Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: ماضي

التّوبة

التّوبة:
[في الانكليزية] Repentance
[ في الفرنسية] Repentir
بالفتح وسكون الواو في اللغة الرجوع.
وفي الشرع الندم على معصية من حيث هي معصية، مع عزم أن لا يعود إليها إذا قدر عليها. فقولهم على معصية لأنّ الندم على المباح أو الطاعة لا يسمّى توبة. وقولهم من حيث هي معصية لأنّ من ندم على شرب الخمر لما فيه من الصداع أو خفة العقل أو الإخلال بالمال والعرض لم يكن تائبا شرعا. وقولهم مع عزم أن لا يعود إليها زيادة تقرير لأنّ النادم على الأمر لا يكون إلّا كذلك. ولذلك ورد في الحديث «الندم توبة». وقولهم إذا قدر عليها لأنّ من سلب القدرة منه على الزنا مثلا وانقطع طمعه عن عود القدرة إليه إذا عزم على تركه لم يكن ذلك توبة منه. وفيه أنّ إذا ظرف لترك الفعل المستفاد من قولهم لا يعود فيعكس الأمر. قال الآمدي: إجماع السلف على أنّ الزاني المجبوب إذا ندم على الزنا وعزم أن لا يعود إليها على تقدير القدرة فإن ذلك الندم توبة. وكذا الحال في المشرف على الموت لأنه يكفي تقدير القدرة. ومنع هذا أبو هاشم وقال:
مثل هذا الندم ليس توبة. ثم المعتزلة اشترطوا في التوبة أمورا ثلاثة: ردّ المظالم وأن لا يعاود ذلك الذنب وأن يستديم الندم. وهي عند أهل السنة غير واجبة في صحة التوبة. أما ردّ المظالم فواجب برأسه لا مدخل له في الندم على ذنب آخر. وأمّا أن لا يعاود فلأنّ الشخص قد يندم على الأمر زمانا ثم يبدو له، والله تعالى مقلّب القلوب من حال إلى حال. وغايته أنه إذا ارتكب ذلك الذنب مرّة أخرى وجب عليه توبة أخرى. وأما استدامة الندم فلأن فيه من الحرج المنفي عنه في الدين. وأيضا المعتزلة أوجبوا قبول التوبة على الله بناء على أصلهم الفاسد.
اعلم أنهم اختلفوا في التوبة المؤقّتة مثل أن لا يذنب سنة وفي التوبة المفصّلة نحو أن يتوب عن الزنا دون شرب الخمر، بناء على أنّ الندم إذا كان لكونه ذنبا عم الأوقات والذنوب جميعا أو لا يجب عمومه لهما. فقيل يجب العموم. وقيل لا يجب ذلك كما في الواجبات، فإنه قد يأتي المأمور ببعضها دون بعض، وفي بعض الأوقات دون بعض، ويكون المأتي بها صحيحا في نفسه بلا توقّف على غيره مع أنّ العلّة للإتيان بالواجب هو كونه حسنا واجبا. ثم الظاهر أنّ التوبة طاعة واجبة فيثاب عليها لأنها مأمور بها قال الله تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وإن شئت التوضيح فارجع إلى شرح المواقف في موقف السمعيات.
وقال في مجمع السلوك التوبة شرعا هي الرجوع إلى الله تعالى مع دوام الندم وكثرة الاستغفار. وما قيل إنّ التوبة هي الندم فمعناه أنّ الندم من معظم أركان التوبة. قال أهل السنة: شروط التوبة ثلاثة ترك المعصية في الحال وقصد تركها في الاستقبال والندم على فعلها في الــماضي. وقال السري السقطي: التوبة أن لا تنسى ذنبك. وقال الجنيد: التوبة أن تنسى ذنبك، ولا تناقض بين العبارتين، فإنها بالمعنى الأول في حق المبتدئ وبالمعنى الثاني في حق المنتهي الكامل، فإنّ العبد إذا بلغ النهاية ينبغي له أن ينسى الذنوب لأن ذكر الجفاء في حالة الوفاء جفاء. وقال الثّوري:
التوبة أن تتوب عن كل شيء سوى الله تعالى.

وقال رويم: معنى التوبة أن تتوب من التوبة.

وقيل معناه قول رابعة: استغفر الله من قلّة صدقي في قولي استغفر الله. والحاصل هو أن الاستغفار ينبغي أن يكون مقرونا بصدق المعاملة، وإلّا فليس ذلك بتوبة بل ذنب فوق ذنب. وقيل التوبة على نوعين: توبة الإنابة وتوبة الاستجابة. فتوبة الإنابة أن تخاف من الله من أجل قدرته عليك بحيث لو أراد في وقت ارتكاب المعصية أن يعذّبك، فبسبب خوفك من عذابه ترجع عن الذنب. وتوبة الاستجابة أن تستحيي من الله بقربه منك يعنى: قال الله تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إذن: فما دام يعتبر نفسه قريبا فاللائق إذن أن لا يخطر الذنب ببالك. ويقول بعضهم: التائبون ثلاثة أقسام: عوام، وخواص، وخواصّ الخواص.

فأمّا توبة العوام: العودة عن الذنب، بمعنى الاستغفار باللسان والندم بالقلب. وتوبة الخواص: مراجعة الطّاعات بمعنى رؤية التقصير فيها بحيث لا يرون عبادتهم لائقة بمقام الربوبية، فيعتذرون عن تقصرهم فيها كما لو كانوا مذنبين. وأمّا توبة خاصّة الخاصّة فهي الالتفات من الخلق إلى الحق، أي بعبارة أخرى: عدم رؤية أيّ منفعة أو مضرّة من الخلق وعدم الركون إليهم. إذن فالتوبة في الحقيقة هي الرجوع، ولكن صفة الرجوع تختلف باختلاف المقامات والأحوال.

ويقول بعضهم: التوبة ثلاثة أقسام:
صحيحة وأصحّ وفاسدة.
فالصحيحة تلك التي يتوب فيها العبد من ذنبه فورا بكل صدق، وإن عاد فيما بعد إلى الوقوع فيها. والتوبة الأصح: هي التوبة النصوح.

والتوبة الفاسدة: هي التي يتوب فيها باللسان بينما بقيت في خاطره لذّة المعصية.

والتوبة النّصوح: هي من أعمال القلب، وهو تنزيه القلب عن الذنوب، وعلامة ذلك أن يظنّ المعصية صعبة وكريهة، وأن لا يعود إليها، وألّا يدع المعصية تخطر بباله أصلا.

وقال ذو النون: توبة العوام من الذنوب وتوبة الخواصّ من الغفلة، فإنّ الغفلة عن الله أكبر الكبائر. وتوبة الأنبياء من رؤية عجزهم عن بلوغ ما ناله غيرهم حيث أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان أراد أن لا يدعه الحق أن لا يفعل ما يريد بحسب طاقته. ثم حين نظر في أعماله ظنّ أنّ أحدا من الأنبياء لم يقم بمثل ما قام به. فلا جرم أنّه لم ير من اللائق أن يعتذر عن عجزه وتقصيره. وقال: «اني لاستغفر الله كل يوم مائة مرة». وقال أبو دقاق: التوبة ثلاثة أقسام الأول التوبة والثاني الإنابة والثالث الأوبة. فمن يتوب لخوف العقاب فهو صاحب توبة. ومن يتوب بطمع الثواب فهو صاحب إنابة. ومن يتوب لمحض مراعاة أمر الله من غير خوف العقاب ولا طمع الثواب فهو صاحب أوبة.
وقيل التوبة صفة عامة المؤمنين. قال الله تعالى وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ.
والإنابة صفة الأولياء والمقرّبين. قال الله تعالى وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ. والأوبة صفة الأنبياء والمرسلين قال الله تعالى نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ. وإن شئت الزيادة على هذا فارجع إلى مجمع السلوك.

التّاريخ

التّاريخ:
[في الانكليزية] History ،chronology
[ في الفرنسية] L'histoire chronologie ،annales
في اللغة تعريف الوقت. فقيل هو قلب التأخير. وقيل هو بمعنى الغاية، يقال: فلان تاريخ قومه أي ينتهي إليه شرفهم. فمعنى قولهم فعلت في تاريخ كذا فعلت في وقت الشيء الذي ينتهي إليه. وقيل وهو ليس بعربي، فإنّه مصدر المؤرّخ، وهو معرب ماه روز. وأمّا في اصطلاح المنجّمين وغيرهم فهو تعيين يوم ظهر فيه أمر شائع من ملّة أو دولة أو حدث فيه هائل كزلزلة وطوفان ينسب إليه، أي إلى ذلك اليوم ما يراد تعيين وقته في مستأنف الزمان أو في متقدمه. وقد يطلق على نفس ذلك اليوم وعلى المدّة الواقعة بين ذلك اليوم والوقت المفروض، كذا في شرح التذكرة. والبلغاء يطلقونه على اللفظ الدّال بحساب الجمل بحسب حروفه المكتوبة على تعيين ذلك اليوم، على ما في مجمع الصنائع، حيث قال: التاريخ عند البلغاء: هو أن يعمد الشاعر إلى أن يجمع حروفا لواقعة أو أمر في كلمة، أو مصراعا بحساب الجمل موافقا للتاريخ الهجري، فتكون الكلمة أو المصراع بحسب مقدار حروفها بحساب الجمل هي تاريخ لتلك الواقعة، وأحسن أنواع التاريخ أن يكون الكلام مناسبا للموضوع كما في المثل التالي: فقد بنى ابراهيم خان مسجدا في بلاد البنغال وضع أحدهم تاريخا لذلك بهذا المصراع: «بناى كعبه ثاني نهاد ابراهيم» أي وضع ابراهيم بناء الكعبة الثانية انتهى.
اعلم أن التواريخ بحسب اصطلاح كلّ قوم مختلفة. فمنها تاريخ الهجرة [ويسمى بالتاريخ الهجري أيضا] وهو أوّل المحرّم من السنة التي وقع فيها هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكّة إلى المدينة. وشهور هذا التاريخ معروفة مأخوذة من رؤية الهلال، ولا يزيد شهر على ثلاثين يوما ولا ينتقص من تسعة وعشرين يوما. ويمكن أن يجيء أربعة أشهر ثلاثين يوما على التّوالي، لا أزيد منها، وأن يجيء ثلاثة أشهر تسعة وعشرين يوما على التّوالي لا أزيد منها. وسنوهم وشهورهم قمرية حقيقة، وكلّ سنة فهو اثنا عشر شهرا. والمنجّمون يأخذون للمحرّم ثلاثين يوما وللصّفر تسعة وعشرين يوما وهكذا إلى الآخر، فسنوهم وشهورهم قمرية اصطلاحية. ويجيء تفصيله في لفظ السّنة.
وسبب وضع التاريخ الهجري أنه كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر رضي الله تعالى عنه أنّا قد قرأنا صكّا من الكتب التي تأتينا من قبل أمير المؤمنين، رضي الله تعالى عنه، وكان محلّه شعبان، فما ندري أيّ الشعبانين هو الــماضي أو الآتي، فجمع أعيان الصّحابة واستشارهم فيما تضبط به الأوقات، وكان فيهم ملك أهواز اسمه الهرمزان وقد أسلم على يده حين أسر، فقال: إنّ لنا حسابا نسمّيه ماه روز، أي حساب الشهور والأعوام، وشرح كيفية استعماله، فأمر عمر بوضع التاريخ. فأشار بعض اليهود إلى تاريخ الروم فلم يقبله لما فيه من الطول. وبعضهم إلى تاريخ الفرس فردّه لعدم استناده إلى مبدأ معيّن، فإنهم كانوا يجدّدونه كلّما قام ملك ويطرحون ما قبله، فاستقرّ رأيهم على تعيين يوم من أيامه عليه الصلاة والسلام لذلك. ولم يصلح وقت المبعث لكونه غير معلوم ولا وقت الولادة للاختلاف فيه. فقيل إنّه قد ولد ليلة الثاني أو الثامن أو الثالث عشر من ربيع الآخر سنة أربعين أو اثنتين وأربعين أو ثلاثة وأربعين من ملك نوشيروان، ولا وقت الوفاة لتنفّر الطبع عنه. فجعل مبدأ الهجرة من مكّة إلى المدينة إذ بها ظهرت دولة الإسلام. وكانت الهجرة يوم الثلاثاء لثمان خلون من ربيع الأوّل، وأوّل تلك السنة يوم الخميس من المحرّم بحسب الأمر الأوسط، وكان اتفاقهم على هذا سنة سبع عشرة من الهجرة.
ومنها تاريخ الروم ويسمّى أيضا بالتاريخ [الرومي] الإسكندري، ومبدؤه يوم الاثنين بعد مضي اثنتي عشرة سنة شمسية من وفاة ذي القرنين اسكندر بن فيلقوس الرومي الذي استولى على الأقاليم السبعة. وقيل بعد مضي ست سنين من جلوسه. وقيل مبدؤه أوّل ملكه.
وقيل أوّل ملك سولوقس وهو الذي أمر ببناء أنطاكية وملك الشام والعراق وبعض الهند والصين، ونسب بعده إلى اسكندر واشتهر باسمه إلى الآن. وقيل مبدؤه مقدّم على مبدأ الهجري بثلاثمائة وأربعين ألفا وسبعمائة يوم. وذكر كوشيار في زيجه الجامع أنّ هذا التاريخ هو تاريخ السريانيين، وليس بينهم وبين الروم خلاف إلّا في أسماء الشهور وفي أوّل شهور السنة، فإنه عند الروم كانون الثاني باسم رومي على الترتيب. وأسماء الشهور في لسان السريانيين على الترتيب هي هذه: تشرين الأول تشرين الآخر كانون الأول كانون الآخر شباط آذار نيسان أيار حزيران تموز آب أيلول. والمشهور أنّ هذه الأسماء بلسان الروم وأن مبدأ سنتهم أوّل تشرين الأول ووقته قريب من توسّط الشمس الميزان على التقديم والتأخير. والسنة الشمسية يأخذون كسرها ربعا تامّا بلا زيادة ونقصان. وأيام أربعة أشهر منها وهي تشرين الآخر ونيسان وحزيران وأيلول ثلاثون ثلاثون، وشباط ثمانية وعشرون، والبواقي أحد وثلاثون أحد وثلاثون. ويزيدون يوم الكبيسة في أربع سنين مرة في آخر شباط فيصير تسعة وعشرين.
وقيل في آخر كانون الأول ويسمّون تلك السنة سنة الكبيسة فسنوهم [وشهورهم] شمسية اصطلاحية. ومنها تاريخ القبط المحدث.

وأسماء شهوره هذه: توت بابه هثور كيهك طوبه أمشير برمهات برموزه بشنشد بونه ابيب مسري.
وأيام سنتهم كأيام سنة الروم، إلّا أنّ أيام شهورهم ثلاثون ثلاثون، والخمسة المسترقة تزاد في آخر الشهر الأخير وهو مسري، والكبيسة ملحقة بآخر السنة. وأوّل سنتهم وهو التاسع والعشرون من شهر آب الرومي، إلّا أن يكون في سنة الروم كبيسة فإنّه حينئذ يكون أول السنة هو الثلاثون منه. ومبدأ هذا التاريخ حين استولى دقيانوس ملك الروم على القبط، وهو مؤخّر عن مبدأ تاريخ الروم بمائتين وسبعة عشر ألف يوم ومأتين وأحد وتسعين يوما. وأوله كان يوم الجمعة وعلى هذا التاريخ يعتمد أهل مصر وإسكندرية.
ومنها تاريخ الفرس، ويسمّى تاريخا يزدجرديا وقديما أيضا. اعلم أنّ أهل الفرس كانوا يأخذون كسر السنة الشمسية أيضا ربعا تاما كالروم. وأول وضعه كان في زمن جمشيد. ثم كانوا يجدّدون التاريخ في زمان كلّ سلطان عظيم لهم. وأيام شهورهم ثلاثون ثلاثون. وأسماء شهورهم هذه: فروردين ماه أرديبهشتماه خرداد ماه تير ماه مرداد ماه شهريور ماه مهر ماه آبان ماه آذر ماه ديماه بهمن ماه اسفندارمذماه. لكن يقيّد جميعها بالقديم بأن يقال فروردين ماه القديم الخ. وهذه الأسماء بعينها أسماء شهور التاريخ الجلالي، إلّا أنّها تقيّد بالجلالي. ثم إنّهم كانوا يزيدون في كل مائة وعشرين سنة شهرا فتصير شهور السنة ثلاثة عشر ويسمّونه باسم الشهر الذي ألحق به، وينقلون الشهر الزائد من شهر إلى شهر، حتى إذا تكرّر فروردين في سنة تكرّر ارديبهشت بعد مائة وعشرين سنة وهكذا إلى أن تصل النوبة إلى اسفندارمذ، وذلك في ألف وأربعمائة وأربعين سنة، وتسمّى دور الكبيسة، ويزيدون الخمسة المسترقة في سنة الكبيسة في آخر الشهر الزائد، فيصير خمسة وثلاثون يوما. وفي السنين الأخرى يزيدونها في آخر الشهر الذي وافق اسمه اسم هذا الشهر. فإذا تمّت مائة وعشرون سنة أخرى ووقعت كبيسة أخرى وصار اسم الشهر الزائد موافقا لاسم شهر آخر يزيدونها على آخر هذا الشهر وهكذا. وكان مبدأ السنة أبدا هو الشهر الذي يكون بعد الخمسة. ولمّا جدّدوا التاريخ ليزدجرد كان قد مضى تسعمائة وستون سنة من دور الكبيس، وانتهى الشهر الزائد إلى آبانماه والمسترقة كانت في آخره. ثم لمّا ذهبت دولة الفرس على يده في زمن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، حيث انهزم من العرب عند محاربتهم إيّاه ولم يقم مقامه من يجدّد له التاريخ، اشتهر هذا التاريخ به من بين سائر ملوك الفرس، وبقيت الخمسة تابعة لآبانماه من غير نقل ولا كبس. وكان كذلك إلى سنة ثلاثمائة وخمس وسبعين يزدجردية، وقد تمّ الدّور حينئذ، وحلّت الشمس أوّل الحمل في أوّل فروردين ماه، فنقلت الخمسة بفارس إلى آخر اسفندارمذماه، وتركت في بعض النواحي إلى آخر آبانماه، لأنهم كانوا يظنون أنّ ذلك دين المجوسية، لا يجوز أنّ يبدّل ويغير. ولمّا خلا هذا التاريخ عن الكسور حينئذ، صار استعمال المنجّمين له أكثر من غيره. وأوّل هذا التاريخ يوم الثلاثاء أوّل يوم من تلك السنة فيها يزدجرد، وهو مؤخّر عن مبدأ الهجري بثلاثة آلاف وستمائة وأربعة وعشرين يوما.
ومنها التاريخ الملكي ويسمّى بالتاريخ الجلالي أيضا وهو تاريخ وضعه ثمانية من الحكماء لمّا أمرهم جلال الدين ملك شاه السلجوقي بافتتاح التّقويم من بلوغ مركز الشمس أوّل الحمل. وكانت سنو التواريخ المشهورة غير مطابقة لذلك، فوضعوا هذا التاريخ ليكون انتقال الشمس أوّل الحمل أبدا أوّل يوم من سنتهم. وأسماء شهورهم هي أسماء الشهور اليزدجردية، إلّا أنها تقيّد بالجلالي. وأوّل أيام هذا التاريخ كان يوم الجمعة، وكان في وقت وضعه قد اتّفق نزول الشمس أوّل الحمل في الثّامن عشر من فروردين ماه القديم، فهم جعلوه أوّل فروردين ماه الجلالي، وجعلوا الأيام الثمانية عشر كبيسة.
ومن هذا تسمعهم يقولون إنّ مبدأ التاريخ الملكي هو الكبيسة الملك شاهية، وهو متأخّر عن مبدأ التاريخ اليزدجردي بمائة وثلاثة وستين ألف يوم ومائة وثلاثة وسبعين يوما.
ومنها التاريخ الإيلخاني وهو كالتاريخ الملكي مبدأ وشهورا بلا تفاوت. وكان ابتدءوه في سنة أربع وعشرين ومأتين من التاريخ الملكي وكان أوّل هذا التاريخ يوم الاثنين.
ومنها تاريخ القبط القديم وهو تاريخ بخت نصّر الأول من ملوك بابل. وأيّام سنة هذا التاريخ ثلاثمائة وخمسة وستون يوما بلا كسر.

وأسماء شهوره هذه: توت فاوفي اتور خوافي طوبى ما خير فامينوث فرموت باخون باويتي ابيفي ماسوري. وأيام كل شهر ثلاثون.
والخمسة المسترقة تلحق بالشهر الأخير. وأوّل هذا التاريخ كان يوم الأربعاء من أول جلوس بخت نصر. ومبدؤه مقدّم على مبدأ تاريخ الروم بمائة وتسعة وخمسين ألف يوم ومائتي يوم ويومين. وعلى هذا التاريخ وضع بطلميوس أوساط الكواكب في المجسطي.
ومنها تاريخ اليهود وسنوه [كسني تاريخ الروم كما يفهم من زيج إيلخاني،] شمسية حقيقية وشهوره قمرية. وأسماء شهورهم هي هذه: تسري مرخشوان كسليو طيبث شفط آذر نيسن ايرسيون تموز أب أيلول. وسبب وضعه أنّ موسى عليه السلام لمّا نجا من فرعون وقومه وغرقوا، استبشر بذلك اليوم وأمر بتعظيمه وجعله عيدا. وكان ذلك في ليلة الخميس خامس عشر شهر نيسن، وقد طلع القمر مع غروب الشمس في ذلك الوقت، وكان القمر في الميزان والشمس في الحمل، وكانوا يفركون سنبل الحنطة بأيديهم. وذلك يكون في المصر بقرب أوائل الحمل. فاحتاجوا إلى استعمال السّنة الشمسية والشهور القمرية وكبس بعض السنين بشهر زائد لئلّا يتغير وقت عبادتهم.
وسمّوا سنة الكبيسة عبّورا وغير الكبيسة بسيطة، وكبسوا تسع عشرة سنة بسبعة أشهر قمرية على ترتيب بهزيجوج كبائس. لكنّ العرب كانوا يزيدون الشهر الزائد على جميع السنة، واليهود أبدا يكرّرون الشهر السادس وهو آذر، فيصير في السنة آذران، آذر الكبس فيعدونه زائدا وبعده آذر الأصل ويعدّونه من أصل السنة وبعدهما نيسن.
وأول سنتهم يكون متردّدا بين أواخر آب وأيلول من سنة الروم. وأمّا الشهور فبعضهم يأخذونها من رؤية الأهلّة ولا يلتفتون إلى التفاوت الواقع في الأقاليم كالمسلمين، وكان في زمن موسى عليه السلام كذلك. وبعضهم يأخذون بعض الشهور ثلاثين وبعضها تسعة وعشرين، على ترتيب أهل الحساب حتى لا يتغيّر ابتداء الشهور في جميع العالم. فالشهور تكون قمرية وسطية.
لكنهم يجعلون كلا من البسيطة والكبيسة ناقصة ومعتدلة وكاملة. فالبسيطة الناقصة شنجه يوما. والمعتدلة شند. والكاملة شنه. والكبيسة الناقصة شفد يوما. والمعتدلة شدد. والكاملة شنه. فأيام كل من تشري وشفط ونيسن وسيون واوب ثلاثون. وكذا أيام آذر الكبس. وأيام كل من طيبث وآذر الأصل وأير وتموز وأيلول تسعة وعشرون. وأيام مرخشوان في السنة المعتدلة تسعة وعشرون. وأيام كسليو فيها ثلاثون.
وأيامها في السنة الزائدة ثلاثون ثلاثون، وفي الناقصة تسعة وعشرون تسعة وعشرون.
والحاصل أنهم رتّبوا الشهور في السنة البسيطة إلى آخرها وفي السنة الكبيسة إلى الشهر الزائد كترتيب الشهور العربية، أعني جعل الشهر الأول ثلاثين والثاني تسعة وعشرين، وعلى هذا إلى آخر السنة البسيطة. وأمّا في الكبيسة فيتغيّر ترتيب شهرين فقط وهما الخامس والسادس المكبوس، فإنّ كلّ واحد منهما ثلاثون يوما.
وفي السنة الناقصة من البسيطة والكبيسة يكون كلّ من الشهرين الثاني والثالث تسعة وعشرين يوما. وفي الكاملة كلّ واحد منهما يكون ثلاثين يوما. ويشترطون أن يكون أوّل أيام السنة أحد أيام السبت والاثنين والثلاثاء والخميس لا غير، وأن يكون الخامس عشر من نيسن الذي هو عندهم هو الأحد أو الثلاثاء أو الخميس أو السبت لا غير، ويكون حينئذ الشمس في الحمل والقمر في الميزان، وهو إمّا يوم الاستقبال أو اليوم الذي قبله أو بعده. وقد تزحفان إلى أوائل الثور والعقرب بسبب الكبس وهو نادر.
ويجعلون مبدأ تاريخهم من هبوط آدم عليه السلام، ويزعمون أنّ بين هبوطه وزمان موسى عليه السلام أي زمان خروج بني إسرائيل من مصر وهو زمان غرق فرعون ألفين وأربعمائة وثمان وأربعين سنة، وبين موسى وإسكندر ألف سنة أخرى.
ومنها تاريخ الترك وسنوه أيضا شمسية حقيقية. ويقسمون اليوم بليلته اثنى عشر قسما، كل قسم يسمى چاغا وكل چاغ يقسم ثمانية أقسام يسمّى كل قسم ركها لها. وأيضا يقسمون اليوم بليلته بعشرة آلاف قسم، يسمّى كل قسم منها فنكا. والسنة الشمسية بحسب أرصادهم ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وألفان وأربعمائة وستة وثلاثون فنكا. ويقسمون السنة بأربعة وعشرين قسما متساوية خمسة عشر يوما وألفان ومائة وأربعة وثمانون فنكا وخمسة أسداس فنك. ومبدأ السنة يكون عند وصول الشمس إلى الدرجة السادسة عشر من الدّلو.
وكذا مبادئ الفصول الباقية تكون في أواسط البروج الباقية. وأما شهورهم فتكون قمرية حقيقية، ومبدأ كل منها الاجتماع الحقيقي.

وأسماء الشهور هذه: آرلم آي ايكندي آي جونج آي دونج آي بيشخ آي اليتخ آي شكيسح آي طوفتج آي لوترنج آي ان پيرنج آي چغشاباط آي، ويقع في كل شهر من الشهور القمرية قسم زوج من أقسام السنة يكون عدده ضعف عدد ذلك الشهر. فإن لم يقع في شهر قسم زوج وهو ممكن، لأن مجموع قسمين أعظم من شهر واحد، فذلك الشهر يكون زائدا ويسمّى بلغتهم شون آي. وإنما يزيدون هذا الشهر ليكون مبدأ الشهر الأول أبدا في حوالي مبدأ السنة، وهذا الشهر هو الكبيسة. وترتيب سني الكبائس عندهم كترتيبها عند العرب، أعني أنهم يكبسون أحد عشر شهرا في كلّ ثلاثين سنة قمرية على ترتيب بهزيجوج أدوط، لكن لا يقع شهر الكبيس في موضع معيّن من السنة، بل يقع في كل موضع منها. وعدد أيام الشهر عندهم إما ثلاثون أو تسعة وعشرون. ولا يقع أكثر من ثلاثة أشهر متوالية تاما، ولا أكثر من شهرين متواليين ناقصا. وإذا أسقط من السنين الناقصة اليزدجردية ستمائة واثنان وثلاثون، وطرح من الباقي ثلاثون ثلاثون إلى أنّ يبقى ثلاثون أو أقل منه، فإن وافقت إحدى السنين المذكورة للكبيس فكبيسة وإلّا فلا. وأمّا أنّ هذا الشهر يكون بعد أيّ شهر من شهور السنة فذلك إنّما يعرف بالاستقراء وحساب الاجتماعات. واعلم أنّ لهم أدوارا. الأول منها يعرف بالدور العشري ومدته عشر سنين، لكل سنة منها اسم بلغتهم، والثاني يعرف بالدور الاثنا عشري ومدّته اثنتا عشرة سنة، وكل سنة منها تنسب إلى حيوان بلغتهم، وهذا الدور هو المشهور فيما بين الأمم. والثالث الدور الستوني ومدته ستون سنة وهو مركب من الدورين الأولين، فإنه ستة أدوار عشرية وخمسة أدوار اثنا عشرية. وأول هذا الدور يكون أول العشري وأول الاثنا عشري جميعا.
وبهذه الأدوار الثلاثة يعدون الأيام أيضا كما يعدّون السنين بها. ولهم دور آخر يسمّى بالدور الرابع والدور الاختياري يعدّون به الأيام فقط ومدته اثنا عشر يوما، وهو مثل أيام الأسابيع عندهم، وكل يوم منه ينسب إلى لون من الألوان، ويسمّى باسم ذلك اللون بلغتهم.
وبعض هذه الأيام عندهم منحوس وقريب منه.
وبعضها مسعود وقريب منه، وفي الاختيارات يعتمدون على ذلك. وإذا بلغ هذا الدور إلى أول قسم فرد من أقسام السنة يكرّر يوم هذا الدور أعني يعد اللازم الأول من هذا القسم واليوم الذي قبله في هذا الدور واحدا. ولكل قسم من أقسام السنة وكذا لكل يوم من أيام الأدوار الأربعة اسم بلغتهم وتفصيل ذلك يطلب من كتب العمل. ويجعلون مبدأ تاريخهم ابتداء خلق العالم، وقد انقضت بزعمهم في سنة ستين وثمانمائة يزدجردية من ابتداء خلق العالم ثمانية آلاف وثمانمائة وثلاثة وستون قرنا وتسعة آلاف وتسعمائة وخمس وستون سنة، ويزعمون أنّ مدة بقاء العالم ثلاثمائة ألف قرن، كل قرن عشرة آلاف سنة. هذا كله خلاصة ما في شرح التذكرة وغيره. وإن شئت زيادة التوضيح فارجع إلى الزيجات.

صبهبذ

صبهبذ
: (أَصْبَهْبَذَانُ) ، أَهملَه الجوهَرِيّ وصاحِبُ اللّسَان، وَقَالَ الصاغَانيُّ: هُوَ (بالفَتْح) ، وذِكْرُ الفَتْح مُسْتَدْركٌ، وأَغفلَ ضَبْط مَا بعده، وَهُوَ لازمٌ ضَروريٌّ، وَهُوَ بِسُكُون الصَّاد وَفتح المُوَحَّدَة وَسُكُون الهاءِ، ثمَّ الموحّدة الْمَفْتُوحَة (: د بالدَّيْلَمِ) الناحِيَةِ المعروفَة. (الأَصْبَهْبَذِيَّةُ) بالضَّبطِ الْــمَاضِي (: نَوْعٌ مِن دَرَاهِمِ العِرَاقِ) نُسِبَتْ إِلى أَصْبَهْبَذَ، قَالَ الأَزهريُّ فِي الخماسيّ: وَهُوَ اسمٌ أَعجميٌّ. وصاده فِي الأَصل سين. قلت: وَقد وَقع فِي شعر جَرِيرٍ وَقَالَ إِنه مُعَرَّب، وَمَعْنَاهُ الأَمير، كَذَا ذكره غيرُ واحدٍ من الأَئمّة. (و) الأَصْبَهْبَذِيصة (: مَدْرَسةٌ ببغدادَ بَين الدَّرْبَيْنِ) ، نُسِبت إِلى هَذَا الرجَّل.

ززز

ززز
{زَزَّ، أهمله جمهورُ المُصَنِّفين فِي اللُّغَة، وإنّما أَوْرَده بعضُ أئمّة الصَّرْف فِيمَا اسْتَوَت مادّته فِي البِناءِ كبَبَّة وشِبْهه، وَفِي بسيط النَّحْوِ:} زَزَّه {يزِزُّه بِالْكَسْرِ على مُقتَضى قاعدَتِه وَهِي إِذا أَتْبَع الــماضيَ بالمضارِع فَهُوَ كَضَرَب، وَهَكَذَا هُوَ مَضْبُوط فِي سَائِر النُّسَخ، والصوابُ أنّه بالضمّ، من حدِّ نَصَر، لأنّه مُضعَّف مُتَعَدٍّ، فكأنّه خالَفَ اصْطِلاحَه لأنّه إنّما يكون ذَلِك فِيمَا يَقُوله فِي كِتَابه من عِنْده، وَهَذَا نَقله عَن صاحبِ البَسيط لأنّه كَذَلِك ذَكَرَه، فجَاء بِهِ لأجلِ ذَلِك على خلافِ اصْطِلاحِه، كَمَا حقَّقَه شَيْخُنا، وَهُوَ نَفيسٌ جدا.} زَزَّاً، إِذا صَفَعَه، نَقله الشيخُ أَبُو حَيَّان وَقَالَ: كنتُ أظنّ أَنَّهَا لَيست عربيّة إِلَى أَن ذَكَرَ لي شَيْخُنا الإمامُ اللّغويّ الْحَافِظ رَضِيّ الدِّين الشاطِبِيّ أنّها عربيّة، ورأيتُ غيرَه من اللُّغَويِّين قد ذَكَرَها، وَهِي شائعةٌ بالأندلس. قَالَ شَيْخُنا: وَقد أَغْرَب فِي نَقْلِه عَن صَاحب الْبَسِيط، فَإِنِّي وَقَفْتُ عَلَيْهِ فِي كتاب الأَبْنِيَة لابنِ القَطَّاع وَذَكَره فِي الْأَفْعَال، وَمَا أظنّ الرضيّ الشّاطبيّ أَخَذَه إِلَّا من هُنَاكَ، فإنّي رأيتُ خَطَّه على كتاب الْأَبْنِيَة، ورأيتُه نقل مِنْهُ غَرائب، هَكَذَا وَالله أَعْلَم، وَيَأْتِي لَهُ مَزيدٌ فِي الصّاد.

الإسلام

الإسلام: أحْينا عَلَيه يا حَيُّ- هو الخضوعُ والانقيادُ لما أخبر به سيدنا الرسُول محمد - صلى الله عليه وسلم - قاله السيد.
الإسلام: في "الدر المختار" هو تصديق سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في جميع ما جاء عن الله تعالى مما علم مجيئه ضرورة أي بداهة.
الإسلام:
[في الانكليزية] Islam
[ في الفرنسية] L'Islam
هو لغة الطاعة والانقياد، ويطلق في الشرع على الانقياد إلى الأعمال الظاهرة، كما بين ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم بقوله: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت».
وحاصل ذلك أن الإسلام شرعا هو الأعمال الظاهرة من التلفظ بكلمتي الشهادة والإتيان بالواجبات والانتهاء عن المنهيات. وعلى هذا المعنى، هو يغاير الإيمان وينفك عنه، إذ قد يوجد التصديق مع انقياد الباطن بدون الأعمال، وقد يطلق على الأعمال المشروعة، ومنه قوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وخبر أحمد: «أيّ الإسلام أفضل؟ قال:
الإيمان»، وخبر ابن ماجة «قلت ما الإسلام قال تشهد أن لا إله إلّا الله وتشهد أنّ محمدا رسول الله وتؤمن بالأقدار كلها خيرها وشرها حلوها ومرّها»، وعلى هذا هو يغاير الإيمان ولا ينفك عنه، أي عن الإيمان لاشتراطه لصحتها وهي لا تشترط لصحته خلافا للمعتزلة.
وأما الإسلام المأخوذ بالمعنى اللغوي الذي قد يستعمله به أهل الشرع أيضا فبينه وبين الإيمان تلازم في المفهوم، فلا يوجد شرعا إيمان بلا إسلام ولا عكسه وهو الظاهر.
وقيل بينهما ترادف لأن الإسلام هو الخضوع والانقياد للأحكام بمعنى قبولها والإذعان بها، وذلك حقيقة التصديق، فيترادفان. فالإسلام يطلق على ثلاثة معان والإيمان أيضا يطلق شرعا على كلّ من تلك المعاني الثلاثة، وإذا تقرر ذلك فحيث ورد ما يدلّ على تغايرهما كما في قوله تعالى قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا الآية، وكما في بعض الأحاديث، فهو باعتبار أصل مفهوميهما، فإنّ الإيمان عبارة عن تصديق قلبي، والإسلام عبارة عن طاعة وانقياد ظاهر كما صرّح بذلك في شروح صحيح البخاري.
فصحّ ما قاله ابن عباس وغيره في تفسير هذه الآية أنهم لم يكونوا منافقين بل كان إيمانهم ضعيفا، ويدل عليه قوله تعالى: وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ الآية، الدالّ على أن معهم من الإيمان ما يقبل به أعمالهم، وحينئذ يؤخذ من الآية أنه يجوز نفي الإيمان عن ناقصه. ومما يصرح به قوله عليه الصلاة والسلام: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» وفيه قولان لأهل السنة، أحدهما هذا، والثاني لا ينفى عنه اسم الإيمان من أصله ولا يطلق عليه مؤمن لإيهامه كمال إيمانه، بل يقيّد فيقال: مؤمن ناقص الإيمان، وهذا بخلاف اسم الإسلام فإنه لا ينتفي بانتفاء ركن من أركانه ولا بانتفاء جميعها ما عدا الشهادتين. وكأنّ الفرق أنّ نفيه يتبادر منه إثبات الكفر مبادرة ظاهرة بخلاف نفي الإيمان. وحيث ورد ما يدلّ على اتحادهما كقوله تعالى فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فهو باعتبار تلازم المفهومين أو ترادفهما. ومن هاهنا قال كثيرون إنهما على وزان الفقير والمسكين، فإذا أفرد أحدهما دخل فيه الآخر ودلّ بانفراده على ما يدل عليه الآخر بانفراده، وإن قرن بينهما تغايرا كما في خبر أحمد «الإسلام علانية والإيمان في القلب»، وحيث فسّر الإيمان بالأعمال فهو باعتبار إطلاقه على متعلقاته لما تقرر أنه تصديق بأمور مخصوصة، ومنه: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ، واتفقوا على أنّ المراد به هنا الصلاة ومنه حديث وفد عبد القيس: «هل تدرون ما الإيمان شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تؤدوا خمسا من المغنم» ففسّر فيه الإيمان بما فسر في حديث جبرائيل الإسلام، فاستفيد منهما إطلاق الإيمان والإسلام على الأعمال شرعا باعتبار أنها متعلقة مفهوميهما المتلازمين وهما التصديق والانقياد، فتأمّل ذلك حق التأمّل لتندفع به عنك الشكوك الواردة هاهنا. وممّا أطلق فيه الإيمان على الأعمال المشروعة ما روي «الإيمان اعتقاد بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان». هذا كله خلاصة ما ذكر ابن الحجر في شرح الأربعين للنووي في شرح الحديث الثاني.
الإسلام:
[في الانكليزية] Name ،noun
[ في الفرنسية] Nom
بالكسر والضمّ لغة بمعنى اللفظ الدال على الشيء كما في قوله: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها، كذا ذكر المولوي عصام الدين في حاشية الفوائد الضيائية. وحاصله أنه يطلق لغة على مقابل المهمل، كما صرّح به في باب منع الصرف. وفي شرح المقاصد: الاسم هو اللفظ المفرد الموضوع للمعنى وهو يعم جميع أنواع الكلمة، والمسمّى هو المعنى الذي وضع الاسم بإزائه، والتسمية هو وضع الاسم للمعنى. وقد يراد به ذكر الشيء باسمه، يقال سمّى زيدا ولم يسم عمروا، ولا خفاء في تغاير الأمور الثلاثة، انتهى. وفي جامع الرموز في جواز اليمين باسم الله تعالى: الاسم عرفا لفظ دال على الذات والصفة معا كالرحمن والرحيم، والله اسم دال على ذات الواجب فهو اسم للذات انتهى. وفي كشف اللغات: الاسم بالكسر والضم، هو بالفارسية: نام، وفي اصطلاح أهل السلوك:
ليس لفظا يدلّ على شيء بالوضع، بل هو اسم الذّات للمسمّى باعتبار الصّفة. والصّفة إمّا وجودية كالعليم والقدير أو عدميّة كالقدوس والسّلام يقول الشاعر:

العارفون الذين يعرفون علمنا يقولون: الصفة والذات هي الاسم انتهى.
اعلم أنه قد اشتهر الخلاف في أنّ الاسم هل هو نفس المسمّى أو غيره، ولا يشكّ عاقل في أنه ليس النزاع في لفظ ف ر س أنه هل هو نفس الحيوان المخصوص أو غيره فإن هذا ممّا لا يشتبه على أحد، بل النزاع في مدلول الاسم أهو الذات من حيث هي هي أم هو الذات باعتبار أمر صادق عليه عارض له ينبئ عنه؛ فلذلك قال الأشعري قد يكون الاسم أي مدلوله عين المسمّى أي ذاته من حيث هي نحو الله، فإنه اسم علم للذات من غير اعتبار معنى فيه، وقد يكون غيره نحو الخالق والرازق ممّا يدلّ على نسبة إلى غيره. ولا شك أنّ تلك النسبة غيره وقد يكون لا هو ولا غيره كالعليم والقدير ممّا يدلّ على صفة حقيقية قائمة بذاته، فإنّ تلك الصفة لا هو ولا غيره عنده فهكذا الذات المأخوذة معها.

