Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: ليس

التركيب

التركيب: كالترتيب لكن ليس لبعض الأشياء فيه نسبة إلى بعض بالتقدم والتأخر.
التركيب:
[في الانكليزية] Synthesis ،composition ،combination
[ في الفرنسية] Synthese ،composition ،combinaison
بالكاف لغة الجمع. وعرفا مرادف التأليف وهو جعل الأشياء المتعدّدة بحيث يطلق عليها اسم الواحد، ولا تعتبر في مفهومه النسبة بالتقديم والتأخير كما عرفت في لفظ الترتيب بخلاف التأليف فإنه تعتبر فيه المناسبة بين الأجزاء لأنه مأخوذ من الإلفة، صرّح بذلك السيّد الشريف في حاشية الكشاف. هكذا في شرح التهذيب لليزدي. فالمركّب على هذا هو مجموع الأشياء المتعدّدة المأخوذة بالحيثية المذكورة. وفي بعض كتب الصرف هذا معنى مطلق التركيب. وأمّا التركيب في اصطلاح الصرفيين فهو جمع حرفين أو حروف بحيث يطلق عليها اسم الكلمة انتهى. فالمركّب على هذا هو الكلمة التي فيها حرفان أو أكثر.
والتركيب عند النحاة مقابل الإفراد، وكذا عند المنطقيين، لكن بين الاصطلاحين فرقا يجيء بيانه في لفظ المفرد.
اعلم أنّ النحاة قالوا إن كان بين جزئي المركّب وهما اللفظان إسناد سمّي مركّبا إسناديا وجملة، فإن كان ما بينهما إسنادا أصليا مقصودا لذاته سمّي كلاما. فالجملة أعمّ من الكلام.
وإن لم يكن بينهما إسناد فإمّا أن تكون بينهما نسبة تقييدية بأن يكون أحد الجزءين قيدا للآخر يسمّى مركبا تقييديا، فإن كان أحدهما مضافا والآخر مضافا إليه سمّي مركبا إضافيا، وإن كان أحدهما موصوفا والآخر صفة سمّي مركبا توصيفيا. وأمّا المصادر والصفات مع فاعلها فإنها في حكم المركّبات التقييدية لكون إسنادها أيضا غير تام ويجيء ما يؤيّد هذا في بيان الإسناد التام وغير التام. وإمّا أن لا تكون بينهما نسبة تقييدية أيضا ويسمّى مركّبا غير تقييدي. فالمركّب الغير التقييدي ما ليس فيه نسبة إسنادية ولا تقييدية أصلا، لا في الحال ولا قبل التركيب، فخرج تأبّط شرا علما، إذ فيه نسبة قبل العلمية، وكذا نحو عبد الله علما، بخلاف بخت نصّر، فإنّ نصر قبل تركيبه مع بخت أيضا علم، فــليســت فيه نسبة أصلا.
والمفهوم من الضوء شرح المصباح أنّ المركّب التقييدي هو التوصيفي حيث قال في تعريف الكلام: التأليف إمّا على وجه التعداد كخمسة عشر أو الإضافة نحو غلام زيد أو التقييد أعني التوصيف نحو الرجل الذاهب أو غير ذلك انتهى. ثم المركّب الغير التقييدي إمّا أن يركب تركيبا به يصير في حكم الكلمة الواحدة معدودا في الأسماء أو لا. الثاني نحو بزيد ومنك، والأول إن تضمن الجزء الثاني منه حرفا سواء كان حرف عطف نحو خمسة عشر فإنه في الأصل خمسة وعشر أو غيره كحرف الجر نحو بيت بيت أي بيت منته إلى بيت، أو ملصق به يسمّى مركّبا تضمنيا. وإن لم يتضمن له سمّي مركبا مزجيا وامتزاجيا وذا المزاج أيضا كما في شرح التسهيل. والمزجي وإن كان مختوما بويه كسيبويه وعمرويه يسمّى مركّبا صوتيا. وفي الفوائد الضيائية في بحث أسماء العدد قال خمسة عشر مركّب امتزاجي. قال المولوي عصام الدين في حاشيته: الصواب أن يقال هو مركّب تضمني انتهى.
اعلم أنّ نحو ضاربة وبصري وسيضرب ونحوها مما يعدّ لشدة الامتزاج كلمة واحدة عرفا ليس من المركب بل هو داخل في المفرد على الصحيح، وإن جعله البعض داخلا في المركّب المزجي كما يجيء في لفظ المفرد، فيصح ما قالوا من أنّ الموجود من أقسام المزجي هو المركّب من اسمين حقيقة كبعلبك، فإن بعل اسم صنم وبك اسم سلطان فركّبا وجعلا اسما واحدا وسمّي به البلد الذي كانا فيه، كذا في الفوائد الضيائية. أو حكما كسيبويه فإنّ ويه حكاية صوت غير موضوع لمعنى، لكنه في حكم الاسم حيث أجري مجرى الأسماء المبنية. وسيب اسم بني مع كلمة ويه فجعلا اسما واحدا. وكذا عمرويه وسعدويه، كذا في الصراح. أو من اسم وفعل نحو بخت نصر فإنّ بخت معرب بوخت بمعنى الابن ونصر اسم صنم وهو ماض من باب التفعيل. هذا غاية جهدي في هذا المقام مستنبطا من الإرشاد واللباب والكافية وشروحها وغيرها، أو من فعل واسم نحو تأبّط شرا، فإنّ تأبط ماض من باب التفعل من الإبط يعني (در بغل گرفت بدي را) فإنّه مبني في الأحوال الثلاث. وكذا كل جملة يسمّى بها مثل برق نحره وذرّى حبا كذا في الصراح.
فائدة:
في الرضي ما يكون تركيبه للعلمية ضربان: إمّا أن يكون في الجزء الأخير قبل التركيب سبب البناء أو لا. فإن كان فالأشهر إبقاء الجزء الأخير على البناء، ويجوز إعراب ما لا ينصرف وتجوز على قلة إضافة الصدر إلى العجز كما جاءت في معد يكرب، فيجيء في المضاف إليه الصرف وتركه. وفيه أيضا وإن حذف حرف الجر أو العطف قبل العلمية فبناء الجزءين أولى بعد الجزءين، ويجوز إعراب الثاني مع منع الصرف مع التركيب، وتجوز فيه الإضافة أيضا مع صرف الثاني وتركه. وكذا كلّ ما يتضمن فيه الثاني حرفا يجوز فيه الأوجه الثلاثة بعد العلمية. وفي المنهل المركّب المتضمن للحرف نحو خمسة عشر قيل إنّه يحكى. وقيل يعرب غير منصرف. وفي شرح التسهيل ذو المزج قسمان أحدهما مختوم بغير ويه كمعديكرب ويجوز فيه ثلاث لغات.
الأولى أن يبنيا معا تشبيها له بخمسة عشر.
والثانية إعراب الثاني مع منع الصرف وهو الفصيح. والثالثة الإضافة. هكذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية حاشية الفوائد الضيائية في بحث غير المنصرف.
قال المنطقيون اللفظ المركّب يسمّى قولا ومؤلّفا. فهذه الألفاظ الثلاثة مترادفة بحسب الاصطلاح المشهور. وربّما يفرّق بين المركب والمؤلّف فيقال بتثليث القسمة. اللفظ إمّا أن لا يدلّ جزؤه على شيء أصلا وهو المفرد، أو يدلّ. فإمّا أن يدلّ على جزء معناه وهو المؤلّف أو لا على جزء معناه وهو المركّب، وهذا هو المنقول عن بعض المتأخرين. وقيل إنهم عرفوا المؤلّف بما عرّف به المركّب في المشهور، وهو ما تقصد بجزء منه الدلالة على بعض ما يقصد به حين ما يقصد به، والمركّب بما يدلّ جزؤه لا على جزء المعنى. وعلى هذا لا تكون القسمة حاصرة لخروج مثل الحيوان الناطق علما، إذ لا يدخل في المفرد وهو ظاهر ولا في المؤلّف لعدم الدلالة على جزء ما يقصد به، ولا في المركّب لأنه الذي يدلّ جزؤه لا على جزء معناه، اللهم إلّا أن يزاد في تعريف المركّب ويقال بأنه ما يدلّ جزؤه لا على جزء معناه دلالة مقصودة، أو ينقص من تعريف المؤلّف ويقال هو ما يدلّ جزؤه لا على جزء معناه مطلقا أي سواء كانت دلالته مقصودة أو لا. ويطلق المركب أيضا على الأعمّ من الملفوظ والمعقول كما يطلق على الملفوظ.
التقسيم
المركّب إمّا تام ويسمّى كلاما وهو ما يفيد. فإن احتمل الصدق والكذب سمّي قضية وخبرا وإن لم يحتمل، فإن دلّ على طلب الفعل دلالة أوليّة فهو مع الاستعلاء أمر إن كان المطلوب غير كفّ وإن كان كفا فهو نهي، وإلّا فهو التنبيه، ويندرج فيه التمني والنداء والقسم والتّرجي. ومنهم من عدّ التمني والنداء والاستفهام من أقسام الطلب كالأمر والنهي.
وقد يقسم المركب إلى الخبر والإنشاء المتناول للطلب والتنبيه. وإمّا ناقص ويسمّى غير كلام وهو ما لا يفيد. فإمّا أن يكون الثاني فيه قيدا للأول أو لا. والأول المركّب التقييدي وهو إمّا مركب من اسمين أضيف أولهما إلى الثاني أو وصف به، أو من اسم متقدّم وفعل متأخر وقع صفة له أو صلة له، إذ لو تقدّم الفعل أو تأخّر ولم يكن صفة ولا صلة كان المركّب منهما كلاما. والثاني غير تقييدي كالمركّب من اسم وأداة أو فعل وأداة. هذا كله خلاصة ما في شرح المطالع وحاشيته للسيد الشريف.
وفي الجرجاني المركّب ما تقصد بجزء منه الدلالة على جزء معناه. وللمفرد من حيث هو إطلاقات أربعة: فتارة يراد به ما يقابل المثنى والمجموع فيقال هذا مفرد أي ليس مثنى ولا مجموعا، وتارة ما يقابل المضاف أو شبهه فيقال هذا مفرد أي ليس بمضاف ولا شبهه، وتارة ما يقابل الجملة أو شبهها فيقال هذا مفرد أي ليس بجملة ولا شبهها، وتارة ما يقابل المركّب كما مرّ. وينقسم المركّب على خمسة أقسام: مركّب إضافي كغلام زيد، ومركّب تعدادي كخمسة عشر، ومركّب مزجي كبعلبك، ومركّب صوتي كسيبويه، ومركّب إسنادي كقام زيد وزيد قائم انتهى.
والتركيب عند أهل التعمية يطلق على قسم من الأعمال التسهيلية وهو الإتيان بلفظ مركّب بحسب المعنى الشّعري ومفرد بحسب المعنى المعمائي، وهو المعنى المراد وليس اللفظ، ومثاله التعمية باسم مرشد في هذا البيت:
بما أنّ محبته هيأت مكانا لها في قلب الناس فيا جامي تعال نحو ذلك الجاذب للناس كذا في رسالة للمولوي عبد الرحمن الجامي. وعند المحاسبين يطلق على قسم من النسبة، وعلى كون العدد بحيث يعدّه غير الواحد كالأربعة تعدّها الاثنان والستة يعدها الثلاثة، وكذا الاثنان ويقابله الأوليّة، وهي كون العدد بحيث لا يعده غير الواحد كالثلاثة والخمسة والسبعة كذا في شرح المواقف في بحث الكيفيات المختصة بالكميات. فالعدد قسمان أول ومركّب، وتطلق المركب عندهم أيضا على كلّ من الفرد والزوج إذا لم يكن أوّلا أي في أول الأعداد كالأربعة والثلاثة، ويجيء في لفظ العدد. وعلى مقابل المفرد يفسّر بعدد مرتبته اثنتان فصاعدا كخمسة عشر فإنها الآحاد والعشرات، ويفسّر المفرد بعدد مرتبته واحدة فحسب كخمسة وخمسين وخمسمائة، كذا في ضابط قواعد الحساب. وقد يفسّر المفرد بما يعبّر عنه باسم واحد سواء كان خطّا أو سطحا كثلاثة أو جذر ثلاثة. فعلى هذا المركّب ما يعبّر عنه باسمين ويسمّى ذا الاسمين سواء كان خطّا أو سطحا كثلاثة وجذر ثلاثة مجموعين على ما في حواشي تحرير أقليدس.

التّضمين

التّضمين:
[في الانكليزية] Implication ،inclusion
[ في الفرنسية] Implication ،inclusion
عند أهل العربية يطلق على معان. منها إعطاء الشيء معنى الشيء. وبعبارة أخرى إيقاع لفظ موقع غيره لتضمنه معناه ويكون في الحروف والأفعال، وذلك بأن تضمن حرف معنى حرف، أو فعل معنى فعل آخر، ويكون فيه معنى الفعلين معا وذلك بأن يأتى الفعل متعديا بحرف ليس من عادته التعدّي به، فيحتاج إلى تأويله أو تأويل الحرف ليصحّ التعدي به، والأول تضمين الفعل والثاني تضمين الحرف.
واختلفوا أيّهما أولى، فقال أهل اللغة وقوم من النحاة التوسّع في الحروف لأنّه في الأفعال أكثر مثاله عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ فيشرب إنّما يتعدّى بمن فتعديته بالباء إمّا على تضمينه معنى يروي ويتلذّذ أو تضمين الباء معنى من. وأمّا في الأسماء فإنّ تضمين اسم بمعنى اسم لإفادة معنى الاسمين معا نحو حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَ ضمّن حقيق معنى حريص ليفيد أنه محقوق بقول الحق وحريص عليه.
وهو أي التضمين مجاز لأنّ اللفظ لم يوضع للحقيقة والمجاز معا، فالجمع بينهما مجاز، كذا في الإتقان في نوع الحقيقة والمجاز. لكن في چلپي التلويح في الخطبة وفي چلپي المطوّل في بحث تقديم المسند ما يخالف ذلك حيث قال: التضمين أن يقصد بلفظ معناه الحقيقي ويراد معه معنى آخر تابع له بلفظ آخر دلّ عليه بذكر ما هو من متعلّقاته. فاللفظ في صورة التضمين مستعمل في معناه الحقيقي والمعنى الآخر مراد بلفظ آخر كيلا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز. فتارة يجعل المذكور أصلا والمحذوف حالا وتارة يعكس.
فإن قلت إذا كان المعنى الآخر مدلولا عليه بلفظ آخر محذوف لم يكن في ضمن المذكور فكيف قيل إنه متضمن إياه؟ قلت: لما كان مناسبة المعنى المذكور بمعونة ذكر صلة قرينة على اعتباره جعل كأنّه في ضمنه انتهى.
ومنها حصول معنى في لفظ من غير ذكر له باسم هو عبارة عنه وهو من أنواع الإيجاز.

قال القاضي أبو بكر وهو نوعان: أحدهما ما يفهم من البيّنة كقولك معلوم فإنه يوجب أنّه لا بدّ له من عالم. وثانيهما من معنى العبارة كقوله تعالى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فإنّه تضمّن تعليم الاستفتاح في الأمور باسمه تعالى على جهة التعظيم له والتبرك باسمه، كذا في الإتقان في نوع الإيجاز والإطناب.
ومنها أن يكون ما بعد الفاصلة متعلّقا بها أي بتلك الفاصلة كقوله تعالى وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ، وَبِاللَّيْلِ وهو وإن كان عيبا في النظم ولكنه ليس بعيب في النثر، كذا في الإتقان في نوع الفواصل. فالتضمين كما يكون في النثر كذلك يكون في النظم بأن يكون ما بعد القافية متعلّقا بها، ويؤيّده ما في وقع المدارك في تفسير سورة قريش أنّ التضمين في الشّعر هو أن يتعلّق معنى البيت الذي قبله تعلقا لا يصحّ إلّا به: ويقول في جامع الصنائع: وهو أحد عيوب النّظم، وذلك يكون بالإتيان ببيت من الشعر مفيد لمعنى تام ولكنه بدون لفظ القافية التالية له، فيؤتى بلفظة تتعلّق بالبيت الثاني.

ومثاله في البيتين التاليين:
يا من أنت سلطان الأخيار وأنا لك عبدا صرت بنظرة. ورأسك لم يقلّ لي أبدا مرة واحدة بلطف هنيئا لك أي الملك بالخلق الكريم فلفظة (تو) في آخر البيت الأول وهي ضمير مضاف. قد صارت قافية ولكنها في المعنى متعلّقة بأول البيت الثاني. والفرق بين التضمين والحامل الموقوف هو هذا، أي أنّ لفظ القافية متعلّق بينما الحامل الموقوف: البيت كله متعلق.
ومنها إدراج كلام الغير في أثناء كلامه لقصد تأكيد المعنى أو تركيب النّظم، وهذا هو النوع البديعي. قال ابن أبي الأصبع ولم أظفر في القرآن بشيء منه إلّا في موضعين تضمّنا فصلين من التوراة والإنجيل قوله: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ الآية، وقوله مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ الآية. ومثّله ابن النقيب وغيره بإيداع حكايات المخلوقين كقوله تعالى حكاية عن الملائكة قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها، وعن المنافقين قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ، وقالت اليهود وقالت النصارى، وكذلك ما أودع فيه من اللغات الأعجمية كذا في الاتقان في نوع بدائع القرآن.
وفي المطوّل في الخاتمة التضمين أن يضمّن الشعر شيئا من شعر الغير بيتا كان أو ما فوقه أو مصراعا أو ما دونه مع التنبيه عليه أي على أنّه من شعر الغير إن لم يكن ذلك مشهورا عند البلغاء وإن كان مشهورا، فلا احتياج إلى التنبيه. وبهذا يتميّز عن الأخذ والسّرقة، وهذا هو الأكثر. وقد يضمّن الشاعر شعره شيئا من قصيدته الأخرى فالأحسن أن يقال هو أن يضمّن الشعر شيئا من شعر آخر الخ. وربما سمّي تضمين البيت وما زاد على البيت استعانة، وتضمين المصراع فما دونه إيداعا ورفوا. وأمّا تسميته بالإيداع فلأنّ الشاعر قد أودع شعره شيئا من شعر الغير وهو بالنسبة إلى شعره قليل مغلوب. وأمّا تسميته بالرّفو فلأنّه رفا خرق شعره بشعر الغير.
واعلم أنّ تضمين ما دون البيت ضربان:
أحدهما أن يتمّ المعنى بدون تقدير الباقي كقول الحريري يحكي ما قاله الغلام الذي عرضه أبو زيد للبيع:
على أنّي سأنشد عند بيعي أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا المصراع الثاني للعرجي، والمعنى تام بدون التقدير. ومعنى الإنشاد ذكر شعر الغير، ففيه تنبيه على أنّ المصراع من شعر الغير.
وثانيهما أن لا يتم بدونه كقول الشاعر:
كنّا معا أمس في بؤس نكابده والعين والقلب منّا في قذى وأذى والآن أقبلت الدنيا عليك بما تهوي فلا تنس أنّ الكرام إذا أشار إلى بيت أبي تمام، ولا بدّ من تقدير الباقي منه. لأنّ المعنى لا يتمّ بدونه.
واعلم أيضا أنه لا يضر في التضمين التغيّر اليســير لما قصد تضمينه كقول البعض في يهوديّ به داء الثعلب:
أقول لمعشر غلطوا وعضّوا من الشيخ الرشيد وأنكروه هو ابن جلا وطلّاع الثنايا متى يضع العمامة يعرفوه فالبيت لسحيم بن وثيل وأصله.
أنا ابن جلا وطلّاع الثنايا متى أضع العمامة يعرفوني وأحسن التضمين ما زاد على الأصل بنكتة، أي يشتمل البيت أو المصراع في شعر الشاعر الثاني على لطيفة لا توجد في شعر الشاعر الأول كالتورية والتشبيه، والأمثلة كلها تطلب من المطول.
ومنها أن يجيء قبل حرف الروي أو ما في معناه ما ليس بلازم في القافية أو السجع مثل التزام حرف أو حركة تحصل القافية أو السجع بدونها ويسمّى أيضا بالتشديد والإعنات والالتزام ولزوم ما لا يلزم، وهذا المعنى من المحسّنات اللفظية. والمراد بما في معنى حرف الروي الحرف الذي وقع في فواصل الفقر موقع حرف الروي في قوافي الأبيات. وأيضا المراد أن يجيء ذلك في بيتين أو أكثر أو قرينتين أو أكثر، وإلّا ففي كل بيت يجيء قبل حرف الروي ما ليس بلازم في القافية مثلا قول الشاعر:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل قد جاء قبل اللام ميم مفتوحة وهو ليس بلازم في القافية وإنّما يتحقق الالتزام لو جيء بها في البيت الثاني أيضا. ومثال التزام حرف مع حركة في النثر قوله تعالى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ فإنّه التزم فيها الهاء المفتوحة قبل الراء التي بمنزلة حرف الروي. وقوله فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، الْجَوارِ الْكُنَّسِ فإنّه التزم فيها النون المشددة قبل السين. ومثال التزام حرفين مع الحركات فيه قوله تعالى وَالطُّورِ، وَكِتابٍ مَسْطُورٍ.
ومثال التزام ثلاثة أحرف معها قوله تعالى تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ، وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ. ومثال التزام الحرف بدون الحركة فيه قوله تعالى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ. ومثال التزام حركة بدون الحرف فيه قوله تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ وعلى هذا القياس أمثلة الشعر.
فإن قلت ذكر في الإيضاح أن ذلك قد يكون في غير الفاصلتين أيضا كقول الحريري: ما أشتار العسل من اختار الكسل، فإنّه كما التزم في العسل والكسل الفاصلتين السين كذلك التزم التاء في اشتار واختار، فهل يدخل مثل ذلك في التفسير المذكور؟ قيل يحتمل أن يراد بكون الملتزم قبل حرف الروي أو ما في معناه أعمّ من أن يكون ذلك الملتزم في حروف القافية أو الفاصلة أو في غيرها لأنّ جميع ما في البيت أو القرينة يصدق عليه أنّه قبل حرف الروي أو ما في معناه، لكن هذا بعيد جدا. والظاهر أنّ الالتزام إنّما يطلق على ما كان في القافية أو الفاصلة لأنهم فسّروه بأن يلتزم المتكلّم في السجع أو التقفية قبل حرف الروي ما لا يلزم من مجيء حركة أو حرف بعينه أو أكثر. فمعنى ما في الإيضاح أنّ مثل هذا الاعتبار الذي يسمّى بالالتزام قد يجيء في كلمات الفقر أو الابيات غير الفواصل أو القوافي، هكذا يستفاد من المطوّل والاتقان.

بلي

(بلي) الثَّوْب بلَى وبلاء رث وَالدَّار وَنَحْوهَا فنيت

بلي


بَلَى(n. ac. بِلًى [ ])
a. Was worn out, used up, consumed.

أَبْلَيَa. Wore out, used up, consumed.

بِلْيa. see 21
بَاْلِيa. Worn out, wasted, decayed; consumed.

بَلِيّa. Wearied, jaded, exhausted.

بِلًى
a. Worn, wasted; wear; wear and tear.

بَلَى
a. Yes, Yea, verily.

بَمّ
P. (pl.
بُلُوْي)
a. Bass-note (music).
بِمَ
a. Why? Wherefore?

بِمَاأَن
a. Because.
ب ل ي : بَلِيَ الثَّوْبُ يَبْلَى مِنْ بَابِ تَعِبَ بِلًى بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ وَبَلَاءً بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ خَلُقَ فَهُوَ بَالٍ وَبَلِيَ الْمَيِّتُ أَفْنَتْهُ الْأَرْضُ.

وَبَلَاهُ اللَّهُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ يَبْلُوهُ بَلْوًا وَأَبْلَاهُ بِالْأَلِفِ وَابْتَلَاهُ ابْتِلَاءً بِمَعْنَى امْتَحَنَهُ وَالِاسْمُ بَلَاءٌ مِثْلُ: سَلَامٍ وَالْبَلْوَى وَالْبَلِيَّةُ مِثْلُهُ.

وَبَلَى حَرْفُ إيجَابٍ فَإِذَا قِيلَ مَا قَامَ زَيْدٌ وَقُلْتَ فِي الْجَوَابِ بَلَى فَمَعْنَاهُ إثْبَاتُ الْقِيَامِ وَإِذَا قِيلَ أَــلَيْسَ كَانَ كَذَا وَقُلْتَ بَلَى فَمَعْنَاهُ التَّقْرِيرُ وَالْإِثْبَاتُ وَلَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ نَفْيٍ إمَّا فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِمَّا فِي أَثْنَائِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} [القيامة: 3] {بَلَى} [القيامة: 4] وَالتَّقْدِيرُ بَلَى نَجْمَعُهَا وَقَدْ يَكُونُ مَعَ النَّفْيِ اسْتِفْهَامٌ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ أَبَدًا يَرْفَعُ حُكْمَ النَّفْيِ وَيُوجِبُ نَقِيضَهُ وَهُوَ الْإِثْبَاتُ.

وَقَوْلُهُمْ لَا أُبَالِيه وَلَا أُبَالِي بِهِ أَيْ لَا أَهْتَمُّ بِهِ وَلَا أَكْتَرِثُ لَهُ وَلَمْ أُبَالِ وَلَمْ أُبَلِ لِلتَّخْفِيفِ كَمَا حَذَفُوا الْيَاءَ مِنْ الْمَصْدَرِ فَقَالُوا لَا أُبَالِيه بَالَةً وَالْأَصْلُ بَالِيَةٌ مِثْلُ: عَافَاهُ مُعَافَاةً وَعَافِيَةً قَالُوا وَلَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا مَعَ الْجَحْدِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُمْ تُبَالِي الْقَوْمُ إذَا تَبَادَرُوا إلَى الْمَاءِ الْقَلِيلِ فَاسْتَقَوْا فَمَعْنَى لَا أُبَالِي: لَا أُبَادِرُ إهْمَالًا لَهُ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ مَا بَالَيْتُ بِهِ مُبَالَاةً وَالِاسْمُ الْبِلَاءُ وِزَانُ كِتَابٍ وَهُوَ الْهَمُّ الَّذِي تُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَكَ. 
[ب ل ي] بَلِيَ الثَّوْبُ بِلىً وَبَلاءً وَأَبْلاهُ هُو قالَ

(والمرءُ يُبْلِيهِ بَلاَءَ السِّربَالْ ... )

أَرَادَ إِبْلاءَ السَّرْبْاَلِ أَو أَرَادَ فَيَبْلَى بَلاءَ السَّرْبَالْ وَبَلاهُ كأَبْلاهُ قالَ العُجَيْرُ السَّلُولِيُّ

(وَقَائِلَةٍ هذا العُجَيْرُ تَقَلَّبَتْ ... بِهِ أَبْطُنٌ بَلَّيْنَهُ وظُهُورُ)

(رَأَتْنِي تَحَادَبْتُ وَمنْ يَكُنْ ... فَتًى عَامَ عَامَ الماءِ فهو كَبِيرُ)

وقالَ ابنُ أَحْمَرَ

(لَبِسْتُ أَبِي حَتَّى تَمَلَّيْتُ عُمْرَهُ ... وَبَلَّيْتُ أَعْمَامِيْ وَبَلَّيْتُ خَالِيَا)

يُرِيدُ أَنِّي عِشْتُ المُدَّةَ الَّتِي عَاشَهَا أَبِي وقِيلَ عَامَرْتُهُ طُوْلَ حَيَاتِهِ وَبَلاَّهُ السَّفَرُ وَبَلَّى عَلَيْهِ أَنشدَ ابن الأَعْرَابِيّ

(قَلُوصَانِ عَوْجَاوَانِ بلى عَلَيْهِمَا ... دَءُوْبُ السُّرَى ثُمَّ اقْتِرَاحُ الهَوَاجِر)

وَأَبْلاهُ كذلِكَ وَفُلانٌ بِلْيُ أَسْفَارٍ إِذَا كانَ قَدْ بَلاَّه السَّفَرُ والهَمُّ وَنَحْوُهُمَا وَجَعَلَ ابنُ جِنِّيٍّ اليَاءَ في هَذَا بَدَلاً مِنَ الوَاوِ وَلِضَعْفِ حَجْرِ اللامِ كَمَا تَقَدَّمَ في قَوْلِهِم فُلانٌ مِنْ عِلْيَةِ النَّاسِ وَهُوَ بِذِي بَلَّيْ وبِلَّيْ وَبَلِيٍّ وَبِلِيٍّ وَبِلِّيَانٍ وَبَلَيَانٍ بِفَتْحِ البَاءِ واللامِ إِذَا بَعُدَ عَنْكَ حَتَّى لا تَعْرِفَ مَوْضِعَهُ وَقَالَ ابنُ جِنِّيٍّ قَوْلُهُم أَتَى عَلَى ذِي بِلِّيَانَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ هُوَ عَلَمٌ للبُعْدِ وَقَوْلُه

(يَنَامُ وَيَذْهَبُ الأَقْوَامُ حَتَّى ... يُقَالَ أَتَوا عَلَى ذِي بِلَيَانٍ)

