من (ر د ي) لابس الرداء، والساقط من أعلى.
من (ر د ي) لابس الرداء، والساقط من أعلى.
ردم: الرَّدْمُ: سَدُّكَ باباً كلّه أو ثُلْمَةً أو مدخلاً أو نحو ذلك.
يقال: رَدَمَ البابَ والثُّلْمَةَ ونحوَهما يَرْدِمُهُ، بالكسر، رَدْماً
سدَّه، وقيل: الرَّدْم أكثر من السَّدّ، لأن الرَّدْمَ ما جعل بعضه على
بعض، والاسم الرَّدْمُ وجمعه رُدُومٌ. والرَّدْمُ: السَّدُّ الذي بيننا
وبين يَأْجوج ومَأْجوج. وفي التنزيل العزيز: أَجْعَلْ بينكم وبينهم
رَدْماً. وفي الحديث: فُتِح اليومَ من رَدْمِ يأْجوج ومأْجوج مثلُ هذه، وعَقَدَ
بيده تسعين، من رَدَمْتُ الثُّلْمَة رَدْماً إذا سَددتها، والاسم والمصدر
سواء؛ الرَّدْمُ وعَقْدُ التسعين: من مُواضَعات الحُسّاب، وهو أن يجعل
رأس الإصبع السَّبابة في أصل الإبهام ويضمها حتى لا يَبين بينهما إلا
خَلَلٌ يسير. والرَّدْمُ: ما يسقط من الجدار إذا انهدم. وكل ما لُفِقَ بعضُه
ببعض فقد رُدِمَ.
والرَّدِيمةُ: ثوبان يخاط بعضهما ببعض نحو اللِّفاق وهي الرُّدُومُ، على
توهم طرح الهاء. والرَّدِيمُ: الثوب الخَلَقُ. وثوب رَدِيمٌ: خَلَقٌ،
وثياب رُدُمٌ؛ قال ساعدة الهذلي:
يُذْرِينَ دَمْعاً على الأَشْفارِ مُبْتَدِراً،
يَرْفُلْنَ بعد ثِيابِ الخالِ في الرُّدُمِ
ورَدَمْتُ الثوب ورَدَّمْتُه تَرْدِيماً، وهو ثوب رَديمٌ ومُرَدَّمٌ أي
مرقع. وتَرَدَّمَ الثوبُ أي أَخْلَقَ واسْتَرْقَعَ فهو مُتَرَدِّــمٌ.
والــمُتَرَدَّــمُ: الموضع الذي يُرَقَّعُ. ويقال: تَرَدَّمَ الرجلُ ثوبه أي
رقعه، يتعدى ولا يتعدى. ابن سيده: ثوب مُرَدَّمٌ ومُرْتَدَمٌ ومُتَرَدَّــمٌ
ومُلَدَّمٌ خَلَقٌ مُرَقَّعٌ؛ قال عنترة:
هل غادَرَ الشُّعَراءُ من مُتَرَدَّــمِ،
أم هل عَرَفْتَ الدارَ بعد تَوَهُّمِ؟
معناه أي مُسْتَصْلَحٍ؛ وقال ابن سيده: أي من كلام يَلْصَقُ بعضُه ببعض
ويُلَبَّق أي قد سبقونا إلى القول فلم يَدَعُوا مقالاً لقائل. ويقال:
صِرتُ بعد الوَشْي والخَزِّ في رُدُمٍ، وهي الخُلْقان، بالدال غير معجمة.
ابن الأعرابي: الأَرْدَمُ المَلاَّحُ، والجمع الأَرْدمون؛ وأنشد في صفة
ناقة:
وتَهْفُو بهادٍ لها مَيْلَعٍ،
كما أقحَمَ القادِسَ الأرْدَمُونا
المَيْلَعُ: المضطرب هكذا وهكذا، والمَيْلَعُ: الخفيف. وتَرَدَّمَتِ
الناقةُ: عطفت على ولدها.
والرَّدِيمُ: لَقَب رجل من فُرْسان العرب، سُمِّي بذلك لعظم خَلقِه،
وكان إذا وقف مَوْقِفاً رَدَمَهُ فلم يجاوز.
وتَرَدَّمَ القومُ الأرض: أكلوا مَرْتَعَها مرة بعد مرة.
وأَرْدَمَتْ عليه الحُمَّى، وهي مُرْدِمٌ: دامت ولم تفارقه. وأرْدَمَ
عليه المرضُ: لزمه. ويقال: وِرْدٌ مُرْدِمٌ وسحاب مُرُْدِمٌ.
ورَدَمَ البعيرُ والحمار يَرْدُمُ رَدْماً: ضَرطَ، والاسم الرُّدامُ،
بالضم، وقيل: الرَّدْمُ الضُّراط عامَّةً. ورَدَمَ بها رَدْماً: ضَرطَ.
الجوهري: رَدَمَ يَرْدُمُ، بالضم، رُداماً. والرَّدْمُ: الصوت، وخص به بعضهم
صوت القَوْس. ورَدَمَ القوس: صَوَّتها بالإنْباض؛ قال صَخْر الغَيّ يصف
قوساً:
كأنَّ أُزْبِيَّها إذا رُدِمَتْ،
هَزْمُ بُغاةٍ في إثْرِ ما فَقَدُوا
رُدِمَتْ: صُوّتت بالإِنْباض، وفي التهذيب: رُدِمَتْ أُنْبض عنها،
والهَزْمُ: الصوت. قال الأزهري: كأنه مأْخوذ من الرُّدامِ، وهو الضراط. ورجل
رَدْمٌ ورُدامٌ: لا خير فيه. ورَدَمَ الشيءُ يَرْدُمُ رَدْماً: سال؛ هذه
عن كراع، ورواية أبي عبيد وثعلب: رَذَمَ، بالذال المعجمة. والرَّدْمُ:
موضع بتهامة؛ قال أَبو خِراش:
فَكَلاّ ورَبِّي لا تعودي لِمِثْلِهِ،
عَشِيّةَ لاقَتْهُ المَنِيّةُ بالرَّدْمِ
حذف النون التي هي علامة رفع الفعل في قوله تَعُودي للضرورة؛ ونظيره قول
الآخر:
أَبيتُ أَسْرِي، وتَبِيتي تَدْلُكي
جسمك بالجادِيِّ والمِسْكِ الذكي
وله نظائر، ونصب عشية على المصدر، أراد عَوْدَ عشيةٍ، ولا يجوز أن تنتصب
على الظرف لتدافع اجتماع الاستقبال والمضي، لأن تعودي آتٍ وعشية
لاقَتْهُ ماض؛ هذا معنى قول ابن جني. ورَدْمان: قبيلة من العرب باليمن.
ردد: الرد: صرف الشيء ورَجْعُه. والرَّدُّ: مصدر رددت الشيء. ورَدَّهُ
عن وجهه يَرُدُّه رَدّاً ومَرَدّاً وتَرْداداً: صرفه، وهو بناء للتكثير؛
قال ابن سيده: قال سيبويه هذا باب ما يكثر فيه المصدر من فَعَلْتُ فتلحق
الزائد وتبنيه بناء آخر، كما أَنك قلت في فَعَلْتُ فَعَّلْتُ حين كثرت
الفعل، ثم ذكر المصادر التي جاءت على التَّفْعال كالترداد والتلعاب والتهذار
والتصفاق والتقتال والتسيار وأَخوانها؛ قال: وليس شيء من هذا مصدر
أَفعلت، ولكن لما أَردتَ التكثير بنيت المصدر على هذا كما بنيت فَعَلْتُ على
فَعَّلْتُ. والمَرَدُّ: كالردّ. وارْتَدَّه: كَرَدَّه؛ قال مليح:
بَعَزْمٍ كوَقْعِ السيف لا يستقله
ضعيفٌ، ولا يَرْتَدُّه، الدهرَ، عاذِلُ
وردَّه عن الأَمر ولَدَّه أَي صرفه عنه برفق.
وأَمر الله لا مردَّ له، وفي التنزيل العزيز: فلا مردَّ له؛ وفيه: يوم
لا مردَّ له؛ قال ثعلب: يعني يوم القيامة لأَنه شيءٌ لا يُرَدُّ.
وفي حديث عائشة: من عمل عملاً ليس عليه أَمرنا فهو رَدٌّ أَي مردودٌ
عليه. يقال: أَمْدٌ رَدٌّ إذا كان مخالفاً لما عليه السنَّة، وهو مصدر وصف
به.
وشيءٌ رَدِيدٌ: مَرْدودٌ؛ قال:
فَتىً لم تَلِدْهُ بِنتُ عَمٍّ قريبةٌ
فَيَضْوَى، وقد يَضْوَى رَدَيِدُ الغَرائب
وقد ارتدَّ وارتدَّ عنه: تحوّل. وفي التنزيل: من يرتدد منكم عن دينه؛
والاسم الرِّدّة، ومنه الردَّة عن الإِسلام أَي الرجوع عنه. وارتدَّ فلان
عن دينه إِذا كفر بعد إِسلامه. وردَّ عليه الشيء إِذا لم يقبله، وكذلك
إِذا خَطَّأَه. وتقول: رَدَّه إِلى منزله ورَدَّ إِليه جواباً أَي رجع.
والرِّدّة، بالكسر: مصدر قولك ردَّه يَرُدُّه رَدّاً ورِدَّة. والرِّدَّةُ:
الاسم من الارتداد. وفي حديث القيامة والحوض فيقال: إِنهم لم يزالوا
مُرْتَدِّين على أَعقابهم أَي متخلفين عن بعض الواجبات. قال: ولم يُرِدْ
رِدَّةَ الكفر ولهذا قيده بأَعقابهم لأَنه لم يَرْتَدَّ أَحد من الصحابة بعده،
إِنما ارتد قوم من جُفاة الأَعراب.
واسَتَردَّ الشيءَ وارْتَدَّه: طلب رَدَّه، عليه؛ قال كثير عزة:
وما صُحْبَتي عبدَ العزيز ومِدْحتي
بِعارِيَّةٍ، يَرتدُّها مَن يُعِيرُها
والاسم: الرَّداد والرِّداد؛ قال الأَخطل:
وما كلُّ مَغْبونٍ، ولو سَلْفَ صَفْقَةٍ،
يُراجِعُ ما قد فاته بِرَدادِ
ويروى بالوجهين جميعاً، ورُدُود الدارهم: ما رُدَّ، واحدها رِدُّ، وهو
ما زِيفَ فَرُدَّ على ناقده بعدما أُخذ منه، وكل ما رُدَّ بغير أَخذ:
رَدٌّ.
والرِّدُّ: ما كان عماداً للشيء يدفعه ويَرُدُّه؛ قال:
يا رب أَدعوك إِلهاً فَرْداً،
فكن له من البلايا رِدَّا
أَي مَعْقِلاً يُردُّ عنه البلاء. والرِّدُّ: الكهف؛ عن كراع. وقوله
تعالى: فأَرسله معي رِدّاً يصدّقني؛ فيمن قرأَ به يجوز أَن يكون من الاعتماد
ومن الكهف، وأَن يكون على اعتقاد التثقيل في الوقف بعد تحفيف الهمز.
ويقال: وهب هبة ثم ارتدَّها أَي استردَّها. وفي الحديث: أَسأَلك إِيماناً لا
يَرْتَدُّ أَي لا يرجع. والمردودة: المطلقة وكله من الرَّدّ. وفي حديث
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال لسراقة بن جُعْشُمٍ: أَلا أَدلك على
أَفضل الصدقة؟ ابنتك مردودة عليك ليس لها كاسب غيرك؛ أَراد أَنها مطلقة
من زوجها فترد إِلى بيت أَبيها فأَنفق عليها، وأَراد: أَلا أَدلك على
أَفضل أَهل الصدقة؟ فحذف المضاف. وفي حديث الزبير في دارٍ له وقفها فكتب:
وللمردودة من بناتي أَن تسكنها؛ لأَن المطلقة لا مسكن لها على زوجها. وقال
أَبو عمرو: الرُّدَّى المرأَة المردودة المطلقة. والمردودة: المُوسَى
لأَنها ترد في نصابها. والمردود: الردّ، وهو مصدر مثل المحلوف والمعقول؛ قال
الشاعر:
لا يَعْدَمُ السائلون الخيرَ أَفْعَلُه،
إِمَّا نَوالاً، وإِمَّا حُسْنَ مَرْدودِ
وقوله في الحديث: رُدُّوا السائل ولو بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ أَي أَعطوه ولو
ظلفاً محرقاً. ولم يُرِدْ رَدَّ الحِرْمان والمنع كقولك سَلَّم فردَّ
عليه أَي أَجابه. وفي حديث آخر: لا تردوا السائل ولو بِظِلفٍ أَي لا تردّوه
ردَّ حرمات بلا شيء ولو أَنه ظلف؛ وقول عروة بن الورد:
وزَوَّد خيراً مالكاً، إِنَّ مالكاً
له رَدَّةٌ فينا، إِذا القوم زُهَّدُ
قال شمر: الرَّدَّةُ العَطْفَة عليهم والرغبة فيهم. وردَّده ترديداً
وتَرْداداً فتردد. ورجل مُردِّدٌ: حائر بائر. وفي حديث الفتن: ويكون عند
ذلكم القتال رَدَّةٌ شديدة، وهو بالفتح، أَي عطفة قوية. وبحر مُرِدٌّ أَي
كثير الموج. ورجل مُرِدٌّ أَي شَبِق. والارتداد: الرجوع، ومنه المُرْتَدّ.
واستردَّه الشيء: سأَله أَن يَرُدَّه عليه.
والرِّدِّيدَى: الرد. وتَرَدَّدَ وتَرادَّ: تراجع. وما فيه رِدِّيدَى
أَي احتباس ولا تَرْداد. وروي عن عمر بن عبدالعزيز أَنه قال: لا رِدِّيدَى
في الصدقة؛ يقول لا تردّ، المعنى أَن الصدقة لا تؤْخذ في السنة مرتين
لقوله، عليه السلام: لا ثِنى في الصدقة. أَبو عبيد: الرِّدِّيدَى من الردِّ
في الشيء. ورِدِّيدَى، بالكسر والتشديد والقصر: مصدر من رد يرد
كالقَتِّيت والخِصِّيصى.
والرِّدُّ: الظهر والحَمُولة من الإِبل؛ قال أَبو منصور: سميت رِدّاً
لأَنها تُردُّ من مرتعها إِلى الدار يوم الظعن؛ قال زهير:
رَدَّ القِيانُ جِمالَ الحيِّ، فاحتُمِلوا
إِلى الظَّهيرَةِ، أَمرٌ بينهم لَبِكُ
ورادَّه الشيءَ أَي رده عليه. وهما يتَرادَّان البيعَ: من الرد والفسخ.
وهذا الأَمر أَرَدُّ عليه أَي أَنفع له. وهذا الأَمر لا رادَّة له أَي لا
فائدة له ولا رجوع. وفي حديث أَبي إِدريسَ الخولاني: قال لمعاوية إِن
كان دَاوَى مَرْضاها ورَدَّ أُولادها على أُخْراها أَي إِذا تقدمت أَوائلها
وتباعدت عن الأَواخر، لم يَدَعْها تتفرق، ولكن يحبس المتقدمة حتى تصل
إِليها المتأَخرة. ورجلٌ مُتردِّــد: مجتمع قصير ليس بِسَبْطِ الخَلْقِ. وفي
صفته، صلى الله عليه وسلم: ليس بالطويل البائن ولا القصير الــمتردِّــد أَي
المتناهي في القصر، كأَنه تردد بعض خْلَقه على بعض وتداخلت أَجزاؤُه.
وعُضْو رِدِّيدٌ: مكتز مجتمع، قال أبو خراش:
مكتنز الحُتُوفُ فَهُوَّ جَوْنٌ،
كِنازُ اللحْمِ، فائلُهُ رَدِيدُ
والرَّدَد والرِّدَّة: أَن تشرب الإِبل الماء عَلَلاً فترتد الأَلبان في
ضروعها. وكل حامل دنت ولادتها فعظم بطنها وضرعها: مُرِدّ. والرِّدَّة:
أَن يُشْرِقَ ضرع الناقة ويقع فيه اللبن، وقد أَردّتْ. الكسائي: ناقة
مُرْمِدٌ على مثال مُكرِم، ومُرِدٌّ مثال مُقِل إِذا أَشْرَقَ ضرعها ووقع فيه
اللبن. وأَردّت الناقة: بركت على نَدًى فَورِم ضرعها وحياؤها، وقيل: هو
ورم الحياء من الضَّبَعَة، وقيل: أَرَدَّتِ الناقة وهي مُردّ وَرمت
أَرفاغها وحياؤها من شرب الماء. والرَّدَدُ والرَّدَّة: ورم يصيبها في
أَخلافها، وقيل: ورمها من الحَفْل. الجوهري: الرِّدَّة امتلاء الضرع من اللبن
قبل النتاج؛ عن الأَصمعي؛ وأَنشد لأَبي النجم:
تَمْشِي من الرِّدَّة مَشْيَ الحِفَّل،
مَشْيَ الرَّوايا بالمَزادِ المُثْقِل
ويروى بالمزاد الأَثقل، وتقول منه: أَردَّتِ الشاة وغيرها، فهي مُرِدّ
إِذا أَضرعت. وناقة مُرِدٌّ إِذا شربت الماء فورم ضرعها وحياؤها من كثرة
الشرب. يقال: نوق مَرادُّ، وكذلك الجمال إِذا أَكثرت من الماء فثقلت. ورجل
مُرِدٌّ إِذا طالت عُزْبَتُه فترادّ الماء في ظهره. ويقال: بحر مُرِدٌّ
أَي كثير الماء؛ قال الشاعر:
ركِبَ البحر إِلى البحرِ، إِلى
غَمَراتِ الموتِ ذي المَوْجِ المُرِدّ
وأَردّ البحر: كثرت أَمواجه وهاج. وجاء فلان مُرِدَّ الوجه أَي غضبانَ.
وأَرَدَّ الرجلُ: انتفخ غضباً، حكاه صاحب الأَلفاظ؛ قال أَبو الحسن: وفي
بعض النسخ اربَدَّ. والرِّدَّة: البقية؛ قال أَبو صخر الهذلي:
إِذا لم يكن بين الحَبِيبَيْنِ رِدَّةٌ،
سِوىِ ذكر شيء قد مَضى، دَرَسَ الذِّكر
والرَّدَّة: تَقاعُس في الذقن إِذا كان في الوجه بعض القباحة ويعتريه
شيء من جمال؛ وقال ابن دريد:
في وجهه قبح وفيه رَدَّة
أَي عيب. وشيء رَدٌّ أَي رديء. ابن الأَعرابي: يقال للإِنسان إِذا كان
فيه عيب: فيه نَظْرة ورَدَّة وخَبْلَة؛ وقال أَبو ليلى: في فلان رَدَّة
أَي يرتد البصر عنه من قبحه؛ قال: وفيه نَظْرَة أَي قبح. الليث: يقال
للمرأَة إِذا اعتراها شيء من خبال وفي وجهها شيء من قباحة: هي جميلة ولكن في
وجهها بعض الرَّدَّة. وفي لسانه رَدٌّ أَي حُبسة. وفي وجهه رَدَّة أَي قبح
مع شيء من الجمال.
ابن الأَعرابي: الرُّدُدُ القباح من الناس. يقال: في وجهه ردَّة، وهو
رادّ.
ورَدَّادٌ: اسم رجل، وقيل: اسم رجل كان مُجَبِّراً نسب إِليهَ
المُجَبِّرون، فكل مُجَبِّر يقال له ردَّاد. ورُؤيَ رجل يوم الكُلاب يَشُدُّ على
قوم ويقول: أَنا أَبو شدَّاد، ثم يردّ عليهم ويقول: أَنا أَبو رَدَّاد.
ورجل مِرَدٌّ: كثير الردّ والكرّ؛ قال أَبو ذؤَيب:
مِرَدٌّ قد نَرى ما كان منه،
ولكن إِنما يُدْعى النجيب
ثرد: الثَّرِيدُ معروف. والثَّرْدُ: الهَشْمُ؛ ومنه قيل لما يُهشم من
الخبز ويُبَلُّ بماء القِدْرِ وغيره: ثَريدة.
والثَّرْدُ: الفَتُّ، ثَرَدَهُ يَثْرُدُهُ ثَرْداً، فهو ثريد. وثَرَدْتُ
الخبز ثَرْداً: كسرته، فهو ثَريدٌ ومَثْرُود، والاسم الثُّردة، بالضم.
والثَّريدُ والثَّرودَةُ: ما ثُرِدَ من الخبز.
واثَّرَدَ ثريداً واتَّرَدَه: اتخذه. وهو مُتَّرِد، قلبت الثاء تاء لأَن
الثاء أُخت التاء في الهمس، فلما تجاورتا في المخرج أَرادوا أَن يكون
العمل من وجه فقلبوها تاء وأَدغموها في التاء بعدها، ليكون الصوت نوعاً
واحداً، كأَنهم لما أَسكنوا تاء وَتِدٍ تخفيفاً أَبدلوها إِلى لفظ الدال
بعدها فقالوا وَدٌّ. غيره: اثَّرَدْتُ الخبز أَصله اثْتَرَدْتُ على افتعلت،
فلما اجتمع حرفان مخرجاهما متقاربان في كلمة واحدة وجب الإِدغام، إِلاَّ
أَن الثاء لما كانت مهموسة والتاء مجهورة
(* قوله «التاء مجهورة» المشهور
أن التاء مهموسة.) لم يصح ذلك، فأَبدلوا من الأَول تاء فأَدغموه في
مثله، وناس من العرب يبدلون من التاء ثاء فيقولون: اثَّرَدْتُ، فيكون الحرف
الأَصلي هو الظاهر؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أَلا يا خُبْزَ يا ابْنَةَ يَثْرُدانٍ،
أَبَى الحُلْقُومُ بَعْدَكِ لا يَنامُ
وبَرْقٍ لِلعَصيدَةِ لاحَ وَهْناً،
كما شَقَّقْت في القِدْرِ السَّناما
(* في هذا البيت إقواء).
قال: يَثْرُدانٍ غلامان كانا يثردان فَنَسَب الخُبزة إِليهما ولكنه نوّن
وصرف للضرورة، والوجه في مثل هذا أَن يحكى، ورواه الفراء أُثْرُدانٍ
فعلى هذا ليس بفعل سمي به إِنما هو اسم كأُسْحُلان وأُلْعُبانٍ؛ فحكمه أَن
ينصرف في النكرة ولا ينصرف في المعرفة؛ قال ابن سيده: وأَظن أُثْرُدانَ
اسماً للثريد أَو المثرود معرفةً، فإِذا كان كذلك فحكمه أَن لا ينصرف لكن
صرفه للضرورة، وأَراد أَبى صاحب الحلقوم بعدك لا ينام لأَن الحلقوم ليس هو
وحده النائم، وقد يجوز أَن يكون خص الحلقوم ههنا لأَن ممرّ الطعام إِنما
هو عليه، فكأَنه لما فقده حنَّ إِليه فلا يكون فيه على هذا القول حذف.
وقوله: وبرقٍ للعصيدة لاح وهناً، إِنما عنى بذلك شدّة ابيضاض العصيدة
فكأَنما هي برق، وإِن شئت قلت إِنه كان جَوْعانَ متطلعاً إِلى العصيدة كتطلع
المجدب إِلى البرق أَو كتطلع العاشق إِليه إِذا أَتاه من ناحية محبوبه.
وقوله: كما شققت في القِدر السناما، يريد أَن تلك العصيدة بيضاء تلوح كما
يلوح السنام إِذا شقق، يعني بالسنام الشحم إِذ هو كله شحم. ويقال: أَكلنا
ثَريدة دَسِمَةً، بالهاء، على معنى الاسم أَو القطعة من الثريد. وفي
الحديث: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام؛ قيل: لم يرد عين
الثريد وإِنما أَراد الطعام المتخذ من اللحم والثَّريِد معاً لأَن
الثريد غالباً لا يكون إِلاَّ من لحم، والعرب قلما تتخذ طبيخاً ولا سيما بلحم.
ويقال: الثريد أَحد اللحمين بل اللذة والقوَّة إِذا كان اللحم نضيجاً في
المرق أَكثر ما يكون في نفس اللحم.
والتَّثْريدُ في الذبح: هو الكسر قبل أَن يَبْرُدَ، وهو منهيٌّ عنه.
وثَرَدَ الذَّبِيحَة: قَتَلها من غير أَن يَفْرِيَ أَوْداجَها؛ قال ابن
سيده: وأُرى ثَرَّدَه لغة. وقال ابن الأَعرابي: المُثَرِّدُ الذي لا تكون
حديدته حادَّة فهو يفسخ اللحم؛ وفي الحديث؛ سئل ابن عباس عن الذبيحة
بالعُودِ فقال: ما أَفْرَى الأَوْداجَ غيرُ المُثَرِّدِ، فكُلْ. المُثَرِّدُ:
الذي يقتُلُ بغير ذكاة. يقال: ثَرَّدْتَ ذَبيحَتَك. وقيل: التَّثْريدُ أَن
يَذْبَحَ الذبيحةَ بشيء لا يُنْهِرُ الدَّمَ ولا يُسيلُهُ فهذا
المُثَرِّدُ. وما أَفْرَى الأَوداجَ من حديد أَو لِيطَةٍ أَو طَرِيرٍ أَو عود له
حد، فهو ذكيٌّ غيرُ مُثَرِّدٍ، ويروى غيرُ مُثَرَّدٍ، بفتح الراء، على
المفعول، والرواية كُلْ: أَمْرٌ بالأَكلِ، وقد ردَّها أَبو عبيد وغيره.
وقالوا: إِنما هي كلُّ ما أَفْرَى الأَوْداجَ أَي كلُّ شيءٍ أَفْرَى،
والفَرْيُ القطع. وفي حديث سعيد وسئل عن بعير نحروه بعود فقال: إِن كانَ مارَ
مَوْراً فكلوه، وإِن ثَرَدَ فلا. وقيل: المُثَرِّدُ الذي يذبح ذبيحته بحجر
أَو عظم أَو ما أَشبه ذلك، وقد نُهِيَ عنه، والمِثْرادُ: اسم ذلك الحجر؛
قال:
فلا تَدُمُّوا الكَلْبَ بالمِثْرادِ
ابن الأَعرابي: ثَرِدَ الرجلُ إِذا حُمِلَ من المعركة مُرْتَثّاً.
وثوبٌ مَثْرُودٌ أَي مغموس في الصِّبْغ؛ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
فأَخذتْ خِماراً لها قد ثرَدَتْه بزعفران أَي صبغته؛ وثوب مَثْرُود.
والثَّرَدُ، بالتحريك: تشقق في الشفتين.
والثَّرْدُ: المطر الضعيف؛ عن ابن الأَعرابي؛ قال: وقيل لأَعرابي ما
مَطَرُ أَرضك؟ قال: مُرَكَّكَةٌ فيها ضُروس، وثَرْدٌ يَذُرُّ بقلُه ولا
يُقَرِّحُ أَصْلُه؛ الضروس: سحائب متفرقة وغيوث يفرق بينها رَكاكٌ، وقال مرة:
هي الجَوْدُ. ويَذُرُّ: يطلعُ ويظهر، وذلك أَنه يَذُرُّ من أَدنى مطر،
وإِنما يَذُرُّ من مطر قدر وضَحِ الكف. ولا يُقَرِّحُ البَقْلُ إِلاَّ
مِنْ قَدْرِ الذراع من المطر فما زاد، وتقريحه نبات أَصله، وهو ظهور
عوده.والثَّرِيدُ القُمُّحانُ؛ عن أَبي حنيفة، يعني الذي يعلو الخمر كأَنه
ذريرة.
واثْرَنْدَى الرجل: كثر لحم صدره.
ردي: الرَّدى: الهلاكُ. رَدِيَ، بالكسر، يَرْدى رَدىً: هَلَكَ، فهو
رَدٍ. والرَّدِي: الهالِكُ، وأَرْداهُ اللهُ. وأَرْدَيْتُه أَي أَهلكتُه.
ورجلٌ رَدٍ: للهالك. وامرأَة رَدِيَةٌ، على فَعلةٍ. وفي التنزيل العزيز: إنْ
كِدْتَ لتُرْدِينِ؛ قال الزجاج: معناه لتُهْلِكُني، وفيه: واتَّبَعَ
هَواهُ فتَرْدى. وفي حديث ابن الأَكوع: فأَرْدَوْا فرَسَين فأَخَذْتُهما؛ هو
من الرَّدى الهلاكِ أَي أَتْعَبُوهُما حتى أَسْقَطوهُما وخَلَّفُوهُما،
والرواية المشهورة فأَرْذَوْا، بالذال المعجمة، أَي تركُوهما لضَعْفِهما
وهُزالهما. ورَدي في الهُوَّةِ رَدًى وتَرَدَّى: تَهِوَّر. وأَرْداهُ
الله ورَدَّاه فَتَرَدّى: قلبَه فانْقَلب. وفي التنزيل العزيز: وما يُغْني
عنه مالُه إذا تَرَدََّى؛ قيل: إذا مات، وقيل: إذا ترَدّى في النار من
قوله تعالى: والــمُتَرَدِّــيةُ والنَّطِيحَة؛ وهي التي تَقَع من جَبَلٍ أَو
تَطِيحُ في بِئْرٍ أَو تسقُطُ من موضِعٍ مُشْرفٍ فتموتُ. وقال الليث:
التّرَدِّي هو التَّهَوُّر في مَهْواةٍ. وقال أَبو زيد: رَدِيَ فلانٌ في
القَلِيب يَرْدى وتردّى من الجبل تَرَدِّياً. ويقال: رَدى في البئر وتَرَدَّى
إذا سَقَط في بئرٍ أَو نهرٍ من جبَلٍ، لُغتان. وفي الحديث أَنه قال في
بَعيرٍ ترَدَّى في بئر: ذَكِّه من حيث قدَرْت؛ تردَّى أَي سقَطَ كأَنه
تفَعَّل من الرَّدى الهَلاكِ أَي اذْبَحْه في أَيِّ موضع أَمْكَن من بدَنِهِ
إذا لم تتمكن من نحره. وفي حديث ابن مسعود: من نَصَر قوْمَه على غير
الحقِّ فهو كالبعير الذي رَدى فهو يُنْزَعُ بذَنَبه؛ أَرادَ أَنه وقَع في
الإثم وهَلَك كالبعِير إذا تَرَدَّى في البِئر وأُريد أَن يُنْزَعَ بذَنَبه
فلا يُقْدَرَ على خلاصه، وفي حديثه الآخر: إنَّ الرجلَ ليَتَكَلَّم
بالكَلِمَة من سَخَطِ الله تُرْدِيه بُعْدَ ما بين السماء والأََرضِ أََي
توقعُهُ في مَهْلَكة.