قال الآمدي: اتفق العقلاء على المغايرة بين التسمية والمسمّى، وذهب أكثر أصحابنا إلى أن التسمية هي نفس الأقوال الدالة، وإنّ الاسم هو نفس المدلول، ثم اختلف هؤلاء، فذهب ابن فورك وغيره إلى أن كل اسم فهو المسمّى بعينه. فقولك: الله دالّ على اسم هو المسمّى، وكذلك قولك عالم وخالق فإنه يدلّ على ذات الربّ الموصوف بكونه عالما وخالقا. وقال بعضهم من الأسماء ما هو عين كالموجود والذات ومنها ما هو غير كالخالق، فإنّ المسمّى ذاته، والاسم هو نفس الخلق وخلقه غير ذاته، ومنها ما ليس عينا ولا غيرا كالعالم فإن المسمّى ذاته والاسم علمه الذي ليس عين ذاته ولا غيرها. وتوضيح ذلك أنهم لم يريدوا بالتسمية اللفظ وبالاسم مدلوله كما يريدون بالوصف قول الواصف وبالصفة مدلوله، ثم إنّ ابن فورك ومن يوافقه اعتبروا المدلول المطابقي وأرادوا بالمسمّى ما وضع الاسم بإزائه، فأطلقوا القول بأن الاسم نفس المسمّى. والبعض أراد بالمسمّى ما يطلق عليه الاسم، وأخذ المدلول أعمّ من المطابقي واعتبر في أسماء الصفات المعاني المقصودة، فزعم أنّ مدلول الخالق الخلق وأنه غير ذات الخالق بناء على ما تقرّر من أنّ صفات الأفعال غير الموصوف، وأن الصفات التي لا عينه ولا غيره هي التي يمتنع انفكاكها عن موصوفها. ثم إنّ الأشعري أراد بالمسمّى ما يطلق عليه الاسم، أعني الذات، وأعتبر المدلول المطابقي وحكم بغيرية هذا المدلول أو بكونه لا هو ولا غيره باعتبار المدلول التضمني. وذهب المعتزلة إلى أنّ الاسم هو التسمية ووافقهم على ذلك بعض المتأخرين من أصحابنا. وذهب الأستاذ أبو نصر بن أيوب إلى أنّ لفظ الاسم مشترك بين التسمية والمسمّى، فيطلق على كل منهما ويفهم المقصود بحسب القرائن. ولا يخفى عليك أن النزاع على قول أبي نصر في لفظ اس م، وأنها تطلق على الألفاظ فيكون الاسم عين التسمية بالمعنى المذكور، أي القول الدال لا بمعنى فعل الواضع وهو وضع الاسم للمعنى، أو تطلق على مدلولاتها فيكون عين المسمّى، وكلا الاستعمالين ثابت، كما في قولك:

الأسماء والأفعال والحروف، وقوله تعالى:
تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ أي مسمّاه، وقول لبيد: اسم السلام عليكما. وقال الإمام الرازي:
المشهور عن أصحابنا أن الاسم هو المسمّى، وعن المعتزلة أنه التسمية، وعن الغزالي أنه مغاير لهما لأن النسبة وطرفيها مغايرة قطعا، والناس قد طوّلوا في هذه المسألة، وهو عندي فضول لأن الاسم هو اللفظ المخصوص والمسمّى ما وضع ذلك اللفظ بإزائه، فنقول:
الاسم قد يكون غير المسمّى، فإنّ لفظ الجدار مغاير لحقيقة الجدار وقد يكون عينه، فإن لفظ الاسم اسم للفظ دال على معنى مجرّد عن الزمان، ومن جملة تلك الألفاظ لفظ الاسم، فيكون لفظ الاسم اسما لنفسه فاتّحد هاهنا الاسم والمسمّى. قال: فهذا ما عندي، هذا كله خلاصة ما في شرح المواقف والچلپي وما في تعليقات جدّي رحمة الله عليه.
التقسيم
اعلم أنّ الاسم الذي يطلق على الشيء إمّا أن يؤخذ من الذات بأن يكون المسمّى به ذات الشيء وحقيقته من حيث هي، أو من جزئها، أو من وصفها الخارجي، أو من الفعل الصادر عنه؛ ثم أنظر أيّها يمكن في حق الله تعالى، فالمأخوذ من الوصف الخارجي الداخل في مفهوم الاسم فجائز في حقه تعالى، سواء كان الوصف حقيقيا كالعليم، أو إضافيا كالماجد بمعنى العالي، أو سلبيا كالقدوس، وكذا المأخوذ من الفعل كالخالق. وأما المأخوذ من الجزء كالجسم للإنسان فمحال لانتفاء التركيب في ذاته، فلا يتصوّر له جزء حتى يطلق عليه اسمه. أمّا المأخوذ من الذات فمن ذهب إلى جواز تعقّل ذاته جوّز أن يكون له اسم بإزاء حقيقته المخصوصة، ومن ذهب إلى امتناع تعقّلها لم يجوّز لأن وضع الاسم لمعنى فرع تعقله ووسيلة إلى تفهيمه، فإذا لم يمكن أن يعقل ويفهم فلا يتصوّر اسم بإزائه. وفيه بحث لأن الخلاف في تعقّل كنه ذاته ووضع الاسم لا يتوقف عليه إذ يجوز أن يعقل ذاتا ما بوجه ما، ويوضع الاسم لخصوصية ويقصد تفهيمها باعتبار ما لا بكنهها، ويكون ذلك الوجه مصحّحا للوضع وخارجا عن مفهوم الاسم، كما في لفظ الله، فإنه اسم علم له موضوع لذاته من غير اعتبار معنى فيه، كذا في شرح المواقف.
وفي شرح القصيدة الفارضية في علم التصوف: الأسماء تنقسم باعتبار الذات والصفات والأفعال إلى الذاتية، كالله والصفاتية كالعليم والأفعالية كالخالق، وتنحصر باعتبار الأنس والهيبة عند مطالعتها في الجمالية كاللطيف والجلالية كالقهار. والصفات تنقسم باعتبار استقلال الذات بها إلى ذاتية وهي سبعة:
العلم والحياة والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام، وباعتبار تعلّقها بالخلق إلى أفعالية، وهي ما عدا السبعة ولكل مخلوق سوى الإنسان حظ من بعض الأسماء دون الكلّ كحظ الملائكة من اسم السبّوح والقدّوس. ولذا قالوا نحن نسبّح بحمدك ونقدس لك، وحظّ الشيطان من اسم الجبار والمتكبر، ولذلك عصى واستكبر واختص الإنسان بالحظ من جميعها ولذلك أطاع تارة وعصى أخرى وقوله تعالى وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها أي ركّب في فطرته من كل اسم من أسمائه لطيفة وهيّأه بتلك اللطائف للتحقّق بكل الأسماء الجلالية والجمالية، وعبّر عنهما بيديه فقال للإبليس ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ وكلّ ما سواه مخلوق بيد واحدة لأنه إمّا مظهر صفة الجمال كملائكة الرحمة أو الجلال كملائكة العذاب. وعلامة المتحقق باسم من أسماء الله أن يجد معناه في نفسه كالمتحقق باسم الحق علامته أن لا يتغيّر بشيء، كما لم يتغير الحلاج عند قتله تصديقا لتحققه بهذا الاسم انتهى. وفي الإنسان الكامل قال المحققون أسماء الله تعالى على قسمين يعني الأسماء التي تفيد في نفسها وصفا فهي عند النحاة أسماء لغوية: القسم الأول هي الذاتية كالأحد والواحد والفرد والصمد والعظيم والحيّ والعزيز والكبير والمتعال وأشباه ذلك. القسم الثاني هي الصفاتية كالعليم والقادر ولو كانت من الأسماء النفسية وكالمعطي والخلّاق ولو كانت من الأفعالية، انتهى.

فائدة:
اعلم أنّ تسميته تعالى بالأسماء توقيفية، أي يتوقف إطلاقها على الإذن فيه وليس الكلام في أسماء الأعلام الموضوعة في اللغات، إنما النزاع في الأسماء المأخوذة من الصفات والأفعال، فذهب المعتزلة والكرّامية إلى أنها إذ ادلّ العقل على اتصافه تعالى بصفة وجودية أو سلبية جاز أن يطلق عليه اسم يدلّ على اتصافه بها، سواء ورد بذلك الإطلاق إذن شرعي أو لا، وكذا الحال في الأفعال. وقال القاضي أبو بكر من أصحابنا كلّ لفظ دلّ على معنى ثابت لله تعالى جاز إطلاقه عليه بلا توقيف إذا لم يكن إطلاقه موهما لما لا يليق بكبريائه، ولذا لم يجز أن يطلق عليه لفظ العارف، لأن المعرفة قد يراد بها علم تسبقه غفلة، وكذا لفظ الفقيه والعاقل والفطن والطبيب ونحو ذلك. وقد يقال لا بدّ مع نفي ذلك الإيهام من الإشعار بالتعظيم حتى يصحّ الإطلاق بلا توقيف. وذهب الشيخ ومتابعوه إلى أنه لا بدّ من التوقيف وهو المختار، وذلك للاحتياط فلا يجوز الاكتفاء في عدم إيهام الباطل بمبلغ إدراكنا، بل لا بدّ من الاستناد إلى إذن الشرع. فإن قلت من الأوصاف ما يمتنع إطلاقه عليه تعالى مع ورود الشرع بها كالماكر المستهزئ وغيرهما. أجيب بأنه لا يكفي في الإذن مجرّد وقوعها في الكتاب أو السنّة بحسب اقتضاء المقام وسياق الكلام، بل يجب أن يخلو عن نوع تعظيم ورعاية أدب، كذا في شرح المواقف وحواشيه.
والاسم عند أهل الجفر يطلق على سطر التكسير ويسمّى أيضا بالزّمام والحصّة والبرج، كذا في بعض الرسائل. وعند المنطقيين يطلق على لفظ مفرد يصح أن يخبر به وحده عن شيء، ويقابله الكلمة والأداة، ويجيء في لفظ المفرد. وعند النحاة يطلق على خمسة معان:

على ما في المنتخب حيث قال: اسم بالكسر والضم هو السّمة والعلامة على الشيء. وفي اصطلاح النحاة: يطلق الاسم على خمسة أشياء:
1 - الاسم، العلم، مقابل اللّقب والكنية.
2 - كلمة لا تحمل معنى وصفيا، وهي بهذا تقابل الصفة.
3 - كلمة لا تحمل معنى ظرفيا، وهي بهذا تقابل الظرف.
4 - كلمة تحمل معنى حاصل المصدر، وتستعمل كالمصدر.
5 - كلمة بدون إضافة كلمة أخرى إليها تدلّ على معنى ولا تدلّ على أيّ زمان من أزمنة الفعل من الــماضي والمضارع والاستقبال، وهي بهذا الاصطلاح تقابل اصطلاح الفعل والحرف.
انتهى.
أما المعنى الأول فيجيء تحقيقه في لفظ العلم، ويطلق أيضا مرادفا للعلم كما يجيء هناك أيضا. وأما المعنى الثاني فقد صرّح به في شروح الكافية في باب منع الصرف في بحث الألف والنون المزيدتين. وأما المعنى الثالث فقد صرّحوا به أيضا هناك، وأيضا وقع في الضوء الظروف بعضها لازم الظرفية فيكون منصوبا أبدا نحو: عند وسوى، وبعضها يستعمل اسما وظرفا كالجهات الستّ، انتهى. وفي العباب ويستعمل إذا اسما صريحا مجرّدا عن معنى الظرفية أيضا، ويصير اسما مرفوع المحل بالابتداء أو مجروره أو منصوبه لا بالظرفية، نحو: إذا يقوم زيد إذا يقعد عمر، أي وقت قيام زيد وقت قعود عمر، فإذا هنا مبتدأ وخبر، انتهى.
فالاسم حينئذ مقابل للظرف بمعنى المفعول فيه. وأما المعنى الرابع فقد ذكر في تيسير القاري شرح صحيح البخاري في باب الاحتكار قال الاحتكار: هو شراء الغلّة في أوان الرّخص، لتباع فيما بعد عند غلائها. والحكرة هي اسم من فعل الاحتكار. وأيضا في جامع الرموز: الشبهة اسم من الاشتباه. وفي الصراح شبهة پوشيدگى كار. الخطأ في ستر العمل.
ثم أقول قال في بحر المعاني في تفسير قوله تعالى: فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ، الوقود بفتح الواو اسم لما يوقد به النار وهو الحصب وبالضم مصدر بمعنى الالتهاب انتهى. وهكذا في البيضاوي، وهذا صريح في أن الاسم قد يستعمل بمعنى الاسم الذي لا يكون مصدرا، سواء كان بمعنى الحاصل بالمصدر أو لم يكن إذ لا خفاء في عدم كون الوقود هاهنا بمعنى الحاصل بالمصدر، فينتقض الحصر في المعاني الخمسة حينئذ لخروج هذا المعنى من الحصر. وأما المعنى الخامس فشائع وتحقيقه أنهم قالوا الكلمة ثلاثة أقسام، لأنها إمّا أن تستقل بالمفهومية أو لا.
الثاني الحرف، والأول إمّا أن تدلّ بهيئتها على أحد الأزمنة الثلاثة أو لا. الثاني الاسم والأول الفعل، فالاسم ما دلّ على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة، والفعل ما دلّ على معنى في نفسه مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة، والحرف ما دلّ على معنى في غيره. والضمير في قولهم في نفسه في كلا التعريفين إمّا راجع إلى ما، والمعنى ما دلّ على معنى كائن في نفس ما دلّ أي الكلمة؛ والمراد بكون المعنى في نفس الكلمة دلالتها عليه من غير حاجة إلى ضمّ كلمة أخرى إليها لاستقلاله بالمفهومية، وإما راجع إلى المعنى وحينئذ يكون المراد بكون المعنى في نفسه استقلاله بالمفهومية وعدم احتياجه في الانفهام إلى كلمة أخرى، فمرجع التوجيهين إلى أمر واحد وهو استقلال الكلمة بالمفهومية أي بمفهومية المعنى منه، وكذا الحال في قولهم في غيره في تعريف الحرف يعني أن الضمير إمّا عائد إلى ما، فيكون المعنى:
الحرف ما دلّ على معنى كائن في غير ما دلّ أي الكلمة لا في نفسه وحاصله أنه لا يدل بنفسه بل بانضمام كلمة أخرى إليها. وإمّا إلى المعنى فيكون المعنى: الحرف ما دلّ على معنى في غيره لا في نفسه بمعنى أنه غير تام في نفسه، أي لا يحصل ذلك المعنى من اللّفظ إلّا بانضمام شيء إليه، فمرجع هذين التوجهين إلى أمر واحد أيضا، وهو أن لا يستقل بالمفهومية.
ثم المعنى قد يكون إفراديا هو مدلول اللّفظ بانفراده وقد يكون تركيبيا يحصل منه عند التركيب فيضاف أيضا إلى اللّفظ، وإن كان معنى اللّفظ عند الإطلاق هو الإفرادي، ويشترك الاسم والفعل والحرف في أن معانيها التركيبية لا تحصل إلّا بذكر ما يتعلّق به من أجزاء الكلام، ككون الاسم فاعلا وكون الفعل مسندا مثلا مشروط بذكر متعلّقه، بخلاف الحرف، فإنّ معناه الإفرادي أيضا لا يحصل بدون ذكر المتعلق.
وتحقيق ذلك أن نسبة البصيرة إلى مدركاتها كنسبة البصر إلى مبصراته. وأنت إذا نظرت في المرآة وشاهدت صورة فيها فلك، هناك حالتان: إحداهما أن تكون متوجها إلى تلك الصورة مشاهدا إياها قصدا جاعلا للمرآة حينئذ آلة في مشاهدتها، ولا شك أن المرآة حينئذ مبصرة في هذه الحالة لكنها ليست بحيث تقدر بإبصارها على هذا الوجه أن تحكم عليها وتلتفت إلى أحوالها. والثانية أن تتوجّه إلى المرآة نفسها وتلاحظها قصدا فتكون صالحة لأن تحكم عليها، وحينئذ تكون الصورة مشاهدة تبعا غير ملتفت إليها، فظهر أن في المبصرات ما يكون تارة مبصرا بالذات وأخرى آلة لإبصار الغير، واستوضح ذلك من قولك قام زيد.
ونسبة القيام إلى زيد إذ لا شك أنك مدرك فيهما نسبة القيام إلى زيد، إلّا أنها في الأول مدركة من حيث أنها حالة بين زيد والقيام وآلة لتعرف حالهما فكأنها مرآة تشاهدهما بها مرتبطا أحدهما بالآخر، ولهذا لا يمكنك أن تحكم عليها أو بها ما دامت مدركة على هذا الوجه.
وفي الثاني مدركة بالقصد ملحوظة في ذاتها بحيث يمكنك أن تحكم عليها وبها؛ فعلى الوجه الأول معنى غير مستقل بالمفهومية، وعلى الثاني معنى مستقل بها. وكما يحتاج إلى التعبير عن المعاني الملحوظة بالذات المستقلة بالمفهومية يحتاج إلى التعبير عن المعاني الملحوظة بالغير التي لا تستقل بالمفهومية.
إذا تمهّد هذا فاعلم أنّ الابتداء مثلا معنى هو حالة لغيره ومتعلّق به، فإذا لاحظه العقل قصدا وبالذات كان معنى مستقلا بنفسه ملحوظا في ذاته صالحا لأن يحكم عليه وبه، ويلزمه إدراك متعلّقه إجمالا وتبعا، وهو بهذا الاعتبار مدلول لفظ الابتداء، ولك بعد ملاحظته على هذا الوجه أن تقيده بمتعلق مخصوص، فتقول مثلا ابتداء سير البصرة ولا يخرجه ذلك عن الاستقلال وصلاحية الحكم عليه وبه وعلى هذا القياس الأسماء اللازمة الإضافة كذو وأولو وفوق وتحت، وإذا لاحظه العقل من حيث هو حالة بين السير والبصرة وجعله آلة لتعرف حالهما كان معنى غير مستقل بنفسه، ولا يصلح أن يكون محكوما عليه ولا محكوما به، وهو بهذا الاعتبار مدلول لفظ من. وهذا معنى ما قيل إنّ الحرف وضع باعتبار معنى عام وهو نوع من النسبة كالابتداء مثلا لكل ابتداء مخصوص معيّن النسبة لا تتعين إلّا بالمنسوب إليه، فما لم يذكر متعلق الحرف لا يتحصّل فرد من ذلك النوع هو مدلول الحرف، لا في العقل، وهو الظاهر، ولا في الخارج لأنّ مدلول الحرف فرد مخصوص من ذلك النوع، أعني ما هو آلة لملاحظة طرفيه ولا شك أنّ تحقق هذا الفرد في الخارج يتوقف على ذكر المتعلق. وما قيل الحرف ما يوجد معناه في غيره وأنّه لا يدلّ على معنى باعتباره في نفسه بل باعتباره في متعلقه، فقد اتضح أنّ ذكر المتعلق للحرف إنما وجب ليتحصّل معناه في الذهن إذ لا يمكن إدراكه إلّا بإدراك متعلقه إذ هو آلة لملاحظته فعدم استقلال الحرف بالمفهومية إنّما هو لقصور ونقصان في معناه، لا لما قيل من أنّ الواضع اشترط في دلالته على معناه الإفرادي ذكر متعلقه، إذ لا طائل تحته لأنّ هذا القائل إن اعترف بأنّ معاني الحروف هي النسب المخصوصة على الوجه الذي قررناه، فلا معنى لاشتراط الواضع حينئذ، لأن ذكر المتعلق أمر ضروري إذ لا يعقل معنى الحرف إلّا به، وإن زعم أنّ معنى لفظة من هو معنى الابتداء بعينه إلّا أنّ الواضع اشترط في دلالة من عليه ذكر المتعلّق ولم يشترط ذلك في دلالة لفظ الابتداء عليه، فصارت لفظة من ناقصة الدلالة على معناها غير مستقلة بالمفهومية لنقصان فيها؛ فزعمه هذا باطل. أمّا أولا فلأنّ هذا الاشتراط لا يتصوّر له فائدة أصلا بخلاف اشتراط القرينة في الدلالة على المعنى المجازي. وأمّا ثانيا فلأنّ الدليل على هذا الاشتراط ليس نصّ الواضع عليه كما توهّم لأنّ في تلك الدعوى خروجا عن الإنصاف، بل هو التزام ذكر المتعلّق في الاستعمال على ما يشهد به الاستقراء، وذلك مشترك بين الحروف والأسماء اللازمة الإضافة.
والجواب عن ذلك بأنّ ذكر المتعلق في الحرف لتتميم الدلالة وفي تلك الأسماء لتحصيل الغاية، مثلا كلمة ذو موضوعة بمعنى الصاحب ويفهم منها هذا المعنى عند الإطلاق، لكنها إنّما وضعت له ليتوصّل بها إلى جعل أسماء الأجناس صفة للمعارف أو للنكرات، فتحصيل هذه الغاية هو الذي أوجب ذكر متعلّقها، فلو لم يذكر لم تحصل الغاية عند إطلاقه بدون ذكر متعلّقه تحكّم بحت. وأمّا ثالثا فلأنّه يلزم حينئذ أن يكون معنى من مستقلا في نفسه صالحا لأن يحكم عليه وبه، إلّا أنّه لا ينفهم منها وحدها، فإذا ضمّ إليها ما يتمّ دلالتها وجب أن يصحّ الحكم عليه وبه وذلك مما لا يقول به من له أدنى معرفة باللغة وأحوالها.
وقيل الحرف ما دلّ على معنى ثابت في لفظ غيره، فاللام في قولنا الرجل مثلا يدل بنفسه على التعريف الذي في الرجل. وفيه بحث لأنّه إن أريد بثبوت معنى الحرف في لفظ غيره أنّ معناه مفهوم بواسطة لفظ الغير أي بذكر متعلّقه، فهذا بعينه ما قرّرناه سابقا، وإن أريد به أنه يشترط في انفهام المعنى منه لفظ الغير بحسب الوضع ففيه ما مرّ، وإن أريد به أنّ معناه قائم بلفظ الغير فهو ظاهر البطلان، وكذا إن أريد به قيامه بمعنى غيره قياما حقيقيا، ولأنه يلزم حينئذ أن يكون مثل السّواد وغيره من الأعراض حروفا لدلالتها على معان قائمة بمعاني ألفاظ غيرها، وإن أريد به تعلقه بمعنى الغير لزم أن يكون لفظ الاستفهام وما يشبهه من الألفاظ الدّالة على معان متعلّقة بمعاني غيرها حروفا، وكلّ ذلك فاسد.
وقيل الحرف ليس له معنى في نفسه بل هو علاقة لحصول معنى في لفظ آخر، وإنّ في قولك في الدار علامة لحصول معنى الظرفية في الدار، ومن في قولك خرجت من البصرة علامة لحصول معنى الابتداء في البصرة، وعلى هذا فقس سائر الحروف وهذا ظاهر البطلان.
ثمّ الاسم والفعل يشتركان في كونهما مستقلين بالمفهومية، إلّا أنهما يفترقان في أنّ الاسم يصلح لأن يقع مسندا ومسندا إليه، والفعل لا يقع إلّا مسندا، فإنّ الفعل ما عدا الأفعال الناقصة كضرب مثلا يدلّ على معنى في نفسه مستقل بالمفهومية وهو الحدث، وعلى معنى غير مستقل هو النسبة الحكمية الملحوظة من حيث أنها حالة بين طرفيها وآلة لتعرف حالهما مرتبطا أحدهما بالآخر. ولما كانت هذه النسبة التي هي جزء مدلول الفعل لا تتحصل إلّا بالفاعل وجب ذكره، كما وجب ذكر متعلّق الحرف، فكما أنّ لفظة من موضوعة وضعا عاما لكل ابتداء معين بخصوصه، كذلك لفظة ضرب موضوعة وضعا عاما لكل نسبة للحدث الذي دلّت عليه إلى فاعل بخصوصها، إلّا أن الحرف لمّا لم يدل إلّا على معنى غير مستقل بالمفهومية لم يقع محكوما عليه ولا محكوما به إذ لا بدّ في كل منهما أن يكون ملحوظا بالذات ليتمكن من اعتبار النسبة بينه وبين غيره، واحتاج إلى ذكر المتعلق رعاية لمحاذات الأفعال بالصور الذهنية، والفعل لمّا اعتبر فيه [الحدث] وضمّ إليه انتسابه إلى غيره نسبة تامة من حيث أنها حالة بينهما وجب ذكر الفاعل لتلك المحاذاة، ووجب أيضا أن يكون مسندا باعتبار الحدث إذ قد اعتبر ذلك في مفهومه وضعا ولا يمكن جعل ذلك الحدث مسندا إليه لأنه على خلاف وضعه. وأمّا مجموع معناه المركّب من الحدث والنسبة المخصوصة فهو غير مستقلّ بالمفهومية فلا يصلح أن يقع محكوما به فضلا عن أن يقع محكوما عليه كما يشهده التأمّل الصادق.
وأمّا الاسم فلما كان موضوعا لمعنى مستقل ولم تعتبر معه نسبة تامة لا على أنه منسوب إلى غيره ولا بالعكس صحّ الحكم عليه وبه.
فإن قلت كما أنّ الفعل يدل على حدث ونسبة إلى فاعل على ما قررته كذلك اسم الفاعل يدلّ على حدث ونسبة إلى ذات، فلم يصح كون اسم الفاعل محكوما عليه دون الفعل؟. قلت لأنّ المعتبر في اسم الفاعل ذات ما من حيث نسب إليه الحدث، فالذات المبهمة ملحوظة بالذات، وكذلك الحدث. وأمّا النسبة فهي ملحوظة لا بالذات، إلّا أنها تقييدية غير تامة ولا مقصودة أصلية من العبارة تقيدت بها الذات المبهمة وصار المجموع كشيء واحد، فجاز أن يلاحظ فيه تارة جانب الذات أصالة فيجعل محكوما عليه وتارة جانب الوصف أي الحدث أصالة فيجعل محكوما به. وأمّا النسبة التي فيه فلا تصلح للحكم عليها ولا بها، لا وحدها ولا مع غيرها، لعدم استقلالها، والمعتبر في الفعل نسبة تامة تقتضي انفرادها مع طرفيها من غيرها وعدم ارتباطها به، وتلك النسبة هي المقصودة الأصلية من العبارة فلا يتصور أن يجري في الفعل ما جرى في اسم الفاعل، بل يتعيّن له وقوعه مسندا باعتبار جزء معناه الذي هو الحدث.
فإن قلت قد حكموا بأنّ الجملة الفعلية في: زيد قام أبوه محكوما بها. قلت في هذا الكلام يتصور حكمان: أحدهما الحكم بأن أبا زيد قائم، والثاني أن زيدا قائم الأب، ولا شكّ أن هذين الحكمين ليسا بمفهومين منه صريحا بل أحدهما مقصود والآخر تبع، فإن قصد الأول لم يكن زيد بحسب المعنى محكوما عليه بل هو قيد يتعين به المحكوم عليه، وإن قصد الثاني كما هو الظاهر فلا حكم صريحا بين القيام والأب، بل الأب قيد للمسند الذي هو القيام، إذ به يتم مسندا إلى زيد. ألا ترى أنك لو قلت: قام أبو زيد وأوقعت النسبة بينهما لم يرتبط بغيره أصلا، فلو كان معنى قام أبوه ذلك القيام لم يرتبط بزيد قطعا فلم يقع خبرا، ومن ثمّ تسمع النحاة يقولون قام أبوه جملة وليس بكلام، وذلك لتجريده عن إيقاع النسبة بين طرفيه بقرينة ذكر زيد مقدما، وإيراد ضميره فإنها دالة على الارتباط الذي يستحيل وجوده مع الإيقاع، وهذا الذي ذكر من التحقيق هو المستفاد من حواشي العضدي، ومما ذكره السيّد الشّريف في حاشية المطول في بحث الاستعارة التبعية.
ثم إنه لما عرف اشتراك الاسم والفعل في الاستقلال بالمفهومية فلا بد من مميّز بينهما فزيد قيد عدم الاقتران بأحد الأزمنة الثلاثة في حدّ الاسم احترازا عن الفعل، ولا يخرج من الحدّ لفظ أمس وغد والصبوح والغبوق ونحو ذلك، لأنّ معانيها الزمان لا شيء آخر يقترن بالزمان كما في الفعل. ثم المراد بعدم الاقتران أن يكون بحسب الوضع الأول فدخل فيه أسماء الأفعال لأنها جميعا إما منقولة عن المصادر الأصلية سواء كان النقل صريحا نحو رويد فإنه قد يستعمل مصدرا أيضا، أو غير صريح نحو هيهات فإنه وإن لم يستعمل مصدرا إلّا أنّه على وزن قوقاة مصدر قوقى، أو عن المصادر التي كانت في الأصل أصواتا نحو صه، أو عن الظرف، أو الجار والمجرور نحو أمامك زيد وعليك زيد، فليس شيء منها دالة على أحد الأزمنة الثلاثة بحسب الوضع الأول. وخرج عنه الأفعال المنسلخة عن الزمان وهي الأفعال الجوامد كنعم وبئس وعسى وكاد لاقتران معناها بالزمان بحسب الوضع الأول، وكذا الأفعال المنسلخة عن الحدث كالأفعال الناقصة لأنها تامّات في أصل الوضع منسلخات عن الحدث، كما صرح به بعض المحققين في الفوائد الغياثية. وخرج عنه المضارع أيضا فإنه بتقدير الاشتراك بين الحال والاستقبال لا يدلّ إلّا على زمان واحد، فإنّ تعدد الوضع معتبر في المشترك ويعلم من هذا فوائد القيود في تعريف الفعل.

أَيْن

(أَيْن) ظرف مَكَان تكون استفهاما نَحْو من أَيْن لَك هَذَا وَتَكون شرطا نَحْو
(أَيْن تصرف بِنَا العداة تجدنا نصرف العيس نَحْوهَا للتلاقي)
وتزاد بعْدهَا مَا نَحْو {أَيْنَمَا تَكُونُوا يدرككم الْمَوْت}
أَيْن
الجذر: أ ي ن

مثال: منزلك أَيْن؟
الرأي: مرفوضة
السبب: لتأخير أداة الاستفهام.

الصواب والرتبة: -أَيْن منزلك؟ [فصيحة]-منزلك أَيْن؟ [صحيحة]
التعليق: يشيع الأسلوب المرفوض بين المعاصرين وهو ما ظاهره خروج أداة الاستفهام عن صدارتها. وقد أجاز مجمع اللغة المصري -في دورته الحادية والخمسين- هذا الاستعمال على أن اسم الاستفهام وقع صدرًا في جملته التي حذف ركنها أو حذفت برمتها، وقد ورد لهذا الاستعمال نظائر منها قوله تعالى: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً} التوبة/8، وقول الشاعر:
ومن أنتمُ إنا نسينا مَنَ انْتُمُ
وقول الأعرابي للمؤذن -حين قال: أشهد أنَّ محمدًا رسولَ الله- ويحك! يفعل ماذا؟
أَيْن
: ( {الأَيْنُ: الإِعْياءُ) والتَّعَبُ؛ قالَ كعْبٌ، رضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ:
فِيهَا على الأَيْنِ إِرْقالٌ وتَبْغيلُ قالَ أَبو زيْدٍ: لَا يُبْنى مِنْهُ فِعْلٌ، وَقد خُولِفَ فِيهِ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
وقالَ أَبو عُبَيْدَةَ: لَا فِعْل لَهُ.
وقالَ الليْثُ: لَا يشتَقُّ مِنْهُ فِعْل إِلاَّ فِي الشِّعْر.
وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ:} آنَ {يَئِينُ} أَيْناً مِن الإِعْياءِ؛ وأَنْشَدَ:
{إِنَّا ورَبِّ القُلُص الضَّوامِرِ قالَ: إِنَّا أَي أَعْيَينا.
قُلْتُ: ووَجَدْتُ فِي هامِشِ الصِّحاحِ مَا نَصّه: قالَ الأَصْمعيُّ: يصرَّفُ الأَيْنِ، وأَبو زيْدٍ لَا يصرِّفُه قالَ أَبو محمدٍ: لم يصرَّفِ الأَيْن إلاَّ فِي بيتٍ واحِدٍ وَهُوَ:
قد قلت للصَّباحِ والهَواجِرِإنَّا ورَبِّ القُلُص الضِّوامِرِ الصّباحُ: الَّتِي يقالُ لَهَا ارْتَحل فقد أَصْبَحْنا، والهَواجِرُ الَّتِي يقالُ لَهُ سِرْ فقدِ اشْتَدَّتِ الهاجِرَةُ} وإنَّا مِنَ الأَيْنِ.
(و) الأَيْنُ: (الحيَّةُ) ، مثْلُ الأَيْمِ، نونُه بَدَلٌ من اللامِ.
وقالَ ابنُ السِّكِّيت: الأَيْنُ والأَيْمُ الذَّكرُ مِن الحيَّاتِ.
وقالَ أَبو خَيْرَةَ:! الأُيونُ والأُيومُ: جماعَةٌ.
(و) الأَيْنُ: (الرَّجلُ والحِمْلُ) ؛) عَن اللحْيانيِّ.
(و) الأَيْنُ: (الحِينُ.
(و) الأَيْنُ: (مَصْدَرُ {آنَ} يَئِينُ، أَي حانَ) .) يقالُ: آنَ لكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا يَئِينُ {أَيْناً؛ عَن أَبي زيْدٍ؛ أَي حانَ، مثْلُ أَنَّى لكَ وَهُوَ مَقْلوبٌ مِنْهُ؛ وأَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيت:
أَلَمَّا} يَئِنْ لي أَنْ تُجَلَّى عِمايَتيوأُقْصِرَ عَن لَيْلى؟ بَلَى قد أَنى لِيافجمَعَ بينَ اللُّغَتَيْن؛ كَذَا فِي الصِّحاحِ.
(و) {آنَ (} أَيْنُكَ، ويُكْسَرُ) ، وعَلى الفتْحِ اقْتَصَرَ الجوْهرِيُّ؛ ونَقَلَه ابنُ سِيْدَه.
(و) آنَ ( {آنُكَ) ، أَي (حانَ حِينُكَ) .
(وَفِي المُحْكَم: أَنَّ آنَ أَيْناً لُغَةٌ فِي أَنى، وليسَ بمقْلُوب عَنهُ لوُجودِ المَصْدرِ.
قُلْتُ: وَقد عَقَدَ لَهُ ابنُ جنِّي، رحِمَه اللَّهُ تعالَى، بَابا فِي الخَصائِصِ قالَ: بابٌ فِي الأَصْلَيْن يَتَقارَبَانِ فِي التَّرْكيبِ بالتَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ، وَإِن قصرَ أَحَدُهما عَن تصرّف صاحِبِه كانَ أَوْسَعهما تصرُّفاً أَصْلاً لصاحِبِه، وذلِكَ كقوْلِهم: أَنى الشيءُ يأْنَى،} وآنَ {يَئِينُ،} فآنَ مَقْلوبٌ عَن أَنى لوُجودِ مَصْدَر أَتَى يأَنَى وَهُوَ الإِناءُ، وَلَا تَجِد لآنَ مَصْدراً، كَذَا قالَهُ الأَصْمعيُّ فأمَّا {الأَيْنُ فليسَ مِن هَذَا فِي شيءٍ إنَّما الأَيْنُ الإِعْياءُ والتَّعَبُ، فلمَّا تقدَّمَ آنَ المَصْدَر الَّذِي هُوَ أَصْلٌ للفِعْل عُلِمَ أَنَّه مَقْلوبٌ عَن أَنى يأْنَى إِنَاء؛ غَيْر أنَّ أَبا زيْدٍ، رحِمَه اللَّهُ حَكَى} لآنَ مَصْدراً وَهُوَ! الأَيْنُ، فَإِن كانَ الأَمْرُ كذلِكَ فهُما إِذا مُتَساوِيان وليسَ أَحَدهما أَصْلاً لصاحِبِه، اه.
وجَزَمَ السّهيليّ فِي الرَّوْض بأَنَّ آنَ مَقْلوبٌ مِن أَنَى مُسْتدلاًّ بقَوْلِهم: آنَاء اللّيْلِ واحِدُه أَنى وأنى وانى. فالنُّون قيل فِي كلِّ هَذَا وفيمَا صرف مِنْهُ.
وقالَ البَكْرِيُّ، رحِمَه اللَّهُ تعالَى فِي شرْحِ أَمالِي القالِي: آنَ أَنى: حانَ، وآنَ أَصْلُه الواوُ، ولكنَّه مِن بابِ يَفْعل كوَلِيَ يَلِي، وجاءَ المَصْدرُ بالياءِ ليطردَ على فِعْلِه.
قالَ شيْخُنا، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُه كوَلِيَ يَلِي ودَعْوى كَوْنه واويًّا فِيهِ نَظَرٌ ظاهِرٌ ومُخالفَةٌ للقِياسِ.
( {وأَيْنَ: سؤالٌ عَن مكانٍ) إِذا قلْتَ:} أَيْنَ زَيْدٌ فإنَّما تَسْأَلُ عَن مكانِهِ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ. وَهِي مُغْنيةٌ عَن الكَلامِ الكَثيرِ والتَّطْويلِ، وذلِكَ أَنَّك إِذا قلْتَ أَيْنَ بَيْتُك؟ أَغْناكَ ذلِكَ عَن ذِكْرِ الأَماكِنِ كلِّها، وَهُوَ اسمٌ لأنَّك تقولُ مِن أَيْنَ.
قالَ اللّحْيانيُّ: هِيَ مُؤَنَّثَة وإنْ شِئْتَ ذكَّرْتَ.
وقالَ اللّيْثُ: {الأيْنُ: وَقْتٌ مِن الأمْكِنَةِ، تقولُ: أَيْنَ فلانٌ فيكونُ مُنْتَصباً فِي الحالاتِ كلِّها مَا لم تَدْخُلْه الألِفُ واللامُ.
وقالَ الزجَّاجُ: أَيْنَ وكيفَ حَرْفانِ يُسْتَفْهَمُ بهما، وكانَ حقُّهما أَنْ يكونَا مَوْقوفَيْن، فحُرِّكا لاجْتِماعِ السَّاكِنَيْن، ونُصِبا وَلم يُخْفَضا من أَجْلِ الياءِ، لأنَّ الكسْرَةَ على الياءِ تَثْقُل والفتْحةُ أَخَفُّ.
وقالَ الأَخْفَش فِي قوْلِه تَعَالَى: {وَلَا يُفْلِحُ الساحِرُ حَيْثُ أَتَى} ، فِي حَرْف ابنِ مَسْعودٍ أَينَ أَتَى.
(} وأَيَّانَ، ويُكْسَرُ، مَعْناهُ: أَيُّ حِينٍ) ، وَهُوَ سُؤالٌ عَن زَمانٍ مِثْل مَتى. قالَ اللَّهُ تَعَالَى: { {أَيَّانَ مُرْسَاها} .
والكَسْرُ: لُغَةٌ لبَني سُلَيْم، حَكَاها الفرَّاءُ، وَبِه قَرَأَ السُّلَميُّ: {} إيَّانَ يُبْعَثونَ} ؛ كَذَا فِي الصِّحاحِ؛ وَقد حَكَاها الزجَّاجُ أَيْضاً.
وَفِي المحتسبِ لابنِ جنِّي: يَنْبَغي أنْ يكونَ أَيَّانَ من لَفْظِ أَيّ لَا مِن لَفْظِ أَي، لأَمْرَيْن: أَحَدُهما: أنَّ أَيْنَ مَكانٌ، {وأَيَّانَ زَمانٌ، وَالْآخر قلَّة فعال فِي الأَسْماءِ مَعَ كثر فعلان، فَلَو سمّيت رَجُلاً} بأَيَّان لم تَصْرفْه لأَنَّه كحمدان، ولسْنَا نَدَّعِي أَنَّ أَيا يحسنُ اشْتِقاقها، أَو الاشْتِقاقُ مِنْهَا، لأنَّها مَبْنيَّةٌ كالحَرْفِ، أَو أنَّها مَعَ هَذَا اسمِ، وَهِي اخْتُ أَيَّان وَقد جازَتْ فِيهَا الإِمالَةُ الَّتِي لَا حَظّ للحُرُوفِ فِيهَا، وإنَّما الإمالَةُ للأَفْعالِ وَفِي الأسْماءِ إِذا كانتْ ضَرْباً من التَّصَرّفِ، فالحَرْف لَا تصرف فِيهِ أَصْلاً، ومَعْنى أَي أنَّها بعضٌ من كلَ، فَهِيَ تَصْلُحُ للأَزْمِنَةِ صَلاحها لغيرِها إِذا كانَ التَّبْعِيضُ شامِلاً لذلِكَ كُلّه؛ قالَ أُميَّةُ:
والناسُ راثَ عَلَيْهِم أمرُ يَوَمَهُمفكُلّهُمْ قائلٌ للدّينِ {أَيّانا فَإِن سميت} بأَيَّانَ سَقَطَ الكَلامُ فِي حسن تَصْرِيفِها للحاقِها بالتّسْمِيةِ ببَقِيَّة الأَسْماءِ المُتَصرِّفَة.
(وأَبو بكْرٍ أَحمدُ بنُ محمدِ بنِ) أَبي القاسِمِ بنِ (أَيَّانَ الدُّشْتِيُّ: مُحَدِّثٌ مُتَأَخِّرٌ) ، حدَّثَ عَن أَبي القاسِمِ بنِ رَواحَةَ، وسَمِعَ الكثيرَ بإفادَةٍ خالِهِ محْمود الدُّشْتِي، قالَهُ الحافِظُ.
( {والآنُ) :) اسمُ (الوَقْتِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ) ، فهُما عنْدَه مُتَرادِفان.
وقالَ الأَنْدَلسِيُّ فِي شرْحِ المُفصَّل: الزَّمانُ مَا لَهُ مقْدارٌ، ويَقْبَل التَّجْزِئةَ.
والآنَ: لَا مقْدَار لَهُ، وَهُوَ اسمُ الوَقْتِ الحاضِرِ المُتَوَسّط بينَ الــماضِي والمُسْتَقْبلِ؛ قالَهُ الجوْهرِيُّ؛ وَهُوَ (ظَرْفٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ وَقَعَ مَعْرِفَةً وَلم تدْخُلْ عَلَيْهِ أَلْ للتَّعْرِيفِ، لأنَّه ليسَ لَهُ مَا يَشْرَكُهُ) .
(قالَ ابنُ جنِّي فِي قوْلِه تعالَى: {قَالُوا} الآنَ جئْتَ بالحقِّ} ؛ الَّذِي يدلُّ على أنَّ اللامَ فِي الآنَ زائِدَةٌ أَنَّها لَا تَخْلو إِمَّا أَنْ تكونَ للتَّعْرِيفِ كَمَا يظنُّ مُخالفُنا، أَو أَنْ تكونَ لغَيْرِ التّعْريفِ كَمَا نقولُ، فَالَّذِي يدلُّ على أنَّها لغَيْرِ التَّعْريفِ أَنَّا اعْتَبَرْنا جَمِيعَ مَا لامُه للتَّعْريفِ، فَإِذا إسقاطُ لامِه جَائِز فِيهِ، وَذَلِكَ نَحْو رَجُل والرَّجُل وغُلاَم والغُلام، وَلم يقُولُوا افْعَلْه آنَ كَمَا قَالُوا افْعَلْه الآنَ، فدلَّ هَذَا على أنَّ اللامَ ليْسَتْ فِيهِ للتَّعْريفِ بل هِيَ زائِدَة كَمَا يُزادُ غيْرُها مِنَ الحُرُوفِ.
وَقد أَطالَ الاحْتِجاج على زِيادَةِ اللَّام وأَنَّها ليْسَتْ للتَّعْريفِ بِمَا هُوَ مَذكُورٌ فِي الخَصائِصِ والمُحتسبِ.
وقالَ فِي آخِرِه: وَهَذَا رأَيُ أَبي عليَ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى، وَعنهُ أَخَذْتَه، وَهُوَ الصَّوابُ.
قالَ الجَوْهرِيُّ: (ورُبَّما فَتَحُوا اللاَّمَ وحَذَفُوا الهَمْزَتَيْنِ) .
(قالَ ابنُ بَرِّي: يعْنِي الهَمْزَة الَّتِي بَعْدَ اللامِ لنقْلِ حَرَكَتِها على اللامِ وحَذْفِها، ولمَّا تَحرَّكَتِ اللامُ سَقَطَتْ هَمْزَةُ الوَصْلِ الدَّاخِلَة على اللامِ (كقوْلِهِ) أَنْشَدَه الأَخْفَش:
وَقد كُنْتَ تُحْفِي حُبَّ سَمْراءَ حِقْبَةً (فَبُحْ! لاَنَ منْها بالذِي أَنْتَ بائِحُ) قالَ ابنُ بَرِّي: ومثْلُه قَوْل الآخر:
أَلاَ يَا هِنْدُ هِنْدَ بَني عُمَيْرٍ أَرَثَّ لاَنَ وَصْلُكِ أَم جَديدُ؟ وقالَ أَبو المِنْهالِ:
حَدَبْدَبَى بَدَبْدَبَى منْكُمْ لانْإِنَّ بَنِي فَزارَةَ بنِ ذُبْيانْقد طرقَتْ ناقَتُهُمْ بإِنْسانْمُشَنَّإِ سُبْحان رَبِّي الرحمانْأَنَا أَبو المِنْهالِ بَعْضَ الأَحْيانْليس عليَّ حَسَبي بضُؤْلانْوفي التَّهذِيبِ: قالَ الفرَّاءُ: الْآن حرفٌ بُنِيَ على الألِفِ واللامِ وَلم يُخْلَعا مِنْهُ، وتُرِك على مَذْهَب الصفةِ لأنَّه صفَةٌ فِي المعْنَى واللَّفْظِ، قالَ: وأَصْلُ الآنَ أَوَان حُذِفَ مِنْهَا الأَلِفُ وغُيِّرتْ واوُها إِلَى الألفِ كَمَا قَالُوا فِي الرَّاحِ الرّياح؛ فجعلَ الرَّاحَ والآنَ مَرَّةً على جهَةِ فَعَلٍ، ومَرَّةً على جهَةِ فَعالٍ، كَمَا قَالُوا زَمَن وزَمَان، قَالُوا: وَإِن شِئْتَ جَعَلْتَ الآنَ أَصْلها مِن قوْلِكَ آنَ لكَ أَنْ تَفْعَل، أَدْخَلْتَ عَلَيْهَا الألفَ واللامَ ثمَّ تركْتَها على مَذْهَب فَعَلَ، فأَتاها النَّصبُ مِنْ نَصْبِ فَعَل؛ قالَ: وَهُوَ وَجْهٌ جَيِّد.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
قالَ أَبو عَمْرو: أَتَيْتُه {آنِئةً بعْدَ آنِئةٍ بمعْنَى آوِنةٍ، ذكَرَه المصنِّفُ فِي أَوَنَ.
وقالَ ابنُ شُمَيْل: وَهَذَا أَوانُ الآنَ تَعْلم، وَمَا جئتا إلاَّ أَوانَ الآنَ، بنَصْبِ الآنَ فيهمَا.
وَفِي حدِيثِ ابنِ عُمَرَ، رضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (ثمَّ قَالَ: اذْهَبْ بِهَذِهِ} تَلآنَ مَعَك) .
قالَ أَبو عُبَيْدٍ: قالَ الأُمويُّ: يريدُ الآنَ وَهِي لُغَةٌ مَعْروفةٌ تُزادُ التاءُ فِي الآنَ وَفِي حِينٍ ويحذِفُونَ الهَمْزَةَ الأُولى، يقالُ: {تَلانَ وتَحينَ، وسَيَأْتي للمصنِّفِ، رحِمَه اللَّهُ فِي ت ل ن؛ وأَمَّا قوْلُ حُمَيْد بن ثَوْر:
وأَسْماء مَا أَسْماءُ لَيْلَة أَدْلَجَتْ إلَيَّ وأَصْحابي} بأَيْنَ {وأَيْنَما فإنَّه جَعَلَ أَيْنَ علما للبُقْعة مجرَّداً عَن معْنَى الاسْتِفامِ، فمَنَعها الصَّرْف للتّأْنِيثِ والتَّعْريفِ.
} والأَيْنُ: شَجَرٌ حِجازِيٌّ؛ قالتِ الخَنْساءُ:
تَذَكَّرْتُ صَخْراً أَنْ تَغَنَّتْ حَمامةٌ هَتُوفٌ على غُصنٍ من {الأيْنِ تسْجَعُ} وأَيُّونٌ، كتَنُّورٍ: قَرْيةٌ بالرَّيِّ، مِنْهَا: سهلُ بنُ الحَسَنِ بنِ محمدٍ الأَيونيُّ.
! والأَيْنُ: ناحِيَةٌ مِن نواحِي المَدينَةِ متنزهة؛ عَن نَصْر.
(فصل الْبَاء) مَعَ النُّون

