الرجلُ إِذا حسُن
وجهه، ورَاشَ إِذا استغنى. أَبو زيد: اسْتَشَار أَمرُه إِذا تبيَّن
واسْتَنار. والشَّارَة والشَّوْرة: السِّمَن. واسْتَشَارَتِ الإِبل: لبست سِمَناً
وحُسْناً ويقال: اشتارت الإِبل إِذا لَبِسها شيء من السِّمَن وسَمِنَتْ
بعض السِّمَن وفرس شَيِّر وخيل شِيارٌ: مثل جَيّد وجِياد. ويقال: جاءت
الإِبل شِياراً أَي سِماناً حِساناً؛ وقال عمرو ابن معد يكرب:
أَعَبَّاسُ، لو كانت شِياراً جِيادُنا،
بِتَثْلِيثَ، ما ناصَبْتَ بعدي الأَحامِسَا
والشِّوَار والشَّارَة: اللباس والهيئة؛ قال زهير:
مُقْوَرَّة تَتَبارَى لا شَوارَ لها
إِلا القُطُوعُ على الأَجْوازِ والوُرُك
(* في ديوان زهير: إِلا القطوع على الأَنساع).
ورجل حسن الصُّورة والشُّوْرَة وإِنه لَصَيِّر شَيِّر أَي حسن الصورة
والشَّارة، وهي الهيئة؛ عن الفراء. وفي الحديث: أَنه رأَى امرأَة شَيِّرَة
وعليها مَناجِد؛ أَي حسنة الشَّارة، وقيل: جميلة. وخيلٌ شِيار: سِمان
حِسان. وأَخذت الدابة مِشْوَارها ومَشَارَتَها: سَمِنت وحسُنت هيئتها؛
قال:ولا هِيَ إِلا أَن تُقَرِّبَ وَصْلَها
عَلاةٌ كِنازُ اللّحم، ذاتُ مَشَارَةِ
أَبو عمرو: المُسْتَشِير السَّمِين. واسْتَشار البعيرُ مثل اشْتار أَي
سَمِن، وكذلك المُسْتَشيط. وقد شَار الفرسُ أَي سَمِن وحسُن. الأَصمَعي:
شارَ الدَّابَّة وهو يَشُورها شَوْراً إِذا عَرَضَها. والمِشْوار: ما
أَبقت الدابَّة من علَفها، وقد نَشْوَرَتْ نِشْواراً، لأَن نفعلت
(* قوله:
«لأن نفعلت إلخ» هكذا بالأَصل ولعله إِلا أَن نفعلت). بناء لا يعرف إِلا
أَن يكون فَعْوَلَتْ، فيكون من غير هذا الباب. قال الخليل: سأَلت أَبا
الدُّقَيْش عنه قلت: نِشْوار أَو مِشْوار؟ فقال: نِشْوار، وزعم أَنه
فارسي.وشَارها يَشُورها شَوْراً وشِواراً وشَوَّرَها وأَشارَها؛ عن ثعلب، قال:
وهي قليلة، كلُّ ذلك: رَاضَها أَو رَكِبها عند العَرْض على مُشْترِيها،
وقيل: عَرَضها للبيع، وقيل: بَلاها ينظُر ما عندها، وقيل: قلَّبها؛ وكذلك
الأَمَة، يقال: شُرْت الدَّابة والأَمة أَشُورُهما شَوْراً إِذا
قلَّبتهما، وكذلك شَوَّرْتُهُما وأَشَرْتهما، وهي قليلة. والتَّشْوِير: أَن
تُشَوِّرَ الدابة تنظرُ كيف مِشْوارها أَي كيف سَيْرَتُها. ويقال للمكان الذي
تُشَوَّرُ فيه الدَّوابّ وتعرَض: المِشْوَار. يقال: أَياك والخُطَب
فإِنها مِشْوارٌ كثير العِثَارِ. وشُرْت الدَّابة شَوْراً: عَرَضْتها على
البيع أَقبلت بها وأَدبرت. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه ركب
فَرساً يَشُوره أَي يَعْرِضُه. يقال: شَارَ الدَّابة يشُورها إِذا عَرَضها
لِتُباع؛ ومنه حديث أَبي طَلْحَةَ: أَنه كان يَشُور نفسه بين يَدَيْ رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، أَي يعرِضُها على القَتْل، والقَتْل في سبيل
الله بَيْع النفس؛ وقيل: يَشُور نفسه أَي يَسْعى ويَخِفُّ يُظهر بذلك
قوَّته. ويقال: شُرْت الدابة إِذا أَجْرَيْتها لتعرف قُوَّتها؛ وفي رواية: أَنه
كان يَشُور نفسه على غُرْلَتِه أَي وهو صبيٌّ، والغُرْلَة: القُلْفَةُ.