والرِّداءُ: الذي يُلْبَسُ، وتثنيتُه رِداءَانِ، وإن شِئتَ رِداوانِ
لأَن كل اسمٍ ممدودٍ فلا تَخْلُو همْزَتُه، إمّا أَن تكون أَصلِيَّة
فتَتْرُكها في التثنية على ما هي عليه ولا تَقْلِبها فتقول جَزَاءانِ
وخَطاءَانِ، قال ابن بري: صوابه أَن يقولَ قُرّاءَانِ ووُضَّاءَانِ مما آخِرُه
همزةٌ أَصليَّة وقبلَها أَلِفٌ زائدة، قال الجوهري: وإما أَن تكونَ للتأْنيث
فتَقْلِبها في التَّثنية واواً لا غيرُ، تقول صفراوان وسَوْداوانِ، وإما
أَن تكونَ مُنقَلبة من واوٍ أَو ياءٍ مثل كساءٍ ورداءٍ أَو مُلحِقَةً مثلُ
عِلْباءٍ وحِرْباءٍ مُلْحِْقَةٌ بسِرْداحٍ وشِمْلالٍ، فأَنتَ فيها
بالخيار إن شئت قلبَتْها واواً مثل التأْنيثِ فقلت كِساوانِ وعِلْباوانِ
ورِداوانِ، وإن شئت تركتَها همزةً مثل الأصلية، وهو أَجْوَد، فقلت كِساءَانِ
وعِلْباءَانِ ورِداءَان، والجمع أَكْسِية. والرِّداءُ: من المَلاحِفِ؛
وقول طَرَفة:
ووَجْه، كأَنّ الشَّمْسَ حَلّتْ رِداءَها
عليه، نَقِيّ اللّونِ لم يتَخَدَّدِ
(* وفي رواية أخرى: ألقَت رداءها).
فإنه جعل للشمس رداء، وهو جَوْهر لأَنه أَبلغ من النُّور الذي هو
العَرَض، والجمع أَرْدِيَةٌ، وهو الرداء كقولهم الإزارُ والإزارة، وقد تَرَدّى
به وارْتَدَى بمعنًى أي لبِسَ الرِّداءَ. وإنه لحَسَنُ الرِّدْيَةِ أَي
الارْتِداء. والرِّدْيَة: كالرِّكبةِ من الرُّكوبِ والجِلْسَةِ من
الجُلُوسِ، تقول: هو حسن الرِّدْيَة. ورَدَّيْتُه أَنا تَرْدِيةً. والرِّداءُ:
الغِطاءُ الكبير. ورجلٌ غَمْرُ الرِّداءِ: واسِعُ المعروف وإن كان رِداؤُه
صغيراً؛ قال كثير:
غَمْرُ الرِّداءِ، إذا تبَسَّمَ ضاحِكاً
غَلِقَتْ لضِحْكَتِه رِقابُ المالِ
وعَيْشٌ غَمْرُ الرِّداءِ: واسِعٌ خَصِيبٌ. والرِّداءُ: السَّيْفُ؛ قال
ابن سيده: أُراهُ على التشبيه بالرِّداءِ من المَلابِسِ؛ قال مُتَمِّم:
لقد كَفَّنَ المِنْهالُ، تحتَ رِدائِه،
فتًى غيرَ مِبْطانِ العَشِيَّاتِ أَرْوعا
وكان المِنْهالُ قتلَ أَخاهُ مالِكاً، وكان الرجلُ إذا قَتَل رجُلاً
مشهوراً وضع سيفَه عليه ليُعرفَ قاتِلُه؛ وأَنشد ابن بري للفرزدق:
فِدًى لسُيوفٍ من تميم وَفَى بِها
رِدائي، وجَلَّتْ عن وجُوهِ الأَهاتِم
وأَنشد آخر:
يُنازِعُني رِدائي عَبْدُ عَمْرٍو،
رُوَيْداً يا أَخا سَعْدِ بنِ بَكْرِ
وقد ترَدَّى به وارْتَدَى؛ أَنشد ثعلب:
إذا كشَفَ اليومُ العَمَاسُ عن اسْتِه،
فلا يَرْتَدي مِثْلي ولا يتَعَمَّمُ
كَنَى بالارتداء عن تقَلُّد السيفِ، والتَّعَمُّمِ عن حملِ البَيْضة أَو
المِغْفَر؛ وقال ثعلب: معناهما أَلْبَسُ ثيابَ الحرب ولا أَتَجَمَّل.
والرَّداءُ: القَوْسُ؛ عن الفارسي. وفي الحديث: نِعْمَ الرِّداءُ القَوْسُ
لأَنها تُحْمَلُ مَوْضِعَ الرِّداءِ من العاتِقِ. والرِّداءُ: العقلُ.
والرِّداءُ: الجهلُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
رفَعْتُ رِداءَ الجهلِ عَنِّي ولم يكن
يُقَصِّرُ عنِّي، قَبْلَ ذاكَ، رداءُ
وقال مرّة: الرِّداء كلُّ ما زَيَّنَك حتى دارُكَ وابْنُكَ، فعلى هذا
يكونُ الرِّداء ما زانَ وما شانَ. ابن الأَعرابي: يقال أَبوكَ رداؤُكَ
ودارُكَ رداؤُكَ وبُنَيُّكَ رداؤُكَ، وكلُّ ما زَيَّنَكَ فهو رداؤُكَ.
ورِداءُ الشَّبابِ: حُسْنُه وغَضارَتُه ونَعْمَتُه؛ وقال رؤْبة:
حتى إذا الدَّهْرُ اسْتَجَدَّ سِيما
من البِلى يَسْتَوْهِبُ الوَسِيما
رداءَهُ والبِشْرَِ والنَّعِيما
يَسْتوْهِبُ الدّهرُ الوَسِيمَ أَي الوجهَ الوَسيم رداءَهُ، وهو
نَعْمَتُه، واسْتَجدّ سِيما أَي أَثَراً من البِلى؛ وكذلك قول طرفة:
ووَجْه، كأَنّ الشَّمسَ حَلَّتْ رِداءَها
عليه، نَقيّ اللَّونِ لم يَتَخَدَّدِ
أَي أَلقت حسنها ونُورَها على هذا الوجه، من التحلية، فصار نُورُها
زينةً له كالحَلْيِ. والمَرَادي: الأَرْدِيةُ واحِدَتُها مِرْداةٌ؛ قال:
لا يَرْتَدي مَراديَ الحَريرِ،
ولا يُرَى بشِدّةِ الأَمِيرِ،
إلاَّ لِحَلْبِ الشَّاةِ والبَعِيرِ
وقال ثعلب: لا واحد لها. والرِّداءُ: الدَّينُ. قال ثعلب: وقول حكيم
العرَب من سَرّه النَّساءُ ولا نَساءَ، فلْيُباكِرِ الغَداءَ والعَشاءَ،
وليخفِّفِ الرِّداء، وليُحْذِ الحِذاء، وليُقِلَّ غِشيانَ النِّساء؛
الرِّداءُ: هنا الدَينُ؛ قال ثعلب: أَرادَ لو زاد شيء في العافية لزاد هذا ولا
يكون. التهذيب: وروي عن علي، كرّم الله وجهه، أَنه قال: مَنْ أَرادَ
البقاء ولا بَقاء، فلْيُباكِرِ الغَداء، وليُخَفِّف الرَّداء، وليُقِلِّ
غِشْيانَ النِّساءِ؛ قالوا له: وما تَخْفِيفُ الرِّداء في البَقاءِ؟ فقال:
قِلَّة الدَّيْنِ. قال أَبو منصور: وسُمِّي الدَّيْنُ رِداءً لأن الرداء
يقَع على المَنْكِبين والكَتِفَينِ ومُجْتَمَعِ العُنُقِ، والدَّيْنُ
أَمانةٌ، والعرب تقول في ضمان الدين هذا لك في عُنُقي ولازِمٌ رَقَبَتي، فقيل
للدَّينِ رِداءٌ لأَنه لَزِمَ عُنُقَ الذي هو عليه كالرِّداءِ الذي
يَلْزَم المَنْكِبين إذا تُرُدِّيَ به؛ ومنه قيل للسَّيفِ رِداءٌ لأَن
مُتَقلِّدَه بحَمائِله مُتَرَدٍّ به؛ وقالت خنساء:
وداهِيةٍ جَرَّها جارِمٌ،
جعَلْتَ رداءَكَ فيها خِمارا
أَي عَلَوتَ بسَيْفِك فيها رقابَ أَعْدائِكَ كالخِمارِ الذي يتَجَلَّلُ
الرأْسَ، وقَنَّعْتَ الأَبْطالَ فيها بسيفِك. وفي حديث قُسٍّ: ترَدَّوْا
بالصَّماصِمِ أَي صَيَّرُوا السُّوُف بمنزلة الأَرْدِية. ويقال للوِشاحِ
رداءٌ. وقد ترَدَّت الجارية إذا توَشَّحَت؛ وقال الأَعشى:
وتَبْرُد بَرْدَ رِداءِ العَرُو
سِ، بالصَّيفِ، رَقْرَقتَ فيه العَبيرا
يعني به رِشاحَها المُخَلَّقَ بالخَلُوق. وامرأَة هَيْفاءُ المُرَدَّى
أَي ضامِرَةُ موضعِ الوِشاحِ. والرداءُ: الشباب؛ وقال الشاعر:
وهَذَا وِدَائِي عِنْدَهُ يَسْتَعِيرُهُ
الأَصمعي: إذا عَدَا الفَرَسُ فرَجَم الأَرْضَ رَجْماً قيل رَدَى،
بالفتح، يَرْدِي رَدْياً ورَدياناً. وفي الصحاح: رَدَى يَرْدِي رَدْياً
ورَدَياناً. وفي الصحاح: رَدَى يَرْدِي رَدْياً ورَدَياناً إذا رَجَم الأَرضَ
رَجْماً بين العَدْو والمَشْي الشديد؛ وفي حديث عاتكة:
بجَأْوَاءَ تَرْدِي حافَتَيه المَقَانِبُ
أَي تَعْدُو. قال الأَصمعي: قلت لِمُنْتَجِعِ بنِ نَبهان ما الرَّدَيان؟
قال: عَدْوُ الحِمارِ بَيْنَ آرِيِّهِ ومُتَمَعَّكِه. ورَدَت الخَيْلُ
رَدْياً ورَدَياناً: رَجَمَت الأَرضَ بحَوافِرِها في سَيْرِها وعَدْوِها،
وأَرْدَاها هُو، وقيل: الرَّدَيانُ التَّقْريبُ، وقيل: الرَّدَيانُ
عَدْوُ الفَرَس. ورَدَى الغُرابُ يَرْدِي: حَجَلَ. والجَواري يَرْدِينَ
رَدْياً إذا رَفَعْنَ رِجْلاً ومَشَيْن على رِجْلٍ أُخْرَى يَلْعَبْنَ. ورَدَى
الغُلامُ إذا رَفَع إحدَى رِجْلَيْه وقَفَزَ بالأُخرى. ورَدَيتُ فلاناً
بحَجَرٍ أرْدِيهِ رَدْياً إذا رَمَيْته؛ قال ابن حِلِّزَةَ:
وكأنَّ المَنونَ تَرْدِي بِنَا أعْـ
صَم صمٍّ يَنْجَابُ عَنْه العَمَاءُ
وَرَدَيْتُه بالحِجارَةِ أَرْدِيهِ رَدْياً: رَمَيْته. وفي حديث ابن
الأَكوع: فَرَدَيْتُهُم بالحجارة أَي رَمَيْتُهُم بها. يقال: رَدَى يَرْدِي
رَدْياً إذا رَمَى. والمِرْدَى والمِرْدَاةُ: الحَجَرُ وأَكثر ما يقال في
الحَجَرِ الثَّقِيلِ. وفي حديث أُحد: قال أَبو سفيان من رَداهُ أَي منْ
رَماهُ. ورَدَيْتُه: صَدَمْته. ورَدَيْت الحَجَرَ بِصَخْرَة أَو
بِمعْوَلٍ إذا ضَرَبته بها لتَكسِره. ورَدَيْت الشيءَ بالحَجَرِ: كَسَرْته.
والمِرْداةُ: الصَّخْرة تَرْدِي بهَا، والحَجَر تَرْمِي به، وجَمْعُها
المَرادِي؛ ومنه قولهم في المَثَل: عند جُحْرِ كُلِّ ضَبٍّ مِرْداتُهُ؛ يضرب
مثلاً للشيءِ العَتِيدِ ليس دونَه شيءٌ، وذلك أَن الضبَّ ليس يَنْدَلُّ على
جُحْرِه، إذا خَرَج منه فعاد إليه، إلاّ بحَجَرٍ يَجعَلُه علامَةً
لجُحْرِه فيَهْتَدِي بِها إليهِ، وتُشَبَّهُ بِهَا النّاقَةُ في الصَّلابَةِ
فيقالُ مِرْداةٌ. وقال الفراء: الصَّخْرة يقالُ لَها رَدَاةٌ، وجمعها
رَدَياتٌ؛ وقال ابن مقبل:
وقَافِية، مثل حَدِّ الرَّدا
ةِ، لَمْ تَتّرِكْ لِمُجِيبٍ مَقالا
وقال طُفَيل:
رَدَاةٌ تَدَلَّتْ من صُخُورِ يَلَمْلَم
ويَلَمْلَمُ: جَبَلٌ. والمِرْداةُ: الحَجَر الذي لا يَكَادُ الرَّجُلُ
الضابِطُ يَرْفَعه بيدِهِ يُرْدَعى به الحجرُ، والمكانُ الغَليظُ
يَحْفِرونَهُ فيَضْرِبُونَه فيُلَيِّنُونَهُ، ويُرْدَى به جُحْرُ الضَّبِّ إذا
كان في قَلْعَةٍ فَيُلَيِّنُ القَلْعَة ويَهْدِمُها، والرَّدْيُ إنَّما هو
رَفْعٌ بها ورَمْيٌ بها. الجوهري: المِرْدَى حَجَرٌ يرمى به، ومنه قيل
للرجل الشجاع: إنه لَمِرْدَى حُروبٍ، وهُمْ مَرادِي الحُرُوبِ، وكذلك
المِرْداةُ. والمِرْداةُ: صَخْرَةٌ تُكْسَرُ بها الحِجَارَة. الجوهري:
والرَّداةُ الصَّخرَةُ، والجمعُ الرَّدَى؛ وقال:
فَحْلُ مَخَاضٍ كالرِّدَى المُنْقَضِّ
والمَرَادِي: القَوائِمُ من الإبِلِ والفِيَلة على التَّشْبِيه. قال
الليث: تُسَمَّى قوائِمُ الإبِلِ مَرادِيَ لثِقَلِها وشِدَّةِ وَطْئِها نعتٌ
لها خاصَّة، وكذلك مَرادِي الفِيل. والمَرادِي: المَرامِي. وفلان
مِرْدَى خُصومَةٍ وحَرْبٍ: صَبُورٌ عليهما. ورادَيْتُ عن القَوْمِ مُراداةً إذا
رامَيْت بالحِجارةِ. والمُرْدِيُّ: خَشَبة تُدْفَعُ بها السفينة تكونُ
في يدِ المَلاَّحِ، والجمعُ المَرادي. قال ابن بري: والمَرْدَى مَفْعَلٌ
من الرَّدَى وهو الهَِلاكُ.
ورادَى الرجلَ: داراهُ وراوَدَهُ، وراوَدْتُه على الأَمرِ وراديْتُه
مقلوب منه. قال ابن سيده: رادَيْته على الأَمْرراوَدْته كأَنه مَقْلُوبٌ؛
قال طُفَيْل يَنْعَت فَرَسَه:
يُرادَى على فأْسِ اللِّجام، كأَنما
يُرادَى به مِرْقاةُ جِذْعٍ مُشَذَّبِ
أَبو عمرو: رادَيْت الرجل وداجَيْته ودالَيْته وفانَيْته بمعنًى واحِدٍ.
والرَّدَى: الزيادة. يقال: ما بَلَغَت رَدَى عَطائِكَ أَي زيادَتُك في
العَطِيَّة. ويُعْجِبُني رَدَى قولِك أَي زيادةُ قَوْلك؛ وقال كثير:
له عَهْدُ ودٍّ لم يُكَدَّرْ، يَزينُه
رَدَى قَوْلِ معروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ
أَي يَزينُ عَهْدَ وِدِّهِ زيادةُ قولِ معروفٍ منه؛ وقال آخر:
تَضمَّنَها بَناتُ الفَحْلِ عنهم
فأَعْطَوْها، وقد بَلَغوا رَداها
ويقال: رَدَى على المائَةِ يَرْدِي وأَرْدَى يُرْدِي أَي زادَ. ورَدَيْت
على الشيء وأَرْدَيْت: زِدْتُ. وأَرْدَى على الخَمسينَ والثمانينَ:
زادَ؛ وقال أَوس:
وأسْمَرَ خَطِّيّاً، كأَنَّ كُعوبَهُ
نَوَى القَسْبِ، قد أَرْدَى ذراعاً على العَشْرِ
وقال الليث: لغة العرب أَرْدَأَ على الخمسين زاد. ورَدَتْ غَنَمي
وأَرْدَتْ: زادت؛ عن الفرّاء؛ وأَما قول كثير عزة:
له عَهْدُ ودٍّ لم يُكَدَّرْ، يَزينُه
رَدَى قَوْلِ معروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ
فقيل في تفسيره: رَدَى زيادة؛ قال ابن سيده: وأُراه بَنَى منه مَصْدَراً
على فَعِلَ كالضحك والحمق، أَو اسماً على فعَل فوضَعه موضِعَ المصدر،
قال ابن سيده: وإنما قضينا على ما لم تَظْهر فيه الياءُ من هذا الباب
بالياء لأَنها لامٌ مع وجود ردي ظاهرة وعدم ردو. ويقال: ما أَدرِي أَين رَدَى
أَي أَين ذَهَبَ. ابن بري: والمِرداء، بالمدِّ، موضع؛ قال الراجز:
هَلاَّ سأَلتُم، يَوْمَ مِرداءِ هَجَرْ،
إذْ قابَلَتْ بَكْرٌ، وإذْ فَرَّتْ مُضَرْ
وقال آخر:
فَلَيْتَكَ حالَ البحرُ دونَكَ كلُّه،
ومَنْ بالمَرادِي من فَصيحٍ وأَعْجَمِ
قال الأَصمعي: المَرادِي جمع مِرْداءٍ، بكسر الميم، وهي رمال منبطحة
ليست بمُشْرِفة.
حير: حار بَصَرُه يَحارُ حَيْرَةً وحَيْراً وحَيَراناً وتَحيَّر إِذا
نظر إِلى الشيء فَعَشيَ بَصَرُهُ. وتَحَيَّرَ واسْتَحَارَ وحارَ: لم يهتد
لسبيله. وحارَ يَحَارُ حَيْرَةً وحَيْراً أَي تَحَيَّرَ في أَمره؛
وحَيَّرْتُه أَنا فَتَحَيَّرَ. ورجل حائِرٌ بائِرٌ إِذا لم يتجه لشيء. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: الرجال ثلاثة، فرجل حائر بائر أَي متحير في أَمره لا
يدري كيف يهتدي فيه. وهو حائِرٌ وحَيْرانُ: تائهٌ من قوم حَيَارَى،
والأُنثى حَيْرى. وحكى اللحياني: لا تفعل ذلك أُمُّكَ حَيْرَى أَي
مُتَحَيِّرة، كقولك أُمُّكَ ثَكْلَى وكذلك الجمع؛ يقال: لا تفعلوا ذلك أُمَّهاتُكُمْ
حَيْرَى؛ وقول الطرماح:
يَطْوِي البَعِيدَ كَطَيِّ الثَّوْبِ هِزَّتُهُ،
كما تَرَدَّدَ بالدَّيْمُومَةِ الحَارُ
أَراد الحائر كما قال أَبو ذؤيب: وهي أَدْماءُ سارُها؛ يريد سائرها. وقد
حَيَّرَهُ الأَمر. والحَيَرُ: التَّحَيُّرُ؛ قال:
حَيْرانُ لا يُبْرِئُه من الحَيَرْ
وحارَ الماءُ، فهو حائر. وتَحَيَّرَ: تَرَدَّدَ؛ أَنشد ثعلب:
فَهُنَّ يَروَيْنَ بِظِمْءٍ قاصِرِ،
في رَبَبِ الطِّينِ، بماءٍ حائِرِ
وتَحَيَّر الماءُ: اجْتَمع ودار. والحائِرُ: مُجْتَمَعُ الماء؛ وأَنشد:
مما تَرَبَّبَ حائِرَ البَحْرِ
قال: والحاجر نحو منه، وجمعه حُجْرانٌ. والحائِرُ: حَوْضٌ يُسَبَّبُ
إِليه مَسِيلُ الماء من الأَمطار، يسمى هذا الاسم بالماء. وتَحَيَّر الرجلُ
إِذا ضَلَّ فلم يهتد لسبيله وتَحَيَّر في أَمره. وبالبصرة حائِرُ
الحَجَّاجِ معروف: يابس لا ماء فيه، وأَكثر الناس يسميه الحَيْرَ كما يقولون
لعائشة عَيْشَةُ، يستحسنون التخفيف وطرح الأَلف؛ وقيل: الحائر المكان
المطمئن يجتمع فيه الماء فيتحير لا يخرج منه؛ قال:
صَعْدَةٌ نابِتَةٌ في حائِر،
أَيْنَما الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ
وقال أَبو حنيفة: من مطمئنات الأَرض الحائِرُ، وهو المكان المطمئن
الوَسَطِ المرتفعُ الحروفِ، وجمعه حِيرانٌ وحُورانٌ، ولا يقال حَيْرٌ إِلا أَن
أَبا عبيد قال في تفسير قول رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حِيرانُ الدَّرَقْ
الحِيران جمع حَيْرٍ، لم يقلها أَحد غيره ولا قالها هو إِلا في تفسير
هذا البيت. قال ابن سيده: وليس كذلك أَيضاً في كل نسخة؛ واستعمل حسان بن
ثابت الحائر في البحر فقال:
ولأَنتِ أَحْسَنُ إِذْ بَرَزْت لَنا،
يومَ الخُروجِ، بِسَاحَة العَقْرِ
من دُرَّةٍ أَغْلَى بها مَلِكٌ،
مما تَرَبَّبَ حائِرَ البَحْرِ
والجمع حِيرَانٌ وحُورَانٌ. وقالوا: لهذه الدار حائِرٌ واسعٌ، والعامّة
تقول: حَيْرٌ، وهو خطأٌ. والحائِرُ: كَرْبَلاءُ، سُميت بأَحدِ هذه
الأَشياء. واسْتحارَ المكان بالماء وتَحَيَّر: تَمَلأَ. وتَحَيَّر فيه الماء:
اجتمعَ. وتَحَيَّرَ الماءُ في الغيم: اجتمع، وإِنما سمي مُجْتَمَعُ الماء
حائراً لأَنه يَتَحَيَّرُ الماء فيه يرجع أَقصاه إِلى أَدناه؛ وقال
العجاج:
سَقَاهُ رِيّاً حائِرٌ رَوِيُّ
وتَحَيَّرَتِ الأَرضُ بالماء إِذا امتلأَتْ. وتَحَيَّرَتِ الأَرضُ
بالماء لكثرته؛ قال لبيد:
حتى تَحَيَّرَتِ الدَّبارُ كأَنَّها
زَلَفٌ، وأُلْقِيَ قِتْبُها المَحْزُومُ
يقول: امتلأَت ماء. والديار: المَشَارات
(* قوله: «المشارات» أي مجاري
الماء في المزرعة كما في شرح القاموس).
والزَّلَفُ: المَصانِعُ.
واسْتَحار شَبَابَ المرأَة وتَحَيَّرَ: امتلأَ وبلغ الغابة؛ قال أَبو
ذؤيب:
وقد طُفْتُ من أَحْوالِهَا وأَرَدْتُها
لِوَصْلٍ، فأَخْشَى بَعْلَها وأَهَابُها
ثلاثةَ أَعْوَامٍ، فلما تَجَرَّمَتْ
تَقَضَّى شَبابِي، واسْتَحارَ شبابُها
قال ابن بري: تجرّمت تكملت السنون. واستحار شبابها: جرى فيها ماء
الشباب؛ قال الأَصمعي: استحار شبابها اجتمع وتردّد فيها كما يتحير الماء؛ وقال
النابغة الذبياني وذكر فرج المرأَة:
وإِذا لَمَسْتَ، لَمَسْتَ أَجْثَمَ جاثِماً
مُتَحَيِّراً بِمكانِه، مِلْءَ اليَدِ
(* في ديوان النابغة: متحيِّزاً).
والحَيْرُ: الغيم ينشأُ مع المطر فيتحير في السماء. وتَحَيَّر السحابُ:
لم يتجه جِهَةً. الأَزهري: قال شمر والعرب تقول لكل شيء ثابت دائم لا
يكاد ينقطع: مُسْتَحِيرٌ ومُتَحَيِّرٌ؛ وقال جرير:
يا رُبَّما قُذِفَ العَدُوُّ بِعَارِضٍ
فَخْمِ الكَتائِبِ، مُسْتَحِيرِ الكَوْكَبِ
قال ابن الأَعرابي: المستحير الدائم الذي لا ينقطع. قال: وكوكب الحديد
بريقه. والمُتَحيِّرُ من السحاب: الدائمُ الذي لا يبرح مكانه يصب الماء
صبّاً ولا تسوقه الريح؛ وأَنشد:
كَأَنَّهُمُ غَيْثٌ تَحَيَّر وَابِلُهْ
وقال الطرماح:
في مُسْتَحِيرِ رَدَى المَنُو
نِ، ومُلْتَقَى الأَسَل النَّواهِل
قال أَبو عمرو: يريد يتحير الردى فلا يبرح. والحائر: الوَدَكُ:
ومَرَقَةٌ مُتَحَيَّرَةٌ: كثيرة الإِهالَةِ والدَّسَمِ. وتَحَيَّرَتِ الجَفْنَةُ:
امتلأَت طعاماً ودسماً؛ فأَما ما أَنشده الفارسي لبعض الهذليين:
إِمَّا صَرَمْتِ جَدِيدَ الحِبا
لِ مِنِّي، وغَيَّرَكِ الأَشْيَبُ
فيا رُبَّ حَيْرَى جَمادِيَّةٍ،
تَحَدَّرَ فيها النَّدَى السَّاكِبُ
فإِنه عنى روضة متحيرة بالماء.
والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ، وجمعها مَحارٌ؛ قال ذو الرمة
فَأَلأَمُ مُرْضَعٍ نُشِغَ المَحَارَا
أَراد: ما في المحار. وفي حديث ابن سيرين في غسل الميت: يؤخذ شيء من
سِدْرٍ فيجعل في مَحارَةٍ أَو سُكُرُّجَةٍ؛ قال ابن الأَثير: المَحارَةُ
والحائر الذي يجتمع فيه الماء، وأَصل المَحْارَةِ الصدفة، والميم زائدة.
ومَحارَةُ الأُذن: صدفتها، وقيل: هي ما أَحاط بِسُمُومِ الأُذُنِ من قَعْرِ
صَحْنَيْها، وقيل: مَحارَةُ الأُذن جوفها الظاهر المُتَقَعِّرُ؛ والمحارة
أَيضاً: ما تحت الإِطارِ، وقيل: المحارة جوف الأُذن، وهو ما حول
الصِّماخ المُتَّسِعِ. والمَحارَةُ: الحَنَكُ وما خَلْفَ الفَراشَةِ من أَعلى
الفم. والمحارة: مَنْفَذُ النَّفَسِ إِلى الخياشيم. والمَحارَةُ:
النُّقْرَةُ التي في كُعْبُرَةِ الكَتِف. والمَحارَةُ: نُقْرَةُ الوَرِكِ.
والمَحارَتانِ: رأْسا الورك المستديران اللذان يدور فيهما رؤوس الفخذين.
والمَحارُ، بغير هاء، من الإِنسان: الحَنَكُ، ومن الداية حيث يُحَنِّكُ
البَيْطارُ. ابن الأَعرابي: مَحارَةُ الفرس أَعلى فمه من باطن.