فَإِنَّهُ صَرَفَهُ عَلَى مَذْهَبِهِ للضَّرُورَةِ وفي حَدِيثِ خَالِدِ بن الوَلِيد إِذَا كانَ النَّاسُ بِذِي بَلِيٍّ أَرَادَ تَفَرُّقَهُمْ وَأَنْ يَكُونُوا طَوَائِفَ والبَلِيَّةُ النَّاقَةُ يَمُوتُ رَبُّهَا فَتُشَدُّ عند قَبْرِه حَتَّى تَمُوتَ وَتَبْلَى وبَلِيٌّ اسمُ قَبِيْلَةٍ
بلي
: (ي} بَلِيَ الثَّوْبُ، كرَضِيَ، {يَبْلَى) .
(قالَ شيْخُنا: جَرَى على خِلافِ قواعِدِه فإنَّه وَزَنَ الفِعْل برَضِيَ فدَلَّ على أنَّه مَكْسورُ المَاضِي مَفْتوحُ المُضارِع، ثمَّ أَتْبَعَه بالمُضارِعِ فدَلَّ على أنَّه كضَرَبَ، وَالثَّانِي لَا قائِلَ بِهِ، فَهِيَ زِيادَةٌ مفسدَةٌ.
(} بِلىً) ، بالكسْرِ والقَصْرِ، ( {وبَلاءً) ، بالفتْحِ والمدِّ وقَضيَّة يَقْتَضي الفَتْح فيهمَا وليسَ كَذلِكَ.
قالَ الجَوْهريُّ: إنْ كَسَرْتَها قَصَرْتَ، وَإِن فَتَحْتَها مَدَدْتَ.
قُلْتُ: ومثْلُه القِرَى والقَراءُ والصِّلى والصَّلاءُ.
(} وأبْلاهُ هُوَ) ؛) وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للعجَّاجِ: والمَرْءُ {يُبْلِيهِ} بَلاءَ السِّرْبالْ
كرُّ اللَّيَالِي واخْتِلافُ الأَحْوالْويقالُ للمُجِدِّ: {أَبْلِ ويُخْلِفُ الله.
قُلْتُ: وقَوْلُ العجَّاجِ: بَلاءَ السِّرْبالْ، أَي} إبْلاء السِّرْبال، أَو فيَبْلى بَلاءَ السِّرْبال.
( {وبَلاَّهُ) ، بالتَّشْديدِ؛ وَمِنْه قولُ العُجَيْر السَّلولي:
وقائِلَةٍ هَذَا العُجَيْرُ تَقَلَّبَتْ
بهِ أَبْطُنٌ} بَلَّيْنَهُ وظُهوررَأَتنِي تَجاذَبْتُ العَدَاةَ ومَنْ يَكُنْ
فَتىً عامَ عامَ عَام فَهْوَ كَبيروأَنْشَدَ ابنُ الأعْرابيِّ:
قَلُوصانِ عَوْجاوانِ {بَلَّى عَليهِما
دُؤوبُ السُّرَى ثمَّ اقْتِداحُ الهَواجِر (وَفُلَان} بلْيُ أَسْفارِ {وبلْوُها) ، بكسْر الباءِ فيهمَا: (أَي} بَلاَهُ الهَمُّ والسَّفَرُ والتَّجارِبُ) .
(وَالَّذِي فِي الصِّحاحِ والأَساسِ: ناقَةٌ {بِلْوُ سَفَرٍ} وبِلْيُ سَفَرٍ للَّتي قد {أَبْلاَها السَّفَرُ؛ والجَمْعُ} أَبْلاءٌ؛ وأَنْشَدَ الأَصْمعيُّ:
ومَنْهَلٍ من الأَنِيس نائي شَبيهِ لَوْنِ الأَرْضِ بالسَّماءِ داوَيْتُه برُجَّعٍ أَبْلاءِ قُلْتُ: وَهُوَ قَوْلُ جَنْدَل بنِ المُثَنَّى.
زادَ ابنُ سِيدَه: وكَذلِكَ الرَّجُلُ والبَعيرُ.
فكأنَّ المصنِّفَ أَخَذَه مِن هُنَا، وزادَ كابنِ سِيدَه الهَمّ والتَّجارِبَ وَلم يَشِرْ إِلَى الناقَةِ أَو البَعيرِ، وَلَا إِلَى الجَمْعِ وَهُوَ قُصُورٌ. كَمَا أنَّ الجَوْهرِيَّ لم يَذْكر الرّجلَ واقْتَصَر على {بَلاهُ السَّفَر.
(و) رجُلٌ (} بِلْيُ شَرَ) أَو خَيْرٍ ( {وبِلْوُهُ) :) أَي (قَوِيٌّ عَلَيْهِ} مُبْتَلىً بِهِ.
(و) هُوَ ( {بِلْوٌ} وبِلْيٌ مِن {أَبْلاءِ المالِ) :) أَي (قَيِّمٌ عَلَيْهِ) ؛) يقالُ ذلِكَ للرَّاعي الحَسَنِ الرِّعْيَة، وكَذلِكَ هُوَ حِبْلٌ مِن أَحْبالِها، وعِسْلٌ مِن أَعْسالِها؛ وزِرٌّ مِن أَزْرارِها؛ قالَ عمرُ بن لَجأٍ:
فصادَفَتْ أَعْصَلَ من} أَبْلائِها
يُعْجِبُه النَّزْعَ إِلَى ظمائِهاقُلِبَتِ الواوُ فِي كلِّ ذلِكَ يَاء للكسْرَةِ، وضعْفِ الحاجِزِ فصارَتِ الكسْرَةُ كأَنَّها باشَرَتِ الواوَ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وجَعَلَ ابنُ جنِّي الياءَ فِي هَذَا بَدَلا مِن الواوِ لضعْفِ حجزِ اللامِ كَمَا سيُذْكَر فِي قوْلِهم: فلانٌ من عِلْيَةِ الناسِ.
(و) يقالُ: (هُوَ بِذِي {بَلَّى، كحَتَّى) ، الجارَّةِ، (وإلاَّ) الاسْتِثْنائِيَّة، (ورَضِيَ ويُكْسَرُ،} وبَلَيانٍ، محرَّكةً، و) بِذِي {بِلِيَّانٍ، (بكَسْرَتَيْن مُشددةَ الثَّالثِ) ، وَكَذَا بتَشْديدِ الثَّانِي وَقد مَرَّ فِي اللامِ؛ وأَنْشَدَ الكِسائيُّ فِي رجلٍ يطيلُ النَّومَ:
تَنامُ ويَذْهَبُ الأَقْوامُ حَتَّى
يُقالَ أَتَوْا على ذِي} بِلّيان ِيقالُ ذلِكَ (إِذا بَعُدَ عَنْك حَتَّى لَا تَعْرِفَ مَوْضِعَهُ) .
(وقالَ الكِسائيُّ فِي شرْحِ البيتِ المَذْكورِ: يعْنِي أنَّه أَطالَ النَّوْمَ ومَضَى أَصْحابُه فِي سَفَرِهم حَتَّى صارُوا إِلَى المَوْضِعِ الَّذِي لَا يَعْرِف مَكانَهم مِن طُولِ نَوْمِه.
قالَ ابنُ سِيدَه: وصَرَفَه على مَذْهَبِه.
وقالَ ابنُ جنِّي قَوْلُهم أَتَى على ذِي بِلِيَّانَ غَيْر مَصْروفٍ وَهُوَ عَلَم البعدِ.
وَفِي حدِيث خالِدِ بن الوَلِيدِ: (وَلَكِن ذاكَ إِذا كانَ الناسُ بِذِي {بَلِيٍّ وذِي بَلّى) .
قالَ أَبو عبيدٍ: أَرادَ تفرّقَ الناسِ وأَن يكُونوا طَوائِفَ وفِرقاً مَعَ غيرِ إمامٍ يَجْمعُهم، وكَذلِكَ كُلّ مَنْ بَعُدَ عنْكَ حَتَّى لَا تَعْرِفَ مَوْضِعَه فَهُوَ بذِي بلّيَ، وجعلَ اشْتِقاقَه مِن بَلَّ الأَرض: إِذا ذَهَبَ، أَرادَ ضِياعَ أُمورِ الناسِ بَعْده؛ وَقد ذُكِرَ هَذَا الحدِيثُ فِي بثن، وتقدَّمَ زِيادَة تَحْقيق فِي بَلل.
وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ: يقالُ: فلانٌ بِذِي بِليَ وذِي} بِليَّان إِذا كانَ ضائِعاً بعِيداً عَن أَهْلِه.
( {والبَلِيَّةُ) ، كغنِيَّةٍ: (النَّاقَةُ) الَّتِي (يموتُ رَبُّها فَتُشَدُّ عندَ قبرِهِ) فَلَا تُعْلَفُ وَلَا تُسْقَى (حَتَّى تموتَ) جُوعاً وعَطَشاً، أَو يُحْفَرُ لَهَا وتُتْرَكُ فِيهَا إِلَى أَنْ تَموتَ، لأنَّهم (كَانُوا يقولونَ: صاحِبُها يُحْشَرُ عَلَيْهَا) .
(وَفِي الصِّحاحِ: كَانُوا يزْعمُونَ أنَّ الناسَ يُحْشَرُونَ ركباناً على} البَلايَا، ومُشاةً إِذا لم تُعْكَس مَطايَاهُم عنْدَ قُبورِهم، انتَهَى.
وَفِي حدِيثِ عبْدِ الرزَّاقِ: كَانُوا فِي الجاهِلِيَّةِ يَعْقِرُونَ عندَ القبْرِ بَقَرةً أَو ناقَةً أَو شَاة ويُسمُّونَ العَقِيرَةَ! البَلِيَّة.
وقالَ السَّهيلي: وَفِي فِعْلِهم هَذَا دَلِيلٌ على أنَّهم كَانُوا يرونَ فِي الجاهِلِيَّةِ البَعثَ والحَشْرَ بالأَجْسادِ، وهُم الأَقَلّ، وَمِنْهُم زُهَيْرٌ.
وأَوْرَدَ مثْلَ ذلِكَ الخطابيُّ وغيرُهُ. (وَقد {بُلِيَتْ، كعُنِيَ) ، هَكَذَا فِي النسخِ، وَالَّذِي فِي المُحْكَم: قالَ غَيْلان الرَّبعِيّ:
باتَتْ وباتُوا} كَبَلايا {الأَبْلاءْ
مطلنفئين عِندَها كالأَطْلاءيَصِفُ حَلْبَة قادَها أَصْحابُها إِلَى الغايَةِ، وَقد بُلِيَتْ، فقَوْلُه: وَقد} بُلِيَتْ إنَّما مرْجعُ ضَمِيره إِلَى الحَلْبة لَا إِلَى البَلِيَّة كَمَا زَعَمَه المصنِّف، فتأَمَّل ذلِكَ.
( {وبَلِيٌّ، كرَضِيَ؛) قالَ الجَوْهرِيُّ: فَعِيل؛ (قَبيلَةٌ م) مَعْروفَةٌ، وَهُوَ ابنُ عَمْرو بن الحافي بن قُضاعَةَ، (وَهُوَ} بَلَوِيٌّ) ، كعَلَوِيَ، مِنْهُم فِي الصَّحابَةِ، وَمن بعْدِهم خَلْقٌ كَثيرٌ يُنْسَبُونَ هَكَذَا.
( {وبَلْيانَةُ) ، بفتْحٍ فسكونٍ: (د بالمَغْرِبِ) .) وضَبَطَه الصَّاغانيُّ بالكسْرِ، وقالَ: بالأَنْدَلُسِ.
(} وابْتَلَيْتُهُ: اخْتَبَرْتُه) وجَرَّبْتُه.
(و) {ابْتَلَيْتُ (الرَّجُلَ} فأَبْلانِي) :) أَي (اسْتَخْبَرْتُه فأَخْبَرَني) .
(قالَ ابنُ الأعْرابيِّ: {أَبْلَى بمعْنَى أَخْبَرَ؛ وَمِنْه حدِيثُ حذيفَةَ: (لَا} أُبْلي أَحداً بَعْدَك أَبَداً) ، أَي لَا أُخْبِرُ، وأَصْلُه مِن قَوْلِهم: أَبْلَيْتُ فلَانا يَمِيناً.
(و) {ابْتَلَيْتُه: (امْتَحَنْتُه واخْتَبَرْتُه) ؛) هَكَذَا فِي النسخِ والصَّوابُ: اخْتَرْتُه؛ وَمِنْه حدِيثُ حذيفَةَ: (أَنَّه أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فتَدَافَعُوها فتَقَدَّمَ حديفةُ فلمَّا سَلَّم مِن صلاتِهِ قَالَ:} لتَبْتَلُنَّ لَهَا إِمَامًا أَو لتُصَلُّنَّ وُحْداناً) .
قالَ شَمِرٌ: أَي لتَخْتارُنَّ لَهَا إِمَامًا، وأَصْلُ {الابْتِلاءِ الاخْتِبار؛ (} كَبَلَوْتُه {بَلْواً} وبَلاءً) .
(قالَ الرَّاغبُ: وَإِذا قيلَ ابتلى فلانٌ كَذَا! وأَبَلاَهُ فذلِكَ يَتَضَمَّنُ أَمْرَيْن: أَحَدُهما: تَعَرّفُ حالهُ والوُقُوفُ على مَا يُجْهَلُ مِن أَمْرِه؛ وَالثَّانِي: ظهورُ جودَتِه ورَداءَتِه، ورُبَّما قُصِدَ بِهِ الأَمْران، ورُبَّما يُقْصَدُ بِهِ أَحَدُهما، فَإِذا قيلَ فِي الله {بَلَى كَذَا أَو} ابْتَلاه، فــليسَ المُراد مِنْهُ إلاَّ ظُهُور جودَتِه ورَداءَته دونَ التَّعرُّفِ لحالِهِ والوُقُوفِ على مَا يجهَلُ مِنْهُ، إِذْ كانَ اللَّهُ علاَّمَ الغُيوبِ، وعَلى هَذَا قَوْلُه تَعَالَى: {وَإِذا {ابْتَلَى إِبْرَاهِيم ربه بكلماتٍ فأَتَمَّهُنَّ} .
(والاسْمُ} البَلْوَى {والبَلِيَّةُ) ، كغَنِيَّةٍ؛ كَذَا بخطِّ الصّقليّ فِي نسخةِ الصِّحاحِ، وبخطِّ أَبي زكريَّا} البِلْيَة بالكسْرِ؛ ( {والبِلْوَةُ، بالكسْرِ) كَمَا فِي الصِّحاحِ أَيْضاً، وجَمَعَ بعيْنهما ابنُ سِيدَه زادَ:} والبَلاءُ.
(والبَلاءُ: الغَمُّ كأنَّه {يُبْلي الجِسْمَ) ، نَقَلَهُ الرَّاغبُ؛ قالَ: (والتَّكْليفُ} بَلاءٌ) مِن أَوْجُهٍ، (لأنَّه شاقٌّ على البَدَنِ) ، فصارَ بِهَذَا الوَجْه بَلاءٌ، (أَو لأنَّه اخْتِبارٌ) ، وَلِهَذَا قالَ تَعَالَى: { {ولنَبْلونَّكُم حَتَّى نَعْلَم المُجاهِدِينَ منْكُم والصَّابِرِين} ؛ أَو لأنَّ اخْتِبارَ اللَّهِ العِبادَ تارَةً بالمَسَار ليَشْكرُوا وتارَةً بالمَضارِّ ليَصْبُروا.
(و) لهَذَا قَالُوا: (} البَلاءُ يكونُ مِنْحَةً ويكونُ مِحْنَةً) ، فالمِحْنَةُ مُقْتَضِيةٌ للصَّبْرِ، والمِنْحَةُ أَعْظَمَ {البَلاءَيْنِ. وَبِهَذَا النَّظَرِ قالَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: (} بُلِينا بالضَّرَّاءِ فصَبَرْنا! وبُلِينا بالسَّرَّاءِ فَلم نَصْبر) . وَلِهَذَا قالَ عليٌّ، رضِيَ اللَّهُ عَنهُ: (مَنْ وسِّع عَلَيْهِ دُنْياهُ فَلم يَعْلَم أنَّه مَكْرٌ بِهِ فَهُوَ مَخْدوعٌ عَن عَقْلِه) .
وقالَ تَعَالَى: { {ونَبْلُوكُم بالشَّرِّ والخَيْر فِتْنَة} ، {} - وليُبليَ المُؤْمِنِين مِنْهُ بَلاءً حَسَناً} ؛ وقَوْلُه: {وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِن رَبِّكم عَظِيمٌ} ، رَاجِعٌ إِلَى الأَمْرَيْن: إِلَى المِحْنَةِ الَّتِي فِي قوْلِه: {يذبحون أَبْناءَكُمْ} ، الآيَة؛ وَإِلَى المِنْحَة الَّتِي أَنْجاهُم، وكَذلِكَ قَوْلُه تَعَالَى: {وآتَيْناهُم مِن الآياتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ} ، راجِعٌ إِلَى الأَمْرَين، كَمَا وَصَفَ كتابَه بقَوْله: {قُلْ هُوَ للَّذين آمَنُوا هُدىً} ، الآيَة، انتَهَى.
(و) يقولونَ: (نَزَلَتْ {بَلاءٍ) على الكُفَّارِ، (كقَطامِ، أَي البَلاءُ) .
قالَ الجَوْهرِيُّ: حَكَاهُ الأَحْمر عَن العَرَبِ.
(} وأَبْلاهُ عُذْراً: أَدَّاهُ إِلَيْهِ فَقَبِلَهُ) ؛ وقيلَ: بَيَّنَ وَجْهَ العذْرِ ليُزِيلَ عَنهُ اللّومَ؛ وكَذلِكَ {أَبْلاهُ جُهده ونائِلَهُ.
وَفِي الأساسِ: وحَقِيقَتُه جَعَله بالِياً لعُذْرِه، أَي خَابِراً لَهُ عالِماً بكُنْهِه.
وَفِي حدِيثِ برِّ الوَالِدَيْن: (} أَبْلِ الله تَعَالَى عُذْراً فِي بِرّها) أَي أَعْطِه وأَبْلِغ العُذْرَ فِيهَا إِلَيْهِ، المعْنَى أَحْسِن فيمَا بَيْنك وبَيْنَ اللَّهِ ببِرِّك إيَّاها.
(و) {أَبْلَى (الرَّجُلَ) يَمِيناً} إِبلاءً (أَحْلَفَهُ و) أَبْلَى الرَّجُلَ: (حَلَفَ لَهُ) فطَيَّبَ بهَا نَفْسَه؛ قالَ الشاعِرُ:
وَإِنِّي {لأُبْلِي الناسَ فِي حُبِّ غَيْرها
فأَمَّا على جُمْلٍ فإنيَ لَا} أُبْلي أَي أَحْلف للناسَ إِذا قَالُوا هَل تحبُّ غَيْرها أَنِّي لَا أُحبُّ غَيْرَها، فأَمَّا عَلَيْهَا فَإِنِّي لَا أَحْلف؛ وقالَ أَوْس:
كأنَّ جَدِيدَ الأَرضِ {يُبْلِيكَ عَنْهُمُ
تَقِيُّ اليَمِينِ بَعْدَ عَهْدِكَ حالِفُأَي يَحْلفُ لَكَ جَدِيدُ الأَرضِ أنَّه مَا حَلَّ بِهَذِهِ الدارِ أَحَدٌ لدُرُوسِ مَعاهِدِها؛ وقالَ الراجزُ:
فَأَوْجِع الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرا
أَو} يُبْلِيَ الله يَمِيناً صَبْرَا فَهُوَ (لازِمٌ مُتَعَدَ.
( {وابْتُلِيَ: اسْتُحْلِفَ واسْتُعْرِفَ) ؛ قالَ الشَّاعِرُ:
تُبَغّي أَباها فِي الرِّفاقِ} وتَبْتَلِي
وأَوْدَى بِهِ فِي لُجَّةِ البَحْرِ تَمْسَحُأَي تَسْأَلُهم أَنْ يَحْلفُوا لَهَا، وتقولُ لَهُم: ناشَدْتُكم اللَّهَ هَل تَعْرِفُونَ لأَبي خَبراً؟
وقالَ أَبو سعيدٍ: تَبْتَلِي هُنَا تَخْتَبِر؛ {والابْتِلاءُ: الاخْتِبارُ بيَمِينٍ كانَ أَو غَيْرها؛ وقالَ آخَرُ:
تُسائِلُ أَسْماءُ الرِّفاقَ وتَبْتَلي
ومِنْ دُونِ مَا يَهْوَيْنَ بابٌ وحاجبُ (و) يقالُ: (مَا} أُبالِيه {بالَةً} وبِلاءً) ، بالكسْرِ والمدِّ، ( {وبالاً} ومُبالاةً) .
قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: {البَلاءُ هُوَ أَنْ يقولَ لَا أُبالِي مَا صَنَعْتُ} مُبالاةً {وبِلاءً، وليسَ هُوَ مِن بَلِيَ الثَّوبُ.
وَفِي كَلامِ الحَسَن: لم} يُبالِهِمْ اللَّهُ بالَةً.
وقوْلُهم: مَا! أُبالِيهِ، (أَي مَا أَكْتَرِثُ) لَهُ.
قالَ شيْخُنا: وَقد صَحَّحوا أنَّه يَتَعدَّى بالباءِ أَيْضاً كَمَا قالَهُ البَدْرُ الدّمامِيني فِي حواشِي المغْنِي، انتَهَى.
أَي يُقالُ: مَا {بالَيْتُ بِهِ، أَي لم أَكْتَرِثْ بِهِ؛ وَبِهِمَا رُوِي الحدِيثُ: (وتَبْقَى حُثالَةٌ لَا} يُبالِيهمُ اللَّهُ {بالةً) ؛ وَفِي رِوايَةٍ: (لَا} يُبالِي بِهمْ بالَةً) .
وَلَكِن صَرَّحَ الزَّمَخْشريّ فِي الأساسِ: أنَّ الأُولى أَفْصَح، وفَسَّر {المُبالاةَ هُنَا بعَدَمِ الإكْتِراثِ؛ ومَرَّ لَهُ فِي الثاءِ تَفْسِيره بعَدَمَ المُبالاةِ، والأكْثَر فِي اسْتِعْمالِهما لازِمَيْن للنَّفْي، والمعْنَى: لَا يَرْفع لَهُم قَدْراً وَلَا يُقيمُ لَهُم وَزْناً.
وَجَاء فِي الحدِيثِ: (هَؤُلَاءِ فِي الجنَّةِ وَلَا} أُبالِي وَهَؤُلَاء فِي النارِ وَلَا أُبالي.
وحَكَى الأزْهرِيُّ عَن جماعَةٍ مِن العُلماءِ أَنَّ مَعْناه لَا أَكْرَه.
قالَ الزَّمَخْشرِيُّ: وقيلَ لَا {أُبالِيهِ: قَلْبُ لَا أُبَاوِلُه مِن البَالِ أَي لَا أَخْطِرهُ ببَالِي وَلَا أُلْقِي إِلَيْهِ بَالا.
قالَ شيْخُنا:} وبالَةُ قيلَ: اسمُ مَصْدَرٍ، وقيلَ: مَصْدَر {كالمُبالاةِ؛ كَذَا فِي التَوْشيحِ.
قُلْتُ: ومَرَّ عَن ابنِ دُرَيْدٍ مَا يُشِيرُ إِلَى أنَّه مَصْدرٌ؛ قالَ ابنُ أَحْمر:
وشَوْقاً لَا} يُبالِي العَيْنَ بَالا (و) قَالُوا: (لم {أُبالِ وَلم} أُبَلْ) ، حَذَفُوا الألفَ تَخْفِيفاً لكَثْرةِ الاسْتِعْمالِ، كَمَا حَذَفُوا الياءَ مِن قوْلِهم لَا أَدْرِ، وكَذلِك يَفْعلُونَ فِي المَصْدَرِ فيَقُولونَ مَا {أُبالِيهِ بالَةً، والأصْلُ} بالِيَةً، مثْل عَافَاهُ اللَّهُ عافِيَةً، حَذَفُوا الياءَ مِنْهَا بِنَاء على قَوْلِهم لم أُبَلْ، وليسَ مِن بابِ الطاعَةِ والجابَةِ والطاقَةِ؛ كَذَا فِي الصِّحاحِ.
قالَ ابنُ بَرِّي: لم تُحْذَفِ الأَلفُ مِن قَوْلِهم: لم أُبَل تَخْفِيفاً، وإنَّما حُذِفَتْ لالْتِقاءِ الساكِنَيْنِ.
وَفِي المُحْكَم: قالَ سِيْبَوَيْه: وسَأَلْتُ الخَلِيلَ عَن قَوْلِهِم لم أُبَلْ فقالَ: هِيَ من {بالَيْتُ، ولكنَّهم لمَّا أَسْكَنُوا اللامَ حَذَفُوا الأَلِفَ لئَلاَّ يَلْتَقِي ساكِنانِ، وإنَّما فَعَلُوا ذلِكَ بالجَزْمِ لأنَّه مَوْضِعُ حَذْفٍ، فلمَّا حَذَفُوا الياءَ، الَّتِي هِيَ مِن نَفْسِ الحَرْفِ بَعْد اللامِ، صارَتْ عنْدَهُم بمنْزِلَةِ نونِ يكنْ حيثُ أُسْكِنَتْ، فإسْكانُ اللامِ هُنَا بمنْزِلَةِ حَذْف النونِ مِن يكنْ، وإنَّما فَعَلُوا هَذَا بِهَذَيْنِ حَيْثُ كَثُرَ فِي كَلامِهم حَذْفُ النونِ والحَرَكاتِ، وذلِكَ نَحْو مُذْ ولد، وإنَّما الأَصْلُ مُنْذ ولدن، وَهَذَا مِن الشَّواذ وليسَ ممَّا يُقاسُ عَلَيْهِ، (و) زَعَمَ أَنَّ نَاسا مِنَ العَرَبِ قَالُوا: (لم} أُبَلِ، بكسْرِ الَّلامِ) ، لَا يزيدُونَ على حَذْفِ الأَلفِ كَمَا حَذَفُوا عُلَبِطاً، حيثُ كَثُرَ الحَذْفُ فِي كَلامِهم، وَلم يَحْذفُوا لَا أُبالِي لأَنَّ الحَذْفَ لَا يَقْوَى هُنَا وَلَا يلزَمُه حَذْف، كَمَا أنَّهم إِذْ قَالُوا لم يكن الرَّجُل فكانتْ فِي مَوْضِع تحرّك لم تُحْذَفْ، وجَعَلُوا الأَلفَ تثبتُ مَعَ الحَرَكَةِ، أَلا تَرى أَنَّها لَا تُحْذَفُ فِي أُبالِي فِي غَيْرِ مَوْضِع الجَزْمِ، وإنَّما يحذفُ فِي المَوْضِعِ الَّذِي تُحْذَفُ مِنْهُ الحركَةُ.
( {والأَبْلاءُ: ع) .
وقالَ ياقوتُ، اسمُ بئْرٍ.
وقالَ ابنُ سِيدَه: وليسَ فِي الكَلامِ اسمٌ على أَفْعال إلاَّ الأَنْبارِ والأَبْواء والأَبْلاء.
(و) } أُبْلَى، (كحُبْلَى: ع بالمَدينَةِ) بينَ الأَرْحَضية وقُرَّانَ؛ هَكَذَا ضَبَطَه أَبو نُعَيمٍ وفَسَّره.
وقالَ عَرَّامٌ: تمْضِي مِن المدينَةِ مُصْعداً إِلَى مكَّةَ فتميلُ إِلَى وادٍ يقالُ لَهُ عُرَيْفِطان، وحِذاءَهُ جِبالٌ يقالُ لَهَا أُبْلَى فِيهَا مِياهٌ مِنْهَا بِئْر مَعُونَةَ وذُو ساعِدَةَ وذُو جَماجِم والوَسْبَا، وَهَذِه لبَني سُلَيْم وَهِي قِنانٌ مُتَّصِلَةٌ بعضُها ببعضٍ؛ قالَ فِيهَا الشاعِرُ:
أَلا لَيْتَ شِعْري هَل تغير بَعْدَنا
أَرُوم فآرام فشَابَة فالحَضْرُوهل تركتْ أُبْلَى سوادَ جِبالها
وَهل زالَ بَعْدِي عَن قنيته الحِجْرُ؟ (! وبَلَى: جَوابُ اسْتِفْهامٍ مَعْقُودٍ بالجَحْدِ) ؛ وَفِي الصِّحاحِ: جَوابٌ للتَّحْقِيقِ؛ (تُوجِبُ مَا يقالُ لَك) ، لأنَّها ترك للنَّفْي، وَهِي حَرْفٌ لأَنَّها نَقِيضةُ لَا.
قالَ سِيْبَوَيْه: ليسَ بَلَى ونَعَم اسْمَيْن، انتَهَى.
وقالَ الرَّاغبُ: بَلَى رَدٌّ للنَّفْي، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُوا لن تَمسَّنا النَّار} ، الآيَةُ، {بَلَى مِن كسب سَيِّئَة} ؛ وجوابٌ لاسْتِفْهامٍ مُقْتَرنٍ بنَفْيٍ نَحْو: {أَلَسْتُ برَبِّكم؟ قَالُوا: بَلَى} ؛ ونَعَم يقالُ فِي الاسْتِفْهامِ نَحْو {هَل وَجَدْتُم مَا وَعَد رَبّكم حَقّاً؟ قَالُوا: نَعَم} ، وَلَا يُقالُ هُنَا بَلَى، فَإِذا قيلَ: مَا عنْدِي شيءٌ، فقُلْتُ بَلَى، فَهُوَ رَدُّ لكَلامِه، فَإِذا قُلْت نَعَم فإقْرارٌ منْكَ، انْتَهَى.
وقالَ الأَزْهرِيُّ: إنَّما صارَتْ بَلَى تَتَّصِل بالجَحْدِ لأنَّها رجوعٌ عَن الجَحْدِ إِلَى التّحْقِيقِ، فَهُوَ بمنْزِلَةِ بَلْ، وبَلْ سَبِيلُها أَنْ تأْتي بَعْدَ الجَحْدِ كقَوْلِكَ: مَا قامَ أَخُوكَ بَلْ أَبُوكَ، وَإِذا قالَ الرَّجُلُ للرَّجُلِ أَلا تَقومُ؟ فَقَالَ لَهُ: بَلَى، أَرادَ: بَلْ أَقُومُ، فزادُوا الألِفَ على بَلْ ليحسن السُّكوتُ عَلَيْهَا، لأنَّه لَو قالَ بَلْ كانَ يتوقَّعُ كَلاماً بَعْد بَلْ، فَزادُوا الألِفَ ليزولَ عَن المخاطبِ هَذَا التَّوهُّم.
وقالَ المبرِّدُ: بَلْ حكمُها الاسْتِدْراك أَيْنما وَقَعَتْ فِي جَحْدٍ أَو إِيجابٍ، وبَلَى يكونُ إِيجَابا للنَّفْي لَا غَيْر.
قالَ ابنُ سِيدَه: وَقد قيلَ إنَّ الإمالَةَ جائِزَةٌ فِي بَلَى، فَإِذا كانَ ذلِكَ فَهُوَ مِن الياءِ.
وقالَ بعضُ النَّحْوِيين: إنَّما جازَتِ الإمالَةُ فِي بَلَى لأنَّها شابَهَتْ بتَمامِ الكَلامِ واسْتِقلالِه بهَا وغِنائِها عمَّا بَعْدَها كالأَسْماءِ المُسْتَقِلّةِ بأَنْفُسِها، فَمن حَيْثُ جازَتْ إمالَةُ الأسْماءِ جازَتْ أَيْضاً إمالَةُ بَلَى، كَمَا جازَتْ فِي أَي وَمَتى.
( {وابْلَوْلَى العُشْبُ: طالَ واسْتَمْكَنَتْ مِنْهُ الإِبِلُ.
(و) قوْلُهم: (بِذِي} بُلَّى، كرُبَّى) ، مَرَّ ذِكْرُه (فِي الَّلامِ) ، وَكَذَا بَقِيَّة لُغاتِها.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
جَمْعُ {البَلِيَّةِ} البَلايا، قالَ الجَوْهرِيُّ: صَرَفُوا فَعائِل إِلَى فَعالَى، كَمَا قيلَ فِي إِداوة؛ وَهِي أَيْضاً جَمْعُ البَلِيَّة للناقَةِ المَذْكُورَة؛ قالَ أَبو زبيد:
{كالبَلايا رُؤُوسُها فِي الوَلايا
مَا نِجاةِ السَّمومِ حُرَّ الخُدُودِوقد} بَلَّيْتُ {وأَبْلَيْتُ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للطّرمَّاح:
مَنازِل لَا تَرَى الأَنْصابَ فِيهَا
وَلَا حُفَرَ} المُبَلّي للمَنُون أَي أَنَّها مَنازلُ أَهْلِ الإِسْلامِ دُونَ الجاهِلِيَّةِ. {وبَلِيَّةُ بِمَعْنى} مُبْلاةٍ أَو {مُبَلاَّة كالرَّدِيَّةِ بمعْنَى المُرَدَّاةِ، فَعِيلَةٌ بمعْنَى مُفْعَلة.
} وأَبْلاهُ اللَّهُ {ببَلِيَّةٍ وأَبْلاه إبْلاءً حَسَناً: إِذا صَنَعَ بِهِ صُنْعاً جَمِيلاً وأبْلاه مَعْروفاً؛ قالَ زُهَيْرٌ:
جَزَى اللَّهُ بالإحْسانِ مَا فَعَلا بِكُمْ
} وأَبْلاهُما خيرَ البَلاءِ الَّذِي {يَبْلُو أَي صَنَعَ بهما خيرَ الصَّنيعِ الَّذِي يَبْلُو بِهِ عِبادَه.
وأَبْلاهُ: امْتَحَنَه؛ وَمِنْه الحدِيثُ: (اللَّهُمَّ لَا} تُبْلِنا إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن) ، أَي لَا تَمْتَحِنَّا.
وَفِي الحدِيثِ: (إنَّما النّذْرُ مَا {ابْتُلِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ) ، أَي أُرِيد بِهِ وَجْههُ وقُصِدَ بِهِ.
وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: يقالُ أَبْلَى فلانٌ إِذا اجْتَهَدَ فِي صفَةِ حَرْبٍ أَو كرمٍ.
يقالُ: أَبْلَى ذلِكَ اليومَ بَلاءً حَسَناً، قالَ: ومِثْله} بَالَى {مُبالاةً؛ وأَنْشَدَ:
مَا لي أَراكَ قَائِما} تُبالي
وأَنتَ قد قُمتَ من الهُزالِ؟ قالَ: سَمعه وَهُوَ يقولُ أَكَلْنا وشَرِبْنا وفَعَلْنا، يُعَدِّد المَكارِمَ وَهُوَ فِي ذلِكَ كاذبٌ؛ وقالَ فِي مَوْضِع آخر: معْنَى تُبالِي تَنْظُرُ أَيّهم أَحْسَن بَالا وأَنْتَ هالِكٌ، قالَ: ويقالُ {بَاَلاه مُبالاةً فاخَرَهُ،} وبَالاهُ {يُبالِيهِ إِذا ناقَضَهُ.
} وبالَى بالشَّيءِ! يُبالِي بهِ: اهْتَمَّ بِهِ {وتَبَلاّه مثْل} بَلاّهُ؛ قالَ ابنُ أَحْمر:
لَبِسْتُ أَبي حَتَّى {تَبَلَّيْتُ عُمْرَه
} وبَلَّيْتُ أَعْمامِي وبَلَّيْتُ خالِيايُريدُ: عشْتُ المدَّةُ الَّتِي عَاشَها أَبي، وقيلَ: عامَرْتُه طُول حَياتِي.
{وبَلَّى عَلَيْهِ السَّفَرَ:} أَبْلاَهُ.
وناقَةٌ {بَلِيَّة: الَّتِي ذَكَرَها المصنِّف فِي معْنى مُبْلاةٍ أَو} مُبْلاَّة، والجَمْعُ البَلايا؛ وَقد مَرَّ شاهِدُه مِن قَوْل غَيْلان الرَّبعِي.
وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: {البَلِيُّ} والبَلِيَّةُ {والبَلايا الَّتِي قد أَعْيَت وصارَتْ نِضْواً هالِكاً.
} وتَبْلَى، كترضى: قَبيلَةٌ مِن العَرَبِ.
{وبَلِيٌّ، كغَنِيَ: قَرْيَةٌ ببَلَخ، مِنْهَا أَحْمَدُ بنُ أَبي سعيدٍ} البَلَويُّ رَوَى لَهُ المَالِيني.
وأَبو {بُلَيّ، مُصَغَّراً: عبيدُ بنُ ثَعْلبةَ مِن بَني مجاشع بنِ دَارِم جَدّ عَمْرو بنِ شاسٍ الصَّحابيّ.
} وبُلَيٌّ، مُصَغّراً: تَلّ قَصْر أَسْفَل حاذة بَيْنها وبينَ ذاتِ عِرْق، ورُبَّما يُثَنَّى فِي الشِّعْر؛ قالَهُ نَصْر.
{وأُبْلِيُّ، بضمٍ فسكونٍ فكسْرِ الَّلامِ وتَشْديدِ الياءِ: جَبَلٌ عندَ أَجَأَ وسُلْمَى؛ قالَ الأَخطَل:
يَنْصَبّ فِي بطن} أُبْليَ ويَبْحَثهُ
فِي كلّ مُنْبَطحٍ مِنْهُ أخاديدُ {وبَلَوْتُ الشَّيءَ: شَمَمْتُه؛ وَهُوَ مجازٌ كَمَا فِي الأساسِ.
} وبُلَيَّةُ، كسُمَيَّة: جَبَلٌ بنَواحِي اليَمامَة، عَن نَصْر. 