واشْتار الفحل الناقة: كَرَفَها فنظر إِليها لاقِح هي أَم لا. أَبو
عبيد: كَرَف الفحل الناقة وشافَها واسْتَشارها بمعنى واحد؛ قال الراجز:
إِذا اسْتَشارَ العَائطَ الأَبِيَّا
والمُسْتَشِير: الذي يَعرِف الحائِلَ من غيرها، وفي التهذيب: الفَحْل
الذي يعرِف الحائِل من غيرها؛ عن الأُموي، قال:
أَفزَّ عنها كلّ مُسْتَشِيرِ،
وكلّ بَكْرٍ دَاعِرٍ مِئْشيرِ
مِئْشير: مِفْعِيل من الأَشَر.
والشَّوَارُ والشَِوَرُ والشُّوَار؛ الضم عن ثعلب. مَتاع البيت، وكذلك
الشَّوَار لِمتَاع الرَّحْل، بالحاء. وفي حديث ابن اللُّتْبِيَّة: أَنه
جاء بشَوَار كَثِيرٍ، هو بالفتح، مَتاع البَيْت. وشَوار الرجُل: ذكَره
وخُصْياه واسْتُه. وفي الدعاء: أَبْدَى الله شُواره؛ الضم لغة عن ثعلب، أَي
عَوْرَته، وقيل: يعني مَذاكِيره. والشَّوار: فرج المرأَة والرجُل؛ ومنه
قيل: شَوَّر به كأَنه أَبْدَى عَوْرَته. ويقال في مَثَلٍ: أَشْوَارَ عَروسٍ
تَرَى؟ وشَوَّرَ به: فعَل به فِعْلاً يُسْتَحْيا منه، وهو من ذلك.
وتَشَوَّرَ هو: خَجِل؛ حكاها يعقوب وثعلب. قال يعقوب: ضَرَطَ أَعرابيّ
فَتَشَوَّر، فأَشار بإِبْهامه نحوَ اسْتِه وقال: إِنها خَلْفٌ نطقَتْ خَلْفاً،
وكرهها بعضهم فقال: ليست بعربِيَّة. اللحياني: شَوَّرْت الرجلَ وبالرجل
فَتَشَوَّر إِذا خَجَّلْته فَخَجِل، وقد تشوَّر الرجل.
والشَّوْرَة: الجَمال الرائِع. والشَّوْرَة: الخَجْلَة.
والشَّيِّرُ: الجَمِيل. والمَشارة: الدَّبْرَة التي في المَزْرَعة. ابن
سيده: المَشارة الدَّبْرَة المقطعة لِلزِّراعة والغِراسَة؛ قال: يجوز أَن
تكون من هذا الباب وأَن تكون من المَشْرَة.
وأَشار إِليه وشَوَّر: أَومَأَ، يكون ذلك بالكفِّ والعين والحاجب؛ أَنشد
ثعلب:
نُسِرُّ الهَوَى إِلاَّ إِشارَة حاجِبٍ
هُناك، وإِلاَّ أَن تُشِير الأَصابِعُ
وشَوَّر إِليه بيده أَي أَشارَ؛ عن ابن السكيت، وفي الحديث: كان يُشِير
في الصلاة؛ أَي يُومِئ باليد والرأْس أَي يأْمُرُ ويَنْهَى بالإِشارة؛
ومنه قوله لِلَّذى كان يُشير بأُصبعه في الدُّعاء: أَحِّدْ أَحِّدْ؛ ومنه
الحديث: كان إِذا أَشار بكفِّه أَشارَ بها كلِّها؛ أَراد أَنَّ
إِشارَاتِه كلَّها مختلِفة، فما كان منها في ذِكْر التوحيد والتشهُّد فإِنه كان
يُشِير بالمُسبِّحَة وحْدها، وما كان في غير ذلك كان يُشِير بكفِّه كلها
ليكون بين الإِشارَتَيْن فرْق، ومنه: وإِذا تحَدَّث اتَّصل بها أَي وصَلَ
حَدِيثَه بإِشارة تؤكِّده. وفي حديث عائشة: مَنْ أَشار إِلى مؤمن بحدِيدة
يريد قتلَه فقد وَجَب دَمُه أَي حلَّ للمقصود بها أَن يدفعَه عن نفسه ولو
قَتَلَه. قال ابن الأَثير: وَجَب هنا بمعنى حلَّ. والمُشِيرَةُ: هي
الإِصْبَع التي يقال لها السَّبَّابَة، وهو منه. ويقال للسَّبَّابَتين:
المُشِيرَتان. وأَشار عليه بأَمْرِ كذا: أَمَرَه به.