وطريق مُسْتَحِيرٌ: يأْخذ في عُرْضِ مَسَافَةٍ لا يُدرى أَين مَنْفَذُه؛
قال:
ضاحِي الأَخادِيدِ ومُسْتَحِيرِهِ،
في لاحِبٍ يَرْكَبْنَ ضِيفَيْ نِيرِهِ
واستحار الرجل بمكان كذا ومكان كذا: نزله أَياماً.
والحِيَرُ والحَيَرُ: الكثير من المال والأَهل؛ قال:
أَعُوذُ بالرَّحْمَنِ من مالٍ حِيَرْ،
يُصْلِينِيَ اللهُ به حَرَّ سَقَرْ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
يا من رَأَى النُّعْمان كانَ حِيَرَا
قال ثعلب: أَي كان ذا مال كثير وخَوَلٍ وأَهل؛ قال أَبو عمرو بن العلاء:
سمعت امرأَة من حِمْيَر تُرَقِّصُ ابنها وتقول:
يا رَبَّنا مَنْ سَرَّهُ أَن يَكْبَرَا،
فَهَبْ له أَهْلاً ومالاً حِيَرَا
وفي رواية: فَسُقْ إِليه رَبِّ مالاً حِيَرَا. والحَيَرُ: الكثير من
أَهل ومال؛ وحكى ابن خالويه عن ابن الأَعرابي وحده: مال حِيَرٌ، بكسر الحاء؛
وأَنشد أَبو عمرو عن ثعلب تصديقاً لقول ابن الأَعرابي:
حتى إِذا ما رَبا صَغِيرُهُمُ،
وأَصْبَحَ المالُ فِيهِمُ حِيَرَا
صَدَّ جُوَيْنٌ فما يُكَلِّمُنا،
كأَنَّ في خَدِّه لنا صَعَرا
ويقال: هذه أَنعام حِيراتٌ أَي مُتَحَيِّرَة كثيرة، وكذلك الناس إِذا
كثروا.
والحَارَة: كل مَحَلَّةٍ دنت مَنازِلُهم فهم أَهل حارَةٍ. والحِيرةُ،
بالكسر: بلد بجنب الكوفة ينزلها نصارى العِبَاد، والنسبة إِليها حِيرِيٌّ
وحاريٌّ، على غير قياس؛ قال ابن سيده: وهو من نادر معدول النسب قلبت الياء
فيه أَلفاً، وهو قلب شاذ غير مقيس عليه غيره؛ وفي التهذيب: النسبة
إِليها حارِيٌّ كما نسبوا إِلى التَّمْرِ تَمْرِيٌّ فأَراد أَن يقول
حَيْرِيٌّ، فسكن الياء فصارت أَلفاً ساكنة، وتكرر ذكرها في الحديث؛ قال ابن
الأَثير: هي البلد القديم بظهر الكوفة ومَحَلَّةٌ معروفة بنيسابور. والسيوف
الحارِيَّةُ: المعمولة بالحِيرَةِ؛ قال:
فلمَّا دخلناهُ أَضَفْنا ظُهُورَنا
إِلى كُلِّ حارِيٍّ فَشِيبٍ مُشَطَّبِ
يقول: إِنهم احْتَبَوْا بالسيوف، وكذلك الرجال الحارِيَّاتُ؛ قال
الشماخ:يَسْرِي إِذا نام بنو السَّريَّاتِ،
يَنامُ بين شُعَبِ الحارِيَّاتِ
والحارِيُّ: أَنْماطُ نُطُوعٍ تُعمل بالحِيرَةِ تُزَيَّنُ بها
الرِّحالُ؛ أَنشد يعقوب:
عَقْماً ورَقْماً وحارِيّاً نُضاعِفُهُ
على قَلائِصَ أَمثالِ الهَجانِيعِ
والمُسْتَحِيرَة: موضع؛ قال مالك بن خالد الخُناعِيُّ:
ويمَّمْتُ قاعَ المُسْتَحِيرَةِ، إِنِّني،
بأَن يَتَلاحَوْا آخِرَ اليومِ، آرِبُ
ولا أَفعل ذلك حَيْرِيْ دَهْرٍ وحَيْرِيَّ دَهْرٍ أَي أَمَدَ الدَّهْرِ.
وحَيْرِيَ دَهْرٍ: مخففة من حَيْرِيّ، كما قال الفرزدق:
تأَمَّلْتُ نَسْراً والسِّماكَيْنِ أَيْهُمَا،
عَلَيَّ مِنَ الغَيْثَ، اسْتَهَلَّتْ مَواطِرُهْ
وقد يجوز أَن يكون وزنه فَعْلِيَ؛ فإِن قيل: كيف ذلك والهاء لازمة لهذا
البناء فيما زعم سيبويه؟ فإِن كان هذا فيكون نادراً من باب إِنْقَحْلٍ.
وحكى ابن الأَعرابي: لا آتيك حِيْرِيَّ الدهر أَي طول الدهر، وحِيَرَ
الدهر؛ قال: وهو جمع حِيْرِيّ؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا؛ قال
الأَزهري: وروى شمر بإِسناده عن الرَّبِيع بن قُرَيْعٍ قال: سمعت ابن عمر يقول:
أَسْلِفُوا ذاكم الذي يوجبُ الله أَجْرَهُ ويرُدُّ إِليه مالَهُ، ولم
يُعْطَ الرجلُ شيئاً أَفضلَ من الطَّرْق، الرجلُ يُطْرِقُ على الفحل أَو على
الفرس فَيَذْهَبُ حَيْرِيَّ الدهر، فقال له رجل: ما حَيْرِيُّ الدهر؟
قال: لا يُحْسَبُ، فقال الرجلُ: ابنُ وابِصَةَ ولا في سبيل الله، فقال: أَو
ليس في سبيل الله؟ هكذا رواه حَيْرِيَّ الدهر، بفتح الحاء وتشديد الياء
الثانية وفتحها؛ قال ابن الأَثير: ويروى حَيْرِيْ دَهْرٍ، بياء ساكنة،
وحَيْرِيَ دَهْرٍ، بياء مخففة، والكل من تَحَيُّرِ الدهر وبقائه، ومعناه
مُدَّةَ الدهر ودوامه أَي ما أَقام الدهرُ. قال: وقد جاء في تمام الحديث:
فقال له رجل: ما حَيْرِيُّ الدهر؟ فقال: لا يُحْسَبُ؛ أَي لا يُعْرَفُ
حسابه لكثرته؛ يريد أَن أَجر ذلك دائم أَبداً لموضع دوام النسل؛ قال: وقال
سيبويه العرب تقول: لا أَفعل ذلك حَيْرِيْ دَهْرٍ أَي أَبداً. وزعموا أَن
بعضهم ينصب الياء في حَيْرِيَ دَهْرٍ؛ وقال أَبو الحسن: سمعت من يقول لا
أَفعل ذلك حِيْرِيَّ دَهْرٍ، مُثَقَّلَةً؛ قال: والحِيْرِيُّ الدهر كله؛
وقال شمر: قوله حِيْرِيَّ دَهْرٍ يريد أَبداً؛ قال ابن شميل: يقال ذهب
ذاك حارِيَّ الدَّهْرِ وحَيْرِيَّ الدهر أَي أَبداً. ويَبْقَى حارِيَّ دهر
أَي أَبداً. ويبقى حارِيَّ الدهر وحَيْرِيَّ الدهر أَي أَبداً؛ قال:
وسمعت ابن الأَعرابي يقول: حِيْرِيَّ الدهر، بكسر الحاء، مثل قول سيبويه
والأَخفش؛ قال شمر: والذي فسره ابن عمر ليس بمخالف لهذا إِنما أَراد لا
يُحْسَبُ أَي لا يمكن أَن يعرف قدره وحسابه لكثرته ودوامه على وجه الدهر؛ وروى
الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: لا آتيه حَيْرِيْ دهر وحِيْرِيَّ دهر
وحِيَرَ الدَّهْرِ؛ يريد: ما تحير من الدهر. وحِيَرُ الدهرِ: جماعةُ
حِيْرِيَّ؛ وأَنشد ابن بري للأَغلب العجلي شاهداً على مآلِ حَيَر، بفتح الحاء،
أَي كثير:
يا من رَأَى النُّعْمانَ كانَ حَيَرَا،
من كُلِّ شيءٍ صالحٍ قد أَكْثَرَا
واسْتُحِيرَ الشرابُ: أُسِيغَ؛ قال العجاج:
تَسْمَعُ لِلْجَرْعِ، إِذا اسْتُحِيرَا،
للماءِ في أَجْوافِها خَرِيرَا
والمُسْتَحِيرُ: سحاب ثقيل متردّــد ليس له ريح تَسُوقُهُ؛ قال الشاعر
يمدح رجلاً:
كأَنَّ أَصحابَهُ بالقَفْرِ يُمْطِرُهُمْ،
من مُسْتَحِيرٍ، غَزِيرٌ صَوْبُهُ دِيَمُ
ابن شميل: يقول الرجل لصاحبه: والله ما تَحُورُ ولا تَحُولُ أَي ما
تزداد خيراً. ثعلب عن ابن الأَعرابي: والله ما تَحُور ولا تَحُول أَي ما
تزداد خيراً. ابن الأَعرابي: يقال لِجِلْدِ الفِيلِ الحَوْرانُ ولباطن
جِلْدِهِ الحِرْصِيانُ.
أَبو زيد: الحَيِّرُ الغَيْمُ يَنْشَأُ مع المطر فَيَتَحَيَّرُ في
السماء.
والحَيْرُ، بالفتح: شِبْهُ الحَظِيرَة أَو الحِمَى،، ومنه الحَيْرُ
بِكَرْبَلاء.
والحِيَارانِ: موضع؛ قال الحرثُ بنُ حِلَّزَةَ:
وهُوَ الرَّبُّ والشَّهِيدُ عَلَى يو
م الحِيارَيْنِ، والبلاءُ بَلاءُ
عير: العَيْر: الحمار، أَيّاً كان أَهليّاً أَو وَحْشِيّاً، وقد غلب على
الوَحْشِيْ، والأُنثى عَيْرة. قال أَبو عبيد: ومن أَمثالهم في الرضا
بالحاضر ونِسْيان الغائب قولهم: إِن ذَهَب العَيْرُ فعَيْرٌ في الرِّباط؛
قال: ولأَهل الشام في هذا مثل: عَيْرٌ بِعَيْرٍ وزيادةُ عشرة. وكان خلفاء
بني أُميّة كلما مات واحد منهم زاد الذي يخلُفه في عطائهم عشرة فكانوا
يقولون هذا عند ذلك. ومن أَمثالهم: فلان أَذَلُّ من العَيُرِ، فبعضهم يجعله
الحمار الأَهلي، وبعضهم يجعله الوتد؛ وقول شمر:
لو كُنْتَ عَيْراً كُنْتَ عَيْرَ مَذَلَّة،
أَو كُنْتَ عَظْماً كُنْتَ كِسْرَ قَبِيح
أَراد بالعَيْر الحمارَ، وبِكْسرِ القبيح طرف عظم المِرْفق الذي لا لحم
عليه؛ قال: ومنه قولهم فلان أَذلُّ من العَيْر. وجمع العَيْر أَعْيارٌ
وعِيارٌ وعُيورٌ وعُيُورة وعِيَارات، ومَعْيوراء اسم للجمع. قال الأَزهري:
المَعْيُورا الحَمِير، مقصور، وقد يقال المَعْيوراء ممدودة، مثل
المَعْلوجاء والمَشْيُوخاء والمَأْتوناء، يمد ذلك كله ويقصر. وفي الحديث: إِذا
أَرادَ اللهُ بَعْبَدٍ شَرّاً أَمْسَك عليه بذُنوبِه حتى يُوافيه يوم
القيامة كأَنه عَيْر؛ العَيْر: الحمار الوحشي، وقيل: أَراد الجبَل الذي
بالمدينة اسمه عَيْر، شبَّه عِظَم ذنوبه به. وفي حديث عليّ: لأَنْ أَمْسْح على
ظَهْر عَيْر بالفلاة أَي حمارِ وحْشٍ؛ فأَما قول الشاعر:
أَفي السِّلْم أَعْياراً جَفاءً وغلْظةً،
وفي الحَرْب أَشباهَ النّساء العَوارك؟
فإِنه لم يجعلهم أَعْياراً على الحقيقة لأَنه إِنما يخاطب قوماً، والقوم
لا يكونون أَعياراً وإِنما شبّههم بها في الجفاء والغلظة، ونصبه على
معنى أَتَلَوّنون وتَنَقّلون مرة كذا ومرة كذا؟ وأَما قول سيبويه: لو
مَثَّلْت الأَعْيار في البدل من اللفظ بالفعل لقلت: أَتَعَيَّرون إِذا أَوضحت
معناه، فليس من كلام العرب، إِنما أَراد أَن يصوغُ فعلاً أَي بناءَ
كَيْفِيَّة البدل من اللفظ بالفعل، وقوله لأَنك إِنما تُجْرِيه مُجْرى ما له
فعل من لفظه، يُدلّك على أَن قوله تَعَيّرون ليس من كلام العرب. والعَيرُ
العظم الناتئ وسط الكف
(* قوله: «وسط الكف» كذا في الأَصل، ولعله الكتف.
وقوله: معيرة ومعيرة على الأَصل، هما بهذا الضبط في الأَصل وانظره مع
قوله على الأَصل فلعل الأَخيرة ومعيرة بفتح الميم وكسر العين). والجمع
أَعْيارٌ. وكَتِفٌ مُعَيَّرة ومُعْيَرة على الأَصل: ذات عَيْر. وعَيْر النصل:
الناتئ في وسطه؛ قال الراعي:
فصادَفَ سَهْمُه أَحْجارَ قُفٍّ،
كَسَرْن العَيْرَ منه والغِرارا
وقيل: عَيْرُ النَّصل وسطه. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو عمرو: نصل
مُعْيَر فيه عَيْر. والعَيْر من أُذن الإِنسان والفرسِ ما تحت الفَرْع من باطنه
كعَيْر السهم، وقيل: العَيْرانِ مَتْنا أُذُنَى الفرس. وفي حديث أَبي
هريرة: إِذا تَوضَّأْتَ فأَمِرَّ على عِيَار الأُذُنين الماء؛ العِيارُ جمع
عَيْرٍ، وهو الناتئ المرتفع من الأَذن. وكل عظم ناتئ من البدن:
عَيْرٌ. وعَير القدم: الناتئ في ظهرها. وعَيرُ الوَرقة: الخط الناتئ في وسطها
كأَنه جُدَيِّر. وعَيرُ الصخرة: حرفٌ ناتئ فيها خلقة، وقيل: كل ناتئ
في وسط مستو عَيرٌ. وعَيْرُ الأُذن: الوتد الذي في باطنها. والعَيْر:
ماقيء العين؛ عن ثعلب، وقيل: العَيْر إِنسانُ العين، وقيل لَحْظُها؛ قال
تأَبَّطَ شَرّاً:
ونارٍ قد حَضَأْتُ بُعَيْد وَهْنٍ،
بدارٍ ما أُرِيدُ بها مُقاما
سوى تَحْلِيل راحِلة وعَيْرٍ،
أُكالِئُه مَخافةَ أَن يَناما
وفي المثل: جاءَ قَبْلَ عَيْرٍ وما جَرَى أَي قبل لحظة العين. قال أَبو
طالب: العَيْر المِثال الذي في الحدقة يسمى اللُّعْبة؛ قال: والذي جرى
الطَّرْفُ، وجَرْيُه حركته؛ والمعنى: قبل أَن يَطْرِف الإِنسانُ، وقيل:
عَيْرُ العين جَفْنُها. قال الجوهري: يقال فعلت قبل عِيْرٍ وما جرى. قال
أَبو عبيدة: ولا يقال أَفعل؛ وقول الشماخ:
أَعَدْوَ القِبِصَّى قبل عَيْرٍ وما جَرى،
ولم تَدْرِ ما خُبْرِي، ولم أَدْرِ ما لَها؟
فسره ثعلب فقال: معناه قبل أَن أَنظر إِليك، ولا يُتَكلّم بشيء من ذلك
في النفي. والقِبِصَّى والقِمِصَّى: ضَرْبٌ من العَدْو فيه نَزْوٌ. وقال
اللحياني: العَيْرُ هنا الحمار الوحشي، ومن قال: قبل عائرٍ وما جرى، عنى
السهم. والعَير: الوَتد. والعَيْر: الجَبلُ، وقد غلب على جبل بالمدينة.
والَعيْر: السيّد والمَلِك. وعَيْرُ القوم: سيّدُهم؛ وقوله:
زعَمُوا أَنّ كلَّ مَن ضَرَبَ العَيْـ
ـر مَوالٍ لنا، وأَنَّى الوَلاءُ؟
(* في معلقة الحرث بن حِلْزة: «مُوال لنا ـــــ وأَنّا الوَلاء» ولا
يمكن إِصلاح هذا البيت على ما هو عليه في المعلقة لأَن له شرحاً يناسب
روايته هنا لاحقاً).
قيل: معناه كلُّ مَن ضرب بِجفنٍ على عَيْرٍ، وقيل: يعني الوتد، أَي من
ضرب وتِداً من أَهل العَمَد، وقيل: يعني إِياداً لأَنهم أَصحاب حَمِير،
وقيل: يعني جبلاً، ومنهم من خص فقال: جبلاً بالحجاز، وأَدخل عليه اللام
كأَنه جعله من أَجْبُلٍ كلُّ واحد منها عَيْر، وجعل اللام زائدة على
قوله:ولقد نَهَيْتُك عن بناتِ الأَوْبَرِ
إِنما أَراد بنات أَوبر فقال: كل من ضربه أَي ضرب فيه وتداً أَو نزله،
وقيل: يعني المُنْذِر بن ماء السماء لِسيادتهِ، ويروي الوِلاء، بالكسر،
حكى الأَزهري عن أَبي عمرو بن العلاء، قال: مات مَنْ كان يحسن تفسير بيت
الحرث بن حلزة: زعموا أَن كلَّ مَنْ ضَرَب العَيْر (البيت).
قال أَبو عمر: العَيْر هو الناتئ في بُؤْبُؤِ العين، ومعناه أَن كل من
انْتَبَه من نَوْمِه حتى يدور عَيْرُه جَنى جناية فهو مَوْلًى لنا؛
يقولونه ظلماً وتجَنّياً؛ قال: ومنه قولهم: أَتيتك قبل عَيْرٍ وما جَرى أَي
قبل أَن ينتبه نائم. وقال أَحمد بن يحيى في قوله: وما جرى، أَرادوا
وجَرُيه، أَرادوا المصدر. ويقال: ما أَدري أَيّ مَن ضرب العَيْر هو، أَي أَيّ
الناس هو؛ حكاه يعقوب. والعَيْرانِ: المَتْنانِ يكتنفان جانبي الصُّلْب.
والعَيْرُ: الطَّبْل.
وعارَ الفرسُ والكلبُ يَعِير عِياراً: ذهب كأَنه مُنْفَلت من صاحبه
يتردد ومن أَمثالهم: كَلْبٌ عائرٌ خيرٌ مِن كَلْبٍ رابِضٍ؛ فالعائرُ الــمتردد،
وبه سمي العَيْرُ لأَنه يَعِير فيتردّد في الفلاة. وعارَ الفرسُ إِذا
ذهب على وجهه وتباعد عن صاحبه. وعارَ الرجلُ في القوم يضربُهم: مثل عاث.
الأَزهري: فرسٌ عَيّارٌ إِذا عاثَ، وهو الذي يكون نافراً ذاهباً في الأَرض.
وفرس عَيّار بأَوصالٍ أَي بَعِير ههنا وههنا من نشاطه. وفرس عَيّار إِذا
نَشِط فرَكِبَ جانباً ثم عدل إِلى جانب آخر من نشاطه؛ وأَنشد أَبو عبيد:
ولقد رأَيتُ فوارِساً مِن قَوْمِنا،
غَنَظطُوك غَنْظَ جَرادةِ العَيّارِ
قال ابن الأَعرابي في مثل العرب: غَنَظُوه غَنْظَ جرادة العيّار؛ قال:
العَيّار رجل، وجرادة فرس؛ قال: وغيره يخالفه ويزعم أَن جرادة العيّار
جَرادةٌ وُضِعَت بين ضِرْسيه فأَفْلَتت، وقيل: أَراد بجرادة العَيَّار جرادة
وضعها في فيه فأَفْلَتت من فيه، قال: وغَنَظَه وركَظَعه يَكِظُه
وَكْظاً، وهي المُواكَظَة والمُواظبة، كل ذلك إِذا لازمه وغمَّه بشدة تَقاضٍ
وخُصومة؛ وقال:
لو يُوزَنون عِياراً أَو مُكايَلةً،
مالُوا بسَلْمَى، ولم يَعْدِلهْمُ أَحَدُ
وقصيدة عاثرة: سائرة، والفعل كالفعل،د والاسم العِيَارة. وفي الحديث:
أَنه كان يمُرّ بالتمرة العاثِرةِ فما يَمْنعُه من أَخذها إِلاَّ مَخافةُ
أَن تكون من الصدقة؛ العائرة: الساقطة لا يُعْرَف لها مالك، من عارَ
الفرسُ إِذا انطلق من مرْبطه مارّاً على وجهه؛ ومنه الحديث: مَثقَلُ المُنافِق
مَثَلُ الشاةِ العائرة بين غَنَمْينِ أَي الــمتردّــدة بين قَطِيعين لا
تَدْري أَيّهما تَتْبَع. وفي حديث ابن عمر في الكلب الذي دخل حائِطَه: إِنما
هو عائرٌ؛ وحديثه الآخر: أَنَّ فرساً له عارَ أَي أَفْلَت وذهب على
وجهه. ورجل عَيّار: كثير المجيء والذهاب في الأَرض، وربما سمي الأَسد بذلك
لتردده ومجيئه وذهابه في طلب الصيد: قال أَوس بن حجر:
لَيْثٌ عليه من البَرْدِيّ هِبْرِية،
كالمَزبَرانيّ، عَيَّارٌ بأَوْصالِ
(* قوله: «كالمزبراني إلخ» قال الجوهري في مادة رزب ما نصه: ورواه
المفضل كالمزبراني عيار بأوصال، ذهب إِلى زبرة الأسد فقال له الأَصمعي: يا
عجباه الشيء يشبه بنفسه وإِنما هو المرزباني ا هـ. وفي القاموس والمرزبة
كمرحلة رياسة الفرس وهو مرزبانهم بضم الزاي).
أَي يذهب بها ويجيء؛ قال ابن بري: من رواه عيّار، بالراء، فمعناه أَنه
يذهب بأَوْصال الرِّجال إِلى أَجَمَته، ومنه قولهم ما أَدري أَي الجراد
عارَِه، ويروى عَيَّال، وسنذكره في موضعه؛ وأَنشد الجوهري:
لَمّا رأَيتُ أَبَا عمرو رَزَمْتُ له
مِنِّي، كما رَزَمَ العَيَّارُ في الغُرُفِ
جمع غَرِيف وهو الغابة. قال: وحكى الفراء رجل عَيَّار إِذا كان كثير
التَّطْواف والحركة ذكِيّاً؛ وفرس عَيَّار وعيّال؛ والعَيْرانة من الإِبل:
الناجية في نشاطه، من ذلك، وقيل: شبّهت بالعَيْرِ في سرعتها ونشاطها، وليس
ذلك بقوي؛ وفي قصيد كعب:
عَيْرانة قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عن عُرُضٍ
هي الناقة الصلبة تَشْبيهاً بِعَيْر الوحش، والأَلف والنون زائدتان. ابن
الأَعرابي: العَيِّرُ الفرس النشيط. قال: والعرب تمدح بالعَيَّار
وتَذُمّ به، يقال: غلام عَيّار نَشِيط في المعاصي، وغلام عَيّار نشيط في طاعة
الله تعالى. قال الأَزهري: والعَيْر جمع عائِر وهو النشيط، وهو مدح
وذدمٌّ.عاورَ البَعِيرُ عَيَراناً إِذا كان في شَوْل فتركها وانطلق نحوَ
أُخْرَى يريد القَرْع،. والعائِرةُ التي تخرج من الإِبل إِلى أُخْرَى ليضربها
الفحل. وعارَ الأَرض يَعِير أَي ذهب، وعارَ الرجلُ في القوم يضربهم بالسيف
عَيَراناً: ذهب وجاء؛ ولم يقيده الأَزهري بضرب ولا بسيف بل قال: عارَ
الرجلُ يَعِير عَيَراناً، وهو تردّدهُ في ذهابه ومجيئه؛ ومنه قيل: كلْبٌ
عائِرٌ وعَيّار، وهو من ذوات الياء، وأَعطاه من المال عائرةَ عينين أَي ما
يذهب فيه البصر مرة هنا ومرة هنا، وقد تقدم في عور أَيضاً.
وعيرانُ الجراد وعَوائِرهُ: أَوائلُِ الذاهبة المفْترقة في قلة. ويقال:
ما أَدري أَيّ الجراد عارَه أَي ذهب به وأَتْلَفه، لا آتَي له في قول
الأَكثر،
(* هكذا في الأصل). وقيل:
يَعِيره ويَعُوره؛ وقول مالك بن زغبة:
إِذا انتسأوا فَوْتَ الرِّماح، أَتَتْهُمُ
عوائرُ نَبْلٍ، كالجرادِ نُطِيرُها
عنى به الذاهبة المتفرقة؛ وأَصله في الجراد فاستعاره قال المؤرج: ومن
أَمثالهم؛ عَيْرٌ عارَه وَتِدُه؛ عارَه أَي أَهلكه كما يقال لا أَدري أَيّ
الجراد عارَه. وعِرْث ثوبه: ذهبت به. وعَيَّر الدينارَ: وازَنَ به آخر.
وعَيَّر الميزان والمكيال وعاوَرَهما وعايَرَهُما وعايَرَ بينهما
مُعايَرَة وعِياراً: قدَّرَهما ونظر ما بينهما؛ ذكر ذلك أَبو الجراح في باب ما
خالفت العامة فيه لغة العرب. ويقال: فلان يُعايرُ فلاناً ويُكايلُه أَي
يُسامِيه ويُفاخِره. وقال أَبو زيد: يقال هما يتعايبانِ ويَتَعايَران،
فالتعايُرُ التسابّ، والتَعايُب دون التَّعايُرِ إِذا عاب بعضهم بعضاً.
والمِعْيار من المكاييل: ما عُيِّر. قال الليث: العِيَار ما عايَرْت به
المكاييل، فالعِيَار صحيح تامٌّ وافٍ، تقول: عايَرْت به أَي سَوَّيْتُه،
وهو العِيَار والمِعْيار. يقال: عايِرُوا ما بين مكاييلكم ومَوازِينكم،
وهو فاعِلُوا من العِيَار، ولا تقل: عَيِّروا.
وعَيَّرْتُ الدنانير: وهو أَن تُلْقِي ديناراً ديناراً فتُوازِنَ به
ديناراً ديناراً، وكذلك عَيَّرْت تْعْييراً إِذا وَزَنْت واحداً واحداً،
يقال هذا في الكيل والوزن. قال الأَزهري: فرق الليث بين عايَرْت وعَيَّرْت،
فجعل عايَرْت في المكيال وعَيَّرْت في الميزان؛ قال: والصواب ما ذكرناه
في عايَرْت وعَيَّرت فلا يكون عَيَّرْت إِلاَّ من العار والتَّعْيِير؛
وأَنشد الباهلي قول الراجز:
وإِن أَعارَت حافراً مُعارا
وَأْباً، حَمَتْ نُسوُرَهُ الأَوْقارا
وقال: ومعنى أَعارَت رفعت وحوّلت، قال: ومنه إِعارةُ الثياب والأَدوات.
واستعار فلانٌ سَهْماً من كِنانته: رفعه وحوَّله منها إِلى يده؛ وأَنشد
قوله:
هتَّافة تَحْفِض مَن يُدِيرُها،
وفي اليَدِ اليُمْنَى لِمُسْتَعِيرها،
شَهْباءُ تَروي الرِّيشَ مِن بَصِيرها
شهباء: مُعْبَلة، والهاء في مُسْتَعِيرها لها. والبَصِيرة: طريقة الدّم.