المناسبة

المناسبة:
[في الانكليزية] Convenience ،agreement ،harmony
[ في الفرنسية] Convenance ،accord ،harmonie
هي عند المتكلّمين والحكماء هي الاتحاد في النسبة وتسمّى تناسبا أيضا كزيد وعمرو إذا تشاركا في بنوّة بكر كذا في شرح المواقف وشرح حكمة العين في أقسام الوحدة. وعند أهل البديع وتسمّى أيضا بالتناسب والتوفيق والايتلاف والتلفيق ومراعاة النظير جمع أمر وما يناسبه لا بالتضاد. وبهذا القيد يخرج الطباق فإنّ فيه المناسبة بالتضاد وهي أن يكون كلّ واحد من الأمرين مقابلا للآخر، وذلك قد يكون بالجمع بين أمرين نحو الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وقد يكون بالجمع بين أمور ثلاثة كقول البحتري:
كالقسيّ المعطفات بل الأسهم مبرية بل الأوتار جمع بين القوس والسّهم والوتر. وقد يكون بين أربعة كقول البعض للمهدي الوزير أيها الوزير إسماعيلي الوعد شعيبي التوفيق يوسفي العفو ومحمّدي الخلق، وقد يكون بين أكثر منه، ومنها أي من مراعاة النظير ما يسمّيه بعضهم تشابه الأطراف وهو أن يختم الكلام بما يناسب ابتداءه في المعنى. والتناسب قد يكون ظاهرا نحو لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ فإنّ اللطيف يناسب كونه غير مدرك بالأبصار والخبير يناسب كونه مدركا للأبصار لأنّ المدرك للشيء يكون خبيرا به، وقد يكون خفيا نحو إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فإنّ قوله تعالى وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ يوهم أنّ الفاصلة الغفور الرحيم، لكن يعرف بعد التأمّل أنّ الواجب هو العزيز الحكيم، لأنّه لا يغفر لمن يستحقّ العذاب إلّا من ليس فوقه أحد يرد عليه حكمه فهو العزيز أي الغالب. ثم وجب أن يوصف بالحكيم على سبيل الاحتراس لئلّا يتوهّم أنّه خارج عن الحكمة لأنّ الحكيم من يضع الشيء في محله أي إن تغفر لهم مع استحقاقهم العذاب فلا اعتراض عليك لأحد في ذلك، والحكمة فيما فعلته. ويلحق بالتناسب أن يجمع بين معنيين غير متناسبين بلفظين يكون لهما معنيان متناسبان، وإن لم يكونا مقصودين هاهنا نحو الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ، وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ أي ينقادان لله تعالى.
فالمراد بالنجم النبات الذي ينجم أي يظهر من الأرض مما لا ساق له كالبقول وهو بهذا المعنى لا يناسب الشمس والقمر، لكنه قد يكون بمعنى الكوكب وهو مناسب لهما، ولهذا يسمّى مثل ذلك إيهام التناسب والنجم بالنسبة إلى الشّجر من التناسب حقيقة، هكذا يستفاد من المطول وحواشيه. ويقول في جامع الصنائع: إنّ الفرق بين التناسب الذي يسمّى مراعاة النظير وبين رعاية التناسب هو: أن يقول ما يقول بالنسبة، على سبيل العموم وذلك في الأسماء الذاتية والصّفات والأفعال والحروف ومثاله ما ترجمته:
شفتك اللمياء طافت في العالم وأجرت الدّماء هذه الطرفة فحينا فوق السّوالف تنعقد وحينا تتقلّب على العين ففي هذا البيت مراعاة التناسب بين الارتباط فوق السّوالف والتقلّب على العين، وهو لازم أيضا، لأنّك لو قلت: التقلّب على السوالف فإنّ المعنى يحصل ولكنّ التركيب لا تناسب فيه.
وفي التناسب أكثر ما يكون استعمال أسماء الذوات، وذلك لأنّه عبارة عن الجمع بين أمر وآخر يناسبه وليس مضادا له. مثاله ما ترجمته:
لو استطاع الفرقدان لوضعا الرأس تحت قدمك يدري هذا الكلام من أحضره من الفرقدين ففي هذا البيت كلمة رأس وقدم وفرق هي أسماء ذوات. انتهى. وأما عند الأصوليين ففي أصول الحنفية أنّ المناسبة هي الملائمة وهي موافقة الوصف أي العلّة للحكم بأن يصحّ إضافة الحكم إليه ولا يكون نائبا عنه، كإضافة ثبوت الفرقة في إسلام أحد الزوجين إلى آباء الآخر لأنّه يناسبه لا إلى وصف الإسلام لأنّه ناب عنه، لأنّ الإسلام عرف عاصما للحقوق لا قاطعا لها، وكذا المحظور يصلح سببا للعقوبة والمباح سببا للعبادة لا العكس لعدم الملائمة، وهذا معنى قولهم الملائمة أن يكون الوصف على وفق ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن السلف فإنّهم كانوا يعلّلون بأوصاف مناسبة وملائمة للأحكام غير نائبة عنها، ويقابلها الطّرد، أعني وجود الحكم عند وجود الوصف من غير اشتراط ملائمة وتأثير، أو وجوده عند وجوده وعدمه عند عدمه على اختلاف الرأيين.
والشافعية يجعلون المناسبة أعمّ من الملائمة ويقسمون المناسب إلى ملائم وغير ملائم، وفسّرها الآمدي بأنّها وصف ظاهر منضبط يحصل عقلا من ترتّب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصودا للعقلاء من حصول مصلحة أو دفع مضرة أو مجموعهما، وذلك إمّا في الدنيا كالمعاملات أو في الأخرى كإيجاب الطاعات وتحريم المعاصي، وفيه أخذ المناسبة بمعنى المناسب تجوّزا. والتحقيق أن يقال إنّ المناسبة كون الوصف ظاهرا إلى آخره، واحترز بالظاهر عن الوصف الخفي وبالمنضبط عن غير المنضبط وهو المضطرب، وبقوله عقلا عن الشبه، وبقوله ما يصلح أن يكون مقصودا عن الوصف المستبقي في السير وعن الوصف المدار في الدوران وغيرهما من الأوصاف التي لا يكون اعتبارها لترتّب ما يصلح كونه مقصودا عليه.
وفسّر المقصود بما يكون مقصودا للعقلاء من حصول مصلحة واندفاع مفسدة لئلّا يتوهّم أنّ المراد ما يكون مقصودا من شرعية الحكم فيلزم الدور. فمن فسّره بما يكون مقصودا للشارع من شرع الحكم نفيا كان أو إثباتا سواء كان المقصود جلب منفعة للعبد أو دفع مفسدة عنه فقد لزمه الدّور لأنّ ذلك إنّما يعرف بكونه مناسبا، فلو عرف كونه مناسبا بذلك كان دورا والمصلحة اللذة وطريقها والمفسدة الألم وطريقه مثاله القتل العمد العدوان فإنّه وصف مناسب لوجوب القصاص، لأنّه يلزم من ترتّب وجوب القصاص على القتل حصول ما هو مقصود من شرعية القصاص وهو بقاء النفوس على ما يشير إليه قوله تعالى وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ.
ثم إن كان الوصف الذي يحصل من ترتّب الحكم عليه المقصود خفيا أو غير منضبط لم يعتبر لأنّه لم يعلم فكيف يعلم به الحكم فالطريق حينئذ أن يعتبر وصف ظاهر منضبط يلازم ذلك الوصف الحكم فيوجد بوجوده ويعدم بعدمه، سواء كانت الملازمة عقلية أو لا، فيجعل ذلك الوصف الظاهر معرّفا للحكم مثلا وصف العمدية في القتل العمد العدوان خفي، لأنّ القصد وعدمه أمر نفسي لا يدرك شيء منه فيتعلّق القصاص بما يلازم العمدية من أفعال مخصوصة يقتضي في العرف عليها بكونها عمدا كاستعمال الجارح في القتل. وقال القاضي الإمام أبو زيد: المناسب ما لو عرض على العقول تلقته بالقبول أي إذا عرض على العقل أنّ هذا الحكم إنّما يشرع لأجل هذه المصلحة يكون ذلك الحكم موصلا إلى تلك المصلحة عقلا أو تكون تلك المصلحة أمرا مقصودا عقلا، وهذا قريب من تفسير الآمدي لأنّ تلقّي العقول بالقبول في قوة ما يصلح مقصودا للعقلاء من ترتّب الحكم عليه، إلّا أنّه لم يصرّح بالظهور والانضباط ولعدم التصريح المذكور ولعدم كونه صالحا إلّا للناظر دون المناظر، إذ ربّما يقول الخصم هذا مما لا يتلقاه عقلي بالقبول فلا يكون مناسبا عندي، عدل عنه الآمدي، وبه يقول أبو زيد فإنّه قائل بامتناع التمسّك بالمناسبة في مقام المناظرة، وإن لم يمتنع في مقام النظر لأنّ العاقل لا يكابر نفسه فيما يقتضي به عقله. قيل هذا يرد على الآمدي أيضا لأنّه ذكر قيد العقل، فللمناظر أن يمنع بأنّه لا يصلح في عقلي. وقيل المناسب ما يجلب نفعا ويدفع ضررا وهو قريب مما ذكره الإمام في المحصول أنّه الوصف الذي يقضي إلى ما يجلب للإنسان نفعا أو يدفع عنه ضررا. والفرق بينهما أنّ المناسب على هذا القول نفس الجالب.
وعلى ما ذكره الإمام المفضي إلى الجالب.
وقال الغزالي المراد بالمناسب ما هو على منهاج المصالح بحيث إذا أضيف إليه الحكم انتظم كالإسكار لحرمة الخمر فإنّه المناسب لأنّه يزيل العقل هو ملاك التكليف، بخلاف كونها مائعا يقذف بالزّبد ويحفظ في الدّنّ، فإنّ ذلك لا يناسب. واعلم أنّ هذه التعاريف إنّما هي على قول من يجعل الأحكام الثابتة بالنصوص متعلّقة بالحكم والمصالح، ومن يأبى عنه يقول المناسب هو الملائم لأفعال العقلاء في العادات.
اعلم أنّ المناسبة كما يطلق على ما مرّ من كون الوصف ظاهرا منضبطا إلى آخره كذلك يطلق على معنى أخصّ من ذلك وهو تعيين العلّة في الأصل بمجرّد إبداء مناسبة بينها وبين الحكم من ذات الأصل لا بنصّ ولا غيره، أي كون الوصف بحيث تتعيّن علّيته إلى آخره، نصّ على ذلك المحقّق التفتازاني في حاشية العضدي.

وقال في التلويح: المذكور في أصول الشافعية أنّ المناسب هو المخيّل ومعناه تعيين العلّة في الأصل إلى آخره، وهذا على المسامحة، حيث عرّف المناسب بتعريف المناسبة، وإلّا فالتحقيق أنّ المناسب هو الوصف الذي يتعين علّيته إلى آخره. فقولنا بمجرّد إبداء المناسبة أي إظهار المناسبة بينها وبين الحكم، والمراد المناسبة بالمعنى اللغوي لئلّا يلزم الدور، وبهذا خرج الطّرد إذ ليس فيه مناسبة والسّبر والتقسيم إذ لا يعتبر فيه المناسبة أيضا. وبقولنا من ذات الأصل خرج الشّبه لأنّ مناسبته إنّما هي بالتّبع.
وقولنا لا بنصّ ولا غيره يخرج إثبات العلّة بهما فإنّه ليس بمناسبة. مثاله الإسكار لتحريم الخمر فإنّ النظر في نفس المسكر وحكمه ووصفه يعلم منه كون الإسكار مناسبا لشرع التحريم صيانة للعقل الشريف عن الزوال، ويسمّى بالإحالة أيضا لأنّه بالنظر إليه يحال أي يظن أنّه علّة، ويسمّى تخريج المناط أيضا لأنّه إبداء مناط الحكم أي علّيته وهو من أحد مسالك إثبات العلّة. وإنّما كان هذا المعنى أخصّ لأنّه هو معنى المناسب المرسل. ولذا قال في التلويح:

قال الإمام الغزالي: من المصالح ما يشهد الشرع باعتباره هي أصل في القياس وحجة، ومنها ما يشهد ببطلانه وهو باطل، ومنها ما لم يشهد له بالاعتبار ولا بالإبطال، وهذا في محل النّظر. وإذا أطلقنا المعنى المخيل والمناسب في باب القياس أردنا به هذا الجنس.

التقسيم:
للمناسب تقسيمات باعتبارات. الأول باعتبار إفضائه إلى المقصود ينقسم إلى خمسة أقسام. الأول أن يحصل المقصود منه يقينا كالبيع للحل. الثاني أن يحصل ظنّا كالقصاص للانزجار فإنّ الممتنعين أكثر من المقدمين، وهذان مما لا ينكرهما أحد. الثالث أن يكون حصوله وعدم حصوله متساويين كحدّ الخمر للزجر فإنّ عدد الممتنع والمقدم متقاربان. الرابع أن يكون نفي الحصول أرجح من الحصول كنكاح الآيسة لتحصيل غرض التّناسل، فإنّ عدد من لا ينتسل منهن أكثر من عدد من ينتسل، وهذان قد أنكروا، والمختار الجواز. الخامس أن يكون المقصود فائتا بالكلّية مثاله جعل النكاح مظنّة لحصول النطفة في الرّحم فرتّب عليه إلحاق الولد بالأب، فإذا تزوّج مشرقي مغربية وقد علم عدم تلاقيهما فاتفق الجمهور على أنّه لا يعتبر، وخالف في ذلك الحنفية نظرا إلى ظاهر العلّة. وقيل لم ينقل أحد من الحنفية في كتبهم جواز التعليل بوصف مع تيقّن الخلوّ عن المقصود، وهذا المثال من قبيل ما يكون المقصود غالب الحصول في صور الجنس، وفي مثله يجوز التعليل اتفاقا، ولا يشترط حصول المقصود في كلّ فرد. والثاني باعتبار نفس المقصود فنقول المقاصد ضربان: ضروري وهو أيضا ينقسم إلى قسمين ضروري في أصله وهو أعلى المقاصد كالمقاصد الخمسة التي روعيت في كلّ صلة: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال. فالدين كقتل الكافر المضل وعقوبة الداعي إلى البدع. والنفس كالقصاص.
والنسل كالحدّ على الزنا. والمال كعقوبة السارق والمحارب أي قاطع الطريق. ومكمل للضروري كتحريم قليل الخمر مع أنّه لا يزيل العقل الذي هو المقصود للتتميم والتكميل لأنّ قليله يدعو إلى كثيره بما يورث النفس من الطرب المطلوب زيادته بزيادة سببه إلى أن يسكر. وغير ضروري وهو ينقسم إلى حاجي وغير حاجي، والحاج أيضا ينقسم إلى قسمين حاجي في نفسه ومكمّل للحاجي. مثال الحاجي في نفسه البيع والإجارة ونحوها كالفرض فإنّ المعاوضة وإن ظنّت أنّها ضرورية، لكن كلّ واحد منها ليس بحيث لو لم يشرع لأدّى إلى فوات شيء من الضروريات الخمس. واعلم أنّ هذه ليســت في مرتبة واحدة، فإنّ الحاجة تشتدّ وتضعف، وبعضها آكد من بعض. وقد يكون بعضها ضروريا في بعض الصور كالإجارة في تربية الطفل الذي لا أمّ له ترضعه، وكشراء المطعوم والملبوس فإنّه ضروري من قبيل حفظ النفس. ولذلك لم يخل عنه شريعة؛ وإنّما أطلقنا الحاجي عليها بالاعتبار الأغلب. ومثال المكمّل للحاجي وجوب رعاية مهر المثل والكفاءة في الصغيرة، فإنّ أصل المقصود من شرع النكاح وإن كان حاصلا بدونهما، لكنه أشدّ إفضاء إلى دوام النكاح، وهي من مكمّلات مقصود النكاح، وغير الحاجي وهو ما لا حاجة إليه لكن فيه تحسين وتزيين كسلب العبد أهلية الشهادة. وإن كان ذا دين وعدالة لانحطاط رتبته عن الحرّ فلا يليق به المناصب الشريفة.
والثالث اعتبار الشارع إلى مؤثّر ملائم وغريب ومرسل لأنّه إمّا معتبر شرعا أو لا. فالمعتبر إمّا أن يثبت اعتباره بنصّ أو إجماع وهو المؤثّر أوّلا، بل يترتّب الحكم على وفقه بأن يثبت الحكم معه في المحل، فذلك لا يخلو إمّا أن يثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عين الحكم أو جنسه في جنس الحكم أو لا. فإن ثبت فهو الملائم وتسمّيه الحنفية بالملائم المعدّل، وإن لم يثبت فهو الغريب. وأما غير المعتبر لا بنصّ ولا بإجماع ولا يترتّب الحكم على وفقه فهو المرسل. فإن قلت كيف يتصوّر اعتبار العين في الجنس أو الجنس في العين أو الجنس في الجنس فيما لم يعتبر شرعا؟ وهل هذا إلّا تهافت؟ قلت معنى الاعتبار شرعا عند الإطلاق هو اعتبار عين الوصف في عين الحكم في موضع آخر، وعلى هذا فلا إشكال. وبالجملة فالمؤثّر وصف مناسب ثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في عين الحكم كإحياء الأرض بالنسبة إلى تملّكها فإنّه يثبت تأثيره بالنصّ وهو قوله عليه السلام: (من أحيى أرضا ميتة فهي له)، وكالصغر بالنسبة إلى ولاية المال فإنّه اعتبر عين الصغر في عين الولاية بالمال بالإجماع. والملائم هو المناسب الذي لم يثبت اعتباره بنصّ أو إجماع بل بترتّب الحكم على وفقه فقط ومع ذلك يثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عين الحكم أو جنسه في جنس الحكم. فمثال تأثير العين في الجنس ما يقال ثبت للأب ولاية النكاح على الصغيرة كما يثبت له عليها ولاية المال بجامع الصّغر، فالوصف الصّغر وهو أمر واحد ليس بجنس والحكم الولاية وهو جنس تحته نوعان من التصرّف وهما ولاية النكاح وولاية المال، وعين الصّغر معتبر في جنس الولاية بالإجماع، لأنّ الإجماع على اعتباره في ولاية المال إجماع على اعتباره في جنس الولاية، بخلاف اعتباره في عين ولاية النكاح فإنّه إنّما يثبت بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه حيث يثبت الولاية في الجملة، وإن وقع الاختلاف في أنّه للصّغر أو للبكارة أو لهما جميعا. ومثال تأثير الجنس في العين ما يقال الجمع جائز في الحضر مع المطر قياسا على السّفر بجامع الحرج، فالحكم رخصة وهو واحد والوصف الحرج وهو جنس بجمع الحاصل بالسّفر وبالمطر وهما نوعان مختلفان، وقد اعتبر جنس الحرج في عين رخصة الجمع للنصّ والإجماع على اعتبار حرج السفر ولو في الحج فيها. وأمّا اعتبار عين الحرج فــليس إلّا بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه إذ لا نصّ ولا إجماع على علّية نفس حرج السّفر. ومثال تأثير الجنس في الجنس أن يقال يجب القصاص في القتل بالمثقل قياسا على القتل بالمحدد لجامع كونها جناية عمد عدوان، فالحكم أيضا مطلق وهو القصاص وهو جنس بجمع القصاص في النفس وفي الأطراف وفي المال، وقد اعتبر جنس الجناية في جنس القصاص في النفس لا بالنصّ أو الإجماع بل يترتّب الحكم على وفقه ليكون من الملائم دون المؤثّر، ووجهه أن لا نصّ ولا إجماع على أنّ العلّة ذلك وحده أو مع قيد كونه بالمحدّد. والغريب هو ما ثبت اعتبار عينه في عين الحكم بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه لكن لم يثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عين الحكم أو جنسه في جنس الحكم. مثاله أن يقال يحرّم النبيذ قياسا على الخمر بجامع الإسكار على تقدير عدم فرض النصّ بالتعليل فيه لأنّ الإسكار مناسب للتحريم حفظا للعقل، وعلم أنّ الشارع لم يعتبر عينه في جنس التحريم ولا جنسه في عين التحريم ولا جنسه في جنس التحريم. فلو لم يدلّ النّصّ وهو قوله (كلّ مسكر حرام) بالإيماء على اعتبار عينه لكان غريبا. والمرسل هو ما لم يثبت اعتبار عينه في عين الحكم أصلا وبعبارة أخرى ما لم يعتبر شرعا لا بنصّ ولا إجماع ولا بترتّب الحكم على وفقه، وهو ينقسم إلى ما علم إلغاؤه وإلى ما لم يعلم إلغاؤه.
والثاني أي ما لا يعلم إلغاؤه ينقسم إلى ملائم قد علم اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عين الحكم أو جنسه في جنس الحكم، وإلى ما لا يعلم منه ذلك وهو الغريب. فإن كان غريبا أو علم إلغاؤه فمردود اتفاقا، وإن كان ملائما فقد قيل بقبوله، والمختار أنّه مردود. وقد شرط الغزالي في قبوله شروطا ثلاثة: أن تكون ضرورية لا حاجية وقطعية لا ظنّية وكلّية لا جزئية. أمّا الأوّلان أي المؤثّر والملائم فمقبولان وفاقا، فكلّ واحد من الملائم والغريب له معنيان هو بأحدهما من الأقسام الأوّلية للمناسب، وبالآخر من أقسام المرسل، فأقسام المرسل ثلاثة ما علم إلغاؤه والملائم والغريب. ومثال ما علم إلغاؤه إيجاب صيام شهرين قبل العجز عن الإعتاق في كفّارة الظّهار بالنسبة إلى من يسهل عليه الإعتاق دون الصيام فإنّه مناسب تحصيلا لمقصود الزجر لكن علم عدم اعتبار الشارع له فلا يجوز. ثم اعتبار العين في العين أو في الجنس أو اعتبار الجنس في العين أو في الجنس بحسب أفراده أو تركيبه الثنائي أو الثلاثي أو الرباعي، والنّظر في أنّ الجنس قريب أو بعيد أو متوسط وأنّ ثبوت ذلك بالنّصّ أو الإجماع أو بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه يفضي إلى أقسام كثيرة وإيراد أمثلة متعددة، وقد أشير إلى نبذ منها في التلويح. هذا وقال الآمدي أنّ من القياس مؤثّرا يكون علّته منصوصة أو مجمعا عليها أو أثر عين الوصف في عين الحكم أو في جنسه أو جنسه في عين الحكم أو أثر جنس الوصف في جنس الحكم، ويناسب هذا الاصطلاح ما وقع في التوضيح من أنّ المراد بالملائمة اعتبار الشارع جنس هذا الوصف في جنس هذا الحكم، إلّا أنّه خصّ الجنس بكونه أخصّ من كونه متضمّنا لمصلحة اعتبرها الشارع كمصلحة حفظ النفس مثلا.
فالمراد أن يكون أخصّ من مصلحة حفظ النفس، وكذا من مصلحة حفظ الدين إلى غير ذلك، ولا يكفي كونه أخصّ من المتضمن لمصلحة ما لأنّ المتضمّن لمصلحة حفظ النفس أخصّ من المتضمّن لمصلحة ما، وليس بملائم.
وقال الآمدي أيضا الملائم ما أثّر عين الوصف في عين الحكم كما أثّر جنس الوصف في جنس الحكم. هذا كله خلاصة ما في العضدي والتوضيح وغيرهما.

ما وَراء النهر

ما وَراء النهر:
يراد به ما وراء نهر جيحون بخراسان، فما كان في شرقيه يقال له بلاد الهياطلة وفي الإسلام سموه ما وراء النهر، وما كان في غربيّة فهو خراسان وولاية خوارزم، وخوارزم ليســت من خراسان إنما هي إقليم برأسه، وما وراء النهر من أنزه الأقاليم وأخصبها وأكثرها خيرا وأهلها يرجعون إلى رغبة في الخير والسخاء واستجابة لمن دعاهم إليه مع قلة غائلة وسماحة بما ملكت أيديهم مع شدة شوكة ومنعة وبأس وعدة وآلة وكراع وسلاح، فأما الخصب فيها فهو يزيد على الوصف ويتعاظم عن أن يكون في جميع بلاد الإسلام وغيرها مثله، وليس في الدنيا إقليم أو ناحية إلا ويقحط أهله مرارا قبل أن يقحط ما وراء النهر، ثم إن أصيبوا في حر أو برد أو آفة تأتي على زروعهم ففي فضل ما يسلم في عرض بلادهم ما يقوم بأودهم حتى يستغنوا عن نقل شيء
إليهم من بلاد أخر، وليس بما وراء النهر موضع يخلو من العمارة من مدينة أو قرى أو مياه أو زروع أو مراع لسوائمهم، وليس شيء لا بدّ للناس منه إلا وعندهم منه ما يقوم بأودهم ويفضل عنهم لغيرهم، وأما مياهم فإنها أعذب المياه وأخفّها فقد عمّت المياه العذبة جبالها ونواحيها ومدنها، وأما الدوابّ ففيها من المباح ما فيه كفاية على كثرة ارتباطهم لها، وكذلك الحمير والبغال والإبل، وأما لحومهم فإن بها من الغنم ما يجلب من نواحي التركمان الغربية وغيرها ما يفضل عنهم، وأما الملبوس ففيها من الثياب القطن ما يفضل عنهم فينقل إلى الآفاق، ولهم القزّ والصوف والوبر الكثير والإبريسم الخجندي ولا يفضّل عليه إبريسم البتة، وفي بلادهم من معادن الحديد ما يفضل عن حاجتهم في الأسلحة والأدوات، وبها معدن الذهب والفضة والزيبق الذي لا يقاربه في الغزارة والكثرة معدن في سائر البلدان إلا بنجهير في الفضة، وأما الزيبق والذهب والنحاس وسائر ما يكون في المعادن فأغزرها ما يرتفع من ما وراء النهر، وأما فواكههم فإنك إذا تبطّنت الصّغد وأشروسنة وفرغانة والشاش رأيت من كثرتها ما يزيد على سائر الآفاق، وأما الرقيق فإنه يقع إليهم من الأتراك المحيطة بهم ما يفضل عن كفايتهم وينقل إلى الآفاق وهو خير رقيق بالمشرق كله، وبها من المسك الذي يجلب إليهم من التّبّت وخرخيز ما ينقل إلى سائر الأمصار الإسلامية منها، ويرتفع من الصغانيان وإلى واشجرد من الزعفران ما ينقل إلى سائر البلدان، وكذلك الأوبار من السّمّور والسّنجاب والثعالب وغيرها ما يحمل إلى الآفاق مع طرائف من الحديد والحتر والبزاة وغير ذلك مما يحتاج إليه الملوك، وأما سماحتهم فإن الناس في أكثر ما وراء النهر كأنهم في دار واحدة ما ينزل أحد بأحد إلا كأنه رجل دخل دار صديقه لا يجد المضيف من طارق في نفسه كراهة بل يستفرغ مجهوده في غاية من إقامة أوده من غير معرفة تقدّمت ولا توقّع مكافأة بل اعتقادا للجود والسماحة في أموالهم وهمة كل امرئ منهم على قدره فيما ملكت يده والقيام على نفسه ومن يطرقه، قال الإصطخري: ولقد شهدت منزلا بالصغد قد ضربت الأوتاد على بابه فبلغني أن ذلك الباب لم يغلق منذ زيادة على مائة سنة لا يمنع من نزوله طارق، وربما ينزل بالليل بيتا من غير استعداد المائة والمائتان والأكثر بدوابهم فيجدون من علف دوابهم وطعامهم ودثارهم ما يعمّهم من غير أن يتكلف صاحب المنزل بشيء من ذلك لدوام ذلك منهم، والغالب على أهل ما وراء النهر صرف نفقاتهم إلى الرباطات وعمارة الطرق والوقوف على سبيل الجهاد ووجوه الخيرات إلا القليل منهم، وليس من بلد ولا من منهل ولا مفازة مطروقة ولا قرية آهلة إلا وبها من الرباطات ما يفضل عن نزول من طرقه، قال: وبلغني أن بما وراء النهر زيادة على عشرة آلاف رباط في كثير منها إذا نزل الناس أقيم لهم علف دوابهم وطعام أنفسهم إلى أن يرحلوا، وأما بأسهم وشوكتهم فــليس في الإسلام ناحية أكبر حظّا في الجهاد منهم، وذلك أن جميع حدود ما وراء النهر دار حرب، فمن حدود خوارزم إلى أسبيجاب فهم الترك الغزّيّة، ومن أسبيجاب إلى أقصى فرغانة الترك الخرلخية، ثم يطوف بحدود ما وراء النهر من الصغدية وبلد الهند من حد ظهر الختّل إلى حد الترك في ظهر فرغانة فهم القاهرون لأهل هذه النواحي، ومستفيض أنه ليس للإسلام دار حرب هم أشد شوكة من الترك يمنعونهم من دار الإسلام، وجميع ما وراء النهر ثغر يبلغهم نفير العدو، ولقد أخبرني من كان مع نصر بن أحمد في
غزاة أشروسنة أنهم كانوا يحزرون ثلاثمائة ألف رجل انقطعوا عن عسكره فضلّوا أياما قبل أن يبلغهم نفير العدو ويتهيأ لهم الرجوع، وما كان فيهم من غير أهل ما وراء النهر كبير أحد يعرفون بأعيانهم، وبلغني أن المعتصم كتب إلى عبد الله بن طاهر كتابا يتهدده فيه فأنفذ الكتاب إلى نوح بن أسد فكتب إليه أن بما وراء النهر ثلاثمائة ألف قرية ليس من قرية إلا ويخرج منها كذا وكذا فارس وراجل لا يتبين على أهلها فقدهم، وبلغني أن بالشاش وفرغانة من الاستعداد ما لا يوصف مثله عن ثغر من الثغور حتى إن الرجل الواحد من الرعية عنده ما بين مائة ومائتي دابة وليس بسلطان وهم مع ذلك أحسن الناس طاعة لكبرائهم وألطفهم خدمة لعظمائهم حتى دعا ذلك الخلفاء إلى أن استدعوا من ما وراء النهر رجالا، وكانت الأتراك جيوشا تفضلهم على سائر الأجناس في البأس والجرأة والإقدام وحسن الطاعة، فقدم الحضرة منهم جماعة صاروا قوّادا وحاشية للخلفاء وثقات عندهم مثل الفراغنة والأتراك الذين هم شحنة دار الخلافة، ثم قوي أمرهم وتوالدوا وتغيرت طاعتهم حتى غلبوا على الخلفاء مثل الأفشين وآل أبي الساج وهم من أشروسنة والإخشيد من سمرقند، قال: وأما نزهة ما وراء النهر فــليس في الدنيا بأسرها أحسن من بخارى، ونحن نصفها ونصف الصغد وسمرقند وغيرها من نواحي ما وراء النهر في مواضعها من الكتاب، ولم تزل ما وراء النهر على هذه الصفة وأكثر إلى أن ملكها خوارزم شاه محمد بن تكش بن ألب أرسلان بن أتسز في حدود سنة 600 فطرد عنها الخطا وقتل ملوك ما وراء النهر المعروفين بالخانية، وكان في كل قطر ملك يحفظ جانبه، فلما استولى على جميع النواحي ولم يبق لها ملك غيره عجز عنها وعن ضبطها فسلط عليها عساكره فنهبوها وأجلوا الناس عنها فبقيت تلك الديار التي وصفت كأنها الجنان بصفاتها خاوية على عروشها وبساتينها ومياهها متدفقة خالية لا أنيس بها، ثم أعقب ذلك ورود التتر، لعنهم الله، في سنة 617 فخرّبوا الباقي وبقيت مثل ما قال بعضهم:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا ... أنيس، ولم يسمر بمكة سامر

الميل

الميل: العدول عن الوسط إلى أحد الجانبين. والمال سمي به لكونه مائلا أبدا وزائلا ولذلك سمي عرضا. وعليه دل من قال: المال قحبة تكون يوما في بيت عطار، ويوما في دار بيطار.
الميل:
فقال بطليموس في المجسطي: الميل ثلاثة آلاف ذراع بذراع الملك، والذراع ثلاثة أشبار، والشبر ست وثلاثون إصبعا، والإصبع خمس شعيرات مضمومات بطون بعضها إلى بعض.
قال: والميل جزء من ثلاثة أجزاء من الفرسخ. وقيل: الميل ألفا خطوة وثلاثمائة وثلاث وثلاثون خطوة. وأما أهل اللغة فالميل عندهم مدى البصر ومنتهاه.
قال ابن السّكيّت: وقيل للاعلام المبنية في طريق مكة أميال، لأنها بنيت على مقادير مدى البصر من الميل إلى الميل، ولا نعني بمدى البصر كل مرئيّ فإنّا نرى الجبل من مسيرة أيام، إنما نعني أن ينظر الصحيح البصر ما مقداره ميل، وهي بنية ارتفاعها عشر أذرع أو قريبا من ذلك، وغلظها مناسب لطولها، وهذا عندي أحسن ما قيل فيه.
الميل:
[في الانكليزية]
Mile( unity of measure for distances which varies according to epochs)
[ في الفرنسية]
Mille )unite de mesure pour les distances tres variable selon les epoques (
بالكسر وسكون المثناة الفوقانية في الأصل مقدار مدّ البصر من الأرض ثم سمّي به علم مبني في الطريق، ثم كلّ ثلث فرسخ حيث قدّر حدّه صلى الله عليه وسلم طريق البادية وبنى على كلّ ثلث ميلا، ولهذا قيل الميل الهاشمي. واختلف في مقداره على الاختلاف في مقدار الفرسخ، فقيل ثلاثة آلاف ذراع إلى أربعة آلاف. وقيل الفان وثلاثمائة وثلاث وثلاثون خطوة. وقيل ثلاث آلاف خطوة، والأول أيسر فإنّ الخطوة ذراع ونصف والذراع أربعة وعشرون إصبعا، كذا في جامع الرموز. وفي البرجندي قيل الفرسخ ثمانية عشر ألف ذراع، والمشهور أنّه اثنا عشر ألف ذراع. وفي المغرب الميل ثلاثة آلاف ذراع إلى أربعة آلاف. ولعلّ هذا إشارة إلى الخلاف الواقع بين أهل المساحة، فذهب قدماؤهم إلى أنّ الميل ثلاثة آلاف ذراع، والمتأخّرون منهم إلى أنّه أربعة آلاف. لكن الاختلاف لفظي لأنّهم صرّحوا بأنّ الذراع عند القدماء اثنان وثلاثون إصبعا. وعند المتأخّرين أربعة وعشرون إصبعا.
وعلى التقديرين كلّ ميل ستة وتسعون ألف إصبع كما لا يخفى على المحاسب انتهى. وينبغي أن ينقسم الميل على قياس الفرسخ إلى الطولي والسطحي والجسمي كما لا يخفى. 
الميل:
[في الانكليزية] Inclination ،tendency ،disposition
[ في الفرنسية] Inclination tendance ،disposition
بالفتح والسكون عند الحكماء هو الذي تسميه المتكلّمون اعتمادا. وعرّفه الشيخ بأنّه ما يوجب للجسم المدافعة لا يمنعه الحركة إلى جهة من الجهات. فعلى هذا هو علّة للمدافعة.
وقيل هو نفس المدافعة المذكورة، فعلى هذا هو من الكيفيات الملموسة. وقد اختلف في وجوده المتكلّمون فنفاه الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني وأتباعه وأثبته المعتزلة وكثير من أصحابنا كالقاضي بالضرورة، ومنعه مكابرة للحسّ، فإنّ من حمل حجرا ثقيلا أحسّ منه ميلا إلى جهة السفل، ومن وضع يده على زقّ منفوخ فيه تحت الماء أحسّ ميله إلى جهة العلوّ، وهذا إذا فسّر الميل بالمدافعة. وأمّا على التفسير الأول فلأنّه لولا ذلك الأمر الموجب لم يختلف في السرعة والبطء الحجران المرميان من يد واحدة في مسافة بقوة واحدة إذا اختلف الحجران في الصغر والكبر إذ ليس فيهما مدافعة إلى خلاف جهة الحركة ولا مبدأها على ذلك التقدير فيجب أن لا يختلف حركتاهما أصلا لأنّ هذا الاختلاف لا يكون باعتبار الفاعل لأنّه متّحد فرضا، ولا باعتبار معاوق خارجي في المسافة لاتحادها فرضا، ولا باعتبار معاوق داخلي إذ ليس فيهما مدافعة، ولا مبدأها ولا معاوقا داخليا غيرهما، فوجب تساويهما في السرعة والبطء. وأجاب عنه الامام الرازي بأنّ الطبيعة مقاومة للحركة القسرية. ولا شكّ أنّ طبيعة الأكبر أقوى لأنّها قوة سارية في الجسم منقسمة بانقسامه، فلذلك كانت حركته أبطأ فلم يلزم مما ذكر أن يكون للمدافعة مبدأ مغاير الطبيعة حتى يسمّى بالميل والاعتماد. وأمّا تسميتها بهما فبعيدة جدا. واعلم أنّ المدافعة غير الحركة لأنّها توجد عند السكون فإنّا نجد في الحجر المسكن في الهواء قسرا مدافعة نازلة وفي الزّقّ المنفوخ فيه المسكن في الماء قسرا مدافعة صاعدة.