لَوْلَا

(لَوْلَا)
حرف يدل على امْتنَاع شَيْء لوُجُود غَيره وَتَأْتِي على ثَلَاثَة أوجه
1 - أَن تدخل على جملتين اسمية ففعلية لربط امْتنَاع الثَّانِيَة بِوُجُود الأولى نَحْو لَوْلَا العلاج لهلك أَي لَوْلَا العلاج مَوْجُود
وَإِذا ولى (لَوْلَا) مُضْمر فحقه أَن يكون ضمير رفع نَحْو {لَوْلَا أَنْتُم لَكنا مُؤمنين} وَسمع قَلِيلا لولاي ولولاك ولولاه
2 - أَن تكون للتحضيض وَالْعرض فتختص بالمضارع أَو مَا فِي تَأْوِيله نَحْو {لَوْلَا تستغفرون الله} و {لَوْلَا أخرتني إِلَى أجل قريب}
3 - أَن تكون للتوبيخ والتنديم فتختص بالــماضي نَحْو {لَوْلَا جاؤوا عَلَيْهِ بأَرْبعَة شُهَدَاء}
وأصل (لَوْلَا) لَو ركبت مَعَ لَا وَلَا بُد لَهَا من جَوَاب مَذْكُور أَو جَوَاب مُقَدّر إِذا دلّ عَلَيْهِ دَلِيل نَحْو {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته وَأَن الله تواب حَكِيم} وتكثر اللَّام فِي جوابها إِلَّا إِذا كَانَ منفيا بلم فَيمْتَنع دُخُولهَا عَلَيْهِ أَو بِمَا فيقل دُخُولهَا عَلَيْهِ
لَوْلَا
:) ! لَوْلَا: قالَ الجَوْهري: مُرَكَّبةٌ مِن مَعْنى أَنْ ولَوْ، وَذَلِكَ أنَّ لَوْلَا تَمْنَعُ الثَّانِي مِن أَجْلِ وُجُودِ الأوَّلِ تقولُ: لَوْلَا زَيْدٌ لهَلكَ عَمْرو، أَي امْتَنَعَ وُقُوعُ الهَلاكِ مِن أجْلِ وُجُودِ زَيْد هُنَاكَ.
قَالَ ابنُ برِّي: ظاهِرُ كلامِ الجَوْهرِي يَقْضِي بأَنَّ لَوْلَا مُركَّبَةٌ مِن أَن المَفْتوحَة وَلَو، لأَنَّ لَو للامْتِناعِ وأنْ للوُجُودِ، فجَعَلَ لَوْلَا حَرْفَ امْتِناعٍ لوُجُودٍ، انتَهَى.
وَقَالَ المبرِّدُ: لَوْلَا تَمْنَعُ الشيءَ مِن أَجْلِ وُقُوعِ غيرِهِ.
وَقَالَ ابنُ كَيْسان: المَكْنِيُّ بَعْدَ لَوْلا لَهُ وَجْهان: إنْ شِئْتَ جِئْتَ بمَكْني المَرْفوع فقلْتَ لَوْلا هُوَ {ولَوْلا هُمْ ولَوْلا هِيَ ولَوْلا أَنْتَ، وإنْ شِئْتَ وصلْتَ المَكْنيَّ بهَا فَكَانَ كمَكْنِيِّ الخَفْضِ، والبَصْريّون يقولونَ: هُوَ خَفْض، والفرَّاء يقولُ. وَإِن كانَ فِي لَفْظِ الخَفْضِ فَهُوَ فِي مَوْضِعِ الرَّفْع، قالَ: وَهُوَ أَقْيَسُ القَوْلَيْن، تَقول:} لَوْلاكَ مَا قُمْتُ {ولَوْلايَ} ولَوْلاهُ {ولَوْلاهَا} ولَوْلاهُم، والأجْودُ لَوْلا أَنْتَ كَمَا قَالَ، عزَّ وجلَّ: {لَوْلَا أَنْتُم لكُنَّا مُؤْمِنِين} ؛ وَقَالَ الشاعرُ:
ومَنْزلِةٍ لَوْلايَ طِحْتَ كَمَا هَوَى
بأَجْرامِه مِن قُنَّةِ النِّيقِ مُنْهَويوأَنْشَدَ الفرَّاء:
أَيَطْمَعُ فِينا مَنْ أَراقَ دِماءَنا
! ولَوْلاهُ لَمْ يَعْرِضْ لأَحْسابِنا حَسَنْورَوَى المُنْذري عَن ثَعْلب قالَ: لَوْلا إِذا وَلِيَتِ الأسْماء كانتْ جَزَاء وَإِذا وَلِيَتِ الأفْعالَ كانتْ اسْتِفْهاماً.
وَفِي البصائِرِ للمصنِّفِ: لَوْلا على أرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
(أَحَدُها:) أَن تَدْخُلَ على جملتين اسْمِيَّةٍ ففعْلِيَّةٍ لرَبْطِ امْتِناعِ الثَّانِيَةِ بوُجُودِ الأُولى، نَحْو: لَوْلا زَيْد لأَكْرَمْتكَ، أَي لَوْلا زَيْدٌ مَوْجودٌ وأَمَّا الحديثُ: (لَوْلاَ أَنْ أَشقَّ على أُمَّتي لأَمَرْتَهم بالسّواكِ عنْدَ كلِّ صلاةٍ) ، فالتَّقْدير: لَوْلا مَخافَة أَنْ أَشقَّ لأَمَرْتَهم أَمْرَ إيجابٍ وإلاَّ لانْعَكَس مَعْناهُ إِذا المُمْتَنِع المَشَقَّة والمَوْجُودُ الأَمْر.
(الثَّاني:) تكونُ للتَّحْضيضِ والعَرض فتَخْتَص بالمُضارِعِ أَو مَا فِي تأْوِيلِه نَحْو: {لَوْلا تَسْتَغْفرونَ الله} ، و {لَوْلا أَخَّرْتَني إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} ، والفَرْقُ بَيْنهما أنَّ التَّحْضِيضَ طَلَبٌ بِحَثَ والعَرْض طَلَبٌ برِفْقٍ وتأَدّبٍ.
(الثَّالث:) تكونُ للتَّوْبيخِ والتَّنْديدِ فتَخْتَص بالــماضِي، كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَوْلا جاؤُوا عَلَيْهِ بأَرْبَعَةِ شُهداءٍ} { {فلَوْلا نَصْرهم الَّذين اتَّخَذُوا مِن دُون الله قرْباناً آلِهَةً} ؛ وَمِنْه: {} ولَوْلا إِذا سَمِعْتمُوه قُلْتُم} إلاَّ أنَّ الفِعْل أُخِّر؛ وقولُ جرير:
تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكُم
بَنِي ضَوْطَرَى لَوْلا الكَمِيَّ المُقَنَّعَاإلاَّ أنَّ الفِعْل أُضْمِر، أَي لَوْلا عَدَدْتُم أَو لَوْلا تَعُدُّونَ عَقْرَ الكَمِيّ المُقَنَّع مِن أَفْضَل مَجْدِكم، وَقد فُصلت مِن الفِعْل بإذ وَإِذا مَعْمُولَيْن لَهُ، وبجُمْلَةِ شَرْطٍ مُعْتَرِضَةٍ، فالأوَّل نَحْو: { {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُموه قُلْتُم} ؛ وَالثَّانِي والثَّالثِ: {} فلَوْلا إِذا بَلَغَت الحُلْقُوم} {فلَوْلا إِن كُنْتُم غَيْر مدينين ترجعونها} .
(الَّرابع:) الاسْتِفهامُ، نَحْو: {لَوْلا أَخَّرْتَني إِلَى أَجَلٍ قرِيبٍ} ، {لَوْلا أنزلَ إِلَيْهِ ملك} كَذَا مثلُوا والظاهِرُ أنَّ الأولى للعَرْضِ، والثانِيَة مِثْل { {لَوْلا جاؤُوا عَلَيْهِ بأَرْبَعةِ شُهداءِ} .
وَالْخَامِس: أنْ تكونَ نافِيَةً بمعْنَى لم، عَن الفرَّاء، وَمثله بقوله تَعَالَى: {} فلَوْلا كانَ مِن القُرونِ مِن قَبْلكم أُولو بَقِية يَنْهونَ} ، قَالَ: لم يَكُنْ أَحدٌ كَذلكَ إلاَّ قَلِيلا، فإنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا يَنْهون فَنَجوا، وَهُوَ اسْتِثناءٌ على الانْقِطاع ممَّا قَبْله، كَمَا قَالَ، عزَّ وجلَّ: {إلاَّ قَوْم يُونُس} ، وَلَو كانَ رَفْعاً لكانَ صَواباً، هَذَا نَصّ الفرَّاء. ومَثَّله غيرُه بقوله تَعَالَى: {فلَوْلا كَانَت قَرْيَة آمَنَتْ فنَفَعَها إيمانُها إلاَّ قَوْم يُونُس} ، والظاهِرُ أَنَّ المَعْنى على التَّوْبيخ، أَي فهَلاَّ كانتْ قَرْيَة واحِدَة مِن القُرَى المُهْلَكَة تابَتْ عَن الكُفْر قَبْل مجيءِ العَذَابِ فنَفَعَها ذلكَ، هَكَذَا فَسَّره الأَخْفَش والكِسائي وعليُّ بنُ عِيسَى والنحَّاسُ، ويُؤَيّدُه قِراءَةُ أُبيَ وعبدِ اللهِ {فهَلاَّ} ويَلْزَمُ مِن هَذَا المَعْنى النَّفْي لأنَّ التَّوْبيخَ يَقْتَضِي عَدَمُ الوُقُوعِ. وذَكَرَ الزَّمَخْشَري فِي قولهِ تَعَالَى: {فلَوْلا إِذْ جاءَهُم بأْسُنا تَضَرَّعُوا} ، جيءَ {بلَوْلا ليُفادَ أَنَّهم لم يَكُنْ لهُم عذْرٌ فِي تَرْكِ التَّضرُّعِ إلاَّ عَنَادهم وقَسْوَة قُلُوبِهم وإعْجابهم ــبأَعْمالِهم الَّتِي زَيَّنها الشَّيْطانُ لَهُم؛ وقولُ الشاعرِ:
أَلا زَعَمَتْ أَسْماء أَنْ لَا أُحبُّها
فقُلْتُ: بَلَى لَوْلا يُنازَعني شغلِقيل: إنَّها الامُتِناعِيَّة والفِعْل بَعْدَها على إضْمارِ أَن، وَقيل: لَيْسَتْ مِن أَقْسام لَوْلا بل هُما كَلِمتانِ بمنْزِلَةِ قَوْلكَ لَو لم. قَالَ ابنُ سِيدَه: وأَمَّا قولُ الشاعرِ:
} لَلَوْلا حُصَيْنٌ عَيْبَهُ أَن أَسُوءَه
وأَنَّ بَني سَعْدٍ صَديقٌ ووَالِدُفإنَّه أَكَّدَ الحَرْفَ باللاّم.

التاء

التَّاء
: ( {التَّاءُ: حَرْفُ هِجاءٍ) من حُروفِ المُعْجم، لَثَويٌّ من جوارِ مَخْرجِ الطاءِ يُمَدُّ ويُقْصَر. والنِّسْبَةُ إِلَى المَمْدودِ} تائِيٌّ، وَإِلَى المَقْصورٍ {تاوِيٌّ، والجَمْعُ} أَتْواءٌ. (وقَصِيدَةٌ) {تائِيَّةٌ؛ ويقالُ: (} تاوِيَّةٌ؛ و) كانَ أَبو جَعْفرٍ الرُّواسِيّ يقولُ ( {تَيَوِيَّةٌ) ، بالتّحْريكِ، رَوِيُّها التاءُ. وقالَ أَبو عبيدٍ عَن الأحْمر: تاوِيَّةٌ، قَالَ: وكَذلكَ أَخواتُها.
(و) قَالَ اللّحْيانيّ: يقالُ: (} تَيَّيْتُ {تَاء حَسَنَةً) ، أَي (كَتَبْتُها) ، وَهِي مِن حُروفِ الزِّيادَات.
(} والتَّاءُ المُفْردَةُ محرَّكةٌ فِي أَوائِلِ الأسْماءِ، وَفِي أَواخِرِها وَفِي أَواخِرِ الأفْعالِ، ومُسَكَّنَةٌ فِي أَواخِراها. والمُحرَّكةُ فِي أَوائِلِ الأسْماءِ حَرْفٌ جّرٍ للقَسَم) ، وَهِي بدلٌ من الواوِ كَمَا أَبْدَلُوا مِنْهَا فِي تَتْرى وتُراثٍ وتُجاهٍ وتُخمَةٍ، والواوُ بدلٌ مِن الباءِ وَلَا يَظْهَرُ مَعهَا الفِعْلُ كَمَا تقدَّمَ؛ (وتَخْتَصُّ بالتَّعَجُّبِ،، وباسْمِ اللهاِ تَعَالَى) على الصَّحِيح تقولُ: اللهاِ لأَفْعَلَنَّ كَذَا؛ (ورُبَّما قَالُوا تَرَبِّي، وتَرَبِّ الكَعْبةِ، وتالرَّحْمانِ) ، رُوِي ذلكَ عَن الأَخْفَش وَهُوَ شاذٌّ (والمُحرَّكةُ فِي أَواخِرِها حَرْفُ خِطَابٍ: كأَنْتَ وأَنْتِ) للمُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ، إنْ خاطَبْتَ مُذكّراً فَتَحْتَ وَإِن خاطَبْتَ مُؤنَّثاً كَسَرْتَ. (والمُحرَّكةُ فِي أَواخِرِ الأفْعالِ ضَمِيرٌ: كقُمْتُ) أَنا. (والسَّاكِنَةُ فِي أَواخرِها: عَلامَةٌ للتَّأْنيثِ: كقامَتْ) .
قَالَ الجَوْهرِي: وَقد تُزادُ التَّاءُ للمُؤنَّثِ فِي أَوَّلِ المُسْتَقْبل وَفِي آخرِ الــماضِي تقولُ: هِيَ تَفْعَل وفَعَلَتْ، فَإِن تَأَخَّرت عَن الاسْمِ كانتْ ضَمِيراً، وَإِن تقدَّمَتْ كَانَت عَلامَةً.
قَالَ ابنُ برِّي: تاءُ التَّأْنيثِ لَا تَخْرجُ عَن أنْ تكونَ حَرْفاً تأخَّرَتْ أَو تقدَّمَتْ.
ثمَّ قَالَ الجَوْهرِي: وَقد تكونُ ضَمِيرَ الفاعِل فِي قَوْلك: فَعَلْتُ يَسْتَوِي فِيهِ المُذكَّرُ والمُؤنَّثِ، فَإِن خاطَبْتَ مُذَكّراً فَتَحْتَ وَإِن خاطَبْتَ مُؤنَّثاً كَسَرْتَ.
(ورُبَّما وُصِلَتْ بثُمَّ ورُبَّ) يقللُ ثَمَّتَ وربَّتَ، (والأكْثَرُ تَحْرِيكُها مَعَهُما بالفتحِ) يقالُ ثَمَّتَ ورَبَّتَ، وَقد ذُكِرَ كلٌّ مِنْهُمَا فِي مَوْضِعه.
( {وتا: اسْمٌ يُشارُ بِهِ إِلَى المُؤَنَّثِ مِثْلُ ذَا) للمُذَكَّرِ، وأَنْشَدَ الجَوْهرِي للنَّابغَةِ:
هَا إنَّ} تا عِذْرَةٌ إلاّ تَكُنْ نَفَعَتْ
فإنَّ صاحِبَها قَدْ تَاهَ فِي البَلَدِفقولُه: تا إشارَة إِلَى القَصِيدَةِ، والعِذْرَةُ، بِالْكَسْرِ: اسْمٌ مِن الاعْتِذارِ، وتَاهَ: تحيَّرَ، والبَلَدُ: المَفازَةُ، وَكَانَ النابغَةُ قد هَجَا النُّعْمانَ فاعْتَذَرَ إِلَيْهِ بِهَذِهِ.
( {وتِهْ) : للمُؤَنَّثِ، (وذِهْ) : للمُذَكَّرِ، (وتانِ: للتَّثْنِيَةِ، وأُلاءُ) ، كغُرابٍ: (للجَمْعِ. وتَصْغيرْ تا:} تَيَّا) ، بالفَتْح والتَّشْديدِ، لأنَّكَ قَلَبْتَ الألِفَ يَاء وأَدْغَمْتها فِي ياءِ التَّصْغيرِ؛ قالَهُ الجَوْهرِي.
قالَ ابنُ برِّي: صَوابُه وأَدْغَمْت ياءَ التَّصْغيرِ فِيهَا، لأنَّ ياءَ التَّصْغيرِ لَا تتحرَّكُ أَبَداً، فالياءُ الأُولى فِي تَيَّا هِيَ ياءُ التَّصْغيرِ وَقد حُذِفَتْ مِن قَبْلها ياءٌ هِيَ عَيْنُ الفِعْل، وأَمَّا الياءُ المُجاورَةُ للألِفِ فَهِيَ لامُ الكَلمةِ، انتَهَى.
وَفِي الحديثِ: (إنَّ عُمَر رأَى جارِيَةً مَهْزولَةً فَقَالَ: مَنْ يَعْرفُ! تَيَّا؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُه: هِيَ واللهاِ إحْدى بَناتِك) . قالَ ابنُ الْأَثِير: تَيَّا تَصْغيرْ تا، وَهِي اسْمُ إشارَةٍ للمُؤنَّثِ، وإنَّما جاءَ بهَا مُصَغَّرةً تَصْغيراً لأمْرِ هَا، والألِفُ فِي آخرِها عَلامَةُ التّصْغيرِ وليسَتْ الَّتِي فِي مكبرِها. وَمِنْه قولُ بعضِ السَّلف: وأَخَذَ تِبْنةً مِن الأرضِ فقالَ تَيَّا مِن التَّوفيقِ خيرٌ مِن كَذَا وَكَذَا مِن العَمَلِ، انتَهَى.
وَقَالَ اللّيْث: وإنّما صارَ تَصْغير تِهِ وذِهِ وَمَا فِيهَا مِن اللُّغاتِ تَيَّا لأنَّ كَلمةَ التاءِ والذالِ مِن تِهِ وذِه كلُّ واحِدَةٍ هِيَ نَفْسٌ وَمَا لَحِقَها مِن بَعْدها فإنَّه عِمادٌ للتاءِ لكَي يَنْطقُ بِهِ اللِّسانُ، فلمَّا صُغِّرت لم تَجِد ياءُ التَّصْغيرِ حَرْفَيْن مِن أَصْلِ البِناءِ تَجِيءُ بعْدَهما كَمَا جاءَتْ فِي سُعَيْدٍ وعُمَيْرٍ، ولكنَّها وقَعَتْ بعْدَ التاءِ فجاءَتْ بَعْدَ فَتْحةٍ، والحَرْف الَّذِي قَبْل ياءِ التَّصْغيرِ بجَنْبها لَا يكونُ إلاَّ مَفْتوحاً، ووقَعَتِ التاءُ إِلَى جَنْبها فانْتَصَبَتْ وصارَ مَا بعْدَها قُوَّة لَها، وَلَا يَنْضم قَبْلها شيءٌ لِأَنَّهُ ليسَ قَبْلها حَرْفانِ، وجميعُ التَّصْغيرِ صدْرُه مَضْمومٌ والحَرْف الثَّانِي مَنْصوبٌ ثمَّ بعْدَهما ياءُ التَّصْغيرِ، ومَنَهم أَن يرْفَعُوا التاءَ الَّتِي فِي التَّصْغيرِ أنَّ هَذِه الحُروفَ دَخَلَتْ عماداً للِّسانِ فِي آخرِ الكَلِمةِ فصارَتِ التاءُ الَّتِي قَبْلها فِي غيْرِ مَوْضِعِها، لأنَّها قُلِبت للِّسانِ عماداً، فَإِذا وقَعَت فِي الحَشْو لم تَكُنْ عِماداً، وَهِي فِي تَيَّا الألِف الَّتِي كَانتْ فِي ذَا، انتَهَى.
وَقَالَ المبرِّدُ: هَذِه الأسْماءُ المُبْهمةُ مُخالِفةٌ لغيرِها فِي مَعْناها وكَثيرٍ مِن لَفْظِها، فمِن خِلافِها فِي الْمَعْنى وُقُوعها فِي كلَّما أَوْمَأْت إِلَيْهِ، وأَمَّا مُخالَفَتها فِي اللّفْظِ فإنَّها يكونُ مِنْهَا الاسْمُ على حَرْفَيْن: أَحَدُهما حرفُ لِينٍ نَحْو: ذَا وتَا، فلمَّا صُغِّرت هَذِه الأسْماءُ خُولِفَ بهَا جِهةَ التَّصْغيرِ فَلَا يعربُ المُصغَّرُ مِنْهَا وَلَا يكونُ على تَصْغيرِه دليلٌ، وأُلْحقت أَلِفٌ فِي أَواخرِها تدلُّ على مَا كانتْ تدلُّ عَلَيْهِ الضمَّة فِي غيرِ المُبْهمةِ، أَلا تَرى أنَّ كلَّ اسْمٍ تُصَغِّره من غيرِ المُبْهمةِ تَضمُّ أَوَّله نَحْو فُلَيْسٍ ودُرَيْهِمٍ؟ وتقولُ فِي تَصْغيرِ ذَا ذَيَّا، وَفِي تا تَيَّا، انتَهَى.
(و) يُقَال: ( {تَيَّاكَ} وتَيَّا لِكَ، ويَدْخُلُ عَلَيْهَا هَاء فيُقالُ) ؛ ونَصُّ الصِّحاح: ولَكَ أَنْ تُدْخِلَ عَلَيْهَا هَا التَّنْبيهِ فتقولَ؛ (هاتا) هنْد، وهاتانِ وهَؤُلاء، والتَّصْغيرُ هاتَيَّا؛ (فإنْ خُوطِبَ بهَا جاءَ الكافُ فقيلَ: {تِيكَ} وتاكَ {وتِلْكَ} وتَلْكَ، بِالْكَسْرِ وبالفتح) ، الأخيرَةُ (رَدِيئَةٌ) ، قالَهُ الجَوْهرِي؛ (وللتَّثْنِيَةِ: تالِكَ وتانِكَ، وتُشدَّدُ) النّون؛ وعَلى التَّشْديدِ اقْتَصَرَ الجَوْهرِي، قالَ: (والجَمْعُ: أُولئِكَ وأُلاكَ وأُلالِكَ) ، فالكافُ لمَنْ تخاطِبُه فِي التَّذْكيرِ والتَّأْنيثِ والتَّثْنِيةِ والجَمْع، وَمَا قَبْلَ الكافِ لمَنْ تُشِيرُ إِلَيْهِ فِي التَّذْكيرِ والتَّأْنيثِ والتَّثْنيةِ والجَمْع (وتَدْخُلُ الهاءُ على {تِيكَ} وتَاكَ فيُقالُ هاتاكَ) هِنْدٌ (وهاتِيكَ) هِنْدٌ؛ وأنْشَدَ الجَوْهرِي لعبيدٍ يَصِفُ ناقَةً: {هاتِيكَ تَحْمِلُني وأَبْيَضَ صارِماً
ومُذَرّباً فِي مارِنٍ مَحْمُوسِوقال أَبو النَّجْم:
جِئْنا نُحَيِّيكَ ونَسْتَجْدِيكَا
فافْعَلْ بِنا} هاتاكَ أَو {هاتِيكَا أَي هَذِه أَو تِلْك تَحِيَّةً أَو عَطِيَّةً، وَلَا تَدْخُلُ هَا على تِلْكَ لأنَّهم جَعَلُوا اللامَ عِوَضاً مِن هَا التَّنْبيهِ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
قَالَ ابنُ برِّي: إنَّما امْتَنَعُوا مِن دُخولِ هَا التَّنْبيهِ على ذَلكَ وتِلْكَ مِن جهَةِ أنَّ اللامَ تدلُّ على بُعْدِ المُشار إِلَيْهِ، وَهَا التَّنْبِيه تدلُّ على قُرْبِه فَتَنافَيَا وتَضادَّا.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
التاءُ تَدْخُلُ على أَوَّل المُضارِع تقولُ: أَنْتَ تَفْعَل.
وتَدْخُلُ فِي أَمْرِ الغائِبَةِ تقولُ: لتَقُم هِنْدٌ ورُبَّما أَدْخَلوها فِي أَمْرِ المُخاطَبِ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {فبذلكَ فَلْتَفْرَحُوا} ، وَقَالَ الراجزُ:
قُلْتُ لبَوَّابٍ لَدَيْه دارُها
تِيذَنْ فإنِّي حَمْؤُها وجارُهاأَرادَ لتَأْذَنَ فحذَفَ اللامَ وكَسَر التاءَ على لُغَةِ مَنْ يقولُ: أَنْتَ تِعْلَم؛ وتُدْخلُها أَيْضاً فِي أمْرِ مَا لم يُسَمَّ فاعِله فَتَقول: من زُهِيَ: لتُزْهَ يَا رَجُل، ولتُعْنَ بحاجَتِي. قالَ الأَخْفَش: إدْخالُ اللامِ فِي أَمْرِ المُخاطَبِ لُغَةٌ رَدِيئةٌ للاسْتِغناءِ عَنْهَا.
} وتَالِكَ: لُغَةٌ فِي! تِلْكَ؛ وأَنْشَدَ ابنُ السِّكيت للقُطامي يَصِفُ سَفِينَةَ نُوحٍ، عَلَيْهِ السّلام:
وعامَتْ وهْيَ قاصِدَةٌ بإذْنٍ ولَوْلا اللهاُ جارَ بهَا الجَوارُإلى الجُوديِّ حَتَّى صارَ حِجْراً وحانَ {لِتالِكَ الغُمَرِ انْحِسارُ وَهِي أَقْبَح اللُّغاتِ.

لَغْو

لَغْو
: (و (} اللُّغَةُ) ، بالضَّمِّ، وإنَّما أَطْلَقَهُ لشُهْرتِه، وَإِن اغْتَرَّ بعضٌ بالإطْلاقِ فظنَّ الفَتْح {لُغَةً فَلَا يعتدُّ بذلكَ، وأَشَارَ لَهُ شيْخُنا.
قالَ ابنُ سِيدَه: اللُّغَةُ اللِّسْنُ، وَحَدُّها أنَّها (أَصْوَاتٌ يُعَبِّرُ بِها كلُّ قومٍ عَن أَغْراضِهم) .
(وقالَ غيْرُهُ: هُوَ الكَلامُ المُصْطَلحُ عَلَيْهِ بينَ كلِّ قَبِيلٍ، وَهِي فُعْلَةٌ مِن} لَغَوْت، أَي تكلَّمْت، أَصْلُها {لُغْوة ككُرَةٍ، وقُلةٍ وثُبةٍ، لامَاتُها كُلّها واواتٌ.
وَقَالَ الجَوْهرِي: أَصْلُها لُغَيٌّ أَوْ لُغَوٌ، والهاءُ عِوَضٌ. زادَ أَبو البَقاء: ومَصْدرُه} اللَّغْوُ، وَهُوَ الطَّرْح، فالكَلامُ لكَثْرَةِ الحاجَةِ إِلَيْهِ يَرْمِي بِهِ، وحُذِفَتِ الواوُ تَخْفيفاً.
(ج {لُغاتٌ) ؛) قالَ الجَوْهرِي: وقالَ بعضُهم: سَمِعْت} لُغاتَهم، بِفَتْح التاءِ، وشبَّهها بالتاءِ الَّتِي يُوقَفُ عَلَيْهَا بالهاءِ، انتَهَى.
وَفِي المُحْكم قالَ أَبو عَمْرٍ وَلأبي خَيْرة: سمعتُ لُغاتِهم، قالَ: وَسمعت لُغاتَهم، فقالَ: يَا أَبَا خَيْرَة أُريد أَكْشَفَ منْك جِلداً جِلدُكَ قد رَقَّ، وَلم يَكُنْ أَبو عَمْرو سَمِعَها.
( {ولُغُونَ) ، بالضَّمِّ، نقلَهُ القالِي عَن ابنِ دُرَيْدٍ، ونقلَهُ الجَوْهرِي وابنُ سِيدَه.
(} ولَغَا {لَغْواً: تَكَلَّمَ) ؛) وَمِنْه الحديثُ: (مَنْ قالَ فِي الجُمعة صَهْ فقد} لَغَا) ، أَي تَكلَّم.
(و) لَغا لَغْواً: (خابَ) ؛) وَبِه فَسَّرَ ابنُ شُمَيْل حديثَ الجُمعة: فقد لَغا.
(و) لَغا (ثَريدَتَه) لَغْواً: (رَوَّاها بالدَّسَمِ) ، كلَوَّغَها.
( {وأَلْغاهُ: خَيَّبَهُ) ، رَواهُ أَبو دَاوُد عَن ابْن شُمَيْل.
(} واللَّغْوُ {واللَّغَى، كالفَتَى: السَّقْطُ وَمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ من كَلامٍ وغيرِهِ) وَلَا يُحْصَلُ مِنْهُ على فائِدَةٍ وَلَا نَفْعٍ؛ كَذَا فِي المُحْكم. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِي للعجَّاج:
عَن} اللَّغا ورَفَثِ التَّكَلُّمِ وقالَ القالِي: اللَّغا واللَّغْوُ صَوْتُ الطائِرِ؛ وكذلكَ كلُّ صَوْتٍ مُخْتَلَط؛ قالَ الجعْدِي:
كأَنَّ قَطا العَيْن الَّذِي خَلف ضارجٍ
جلاب {لَغا أَصْواتها حينَ تَقْربقالَ: الَّذِي، لأنَّه أَرادَ الماءَ.
(} كاللَّغْوَى، كسَكْرَى) ، وَهُوَ مَا كانَ من الكَلامِ غَيْر مَعْقودٍ عَلَيْهِ؛ قالَهُ الأزْهرِي.
قالَ ابنُ برِّي: وليسَ فِي كَلامِ العَرَبِ مِثْل اللَّغْو! واللَّغَا إِلاَّ قَوْلهم الأَسْوُ والأسَا، أَسَوْتُه أَسْواً وأَساً أَصْلَحْته.
قُلْت: ومثْلُه النَّجْو والنَّجا للجلدِ، كَمَا سيأتِي. (و) اللَّغْوُ واللَّغا: (الشَّاةُ لَا يُعْتَدُّ بهَا فِي المُعامَلَةِ) ، وَقد {أَلْغَى لَهُ شَاة، وكلُّ مَا أُسْقِط فَلم يُعْتَد بِهِ} مُلْغًى؛ قَالَ ذُو الرُّمّة:
ويَهْلِكُ وَسْطَها المَرئيُّ {لَغْواً
كَمَا} أَلْغَيْتَ فِي الدِّيَةِ الحُوارَاوفي الصِّحاح: اللَّغْوُ مَا لَا يُعَدُّ مِن أَوْلادِ الإِبِلِ فِي ديَّةٍ أَو غيرِها لصِغَرِها؛ وأَنْشَدَ البَيْتَ المَذْكُور.
قالَ ابنُ سِيدَه: عَمِله لَهُ جريرٌ، فلَقِيَ الفَرَزْدقُ ذَا الرُّمَّة فقالَ: أَنْشِدني شِعْرَك فِي المَرَئيِّ، فأَنْشَدَه، فلمَّا بَلَغَ هَذَا البَيْتَ قالَ لهُ الفَرَزْدقُ: حَسِّ أَعِدْ عليَّ، فأَعادَ، فقالَ: لاكَها واللَّه مَنْ هُوَ أَشدُّ فَكَّين مِنْك.
(و) معْنَى قَوْله تَعَالَى: { (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ {باللَّغْوِ) فِي أَيْمَانِكُم} . (أَي) لَا يُؤَاخِذُكُم (بالإِثْمِ فِي الحَلِفِ إِذا كَفَّرْتُم) ؛) كَمَا فِي المُحْكم.
وَفِي النهايةِ: اللَّغْوُ سُقوطُ الإِثْمِ عَن الحالِفِ إِذا كفَّرَ يَمِينَه.
وَفِي الصِّحاح: اللَّغْوُ فِي الأَيْمانِ مَا لَا يُعْقَدُ عَلَيْهِ القَلْب كقوْلِ الرَّجُل فِي كَلامِه: بَلَى واللَّهِ وَلَا واللَّهِ.
وَفِي التهذيبِ حَكَاه الفرَّاء عَن عائِشَةَ، رضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهَا قَالَ: وَهُوَ مَا يَجْرِي فِي الكَلامِ على غيرِ عَقْدٍ، قالَ: وَهُوَ أَشْبَه مَا قيل فِيهِ مِن كلامِ العَرَبِ.
وقالَ الحرالي: اللَّغْوُ مَا تسبقُ إِلَيْهِ الأَلْسِنَة مِن القَوْلِ على غَيْرِ عَزْم قصدَ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الرَّاغِبُ: اللَّغْوُ مِن الكَلامِ مَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُورَدُ عَن رَوِيَّةٍ وفَكْرٍ، وَهُوَ صَوْتُ العَصافِيرِ ونحوِها مِن الطُّيورِ.} ولَغا الرَّجُلُ: تكلَّم باللَّغْوِ، وَهُوَ اخْتِلاطُ الكَلامِ، ويُسْتَعْملُ اللَّغْوُ فيمَا لَا يُعْتدُّ بِهِ، وَمِنْه اللّغْوُ فِي الأَيْمانِ أَي مَا لَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ القَلْب وذلكَ مَا يَجْرِي وَصْلاً للكَلامِ بضَرْبٍ مِن العادَةِ كَلا واللَّهِ وبَلَى واللَّهِ. قالَ: وَمن الفرقِ اللطيفِ قولُ الخليلِ: اللَّغْطُ كَلامٌ بشيءٍ ليسَ من شأْنِك والكذِبُ كَلامٌ بشيءٍ تغرُّبه، والمحالُ كلامٌ بشيءٍ مُسْتَحيلٍ، والمُسْتقيمُ كلامٌ بشيءٍ مُنْتَظمٌ، {واللّغْوُ كلامٌ بشيءٍ لم تُرِدْه، انتَهَى.
وَفِي التهذيبِ: قالَ الأصْمعي: ذَلِك الشَّيْء لكَ لَغْواً} ولَغاً ولَغْوَى، وَهُوَ الشيءُ الَّذِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ.
وقالَ ابنُ الأعْرابي: لَغَا إِذا حَلَفَ بيمينٍ بِلا اعْتِقادٍ.
وَفِي الصِّحاح: لَغَا {يَلْغُو لَغْواً، أَي قالَ باطِلاٍ. يقالُ:} لَغَوْتُ باليمينِ.
وقالَ ابنُ الْأَثِير: قيلَ {لَغْوُ اليمينِ هِيَ الَّتِي يَحْلفُها الإنْسانُ ساهِياً أَو ناسِياً، أَو هُوَ اليَمِينُ فِي المَعْصِيَةِ، أَو فِي الغَضَبِ، أَو فِي المِراءِ، أَو فِي الهَزْلِ.
(} ولغَى فِي قوْلِه، كسَعَى ودَعا ورَضِيَ) ، يَلْغو لَغْواً {ويَلْغَى، الأُوْلى عَن الليْثِ، (} لَغاً {ولاغِيةً} ومَلْغاةً) :) أَي (أَخْطَأَ) ؛) أَنْشَدَ ابنُ برِّي لعبدِ المسيحِ بنِ عسلة:
باكَرْتُه قَبْلَ أَن {تَلْغَى عَصافِرُه
مُسْتَحْفِياً صاحِبي وَغَيره الحافِيقالَ: هَكَذَا رُوِي تَلْغَى، وَهُوَ يدلُّ على أنَّ فِعْلَه لَغا إلاَّ أَن يقالَ فُتِح لحرْف الحَلْق، فيكونُ ماضِيَــه لَغا ومُضارِعُه يَلْغُو ويَلْغَى،} فاللاَّغِيَةُ هُنَا مَصْدَرٌ بمعْنَى اللّغْوِ كالعاقِبَةِ، والجَمْعُ! اللَّواغِي، كَراغِيَةِ الإِبِلِ ورَواغِيها.
وَفِي الحديثِ: (والحَمُولَةُ المائِرةُ لَهُم {لاغيةٌ) ، المائِرَةُ: الإِبِلُ الَّتِي تَحمِل المِيرةَ،} ولاغِيةٌ: أَي {مُلْغاة لَا يُلْزَمون عَلَيْهَا صَدَقَة.
وَفِي حديثِ سَلْمان: (إيَّاكُم} ومَلْغاةَ أَوَّلِ الليلِ) ، يريدُ السَّهَر فِيهِ فإنَّه يَمْنَعُ مِن قِيامِ الليلِ؛ مَفْعَلَةٌ من اللَّغْوِ بمعْنَى الباطِلِ.
وقُرِىءَ: {والغَوْا فِيهِ} . والغُوا فِيهِ، بالفَتْح وَالضَّم.
(وكلمةٌ لاغِيَةٌ) :) أَي (فاحِشَةٌ) ؛) وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {لَا تسْمَع فِيهَا لاغيةً} : قالَ ابنُ سِيدَه: وأُراهُ على النَّسَبِ، أَي ذَات {لَغْوٍ؛ وإِلَيْه ذَهَب الجَوْهرِي وقالَ: هُوَ مثْلُ تامِرٍ ولابنٍ لصاحِبِ التمْرِ واللَّبَنِ.
وقالَ الأزْهرِي: كلمةٌ لاغيةٌ، أَي قَبيحةٌ أَو فاحِشَةٌ.
وقالَ قُتادَةُ فِي تفْسِيرِ الآيةِ: أَي باطِلاً؛ وقالَ مجاهدٌ: أَي شَتْماً.
(} واللَّغْوَى) ، كسَكْرَى: (لَغَطُ القَطَا) ؛) وأَنْشَدَ ابنُ سِيدَه للرَّاعي:
صُفْرُ المَناخِرِ {لَغْواها مُبَيَّنَةٌ
فِي لُجَّةِ اللَّيْل لمَّا رَاعَها الفَزَعُ (} ولَغِيَ بِهِ، كرَضِيَ، لَغاً) :) إِذا (لَهِجَ بِهِ) ؛) كَمَا فِي الصِّحاح والمُحْكم؛ زادَ الرَّاغبُ: لَهِجَ العُصْفُورُ {بلَغاهُ؛ وَمِنْه قيلَ للكَلام الَّذِي تَلْهَجُ بِهِ فرقَةٌ:} لُغَةٌ، واشْتِقاقُه مِن ذلكَ.
وَفِي كتابِ الْجِيم:! لَغِيَ بِهِ لَغاً: أُولِعَ بِهِ.
(و) لَغِيَ (بالماءِ) ؛) وَفِي الصِّحاح بالشَّرابِ، إِذا (أَكْثَرَ مِنْهُ) ؛) زادَ ابنُ سِيدَه: (وَهُوَ لَا يَرْوَى مَعَ ذلكَ. (و) قالَ أَبو سعيدٍ: إِذا أَرَدْتَ أَنْ تَنْتَفِعَ بالإعْرابِ ف ( {اسْتَلْغِ العَرَبَ) ، أَي (اسْتَمِعْ لُغاتِهِم من غيرِ مَسْأَلَة) .
(وَفِي الأساسِ: وَإِذا أَرَدْتَ أَن تَسْمَعَ مِن الأعْرابِ} فاسْتَلْغِهم أَي اسْتَنْطِقْهم، فعلى هَذَا القَوْل السِّيْن للطَّلب.
(وقولُ الجَوْهرِي لنُباح الكَلْبِ: لَغْوٌ، واسْتِشْهَادُهُ بالبَيْتِ باطِلٌ. وكِلابٌ فِي البَيْتِ هُوَ ابنُ ربيعَةَ بنِ عامِرٍ) بنِ صَعْصَعة، (لَا جَمْعُ كَلْبٍ) .
(قُلْت: نَصّه فِي الصِّحاح: ونُباحُ الكَلْبِ لَغْوٌ أَيْضاً، وقالَ:
فَلَا {تُلغَى لغَيْرِهِمِ كِلابُ أَي لَا تُقْتَنَى كِلاب غَيْرِهم؛ كَذَا وُجِدَ بخطِّه، وَفِي بعضِ النسخِ: أَي لَا تُعْتَنَى كِلابُ غيرِهم.
قَالَ شيْخُنا: والبَيْتُ نَسَبُوه لناهِضٍ الكِلابي وصَدْرُه:
وقُلْنا للدَّلِيلِ: أَقِمْ إِلَيْهِم ورَواهُ السِّيرافي عَن أَبيهِ مِثْل روايَةِ الجَوْهرِي، قالَ: وَقد غَلَّطُوه وَقَالُوا: الرِّوايَة} تَلْغَى بفَتْح التاءِ ومَعْناه تُولَعُ.
قُلْت: وَهَكَذَا هُوَ فِي نسخِ الصِّحاح بفَتْح التاءِ، ويُرْوَى بغَيْرِهم؛ وأَمَّا قولُ المصنِّف لَا جَمْع كَلْب فَهُوَ غَرِيبٌ.
وَقَالَ ابْن القطَّاع:! ولَغِيتُ بالشيءِ لَهِجْتُ بِهِ؛ قالَ:
فَلَا تَلْغَى بغَيْرِهِم الرِّكابُ فتَأَمَّل.
وقَرَأْتُ فِي كتابِ الأغاني لأَبي الفَرَج الأصْبَهاني فِي ترْجمةِ ناهِضٍ مَا نَصّه: هُوَ ابنُ ثومَةَ بنِ نصيحِ بنِ نَهِيكِ بنِ إبامِ بنِ جهضَمِ بنِ شهابِ بنِ أنسِ بنِ ربيعَةَ بنِ كَعْبِ بنِ أَبي بكْرٍ بنِ كِلابٍ، شاعِرٌ بَدَوِيٌّ فصيحُ اللِّسانِ مِن شُعَراءِ الدَّولةِ العبَّاسيَّةِ، وَكَانَ يقدمُ البَصْرَة فيُكْتَبُ عَنهُ شِعْره وتُؤْخَذُ عَنهُ اللُّغَةُ. رَوَى ذلكَ عَنهُ الرِّياشي وغيرُهُ مِن البَصْرِيِّين، ثمَّ قالَ: أَخْبَرني جَعْفرُ بنُ قدامَةَ الكاتِبُ: حدَّثَني أَبو هفَّان: حدَّثَني غديرُ بنُ ناهِضِ بنِ ثومَةَ الكِلابي قالَ: كانَ شاعِرٌ من بَني نُمَيْر يقالُ لَهُ رأْسُ الكبشِ قد هَجَا عُمارَةَ بنَ عقيلِ بنِ بِلالِ بنِ جريرٍ زَمَانا فلمَّا وَقَعَتِ الحرْبُ بَيْنَنا وبينَ نُمَيْر قالَ عمارَةُ يحرِّضُ كَعْباً وكِلاباً ابْنَيْ ربيعَةَ على بَني نميرٍ:

رأيتكما يَا ابنَيْ ربيعَة خُرْتُما
وغرّدتما والحربُ ذَات هديرفي أَبياتٍ أخر. قالَ: فارْتَحَلَتْ كِلابُ حينَ أَتاها هَذَا الشِّعْر حَتَّى أَتوا نميراً، وَهِي بهَضَباتٍ يقالُ لهنَّ واردات، فقَتَلُوا واجْتَاحُوا وفَضَحُوا نميراً ثمَّ انْصَرَفُوا، فقالَ ناهضُ بنِ ثومَةَ يُجيبُ عمارَةَ عَن قَوْله:
يُحضضنا عُمارة فِي نميرٍ
لشغلهم بِنَا وَبِه أرابواسلوا عَنَّا نميراً هَل وقعنا
ببرزتها الَّتِي كَانَت تَهابُألم تخضع لَهُم أَسَدٌ ودانت
لَهُم سعد وضبة والربابُونحن نكرُّها شُعْثاً عَلَيْهِم
عَلَيْهَا الشِّيبُ منا والشبابُرعينا من دِمَاء بني قُرَيعٍ
إِلَى القَلْعين أَيهمَا اللبابُصبحناهم بأرعن مكفهّرٍ
يدب كَأَن رايته عقابُ أخش من الصواهل ذِي دويَ
تلوح الْبيض فِيهِ والحرابُفأشعلَ حِين حلّ بواردات
وثارَ لنقعه ثَمَّ انتصابُصبحناهم بهَا شُعْث النواصي
وَلم يُفتقْ من الصُّبْح الحجابُفلم تُغمد سيوف الْهِنْد حَتَّى
تعيلت الحليلةُ والكِعابُانتَهَى. والبَيْتُ الَّذِي ذَكَرَه الجَوْهرِي مِن هَذِه القصيدَةِ إلاَّ أنِّي لم أَجِدْه فِيهَا فِي نسخةِ الأغاني وسِياقُه دالٌّ على أنَّ المُرادَ بكِلابٍ فِي قوْله القَبيلَة لَا جَمْع كَلْب، وَهُوَ ظاهِرٌ، واللَّهُ أَعْلَم.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
لغى بشيءٍ: لَزِمَهُ فَلم يُفارِقُه.
والطَّيْرُ تَلْغَى بأَصْواتِها: أَي تَنْغَم.
{واللَّغْوُ: الباطِلُ؛ عَن الإِمَام البُخارِي وَبِه فَسَّر الآيَةَ: {وَإِذا مَرّوا باللَّغْو} } وألْغَى هَذِه الكَلِمَة: رَآهَا بَاطِلا وفضْلاً، وَكَذَا مَا {يُلْغَى مِن الحِسابِ.
} وأَلْغاهُ: أَبْطَلَه وأَسْقَطَه وأَلْقَاهُ. ورُوِي عَن ابنِ عبَّاس: أنَّه {أَلْغَى طَلاقَ المُكْرَه.
} واسْتَلغاهُ: أَرادَهُ على اللّغْوِ؛ وَمِنْه قولُ الشاعرِ:
وَإِنِّي إِذا {اسْتَلْغانيَ القَوْمُ فِي السُّرَى
بَرِمْتُ فأَلْفَوْني على السرِّ أَعْجَماويقالُ: إنَّ فَرَسَكَ} لمُلاغِي الجَرْيِ: إِذا كانَ جَرْيُه غَيْرَ جَرْيٍ جِدَ، قالَ:
جَدَّ فَلَا يَلْهو وَلَا {يُلاغِي وَفِي الأساسِ:} المُلاغَاةُ: المُهازَلَةُ. وَهُوَ {يُلاغِي صاحِبَه؛ وَمَا هَذِه} المُلاغَاة؟ {واللّغَى: الصَّوْتُ، مثْلُ الوَغَى؛ نقلَهُ الجَوْهرِي؛ وزادَ فِي كتابِ الجيمِ: هُوَ بلُغَةِ الحِجازِ.
ولَغَى عَن الطَّريقِ وَعَن الصَّوابِ: مالَ، وَهُوَ مجازٌ.
واللّغَى:} الإلْغاءُ، كَمَا فِي كتابِ الجيمِ، يريدُ أنَّه بمعْنَى {المُلْغَى. يقالُ:} أَلْغَيْته فَهُوَ {لَغًى.
والنِّسْبَةُ إِلَى اللّغَةِ} لُغَوِيٌّ، بِضَم فَفتح، وَلَا تَقُلْ لَغَوِيٌّ، كَمَا فِي الصِّحاح.
{واللُّغَى، بِضَم مَقْصور، جَمْعُ لُغَةٍ كبُرةٍ وبُرًى؛ نقلَهُ الجَوْهرِي فِي جُموع اللُّغَةِ.
والعَجَبُ من المصنِّفِ كيفَ أَهْملَهُ هُنَا وذَكَرَه فِي أَوَّل الخُطْبةِ فقالَ: مَنْطقُ البُلَغاءِ} باللّغَى فِي البَوادِي فَتَنبَّه.
{واللَّغاةُ، بِالْفَتْح: الصَّوْتُ.