والعِيرُ، مؤنثة: القافلة، وقيل: العِيرُ الإِبل التي تحمل المِيرَة، لا
واحد لها من لفظها. وفي التنزيل: ولَمَّا فَصَلت العِيرُ؛ وروى سلمة عن
الفراء أَنه أَنشده قول ابن حلِّزة:
زعموا أَنَّ كلّ مَن ضَرَبَ العِير
بكسر العين. قال: والعِيرُ الإِبل، أَي كلُّ من رَكِب الإِبل مَوالِ لنا
أَي العربُ كلهم موالٍ لنا من أَسفل لأَنا أَسَرْنا فيهم قلَنا نِعَمٌ
عليهم؛ قال ابن سيده: وهذا قول ثعلب، والجمع عِيَرات، قال سيبويه: جمعوه
بالأَلف والتاء لمكان التأْنيث وحركوا الياء لمكان الجمع بالتاء وكونه
اسماً فأَجمعوا على لغة هذيل لأَنهم يقولون جَوَزات وبَيّضات. قال: وقد قال
بعضهم عِيرات، بالإِسكان، ولم يُكَسَّر على البناء الذي يُكَسَّر عليه
مثله، جعلوا التاء عوضاً من ذلك، كما فعلوا ذلك في أَشياء كثيرة لأَنهم مما
يستغنون بالأَلف والتاء عن التكسير، وبعكس ذلك، وقال أَبو الهيثم في
قوله: ولما فَصَلَت العِيرُ كانت حُمُراً، قال: وقول من قال العِيرُ الإِبلُ
خاصّة باطلٌ. العِيرُ: كلُّ ما امْتِيرَ عليه من الإِبل والحَمِير
والبغال، فهو عِيرٌ؛ قال: وأَنشدني نُصَير لأَبي عمرو السعدي في صفة حَمِير
سماها عِبراً:
أَهكذا لا ثَلَّةٌ ولا لَبَنْ؟
ولا يُزَكِّين إِذا الدَّيْنُ اطْمَأَنّْ،
مُفَلْطَحات الرَّوْثِ يأْكُلْن الدِّمَنْ،
لا بدّ أَن يَخْترْن مِنِّي بين أَنْ
يُسَقْنَ عِيراً، أَو يُبَعْنَ بالثَّمَنْ
قال: وقال نصيرٌ الإِبل لا تكون عِيراً حتى يُمْتارَ عليها. وحكى
الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: العيرُ من الإِبل ما كان عليه حملُه أَو لم
يكن. وفي حديث عثمان: أَنه كان يشتري العِيرَ حُكْرة، ثم يقول: من
يُرْبِحُني عُقْلَها؟ العِيرُ: الإِبل بأَحْمالها. فِعْلٌ من عارَ يَعير إِذا سار،
وقيل: هي قافلة الحَمِير، وكثرت حتى سميت بها كل قافلة، فكل قافلة عِيرٌ
كأَنها جمع عَيْر، وكان قياسها أَن يكون فُعْلاً، بالضم، كسُقْف في
سَقْف إِلاَّ أَنه حوفظ على الياء بالكسرة نحو عِين. وفي الحديث: أَنهم كانوا
يترصّدون عِيَرات قُرَيْش؛ هو جمع عِير، يريد إِبلهم ودوابهم التي كانوا
يتاجرون عليها. وفي حديث ابن عباس: أَجاز لها العْيَرات؛ هي جمع عِيرٍ
أَيضاً؛ قال سيبويه: اجتمعوا فيها على لغة هذيل، يعني تحريك الياء،
والقياس التسكين؛ وقول أَبي النجم:
وأَتَت النَّمْلُ القُرَى بِعِيرها،
من حَسَكِ التَّلْع ومن خافورها
إِنما استعاره للنمل، وأَصله فيما تقدم.
وفلان عُيَيْرُ وَحْدِه إِذا انفرد بأَمره، وهو في الذمِّ، كقولك:
نَسِيج وحده، في المدح. وقال ثعلب: عُيَيْرُ وَحْدِه أَي يأْكل وحده. قال
الأَزهري: فلانٌ عُيَيْرُ وحده وجُحَيْش وَحْدِه. وهما اللذان لا يُشاوِران
الناس ولا يخالطانهم وفيهما مع ذلك مهانة وضعف. وقال الجوهري: فلان
عُيَيْرُ وَحْدِه وهو المعجب برأْيه، وإِن شئت كسرت أَوله مثل شُيَيْخٍ
وشِيَيْخٍ، ولا تقل: عُوَير ولا شُوَيخ.
والعارُ: السُّبّة والعيب، وقيل: هو كل شيء يلزم به سُبّة أَو عيب،
والجمع أَعْيارٌ. ويقال: فلان ظاهرُ الأَعْيارِ أَي ظاهر العيوب؛ قال
الراعي:ونَبَتَّ شَرَّ بَني تميم مَنْصِباً،
دَنِسَ المُروءَةِ ظاهرَ الأَعْيارِ
كأَنه مما يُعَيَّر به، والفعل منه التَّعْيير، ومن هذا قيل: هم
يَتَعَيَّرون من جيرانِهم الماعونَ والأَمتعة؛ قال الأَزهري: وكلام العرب
يَتَعَوَّرون، بالواو، وقد عيّره الأَمرَ؛ قال النابغة:
وعَيَّرَتْني بنو ذُبْيانَ خَشيَتَه،
وهل عليّ بأَنْ أَخْشاكَ مِن عار؟
وتعايرَ القومُ: عَيَّر بعضُهم بعضاً، والعامة تقول: عيّره بكذا.
والمَعايرُ: المعايب؛ يقال: عارَه إِذا عابَه؛ قالت ليلى الأَخيلية:
لعَمْرُك ما بالموت عارٌ على امرئٍ،
إِذا لم تُصِبْه في الحياة المَعايرُ
وتعايرَ القومُ: تعايَبُوا. والعارِيَّة: المَنيحة، ذهب بعضهم إِلى
أَنها مِن العارِ، وهو قُوَيل ضعيف، وإِنما غرّهم منه قولهم يَتَعَيَّرون
العَواريِّ، وليس على وضعه إِنما هي مُعاقبة من الواو إِلى الياء. وقال
الليث: سميت العاريّة عاريَّةً لأَنها عارٌ على من طلبها. وفي الحديث: أَن
امرأَة مخزومية كانت تَسْتَعِير المتاعَ وتَجْحَده فأَمر بها فقُطعَت
يدُها؛ الاستعارةُ من العاريّة، وهي معروفة. قال ابن الأَثير: وذهب عامة أَهل
العلم إِلى أَن المُسْتَعِير إِذا جحد العاريَّة لا يُقْطَع لأَنه جاحد
خائن، وليس بسارق، والخائن والجاحد لا قطع عليه نصّاً وإِجماعاً. وذهب
إِسحق إِلى القول بظاهر هذا الحديث، وقال أَحمد: لا أَعلم شيئاً يدفعه؛ قال
الخطابي: وهو حديث مختصرُ اللفظ والسياقِ وإِنما قُطِعَت المخزومية
لأَنها سَرَقت، وذلك بََيِّنٌ في رواية عائشة لهذا الحديث؛ ورواه مسعود بن
الأَسود فذكر أَنها سرقت قَطِيفة من بيت رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم،
وإِنما ذكرت الاستعارة والجحد في هذه القصة تعريفاً لها بخاصّ صفتها إِذ
كانت الاستعارة والجحد معروفة بها ومن عادتها، كما عُرِّفت بأَنها
مخزوميَّة، إِلاَّ أَنها لما استمر بها هذا الصنيع ترقَّت إِلى السرقة، واجترأَت
عليها، فأَمر بها فقطعت. والمُسْتَعِير: السَّمِين من الخيل. والمُعارُ:
المُسَمَّن. يقال: أَعَرْت الفرس أَسْمنْتُه؛ قال:
أَعِيرُوا خَيْلَكم ثم ارْكُضوها،
أَحَقُّ الخيل بالرَّكْضِ المُعارُ
ومنهم من قال: المُعار المنتوف الذنب، وقال قوم: المُعار المُضَمَّر
المُقَدَّح، وقيل: المُضَمَّر المُعار لأَن طريقة متنه نتأَت فصار لها عيرٌ
ناتئ، وقال ابن الأَعرابي وحده: هو من العاريَّة، وذكره ابن بري أَيضاً
وقال: لأَن المُعارَ يُهان بالابتذال ولا يُشْفَق عليه شفقة صاحبه؛ وقيل
في قوله :
أَعيروا خيلكم ثم اركبوها
إِن معنى أَعيروها أَي ضَمِّروها بترديدها، من عارَ يَعير، إِذا ذهب
وجاء. وقد روي المِعار، بكسر الميم، والناس رَوَوْه المُعار؛ قال: والمِعارُ
الذي يَحِيد عن الطريق براكبه كما يقال حادَ عن الطريق؛ قال الأَزهري:
مِفْعَل من عارَ يَعِير كأَنه في الأَصل مِعْيَر، فقيل مِعار. قال
الجوهري: وعارَ الفَرَسُ أَي انفَلَت وذهب ههنا وههنا من المَرَح، وأَعارَه
صاحبُه، فهو مُعَار؛ ومنه قول الطِّرمَّاح:
وجَدْنا في كتاب بني تميمٍ:
أَحَقُّ الخيل بالرَّكْضِ المُعارُ
قال: والناسُ يَرَوْنه المُعار من العارِيَّة، وهو خَطَأ؛ قال ابن بري:
وهذا البيت يُروى لِبشْر بن أَبي خازِم.
وعَيْرُ السَّراة: طائر كهيئة الحمامة قصير الرجلين مُسَرْوَلُهما أَصفر
الرِّجلين والمِنقار أَكحل العينين صافي اللَّوْن إِلى الخُضْرة أَصفر
البطن وما تحت جناحيه وباطن ذنبه كأَنه بُرْدٌ وشِّيَ، ويُجمَع عُيُورَ
السَّراةِ، والسَّراةُ موضع بناحية الطائف، ويزعمون أَن هذا الطائر يأْكل
ثلثمائة تِينةٍ من حين تطلعُ من الوَرقِ صِغاراً وكذلك العِنَب.
والعَيْرُ: اسم رجُل كان له وادٍ مُخْصِب، وقيل:
هو اسم موضع خَصيب غيَّره الدهرُ فأَقفر، فكانت العرب تستوحشه وتضرب به
المَثَل في البلَد الوَحْش، وقيل: هو اسم وادٍ؛ قال امرؤ القيس:
ووادٍ، كجَوْف العَيْرِ، قَفْرٍ مَضِلَّةٍ،
قطعتُ بِسَامٍ ساهِمِ الوَجْهِ حَسَّانِ
قال الأَزهري: قوله كجَوْف العَيرِ، أَي كوادي العَيرِ وكلُّ وادٍ عند
العرب: جوفٌ. ويقال للموضع الذي لا خيرَ فيه: هو كجوف عَيرٍ لأَنه لا شيء
في جَوْفه يُنتفع به؛ ويقال: أَصله قولهم أَخلى من جَوْف حِمار. وفي حديث
أَبي سفيان: قال رجل: أُغْتال محمداً ثم آخُذُ في عَيْرٍ عَدْوي أَي
أَمْضي فيه وأَجعلُه طريقي وأَهْرب؛ حكى ذلك ابن الأَثير عن أَبي موسى.
وعَيْرٌ: اسم جَبلَ؛ قال الراعي:
بِأَعْلام موَرْكُوزٍ فَعَيْرٍ فَعُزَّبٍ،
مَغَانِيَ أُمِّ الوَبْرِ إِذْ هِيَ ما هِيَا
وفي الحديث: أَنه حَرَّم ما بين عَيْرٍ إِلى ثَوْرٍ؛ هما جبلان، وقال
ابن الأَثير: جبلان بالمدينة، وقيل: ثَوْرٌ بمكة؛ قال: ولعلّ الحديث ما بين
عَيْرٍ إِلى أُحُد، وقيل: بمكة أَيضاً جبل يقال له عَيْرٌ.
وابْنَةُ مِعْيَرٍ الداهية. وبنَاتُ مِعْيَرٍ: الدواهي؛ يقال: لقيت منه
ابْنَةَ مِعْيَرٍ؛ يُريدون الداهية والشدّة.
وتِعَارٌ، بكسر التاء: اسم جبَل؛ قال بِشْر يصف ظُعْناً ارتحلن من
منازلهن فشبّههنَّ في هَوَادِجِهِن بالظِّباء في أَكْنِسَتِها:
وليل ما أَتَيْنَ عَلى أَرُومٍ
وَشابَة، عن شمائِلها تِعارُ
كأَنَّ ظِباءَ أَسْنِمَة عليها
كَوانِس، قالِصاً عنها المَغَارُ
المَغارُ: أَماكن الظِّباء، وهي كُنُسها. وشابَة وتِعار: جبَلان في
بِلاد قيس. وأَرُوم وشابة: موضعان.
ذبب: الذَّبُّ: الدَّفْعُ والـمَنْعُ. والذَّبُّ: الطَّرْدُ.
وذَبَّ عنه يَذُبُّ ذَبّاً: دَفَعَ ومنع، وذَبَبْت عنه. وفُلانٌ يَذُبُّ عن حَرِيمِه ذَبّاً أَي يَدْفَعُ عنهم؛ وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه:
إِنما النِّساءُ لَحْمٌ على وَضَمٍ، إِلا ما ذُبَّ عنه؛ قال:
مَنْ ذَبَّ منكم، ذَبَّ عَنْ حَمِـيمِهِ، * أَو فَرَّ منكم، فَرَّ عَنْ حَريمِهِ
وذَبَّبَ: أَكْثَرَ الذَّبَّ.
ويقال: طِعانٌ غيرُ تَذْبِـيبٍ إِذا بُولِغَ فيه.
ورجلٌ مِذَبٌّ وذَبَّابٌ: دَفَّاعٌ عن الحرِيمِ.
وذَبْذَبَ الرَّجلُ إِذا مَنَعَ الجِوارَ والأَهْلَ أَي حَماهم.
والذَّبِّـيُّ: الجِلْوازُ.
وذَبَّ يَذِبُّ ذَبّاً: اختَلَفَ ولم يَسْتَقِمْ في مكانٍ واحدٍ. وبعيرٌ ذَبٌّ: لا يَتَقارُّ في مَوْضِع؛ قال:
فكأَننا فيهم جِمالٌ ذَبَّةٌ، * أُدْمٌ، طَلاهُنَّ الكُحَيْل وَقار
فقوله ذَبَّةٌ، بالهاءِ، يَدل على أَنه لم يُسَمَّ بالـمَصْدر إِذ لو
كان مَصْدَراً لقال جِمالٌ ذَبٌّ، كقولك رِجالٌ عَدْلٌ. والذَّبُّ: الثَّوْرُ الوَحْشِـيُّ، ويقال له أَيضاً: ذَبُّ الرِّيادِ، غير مهموزٍ، وسُمِّيَ بذلك لأَنه يَخْتَلِف ولا يَسْتَقِرُّ في مكانٍ واحدٍ؛ وقيل: لأَنه يَرُودُ فيذهَبُ ويَجِـيءُ؛ قال ابن مقبل:
يُـمشّي بها ذَبُّ الرِّياد، كأَنه * فَـتىً فارِسِـيٌّ، في سَراويلَ، رامِحُ
وقال النابغة:
كأَنما الرَّحْلُ منها فَوْق ذِي جُدَدٍ، * ذَبِّ الرِّيادِ، إِلى الأَشْباح نَظَّارِ
وقال أَبو سعيد: إِنما قيل له ذَبُّ الرِّياد لأَن رِيَادَه أَتانُه التي تَرُودُ معه، وإِن شئتَ جَعَلْتَ الرِّيادَ رَعْيه نَفْسَه للكَلإِ.
وقال غيره: قيل له ذَبُّ الرِّيادِ لأَنه لا يَثْبُتُ في رَعْيِـه في مكانٍ
واحدٍ، ولا يُوطِن مَرْعًى واحداً. وسَمَّى مُزاحِمٌ العُقَيْليّ الثَّوْرَ الوَحْشِـيَّ الأَذبَّ؛ قال:
بِلاداً، بها تَلْقَى الأَذَبَّ، كأَنه، * بها، سابِريٌّ لاحَ، منه، البَنائِقُ
أَراد: تَلْقَى الذَّبَّ، فقال الأَذَبَّ لحاجته. وفُلانٌ ذَبُّ الرِّيادِ: يذهَبُ ويَجيءُ، هذه عن كُراع. أَبو عمرو: رَجُلٌ ذَبُّ الرِّيادِ إِذا كان زَوَّاراً للنساءِ؛ وأَنشد لبعض الشعراءِ فيه:
ما للْكَواعبِ، يا عَيْسَاءُ، قد جَعَلَتْ * تَزْوَرُّ عنّي، وتُثْنَى، دُونيَ، الـحُجَرُ؟
قد كنتُ فَتَّاحَ أَبوابٍ مُغَلَّقَةٍ، * ذَبَّ الرِّيادِ، إِذا ما خُولِسَ النَّظَرُ
وذَبَّتْ شَفَتُه تَذِبُّ ذَبّاً وذَبَباً وذُبوباً، وذَبِبَتْ: يَبِسَتْ وجَفَّتْ وذَبَلَتْ من شدَّةِ العطش، أَو لغيرِه. وشَفَةٌ ذَبَّانةٌ: ذابِلة، وذَبَّ لسانُه كذلك؛ قال:
هُمُ سَقَوْني عَلَلاً بعدَ نَهَلْ، * مِن بعدِ ما ذَبَّ اللِسانُ وذَبَلْ
وقال أَبو خَيْرَة يصف عَيْراً:
وشَفَّهُ طَرَدُ العاناتِ، فَهْوَ به * لوْحانُ، مِن ظَمَإٍ ذَبٍّ، ومِن عَضَبِ
أَراد بالظَّمَإِ الذَّبِّ: اليابِسَ.
وذَبَّ جِسمُه: ذَبَلَ وهَزُلَ. وذَبَّ النَّبْتُ: ذَوَى. وذَبَّ الغَدِيرُ، يَذِبُّ: جَفَّ، في آخرِ الجَزْءِ، عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد:
مَدارِينُ، إِن جاعُوا، وأَذْعَرُ مَن مَشَى، * إِذا الرَّوْضَةُ الخضراءُ ذَبَّ غَدِيرُها
يروى: وأَدْعَرُ مَنْ مَشى. وذَبَّ الرجُلُ يَذِبُّ ذَبّاً إِذا شَحَبَ
لَوْنُه. وذَبَّ: جَفَّ.
وصَدَرَت الإِبِلُ وبها ذُبابةٌ أَي بَقِـية عَطَشٍ.
وذُبابةُ الدَّيْنِ: بقِـيتُه. وقيل: ذُب ابَةُ كل شيءٍ بقِـيتُه.
والذُّبابةُ: البقِـية من الدَّيْن ونحوِه؛ قال الراجز:
أَو يَقْضِـيَ اللّهُ ذُباباتِ الدَّيْنْ
أَبو زيد: الذُّبابة بقِـيَّةُ الشيء؛ وأَنشد الأَصمعي لذي الرُّمة:
لَـحِقْنا، فراجَعْنا الـحُمولَ، وإِنما * يُتَلِّي، ذُباباتِ الوداعِ، الـمُراجِعُ
يقول: إِنما يُدْرِكُ بقايا الـحَوائج من راجَع فيها. والذُّبابة
أَيضاً: البقِـية من مِـياه الأَنهارِ.
وذَبَّبَ النَّهارُ إِذا لم يَبْقَ منه إِلا بقِـية، وقال:
وانْجابَ النهارُ، فَذَبَّـبا
والذُّبابُ: الطَّاعون. والذُّبابُ: الجُنونُ. وقد ذُبَّ الرجُلُ إِذا جُنَّ؛ وأَنشد شمر:
وفي النَّصْرِيِّ، أَحْياناً، سَماحٌ، * وفي النَّصْريِّ، أَحْياناً، ذُبابُ
أَي جُنونٌ. والذُّبابُ الأَسْوَدُ الذي يكون في البُيوتِ، يَسْقُط في
الإِناءِ والطَّعامِ، الواحدةُ ذُبابةٌ، ولا تَقُلْ ذِبَّانة. والذُّبابُ أَيضاً: النَّحْل ولا يقال ذبابة في شيءٍ من ذلك، إِلا أَن أَبا عُبيدة رَوَى عن الأَحْمَرِ ذبابة؛ هكذا وقع في كتاب الـمُصَنَّف، رواية أَبي
عليّ؛ وأَما في رواية عليِّ بنِ حمزة، فَحَكى عن الكسائي: الشَّذاةُ ذُبابةُ بعضِ الإِبلِ؛ وحُكِـيَ عن الأَحمر أَيضاً: النُّعَرة ذُبابةٌ تَسْقُط
على الدَّوابِّ، وأَثْـبت الهاءَ فيهما، والصَّواب ذُبابٌ، هو واحدٌ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كَتَب إِلى عامِلِه بالطَّائف في خَلايا العَسَل وحِمايـتِها، إِنْ أَدَّى ما كان يُـؤَدِّيه إِلى رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، من عُشورِ نَحْلِه، فاحْمِ له، فإِنما هو ذُبابُ غَيْثٍ، يأْكُلُه مَنْ شاءَ. قال ابن الأَثير: يريدُ بالذُّبابِ النَّحْلَ،
وأَضافَه على الغَيْثِ إِلى معنى أَنه يكونُ مَعَ الـمَطَر حيثُ كان، ولأَنه يَعِـيشُ بأَكْلِ ما يُنْبِتُه الغَيْثُ؛ ومعنى حِماية الوادي له: أَنَّ
النَّحْلَ إِنما يَرْعَى أَنْوارَ النَّباتِ وما رَخُصَ منها ونَعُمَ، فإِذا حُمِـيَتْ مَراعِـيها، أَقامت فيها ورَعَتْ وعَسَّلَتْ، فكَـثُرَتْ منافعُ أَصحابِها؛ وإِذا لم تُحْمَ مَراعِـيها، احتاجَت أَنْ تُبْعِدَ في طَلَبِ الـمَرْعَى، فيكونَ رَعْيُها أَقَلَّ؛ وقيل: معناه أَنْ يُحْمَى لهم الوادي الذي يُعَسِّلُ فيه، فلا يُتْرَكَ أَحدٌ يَعْرِضُ للعَسَل، لأَن سبيلَ العسَل الـمُباحِ سبيلُ الـمِـياهِ والـمَعادِنِ والصُّيودِ، وإِنما يَمْلِكُه من سَبَقَ إِليه، فإِذا حَماه ومَنَع الناسَ منه، وانْفَرَدَ به وَجَبَ عليه إِخْراجُ العُشْرِ منه، عند مَن أَوجب فيه الزَّكاة.التهذيب: واحدُ الذِّبَّانِ ذُبابٌ، بغير هاءٍ. قال: ولا يُقال ذُبَابة.
وفي التنزيل العزيز: وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ شيئاً؛ فسَّروه للواحد،
والجمع أَذِبَّةٌ في القِلَّة، مثلُ غُرابٍ وأَغْرِبَةٍ؛ قال النابغة:
ضَرَّابة بالـمِشْفَرِ الأَذِبَّهْ
وذِبَّانٌ مثلُ غِرْبانٍ، سيبويه، ولم يَقْتَصِرُوا به على أَدْنى العدد، لأَنهم أَمِنُوا التَّضْعيف، يعني أَنَّ فُعالاً لا يكَسَّر في أَدنى العدد على فِعْلانٍ،
ولو كان مـمَّا يَدْفَعُ به البناءُ إِلى التَّضعيف، لم يُكسَّر على ذلك
البناءِ، كما أَنَّ فِعَالاً ونحوه، لـمَّا كان تكسيره على فُعُل يُفْضِـي به إِلى التَّضْعِـيف، كسروه على أَفعلة؛ وقد حكى سيبويه،
مع ذلك، عن العرب: ذُبٌّ، في جمع ذُبابٍ، فهو مع هذا الإِدغامِ على اللُّغَة التَّمِـيمِـيَّة، كما يَرْجِعون إِليها، فيما كان ثانِـيه واواً،
نحو خُونٍ ونُورٍ. وفي الحديث: عُمْرُ الذُّبابِ أَربعون يَوْماً،
والذُّبابُ في النار؛ قيل: كَوْنُه في النار ليس لعذاب له، وإِنما لِـيُعَذَّبَ به أَهل النار بوقوعه عليهم، والعرب تَكْنُو الأَبْخَر: أَبا ذُبابٍ، وبعضهم يَكْنيه: أَبا ذِبَّانٍ، وقد غَلَبَ ذلك على عبدالملك بن مَرْوانَ لِفَسادٍ كان في فَمِه؛ قال الشاعر:
لَعَلِّـيَ، إِنْ مالَتْ بِـيَ الرِّيحُ مَيلةً * على ابنِ أَبي الذِّبّانِ، أَن
يَتَنَدّما
يعني هشامَ بنَ عبدالملك.
وذَبَّ الذُّبابَ وذَبَّـبه: نَحَّاه.
ورجل مَخْشيُّ الذُّبابِ أَي الجَهْلِ. وأَصابَ فُلاناً من فلانٍ ذُبابٌ
لادِغٌ أَي شَرٌّ.
وأَرض مَذَبَّةٌ: كثيرةُ الذُّبابِ.
وقال الفرَّاءُ: أَرضٌ مَذْبوبة، كما يقال مَوْحُوشةٌ من الوَحْشِ.
وبَعيرٌ مَذْبُوبٌ: أَصابه الذُّبابُ، وأَذَبُّ كذلك، قاله أَبو عبيد في
كتاب أَمراضِ الإِبل؛ وقيل: الأَذَبُّ والـمَذْبوبُ جميعاً: الذي إِذا
وَقَع في الرِّيفِ، والريفُ لا يكونُ إِلاَّ في المصادرِ، اسْتَوْبَـأَهُ،
فمات مكانَه؛ قال زياد الأَعْجمُ في ابنِ حَبْنَاء:
كأَنـَّكَ، مِن جِمالِ بني تَـمِـيمٍ، * أَذَبُّ، أَصابَ مِن رِيفٍ ذُبابا
يقول: كأَنـَّك جَمَلٌ نزلَ ريفاً، فأَصابَهُ الذُّبابُ، فالْـتَوَتْ عُنُقُه، فمات.
والـمِذَبَّةُ: هَنَةٌ تُسَوَّى من هُلْبِ الفَرَسِ، يُذَبُّ بها الذُّبابُ؛ وفي الحديث: أَنّ النبـيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، رأَى رَجُلاً طويلَ الشَّعَر، فقال: ذُبابٌ؛ الذُّبابُ الشُّـؤْم أَي هذا شُؤْمٌ.
ورجل ذُبابيٌّ: مأْخوذٌ من الذُّبابِ، وهو الشُّؤْمُ. وقيل: الذُّبابُ
الشَّرُّ الدَّائِم، يقال: أَصابكَ ذُبابٌ من هذا الأَمْرِ. وفي حديث
المغيرة: شَرُّها ذُبابٌ. وذُبابُ العَينِ: إِنْسانُها، على التَّشبِـيهِ
بالذُّباب. والذُّبابُ: نُكْـتَةٌ سوداءُ في جَوْفِ حَدَقَةِ الفَرَسِ، والجمع كالجمع. وذبابُ أَسْنانِ الإِبِلِ: حَدُّها؛ قال المثَقّب العبدي:
وتَسْـمَعُ، للذُّبابِ، إِذا تَغَنَّى، * كَتَغْريدِ الـحَمَامِ على الغُصُونِ
وذبابُ السَّيْفِ: حَدُّ طَرَفِه الذي بين شَفْرَتَيْهِ؛ وما حَوْلَه من
حَدَّيْهِ: ظُبَتَاه؛ والعَيْرُ: النَّاتـئُ في وَسَطِه، من باطنٍ وظاهرٍ؛ وله غِرَارانِ، لكلِّ واحدٍ منهما، ما بينَ العَيْرِ وبين إِحدى الظُّبَتَين من ظاهِر السَّيفِ وما قُبالَةَ ذلك من باطنٍ، وكلُّ واحدٍ من الغِرارَينِ من باطنِ السَّيف وظاهره؛ وقيل: ذُبابُ السَّيفِ طَرَفُه الـمُتَطَرِّفُ الذي يُضْرَبُ به، وقيل حَدُّه. وفي الحديث: رأَيتُ ذُبابَ سَيْفي كُسِرَ، فأَوَّلْـتُه أَنه يصابُ رجلٌ من أَهل بيتي، فقُتِل حَمْزَةُ. والذُّبابُ من أُذُنِ الانسانِ والفَرَس: ما حَدَّ من طَرَفِها. أَبو
عبيد:
في أُذُنَي الفرسِ ذُباباهُما، وهما ما حُدَّ من أَطرافِ الأُذُنَيْن. وذُبابُ الـحِنَّاء: بادِرةُ نَوْرِه.
وجاءَنا راكبٌ مُذَبِّبٌ: عَجِلٌ مُنْفَرِدٌ؛ قال عنترة:
يُذَبِّبُ وَرْدٌ على إِثرِهِ، * وأَدْرَكُه وَقْعُ مِرْدىً خَشِبْ
إِمّا أَنْ يكونَ على النَّسَب، وإِمّا أَنْ يكون أَراد خَشِـيباً، فحذف
للضرورة.
وذَبَّـبْنا لَيْـلَتَنَا أَي أَتْعَبْنا في السَّير.
ولا يَنالونَ الماءَ إِلاَّ بقَرَبٍ مُذَبِّبٍ أَي مُسْرِع؛ قال ذو الرُّمة:
مُذَبِّـبَة، أَضَرَّ بِهَا بُكُورِي * وتَهْجِـيري، إِذا اليَعْفُورُ قالا
اليَعْفُورُ: الظَّبيُ. وقال: من القَيْلُولة أَي سَكَنَ في كِنَاسِه مِن شِدَّةِ الـحَرِّ.
وظِمْءٌ مُذَبِّبٌ: طَويلٌ يُسارُ فيه إِلى الماءِ من بُعْدٍ، فيُعَجَّل بالسَّيرِ. وخِمْسٌ مُذَبِّبٌ: لا فُتُورَ فيه.
وذَبَّبَ: أَسْرَع في السَّيرِ؛ وقوله:
مَسِـيرَة شَهْرٍ للبَعِـيرِ الـمُذَبْذِبِ
أَرادَ الـمُذَبِّبَ.
وأَذَبُّ البعيرِ: نابُهُ؛ قال الراجز:
كأَنَّ صَوْتَ نابِهِ الأَذَبِّ
صَرِيفُ خُطَّافٍ، بِقَعْوٍ قَبِّ
والذَّبْذَبَةُ: تَرَدُّدُ الشيءِ المُعَلَّقِ في الهواءِ .
والذَّبْذَبَة والذَّباذِبُ: أَشياءُ تُعَلَّقُ بالهودَجِ أَو رأْسِ البعيرِ للزينةِ، والواحد ذُبْذُبٌ.