التقسيم:
الحكيم يقسم الميل إلى طبعي وقسري ونفساني، لأنّ الميل إمّا أن يكون بسبب خارج عن المحل أي بسبب ممتاز عن محل الميل في الوضع والإشارة وهو الميل القسري كميل الحجر المرمي إلى فوق، أو لا يكون بسبب خارج، فإمّا مقرون بالشعور وصادر عن الإرادة وهو الميل النفساني كميل الإنسان في حركته الإرادية أو لا، وهو الميل الطبعي كميل الحجر بطبعه إلى السفل. فالميل الصادر عن النفس الناطقة في بدنها عند القائل بتجرّدها نفساني لا قسري لأنّها ليســت خارجة عن البدن ممتازة عنه في الإشارة الحسّية. والميل المقارن للشعور إذا لم يكن صادرا عن الإرادة لا يكون نفسانيا كما إذا سقط الإنسان عن السطح. أمّا الميل الطبعي فأثبتوا له حكمين الأول أنّ العادم للميل الطبعي لا يتحرّك بالطبع ولا بالقسر والإرادة، والثاني أنّ الميل الطبعي إلى جهة واحدة فإنّ الحجر المرمي إلى أسفل يكون أسرع نزولا من الذي ينزل بنفسه، ويجوز أن يقال إنّ الطبيعة وحدها تحدث مرتبة من مراتب الميل، وكذلك القاسر، فلما اجتمعا أحدثا مرتبة أشدّ مما يقتضيه كلّ واحد منهما على حدة فلا يكون هناك الأصل واحدا مستندا إلى الطبيعة والقاسر معا. وهل يجتمعان إلى جهتين؟ فالحقّ أنّه إن أريد به المدافعة نفسها فلا يجتمعان لامتناع المدافعة إلى جهتين في حالة بالضرورة، وإن أريد به مبدأها فيجوز اجتماعهما، فإنّ الحجرين المرميين إلى فوق بقوة واحدة إذا اختلفا صغرا وكبرا تفاوتا في الحركة وفيهما مبدأ المدافعة قطعا، فلولاه لما تفاوتا. وبالجملة فالميل الطبعي على هذا أعمّ سواء اقتضته الطبيعة على وتيرة واحدة أبدا كميل الحجر المسكن في الجو إلى السفل، أو اقتضته على وتيرة مختلفة كميل النبات إلى التبزر والتزيّد. ومنهم من يجعل النفساني أعم من الإرادي ومن أحد قسمي الطبعي، أعني ما لا يكون على وتيرة واحدة لاختصاصه بذوات الأنفس، وبهذا الاعتبار يسمّى ميل النبات نفسانيا ويختصّ لطبيعة بما يصدر عنه الحركات على نهج واحد دون شعور وإرادة. وأيضا الميل إمّا ذاتي أو عرضي لأنّه إن قام حقيقة بما وصف فهو ذاتي، وإن لم يقم به حقيقة بل لما يجاوره فهو عرضي على قياس الحركة الذاتية والعرضية. وأيضا الميل إمّا مستقيم وهو الذي يكون إلى جانب المركز وإمّا مستدير هو ما يكون سببا لحركة جسم حول نقطة كما في الأفلاك، ومبدأ الميل قوة في الجسم يقتضي ذلك الميل. فالميل في قولهم مبدأ الميل بمعنى نفس المدافعة.
فائدة:
أنواع الاعتماد متعدّدة بحسب أنواع الحركة، فقد يكون إلى السفل والعلو وإلى سائر الجهات. وهل أنواعه كلّها متضادة أو لا؟ فقد اختلف فيه. فمن لا يشترط غاية الخلاف بين الضدين جعل كلّ نوعين متضادين، ومن اشترطها قال إنّ كلّ نوعين بينهما غاية التنافي متضادان كميل الصاعدة والهابطة، وما ليس كذلك فلا تضاد بينهما كالميل الصاعد والميل للحركة يمنة ويسرة فهو نزاع لفظي. والقاضي جعل الاعتمادات بحسب الجهات أمرا واحدا فقال: الاختلاف في التسمية فقط وهي كيفية واحدة بالحقيقة فيسمّى بالنسبة إلى السفل ثقلا وإلى العلو خفّة، وهكذا سائر الجهات. وقد يجتمع الاعتمادات السّتّ في جسم واحد. قال الآمدي القائلون بوجود الاعتماد من أصحابنا اختلفوا. فقيل الاعتماد في كلّ جهة غير الاعتماد في جهة أخرى. فالاعتمادات إمّا متضادة أو متماثلة فلا يتصوّر اعتمادان في جسم واحد إلى جهتين لعدم اجتماع الضدين والمثلين. وقال آخرون الاعتماد في كلّ جسم واحد والتعدّد في التسمية دون المسمّى، وعلى هذا يجوز اجتماع الاعتمادات السّتّ في جسم واحد من غير تضاد، وهو اختيار القاضي أبي بكر. ثم قال: ولو قلنا بالتعدّد من غير تضاد فيكون لاعتمادات متعدّدة جائزة الاجتماع ولم يكن أبعد من القول بالاتحاد، فصارت الأقوال في الاعتمادات ثلاثة: الاتحاد والتعدّد مع التضاد وبدونه.
فائدة:
قد تقرّر أنّ الجهة الحقيقية العلو والسفل فتكون المدافعة الطبيعية نحو أحدهما، فالموجب للصاعدة الخفّة والموجب للهابطة الثّقل، وكلّ من الخفّة والثقل عرض زائد على نفس الجوهرية وبه قال القاضي وأتباعه والمعتزلة والفلاسفة أيضا، ومنعه طائفة من أصحابنا منهم الاستاذ أبو إسحاق فإنّه قال لا يتصوّر أن يكون جوهر من الجواهر الفردة ثقيلا وآخر منها خفيفا لأنّها متجانسة، بل الثّقل عائد إلى كثرة أعداد الجواهر والخفّة إلى قلتها فــليس في الأجسام عرض يسمّى ثقلا وخفة. اعلم أنّ للمعتزلة في الاعتمادات اختلافات فمنها أنّهم بعد اتفاقهم على انقسام الاعتمادات إلى لازم طبعي وهو الثّقل والخفّة وإلى مجتلب أي مفارق وهو ما عداهما كاعتماد الثقيل إلى العلوّ إذا رمي إليه، والخفيف إلى السفل، أو كاعتمادهما إلى سائر الجهات من القدّام والخلف واليمين والشمال قد اختلفوا في أنّها هل فيها تضاد أو لا؟ فقال أبو علي الجبائي نعم. وقال أبو هاشم لا تضاد للاعتمادات اللازمة مع المجتلبة. وهل يتضاد الاعتمادان اللازمان أو المجتلبان؟ تردّد فيه. فقال تارة بالتضاد وتارة بعدمه. ومنها أنّ الاعتمادات هل تبقى؟ فمنعه الجبائي ووافقه ابنه في المجتلبة دون اللازمة فإنّها باقية عنده. ومنها أنّه قال الجبائي موجب الثّقل الرطوبة وموجب الخفّة اليبوسة، ومنعه أبو هاشم وقال هما كيفيتان حقيقيتان غير معلّلتين بالرطوبة واليبوسة.
ومنها أنّه قال الجبائي الجسم الذي يطفو على الماء كالخشب إنّما يطفو عليه للهواء المتشبّث به فإنّ أجزاء الخشب متخلخلة فيدخل الهواء فيما بينها ويتعلّق بها ويمنعها من النزول، وإذا غمست صعّدها الهواء الصاعد بخلاف الحديد فإنّ أجزاءه مندمجة لم يتشبّث بها الهواء فلذلك يرسب في الماء. قال الآمدي يلزم على الجبائي أنّ بعض الأشياء يرسب في الزئبق والفضّة تطفو عليه مع أنّ أجزاءها غير متخلخلة. وقال ابنه أبو هاشم إنّه للثقل والخفة ولا أثر للهواء في ذلك أصلا. وللحكماء هاهنا كلام يناسب مذهبه وهو أنّ الجسم إن كان أثقل من الماء على تقدير تساويهما في الحجم رسب ذلك الجسم فيه إلى تحت، وإن كان مثله في الثقل ينزل فيه بحيث يماس سطحه السطح الأعلى من الماء فلا يكون طافيا ولا راسبا، وإن كان أخفّ منه في الثّقل نزل فيه بعضه وذلك بقدر ما لو ملئ مكانه ماء كان ذلك الماء موازنا في الثّقل لذلك الجسم كلّه، وتكون نسبة القدر النازل منه في الماء إلى القدر الباقي منه في خارجه كنسبة ثقل ذلك الجسم إلى فضل ثقل الماء. والحق المختار عند الأشاعرة أنّ الطّفو والرّسوب إنّما يكونان بخلق الله تعالى. ومنها أنّه قال للهواء اعتماد صاعد لازم ومنعه ابنه وقال ليس للهواء اعتماد لازم لا علوي ولا سفلي بل اعتماده مجتلب بسبب محرّك. ومنها أنّه قال لا يولد الاعتماد شيئا آخر لا حركة ولا سكونا بل المولّد لهما هو الحركة. وقال ابنه المولّد لهما الاعتماد. وقال ابن عياش بتولّدهما من الحركة تارة ومن الاعتماد أخرى. ومنها أنّه قال الحجر المرمي إلى فوق إذا عاد نازلا أنّ حركته الهابطة متولّدة من حركته الصاعدة بناء على أصله من أنّ الحركة إنّما تتولّد من الحركة لا من الاعتماد. وقال ابنه بل من الاعتماد الهابط. ومنها أنّه قال كثير من المعتزلة ليس بين الحركة الصاعدة والهابطة سكون إذ لا يوجب السكون الاعتماد لا اللازم ولا المجتلب. وقال الجبائي لا أستبعد ذلك أي أن يكون بينهما سكون وتوضيح المباحث يطلب من شرح المواقف وشرح التجريد. والميل عند الصوفية هو الرجوع إلى الأصل مع الشعور بأنّه أصله ومقصده لا الرجوع الطبيعي كما في الجمادات فإنّها تميل إلى المركز طبعا، كذا في كشف اللغات. والميل عند أهل الهيئة قوس من دائرة الميل بين معدّل النهار ودائرة البروج بشرط أن لا يقع بينهما قطب المعدّل، ودائرة الميل عظيمة تمرّ تارة بقطبي المعدّل وبجزء ما من منطقة البروج أو بكوكب من الكواكب، ويسمّى دائرة الميل الأول أيضا لأنّه يعرف بها. اعلم أنّ من دائرة الميل يعرف بعد الكوكب عن المعدّل لأنّه إن كان الخط الخارج من مركز العالم المارّ بمركز الكوكب الواصل إلى سطح الفلك الأعلى واقعا على المعدّل فحينئذ لا يكون للكوكب بعد عن المعدّل وإن وقع ذلك الخط في أحد جانبي المعدّل إما شمالا أو جنوبا، فللكوكب حينئذ بعد عنه شمالي أو جنوبي. فبعد الكوكب قوس من دائرة الميل بين موقع ذلك الخط ومعدّل النهار بشرط أن لا يقع بينهما قطب المعدّل وقد يسمّى بعد الكوكب بميل الكوكب أيضا، صرّح بذلك العلّامة كما في شرح التذكرة. ويعرف أيضا بعد أجزاء فلك البروج عن المعدّل فإنّ أجزاءه بأسرها سوى الاعتدالين مائلة عن المعدّل بعيدة عنه، وذلك البعد يسمّى ميلا أوّلا. وإذا أخذ بعد جزء من فلك البروج من الانقلاب الأقرب منه فالميل الأول لهذا الجزء حينئذ يسمّى ميلا منكوسا كما في الزيجات، وبعد الكوكب عنه يخصّ باسم البعد. ثم الميل إذا أطلق يراد به الأول، ولذا سمّاه البعض بالميل المطلق في الزيج الإيلخاني سمّي بالأول لأنّه ميل عن منطقة الحركة الأولى. والتقييد بالأول لإخراج الميل الثاني لأجزاء فلك البروج عن المعدّل، إذ الميل الثاني قوس من دائرة العرض محصورة بين المعدّل ودائرة البروج من الجانب الأقرب.
ودائرة العرض كما مرّ عظيمة تمرّ بقطبي البروج وبجزء ما من المعدّل أو بكوكب ما وتسمّى بدائرة الميل الثاني أيضا، لأنّ الميل الثاني إنّما يعرف بتلك الدائرة. وإنّما سمّي ميلا ثانيا لأنّ دائرة العرض إنّما تقاطع منطقة البروج على قوائم فالقوس المحصورة منها بين جزء من أجزاء المعدّل وبين منطقة البروج هي ميل ذلك الجزء وبعده عن منطقة البروج كما عرفت إلّا أنّ الاستقامة أي عدم الميل لمّا كانت منسوبة إلى المعدّل كأنّه الأصل في هذه الدائرة نسب هذا الميل إلى أجزاء فلك البروج عن المعدّل، وإن كان الأمر بالعكس حقيقة كما عرفت ويميّز عن الميل الأول بتقييده بالثاني. هذا ثم إنّه لمّا كان أجزاء فلك البروج متباعدة عن المعدّل في جانبي الشمال أو الجنوب إلى حدّ ما ثم متقاربة إليه فيهما فهناك غاية الميل لبعض أجزائها أعني الانقلابين، ويقال لها الميل الكلّي. والميل الأعظم وهو قوس من الدائرة المارّة بالأقطاب الأربعة محصورة بين المعدّل ودائرة البروج من الجانب الأقرب. فغاية الميل تدخل تحت حدّ الميل الأول والثاني لأنّ الدائرة المارّة بالأقطاب الأربعة يصدق عليها أنّها دائرة الميل لمرورها بقطبي العالم، وأنّها دائرة العرض لمرورها بقطبي البروج. فغاية الميل هي نهاية ميل أجزاء دائرة البروج عن المعدّل، ومقدارها عند الأكثرين ثلاثة وعشرون درجة وخمس وثلاثون دقيقة وما وراها أي ما وراء غاية الميل يسمّى بالميول الجزئية. كما في شرح التذكرة للعلي البرجندي وغيره من تصانيفه. وميل الأفق الحادث وهو القوس الواقعة من أوّل السموات بين الأفق الحادث ونصف النهار من الجانب الأقرب، كذا ذكر العلي البرجندي في شرح التذكرة. وميل ذروة التدوير وحضيضه هو عرض التدوير وقد سبق. وقد يعرف بالميل كما في التذكرة. وميل الفلك المائل هو عرض مركز التدوير كما سبق هناك.

الْوَصْف العنواني

الْوَصْف العنواني: اعْلَم أَن مَا يصدق عَلَيْهِ (ج) يُسمى ذَات الْمَوْضُوع وَمَا يعبر بِهِ عنوانه وَوَصفه وَهُوَ إِمَّا عين حَقِيقَتهَا مثل كل إِنْسَان حَيَوَان أَو جزءها مثل كل حَيَوَان متحرك. أَو خَارج عَنْهَا مثل كل كَاتب متحرك الْأَصَابِع. واتصاف ذَات الْمَوْضُوع بذلك الْوَصْف العنواني عقد الْوَضع واتصافها بِوَصْف الْمَحْمُول عقد الْحمل - ثمَّ أَبُو نصر الفارابي اعْتبر فِي عقد الْوَضع صدق عنوان الْمَوْضُوع على ذَاته بالإمكان فِي نفس الْأَمر. وَمرَاده بِهَذَا الْإِمْكَان أَن لَا يكون الْمَوْضُوع بِنَفس مَفْهُومه آبيا عَن الصدْق عَلَيْهِ وَإِن امْتنع ذَلِك بِالنّظرِ إِلَى كَون الْفَرد محالا فِي الْوَاقِع. فَالْمُعْتَبر عِنْده صدق عنوان الْمَوْضُوع عَلَيْهِ بِحَسب نفس الْأَمر بِالنّظرِ إِلَى نفس الْمَفْهُوم لَا فِي الْوَاقِع وَالْخَارِج وَالدَّلِيل فَيشْمَل نَحْو كل شريك الْبَارِي مُمْتَنع. فَإِن الْإِمْكَان بِهَذَا الْمَعْنى لَا يَقْتَضِي إِمْكَان وجود الْأَفْرَاد.
والمتأخرون زَعَمُوا أَن الشَّيْخ الرئيس لما وجده مُخَالفا للْعُرْف واللغة فَإِن الْأسود إِذا أطلق لم يفهم مِنْهُ عرفا ولغة شَيْء لم يَتَّصِف بِالسَّوَادِ أزلا وأبدا وَإِن أمكن اتصافه بِهِ اعْتبر صدق عنوان الْمَوْضُوع على ذَاته بِالْفِعْلِ أَي فِي أحد الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة فِي الْوُجُود الْخَارِجِي أَو فِي الْفَرْض الذهْنِي بِمَعْنى أَن الْعقل يعْتَبر اتصافها بِأَن وجودهَا بِالْفِعْلِ فِي نفس الْأَمر يكون كَذَا سَوَاء وجد أَو لم يُوجد. والذات الخالية عَن السوَاد دَائِما كالرومي لَا يدْخل فِي كل أسود عِنْد الشَّيْخ. وَيدخل على رَأْي الفارابي.
فَإِن قيل من القضايا مَا لَيْسَ لموضوعاتها أَفْرَاد لَا ذهنا وَلَا خَارِجا مثل كل شريك الْبَارِي مُمْتَنع إِذْ لَيْسَ لَهُ فَرد مُحَقّق فِي الذِّهْن وَالْخَارِج لِامْتِنَاع تعدد الْوَاجِب ذهنا وخارجا على مَا قَالُوا وَمثل اجْتِمَاع النقيضين محَال والمجهول الْمُطلق يمْتَنع الحكم عَلَيْهِ والمعدوم الْمُطلق يُقَابل الْمَوْجُود الْمُطلق أَيْضا كَذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ لموضوعاتها أَفْرَاد لَا ذهنا وَلَا خَارِجا لما ذكرنَا فِي الْمُوجبَة. فَلَا يُمكن صدق وصف هَذِه الموضوعات فِي هَذِه القضايا على أفرادها لَا بِالْفِعْلِ وَلَا بالإمكان. فَإِن قلت لما كَانَ لَيْسَ لموضوعات هَذِه القضايا أَفْرَاد لَا ذهنا وَلَا خَارِجا فَكيف اعْترفت بِكَوْنِهَا قضايا فَإِنَّهُ لَا بُد للقضية من الحكم وللحكم من تصور الْمَوْضُوع وَإِلَّا لامتنع الحكم عَلَيْهِ فَيكون مَوْضُوعَات هَذِه القضايا متصورة الْبَتَّةَ فَتكون مَوْجُودَة فِي الذِّهْن.
وَالْحَاصِل أَن مَوْضُوعَات هَذِه القضايا متصورة أَولا. فعلى الأول يكون لذوات الموضوعات وجود ذهني. - وعَلى الثَّانِي لَيْسَ مَا يتَرَاءَى أَنه قضايا قضايا - قيل تصور موضوعاتها إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَار مفهوماتها أَعنِي شريك الْبَارِي مثلا واتصاف ذَوَات الموضوعات بمفهوماتها وصدقها عَلَيْهَا بالإمكان أَو بِالْفِعْلِ بِمُجَرَّد الْفَرْض وَالتَّقْدِير لَا فِي نفس الْأَمر.
وَمن هَا هُنَا يعلم أَن الصَّوَاب تَعْمِيم الْوُجُود الذهْنِي بالمحقق والمقدر كتعميم الْوُجُود الْخَارِجِي - وَقَالَ بَعضهم إِن هَذِه القضايا غير مُعْتَبرَة فِي الْعُلُوم الْحكمِيَّة وخارجة عَمَّا نَحن فِيهِ فَلَا نبحث عَنْهَا - وَإِن أردْت الْحق فَالْوَاجِب عَلَيْك الرُّجُوع إِلَى مَا ذكرنَا فِي الْمُوجبَة.

الشّكل

الشّكل:
[في الانكليزية] Form ،figure ،aspect
[ في الفرنسية] Fonne ،figure ،aspect

بالفتح وسكون الكاف بالفارسية: مانند، أي مثل. وورد أيضا بكسر الشين وهو كلّ ما يعدّ لائقا وجديرا وموافقا لشخص ما. وصورة شيء. ويجمع على أشكال وشكول ما تقيّد به قوائم الدواب كالحبال، وحركات الإعراب التي يزول بها الإشكال. كذا في المنتخب. وعند الصّوفية هو وجود الحقّ كما في بعض الرسائل.
وعند أهل العروض هو اجتماع الخبن والكفّ كحذف الألف والنون من فاعلاتن فيبقى فعلات بالضمّ، والركن الذي فيه الشّكل يسمّى مشكورا. ووجه التسمية هو أنّه لمّا كانت الألف والنون قد حذفت من كلا طرفي فاعلاتن. فلم يبق فيها مدّ الصوت السابق كما أنّ الفرس بعد تقييد قدميه لا يبقى له ذلك السّير الذي كان له.
هكذا في عروض سيفي وعنوان الشرف. وعند الحكماء والمهندسين هو الهيئة الحاصلة من إحاطة الحدّ الواحد أو الحدود بالمقدار، أي الجسم التعليمي أو السّطح، فالأول كشكل الكرة فإنّها ليس لها إلّا حدّ واحد، والثاني كشكل المثلث. والمراد بالإحاطة التّامة فخرجت الزاوية فإنّها على الأصح هيئة للمقدار من جهة أنّه محاط بحدّ واحد أو أكثر إحاطة غير تامة.
فإذا فرضنا سطحا مستويا محاطا بثلاثة خطوط مستقيمة فإذا اعتبر كونه محاطا بها فالهيئة العارضة له هي الشكل. وإذا اعتبر منها خطّان متلاقيان على نقطة منه كانت الهيئة هي الزاوية، هذا هو المشهور. ويلزم منه أن لا يكون لمحيط الكرة شكل. توضيحه أنّهم صرّحوا بأنّ حدّ الخطّ أي نهايته نقطة، وحدّ السطح خطّ، وحدّ الجسم سطح. ولا شك أنّ محيط المضلّعات حدود وهي الخطوط بالفعل بخلاف محيط الكرة وأمثالها، كالشكل البيضي فإنّها سطح واحد وليس لها حدّ، إذ ليس لها خطّ بالفعل. والخط المفروض لا يجدي ثبوت الحدّ بالفعل فلا يكون لها شكل لعدم صدق تعريفه عليها.
فالأنسب أن يقال الشكل هو الهيئة الحاصلة للمقدار من جهة الإحاطة سواء كانت إحاطة المقدار به أو إحاطته بالمقدار ليشتمل ذلك محيط الكرة وأمثالها.

وهو قسمان: مسطّح إن كان ما أحاط به خطّ واحد كالدائرة أو أكثر كالمثلث. ومجسّم إن كان محيطه سطحا واحدا كالكرة أو أكثر كالمكعّب. وقد يطلق الشّكل بمعنى المشكل.
ولهذا عرف اقليدس بأنّه ما أحاط به حدّ أو حدود. ويؤيّد ما ذكر ما في شرح حكمة العين من أن الشّكل مفسّر بتفسيرين: أحدهما ما يحيط به حدّ أو حدود كالمربّع والمثلّث، وهو الشّكل الذي يستعمله المهندسون الذين يقولون إنّه مساو لشكل آخر أو نصفه أو ثلثه، ويعنون بذلك مقدارا مشكلا، وهو بهذا المعنى من مقولة الكمّ، فإنّ ما أحاط به سطح أو جسم.
وثانيهما الهيئة الحاصلة من وجود الحدّ أو الحدود كالتربيع والتثليث ونحوهما، وهو بهذا المعنى من مقولة الكيف انتهى.
فائدة:
قال الحكماء كل جسم له شكل طبيعي والجسم البسيط بمعنى ما لا يتركّب حقيقة من أجسام مختلفة الحقائق ليس له شكل إلّا الكرة.
ومعنى الشكل الطبيعي على قياس ما عرفت في لفظ الحيّز مع اضطراب كلام القوم فيه، هكذا ذكر العلمي. وعند المنطقيين هو وضع الأوسط عند الحدّين الآخرين أي الأصغر والأكبر. وهذا يستعمله الأصوليون أيضا والوضع هاهنا بمعنى المقولة. ولذا قال المحقّق التفتازاني في حاشية العضدي: الشّكل هو الهيئة الحاصلة من نسبة الأوسط إلى الأصغر والأكبر انتهى.
ثم الأشكال أربعة لأنّ الأوسط إن كان محمولا في الصغرى موضوعا في الكبرى فهو الشّكل الأول كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار»، ونتيجته كلّ بدعة في النار. وشرط إنتاجه إيجاب الصغرى وكلّية الكبرى وهو يختصّ بأنه ينتج الموجبة الكلّية وباقي الأشكال لا ينتج الموجبة الكلية بل إمّا موجبة جزئية أو سالبة، وإن كان محمولا فيهما أي في الصغرى والكبرى فهو الشّكل الثاني كقول البعض: كلّ غائب مجهول الصفة، وكلّ ما يصحّ بيعه ليس بمجهول. ونتيجته كلّ غائب لا يصحّ بيعه. وشرط إنتاجه اختلاف مقدمتيه في الإيجاب والسّلب وكلّية كبراه، ومن خواصّه أنّه لا ينتج إلّا سالبة. وإن كان موضوعا فيهما فهو الشّكل الثالث كقول البعض كل برّ مقتات، وكلّ بر ربوي. ونتيجته بعض المقتات ربوي. وشرط إنتاجه أن تكون صغراه موجبة وأن تكون إحدى مقدمتيه كلّية. ومن خواصّه أنّ نتيجته لا تكون إلّا جزئية. وإن كان عكس الأول بأن يكون موضوعا في الصغرى محمولا في الكبرى فهو الشّكل الرابع، وسمّاه البعض بالسّياق البعيد أيضا كما في شرح إشراق الحكمة كقولنا: كلّ عبادة لا تستغني عن النيّة وكلّ وضوء عبادة. ونتيجته بعض مستغن عن النية ليس بوضوء هكذا في العضدي.
وفي شرح المطالع هذا مختصّ بالقياس الحملي. ومن الواجب أن يعتبر بحيث يعمّه وغيره. فقال: الوسط إن كان محكوما به في الصغرى محكوما عليه في الكبرى فهو الشّكل الأول، وهكذا إلى آخر التقسيم انتهى. وقد يطلق الشّكل على نفس القياس باعتبار اشتماله على الهيئة المذكورة، صرّح بذلك نصير الدين في حاشية القطبي والصادق الحلوائي في حاشية الطيبي. وعند أهل الرمل هو هيئة ذات أربع مراتب حاصلة من اجتماع الأفراد والأزواج أو من اجتماع إحداهما مثل وو المرتبة الأولى من هذه المراتب هي النار والثانية الريح.
والثالثة الماء. والرابعة التراب. وتنحصر هذه الأشكال في ستة عشر شكلا، أحدها: الطريق الذي يدعى أبا بالرمل. والثاني: الجماعة وهو يحصل بمضاعفة نقاط الطريق، ويقال له: أمّ الرمل. وبقية الأشكال من المسدودات والمفتوحات والنبائر التي يقال لها متولّدات، كما سيجيء في لفظ مسدود.
وأعلم أنّ كلّ شكل مرتبته النارية والترابية فردية فإنّه يدعى المنقلب مثل وكلّ شكل مرتبته النارية والترابية شفعا فإنّه يدعى الثابت مثل وكلّ شكل مرتبته النارية فردية والترابية شفعا، فإنّه يقال له: الخارج مثل. وإذا كان عكس ذلك فهو المسمّى بالداخل مثل ويقولون أيضا: النار خارجة والريح داخلة والماء منقلب والتراب ثابت. ويقولون أيضا: إذا كانت النار في رتبة الريح أو الريح في رتبة النار فهما يعدان من قبيل المنقلب والخارج. وأمّا إذا كانت النار في رتبة الماء أو الماء في رتبة النار فإنّها تسمّى داخلة، وكذلك النار في رتبة التراب أو التراب في رتبة النار فإنّها تسمّى الثابت. والريح في رتبة الماء أو الماء في رتبة الرّيح فيسمّيان ثابتا وداخلا.
والريح في رتبة التراب أو التراب في رتبة الهواء فيسمّى منقلبا. وكلّ ما ذكر من داخلي وخارجي وثابت ومنقلب فهو في النقاط. هكذا في السرخاب..

سهل

(سهل)
سهولة مَال إِلَى اللين وَقلت خشونته فَهُوَ سهل وَهِي سهلة
سهل
السَّهْلُ: ضدّ الحزن، وجمعه سُهُولٌ، قال تعالى: تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً [الأعراف/ 74] ، وأَسْهَلَ: حصل في السَّهْلِ، ورجل سَهْلِيٌّ منسوب إلى السّهل، ونهر سَهْلٌ، ورجل سَهْلُ الخلق، وحزن الخلق، وسُهَيْلٌ نجم.
سهل
السَّهْلُ: كلُّ شَيْءٍ إلى اللِّيْنِ وذَهابِ الخُشُونِة، سَهُلَ سُهُولَةٌ، وأسْهَلَ القَوْمُ. نَزَلوُا إلى السَّهْلِ. وإسْهَالُ البَطْنِ: أنْ يُسْهِلَه دَواءٌ، والسَّهُوْلُ: المَشُوُّ. والسِّهْلَةُ: تُرَابٌ كالرَّمْلِ، ونَهْرٌ سَهِلٌ: فيه سِهْلَةٌ. وفي المَثَل: أكْذَبُ من سُهَيْلَةَ وهي الرِّيْحُ. وسُهَيْلٌ: كَوْكَبٌ لا يُرى بخُراسان.
[سهل] السَهْلُ: نقيض الجبَل. وأرضٌ سَهْلَةٌ، والنسبة إليه سُهْلِيُّ بالضم على غير قياس. وأَسْهَلَ القومُ: صاروا إلى السَهْلِ. ورجلٌ سَهْلُ الخُلُقِ. والسِهْلَةُ، بكسر السين: رملٌ ليس بالدُقاق. ونَهْرٌ سَهْلٌ: ذو سِهْلَةٍ. والسُهولَةُ: ضدُّ الحزونةِ. وقد سَهُلَ الموضع بالضم. وأَسْهَلَ الدواءُ الطبيعة. والتَسْهيلُ: التيسيرُ. والتَساهُلُ: التسامحُ. واستسهل الشئ: عده سهلا. وسهيل: نجم.
(سهل) - في حديث أمِّ سَلَمة - رضي الله عنها - في مقتل الحُسَين رضي الله عنه: "أَنَّ جِبريلَ أتاه بسِهْلةٍ، أو تُرابٍ أحمر"
السَّهْلَة: رَمْل خَشنٌ ليس بالدُّقاقِ". - في الحديث: "من كَذَب علىَّ فقد استَهَلَّ مكانه من جَهَنَّم".
قال الإمام إسماعيلُ، رحمه الله، فيما قَرأتُه عليه: هو افْتَعل من السَّهْل بمعنى تبوَّأ وأَخَذ: أي اتَّخذ مَكاناً سَهلاً من جَهَنَّم، وليس في جَهَنَّم سَهْلٌ لكنه بمعنى تَبَوَّأَ أو نَحْوه.
س هـ ل : (السَّهْلُ) ضِدُّ الْجَبَلِ وَأَرْضٌ (سَهْلَةٌ) وَالنِّسْبَةُ إِلَى السَّهْلِ (سُهْلِيٌّ) بِالضَّمِّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَ (أَسْهَلَ) الْقَوْمُ صَارُوا إِلَى السَّهْلِ وَرَجُلٌ (سَهْلُ) الْخُلُقِ. وَ (السُّهُولَةُ) ضِدُّ الْحُزُونَةِ وَقَدْ سَهُلَ الْمَوْضِعُ بِالضَّمِّ (سُهُولَةً) . وَ (أَسْهَلَ) الدَّوَاءُ طَبِيعَتَهُ. وَ (التَّسْهِيلُ) التَّيْسِيرُ. وَ (التَّسَاهُلُ) التَّسَامُحُ. وَاسْتَسْهَلَ الشَّيْءَ عَدَّهُ سَهْلًا. وَ (سُهَيْلٌ) نَجْمٌ. 
[سهل] نه: فيه: من كذب على فقد "استهل" مكانه من جهنم، أي تبوأ واتخذ مكانًالًا من جهنم، وهو افتعل من السهل وليس في جهنم سهل. وفيه: "فيسهل" فيقوم مستقبل القبلة، أسهل إذا صار إلى السهل من الأرض وهو ضد الحزن، أراد أنه صار إلى بطن الوادي. ومنه ح أم سلمة رضي الله عنها في مقتل الحسين رضي الله عنه: إن جبرئيل عليه السلام أتاه "بسهلة" أو تراب أحمر، السهلة رمل خشن ليس بالدقاق الناعم. وفي صفته صلى الله عليه وسلم: إنه "سهل" الخدين صلتهما، أي سائل الخدين غير مرتفع الوجنتين، والسهل ضد الصعب وضد الحزن. ك: أهل "السهل" سكان البوادي وأهل المدر أهل البلاد. ن: وكان صلى الله عليه وسلم رجلا "سهلا" أي سهل الخلق كريم الشمائل.