وهيَ الشُّورَى والمَشُورَة، بضم الشين، مَفْعُلَة ولا تكون مَفْعُولَة
لأَنها مصدر، والمَصادِر لا تَجِيء على مثال مَفْعُولة، وإِن جاءت على
مِثال مَفْعُول، وكذلك المَشْوَرَة؛ وتقول منه: شَاوَرْتُه في الأَمر
واسْتشرته بمعنى. وفلان خَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي يصلُح لِلْمُشاورَة. وشاوَرَه
مُشاوَرَة وشِوَاراً واسْتَشاره: طَلَب منه المَشُورَة. وأَشار الرجل
يُشِيرُ إِشارَةً إِذا أَوْمَأَ بيديْه. ويقال: شَوَّرْت إِليه بِيَدِي وأَشرت
إِليه أَي لَوَّحْت إِليه وأَلَحْتُ أَيضاً. وأَشارَ إِليه باليَدِ:
أَوْمأَ، وأَشارَ عليه بالرَّأْيِ. وأَشار يُشِير إِذا ما وَجَّه الرَّأْي.
ويقال: فلان جيِّد المَشُورة والمَشْوَرَة، لغتان. قال الفراء: المَشُورة
أَصلها مَشْوَرَة ثم نقلت إِلى مَشُورة لخفَّتها. اللَّيث: المَشْوَرَة
مفْعَلَة اشتُقَّ من الإِشارة، ويقال: مَشُورة. أَبو سعيد: يقال فلان
وَزِيرُ فلان وشيِّرُه أَي مُشاورُه، وجمعه شُوَرَاءُ. وأَشَارَ النَّار
وأَشارَ بِها وأَشْوَرَ بها وشَوَّرَ بها: رفعَها.
وحَرَّة شَوْرَان: إِحْدَى الحِرَارِ في بلاد العرَب، وهي معروفة.
والقَعْقاعُ بن شَوْر: رجُلٌ من بَنِي عَمْرو بن شَيْبان بن ذُهْل بن ثعلبة؛
وفي حديث ظبيان: وهمُ الَّذِينَ خَطُّوا مَشائِرَها أَي ديارَها، الواحدة
مَشارَة، وهي من الشَّارة، مَفْعَلَة، والميم زائدة.
شرط: الشَّرْطُ: معروف، وكذلك الشَّريطةُ، والجمع شُروط وشَرائطُ.
والشَّرْطُ: إِلزامُ الشيء والتِزامُه في البيعِ ونحوه، والجمع شُروط. وفي
الحديث: لا يجوز شَرْطانِ في بَيْعٍ، هو كقولك: بعتك هذا الثوب نَقْداً
بدِينار، ونَسِيئةً بدِينارَيْنِ، وهو كالبَيْعَتين في بَيْعةٍ، ولا فرق عند
أَكثر الفقهاء في عقد البيع بين شَرْط واحد أَو شرطين، وفرق بينهما أَحمد
عملاً بظاهر الحديث؛ ومنه الحديث الآخر: نهى عن بَيْع وشَرْطٍ، وهو أَن
يكون الشرطُ ملازماً في العقد لا قبله ولا بعده؛ ومنه حديث بَرِيرةَ:
شَرْطُ اللّهِ أَحَقُّ؛ يريد ما أَظهره وبيَّنه من حُكم اللّه بقوله الولاء
لمن أَعْتق، وقيل: هو إِشارة إِلى قوله تعالى: فإِخْوانُكم في الدِّين
ومَوالِيكم؛ وقد شرَط له وعليه كذا يَشْرِطُ ويَشْرُطُ شَرْطاً واشْتَرَط
عليه. والشَّرِيطةُ: كالشَّرْطِ، وقد شارَطَه وشرَط له في ضَيْعَتِه
يَشْرِط ويَشْرُط، وشرَط للأَجِير يَشْرُطُ شَرْطاً.
والشَّرَطُ، بالتحريك: العلامة، والجمع أَشْراطٌ. وأَشْراطُ الساعةِ:
أَعْلامُها، وهو منه. وفي التنزيل العزيز: فقد جاء أَشْراطُها.
والاشْتِراطُ: العلامة التي يجعلها الناس بينهم.
وأَشْرَطَ طائفةً من إِبله وغنمه: عَزَلَها وأَعْلَمَ أَنها للبيع.