والذَّبْذَبُ: اللِّسانُ، وقيلَ الذَّكَر. وفي الحديث: مَنْ وُقِـيَ شَرَّ ذَبْذَبِهِ وقَبْقَبِه، فقد وُقـيَ. فَذَبْذَبُه: فَرْجُه، وقَبْقَبُه: بَطْنُه. وفي رواية: مَن وُقِـيَ شَرَّ ذَبْذَبِه دَخَلَ الجنَّةَ؛ يعني الذَّكَر سُمِّيَ بِه لتَذَبْذُبِهِ أَي حَرَكَتِه.
والذَّباذِبُ: المذاكِيرُ. والذَّباذِبُ: ذكر الرجلِ، لأَنـَّه يَتَذَبْذَبُ أَي يَترَدَّد؛ وقيل الذَّباذِب: الخُصَى، واحِدتُها ذَبْذَبَةٌ.
ورجلٌ مُذَبْذِبٌ ومُتَذَبْذِبٌ: مُترَدِّــدٌ بين أَمْرَين أَو بين رجُلَين، ولا تَـثْبُتُ صُحْبَتُه لواحِدٍ منهما. وفي التنزيل العزيز في صفة
المنافقين: مُذَبْذَبِـين بين ذلك لا إِلى هؤُلاء ولا إِلى هؤُلاء.
المعنى: مُطَرَّدين مدَفَّعين عن هؤُلاء وعن هؤُلاء. وفي الحديث: تَزَوَّجْ، وإِلاَّ فأَنتَ من الـمُذَبذِبِـينَ أَي الـمَطْرُودين عن المؤْمنين
لأَنـَّكَ لم تَقْتَدِ بِهِم، وعن الرُّهْبانِ لأَنـَك تَركتَ طَرِيقَتَهُمْ؛ وأَصلُه من الذَّبِّ، وهو الطَّرْدُ. قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يكونَ من الحركة والاضْطِرابِ.
والتَّذَبْذُبُ: التَّحرُّكُ.
والذَّبْذَبةُ: نَوْسُ الشيءِ الـمُعَلَّقِ في الهواءِ.
وتَذَبْذَبَ الشيءُ: ناسَ واضْطَرَبَ ، وذَبْذَبَهُ هو؛ أَنشد ثعلب:
وحَوْقَلٍ ذَبْذَبَهُ الوَجِـيفُ، * ظَلَّ ،لأَعْلَى رأْسِهِ، رَجِـيفُ
وفي الحديث: فكأَني أَنْظُرُ إِلى يَدَيْه تَذَبْذَبانِ أَي تَتَحَرَّكانِ وتَضْطَرِبان، يريد كُـمَّيْهِ. وفي حديث جابر: كان عليَّ بُرْدَة
لها ذباذِبُ أَي أَهْدابٌ
وأَطْرافٌ، واحدُها ذِبْذِبٌ، بالكسرِ، سُمِّـيَتْ بذلك لأَنـَّها تَتَحَرَّك على لابسِها إِذا مَشى؛ وقول أَبي ذؤَيب:
ومِثْل السَّدُوسِـيَّـيْن، سادَا وذَبْذَبا * رِجال الـحِجازِ، مِنْ مَسُودٍ وَسائدِ
قيل: ذَبْذَبا عَلَّقَا . يقول تقطع دونهما رجالُ الحجازِ . وفي الطَّعام
ذُبَيْباءُ ، ممدودٌ ،حكاه أَبو حنيفة في باب الطَّعام الذي فيه ما لا خَيْرَ فيه ، ولم يفسِّره ؛ وقد قيل : إِنها الذُّنَيْناءُ، وستُذْكر في موضِعِها . وفي الحديث : أَنه صَلَبَ رجُلاً على ذُبابٍ ، هو جبلٌ بالمدينة.
بهل: التَبَهُّل: العَناء بالطلب. وأَبهل الرجلَ: تَرَكه. ويقال:
بَهَلْته وأَبْهَلْته إِذا خَلَّيْتَه وإِرادتَه. وأَبْهَل الناقةَ:
أَهْمَلَها. الأَزْهري: عَبْهَل الإِبلَ أَي أَهْمَلَها مثل أَبْهَلَها، والعين
مبدلة من الهمزة. وناقة باهِل بيِّنة البَهَل: لا صِرارَ عليها، وقيل: لا
خِطام عليها، وقيل: لا سِمَة عليها، والجمع بُهَّل وبُهْل. وقد أَبْهَلتْها
أَي تركتها باهلاً، وهي مُبْهَلة ومُباهِل للجمع
(* قوله «ومباهل للجمع»
كذا وقع في الأصل ميم مباهل مضموناً وكذا في القاموس وليس فيه لفظ
الجمع).
قال ابن بري: قال ابن خالويه البُهَّل واحدها باهلٌ وباهلة وهي التي
تكون مُهْمَلَة بغير راع، يريد أَنها سَرَحَت للمَرْعى بغير راع؛ وشاهد
أَبْهَل قول الشاعر:
قد غاث رَبُّك هذا الخَلْقَ كُلَّهُمُ،
بعامِ خِصْبٍ، فعاش المالُ والنَّعَمُ
وأَبْهَلوا سَرْحَهُم من غير تَوْدِيةٍ
ولا ديار، ومات الفَقْر والعَدَم
وقال آخر:
قد رَجَعَ المُلْكُ لمُسْتَقَرَّه،
وعاد حُلْو العَيْشِ بَعْدَ مُرِّه،
وأَبْهَلَ الحالِبُ بَعْدَ صَرِّه
وناقة باهل: مُسَيَّبَة. وأَبْهَل الراعي إِبله إِذا تركها،
وأَبْهَلَها: تركها من الحَلبِ. والباهل: الإِبل التي لا صِرار عليها، وهي
المُبْهَلة. وقال أَبو عمرو في البُهَّل مثله: واحدها باهل. وأَبهل الوالي
رعِيَّتَهُ واسْتَبْهَلها إِذا أَهملها؛ ومنه قيل في بني شَيْبانَ: استَبْهَلتها
السواحلُ؛ قال النابغة في ذلك:
وشيْبان حيث اسْتَبْهَلَتْها السَّواحِلُ
أَي أَهملها ملوكُ الحِيرة لأَنهم كانوا نازلين بِشَطِّ البحرِ. وفي
التهذيب: على ساحل الفُرات لا يَصِل إِليهم السلطان يفعلون ما شاؤُوا، وقال
الشاعر في إِبل أُبْهِلَتْ:
إِذا اسْتُبْهِلَتْ أَو فَضَّها العَبْدُ، حَلَّقَتْ
بسَرْبك، يوْم الوِرْدِ، عَنْقاءُ مُغْرِب
يقول إِذا أُبْهِلَتْ هذه الإِبل ولم تُصَرّ أَنْفَدت الجِيرانُ
أَلبانها، فإِذا أَرادت الشُّرْب لم يكن في أَخْلافها من اللبن ما تَشْتَري به
ماء لشربها. وبَهِلَت الناقة تَبْهَل بَهَلاً: حُلَّ صِرارُها وتُرك
وَلَدُها يَرْضَعها؛ وقول الفرزدق:
غَدَت من هِلالٍ ذاتَ بَعْلٍ سَمِينَةً،
وآبَتْ بثَدْي باهِلِ الزَّوْجِ أَيِّمِ
يعني بقوله باهل الزَّوْجِ باهلَ الثَّدْي لا يحتاج إِلى صِرار، وهو
مستعار من الناقة الباهل التي لا صِرار عليها، وإِذا لم يكن لها زَوْج لم
يكن لها لبن؛ يقول: لما قُتِلَ زَوْجُها فبقيت أَيِّماً ليس لها ولد؛ قال
ابن سيده: التفسير لابن الأَعرابي. قال أَبو عبيد: حَدَّثني بعض أَهل
العلم أَن دُرَيْدَ بن الصِّمَّة أَراد أَن يُطْلِّق امرأَته فقالت: أَتطلقني
وقد أَطْعَمْتُكَ مأْدُومي وأَتيتك باهِلاً غير ذاتِ صِرار؟ قال:
جَعَلَتْ هذا مثلاً لمالها وأَنها أَباحت له مالها، وكذلك الناقة لا عِرانَ
عليها، وكذلك التي لا سِمَة عليها. واسْتَبْهَل فلان الناقة إِذا احتلبها
بلا صِرار؛ وقال ابن مقبل:
فاسْتَبْهَل الحَرْب من حَرَّانَ مُطَّرِدٍ،
حَتَّى يَظَلَّ، على الكَفَّين، مَرْهُونا
أَراد بالحرَّان الرمح، والباهل الــمتردّــد بلا عمل، وهو أَيضاً الراعي
بلا عصا. وامرأَة باهلة: لا زوج لها. ابن الأَعرابي: الباهل الذي لا سلاح
معه.
والبَهْل: اللَّعْن. وفي حديث ابن الصَّبْغاء قال: الذي بَهَله بُرَيْقٌ
أَي الذي لَعَنه ودعا عليه رجل اسمه بُرَيْقٌ. وبَهَله اللهُ بَهْلاً:
لَعَنه. وعليه بَهْلة الله وبُهْلته أَي لعْنَتُه. وفي حديث أَبي بكر: من
وَلِيَ من أُمور الناس شيئاً فلم يُعْطِهم كتاب الله فعليه بَهْلة الله
أَي لَعْنة الله، وتضم باؤها وتفتح. وباهَلَ القومُ بعضُهم بعضاً
وتَباهلوا وابتهلوا: تَلاعنوا. والمُباهلة: المُلاعَنة. يقال: باهَلْت فلاناً أَي
لاعنته، ومعنى المباهلة أَن يجتمع القوم إِذا اختلفوا في شيء فيقولوا:
لَعْنَةُ الله على الظالم منا. وفي حديث ابن عباس: من شاء باهَلْت أَن
الحَقَّ معي.
وابْتَهَل في الدعاء إِذا اجْتَهَدَ. ومُبْتَهِلاً أَي مُجْتَهِداً في
الدعاء. والابتهال: التضرُّع. والابتهال: الاجتهاد في الدعاء وإِخْلاصُه
لله عز وجل. وفي التنزيل العزيز: ثم نَبْتَهِلْ فنجعلْ لعنة الله على
الكاذبين؛ أَي يُخْلِصْ ويجتهد كلٌّ منا في الدعاء واللَّعْنِ على الكاذب
منا. قال أَبو بكر: قال قوم المُبْتَهِل معناه في كلام العرب المُسَبِّح
الذاكر لله، واحتجوا بقول نابغة شيبان:
أَقْطَعُ اللَّيل آهَةً وانْتِحاباً،
وابْتِهالاً لله أَيَّ ابْتِهال
قال: وقال قوم المُبْتَهِل الداعي، وقيل في قوله ثم نبتهل: ثم
نَلْتَعِن؛ قال: وأَنشدنا ثعلب لابن الأَعرابي:
لا يَتَأَرَّوْنَ في المَضِيقِ، وإِنْ
نادى مُنادٍ كيْ يَنْزِلُوا، نَزَلوا
لا بُدَّ في كَرَّةِ الفوارِسِ أَن
يُتْرَكَ في مَعْرَكٍ لهم بَطَل
مُنْعَفِرُ الوجهِ فيه جائفةٌ،
كما أَكَبَّ الصَّلاةَ مُبْتَهِل
أَراد كما أَكَبَّ في الصَّلاةِ مُسَبِّح. وفي حديث الدعاء: والابتهالُ
أَن تَمُدَّ يديك جميعاً، وأَصله التَضَرُّع والمبالغة في السؤال.
والبَهْل: المال القليل، وفي المُحْكَم: والبَهْل من الماء القليل؛ قال:
وأَعْطاكَ بَهْلاً مِنْهُما فَرَضِيته،
وذو اللُّبِّ للبَهْلِ الحَقِيرِ عَيُوفُ
والبَهْل: الشيء اليسير الحقير؛ وأَنشد ابن بري:
كَلْبٌ على الزَّادِ يُبْدي البَهْلَ مَصْدَقُه،
لَعْوٌ يُهادِيك في شَدٍّ وتَبْسيل
وامرأَة بِهِيلة: لغة في بَهِيرة. وبَهْلاً: كقولك مَهْلاً، وحكاه يعقوب
في البدل قال: قال أَبو عمرو بهْلاً من قولك مَهْلاً وبَهْلاً إِتباع؛
وفي التهذيب: العَرَب تقول مَهْلاً وبَهْلاً؛ قال أَبو جُهَيْمة الذهلي:
فقلت له: مَهْلاً وبَهْلاً فلم يُثِب
بِقَوْل، وأَضْحى الغُسُّ مُحْتَمِلاً ضِغْنَا
(* قوله «الغس» هو بضم المعجمة: الضعيف اللئيم، والفسل من الرجال.
وأورده شارح القاموس بلفظ: النفس، بالنون والفاء).
وبَهْل: اسم للشديدة
(* قوله «اسم للشديدة» أي للسنة الشديدة) ككَحْل.
وباهلة: اسم قبيلة من قَيْس عَيْلان، وهو في الأَصل اسم امرأَة من
هَمْدان، كانت تحت مَعْن بن أَعْصُرَ ابن سعد بن قَيْسِ عَيْلان فنسب ولده
إِليها؛ وقولهم باهلة بن أَعْصُر، إِنما هو كقولهم تَمِيم بن مُرٍّ،
فالتذكير للحَيِّ والتأْنيث للقبيلة، سواء كان الاسم في الأَصل لرجل أَو
امرأَة.ومُبْهِل: اسم جبل لعبد الله بن غَطْفان؛ قال مُزَرِّد يَرُدُّ على كعب
بن زهير:
وأَنْتَ امرؤٌ من أَهْلِ قُدْسِ أُوَارَةٍ،
أَحَلَّتْكَ عَبْدَ الله أَكْنافُ مُبْهِل
والأَبْهَل: حَمْل شجرة وهي العَرْعَر؛ وقيل: الأَبْهَل ثمر العَرْعَر؛
قال ابن سيده: وليس بعربيٍّ محض. الأَزهري: الأَبْهَل شجرة يقال لها
الايرس، وليس الأَبهل بعربية محضة.
والبُهْلُول من الرجال: الضَّحَّاك؛ وأَنشد ابن بري لطُفَيل الغَنَوي:
وغارَةٍ كَحَرِيقِ النَّارِ زَعْزَعَها
مِخْرَاقُ حرْبٍ، كصَدْرِ السَّيْفِ، بُهْلُولُ
والبُهْلول: العزيز الجامع لكل خير؛ عن السيرافي. والبُهْلُول: الحَييُّ
الكريم، ويقال: امرأَة بُهْلول. الأَحمر: هو الضَّلال بن
بُهْلُلَ غير مصروف، بالباء كأَنه المُبْهَل المُهْمَل مثل ابن ثُهْلُل،
معناه الباطل، وقيل: هو مأْخوذ من إِبْهال وهو الإِهْمال. غيره: يقال
للذي لا يُعْرَف بُهْل بن بُهْلانَ؛ ولما قتل المنتشر بن وهب الباهلي
مُرَّة بن عاهان قالت نائحته:
يا عَيْن جُودِي لمُرَّةَ بنِ عَاهَانا،
لو كان قاتِلُه من غَيْر مَنْ كانا،
لو كان قاتِلُه يوماً ذَوِي حَسَبٍ،
لَكِنَّ قاتِلَهُ بُهْلُ بن بُهْلانا
عسف: العَسْفُ: السَّير بغير هداية والأخْذُ على غير الطريق، وكذلك
التَّعَسُّفُ والاعْتِسافُ، والعَسْف: رُكوب المَفازَةِ وقطْعُها بغير قَصْد
ولا هِداية ولا تَوَخِّي صَوْب ولا طَريق مَسْلوك. يقال: اعْتسف الطريقَ
اعتِسافاً إذا قَطَعَه دون صوْب تَوَخّاه فأَصابه. والتعسِيفُ: السَّيْرُ
على غير عَلَم ولا أَثرٍ. وعَسَفَ المَفازةَ: قَطَعَها كذلك ؛ ومنه قيل:
رجل عَسوفٌ إذا لم يَقْصِد الحقِّ؛ وقول كثيِّر:
عَسُوق بأَجْواز الفَلا حِمْيَريّة
العَسُوف: التي تمرّ على غير هداية فتركب رأْسها في السير ولا يَثْنيها
شيء. والعَسْفُ: ركوب الأَمر بلا تدبير ولا رَويّة، عسَفَه يَعْسِفُه
عَسْفاً وتَعَسَّفَه واعْتَسَفه؛ قال ذو الرمة:
قد أَعْسِفُ النَّازِحَ المَجْهُولَ مَعْسِفُه
في ظِلِّ أَغْضَفَ، يَدْعُو هامَه البُومُ
ويروى: في ظل أَخْضَر، وأَنشد ابن الأَعرابي:
وعَسَفَتْ مَعاطِناً لم تَدْثُر
مدح إبلاً فقال: إذا ثبتت ثَفناتُها في الأَرض بَقِيَت آثارُها فيها
ظاهرة لم تدْثُر، قال: وقيل ترد الظِّمء الثاني، وأَثَرُ ثفناتها الأَوَّل
في الأَرض ومَعاطِنُها لم تدْثُر؛ وقال ذو الرمة:
ورَدْتُ اعْتِسافاً، والثُّرَيّا كأَنها،
على هامةِ الرأْس، ابن ماءٍ مُحَلِّقُ
وقال أَيضاً:
يَعْتَسِفانِ الليلَ ذا الحُيودِ
أَمّاً بكلِّ كوْكَبٍ حَريدِ
(* قوله «الحيود» كذا في الأصل هنا، وتقدم للمؤلف في مادة حرد: السدود.)
وعسَف فلان فلاناً عَسْفاً: ظلَمه. وعسَف السلطانُ يَعْسِفُ واعْتَسَف
وتعَسَّفَ: ظلَم، وهو من ذلك. وفي الحديث: لا تبلُغ شفاعتي إماماً
عَسُوفاً أَي جائراً ظلُوماً. والعَسْف في الأَصل: أَن يأْخذ المسافر على غير
طريق ولا جادّة ولا عَلَم فنقل إلى الظُّلم والجَوْر. وتعسَّف فلام فلاناً
إذا ركبه بالظلم ولم يُنْصِفه. ورجل عَسُوف إذا كان ظلوماً. والعَسِيفُ:
الأَجيرُ المُسْتهانُ به. وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: أَن رجلاً
جاء إلى النبي، صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إنَّ ابْني كان عَسِيفاً على
رجل كان معه وإنه زنى بامرأَته، أَي كان أَجيراً. والعُسَفاء:
الأُجَراء، وقيل: العَسِيفُ الممْلوك المُسْتهان به؛ قال نبيه بن
الحجّاج:أَطَعْتُ النفْسَ في الشَّهَواتِ حتى
أَعادَتْني عَسِيفاً، عَبدَ عَبْدِ
ويروى: أَطعت العِرْس، وهو فَعِيل بمعنى مفعول كأَسير أَو بمعنى فاعل
كعليم من العَسْف الجَوْر والكفاية. يقال: هو يَعْسِفُهم أَي يَكْفِيهم.
وكم أَعْسِفُ عليك أَي كم أَعْمَل لك، وقيل: كل خادم عَسِيف. وفي الحديث:
لا تقتلوا عَسِيفاً ولا أَسيفاً. والأَسِيفُ: العَبْدُ، وقيل: الشيخ
الفاني، وقيل: هو الذي تشتريه بمالِه، والجمع عُسَفاء على القياس، وعِسَفةٌ
على غير القياس. وفي الحديث: أَنه بَعث سَرِيّة فنَهى عن قتل العُسَفاء
والوُصَفاء، ويروى الأُسَفاء. واعْتَسَفَه: اتّخَذه عَسِيفاً. وعسَف
البعيرُ يَعْسِفُ عَسْفاً وعُسوفاً: أَشرف على الموت من الغُدّة، فهو عاسِف،
وقيل: العَسْف أَن يَتَنَفّس حتى تَقْمُصَ حَنْجَرتُه أَي تَنْتفخ؛ وأَما
قول أَبي وجْزة السعْديّ:
واسْتَيْقَنَت أَنّ الصَّلِيفَ مُنْعَسِفْ
فهو من عَسْفِ الحَنْجرة إذا قَمَصَت للموت. وأَعْسَف الرجلُ إذا أَخذ
بعيرَه العَسْفُ، وهو نفَسُ الموت؛ وناقة عاسِفٌ، بغير هاء: أَصابها ذلك.
والعُساف للإبل: كالنِّزاع للإنسان. قال الأَصمعي: قلت لرجل من أهل
البادية: ما العُساف؟ قال: حين تَقمُص حَنجرتُه أَي ترجف من النفَس؛ قال عامر
بن الطفيل في قُرْزُل يوم الرَّقَم:
ونِعْم أَخُو الصُّعْلُوكِ أَمْسِ تَرَكْتُه
بتَضْرُعَ، يَمْري باليدينِ ويَعْسِف
وأَعسَف الرجلُ إذا أَخذ غلامَه بعمَل شديد، وأَعْسفَ إذا سار بالليل
خَبطَ عَشْواء. والعَسْفُ: القَدَحُ الضخْم. والعُسوفُ: الأقْداح
الكِبار.وعُسْفانُ: موضع وقد ذكر في الحديث؛ قال ابن الأَثير: هي قَرْية جامعة
بين مكة والمدينة، وقيل: هي مَنْهلة من مَناهِل الطريق بين الجُحفة ومكة؛
قال الشاعر:
يا خَلِيلَيَّ ارْبَعا واسْـ
ـتَخْبِرا رَسْماً بعُسفانْ
والعَسّاف: اسم رجل.
عزم: العَزْمُ: الجِدُّ. عَزَمَ على الأَمر يَعْزِمُ عَزْماً ومَعْزَماً
ومَعْزِماً وعُزْماً
وعَزِيماً وعَزِيمةً وعَزْمَةً واعْتَزَمَه واعْتَزمَ عليه: أَراد
فِعْلَه. وقال الليث: العَزْمُ ما عَقَد عليه قَلْبُك من أَمْرٍ أَنَّكَ
فاعِلُه؛ وقول الكميت:
يَرْمي بها فَيُصِيبُ النَّبْلُ حاجَته
طَوْراً، ويُخْطِئُ أَحْياناً فيَعْتَزِمُ
قال: يَعودُ في الرَّمْي فَيَعْتَزِمُ
على الصواب فيَحْتَشِدُ فيه، وإِن شئت قلت يَعْتزِمُ على الخطإِ
فَيَلِجُ فيه إن كان هَجاهُ. وتَعَزَّم: كعَزَم؛ قال أَبو صخر الهذلي:
فأَعْرَضنَ، لَمَّا شِبْتُ، عَني تَعَزُّماً،
وهَلْ لِيَ ذَنْبٌ في اللَّيالي الذُّواهِبِ؟
قال ابن بري: ويقال عَزَمْتُ على الأَمر وعَزَمْتُه؛ قال الأَسْود بن
عُمارة النَّوْفَليُّ.
خَلِيلَيَّ منْ سُعْدَى، أَلِمّاً فسَلِّمَا
على مَرْيَمٍ، لا يُبْعِدُ اللهُ مَرْيَمَا
وقُولا لها: هذا الفراقُ عَزَمْتِه
فهلْ مَوْعِدٌ قَبْل الفِراقِ فيُعْلَما؟
وفي الحديث: قال لأَبي بَكْرٍ مَتى تُوتِرُ؟ فقال: أَوَّلَ الليلِ، وقال
لِعُمَر: متى تُوتِرُ؟ قال: مِن آخرِ
الليلِ، فقال لأَبي بَكرٍ: أَخَذْتَ بالحَزْم، وقال لِعُمَر: أَخَذْتَ
بالعَزْمِ؛ أَراد أَن أَبا بكرٍ حَذِرَ فَوات الوِتْرِ بالنَّوْم فاحْتاطَ
وقدَّمَه، وأَن عُمَر وَثِقَ بالقوّةِ على قيام الليل فأَخَّرَه، ولا
خَيرَ في عَزْمٍ بغير حَزْمٍ، فإِن القُوَّة إِذا لم يكن معها حَذَرٌ
أَوْرَطَتْ صاحبَها. وعَزَمَ الأَمرُ: عُزِمَ عليه. وفي التنزيل: فإِذا عَزَمَ
الأَمرُ؛ وقد يكون أَراد عَزَمَ أَرْبابُ الأَمْرِ؛ قال الأَزهري: هو
فاعل معناه المفعول، وإنما يُعْزَمُ الأَمرُ ولا يَعْزِم، والعَزْمُ
للإنسان لا لِلأمرَِ، وهذا كقولهم هَلكَ الرجلُ، وإنما أُهْلِك. وقال الزجاج في
قوله فإذا عَزَمَ الأَمرُ: فإذا جَدَّ الأَمرُ ولَزِمَ فَرْضُ القتال،
قال: هذا معناه، والعرب تقول عَزَمْتُ الأمرَ وعَزَمْتُ عليه؛ قال الله
تعالى: وإن عَزَموا الطَّلاقَ فإن الله سميع عليم. وتقول: ما لِفلان
عَزِيمةٌ أي لا يَثْبُت على أمرٍ يَعْزِم عليه. وفي الحديث: أنه، صلى الله عليه
وسلم، قال: خَيرُ الأُمُورِ عَوازِمُها أي فَرائِضُها التي عَزَمَ اللهُ
عليك بِفِعْلِها، والمعنى ذواتُ عَزْمِها التي فيه عَزْمٌ، وقيل: معناه
خيرُ الأُمورِ ما وَكَّدْتَ رَأْيَك وعَزْمَك ونِيَّتَك عليه وَوَفَيْتَ
بعهد الله فيه. وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إن الله يُحِبُّ أن
تُؤتَى رُخَصُه كما يُحِبُّ أن تُؤتَى عَزائِمُه؛ قال أبو منصور:
عَزائِمُه فَرائِضُه التي أَوْجَبَها الله وأَمَرنا بها. والعَزْمِيُّ من الرجال:
المُوفي بالعهد. وفي حديث الزكاة: عَزْمةٌ مِنْ عَزَماتِ اللهِ أي حَقٌّ
مِنْ حُقوقِ الله وواجبٌ مِنْ واجباته. قال ابن شميل في قوله تعالى:
كُونوا قِرَدَةً؛ هذا أَمرٌ عَزْمٌ، وفي قوله تعالى: كُونوا رَبَّانِيِّينَ؛
هذا فرْضٌ وحُكْمٌ. وفي حديث أُمّ سَلَمة: فَعزَمَ اللهُ لي أي خَلَقَ
لي قُوَّةٌ وصبْراً. وعَزَم عليه ليَفْعَلنَّ: أَقسَمَ. وعَزَمْتُ عليكَ
أي أَمَرْتُك أمراً جِدّاً، وهي العَزْمَةُ. وفي حديث عُمر: اشْتدَّتِ
العزائمُ؛ يريد عَزَماتِ الأُمراء على الناس في الغَزْو إلى الأقطار البعيدة
وأَخْذَهُم بها. والعزائمُ: الرُّقَى. وعَزَمَ الرَّاقي: كأَنه أَقْسَمَ
على الدَّاء. وعَزَمَ الحَوَّاءُ إذا اسْتَخْرَجَ الحيّة كأَنه يُقْسِم
عليها. وعزائمُ السُّجودِ: ما عُزِمَ على قارئ آيات السجود أن يَسْجُدَ
لله فيها. وفي حديث سجود القرآن: ليستْ سَجْدَةُ صادٍ من عزائِمِ
السُّجودِ. وعزائمُ القُرآنِ: الآياتُ التي تُقْرأُ على ذوي الآفاتِ لما يُرْجى
من البُرْءِ بها. والعَزِيمةُ مِنَ الرُّقَى: التي يُعزَمُ بها على
الجِنّ والأَرواحِ. وأُولُو العَزْمِ من الرُّسُلِ: الذينَ عَزَمُوا على أَمرِ
الله فيما عَهِدَ إليهم، وجاء في التفسير: أن أُولي العَزْمِ نُوحٌ
(*
قوله «نوح إلخ» قد اسقط المؤلف من عددهم على هذا القول سيدنا عيسى عليه
الصلاة والسلام كما في شرح القاموس) وإبراهيمُ وموسى، عليهم السلام،
ومحمّدٌ، صلى الله عليه وسلم، مِنْ أُولي العَزْم أَيضاً. وفي التنزيل:
فاصْبِرْ كما صَبَرَ أُولو العَزْمِ، وفي الحديث: ليَعْزِم المَسأَلة أي يَجِدَّ
فيها ويَقْطَعها. والعَزْمُ: الصَّبْرُ. وقوله تعالى في قصة آدمَ:
فنَسِيَ ولم نَجدْ له عَزْماً؛ قيل: العَزْمُ والعَزِيمةُ هنا الصَّبرُ أي لم
نَجِدْ له صَبْراً، وقيل: لم نَجِدْ له صَرِيمةً ولا حَزْماً فيما
فَعَلَ، والصَّرِيمةُ والعَزِيمةُ واحدةٌ، وهي الحاجة التي قد عَزَمْتَ على
فِعْلِها. يقال: طَوَى فلانٌ فُؤادَه على عَزِيمةِ أمرٍ إذا أَسرَّها في
فُؤادِه، والعربُ تقولُ: ما لَه مَعْزِمٌ ولا مَعْزَمٌ ولا عَزِيمةٌ ولا
عَزْمٌ ولا عُزْمانٌ، وقيل في قوله لم نَجِدْ له عَزْماً أي رَأْياً
مَعْزوماً عليه، والعَزِيمُ والعزيمةُ واحدٌ. يقال: إنَّ رأْيَه لَذُو عَزِيمٍ.