سهل


سَهُلَ(n. ac. سَهَاْلَة
سُهُوْلَة)
a. Was easy.
b.(n. ac. سُهُوْلَة), Was smooth, level, even.
سَهَّلَ
a. [acc. & La
or
'Ala], Facilitated; made easy for.
b. Smoothed, levelled.

سَاْهَلَa. Was obliging, accommodating to; was conciliatory
with.

أَسْهَلَa. Descended into, settled in the plain.
b. Purged, relaxed; eased (medicine).

تَسَهَّلَa. Was, was made easy.
b. Was smoothed, levelled.

تَسَاْهَلَa. Was obliging, accommodating; was friendly.

إِسْتَسْهَلَa. Considered easy.
b. Deemed smooth.

سَهْل
(pl.
سُهُوْل)
a. Smooth, level; plain.

سِهْلَةa. Sea; sand.

سَهِلa. Easy, facile.
b. Smooth, level, even.

سَهُوْلa. Laxative, purging.

سُهُوْلَةa. Ease, facility.
b. Comfort.
c. Mildness, gentleness; affability.
N. Ag.
أَسْهَلَa. Attenuant.

N. Ac.
أَسْهَلَa. Diarrhœa.

N. Ag.
تَسَاْهَلَa. Accommodating.

سُهَيْل
a. Canopus (star).
س هـ ل : سَهُلَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ سُهُولَةً لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ قَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ وَقَالُوا سهل بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْضًا وَالْفَاعِلُ سَهْلٌ وَبِهِ سُمِّيَ وَبِمُصَغَّرِهِ أَيْضًا وَأَرْضٌ سَهْلَةٌ ابْنُ فَارِسٍ السَّهْلُ خِلَافُ الْحَزْنِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ السَّهْلُ خِلَافُ الْجَبَلِ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ سُهْلِيٌّ بِالضَّمِّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَأَسْهَلَ الْقَوْمُ بِالْأَلِفِ نَزَلُوا إلَى السَّهْلِ وَجَمْعُهُ سُهُولٌ مِثْلُ: فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَهُوَ سَهْلُ الْخُلُقِ وَسَهَّلَ اللَّهُ الشَّيْءَ بِالتَّشْدِيدِ فَتَسَهَّلَ وَسَهُلَ وَأَسْهَلَ الدَّوَاءُ الْبَطْنَ أَطْلَقَهُ وَالْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ عَلَى قِيَاسِهِمَا وَلَا يُعَوَّلُ عَلَى قَوْلِ النَّاسِ مَسْهُولٌ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَصٌّ يُوثَقُ بِهِ. 
(س هـ ل) : (السَّهْلُ) خِلَافُ الصَّعْبِ أَوْ الْحَزْنِ (وَبِهِ كُنِّيَ) أَبُو سَهْلٍ الْفَرَضِيُّ وَأَبُو سَهْلٍ الزَّجَّاجِيُّ مِنْ تَلَامِذَةِ الْكَرْخِيِّ وَقِيلَ إنَّ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ قَرَأَ عَلَيْهِ (وَبِتَصْغِيرِهِ) كُنِّيَ أَبُو سُهَيْلِ ابْنُ الْبَيْضَاءِ فِي الْجَنَائِزِ وَكُنِّيَ أَبُو سُهَيْلٍ الْعَزَّالُ وَهَذَا وَالْفَرَضِيُّ كِلَاهُمَا مِنْ عُلَمَاءِ الْحَيْضِ (وَبِتَأْنِيثِهِ) سُمِّيَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ الْمُسْتَحَاضَةُ وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَبُوهَا عَلَى لَفْظِ التَّصْغِيرِ وَسَهْلَةُ بِنْتُ سَهْلٍ السَّائِلَةُ عَنْ اغْتِسَالِهَا إذَا احْتَلَمَتْ وَالْأَبُ عَلَى لَفْظِ التَّكْبِيرِ وَسَهْلَةُ بِنْتُ عَاصِمٍ الَّتِي وُلِدَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَقَسَمَ لَهَا النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَوْمئِذٍ (وَأَمَّا سَهْلَةُ) الزُّجَاجِ فَبِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ وَهِيَ رَمْلُ الْبَحْرِ يُجْعَلُ فِي جَوْهَرِهِ لَا مَحَالَةَ.
(س هـ ل)

السَّهْلُ: كل شَيْء إِلَى اللين وَقلة الخشونة، وَالنّسب إِلَى سهلي، على غير قِيَاس. والسَّهِلُ كالسَّهْلِ، قَالَ الْجَعْدِي يصف سحابا:

حَتَّى إِذا هَبطَ الأفلاجَ وانقطَعتْ ... عنهُ الجَنُوبُ وحلَّ الغائِطَ السَّهِلا

وَقد سَهُلَ سُهولةً.

وسَهَّلَه: صيره سَهْلا، وَفِي الدُّعَاء: سَهَّلَ الله عَلَيْك الْأَمر وَلَك، أَي حمل مؤونته عَنْك وخفف عَلَيْك.

والسَّهْل من الأَرْض: نقيض الْحزن، وَهُوَ من الْأَسْمَاء الَّتِي أجريت مجْرى الظروف وَالْجمع سُهُولٌ.

وَأَرْض سَهلةٌ وَقد سَهُلتْ سهولةً، جَاءُوا بِهِ على بِنَاء وضده، وَهُوَ قَوْلهم حزنت حزونة.

وأسهَلَ الْقَوْم: صَارُوا فِي السَّهْلِ، وَقَول غيلَان الربعِي يصف حلبة:

وأسْهَلوهنَّ دُقاقَ البَطحاءْ

إِنَّمَا أَرَادَ أسْهلوا بِهن فِي دقاق الْبَطْحَاء، فَحذف الْحَرْف، وأوصل الْفِعْل.

وبعير سُهْلِيٌّ: يرْعَى فِي السُّهولةِ.

وَرجل سَهْلُ الْوَجْه، عَن اللحياني، وَلم يفسره، وَعِنْدِي انه يَعْنِي بذلك قلَّة لَحْمه، وَهُوَ مَا يستحسن.

والسّهْلَة: راب كالرمل يَجِيء بِهِ المَاء.

وَأَرْض سَهِلَةٌ: كَثِيرَة السَّهْلَةِ.

وإسْهالُ الْبَطن كالخلفة، وَقد أُسْهِلَ الرجل وأُسْهِلَ بَطْنه، وأسْهَلَه الدَّوَاء.

والسَّهْلُ: الْغُرَاب.

وسَهْلٌ وسُهَيْلٌ: اسمان.

وسُهَيلٌ: كَوْكَب يمَان.
سهل: سَهَّل (بالتشديد): أسرع العمل: استعجل العمل (بوشر) ولعل هذا الفعل يدل على هذا المعنى أو ما يقاربه في عبارة تاريخ البربر (1: 359) في كلامه عن قبر المهدي: وقيام الحُجَّاب دون الزائرين من الغرباء لتسهيل الإذن واستشعار الأبهة وتقديم الصدقات بين أيدي زيارته.
سهَّل البطن: سبب استطلاق البطن ومُشاءه (بوشر).
تسهَّل: تمهَّد، دمِث، توطأ (بوشر).
تسهَّل: تصالح، استمال (هلو) وهو يذكر: يَسّر، هون، غير أن هذا هو معنى سَهَّل.
تساهل وتساهل في أمر: استخف به ولم يعره انتباهاً، ولم يبال به. وليس هو من لغة المحدثين، (انظر لين) بل هو معنى قديم بعض القدم. ففي حيان - بسّام (ص140 ق): تساهلوا في مأكل لم يستطبه فقيهٌ قبلهم (ابن خلكان 1: 3، 470، الصفدي عند أماري ص676، المقريزي في طرائف دي ساسي 2: 56، السيوطي عند ميرسنج (ص36) وفي المقدمة (3: 328): حذراً أن يتساهل الطبع في الخروج من وزن إلى وزن يقاربه (دي سلان) ألف ليلة 3: 614).
تساهل في الثمن: تسامح في ثمن الشيء الذي باعه، وباعه بثمن بخس. (ألف ليلة 4: 353) ويقال تساهل مع فلان (نفس المصدر 1: 5.
تساهل: أسهل، قصد النهر السهل. ففي تاريخ البربر (1: 124): يتساهل إلى بسيط المغرب.
انسهل: أُسهل، تناول مُسهلاً (ألكالا، دي ساسي طرائف 1: 146).
استسهل: عده سَهْلا، عده زهيداً (الادريسي ص99، المعّري 2: 441).
سَهْل: مواتٍ، سمح، رضي (بوشر).
سَهْل: أسلوب سهل: أسلوب سيَّال، أسلوب طبعي (بوشر).
سَهْل: أرض منبسطة ذات حصباء لا نبات فيها (مارمول 3: 15).
سَهْلَة: خَبْت، ضد حَزْن (بوشر).
سَهْلَة: ميدان محاط بعمارات (بوشر).
سُهْلَة: زحير، زحار، اسهال (دومب ص89).
سُهَيْل: سُهيل بلقين، أو بلفين، أو بلعين: 17?، 31?، و 35? في سير السفينة، ويقال أيضاً سهيل رقاس أو رقاش أو الرفاس (دورن 61).
أختا سهيل: كوكبان في الطرف الخارجي من الشعرى اليمانية أو الشعرى الغموص أو الغميصاء وطرف سيربوس (بوشر) وانظر لين.
سُهْولَة: وسيلة النجاح (بوشر).
سُهْولة: طريقة لإنهاء عمل بيسر (بوشر).
سُهَولَة: تغاضٍ عن العقاب، إفلات من قصاص (بوشر).
سهولة اللفظ: عذوبة اللفظ (بوشر، عبد الواحد ص104) غير أن صاحب محيط المحيط يذكر معنى آخر له فيقول: يقال أيضاً: السهولة والظرافة. وخلو اللفظ من التكلف والتعقيد والتعسّف في السبك، مثل قول مجنون ليلى:
أليس وعدتني يا قلب أنّي ... إذا ما تُبْتُ عن ليلى تتوب
فها أنا تائب عن حب ليلى ... فما لك كلما ذكرت تذوب
ساهِل: غير معاقب، مفلت من القصاص، وبالساهل: بلا عقوبة وبلا قصاص (بوشر).
أسْهَل: أيسر، أكثر سهولة (فوك).
إسْهال: استطلاق البطن، مُشاء (ابن بطوطة 2: 148).
اسهال الدم: زحير، زُحار (بوشر).
تَسْهِيل: اسهال، استطلاق البطن. (فوك).
تَسْهِيل: حذف الهمزة، ويقال أيضاً: تسهيل بين بين: تخفيف الهمزة مع الاحتفاظ بقسم من لفظها (دي ساسي قواعد 1: 100).
مُسْهِل: سَهول، دواء يلين البطن ويمشيه (ألكالا).
مسهلة: مكنسة (دومب ص94).
مُسْهُول. طبيعته مسهولة: بطنه مستطلقة (بوشر).
انسهال: إسهلال، استطلاق البطن (هُرار) (بوشر).

سهل: السَّهْلُ: نَقيضُ الحَزْن، والنسبة إِليه سُهْلِيٌّ. ونَهَرٌ

سَهِلٌ: ذو سِهْلَةٍ. والسُّهولة: ضد الحُزُونة، وقد سَهُل الموضعُ، بالضم.

ابن سيده: السَّهْلُ كل شيء إِلى اللِّين وقِلة الخشونة، والنسب إِليه

سُهْلِيٌّ، بالضم، على غير قياس. والسَّهِلُ: كالسَّهْل؛ قال الجعدي يصف

سحاباً:

حتى إِذا هَبَط الأَفْلاحَ وانْقَطَعَتْ

عنه الجَنوبُ، وحَلَّ الغائطَ السَّهِلا

وقد سَهُلَ سُهولةً. وسَهَّله: صَيَّره سَهْلاً. وفي الدعاء: سَهَّل

اللهُ عليك الأَمرَ ولك أَي حَمَل مؤنَته عنك وخَفَّفَ عليك. والسَّهْل من

الأَرض: نقيض الحَزن، وهو من الأَسماء التي أُجريت مُجْرى الظروف، والجمع

سُهول. وأَرض سَهْلة، وقد سَهُلَتْ سُهولةً، جاؤوا به على بناء ضده، وهو

قولهم حَزُنَتْ حُزُونةً. وأَسْهَلَ القومُ: صاروا في السَّهْل.

وأَسْهَلَ القومُ إِذا نزلوا السَّهْل بعدما كانوا نازلين بالحَزْن. وفي حديث رمي

الجمار: ثم يأْخذ ذاتَ الشِّمال فيُسْهِل فيقوم مُسْتقبلَ القبلة؛

أَسْهَلَ يُسْهِل إِذا صار إِلى السَّهْل من الأَرض، وهو ضد الحَزْن، أَراد

أَنه صار إِلى بطن الوادي. وأَسْهَلوا إِذا استعملوا السُّهولة مع الناس،

وأَحْزَنوا إِذا استعملوا الحُزونة؛ قال لبيد:

فإِن يُسْهِلوا فالسَّهْلُ حَظِّي وطُرْقَتي،

وإِن يُحْزِنوا أَرْكَبْ بهم كُلَّ مَرْكَب

وقول غَيْلان الرَّبَعي يَصف حَلْبة:

وأَسْهَلوهُنَّ دُقاقَ البَطْحا

إِنما أَراد أَسْهَلوا بهنَّ في دُقاق البطحاء فحذف الحرف وأَوْصَل.

وبعيرٌ سُهْليٌّ: يَرْعى في السُّهولة.

والتسهيل: التيسير. والتَّساهُل: التسامُح. واسْتَسْهَلَ الشيءَ: عَدَّه

سَهْلاً. وفي الحديث: من كَذَبَ عليّ مُتَعَمِّداً فقد اسْتَهَلَ مكانَه

من جهنم أَي تَبَوَّأَ واتخذ مكاناً سَهْلاً من جهنَّم، وهو افْتَعَل من

السَّهْل، وليس في جهنم سَهْلٌ أَعاذنا الله منها برحمته.

ورَجُلٌ سَهْلُ الوجه؛ عن اللحياني ولم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه

يُعْنى بذلك قلة لحمه وهو ما يُسْتَحْسَن. وفي صفته، صلى الله عليه

وسلم: أَنه سَهْل الخَدَّين صَلْتُهُما أَي سائل الخدين غير مرتفع الوجنتين،

ورَجُلٌ سَهْلُ الخُلُق.

والسِّهْلة والسِّهْل: تراب كالرمل يجيء به الماء. وأَرض سَهِلةٌ: كثيرة

السِّهْلة، فإِذا قلت سَهْلة فهي نقيض حَزْنة. قال أَبو منصور: لم أَسمع

سَهِلة لغير الليث. ابن الأَعرابي: يقال لرَمْل البحر السِّهْلة؛ هكذا

قاله بكسر السين. أَبو عمرو بن العلاء: ينسب إِلى الأَرض السَّهْلة

سُهْلِيٌّ، بضم السين. الجوهري: السِّهْلة، بكسر السين، رَمْلٌ ليس بالدُّقاق.

وفي حديث أُم سلمة في مَقْتَل الحسين، عليه السلام: أَن جبريل، عليه

السلام، أَتاه بسِهْلة أَو تراب أَحمر؛ السِّهْلة: رمل خَشِن ليس بالدّقاق

الناعم.

وإِسْهالُ البَطْن: كالخِلْفَة، وقد أُسْهِل الرَّجُلُ وأُسْهِل بطنُه،

وأَسْهَله الدَّواءُ، وإِسْهالُ البطن: أَن يُسْهِله دَواءٌ، وأَسْهَل

الدواءُ طبيعتَه. والسَّهْل: الغُرابُ.

وسَهْلٌ وسُهَيْلٌ: اسمان. وسُهَيْلٌ: كوكبٌ يَمانٍ. الأَزهري: سُهَيْلٌ

كوكب لا يُرى بخُراسان ويُرى بالعراق؛ قال الليث: بَلَغَنا أَن

سُهَيْلاً كان عَشَّاراً على طريق اليمن ظَلوماً فمسَخَه الله كوكباً. وقال ابن

كُناسة: سُهَيْلٌ يُرى بالحجاز وفي جميع أَرض العرب ولا يُرى بأَرض

أَرمِينِيَة، وبين رُؤية أَهل الحجاز سُهَيْلاً ورؤية أَهل العراق إِيَّاه

عشرون يوماً؛ قال الشاعر:

إِذا سُهَيْلٌ مَطْلَعَ الشَّمْسِ طَلَعْ،

فابْنُ اللَّبونِ الحِقُّ، والحِقُّ جَذَعْ

ويقال: إِنه يَطْلُع عند نَتاج الإِبل، فإِذا حالَتِ السَّنَةُ

تَحَوَّلَت أَسنانُ الإِبل.

سهـل
سهُلَ/ سهُلَ على يَسهُل، سُهُولةً، فهو سَهْل، والمفعول مسهولٌ عليه
• سهُل الأمرُ/ سهُل عليه الأمرُ: يسُر، لان، عكسه صعُب وعسُر "يسهُل التَّعامل معه- سهُل عليه القيام بهذا العمل- عملٌ/ امتحانٌ/ درسٌ سَهْل". 

أسهلَ يُسهل، إسْهالاً، فهو مُسهِل، والمفعول مُسهَل (للمتعدِّي)
• أسهَل الشَّخصُ: نزل السَّهْلَ، أتاه.
• أسهَلَ الشَّيءَ: يسّره، جعله سهلاً.
• أسهَل الدَّواءُ ونحوُه البطنَ: ألانَ المعدَة فأجرى فضلات الطعام منها مرّات متكرِّرة على غير مألوف الطَّبيعة "أسهَله تناول الطَّعام الدَّسِم". 

استسهلَ يستسهل، استسهالاً، فهو مُستسهِل، والمفعول مُستسهَل
• استسهل الشَّيءَ: اعتبره سهْلاً؛ اعتبره يسيرًا، عكس استصعبه "استسهل المذاكرةَ/ الصَّعبَ- *لأستسهلَنَّ الصَّعبَ أو أُدركَ المنى*". 

تساهلَ/ تساهلَ في يتساهل، تساهُلاً، فهو مُتساهِل، والمفعول مُتساهَلٌ فيه
• تساهل معه/ تساهل في الأمر: تسامح "تساهل في عقابه- تساهل مع معارضيه/ إخوته". 

تسهَّلَ يتسهَّل، تسهُّلاً، فهو مُتسهِّل
• تسهَّل الأمرُ: مُطاوع سهَّلَ: سهُل؛ يسُر؛ لان، خلاف تعسَّر "تسهَّل العملُ". 

ساهلَ يساهل، مساهلةً، فهو مُسَاهِل، والمفعول مُسَاهَل
• ساهله: لاينه وسامحه "ساهل البائعُ المشتريَ في السّعر". 

سهَّلَ يسهِّل، تسهيلاً، فهو مُسهِّل، والمفعول مُسهَّل
• سهَّل الشَّيءَ: يسَّره، مهّده، جعله سهلاً "سهّل العملَ/ الأمرَ/ الطريقَ/ الموضعَ". 

إسهال [مفرد]:
1 - مصدر أسهلَ.
2 - (طب) زيادة غير سويّة في سيولة الفضلات ومرّات إخراجها، على غير مألوف الطَّبيعة. 

تساهليَّة [مفرد]:
1 - مصدر صناعيّ من تساهُل: تسامحيَّة.
2 - (سف) مذهب أخلاقيّ أو تصرُّف سلوكيّ يدعو إلى التَّراخي في تطبيق القواعد الأخلاقيَّة. 

تسهيل [مفرد]: ج تسهيلات وتساهيلُ: مصدر سهَّلَ ° تسهيلات ائتمانيَّة: تيسيرات يمنحها البنكُ لعملائه.
• تسهيل الهمزة: (لغ، جد) تخفيفها؛ إبدالها من جنس حركة ما قبلها، أو جعل نطقها بين الهمزة والألف. 

سهْل1 [مفرد]: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من سهُلَ/ سهُلَ على ° السَّهْل المُمتنع: السَّهل الذي لا يمكن تقليده أو مضاهاته، ما يحتاج إلى رويَّة وتدبُّر- سَهْل الخُلق/ سَهْل القياد/ سَهْل المِراس: طيِّع، سلِس، سَمْح، ليِّن العريكة- سهْل الهضْم: يُهضم بسهولة- سهل الوجه: قليلٌ لحمه- عُمْلة سهْلة: غير قابلة للتَّحويل إلى ذهب أو غيره- مِنْ السَّهْل أن: من اليســير أن. 

سَهْل2 [مفرد]: ج سُهول: (جغ) أرض منبسطة لا تبلغ الهضْبَة، خلاف الحَزْن " {وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا} " ° أهلاً وسهلاً: عبارة ترحيب بالضَّيف، معناها جئت أهلاً ووطئت سهلاً- سهلٌ شاسع: واسع الأرجاء. 

سُهليّ [مفرد]: اسم منسوب إلى سَهْل2: على غير قياس "نبات سُهْليّ: ينبت في السّهل- بعير سُهْليّ: يرعى في السّهْل". 

سُهولة [مفرد]: مصدر سهُلَ/ سهُلَ على ° سُهولة الكلام: خُلوُّه من التَّكلُّف والتَّعقيد والتَّعسُّف. 

سُهَيْل [مفرد]:
1 - تصغير سَهْل.
2 - (فك) نجم من النجوم اليمانيَّة، قيل: عند طلوعه تنضج الفاكهة وينقضي القَيْظ "إذا طلع سُهَيل رُفع كيل ووُضع كيل [مثل]: يُضرب في تبدُّل الأحكام أو الأحوال". 

مُسْهِل [مفرد]:
1 - اسم فاعل من أسهلَ.
2 - (طب) عنصر أو دواء يُطلق البطنَ "تناول مُسْهِلاً". 

سهل

1 سَهُلَ, said of a place, (S,) or of a thing, and, accord. to IKtt, they said also سَهَلَ and سَهِلَ, (Msb,) and سَهُلَتْ, said of land, (أَرْضٌ,) aor. ـُ (K,) inf. n. سُهُولَةٌ, (S, Msb, K, KL,) It was, or became, smooth or soft, plain or level, or smooth and soft; (S, Msb, K, KL, TA;) i. e. contr. of حَزُنَ and حَزُنَتْ, (S, * K, * TA,) inf. n. حُزُونَةٌ. (TA.) b2: And سَهُلَ, (MA, Msb, K,) inf. n. سُهُولَةٌ, (MA, KL,) or سَهَالَةٌ, (K,) [but the former is the more common,] It (a thing, Msb) was, or became, easy. (MA, Msb, * K, * KL.) b3: One says كَلَامٌ فِيهِ سُهُولَةٌ (tropical:) [Language, or speech, in which is smoothness, or easiness]. (TA.) 2 سِهّلهُ, (Msb, K,) inf. n. تَسْهِيلٌ, (S, K,) i. q. صَيَّرَهُ سَهْلًا [which may mean He rendered it smooth or soft, plain or level, or smooth and soft; namely, a place &c.: or what next follows]. (TA.) b2: He made it easy; he facilitated it; (S, K;) namely, a thing; said of God (Msb) [and of a man]. b3: One says, سَهَّلَ سَبِيلَ المَآءِ [He smoothed, made easy, or prepared, the way, course, passage, or channel, of the water], (S and K in art. اتى,) in order that it might pass forth to a place. (S in that art.) And سهّل مَسِيلًا لِمَآءٍ [He smoothed, made easy, or prepared, a channel for water]. (M in that art.) b4: And سهّل اللّٰهُ عَلَيْكَ الأَمْرَ, and لَكَ, a form of prayer, meaning May God [make easy, or facilitate, to thee the affair; or] take upon Himself, for thee, the burden of the affair; and lighten [it] to thee. (TA.) [And in like manner سهّل اللّٰهُ عَلَيْكَ is often said with الأَمْرَ or أَمْرَكَ understood.] b5: [And أَهَّلَ بِهِ وَسَهَّلَ, or أَهَّلَهُ وَسَهَّلَهُ, inf. ns. تَأْهِيلٌ and تَسْهِيلٌ, He said to him ↓ أَهْلًا وَسَهْلًا, meaning (as expl. in the Msb in art. اهل) أَتَيْتَ قَوْمًا أَهْلًا وَمَوْضِعًا سَهْلًا, i. e. Thou hast come to a people who are like kinsfolk, and to a place that is smooth, plain, or not rugged: see أَهَّلَ and أَهْلٌ: and see also Ham p. 184.]3 ساهلهُ, (MA, K,) inf. n. مُسَاهَلَةٌ, (TA,) He was easy, or facile, with him; (MA, K *) or gentle with him; syn. يَاسَرَهُ: (K:) and ↓ تساهل عَلَيْهِ [has a similar meaning, i. e. he acted, or affected to act, in an easy, or a facile, manner towards him; or gently]. (S and K in art. غمض: see 4 in that art.) [See also the paragraph here following.]4 اسهلوا They descended to the سَهْل [i. e. smooth or soft, or plain or level, or smooth and soft, tract]: (JK, Msb:) or they betook themselves to the سَهْل: (S:) or they became in the سَهْل: (K:) and they alighted and abode in the سَهْل, after they had been alighting and abiding in the حَزْن [i. e. rugged, or rugged and hard, or rugged and high, ground]. (TA.) Hence, in a trad. respecting the throwing of the pebbles [at Minè], يُسْهِلُ occurs as meaning He betakes himself to the interior of the valley. (TA.) b2: Also They used smoothness, or easiness, (سُهُولَة,) with men: opposed to أَحْزَنُوا. (TA.) [See also 3.]

A2: اسهل is also trans., signifying He found [a thing, a place, &c.,] to be smooth or soft, plain or level, or smooth and soft. (Ham p. 675.) b2: اسهل الطَّبِيعَةَ (S) or البَطْنَ, (Msb, K,) said of medicine, (S, Msb, K,) It relaxed, or loosened, the bowels; syn. أَلَانَ, (K,) or أَطْلَقَ. (Msb.) And أُسْهِلَ الرَّجُلُ [The man was relaxed in his bowels]: and أُسْهِلَ بَطْنُهُ [His bowels were relaxed]. (K.) [Hence the inf. n. إِسْهَالٌ signifies A diarrhœa. And اسهل, likewise said of medicine, signifies also It attenuated a humour of the body.] b3: اسهلت بِهِ She brought it forth (i. e. her fœtus, or offspring,) prematurely; i. q. أَمْلَصَتْ بِهِ [q. v.]

&c. (Abu-l-'Abbás [i. e. Th], TA in art. ملص.) 5 تسهّل [It was, or became, rendered easy, or facilitated;] quasi-pass. of 2: (Msb:) or [like سَهُلَ] it was, or became, easy. (KL.) You say, تسهّل لَهُ الأَمْرُ [The affair was, or became, rendered easy to him]. (Msb in art. اتى.) and تسهّلت طَرِيقُ الأَمْرِ [The way of accomplishing the affair was, or became, rendered easy]. (TA in that art.) b2: And تسهّل فِى أُمُورِهِ, said of a man, (K in art سنى,) He found, or experienced, ease, or facility, in his affairs. (TK in that art.) 6 تَسَاهُلٌ is syn. with تَسَامُحٌ. (S, K.) Yousay تساهلوا meaning They acted in an easy, or a facile, manner, one with another; (MA, TA in art. يسر;) or gently; syn. تَيَاسَرُوا. (TA in that art.) b2: See also 3. b3: [In the present day it is used as meaning The being negligent, or careless, فِى أَمْرٍ in an affair.] b4: [As a conventional term in lexicology, or in relation to language, it means A careless mode of expression occasioning] a deficiency in the language of a [writer or] speaker without reliance upon the understanding of [the reader or] the person addressed: (KT: [in one of my copies of that work, this explanation is omitted in the text, but written in the margin; and it is there added that it is what commonly obtains:]) or it means [sometimes such a mode of expression] that a phrase is not correct if held to be used according to the proper meaning, but is correct if held to be used according to a tropical meaning: or the mention of the whole when meaning a part. (Marginal notes in the copy of the KT above mentioned.) [See also تَسَامُحٌ, for which it is often used.]8 استهل, of the measure اِفْتَعَلَ from السَّهْلُ, occurs in a trad., where it is said, مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ فَقَدِ اسْتَهَلَ مَكَانَهُ فِى جَهَنَّمَ, meaning [He who lies against me] takes for himself easily his place of abode in Hell. (TA.) 10 استسهلهُ He reckoned it سَهْل, (S, K,) i. e. easy, or facile. (TK.) [See an ex. in a verse cited voce أَوْ, p. 123.]

سَهْلٌ Smooth or soft, plain or level, or smooth and soft: (Msb:) or anything inclining to smoothness or softness, plainness or levelness, or smoothness and softness; (JK, M, K;) inclining to have little roughness, or ruggedness and hardness; (JK, M, TA;) and ↓ سَهِلٌ signifies the same. (K.) You say أَرْضٌ سَهْلَةٌ, [meaning the same as سَهْلٌ used as a subst., expl. in what follows,] (S, Msb,) contr. of حَزْنَةٌ. (TA.) See also 2, last sentence. b2: Also Easy, or facile; (MA, Mgh, KL;) contr. of صَعْبٌ. (Mgh.) You say رَجُلٌ سَهْلُ الخُلُقِ [A man easy of disposition]: (S, Msb, * TA:) [and] سَهْلُ المَقَادَةِ [easy to be led]. (TA.) and كَلَامٌ سَهْلُ المَأْخَذِ (tropical:) [Language easy in respect of the source of derivation]. (TA.) رَجُلٌ سَهْلُ الوَجْهِ, (K, TA,) a phrase mentioned, but not explained, by Lh, (TA,) means A man having little flesh in the face, (K, TA,) in the opinion of ISd: and [it is said that] سَهْلُ الخَدَّيْنِ, in a description of the approved characteristics of the Prophet, means having expanded cheeks, not elevated in the balls thereof. (TA.) A2: [As a subst.,] A smooth or soft, plain or level, or smooth and soft, tract of land; [generally meaning a soft tract, or a plain;] (IF, S, MA, Mgh, Msb, K, TA;) i. e. contr. of جَبَلٌ, (S, Msb,) or of حَزْنٌ: (IF, Mgh, Msb, K, TA:) it is one of the nouns that are used as adv. ns. [of place]: (TA:) [for ex. you say, نَزَلُوا سَهْلًا, (a phrase occurring in the TA,) meaning They alighted and abode in a سهل:] pl. سُهُولٌ (MA, Msb, K) and سُهُولَةٌ [of which latter an ex. occurs in a verse cited voce رَأْسٌ.] (MA.) A3: Also The crow; i. e. raven, carrion-crow, rook, &c.; syn. غُرَابٌ. (K.) سَهِلٌ: see سَهْلٌ, first sentence. b2: نَهْرٌ سَهِلٌ, (S, K,) and أَرْضٌ سَهِلَةٌ, (K,) [A river, and a land,] having, (S,) or abounding with, (K,) what is termed سِهْلَةٌ [q. v.]. (S, K.) سِهْلَةٌ Sea-sand: (IAar, TA:) or sand such as is not fine: (S:) or coarse sand, such as is not fine and soft: (IAth, TA:) or a sort of earth like sand, (JK, K,) brought by water: (K:) or sand of a conduit in which water runs: (S in art. رض:) سِهْلَةُ الزُّجَاجِ is sea-sand that is made an ingredient in the substance of glass: (Mgh:) Az says that he had not heard the word سِهْلَة except on the authority of Lth. (TA.) [And Coarse sand that comes forth from the bladder; (Golius on the authority of Meyd;) what we commonly term gravel.]