والشَّرَطُ من الإِبل: ما يُجْلَبُ للبيع نحو النَّاب والدَّبِرِ. يقال: إِن
في إِبلك شَرَطاً، فيقول: لا ولكنها لُبابٌ كلها. وأَشْرَط فلان نفسَه
لكذا وكذا: أَعْلَمها له وأَعَدَّها؛ ومنه سمي الشُّرَطُ لأَنهم جعلوا
لأَنفسهم علامة يُعْرَفُون بها، الواحد شُرَطةٌ وشُرَطِيٌّ؛ قال ابن
أَحمر:فأَشْرَطَ نفْسَه حِرصاً عليها،
وكان بنَفْسِه حَجِئاً ضَنِينا
والشُّرْطةُ في السُّلْطان: من العلامة والإِعْدادِ. ورجل شُرْطِيٌّ
وشُرَطِيٌّ: منسوب إِلى الشُّرطةِ، والجمع شُرَطٌ، سموا بذلك لأَنهم
أَعَدُّوا لذلك وأَعْلَمُوا أَنفسَهم بعلامات، وقيل: هم أَول كتيبة تشهد الحرب
وتتهيأُ للموت. وفي حديث ابن مسعود: وتُشْرَطُ شُرْطةٌ للموت لا يرجِعُون
إِلا غالِبين؛ هم أَوّل طائفة من الجيش تشهد الوَقْعة، وقيل: بل صاحب
الشُّرْطةِ في حرب بعينها؛ قال ابن سيده: والصواب الأَول؛ قال ابن بري:
شاهدُ الشُّرْطِيِّ احد الشُّرَطِ قول الدَّهناء:
واللّهِ لوْلا خَشْيةُ الأَمِيرِ،
وخَشْيَةُ الشرْطِيّ والثُّؤْثُورِ
الثُّؤْثورُ: الجلْوازُ؛ قال: وقال آخر:
أَعُوذُ باللّهِ وبالأَمِيرِ
من عامِل الشُّرْطةِ والأُتْرُورِ
وأَشْراطُ الشيء: أَوائلُه؛ قال بعضهم: ومنه أَشراطُ الساعةِ وذكرها
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، والاشتقاقان مُتقارِبان لأَن علامة الشيء
أَوَّله. ومَشارِيطُ الأَشياء: أَوائلها كأَشْراطِها؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:تَشابَهُ أَعْناقُ الأُمُورِ، وتَلْتَوِي
مَشارِيطُ ما الأَوْرادُ عنه صَوادِرُ
قال: ولاواحد لها. وأَشْراطُ كلِّ شيء: ابتداء أَوَّله. الأَصمعي:
أَشْراطُ الساعةِ علاماتها، قال: ومنه الاشْتِراط الذي يَشْتَرِطُ الناسُ
بعضُهم على بعض أَي هي عَلامات يجعلونها بينهم، ولهذا سميت الشُّرَط لأَنهم
جعلوا لأَنفسهم علامة يُعْرَفون بها. وحكى الحطابي عن بعض أَهل اللغة أَنه
أَنكر هذا التفسير وقال: أَشراطُ الساعةِ ما تُنكِره الناسُ من صغار
أُمورها قبل أَن تقوم الساعة. وشُرَطُ السلطانِ: نُخْبةُ أَصحابه الذين
يقدِّمهم على غيرهم من جنده؛ وقول أَوس بن حجر:
فأَشْرَط فيها نفْسَه، وهو مُعْصِمٌ،
وأَلْقَى بأَسْبابٍ له وتَوَكَّلا
أَجعل نفْسَه علَماً لهذا الأَمر؛ وقوله: أَشْرَط فيها نفسه أَي هَيَّأَ
لهذه النَّبْعةِ. وقال أَبو عبيدة: سمي الشُّرَطُ شُرَطاً لأَنهم
أَعِدّاء. وأَشراطُ الساعةِ: أَسبابُها التي هي دون مُعْظَمِها
وقِيامِها.والشَّرَطانِ: نَجْمانِ من الحَمَلِ يقال لهما قَرْنا الحملِ، وهما
أَوَّل نجم من الرَّبيع، ومن ذلك صار أَوائلُ كل أَمْر يقع أَشْراطَه ويقال
لهما الأَشْراط؛ قال العجاج:
أَلْجَأَهُ رَعْدٌ من الأَشْراطِ،
ورَيْقُ الليلِ إِلى أَراطِ
قال الجوهري: الشرطانِ نجمانِ من الحَمَل وهما قَرْناه، وإِلى جانِب
الشَّمالِيِّ منهما كوكب صغير، ومن العرب من يَعُدُّه معهما فيقول هو ثلاثة
كواكب ويسميها الأَشراط؛ قال الكميت:
هاجَتْ عليه من الأَشْراطِ نافِجةٌ،
في فَلْتةٍ، بَيْنَ إِظْلامٍ وإِسْفارِ
والنَّسَبُ إِليه أَشْراطِيٌّ لأَنه قد غَلب عليها فصار كالشيء الواحد؛
قال العجاج:
من باكِرِ الأَشْراطِ أَشْراطِيُّ
أَرادَ الشَّرَطَيْنِ. قال ابن بري: الشَّرَطانِ تثنية شَرَطٍ وكذلك
الأَشْراطُ جمع شَرَطٍ؛ قال: والنسبُ إِلى الشَّرَطَيْنِ شرَطِيٌّ
كقوله:ومن شَرَطِيٍّ مُرْثَعِنٍّ بعامِر
قال: وكذلك النسَبُ إِلى الأَشْراطِ شَرَطِيٌّ، قال: وربما تسَبُوا
إِليه على لفظ الجمع أَشْراطِيٌّ، وأَنشد بيت العجاج. ورَوْضةٌ أَشْراطِيّة:
مُطِرَتْ بالشَّرَطَيْنِ؛ قال ذو الرمة يصف روضة:
قَرْحاءُ حَوَّاءُ أَشْراطِيّة وكَفَتْ
فيها الذِّهابُ، وحَفَّتْها البَراعِيمُ
يعني رَوْضةُ مُطرت بنَوء الشرَطينِ، وإِنما قال قرحاء لأَنَّ في
وسَطِها نُوَّارةً بَيْضاء، وقال حوَّاء لخُضْرةِ نباتها. وحكى ابن الأَعرابي:
طلَع الشَّرَطُ، فجاء للشَّرَطَيْنِ بواحد، والتثنيةُ في ذلك أَعْلى
وأَشْهر لأَن أَحدهما لا ينفصل عن الآخر فصارا كأَبانَيْنِ في أَنهما
يُثْبَتانِ معاً، وتكون حالَتُهما واحدة في كل شيء.