عَسى

(عَسى) النَّبَات عسيا وعسيا وعساء عسا
و (عَسى) فعل يُفِيد الرَّجَاء وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {عَسى ربكُم أَن يهْلك عَدوكُمْ}
عَسى
: (ي ( {عَسَى) :) قيل: (فِعْلٌ مُطْلَقاً، أَو حَرْفٌ مُطْلقاً) .
(قالَ شيخُنا: كِلا القَوْلَيْن غَيْرُ محرَّرٍ، بل عَسَى فِيهَا تَفْصِيل الحَرْفِيَّة إِذا دَخَلَتْ على ضمِيرٍ مُتَّصلٍ} كعَساهُ، وَهُوَ مَذْهبُ سِيْبَوَيْه وجماعَةٍ، وفِعْلٌ مِن أَفْعالِ المقارَبَةِ إِذا دَخَلَتْ على ظاهِرٍ كَمَا هُوَ رأْيُ المبرِّدِ والأخْفَش وغيرِهِما، ولكلَ مِن الاسْتِعْمالَيْن شُرُوطٌ فِي التَّسْهيلِ وشُرُوحِه؛ وكَلامُ المصنِّفِ غايَةٌ فِي القُصُورِ والتَّقْصيرِ وعَدَمُ التَّحريرِ فَلَا يُعْتَدُّ بهِ، انتَهَى.
(للتَّرَجِّي فِي المحْبُوبِ والإشْفاقِ فِي المَكْرُوهِ، واجْتَمَعا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {! وعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئا} (الآيَةَ) .
(قالَ الجَوْهريُّ: وعَسَى من أَفْعالِ المُقارَبةِ، وَفِيه طَمَعٌ وإشْفاقٌ، وَلَا يَتَصرَّفُ لأنَّه وَقَعَ بلفْظِ الــماضِي لمَا جاءَ فِي الحالِ، تقولُ: عَسَى زيدٌ أَنْ يَخْرُجَ، فَزَيْدٌ فاعِلُ عَسَى وأَنْ يَخْرُجَ مَفْعولُها، وَهُوَ بمعْنَى الخرُوجِ إلاَّ أنَّ خبرَهُ لَا يكونُ اسْماً، لَا يقالُ: عَسَى زيْدٌ مُنْطَلِقاً، انتَهَى.
وَقَالَ الراغبُ: عَسَى طَمَعٌ وتَرَجَ، وكثيرٌ مِن المُفَسِّرين فسَّرُوا عَسَى ولعلَّ فِي القُرْآن باللازِمِ وَقَالُوا: إنَّ الطَّمَعَ والرَّجاءَ لَا يصحُّ من اللهِ تَعَالَى، وَهُوَ قُصُورٌ، وَذَلِكَ أنَّ اللهَ تَعَالَى إِذا ذَكَرَ ذلكَ فذَكَرَه ليكونَ الإنْسانُ مِنْهُ على رَجاءٍ، لَا أَن يكونَ هُوَ تَعَالَى راجِياً، قالَ الله تَعَالَى: {عَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئا وَهُوَ خيرٌ لكُم} الآيَة.
(و) تَأْتِي (للشَّكِّ واليَقينِ) ؛) شاهِدُ اليَقِين قولُ ابنِ مُقْبل:
ظَنِّي بهم! كعَسى وهم بِتَنُوفَةٍ
يَتَنازَعُونَ جوائِزَ الأمْثالِ (وَقد تُشَبَّهُ بكادَ) ، ويُسْتَعْملُ الْفِعْل بَعْده بغَيْر أَنْ، قَالُوا: عَسَى زَيْدٌ يَنْطَلقُ؛ قَالَ الشاعرُ:
عَسَى اللهُ يُغْني عَن بلادِ ابنِ قارِبٍ
بمُنْهَمِرٍ جَوْنِ الرَّبابِ سَكُوب (و) عَسَى (مِنَ اللهِ إيجابٌ) فِي جمِيعِ القُرْآن إلاَّ قَوْله تَعَالَى: {عَسَى ربُّه ان طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَه أَزْواجاً} ؛ وقالَ أَبو عبيدَةَ جاءَ على إحْدى لُغَتَي العَرَبِ لأنَّ عَسَى فِي كلامِهم رَجاءٌ ويقِينٌ، كَمَا فِي الصِّحاح.
(و) تكونُ (بمَنْزِلَةِ كانَ فِي المَثَلِ السَّائِرِ: عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً) ، لم تُسْتَعْمل إلاَّ فِيهِ.
قالَ الجوهريُّ: وَهُوَ شاذٌّ نادِرٌ، وَضَعَ أَبْؤُساً مَوْضِعَ الخَبرِ، وَقد يَأْتِي فِي الأمْثالِ مَا لَا يَأْتِي فِي غَيرِها.
( {وعَسِيَ النَّباتُ) ، كَرَضِيَ (} عَسًى) :) يَبِسَ واشْتَدَّ، لُغَةٌ فِي عَسَا يَعْسُو، نقلَهُ الجوهريُّ عَن الخليلِ.
( {والعاسِي: النَّخْلُ) .
(وقالَ أَبو عبيدٍ: شَمْراخُ النَّخْلِ؛ نقلَهُ الجوهريُّ، وَهِي لُغَةُ بالحارِثِ بنِ كعْبٍ.
(والغَسا: للبَلَحِ، بالغَيْنِ. وغَلِطَ الجوهرِيُّ) فِي ذِكْرِه هُنَا، نبَّه على ذَلِك أَبو سَهْلٍ الهَرَويّ، كَمَا وُجِدَ بخطِّ أَبي زَكَرِيَّا وَقد ذكَرَه سِيْبَوَيْه فِي كتابِ النَّخْلِ، وَأَبُو حنيفَةَ فِي كتابِ النّباتِ بالعَيْن والغَيْن.
(} والمُعْسِيَةُ، كمُحْسِنَةٍ: النَّاقَةُ) الَّتِي (يُشَكُّ أبِها لَبَنٌ أَم لَا) ؛) عَن ابْن الأعْرابي؛ وأَنْشَدَ:
إِذْ {المُعْسِياتُ مَنَعْنَ الصَّبُو
حَ خَبَّ جَرِيُّكَ بالمُحْصَنِقَالَ: جَرِيُّهُ وكِيلُه، والمُحْصَنُ مَا ادُّخِرَ مِن الطَّعامِ.
وَقَالَ الراغبُ: المُعْسِياتُ من الإِبِلِ مَا انْقَطَعَ لَبَنُه فيُرْجَى أَن يعودَ.
(وإنَّهُ} لمَعْسَاةُ بِكَذَا: أَي مَخْلَقَةٌ) ، يكونُ للمُذكَّرِ والمُؤَنَّثِ والاثْنَيْن والجَمْعِ بلفْظٍ واحِدٍ.
( {وأَعْسِ بِهِ) :) أَي (أخْلِقْ) بِهِ، كأَحْرِبه؛ عَن اللّحْياني.
(وَهُوَ} عَسِيٌّ بِهِ) ، كغَنِيَ، (وعَسٍ) ، مَنْقُوصٌ؛ وَلَا يقالُ عَساً، أَي: (خَلِيقٌ.
(! وبالعَسَى أَنْ تَفْعَلَ) أَي: (بالحَرَى. ( {والمِعْساءُ، كمِكْسالٍ: الجارِيَةُ المُراهِقَةُ) الَّتِي يُظَنُّ أَنَّها قد بَلَغَتْ عَن اللحْياني؛ وأَنْشَدَ:
أَلَم تَرَني تَرَكْتُ أَبا يَزِيدٍ
وصاحِبَهُ} كمِعْساءِ الجَوارِي (وَقَوله تَعَالَى: {فهَلْ {عَسَيْتُم} ، (الآيَةَ) ، قُرِىءَ بفَتْح السِّيْن وبكسْرِها، (أَيْ هَل أَنْتُم قَرِيبٌ منَ الفِرارِ) .
(ويقالُ للمَرْأَةِ:} عَسَتْ أَنْ تَفْعَلَ ذَاك {وعَسَيْتنَّ} وعَسَيْتُم؛ وَلَا يقالُ مِنْهُ يَفْعَل وَلَا فَاعل.

أَخُو

أَخُو
: (و} الأَخِيَّةُ، كأَبِيَّةٍ، مَقْصورٌ (ويُشَدُّ، صَوابُه ويُمَدُّ.
ثمَّ راجَعْتُ التّكمِلَةَ فوَجَدْتُ فِيهِ: قالَ اللَّيْثُ: {الآخِيَةُ كآنِيَةٍ لُغَةٌ فِي} الآخيَّةِ مُشَدَّدَةً؛ فظَهَرَ أنَّ الَّذِي فِي النسخِ كأبيَّةٍ غَلَطٌ، وصَوابُه كآنِيَةٍ. وقَوْلُه: ويُشَدُّ صَحِيحٌ، فتأَمَّلْ.
(ويُخَفَّفُ، أَي مَعَ المدِّ؛ واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ على المدِّ والتَّشْديدِ: (عُودٌ يُعَرَّضُ (فِي حائِطٍ أَو فِي حَبْلٍ يُدْفَنُ طَرَفاهُ فِي الأرضِ ويُبْرَزُ طَرَفُهُ كالحَلْقَةِ تُشَدُّ فِيهَا الدَّابَّةُ.
وقالَ ابنُ السِّكّيتُ: هُوَ أَن يُدْفَنَ طَرَفا قِطْعَةٍ مِن الحَبْلِ فِي الأرضِ وَفِيه عُصَيَّةٌ أَو حُجَيْر ويظهرُ مِنْهُ مثْلُ عُرْوَةٍ تُشَدُّ إِلَيْهِ الدابَّةُ.
وقالَ الأَزْهَرِيُّ: سَمِعْت (بَعْضَ) العَرَبِ يقولُ للحَبْل الَّذِي يُدْفَن فِي الأرضِ مَثْنِيّاً ويَبْرُزُ طَرَفاه الآخَرَان شِبْه حَلْقةٍ وتُشَدُّ بِهِ الدابَّةُ {آخِيَةٌ.
وقالَ أَعْرابيٌّ لآخَر:} أَخِّ لي {آخِيَّة أَرْبُط إِلَيْهَا مُهْرِي؛ وإنَّما} تُؤَخَّى الآخِيَّةُ فِي سُهولَةِ الأرضِ لأنَّها أَرْفَقَ بالخَيْل مِن الأَوْتَادِ الناشِزَةِ عَن الأَرضِ، وَهِي أَثْبَتُ فِي الأرضِ السَّهْلةِ مِن الوَتِدِ.
ويقالُ {للآخِيَّة: الإِدْرَوْنُ، والجَمْعُ الأَدارِينُ.
وَفِي حدِيثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِيّ: (مَثَلُ المُؤْمِنِ والإِيمانِ كمَثَل الفَرَسِ فِي} آخِيَّتِه يَجولُ ثمَّ يَرْجِعُ إِلَى آخِيَّتِه، وإنَّ المُؤْمنَ يَسْهو ثمَّ يَرْجِعُ إِلَى الإِيمانِ) .
(ج {أَخايَا، على غيرِ قِياسِ، مثْلُ خَطِيَّةٍ وخَطَايا وعِلَّتُها كعِلَّتِها؛ وَمِنْه الحدِيثُ: (لَا تَجْعَلُوا ظُهورَكُم} كأَخَايا الدوابِّ) . أَي فِي الصَّلاةِ، أَي لَا تُقَوِّسُوها فِيهَا حَتَّى تَصيرَ كهذه العُرى.
( {وأواخِيُّ، مُشَدَّدَة الياءِ.
(} والأخِيَّةُ، بالتَّشديدِ: (الطُّنُبُ.
(وأَيْضاً: (الحُرْمَةُ والذِّمَّةُ؛ وَمِنْه حدِيثُ عُمَر: أنَّه قالَ للعبَّاسِ: (أَنْتَ {أخِيَّةُ آباءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؛ أَرَادَ} بالأخِيَّةِ البَقِيَّةِ.
يقالُ: لَهُ عنْدِي آخِيَّة، أَي متانةٌ قَوِيَّةٌ ووَسِيلةٌ قَرِيبةٌ، كأنَّه أَرادَ: أَنْتَ الَّذِي يُسْتَنَدُ إِلَيْهِ مِن أَصْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويُتَمَسَّكُ بِهِ.
ويقالُ: لفلانٍ عنْدَ الأميرِ آخِيَّةٌ ثابِتَةٌ.
وَله أَواخٍ وأسْبابٌ تُرْعى.
( {وأَخَّيْتُ للدَّابَّةِ} تأْخِيَةً: عَمِلْتُ لَهَا آخِيَّةٌ.
قالَ أعْرابيٌّ لآخر: أَخِّ لي {أخِيَّةً أَرْبُط إِلَيْهَا مُهْرِي.
(} والأَخُ: أَحَدُ الأَسْماءِ السِّتَّةِ المُعْرَبةِ بالواوِ والألفِ والياءِ.
قالَ الجَوْهَرِيُّ: وَلَا تكونُ مُوحَّدَةً إِلَّا مُضافَةً.
قالَ ابنُ بَرِّي: ويجَوزُ أَنْ لَا تُضافَ وتُعْربَ بالحَرَكاتِ نَحْو: هَذَا {أَخٌ وأَبٌ وحَمٌ وفَمٌ، مَا خَلا قَوْلهم: ذُو مالٍ فإنَّه لَا يكونُ إلاَّ مُضافاً.
(} والأَخُّ، مُشَدَّدَةً، وإنَّما شُدِّدَ لأنَّ أَصْلُه {أَخو، فزَادُوا بدَلَ الواوِ خاءً، كَمَا مَرَّ فِي الأَبِ؛
(} والأَخُوُّ: لُغَةٌ فِيهِ حَكَاها ابنُ الأَعْرابيِّ؛
( {والأَخَا، مَقْصوراً، حَكَاها ابنُ الأَعْرابيِّ أَيْضاً؛ وَمِنْه: مُكْرَهٌ} أَخَاك لَا بَطَل.
( {والأَخوُ، كدَلْوٍ؛ عَن كُراعٍ؛ وَمِنْه قَوْلُ الشاعِرِ:
مَا الْمَرْء} أخُوك إِن لم تلفه وزراً عِنْد الكريهةِ معواناً على النُّوبِقالَ الخَلِيلُ: أَصْلُ تَأْسِيسِ بناءِ! الأَخِ على فَعَل بثلاثِ مُتِحرِّكاتٍ، فاسْتَثْقلُوا ذَلِك، وأَلقوا الواوَ، وفيهَا ثلاثَةُ أَشْياءٍ: حرْف وصَرْف وصَوْت، فرُبَّما أَلْقَوا الواوَ والياءَبصَرْفها فأَبْقوا مِنْهَا الصَّوْت فاعتَمدَ الصَّوْتُ على حَرَكَةِ مَا قَبْله، فَإِن كانتِ الحَركَةُ فَتْحةً صارَ الصَّوْتُ مَعهَا أَلِفاً لَيِّنةً، وَإِن كانتْ ضمَّةً صارَ مَعَها واواً لَيِّنةً، وَإِن كانتْ كَسْرَةً صارَ مَعها يَاء لَيِّنَةً، واعْتَمدَ صَوْتُ واوِ الأَخِ على فتْحَةِ الخاءِ فصارَ مَعها أَلِفاً لَيِّنةً {أَخَا؛ ثمَّ أَلقَوا الأَلِفَ اسْتِخْفافاً لكَثْرةِ اسْتعْمالِهم وبَقِيت الخاءُ على حَرَكَتِها فَجَرَتْ على وُجُوهِ النحْو لقِصَر الاسْمِ، فَإِذا لم يُضِيفُوه قَوَّوْهُ بالتَّنْوين، وَإِذا أَضافُوا لم يَحْسُنِ التَّنْوين فِي الإِضافَةِ فقَوَّوْهُ بالمدِّ.
(مِن النَّسَبِ م مَعْروفٌ، وَهُوَ مَن وَلدَه أَبُوك وأُمُّكَ أَو أَحدهما، ويُطْلَقُ أَيْضاً على الأَخِ مِنَ الرِّضاع، والتَّثْنيةِ أَخْوان، بسكونِ الخاءِ، وبعضُ العَرَبِ يقولُ:} أَخانِ، على النَّقْصِ.
وحكَى كُراعٌ: {أخُوانِ، بِضمِّ الخاءِ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وَلَا أَدْرِي كيْفَ ذَلِكَ.
وقالَ ابنُ بَرِّي: هُوَ فِي الشِّعْرِ، وأَنْشَدَ لخُليجٍ الأَعْيَويّ:
} لأَخْوَيْنِ كَانَا خيرَ {أَخَوَيْنِ شِيمةًوأَسْرَعَهُ فِي حاجةٍ لي أُرِيدُهاوَجَعَلَهُ ابنُ سِيدَه: مُثنَّى} أَخُو، بضمِّ الخاءِ، وأَنْشَدَ بيتَ خُلَيْجَ.
(وَقد يكونُ الأَخُ: (الصَّدِيقُ والصَّاحِبُ؛ وَمِنْه قَوْلُهم: ورُبَّ أَخٍ لم تَلِدْهُ أُمُّك؛ (ج! أخونَ؛ أَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لعَقِيلِ بنِ عُلَّفَة المُرِّيّ: وَكَانَ بَنُو فَزَارَةَ شَرَّ قوْمٍ وكُنْتُ لَهُم كَشَرِّ بَني {الأَخِينا قالَ ابنُ بَرِّي: صَوابُه: شَرَّ عَمَ؛ قالَ: ومِثْلهُ قَوْلُ العباسِ بنِ مِرْداسٍ:
فَقُلْنا أَسْلموا إِنَّا} أَخُوكُم ْفقد سَلِمَتْ من الإحَنِ الصُّدورُ ( {وآخاءٌ، بالمدِّ، كآباءٍ، حكَاهُ سِيْبَوَيْه عَن يونُسَ؛ وأَنْشَدَ أَبو عليَ:
وَجَدْتُم بَنيكُم دُونَنا إِذْ نُسِبْتُمُوأَيُّ بَني} الآخاءِ تَنْبُو مَناسِبُهُ (ويُجْمَعُ أَيْضاً على ( {إخْوانٍ، بالكسْرِ، مِثْل خَرَبٍ وخِرْبان؛ (} وأُخْوانٌ، بالضَّمِّ؛ عَن كُراعٍ والفرَّاء؛ ( {وإِخْوَةٌ بالكسْرِ.
قالَ الأَزْهَرِيُّ: هُم} الإِخْوةُ إِذا كَانُوا لأبٍ، وهُم {الإخْوان إِذا لم يَكُونُوا لأبٍ.
قالَ أَبو حاتِم: قالَ أَهْلُ البَصْرَةِ أَجْمَعونَ: الإخْوةُ فِي النَّسَبِ،} والإِخْوان فِي الصَّداقَةِ.
قالَ الأزْهرِيُّ: وَهَذَا غَلَطٌ، يقالُ للأَصْدِقاءِ، وغَيْر الأَصْدِقاءِ {إخْوةٌ} وإخْوان؛ قالَ اللَّهُ، عزَّ وجلَّ: {إِنَّما المُؤْمِنُونَ {إخْوةٌ} ، وَلم يَعْنِ النَّسَبَ؛ وقالَ {أَو بُيُوتِ} إخْوانِكم} ، وَهَذَا فِي النَّسَبِ.
( {وأُخْوَةٌ، بالضَّمِّ. عَن الفَّراء. وأَمَّا سِيْبِوَيْه فقالَ: هُوَ اسمٌ للجَمْعِ وليسَ بجَمْعٍ، لأنَّ فَعْلاً ليسَ ممَّا يُجْمَع على فُعْلة.
(} وأُخُوَّةٌ {وأُخُوٌّ، مُشَدَّدَيْنِ مَضْمومينِ، الأُولى حَكَاها اللَّحْيانيُّ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وعنْدِي أنَّه} أُخُوٌّ على مثَالِ فُعُول، ثمَّ لَحِقَت الهاءُ لتَأْنيثِ الجَمْعِ كالبُعُولةِ والفُحُولَةِ.
( {والأُخْتُ: للأُنْثى، صيغَةٌ على غيرِ بناءِ المُذَكَّر، (والتَّاءُ بَدَلٌ مِن الواوِ، وَزنهَا فَعَلَة فَنقلُوها إِلَى فُعْل وأَلحَقَتْها التَّاءُ المُبْدَلةُ من لامِها بوزْنِ فُعْل، فَقَالُوا} أُخْت. و (ليسَ للتَّأْنيثِ كَمَا ظَنَّ مَنْ لَا خبْرَةَ لَهُ بِهَذَا الشأْنِ، وذلِكَ لسكونِ مَا قَبْلها؛ هَذَا مَذْهَبُ سِيْبَوَيْهِ، وَهُوَ الصَّحيح، وَقد نَصَّ عَلَيْهِ فِي بابِ مَا لَا يَنْصرِفُ فقالَ: لَو سمَّيت بهَا رَجُلاً لصَرَفْتها مَعْرِفة، وَلَو كانتْ للتَّأْنيثِ لمَا انْصَرَفَ الاسمُ، على أنَّ سِيْبَوَيْه قد تسمَّح فِي بعضِ أَلْفاظِه فِي الكِتابِ فقالَ: هِيَ علامَةُ تأْنِيثٍ، وإِنَّما ذلكَ تَجوُّزٌ مِنْهُ فِي اللَّفْط لأنَّه أَرْسَلَه غُفْلاً، وَقد قيَّده فِي بابِ مَا لَا يَنْصَرِف، والأخْذُ بقَوْلِه المُعلَّل أَقْوى مِنَ الأَخْذ بقَولِه الغُفْل المُرْسَلِ، ووَجْه تجوُّزه أنَّه لمَّا كانتِ التاءُ لَا تُبْدَلُ مِن الواوِ فِيهَا إلاَّ مَعَ المُؤَنَّث صارَتْ كأنَّها علامَةُ تأْنيثٍ، وأعْنِي بالصِّيغَةِ فِيهَا بتائِها على فُعْل وأَصْلُها فَعَل، وإِبْدالُ الواوِ فِيهَا لازِمٌ لأنَّ هَذَا عَمَلٌ اخْتصَّ بِهِ المُؤَنَّث، (ج {أَخوَاتٌ.
وقالَ الخَليلُ: تأْنِيثُ الأَخِ أُخْتٌ، وتَاؤُها هَاء،} وأُخْتان {وأَخَوات.
وقالَ اللَّيْثُ:} الأُخْتُ كانَ حَدُّها! أَخَةٌ، فصارَ الإعْرابُ على الخاءِ والهاءِ فِي مَوْضِع رَفْعٍ، وَلكنهَا انْفَتَحَتْ بحالِ هاءِ التأْنِيثِ فاعْتَمدَتْ عَلَيْهِ لأنَّها لَا تَعْتمدُ على حَرْفٍ تحرَّكَ بالفتْحَةِ وأُسْكِنَتْ الخاءُ فحوِّل صَرْفُها على الأَلِفِ، وصارَتِ الهاءُ تَاء كأَنَّها مِن أَصْلِ الكَلِمَةِ، وَوَقَعَ الإعْرابُ على التاءِ وأُلْزِمَت الضمةُ الَّتِي كانتْ فِي الخاءِ الأَلفَ.
وقالَ بعضُهم: أَصْلُ الأُخْت {أَخْوة فحُذِفَتِ الواوُ كَمَا حُذِفَتْ مِن الأَخِ، وجُعِلَتِ الهاءُ تَاء فننُقِلَتْ ضمَّةُ الواوِ المَحْذوفَةِ إِلَى الأَلفِ فقيلَ أُخْت، والواوُ أُخْتُ الضمَّةِ.
(وَمَا كنْتَ} أَخاً، وَلَقَد {أَخَوْتَ} أُخُوَّةً، بالضمِّ وتَشْديدِ الواوِ، ( {وآخَيْتُ، بالمدِّ، (} وتأَخَّيْتُ: صِرْتُ أَخاً.
ويقالُ: {أَخَوْتُ عشرَة: أَي كنتُ لَهُم أَخاً.
(} وآخاهُ {مُؤاخاةً} وإخاءً {وإخاوَةً، وَهَذِه عَن الفرَّاء، (} ووِخاءً، بكسْرِهنَّ، ( {ووَاخاهُ، بالواوِ لُغَةٌ (ضَعيفَةٌ قيلَ: هِيَ لُغَةُ طيِّيءٍ.
قالَ ابنُ بَرِّيِ: وحَكَى أَبو عبيدٍ فِي غرِيبِ المصنَّفِ، ورَوَاهُ عَن اليَزِيدي:} آخَيْتَ {ووَاخَيْتَ وآسَيْتَ ووَاسَيْتَ وآكَلْتَ ووَاكَلْتَ، ووَجْهُ ذَلِكَ مِن جهَةِ القِياسِ هُوَ حَمْلُ الــماضِي على المُسْتَقْبلِ إِذْ كَانُوا يَقولُونَ:} تُواخِي، بقَلْبِ الهَمْزةِ واواً على التَّخْفيفِ، وَقيل: هِيَ بَدَلٌ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وأَرَى {الوِخاءَ عَلَيْهَا والاسمُ} الأُخُوَّةُ، تقولُ: بَيْني وبَيْنه أُخُوَّةٌ وإِخاءٌ.
وَفِي الحدِيثِ: {آخَى بينَ المُهاجِرِين والأَنْصَار، أَي أَلَّفَ بَينهم} بأُخُوَّةِ الإسْلامِ والإِيمانِ.
وقالَ اللَّيْثُ: {الإِخاءُ} والمُؤاخاةُ {والتأَخِّي} والأُخُوَّةُ قَرابَةُ الأَخِ.
(! وتأَخَّيْتُ الشَّيءَ: تَحَرَّيْتُهُ) تَحَرِّي الأَخِ {لأَخِيهِ؛ وَمِنْه حدِيثُ ابنِ عُمَر: (} يتَأَخَّى {مُتأَخ رَسُولِ اللَّهِ) ، أَي يَتَحرَّى ويَقْصِدُ، ويقالُ فِيهِ بالواوِ أَيْضاً وَهُوَ الأكْثَرُ.
((و) } تأَخَّيْتُ (أَخاً: اتَّخَذْتُهُ أَخاً، (أَو دَعَوْتُهُ أَخاً.
(وقَوْلُهم: (لَا أَخَا لَكَ بفلانٍ، أَي (ليسَ لَكَ {بأَخٍ؛ قالَ النابِغَةُ:
أَبْلغْ بَني ذُبيانَ أنْ لَا أَخا لَهُمْبعبْسٍ إِذا حَلّو الدِّماخَ فأَظْلَمَا (ويقالُ: (تَرَكْتُه بأَخِ الخَيْرِ) ، أَي (بشَرَ) ؛} وبأَخِ الشَرِّ: أَي بَخيرٍ؛ وَهُوَ مجازٌ.
وحَكَى اللَّحْيانّي عَن أَبي الدِّينارِ وأَبي زِيادٍ: القوْمُ بأَخِي الشَّرِّ، أَي بشَرَ.
( {وأُخَيَّانِ، كعُلَيَّانِ: جَبَلانِ فِي حقِ ذِي العرْجاءِ، على الشبيكةِ، وَهُوَ ماءٌ فِي بَطْنِ وادٍ فِيهِ رَكايَا كَثيرَةٌ؛ قالَهُ ياقوتُ.
وممَّا يُسْتَدركُ عَلَيْهِ:
قالَ: بعضُ النّحويِّين: سمِّي الأَخُ أَخاً لأنَّ قَصْده قصد} أَخِيهِ، وأَصْلُه مِن وَخَى أَي قَصَدَ فقُلِبَتِ الواوُ هَمْزةً.
والنِّسْبةُ إِلَى الأَخِ {أَخَوِيٌّ، وكَذَلِكَ إِلَى} الأُخْت لأنَّك تقولُ {أَخَوات؛ وكانَ يونُسُ يقولُ} أُخْتِيٌّ، وليسَ بِقياسٍ.
وَقَالُوا: الرُّمْحُ {أَخُوكَ ورُبَّما خانَكَ.
وقالَ ابنُ عرفَةَ: الإخْوَةُ إِذا كانتْ فِي غيرِ الوِلادَةِ كَانَت المُشاكَلَةُ، والاجتماعُ فِي الفعْلِ، نَحْو هَذَا الثّوْبُ} أَخُو هَذَا؛ وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {كَانُوا! إخْوان الشَّياطِيْنِ} ، أَي هُمْ مُشاكِلُوهُم.
وقَوْلُه تَعَالَى: {إلاّ هِيَ أَكْبَر مِن {أُخْتها} .
قالَ السَّمين: جَعَلَها أُخْتها لمُشارَكَتِها لَهَا فِي الصحَّةِ والصدْقِ والإنابَةِ، والمعْنَى أنَّهنَّ أَي الْآيَات مَوْصُوفات بكبْر لَا يكدن يَتفَاوَتْن فِيهِ.
وقَوْلُه تَعَالَى: {لعنت أُخْتهَا} إشارَةٌ إِلَى مُشارَكتِهم فِي الوِلايَةِ.
وقوُلُه تَعَالَى: {إِنَّما المُؤْمنُونَ إخْوَةٌ} ، إشارَةً إِلَى اجْتِماعِهم على الحقِّ وتَشارِكهم فِي الصفَّةِ المُقْتضيةِ لذلِكَ.
وَقَالُوا: رَمَاهُ اللَّهُ بلَيْلةٍ لَا أُخْتَ لَهَا، وَهِي لَيْلَة يَمُوت.
} وتآخَيَا على تَفاعَلا: صارَ {أَخَوَيْن.
} والخُوَّةُ، بالضمِّ: لُغَةٌ فِي الأُخُوَّةِ؛ وَبِه رُوِي الحدِيثُ: (لَو كنتُ مُتَّخِذاً خَلِيلًا لاتَّخَذْتُ أَبا بكْرٍ خَليلاً) ، وَلَكِن خُوَّة الإسلامِ.
قالَ ابنُ الأثيرِ: هَكَذَا رُوِي الحدِيثُ.
وقالَ الأَصْمَعيُّ فِي قوْلِهم: لَا أُكَلِّمهُ إلاَّ أَخا السِّرارِ، أَي مثْل السِّرار.
ويقالُ: لَقِيَ فلانٌ {أَخا المَوْتِ، أَي مثل المَوْتِ.
ويقالُ: سَيْرُنا} أَخُو الجَهْدِ، أَي سَيْرُنا جاهِدٌ.
ويقالُ: {آخَى فلانٌ فِي فلانٍ} آخِيَة فكَفَرَها، إِذا اصْطَنَعه وأَسْدَى إِلَيْهِ؛ قالَ الكُمَيْت:
سَتَلْقَوْن مَا {آخِيّكُمْ فِي عَدُوِّكُمْعليكم إِذا مَا الحَرْبُ ثارَ عَكُوبُها} والأَخِيَّةُ: البَقِيَّةُ.
وبينَ السَّماحَةِ والحَماسَةِ {تآخٍ؛ وَهُوَ مجازٌ.
} والإِخْوانُ: لُغَةٌ فِي الخِوَانِ؛ وَمِنْه الحدِيثُ: (حَتَّى أَن أَهْلَ {الإخْوَان ليَجْتَمِعُونَ) ، وأَنْشَدَ السَّمين للعريان:
ومنحر مئناثٍ يخر خَوارُهاوموضع} إخْوان إِلَى جنب إخْوان {ِوأُخَّى، كرُبى: ناحِيَةٌ مِن نواحِي البَصْرةِ فِي شرْقي دجْلَةَ ذَات أنْهارٍ وقُرىً؛ عَن ياقوت.
وَيَوْم} أُخِيَّ، مُصَغَّراً: من أَيَّامِ العَرَبِ، أَغارَ فِيهِ أَبو بِشْرٍ العُذْرِيُّ على بَني مُرَّةَ؛ عَن ياقوت.
{والإِخِيّةُ كعليّةٍ: لُغَةٌ فِي} الأَخِيَّةِ {والآخِيَةِ.