سُهْلِىٌّ, with damm, [Of, or relating to, and growing in, and pasturing in, the kind of tract termed سَهْل;] a rel. n. from سَهْلٌ, (S, Msb, K,) or from أَرْضٌ سَهْلَةٌ, (Aboo-'Amr Ibn-El-'Alà, TA,) irregularly formed. (S, Msb.) You say نَبْتٌ سُهْلِىٌّ [A plant growing in the سَهْل]. (The Lexicons passim.) And بَعِيرٌ سُهِلىٌّ A camel that pastures in the سَهْل. (K.) سَهُولٌ Laxative to the bowels; syn. مَشُوٌّ; (O, K; in the CK [erroneously] مُشُوّ;) as also ↓ مُسْهِلٌ; applied to a medicine. (Msb, TA.) سُهَيْلٌ A certain star [well known; namely, Canopus]; (T, S, K;) not seen in Khurásán, but seen in El-'Irák; (T, TA;) as Ibn-Kunáseh says, seen in El-Hijáz and in all the land of the Arabs, but not seen in the land of Armenia; and between the sight thereof by the people of ElHijáz and the sight thereof by the people of El-'Irák are twenty days: (TA:) it is said that سهيل was a tyrannical collector of the tithes on the road to El-Yemen, and God transformed him into a star: (Lth, TA:) [it rose aurorally, in Central Arabia, about the commencement of the ear of the Flight, on the 4th of August, O. S.: the place where it rises, in that latitude, is S. 29 degrees E.; and the place where it sets, in the same latitude, S. 29 degrees W.: (see 10 in art. حب: and see جَنُوبٌ:)] at the time of its [auroral] rising, the fruits ripen, and the قَيْظ [q. v., here meaning the greatest heat,] ends. (K.) [بَالَ سُهَيْلٌ, which is a prov., and the saying of a poet, بَالَ سُهَيْلٌ فِى الفَضِيخِ فَفَسَدْ have been expl. in art. بول.] 'Omar Ibn-'AbdAllah Ibn-Abee-Rabeea says respecting Suheyl Ibn-'Abd-Er-Rahmán Ibn-'Owf, and his taking in marriage Eth-Thureiyà El-'Ableeyeh of the Benoo-Umeiyeh, deeming their coming together to be a strange thing by likening them to the stars named Eth-Thureiyà and Suheyl, أَيُّهَا المُنْكِحُ الثُّرَيَّا سُهَيْلًا عَمْرَكَ اللّٰهَ كَيْفَ يَلْتَقِيَانِ

هِىَ شَامِيَّةٌ إِذَا مَا اسْتَقَلَّتْ وَسُهَيْلٌ إِذَا اسْتَقَلَّ يَمَانِى

[O thou marrier of Eth-Thureiyà to Suheyl, by thine acknowledgment of the everlasting existence of God, (or, as it sometimes means, I ask God to prolong thy life,) tell me, how can they meet together? She is of the northern region when she rises, and Suheyl, when he rises, is of the southern region]. (Har p. 276. [But I have substituted اللّٰهَ for اللّٰهُ, and يَمَانِى for يَمَانٍ. See also the notice of the poet above named in the work of Ibn-Khillikán: (I have the express authority of the TA for thus writing this name:) and De Sacy's Anthol. Gramm. Arabe, p. 139.]) [Freytag states that قَدَمَا سُهَيْلٍ is the name of Two stars which are behind Canopus; on the authority of Meyd: and also mentions the name of سهيل الشام, and سهيل الفرد, as given to Certain stars in the constellation Anguis; adding that Canopus is distinguished from سهيل الشام by the name of سهيل اليمن.] The name of أُخْتَاسُهَيْلٍ

[The two sisters of Canopus] is applied to الشِّعْرَى

العَبُورُ [or Sirius] and الشِّعْرَى الغُمَيْصَآءُ [or Procyon], together. (S and K in art. شعر.) [See also حَضَارِ and الوَزْنُ.]

أَكْذَبُ مِنْ سُهَيْلَةَ is a prov., (O, K,) said to mean [More lying than] the wind: (O:) or سهيلة was a certain liar. (K.) مُسْهَلٌ Relaxed, or loosened, by medicine; applied to the belly: no credit is to be given to people's saying مَسْهُولٌ, unless an express authority be found for it. (Msb.) مُسْهِلٌ: see سَهُولٌ. [Also an attenuant medicine.]
سهـل
السَّهْلُ، بالفتحِ، والسَّهِلُ، ككَتِفٍ: كُلُّ شَيْءٍ إِلَى اللِّينِ، وقِلَّةِ الخُشُونَةِ، كَما فِي الْمُحْكَمِ، وأَنْشَدَ لِلْجَعْدِيِّ يَصِفُ سَحاباً:
(حَتَّى إِذا هَبَطَ الأَفْلاَجَ وانْقَطَعَتْ ... عَنهُ الجَنُوبُ وحَلَّ الْغَائِطَ السَّهِلاَ)
قالَ: والنِّسْبَةُ إِلَيْهِ سُهْلِيٌّ، بالضَّمِّ، على غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقد سَهْلَ، ككَرُمَ، سَهالَةً. وسَهَّلَهُ، تَسْهِيلاً: يَسَّرَهُ، وصَيَّرَهُ سَهْلاً، وَفِي الدُّعاءِ: سَهَّلَ اللهُ عليْكَ الأَمْرَ، وَلَك، أَي حَمَلَ مُؤْنَتَهُ عَنْك، وخَفَّفَ عَلَيْك. والسَّهْلُ: الْغُرابُ. والسَّهْلُ مِنَ الأَرْضِ: ضِدُّ الْحَزْنِ، وهوَ مِنَ الأَسْماءِ الَّتِي أُجْرِيَتْ مُجْرَى الظُّرُوفِ. ج: سُهُولٌ، قالَ الله تَعالى: تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِها قُصُوراً، وأَرْضٌ سَهْلَةٌ، وَقد سَهُلَتْ، كَكَرُمَ، سُهُولَةً، جاءُوا بِهِ عَلى بِنَاءِ ضِدِّهِ، وَهُوَ قَوْلُهم: حَزُنَتْ حُزُونَةً.
وبَعِيرٌ سَهْلِيٌّ، بالضَّمِّ: يَرْعَى فيهِ، قالَ أَبُو عَمْرِو بنِ الْعَلاَءِ: يُنْسَبُ إِلَى الأَرْضِ السَّهْلَةِ: سُهْلِيٌّ، بِضَمِّ السِّينِ، وأَسْهَلُوا: صَارُوا فِيهِ، ونَزَلُوهُ بعدَ مَا كَانُوا نَازِلِينَ بالحَزْنِ، ومنهُ حَديثُ رَمْيِ الْجِمارِ: ثُمَّ يأْخُذُ ذاتَ الشِّمالِ، فيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ أَرَادَ أنَّهُ يَصيرُ إِلَى بَطْنِ الْوَادِي.
ورَجُلٌ سَهْلُ الْوَجْهِ، عَن اللِّحْيانِيِّ، وَلم يُفَسِّرْهُ، قالَ ابنُ سِيدَه: وعِنْدِي أَنَّهُ يَعْنِي بذلكَ قَلِيل لَحْمِهِ، وهوَ مِمَّا يُسْتَحْسَنُ، وَفِي صِفَتِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنَّهُ سَهْلُ الخَدَّيْنِ، صَلْتُهُما، أَي سَائِلُ الخَدَّيْنِ، غيرُ مُرْتَفِعِ الوَجْنَتَيْنِ. والسِّهْلُةُ، بالكَسْرِ: تُرابٌ كالرَّمْلِ يَجِيءُ بهِ الْمَاءُ، وأَرْضٌ سَهِلَةٌ، كفَرِحَةٍ: كَثِيرَتُها، فَإِذا قُلْتَ: سَهْلَةٌ فهيَ نَقِيضُ حَزْنَةٍ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: لَمْ أَسْمَعْ سَهِلَةً لِغَيْرِ اللَّيْثِ. وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: يُقالُ لِرَمْلِ البَحْرِ: السِّهْلَةُ، هَكَذَا قالَ، بِكَسْرِ السِّينِ. وقالَ الجَوْهَرِيُّ: السِّهْلَةُ، بالكسْرِ: رَمْلٌ ليسَ بالدَّقِيقِ، وَفِي حديثِ أُمِّ سَلَمَةَ، فِي مَقْتَلِ الحُسَيْنِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: إِنَّ جِبْرِيلَ عليْهِ السَّلامُ أَتّاهُ بِسِهْلَةٍ، أَو تُرابٍ أَحْمَرَ. قالَ ابنُ الأَثِيرِ: السِّهْلَةُ: رَمْلٌ خَشِنٌ، ليسَ بالدُّقاقِ النَّاعِمِ. ونَهْرٌ سَهِلٌ، ككَتِفٍ: ذُو سِهْلَةٍ. وأَسْهِلَ الرَّجُلُ، بالضَّمِّ، وأُسْهِلَ بَطْنُهُ، وأسْهَلَهُ الدَّواءُ: ألاَنَ بَطْنَهُ، وَهَذَا دَوَاءٌ مُسْهِلٌ. وسَاهَلَهُ، مُسَاهَلَةً: ياسَرَهُ، واسْتَسْهَلَهُ: عَدَّهُ سَهْلاً.
وسُهَيْلٌ، كزُبَيْرٍ: حِصْنٌ بالأَنْدَلُسِ، إلَيْهِ نُسِبَ الإِمامُ أَبُو القاسِمِ عبدُ الرَّحمَنِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أبي الحسنِ الخَثْعَمِيُّ السُّهَيْلِيُّ، مُؤَلِّفُ الرَّوْضِ الأُنُفِ وغيرِهِ، وقالَ ابنُ الأَبَّارِ: بالْقُرْبِ مِنْ مَالَقَةَ، سُمِّيَ بالكَوْكَبِ، لأَنَّهُ لَا يُرَى جَمِيعِ الأَنْدَلُسِ إلاَّ مِنْهُ، ماتَ بِمَرَّاكُشَ سنة.
وسُهَيْلٌ: وَادٍ بِها أيْضاً. وسُهَيْلٌ: نَجْمٌ يَمَانِيٌّ، عِنْدَ طُلُوعِهِ تَنْضَجُ الْفَواكِهُ، ويَنْقَضِي الْقَيْظُ، وقالَ)
الأَزْهَرِيُّ: سُهَيْلٌ كَوْكَبٌ لَا يُرَى بِخُرَاسانَ، ويُرَى بِالْعِراقِ، وقالَ اللَّيْثُ: بَلَغَنَا أَنَّ سُهَيْلاً كانَ عَشَّاراً على طَرِيقِ الْيَمَنِ ظَلُوماً، فمَسَخَهُ اللهُ كَوْكَباً، وَقَالَ ابنُ كُنَاسَةَ: سُهَيْلٌ يُرَى بالحِجازِ، وَفِي جَمِيعِ أَرْضِ العَرَبِ، وَلَا يُرَى بِأَرْضِ أَرْمِينِيَةَ، وبَيْنَ رُؤْيَةِ أَهْلِ الحِجَازِ سُهَيْلاً وبَيْنَ رُؤْيَةِ أَهْلِ الْعِراقِ إِيَّاهُ عِشْرُونَ يَوْماً، قالَ الشاعِرُ: إِذا سُهَيْلٌ مَطْلَعَ الشَّمْسِ طَلَعْ فابْنُ اللَّبُونِ الْحِقُّ والْحِقُّ جَذَعْ ويُقالُ: إِنَّهُ يَطْلُعُ عندَ نَتاجِ الإِبِلِ، فِإِذا حَالَتِ السَّنَةُ تَحَوَّلَتْ أَسْنانُ الإِبِلِ. وسُهَيْلُ بنُ رَافِعِ بنِ أبي عَمْرِو بنِ عائِذِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ مالِكِ بنِ النَّجَّارِ الأَنْصارِيُّ: بَدْرِيٌّ. وسُهَيْلُ بنُ عَمْرِو بنِ عَدِيٍّ الأَنْصارِيُّ، قالَ ابنُ الكَلْبِيِّ: بَدْرِيٌّ، قُتِلَ مَعَ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وسُهَيْلُ بنُ بَيْضاءَ، وَهِي أُمُّهُ، وَأَبوهُ وَهْبُ بنُ رَبيعَةَ القُرَشِيُّ الفِهْرِيُّ. وسُهَيْلُ بنُ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ الأَنْصَارِيُّ، قُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ. وسُهَيْلُ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ عَبْدِ وَدٍّ العامِرِيُّ أَبُو يَزِيدَ الْقُرَشِيُّ أَحَدُ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، وخُطَبائِهِم، وَكَانَ أَعْلَمَ الشَّفَةِ. وسُهَيْلُ بنُ عَدِيٍّ الأَزْدِيُّ، حَلِيفُ بني عَبْدِ الأَشْهَلِ، قُتِلَ يَوْمَ الْيَمامَةِ. صَحابِيُّونَ، رَضِيَ الله عَنْهُم. وفَاتُهُ: سُهَيْلُ بنُ الحَنْظَلِيَّةِ العَبْشَمِيُّ، وسُهَيْلُ بنُ خَلِيفَةَ أَبُو سُوِيَّةَ الْمِنْقَرِيُّ، وسُهَيْلُ بنُ عُبَيْدِ بنِ النُّعْمانِ: لَهُم صُحْبَةٌ. وسَبَقَ للمُصَنِّفِ: سُهَيْلُ بنُ عُمْرٍ والجُمَحِيُّ فِي المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهم، تَبَعاً للصَّاغَانِيُّ، وَلم أجِدْ لَهُ ذِكْراً فِي مَعَاجِمِ الصَّحابَةِ، وتقدَّم الكلامُ عليْهِ هُنَاكَ. وسُهَيْلُ بنُ أبي حَزْمٍ مِهْرَانُ الْقُطَيْعِيُّ، أَبُو بكرٍ، عَن أبي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ وثَابِتٍ، وَعنهُ بِشْرُ بنُ الوَلِيدِ وهُدْبَةُ، قَالَ أَبُو حاتِمٍ، وجَماعَةٌ: لَيْسَ بالْقَوِيِّ، وسُهَيْلُ بنُ أبي صَالِحٍ السَّمَّانُ أَبُو يَزِيدَ، عَن أبيهِ، وابنِ المُسَيَّبِ، وعنهُ شُعْبَةُ، والحَمَّادانِ، وعليُّ بنُ عاصِم، قالَ ابنُ مَعِينٍ: ليسَ بِحُجةٍ، وقالَ أَبُو حاتِمٍ: لَا نَحْتَجُّ بِهِ، وَوَثَّقَهُ نَاسٌ، أَخْرَجَ حديثَهُ مُسْلِمٌ، والبُخارِيُّ مَقْرُوناً، تُوُفِّيَ سنة: مُحَدِّثانِ ضَعِيفَانِ. وفَاتَهُ فِي الضُّعَفاءِ: سُهَيْلُ بنُ خَالِدٍ العَبْدِيُّ، وسُهَيْلُ بنُ بَيَانٍ، وسُهَيْلُ بنِ ذَكْوَانَ، وسُهَيْلُ بنُ أبي فَرْقَدٍ، وسُهَيْلُ ابنُ عُمَيْرٍ، الأَخِيرُ مَجُهُولٌ. وسَهْلٌ: عِشْرُونَ صَحابِيّاً، وهم: سَهْلُ بنُ سَعْدٍ، وسَهْلُ بنُ بَيْضاءَ، وسَهْلُ بنُ الْحارِثِ، وسَهْلُ بنُ أبي حَثْمَةَ، وسَهْلُ بنُ حِمَّانَ، وسَهْلُ بنُ الحَنْظَلِيَّة، وسَهْلُ بنُ حُنَيْفٍ، وسَهْلُ ابنُ رَافِع بنِ خَدِيجٍ، وسَهْلُ بنُ رَافِعِ بنِ أَبي عَمْرٍ و، وسَهْلُ بنُ الرَّبِيعِ، وسَهْلُ ابنُ رُومِيٍّ، وسَهْلُ بنُ سَعْدِ بنِ مالِكٍ، وسَهْلُ بنُ أبي سَهْلٍ، وسَهْلُ بنُ) صَخْرٍ، وسَهْلُ بنَُأبي صَعْصَعَةَ، وسَهْلُ مَوْلَى بني ظَفَرٍ، وسَهْلُ بنُ عَامِرٍ، وسَهْلُ بنُ عَتِيكٍ الأَنْصَارِيُّ، وسَهْلُ ابنُ عَدِيٍّ الأَنْصارِيُّ، فَهَؤُلَاءِ عِشْرُونَ. وفَاتَهُ: سَهْلُ بنُ عَدّيٍّ الخَزْرَجِيُّ، وسَهْلُ بنُ عَمْرٍ والنَّجَّارِيُّ، وسَهْلُ بنُ عَمْرٍ والقُرَشِيُّ، وسَهْلُ بنُ عَمْرٍ والْحارِثِيُّ، وسَهْلُ بنُ قَرَظَةَ، وسَهْلُ بنُ قَيْسٍ الأَنْصارِيُّ، وسَهْلُ بنُ قَيْسٍ المُزَنِي، وسَهْلُ بنُ مالكٍ، وسَهْلُ بنُ مَنْجَابٍ، وسَهْلُ بنُ يُوسُفَ، فَهَؤُلَاءِ أَحَدَ عَشَر نَفْساً، لَهُم صُحْبَةٌ أَيْضا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أَجمَعِينَ.
وسَهْلٌ: مِائةُ مُحَدِّثٍ: فَمِنَ التَّابِعينَ: سَهْلُ بنُ أبي أُمَامَةَ، وسَهْلُ بنُ مُعَاذٍ، وسَهْلٌ أَبُو مِحْجَنٍ، وسَهْلُ أَبُو الأَسَدِ، وسَهْلُ بنُ ثَعْلَبَةَ، وسَهْلُ بنُ حَارِثَةَ. ومِنْ أَتْباعِهِم: سَهْلُ بنُ عُقَيْلٍ، وسَهْلُ بنُ أَسَدٍ، وسَهْلُ بنُ محمدٍ، وسَهْلُ بنُ صَدَقَةَ، وسَهْلُ بنُ أبي الصَّلْتِ، وسَهْلُ بنُ أَسْلَمَ، وسَهْلُ ابنُ أبي سَهْلٍ، وسَهْلُ بنُ يُوسُفَ. ومِنْ دُونِهِمْ من المُحَدِّثينِ: سَهْلُ بنُ بَكَّارٍ أَبُو بِشْرٍ البَصْرِيُّ المَكْفُوفُ، وسَهْلُ بنُ تَمَّامِ بنِ بَزِيعٍ، وسَهْلُ بنُ حَمَّادٍ الدَّلاَّلُ، وسَهْلُ بنُ زَنْجَلَةَ الرَّازِيُّ، وسَهْلُ بنُ صالِحٍ الأَنْطاكِيُّ، وسَهْلُ بنُ صُقَيْرٍ الخِلاَطِيُّ، وسَهْلُ بنُ عُثْمَانَ العَسْكَرِيُّ الحافِظُ، وسَهْلُ بنُ محمدٍ العَسْكَريُّ، وسَهْلُ بنُ محمدٍ أَبُو حاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ، وسَهْلُ بنُ هاشِمٍ بِدِمَشْقَ، وسَهْلُ بنُ عبدِ اللهِ التَّسْتُرِيُّ. ومِمَّن تُكُلِّمِ فِيهِ: سَهْلُ بنُ عامِرٍ البَجَلِيُّ، وسَهْلُ بنُ عَمَّارٍ، وسَهْلُ بنُ قَرِينٍ، وسَهْلُ بنُ يَزِيدَ، وسَهْلٌ الفَزَارِيُّ، وسَهْلٌ أَبُو حَرِيزٍ، وسَهْلٌ الأَعرابِيُّ، وسَهْلُ بنُ خَاقَانَ، وسَهْلُ ابنُ عَلِيِّ، وسَهْلُ بنُ تَمَّامٍ. وغيرُ هؤلاءِ مِمَّن اسْمُ أبيهِ أَو جَدِّهِ سَهْلٌ أَو سُهَيْلٌ أَو سَهْلَةُ، مِمَّن لَهُم تَراجِمُ فِي التَّوارِيخِ وكُتُبِ الحَدِيثِ، ليسَ هَذَا مَحَلُّ اسْتِقصائِهِم. وسُهَيْلَةُ، كجُهَيْنَةَ: كَذَّابٌ، وَفِي الْمَثَلِ: أَكْذَبُ مِنْ سُهَيْلَةَ، قالَ ألص أغانيُّ: وقيلَ: هِيَ الرِّيحُ. والسَّهُولُ: كصَبُور: المَشُوُّ، كَمَا فِي العُبابِ. وسَهْلَةُ: حِصْنٌ بِأَبْيَنَ. وسَهْلَةُ: اسْمُ رَجُلٍ. وبِالْيَمَنِ، ناحِيَةٌ تُعْرَفُ بالسَّهْلَيْنِ.
وبَنُو سَهْلٍ: ة، بِصَنْعَاءَ، فِي نَواحِيها. والتَّسَاهُلُ: التَّسامُحُ.
ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَليه: أسْهَلُوا: اسْتَعْمَلُوا السُّهُولَةَ مَعَ النَّاسِ، وأَحْزَنُوا: اسْتَعْمَلُوا الحَزْنَ مَعَ النَّاسِ، قالَ لَبِيدٌ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنهُ:
(فإِنْ يُسْهِلُوا فالسَّهْلُ حَظِّي وطُرْقَتِي ... وإِنْ يُحْزِنُوا أَرْكَبْ بِهِمْ كُلَّ مَرْكَبِ)
وَفِي الحديثِ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَقَدِ اسْتَهَلَّ مَكَانَهُ فِي جَهَنَّمَ. ورَجُلٌ سَهْلُ الْخُلُقِ: سَهْلُ الْمَقادَةِ.
وكَلامٌ فيهِ سُهُولَةٌ، وَهُوَ سَهْلُ المَأْخَذِ، وَهُوَ مَجازٌ. وسَهْلَوَيْهِ: جَدُّ أبي بَكْرٍ محمدِ بنِ أَحمدَ بنِ سَعْدٍ السَّرْخَسِيِّ السَّهْلَوِيِّ المُحَدِّثِ. وَأَبُو سَهْلٍ البُرْسَانِيُّ، اسْمُهُ: كَثِيرُ ابنُ زِيَادٍ، رَوَى عَن مُسَّةَ)
الأَزْدِيَّةَ، وعنهُ عليُّ بنُ عَبدِ الأَعْلَى. وَأَبُو سَهْلٍ، عَن ابنِ عُمَرَ، وعنهُ دَاوُدُ بنُ سُلَيْكٍ السَّعْدِيُّ.
وَأَبُو سَهْلَةَ الأَنْصارِيُّ، لهُ صُحْبَةٌ. وَأَبُو سَهْلَةَ، مَوْلَى عُثْمانَ، عَنْهُ، وَعنهُ قَيْسُ بنُ أبي حازِمٍ.
وَأَبُو سُهَيْلِ بنِ مالِكٍ الأَصْبَحِيُّ، اسْمُهُ: نَافِعٌ، عَمُّ سِيِّدِنا مالِك بنِ أَنَسٍ، رَوَى عَن أبيهِ، وعنهُ مالِكٌ. والسَّهَلِيُّونَ، بالضَّمِّ: جَماعَةٌ فِي طَيٍّءٍ، ذَكَرَهُم الرُّشَاطِيُّ. وأمَّا قَوْلُ عُمَرَ بنِ أبي رَبِيعَةَ:
(أيُّهَا الْمُنْكِحُ الثُّرَيَّا سُهَيْلاً ... عَمْرَكَ اللهُ كيفَ يَلْتَقِيَانِ)
فَهُوَ سُهَيْلُ بنُ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ.
س هـ ل

أمر سهل، وقد سهل بعد صعوبته، وسهله الله تعالى، وما تسهل لي أن أفعل ذلك، وتساهل الأمر عليه: ضد تعاسر عليه. وأسهل الدواء بطنه. والأرض سهل وحزن، وسهول وحزون، وسهولة وحزونة، وقد أسهلوا إذا نزلوا من الجبل إلى السهل. وجاء السيل بالسهلة وهي الرمل ليس بالدقاق.

ومن المجاز: رجل سهل الخلق: سهل المقادة والقياد. وكلام فيه سهولة، وهو سهل المأخذ.

أَمَّ 

(أَمَّ) وَأَمَّا الْهَمْزَةُ وَالْمِيمُ فَأَصْلٌ وَاحِدٌ، يَتَفَرَّعُ مِنْهُ أَرْبَعُ أَبْوَابٍ، وَهِيَ الْأَصْلُ وَالْمَرْجِعُ وَالْجَمَاعَةُ وَالدِّينُ، وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مُتَقَارِبَةٌ، وَبَعْدَ ذَلِكَ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ، وَهِيَ الْقَامَةُ وَالْحِينُ وَالْقَصْدُ، قَالَ الْخَلِيلُ: الْأُمُّ: الْوَاحِدُ، وَالْجَمْعُ أُمَّهَاتٌ، وَرُبَّمَا قَالُوا: أُمٌّ وَأُمَّاتٌ. قَالَ شَاعِرٌ، وَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ: إِذَا الْأُمَّهَاتُ قَبَحْنَ الْوُجُوهَ ... فَرَجْتَ الظَّلَامَ بِأُمَّاتِكَا

وَقَالَ الرَّاعِي:

أَمَّاتُهُنَّ وَطَرْقُهُنَّ فَحِيلَا

وَتَقُولُ الْعَرَبُ: " لَا أُمَّ لَهُ " فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ جَمِيعًا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَا كُنْتِ أُمًّا وَلَقَدْ أَمَمْتِ أُمُومَةً. وَفُلَانَةٌ تَؤُمُّ فُلَانًا، أَيْ: تَغْذُوهُ، أَيْ: تَكُونُ لَهُ أُمًّا تَغْذُوهُ وَتُرَبِّيهِ. قَالَ:

نَؤُمُّهُمُ وَنَأْبُوهُمْ جَمِيعًا ... كَمَا قُدَّ السُّيُورُ مِنَ الْأَدِيمِ

أَيْ: نَكُونُ لَهُمْ أُمَّهَاتٍ وَآبَاءً. وَأَنْشَدَ:

اطْلُبْ أَبَا نَخْلَةَ مِنْ يَأْبُوكَا ... فَكُلُّهُمْ يَنْفِيكَ عَنْ أَبِيكَا

وَتَقُولُ: أُمٌّ وَأُمَّةٌ، بِالْهَاءِ. قَالَ:

تَقَبَّلْتَهَا مِنْ أُمَّةٍ لَكَ طَالَمَا ... تُنُوزِعَ فِي الْأَسْوَاقِ عَنْهَا خِمَارُهَا

قَالَ الْخَلِيلُ: كُلُّ شَيْءٍ يُضَمُّ إِلَيْهِ مَا سِوَاهُ مِمَّا يَلِيهِ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي ذَلِكَ الشَّيْءَ أُمًّا. وَمِنْ ذَلِكَ أُمُّ الرَّأْسِ وَهُوَ الدِّمَاغُ. تَقُولُ: أَمَمْتُ فُلَانًا بِالسَّيْفِ وَالْعَصَا أَمًّا: إِذَا ضَرَبْتَهُ ضَرْبَةً تَصِلُ إِلَى الدِّمَاغِ. وَالْأَمِيمُ: الْمَأْمُومُ، وَهِيَ أَيْضًا الْحِجَارَةُ الَّتِي تُشْدَخُ بِهَا الرُّؤُوسُ; قَالَ:

بِالْمَنْجَنِيقَاتِ وَبِالْأَمَائِمِ وَالشَّجَّةُ الْآمَّةُ: الَّتِي تَبْلُغُ أُمَّ الدِّمَاغِ، وَهِيَ الْمَأْمُومَةُ أَيْضًا. قَالَ:

يَحُجُّ مَأْمُومَةً فِي قَعْرِهَا لَجَفٌ ... فَاسْتُ الطَّبِيبِ قَذَاهَا كَالْمَغَارِيدِ

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: بَعِيرٌ مَأْمُومٌ: إِذَا أُخْرِجَتْ مِنْ ظَهْرِهِ عِظَامٌ فَذَهَبَتْ قَمْعَتُهُ. قَالَ:

لَيْسَ بِمَأْمُومٍ وَلَا أَجَبِّ

قَالَ الْخَلِيلُ: أُمُّ التَّنَائِفِ: أَشَدُّهَا وَأَبْعَدُهَا. وَأُمُّ الْقُرَى: مَكَّةُ; وَكُلُّ مَدِينَةٍ هِيَ أُمُّ مَا حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى، وَكَذَلِكَ أُمُّ رُحْمٍ. وَأُمُّ الْقُرْآنِ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ. وَأُمُّ الْكِتَابِ: مَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. وَأُمُّ الرُّمْحِ: لِوَاؤُهُ وَمَا لُفَّ عَلَيْهِ. قَالَ:

وَسَلَبْنَ الرُّمْحَ فِيهِ أُمُّهُ ... مِنْ يَدِ الْعَاصِي وَمَا طَالَ الطِّوَلْ

وَتَقُولُ الْعَرَبُ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي يُنْزَلُ عَلَيْهَا: أُمُّ مَثْوًى، وَلِلرَّجُلِ أَبُو مَثْوًى. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أُمُّ مِرْزَمٍ: الشَّمَالُ، قَالَ:

إِذَا هُوَ أَمْسَى بِالْحَلَاءَةِ شَاتِيًا ... تُقَشِّرُ أَعْلَى أَنْفِهِ أُمُّ مِرْزَمِ وَأُمُّ كَلْبَةٍ: الْحُمَّى. فَفِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدِ الْخَيلِ: «أَبْرَحَ فَتًى إِنْ نَجَا مِنْ أُمِّ كَلْبَةٍ» . وَكَذَلِكَ أُمُّ مِلْدَمٍ. وَأُمُّ النُّجُومِ: السَّمَاءُ. قَالَ تَأَبَّطَ شَرًّا:

يَرَى الْوَحْشَةَ الْأُنْسَ الْأَنِيسَ وَيَهْتَدِي ... بِحَيْثُ اهْتَدَتْ أُمُّ النُّجُومِ الشَّوَابِكِ

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ السُّنِّىِّ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُسَبِّحٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: أُمُّ النُّجُومِ: الْمَجَرَّةُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ السَّمَاءِ بُقْعَةٌ أَكْثَرَ عَدَدَ كَوَاكِبَ مِنْهَا، قَالَ تَأَبَّطَ شَرًّا، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْبَيْتَ. وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

بِشُعْثٍ يَشُجُّونَ الْفَلَا فِي رُؤُوسِهِ ... إِذَا حَوَّلَتْ أُمُّ النُّجُومِ الشَّوَابِكِ

" حَوَّلَتْ " يُرِيدُ أَنَّهَا تَنْحَرِفُ. وَأُمُّ كِفَاتٍ: الْأَرْضُ. وَأُمُّ الْقُرَادِ، فِي مُؤَخَّرِ الرُّسْغِ فَوْقَ الْخُفِّ، وَهِيَ الَّتِي تَجْتَمِعُ فِيهَا الْقِرْدَانُ كاَلسُّكُرُّجَّةِ. قَالَ أَبُو النَّجْمِ:

لِلْأَرْضِ مِنْ أُمِّ الْقُرَادِ الْأَطْحَلِ وَأُمُّ الصَّدَى هِيَ أُمُّ الدِّمَاغِ. وَأُمُّ عُوَيْفٍ: دُوَيْبَّةٌ مُنَقَّطَةٌ، إِذَا رَأَتِ الْإِنْسَانَ قَامَتْ عَلَى ذَنَبِهَا وَنَشَرَتْ أَجْنِحَتَهَا، يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الْجُبْنِ. قَالَ:

يَا أُمَّ عَوْفٍ نَشِّرِي بُردَيْكْ ... إِنَّ الْأَمِيرَ وَاقِفٌ عَلَيْكْ

وَيُقَالُ: هِيَ الْجَرَادَةُ. وَأُمُّ حُمارِسٍ دُوَيْبَّةٌ سَوْدَاءُ كَثِيرَةُ الْقَوَائِمِ.

وَأُمُّ صَبُّورٍ: الْأَمْرُ الْمُلْتَبِسُ، وَيُقَالُ: هِيَ الْهَضَبَةُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَنْفَذٌ. وَأُمُّ غَيْلَانَ: شَجَرَةٌ كَثِيرَةُ الشَّوْكِ. وَأُمُّ اللُّهَيْمِ: الْمَنِيَّةُ. وَأُمُّ حُبَيْنٍ: دَابَّةٌ. وَأُمُّ الطَّرِيقِ: مُعْظَمُهُ. وَأُمُّ وَحْشٍ: الْمَفَازَةُ، وَكَذَلِكَ أُمُّ الظِّبَاءِ. قَالَ:

وَهَانَتْ عَلَى أُمِّ الظِّبَاءِ بِحَاجَتِي ... إِذَا أَرْسَلَتْ تُرْبًا عَلَيْهِ سَحُوقُ

وَأُمُّ صَبَّارٍ: الْحَرَّةُ. قَالَ النَّابِغَةُ:

تُدَافِعُ النَّاسَ عَنَّا حِينَ نَرْكَبُهَا ... مِنَ الْمَظَالِمِ تُدْعَى أُمَّ صَبَّارِ

وَأُمُّ عَامِرٍ، وَأُمُّ الطَّرِيقِ: الضَّبُعُ. قَالَ يَعْقُوبُ: أُمُّ أَوْعَالٍ: هَضْبَةٌ بِعَيْنِهَا. قَالَ:

وَأُمُّ أَوْعَالٍ كَهَا أَوْ أَقْرَبَا وَأُمُّ الْكَفِّ: الْيَدُ. قَالَ:

لَيْسَ لَهُ فِي أُمِّ كَفٍّ إِصْبَعُ

وَأُمُّ الْبَيْضِ: النَّعَامَةُ. قَالَ أَبُو دُؤَادٍ:

وَأَتَانَا يَسْعَى تَفَرُّشَ أُمِّ الْ ... بَيْضِ. . .