وأَشْرَطَ الرسولَ: أَعْجَله، وإِذا أَعْجَل الإِنسانُ رسولاً إِلى أَمر
قيل أَشْرَطَه وأَفْرَطَه من الأَشْراط التي هي أَوائل الأَشياء كأَنه
(* قوله «كأَنه إلخ» كذا بالأصل ويظهر ان قبله سقطاً.) من قولك فارِطٌ وهو
السابق.
والشَّرَطُ: رُذالُ المالِ وشِرارُه، الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في
ذلك سواء؛ قال جرير:
تُساقُ مِن المِعْزَى مُهورُ نِسائهمْ،
ومِنْ شَرَطِ المِعْزَى لَهُنَّ مُهورُ
وفي حديث الزكاة: ولا الشَّرَطَ اللَّئيمة أَي رُذالَ المالِ، وقيل:
صِغارُه وشِراره. وشَرَطُ الناس: خُشارَتُهم وخَمّانُهم؛ قال الكميت:
وجَدْتُ الناسَ، غَيْرَ ابْنَيْ نِزارٍ،
ولَمْ أَذْمُمْهُمُ، شَرَطاً ودُونا
فالشَّرَطُ: الدُّونُ من الناسِ، والذين هم أَعظم منهم ليسوا بشرَطٍ.
والأَشْراطُ: الأَرْذالُ. والأَشْراطُ أَيضاً: الأَشْرافُ؛ قال يعقوب: وهذا
الحرف من الأضداد؛ وأَما قولُ حَسّانَ بن ثابت:
في نَدامى بِيضِ الوُجوهِ كِرامٍ،
نُبِّهُوا بَعْدَ هَجْعةِ الأَشْراطِ
فيقال: إِنه أَراد به الحرَسَ وسَفِلةَ الناس؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
أَشارِيطُ من أَشْراطِ أَشْراطِ طَيِّءٍ،
وكان أَبوهمْ أَشْرَطاً وابْن أَشْرَطا
وفي الحديث: لا تقومُ الساعةُ حتى يأْخُذَ اللّهُ شريطتَه من أَهلِ
الأَرض فيَبْقَى عَجاجٌ لا يَعْرِفون مَعْروفاً ولا يُنْكِرُون مُنْكَراً،
يعني أَهلَ الخيرِ والدِّينِ. والأَشْراطُ من الأَضْداد: يقع على الأَشراف
والأَرذال؛ قال الأَزهري: أَظُنُّه شَرَطَتَه أَي الخِيارَ إِلا أَنَّ
شمراً كذا رواه. وشرَطٌ: لقَب مالِكِ بن بُجْرَة، ذهَبوا في ذلك إِلى
اسْتِرْذالِه لأَنه كان يُحَمَّقُ؛ قال خالد بن قيس التيْمي يهجُو مالكاً
هذا:لَيْتَكَ إِذ رَهِبْتَ آلَ مَوْأَلَهْ،
حَزُّوا بنَصْلِ السيْفِ عند السَّبَلهْ
وحَلَّقَتْ بك العُقابُ القَيْعَلَهْ،
مُدْبِرةً بشَرَطٍ لا مُقْبِلَهْ
والغنمُ: أَشْرطُ المالِ أَي أَرْذَلُه، مُفاضَلةٌ، وليس هناك فِعْل؛
قال ابن سيده: وهذا نادِرٌ لأَن المُفاضلةَ إِنما تكون من الفعل دون الاسم،
وهو نحو ما حكاه سيبويه من قولهم أَحْنَكُ الشاتين لأَن ذلك لا فعل له
أَيضاً عنده، وكذلك آبَلُ الناسِ لا فِعْلَ له عند سيبويه. وشَرَطُ
الإِبلِ: حَواشِيها وصِغارُها، واحدها شَرَطٌ أَيضاً، وناقة شَرَطٌ وإِبل
شَرَطٌ. قال: وفي بعض نسخ الإِصلاح: الغنمُ أَشْراطُ المال، قال: فإِن صح هذا
فهو جمع شَرَط. التهذيب: وشَرَطُ المالِ صغارها، وقال: والشُّرَطُ
سُمُّوا شُرَطاً لأَن شُرْطةَ كل شيء خِيارُه وهم نُخْبةُ السلطانِ من جُنده؛