والعَزْمُ: الصَّبْرُ في لغة هذيل، يقولون: ما لي عنك عَزْمٌ أي صَبْرٌ.
وفي حديث سَعْدٍ: فلما أصابَنا البَلاءُ اعْتَزَمْنا لذلك أي
احْتَمَلْناه وصبَرْنا عليه، وهو افْتَعَلْنا من العَزْم. والعَزِيمُ: العَدْوُ
الشديد؛ قال ربيعة بن مَقْرُومٍ الضَّبّيُّ:
لولا أُكَفْكِفُه لكادَ، إذا جَرى
منه العَزِيمُ، يَدُّقُّ فَأْسَ المِسْحَلِ
والاعْتِزامُ: لزُومُ القَصدِ في الحُضْر والمَشْي وغيرهما؛ قال رؤبة:
إذا اعْتَزَمْنَ الرَّهْوَ في انْتِهاضِ
والفَرسُ إذا وُصِفَ بالاعْتِزامِ فمعناه تَجْلِيحُه في حُضْرِه غير
مُجِيبٍ لراكبِه إذا كَبَحَه؛ ومنه قول رؤبة:
مُعْتَزِم التَّجْلِيحِ مَلاَّخ المَلَق
واعْتَزَمَ الفَرَسُ في الجَرْيِ: مَرَّ فيه جامِحاً. واعْتَزَمَ الرجلُ
الطريقَ يَعْتَزِمُه: مَضَى فيه ولم يَنْثَنِ؛ قال حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ:
مُعْتَزِماً للطُّرُقِ النَّواشِطِ
والنَّظَرِ الباسِطِ بَعْدَ الباسِطِ
وأُمُّ العِزْم وأُمُّ عِزْمَةَ وعِزْمةُ: الاسْتُ. وقال الأَشْعَث
لعَمْرو بن مَعْديكربَ: أمَا واللهِ لئِن دَنَوْتَ لأُضْرِطَنَّكَ قال:
كلاَّ، والله إنها لَعَزُومٌ مُفَزَّعَةٌ؛ أراد بالعَزُومِ اسْته أي صَبُورٌ
مُجِدّةٌ صحيحةُ العَقْدِ، يريد أَنها ذاتُ عَزْمٍ وصرامةٍ وحَزْمٍ
وقُوَّةٍ، ولَيْسَتْ بِواهِيةٍ فتَضْرطَ، وإنما أراد نَفْسَه، وقوله
مُفَزَّعَةٌ بها تَنْزِل الأَفزاعُ فتجْلِيها. ويقال: كَذَبَتْه أُمُّ
عِزْمَة.والعَزُومُ والعَوْزَمُ والعَوْزَمَةُ: الناقةُ المُسِنَّةُ وفيها
بَقِيَّةُ شَبابٍ؛ أَنشد ابن الأعرابي للمَرَّارِ الأَسَدِيِّ:
فأَمَّا كلُّ عَوْزَمةٍ وبَكرٍ،
فمِمَّا يََسْتَعِينُ به السَّبِيلُ
وقيل: ناقة عَوْزَمٌ أَكِلَتْ أَسْنانُها من الكِبَر، وقيل: هي
الهَرِمَةُ الدِّلْقِمُ. وفي حديث أَنجَشةَ: قال له رُوَيْدَكَ سَوْقاً
بالعَوازِمِ؛ العَوازِمُ: جمعُ عَوْزَمٍ وهي الناقةُ المُسِنَّة وفيها بَقِيَّةٌ،
كَنَى بها عن النِّساء كما كَنَى عنهنّ بالقوارير، ويجوز أن يكون أَرادَ
النُّوق نفسَها لضَعفها. والعَوْزَم: العجوز؛ وأَنشد الفراء:
لقدْ غَدَوْتُ خَلَقَ الأثوابِ،
أحمِلُ عِدْلَينِ من التُّرابِ
لعَوْزَمٍ وصِبْيةٍ سِغابِ،
فآكِلٌ ولاحِسٌ وآبِي
والعُزُمُ: العجائز، واحدتهنّ عَزُومٌ. والعَزْمِيُّ: بَيّاع الثَّجير.
والعُزُمُ: ثَجِير الزَّبيب، واحدها عَزْمٌ. وعُزْمةُ الرجل: أُسرَتُه
وقبيلته، وجماعتها العُزَمُ. والعَزَمة: المصحِّحون للموَدَّة.
علم: من صفات الله عز وجل العَلِيم والعالِمُ والعَلاَّمُ؛ قال الله عز
وجل: وهو الخَلاَّقُ العَلِيمُ، وقال: عالِمُ الغَيْبِ والشَّهادةِ،
وقال: عَلاَّم الغُيوب، فهو اللهُ العالمُ بما كان وما يكونُ قَبْلَ كَوْنِه،
وبِمَا يكونُ ولَمَّا يكُنْ بعْدُ قَبْل أن يكون، لم يَزَل عالِماً ولا
يَزالُ عالماً بما كان وما يكون، ولا يخفى عليه خافيةٌ في الأرض ولا في
السماء سبحانه وتعالى، أحاطَ عِلْمُه بجميع الأشياء باطِنِها وظاهرِها
دقيقِها وجليلِها على أتمّ الإمْكان. وعَليمٌ، فَعِيلٌ: من أبنية المبالغة.
ويجوز أن يقال للإنسان الذي عَلَّمه اللهُ عِلْماً من العُلوم عَلِيم،
كما قال يوسف للمَلِك: إني حفيظٌ عَلِيم. وقال الله عز وجل: إنَّما يَخْشَى
اللهَ من عبادِه العُلَماءُ: فأَخبر عز وجل أن مِنْ عبادِه مَنْ يخشاه،
وأنهمَ هم العُلمَاء، وكذلك صفة يوسف، عليه السلام: كان عليماً بأَمْرِ
رَبِّهِ وأَنه
واحد ليس كمثله شيء إلى ما عَلَّمه الله من تأْويل الأَحاديث الذي كان
يَقْضِي به على الغيب، فكان عليماً بما عَلَّمه اللهُ. وروى الأزهري عن
سعد بن زيد عن أبي عبد الرحمن المُقْري في قوله تعالى: وإنه لذُو عِلْمٍ
لما عَلَّمْناه، قال: لَذُو عَمَلٍ بما عَلَّمْناه، فقلت: يا أبا عبد
الرحمن مِمَّن سمعت هذا؟ قال: من ابن عُيَيْنةَ، قلتُ: حَسْبي. وروي عن ابن
مسعود أنه قال: ليس العلم بكثرة الحديث ولكن العِلْم بالخَشْية؛ قال
الأزهري: ويؤيد ما قاله قولُ الله عز وجل: إنما يخشى اللهَ من عباده
العُلَماءُ. وقال بعضهم: العالمُ الذي يَعْملُ بما يَعْلَم، قال: وهذا يؤيد قول ابن
عيينة.
والعِلْمُ: نقيضُ الجهل، عَلِم عِلْماً وعَلُمَ هو نَفْسُه، ورجل عالمٌ
وعَلِيمٌ من قومٍ عُلماءَ فيهما جميعاً. قال سيبويه: يقول عُلَماء من لا
يقول إلاّ عالِماً. قال ابن جني: لمَّا كان العِلْم قد يكون الوصف به
بعدَ المُزاوَلة له وطُولِ المُلابسةِ صار كأنه غريزةٌ، ولم يكن على أول
دخوله فيه، ولو كان كذلك لكان مُتعلِّماً لا عالِماً، فلما خرج بالغريزة إلى
باب فَعُل صار عالمٌ في المعنى كعَليمٍ، فكُسِّرَ تَكْسيرَه، ثم حملُوا
عليه ضدَّه فقالوا جُهَلاء كعُلَماء، وصار عُلَماء كَحُلَماء لأن العِلمَ
محْلَمةٌ لصاحبه، وعلى ذلك جاء عنهم فاحشٌ وفُحشاء لَمَّا كان الفُحْشُ
من ضروب الجهل ونقيضاً للحِلْم، قال ابن بري: وجمعُ عالمٍ عُلماءُ، ويقال
عُلاّم أيضاً؛ قال يزيد بن الحَكَم:
ومُسْتَرِقُ القَصائدِ والمُضاهِي،
سَواءٌ عند عُلاّم الرِّجالِ
وعَلاّمٌ وعَلاّمةٌ إذا بالغت في وصفه بالعِلْم أي عالم جِداً، والهاء
للمبالغة، كأنهم يريدون داهيةً من قوم عَلاّمِين، وعُلاّم من قوم
عُلاّمين؛ هذه عن اللحياني. وعَلِمْتُ الشيءَ أَعْلَمُه عِلْماً: عَرَفْتُه. قال
ابن بري: وتقول عَلِمَ وفَقِهَ أَي تَعَلَّم وتَفَقَّه، وعَلُم وفَقُه أي
سادَ العلماءَ والفُقَهاءَ. والعَلاّمُ والعَلاّمةُ: النَّسَّابةُ وهو
من العِلْم. قال ابن جني: رجل عَلاّمةٌ وامرأة عَلاّمة، لم تلحق الهاء
لتأْنيث الموصوفِ بما هي فيه، وإنما لَحِقَتْ لإعْلام السامع أن هذا
الموصوفَ بما هي فيه قد بلَغ الغايةَ والنهايةَ، فجعل تأْنيث الصفة أَمارةً لما
أُريدَ من تأْنيث الغاية والمُبالغَةِ، وسواءٌ كان الموصوفُ بتلك الصفةُ
مُذَكَّراً أو مؤنثاً، يدل على ذلك أن الهاء لو كانت في نحو امرأة
عَلاّمة وفَرُوقة ونحوه إنما لَحِقت لأن المرأة مؤنثة لَوَجَبَ أن تُحْذَفَ في
المُذكَّر فيقال رجل فَروقٌ، كما أن الهاء في قائمة وظَريفة لَمَّا
لَحِقَتْ لتأْنيث الموصوف حُذِفت مع تذكيره في نحو رجل قائم وظريف وكريم، وهذا
واضح. وقوله تعالى: إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلومِ الذي لا يَعْلَمُه
إلا الله، وهو يوم القيامة. وعَلَّمه العِلْم وأَعْلَمه إياه فتعلَّمه،
وفرق سيبويه بينهما فقال: عَلِمْتُ كأَذِنْت، وأَعْلَمْت كآذَنْت،
وعَلَّمْته الشيءَ فتَعلَّم، وليس التشديدُ هنا للتكثير. وفي حديث ابن مسعود: إنك
غُلَيِّمٌ مُعَلَّم أي مُلْهَمٌ للصوابِ والخيرِ كقوله تعالى: مُعلَّم
مَجنون أي له مَنْ يُعَلِّمُه.
ويقالُ: تَعلَّمْ في موضع اعْلَمْ. وفي حديث الدجال: تَعَلَّمُوا أن
رَبَّكم ليس بأَعور بمعنى اعْلَمُوا، وكذلك الحديث الآخر: تَعَلَّمُوا أنه
ليس يَرَى أحدٌ منكم رَبَّه حتى يموت، كل هذا بمعنى اعْلَمُوا؛ وقال عمرو
بن معد يكرب:
تَعَلَّمْ أنَّ خيْرَ الناسِ طُرّاً
قَتِيلٌ بَيْنَ أحْجارِ الكُلاب
قال ابن بري: البيت لمعد يكرِب بن الحرث بن عمرو ابن حُجْر آكل المُرار
الكِنْدي المعروف بغَلْفاء يَرْثي أخاه شُرَحْبِيل، وليس هو لعمرو بن معد
يكرب الزُّبَيدي؛ وبعده:
تَداعَتْ حَوْلَهُ جُشَمُ بنُ بَكْرٍ،
وأسْلَمَهُ جَعاسِيسُ الرِّباب
قال: ولا يستعمل تَعَلَّمْ بمعنى اعْلَمْ إلا في الأمر؛ قال: ومنه قول
قيس بن زهير:
تَعَلَّمْ أنَّ خَيْرَ الناسِ مَيْتاً
وقول الحرث بن وَعْلة:
فَتَعَلَّمِي أنْ قَدْ كَلِفْتُ بِكُمْ
قال: واسْتُغْني عن تَعَلَّمْتُ. قال ابن السكيت: تَعَلَّمْتُ أن فلاناً
خارج بمنزلة عَلِمْتُ. وتعالَمَهُ الجميعُ أي عَلِمُوه. وعالَمَهُ
فَعَلَمَه يَعْلُمُه، بالضم: غلبه بالعِلْم أي كان أعْلَم منه. وحكى اللحياني:
ما كنت أُراني أَن أَعْلُمَه؛ قال الأزهري: وكذلك كل ما كان من هذا
الباب بالكسر في يَفْعلُ فإنه في باب المغالبة يرجع إلى الرفع مثل ضارَبْتُه
فضربته أضْرُبُه.
وعَلِمَ بالشيء: شَعَرَ. يقال: ما عَلِمْتُ بخبر قدومه أي ما شَعَرْت.
ويقال: اسْتَعْلِمْ لي خَبَر فلان وأَعْلِمْنِيه حتى أَعْلَمَه،
واسْتَعْلَمَني الخبرَ فأعْلَمْتُه إياه. وعَلِمَ الأمرَ وتَعَلَّمَه: أَتقنه.
وقال يعقوب: إذا قيل لك اعْلَمْ كذا قُلْتَ قد عَلِمْتُ، وإذا قيل لك
تَعَلَّمْ لم تقل قد تَعَلَّمْتُ؛ وأنشد:
تَعَلَّمْ أنَّهُ لا طَيْرَ إلاّ
عَلى مُتَطَيِّرٍ، وهي الثُّبُور
وعَلِمْتُ يتعدى إلى مفعولين، ولذلك أَجازوا عَلِمْتُني كما قالوا
ظَنَنْتُني ورأَيْتُني وحسِبْتُني. تقول: عَلِمْتُ عَبْدَ الله عاقلاً، ويجوز
أن تقول عَلِمْتُ الشيء بمعنى عَرَفْته وخَبَرْته. وعَلِمَ الرَّجُلَ:
خَبَرَه، وأَحبّ أن يَعْلَمَه أي يَخْبُرَه. وفي التنزيل: وآخَرِين مِنْ
دونهم لا تَعْلَمُونَهم الله يَعْلَمُهم. وأحب أن يَعْلَمه أي أن يَعْلَمَ
ما هو. وأما قوله عز وجل: وما يُعَلِّمانِ مِنْ
أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة تَكْفُرْ. قال الأزهري: تكلم أهل التفسير
في هذه الآية قديماً وحديثاً، قال: وأبْيَنُ الوجوه التي تأوَّلوا أن
الملَكين كانا يُعَلِّمانِ الناسَ وغيرهم ما يُسْأَلانِ عنه، ويأْمران
باجتناب ما حرم عليهم وطاعةِ الله فيما أُمِروا به ونُهُوا عنه، وفي ذلك
حِكْمةٌ لأن سائلاً لو سأل: ما الزنا وما اللواط؟ لوجب أن يُوقَف عليه ويعلم
أنه حرام، فكذلك مجازُ إعلام المَلَكين الناسَ السحرَ وأمْرِهِما السائلَ
باجتنابه بعد الإعلام. وذكر عن ابن الأعرابي أنه قال: تَعَلَّمْ بمعنى
اعْلَمْ، قال: ومنه وقوله تعالى وما يُعَلِّمان من أحد، قال: ومعناه أن
الساحر يأتي الملكين فيقول: أخْبراني عما نَهَى اللهُ عنه حتى أنتهي،
فيقولان: نَهَى عن الزنا، فَيَسْتَوْصِفُهما الزنا فيَصِفانِه فيقول: وعمَّاذا؟
فيقولان: وعن اللواط، ثم يقول: وعَمَّاذا؟ فيقولان: وعن السحر، فيقول:
وما السحر؟ فيقولان: هو كذا، فيحفظه وينصرف، فيخالف فيكفر، فهذا معنى
يُعلِّمان إنما هو يُعْلِمان، ولا يكون تعليم السحر إذا كان إعْلاماً كفراً،
ولا تَعَلُّمُه إذا كان على معنى الوقوف عليه ليجتنبه كفراً، كما أن من
عرف الزنا لم يأْثم بأنه عَرَفه إنما يأْثم بالعمل. وقوله تعالى: الرحمن
عَلَّم القرآن؛ قيل في تفسيره: إنه جلَّ ذكرُه يَسَّرَه لأن يُذْكَر، وأما
قوله عَلَّمَهُ البيانَ فمعناه أنه عَلَّمَه القرآن الذي فيه بَيانُ كل
شيء، ويكون معنى قوله عَلَّمَهُ البيانَ جعله مميَّزاً، يعني الإنسان، حتى
انفصل من جميع الحيوان.
والأَيَّامُ المَعْلُوماتُ: عَشْرُ ذي الحِجَّة آخِرُها يومُ النَّحْر،
وقد تقدم تعليلها في ذكر الأَيام المعدودات، وأورده الجوهري منكراً فقال:
والأيام المعلوماتُ عَشْرُ من ذي الحجة ولا يُعْجِبني. ولقِيَه أَدْنَى
عِلْمٍ أي قبلَ كل شيء.
والعَلَمُ والعَلَمة والعُلْمة: الشَّقُّ في الشَّفة العُلْيا، وقيل: في
أحد جانبيها، وقيل: هو أَن تنشقَّ فتَبينَ. عَلِمَ عَلَماً، فهو
أَعْلَمُ، وعَلَمْتُه أَعْلِمُه عَلْماً، مثل كَسَرْته أكْسِرهُ كَسْراً:
شَقَقْتُ شَفَتَه العُليا، وهو الأَعْلمُ. ويقال للبعير أَعْلَمُ لِعَلَمٍ في
مِشْفَرِه الأعلى، وإن كان الشق في الشفة السفلى فهو أَفْلَحُ، وفي الأنف
أَخْرَمُ، وفي الأُذُن أَخْرَبُ، وفي الجَفْن أَشْتَرُ، ويقال فيه كلِّه
أَشْرَم. وفي حديث سهيل بن عمرو: أنه كان أَعْلمَ الشَّفَةِ؛ قال ابن
السكيت: العَلْمُ مصدر عَلَمْتُ شَفَتَه أَعْلِمُها عَلْماً، والشفة
عَلْماء. والعَلَمُ: الشَّقُّ في الشفة العُلْيا، والمرأَة عَلْماء.
وعَلَمَه يَعْلُمُه ويَعْلِمُه عَلْماً: وَسَمَهُ. وعَلَّمَ نَفسَه
وأَعْلَمَها: وَسَمَها بِسِيما الحَرْبِ. ورجل مُعْلِمٌ إذا عُلِم مكانهُ في
الحرب بعَلامةٍ أَعْلَمَها، وأَعْلَمَ حمزةُ يومَ بدر؛ ومنه قوله:
فَتَعَرَّفوني، إنَّني أنا ذاكُمُ
شاكٍ سِلاحِي، في الحوادِثِ، مُعلِمُ
وأَعْلَمَ الفارِسُ: جعل لنفسه عَلامةَ الشُّجعان، فهو مُعْلِمٌ؛ قال
الأخطل:
ما زالَ فينا رِباطُ الخَيْلِ مُعْلِمَةً،
وفي كُلَيْبٍ رِباطُ اللُّؤمِ والعارِ
مُعْلِمَةً، بكسر اللام. وأَعْلَم الفَرَسَ: عَلَّقَ عليه صُوفاً أحمر
أو أبيض في الحرب. ويقال عَلَمْتُ عِمَّتي أَعْلِمُها عَلْماً، وذلك إذا
لُثْتَها على رأْسك بعَلامةٍ تُعْرَفُ بها عِمَّتُك؛ قال الشاعر:
ولُثْنَ السُّبُوبَ خِمْرَةً قُرَشيَّةً
دُبَيْرِيَّةً، يَعْلِمْنَ في لوْثها عَلْما
وقَدَحٌ مُعْلَمٌ: فيه عَلامةٌ؛ ومنه قول عنترة:
رَكَدَ الهَواجِرُ بالمَشُوفِ المُعْلَمِ
والعَلامةُ: السِّمَةُ، والجمع عَلامٌ، وهو من الجمع الذي لا يفارق
واحده إلاَّ بإلقاء الهاء؛ قال عامر بن الطفيل:
عَرَفْت بِجَوِّ عارِمَةَ المُقاما
بِسَلْمَى، أو عَرَفْت بها عَلاما
والمَعْلَمُ مكانُها. وفي التنزيل في صفة عيسى، صلوات الله على نبينا
وعليه: وإنَّهُ لَعِلْمٌ للساعة، وهي قراءة أكثر القرّاء، وقرأَ بعضهم:
وإنه لَعَلَمٌ للساعة؛ المعنى أن ظهور عيسى ونزوله إلى الأرض عَلامةٌ تدل
على اقتراب الساعة. ويقال لِما يُبْنَى في جَوادِّ الطريق من المنازل يستدل
بها على الطريق: أَعْلامٌ، واحدها عَلَمٌ. والمَعْلَمُ: ما جُعِلَ
عَلامةً وعَلَماً للطُّرُق والحدود مثل أَعلام الحَرَم ومعالِمِه المضروبة
عليه. وفي الحديث: تكون الأرض يوم القيامة كقْرْصَة النَّقيِّ ليس فيها
مَعْلَمٌ لأحد، هو من ذلك، وقيل: المَعْلَمُ الأثر.
والعَلَمُ: المَنارُ. قال ابن سيده: والعَلامةُ والعَلَم الفصلُ يكون
بين الأرْضَيْنِ. والعَلامة والعَلَمُ: شيء يُنْصَب في الفَلَوات تهتدي به
الضالَّةُ. وبين القوم أُعْلُومةٌ: كعَلامةٍ؛ عن أبي العَمَيْثَل
الأَعرابي. وقوله تعالى: وله الجَوارِ المُنْشآتُ في البحر كالأَعلامِ؛ قالوا:
الأَعْلامُ الجِبال. والعَلَمُ: العَلامةُ. والعَلَمُ: الجبل الطويل.
وقال اللحياني: العَلَمُ الجبل فلم يَخُصَّ الطويلَ؛ قال جرير:
إذا قَطَعْنَ عَلَماً بَدا عَلَم،
حَتَّى تناهَيْنَ بنا إلى الحَكَم
خَلِيفةِ الحجَّاجِ غَيْرِ المُتَّهَم،
في ضِئْضِئِ المَجْدِ وبُؤْبُؤِ الكَرَم
وفي الحديث: لَيَنْزِلَنَّ إلى جَنْبِ عَلَم، والجمع أَعْلامٌ وعِلامٌ؛
قال:
قد جُبْتُ عَرْضَ فَلاتِها بطِمِرَّةٍ،
واللَّيْلُ فَوْقَ عِلامِه مُتَقَوَِّضُ
قال كراع: نظيره جَبَلٌ وأَجْبالٌ وجِبالٌ، وجَمَلٌ وأَجْمال وجِمال،
وقَلَمٌ وأَقلام وقِلام. واعْتَلَمَ البَرْقُ: لَمَعَ في العَلَمِ؛ قال:
بَلْ بُرَيْقاً بِتُّ أَرْقُبُه،
بَلْ لا يُرى إلاَّ إذا اعْتَلَمَا
خَزَمَ في أَوَّل النصف الثاني؛ وحكمه:
لا يُرَى إلا إذا اعْتَلَما
والعَلَمُ: رَسْمُ الثوبِ، وعَلَمهُ رَقْمُه في أطرافه. وقد أَعْلَمَه:
جَعَلَ فيه عَلامةً وجعَلَ له عَلَماً. وأَعلَمَ القَصَّارُ الثوبَ، فهو
مُعْلِمٌ، والثوبُ مُعْلَمٌ. والعَلَمُ: الراية التي تجتمع إليها
الجُنْدُ، وقيل: هو الذي يُعْقَد على الرمح؛ فأَما قول أَبي صخر الهذلي:
يَشُجُّ بها عَرْضَ الفَلاةِ تَعَسُّفاً،
وأَمَّا إذا يَخْفى مِنَ ارْضٍ عَلامُها
فإن ابن جني قال فيه: ينبغي أن يحمل على أَنه أَراد عَلَمُها، فأَشبع
الفتحة فنشأَت بعدها ألف كقوله:
ومِنْ ذَمِّ الرِّجال بمُنْتزاحِ
يريد بمُنْتزَح. وأَعلامُ القومِ: ساداتهم، على المثل، الوحدُ كالواحد.
ومَعْلَمُ الطريق: دَلالتُه، وكذلك مَعْلَم الدِّين على المثل. ومَعْلَم
كلِّ شيء: مظِنَّتُه، وفلان مَعلَمٌ للخير كذلك، وكله راجع إلى الوَسْم
والعِلْم، وأَعلَمْتُ على موضع كذا من الكتاب عَلامةً. والمَعْلَمُ:
الأثرُ يُستَدَلُّ به على الطريق، وجمعه المَعالِمُ.
والعالَمُون: أصناف الخَلْق. والعالَمُ: الخَلْق كلُّه، وقيل: هو ما
احتواه بطنُ الفَلك؛ قال العجاج:
فخِنْدِفٌ هامةَ هذا العالَمِ
جاء به مع قوله:
يا دارَ سَلْمى يا اسْلَمي ثمَّ اسْلَمي
فأَسَّسَ هذا البيت وسائر أبيات القصيدة غير مؤسَّس، فعابَ رؤبةُ على
أبيه ذلك، فقيل له: قد ذهب عنك أَبا الجَحَّاف ما في هذه، إن أَباك كان
يهمز العالمَ والخاتمَ، يذهب إلى أَن الهمز ههنا يخرجه من التأْسيس إذ لا
يكون التأْسيس إلا بالألف الهوائية. وحكى اللحياني عنهم: بَأْزٌ، بالهمز،
وهذا أَيضاً من ذلك. وقد حكى بعضهم: قَوْقَأَتِ الدجاجةُ وحَـَّلأْتُ
السَّويقَ ورَثَأَتِ المرأَةُ زوجَها ولَبَّأَ الرجلُ بالحج، وهو كله شاذ
لأنه لا أصل له في الهمز، ولا واحد للعالَم من لفظه لأن عالَماً جمع أَشياء
مختلفة، فإن جُعل عالَمٌ اسماً منها صار جمعاً لأشياء متفقة، والجمع
عالَمُون، ولا يجمع شيء على فاعَلٍ بالواو والنون إلا هذا، وقيل: جمع العالَم
الخَلقِ العَوالِم. وفي التنزيل: الحمد لله ربِّ العالمين؛ قال ابن
عباس: رَبِّ الجن والإنس، وقال قتادة: رب الخلق كلهم.
قال الأزهري: الدليل على صحة قول ابن عباس قوله عز وجل: تبارك الذي
نَزَّلَ الفُرْقانَ على عبده ليكون للعالمينَ نذيراً؛ وليس النبي، صلى الله
عليه وسلم، نذيراً للبهائم ولا للملائكة وهم كلهم خَلق الله، وإنما بُعث
محمد، صلى الله عليه وسلم، نذيراً للجن والإنس. وروي عن وهب بن منبه أنه
قال: لله تعالى ثمانية عشر ألفَ عالَم، الدنيا منها عالَمٌ واحد، وما
العُمران في الخراب إلا كفُسْطاطٍ في صحراء؛ وقال الزجاج: معنى العالمِينَ كل
ما خَلق الله، كما قال: وهو ربُّ كل شيء، وهو جمع عالَمٍ، قال: ولا واحد
لعالَمٍ من لفظه لأن عالَماً جمع أشياء مختلفة، فإن جُعل عالَمٌ لواحد
منها صار جمعاً لأَشياء متفقة. قال الأزهري: فهذه جملة ما قيل في تفسير
العالَم، وهو اسم بني على مثال فاعَلٍ كما قالوا خاتَمٌ وطابَعٌ
ودانَقٌ.والعُلامُ: الباشِق؛ قال الأزهري: وهو ضرب من الجوارح، قال: وأما
العُلاَّمُ، بالتشديد، فقد روي عن ابن الأعرابي أَنه الحِنَّاءُ، وهو الصحيح،
وحكاهما جميعاً كراع بالتخفيف؛ وأما قول زهير فيمن رواه كذا:
حتى إذا ما هَوَتْ كَفُّ العُلامِ لها
طارَتْ، وفي كَفِّه من ريشِها بِتَكُ
فإن ابن جني روى عن أبي بكر محمد بن الحسن عن أبي الحسين أحمد بن سليمان
المعبدي عن ابن أُخت أَبي الوزير عن ابن الأَعرابي قال: العُلام هنا
الصَّقْر، قال: وهذا من طَريف الرواية وغريب اللغة. قال ابن بري: ليس أَحد
يقول إن العُلاَّمَ لُبُّ عَجَم النَّبِق إلاَّ الطائي؛ قال:
...يَشْغَلُها * عن حاجةِ الحَيِّ عُلاَّمٌ وتَحجِيلُ
وأَورد ابن بري هذا البيت
(* قوله «وأورد ابن بري هذا البيت» أي قول
زهير: حتى إذا ما هوت إلخ) مستشهداً به على الباشق بالتخفيف.
والعُلامِيُّ: الرجل الخفيف الذكيُّ مأْخوذ من العُلام. والعَيْلَمُ:
البئر الكثيرة الماء؛ قال الشاعر:
من العَيالِمِ الخُسُف
وفي حديث الحجاج: قال لحافر البئر أَخَسَفْتَ أَم أَعْلَمْتَ؛ يقال:
أعلَمَ الحافرُ إذا وجد البئر عَيْلَماً أي كثيرة الماء وهو دون الخَسْفِ،
وقيل: العَيْلَم المِلْحة من الرَّكايا، وقيل: هي الواسعة، وربما سُبَّ
الرجلُ فقيل: يا ابن العَيْلَمِ يذهبون إلى سَعَتِها . والعَيْلَم: البحر.