وَأُمُّ عَامِرٍ: الْمَفَازَةُ. وَأُمُّ كُلَيْبٍ: شُجَيْرَةٌ لَهَا نَوْرٌ أَصْفَرُ. وَأُمُّ عِرْيَطٍ: الْعَقْرَبُ. وَأُمُّ النَّدَامَةِ: الْعَجَلَةُ. وَأُمُّ قَشْعَمٍ، وَأُمُّ خَشَّافٍ، وَأُمُّ الرَّقُوبِ، وَأُمُّ الرَّقِمِ، وَأُمُّ أَرَيْقَ، وَأُمُّ رُبَيْقٍ، وَأُمُّ جُنْدَبٍ، وَأُمُّ الْبَلِيلِ، وَأُمُّ الرُّبَيْسِ، وَأُمُّ حَبَوْكَرَى، وَأُمُّ أَدْرَصٍ، وَأُمُّ نَآدٍ، كُلُّهَا كُنَى الدَّاهِيَةِ. وَأُمُّ فَرْوَةٍ: النَّعْجَةُ. وَأُمُّ سُوَيدٍ وَأُمُّ عِزْمٍ: سَافِلَةُ الْإِنْسَانِ. وَأُمُّ جَابِرٍ: إِيَادٌ. وَأُمُّ شَمْلَةٍ: الشَّمَالُ الْبَارِدَةُ. وَأُمُّ غِرْسٍ: الرَّكِيَّةُ. وَأُمُّ خُرْمَانَ: طَرِيقٌ. وَأُمُّ الْهَشِيمَةِ: شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ يَابِسِ الشَّجَرِ. قَالَ الْفَرَزْدَقُ يَصِفُ قِدْرًا:

إِذَا أُطْعِمَتْ أُمَّ الْهَشِيمَةِ أَرْزَمَتْ ... كَمَا أَرْزَمَتْ أُمُّ الْحِوَارِ الْمُجَلَّدِ

وَأُمُّ الطَّعَامِ: الْبَطْنُ. قَالَ:

رَبَّيْتُهُ وَهْوَ مِثْلُ الْفَرْخِ أَعْظَمُهُ ... أُمُّ الطَّعَامِ تَرَى فِي جِلْدِهِ زَغَبَا

قَالَ الْخَلِيلُ: الْأُمَّةُ: الدِّينُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف: 22] . وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ: لَا أُمَّةَ لَهُ، أَيْ: لَا دِينَ لَهُ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ: «يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ» .

وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَانَ عَلَى دِينٍ حَقٍّ مُخَالِفٍ لِسَائِرِ الْأَدْيَانِ فَهُوَ أُمَّةٌ. وَكُلُّ قَوْمٍ نُسِبُوا إِلَى شَيْءٍ وَأُضِيفُوا إِلَيْهِ فَهُمْ أُمَّةٌ، وَكُلُّ جِيلٍ مِنَ النَّاسِ أُمَّةٌ عَلَى حِدَةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ: «لَوْلَا أَنَّ هَذِهِ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا، وَلَكِنِ اقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ» . فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: 213] ، فَقِيلَ: كَانُوا كُفَّارًا فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ. وَقِيلَ: بَلْ كَانَ جَمِيعُ مَنْ مَعَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السَّفِينَةِ مُؤْمِنًا ثُمَّ تَفَرَّقُوا. وَقِيلَ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل: 120] ، أَيْ: إِمَامًا يُهْتَدَى بِهِ، وَهُوَ سَبَبُ الِاجْتِمَاعِ. وَقَدْ تَكُونُ الْأُمَّةُ جَمَاعَةَ الْعُلَمَاءِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران: 104] ، وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْأُمَّةُ: الْقَامَةُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: إِنَّ فُلَانًا لَطَوِيلُ الْأُمَّةِ، وَهُمْ طِوَالُ الْأُمَمِ، قَالَ الْأَعْشَى:

وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ الْأَكْرَمِينَ ... حِسَانُ الْوُجُوهِ طِوَالُ الْأُمَمْ

قَالَ الْكِسَائِيُّ: أُمَّةُ الرَّجُلِ بَدَنُهُ وَوَجْهُهُ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْأُمَّةُ: الطَّاعَةُ وَالرَّجُلُ الْعَالِمُ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: إِنَّهُ لَحَسَنُ أُمَّةِ الْوَجْهِ، يَغْزُونَ السُّنَّةَ. وَلَا أُمَّةَ لِبَنِي فُلَانٍ، أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ وَجْهٌ يَقْصِدُونَ إِلَيْهِ لَكِنَّهُمْ يَخْبِطُونَ خَبْطَ عَشْوَاءَ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا أَحْسَنَ أُمَّتَهُ، أَيْ: خَلْقَهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْأُمِّيُّ فِي اللُّغَةِ: الْمَنْسُوبُ إِلَى مَا عَلَيْهِ جِبِلَّةُ النَّاسِ لَا يَكْتُبُ، فَهُوَ [فِي] أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ عَلَى مَا وُلِدَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُ النَّابِغَةِ:

وَهَلْ يَأْثَمَنْ ذُو أُمَّةٍ وَهْوَ طَائِعُ

فَمَنْ رَفَعَهُ أَرَادَ سُنَّةَ مَلِكَةٍ، وَمَنْ جَعَلَهُ مَكْسُورًا جَعَلَهُ دِينًا مِنَ الِائْتِمَامِ، كَقَوْلِكَ: ائْتَمَّ بِفُلَانٍ إِمَّةً. وَالْأُمَّةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45] ، أَيْ بَعْدَ حِينٍ. وَالْإِمَامُ: كُلُّ مَنِ اقْتُدِيَ بِهِ وَقُدِّمَ فِي الْأُمُورِ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَامُ الْأَئِمَّةِ، وَالْخَلِيفَةُ إِمَامُ الرَّعِيَّةِ، وَالْقُرْآنُ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْإِمَّةُ: النِّعْمَةُ. قَالَ الْأَعْشَى: وَأَصَابَ غَزْوُكَ إَمَّةً فَأَزَالَهَا

قَالَ: وَيُقَالُ لِلْخَيْطِ الَّذِي يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ: إِمَامٌ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْأَمَامُ: الْقُدَّامُ، يَقُولُ: صَدْرُكَ أَمَامُكَ، رَفَعَ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ اسْمًا، وَيَقُولُ: أَخُوكَ أَمَامَكَ، نُصِبَ لِأَنَّهُ فِي حَالِ الصِّفَةِ يَعْنِي بِهِ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُ لَبِيدٍ:

فَغَدَتْ كِلَا الْفَرْجَيْنِ تَحْسَبُ أَنَّهُ ... مَوْلَى الْمَخَافَةِ خَلْفُهَا وَأَمَامُهَا

فَإِنَّهُ رَدَّ الْخَلْفَ وَالْأَمَامَ عَلَى الْفَرْجَيْنِ، كَقَوْلِكَ: كِلَا جَانِبَيْكَ مَوْلَى الْمَخَافَةِ يَمِينُكَ وَشِمَالُكَ، أَيْ: صَاحِبُهَا وَوَلِيُّهَا، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: امْضِ يَمَامِي، فِي مَعْنَى: امْضِ أَمَامِي. وَيُقَالُ: يَمَامِي وَيَمَامَتِي. قَالَ:

فَقُلْ جَابَتِي لَبَّيْكَ وَاسْمَعْ يَمَامَتِي

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: "

أَمَامَهَا لَقِيَتْ أَمَةٌ عَمَلَهَا

" أَيْ: حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ وَجَدَتْ عَمَلًا. وَيَقُولُونَ: " أَمَامَكَ تَرَى أَثَرَكَ "، أَيْ: تَرَى مَا قَدَّمْتَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَمِنْ أَمْثَالِهِمْ:

رُوَيْدَ تَبَيَّنْ مَا أَمَامَةُ مِنْ هِنْدِ يَقُولُ: تَثَبَّتْ فِي الْأَمْرِ وَلَا تَعْجَلْ يَتَبَيَّنْ لَكَ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْأَمَمُ: الشَّيْءُ الْيَسِــيرُ الْحَقِيرُ، تَقُولُ: فَعَلْتُ شَيْئًا مَا هُوَ بِأَمَمٍ وَلَا دُونٍ. وَالْأَمَمُ: الشَّيْءُ الْقَرِيبُ الْمُتَنَاوَلُ. قَالَ:

كُوفِيَّةٌ نَازِحٌ مَحَلَّتُهَا ... لَا أَمَمٌ دَارُهَا وَلَا صَقَبُ

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: أَمَمٌ، أَيْ: [صَغِيرٌ، وَ] عَظِيمٌ، مِنَ الْأَضْدَادِ. وَقَالَ ابْنُ قَمِيئَةَ فِي الصَّغِيرِ:

يَا لَهْفَ نَفْسِي عَلَى الشَّبَابِ وَلَمْ ... أَفْقِدْ بِهِ إِذْ فَقَدْتُهُ أَمَمَا

قَالَ الْخَلِيلُ: الْأَمَمُ: الْقَصْدُ. قَالَ يُونُسُ: هَذَا أَمْرٌ مَأْمُومٌ: يَأْخُذُ بِهِ النَّاسُ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو: رَجُلٌ مِئَمٌّ، أَيْ: يَؤُمُّ الْبِلَادَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ. قَالَ:

احْذَرْنَ جَوَّابَ الْفَلَا مِئَمَّا

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} [المائدة: 2] ، جَمْعُ " آمٍّ " يَؤُمُّونَ بَيْتَ اللَّهِ، أَيْ: يَقْصِدُونَهُ. قَالَ الْخَلِيلُ: التَّيَمُّمُ يَجْرِي مَجْرَى التَّوَخِّي، يُقَالُ لَهُ: تَيَمَّمْ أَمْرًا حَسَنًا وَتَيَمَّمُوا أَطْيَبَ مَا عِنْدَكُمْ تَصَدَّقُوا بِهِ. وَالتَّيَمُّمُ بِالصَّعِيدِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، أَيْ: تَوَخَّوْا أَطْيَبَهُ وَأَنْظَفَهُ وَتَعَمَّدُوهُ. فَصَارَ التَّيَمُّمُ فِي أَفْوَاهِ الْعَامَّةِ فِعْلًا لِلتَّمَسُّحِ بِالصَّعِيدِ، حَتَّى يَقُولُوا قَدْ تَيَمَّمَ فُلَانٌ بِالتُّرَابِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] ، أَيْ: تَعَمَّدُوا. قَالَ: تَكُ خَيْلِي قَدْ أُصِيبَ صَمِيمُهَا ... فَعَمْدًا عَلَى عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مَالِكَا

وَتَقُولُ: يَمَّمْتُ فُلَانًا بِسَهْمِي وَرُمْحِي، أَيْ: تَوَخَّيْتُهُ دُونَ مَنْ سِوَاهُ، قَالَ:

يَمَّمْتُهُ الرُّمْحَ شَزْرًا ثُمَّ قُلْتُ لَهُ ... هَذِهِ الْمُرُوَّةُ لَا لِعْبُ الزَّحَالِيقِ

وَمَنْ قَالَ فِي هَذَا الْمَعْنَى: أَمَّمْتُهُ، فَقَدْ أَخْطَأَ لِأَنَّهُ قَالَ " شَزْرلَا يَكُونُ الشَّزْرُ إِلَّا مِنْ نَاحِيَةٍ، وَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ أَمَامَهُ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: الْأُمَامَةُ الثَّمَانُونَ مِنَ الْإِبِلِ. قَالَ:

فَمَنَّ وَأَعْطَانِي الْجَزِيلَ وَزَادَنِي ... أُمَامَةَ يَحْدُوهَا إِلَيَّ حُدَاتُهَا

وَالْأُمُّ: الرَّئِيسُ، يُقَالُ: هُوَ أُمُّهُمْ. قَالَ الشَّنْفَرَى:

وَأُمُّ عِيَالٍ قَدْ شَهِدْتُ تَقُوتُهُمْ ... إِذَا أَطْعَمَتْهُمْ أَحْتَرَتْ وَأَقَلَّتِ

أَرَادَ بِأُمِّ الْعِيَالِ رَئِيسَهُمُ الَّذِي كَانَ يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ تَأَبَّطَ شَرًّا.

(أَنَّ) وَأَمَّا الْهَمْزَةُ وَالنُّونُ مُضَاعَفَةٌ فَأَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ صَوْتٌ بِتَوَجُّعٍ. قَالَ الْخَلِيلُ: تَقُولُ: أَنَّ الرَّجُلُ يَئِنُّ أَنِينًا وَأَنَّةً وَأَنًّا، وَذَلِكَ صَوْتُهُ بِتَوَجُّعٍ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: تَشْكُو الْخِشَاشَ وَمَجْرَى النِّسْعَتَيْنِ كَمَا ... أَنَّ الْمَرِيضُ إِلَى عُوَّادِهِ الْوَصِبُ

وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَنَّانٌ، أَيْ: كَثِيرُ الْأَنِينِ. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ: الْقَوْسُ تَئِنُّ أَنِينًا: إِذَا لَانَ صَوْتُهَا وَامْتَدَّ، قَالَ الشَّاعِرُ:

تَئِنُّ حِينَ تَجْذِبُ الْمَخْطُومَا ... أَنِينَ عَبْرَى أَسْلَمَتْ حَمِيمَا

قَالَ يَعْقُوبُ: الْأَنَّانَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا وَتَتَزَوَّجُ ثَانِيًا، فَكُلَّمَا رَأَتْهُ رَنَّتْ وَقَالَتْ: رَحِمَ اللَّهُ فُلَانًا.

وَأَمَّا (الْهَمْزَةُ وَالْهَاءُ) فَــلَيْسَ بِأَصْلٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّ حِكَايَاتِ الْأَصْوَاتِ لَيْسَــتْ أُصُولًا يُقَاسُ عَلَيْهَا، لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: أَهَّ أَهَّةً وَآهَةً. قَالَ مُثَقِّبٌ:

: إِذَا مَا قُمْتُ أَرْحُلُهَا بِلَيْلٍ ... تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الْحَزِينِ

علم النجوم

علم النجوم
هو: من فروع الطبعي وهو وعلم بأصول تعرف بها أحوال الشمس والقمر وغيرهما من بعض النجوم كذا في بعض حواشي الشافية قاله في كشاف اصطلاحات الفنون.
وفي كشف الظنون هو: علم يعرف به الاستدلال على حوادث علم الكون والفساد بالتشكلات الفلكية وهي أوضاع الأفلاك والكواكب كالمقارنة والمقابلة والتثليث والتسديس والتربيع إلى غير ذلك وهو عند الإطلاق ينقسم إلى ثلاثة أقسام حسابية وطبيعيات ووهميات.
أما الحسابيات: فهي يقينية في علمها قد يعمل بها شرعاً.
وأما الطبيعيات: كالاستدلال بانتقال الشمس في البروج الفلكية على تغيير الفصول كالحر والبرد والاعتدال فــليســت بمردودة شرعا أيضاً.
أما الوهميات: كالاستدلال على الحوادث السفلية خيرها وشرها من اتصالات الكواكب بطريق العموم والخصوص فلا استناد لها إلى أصل شرعي ولذلك هي مردودة شرعا كما قال صلى الله عليه وسلم: "إذا ذكر النجوم فامسكوا". وقال: "تعلموا من النجوم ما تهتدون به في البر والبحر ثم انتهوا". الحديث.
وقال صلى الله عليه وسلم: "من آمن بالنجوم فقد كفر" لكن قالوا هذا إن اعتقد أنها مستقلة في تدبير العالم.
وقال الشافعي رحمه الله: إذا اعتقد المنجم أن المؤثر الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى لكن عادته سبحانه وتعالى جارية بوقوع الأحوال بحركاتها وأوضاعها المعهودة في ذلك لا بأس عندي. كذا ذكره السبكي في طبقاته الكبرى وعلى هذا يكون استناد التأثير حقيقة إلى النجوم مذموما فقط.
قال بعض العلماء: إن اعتقاد التأثير إليها بذاتها حرام. وذكر صاحب مفتاح السعادة أن الحافظ ابن القيم الجوزي أطنب في الطعن فيه والتنفير عنه.
فإن قيل: لم لا يجوز أن تكون بعض الأجرام العلوية أسباب للحوادث السفلية فيستدل النجم العاقل من كيفية حركات النجوم واختلافات مناظرها وانتقالاتها من برج إلى برج على بعض الحوادث قبل وقوعها.
يقال: يمكن على طريق إجراء العادة أن يكون بعض الحوادث سببا لبعضها لكن لا دليل فيه على كون الكواكب أسبابا للعادة وعللا للنحوسة لا حساً ولا عقلاً ولا سمعاً.
أما حسا: فظاهر أن أكثر أحكامهم ليســت بمستقيمة كما قال بعض الحكماء: جزئياتها لا تدرك وكلياتها لا تتحقق.
وإما عقلا: فإن علل الأحكاميين وأصولهم متناقضة حيث قالوا: إن الأجرام العلوية ليســت بمركبة من العناصر بل هي طبيعية خاصة ثم قالوا ببرودة زحل ويبوسته وحرارة المشتري ورطوبته فأثبتوا الطبيعة للكواكب وغير ذلك.
وأما شرعا: فهو مذموم بل ممنوع كما قال صلى الله عليه وسلم: "من آتي كاهنا بالنجوم أو عرافا أو منجما فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد". الحديث وسبب المبالغة في النهي عن هذه الثلاثة ذكره الشيخ علاء الدولة في العروة الوثقى وقال علي بن أحمد النسوي: علم النجوم أربع طبقات:
الأولى: معرفة رقم التقويم ومعرفة الإسطرلاب حسبما هو يتركب.
والثانية: معرفة المدخل إلى علم النجوم ومعرفة طبائع الكواكب والبروج ومزاجاتها.
والثالثة: معرفة حسنات أعمال النجوم وعمل الزيج والتقويم.
والرابعة: معرفة الهيئة والبراهين الهندسية على صحة أعمال النجوم ومن تصور ذلك فهو المنجم التام على التحقيق وأكثر أهل زماننا قد اقتصروا من علم التنجيم على الطبقتين الأوليين وقليل منهم يبلغ الطبقة الثالثة.
والكتب المصنفة فيه كثيرة منها: الأحكام وأبو قماش وأدوار وإرشاد والبارع ومختصر البارع وتحاويل وتنبيهات المنجمين وتفهيم الجامع الصغير ودرج الفلك والسراج والقرانات ولطائف الكلام ومجمل الأصول ومجموع ابن شرع ومسائل القصر وغير ذلك انتهى ما في كشف الظنون.
وفي كشاف اصطلاحات الفنون:
موضوعه النجوم من حيث يمكن أن تعرف بها أحوال العالم ومسائله كقولهم: كلما كان الشمس على هذا الموضع المخصوص فهي تدل على حدوث أمر كذا في هذا العالم انتهى.
وقال ابن خلدون: هذه الصناعة يزعم أصحابها أنهم يعرفون بها الكائنات في عالم العناصر قبل حدوثها من قبل معرفة قوى الكواكب وتأثيرها في المولدات العنصرية مفردة ومجتمعة فتكون لذلك أوضاع الأفلاك والكواكب دالة على ما سيحدث من نوع من أنواع الكائنات الكلية والشخصية.
فالمتقدمون منهم يرون أن معرفة قوى الكواكب وتأثيراتها بالتجربة وهو أمر تقصر الأعمار كلها لو اجتمعت عن تحصيله إذ التجربة إنما تحصل في المرات المتعددة بالتكرار ليحصل عنها العلم أو الظن وأدوار الكواكب منها ما هو طويل الزمن فيحتاج تكرره إلى آماد وأحقاب متطاولة يتقاصر عنها ما هو طويل من أعمار العالم وربما ذهب ضعفاء منهم إلى أن معرفة قوى الكواكب وتأثيراتها كانت بالوحي وهو رأي قائل وقد كفونا مؤنة إبطاله.
ومن أوضح الأدلة فيه: أن تعلم أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أبعد الناس عن الصنائع وأنهم لا يتعرضون للأخبار عن الغيب إلا أن يكون عن الله فكيف يدعون استنباطه بالصناعة ويشيرون بذلك لتابعيهم من الخلق.
وأما بطليموس ومن تبعه من المتأخرين فيرون أن دلالة الكواكب على ذلك دلالة طبيعية من قبل مزاج يحصل للكواكب في الكائنات العنصرية قال: لأن فعل النيرين وأثرهما في العنصريات ظاهر لا يسع أحدا جحده مثل فعل الشمس في تبدل الفصول وأمزجتها ونضج الثمار والزرع وغير ذلك.
وفعل القمر في الرطوبات والماء وإنضاج المواد المتعفنة وفواكه القناء وسائر أفعاله.
ثم قال: ولنا فيما بعدهما من الكواكب طريقان:
الأولى: التقليد لمن نقل ذلك عنه من أئمة الصناعة إلا أنه غير مقنع للنفس.
الثانية: الحدس والتجربة بقياس كل واحد منها إلى النير الأعظم الذي عرفنا طبيعته وأثره معرفة ظاهرة فننظر هل يزيد ذلك الكوكب عند القرآن في قوته ومزاجه فتعرف موافقته له في الطبيعة أو ينقص عنها فتعرف مضادته ثم إذا عرفنا قواها مفردة عرفناها مركبة وذلك عند تناظرها بأشكال التثليث والتربيع وغيرهما ومعرفة ذلك من قبل طبائع البروج بالقياس أيضا إلى النير الأعظم.
وإذا عرفنا قوى الكواكب كلها فهي مؤثرة في الهواء وذلك ظاهر والمزاج الذي يحصل منها للهواء يحصل لما تحتها من المولدات وتتخلق به النطف والبزر فتصير حالا للبدن المتكون عنها وللنفس المتعلقة به الفائضة عليه المكتسبة لما لها منه ولما يتبع النفس والبدن من الأحوال لأن كيفيات البزرة والنطفة كيفيات لما يتولد عنهما وينشأ منهما قال: وهو مع ذلك ظني وليس من اليقين في شيء وليس هو أيضا من القضاء الإلهي يعني: القدر إنما هو من جملة الأسباب الطبيعية للكائن والقضاء الإلهي سابق على كل شيء هذا محصل كلام بطليموس وأصحابه وهو منصوص في كتبه الأربع وغيره ومنه يتبين ضعف مدارك هذه الصناعة وذلك أن العلم الكائن أو الظن به إنما يحصل عن العلم بجملة أسبابه من الفاعل والقابل والصورة والغاية على ما تبين في موضعه.
والقوى النجومية على ما قرروه إنما هي فاعلة فقط والجزء العنصري هو القابل ثم إن القوى النجومية ليســت هي الفاعلة بجملتها بل هناك قوى أخرى فاعلة معها في الجزء المادي مثل: قوة التوليد للأب والنوع التي في النطفة وقوى الخاصة التي تميز بها صنف صنف من النوع وغير ذلك فالقوى النجومية إذا حصل كمالها وحصل العلم فيها إنما هي فاعل واحد من جملة الأسباب الفاعلة للكائن ثم إنه يشترط مع العلم بقوى النجوم وتأثيراتها مزيد حدس وتخمين وحينئذ يحصل عنده الظن بوقوع الكائن والحدس والتخمين قوى للناظر في فكره وليس من علل الكائن ولا من أصول الصناعة فإذا فقد هذا الحدس والتخمين رجعت أدراجها عن الظن إلى الشك هذا إذا حصل العلم بالقوى النجومية على سداد ولم تعترضه آفة وهذا معوز لما فيه من معرفة حسبانات الكواكب في سيرها لتتعرف به أوضاعها ولما أن اختصاص كل كوكب بقوة لا دليل عليه ومدرك بطلميوس في إثبات القوى للكواكب الخمسة بقياسها إلى الشمس مدرك ضعيف لأن قوة الشمس غالبة لجميع القوى للكواكب الخمسة بقياسها إلى الشمس مدرك ضعيف لأن قوة الشمس غالبة لجميع القوى من الكواكب ومستولية عليها فقل أن يشعر بالزيادة فيها أو النقصان منها عند المقارنة كما قال وهذه كلها قادحة في تعريف الكائنات الواقعة في عالم العناصر بهذه الصناعة.
ثم إن تأثير الكواكب فيما تحتها باطل إذ قد تبين في باب التوحيد أن لا فاعل إلا الله بطريق استدلالي كما رأيته واحتج له أهل علم الكلام بما هو غني عن البيان من أن إسناد الأسباب إلى المسببات مجهول الكيفية والعقل متهم على ما يقضي به فيما يظهر بادي الرأي من التأثير فلعل استنادها على غير صورة التأثير المتعارف والقدرة الإلهية رابطة بينهما كما ربطت جميع الكائنات علوا وسفلا سيما والشرع يرد الحوادث كلها إلى قدرة الله تعالى ويبرأ مما سوى ذلك.
والنبوات أيضا منكرة لشأن النجوم وتأثيراتها واستقراء الشرعيات شاهد بذلك في مثل قوله: إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته وفي قوله: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب وأما من قال: مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب. الحديث الصحيح
فقد بان لك بطلان هذه الصناعة من طريق الشرع وضعف مداركها مع ذلك من طريق العقل مع ما لها من المضار في العمران الإنساني بما تبعث في عقائد العوام من الفساد إذا اتفق الصدق من أحكامها في بعض الأحايين اتفاقا لا يرجع إلى تعليل ولا تحقيق فيلهج بذلك من لا معرفة له ويظن اطراد الصدق في سائر أحكامها وليس كذلك فيقع في رد الأشياء إلى غير خالقها ثم ما ينشأ عنها كثيرا في الدول من توقع القواطع وما يبعث عليه ذلك التوقع من تطاول الأعداء والمتربصين بالدولة إلى الفتك والثورة وقد شاهدنا من ذلك كثيرا فينبغي أن تحظر هذه الصناعة على جميع أهل العمران لما ينشأ عنها من المضاد في الدين والدول ولا يقدح في ذلك كون وجودها طبيعيا للبشر بمقتضى مداركهم وعلومهم فالخير والشرط طبيعتان موجودتان في العالم لا يمكن نزعهما وإنما يتعلق بالتكليف بأسباب حصولهم فيتعين السعي في اكتساب الخير بأسبابه ودفع أسباب الشر والمضار هذا هو الواجب على من عرف مفاسد العلم ومضاره وليعلم من ذلك أنها وإن كانت صحيحة في نفسها فلا يمكن أحدا من أهل الملة تحصيل علمها ولا ملكتها بل إن نظر فيها ناظر وظن الإحاطة بها فهو في غاية القصور في نفس الأمر
فإن الشريعة لما حظرت النظر فيها فقد الاجتماع من أهل العمران لقراءتها والتحليق لتعليمها وصار المولع بها من الناس وهم الأقل وأقل من الأقل إنما يطالع كتبها ومقالاتها في كسر بيته متسترا عن الناس وتحت ربقه الجمهور مع تشعب الصناعة وكثرة فروعها واعتياصها على الفهم فكيف يحصل منها على طائل ونحن نجد الفقه الذي علم نفعه دينا ودنيا وسهلت مآخذه من الكتاب والسنة وعكف الجمهور على قراءته وتعليمه ثم بعد التحقيق والتجميع وطول المدارسة وكثرة المجالس وتعددها إنما يحذق فيه الواحد في الأعصار والأجيال فكيف بعلم مهجور للشريعة مضروب دونه سد الحظر والتحريم مكتوم عن الجمهور صعب المآخذ محتاج بعد الممارسة والتحصيل لأصوله وفروعه إلى مزيد حدس وتخمين يكتنفان به من الناظر فأين التحصيل والحذق فيه مع هذه كلها ومدعى ذلك من الناس مردود على عقبه ولا شاهد له يقوم بذلك لغرابة الفن بين أهل الملة وقلة حملته فاعتبر ذلك يتبين لك صحة ما ذهبنا إليه والله أعلم بالغيب فلا يظهر على غيبة أحدا ومما وقع في هذا المعنى لبعض أصحابنا من أهل العصر عندما غلب العرب عساكر السلطان أبي الحسن وحاصروه بالقيروان وكثر إرجاف الفريقين الأولياء والأعداء وقال في ذلك أبو القاسم الروحي من شعراء أهل تونس:
استغفر الله كل حين ... قد ذهب العيش والهناء
أصبح في تونس وأمسى ... والصبح لله والمساء
الخوف والجوع والمنايا ... يحدثها الهرج والوباء
والناس في مرية وحرب ... وما عسى ينفع المراء
فاحمدي ترى عليا ... حل به الهلك والتواء
وآخر قال سوف يأتي ... به إليكم صبا رخاء
والله من فوق ذا وهذا ... يقضي لعبديه ما يشاء
يا راصد الخنس الجواري ... ما فعلت هذه السماء
مطلتمونا وقد زعمتم ... أنكم اليوم أملياء
من خميس على خميس ... وجاء سبت وأربعاء
ونصف شهر وعشرتان ... وثالث ضمه القضاء
ولا نرى غير زور قول ... أذاك جهل أم ازدراء
إنا إلى الله قدر علمنا ... أن ليس يستدفع القضاء
رضيت بالله لي إلها ... حسبكم البدر أو ذكاء
ما هذه الأنجم السواري ... إلا عباديد أو إماء
يقضي عليها وليس تقضي ... وما لها في الورى اقتضاء
ضلت عقول ترى قديما ... ما شأنه الجرم والفناء
وحكمت في الوجود طبعا ... يحدثه الماء والهواء
لم ترحلوا إزاء مر ... تغذوهمو تربة وماء
الله ربي ولست أدري ... ما الجوهر الفرد والخلاء
ولا الهيولي التي تنادي ... ما لي عن صورة عراء
ولا وجود ولا انعدام ... ولا ثبوت ولا انتفاء
ولست أدري ما الكسب إلا ... ما جلب البيع والشراء
وإنما مذهبي وديني ... ما كان والناس أولياء
إذ لا فصول ولا أصول ... ولا جدال ولا ارتياء
ما تبع الصدر واقتفنينا ... يا حبذا كان الاقتفاء كانوا كما يعلمون منهم ... ولم يكن ذلك الهذاء
يا أشعري الزمان إني ... أشعرني الصيف والشتاء
أنا أجزي بالشر شرا ... والخير عن مثله جزاء
وإنني إن أكن مطيعا ... فرب أعصي ولي رجاء
وإنني تحت حكم بار ... أطاعه العرش والثراء
ليس باستطاركم ولكن ... أتاحه الحكم والقضاء
لو حدث الأشعري عمن ... له إلى رأيه انتماء
فقال أخبرهم بأني ... مما يقولونه براء
انتهى كلامه الشريف ولله دره وعلى الله أجره.

أَسمَاء الْأَوْلَاد

(بَاب أَسمَاء الْأَوْلَاد)
قالَ الأَصمعيّ (1) : يُقالُ: غُلامٌ وطِفْلٌ وجارِيَةٌ وطِفْلَةٌ. [وقَدْ مَرَّ تَمامُ ذلكَ فِي خَلْقِ الإنسانِ (2) ] . (188) ويُقالُ لَهُ من ذَواتِ الحافِرِ: مُهْرٌ، والأُنثى: مُهْرَة، والذُّكورُ: مِهارٌ وأَمهارٌ. وجَمْعُ مُهْرَةٍ،: مُهَرٌ ومُهَراتٌ. وَقَالَ الشاعرُ (3) : خُوصاً يُساقِطْنَ المِهارَ والمُهَرْ وقالَ آخرُ (4) : يَقْذِفْنَ بالمُهَراتِ والأَمْهارِ ثُمَّ هُوَ راضعٌ، وَالْأُنْثَى: راضِعةٌ. فَإِذا نالا من الأَرْض شَيْئا فَهُوَ قارِمٌ وَالْأُنْثَىوالثَّوْلُ: القِطْعَةُ من النَّخْلِ (196) . وذكَرَ عُمَرُ الجرادَ فَقَالَ: (ليتَ لنامنْهُ قَفْعَةً أوْ قَفْعَتَيْنِ) (197) .

غشش

(غ ش ش) : (لَبَنٌ مَغْشُوشٌ) مَخْلُوط بِالْمَاءِ.
غ ش ش : غَشَّهُ غَشَّا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَالِاسْمُ غِشٌّ بِالْكَسْرِ لَمْ يَنْصَحْهُ وَزَيَّنَ لَهُ غَيْرَ الْمَصْلَحَةِ وَلَبَنٌ مَغْشُوشٌ مَخْلُوطٌ بِالْمَاءِ. 
غ ش ش: (غَشَّهُ) يَغُشُّهُ بِالضَّمِّ (غِشًّا) بِالْكَسْرِ، وَشَيْءٌ (مَغْشُوشٌ) . وَ (اسْتَغَشَّهُ) ضِدُّ اسْتَنْصَحَهُ. 
[غشش] غشه يغشه غشا بالكسر. وشئ مغشوش. واستغشه خلاف استنصحه. ولقيته غشاشا بالكسر، أي على عجلة وأنشدت محمودة الكلابية: وما أنسى مقالتها غشاشا * لنا والليل قد طرد النهارا * وصاتك بالعهود وقد رأينا * غراب البين أوكب ثم طارا
[غشش] نه: فيه من "غشنا" فــليس منا، الغش ضد النصح، من الغشش وهو المشرب الكدر؛ أي ليس من أخلاقنا ولا على سنتنا. وفيه: ولا تملأ بيتنا "تغشيشًا"، من الغش، وقيل: من النميمة، والرواية بالمهملة- وقد مر. ن: وهو "غاش" لرعيته، معناه التحذير من غش المسلمين لمن قلده الله تعالى شيئًا من أمرهم في دينهم أو دنياهم، فإن خان فيما ائتمن أو لم ينصح إما بتضييع تعريفهم ما يلزمهم من دينهم أو ترك حمايتهم ومجاهدة عدوهم فقد غشهم.
غ ش ش

ما نصحت أحداً إلا استغشني واغتشني. قال:

ألا ربّ من تغتشه لك ناصح ... ومؤتمن بالغيب غير أمين

وقال أبو النجم:

فظل من عرفان نؤيٍ ناحل ... من الأسى يغتشّ نصح القائل

ورجل غاش من قوم غششة وغشّاشة، وتقول: ما هم إلا قوم غشّاشه، أيديهم بالخيانة رشّاشه. وطعام فلان مغشوش، أعلاه يابس وأسفله مرشوش. وما لقيته إلا غشاشاً وعلى غشاش، وكنت على حدّ غشاش وهو العجلة. وجاؤا مغاشّين للصبح: مبادرين له. قال:

يكون نزول القوم فيها كلا ولا ... غشاشاً ولا يدنون رحلاً إلى رحل

غشش


غَشَّ(n. ac. غَشّ)
a. Deceived, cheated, duped.
b. Counterfeited; falsified; adulterated.
c.(n. ac. غِشّ), Concealed enmity, rancour (bosom).