أَبى

(أَبى) عَليّ إباء وإباءة استعصى وَالشَّيْء كرهه وَلم يرضه وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {ويأبى الله إِلَّا أَن يتم نوره} وَفِي الْمثل (رَضِي الخصمان وأبى القَاضِي) يضْرب لمن يُطَالب بِحَق نزل أَصْحَابه عَنهُ وترفع عَنهُ فَهُوَ آب من قوم أباة وَهُوَ أباء وَأبي وَيُقَال لَهُ نفس أبيَّة ذَات ترفع وأبيت اللَّعْن من تَحِيَّة الْمُلُوك فِي الْجَاهِلِيَّة مَعْنَاهَا أَبيت أَن تَأتي مَا تلعن عَلَيْهِ
أَبى
: (ى {أَبَى الشَّيْءَ} يَأْبَاهُ) بِالْفَتْح فيهمَا مَعَ خُلُوِّهِ من حُرُوف الحَلْقِ وَهُوَ شاذٌّ، وَقَالَ يَعْقُوب: أَبَى! يأْبَى نادرٌ. وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: شبهوا الألفَ بِالْهَمْزَةِ فِي قَرَأَ يقْرَأ، وَقَالَ مرّة أَبى يَأْبَى ضارَعُوا بِهِ حَسَبَ يَحْسِبُ فَتَحُوا كَمَا كسروا، وَقَالَ الْفراء: لم يجىء عَن الْعَرَب حَرْفٌ على فَعَلَ يَفْعَلُ مَفْتُوح الْعين فِي الْــمَاضِي والغابر إلاّ وثانيه أَو ثالثُهُ أحد حُرُوف الْحلق غير أَبَى يأبَى، وَزَاد أَبُو عَمْرو رَكَنَ يَرْكَنُ، وَخَالفهُ الفرَّاء فَقَالَ: إِنَّمَا يُقَال رَكَنَ يَرْكُنُ ورَكِنَ يَرْكَنُ.
قلت وَهُوَ من تَدَاخُلِ اللغتين، وزادَ ثعلبٌ: قَلاَه يقلاه وغَشَى يَغْشَى وشجا يَشْجَى، وزادَ المبرّد جَبَا يَجْبَى.
قلت: وَقَالَ أَبُو جَعْفَر اللَّبليّ فِي بغية الآمال سَبْعَ عشرَة كلمة شذَّتْ سِتَّة عُدَّتْ فِي الصَّحِيح وَاثْنَتَانِ فِي المضاعَفِ وَتِسْعَة فِي المعتلِّ فعدَّ مِنْهَا ركن يركن وَهلك يهْلك وَقَنطَ يقنط.
قلت: وَهَذِه حَكَاهَا الجوهريّ عَن الْأَخْفَش، وَحضر يحضر ونضر ينضر وَفضل يفضل هَذِه الثَّلَاثَة ذكرهن أَبُو بكر بن طَلْحَة الإشبيلي، وعضضتُ تعض حَكَاهَا ابْن القطاع، وبضَّتِ الْمَرْأَة تَبَضُّ عَن يَعْقُوب، وَفِي المعتل أبَى يأبَى، وَجَبا المَاء فِي الْحَوْض يَجْبَى، وقَلَى يَقْلَى، وَخَظَى يَخْظَى إِذا سمن، وغَسَى الليلُ يَغْسَى إِذا أظلم، وَسَلَى يَسْلَى وَشَجَى يَشْجَى، وَعَثَى يَعْثَى إِذا أفسد، وَعَلَى يَعْلَى، وَقد سمع فِي مِثَال المضاعف وَمَا بَعْدَه مجيئهما على الْقيَاس مَا عدا أَبى يَأْبَى فَإِنَّهُ مَفْتُوح فيهمَا متفِقٌ عَلَيْهِ من بَينهَا من غير اختلافِ، وَقد بيّنت ذَلِك فِي رِسَالَة التَّصْرِيف، قَالَ ابْن جنّيّ (وَقد قَالُوا: {أَبَاهُ (} يَأْبِيهِ على وَجْهِ الْقيَاس كَأتى يأتِي، وَأنْشد أَبُو زيد:
يَا إبلي مَا ذامُهُ {فتأبِيَهْ ماءٌ رُواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلِيَه ْفقول شَيخنَا: ويأبِيه بِالْكَسْرِ وَإِن اقْتَضَاهُ الْقيَاس فقد قَالُوا إِنَّه غيرُ مسموع مردودٌ لما نَقله ابْن جني عَن أبي زيد، وَقَالَ أَيْضا: قَوْله أَبَى الشيءَ} يأباه {ويأبيه جرى فِيهِ على خلاف اصْطِلَاحه، لِأَن تكْرَار الْمُضَارع يدلُّ على الضَّم وَالْكَسْر لَا الْفَتْح، وَكَأَنَّهُ اعتمدَ على الشّهْرَةِ قَالَ ابْن بَريّ: وَقد يُكْسَرُ أوّلُ المضارِع فَيُقَال} تِئْبَى وَأنْشد:
ماءٌ رُواءٌ وَنَصِيٌّ حَوْلِيَه هَذَا بأَفْواهِكَ حَتَّى {تِئْبِيَهْ قلت: وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقَالُوا} يِئْبَى وَهُوَ شاذّ من وَجْهَيْنِ: أحدَهُما: أَنه فَعَلَ يَفْعَلُ وَمَا كَانَ عَلَى فَعَلَ لم يكسر أَوله فِي الْمُضَارع فكسروا هَذَا لِأَن مضارعه مشاكلٌ لمضارع فَعِلفَكَمَا كَسِرَ أول مضارع فَعِل فِي جَمِيع اللُّغَات إِلَّا فِي لُغَة أهل الْحجاز كَذَلِك كَسَرُوا يَفْعل هُنَا. وَالْوَجْه الثَّانِي: من الشُّذوذ أَنهم تَجَوَّزوا الْكسر فِي يَاء يِئْبَى، وَلَا تُكْسَر الْبَتَّةَ إِلَّا فِي نَحْو يَبْجَلُ، واستجازوا هَذَا الشذوذ فِي يَاء يِئْبَى لِأَن الشذوذ قد كثر فِي هَذِه الْكَلِمَة ( {إباءً} وإباءة بكسرهِما فَهُوَ {آبٍ} وَأَبِيّ {وَأبيانِ بِالتَّحْرِيكِ، أنْشد ابْن بَرِّي لبشر بن أبي خازم:
يَرَاهُ النَّاسُ أخْضَرَ مِنْ بَعِيدٍ وَتَمْنَعُهُ المَرَارَة} وَالإِباءُ (كِرهه قَالَ شَيخنَا: فَسَّر {الإباء هُنَا بالكره، وَفسّر الكره فِيمَا مضى} بالإباء على عَادَته، وَكثير يفرِّقون بَينهمَا فَيَقُولُونَ: الإباء هُوَ الِامْتِنَاع عَن الشَّيْء والكراهية لَهُ بغضه وَعدم ملايمته (وَفِي الْمُحكم قَالَ الْفَارِسِي: أَبى زيد من شرب المَاء و ( {آبَيْتُهُ إيّاهُ قَالَ سَاعِدَة بن جؤية:
قَدْ} أوبِيَتْ كُلَّ ماءٍ فَهِيَ صَادِيةٌ مَهْما تُصِبْ أُفُقاً من بارقٍ تَشِمِ ( {والأبية هَكَذَا فِي النُّسَخ، وَفِي بَعْضهَا} الآبِيَةُ بِالْمدِّ (الَّتِي تعَافُ الماءَ و) هِيَ أَيْضا (الَّتِي لَا تُريدُ عَشاءً وَمِنْه الْمثل: العاشِية تُهَيِّجُ الآبِيَة أَي إِذا رَأَتْ الآبيةُ الإبلَ العَوَاشِي تَبِعَتْها فَرَعَتْ مَعَهَا (والآبية من (الْإِبِل الَّتِي (ضُرِبَتْ فَلم تَلْقَحْ كأَنها أبَتِ اللِّقاحَ (ومَاءة مَأباةٌ تأباها الإبلُ) أَي مِمَّا تحْمِلها على الِامْتِنَاع مِنْهَا (وَيُقَال: (أَخذه أُباءٌ من الطّعامِ بالضَّمِّ أَي (كَرَاهةً) جاؤوا بهِ على فُعَال لِأَنَّهُ كالداء، والأدواء مِمَّا يغلب عَلَيْهَا فُعَالِ.
(ورجُلٌ آبٍ من: قوم ( {آبينَ} وَأُباةٍ كَدُعاةٍ ( {وَأُبَيَ) بِضَم فَكسر فتشديد (} وَإباءٍ كَرِجال وَفِي بعض الْأُصُول كَرُمّان (وَرَجُل {أَبِيٌّ كَغَنِيّ (مِنْ قوم (} أبيِّينَ) قَالَ ذُو الإصبع العدواني:
إنِّي {أَبِيٌّ أَبِيّ ذُو مُحَافَظَةٍ
وَابنُ أَبِيّ مِنْ أَبِيِّينِشَبَّه نون الْجمع بنُون الأَصْل فَجَرَّها (} وَأَبَيتُ الطّعامَ واللبَّن (كرَضِيتُ {إبّىً بِالْكَسْرِ وَالْقصر (انْتَهَيْتُ عَنهُ من غيرِ شِبَعٍ، ورجُلٌ} أَبَيانٌ محركةً {يأبَى الطَّعامَ أَو الَّذِي يأبَى (الدَّنيئَة والمذامّ وَأنْشد الجوهريُّ لأبي المجشّر الجاهلي:
وَقَبْلَكَ مَا هابَ الرّجالُ ظُلاّمَتِيوَفَقَأْتُ عَيْنَ الأشْوَسِ} الأبَيانِ (ج {إبيْانٌ بِالْكَسْرِ) عَن كرَاع (} وأَبِيَ الفَصيلُ كَرَضِيَ وَعُنِي {أَبى بِالْفَتْح وَالْقصر (سَنِقَ من اللَّبَنِ وأَخَذَهُ أُبَاءٌ (و) } أَبِيَ (العَنْزُ أَبيَّ (شَمَّ بَوْلَ) الماعز الْجبلي وَهُوَ (الأرْوِيِّ) أَو شَرِبَهُ أوْ وَطِئه (فَمَرِضَ بِأَن يَرِمَ رأسُهُ وَيَأْخُذَهُ من ذَلِك صداعٌ فَلَا يكادُ يُبرأ، وَلَا يكَاد يقدِر على أكل لَحْمه لمرارته، وَرُبمَا ( {أَبيَت الضَّأْن من ذَلِك غير أَنه قلّما يكون ذَلِك فِي الضَّأْن، وَقَالَ ابْن أَحْمَر لراعي غنم لَهُ أَصَابَهَا} الأباء:
فَقُلْتُ لِكَنّازِ تَوَكَّلْ، فَإِنَّهُأُبىً لَا أظنُّ الضأنَ مِنْهُ نَواجيافَمَالَكِ مِنْ أَرْوَى تَعَادَيْنَ بِالعَمَى وَلاقَيْنَ كَلاَّباً مُطِلاً وَرَامِيا قَوْلُه: لَا أَظنُّ الخ. أَي مِن شِدَّته، وذلِكَ أَنَّ الضَّأْنَ لَا يضرُّهَا الأُباءُ أَن يَقْتُلَها.
وَقَالَ: أَبُو حنيفَةَ: الأُباءُ عَرَضَ يَعْرِض للعُشْبِ مِن أَبْوالِ الأَرْوَى، فَإِذا رَعَتْه المَعَز خاصَّة قَتَلَها، وكَذلِكَ إِن بالَتْ فِي الماءِ فشَرِبَتْ مِنْهُ المَعَز هَلَكَتْ.
قالَ أَبو زيدٍ: أَبِيَ التَّيْسُ وَهُوَ يَأْبَى أَبىً، مَنْقوصٌ، وتَيْسٌ {آبي بَيِّنُ} الاباء إِذا شَمَّ بَوْلَ الأَرْوَى فمَرِضَ مِنْهُ، (فَهُوَ {أَبْوَأُ مِن تُيوسٍ} أُبْوٍ وأَعْنُزٍ أُبْوٍ؛ وعَنْزٌ أَبيةٌ {وأَبْواءُ.
وقالَ أَبو زيادٍ الكِلابيّ والأَحْمر: قد أَخَذَ الغَنَم} الأُبَا، بالقَصْرِ، وَهُوَ أَنْ تَشْرَبَ أبْوالَ الأَرْوَى فيُصِيبُها مِنْهُ داءٌ.
قالَ الأَزْهرِيُّ: قَوْلَهُ: تَشْرَبَ خَطَأٌ، إنَّما هُوَ تَشُمُّ، وكَذلِكَ سَمِعْتُ العَرَبَ.
( {والأَباءُ، كسَحاب: البَرْدِيَّةُ، أَوْ الأَجَمَةُ، أَو هِيَ من الحَلْفاءِ خاصَّةً.
قالَ ابنُ جنِّي: كانَ أَبو بكْرٍ يشتقُّ} الأَباءَةَ مِن {أَبَيْت، وذلِكَ (لأَنَّ الأَجَمَةَ تَمْنَعُ) ؛ كَذَا فِي النسخِ والصَّوابِ تَمْتَنِعُ؛ وتَأْبَى على سالِكِها، فأصْلُها عنْدَه} أَبايَةٌ، ثمَّ عُمِلَ فِيهَا مَا عُمِل فِي عبَايَةٍ وصَلايَةٍ، حَتَّى صِرْنَ عَباءَةً وصَلاءةً! وأباءَةً، فِي قوْلِ مَنْ هَمَزَ، ومَنْ لم يَهْمز أَخْرجَهنَّ على أُصولِهنَّ، وَهُوَ القِياس القوِيُّ.
قالَ أَبو الحَسَنِ: وكما قيلَ لَهَا أَجَمَة مِن قوْلِهم أَجِمَ الطَّعامَ كَرِهَهُ.
(وقيلَ: هِيَ الأَجَمَةُ مِن (القَصَبِ خاصَّةً؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لكَعْبِ بنِ مالِكٍ:
مَنْ سَرَّه ضَرْبٌ يُرَعْبِل بعضُه بَعْضًا كَمَعْمَعَةِ الأَباءِ المُحْرَقِ (واحِدَتُه بهاءٍ، ومَوْضعُه المَهْموزُ، وَقد سَبَقَ أَنَّه رأْيٌ لابنِ جنّي.
( {وآبى اللَّحْمِ الغِفاريُّ، بالمدِّ، (صَحابيٌّ، واخْتُلِفَ فِي اسْمِه فقيلَ: خَلَفٌ، وقيلَ: عبدُ اللَّهِ، وقيلَ: الحُوَيرثُ، اسْتَشْهَدَ يَوْمَ حُنَيْن، (وَكَانَ} يأْبَى اللَّحْمَ مُطْلقاً. وَالَّذِي فِي مُعْجم ابنِ فَهْد: خَلَفُ بنُ مالِكِ بنِ عبدِ اللهِ {آبَى اللّحْم، كانَ لَا يأْكُلُ مَا ذُبِحَ للأَصْنام، انتَهَى ويقالُ اسْمُه عبدُ الملكِ بنُ عبدِ اللَّه رَوَى عَنهُ مَوْلاهُ عُمَيْر وَله صحْبَةٌ أَيْضاً، وَالَّذِي فِي أنْسابِ أَبي عبيدٍ: الحُوَيْرث بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ آبَى اللَّحْم قُتِلَ يَوْمَ حُنَيْن مَعَ النبِّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكانَ جَدُّهُ لَا يأْكُلُ مَا ذُبِحَ للأَصْنامِ فسُمِّي آبَى اللّحْم، انتَهَى. فتأَمَّل ذلِكَ.
(} والآبي: الأَسَدُ لامْتِناعِهِ.
(ومحمدُ بنُ يَعْقوبَ بن أَبِيَ، كعَلِيَ، مُحدِّثٌ، رَوَى عَنهُ أَبو طاهِرٍ الذّهليُّ.
( {وأَبَّى كحَتَّى، وقيلَ بتَخْفِيفِ الموحَّدَةِ أَيْضاً كَمَا فِي التَّبْصيرِ، التّشْديدُ عَن ابنِ ماكوُلا، والتَّخْفِيفُ عَن الخَطِيبِ، والبَصْريُّونَ أَجْمَعُوا على التَّشْديدِ؛ وَهُوَ (ابنُ جَعْفَرٍ النَّجيرَمِيُّ أَحَدُ الضُّعَفاءِ، كَمَا فِي التَّبْصيرِ، ورأَيْتُ فِي ذَيْلِ دِيوانِ الضُّعفاءِ للذَّهبيِّ بخطِّه مَا نَصَّه: أَبانُ بنُ جَعْفَر النَّجيرَميُّ عَن محمدِ بنِ إسْماعيلَ الصَّائِغ كذَّابٌ، رآهُ ابنُ حبَّان بالبَصْرَةِ، قالَهُ ابنُ طاهِرٍ، فتأمَّل. وَقد تقدَّمَ شيءٌ، مِن ذلِكَ فِي أَوَّل الكِتابِ.
((و) } أَبَّى، كحَتَّى: (بِئْرٌ بالْمدينةِ لبَني قُرَيْظَةَ.
قالَ محمدُ بنُ إسْحاق عَن معْبدِ بنِ كَعْبِ بنِ مالِكٍ قالَ: لمَّا أَتَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَني قُرَيْظَةَ نَزَلَ على بئرٍ من آبارِهِم فِي ناحِيَةٍ مِن أَمْوالِهم يقالُ لَهَا بِئْرُ {أَبا.
قالَ الحازِمِيّ: كَذَا وَجَدْته مَضْبوطاً مجوّداً بخطِّ أَبي الحَسَنِ بنِ الفراتِ، قالَ: وسَمِعْتُ بعضَ المحصّلين يقولُ: إنّما هُوَ أُنا بضمِّ الهَمْزَةِ وتَخفيفِ النّون.
(ونَهْرُ) أَبَّى، كحتَّى، (بينَ الكُوفَةِ وقَصْرِ بني مُقاتِلٍ وقالَ ياقوتُ: قَصْرُ ابنِ هُبَيْرةَ يُنْسَبُ إِلَى أَبّى بنِ الصَّامغانِ مِن مُلُوكِ النَّبط.
قُلْتُ: ذَكَرَه هَكَذَا الهَيْثمُ بنُ عدِيَ.
(و) أَيْضا: (نَهْرٌ كبيرٌ (ببَطيحَةِ واسِطَ؛ عَن ياقوت.
(} والأَبَّاءُ بنُ {أُبَيٍّ، كشَدَّادٍ: مُحدِّثٌ؛} وأُبَيُّ، مُصَغَّراً، ابنُ نضلَةَ بنِ جابِرٍ، كانَ شَرِيفاً فِي زمانِهِ. فقَوْلُه: مُحدِّثٌ، فِيهِ نَظَرٌ.
( {والأُبِّيَّةُ، بالضَّمِّ وكسْرِ الموحَّدَةِ وتَشْديدِها وتَشْديدِ الياءِ: (الكِبْرُ والعَظَمةُ.
(وقالَ الهَرَويُّ: سَمِعْتُ أَبا يَعْقوبَ بنِ خرزاذ يقولُ: قالَ المُهَلبيُّ أَبو الحُسَيْن عَن أَبي إسْحاق النَّجيرَمِيّ: (بَحْرٌ لَا يُؤْبَى، أَي لَا يَجْعَلُكَ} تَأْبَاهُ.
ونَقَلَ الجَوْهرِيُّ عَن ابنِ السِّكِّيت: (أَي لَا يَنْقَطِعُ مِن كَثْرَتِه؛ وكَذلِكَ كَلأٌ لَا {يُؤْبَى.
وقالَ غيرُهُ: وَعِنْده دَراهِمُ لَا} تُؤْبَى، أَي لَا تَنْقَطِعُ.
وحَكَى اللَّحْيانيُّ: عنْدَنا ماءٌ مَا يُؤْبَى، أَي مَا يَقِلُّ.
( {والإِبْيَةُ، بالكسْرِ: ارْتِدادُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ. يقالُ للمَرْأَةِ إِذا حُمَّتْ عنْدَ ولادهِا إنَّما هَذِه الحُمَّى} إبْيَة ثَدْيك.
قالَ الفرَّاءُ:! الإبْيَةُ غرارُ اللَّبَنِ وارْتِدادُه فِي الثَّدْي؛ كَذَا نَصّه فِي التّكْمَلَةِ. فقَوْلُ المصنِّفِ: فِي الضَّرْع فِيهِ نَظَرٌ، تأمَّل ذَلِك.
( {والأَبَا، بالقَصْرِ، (لُغَةٌ فِي} الأبِ، وَلم تُحْذَفْ لامُه كَمَا حُذِفَتْ فِي الأبِ، يقالُ: هَذَا أَباً ورأَيْتُ {أَباً ومَرَرْتُ} بأَباً، كَمَا نقولُ: هَذَا قَفاً ورأَيْتُ قَفاً ومَرَرْتُ بقَفاً.
(وأَصْلُ الأبِ {أَبَوٌ، محرّكةً، لأنَّ (ج} آباءٌ، مثْلُ قَفّاً وأَقْفاءٍ، ورَحىً وأَرْحاءٍ، فالذَّاهِبُ مِنْهُ واوٌ لأنَّك تقولُ فِي التَّثْنيةِ {أَبَوانِ، وبعضُ العَرَبِ يقولُ} أَبانِ على النَّقْصِ، وَفِي الإِضافَةِ {أَبِيَكَ، (وَإِذا جَمَعْتَ بالواوِ والنُّونِ قُلْتَ: (} أَبُونَ، وكَذلِكَ أَخُونَ وحَمُونَ وهَنُونَ، قالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمَّا تَعَرَّفْنَ أَصْواتَنا بَكَيْنَ وفَدَّيْتَنا {بالأَبِينا وعَلى هَذَا قَرَأَ بعضُهم: {لَهُ} أَبِيكَ إبراهيمَ وإسْماعيلَ وإسْحاقَ} يُريدُ جَمْعَ {أَبٍ أَي} أَبِينَكَ، فحذَفَ النّونَ للإضافَةِ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
قالَ ابنُ بَرِّي: وشاهِدُ قَوْلِهم: أَبانِ فِي تَثْنيةِ أَبٍ قَوْلُ تُكْتَمَ بنْت الغَوْثِ:
باعَدَني عَن شَتْمِكُمْ أَبانِعن كُلِّ مَا عَيْبٍ مُهَذَّبانِ وقالتِ الشَّنْباءُ بنْتُ زيْدِ بنِ عُمارَةَ:
نِيطَ بِحَقْوَيْ ماجِدِ! الأَبَيْن ِمن مَعْشَرٍ صِيغُوا من اللُّجَيْنِقالَ: وشاهِدُ أَبُونَ فِي الْجَمْعِ قَوْلُ الشاعِر:
أَبُونَ ثلاثةٌ هَلَكُوا جَمِيعاً فَلَا تَسْأَمْ دُمُوعُكَ أَن تُراقا قَالَ الأزْهرِيُّ والكَلامُ الجَيِّدُ فِي جَمْعِ الأبِ الآباءُ، بالمدِّ.
( {وأَبَوْتَ} وأَبَيْتَ صِرْتَ {أَباً؛ وَمَا كُنْتَ أَباً وَلَقَد} أَبَوْتَ {أُبُوَّةً، وَعَلِيهِ اقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ؛ ويقالُ:} أَبَيْتَ؛ وكَذلِكَ مَا كنْتَ أَخاً وَلَقَد أَخَوْتَ وأَخَيْتَ، ( {وأَبَوَتُه} إِباوَةً، بالكسْر: صِرْتُ لَهُ أَباً؛ والاسمُ {الإبْواءُ؛ قالَ بخْدَج:
اطْلُبْ أَبا نَخْلَةَ مَنْ يَأْبُوكا فقد سَأَلْنا عَنْكَ مَنْ يَعْزُوكا إِلَى} أَبٍ فكلُّهم يَنْفِيكا وقالَ ابنُ السِّكِّيت: أَبَوْتُ لَهُ آبُوهُ إِذا كُنْتَ لَهُ أَباً.
وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ: فلانٌ {يَأْبُوكَ، أَي يكونُ لَكَ أَباً، وأَنْشَدَ لشريكِ بنِ حَيَّان العَنْبَريّ يَهْجُو أَبا نُخَيْلة السَّعْدي:
فاطْلُب أَبا نَخْلَةَ مَنْ} يَأْبُوكَا وادَّعِ فِي فَصِيلَةٍ تُؤْوِيكَاقالَ ابنُ بَرِّي: وعَلى هَذَا يَنْبَغي أَن يُحْمَل قَوْلُ الشَّرِيف الرَّضِي:
تُزْهَى عَلى مَلِك النِّساءِ فلَيْتَ شِعْري مَنْ {أَباها؟ أَي مَنْ كانَ أَباها، قالَ: ويَجوزُ أَنْ يُريدَ} أَبَوَيْها فَبَناهُ على لُغَةِ مَنْ يَقُول {أَبان} وأَبُونَ.
(وقالَ أَبو عبيدٍ: ( {تَأَبَّاه ُأَباً، أَي (اتَّخَذَه أَباً؛ وَكَذَا تَأَمَّاها أُمّاً، وتَعَمَّمَهُ عَمّاً.
(وَقَالُوا فِي النِّداءِ: يَا} أَبَتِ افْعَلْ، (بكسْر التَّاءِ وفَتْحِها.
(قالَ الجَوْهرِيُّ: يَجْعلُونهَ علامَةَ التَّأْنِيثِ عِوَضاً من ياءِ الإِضافَةِ، كقَوْلِهم فِي الأُمِّ: يَا أُمَّتِ، وتقفُ عَلَيْهَا بالهاءِ إلاَّ فِي القُرْآنِ فَإنَّكَ تقفُ عَلَيْهَا بالتاءِ اتِّباعاً للكِتابِ، وَقد يقفُ بعضُ العَرَبِ على هاءِ التَّأْنِيثِ بالتاءِ فيَقُولونَ: يَا طَلْحَةَ؛ قالَ: وإنَّما لم تَسْقطِ التاءُ فِي الوَصْلِ من الأَبِ، وسَقَطتْ من الأُمِّ إِذا قلْتَ يَا أُمَّ أَقْبِلي، لأنَّ الأَبَ لمَّا كانَ على حَرْفَيْن كَانَ كأَنَّه قد أُخِلَّ بِهِ، فصارَتِ الهاءُ لازِمَةً وصارَتِ التاءُ كأَنَّها بعْدَها، انتهَى.
قالَ سيْبَوَيْه: (وسَأَلْتُ الْخَليلَ عَن قَوْلِهم: (يَا {أَبَهْ، بالهاءِ وَيَا} أَبَتِ (وَيَا {أَبَتاهُ وَيَا أُمَّتاهُ، فزَعَمَ أنَّ هَذِه الهاءَ مثْلُ الهاءِ فِي عَمَّه وخَالَه، قَالَ: ويدلُّكَ على أَنَّ الهاءَ بمنْزِلَةِ الهاءِ فِي عَمَّه وخالَه أنَّك تقولُ فِي الوَقْفِ يَا أَبَهْ، كَمَا تقولُ يَا خالَهْ، وتقولُ يَا أَبَتاهْ كَمَا تقولُ يَا خالتَاهُ، قالَ: وإنّما يلزمون هَذِه الهاءَ فِي النِّداءِ إِذا أَضَفْتَ إِلَى نَفْسِك خَاصَّة، كَأَنَّهَا جَعَلُوها عِوَضاً من حذْفِ الياءِ، قَالَ: وأَرادُوا أَنْ يُخِلُّوا بالاسْمِ حينَ اجْتَمَعَ فِيهِ حَذْف النِّداء، (وأنَّهم لَا يَكادُونَ يقُولُونَ: (يَا} أَباهُ، وصَارَ هَذَا مُحْتَملاً عنْدَهم لِمَا دَخَلَ النِّداءَ مِن الحَذْفِ والتَّغْييرِ، فأَرَادُوا أَن يُعَوِّضوا هذَيْن الحَرْفَيْن كَمَا يَقولُونَ أَيْنُق، لمَّا حَذَفُوا العَيْن جَعَلوا الياءَ عِوَضاً، فلمَّا أَلْحَقُوا الهاءَ صَّيرُوها بمنْزِلَةِ الهاءِ الَّتِي (تلْزم) الاسْمَ فِي كلِّ مَوْضِع، واخْتَصّ النِّداء بذلِكَ لكَثْرتِه فِي كَلامِهم كَمَا اخْتصَّ بيا أَيُّها الرَّجُل.
وذَهَبَ أَبو عُثْمان المازِنيُّ فِي قِراءَةِ مَنْ قَرَأَ يَا {أَبَهَ، بفتْحِ الهاءِ إِلَى أنَّه أَرادَ يَا} أَبَتاهُ فحذَفَ الألِفَ، وقَوْلُه أَنْشَدَه يَعْقوبُ:
تقولُ ابْنَتي لمَّا رأَتْ وَشْكَ رِحْلَتي
كأَنَّك فِينا يَا {أَباتَ غَريب أَرادَ: أَبَتاهُ، فقدَّمَ الأَلِفَ وأَخَّر التاءَ، ذَكَرَه ابنُ سِيدَه والجَوْهرِيُّ.
وقالَ ابنُ بَرِّي: الصَّحِيحُ أنَّه ردَّ لامَ الكَلِمَة إِلَيْهَا لضَرُورَةِ الشِّعْرِ.
(وَقَالُوا: (} لابَ لَكَ، يُريدونَ لَا {أَبَ، لَكَ، فَحَذَفَوا الهَمْزَةَ البَتَّةَ، ونَظيرُهُ قَوْلَهم: وَيْلُمِّه، يُرِيدُونَ: وَبْلَ أُمِّه.
(وَقَالُوا: (لَا} أَبا لَكَ.
قالَ أَبو عليَ: فِيهِ تَقْديرانِ مُخْتلِفانِ لمعْنَيَيْن مُخْتلِفَيْن، وذلِكَ أنَّ ثَباتَ الأَلِفِ فِي أَبَا مِن أَبَالَكَ دَلِيلُ الإضافَةِ، فَهَذَا وَجْهٌ، ووَجْهٌ آخَرُ أَنَّ ثَباتَ اللامِ وعَمَل لَا فِي هَذَا الاسْم يُوجِبُ التَّنْكِيرَ والفَصْلَ، فثَباتُ الألِفِ دَليلُ الإضافَةِ والتَّعْريفِ، ووُجودُ اللامِ، دَليلُ الفَصْل والتَّنْكير وَهَذَانِ كَمَا تَراهُما مُتَدافِعَانِ.
(ورُبَّما قَالُوا: (لَا {أَباكَ، لأنَّ الَّلامَ كالمُقْحمةِ؛ (ورُبَّما حَذَفُوا الألفَ أَيْضاً فَقَالُوا (لَا} أَبَكَ، وَهَذِه نَقَلَها الصَّاغانيُّ عَن المبرِّدِ.
(وَقَالُوا أَيْضاً: (لَا أَبَ لَكَ؛ و (كُلُّ ذلِكَ دُعاءٌ فِي المَعْنَى لَا مَحالةَ، وَفِي اللَّفْظِ خَبَرٌ، أَي أَنتَ عنْدِي ممَّنْ تستحقُّ أَن يُدْعى عَلَيْهِ بفقْدِ! أَبيهِ. ويُؤَكّد عنْدك خُروجُ هَذَا الكَلام مَخْرَج المَثَل كُثْرتُه فِي الشِّعْرِ، وأنَّه (يقالُ لمن لَهُ أَبٌ وَلمن لَا أَبَ لَهُ، لأنَّه إِذا كانَ لَا أَبَ لَهُ لم يَجُزْ أَن يُدْعَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ فِيهِ لَا مَحالَةَ، أَلا تَرى أنَّك لَا تقولُ للفَقِيرِ أَفْقَرَه الله، فَكَمَا لَا تقولُ لمَنْ لَا أَبَ لَهُ: أَفْقَدَ اللَّهُ! أَباكَ، كَذلِكَ تَعْلم أنَّ قوْلَهم هَذَا لمَنْ لَا أَبَ لَهُ لَا حَقِيقَة لمعْناهُ مُطابِقَة للَفْظِه، وإنَّما هِيَ خارِجَةٌ مَخْرَج المَثَلِ على مَا فَسَّرَه أَبو عليَ، وَمِنْه قَوْلُ جريرٍ:
يَا تَيْمُ تَيْمَ عَدِيَ لَا أَبالَكُمُلا يَلْقَيَنَّكُمْ فِي سَوْءَةٍ عُمَرُفهذا أَقْوى دَليلٍ على أنَّ هَذَا القَوْلَ مَثَلٌ لَا حَقِيقَة لَهُ، أَلا تَرى أنَّه لَا يَجوزُ أنْ يكونَ للتَّيْم كلِّها أَبٌ واحِدٌ، ولكنَّكم كُلُّكُمْ أَهْلُ الدُّعاءِ عَلَيْهِ والإغْلاظ لَهُ؛ وشاهِدُ لَا أَباكَ، قَوْلُ أَبِي حَيَّة النُّميْري:
أَبِالْمَوْتِ الَّذِي لَا بُدَّ أَنِيمُلاقٍ لَا أَباكِ تُخَوِّفِيني؟ وأَنْشَدَ المبرِّدُ فِي الكامِلِ:
وَقد ماتَ شَمَّاخٌ وماتَ مُزَرِّدُوأَيُّ كَرِيمٌ لَا أَبَاكِ مُخَلَّدُ؟ وشاهِدُ لَا أَبالَكَ قَوْلُ الأَجْدَع:
فَإِن أَثْقَفْ عُمَيراً لَا أُقِلْهُوإن أَثْقَفْ أَبَاهُ فَلَا أَبا لَهْوقالَ زُفَرُ بنُ الحرِثِ:
أَرِيني سِلاحِي لَا أَبَالَكِ إنَّنيأَرَى الحَرْب لَا تَزْدادُ إلاَّ تَمادِياورُوِيَ عَن ابنِ شُمَيْل: أنَّه سَأَلَ الخَليل عَن قَوْلِ العَرَبِ لَا أَبَ لَكَ، فقالَ: مَعْناه لَا كافيَ لَكَ عَن نَفْسِك.
وقالَ الفرَّاءُ: هِيَ كلمةٌ تَفْصِلُ بهَا العَرَبُ كَلامَها. وقالَ غيرُهُ: وَقد تُذْكَرُ فِي مَعْرِض الذَّمِّ كَمَا يقالُ: لَا أُمَّ لَكَ، وَفِي مَعَرِض التَّعجُّبِ كقَوْلِهم: للَّهِ دَرُّكَ، وَقد تُذْكَر فِي معْنى جِدَّ فِي أَمْرِكَ وشَمِّر لأنَّ مَنْ لَهُ أَبٌ اتَّكَلَ عَلَيْهِ فِي بعضِ شأْنِهِ.
وسَمِعَ سُلَيْمانُ بنُ عبدِ المِلك أَعْرابيّاً فِي سَنَةٍ مُجْدِبةٍ يقولُ:
أَنْزِلْ علينا الغَيْثَ لَا أَبَالَكَ فحمَلَهُ سَلَيْمانُ أَحْسَن مَحْمَل، وقالَ: أَشْهَدُ أَن لَا أَبَ لَهُ وَلَا صاحِبَةَ وَلَا وَلَد.
( {وأَبو المرْأَةِ: زَوْجُها؛ عَن ابنِ حَبيبٍ.
وَفِي التّكْمِلَةِ:} والأَبُ فِي بعضِ اللُّغاتِ الزَّوْجُ انتهَى واسْتَغْربَه شيْخُنا.
( {والأُبُوُّ، كعُلُوَ: (} الأُبُوَّةُ، وهُما جَمْعانِ {للأبِ عَن اللّحْيانيِّ كالعُمُومَةِ والْخُؤُولَةِ؛ وَمِنْه قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبِ:
لَو كانَ مِدحَةُ حَيَ أَنْشَرَتْ أَحَداً أَحْيا} أُبُوَّتِكَ الشُّمَّ الأَمادِيحُومِثْلُه قوْلُ لبيدٍ:
وأَنْبُشُ مِن تحتِ القُبورِ {أُبُوَّةً كِراماً هُمُ شَدُّوا عَليَّ التَّمائماوأَنْشَدَ القنانِيّ يمدَحُ الكِسائي:
أَبى الذَّمُّ أَخْلاقَ الكِسائِيِّ وانْتَمى لَهُ الذِّرْوة العُلْيا} الأُبُوُّ السَّوابِقُ ( {وأَبَّيْتُه} تَأْبِيَةً: قُلْتُ لَهُ! بأَبِي، والباءُ فِيهِ مُتَعلِّقةٌ بمحْذُوفٍ، قيلَ: هُوَ اسمٌ فيكونُ مَا بَعْده مَرْفوعاً تَقْديرُهُ أَنْتَ مَفْدِيٌّ بِأَبِي، وقيلَ: هُوَ فعْلٌ وَمَا بَعْده مَنْصوبٌ أَيفَدَيْتُكَ {بِأَبِي، وحذفَ هَذَا المُقدَّر تَخْفيفاً لكَثْرةِ الاسْتِعْمالِ وعِلْم المُخاطَبِ بِهِ.
(} والأَبْواءُ: ع قُرْبَ وَدَّانَ، بِهِ قَبْرُ آمِنَةَ بِنْت وهبٍ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقيلَ: هِيَ قَرْيةٌ مِن أَعْمالِ الفُرْع بينَ المَدينَةِ والجحفَةِ بَيْنها وبينَ المَدينَةِ ثلاثَةٌ وعِشْرونَ مِيلاً؛ وقيلَ {الأَبْواءُ جَبَلٌ على يَمِينِ آرةَ ويَمِين الطَّريقِ للمُصْعدِ إِلَى مكَّةَ مِن المَدينَةِ؛ وَهُنَاكَ بَلَدٌ يُنْسَبُ إِلَى هَذَا الجَبَل.
وقالَ السُّكَّريُّ: هُوَ جَبَلٌ مُشْرِفٌ شامخٌ ليسَ بِهِ شيءٌ مِن النَّباتِ غَيْر الخزم والبَشام وَهُوَ لخزاعَةَ وضمرَة، وَقد اخْتُلِفَ فِي تَحْقيقِ لَفْظِه فقيلَ: هُوَ فَعْلاءُ مِن} الأُبُوَّة، كَمَا يدلُّ لَهُ صَنِيعُ المصنِّفِ حيثُ ذَكَرَه هُنَا، وقيلَ: أَفْعال كأَنَّه جَمْعُ بوَ وَهُوَ الجِلْدُ، أَو جَمْعُ بُوىً وَهُوَ السَّوادُ، وقيلَ: إِنَّه مَقْلوبٌ مِن الأُوباءِ سُمِّي بذلِكَ لمَا فيهِ مِن الوَباءِ.
وقالَ ثابِتُ اللّغَويّ: سُمِّي لتبوُّءِ السُّيولِ بِهِ، وَهَذَا أَحْسَن، وسُئِلَ عَنهُ كثيِّرُ فَقَالَ: لأنَّهم تَبَوَّؤُا بِهِ مَنْزلاً.
( {وأَبَوَى، كجَمَزَى،} وأَبْوَى، كسَكْرَى، مَوْضِعانِ؛ أَمَّا الأوَّلُ: فاسمُ جَبَلٍ بالشامِ، أَو مَوْضِعٌ؛ قالَ الذّبيانيُّ يَرْثي أَخاهُ:
بَعْد ابنِ عاتِكَةَ الثَّاوِي على! أَبَوَى أَضْحَى ببلْدَة لَا عٍَ مّ وَلَا خَالِوأَمَّا الثَّاني: فاسمٌ للقَرْيَتَيْن على طَريقِ البَصْرةِ إِلَى مكَّةَ المَنْسوبَتَيْن إِلَى طَسْم وجَدِيس، قالَ المثقبُ العَبْديُّ: فإِنَّك لَو رأَيْتَ رِجالَ أَبْوَى غَدَاةَ تَسَرْبَلوا حَلَقَ الحَديدِوممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
رجُلٌ {أَبْيانٌ، بالفتْح: ذُو} إباءٍ شَديدٍ؛ نَقَلَهُ الأزْهِريُّ.
{وأبَّاءٌ، كشَدَّادٍ: إِذا أَبَى أَنْ يُضامَ.
وتَأَبَّى عَلَيْهِ} تَأَبِّياً: امْتَنَعَ عَلَيْهِ: نَقَلَهُ الْجَوهرِيُّ.
ونُوقٌ {أَوَابٍ:} يَأْبَيْنَ الفَحْلَ.
{وَأَبَيْتَ اللَّعْنَ: من تحيَّاتِ المُلوكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، أَي} أَبَيْتَ أنْ تَأْتيَ مَا تُلْعَنُ عَلَيْهِ وتُذَمُّ بسَببِهِ.
{وآبَى الماءُ: امْتَنَعَ فَلَا تَسْتَطِيع أَنْ تَنْزلَ فِيهِ إلاَّ بتَغْريرٍ، وَإِن نَزَلَ فِي الرَّكِيَّةِ ماتِحٌ فأَسِنَ فقد غَرَّرَ بنَفْسِه أَي خاطَرَ بهَا.
} وأُوبِيَ الفَصِيلُ {إيباءً، فَهُوَ مُوبىً إِذا سَنِقَ لامْتِلائِهِ.
وأُوبيَ الفَصيلُ عَن لَبَنِ أُمِّه: اتَّخَم عَنهُ لَا يَرْضَعها.
وقالَ أَبو عَمْرو:} الأَبيُّ المُمْتَنِعَةُ مِن العَلَفِ لسَنَقِها، والمُمْتَنِعَةُ مِن الفَحْلِ لقلَّةِ هَدَمِها.
وقَليبٌ لَا {يُؤْبَى، عَن ابنِ الأَعرابيِّ، أَي لَا يُنْزَحُ وَلَا يُقالُ يُؤْبَى.
وكَلأٌ لَا يُوبَى: لَا يَنْقطِعُ لكَثْرتِه.
وماءٌ} مُؤْبٍ: قَليلٌ؛ عَن اللَّحْيانيّ.
وقالَ غيرُهُ: يقالُ للماءِ إِذا انْقَطَعَ: ماءٌ مُؤْبٍ.
وآبَى: نَقَصَ، رَوَاهُ أَبو عَمْروٍ عَن المُفَضَّلٍ.
وَقَالُوا: هَذَا {أَبُكَ، قالَ الشاعِرُ:
سِوَى} أَبِكَ الأَدْنى وأنَّ محمَّداً عَلى كلّ عالٍ يابنَ عَمِّ محمَّدٍ وعَلى هَذَا تَثْنِيتُه {أَبانٍ على اللَّفْظِ،} وأَبَوانِ على الأَصْلِ، ويقالُ: هُما {أَبواهُ} لأَبيهِ وأُمِّه، وجائِزٌ فِي الشِّعْر: هُما {أَباهُ، وكَذلِك رأَيْتُ} أَبَيْهِ.
وَفِي الحدِيث: أَفْلَح {وأَبيهِ إنْ صَدَقَ أَرادَ بِهِ تَوْكيدَ الكَلام لَا اليَمِين، لأنَّه نَهَى عَنهُ.
} والأبُ يُطْلَقُ على العَمِّ؛ وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {نَعْبُدُ إلهَك وإلَه {آباِئكَ إبراهيمَ وإسْمَاعِيلَ وإِسْحاقِ} .
قالَ اللَّيْثُ: يقالُ فلانٌ} يَأْبُو هَذَا اليَتِيمَ {إِباوَةً، أَي يَغْذُوه كَمَا يَغْذُوه الوالِدُ وَلَدَه ويُرَبِّيه، والنِّسْبَةُ إِلَيْهِ} أَبويٌّ.
وبَيْنِي وبينَ فلانٍ {أُبُوَّةٌ.
} وتَأَبَّاهُ: اتَّخَذَهُ {أَباً؛ والاسمُ} الأُبُوَّةُ؛ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي:
فإنَّكُمُ والمُلْك يَا أَهْلَ أَيْلةٍ {لَكالمُتَأَبِّي وهْو ليسَ لَهُ أَبُويقالُ: اسْتَأَبَّ أَبّاً واسْتأْبِبْ أَبّاً.
قالَ الأزْهرِيُّ: وإنَّما شُدِّد الأبُ والفعْلُ مِنْهُ، وَهُوَ فِي الأَصْل غيرُ مشدَّدٍ، لأنَّ أَصْلَ الأَبِ أَبَوٌ، فزَادَ وأَبدَلَ الواوَ بَاء كَمَا قَالُوا قِنٌّ للعَبْدِ، وأَصْلُه قِنْيٌ.
} وبَأْبَأْتُ الصَّبيَّ: {بَأْبَأَةً: قُلْتُ لَهُ} بأَبِي أَنْتَ وأُمِّي، فلمَّا سُكِّنَتِ الياءُ قُلِبَت أَلِفاً، وفيهَا ثلاثُ لُغاتٍ: بِهَمْزةٍ مَفْتوحَةٍ بينَ الباءَيْنِ، وبقَلْبِ الهَمْزةِ يَاء مَفْتُوحَة، وبإبْدالِ الأخيرَةِ أَلفاً.
وحَكَى أَبو زيْدٍ: بَيَّبْتُ الرَّجُلَ إِذا قُلْت لَهُ بأَبي؛ وَمِنْه قَوْلُ الراجز:
يَا بِأَبي أَنْتَ وَيَا فَوقَ! البيَبْ قالَ أَبو عليَ: الياءُ فِي {بَيَّبْ مُبْدلَةٌ مِن هَمْزةٍ بَدَلاً لازِماً؛ وأَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيت: يَا} بِيبَا أَنْتَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ليُوافِقَ لَفْظَ البِيَبِ لأنَّهُ مُشْتقٌّ مِنْهُ.
ورَوَاهُ أَبو العَلاءِ فيمَا حكَى عَنهُ التِّبْرِيزِي: وَيَا فوقَ {البِئَبْ بالهَمْز، قالَ: وَهُوَ مركَّبٌ مِن قوْلِهم بأَبِي، فأَبْقى الهَمْزَة لذَلِكَ.
وقالَ الفرَّاءُ فِي قوْلِ هَذَا الرَّاجزِ: جَعَلُوا الكَلِمَتَيْن كالواحِدَةِ لكَثْرتِها فِي الكَلامِ.
وحَكَى اللَّحْيانيُّ عَن الكِسائي: مَا يُدْرَى لَهُ مَن أَبٌ وَمَا أَبٌ، أَي مَنْ} أَبوهُ وَمَا أَبوهُ.
ويقالُ: للَّهِ {أَبُوكَ فيمَا يَحْسُن مَوْقِعُه ويُخْمَد فِي مَعْرضِ التَّعجُّبِ والمَدْحِ، أَي أَبُوكَ للَّهِ خالِصاً حيثُ أَنْجَب بكَ وأَتَى بمِثْلِكَ.
ويَقولُونَ فِي الكَرامَةِ: لَا أَبَ لِشانِيكَ وَلَا أَبا لِشانِيكَ.
ومِن المُكَنَّى} بالأبِ، قَوْلهم: {أَبو الحَارِثِ للأَسَدِ.
} وأَبو جَعْدَةَ: للذِّئْبِ.
وأَبو حُصَيْن: للثَّعْلَب.
وأَبو ضَوْطَري: للأَحْمقِ.
وأَبو حاجِبِ: للنَّارِ.
وأَبو جُخادِب: للجَرادِ.
وأَبو بَراقِش: لطائِرٍ مُرَقَّش.
وأَبو قَلَمُونَ: لثَوْبٍ يَتَلَوَّنُ أَلْواناً.
وأَبو قُبَيْسٍ: جَبَلٌ بمكَّة.
وأَبو دراسٍ: كُنْيَة الفَرْج.
وأَبو عَمْرَة: كُنْيَةُ الجُوعِ.
وأَبو مالِكٍ: كُنْيَة الهَرَمِ.
وأَبو مثوى: لربِّ المَنْزلِ.
وأَبو الأَضْيافِ: للمِطْعامِ.
وَفِي الحديثِ إِلَى المُهاجِرِ بنَ أَبو أُمَيَّة لاشتِهارِهِ بالكُنْيَة وَلم يكنْ لَهُ اسمٌ مَعْروفٌ، لم يُجَرّ كَمَا قيلَ عليُّ ابنُ أَبو طالِبٍ.
وكانَ يقالُ لعَبْدِ مَنَاف: أَبو البَطْحاءِ لأنَّهم شَرفُوا بِهِ وعَظُمُوا بدُعائِهِ وهِدايَتِه.
ويَقُولونَ: هِيَ بنْتُ {أَبيها، أَي أنَّها شَبِيهةٌ بِهِ فِي قُوَّةِ النَّفْسِ وحدَّةِ الخُلُقِ والمُبادَرَةِ إِلَى الأشْياءِ. وَقد جاءَ ذلِكَ عَن عائِشَةَ فِي حفْصَةَ، رضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا
وسالمُ بنُ عبدِ اللَّهِ بن} أَبَّى الأَنْدَلُسِيُّ، كحتَّى، يَرْوِي عَن ابنِ مزين، ماتَ بالأَنْدَلُسِ سَنَة 310، ذَكَرَهُ ابنُ يونُسَ، {وأُبَي بن أبَّاء بن} أُبَىَّ لَهُ خَبَرٌ مَعَ الحجَّاج ذَكَرَهُ أَبو العَيْناءِ.
وَأُبَيُّ بنُ كَعْبٍ سَيِّدُ القُرَّاءِ بَدْرِيٌّ؛ وأُبَيُّ بنُ عمارَةَ، صَحابيَّان.
وأُبيّ بنُ عبَّاسِ بنِ سُهَيْل عَن أَبيهِ احْتَجَّ بِهِ البُخارِي؛ وقالَ ابنُ مُعِينٍ: ضَعِيفٌ.
{وآبِي الْخَسْف: لَقَبُ خُوَيْلدِ بنِ أَسَدِ بنِ عبْدِ الْعُزَّى، والِدُ خَدِيجَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجَدُّ الزُّبَيْرِ بنِ العوامِ بنِ خُوَيْلد، وَفِيه يقولُ يَحْيَى بنُ عرْوَةَ بنِ الزُّبَيْر:
أبٌ لي} آبي الخسْف قد تَعْلَمُونهوفارسُ معروفٍ رئيسُ الْكَتَائِب! وإِبَّيَانُ بكسْرٍ وتَشْديدِ الموحَّدَةِ: قَرْيةٌ قُرْبَ قَبْرِ يونُسَ ابنِ متَّى عَلَيْهِ السَّلَام، عَن ياقوت.