وقال الأَخطل:
ويَوْم شرْطةِ قَيْسٍ، إِذْ مُنِيت بِهِمْ،
حَنَّتْ مَثاكِيلُ من أَيْفاعِهمْ نُكُدُ
وقال آخر:
حتى أَتَتْ شُرْطةٌ للموْتِ حارِدةٌ
وقال أَوْسٌ: فأَشْرَط فيها أَي استخَفَّ بها وجعلها شَرَطاً أَي شيئاً
دُوناً خاطَرَ بها.
أَبو عمرو: أَشْرَطْتُ فلاناً لعمل كذا أَي يَسَّرْتُه وجعلته يليه؛
وأَنشد:
قَرَّبَ منهم كلِّ قَرْمٍ مُشْرَطِ
عَجَمْجَمٍ، ذِي كِدْنةٍ عَمَلَّطِ
المُشْرَطُ: المُيَسَّرُ للعمل. والمِشْرَطُ: المِبْضَعُ، والمِشْراطُ
مثله. والشَّرْطُ: بَزْغُ الحَجّام بالمِشْرَطِ، شَرَطَ يَشْرُطُ
ويَشْرِطُ شَرْطاً إِذا بزَغ، والمِشْراطُ والمِشْرَطةُ: الآلةُ التي يَشْرُط
بها. قال ابن الأَعرابي: حدثني بعض أَصحابي عن ابن الكَلْبي عن رجل عن
مُجالِد قال: كنت جالساً عند عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن
أَبي طالب بالكوفة فأُتِيَ برجل فأَمَر بضَرْبِ عُنقه، فقلت: هذا واللّهِ
جَهْدُ البَلاء، فقال: واللّه ما هذا إِلا كشَرْطةِ حَجّامٍ بمشْرَطَتِه
ولكن جهد البلاء فَقْر مُدْقِعٌ بعد غِنىً مُوسع. وفي الحديث: نَهى النبي،
صلّى اللّه عليه وسلّم، عن شَرِيطةِ الشيطانِ، وهي ذبيحة لا تُفْرَى فيها
الأَوْداجُ ولا تُقْطَعُ ولا يُسْتَقْصَى ذبحُها؛ أُخذ من شَرْط الحجام،
وكان أَهل الجاهلية يقطعون بعضَ حَلْقِها ويتركونها حتى تموتَ، وإِنما
أَضافها إِلى الشيطان لأَنه هو الذي حملهم على ذلك وحسّن هذا الفعلَ
لدَيْهِم وسوّلَه لهم.
والشَّرِيطةُ من الإِبل: المشقُوقةُ الأُذن. والشَّرِيطةُ: شِبْه خُيوطٍ
تُفْتل من الخُوص واللِّيفِ، وقيل: هو الحبلُ ما كان، سمي بذلك لأَنه
يُشْرَطُ خُوصه أَي يُشَقُّ ثم يفتل، والجمع شَرائطُ وشُرُطٌ وشَرِيطٌ
كشَعيرة وشَعير.
والشَّرِطُ: العَتِيدةُ للنساء تَضَعُ فيها طِيبَها، وقيل: هي عَتيدةُ
الطِّيبِ، وقيل: العَيْبةُ؛ حكاه ابن الأَعرابي وبه فُسِّر قولُ عَمْرو بن
مَعْدِ يكَرِب:
فَزَيْنُكَ في الشَّرِيطِ إِذا التَقَيْنا،
وسابِغةٌ وذُو النُّونَيْنِ زَيْني
يقول: زَيْنُكَ الطِّيبُ الذي في العَتِيدةِ أَو الثيابُ التي في
العَيْبة، وزَيْني أَنا السِّلاحُ، وعَنَى بذي النُّونين السيفَ كما سماه بعضهم
ذا الحَيّاتِ؛ قال الأَسود بن يَعْفُرَ:
عَلَوْتُ بِذي الحَيّاتِ مَفْرَقَ رأْسِه،
فَخَرَّ، كما خَرَّ النِّساءُ، عَبِيطَا
وقال مَعْقِلُ بن خُوَيْلِد الهُذليّ:
وما جَرَّدْتُ ذا الحَيّاتِ، إِلاّ
لأَقْطَعَ دابِرَ العَيْشِ، الحُبابِ
(* قوله «الحباب» ضبط في الأصل هنا وفي مادة دبر بالضم، وقال هناك:
الحباب اسم سيفه.)