والعَيْلَم: الماء الذي عليه الأرض، وقيل: العَيْلَمُ الماء الذي
عَلَتْه الأرضُ يعني المُنْدَفِن؛ حكاه كراع. والعَيْلَمُ: التَّارُّ الناعِمْ.
والعَيْلَمُ: الضِّفدَع؛ عن الفارسي. والعَيْلامُ: الضِّبْعانُ وهو ذكر
الضِّباع، والياء والألف زائدتان. وفي خبر إبراهيم، على نبينا وعليه
السلام: أنه يَحْمِلُ أَباه ليَجوزَ به الصراطَ فينظر إليه فإذا هو عَيْلامٌ
أَمْدَرُ؛ وهو ذكر الضِّباع.
وعُلَيْمٌ: اسم رجل وهو أبو بطن، وقيل: هو عُلَيم بن جَناب الكلبي.
وعَلاَّمٌ وأَعلَمُ وعبد الأَعلم: أسماء؛ قال ابن دريد: ولا أَدري إلى أي شيء
نسب عبد الأعلم. وقولهم: عَلْماءِ بنو فلان، يريدون على الماء فيحذفون
اللام تخفيفاً. وقال شمر في كتاب السلاح: العَلْماءُ من أَسماء الدُّروع؛
قال: ولم أَسمعه إلا في بيت زهير بن جناب:
جَلَّحَ الدَّهرُ فانتَحى لي، وقِدْماً
كانَ يُنْحِي القُوَى على أَمْثالي
وتَصَدَّى لِيَصْرَعَ البَطَلَ الأَرْ
وَعَ بَيْنَ العَلْماءِ والسِّرْبالِ
يُدْرِكُ التِّمْسَحَ المُوَلَّعَ في اللُّجْـ
ـجَةِ والعُصْمَ في رُؤُوسِ الجِبالِ
وقد ذكر ذلك في ترجمة عله.
حطط: الحَطُّ: الوَضْعُ، حطَّه يَحُطُّه حَطّاً فانْحَطَّ. والحَطُّ:
وضْع الأَحْمالِ عن الدَّوابِّ، تقول: حَطَطْتُ عنها. وفي حديث عمر: إِذا
حَطَطْتُمُ الرِّحالَ فشُدُّوا السُّروجَ أَي إِذا قضيتم الحَجَّ
وحَطَطْتُم رِحالَكم عن الإِبل، وهي الأَكْوارُ والمَتاع، فشُدُّوا السُّروج على
الخيل للغَزْو. وحَطّ الحِمْلَ عن البعير يحُطُّه حَطّاً: أَنزله. وكلُّ
ما أَنزله عن ظهر، فقد حطه. الجوهريّ: حطّ الرحلَ والسرْجَ والقوْسَ
وحَطَّ أَي نزَل. والمَحَطُّ: المَنْزِلُ. والمِحَطُّ: من الأَدواتِ، وقال في
مكان آخَر: من أَدوات النَّطَّاعِينَ الذين يُجَلِّدون الدَّفاتر حديدة
معطوفة الطرَف، وأَدِيم مَحْطُوطٌ؛ وأَنشد:
تُبِينُ وتُبْدي عن عُروقٍ، كأَنَّها
أَعِنّةُ خَرَّازٍ تُحَطُّ وتُبْشَرُ
وحطَّ اللّهُ عنه وِزْرَه، في الدعاء: وضَعَه، مَثَلٌ بذلك، أَي خفَّفَ
اللّه عن ظَهْرِكَ ما أَثْقَلَه من الوِزْر. يقال: حطّ اللّه عنك وزرك
ولا أَنْقَضَ ظهرَك. واستحَطَّه وِزْرَه: سأَله أَن يَحُطَّه عنه، والاسم
الحِطَّةُ. وحكي أَنَّ بني إِسرائيل إِنما قيل لهم: وقولوا حِطَّة،
ليَسْتَحِطُّوا بذلك أَوْزارَهم فتُحَطَّ عنهم. وسأَله الحِطِّيطى أَي
الحِطَّة. قال أَبو إِسحق في قوله تعالى: وقولوا حِطَّة، قال: معناه قولوا
مسأَلتُنا حِطَّة أَي حطُّ ذنوبنا عنا، وكذلك القراءة، وارتفعت على معنى
مَسْأَلتُنا حِطَّة أَو أَمْرُنا حِطَّةٌ، قال: ولو قرئت حِطَّةً كان وجهاً في
العربية كأَنه قيل لهم: قولوا احْطُطْ عنّا ذنوبَنا حِطّةً، فحرَّفوا هذا
القول وقالوا لفظة غير هذه اللفظة التي أُمِروا بها، وجملة ما قالوا
أَنه أَمر عظيم سماهم اللّه به فاسقِينَ، وقال الفراء في قوله تعالى: وقولوا
حطة، يقال، واللّه أَعلم: قولوا ما أُمرتم به حطةٌ أَي هي حطة،
فخالَفُوا إِلى كلام بالنَّبَطِيَّةِ، فذلك قوله تعالى: فبدّل الذين ظلموا قولاً
غير الذي قيل لهم. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى:
وادْخُلُوا الباب سُجَّداً، قال: رُكَّعاً، وقولوا حطةٌ مغفرة، قالوا: حِنْطةٌ
ودخلوا على أَسْتاهِهم، فذلك قوله تعالى: فبدَّل الذين ظلموا قولاً غير
الذي قيل لهم؛ وقال الليث: بلغنا أَن بني إِسرائيل حين قيل لهم قولوا
حِطَّةٌ إِنما قيل لهم كي يسْتَحِطُّوا بها أَوزارهم فتُحَطّ عنهم. وقال ابن
الأَعرابي: قيل لهم قولوا حطة فقالوا حنطة شمقايا أَي حنطة جيدة، قال:
وقوله عزّ وجلّ حطة أَي كلمة تَحُطُّ عنكم خطاياكم وهي: لا إِله إلا اللّه.
ويقال: هي كلمة أُمر بها بنو إِسرائيل لو قالوها لحُطَّت أَوزارهم.
وحَطَّه أَي حَدَرَه. وفي الحديث: من ابتلاه اللّه ببَلاء في جَسَده فهو له
حِطَّةٌ أَي تُحَطُّ عنه خطاياه وذنوبُه، وهي فِعْلةٌ من حَطَّ الشيءَ
يَحُطُّه إِذا أَنزله وأَلقاه. وفي الحديث: إِن الصلاة تسمى في التوراة
حَطُوطاً. وحَطّ السِّعْرُ يَحُطُّ حَطّاً وحُطوطاً: رَخُصَ، وكذلك انْحَطَّ
حُطوطاً وكسر وانكسر، يريد فَتَر. وقال الأَزهري في هذا المكان: ويقال
سِعْر مَقْطُوط وقد قَطّ السِّعْرُ وقُطّ السِّعْرُ وقَطّ اللّهُ السِّعْر،
ولم يزد ههنا على هذا اللفظ.
والحَطاطةُ والحُطائطُ والحَطِيطُ: الصغير وهو من هذا لأَن الصغير
مَحْطُوط؛ أَنشد قطرب:
إِنّ حِرِي حُطائطٌ بُطائط،
كأَثَر الظَّبْيِ بجَنْبِ الغائط
بُطائطٌ إِتباع؛ وقال مليح:
بكلِّ حَطِيطِ الكَعْبِ، دُرْمٌ حُجولُه،
تَرَى الحَجْلَ منه غامِضاً غيرَ مُقْلَقِ
وقيل: هو القصير. أَبو عمرو: الحُطائطُ الصغير من الناس وغيرهم؛ وأَنشد:
والشَّيْخُ مِثْل النَّسْر والحُطائطِ،
والنِّسْوةِ الأَرامِل المَثالِطِ
قال الأَزهري: وتقول صِبْيان الأَعراب في أَحاجِيهم: ما حُطائطٌ بُطائط
تَمِيسُ تحت الحائط؟ يعنون الذّرةَ.
والحَطاطُ: شِدّةُ العَدْوِ. والكَعْبُ الحَطِيطُ: الأَدْرَمُ.
والحِطَّانُ: التَّيْسُ.
وحطّانُ: من أَسماء العرب. والحُطائطة: بَثْرةٌ صغيرة حمراء.
وجارية مَحْطُوطةُ المَتْنَيْن: ممدودَتُهما، وقال الأَزهري: ممدودة
حسنَة مستوية؛ قال النابغة:
مَحْطُوطةُ المَتْنَيْنِ غيرُ مُفاضةٍ
وأَنشد الجوهري للقطامي:
بيْضاء مَحْطوطةُ المَتْنَيْنِ بَهُكَنةٌ،
رَيَا الرّوادِفِ، لم تُمْغِلْ بأَوْلادِ
وأَلْيةٌ مَحْطوطةٌ: لا مَأْكَمةَ لها. والحَطُوطُ: الأَكَمةُ
الصَّعْبةُ الانْحِدار. وقال ابن دريد: الحطوط الأَكَمةُ الصعبة، فلم يذكر
ارتفاعاً ولا انحداراً. والحَطُّ: الحَدْرُ من عُلْو، حطَّه يَحُطُّه حَطّاً
فانْحَطَّ؛ وأَنشد:
كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّه السَّيْلُ مِنْ عَلِ
قال الأَزهري: والفِعْل اللاّزم الانحطاط. ويقال للهَبُوط: حَطُوطٌ.
والمُنْحَطُّ من المَناكِب: المُسْتَفِلُ الذي ليس بمُرْتَفِعٍ ولا
مُسْتَقِلٍّ وهو أَحسنها.
والحَطاطةُ: بَثْرة تخرج بالوجه صغيرة تُقَيِّحُ ولا تُقَرِّحُ، والجمع
حَطاطٌ؛ قال المتنخل الهذلي:
ووجْهٍ قد رأَيْت، أُمَيْمَ، صافٍ،
أَسِيلٍ غيرِ جَهْمٍ ذي حَطاطِ
وقد حَطَّ وجهُه وأَحَطَّ، وربما قيل ذلك لمن سَمِنَ وجهُه وتَهَيَّجَ.
والحَطاطةُ: الجاريةُ الصغيرة، تشبَّه بذلك. وقال الأَصمعي: الحَطاطُ
البَثْر، الواحدة حَطاطةٌ؛ وأَنشد الأَصمعي لزياد الطَّمّاحِيِّ:
قامَ إِلى عَذْراء في الغُطاطِ،
يَمْشِي بمثل قائم الفُسْطاطِ،
بمُكْفَهِرِّ اللونِ ذي حَطاطِ
قال ابن بري: الذي رواه أَبو عمرو بمُكْرَهِفِّ الحُوقِ أَي بمُشْرفه؛
وبعده:
هامَتُه مِثْلُ الفَنِيقِ السّاطِي،
نِيطَ بحَقْوَيْ شَبِقٍ شِرْواطِ
فَبَكَّها مُوَثَّقُ النِّياطِ،
ذُو قوّةٍ، ليس بذي وباطِ
فداكَها دَوْكاً على الصِّراطِ،
ليس كَدَوْكِ بَعْلِها الوَطْواطِ
وقام عنها، وهو ذُو نَشاطِ،
ولُيّنَتْ من شِدّةِ الخِلاطِ
قد أَسْبَطَتْ وأَيّما إِسْباطِ
وقال الراجز:
ثم طَعَنْت في الجَمِيش الأَصْفَرِ
بذي حَطاطٍ، مِثْلِ أَيْرِ الأَقْمَرِ
والواحدة حَطاطةٌ، قال: وربما كانت في الوجه؛ ومنه قول المتنخل الهذلي:
ووجْهٍ قد جَلَوْت، أُمَيْمَ، صافٍ،
كَقَرْنِ الشمسِ ليس بذي حَطاطِ
وقال أَبو زيد: الأَجرب العين الذي تَبْثُر عينُه ويلزمها الحَطاطُ، وهو
الظَّبْظابُ والحُدْحُدُ. قال ابن سيده: والحَطاط، بالفتح، مثل البَثْر
في باطن الحُوق، وقيل: حَطاطُ الكَمَرة حُروفُها.
وحَطّ البعيرُ حِطاطاً وانْحَطَّ: اعتمد في الزِّمامِ على أَحد شِقّيْه؛
قال ابن مقبل:
برَأْسٍ إِذا اشتدَّتْ شَكِيمةُ وجْهِه،
أَسَرَّ حِطاطاً، ثم لانَ فبَغّلا
وقال الشماخ:
وإِن ضُرِبَتْ على العِلاَّت، حَطّتْ
إِليكَ حِطاطَ هادِيةٍ شَنُونِ
العِلاَّتُ: الأَعْداء، والهادِيةُ: الأَتانُ الوَحْشِيّةُ المتقدمة في
سيرها، والشَّنُونُ: التي بين السمينةِ والمَهْزُولة. ونَجِيبةٌ
مُنْحَطّةٌ في سيرها وحَطُوطٌ. الأَصمعي: الحَطُّ الاعتماد على السير، والحَطُوطُ
النَّجِيبةُ السريعة، وناقة حَطُوطٌ، وقد حَطَّتْ في سيرها؛ قال
النابغة:فما وخَدَتْ بمِثْلِكَ ذاتُ غَرْبٍ،
حَطُوطٌ في الزِّمامِ، ولا لَجُونُ
ويروى: في الزِّماعِ، وقال الأَعشى:
فلا لَعَمْرُ الذي حَطَّتْ مَناسِمُها
تَخْدِي، وسِيقَ إِليها الباقِرُ العَتِلُ
(* هكذا ورد هذا البيت في رواية أَبي عبيدة، وهو في قصيدة الأَعشى
مَرويّ على هذه الصورة:
إني لَعمر الذي خطت مناسمُها * له، وسِيقَ إِليهِ الباقِرُ
الغُيُلُ )
حَطَّتْ في سيْرِها وانْحَطَّتْ أَي اعْتمدتْ، يقال ذلك للنَّجِيبةِ
السَّريعةِ. وقال أَبو عمرو: انْحَطَّتِ الناقةُ في سيرها أَي أَسرَعتْ.
وتقول: اسْتَحَطَّني فلان من الثمن شيئاً، والحَطِيطةُ كذا وكذا من الثمن.
والحَطاطُ: زُبْدُ اللَّبَن. وحُطَّ البعيرُ وحُطّ عنه إِذا طَنِيَ
فالتَزَقَتْ رئتُه بجَنْبِه فخطَّ الرَّحْلَ عن جَنْبِه بساعِدِه دَلْكاً
حِيالَ الطَّنَى حتى يَنْفَصِلَ عن الجَنْبِ، وقال اللحياني: حُطَّ البعيرُ
الطَّنِيُّ وهو الذي لَزِقَتْ رئته بجنبه، وذلك أَن يُضْجَعَ على جنبه ثم
يؤخذ وَتِد فيُمَرَّ على أَضْلاعِه إِمْراراً لا يُحْرِقُ. الأَزهري: أَبو
عمرو حَطَّ وحَثَّ بمعنى واحد. وفي الحديث: جلس رسولُ اللّه، صلّى اللّه
عليه وسلّم، إِلى غُصْن شجرة يابسةٍ فقال بيده فحَطَّ ورَقها؛ معناه
فحَتَّ ورَقها أَي نَثَره. والحَطِيطةُ: ما يُحَطُّ من جملة حَطائطَ. يقال:
حَطَّ عنه حَطِيطةً وافية. والحُطُطُ: الأَبدان النّاعمة. والحُطُطُ
أَيضاً: مَراتِبُ السِّفَلِ، واحِدَتُها حِطَّةٌ، والحِطَّةُ: نُقْصانُ
المَرْتَبة.
وحَطّ الجِلدَ بالمِحَطِّ يَحُطُّه حَطّاً: سَطَرَه وصقَله ونقَشَه.
والمِحَطُّ والمِحَطَّةُ: حديدة أَو خشبة يُصْقَلُ بها الجلد حتى يَلِينَ
ويَبْرُقَ. والمِحَطُّ، بالكسر: الذي يُوشَمُ به، ويقال: هو الحديدة التي
تكون مع الخَرّازِين يَنْقُشون بها الأَدِيمَ؛ قال النَّمر بن تَوْلب:
كأَنَّ مِحَطّاً في يَدَيْ حارِثِيّةٍ
صَناعٍ، عَلَتْ مِني به الجِلْدَ مِن عَل
وأَما الذي في حديث سُبَيْعةَ الأَسلمية: فحَطَّت إِلى الشاب أَي مالَتْ
إِليه ونزلت بقلبها نحوه.
والحُطاطُ: الرائحة الخَبيثةُ، وحَطْحَطَ في مشيه وعمله: أَسرع.
ويَحْطُوط: وادٍ مَعْروف. وعِمْرانُ بن حِطّانَ، بكسر الحاء، وهو
فِعْلانُ. وحُطائِطُ بن يَعْفُرَ أَخو الأَسْودِ بن يعفُرَ.
قصد: القصد: استقامة الطريق. قَصَد يَقْصِدُ قصداً، فهو قاصِد. وقوله
تعالى: وعلى الله قَصْدُ السبيل؛ أَي على الله تبيين الطريق المستقيم
والدعاءُ إِليه بالحجج والبراهين الواضحة، ومنها جائر أَي ومنها طريق غير
قاصد. وطريقٌ قاصد: سهل مستقيم. وسَفَرٌ قاصدٌ: سهل قريب. وفي التنزيل
العزيز: لو كان عَرَضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتبعوك؛ قال ابن عرفة: سفراً
قاصداً أَي غيرَ شاقٍّ. والقَصْدُ: العَدْل؛ قال أَبو اللحام التغلبي، ويروى
لعبد الرحمن بن الحكم، والأَول الصحيح:
على الحَكَمِ المأْتِيِّ، يوماً إِذا قَضَى
قَضِيَّتَه، أَن لا يَجُورَ ويَقْصِدُ
قال الأَخفش: أَراد وينبغي أَن يقصد فلما حذفه وأَوقع يَقْصِدُ موقع
ينبغي رفعه لوقوعه موقع المرفوع؛ وقال الفراء: رفعه للمخالفة لأَن معناه
مخالف لما قبله فخولف بينهما في الإِعراب؛ قال ابن بري: معناه على الحكم
المرْضِيِّ بحكمه المأْتِيِّ إِليه ليحكم أَن لا يجور في حكمه بل يقصد أَي
يعدل، ولهذا رفعه ولم ينصبه عطفاً على قوله أَن لا يجور لفساد المعنى
لأَنه يصير التقدير: عليه أَن لا يجور وعليه أَن لا يقصد، وليس المعنى على
ذلك بل المعنى: وينبغي له أَن يقصد وهو خبر بمعنى الأَمر أَي وليقصد؛ وكذلك
قوله تعالى: والوالداتُ يُرْضِعْنَ أَولادهُنَّ؛ أَي ليرضعن. وفي
الحديث: القَصدَ القصدَ تبلغوا أي عليكم بالقصد من الأمور في القول والفعل، وهو
الوسط بين الطرفين، وهو منصوب على المصدر المؤكد وتكراره للتأكيد. وفي
الحديث: عليكم هَدْياً قاصداً أَي طريقاً معتدلاً. والقَصْدُ: الاعتمادُ
والأَمُّ. قَصَدَه يَقْصِدُه قَصْداً وقَصَدَ له وأَقْصَدَني إِليه
الأَمرُ، وهو قَصْدُكَ وقَصْدَكَ أَي تُجاهَك، وكونه اسماً أَكثر في كلامهم.
والقَصْدُ: إِتيان الشيء. تقول: قصَدْتُه وقصدْتُ له وقصدْتُ إِليه بمعنى.
وقد قَصُدْتَ قَصادَةً؛ وقال:
قَطَعْتُ وصاحِبي سُرُحٌ كِنازٌ
كَرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قصِيدٌ
وقَصَدْتُ قَصْدَه: نحوت نحوه.
والقَصْد في الشيء: خلافُ الإِفراطِ وهو ما بين الإِسراف والتقتير.
والقصد في المعيشة: أَن لا يُسْرِفَ ولا يُقَتِّر. يقال: فلان مقتصد في
النفقة وقد اقتصد. واقتصد فلان في أَمره أَي استقام. وقوله: ومنهم مُقْتَصِدٌ؛
بين الظالم والسابق. وفي الحديث: ما عالَ مقتصد ولا يَعِيلُ أَي ما
افتقر من لا يُسْرِفُ في الانفاقِ ولا يُقَتِّرُ. وقوله تعالى: واقْصِدْ في
مشيك واقصد بذَرْعِك؛ أَي ارْبَعْ على نفسِك. وقصد فلان في مشيه إِذا مشى
مستوياً، ورجل قَصْد ومُقْتَصِد والمعروف مُقَصَّدٌ: ليس بالجسيم ولا
الضئِيل.
وفي الحديث عن الجُرَيْرِيِّ قال: كنت أَطوف بالبيت مع أَبي الطفيل،
فقال: ما بقي أَحد رأَى رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، غيري، قال: قلت له:
ورأَيته؟ قال: نعم، قلت: فكيف كان صفته؟ قال: كان أَبيضَ مَلِيحاً
مُقَصَّداً؛ قال: أَراد بالمقصد أَنه كان رَبْعة بين الرجلين وكلُّ بَيْن
مستوٍ غيرِ مُشْرفٍ ولا ناقِص فهو قَصْد، وأَبو الطفيل هو واثلة بن الأَسقع.
قال ابن شميل: المُقَصَّدُ من الرجال يكون بمعنى القصد وهو الربعة. وقال
الليث: المقصَّد من الرجال الذي ليس بجسيم ولا قصير وقد يستعمل هذا النعت
في غير الرجال أَيضاً؛ قال ابن الأَثير في تفسير المقصد في الحديث: هو
الذي ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم كأَنَّ خَلْقه يجيءُ به القَصْدُ من
الأُمور والمعتدِلُ الذي لا يميل إِلى أَحد طرفي التفريط والإِفراط.
والقَصْدَةُ من النساء: العظيمة الهامةِ التي لا يراها أَحد إِلاَّ
أَعجبته. والمَقْصَدَةُ: التي إِلى القِصَر.
والقاصد: القريب؛ يقال: بيننا وبين الماء ليلة قاصدة أَي هينة السير لا
تَعَب ولا بُطء.
والقَصِيدُ من الشِّعْر: ما تمَّ شطر أَبياته، وفي التهذيب: شطر ابنيته،
سمي بذلك لكماله وصحة وزنه. وقال ابن جني: سمي قصيداً لأَنه قُصِدَ
واعتُمِدَ وإِن كان ما قَصُر منه واضطرب بناؤُه نحو الرمَل والرجَز شعراً
مراداً مقصوداً، وذلك أَن ما تمَّ من الشِّعْر وتوفر آثرُ عندهم وأَشَدُّ
تقدماً في أَنفسهم مما قَصُر واختلَّ، فسَمُّوا ما طال ووَفَرَ قَصِيداً
أَي مُراداً مقصوداً، وإِن كان الرمل والرجز أَيضاً مرادين مقصودين، والجمع
قصائد، وربما قالوا: قَصِيدَة. الجوهري: القَصِيدُ جمع القَصِيدة
كسَفِين جمع سفينة، وقيل: الجمع قصائدُ وقصِيدٌ؛ قال ابن جني: فإِذا رأَيت
القصيدة الواحدة قد وقع عليها القصيد بلا هاء فإِنما ذلك لأَنه وُضِعَ على
الواحد اسمُ جنس اتساعاً، كقولك: خرجت فإِذا السبع، وقتلت اليوم الذئب،
وأَكلت الخبز وشربت الماء؛ وقيل: سمي قصيداً لأَن قائله احتفل له فنقحه
باللفظ الجيِّد والمعنى المختار، وأَصله من القصيد وهو المخ السمين الذي
يَتَقَصَّد أَي يتكسر لِسِمَنِه، وضده الرِّيرُ والرَّارُ وهو المخ السائل
الذائب الذي يَمِيعُ كالماء ولا يتقصَّد، إِذا نُقِّحَ وجُوِّدَ وهُذِّبَ؛
وقيل: سمي الشِّعْرُ التامُّ قصيداً لأَن قائله جعله من باله فَقَصَدَ له
قَصْداً ولم يَحْتَسِه حَسْياً على ما خطر بباله وجرى على لسانه، بل
رَوَّى فيه خاطره واجتهد في تجويده ولم يقتَضِبْه اقتضاباً فهو فعيل من
القصد وهو الأَمُّ؛ ومنه قول النابغة:
وقائِلةٍ: مَنْ أَمَّها واهْتَدَى لها؟
زيادُ بنُ عَمْرٍو أَمَّها واهْتَدَى لها
أَراد قصيدته التي يقول فيها:
يا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّنَدِ
ابن بُزُرج: أَقصَدَ الشاعرُ وأَرْملَ وأَهْزَجَ وأَرْجَزَ من القصيد
والرمَل والهَزَج والرَّجَزِ. وقَصَّدَ الشاعرُ وأَقْصَدَ: أَطال وواصل عمل
القصائد؛ قال:
قد وَرَدَتْ مِثلَ اليماني الهَزْهاز،
تَدْفَعُ عن أَعْناقِها بالأَعْجاز،
أَعْيَتْ على مُقْصِدِنا والرَّجَّاز
فَمُفْعِلٌ إِنما يراد به ههنَا مُفَعِّل لتكثير الفعل، يدل على أَنه
ليس بمنزلة مُحْسِن ومُجْمِل ونحوه مما لا يدل على تكثير لأَنه لا تكرير
عين فيه أَنه قرنه بالرَّجَّاز وهو فعَّال، وفعَّال موضوع للكثرة. وقال
أَبو الحسن الأَخفش: ومما لا يكاد يوجد في الشعر البيتان المُوطَآن ليس
بينهما بيت والبيتان المُوطَآن، وليست القصيدة إِلا ثلاثة أَبيات فجعل
القصيدة ما كان على ثلاثة أَبيات؛ قال ابن جني: وفي هذا القول من الأَخفش جواز،
وذلك لتسميته ما كان على ثلاثة أَبيات قصيدة، قال: والذي في العادة أَن
يسمى ما كان على ثلاثة أَبيات أَو عشرة أَو خمسة عشر قطعة، فأَما ما زاد
على ذلك فإِنما تسميه العرب قصيدة. وقال الأَخفش: القصيد من الشعر هو
الطويل والبسيط التامّ والكامل التامّ والمديد التامّ والوافر التامّ والرجز
التامّ والخفيف التامّ، وهو كل ما تغنى به الركبان، قال: ولم نسمعهم
يتغنون بالخفيف؛ ومعنى قوله المديد التامُّ والوافر التامّ يريد أَتم ما جاء
منها في الاستعمال، أَعني الضربين الأَوّلين منها، فأَما أَن يجيئا على
أَصل وضعهما في دائرتيهما فذلك مرفوض مُطَّرَحٌ. قال ابن جني: أَصل «ق ص
د» ومواقعها في كلام العرب الاعتزام والتوجه والنهودُ والنهوضُ نحو
الشيء، على اعتدال كان ذلك أَو جَوْر، هذا أَصله في الحقيقة وإن كان قد يخص في
بعض المواضع بقصد الاستقامة دون الميل، أَلا ترى أَنك تَقْصِد الجَوْرَ
تارة كما تقصد العدل أُخرى؟ فالاعتزام والتوجه شامل لهما جميعاً.
والقَصْدُ: الكسر في أَيّ وجه كان، تقول: قصَدْتُ العُود قَصْداً كسَرْتُه،
وقيل: هو الكسر بالنصف قَصَدْتُهُ أَقْصِدُه وقَصَدْتُه فانْقَصَدَ
وتَقَصَّدَ؛ أَنشد ثعلب:
إِذا بَرَكَتْ خَوَّتْ على ثَفِناتِها
على قَصَبٍ، مِثلِ اليَراعِ المُقَصَّدِ
شبه صوت الناقة بالمزامير؛ والقِصْدَةُ: الكِسْرة منه، والجمع قِصَد.
يقال: القنا قِصَدٌ، ورُمْحٌ قَصِدٌ وقَصِيدٌ مكسور. وتَقَصَّدَتِ الرماحُ:
تكسرت. ورُمْحٌ أَقصادٌ وقد انْقَصَدَ الرمحُ: انكسر بنصفين حتى يبين،
وكل قطعة قِصْدة، ورمح قَصِدٌ بَيِّنُ القَصَد، وإِذا اشتقوا له فِعْلاً
قالوا انْقَصَدَ، وقلما يقولون قَصِدَ إِلا أَنَّ كل نعت على فَعِلٍ لا
يمتنع صدوره من انْفَعَلَ؛ وأَنشد أَبو عبيد لقيس بن الخطيم:
تَرَى قِصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى كأَنها
تَذَرُّعُ خُرْصانٍ بأَيدي الشَّواطِبِ
وقال آخر:
أَقْرُو إِليهم أَنابِيبَ القَنا قِصَدا
يريد أَمشي إِليهم على كِسَرِ الرِّماحِ. وفي الحديث: كانت المُداعَسَةُ
بالرماح حتى تَقَصَّدَتْ أَي تَكسَّرَت وصارت قِصَداً أَي قطعاً.
والقِصْدَةُ، بالكسر: القِطْعة من الشيء إِذا انكسر؛ ورمْحٌ أَقْصادٌ. قال
الأَخفش: هذا أَحد ما جاء على بناء الجمع. وقَصَدَ له قِصْدَةً من عَظْم وهي
الثلث أَو الربُع من الفَخِذِ أَو الذراعِ أَو الساقِ أَو الكَتِفِ.