أَن

(أَن)
الْمَرِيض أَنا وأنينا وأنانا وأنة وتأنانا تأوه والقوس وَنَحْوهَا رن وترها فِي امتداد
(أَن) حرف للتَّأْكِيد وَنفي الْإِنْكَار وَالشَّكّ تنصب الِاسْم وترفع الْخَبَر وَلَا تقع فِي أول الْكَلَام وتؤول مَعَ مَا بعْدهَا بمصدر مثل {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ}
(أَن)
تكون مَصْدَرِيَّة تدخل على الْمُضَارع فتنصبه نَحْو {وَأَن تَصُومُوا خير لكم} وعَلى الْــمَاضِي فَلَا تُؤثر فِيهِ نَحْو مَا عابني أَن سبقني الْجُهَّال وَتَكون مُخَفّفَة من أَن نَحْو {علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى} ومفسرة كأي نَحْو {فأوحينا إِلَيْهِ أَن اصْنَع الْفلك} وزائدة للتوكيد نَحْو {فَلَمَّا أَن جَاءَ البشير أَلْقَاهُ على وَجهه فَارْتَد بَصيرًا}
أَن
: ( {أَنْ، المَفْتُوحَةُ) الخَفْيفَةُ مِن نواصِبِ الفِعْلِ المستقبلِ مَبْني على السكونِ (تكونُ اسْماً وحَرْفاً، والاسمُ نَوْعانِ: ضَميرُ مُتَكَلِّمٍ فِي قَوْلِ بَعْضِهم) إِذا مَضَى عَلَيْهَا وَلم يقفْ (أَنْ فَعَلْتُ) ذلكَ (بسكونِ النُّونِ والأكْثَرونَ) مِن العَرَبِ (على فَتْحِها وَصْلاً) يقُولُون:} أَنَ فَعَلْتُ ذلكَ، (و) أَجْودُ اللّغاتِ، (الإِتْيان بالألِفِ وَقْفاً) ، وَمِنْهُم مَن يُثْبِتُ الأَلفَ فِي الوَصْلِ أَيْضاً يقُولُ:! أَنَا فَعَلْتُ ذلكَ، وَهِي لُغَةٌ رَدِيئَةٌ.
وَفِي المُحْكَم: وأَنَ اسمُ المُتَكلِّم فَإِذا وَقَفْت أَلْحَقْتَ أَلِفاً للسكوتِ، وَقد تُحْذَف وإثْباتُها أَحْسَنُ.
وَفِي الصِّحاحِ: وأَمَّا قَوْلُهم أَنَا فَهُوَ اسمٌ مكنِيٌّ، وَهُوَ اسمٌ للمُتَكلِّمِ وحْدَه، وإنَّما بُنِي على الفتْحِ فرْقاً بَيْنه وبينَ أَن الَّتِي هِيَ حَرْفٌ ناصِبٌ للفِعْلِ، والألِفُ الأخيرَةُ إنَّما هِيَ لبَيانِ الحَرَكَةِ فِي الوَقْفِ، فَإِن وُسِّطت سَقَطَتْ إلاَّ فِي لُغَةٍ رديئةٍ، كَمَا قالَ حُمَيْد بنُ مجدلٍ:
أَنَا سَيْفُ العَشِيرَةِ فاعْرِفوني جَميعاً قد تَذَرَّيْتُ السَّنامَا قُلْتُ: وَمِنْه أَيْضاً قَوْل العُدَيْل:
أَنا عَدْلُ الطِّعانِ لمَنْ يعانى أَنا العَدْلُ المُبَيِّنُ فاعْرِفوني وَقد ذَكَرَ المصنِّفُ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى، ثلاثَ لُغاتٍ، وفاتَهُ {آنَ فَعَلْتَ، بمدِّ الأَلِفِ الأُولى، وَهِي لُغَةُ قُضاعَةَ، وَمِنْه قَوْلُ عدِيَ:
يَا لَيْتَ شِعْري آنَ ذُو عَجَّةٍ مَتى أَرَى شَرْباً حَوالَيْ أَصيصْ؟ وأَنَهْ فَعَلْت، حكَى الخَمْسَة قُطْرب، ونَقَل عَن ابنِ جنِّي، وَفِي الأخيرَةِ ضَعْفٌ كَمَا تَرَى. قالَ ابنُ جنِّي: يَجوزُ الْهَاء فِي أَنَهْ بَدَلا مِن الأَلفِ فِي أَنا لأنَّ أَكْثَرَ الاسْتِعمالِ إنَّما هُوَ أَنا بالأَلفِ، ويَجوزُ أَنْ تكونَ الهاءُ أُلْحِقَتْ لبَيانِ الحَركَةِ كَمَا أُلْحِقَتِ الألفُ، وَلَا تكونُ بَدَلا مِنْهَا بل قائِمَة بنفْسِها كَالَّتِي فِي كتابِيَه وحسابِيَه.
قالَ الأَزْهرِيُّ:} وَأَنا لَا تَثْنِيَةَ لَهُ مِن لفْظِه إلاَّ بنَحْن، ويصلحُ نحنُ فِي التَّثْنيةِ والجَمْعِ.
(و) النوعُ الثَّانِي: (ضَميرُ مُخاطَبٍ فِي قَوْلِكَ أَنْتَ) يُوصَلُ {بأَنْ تاءُ الخطابِ فيَصِيران كالشيءِ الواحِدِ من غَيْر أَن تكونَ مُضافَةً إِلَيْهِ.
و (} أَنْتِ) للمُؤَنَّثةِ بكسْرِ التاءِ وتقولُ فِي التَّثْنِيةِ ( {أَنْتُما) ، فَإِن قيلَ: لِمَ ثَنَّوا} أَنْت فَقَالُوا أَنْتُما، وَلم يُثَنُّوا أَنا، فقيلَ: لمَّا لم يجزْ أَنا وأَنا لرَجلٍ آخَرَ لم يُثَنَّوا، وأَمَّا أَنْت فثَنَّوْه بأَنْتُما لأنَّك تجيزُ أنْ تقولَ لرجلٍ أَنتَ وأَنْتَ لآخَرَ مَعَه، وكذلِكَ الأُنْثى.
وقالَ ابنُ سِيْدَه: ليسَ أَنْتُما تَثْنِيَة أَنْتَ إِذْ لَو كانَ تَثْنِيَته لوَجَبَ أَنْ تقولَ فِي أَنْتَ أَنْتانِ، إنَّما هُوَ اسمٌ مصوغٌ يَدُلُّ على التَّثْنِيَةِ كَمَا صبغَ هذانِ وهاتانِ.
وتقولُ: ( {أَنْتُمْ) و (} أَنْتُنَّ) جَمْع المُذَكَّر والمُؤَنَّث، (الجُمْهورُ) مِن أَئمَّةِ اللُّغَةِ والنَّحْو على (أنَّ الضَّميرَ هُوَ أَنْ، والتَّاءُ حَرْفُ خِطابٍ) وُصِلَتْ بِهِ؛ كَمَا تقدَّمَ.
قالَ الجَوْهرِيُّ: وَقد تدخُلُ عَلَيْهِ كافُ التَّشْبيه تقولُ: أَنْتَ {كأَنا} وأَنا {كأَنْتَ؛ حُكِيَ ذلِكَ عَن العَرَبِ، وكافُ التَّشْبيهِ لَا تتَّصِل بالمُضْمَرِ، وإنَّما تتَّصِل بالمُظْهَرِ، تقولُ: أَنْتَ كزَيدٍ، وَلَا تقولُ: أَنْتَ كِي، إلاَّ أنَّ الضَّميرَ المُنْفصلَ عنْدَهُم كانَ بمنْزِلَةِ المُظْهَر، فلذلِكَ حَسُنَ وفارَقَ المُتَّصِل.
وقرَأْتُ فِي كتابِ ليسَ لابنِ خَالَوَيْه قالَ: ليسَ فِي كلامِ العَرَبِ أَنْتَ كِي وَلَا أَنا كك إلاَّ فِي تَبْيين ضَمِيرَيْن مُنْفَصِلَيْن، فلذلِكَ قالَ سِيْبَوَيْه: اسْتَغْنَتِ العَرَبُ بأَنْتَ مِثْلي وأَنا مِثْلُك عَن أنْ يقُولُوا: أَنْتَ كِي وأَنا كك، والبيتان:
فلولا الحَياءُ لكنَّا كهمولولا البَلاء لكانُوا كناوالبيت الآخر:
إِن تكن كي فإنّني كك فيهاإنّنا فِي الملام مُصْطَحبان (والحَرْفُ أَرْبَعَةُ أَنْواعٍ: يكونُ حَرْفاً مَصْدَريًّا ناصِباً للمُضارِعِ) ، أَي يكونُ مَعَ الفِعْلِ المُسْتقبلِ فِي معْنَى مَصْدَر فتَنْصِبه (ويَقَعُ فِي مَوْضِعَيْنِ: فِي الابْتِداءِ فيكونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ نَحْو) قوْلِه تَعَالَى: { (} وأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لكُم) } ،) أَي صِيامُكم، (ويَقَعُ بَعْدَ لَفْظٍ دالَ على مَعْنًى غيرِ اليَقِينِ فيكونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ) نَحْو: { (أَلَمْ يَأْنِ للَّذينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُم) لذِكْرِ اللَّهِ} .
(و) يَقَعُ فِي مَوْضِعِ (نَصْبٍ) نَحْو قوْلِهِ تَعَالَى: { (وَمَا كانَ هَذَا القُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى} .
(و) يكونُ فِي مَوْضِعِ (خَفْضٍ) نَحْو قَوْلِه تَعَالَى: { (من قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ) } .
(قالَ الجوْهرِيُّ: فإنْ دَخَلَتْ على فِعْلٍ ماضٍ كانتْ مَعَه بمعْنَى مَصْدَر قد وَقَعَ إلاَّ أنَّها لَا تَعْمَلُ، تقولُ: أَعْجَبَني أَنْ قُمْتَ، والمعْنَى: أَعْجَبَني قِيامُك الَّذِي مَضَى، اه.
فعُلِمَ مِن هَذَا أَنَّ أَنْ لَا تَقَعُ إِذا وصلت حَالا أَبداً إنَّما هِيَ للمُضِيِّ أَو للاسْتِقْبالِ، فَلَا يقالُ: سَرَّني أَنْ تَقُومَ، وَهُوَ فِي حالِ قِيامٍ.
(وَقد يُجْزَمُ بهَا كقَوْلِه:
(إِذا مَا غَدَوْنا قَالَ وِلْدانُ أَهْلِنا (تعالَوْا إِلَى أَنْ يأْتِنا الصَّيْدُ نَحْطِب (بوقد يُرْفَعُ الفِعْلُ بَعْدَها كقِراءَةِ ابنِ مُحَيْصِنٍ: {لمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) } ) برفْعِ الميمِ وَهِي من الشَّواذ.
قُلْتُ: وَمِنْه قَوْلُ الشاعِرِ:
أَنْ تَقْرآنِ على أَسماءَ وَيحَكُمامِنِّي السلامَ وأَنْ لَا تُعْلِما أَحَدا (وتكونُ مُخَفَّفَةً من الثَّقيلةِ) فَلَا تَعْمَلُ، فتقُولُ: بَلَغَني أَنْ زيدٌ خارجٌ؛ قالَ اللَّهُ تعالَى: { (عَلِمَ أَنْ سَيكونُ) مِنْكم مَرْضَى} ؛ وقالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ونُودُوا أَنْ تِلْكُمُوا الجنَّةُ أُورِثْتُموها} .
قالَ ابنُ بَرِّي: قَوْلُ الجوْهرِيّ فَلَا تَعْمَل يُريدُ فِي اللَّفْظِ، وأَمَّا فِي التَّقْديرِ فَهِيَ عامِلَةٌ، واسْمُها مقدَّرٌ فِي النِّيَّةِ تَقْديرُه: أَنه تِلْكُم الجنَّة.
قُلْتُ: وقالَ المصنِّفُ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى، فِي البَصائِرِ فِي مثالِ المُخَفَّفة من المُشدَّدَةِ عَلِمْتُ أَنْ زيدا لمُنْطَلِق، مُقْترِناً بلامٍ فِي الإعْمالِ، وعَلِمْت أَنْ زيدٌ مُنْطَلِقٌ بِلا لامٍ فِي الإلْغاءِ.
قالَ ابنُ جنِّي: وسأَلْتُ أَبا عليَ عَن قَوْلِ الشاعِرِ:
أَنْ تَقْرآنِ على أَسماءَ وَيحَكُما لِمَ رَفَعَ تَقْرآنِ؟ فقالَ: أَرادَ النّونَ الثَّقيلَةَ أَي أَنَّكما تَقْرآنِ.
(و) تكونُ (مُفْسِرةً بمعْنَى أَي) نَحْو قَوْله تَعَالَى: { (فأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الفُلْكَ) } ،) أَي أَي اصْنَع؛ وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {وانْطَلَقَ المَلأُ مِنْهُم أَنِ امْشوا واصْبِرُوا} ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
قالَ بعضُهم: لَا يَجوزُ الوَقْف عَلَيْهَا لأنَّها تَأتي ليُعَبَّر بهَا وَبِمَا بَعْدَها عَن معْنَى الفعْلِ الَّذِي قَبْل، فالكَلامُ شَديدُ الحاجَةِ إِلَى مَا بَعْدَها ليُفَسّرَ بِهِ مَا قَبْلها فبحسبِ ذلكَ امْتَنَعَ الوُقوفُ عَلَيْهَا.
(وتكونُ زائِدَةً للتَّوكيدِ) نَحْو قَوْلِه تعالَى: {ولمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا} ؛) وَفِي مَوْضِع {ولمَّا جاءَتْ رُسُلُنا} .) ونَصُّ الجوْهرِيّ: وَقد تكونُ صِلَةً للِمَّا كقَوْله تَعَالَى: {فلمَّا أَنْ جاءَ البَشيرُ} ، وَقد تكونُ زائِدَةً كقوْلِه تَعَالَى: {وَمَا لَهُم أَنْ لَا يُعَذِّبَهم اللَّهُ} يُريدُ وَمَا لَهُم لَا يعذِّبُهُم اللَّهُ.
قالَ ابنُ بَرِّي: هَذَا كلامٌ مكرَّرٌ لأنَّ الصِّلَةَ هِيَ الزائِدَةُ، فَلَو كانتْ زائِدَةً فِي الآيةِ لم تَنْصِب الفعْلَ.
(وتكونُ شَرْطيَّةً كالمَكْسورَةِ.
(وتكونُ) أَيْضاً (للنَّفْيِ كالمَكْسورَةِ.
(و) تكونُ (بمعْنَى إِذْ قيلَ: وَمِنْه) قَوْلُه تَعَالَى: { (بَلْ عَجبُوا أَنْ جاءَهُم مُنْذِرٌ مِنْهُم) } ،) أَي إِذْ جاءَهُم؛ وكذلِكَ قَوْلُه تعالَى: {لَا تتَّخِذُوا آباءَكُم وإخْوانَكُم أَوْلياءَ إِن اسْتَحَبُّوا} ؛ مَنْ خَفَضَها جعلَها فِي موْضِعِ إِذا، كَمَا تقدَّمَ، ومَنْ فَتَحَها جعلَها فِي موْضِعٍ إِذْ على الواجِبِ. وَمِنْه قَوْلُه تَعَالَى: {وامْرأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَها للنبيِّ} ، مَنْ خَفَضَها جعلَها فِي موْضِعِ إِذا، ومَنْ نَصَبَها فَفِي موضِعِ إِذْ.
(و) تكونُ (بمعْنَى لئَلاّ، قيلَ: وَمِنْه) قَوْلُه تَعَالَى: { (يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا) } ؛) هَكَذَا ذَكَرَه بعضُ النُّحَّاةِ، (والصَّوابُ أَنَّها هُنَا مَصْدرِيَّةٌ، والأَصْلُ كَراهَةَ أَنْ تَضِلُّوا) .
(قُلْتُ: وَقد تكونُ مُضْمرةً فتَعْمَل وَإِن لم تكنْ فِي اللَّفْظِ كقَوْلِك: لأَلْزمنَّك أَو تَقْضِيَ لي حقِّي، أَي إِلَى أَنْ.
وقالَ الجوْهرِيُّ: وكذلِكَ إِذا حَذَفْتها إنْ شِئْت نَصَبْتَ وإنْ شِئْتَ رَفَعْتَ؛ قالَ طَرفَةُ:
أَلا أَيُّهَذا الزاجِرِي أَحْضُرَ الوغَى وأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَل أَنْتَ مُخْلدِي؟ يُرْوَى بالنَّصْبِ على الإِعْمالِ، والرَّفْعُ أَجْودُ. قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّه تأْمرونِّي أَعبُدُ أَيُّها الجاهِلُونَ} ، اه.
وتكونُ أَنْ بمعْنَى أَجَلْ وبمعْنَى لعلَّ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
{الأَنَّةُ:} الأَنِينُ.
ورَجُلٌ {أُنَنَةٌ فُنَنَةٌ، كهُمَزَةٍ فيهمَا، أَي بلِيغٌ.
} وأَنَّتِ القَوْسُ {تَئِنُّ} أَنِيناً: أَلانَتْ صوتَها ومَدَّته؛ عَن أَبي حنيفَةَ، وأَنْشَدَ لرُؤْبَة:
تَئِنُّ حِينَ تَجْذِبُ المَخُطوما {أَنِين عَبْرَى أسْلَمتْ حَمِيما وأَتَاهُ على} مَئِنَّةِ ذاكَ: أَي حينهِ ورُبَّانِه.
وقالَ أَبو عَمْرٍو: {الأَنَّةُ} والمَئِنَّةُ والعَدْقَةُ والشَّوْزَبُ واحِدٌ.
ويقالُ: وَمَا أَنَّ فِي الفُراتِ قَطْرةٌ، أَي مَا كانَ، وَقد يُنْصَب وَلَا أَفْعَلَه مَا أَنَّ فِي السَّماءِ نَجْماً. قالَ اللَّحْيانيُّ: أَي مَا كانَ وإِنَّما فَسَّرَه على المعْنَى.
وكأَنَّ: حَرْفُ تَشْبيهٍ إنَّما هُوَ أَنَّ دَخَلَتْ عَلَيْهَا الكافُ، والعَرَبُ تَنْصبُ بِهِ الاسْمَ وتَرْفَعُ بِهِ الخَبَرَ.
وقالَ الكِسائيُّ: قد يكونُ بمعْنَى الجَحْدِ كقَوْلِكَ: {كأَنَّكَ أَميرُنا فتأْمُرُنا، معْناه لسْتَ أَمِيرنا.
ويأْتي بمعْنَى التَّمنِّي كقَوْلِكَ:} كأَنَّني قد قُلْتُ الشِّعْرَ فأُجِيدَه، معْنَاه لَيْتَني قد قُلْتُ الشِّعْرَ فأُجِيدَه.
وبمعْنَى العِلْم والظَّنِّ كقَوْلِكَ: {كأَنَّ اللَّهَ يَفْعَل مَا يَشاءُ؛} وكأَنَّك خارِجُ.
وقالَ أَبو سعيدٍ: سَمِعْتُ العَرَبَ تُنْشِدُ هَذَا البَيْت:
ويَوْمَ تُوافِينا بوَجْهٍ مُقَسَّمٍ {كأَنْ ظَبْيَةً تَعْطُو إِلَى ناضِرِ السَّلَم} ْوكأَنْ ظَبْيَةٍ وكأَنْ ظَبْيَةٌ، فمَنْ نَصَبَ أَرادَ كأَنَّ ظَبْيَةً فخفَّفَ وأَعْمَل، ومَنْ خَفَضَ أَرادَ كظَبْيَةٍ، ومَنْ رَفَعَ أَرادَ {كأَنَّها ظَبْيَةٌ فخفَّفَ وأَعْمَل مَعَ إضْمارِ الكِنايَةِ. ورَوَى الجرارُ عَن ابنِ الأَعْرابيِّ أنَّه أَنْشَدَ:
} كأَمَّا يَحْتَطِبْنَ على قَتادٍ ويَسْتَضْحِكْنَ عَن حَبِّ الغَمامِفقالَ: يُريدُ {كأَنَّما فقالَ كأَمَّا.
وإنَّني وإنِّي بمعْنًى، وكذلِكَ} كأَنِّي! وكأَنَّني لأنَّه كَثُر اسْتِعْمالُهم لهَذِهِ الحُرُوفِ، وهم قد يَسْتَثْقلون التَّضْعيفَ فحذَفُوا النونَ الَّتِي تلِي الياءَ. وتبدل هَمْزَةَ أَن مَفْتوحة عينا فتقولُ: عَلِمْت عَنْك مُنْطَلِق.
وحَكَى ابنُ جنِّي عَن قطْرب أَنَّ طيِّئاً تقولُ: هِنْ فَعَلْتَ فعلْتُ، يُريدُونَ إنْ، فيُبْدِلون.
قالَ سِيْبَوَيْه: وقوْلُهم: {أَمَّا أَنْتَ مُنْطلِقاً انْطَلَقْتُ مَعَك} إنَّما هِيَ أَنْ ضُمَّت إِلَيْهَا مَا، وَهِي مَا التَّوْكِيد، ولَزِمَت كَراهِيَة أَن يِجْحِفوا بهَا لتكونَ عِوضاً من ذَهابِ الفعْلِ كَمَا كانتِ الهاءُ والألفُ عِوضاً فِي الزَّنادِقةِ واليَماني مِن الياءِ وبنُو تميمٍ يقولُونَ: عَنْ، تُريدُ عَنْعَنَتهم.
وَإِذا أَضَفْت أَن إِلَى جَمْعٍ أَو عَظيمٍ قلْتَ: إنّا وإنّنا؛ قالَ الشاعرُ:
{إنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَيْننا فحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلتُ فَجارِكانَ أَصْلَه} إنَّنا فكَثرتِ النّونات فحُذِفَتْ إحْدَاها.
{وأَنَّى، كحَتَّى: قرْيَةٌ بواسط، مِنْهَا: أَبو الحَسَنِ عليُّ بنُ موسَى بنِ بَابا، ذَكَرَه المَالِينيُّ، رحِمَه اللَّه.

زدع

زدع
المِزْع: السريعُ الــماضي في الأمْر.
زدع
زدعَ الجارِيَةَ، كَمَنَعَ، أهمله الجَوْهَرِيّ وصاحبُ اللِّسان، وَفِي العُبابِ: أَي جامَعَها، وَكَذَلِكَ دَعَزَها، وعَزَدَها. قَالَ ابنُ عَبَّادٍ: المِزْدَع، كمِنْبَرٍ: السريعُ الْــمَاضِي فِي الأمرِ كالمِسْتَع. 

عشرم

عشرم

(العَشْرَمُ، كجَعْفَرٍ) أهملَه الجوْهَرِيُّ، وَهُوَ: (الخَشِنُ الشَّدِيدُ،) كالعَشْرَبِ.
(وكَسَفَنّّجٍ: الشَّهْمُ الــمَاضِي) كالعَشَرَّبِ.
(و) العَشَرَّمُ: (الأسَدُ) لشِدَّتِه، كالعَشَرَّبِ، عَن ابنِ سيدَه (كالعُشارِمِ) كعُلابِطٍ.
(و) عَشْرَمٌ: (اسْم) رَجُلٍ.
[] ومِمَّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
العَشْرَم، كجَعْفَر: الشَّهْمُ الــمَاضِي، نَقَلَه الأَزْهَرِيُّ.
ورَجلٌ عُشارِمٌ، كَعُشَارِبٍ: قَوِيٌّ شَدِيدٌ.

صلخَدم

صلخَدم

(الصَّلَخْدَم كَشَمَرْدَلٍ: الشَّدِيدُ من الإِبِل) ، والمِيمُ زَائِدة كَمَا فِي الصّحاح. وَقيل: هُوَ الــمَاضِي الشَّدِيد الصُّلْب القَوِيّ.
وأنشدَ الأزهَرِيّ فِي الخُماسِيّ: (إِنْ تَسْأَلِيني كَيْفَ أَنتَ فإنَّنِي ... صَبُورٌ على الأَعْداءِ جَلْدٌ صَلَخْدَمُ)

قَالَ: وَهُوَ خُماسِيّ، أَصلُه من الصَّلْخَم والصَّلْخَدِ. وَيُقَال: خُماسِيَّة أَصْلِيّة، فاْشْتَبَهت الحُروفُ والمَعْنَى وَاحِد.

خَضرم

خَضرم

(الخِضْرِمُ، كَزِبْرِج: البِئرُ الكَثِيرةُ المَاءِ) . يُقَال: بِئْر خِضْرم.
(و) الخِضْرم: (البَحْر الغَطَمْطَم) ، قَالَ الجوهَرِيُّ: أنكرَ الأصمَعِيّ الخِضْرَم فِي وَصْفِ البَحْر، وَنَقل شَيْخُنا عَن بعضٍ أَنَّه سُمِّي بِهِ لخُضْرَته. فَمِيمُه إِذاً زَائِدَة.
(و) الخِضْرِمُ: (الكَثِيرُ من كُلّ شَيْء) . يُقال: " خَرَج العَجَّاجُ يُرِيدُ اليَمامَة فاسْتَقْبَلَه جَرِيرُ بنُ الخَطَفى، فَقَالَ: أينَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ اليَمامةَ قَالَ: تَجِدُ بهَا نَبِيذاً خِضْرِماً، أَي: كَثِيراً ".
(و) الخِضْرِمُ: (الواسِعُ) الكثيرُ من كل شَيْء. (و) الخِضْرِمُ: (الجَوادُ المِعْطَاءُ) ، مُشَبَّه بالبَحْر الخِضْرم، وَهُوَ الكَثِير الماءِ. نَقله الجَوْهَرِيّ.
(و) قِيلَ: الخِضْرِمُ: (السَّيِّد الحَمُولُ كالخُضارِم) ، كعُلابط (ج: خَضارمَُ وخَضَارِمَةٌ) ، الْهَاء لتأنِيثِ الجَمْع. (وخِضْرِمون، كُلّ ذلِكَ خَاصٌ بالرّجال) ، لَا تُوصف بِهِ النِّساء.
(و) الخُضَرِم (كَعُلَبِط: وَلَد الضَّبِّ) بعد الحِسْل. وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: هُوَ حِسْل، ثمَّ مُطَبِّخُ، ثمَّ خُضَرم ثمَّ ضَبٌّ، وَلم يذكر لغَيْداقَ، وَذكره ابنُ دُرَيْد.
(والماءَ) الخَضَرِم هُوَ (الحُلْو، أَو) هُوَ (بَيْن الحُلْوِ والمُرّ) . عَن يَعْقوب.
(والمُخَضْرَم بِفَتْح الرَّاءِ: مَنْ لَمْ يَخْتَتِن. و) أَيْضا: (الــمَاضي نِصْفُ عُمْره فِي الجَاهِلِيَّة ونِصْفُه فِي الإسْلام، أَو مَنْ أَدْرَكَهُما، أَو شَاعِر) مُخَضْرم (أَدْرَكَهُمَا، كَلَبِيد) وغَيْرِه. قَالَ ابنُ بَرِّيّ: أكثَرُ أَهْلِ اللُّغة على أّنه مُخَضْرِم بِكَسْر الراءِ؛ لِأَن الجاهليّةَ لَمَّا دَخَلوا فِي الْإِسْلَام خَضَرَمُوا آذانَ إِبِلهم لِتَكُون عَلامةً لإِسْلامهم إِن أُغِيرَ عَلَيْهَا أَو حُورِبُوا، وأمّا مَنْ قَالَ مُخَضْرَم بِفَتْح الرّاء فتأوِيلُه عِنْدَه أنَّه قُطِع عَن الكُفْر إِلَى الْإِسْلَام.
(و) رجل مُخْضَرمٌ: (أَسْودُ) و (أَبُوه أَبْيَضَ) . عَن ابنِ خَالَوَيْه.
(و) المُخَضْرَم: (الناقِصُ الحَسَب) ، وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ بكَرِيمِ النَّسَب.
(و) المُخَضْرَمُ النَّسَبِ: هُوَ (الدّعِيُّ) ، كَمَا فِي الصّحاح، وَقد يُتْرَك ذِكْرُ النَّسَب فيقالُ المُخَضْرَم: هُوَ الدَّعِيُّ كَمَا فعله المُصَنّف، وقِيلَ: المُخْضَرم فِي نَسَبه: المُخْتَلِط من أَطرافِه (و) قيل: هُوَ (مَنْ لَا يُعْرَفُ أَبُوه) . كَذَا فِي النُّسَخ، والصَّوابُ: " أَبَواه "، (أَو) هُوَ مَنْ (وَلَدَتْه السَّرَارِي) .
وقَولُ الشّاعر:
(فَقلتُ أَذاكَ السَّهمُ أَهونُ وَقْعةً ... على الخَضْرِ أم كَفُّ الهَجِين المُخَضْرَمِ)

إِنّما هُوَ أَحَدُ هذِه الأَشياء الَّتِي ذُكِرت فِي الحَسَب والنَّسَب. (ولَحْمٌ) مُخَضْرَمٌ: (لَا يُدْرَى أَمِن ذَكَر أَمْ أُنْثَى) . نَقلَه الجوهَرِيّ. (والطَّعامُ) المُخْضَرمُ حكَاه ابنُ الأعرابيّ وَلم يُفَسّره. قَالَ ابنُ سِيَده: وَعِنْدِي هُوَ (التَّافِهُ) الَّذِي لَيْسَ بِحُلْو وَلَا مُرّ.
(والمَاءُ) المُخَضْرم: هُوَ غَيْرُ العَذْب، وَقيل: (بَيْنَ الثَّقِيل والخَفِيف) . كَذَا فِي التَّهْذِيب. (و) فِي الحَدِيث: خَطَبَنا رَسُولُ اللهِ [
] على (ناقَة مُخَضْرَمَة) . وَهِي الَّتِي (قُطِع طَرفُ أُذُنها) ، وَكَانَ أَهلُ الجاهِلِيَّة يُخَضْرِمون نَعَمَهم، فَلَمَّا جَاءَ الإسلامُ أُمِرُوا أَن يُخَضْرِوا من غَيْر المَوْضِع الَّذِي يُخَضْرِم مِنْهُ أهلُ الجاهِلِيّة، وَمِنْه قِيلَ لِمَنْ أدْرك الخَضْرَمَتَيْن: المُخَضْرَم، وَقد خَضْرَم الأُذُنَ: إِذا قَطَع من طَرَفِها شَيْئًا وتركَه يَنُوس، وَقيل: قَطَعَها بنِصْفَين.
(وامرأةٌ مُخَضْرَمَةٌ: مَخْفُوضَةٌ) ، وَقيل مُخَضْرَمَة: أَخْطَأت خافِضَتُها، فأصابَت غَيرَ مَوْضِع الخَفْض.
(والخَضارِمَةُ: قَومٌ من العَجَم خَرَجُوا فِي بَدْءِ الإسْلام فَسَكَنُوا الشَّامَ) ، وَفِي الصّحاح: فَتَفَرَّقُوا فِي بِلادِ العَرَب، فَمَنْ أَقامَ مِنْهُم بالبَصْرة فهم الأساوِرة، ومَنْ أَقَامَ مِنْهُم بالكُوفَة فهم الأَحامِرَة، وَمن أقامَ مِنْهُم بالشَّام فهم الخَضارِمَة، ومَنْ أَقَامَ مِنْهُم بالجَزِيرة فهم الجَراجِمَة، وَمن أَقام مِنهم باليَمَن فهم الأَبْناءُ، وَمن أَقَامَ مِنْهُم بالمَوْصل فهم الجَرامِقَة. (الواحِد خِضْرِميٌّ، بالكَسْر. مِنْهم) أَبو سَعِيد (عَبْدُ الكَرِيم بنُ مَالِك) الجَزَرِيّ عَن ابنِ أَبِي لَيْلى وابنِ المُسَيَّب، وَعنهُ مالِكٌ وابنُ عُيَيْنَة، وَكَانَ حافِظاً مُكْثِراً، مَاتَ سنة سَبْعٍ وعِشْرين وَمِائَة،. (وهَبَّارُ بنُ عُقَيْل) . لَهُ عَن الزّهري نُسْخَة، قَالَ الذهبِيّ: وَهِم فِيهِ الدّارَقُطْنِي، فَذَكَره بالحَاءِ المُهْمَلَة، (والعَبَّاسُ بنُ الحَسَن الخَضْرِمِيُّون) مُحَدِّثُون. وَمِنْهُم أَيْضا: خُصَيْفُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمن الجَزَريّ أَبُو عَوْن، وأَخُوه خَصَّاف، وَقد ذُكِر فِي حَرْف الْفَاء. (وزُبْدٌ مُتَخَضْرِم) أَي: (مُتَفَرِّق لَا يَجْتَمِع من البَرْدِ) ، وَقد مَرَّ فِي الحَاءِ أَيْضا هَكَذَا.
[] ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
ماءٌ مُخَضْرَمٌ بِفَتْح الرَّاء أَي كَثِير، وَكَذَلِكَ مَاءٌ خُضارِم.
والخَضْرَمةُ: أَن يُجْعَلَ الشَّيءُ بَيْنَ بَيْنَ.
وَقَالَ ابنُ خَالَوَيْه: خَضْرَم: خَلَط، وَمِنْه المُخَضْرَم: الَّذِي أَدْرَك الجاهِلَيّة وَالْإِسْلَام. وَفِي قُضاعَة خِضْرمةُ بنُ الإصْبَع بنِ زِيّانِ بنِ أُنَيْف بنِ عُبَيْد ابْن مَصَاد بنِ كَعْبِ بن عُلَيْم.
وخِضْرِمَةُ أَيْضا قَرية باليَمَامَة، قلتُ: وَهِي المَعْرُوفَة بجوّ الخَضارِم.

خَشل

خَشل
الخَشْلُ: البَيضةُ إِذا أُخرِجَ مَا فِي جَوْفها عَن ابنِ سِيدَه. قَالَ: الخَشْلُ أَيْضا: المُقْلُ نفسُه أَو يابِسه، أَو رَطْبُه، أَو صِغارُ الَّذِي لَا يُؤكَلُ أَو نَواهُ، ويحرَّكُ. وَقَالَ اللَّيث: الخَشْلُ مِن المُقْل: كالحَشَفِ فِي التَمر. واحِدَتُه: خَشْلَةٌ وخَشَلَةٌ بِالْفَتْح وبالتَّحريك. الخَشْلُ: نَباتٌ أَصفَرُ وأحمرُ وأخضرُ عَن ابنِ الأعرابيّ. قَالَ ابْن سِيدَه: الخَشْلُ: رُؤوسُ الأَسْوِرَةِ والخَلاخِيلِ مِن الحُلِي، وَنَقله الأزهريّ أَيْضا هَكَذَا. وقِيل: مَا تَكسَّر مِن رُؤوسِ الحُلِي وأطرافِه. الخَشَلُ بالتَّحريك: الرَّدِيء مِن كلِّ شَيْء. والمُخَشَّلُ كمُعَظَّمٍ والمَخْشُولُ: المَرْذُولُ مِن الرِّجال. وَقد خَشَلَهُ خَشلاً.
قَالَ ابنُ عَبّاد: خَشِلَ الثَّوبُ، كفَرِحَ: بَلِىَ. فِي المحكَم: رجُلٌ مُخَشَّلٌ كمُعَظَّم: مُحَلًّى مِن الخَشْلِ.
الخَشِيلُ كأَمِيرٍ: اليابِسُ مِن الغثاءِ كَمَا فِي العُباب. وخَشِلٌ فَشِلٌ، ككَتِفٍ فيهمَا: أَي ضَعِيفٌ عِندَ الحَربِ، عَن ابنِ عَبّاد. وتَخَشَّلَ الرجُلُ: إِذا تَطامَنَ وذَلَّ كَمَا فِي العُباب. والخَنْشَلِيلُ: الــماضِي السَّريعُ، وَسَيَأْتِي هَذَا للمصنِّف فِي خنشل ثَانِيًا فإنَّ سِيبوَيه جعله مَرّةً ثُلاثِيّاً، ومرّةً رُباعِيّاً.
وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: المِخْشَلَةُ: المِصْفاةُ، كالمِشْخَلَة، عَن ابنِ الأعرابيّ. وخَشَلَ الشَّرابَ وشَخَلَهُ: صَفَّاه. وتَخَشَّلَ: تَفَعَّلَ، مِن الخَشْلِ، وَهُوَ الرَديءُ.

خَلف

خَلف
) خَلْفُ، كَمَا فِي المُحْكَمِ، والصِّحاحِ، والعُبَابِ، أَو الْخَلْفُ بالَّلامِ، كَمَا هُوَ نَصُّ اللَّيْثِ: نَقِيضُ قُدّامَ، مُؤَنَّثَةً، تكونُ اسْماً وظَرْفاً. الخَلْفُ: الْقَرْنُ بَعْدَ الْقَرْنِ، وَمِنْه قولُهُمْ: هؤلاءِ خَلْفُ سُوْءٍ. لِنَاسٍ لاَحِقِينَ بنَاسٍ أكْثَرَ منهمِ، قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ لِلَبيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
(ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ)
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بَقِينَا فِي خَلْفِ سَوْءٍ: أَي بَقِيَّةِ سَوْءٍ، وَبِذَلِك فُسِّرَ قَوْلُه تعالَى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ، أَي: بَقِيَّةٌ. قَالَ ابنُ السِّكِّيتِ: الخَلْفُ: الرَّدِئُ مِن الْقَوْلِ، ويُقَالُ فِي مَثَلٍ: سَكَتَ أَلْفاً، ونَطَقَ خَلْفاً أَي: سَكَتَ عَن أَلْفِ كَلِمَةٍ، ثمَّ تكلَّم بخَطَإٍ، قَالَ: وحَدَّثَنِي ابنُ الأَعْرَابِيِّ، قَالَ: كَانَ أَعْرَابِيٌّ مَعَ قَوْمٍ فَحَبَقَ حَبْقَةً، فتَشَوَّرَ، فأَشَارَ بِإِبْهَامِهِ نَحْوَ اسْتِهِ، وَقَالَ: إِنًّهَا خَلْفٌ نَطَقَتْ خَلْفاً، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، والصَّاغَانِيُّ. الخَلْفُ: الاٍ سْتِقَاءُ، قَالَ الحُطَيْئَةُ:
(لِزُغْبِ كَأوْلادِ الْقَطَا راثَ خَلْفُهَا ... علَى عَاجِزاتِ النَّهْضِ حُمْرٍ حَوَاصِلُهْ)
قَالَ الجَوْهَرِيُّ: يَعْنِي رَاثَ مُخْلِفُها، فوضَع المَصْدَرَ مَوْضِعَهُ. الخَلْفُ: حَدُّ الْفَأْسِ، أَو رَأْسَهُ، هَكَذَا فِي النُّسَخِ، وصَوَابُه: أَو رَأْسُهَا، كَمَا هُوَ نَصُّ المُحْكَمِ، لأَنَّ الفَأْسِ مُؤَنَّثَةٌ. مِن المَجَازِ: الخَلْفُ مِن الناسِ: مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ، يُقَال: جَاءَ خَلْفٌ مِن الناسِ، ومَضَى خَلْفٌ مِن الناسِ، وجاءَ خَلْفٌ لَا خَيْرَ فِيهِ، قَالَهُ أَبو الدُّقَيْشِ، ونَصُّ ابنُ بَرِّيّ: ويُسْتَعَارُ الخَلْفُ لِما خَيْرَ فِيهِ. الخَلْفُ: الَّذِينَ ذَهَبُوا مِن الْحَيِّ يَسْتَقُونَ، وخَلَّفُوا أَثْقَالَهُم، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ، ومَن حَضَرَ مِنْهُمْ، ضِدٌّ، وهُمْ خُلُوفٌ، أَي: حُضُورٌ وغُيَّبٌ، وَمِنْه الحديثُ: أَنَّ اليَهُودَ قالتْ: لقد عَلِمْنَا أَنّ َ مُحَمَّدًا لم يَتْرُكْ أَهْلَهُ خُلُوفاً أَي: لم يَتْرُكْهم سُدَىً، لاَ رَاعِيَ لَهُنَّ، وَلَا حَامِيَ، يُقَال: حَيٌّ خُلُوفٌ: إِذا غابَ الرِّجَالُ، وأَقَامَ النِّسَاءُ، ويُطْلَقُ على المُقِيمِينَ والظَّاعِنِينُ، قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ، وابنُ الأَثِيرِ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ، لأَبِي زُبَيْدٍ:
(أًصْبَحَ الْبَيْتُ بَيْتُ آلِ بَيَانٍ ... مُقْشَعِرّاً والْحَيُّ حيٌّ خُلُوفُ)
أَي: لم يَبْقَ مِنْهُم أَحَدٌ. قَالَ ابنُ بَرِّيّ، والصَّاغَانِيُّ: صَوَابُه آلِ إِيَاسٍ وَهُوَ الرِّوايَةُ لأَنَّه يَرْثِي فَرْوَةَ بنَ إِياسِ بنِ قَبِيصَةَ. الخَلْفُ: الْفَأْسُ الْعَظِيمَةُ، أَو هِيَ الَّتِي بِرَأْسٍ وَاحِدٍ، نَقَلَهُ ابنُ سِيدَه، وَفِي الصِّحاح: فأْسٌ ذاتُ خَلْفَيْنِ، أَي: لَهَا رَأْسَانِ. الخَلْفُ أَيضاً: رَأْسُ الْمُوسَي، والمِنْقَارُ الَّذِي يُقْطَعُ بِهِ الخَشَبُ. الخَلْفُ: النَّسْلُ. الخَلْفُ أَقْصَرُ أَضْلاعِ الْجَنْبِ ويُقَال لَهُ: ضِلَعُ الخَلْفِ، وَهُوَ) أَقْصَى الأَضْلاعِ وأَرَقُّهَا، وتَكْسَرُ الخاءُ. أَي: جَمْعُ الكُلِّ: خُلُوفٌ بالضَّمِّ. الخَلْفُ: الْمِرْبَدُ، أَو الَّذِي وَرَاءَ الْبَيْتِ، وَهُوَ مَحْبِسُ الإِبِلِ، يُقال: وَرَاءَ بَيْتِكَ خَلْفٌ جَيِّدٌ، قَالَ الشاعِرُ:
(وجِيئآ مِنَ الْبَابِ الْمُجَافِ تَوَاتُراً د ... وَلَا تَقْعُدُا بِالْخَلْفِ فَالْخَلْفُ وَاسِعُ)
الخَلْفُ: الظَّهْرُ بِعَيْنِه، عَن ابنِ الأَعْرَابِيِّ، وَمِنْه الحديثُ: لَوْلاَ حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ بَنَيْتُهَا علَى أًسَاسِ إِبْرَاهِيمَ، وجَعَلْتُ لَهَا خَلْفَيْنِ، فإِنَّ قُرَيْشَاً اسْتَقْصَرَتْ مِن بِنَائِها كأَنَّه أَرادَ أَن يَجْعَلَ لَهَا بَابَيْنِ، والجِهَةُ الَّتِي تُقَابِلُ البابَ مِن البَيْتِ ظَهْرُه، وإِذا كانَ لَهَا بَابَانِ صارَ لَهَا ظَهْرَانِ الخَلْفُ: الْخَلَقُ مِن الْوِطَابِ، عَن ابنِ عَبَّادٍ. ولَبِثَ خَلْفَهُ أَي: بَعْدَهُ، وَبِه قُرِئَ قَوْلَهُ تعالَى: وَإِذاً لاَ يَلْبَثُونَ خَلْفَكَ إِلاَّ قَلِيلاً، أَي: بَعْدَكَ، وَهِي قراءَةُ أَبي جَعْفَرٍ، ونَافِعٍ، وابنِ كَثِيرٍ، وأَبي عمرٍ و، وأَبي بكرٍ، والبَاقُونَ: خِلاَفَكَ، وقَرَأَ وَرْشٌ بالوَجْهَيْنِ. الخِلْفُ بِالْكَسْرِ: الْمُخْتَلِفُ، كالْخِلْفَةِ، قَالَ الكِسَائِيُّ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْئَيْنِ اخْتَلَفَا: هما خِلْفَانِ، وخِلْفَتَانِ، قَالَ: دَلْوَايَ خِلْفَانِ وسَاقِيَاهمَا أَي إِحْدَاهُمَا مُصْعِدَةٌ، والأُخْرَى فَارِغَةٌ مُنْحَدِرَةٌ، أَو إِحْدَاهُمَا جَدِيدٌ، والأُخْرَى خَلَقٌ. الخِلْفُ أَيضاً: اللَّجُوجُ مِن الرِّجَالِ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخِلْفُ: الاسْمُ مِن الإِخْلافِ، وَهُوَ الاسْتِقَاء، كالْخِلْفَةِ. والخَالِفُ: المُسْتَقِي. الخِلْفُ: مَاأَنْبَتَ الصَّيْفُ مِن الْعُشْبِ، كالخِلْفَةِ، كَمَا سيأْتِي. الخِلْفُ: مَا وَلِيَ الْبَطْنُ مِن صِغَارِ الأَضْلاَعَ، وَهِي قُصَيْراهَا وَقَالَ الجَوْهَرِيُّ: الخِلْفُ: أَقْصَرُ أَضْلاعِ الجَنْبِ، والجَمْعُ: خُلُوفٌ وَمِنْه قوْلُ طَرَفَةَ:
(وطَيُّ مَحَالٍ كَالْحَنِيِّ خُلُوفُهُ ... وأَجْرِنَةٌ لُزَّتْ بِدَأْيٍ مُنَضَّدٍ)
الخِلْفُ: حَلَمَةُ ضَرْعِ النّاقَةِ القَادِمَان والآخِران، كَمَا فِي الصِّحاحِ الخِلْفُ: طَرَفُهُ، أَي الضَّرْع، هُوَ الْمُؤَخَّرُ مِن الأَطْبَاءِ، وَقيل: هُوَ الضَّرْعُ نَفْسُهُ، كَمَا نَقَلَهُ اللَّيْثُ، أَو هُوَ لِلنَّاقَةِ كالضَّرْعِ لِلشَّاةِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخِلْفُ فِي الخُفِّ، والظِّلْفِ، والطُّبْيُّ فِي الحافِرِ، والظُّفُرِ، وجَمْعُ الخِلْفِ: أَخْلافٌ، وخُلُوفٌ، قَالَ:
(وأَحْتَمِلُ الأَوْقَ الثَّقِيلَ وأَمْتَرِي ... خُلُوفَ المَنَايَا حِينَ فَرَّ المُغَامِسُ)
وَوَلَدَتِ الشَّاةُ، وَفِي اللِّسَانِ: النَّاقَةُ خِلْفَيْنِ، أَي: وَلَدَتْ سَنَةً ذَكَراً، وسَنَةً أُنْثَى، وَمِنْه قَوْلُهُم: نِتَاجُ فُلانٍ خِلْفَةٌ، بِهَذَا المَعْنَى. وذَاتُ خِلْفَيْنِ، بكَسْرِ الخاءِ، ويُفْتَحُ: اسْمُ الْفَأْسِ إِذا كانتْ لَهَا رَأْسَانِ، وَقد تقدَّمَ، ج: ذَوَاتُ الْخِلْفَيْنِ. الخَلِفُ، كَكَتِفٍ: الْمَخَاضُ، وَهِي الْحَوَامِلُ مِن النُّوقِ، الْوَاحِدَةُ) بِهَاءٍ، كَمَا فِي الصِّحاحِ، وقِيل: جَمْعُها مَخَاضٌ، على غَيْرِ قِياسٍ، كَمَا قالُوا لِوَاحِدَةِ النِّسَاءِ: امْرَأَةٌ، قَالَ ابنُ بَرِّيّ: شَاهِدُه قَوْلُ الرّاجِزِ: مَالَكِ تَرْغِينَ وَلَا تَرْغُو الخَلِفْ وَقيل: هِيَ الَّتِي اسْتَكْمَلَتْ سَنَةً بعدَ النِّتَاجِ، ثمَّ حُمِلَ عَلَيْهَا، فلَقِحَتْ، وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: إِذا اسْتَبانَ حَمْلُها فَهِيَ خَلِفَةٌ، حَتَّى تُعْشِرَ، ويَجْمَعُ خَلِفَةٌ أَيضاً علَى خَلِفَاتِ، وخَلاَئِف، وَقد خَلِفَتْ: إِذَا حَمَلَتْ وَفِي الحديثِ: ثَلاَثُ آيَاتٍ يَقْرَأُهُنَّ أَحَدُكُمْ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاَثِ خَلِفَاتٍ سِمَانٍ عِظامٍ.
الخَلَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْوَلَدُ الصَّالِحُ يَبْقَى بعدَ أَبِيهِ، فَإِذَا كَانَ الوَلَدُ فَاسِداً أُسْكِنَتْ الَّلامُ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للرَّاجِزِ: إِنَّا وَجَدْنَا خَلَفاً بِئْسَ الْخَلَفْ عَبْداً إِذَا مَا نَاءَ بِالْحِمْلِ خَضَفْ وَقد تقدَّم إِنْشَادُه فِي خَ ض ف قَرِيبا، قَالَ ابنُ بَرِّيّ: أَنْشَدَهُوأَمَّا الخَلْفُ، سَاكِنُ الوَسَطِ، فَهُوَ الَّذِي يجِئُ بعدَ الأَوَّلِ بمَنْزِلَةِ القَرْنِ بعدَ القَرْنِ، والخَلْفُ: المُتَخَلِّفُ عَن الأَوَّلِ، هَالِكاً كَانَ أَو) حَيَّا، والخَلْفُ: الْبَاقِي بعدَ الهالكِ، والتَّابِعُ لَهُ، هُوَ فِي الأَصْلِ أَيضاً مِن خَلَفَ، يَخْلُفُ، خَلْفاً، سُمِّيَ بِهِ المُتَخَلِّفُ والْخَالِفُ، لَا عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِِ، وجَمْعُهُ خُلُوفٌ، كقَرْنٍ وقُرُونٍ. قَالَ: وَيكون مَحْمُوداً ومَذْمُوماً، فشَاهِدُ المَحْمُودِ قَوْلُ حَسّانَ بنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ:
(لَنَا الْقَدَمُ الأُولَى إِلَيْكَ وخَلْفُنَا ... لأِوَّلِنَا فِي طَاعَةِ اللهِ تَابِعُ)
فالخَلْفُ هُنَا: هُوَ التَّابِعُ لِمَنْ مَضَى، وَلَيْسَ مِن مَعْنَى الخَلْفُ هُنَا المُتَخَلِّفُونَ عَن الأَوَّلِينَ، أَي: البَاقُونَ، وَعَلِيهِ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: فخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ، فسُمِّيَ بالمَصْدَرِ، فَهَذَا قَوْلُ ثَعْلَبٍ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وحكَى أَبوالحَسَنِ الأَخْفَشُ، فِي خَلْفَفِ صِدْقٍ، وخَلْفَفِ سَوْءٍ، التَّحْرِيكَ والإِسْكَانَ، فقالَ: والصَّحِيحُ قَوْلُ ثَعْلَبٍ أَنَّ الخَلَفَ يَجِيءُ بمَعْنَى البَدَلِ، والخِلاَفَةِ، والخَلْفُ يَجِيءُ بمعْنَى التَّخَلُّفِ عمَّن تقدَّم. قَالَ: وشَاهِدُ المَذْمُومِ قَوْلُ لَبِيدٍ: وبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ قَالَ: ويُسْتَعَارُ الخَلْفُ لِمَا لاخَيْرَ فِيهِ، وكِلاَهَمَا سُمِّيَ بالمَصْدَرِ، أَعْنِي المَحْمُودَ والمَذْمُومَ، فقد صارَ علَى هَذَا لِلفِعْلِ مَعْنَيَانِ، خَلَفْتُهُ، خَلَفاً: كنتُ بَعْدَه خَلَفاً مِنْهُ وبَدَلاً، وخَلَفْتُه، خَلْفاً جِئْتُ بَعْدَه، واسْمُ الفاعِلِ مِن الأَوَّلِ خَلِيفَةٌ، وخَلِيفٌ، ومِنَ الثَّانِ خَالِفَهٌ، وخَالِفٌ، قَالَ: وَقد صَحَّ الفَرْقُ بَيْنَهُمَا علَى مَا بَيَّنَّاه. الخَلَفُ، بالتَّحْرِيكِ: مَا اسْتَخَلَفْتَ مِن شَيءٍ، كَمَا فِي الصِّحاحِ، أَي اسْتَعْوَضْتَهُ واسْتَبْدَلْتَهُ، تَقول: أَعْطَاكَ اللهُ خَلَفاً مِمَّا ذَهَبَ لَك، وَلَا يُقَالُ: خَلْفاً، يُقَال: هُوَ مِن أَبِيهِ خَلَفٌ، أَي: بَدَلٌ، والبَدَلُ مِن كُلِّ شَئٍ خَلَفٌ مِنْهُ. وَفِي حديثٍ مَرْفُوعٍ: يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الغَالِينَ، وانْتِحَالَ المُبْطِلِينَ، وتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ، قَالَ القَعْنَبِيُّ: سمعتُ رَجُلاً يُحَدِّثُ مالكَ بنَ أَنَسٍ بِهَذَا الحديثِ. قلتُ: وَقد رُوِيَ هَذَا الحديثُ مِن طَرِيقِ خَمْسَةٍ مِنَ الصَّحابةِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، وَقد خَرَّجْتُه فِي جُزْءٍ لَطِيفٍ، وبَيَّنَتُ طُرُقَهُ ورِوَاياتِهِ، فرَاجِعْهُ. قَالَ ابنُ الأَثِيرِ: الخَلَفُ، بالتَحْرِيكِ، والسُّكُون: كُلُّ مَن يَجِيءُ بعدَ مَنْ مَضَى، إِلاّ أَنَّه بالتَّحْرِيكِ فِي الخَيرِ، وبِالتَّسْكِينِ فِي الشَّرِّ، يُقَال: خَلَفُ صِدْقٍ، وخَلْفُ سَوْءٍ، ومَعْنَاهما جَمِيعاً: القَرْنُ مِن النَّاسِ، قَالَ: والمُرَادُ فِي هَذَا الحديثِ المَفْتُوحُ، وَمن بالسَّكُونِ الحديثُ: سَيَكُونُ بَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ، وَفِي حديثِ ابنِ مَسْعُودٍ: ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ هِيَ جَمْعُ خَلْفٍ. الخَلَفُ: مَصْدَرُ الأَخْلَفِ، لِلأَعْسَرِ، قَالَ أَبو كَبِيرٍ الهُذَلِيُّ:
(زَقَبٌ يَظَلُّ الذِّئْبُ يَتْبَعُ ظِلَّهُ ... مِنْ ضِيق مَوْرِدِهِ اسْتِنَانَ الأَخْلَفِ)