كانت امرأَته نظرت إِلى رجل فضرَبها مَعْقِلٌ بالسيف فأَتَرَّ يَدَها
فقال فيها هذا، يقول: إِنما كنت ضربْتُكِ بالسيفِ لأَقْتُلَكِ فأَخْطأْتكِ
لجَدِّكِ:
فَعادَ عليكِ أَنَّ لَكُنّ حَظّاً،
وواقِيةً كواقِيةِ الكِلابِ
وقال أَبو حنيفة: الشَّرَطُ المَسِيلُ الصغير يجيء من قَدر عشرة أَذرُع
مِثل شَرَطِ المال رُذالِها، وقيل الأَشْراطُ ما سال من الأَسْلاقِ في
الشِّعابِ.
والشَّرْواطُ: الطويلُ المُتَشَذِّبُ القليل اللحْم الدقيقُ، يكون ذلك
من الناس والإِبل، وكذلك الأُنثى بغير هاء؛ قال:
يُلِحْنَ من ذِي زَجَلٍ شِرْواطِ،
مُحْتَجِزٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ
قال ابن بري: الرجَز لجسَّاسِ بن قُطَيْبٍ والرجز مُغَيَّرٌ؛ وصوابه
بكماله على ما أَنشده ثعلب في أَمالِيه:
وقُلُصٍ مُقْوَرَّةِ الأَلْياطِ،
باتَتْ على مُلَحَّبٍ أَطَّاطِ
تَنْجُو إِذا قيل لها يَعاطِ،
فلو تَراهُنَّ بذي أُراطِ،
وهنَّ أَمثالُ السُّرَى الأَمْراطِ،
يُلِحْنَ من ذي دَأَبٍ شِرْواطِ،
صاتِ الحُداءِ شَظِفٍ مِخْلاطِ،
مُعْتَجِرٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ
على سَراوِيلَ له أَسْماطِ،
ليست له شَمائلُ الضَّفَّاطِ
يتْبَعْنَ سَدْوَ سَلِسِ المِلاطِ،
ومُسْرَبٍ آدَمَ كالفُسْطاطِ( ) قوله «ومسرب» كذا في الأَصل بالسين
المهملة ولعله بالشين المعجمة.
خَوَّى قليلاً، غيرَ ما اغْتِباطِ،
على مَباني عُسْبٍ سِباطِ
يُصْبِحُ بعد الدَّلَج القَطْقاطِ،
وهْو مُدِلٌّ حسَنُ الأَلْياطِ
الأَلْياطُ: الجُلود. ومُلَحَّب: طريق. وأَطّاطٌ: مُصوِّتٌ. ويَعاطِ:
زَجْر. وأُراطٌ: موضع. والسُّرَى، جمع سُرْوةٍ: السَّهْم. والأَمْراطُ:
المُتمرِّطةُ الرِّيشِ. ويُلِحْن: يَفْرَقْنَ. والدّأَبُ: شدَّة السَّيْر
والسَّوْقِ. والشَّظَفُ: خُشونة العيْشِ. والضَّفّاطُ: الكثير اللحم، وهو
أَيضاً الذي يُكْرَى من مَنْزِل إِلى منزل. والمِلاطُ: المِرْفَقُ،
وعُسُبٌ قَوائمه. وسِباطٌ: جمع سَبْطٍ. والقَطْقاطُ: السريعُ. الليث: ناقة
شِرْواطٌ وجمل شِرْواط طويل وفيه دِقّة، الذكر والأُنثى فيه سواء. ورجل
شِرْوَطٌ: طويل. وبنو شَرِيطٍ: بطن.
شفق: الشّفَق والشَّفَقة: الاسم من الإشْفاق. والشَّفَق: الخِيفة.