وقَصَدَ المُخَّةَ قَصْداً وقَصَّدَها: كَسَرَها وفَصَّلَها وقد انقَصَدَتْ
وتَقَصَّدَتْ.
والقَصِيدُ: المُخُّ الغليظُ السمِينُ، واحدته قَصِيدَةٌ. وعَظْمٌ
قَصِيدٌ: مُمخٌّ؛ أَنشد ثعلب:
وهمْ تَرَكُوكمْ لا يُطَعَّمُ عَظْمُكُمْ
هُزالاً، وكان العَظْمُ قبْلُ قَصِيدَا
أَي مُمِخًّا، وإِن شئت قلت: أَراد ذا قَصِيدٍ أَي مُخٍّ. والقَصِيدَةُ:
المُخَّةُ إِذا خرجت من العظم، وإِذا انفصلت من موضعها أَو خرجت قيل:
انقَصَدَتْ. أَبو عبيدة: مُخٌّ قَصِيدٌ وقَصُودٌ وهو دون السمين وفوق
المهزول. الليث: القَصِيدُ اليابس من اللحم؛ وأَنشد قول أَبي زبيد:
وإِذا القَوْمُ كان زادُهُمُ اللحـ
ـمَ قَصِيداً منه وغَيرَ قَصِيدِ
وقيل: القَصِيدُ السمين ههنا. وسنام البعير إِذا سَمِنَ: قَصِيدٌ؛ قال
المثقب:
سَيُبْلِغُني أَجْلادُها وقَصِيدُهَا
ابن شميل: القَصُودُ من الإِبل الجامِسُ المُخِّ، واسم المُخِّ الجامِس
قَصِيدٌ. وناقة قَصِيدٌ وقصِيدَةٌ: سمينة ممتلئة جسيمة بها نِقْيٌ أَي
مُخٌّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وخَفَّتْ بَقايا النِّقْيِ إِلا قَصِيبَةً،
قَصِيدَ السُّلامى أَو لَمُوساً سَنامُها
والقَصيدُ أَيضاً والقَصْدُ: اللحمُ اليابس؛ قال الأَخطل:
وسيرُوا إِلى الأَرضِ التي قَدْ عَلِمْتُمُ،
يَكُنْ زادُكُمْ فيها قَصِيدُ الإِباعِرِ
والقَصَدَةُ: العُنُقُ، والجمع أَقْصادٌ؛ عن كراع: وهذا نادر؛ قال ابن
سيده: أَعني أَن يكون أَفعالٌ جمع فَعَلَةٍ إِلا على طرح الزائد والمعروف
القَصَرَةُ والقِصَدُ والقَصَدُ والقَصْدُ؛ الأَخيرة عن أَبي حنيفة: كل
ذلك مَشْرَةُ العِضاهِ وهي بَراعيمُها وما لانَ قبْلَ أَن يَعْسُوَ، وقد
أَقصَدتِ العِضاهُ وقصَّدَتْ. قال أَبو حنيفة: القَصْدُ ينبت في الخريف
إِذا بَرَدَ الليل من غير مَطَرٍ. والقَصِيدُ: المَشْرَةُ؛ عن أَبي حنيفة؛
وأَنشد:
ولا تَشْعفاها بالجِبالِ وتَحْمِيا
عليها ظَلِيلاتٍ يَرِفُّ قَصِيدُها
الليث: القَصَدُ مَشْرَةُ العِضاهِ أَيامَ الخَريفِ تخرج بعد القيظ
الورق في العضاه أَغْصان رَطْبة غَضَّةٌ رِخاصٌ، فسمى كل واحدة منها قَصَدة.
وقال ابن الأَعرابي: القَصَدَةُ من كل شجرة ذات شوك أَن يظهر نباتها
أَوَّلَ ما ينبت.
الأَصمعي: والإِقْصادُ القَتْل على كل حال؛ وقال الليث: هو القتل على
المكان، يقال: عَضَّتْه حيَّةٌ فأَقْصَدَتْه. والإِقْصادُ: أَن تَضْرِبَ
الشيءَ أَو تَرْمِيَه فيموتَ مكانه. وأَقصَد السهمُ أَي أَصاب فَقَتَلَ
مكانَه. وأَقْصَدَتْه حية: قتلته؛ قال الأَخطل:
فإِن كنْتِ قد أَقْصَدْتِني إِذْ رَمَيتِنِي
بِسَهْمَيْكِ، فالرَّامي يَصِيدُ ولا يَدري
أَي ولا يخْتُِلُ. وفي حديث عليّ: وأَقْصَدَت بأَسْهُمِها؛ أَقْصَدْتُ
الرجلَ إِذا طَعَنْتَه أَو رَمَيتَه بسهم فلم تُخْطئْ مَقاتلَه فهو
مُقْصَد؛ وفي شعر حميد ابن ثور:
أَصْبَحَ قَلْبي مِنْ سُلَيْمَى مُقْصَدا،
إِنْ خَطَأً منها وإِنْ تَعَمُّدا
والمُقْصَدُ: الذي يَمْرَضُ ثم يموت سريعاً. وتَقَصَّدَ الكلبُ وغيره
أَي مات؛ قال لبيد:
فَتَقَصَّدَتْ منها كَسابِ وضُرِّجَتْ
بِدَمٍ، وغُودِرَ في المَكَرِّ سُحامُها
وقَصَدَه قَصْداً: قَسَرَه. والقصيدُ: العصا؛ قال حميد:
فَظَلَّ نِساء الحَيِّ يَحْشُونَ كُرْسُفاً
رُؤُوسَ عِظامٍ أَوْضَحَتْها القصائدُ
سمي بذلك لأَنه بها يُقْصَدُ الإِنسانُ وهي تَهدِيهِ وتَو مُّه، كقول
الأَعشى:
إِذا كانَ هادِي الفَتى في البِلا
دِ صَدْرَ القناةِ، أَطاعَ الأَمِيرا
والقَصَدُ: العَوْسَجُ، يَمانِيةٌ.
غدر: ابن سيده: الغَدْرُ ضدُّ الوفاء بالعهد. وقال غيره: الغَدْرُ ترك
الوفاء؛ غدَرَهُ وغَدَر به يَغْدِرُ غَدْراً. تقول: غَدَرَ إِذا نقض
العهد، ورجل غادِرٌ وغَدَّارٌ وغِدِّيرٌ وغَدُور، وكذلك الأُنثى بغير هاء،
وغُدَرُ وأَكثر ما يستعمل هذا في النداء في الشتم يقال: يا غُدَرُ وفي
الحديث: يا غُدَرُ أَلَسْتُ أَسْعَى في غَدْرَتكففقال في الجمع: يالَ غُدَر.
وفي حديث الحديبية: قال عروة بن مسعود للمُغِيرة: يا غُدَرُ، وهل
غَسَلْتَ غَدْرَتك إِلا بالأَمس؟ قال ابن الأًثير: غُدَر معدول عن غادِر
للمبالغة، ويقال للذكر غُدَر والأُنثى غَدارِ كقَطامِ، وهما مختصّان بالنداء في
الغالب؛ ومنه حديث عائشة: قالت للقاسم: اجْلِسْ غُدَرُ أَي يا غُدَرُ
فحذفت حرفَ النداء؛ ومنه حديث عاتكة: يا لَغُدَر يا لَفُجَر قال ابن سيده:
قال بعضهم يقال للرجل يا غُدَر ويا مَغْدَر ويا مَغْدِر ويا ابن مَغْدِر
ومَغْدَر، والأُنثى يا غَدارِ لا يستعمل إِلا في النداء؛ وامرأَة غَدّار
وغدّارة. قال: ولا تقول العرب هذا رجل غُدَر لأَن الغُدَر في حال
المعرفة عندهم. وقال شمر: رجل غُدَرٌ أَي غادِرٌ، ورجل نُصَرٌ أَي ناصرٌ، ورجل
لُكَعٌ أَي لَئيم؛ قال الأَزهري: نَوَّنها كلها خلاف ما قال الليث وهو
الصواب، إِنما يترك صَرْف باب فُعَل إِذا كان اسماً معرفة مثل عُمَر
وزُفَر. وفي الحديث: بين يَدَي الساعة سِنونَ غدّارةٌ يَكثُر المطرُ ويَقِلّ
النبات؛ هي فَعّالة من الغَدْر أَي تُطْمِعُهم في الخِصْب بالمطر ثم
تُخْلِف فجعل ذلك غَدْراً منها. وفي الحديث: أَنه مر بأَرض يقال لها غَدِرة
فسماها خَضِرة كأَنها كانت لا تسمح بالنبات، أَو تنبت ثم تُسْرِع إِليه
الآفةُ، فشبِّهَت بالغادر لأَنه لا يَفِي؛ وقد تكرر ذكر الغَدْرِ على اختلاف
تصرُّفه في الحديث. وغدرَ الرجلُ غَدْراً وغَدَراناً؛ عن اللحياني؛ قال
ابن سيده: ولست منه على ثقة. وقالوا: الئذب غادرٌ أَي لا عهد له، كما
قالوا: الذِّئب فاجر.
والمغادَرة: الترك. وأَغْدَرَ الشيءَ: تركه وبقّاه. حكى اللحياني:
أَعانني فُلانٌ فأَغْدَرَ له ذلك في قلبي مَوَدَّةً أَي أَبْقاها. والغُدرَة:
ما أُغْدِرَ من شيء، وهي الغُدَارة؛ قال الأَفْوه:
في مُضَرَ الحَمْراء لم يَتَّركْ
غُدَارةً، غير النِّساء الجُلوس
وعلى بني فلان غَدَرةٌ من الصدقَة وغَدَرٌ أَي بقيّة. وأَلْقَت الناقةُ
غَدَرَها أَي ما أَغْدَرَتْه رَحِمُها من الدم والأَذى. ابن السكيت:
وأَلقتِ الشاة غُدُورَها وهي بقايا وأَقذاءٌ تبقى في الرحم تلقيها بعد
الولادة. وقال أَبو منصور: واحدة الغِدَر غِدْرة ويجمع غِدَاراً وغِدَرات؛ وروى
بيت الأعشى:
لها غِدَرات واللواحِقُ تَلْحَق
وبه غادِرٌ من مرض وغابِرٌ أَي بقية. وغادَرَ الشيء مُغَادَرة وغِداراً
وأَغْدَرَه: تركه. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ليتني
غُودِرْت مع أَصحاب نُحْصِ الجبل؛ قال أَبو عبيد: معناه يا ليتني
اسْتُشْهدْتُ معهم، النُّحْص: أَصل الجبل وسَفْحُه، وأَراد بأَصحاب النُّحْصِ
قَتْلى أُحُد وغيرهم من الشهداء. وفي حديث بدر: فخرج رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، في أَصحابه حتى بلغ قَرْقَرةَ الكُدْر فأَغْدَرُوه؛ أَي تركوه
وخلَّفوه، وهو موضع. وفي حديث عمر وذكر حسن سياستِه فقال: ولولا ذلك
لأَغْدَرْتُ بعضَ ما أَسُوق أَي خَلَّفْت؛ شَبَّه نَفْسَه بالراعي ورَعِيَّتَه
بالسَّرْح، وروي: لغَدَّرْت أَي لأَلْقَيْتُ الناس في الغَدَر، وهو مكان
كثير الحجارة. وفي التنزيل العزيز: لا يُغادِرُ صغيرة ولا كَبيرة؛ أَي لا
يترك. وغادَرَ وأَغْدَرَ بمعنى واحدٍ. والغَدِير: القطعة من الماء
يُغادِرُها السيل أَي يتركها؛ قال ابن سيده: هذا قول أَبي عبيد فهو إِذاً
فَعِيل في معنى مفعول على اطِّراح الزائد، وقد قيل: إِنه من الغَدْر لأَنه
يَخُونُ وُرَّادَه فيَنْضُب عنهم ويَغْدر بأَهله فينقطع عند شدة الحاجة
إِليه؛ ويقوّي ذلك قول الكميت:
ومِنْ غَدْره نَبَزَ الأَوّلون،
بأَنْ لَقَّبوه، الغَدِير، الغدِيرا
أَراد: من غَدْرِهِ نَبَزَ الأَولون الغَدير بأَن لقَّبوه الغَدِير،
فالغدير الأَول مفعول نَبَزَ، والثاني مفعول لقَّبوه. وقال اللحياني:
الغَدِيرُ اسم ولا يقال هذا ماء غَدِير، والجمع غُدُرٌ وغُدرَانٌ.
واسْتَغْدَرَتْ ثَمَّ غُدْرٌ: صارت هناك غُدْرَانٌ. وفي الحديث: أَن قادماً قدم على
النبي، صلى الله عليه وسلم، فسأَله عن خِصْب البلاد فحدّث أَن سحابة وقعت
فاخضرَّت لها الأَرض، وفيها غُدُرٌ تَنَاخَسُ والصيدُ قد ضَوَى إِليها؛
قال شمر: قوله غُدُرٌ تَناخَسُ أَي يَصُبّ بعضُها في إِثر بعض. الليث:
الغَدِيرُ مستنقع الماء ماءِ المطر، صغيراً كان أَو كبيراً، غير أَنه لا
يبقى إِلى القيظ إِلا ما يتخذه الناس من عِدّ أَو وَجْدٍ أَو وَقْطٍ أَو
صِهْريجٍ أَو حائر. قال أَبو منصور: العِدّ الماءُ الدائم الذي لا انقطاع
له، ولا يسمى الماء الذي يجمع في غَدِير أَو صهريج أَو صِنْعٍ عِدّاً، لأَن
العِدّ ما يدوم مثل ماء العين والرَّكِيَّةِ. المؤرج: غَدَر الرجلُ
يَغْدِرُ غَدْراً إِذا شرب من ماء الغَدِيرِ؛ قال الأَزهري: والقياس غَدِرَ
يَغْدَرُ بهذا المعنى لا غَدَرَ مثل كَرِعَ إِذا شرب الكَرَعَ.
والغَدِيرُ: السيف، على التشبيه، كما يقال له اللُّجّ. والغَدِيرُ: القطعة من
النبات، على التشبيه أَيضاً، والجمع غُدْران لا غير. وغَدِر فلانٌ بعد إِخْوته
أَي ماتوا وبقي هو. وغَدِر عن أَصحابه: تخلَّف. وغَدِرَت الناقةُ عن
الإِبل والشاةُ عن الغنم غَدْراً: تخلفت عنها، فإِن تركها الراعي، فهي
غَديرة، وقد أَغدَرها؛ قال الراجز:
فَقَلَّما طَارَدَ حتى أَغْدَرَا
وسْطَ الغُبَارِ، خَرِباً مُجَوَّرَا
وقال اللحياني: ناقة غَدِرَةٌ غَبِرَةٌ غَمِرةٌ إِذا كانت تخلّف عن
الإِبل في السوق. والغَدُور من الدوابّ وغيرها: المتخلف الذي لم يلحق.
وأَغْدَرَ فلان المائة: خلّفها وجاوزها. وليلة غَدِرَةٌ بَيّنَةُ الغَدَرِ،
ومُغْدِرَةٌ: شديدة الظلمة تحبس الناس في منازلهم وكِنِّهِمْ فيَغْدَرون أَي
يتخلفون. وروي عنه، عليه الصلاة والسلام، أَنه قال: المشي في الليلة
المظلمة المُغْدِرَة إِلى المسجد يوجب كذا وكذا. وغَدِرَت الليلة، بالكسر،
تَغْدَر غَدَراً وأَغْدَرَتْ، وهي مُغْدِرَةٌ، كل ذلك: أَظلمت. وفي
الحديث: من صلى العشاء في جماعة في الليلة المُغْدِرَة فقد أَوجَبَ؛
المُغْدِرَةُ: الشديدة الظلمة التي تُغْدِرُ الناس في بيوتهم أَي تتركهم، وقيل:
إِنما سميت مُغْدِرَةً لطرحها من يخرج فيها في الغَدَر، وهي الجِرَفَةُ. وفي
حديث كعب: لو أَن امرأَة من الحُور العِينِ اطَّلعت إِلى الأَرض في ليلة
ظلماء مُغْدِرَةٍ لأَضاءت ما على الأَرض. وفي النهر غَدَرٌ، وهو أَن
يَنْضُبَ الماء ويبقى الوَحْل، فقالوا: الغدراءُ الظلمة. يقال: خرجنا في
الغدراءِ.
وغَدِرَت الغنم غَدَراً: شبعت في المَرْج في أَول بنته ولم يُسْل
(*
قوله« ولم يسل إلخ» هكذا هو في الأصل) . عن أَحظّها لأَن النبت قد ارتفع أَن
يذكر فيه الغنم.
أَبو زيد: الغَدَرُ والجَرَل والنَّقَل كلُّ هذه الحجارةُ مع الشجر.
والغَدَر: الموضع الظَّلِف الكثير الحجارة. والغَدَر: الحجارة والشجر. وكل
ما واراك وسدّ بصَرَك: غَدَرٌ. والغَدَرُ: الأَرض الرِّخْوَة ذات
الجِحَرَة والجِرَفةِ واللَّخَاقيقِ المُتَعادِية. وقال اللحياني: الغَدَر
الجِحَرَة والجِرَفَة في الأَرض والأَخَاقيق والجَراثِيم في الأَرض، والجمع
أَغْدار. وغَدِرَت الأَرض غَدَراً: كثر غَدَرُها. وكل موضع صعب لا تكاد
الدابة تنفُذ فيه: غَدَرٌ. ويقال: ما أَثبت غَدَرَهُ أَي ما أَثبته في
الغَدَر، ويقال ذلك للفرس والرجل إِذا كان لسانه يثبت في موضع الزَّلَل
والخصومة؛ قال العجاج:
سَبابِكُ الخيل يُصَدّعْنَ الأَيَرّْ،
من الصَّفا القاسي ويَدْعَسْنَ الغَدَرْ
ورجل ثَبْتُ الغَدَرِ: يثبت في مواضع القتال والجَدَل والكلام، وهو من
ذلك. يقال أَيضاً: إِنه لثَبْت الغَدَر إِذا كان ثَبْتاً في جميع ما يأْخذ
فيه. وقال اللحياني: معناه ما أَثبت حجته وأَقل ضرر الزَّلَق والعِثار
عليه. قال: وقال الكسائي: ما أَثْبَتَ غَدَرَ فلان أَي ما بقي من عقله،
قال ابن سيده: ولا يعجبني. قال الأَصمعي: الجِحَرَةُ والجِرَفَة والأَخاقيق
في الأَرض فتقول: ما أثبت حجته وأَقل زَلَقه وعِثاره. وقال ابن بزرج:
إِنه لثَبْتُ الغَدر إِذا كان ناطَقَ الرجالَ ونازَعَهم كان قويّاً. وفرس
ثَبْت الغَدَر: يثبت في موضع الزلل. والغَدائِرُ: الذوائب، واحدتها
غَدِيرة. قال الليث: كل عَقِيصة غَدِيرة، والغَدِيرتان: الذُّؤابتان اللتان
تسقطان على الصدر، وقيل: الغَدائِرُ للنساء وهي المضفورة والضفائر للرجال.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: قَدِمَ مكّة وله أَربعُ غَدائِرَ؛ هي
الذوائب، واحدتها غَدِيرة. وفي حديث ضِمام: كان رجلاً جَلْداً أَشْعَرَ ذا
غَدِيرتن. الفراء: الغَدِيرة والرَّغيدة واحدة.
وقد اغْتَدَر القومُ إِذا جعلوا الدقيقَ في إِناء وصبُّوا عليه اللبن ثم
رَضَفُوه بالرِّضاف.
ابن الأَعرابي: المُغْدِرة البئر تُحْفَر في آخر الزرع لتسقي مَذانِبَه.
والغَيْدرة: الشر؛ عن كراع. ورجل غَيْدارٌ: سيء الظن يَظُنّ فيُصِيب.
والغَدِير: اسم رجل. وآل غُدْرانٍ: بطن.
جعد: الجعد من الشعر: خلاف السبط، وقيل هو القصير؛ عن كراع. شعر جعْد:
بَيِّنُ الجُعودة، جَعُد جُعُودة وجَعادة وتَجَعَّد وجَعَّده صاحبه
تجعيداً، ورجل جعد الشعر: من الجعودة، والأُنثى جعْدة، وجمعهما جعاد؛ قال معقل
بن خويلد:
. . . . وسُود جعاد الرقا
بِ، مثْلَهُمُ يرهَبُ الراهِبُ
(* قوله «وسود» كذا في الأصل بحذف بعض الشطر الأول).
عنى من أَسرت هذيل من الحبشة أَصحاب الفيل، وجمع السلامة فيه أَكثر.
والجَعْد من الرجال: المجتمع بعضه إِلى بعض، والسبط: الذي ليس بمجتمع،
وأَنشد:
قالت سليمى: لا أُحب الجَعْدِين،
ولا السٍّباطَ، إِنهم مَناتِين
وأَنشد ابن الأَعرابي لفُرعان التميمي في ابنه مَنازل حين عقه:
وربَّيْتُه حتى إِذا ما تركتُه
أَخا القوم، واستغنى عن المسح شاربُه
وبالمَحْض حتى آضَ جَعْداً عَنَطْنَطاً،
إِذا قام ساوى غاربَ الفَحْل غارِبُه
فجعله جعداً، وهو طويل عنطنط؛ وقيل: الجَعْدُ الخفيف من الرجال، وقيل:
هو المجتمع الشديد؛ وأَنشد بيت طرفة:
أَنا الرجلُ الجَعْدُ الذي تعرفونه
(* في معلقة طرفة: الرجل الضَّرب).
وأَنشد أَبو عبيد:
يا رُبَّ جَعْدٍ فيهمُ، لو تَدْرِينْ،
يَضْرِبُ ضَرْبَ السّبطِ المقادِيمْ
قال الأَزهري: إِذا كان الرجل مداخَلاً مُدْمَج الخلق أَي معصوباً فهو
أَشد لأَسره وأَخف إِلى منازلة الأَقران، وإِذا اضطرب خلقه وأَفرط في طوله
فهو إِلى الاسترخاءِ ما هو. وفي الحديث: على ناقة جَعْدة أَي مجتمعة
الخلق شديدة. والجَعْد إِذا ذهب به مذهب المدح فله معنيان مستحبان: أَحدهما
أَن يكون معصوب الجوارح شديد الأَسر والخلق غير مسترخ ولا مضطرب، والثاني
أَن يكون شعره جعداً غير سبط لأَن سبوطة الشعر هي الغالبة على شعور
العجم من الروم والفرس، وجُعودة الشعر هي الغالبة على شعور العرب، فإِذا مدح
الرجل بالجعد لم يخرج عن هذين المعنيين. وأَما الجعد المذموم فله أَيضاً
معنيان كلاهما منفي عمن يمدح: أَحدهما أَن يقال رجل جعد إِذا كان قصيراً
متردد الخلق، والثاني أَن يقال رجل جعد إِذا كان بخيلاً لئيماً لا
يَبِضُّ حَجَره، وإِذا قالوا رجل جعد السبوطة فهو مدح، إِلاَّ أَن يكون قَطِطاً
مُفَلْفَلاً كشعر الزَّنج والنُّوبة فهو حينئذ ذم ؛ قال الراجز:
قد تَيَّمَتْنِي طَفْلَةٌ أُمْلُودُ
بِفاحِمٍ، زَيَّنَهُ التَّجْعِيدُ
وفي حديث الملاعنة: إِن جاءت به جَعْداً؛ قال ابن الأَثير: الجعد في
صفات الرجال يكون مدحاً وذمّاً، ولم يذكر ما أَراده النبي، صلى الله عليه
وسلم، في حديث الملاعنة هل جاء به على صفة المدح أَو على صفة الذم. وفي
الحديث: أَنه سأَل أَبا رُهْمٍ الغِفاريّ: ما فَعلَ النَّفَرُ السودُ
الجِعاد؟ ويقال للكريم من الرجال: جعد، فأَما إِذا قيل فلان جَعْد اليدين أَو
جعد الأَنامل فهو البخيل، وربما لم يذكروا معه اليد؛ قال الراجز:
لا تَعْذُلِيني بِضُرُبٍّ جَعْد
(* قوله «بضربّ» كذا بالأصل بالضاد المعجمة، وهذا الضبط. ولعل الصواب
بظرب، بالظاء المعجمة، كعتلّ وهو القصير كما في القاموس).
ورجل جَعْد اليدين: بخيل. ورجل جعد الأَصابع: قصيرها؛ قال:
من فائض الكفين غير جعد
وقَدَمٌ جَعْدَةٌ: قصيرة من لؤمها؛ قال العجاج:
لا عاجِز الهَوْءِ ولا جَعْد القَدَمْ
قال الأَصمعي: زعموا أَن الجعد السخي، قال: ولا أَعرف ذلك. والجعد:
البخيل وهو معروف؛ قال كثير في السخاء يمدح بعض الخلفاء:
إِلى الأَبيضِ الجَعْدِ ابن عاتِكةَ الذي
له فَضْلُ مُلْكٍ، في البرية، غالب
قال الأَزهري: وفي شعر الأَنصار ذكر الجعد، وضع موضع المدح، أَبيات
كثيرة، وهم من أَكثر الشعراء مدحاً بالجعد. وتراب جعد نَدٍ، وثَرىً جعد مثل
ثَعْد إِذا كان ليناً. وجَعُدَ الثرى وتجعَّد: تقبض وتعقد.
وزَبَد جعد: متراكب مجتمع وذلك إِذا صار بعضه فوق بعض على خطم البعير
أَو الناقة، يقال: جعد اللُّغام؛ قال ذو الرمة:
تَنْجُوا إِذا جَعَلت تَدْمَى أَخِشَّتُها،
واعْتَمَّ بالزَّبَدِ الجَعْدِ الخراطيمُ
تنجو: تسرع السير. والنجاء: السرعة. وأَخشتها جمع خِشاش، وهي حَلْقة
تكون في أَنف البعير. وحَيس جَعْد ومُجَعَّد: غليظ غير سبط؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
خِذامِيَّةٌ أَدَتْ لها عَجْوَةُ القُرى،
وتَخْلِطُ بالمأْقُوطِ حَيْساً مُجَعَّدا
رماها بالقبيح يقول: هي مخلطة لا تختار من يواصلها؛ وصِلِّيانٌ جَعْدٌ
وبُهْمَى جعدة بالغوا بهما. الصحاح: والجعد نبت على شاطئِ الأَنهار.
والجعدة: حشيشة تنبت على شاطئِ الأَنهار وتجَعَّدُ. وقيل: هي شجرة
خضراء تنبت في شعاب الجبال بنجد، وقيل: في القيعان؛ قال أَبو حنيفة: الجعدة
خضراء وغبراء تنبت في الجبال، لها رعْثَة مثل رعثة الديك طيبة الريح تنبت
في الربيع وتيبس في الشتاء، وهي من البقول يحشى بها المرافق؛ قال
الأَزهري: الجعدة بقلة برية لا تنبت على شطوط الأَنهار وليس لها رعثة؛ قال: وقال
النضر بن شميل هي شجرة طيبة الريح خضراء، لها قضب في أَطرافها ثمر أَبيض
تحشى بها الوسائد لطيب ريحها إِلى المرارة ما هي، وهي جَهيدة يَصْلُح
عليها المال، واحدتها وجماعتها جَعْدة؛ قال: وأَجاد النضر في صفتها؛ وقال
النضر: الجعاديد والصَّعارير أَوَّل ما تنفتح الأَحاليل باللبَإِ، فيخرج
شيء أَصفر غليظ يابس فيه رخاوة وبلل، كأَنه جبن، فَيَنْدَلِصُ من الطُّبْي
مُصَعْرَراً أَي يخرج مدحرجاً، وقيل: يخرج اللبأُ أَول ما يخرج مصمغاً؛
الأَزهري: الجَعْدة ما بين صِمْغَي الجدي من اللبإِ عند الولادة.
والجعودة في الخد: ضد الأَسالة، وهو ذم أَيضاً. وخدٌّ جعد: غير أَسيل.
وبعير جعد: كثير الوبر جعْده. وقد كني بأَبي الجعد والذئب يكنى أَبا
جَعْدة وأَبا جُعادة وليس له بنت تسمى بذلك؛ قال الكميت يصفه:
ومُسْتَطْعِمٍ يُكْنى بغيرِ بناته،
جَعَلْت له حظّاً من الزادِ أَوفرا
وقال عبيد بن الأَبرص:
وقالوا هي الخمر تُكْنى الطلا،
كما الذئبُ يُكْنى أَبا جَعْدَه
أَي كنيته حسنة وعمله منكر. أَبو عبيد يقول: الذئب وإِن كني أَبا جعدة
ونوِّه بهذه الكنية فإِن فعله غير حسن، وكذلك الطلا وإِن كان خاثراً فإِن
فعله فعل الخمر لإِسكاره شاربه، أَو كلام هذا معناه.
وبنو جَعْدة: حيّ من قيس وهو أَبو حيّ من العرب هو جعدة بن كعب بن ربيعة
بن عامر بن صعصعة، منهم النابغة الجعدي.
وجُعادة: قبيلة؛ قال جرير:
فَوارِسُ أَبْلَوْا في جُعادة مَصْدَقاً،
وأَبْكَوْا عُيوناً بالدُّموع السَّواجِمِ
وجُعَيْد: اسم، وقيل: هو الجعيد بالأَلف واللام فعاملوا الصفة
(* قوله
«فعاملوا الصفة» كذا بالأصل والمناسب فعاملوه معاملة الصفة).