الزَّقَبُ: الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ، والاسْتِنَانُ: الجَرْيُ علَى جِهَةٍ واحِدَةٍ. قيل: الأَخْلَفُ: اسْمُ الأَحْوَلِ، وَقيل: اسْمٌ لِلْمُخَالِفِ الْعِسِرِ، الَّذِي كَأَنَّهُ يَمْشِي علَى شِقٍّ، وَفِي الصِّحاحِ، بَعِيرٌ أَخْلَفُ بَيِّنُخَلَفُ بنُ هِشَامٍ البَزَّار أَبو محمدٍ البَغْدَادِيُّ المُقْرِئُ، عَن مالكٍ، وشَرِيكٍ، وَعنهُ مُسْلِمٌ، وأَبو دَاوُدَ، مَاتَ سنة. خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ أَبو عيسَى الوَاسِطِيُّ كُرْدُوس، عَن يَزِيدَ، ورَوْحٍ، وَعنهُ ابنُ مَاجَة. وأَما خَلَفُ بنُ محمّد الخَيّامُ البُخَارِيُّ، فإِنَّهُ مَشْهُورٌ، كَانَ فِي المائِةِ الرَّابِعَةِ، قَالَ أَبو يَعْلَى الخَلِيلِيُّ: خَلَطَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدَّا، رَوَى مُتَوناً لم تُعْرَفْ. خَلَفُ بنُ مَهْرَانَ العَدَوِيُّ البَصْرِيُّ، عَن عامرٍ الأَحْوَلِ، وَعنهُ حَرَمِيُّ بن عُمارَةَ: مُحَدِّثُونَ. وفَاتَهُ: خَلَفُ بنُ حَوْشَبٍ الكُوفِيُّ العابدُ. وأَبُو المُنْذِرِ خَلَفُ بنُ المُنْذِرِ البَصْرِيُّ. وخَلَفُ بنُ عُثْمَانَ الخُزَاعِيُّ هؤلاءِ الثلاثةُ ذَكَرَهم ابنُ حِبَّانَ فِي الثِّقاتِ. وخَلَفُ بنُ رَاشِدٍ، وخَلَفُ بنُ عبدِ اللهِ السَّعْدِيُّ، وخَلَفُ بنُ عَمْرو مَجَاهِيلُ. وخَلَفُ بنُ عامرٍ البَغْدَادِيُّ الضَّرِيرُ، وخَلَفُ بن المُبَارَكِ، وخَلَفُ بن يَحْيى الخُرَاسَانِيُّ، قَاضِي الرَّيِّ، قَبْلَ الْمِائَتَيْنِ، وخَلَفُ بنُ ياسِين هؤلاءِ تُكُلِّمَ فيهم واخْتُلِفَ. ومحمدُ بنُ خَلَفِ بنِ المَرْزُبَانِ، أَخْبَارِيٌّ لَيِّنٌ. وأَبُو خَلَفٍ: تَابِعِيَّانِ، أَحدُهما اسْمُه حَازِمُ بنُ عَطاءٍ الأَعْمَى البَصْرِيُّ، نَزِيلُ المَوْصِلِ، رَوَى عَن أنَسٍ، وَعنهُ مُعَانُ بنُ رِفَاعَةَ السّلامِيّ، قَالَهُ المِزِّيُّ، ونَقَلَ الذَّهَبِيُّ عَن يحيى أَنَّه كَذَّابٌ. وأَبُو خَلَفٍ: رجلٌ آخَرُ، رَوَى عَن)
الشَّعْبِيِّ، وآخَرُ رَوَى عَنهُ عِيسَى ابنُ يُونُسَ. وأَبو خَلَفٍ: مُوسَى بنُ خَلَفٍ العَمِّيُّ البَصْرِيُّ، رَوَى عَن قَتَادَةَ، وَعنهُ ابنُه خَلَفٌ. وخُلُفٌ، بِضَمَّتَيْنِ: ة، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ. قَالَ ابنُ عَبّادٍ: الأَخْلَفُ: الأَحْمَقُ. قيل: السَّيْلُ وَقَالَ السُّكَّرِيُّ فِي شرح الدِّيوَان: والأَخْلَفُ: بعضُهُم يَقُول: إِنَّه نَهْرٌ، أَي: فِي قَوْلِ أَبي كَبِيرٍ الهُذَلِيِّ الَّذِي سبَق ذِكْرُه. الأخْلَفُ: الْحَيَّةُ الذَّكَرُ، عَن ابنِ عَبَّادٍ. قَالَ: الأخْلَفُ: الْقَلِيلُ الْعَقْلِ كالخُلْفُفِ، بِالضَّمِّ، كَمَا سيأْتي، وَهُوَ خُلْفُفٌ، وخُلْفُفَةٌ. والْخُلْفُ، بِالضَّمِّ: الاسْمُ مِن الإِخْلاَفِ، وَهُوَ فِي المُسْتَقْبَلِ كالْكَذِبِ فِي الْــمَاضِي نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ، والجَوْهَرِيُّ، يُقَال: أَخْلَفَهُ وَعْدَهُ، وَهُوَ أَن يقولَ شَيْئاً وَلَا يَفْعَلَهُ علَى الاسْتِقْبَالِ. قَالَ شَيْخُنا: وَهُوَ أَغْلَبِيٌّ، وإِلاّ فَفِي التَّنْزِيل: ذلكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ، وَقيل أعَمّ، لأَنَّه فِيمَا عُبِّرَ عَنهُ بجُمْلَةٍ إِنْشَائِيَّةٍ، وَقيل: الخُلْفُ، بالضَّمِّ: القَوْلُ الباطلُ، ومَرَّ أَنَّه بالفَتْحِ، ولعلَّه ممَّا فِيهِ لُغَتَانِ. انْتهى.
والخَلْفُ الَّذِي مَرَّ أَنَّه بمَعْنَى القَوْلِ الرَّدِىءِ لم يَنْقُلُوا فِيهِ إِلاَّ الفتحَ فَقَط، وأَمّا الَّذِي بالضَّمِّ فَلَيْسَ إِلاَّ الاسْمَ مِن الإِخْلافِ، أَو المُخَالَفَةِ، واللَّغَةُ لَا يَدْخُلُها القِيَاسُ والتَّخْمِينُ. أَو هُوَ أَي: الإخْلافُ أَن لَا تَفِيَ بالعَهْدِ، وأَنْ تَعِدَ عِدَةً وَلَا تُنْجِزَهَا، قالَهُ اللِّحْيَانِيُّ، يُقَال: رَجُلٌ مُخْلِفٌ، أَي: كثيرُ الإِخْلافِ لِوَعْدِهِ، وَقيل: الإِخْلافُ: أَن يَطْلُبَ الرجلُ الحاجةَ أَو الماءَ، فَلَا يَجِدُ مَا طَلَبَ، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: والخُلْفُ: اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الإخْلافِ، قَالَ غيرُه: أَصْلُ الخُلْفِ: الخُلُفُ، بضَمَّتَيْنِ، ثمَّ خُفِّفَ، وَفِي الحديثِ: إِذا وَعَدَ أَخْلَفَ، أَي: لم يَفِ بعَهْدِهِ، وَلم يَصْدُقْ. الخُلْفُ أَيضاً: جَمْعُ الْخَلِيفِ، كأَمِيرٍ، فِي مَعَانِيهِ الَّتِي تُذْكَرُ بَعْدُ. وكَزُبَيْرٍ، خُلَيْفُ بنُ عُقْبَةَ، مِن تَبَعِ التَّابِعِينَ، يَرْوِي عَن ابنِ سِيرِين، وَعنهُ سُلَيْمَانُ الجَرْمِيُّ، وحَمَّادُ بن زَيْدٍ، قَالَهُ ابنُ حِبّضانَ.
والْخِلْفَةُ، بِالْكَسْرِ: الاسْمُ مِن الاخْتِلاَفِ، أَي خِلافُ الاتِّفَاقِ، أَو مَصْدَرُ الاخْتِلافِ أَي: التَّرَدُّدِ، وَمِنْه قَوْلُه تعالَى: وهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، أَيْ: هَذَا خَلَفٌ مِن هَذَا، أَي عِوَضٌ مِنْهُ وبَدَلٌ، أَو هَذَا يَأْتِي خَلْفَ هَذَا أَي فِي أَثَرِهِ، أَو مَعْنَاهُ، أَي معنَ قَوْلِهِ تَعَالى: خِلْفَةً: مَنْ فَاتَهُ أَمْرٌ، وَفِي اللِّسَانِ: عَمَلٌ بِاللَّيْلِ أَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ، وبِالْعِكْسِ، فَجَعَلَ هَذَا خَلَفاً مِن هَذَا، قَالَهُ الفَرَّاءُ. والْخِلْفَةُ أَيضاً: الرُّقْعَةُ يُرْقَعُ بِهَا الثُّوْبُ إِذا بَلِيَ. الخِلْفَةُ: مَا يُنْبِتُهُ الصَّيْفُ مِن الْعُشْبِ بَعْدَمَا يَبِسَ العُشْبُ الرِّبْعِي، وَفِي الصِّحاحِ: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخِلفَةُ: مَا نَبَتَ فِي الصَّيْفِ، قَالَ ذُوالرُّمَّةِ يصِفُ ثَوْراً:
(تَقَيَّظَ الرَّمْلَ حَتَّى هَزَّ خِلْفَتَهُ ... تَرَوُّحُ الْبَرْدِ مَافِي عَيْشِهِ رَتَبُ)

وزَرْعُ الْحُبُوبِ خِلْفَةً، وَذَلِكَ بعدَ إِدْرَاكِ الأَوَّلِ، لأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ مِنَ الْبُرِّ والشَّعِيرِ، والخِلْفَةُ: اخْتِلاَفُ الْوُحُوِش مُقْبِلَةً مُدْبِرَةً، وَبِه فُسِّرَ قَوْلُ زُهَيْرِ بنِ أَبي سُلْمَى، أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ: (بِهَا الْعَيْنُ والآرَامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً ... وأَطْلاَؤُهَا يَنْهَضْنَ فِي كُلِّ مَجْثَمِ)
أَي: تَذْهَبُ هَذِه، وتَجِيءُ هَذِه. الخِلْفَةُ: مَاعُلِّقَ خَلْفَ الرَّاكِبِ، قَالَ: كماعُلِّقَتْ خِلْفَةُ الْمَحْمِلِ الخِلْفَةُ: الرَّيِّحَةُ، وَهُوَ مَايَتَفَطَّرُ عَنْهُ الشَّجَرُ فِي أَوَّلِ الْبَرْدِ، وَهُوَ من الصُّفْرِيَّةِ. أَو الخِلْفَةُ: ثَمَرٌ يَخْرُجُ بَعْدَ ثَمَرٍ كَثِيرٍ، وَقد أَخْلَفَ الثَّمَرُ: إِذا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بعدَ شَيْءٍ. أَو الخِلْفَةُ: نَبَاتُ وَرَقٍ دُونَ وَرَقٍ، هَكَذَا فِي النُّسَخِ، والصَّوابُ: بعدَ وَرَقٍ قد تَنَاثَرَ، وَقد أَخْلَفَ الشَّجَرُ إِخْلافاً، وَفِي النِّهَايَةِ: هوالوَرَقُ الأَوَّلِ فِي الصَّيْفِ. وشَئٌ يَحْمِلُهُ الكَرْمُ بَعْدَمَا يَسْوَدُّ العِنَبُ، فَيُقْطَفُ العِنَبُ وَهُوَ غَضٌّ أَخْضَرُ، ثُمَّ يُدْرِكُ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِن سَائِرِ التَّمَرِ أَو أَنْ يَأْتِيَ الكَرْمُ بِحِصْرِمٍ جَدِيدٍ. الخِلْفَةُ: أَنْ يُنَاظِرُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ، هَكَذَا فِي النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِها: يُنَاصِرُ، من النَّصْرِ، وَهَكَذَا وُجِدَ بخَطِّ المُصَنِّفِ، والصَّوَابُ: أَن يُبَاصِرُ، مِن البَصَر، كَمَا هُوَ نَصُّ العُبَابِ، والجَمْهَرَةِ، فَإِذاغَابَ عَن أَهْلِهِ خَالَفَهُ إِلَيْهِمْ، يُقَال: يَخَالِفُ إِلَى امْرَأَةِ فُلانٍ، أَي: يَأْتِيها إِذا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا، قَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: قالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَال: اخْتَلَفَ فُلانٌ صَاحِبَهُ، والاسْمُ الخِلْفَةُ، بالكَسْرِ، وَذَلِكَ أَنْ يُبَاصِرَه، حَتّى إِذا غَابَ جَاءَ فدَخَلَ عَلَيْهِ، فَتلك الخِلْفَةُ. الخِلْفَةُ: الدَّوَابُّ الَّتِي تَخْتَلِفُ فِي أَلْوَانِهَا، وهَيْئَتِهَا، وَبِه فُسِّرَ أَيَضاً قَوْلُ زُهَيْرٍ السَّابِقُ،مِخْلافٌ: كَثِيرُ الخِلاَفِ لِوَعْدِهِ. المِخْلاَفُ: الْكُورَةُ يُقْدِمُ عَلَيْهَا الإنْسَانُ، كَذَا فِي المُحْكَم، ومِنْهُ مَخَالِيفُ الْيَمَنِ أَي: كُوَرُهَا، وَفِي حديثِ مُعَاذٍ: مَنْ تَخلَّفَ مِنْ مِخْلاَفٍ إِلَى مِخْلاَفٍ فَعُشْرُهُ وصَدَقَتُهُ إِلَى مِخلافِه الأَوَّلِ، إِذا حَالَ عَلَيْه الْحَوْلُ. وقالأَبو عمرٍ و: ويُقالُ: اسْتُعْمِلَ فُلانٌ علَى مَخَالِيفِ الطَّائِفِ، وَهِي الأَطْرَافُ، والنَّوَاحِي، وَقَالَ خالدُ بنُ جَنْبَةً: فِي كُلِّ بَلَدٍ مِخْلاَفٌ، بمَكَّةَ، والمَدِينةِ، والبَصْرَةِ، والكُوفَةِ، وكَنَّا نَلْقَى بنِ نُمَيْرٍ وَنحن فِي مِخْلافِ المَدِينَةِ، وهم فِي مِخْلافِ اليَمَامَةِ، وَقَالَ أَبو مُعَاذٍ: المِخْلاَفُ: البَنْكَرْدُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَال: فُلانٌ مِن مِخْلافِ كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ عِنْدَ اليَمَنِ كَالرُّسْتَاقِ، والجَمْعُ: مَخَالِيفُ، وَقَالَ ابنُ بَرِّي: المَخَالِيفُ لأَهْلِ الْيَمْنِ كالأَجْنَادِ لأَهْلِ الشَّامِ، والكُوَرِ لأَهْلِ العِرَاقِ، والرَّسَاتِيق لأَهْلِ الْجِبَالِ، والطَّسَاسِيجِ لأَهْلِ الأَهْوَازِ. هَذَا مانَقَلَهُ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ، قَالَ ياقُوتُ: تحتَ قَوْلِ خالِدِ بنِ جَنْبَةَ المُتَقَدِّمِ، قلتُ: وَهَذَا كَمَا ذكرْنا بالْعَادَةِ والإِلْفِ، إِذا)
انْتَقَلَ اليَمَانيُّ إِلَى هَذِه النَّوَاحِي سَمَّى الكُورَةَ بِمَا أَلِفَهُ مِنْ لُغَةِ قَوْمِهِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هِيَ لُغَةُ أَهْلِ اليَمَنِ خَاصَّةً، وَقَالَ أَيضاً بعدَما نَقَلَ كلامَ اللَّيْثِ: ومَا عَدَاهُ كَمَا تقدَّم ذِكْرُه، قلتُ: هَذَا الَّذِي بَلَغْنِي فِيهِ، وَلم أَسْمَعْ فِي اشْتِقَاقِهِ شَيْئَاً، وَعِنْدِي فِيهِ مَا أَذْكُرُهُ، وَهُوَ أَنَّ وَلَدَ قَحْطَانَ لمَّا اتَّخَذُوا أَرْضَ اليَمَنِ مَسْكَناً، وكَثُرُوا فِيهِ، وَلم يَسَعْهُمْ المُقَامُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، أَجْمَعُوا رَأْيَهُمٍ عَلَى أَنْ يَسِيرُوا فِي نَوَاحِي الْيَمَنِ، فيَخْتَارُ كُلُّ بَنِي أَبٍ مَوْضِعاً يَعْمُرُونَهُ ويَسْكُنُونَه، فكانُواومِخْلاَفِ يَام، فهؤلاءِ أَربعونَ مِخْلافاً ذَكَرَهُنَّ الصَّاغَانِيُّ، ورَتَّبْتُه أَنا على حُرُوفِ المُعْجَمِ كَمَا تَرَى. وفَاتَهُ: ذِكْرُ جُمْلَةٍ مِن المَخَالِيفِ، كمِخْلافِ أَصابَ، ومخلاف رَيْمَةَ، ومِخْلاَفِ عَبْسٍ، ومِخْلاَفِ الحَيَّةِ، ومِخْلاَفِ السلفية، ومِخْلاَفِ كبورة، ومِخْلافِ يَعْفَرُ، وغَيْرِها ممَّا يَحْتَاجُ إِلَى مُرَاجَعَةٍ واسْتِقْصَاءٍ، واللهُ المُوَفِّقُ لَا رَبَّ غَيْرُه، وَلَا خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُه. ورَجُلٌ خَالِفَةٌ: أَي كَثِيرُ الْخِلاَفِ، والشِّقَاقِ، وَبِه فُسِّرَ قَوْلُ الخَطَّابِ بنِ نُفَيْلٍ لَمَّا أَسْلَم ابنُه سَيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ إِنِّي لأَحْسَبُك خَالِفَةَ بَنِي عَدِىٍّ، هَل تَرَى أَحَداً يَصْنَعُ مِنْ قَوْمِكَ مَا تَصْنَعُ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِنَّ الخَطَّابَ أَبا عُمَرَ قَالَهُ لزَيْدِ بن عَمْرٍ وأَبي سَعِيدِ بنِ زَيْدٍ، لمَّا خَالَفَ دِينَ قَوْمِهِ. يُقَال: مَا أَدْرِي أَيُّ خَالِفَةٍ هُوَ، وأَيُّ خَالِفَةَ هُوَ، مَصْرُوفَةً ومَمْنُوعَةً، أَي: أَيُّ النَّاسِ هُوَ، قَالَ الجَوْهَرِيُّ: هُوَ غيرُ مَصْرُوفٍ للتَّأْنِيثِ والتَّعْرِيفِ، أَلاَ تَرَى أَنَّكَ فَسَّرْتَهُ بالنَّاسِ. انْتَهَى، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْخَالِفَةُ: النَّاسُ، فأَدْخَلَ عَلَيْهِ الأَلِفَ والَّلامَ.)
وَقَالَ غيرُه: يُقَال: مَا أَدْرِي أَيُّ الْخَوَالِفِ هُوَ. يُقَال أَيضاً: مَا أَدْرِي أَي خَالِفَةَ هُوَ، وأَيّ خَافِيَةٍ هُوَ، فَلم يُجْرِهما أَيْ: أَيُّ النَّاسِ هُوَ، وإِنَّمَا تُرِكَ صَرْفُهُ لأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ المَعْرِفَةُ، لأَنَّه وإِنْ كَانَ وَاحِداً فَهُوَ فِي مَوْضِعِ جَماعةٍ، يُرِيد: أَيُّ الناسِ هُوَ، كَمَا يُقَال: أَي تَمِيمٍ هُوَ وأَيُّ أَسَدٍ هُوَ، وَبِهَذَا سَقَطَ مَا أَوْرَدَهوالْخَالِفَةُ: الأَحْمَقُ، القَلِيلُ العَقْلِ، والهاءُ لِلْمُبَالَغَةِ، كَالْخَالِفِ وَقيل: هُوَ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ، ويُقَال أَيضاً: امْرَأَة خَالِفَةٌ، وَهِي الحَمْقَاءُ. الخَالِفَةُ: الأُمَّةُ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ الأُمَّةِ السَّالِفَةِ، عَن ابنِ عَبَّادٍ. الخَالِفَةُ: عَمُودٌ مِن أَعْمِدَةِ الْبَيْتِ، كَذَا فِي الصِّحاح، قيل: فِي مُؤَخِّرِهِ، والجَمْعُ: الخَوَالِفُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخَالِفَةُ: آخِرُ البَيْتِ، يُقَال: بيتٌ ذُو خَالِفَتَيْنِ، والخَوَالِفُ: زَوَايَا البَيْتِ، وَهُوَ مِن ذَلِك، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: خَالِفَهُ البيتِ: تحتَ الأطْنَابِ فِي الكِسْرِ، وَهِي الخَصَاصَةُ أَيضاً، وَهِي الفَرْجَةُ وأَنْشَدَ: مَا خِفْتُ حتَّى هَتَّكُوا الْخَوَالِفَا والْخَالِفُ: السِّقَاءُ، هَكَذَا فِي سَائِرِ النُّسَخِ، وصَوَابُه: المُسْتَقِي، كَمَا هُوَ بَعَيْنِهِ نَصُّ الصِّحاحِ،)
ونَقَلَهُ صاحِبُ اللِّسَانِ، والعُبَابُ أَيضاً هَكَذَا، كَالْمُسْتَخْلِفِ، وَمِنْه قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ الْقَطَا:
(ومُسْتَخْلِفَاتٍ مِنْ بِلاَدِ تَنُوفَةٍ ... لِمُصْفَرَّةِ الأَشْدَاقِ حُمْرِ الْحَوَاصِلِ)