شَفِقَ شَفَقاً، فهو شَفِقٌ، والجمع شَفِقُون؛ قال الشاعر إسحق بن خلف، وقيل
هو لابن المُعَلَّى:
تَهْوى حَياتي، وأَهْوَى مَوْتَها شَفَقاً،
والمَوْتُ أكْرَمُ نزّالٍ على الحُرَمِ
وأشْفَقْت عليه وأَنا مُشْفِق وشَفِيق، وإذا قلت: أَشْفَقْت منه، فإنما
تعنى حذِرْته، وأَصلهما واحد، ولا يقال شَفَقْت. قال ابن دريد: شَفَقْت
وأَشْفَقَت بمعنى، وأَنكره أهل اللغة. الليث: الشَّفَقُ الخوف. تقول: أنا
مُشْفِق عليك أي أَخاف. والشَّفَقُ أيضاً الشَّفَقة وهو أن يكون الناصِحُ
من بُلوغِ النُّصْح خائفاً على المَنْصوح. تقول: أَشْفَقْت عليه أن
يَنالَه مكروه. ابن سيده: وأشْفَق عليه حَذِرَ، وأشْفَق منه جَزِع، وشَفَق
لغة. والشَّفَق والشَّفقة: الخيفةُ من شدة النصح. والشَّفِيق: الناصِحُ
الحريص على صلاح المنصوح. وقوله تعالى: إنّا كنّا مِنْ قَبْلُ في أَهلِنا
مُشْفِقين، أي كنا في أهلنا خائفين لهذا اليوم. وشَفِيق: بمعنى مُشْفِق مثل
أَليم ووَجِيع وداعٍ
(* قوله «وداع» هكذا في الأصل.) وسَميع. والشَّفَق
والشَّفَقة: رقَّة مِنْ نُصْحٍ أو حُبٍّ يؤدِّي إلى خوف. وشَفِقْت من
الأمر شَفَقَةً: بمعنى أَشْفَقْت؛ وأنشد:
فإنِّي ذُو مُحافَظَــةٍ لِقَوْمي،
إذا شَفِقَتْ على الرِّزْقِ العِيالُ
وفي حديث بلال: وإنما كان يفعل ذلك شَفَقاً من أَن يدركه الموت؛
الشَّفَق والإشْفاق: الخوف، يقال: أَشْفَقْت أُشْفِق إشفاقاً، وهي اللغة
العالية. وحكى ابن دريد: شَفِقْت أَشْفَق شَفَقاً؛ ومنه حديث الحسن: قال
عُبَيْدة أَتَيْناه فازْدحَمْنا على مَدْرَجةٍ رَثّةٍ فقال: أَحسنوا مَلأَكم
أَيُّها المَرْؤون وما على البِناء شِفَقاً ولكن عليكم؛ انتصب شَفَقاً بفعل
مضمر وتقديره وما أُشْفِقُ على البناء شَفَقاً ولكن عليكم؛ وقوله:
كما شَفِقَت على الزاد العِيالُ
أراد بَخِلت وضَنّت، وهو من ذلك لأن البخيل بالشيء مُشْفِق عليه.
والشَّفَق: الرّديء من الأشياء وقلّما يجمع. ويقال: عطاء مُشَفَّق أَي
مُقَلَّل؛ قال الكميت:
مَلِك أَغرُّ من الملوك، تَحَلّبَت
للسائلين يداه، غير مُشَفِّق
وقد أَشْفَق العطاء. ومِلْحفة شَفَقُ النسج: رديئة. وشَفَّق المِلْحَفة:
جعلها شَفَقاً في النسج. والشَّفَقُ: بقية ضوء الشمس وحمرتُها في أَول
الليل تُرَى في المغرب إلى صلاة العشاء. والشَّفَق: النهار أَيضاً؛ عن
الزجاج، وقد فسر بهما جميعاً قوله تعالى: فلا أُقْسِمُ بالشَّفَق. وقال
الخليل: الشَّفَقُ الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الأخيرة، فإذا ذهب
قيل غابَ الشَّفَق، وكان بعض الفقهاء يقول: الشَّفَق البياض لأن الحمرة
تذهب إذا أَظلمت، وإنما الشَّفَق البياضُ الذي إذا ذهب صُلِّيَت العشاءُ
الأَخيرة، والله أعلم بصواب ذلك. وقال الفراء: سمعت بعض العرب يقول عليه ثوب
مصبوغ كأنه الشَّفَق، وكان أَحمر، فهذا شاهِدُ الحمرة. أبو عمرو:
الشَّفَقُ الثوب المصبوغ بالحمرة . . . . .
(* كذا بياض بالأصل.) في السماء.
وأَشْفَقَنْا: دخلنا في الشَّفَق. وأَشْفَق وشَفَّق: أتى بشَفَقٍ وفي
مواقيت الصلاة حتى يغيب الشَّفَقُ؛ هو من الأضداد يقع على الحمرة التي تُرى
بعد مغيب الشمس، وبه أخذ الشافعي، وعلى البياض الباقي في الأُفُق الغربي
بعد الحمرة المذكورة، وبه أَخذ أَبو حنيفة. وفي النوادرَ: أنا في عَروض منه
وفي أَعْراضٍ منه أي في نواحٍ.