(صَدَرْنَ بِمَا أَسْأَرْنَ مِنْ مَاءِ آجِنٍ ... صَرًى لَيْسَ مِنْ أَعْطَانِهِ غَيْرَ حَائِلِ)
والنَّبِيذُ الفَاسِدُ. الخَالِفُ: الَّذِي يَقْعُدُ بَعْدَكَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: مَعَ الْخَالِفِينَ هَكَذَا فَسَّرَهُ اليَزِيدِيُّ.
والْخِلِّيفَي، بِكَسْرِ الْخَاءِ والَّلامِ الْمُشَدَّدَةِ، وَهُوَ أَحَدُ الأَوْزَانِ الَّتِي يَزِنُ بهَا مَا يَأْتِي علَى لَفْظِهَا، وَلذَا احْتَاجَ إِلَى ضَبْطِهِ تَصْرِيحاً: الْخِلاَفَةُ، قَالَ شَيْخُنَا نَقْلاً عَن حَوَاشِي دِيبَاجَةِ المُطَوَّلِ للفَنَارِيِّ: إِن الخِلِّيفَي مُبَالَغَةٌ فِي الخِلاَفَةِ، لَا نَفْسُها، كَمَا يُتَوَهَّم مِن كَلامِ الصِّحاحِ. انْتهى. قلتُ: وَقد وَرَدَ ذَلِك فِي حديثِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: لَو أُطِيقُ الأَذَانَ مَعَ الخِلِّيفَي لأَذَّنْتُ قَالَ الصَّاغَانِيُّ: كأَنَّهُ أَرادَ بالخِلِّيفَ كَثْرَةَ جَهْدِهِ فِي ضَبْطِ أُمُورِ الخِلاَفَةِ، وتَصْرِيفِ أَعِنَّتِها، فإِنَّ هَذَا النَّوْعَ مِن المَصَادِرِ يَدُلُّ عَلَى معنَى الْكَثْرَةِ. الخَلِيفُ، كَأَمِيرٍ: الطَّرِيقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للشاعرِ وَهُوَ صَخْرُ الغَيِّ الهُذَلِيِّ:
(فَلَمَّا جَزَمْتُ بِهِ قِرْبَتِي ... تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أَو خَلِيفا)
جَزَمْتُ: مَلأْتُ، وأَطْرِقَةً: جَمْعُ طَرِيقٍ. الخَلِيفُ: الْوَادِي بَيْنَهُمَا، وَهُوَ فَرْجٌ بَين قُنَّتَيْنِ، مُتَدَانٍ قَلِيلُ العَرْضِ والطُّولِ، قَالَ: خَلِيف بَيْنَ قُنَّةِ أَبْرَقِ ومِنْهُ قَوْلُهُم: ذِيخُ الْخَلِيفِ، كَمَا يُقَال: ذِئْبُ غَضًى، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للشاعِرِ، وَهُوَ كُثَيِّرٌ، يَصِف نَاقَتَهُ:
(وذِفْرَى كَكَاهِلِ ذِيخِ الْخَلِيفِ ... أَصَابَ فَرِيقَةَ لَيْلٍ فَعَاثَا)
قَالَ ابنُ بَرِّيّ، والصّاغَانِيُّ: بذِفْرَى وأَوَّلُهُ:
(تُوَالِي الزِّمَامَ إِذا مَا دَنَتْ ... رَكَائِبُهَا واخْتَنَثْنَ اخْتِنَاثَا)
ويُرْوَى: ذِيخِ الرَّفِيضِ وَهُوَ قِطْعَةٌ مِن الجَبَلِ. الخَلِيفُ: مَدْفَعُ الْمَاءِ بَين الجَبَلَيْنِ، وَقيل: مَدْفَعُه بينَ الوَادِيَيْنِ، وإِنَّمَا ينْتَهِي المَدْفَعُ إِلى خَلِيفٍ لِيُفْضِيَ إِلَى سَعَةٍ. قيل: الخَلِيفُ: الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ أَيّاً كَانَ، قَالَه السُّكَّرِيُّ، أَو وَرَاءَ الجَبَلِ، أَو وَرَاءَ الوَادِي، وبكُلِّ ذَلِك فُسِّرَ قَوْلُ صَخْرِ الغَيِّ السَّابِقُ. الخَلِيفُ: الطَّرِيقُ فَقَط، جَمْعُ ذَلِك كُلِّه: خُلُفٌ، أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ: فِي خُلُفٍ تَشْبَعُ مِنْ رَمْرَامِهَا)
الخَلِيفُ: السَّهْمُ الْحَدِيدُ، مِثْلُ الطَّرِيرِ، عَن أَبِي حَنِيفَةَ، وأَنْشَدَ لِسَاعِدَةَ بنِ عَجْلانَ الهُذَلِيِّ:
(ولَحَفْتُه مِنْهَا خَلِيفاً نَصْلُهُ ... حَدٌّ كَحَدِّ الرُّمْحِ لَيْسَ بمِنْزَعِ)
ووَقَعَ فِي اللِّسَانِ لِسَاِعِدَةَ بنِ جُؤَيَّةَ، وَهُوَ غَلَطٌ، ثمَّ الَّذِي قَالَُ السُّكَّرِيُّ فِي شَرْحِ هَذَا البيتِ، وضَبَطَهُ حَلِيفاً هَكَذَا بالحاءِ المُهْمَلَةِ، وفَسَّرَه بالنَّصْلِ الحَادِّ، ولَحَفْتُه: جَعَلْتُه لَهُ لِحَافَاً. قلتُ: وَهَذَا هُوَ الأَشْبَهُ، وَقد تقدَّم الحَلِيفُ بمَعْنَى النَّصْلِ فِي مَوْضِعِهِ. الخَلِيفُ: الثَّوْبُ يُشَقُّ وَسَطُهُ، فيُخْرَجُ البَالِي مِنْهُ، فيُوصَلُ طَرَفَاهُ ويُلْفَقُ، عَن ابنِ عَبّادٍ، وَقد خَلَفَ ثَوْبَهُ، يَخْلُفُه، خَلْفاً، المَصْدَرُ عَن كُرَاعٍ. خِلِيفُ الْعَائِذِ: هِيَ النَّاقَةُ فِي اليَّوْمِ الثَّانِي مِن نِتَاجِهَا، وَمِنْه يُقَالُ: رَكِبَهَا يَوْمَ خَلِيفِها.
قَالَ أَبو عمرٍ و: الخَلِيفُ اللَّبَنُ بَعْدَ اللِّبَإِ، يُقَال: ائْتِنَابلَبَنِ نَاقَتِكَ يومَ خَلِيفِها، أَي: بعدَ انْقِطاعِ لَبَنِهَا، أَي: الحَلْبَةُ الَّتِي بعدَ الوِلاَدَةِ بيَوْمٍ أَو يَوْمَيْنِ. جَمْعُ الْكُلِّ خُلُفٌ، كَكُتُبٍ ومَرَّ لَهُ قَرِيبا أَن الخُلُفَ، بالضَّمِّ، جَمْعُ الخَلِيفِ فِي مَعَانِيهِ، وكلاهُما صَحِيحٌ، كرُسُلٍ ورُسْلٌ، يُثَقَّلُ ويُخَفَّفُ، غيرَ أَنَّ تَفْرِيْقَهُ إِيَّاهُما فِي مَوْضِعَيْنِ مِمَّا يُشَتِّتُ الذِّهْنَ، ويُعَدُّ مِن سُوءِ التَّصْنِيفِ عندَ أَهْلِ الفَنِّ. الخَلِيفُ: جَبَلٌ، وَفِي العُبَابِ: شِعْبٌ، وَقد جاءَ ذِكْرُه فِي قَوْلِ عبدِ اللهِ بن جَعْفَرٍ العَامِرِيِّ:
(فَكَأَنَّمَا قَتَلُوا بجارِ أَخِيهِمُ ... وَسَطَ المُلُوكِعلَى الخَلِيفِ غَزَالاَ)
وَكَذَا فِي قَوْلِ مُعَقِّرِ بنِ أَوْسِ بنِ حِمَارٍ البَارِقِيِّ:
(ونحنُ الأَيْمَنُونَ بَنُو نُمَيْرٍ ... يَسِيلُ بِنَا أَمَامَهُمُ الْخَلِيفُ)
قيل: هِيَ بَيْنَ مَكَّةَ والْيَمَنِ. الخَلِيفُ: الْمَرْأَةُ الَّتِي أَسْبَلَتْ، وَفِي العُبَابِ: سَدَلَتْ شَعْرَهَا خَلْفَهَا.
وخَلِيفَا النَّاقَةِ: مَا تَحْتَ إِبِطَيْهَا، لَا إِبْطَاهَا، ووَهِمَ الْجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لِكُثَيِّرٍ يَصِفُ نَاقَة:
(كَأَنَّ خَلِيفَيْ زَوْرِهَا ورَحَاهُمَا ... بُنى مَكَوَيْنِ ثُلِّمَا بَعْدِ صَيْدَنِ)
المَكَا: جُحْرُ الثَّعْلَبِ والأَرْنَبِ ونَحْوِهِما، والرَّحَى: الكِرْكِرَةُ، والبُنَى: جَمْعُ بُنْيَةٍ، والصَّيْدَنُ هُنَا: الثَّعْلَبُ. ونَصُّ العُبَابِ مِثْلُ نَصِّ الجَوْهَرِيِّ، وَالَّذِي قَالَهُ المُصَنِّفُ أَخَذَهُ مِن قَوْلِ أَبي عُبَيْدٍ مَا نَصَّه: الخَلِيفُ مِن الجَسَدِ: مَا تَحْتَ الإِبْطِ، قَالَ الصَّاغَانِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ: والإِبطُ غَيْرُ مَا تَحْتَهُ، ثمَّ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: والخَلِيفان مِنَ الإِبِلِ: كالإِبِطَيْنِ مِن الإِنْسَانِ، فَانْظُر هَذِه العِبَارَةَ، ومَأْخَذُ الجَوْهَرِيِّ مِنْهَا صَحِيحٌ، لَا غَلَطَ فِيهِ. وَقَالَ شيخُنَا: ومِثْلُ هَذَا لَا يُعَدُّ وُهماً لأَنَّهُ نَوْعٌ مِن المَجَازِ، وَكَثِيرًا مَا تُفَسَّرُ الأَشْيَاءُ بِمَا يُجَاوِرُها بمَوْضِعِها، ونَحْوِ ذَلِك. والْخَلِيفَةُ، هَكَذَا بالَّلامِ فِي سائرِ النُّسَخِ، والصَّوابُ: خَلِيفَة، كَمَا هُوَ نَصُّ العُبَابِ، واللِّسَانِ، والتَّكْمِلَةِ، وَقد جاءَ ذِكْرُه فِي الحديثِ هَكَذَا)
بِلَا لاَمٍ، وَهُوَ جَبَلٌ بمكَّةَ مُشْرِفٌ علَى أَجْيَادٍ، هَكَذَا فِي اللِّسَانِ، زَادَ فِي العُبَابِ: الْكَبِيرِ، إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الأَجْيَادَ أَجْيَادَانِ الكَبِيرُ والصَّغِيرُ، وَقد صَرَّح بِهِ ياقُوتُ أَيضاً، ومَرَّ ذَلِك فِي الدَّالِ، وَلذَا يُقَال لَهما: الأَجْيَادَانِ. وبِلاَ لاَمٍ: خَلِيفَةُ بنُ عَدِيِّ بنِ عَمْرٍ والبَيَاضِيُّ الأَنْصَارِيُّ الصَّحَابِيُّ البَدْرِيُّ، رَضِيَ اللهُ عَنهُ، هَكَذَا رَوَاهُ ابنُ إِسْحَاق، وَقد اخْتُلِفَ فِي نَسَبِهِ، شَهِدَ مَعَ عليٍّ حَرْبَهُ، أَو هُوَ عَلِيفَةُ، بالعَيْنِ الْمُهْمَلِةِ، وَهَكَذَا سَمَّاهُ ابنُ هِشَامٍ. وفَاتَهُ: أَبو خَلِيفَةَ بِشْرٌ، لَهُ صُحْبَةٌ، رَوَى ابنُه خَلِيفَةُ بنُ بِشْرٍ. وابْنُ كَعْبٍ، خَلِيفَةُ بنُ حُصَيْنِ بنِ قَيْسِ بنِ عاصِمٍ المِنْقَرِيّ، عِدَادُه أَهلِ الكوفَةِ، رَوَى عَن جَمَاعَةٍ من الصَّحابةِ، ورَوَى عَنهُ الأَغَرُّ. وأَبو خَلِيفَةَ، عِدَادُه فِي أَهلِ اليَمَنِ، رَوَى عَن عليٍّ، وَعنهُ وَهْبُ بنُ مُنَبِّهٍ، وهؤلاءِ الثَّلاثةُ تَابِعيُّون. أَبو هُبَيْرَةَ خَلِيفَةُ بنُ خَيَّاطٍ الْبَصْرِيُّ العُصْفُرِيُّ اللُّيْثِيُّ، سَمِعَ حُمَيْداً الطَّوِيلَ، وَعنهُ أَبو الوليدِ الطَّيَالِسِيُّ، مَاتَ سنة، وفِطْرُ بنُ خَلِيفَة بنِ خَلِيفَةَ، أَبوه مَوْلَى عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، وتكلَّم فِيهِ الدَّارَقُطْنِيُّ، ووَثَّقَهُ غيرُه، والثلاثةُ الأُوَلُ كمام أَشَرٍْنَا إِليه تَابِعِيُّون، مُحَدِّثُونَ. وفَاتَهُ: خَلِيفَةُ الأَشْجَعِيُّ، مَوْلاهُمٍْ الْوَاسِطِيُّ. وخَلِيفَةُ بنُ قَيْسٍ، مَوْلَى خالدِ بنِ عُرْفُطَةَ، حَلِيفُ بني زُهْرَةَ. وخَلِيفَةُ بنُ غالِبِ، أَبو غَالبٍ اللَّيْثِيُّ، هؤلاءِ مِن أَتْبَاعِ التَّابِعين. وخَلِيفَةُ بنُ حُمَيْدٍ، عَن إِياسِ بنِ مُعَاوِيَةَ، تُكُلِّمَ فِيهِ. والْخَلِيفَةُ: السُّلْطَانُ الأَعْظَمُ، يَخْلُفُ مَن قَبْلَه، ويَسُدُّ مَسَدُّهُ، وتَاؤُه للنَّقْلِ، كَمَا صَرَّح بِهِ غيرُ واحِدٍ، وَفِي المِصْبَاحِ أَنها للمُبَالَغَةِ، ومِثْلُه فِي النِّهَايَةِ، قَالَ شيخُنا: وجَوَّزَ الشيخُ ابنُ حَجَرٍ المَكِّيُّ فِي فَتَاوَاهُ أَن يكونَ صِفَةً لمَوْصوفٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُه: نَفْسٌ خَلِيفَةٌ، وَفِيه نَظَرٌ، فَتَأَمَّلْ. قَالَ الجِوْهَرِيُّ: قد يُؤَنَّثُ، قَالَ شَيْخُنَا: يُرِيدُ فِي الإِسْنادِ ونَحْوِه. مُرَاعَاةً لِلَفْظِهِ، كَمَا حَكَاهُ الفَرَّاءُ، وأَنْشَدَ:
(أَبُوكَ خَلِيفَةٌ وَلَدَتْهُ أُخْرَى ... وأَنْتَ خَلِيفَةٌ ذَاكَ الْكَمَالُ)
قلتُ: وَلَدَتْهُ أُخْرَى قَالَهُ لِتَأْنِيثِ اسْمِ الخليفةِ، والوَجْهُ أَن يكونَ: وَلَدَه آخَرُ. كالْخَلِيفِ بغَيْرِ هاءٍ، أَنْكَرَهُ غيرُ واحدٍ، وَقد حَكَاهُ أَبو حاتمٍ، وأَوْرَدَهُ ابنُ عَبَّادٍ فِي المُحِيطِ، وابنُ بَرِّيِ فِي الأَمَاِي، وأَنْشَدَ أَبو حاتمٍ لأَوْسِ بنِ حَجَرٍ:
(إِنَّ مِنَ الْحَيِّ مَوْجُوداً خَلِيفَتُهُ ... ومَا خَلِيفُ أَبِي وَهْبٍ بِمَوْجُودِ)
ج: خَلاَئِفُ، قَالَ الجَوْهَرِيُّ: جاؤُوا بِهِ علَى الأَصْلِ، مِثْل: كَرِيمَةٍ وكَرَائِمَ، قَالُوا أَيضا: خُلَفَاءُ، مِن أَجْلِ أَنَّه لَا يَقَعُ إِلاَّ علَى مُذَكَّرٍ، وَفِيه الهاءُ، جَمَعُوه علَى إِسْقاطِ الهاءِ، فصارَ مِثْلَ: ظَرِيفٍ وظُرَفَاءَ لأَنَّ فَعِيلَة بالهاءِ لَا تُجْمَعُ علَى فُعْلاَءَ، هَذَا كلامُ الجَوْهَرِيُّ، ومِثْلُه فِي العُبَابِ، وَهُوَ) نَصُّ ابنِ السِّكِّيتِ، وعَلَى قَوْلِ أَبي حاتمٍ، وابنِ عَبَّادٍ لَا يُحْتَاجُ إِلّى هَذَا التَّكَلُّفِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: جَازَ أَن يُقَالَ لِلأَئِمَّةِ: خُلَفَاءُ اللهِ فِي أَرْضِهِ،خَلَفَ فَمُ الصَّائِمِ خُلُوفاً، وخُلُوفَةً، بضَمِّهِمَا على الصَّوابِ، وَلَو أَنَّ إِطْلاقَ المُصَّنِفِ يقْتَضِي فَتْحَهُمَا، وعلَى الأَوَّلِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ، وَكَذَا خِلْفَةً، بالكَسْرِ، كَمَا فِي اللِّسَانِ: تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ، وَمِنْه الحدِيثُ: لَخُلُوفُ فَمَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، قَالَ شيخُنَا: الخُلُوفُ، بالضَّمِّ، بمعنَى تَغَيُّرِ الفَمِ هُوَ المَشْهُورُ، الَّذِي صّرَّحَ بِهِ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ، وحكَى بعضُ الفُقَهاءِ والمُحَدِّثين فَتْحَهَا، واقْتَصَرَ عَلَيْهِ الدَّمِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وأَظُّنُّه غَلَطاً، كَمَا صرَّح بِهِ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ آخَرُونَ: الفَتْحُ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ، واللهُ أَعلمُ، وَفِي رِوايَةِ: خِلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ، وسُئِلَ عليٌّ رضِيَ اللهُ عَنهُ عَن القُبْلَةِ للصَّائمِ، فَقَالَ: ومَا أَرَبُكَ إِلَى خُلُوفِ فِيهَا كَأَخْلَفَ، لُغَةٌ فِي خَلَفَ، أَي: تَغَيَّرَ طَعْمُه، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، ومِنْهُ نَوْمَةُ الضُّحَى مَخْلَفَةٌ لِلْفَم، وَفِي بعضِ الأُصُولِ: نَوْمُ الضُّحَى، ومُخْلِفَةٌ، ضَبَطُوه بضَمِّ المِيمِ وفَتْحِهَا، مَعَ كَسْرِ اللامِ وفَتْحِهَا، أَي تُغَيِّرَ الفَمَ. خَلَفَ اللَّبَنُ، والطَّعَامُ: إِذا تَغَيَّر طَعْمُهُ، أَو رَائِحَتُهُ كأَخْلَفَ، كَمَا فِي الصِّحاحِ وَهُوَ مِن حَدِّ نَصَرَ،)
ورُوِيَ: خَلُفَ ككَرُمَ، خُلُوفاً، فيهمَا، وَقيل: خَلَفَ اللَّبَنُ خُلُوفاً: إِذا أُطِيلَ إِنْقَاعُه حَتَّى يَفْسُدَ، وَفِي الأَسَاسِ: أَي خَلَفَ طَيِّبَه تَغَيُّرُه، أَي: خلط، وَهُوَ مَجازٌ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: خَلَفَ الطَّعَامُ والفَمُ، يَخْلُفُ، خُلُوفاً: إِذا تَغَيَّرَا، وَكَذَا مَا أَشْبَهَ الطَّعَامَ والْفَمَ. خَلَفَ فُلاَنٌ: فَسَدَ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عَن ابنِ السِّكِّيتِ، وَمِنْه قَوْلُهُمْ: عَبْدٌ خَالِفٌ، أَي فَاسِدٌ، وَهُوَ مِن حَدِّ نَصَر، ومَصْدَرُه الخَلْفُ، بالسُّكُونِ، ويجوزُ أَن يكونَ من بَاب كَرُم، فَهُوَ خَالِفٌ، كحَمُضَ، فَهُوَ حَامِضٌ.يَصِفُ صَائِداً:
(يَمْشِي بِهِنَّ خَفِيُّ الشَّخْصِ مُخْتَتِلٌ ... كَالنَّصْلِ أَخْلَفَ أَهْدَاماً بِأَطْمَارِ)
أَي: أَخْلَفَ مَوْضِعَ الخُلْقانِ خُلْقاناً. خَلَفَ لأَهْلِهِ خَلْفاً: اسْتَقَى مَاءً، والاسْمُ الخِلْفُ، والخِلْفَةُ، قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ: كَاسْتَخْلَفَ، وأَخْلَفَ، وَقَالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: أَخْلَفْتَ القَوْمَ: حَمَلْتُ إِليهِم الماءَ العَذْبَ، وهم فِي رَبِيعٍ لَيْسَ مَعَهم مَاءٌ عَذْبٌ، أَو يكونُونَ علَى مَاءٍ مِلْحٍ، وَلَا يكون الإِخْلافُ إِلاَّ فِي الرَّبِيع، وَهُوَ فِي غيرِه مُسْتَعَارٌ مِنْهُ. خَلَفَ النِّبِيذُ: فَسَدَ، فَهُوَ خَالِفٌ، وَقد تقدَّم. ويُقَالُ لِمَنْ هَلَكَ لَهُ مَالاَ، وَفِي الْمُحكم: مَنْ لَا يُعْتَاضُ مِنْهُ، كَالأَبِ، والأُمِّ، والعَمِّ: خَلَفَ اللهُ عَلَيْكَ، أَيْ: كَانَ الله عَلَيْكَ خَلِيفَةً، وخَلَفَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْكَ خَيْراً أَو بِخَيْرٍ، وَفِي اللِّسَان: وبخَيْرٍ، وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: إِذا) دَخَلَتِ الباءُ فِي بخَيْرٍ أُسْقِطَتِ الأَلِفُ، وأَخْلَفَ اللهُ عَلَيْكَ خَيْراً، أَخْلَفَ لَكَ خَيْراً، ويُقَال، لِمَنْ هَلَكَ لَهُ مَا يُعْتَاضُ مِنْهُ، أَو ذَهَبَ مِن وَلَدٍ ومَالٍ: أَخْلَفَ الله لَكَ، وأَخْلَفَ عَلَيْكَ، وخَلَفَ اللهُ لَكَ، أَو يَجُوزُ: خَلَفَ اللهُ عَلَيْكَ فِي الْمَالِ ونَحْوِهِ مِمَّا يُعْتَاضُ مِنْهُ، وعبارةُ الجَوْهَرِيِّ: ويُقَال لِمَنْ ذَهَبَ لَهُ مَالٌ، أَو وَلَدٌ، أَو شَيْءٌ يُسْتَعَاضُ: أَخْلَفَ اللهُ عليكَ، أَي: رَدَّ اللهُ عليكَ مِثْلَ مَا ذَهَبَ، فإنْ كَانَ هَلَكَ لَهُ أَخٌ أَو عَمٌّ، أَو وَالِدٌ، قُلْتَ: خَلَفَ اللهُ عَلَيْك، بغَيْرِ أَلِفٍ، أَي كَانَ اللهُ خَلِيفَةَ والدِك، أَو مَن فَقَدْتَه عَلَيْك. انْتهى، وَقَالَ غيرُه: يُقَال: خَلَفَ اللهُ لَك خَلَفاً بخَيْرٍ، وأَخْلَف عَلَيْك خَيْراً، أَي أَبْدَلَكَ بِمَا ذَهَبَ منكَ، وعَوَّضَك عَنهُ، وَقيل: يُقَالُ: خَلَفَ اللهُ عَلَيْك، إِذا مَاتَ لَك مَيِّتٌ، أَي: كَانَ اللهُ خَلِيفةً، وَقد ذَكره المُصَنِّفُ، ويَجُوزُ فِي مُضَارِعهِ يَخْلَفُ، كَيَمْنَعُ، وَهُوَ نَادِرٌ، لأَنَّه لَا مُوجِبَ لفَتْحِهِ فِي المُضَارِع مِن غَيْرِ أَنْ يكونَ حَرْفًا حَلْقِيًّا. وخَلَفَ عَن أَصْحَابِهِ، يَخْلُفُ، بالضَّمِّ: إِذا تَخَلَّفَ: قَالَ الشَّمَّاخُ:
(تُصِيبُهُمُ وتُخْطِئُنَا الْمَنَايَا ... وأَخْلَفَ فِي رُبُوعِ عَنْ رُبُوعِ)
خَلَفَ فُلاَنٌ خَلاَفَةً، وخُلُوفاً، كَصَدَارَةٍ، وصُدُورٍ: حَمُقَ، وقَلَّ عَقْلُهُ، فَهُوَ خَالِفٌ، وخَالِفَةٌ، وأَخْلَفُ، وخَلِيفٌ، وَهِي خَلْفَاءُ، والتاءُ فِي خَالِفَةٍ للمُبَالَغَةِ، وَقد تقدّم. خَلَفَ عَن خُلُقِ أَبِيهِ، يَخْلُفُ، خُلُوفاً: إِذا تَغَيَّرَ عَنْهُ. خَلَفَ فُلاَناً، يَخْلُفُه، خَلَفاً: صَارَ خَلِيفَتَهُ فِي أَهْلِهِ، ووَلَدِهِ، وأَحْسَنَ خِلاَفَتَهُ عَنهُ فيهم. وخَلِفَ الْبَعِيرُ، كَفَرِح: مَالَ علَى شِقٍّ واحدٍ، فَهُوَ أَخْلَفُ بَيِّنُ الخَلَفِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وَقد تقدَّم قَرِيبا، فَهُوَ تَكْرَارٌ. خَلِفَتِ النَّاقَةُ تَخْلَفُ، خَلَفاً: أَي حَمَلَتْ قَالَهُ اللِّحْيَانِيُّ، نَقَلَهُ ابنُ عَبَّادٍ فِي المُحِيطِ. والخِلاَفُ، كَكِتَابٍ، وشَدُّهُ، أَي مَعَ فَتْحِهِ لَحْنٌ من العَوَامِّ، كَمَا فِي العُبَابِ: صِنْفٌ مِن الصَّفْصَافِ ولَيْس بِهِ، وَهُوَ بأَرْضِ العربِ كَثِيرٌ، ويُسَمَّى السَّوْجَرَ، وأَصْنَافُهُ كثيرةٌ، وكُلُّهَا خَوَّارٌ ضَعِيفٌ، وَلذَا قَالَ الأَسْوَدُ:
(كَأَنَّكَ صَقْبٌ مِن خِلاَفٍ يُرَى لَهُ ... رُوَاءٌ وتَأْتِيهِ الْخُؤُورَةُ مِنْ عَلْ)
الصَّقْبُ: عَمُودٌ مِن عُمُدِ البَيْتِ، والواحِدَة: خِلاَفَةٌ. وزَعَمُوا أَنه سُمِّيَ خِلاَفاً، لأَنَّ السَّيْلَ يَجِيءُ بِهِ سَبْياً، فَيَنْبُتُ مِن خِلاَفِ أَصْلِهِ، قَالَهُ أَبو حَنِيفَةَ، وَهَذَا لَيْسَ بقَوِيٍّ، قَالَ الجَوْهَرِيُّ: ومَوْضِعُهُ مُخْلَفَةٌ. قَالَ: وأَمَّا قَوْلُ الرَّاجِزِ: يَحْمِلُ فِي سَحْقِ مِنَ الْخِفَافِ تَوَادِياً سُوِّينَ مِنْ خِلاَفِ)
فإِنَّمَا يُرِيدُ مِن شَجَرِ مُخْتَلِفٍ، وَلَيْسَ يَعْنِي الشَّجَرَةَ الَّتِي يُقَال لَهَا: الخِلافُ لأَنَّ ذَلِك لَا يكَاد أَن يكونَ فِي الْبَادِيَةِ. وَرَجُلٌ خِلِّيفَةٌ، كَبِطِّيخَةٍ: مُخَالِفٌ ذُو خِلْفَةٍ، قَالَهُ ابنُ عَبَّادٍ. رجل خِلَفْنَةٌ، كَرِبَحْلَةٍ، كَمَا فِي المُحِيطِ، وخِلْفَناةٌ، كَمَا فِي اللِّسَانِ، عَن اللِّحْيَانِيِّ، ونُونُهُمَا زَائِدَةٌ، وهُمَا لِلْمُذَكَّرِ والْمُؤَنَّثِ والْجَمْعِ، يُقَال: هَذَا رجلٌ خِلَفْنَاةٌ وخِلَفْنَةٌ، وامرأَةٌ خِلَفْنَاةٌ وخِلَفْنَةٌ، والقومُ خِلَفْنَاةٌ وخِلَفْنَةٌ قألَهُ اللِّحْيَانِيُّ، ونُقِلَ عَن بعضِهم فِي الْجمع: خِلَفْنَاتٌ فِي الذُّكُورِ والإِنَاثِ: أَيْ مُخَالِفٌ، كَثِيرُ الْخِلاَفِ، وَفِي خُلُقِهِ خِلَفْنَةٌ، كدِرَفْسَةٍ، وَهَذِه عَن الجَوْهَرِيِّ، وخِلْفْنَاةٌ أَيضاً، كَمَا فِي المُحْكَمِ، ونُونُهُما زائدةٌ أَيضاً، كَذَا خَالِفٌ، وخَالِفَةٌ، وخِلْفَةٌ، وخُلْفَةٌ، بِالْكَسْرِ والضَّمِّ: أَي خِلاَفٌ، وَقد تقدَّم عَن ابْن بُزُرْجَ أَنَّ الخُلْفَةَ فِي العَبْدِ، بِالضَّمِّ، هُوَ الحُمْقُ والعَتَهُ، وَعَن غيرِهِ: الفَسَادُ، وبَيْن خِلْفَةٍ وخِلْقَةٍ جِنَاسُ تَصْحِيفٍ. المَخْلَفَةُ، كَمَرْحَلَةٍ: الطَّرِيقُ، فِي سَهْلٍ كانَ أَو جَبَلٍ، وَمِنْه قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
(تُؤَمِّلُ أَنْ تُلاَقِيَ أُمَّ وَهْبٍ ... بِمَخْلَفَةٍ إِذَا اجْتَمَعَتْ ثَقِيفُ)
مُخْلَفَةُ بني فُلانٍ: المَنْزِلُ. ومَخْلَفةُ مِنًى: حَيْثُ يَنْزِلُ النَّاسُ، وَمِنْه قَوْلُ الهُذَلِيِّ:
(وإِنَّا نَحْنُ أَقْدَمُ مِنْكَ عِزًّا ... إِذَا بُنِيَتْ بِمَخْلَفَةَ الْبُيُوتُ)
قلتُ: وَهُوَ قَوْلُ عَمْرِو بنِ همَيْلٍ الهُذَلِيِّ، وَلم يُذْكَرْ شِعْرُه فِي الدِّيوانِ. المَخْلَفُ، كَمَقْعَدٍ: طُرُقُ النَّاسِ بِمِنًى حَيْثُ يَمُرُّونَ، وَهِي ثلاثُ طُرُقٍ، وَيُقَال: اطْلُبْهُ بالمَخْلَفَةِ الوُسْطَى مِن مِنًى. ورَجُلٌ خُلْفُفٌ، كَقُنْفُذٍ، وضُبِطَ فِي اللِّسَانِ مِثْل جُنْدُبٍ. أَحْمَقُ، وَهِي خُلْفُفٌ وخُلْفُفَةٌ، بهاءٍ، وبِغَيرِ هاءٍ: أَي حَمْقَاءُ. وأُمُّ الخُلْفُفِ، كَقُنْفُذٍ، وَجُنْدَبٍ وعلَى الضَّبْطِ الأَوَّلِ اقْتَصَرَ الصَّاغَانِيُّ: الدَّاهِيَةُ، أَو الْعُظْمَى مِنْهَا. وأَخْلَفَهُ الْوَعْدَ: قَالَ ولَمْ يَفْعَلْهُ، قَالَ اللهُ تعالَى: إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، ونَصُّ الصِّحاح: أَن يقولَ شَيْئاً وَلَا يَفْعَلُه علَى الاسْتِقْبَالِ. قَالَ: أَخْلَفَ فُلاناً أَيْضاً: إِذا وَجَدَ مَوْعِدَهُ خُلْفاً، وأَنْشَدَ لِلأَعْشَى:
(أَثْوَى وقَصَّرَ لَيْلَةً لِيُزَوَّدَا ... فَمَضَتْ وأَخْلَفَ مِنْ قُتَيْلَةَ مَوْعِدَا)
ويُرْوَى: فَمَضَى. قَالَ: كَانَ أَهلُ الجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ: أَخْلَفَتِ النَّجُومُ، أَي: أَمْحَلَتْ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مَطَرٌ، وَهُوَ مَجَازٌ، وأَخْلَفَتْ عَن أَنْوَائِهَا كَذَلِك، أَي: لأَنَّهُمْ كانُوا يَعْتَقِدُونَ ويَقُولُونَ: مُطِرْنَا بنَوْءِ كَذَا وَكَذَا. ونَقَلَ شيخُنَا عَن الفَارَابِيِّ فِي ديوانِ الأَدَبِ، أَنَّ أَخْلَفَهُ من الأَضْدادِ، يَرِدُ بمعنَى: وَافَقَ مَوْعِدَهُ، قَالَ: وَهُوَ غَرِيبٌ. أَخْلَفَ فُلاَنٌ لِنَفْسِهِ، أَو لغيرِه: إِذَا كَان قد ذَهَبَ لَهُ شَيْءٌ، فَجَعَلَ) مَكَانَهُ آخَرَ، وَمِنْه الحديثُ: أَبْلِي وأَخْلِفِي، ثمَّ أَبْلِي وأَخْلِفِي، قَالَهُ لأُمِّ خالِدٍ حِين أَلْبَسَهَا الخَمِيصَةَ، وَتقول العَرَبُ لمَن لَبِسَ ثوبا جَدِيدا: أَبْلِ، وأَخْلِفْ، واحْمَدِ الكَاسِي. وَقَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
(أَلم تَرَ أَنَّ المالَ يخْلُفُ نَسْلُه ... ويأْتِي عَلَيْهِ حَقُّ دَهْرٍ وبَاطِلُهْ)

(فَأَخْلِفْ وأَتْلِفْ إِنَّمَا الْمَالُ عَارَةٌ ... وكُلْهُ مَعَ الدَّهْرِ الَّذِي هُوَ آكِلُهْ)
يَقُول: اسْتَفِدْ خَلَفَ مَا أَتْلَفْتَ. أَخْلَفَ النَّبَاتُ: أَخْرَجَ الْخِلْفَةَ، وَهُوَ الَّذِي يخْرُجُ بَعْدَ الوَرَقِ الأَوَّلْ فِي الصَّيْفِ، وَفِي حديثِ جَرِيرٍ: خَيْرُ المَرْعَى الأَرَاكُ والسَّلَمُ، إِذا أَخْلَفَ كانَ لَجِيناً وَفِي حدِيثِ خُزَيْمَةَ السُّلَمِيِّ: حتَّى آلَ السُّلاَمَى، وأَخْلَفَ الْخُزَامَى، أَي: طَلَعَتْ خِلْفَتُهُ مِن أُصُولِه بالمَطَرِ. أُخْلَفَ الرَّجُلُ: أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى السَّيْفِ، إِذا كَانَ مُعَلَّقًا خَلْفَهُ، لِيَسُلَّهُ وَقَالَ الفَرَّاءُ: أَخْلَفَ يَدَهُ: إِذا أَرَادَ سَيْفَهُ، فأًخْلَفَ يَدَهُ إِلى الكَنَانَة، وَفِي الحَدِيثِ: إِنَّ رَجُلاً أَخْلَفَ السَّيْفَ يَوْمَ بَدْرٍ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَخْلَفَ عَن الْبَعِيرِ: إِذا حَوَّلَ حَقَبَهُ، فَجَعَلَهُ مِمَّا يَلِي خُصْيَيْهِ، وذلِك إِذا أَصَابَ حَقَبُهُ ثِيلَهُ، فاحْتَبَسَ بَوْلُهُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّمَا يُقَال: أَخْلِفِ الحَقَبَ، أَي: نَحِّه عَن الثِّيلِ، وحَاذِ بِهِ الحَقَبَ، لأَنَّهُ يُقُالُ: حَقِبَ بَوْلُ الجَمَلَ، أَي: احْتَبَسَ، يَعْنِي أَنَّ الحَقَبَ وَقَعَ علَى مَبَالِهِ، ولايُقَال ذَلِك فِي النَّاقَةِ، لأَنَّ بَوْلَها مِن حَيائِها، وَلَا يَبْلُغُ الحَقَبُ الحَياءِ. أَخْلَفَ فُلاناً: رَدَّهُ إِلَى خَلْفِهِ، قَالَ النَّابِغَةُ: (حتَّى إِذَا عَزَلَ التَّوَائِمَ مُقْصِرًا ... ذَاتَ الْعِشَاءِ وأَخْلَفَ الأَرْكَاحَا)
وَمِنْه حديثُ عبدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ: جِئْتُ فِي الهَاجِرَةِ، فوجدتُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يُصَلِّي، فقُمْتُ عَن يَسَارِهِ، فأًخْلَفَنِي عُمَرُ، فجَعَلَنِي عَن يَمِينِهِ، فجَاءَ يَرْفَأُ، فتَأَخَّرْتُ، فصَلَّيْتُ خَلْفَهُ بحِذَاءِ يَمِينِه، يُقَال: أَخْلَفَ الرَّجُلُ يَدَهُ، أَي: رَدَّهَا إِلى خَلْفِهِ، قَالَهُ الأَزْهَرِيُّ. أَخْلَفَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْكَ: أَي رَدَّ عَلَيْكَ مَا ذَهَبَ، وَمِنْه الحَدِيثُ: تَكَفَّلَ اللهُ لِلْغَازِي أَنْ يُخْلِفَ نَفَقَتَهُ. أَخْلَفَ الطَّائِرُ: خَرَجَ لَهُ رِيشٌ بَعْدَ رِيشِهِ الأَوَّلِ، وَهُوَ مَجَازٌ، مِن أَخْلَفَ النَّبَاتُ أَخلف الْغُلاَمُ: إِذا راهَقَ الْحُلُمَ، فَهُوَ مُخْلِفٌ، نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ. أَخْلَفَ الدَّوَاءَ فُلاَناً: أَضْعَفَهُ بكَثْرَةِ التَّرَدُّدِ إِلَى الْمُتَوَضَّإِ. والإِخْلاَفُ: أَنْ تُعِيدَ الْفَحْلَ علَى النَّاقَةِ إِذَا لَمْ تَلْقَحْ بِمَرَّةٍ، وقَالُوا: أَخْلَفَتْ: إِذا حَالَتْ. والْمُخْلِفُ: الْبَعِير: الَّذِي جَازَ الْبِازِلَ، كَذَا فِي الصِّحاحِ، وَفِي المُحْكَمِ: بعدَ البَازِلِ، وَلَيْسَ بَعْدَهُ سِنٌّ، ولكنْ يُقَال: مُخْلِفُ عَامٍ أَو عَامَيْنِ، وَكَذَا مَا زَادَ، والأُنْثَى بالهاءِ، وَقيل: الذَّكَرُ والأُنْثَى سَوَاءٌ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للجَعْدِيِّ:
(أَيِّدِ الْكَاهِلِ جَلْدٍ بَازِلٍ ... أَخْلَفَ الْبَازِلَ عَاماً أَو بَزَلْ)

قَالَ: وَكَانَ أَبو زَيْدٍ يَقُول: النَّاقَةُ لَا تكونُ بَازِلاً، وَلَكِن إِذا أَتَى عَلَيْهَا حَوْلٌ بَعْدَ البُزُولِ فَهِيَ بَزُولٌ،الخِلاَفُ: كُمُّ الْقَمِيصِ، يُقال: اجْعَلْهُ فِي مَتْنِ خِلاَفِكَ، أَي فِي وَسَطِ كُمِّكَ، عَن ابنِ الأَعْرَابِيِّ. قَوْلُهُم: هَوَ يُخَالِفُ فُلاَنَةَ، هَكَذَا فِي النُّسَخِ، والصَّوابُ: إِلَى فُلانةَ، كَمَا هُوَ نَصُّ اللِّسَانِ، والعُبَابِ: أَيْ يَأْتِيهَا إِذَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا، ويَرْوَى قَوْلُ أَبِ ذُؤَيْبٍ:
(إِذَا لَسَعَتْهُ الدَّبْرُ لَمْ يرْجُ لَسْعَهَا ... وخَالَفَهَا فِي بَيْتِ نَوبٍ عَوَاسِلِ)
بالخَاءِ المَعْجَمَةِ، أَي جاءَ إِلى عَسَلِهَا وَهِي تَرْعَى غَائِبَةً تَسْرَحُ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: خَالَفَهَا إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، وحَالَفَهَا، بالحَاءِ المُهْمَلَةِ: أَي: لاَزَمَهَا وَكَانَ أَبو عَمرٍ وَيَقُول: خَالَفَهَا: أَي جاءَ مِن وَرَائِها إِلى العَسَلِ، والنَّحْلُ غَائِبَةٌ، كَذَا فِي شرح الدِّيوان، وَقيل: مَعْنَاهُ: دَخَلَ عَلَيْهَا، وأَخَذَ عَسَلَهَا وَهِي تَرْعَى، فكأَنَّه خَالَفَ هَوَاهَا بذلك، والحَاءُ خَطَأُ. وتَخَلَّفَ الرَّجُلُ عَنِ القَوْمِ: إِذا تَأَخَّرَ، وَقد خَلَّفَه وَرَاءَهُ تَخْلِيفَا. واخْتَلَفَ: ضِدُّ اتَّفَقَ، وَمِنْه الحديثُ: سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، وَلاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، أَي: إِذا تقدَّم بعضُهم علَى بَعْضٍ فِي الصُّفُوفِ تَأَثَّرَتْ قُلُوبُهُم، ونَشَأَ بَيْنَهُمْ اخْتِلاَفٌ فِي الأُلْفَةِ والْمَوَدَّةِ، وقِيل: أَرادَ بهَا تَحْوِيلَهَا إِلى الأَدْبَارِ، وَقيل: تَغَيُّرَ صُورَتَهَا إِلَى) صُورَةٍ أُخْرَى، والاسْمُ مِنْهُ الخِلْفَةُ، كَمَا تقدَّم. اخْتَلَفَ فُلاَناً: كَانَ خَلِيفَتَهُ مِن بَعْدِهِ، نَقَلَهُ ابنُ عَبَّادٍ، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ يَخْتَلِفُنِي، أَي يَخْلُفُنِي. اخْتَلَفَ الرَّجُلُ فِي المَشْيِ إِلى الْخَلاَءِ: إِذا صَارَ بِهِ إِسْهَالٌ، والاسْمُ مِنْهُ الخِلْفَةُ، وَقد تقدَّم. اخْتَلَفَ صَاحِبَهُ: إِذا بَاصَرَهُ، هَذَا هُوَ الصَّوابُ، وسَبَقَ لَهُ قَرِيبا بالنُّونِ والظَّاءِ المًشَالَةِ، وَهُوَ غَلَطٌ، فَإِذَا غَابَ دَخَلَ علَى زَوْجَتِهِ، نَقَلَهُ ابنُ دُرَيْدٍ عَن أَبِي زَيْدٍ، والاسْمُ مِنْهُ الخِلْفَةُ، وَقد تقدَّم. وممَا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: خَلَفَ العَنْبَرَ بِهِ: خَلَطَهُ. والزَّعْفَرَانَ، والدَّوَاءَ: خَلَطَهُ بماءٍ. واخْتَلَفَهُ، وخَلَّفَهُ: جَعَلَهُ خَلَفَهُ، كأَخلَفَهُ، وخَلَّفَهُ: جَعَلَهُ خَلفَهُ، كأَخلَفَهُ، وخَلَّفَهُ: جَعَلَهُ خَلَفَهُ، كأَخلَفَهُ، الأَخِيرُ ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ. قَالَ ابنُ السِّكِّيتِ: أَلْحَحْتُ علَى فُلانٍ فِي الاتِّباعِ حَتَّى اختَلَفتُهُ، أَي، جَعَلتُه خَلفِي. وخَلَّفَهم تَخلِيفاً: تَقَدَّمَهم وتَرَكَهُم وَرَاءَهُ. وخَالَفَ إِلى قَوْمٍ: أَتَاهُم مِن خَلْفهِم، أَو أظْهَرَ لَهُم خلاَفَ مَا أَضْمَرَ، فأَخَذَهُمْ على غَفْلَةٍ. وخَالَفَهُ إِلى الشَّيْءِ: عَصَاهُ إِليه، أَو قَصَدَهُ بعدَ مَا نَهَاهُ عَنهُ، وَهُوَ منْ ذلكَ، وَمِنْه قَوْلُه تعالَى: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ، وَفِي حَدِيث السَّقِيفَة: خَالَفَ عَنَّا عَليُّ والزُّبَيْرُ أَي: تَخَلَّفَا. وجاءَ خَلاَفَهُ، بالكَسْرِ: أَي بَعْدَه، وقُرِئَ: وإِذًا لاَ يَلْبَثُونَ خِلاَفَكَ، وَكَذَا قولُه تعالَى: بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللهِ نَبَّهَ عليهِ الجَوْهَرِيُّ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخِلاَفُ فِي الآيَةِ الأَخِيرَةِ بمَعْنَى المُخَالَفَةِ، وخَالَفَهُ ابنُ بَرِّيّ، فَقَالَ: خِلاَفَ فِي الآيَةِ بمَعْنَى بَعْدَ، وأَنْشَدَ للحَارِثِ بن خالدٍ المَخْزُومِيِّ:
(عَقَبَ الرَّبِيعُ خِلاَفَهُمْ فَكَأَنَّمَا ... نَشَطَ الشَّوَاطِبُ بَيْنَهُنَّ حَصِيرَا)
قَالَ: ومِثْلَهُ لِمُزَاحِمٍ العُقَيْلِيِّ:
(وَقد يُفْرِطُ الْجَهْلَ الْفَتَى ثُمَّ يَرْعَوِي ... خِلاَفَ الصِّبَا لِلْجَاهِلِينَ حُلُومُ) قَالَ: ومِثْلُه للْبُرَيقِ الهُذَلِيِّ: وَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ أَعِيشَ خِلاَفَهُمْ بِسِتَّةِ أَبْيَاتِ كَمَا نَبَتَ الْعِتْرُ وأَنْشَدَ لأَبِي ذُؤَيْبٍ:
(فَأَصْبَحْتُ أَمْشِي فِي دِيَارَ كَأَنَّهَا ... خِلاَفَ دِيَارِ الْكَاهِلِيَّةِ عُورُ)
وأَنْشَدَ للآخَرِ:
(فَقُلْ لِلَّذِي يَبْقَى خِلاَفَ الذِي مَضَى ... تَهَيَّأْ لأُخرَى مِثْلِهَا فَكَأّنْ قَدِ)
وأَنْشَدَ لأَوْسٍ: لَقِحْتْ بِهِ لَحْياً خِلاَفَ حِيَالِ أَي بَعْدَ حِيَالِ، وأَنشد لِمُتَمِّم:)
(وفَقْدَ بَنِي أُمٍّ تَدَاعَوْا فَلم أَكُنْ ... خِلاَفَهُمُ أَن أَسْتَكِينَ وأَضْرَعَا)
ومخلفات البَلَدِ: سُلْطَانُهُ، ومِخْلاَفُ الْبَلَدِ: سُلْطَانُهُ. ورَجُلٌ مَخْلاَفٌ مِتْلاَفٌ، ومَخْلِفٌ مُتْلِفٌ، وَقد اسْتطْرَدَهُ المُصَنَّفُ فِي ت ل ف، وأَهْمَلَه هُنَا. وأَخْلَفَتِ الأَرْضُ: إِذا أَصابَها بَرَدٌ آخِرَ الصَّيْفِ، فاخْضَرَّ بَعْضُ شَجَرِهَا. واسْتَخْلَفَتْ: أَنْبَتَتِ العُشْبَ الصَّيْفِيَّ. وأَخْلَفَتِ الشَّجَرةُ: لم تُثْمِرْ، وَهُوَ مَجَازٌ، كَمَا فِي الأسَاسِ، وَقيل: الإِخْلافُ: أَن يكونَ فِي الشَّجَرِ ثَمَرٌ، فيَذْهَبُ، وَقيل: الإِخْلافُ فِي النَّخْلةِ، إِذا لم تَحْمِلْ سَنَةً، كَمَا فِي اللِّسَانِ. وبَقِيَ فِي الحَوْضِ خِلْفَةٌ مِن ماءٍ: أَي بَقِيَّةٌ. وقَعَدَ خِلاَفَ أَصْحَابِهِ: لم يخْرُجْ مَعَهم، وخَلَفَ عَنْ أَصْحابِه كذلِكَ والخَلِيفُ، كأَمِيرٍ: المُتَخَلِّفُ عَن المِيعادِ، والمُخَالِفُ لِلْعَهْدِ، وبكُلِّ مِنْهُمَا فُسِّرَ قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ:
(تَوَاعَدْنَا الرُّبَيْقَ لَنَنْزِلَنْهُ ... وَلم تَشْعُرْ إِذَنْ أَنِّي خَلِيفُ)
كَذَا فِي شَرْحِ الدِّيوان. واسْتَخْلَفَ الرَّجُلُ: اسْتَعْذَبَ الماءَ، واخْتَلَفَ، وأَخْلَفَ: سَقاهُ، وأَخْلَفَهُ: حَمَلَ إِليه الماءَ العَذْبَ، وَلَا يَكُونُ إِلاَّ فِي الرَّبِيعِ، نَقَلَهُ ابنُ الأَعْرَابِيِّ وَقد تَقَدَّم، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: ذَهَبَ المُسْتَخْلِفُونَ يَسْتَقُونَ: أَي المُتَقَدِّمونَ. والخَالِفُ: المُتَخَلِّفُ عَن القَوْمِ فِي الغَزْوِ وغيرِه، والجَمْعُ: الخَوَالِفُ، نَادِرٌ، وَقد تقدَّم. والخَالِفَةُ: الوَارِدُ علَى الماءِ بعدَ الصَّادِرِ، وَمِنْه حديثُ ابنِ عَبَّاسٍ: سَأَلَ أَعْرَابِيُّ أَبا بِكِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، فَقَالَ: أَنْتَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم، فَقَالَ: إِنَّمَا أَنا الخَالِفَةُ بَعْدَهُ قَالَ ابنُ الأَثِيرِ: إِنَّمَا قَالَ ذَلِك تَوَاضُعاً، وهَضْماَ لِنَفْسِهِ. وخَلَفَ فُلانٍ: إِذا خَالَفَهُ إِلَى أَهْلِهِ. ويُقَال: إِنَّ امْرَأَةَ فُلانٍ تَخْلُفُ زَوْجَها بالنِّزاعِ إِلَى غَيْرِهِ، إِذا غابَ عَنْهَا، وَمِنْه قَوْلُ أَعْشَىَ مَازِن يَشْكُو زَوْجَتَهُ: فَخَلَفَتْنِي بِنَزَاعٍ وحَرَبْ أَخْلَفَتِ الْعَهْدَ ولَطَّتْ بِالذَّنَبْ قَالَ ابنُ الأُثِيرِ: وَلَو رُوِيَ بالتَّشْدِيدِ لكانَ المَعْنَى فأَخَّرَتْنِي إِلَى وَرَاء. وخَلَفَ لَهُ بالسَّيْفِ: إِذا جَاءَهُ مِن خَلْفِهِ، فضَرَبَ عُنَقَهُ. وتَخَالَفَ الأمْرانِ: لم يَتَّفِقَا، وكَلُّ مَا لم يَتَسَاوَ فقد تَخَالَفَ، واخْتَلَفَ. ونِتَاجُ فُلانٍ خِلْفَةٌ: أَي عَاماً ذَكَراً وعَاماً أُنْثَى، وَبَنُو فُلانٍ خِلْفَةٌ: أَي شِطْرَةٌ، نِصْفٌ ذُكُورٌ، ونِصْفٌ إِناثٌ. والتَّخَاليِفُ: الأَلْوَانُ المُخْتَلِفَةُ. ورجُلٌ مَخْلُوفٌ: أَصَابَتْهُ خِلْفَةٌ، أَي: شِطْرَةٌ، ورِقَّةُ بَطْنٍ. وأَصْبَحَِ خَالِفًا: أَي ضَعِيفاً لَا يشْتَهِي الطَّعَامَ. وثَوْبٌ مَخْلوفٌ: مَلْفُوقٌ، وَقد خَلَفَهُ خَلْفاً، قَالَ الشاعرُ:)
(يُرْوِي النَّدِيمَ إِذَا انْتَشَى أَصْحَابُهُ ... أُمَّ الصَّبِيَّ وثَوْبُهُ مَخْلُوفُ)
وَقيل: المُخْلُوفُ هُنَا: المُرْهُونُ، والأَوَّلُ أَصُحُّ. واخْتَلَفَ إِليهِ اخْتِلافَةً واحِدَةً، وَهُوَ يَخْتَلِفُ إِلَى فُلانٍ: يَتَرَدَّدُ. وَقيل: الخِلْفُ، بالكَسْرِ: مَقْبِضُ الحالِبِ مِن الضَّرْعِ. ويُقَال: دَرَّتْ لَهُ أَخْلاَفُ الدَّنْيا، وَهُوَ مُجُازٌ. وأَخْلَفَ اللَّبَنُ: حَمُضَ. والْخَالِفُ: اللَّحْمُ الَّذِي تَجَدُ مِنْهُ رُوَيْحَةً، وَلَا بَأْسَ بِمَضْغِهِ، قَالَهُ اللَّيْثُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هَذَا رَجُلٌ خَلَفٌ: إِذا اعْتَزَلَ أَهْلَهُ. وعَبْدٌ خَالِفٌ: قد اعْتَزَلَ أَهْلَ بَيْتِهِ. وخَلَفَ فُلانٌ عَن كلِّ خَيْرٍ: أَي لم يُفْلِحْ، وَفِي الأَسَاسِ: تَغَيِّرَ وفَسَدَ، وَهُوَ مَجَازٌ.
وبَعِيرٌ مَخْلُوفٌ: قد شُقَّ عَن ثِيلِهِ مِنْ خَلْفِهِ، إِذا حَقِبَ، قَالَهُ الفَزَارِيُّ. والأخْلَفُ مِن الإِبِلِ: المَشْقُوقُ الثِّيلِ، الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ وَجَعاً. وأَخْلَفَ البَعِيرَ، كأَخْلَفَ عَنهُ. والخُلُفُ، بضَمَّتَيْن: نَقِيضُ الوَفَاءِ بالوَعْدِ، كالخُلُوفِ، بالضَّمِّ، قَالَ شُبْرُمَةُ بنُ الطُّفَيْلِ:
(أَقِيمُوا صُدُورَ الْخَيْلِ إِنَّ نُفُوسَكُمْ ... لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَالَهُنَّ خُلُوفُ)
والمُخْلِفُ: الكثيرُ الإِخْلافِ لوَعْدِهِ. والخَالِفُ: الَّذِي لَا يكادُ يُوفِي. وخَالِفَةُ الْغَازِي: مَن بَعْدَه مِن أَهْلِهِ، وتَخَلَّفَ عَنهُ. والخَالِفَةُ: اللَّجُوجُ مِن الرَّجَالِ. وخَلَفَت العامَ النَّاقَةُ: إِذا رَدَّهَا إِلى خَلِفَةٍ.
وصُخُورٌ مِثْلُ خَلائِفِ الإِبِلِ: أَي بقَدْرِ النُّوقِ الحَوَامِلِ. وامْرَأَةٌ خَلِيفٌ: إِذا كَانَ عَهْدُهَا بعدَ الوِلاَدَةِ بيَوْمٍ أَو يَوْمَيْن، عَن ابنِ الأَعْرَابِيِّ. وخَلَفَ فُلانٌ على فُلانةَ خِلاَفَةً: تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ، نَقَلَهُ الزَّمْخْشَرِيُّ. وإِبِلٌ مَخَالِيفُ: رَعَتِ البَقْلَ، وَلم تَرْعَ اليَبِيسَ، فَلم يُغْنِ عَنْهَا رَعْيُهَا البَقْلَ شَيْئاً، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ:
(فَإِنْ تَسْأَلِي عَنَّا إِذَا الشَّوْلُ أَصْبَحَتْ ... مَخَالِيفَ حُدْباً لاَ يَدِرُّ لَبُونُهَا)
وفَرَسٌ ذُو شِكَالٍ مِن خِلافٍ: أَي إِذا كَانَ بيَدِهِ اليُمْنَى ورِجْلِهِ اليُسْرَى بَياضٌ، وبعضُهم يَقُول: لَهُ خَدَمَتَانِ مِنْ خِلافٍ: إِذا كَانَ بيَدِهِ اليُمْنَى بَيَاضٌ، وبيَدِهِ اليُسْرَى غيرُه. والمَخَالِفُ: صَدَقَاتُ العَرَبِ، كَذَا فِي التَّكْمِلِةِ. وخَلَفَهُ بخَيْرٍ أَو شَرٍّ: ذَكَرَه بِهِ بغَيْرِ حَضْرَتِهِ. والأَخْلِفَةُ، كأَنَّه جَمْعُ خَلْف: أَحَدُ مَحَالٌ بَوْلان بنِ عمرِو بنِ الغَوْثِ، مِن ضَيِّءِ، بأَجَإٍ، نَقَلَهُ ياقُوتُ. وَيحيى بن بنُ خُلُفٍ الحِمْيَرِيُّ، بضَمَّتَيْن، المعروفُ بأَبِي الخُلُوفِ، وَقد يُقَال فِي اسْمِ أَبيه: خُلُوف، بالضَّمِّ أَيضاً، وَلَدُه عبدُ المُنْعِمِ بنُ يحيى، حَدَّث عَنهُ أَبو الْقَاسِم الصَّفْراوِيُّ. وفُتُوحُ بنُ خَلُوفٍ، كصَبُورٍ، وابنُه عبدُ المُعْطِي، حَدَّثا عَن السِّلَفِيِّ، وابنُه محمدُ بنُ فُتُوحٍ، حدَّث عَن ابنِ مُوَقَّى.
وعبدُ اللهِ بنِ مُوسَى بنِ خُلُوفِ بنِ أَبي العَظَامِ، بالضَّمَِّ، ذكَره ابنُ بَشْكُوال. وحَمَلُ بنُ عَوْفٍ)
المَعَافِرِيُّ ثمَّ الخُلَيْفِيُّ، بالتَّصْغِيرِ، شَهِدَ فَتْحِ مصرَ، وَهُوَ والدُ عُبَادةَ بنِ حَمَلٍ، ذكَرَه ابنُ يُونُس فِي تاريح مصر. قلتُ: وشيخُ مَشَايِخِنا أَبو العَبَّاس شهابُ الدِّين أَحمد بنُ محمدَ بنِ عَطِّيَةَ بنِ أَبي الخيرِ الخُلَيْفِيُّ الأَزْهَرِيُّ الشَّافِعِيُّ، تُوُفِّيَ سنة، حَدَّثَ عَن مَنْصُور الطُّوخِيِّ، والشَّمْسِ محمدٍ العِنَانِيِّ. والشِّهابِ البِشْبِيشِيِّ، وَعنهُ شُيُوخُنا، وَقد تَقَدَّم ذِكرُه فِي م وس.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.