غَشَّشَa. see I (a)
إِنْغَشَشَ
a. [ coll. ]
see VIII
إِغْتَشَشَa. Allowed himself to be duped; was deceived
deluded.
b. see X
إِسْتَغْشَشَa. Suspected, accused of deceit &c.; considered an
impostor; deemed false.

غَشّa. Greedy.

غِشّa. Deceit, trickery, duplicity; dishonesty, fraud;
forgery.
b. Spuriousness, bad quality.

غُشّ
( pl.
reg. )
a. see 21
غَشَشa. Dark, dull, dim; turbid.

غَاْشِش
(pl.
غِشَش
غَشَاْشَة
غُشَّاْش
29)
a. False, deceitful, dishonest, knavish, tricky; cheat
knave, rogue, cozener, trickster; impostor.

غِشَاْشa. Twilight, dusk; beginning or end of the night.
b. Haste, suddenness, precipitation.

غَشَّاْشa. see 21
N. P.
غَشڤشَa. Falsified, counterfeited; adulterated.

لَقِيْتُهُ غَِشَاشًا
a. I met him in haste.

غَشَرَّب
a. Lion.

غَشْفَل
a. Fox, jackal.
غشش
غشَّ/ غشَّ في غَشَشْتُ، يغُشّ، اغْشُشْ/ غُشَّ، غِشًّا، فهو غاشّ، والمفعول مَغْشوش
• غشَّ صديقَه: خدعه، زيَّن له غير المصلحة مُظهِرًا خلافَ ما يضمر "غشَشت صديقك ولم يُسِئ إليك قطُّ- الغِشّ لا يفلح أبدًا [مثل أجنبيّ]- مَنْ غَشَّنَا فَــلَيْسَ مِنَّا [حديث] ".
• غشَّ الشّيءَ: خلَطه بغيره ممّا هو أرخص منه "غشّ الدقيقَ/ الذّهبَ- كتمان الغِشِّ هو غشٌّ- غشَّ اللَّبنَ: خلطه بالماء".
• غشَّ في الامتحان: استعان بغيره في الإجابة، أو نقل عن غيره في غفلة من الرقيب "يمنع الغشّ- الغش ينقلب على صاحبه". 

أغشَّ يُغشّ، أغشِشْ/ أغِشَّ، إغشاشًا، فهو مُغِشّ، والمفعول مُغَشّ
• أغشَّه: أوقعه في الغشّ، خدَعه "أَغشَّ زميلَه- أغشَّ العسلَ فأفقده نفعَه". 

انغشَّ في ينغشّ، انْغَشِشْ/ انْغَشَّ، انغشاشًا، فهو مُنغشّ، والمفعول مُنغشٌّ فيه
• انغشَّ في أخلاق صديقه: مُطاوع غشَّ/ غشَّ في: غُشّ وانخدع. 

غشَّشَ يغشِّش، تغشيشًا، فهو مُغشِّش، والمفعول مُغشَّش
• غشَّش الطالبُ زميلَه في الامتحان: مكَّنه من الغشّ، أعانه في الإجابة.
• غشَّش فلانًا: بالغ في غشِّه، أو خداعه "ظنَّه مغفّلاً فغشَّشه". 

غاشّ [مفرد]: ج غاشّون وغُشّاشِ وغَشَشَة: اسم فاعل من غشَّ/ غشَّ في. 

غِشّ [مفرد]:
1 - مصدر غشَّ/ غشَّ في.
2 - (قن) خداع مقرون بسوء النيّة وقصد الإضرار بالآخرين. 

غَشّاش [مفرد]: صيغة مبالغة من غشَّ/ غشَّ في: مُخَادِع، كثير الغِشّ "تاجرٌ/ طالبٌ غشّاش- لا تشترِ شيئًا من البائع الغشَّاش". 

مَغْشوش [مفرد]:
1 - اسم مفعول من غشَّ/ غشَّ في.
2 - غير خالص "فضّة مَغْشوشة/ ذهب مَغْشوش: مخلوط بالنحاس- بضاعة/ عُمْلة مَغْشوشة- لبن مَغْشوش: مخلوط بالماء". 

غشش: الغِشُّ: نقيض النُّصْح وهو مأْخوذ من الغَشَش المَشْرَب الكدِر؛

أَنشد ابن الأَعرابي:

ومَنْهَل تَرْوَى به غير غَشَشْ

أَي غير كدر ولا قليل، قال: ومن هذا الغشُّ في البياعات. وفي الحديث:

أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، قال: ليس منَّا من غَشّا: قال أَبو

عبيدة: معناه ليس من أَخْلافِنا الغِش؛ وهذا شبيه بالحديث الآخر: المؤمِنُ

يُطْبَع على كل شيء إِلا الخيانة. وفي رواية: مَنْ غَشَّنا فــليس مِنَّا أَي

ليس من أَخلاقنا ولا على سُنَّتنا. وفي حديث أُم زرع: ولا تَمْلأُ

بَيْتَنا تَغْشِيشاً؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية وهو من الغِشِّ،

وقيل: هو من النميمة، والرواية بالمهملة. وقد غَشَّه غِشّاً: لم يَمْحَضْه

النَّصيحة؛ وشيء مَغْشُوش. ورجل غُشَّ: غاشٌّ، والجمع غُشّونَ؛ قال أَوس بن

حجر:

مُخَلّفون، ويَقْضِي الناسُ أَمْرَهُمُ،

غُشُّو الأَمانةِ صُنْبُورٌ لِصُنْبُورِ

قال: ولا أَعرف له جمعاً مكسّراً، والرواية المشهورة: غُسّو الأَمانةِ.

واستَغَشّه واغْتَشّه: ظن به الغِشَّ، وهو خلافُ اسْتَنْصَحَه؛ قال

كُثيِّر عزة:

فقُلْتُ، وأَسْرَرْتُ النَّدامَةَ: لَيْتَنِي،

وكُنْت امرَأً أَغْتَشُّ كلَّ عَذُولِ،

سَلَكْتُ سَبيلَ الرائِحات عَشِيّةً

مَخارِمَ نِسعٍ، أَو سَلَكْنَ سَبِيلي

واغْتَشَشْتُ فلاناً أَي عَدَدْته غاشًّا؛ قال الشاعر:

أَيا رُبَّ من تَغتَشُّه لك ناصحٌ،

ومُنْتصِحٍ بالغَيْبِ غيرُ أَمِينِ

(* قوله «ومنتصح» في الأساس ومؤتمن.)

وغَشَّ صدْرُه يَغِشُّ غِشّاً: غَلَّ. ورجل غَشٌّ: عظيمُي السُّرّة؛

قال:ليس بغَشٍّ، هَمُّه فيما أَكَلْ

وهو يجوز أَن يكون فَعْلاً وأَن يكون كما ذهب إِليه سيبويه في طَبٍّ

وبَرٍّ من أَنهما فَعِلٌ.

والغِشَاش: أَوّلُ الظُّلْمَة وآخرُها. ولقيه غِشَاشاً وغَشَاشاً أَي

عند الغروب. والغَشَاش والغِشَاش: العَجَلةُ. يقال: لقيتُهُ على غِشَاشٍ

وغَشَاشٍ أَي على عَجَلة؛ حكاها قطرب وهي كِنانيّة؛ وأَنشدتْ محمودةُ

الكلابية:

وما أَنْسَى مَقالَتَها غِشَاشاً

لنا، والليلُ قد طرَدَ النهارَا

وصَاتَكَ بالعُهود، وقد رَأَيْنا

غُرابَ البَيْن أَوْكَبَ، ثم طارَا

الأَزهري: يقال لقيتُه غَشاشاً وغِشاشاً، وذلك عند مُغَيْرِبان الشمس؛

قال الأَزهري: هذا باطل وإِنما يقال لقيته غَشَاشاً وغِشَاشاً، وعلى

غَشَاشٍ وغِشَاشٍ إِذا لقيته على عجلة؛ وقال القَطامي.

على مكانٍ غِشَاشٍ ما يُنيحُ به

إِلا مُغَيِّرُنا، والمُسْتَقِي العَجِل

وقال الفرزدق:

فمَكَّنْتُ سَيْفِي من ذَواتِ رِماحِها

غِشَاشاً، ولم أَحْفَلْ بُكَاءَ رُعائِيا

وروي: مكانَ رعائيا. وشُرْبٌ غِشاشٌ ونوْمٌ غِشَاشٌ، كلاهما: قليلٌ. قال

الأَزهري: شُرْبٌ غِشَاشٌ غير مَرِيءٍ لأَن الماء ليس بصافٍ ولا عَذْب

ولا يَسْتَمْرِئُه شاربُه.

والغَشَشُ: المَشْرب الكدِرُ؛ عن ابن الأَنباري، إِما أَن يكون من

الغِشَاش الذي هو القليل لأًن الشُّرْب يقل منه لكَدَرِه، وإِما أَن يكون من

الغشّ الذي هو ضد النصيحة.

غشش
( {غشه) } يغشه {غشاً: (لم يمحضه النصح، وَأظْهر لَهُ خلاف مَا أضمره) ، وَهُوَ بِعَيْنِه عدم الإمحاض فِي النَّصِيحَة، فَلَا حَاجَة إِلَى إِيرَاده، (} كَغَشَّشَهُ) {تغشيشاً، وَهُوَ مُبَالغَة فِي} الْغِشّ، مَأْخُوذ من {الغشش، وَهُوَ المشرب الكدر، وَمِنْه الحَدِيث: " لَيْسَ منا من} غَشنَا "، أَي لَيْسَ من أَخْلَاقنَا وَلَا على سنتنا، وَفِي حَدِيث أُمِّ زَرْعِ " وَلَا تَمْلُأ بَيْتَنا {تَغْشِيشاً " قَال ابنُ الأَثِيرِ: هَكَذَا جاءَ فِي رِوَايَةٍ، وقِيل: هُوَ من الغِشِّ، وَقيل: [هُوَ] من النَّمِيمَةِ، والرِّوَايَةُ بالمُهْمَلةِ، وَقد ذُكِرَ فِي مَوْضِعِه، وهُوَ} غاشٌّ، وشَىءٌ {مَغْشُوشٌ. (} والغِشُّ: بالكَسْرِ: اسْمٌ مِنْهُ) . (و {الغِشُّ، أَيْضاً: (الغِلُّ والحِقْدُ) ، وَقد غَشَّ صَدْرُه يَغِشُّ إِذا غَلَّ. (ورَجُلٌ} غَشٌّ، بالفَتْحِ: عَظِيمُ السُّرَّةِ) ، هَكَذَا فِي النُّسَجِ، بضَمِّ السِّين المُهْمَلَة وتَشْدِيد الراءِ، وفى بَعْضِها بكَسْرِ الشِّين المُعْجَمَة، وكِلاهُمَا غَلَطٌ، والصَّوَابُ: الشَّرَهِ، مُحَرَّكَةً، قالَ الراجزُ:
(لَيْسَ {بِغَشٍّ هَمُّهُ فِيمَا أَكَلْ ... )
وهُوَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعْلًا، وأَنْ يَكُونَ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ سِيَبَوْيه فِي طَبٍّ وبَرٍّ، مِنْ أَنَّهما فَعِلٌ. (و) } الغُشُّ، (بالضَّمِّ: {الغاشُّ، ج:} غُشُّونَ، قَالَ أَوْسُ بنُ حَجَر:
(مُخَلَّفُونَ ويقَضْيِ النّاسُ أَمْرَهُمُ ... غُشُّو الأَمَاَنِة صُنْبُورٌ فصُنْبُورُ)
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: وَلَا أَعْرِفُ لَهُ جَمْعًا مُكَسَّرًا، والرِّوايَةُ المَشْهُورَةُ " غُسُّو الأَمَانَةِ " بالسِّينِ المُهْمَلَة. وقَدْ تَقَدّم. (و) {الغُشُّ: (ع، م) ، أَىْ مَوْضِعٌ معروفٌ، وَلم أره فِي كِتَابٍ إِن لم يَكُنْ تَصْحِيفا، فانظُرْهُ. (و) الشّيْءُ (المَغْشُوشُ) ، أَى (الغَيْرُ الخَالِصِ) ، مِن الغِشِّ. (} والغَشَشُ، مُحَرَّكَةً: الكَدِرُ المَشُوبُ) ، هَكَذَا فِي النُّسَخ، أَو هُوَ المَشْرَبُ الكَدِرُ، كَمَا هَوَ نَصُّ ابنِ الأَنْبَارِىّ، ونَقَلَه هَكَذَا الأَزْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ، قِيلَ: وَمِنْه أُخِذَ! الغِشُّ نَقِيض النُّصْحِ، وأَنشد ابنُ الأَعْرَابِيِّ:
(ومَنْهَلٍ تَرْوَى بهِ غَيْرِ غَشَشْ ... ) أَيْ غَيْرِ كَدِرٍ وَلَا قَليلٍ. ولَقِيُته {غَشَاشاً، بالكَسْرِ، والفَتْحِ،) ، أَىْ (عَلَى عَجَلَهٍ) . وكَذا لقِيتُه على} غَشَاشٍ، حَكاهَا قُطْرُب، وهِيَ كِنَانِيّة، وأَنْشَدَت مَحْمُودَةُ الكِلابِيَّةُ:
(وَمَا أَنْسَى مَقَالَتَهَا {غَشَاشاً ... لَنَا واللَّيْلُ قَدْ طَردَ النَّهَارَا)

(وَصَاتَكَ بالعُهُودِ وَقد رَأَيْنَا ... غُرَابَ البَيْنِ أَوْكَبَ ثُمَّ طَارَا)
(أَوْ عِنْدَ مُغَيْرِبَانِ الشَّمْسِ) ، حَكاهُ اللّيْثُ، وَقد أَنْكَرَه الأَزْهَرِيُّ، وقالَ: هَذَا بَاطِلٌ، وإِنَّمَا يُقَالُ: لَقِيُته عَشَاشاً وعَلى عَشَاشا، إِذا لَقِيتُه عَلَى عَجَلَةٍ، (أَوْ) لَقِيَه غَشَاشاً، أَىْ (لَيْلاً) ، وهُوَ قَرِيبٌ من قَوْلِ اللَّيْثِ.} والغِشَاشُ، بالكَسْرِ وَحْدََهُ: أَوَّلُ الظُّلْمَةِ وآخِرُهَا. (و) يُقَالُ: (شُرْبٌ {غِشَاشٌ، بالكَسْرِ) ، أى (قَلِيلٌ) ، لكَدَرِه، وكذلِك يَوْمٌ} غِشَاشٌ، (أَو) شُرْبٌ {غِشَاشٌ: (عَجِلٌ، أَو) شُرْبٌ غِشَاشٌ: (غَيْرُ مَرِىءٍ) ، لِأَنَّ المَاء لَيْسَ بِصَافً وَلَا يَسْتَمْرِئُه لِأَن المَاء لَيْسَ بصاف وَلَا يستمرئه شارِبُه، وَهَذَا عَن الأَزْهَرِيّ. (} وأَغْشَشْتُه عَن حَاجَتِهِ: أَعْجَلْتُه) نَقَلَه ابنُ القَطّاعِ. (وجَاءُوا {مُغَاشِّينَ لِلصُّبْحِ: مُبَاِدِرينَ) ، هُنَا نَقَلَه الصّاغاني عَن ابنِ عَبّادٍ، وقَلَّدَهُ المُصَنِّفُ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، والصَّوابُ أَنَّه بالعَيْنِ المُهْمَلَةِ، وقَدْ أَشَرْنَا إِلَيْه، ثُمَّ رَأَيْتُ الزَّمَخْشَرِىَّ ذَكَرَه هُنَا، وكَأَنَّهُ لُغَةٌ فِي العَيْنِ. (} واغْتَشَّهُ {واسْتَغَشَّهُ: ضِدُّ انْتَصَحَه واسْتَنْصَحَه، أَو ظَنَّ بِهِ} الغِشَّ) ، أَوْ عَدَّه {غَاشًّا، قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
(فَقُلْتُ وأَسْرَرْتُ النَّدَامَةَ لَيْتَنِى ... وكُنْتُ امْرَءًا} أَغْتَشُّ كُلَّ عَذُولِ)
وَقَالَ غيرُه:
(أَيارُبَّ مَنْ! تَغْتَشُّه لَكَ ناصِحٌ ... ومُنْتَصِحٍ بالغَيْبِ غَيْرُ أَمِينِ) [] ومّما يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه: {أَغَشَّهُ} إِغْشَاشاً: أَوْقَعَه فِي الغِشِّ. وجَمْعُ {الغاشِّ} غَشَشَهٌ {وغَشّاشَةٌ. وفِضّةٌ} مَغْشُوشَةٌ: مَخْلُوطَةٌ بالنُّحَاسِ.

الْملك

الْملك: بِالضَّمِّ وَسُكُون اللَّام السلطنة - وبفتح الأول وَكسر الثَّانِي السُّلْطَان وَجمعه الْمُلُوك - وَقد يُطلق على عدَّة بقاع وبلاد وأمصار وقريات وأراضيها - وَجَمعهَا الممالك. وَعند أهل الْحَقَائِق عَالم الشَّهَادَة من المحسوسات الْغَيْر العنصرية كالعرش والكرسي وَغير ذَلِك. والعنصرية وَهِي كل جسم يتركب من الاسطقسات الْأَرْبَعَة - (وبالفتحتين) فرشته وَهُوَ جسم لطيف نوارني يتشكل بأشكال مُخْتَلفَة وَكَانَ فِي الأَصْل مألك بِسُكُون الْهمزَة من الألوك بِالْفَتْح أَي الرسَالَة - قدم اللَّام على الْهمزَة فَصَارَ ملئكا وحذفت الْهمزَة للتَّخْفِيف فَصَارَ ملكا. وَإِنَّمَا سمي الْملك ملكا لِأَن الْملك يَأْتِي بالألوك أَي الرسَالَة وَجمعه الْمَلَائِكَة - وبكسر الْمِيم وَسُكُون اللَّام مَالك شدن وَجَاء بِمَعْنى الْمَمْلُوك أَيْضا وَفِي الْفِقْه الْملك بِالْكَسْرِ مَا من شَأْنه أَن يتَصَرَّف بِوَصْف الِاخْتِصَاص بِأَن يتَصَرَّف هُوَ دون غَيره. وَأَيْضًا فِي اصْطِلَاح الْفِقْه الْملك اتِّصَال شَرْعِي بَين الْإِنْسَان وَبَين شَيْء يكون سَببا لتصرفه فِيهِ ومانعا عَن تصرف غَيره فِيهِ كَمَا مر فِي المَال. وَعند الْحُكَمَاء الْملك بِالْكَسْرِ مقولة من المقولات التِّسْعَة للعرض وعرفوه بالهيئة الْحَاصِلَة للجسم بِسَبَب إحاطة جسم آخر ينْتَقل بانتقال الْجِسْم المحاط كالهيئة الْحَاصِلَة للجسم بِسَبَب التعمم والتقمص - وَيُقَال للْملك جدة أَيْضا.
وَإِن أردْت دراية نور الْهِدَايَة لينكشف عَنْك ظلمَة التَّعَارُض وظلام التَّنَاقُض ويتضح لَك صِرَاط مُسْتَقِيم وَطَرِيق قويم إِلَى أَن النِّسْبَة بَين الرّقّ وَالْملك من النّسَب الْأَرْبَع مَا هُوَ فاستمع لما أَقُول إِن أول مَا يُوصف بِهِ الماسور الرّقّ وَلَا يُوصف بِالْملكِ إِلَّا بعد الْإِخْرَاج من دَار الْحَرْب إِلَى دَار الْإِسْلَام وَإِن الْكفَّار فِي دَارهم قبل الْإِحْرَاز والإخراج أرقاء وَإِن لم يكن عَلَيْهِم ملك لأحد فهم حِينَئِذٍ أرقاء لَا مماليك. وَلِهَذَا قَالَ صَاحب جَامع الرموز شرح مُخْتَصر الْوِقَايَة عِنْد شرح ونملك بهما حرهم أَي ونملك نَحن بِالِاسْتِيلَاءِ والإحراز حرهم. وَفِيه إِشْعَار بِأَن الْكفَّار فِي دَارهم أَحْرَار وَــلَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُم أرقاء فِيهَا. وَإِن لم يكن ملك عَلَيْهِم لأحد على مَا فِي عتاق الْمُسْتَصْفى انْتهى. وَإِن الرّقّ خَاص بالإنسان بِخِلَاف الْملك فَإِنَّهُ يُوجد فِيهِ وَفِيمَا سواهُ من سَائِر الْحَيَوَانَات والجمادات كالعروض وَالْعَقار وَهَذِه مُقَدمَات يتَوَقَّف عَلَيْهَا معرفَة النِّسْبَة بَينهمَا فَاعْلَم أَن الْجُمْهُور مِنْهُم صَاحب غَايَة الْبَيَان ذَهَبُوا إِلَى أَن بَينهمَا عُمُوما من وَجه وشارح الْوِقَايَة الَّذِي هُوَ مصَارِع الْعلمَاء خَالف الْجُمْهُور وَتفرد عَنْهُم كَمَا هُوَ دأبه حَيْثُ صرح بِالْعُمُومِ الْمُطلق بَينهمَا.
وتوضيح هَذَا الْمُجْمل أَن حَاصِل عِبَارَات الْجُمْهُور فِي تعريفي الرّقّ وَالْملك أَن الرّقّ هُوَ الذل الَّذِي رَكبه الله تَعَالَى على عباده جَزَاء استنكافهم عَن طَاعَته تَعَالَى. وَالْملك هُوَ تمكن الْإِنْسَان من التَّصَرُّف فِي غَيره. وَقَالَ الْفَاضِل الْكَامِل أَبُو المكارم فِي شرح النقاية أما الْملك فَهُوَ حَالَة شَرْعِيَّة مقتضية لإِطْلَاق التَّصَرُّف فِي محلهَا لَوْلَا الْمَانِع من إِطْلَاقه كملك الْخمر - وَأما الرّقّ فَهُوَ ضعف شَرْعِي فِي الْإِنْسَان يُوجب عَجزه عَن دفع تملك الْغَيْر إِيَّاه وَعَن الْولَايَة كَالشَّهَادَةِ والمالكية. وَفِي مَوضِع آخر وَقد نبهناك أَن الرّقّ أَعم من الْملك من وَجه.
وَقَالَ صَاحب غَايَة الْبَيَان وَاعْلَم أَن بَين الْملك وَالرّق مُغَايرَة لِأَن الرّقّ ضعف حكمي يصير بِهِ الشَّخْص عرضة للتَّمْلِيك والابتذال شرع جَزَاء للكفر الْأَصْلِيّ. وَالْملك عبارَة من الْمُطلق الحاجز أَي الْمُطلق للتَّصَرُّف لمن قَامَ بِهِ الْملك الحاجز عَن التَّصَرُّف لغير من قَامَ بِهِ. وَقد يُوجد الرّقّ وَلَا ملك ثمه كَمَا فِي الْكَافِر الْحَرْبِيّ فِي دَار الْحَرْب والمستأمن فِي دَار الْإِسْلَام لأَنهم خلقُوا أرقاء جَزَاء للكفر وَلَكِن لَا ملك لأحد عَلَيْهِم. وَقد يُوجد الْملك وَلَا رق كَمَا فِي الْعرُوض والبهائم لِأَن الرّقّ مُخْتَصّ ببني آدم وَقد يَجْتَمِعَانِ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرك انْتهى.
فَظهر من هَذَا الْمَذْكُور أَن النِّسْبَة بَينهمَا عِنْدهم الْعُمُوم من وَجه - ومادة الِافْتِرَاق من قبل الرّقّ الْكَافِر الْمُسْتَأْمن فِي دَار الْإِسْلَام وَالْكَافِر فِي دَار الْحَرْب سَوَاء لم يكن مسبيا أَو كَانَ مسبيا لَكِن لم يخرج من دَار الْحَرْب وَلم ينْقل إِلَى دَار الْإِسْلَام لتحَقّق الذل الَّذِي هُوَ جَزَاء الاستنكاف وَوُجُود الضعْف الْحكمِي الَّذِي يَقْتَضِي الْعَجز أَو يصير بِسَبَبِهِ عرضة للْبيع وَلَا ملك لأحد فيهمَا لعدم تملك التَّصَرُّف وَعدم الْمُطلق الحاجز على كلا التفسيرين المتحدين فِي الْمَآل لما مر - وَلِهَذَا لَا يجوز التَّصَرُّف فِي السبايا فِي دَار الْحَرْب بالوطي وَالْبيع أَو غَيرهمَا كَمَا هُوَ مُصَرح فِي مَوْضِعه. ومادة الِافْتِرَاق من جَانب الْملك البهايم وَالْعرُوض مثلا فَإِنَّهَا مَمْلُوكَة لَا مرقوقة لاخْتِصَاص الرّقّ بالإنسان كَمَا علمت - ومادة الِاجْتِمَاع والتصادق السبايا بعد انتقالهم من دَار الْحَرْب إِلَى دَار الْإِسْلَام لما مر. أَلا ترى أَنهم صَرَّحُوا بتحقق الْملك فيهم وَالرّق أَيْضا وَلذَا قَالُوا إِن الرّقّ بَاقٍ إِلَى الْعتْق وَالْعِتْق لَا يكون إِلَّا بعد الِانْتِقَال.
فَإِن قيل صَاحب غَايَة الْبَيَان مثل لمادة الِاجْتِمَاع بِالْعَبدِ الْمُشْتَرك وَخص هَذَا الْمِثَال بِالذكر وَاخْتَارَهُ من الْأَمْثِلَة لَهَا مَعَ خفائه وجلاء مَا سواهُ فِي التطبيق بالممثل فَلَا بُد من مُرَجّح قُلْنَا لما كَانَ فِي الْمِثَال الْمَذْكُور خَفَاء ومظنة أَن لَا يكون مندرجا تَحت الممثل مثله بِهِ ليَكُون متضمنا لدفع تِلْكَ المظنة الَّتِي تنشأ من وَجْهَيْن.

أَحدهمَا: أَنهم صَرَّحُوا بِأَن الرّقّ حق الله تَعَالَى وَالْملك حق العَبْد وَأَن الْملك يتجزى وَالرّق لَا يتجزى فَالْعَبْد الْمُشْتَرك كُله رَقِيق لحقه تَعَالَى وَــلَيْسَ بمملوك لأحد الشَّرِيكَيْنِ وَالْملك الْمُضَاف إِلَى الْمَجْمُوع يُرَاد بِهِ ملك الْمَجْمُوع أَلا ترى أَنه تقرر فِي الْأُصُول أَن رجلا إِذا قَالَ إِن ملكت عبدا فَهُوَ حر فَاشْترى نصفه ثمَّ بَاعه ثمَّ اشْترى نصفه الآخر لَا يعْتق عَلَيْهِ هَذَا النّصْف فَلَو اشْتَمَل الْملك الْمُضَاف إِلَى العَبْد على ملك شقصه لعتق هَذَا النّصْف لتحَقّق الشَّرْط فَفِي الْمِثَال الْمَذْكُور أَعنِي العَبْد الْمُشْتَرك يصدق أَنه لَيْسَ بمملوك لأحد فَإِن كل وَاحِد لَا يملكهُ مَعَ أَنه مرقوق فيظن أَنه لَا يصلح لِأَن يكون مَادَّة الِاجْتِمَاع ومثالا لَهَا.
وَدفع هَذِه المظنة بِأَن يُقَال لَا يلْزم من أَن لَا يكون مَمْلُوكا. لأَحَدهمَا: أَن لَا يكون مَمْلُوكا لكليهما فمجموعه مَمْلُوك لمجموعهما فتحقق الْملك أَيْضا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَجْمُوع فيصلح لِأَن يكون مَادَّة الِاجْتِمَاع ومثالا لَهَا.

وَثَانِيهمَا: أَنه يُمكن أَن يُقَاس العَبْد الْمُشْتَرك على الْغَنِيمَة بعلة الِاشْتِرَاك فَإِن الِاشْتِرَاك مِمَّا هُوَ مَانع عَن الْملك فِي الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة. كَذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون مَانِعا فِي العَبْد الْمُشْتَرك فَلَا يكون مَمْلُوكا لأحد فَلَا يصطلح مثلا لمادة اجْتِمَاع الْملك وَالرّق. وَدفعه بِأَنَّهُ قِيَاس مَعَ الْفَارِق فَإِن الِاشْتِرَاك فِي الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة اشْتِرَاك تعلق الْحُقُوق وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الْملك وَفِي العَبْد الْمُشْتَرك اشْتِرَاك الْملك وَهُوَ يَقْتَضِي الْملك فضلا عَن أَن يكون مَانِعا عَن الْملك.
وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن شَارِح الْوِقَايَة صرح بِالْعُمُومِ الْمُطلق بَين الرّقّ وَالْملك لِأَنَّهُ قَالَ فِي شرح الْوِقَايَة وَاعْلَم أَن الرّقّ هُوَ عجز شَرْعِي يثبت فِي الْإِنْسَان أثرا للكفر وَهُوَ حق الله تَعَالَى. وَأما الْملك فَهُوَ اتِّصَال شَرْعِي بَين الْإِنْسَان وَبَين شَيْء يكون مُطلقًا لتصرفه فِيهِ وحاجزا عَن تصرف الْغَيْر. فالشيء يكون مَمْلُوكا وَلَا يكون مرقوقا لَكِن لَا يكون مرقوقا إِلَّا وَأَن يكون مَمْلُوكا انْتهى.
وَإِنَّمَا نشأت الْمُخَالفَة بتفسيره الرّقّ بِالْعَجزِ الشَّرْعِيّ وَأَنَّهُمْ فسروه بالذل الْمَذْكُور أَو الضعْف المسطور. فالكافر فِي دَار الْحَرْب مسبيا كَانَ أَو لَا عِنْدهم مرقوق لوُجُود الذل والضعف الْحكمِي لَا مماليك لما مر. وَعِنْده الْكَافِر الْغَيْر المسبي فِي دَار الْحَرْب حر لعدم الْعَجز الشَّرْعِيّ فِيهِ لتملكه الشَّهَادَة والمالكية شرعا ولقدرته على دفع تملك الْغَيْر إِيَّاه - فَإِن أحدا لَا يقدر شرعا أَن يَتَمَلَّكهُ فِي ذَلِك الْحِين فَلَا يتَحَقَّق الْعَجز عَن ذَلِك الدّفع الْمَذْكُور إِلَّا بعد الْإِحْرَاز فَحِينَئِذٍ يتَحَقَّق الْملك أَيْضا فَثَبت على مَا عرف الرّقّ بِهِ أَن كل رَقِيق مَمْلُوك وَلَا عكس.
وَلَكِن يرد عَلَيْهِ منع هَذِه الْكُلية بِسَنَد أَن العَبْد الْمَبِيع بِشَرْط خِيَار المُشْتَرِي دون البَائِع رَقِيق وَــلَيْسَ بمملوك عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لِأَنَّهُ يخرج عَن ملك البَائِع وَلَا يدْخل فِي ملك المُشْتَرِي عِنْده خلافًا لَهما. وَأَن العَبْد الَّذِي اشْتَرَاهُ مُتَوَلِّي الْوَقْف لخدمة الْوَقْف فَإِنَّهُ خرج عَن ملك البَائِع للْبيع وَلم يدْخل فِي ملك المُشْتَرِي لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ من مَال الْوَقْف. وَأَن العَبْد من التَّرِكَة المستغرقة بِالدّينِ رَقِيق وَــلَيْسَ بمملوك أَيْضا لِأَنَّهُ خرج عَن ملك الْمَيِّت وَلم يدْخل فِي ملك الْوَرَثَة وَلَا للْغُرَمَاء كَمَا فِي بَحر الرَّائِق وَغَيره.
فَهَذِهِ العبيد الثَّلَاثَة أرقاء وَــلَيْســوا بمماليك فَقَوله لَا يكون مرقوقا إِلَّا وَأَن يكون مَمْلُوكا لَيْسَ بِصَحِيح فَلَا يثبت الْعُمُوم الْمُطلق بَين الرّقّ وَالْملك على مَا عرفهما بِهِ. إِلَّا أَن يُقَال إِنَّه اخْتَار أَن التصادق الْمُعْتَبر فِي النّسَب إِيجَابا وسلبا لَيْسَ بمشروط بِأَن يكون فِي زمَان وَاحِد بل يَكْفِي أَن يصدق كلي فِي زمَان على مَا يصدق عَلَيْهِ الْكُلِّي الآخر وَإِن كَانَ فِي زمَان آخر فَكَمَا أَن بَين النَّائِم والمستيقظ تَسَاويا كَذَلِك بَين النَّائِم المستلقي والمستيقظ عُمُوما مُطلقًا كَمَا ذكرنَا فِي تَحْقِيق التَّسَاوِي فَحِينَئِذٍ يصدق أَن كل مَا هُوَ رَقِيق فَهُوَ مَمْلُوك وَأَن تغاير زَمَانا الصدْق كَمَا يصدق كل نَائِم مستلق فَهُوَ مستيقظ وَإِن كَانَ نَائِما فِي زمَان ومستيقظا فِي زمَان آخر.
فَإِن قيل إِن النزاع بَينه وَبَين الْجُمْهُور لَفْظِي أَو معنوي. قُلْنَا لَفْظِي مَنُوط باخْتلَاف التفسيرين كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ آنِفا بقولنَا وَإِنَّمَا نشأت الْمُخَالفَة بتفسيره الرّقّ إِلَى آخِره. فَإِن قلت اعْترض صَاحب جَامع الرموز شرح مُخْتَصر الْوِقَايَة على شَارِح الْوِقَايَة المُصَنّف لمختصر الْوِقَايَة بقوله فَمَا ذكره المُصَنّف وَغَيره أَن الرّقّ لم يُوجد بِلَا ملك فَلَا يَخْلُو عَن شَيْء فالرق عجز شَرْعِي لأثر الْكفْر انْتهى. فَهُوَ فسر الرّقّ بِمَا فسره بِهِ شَارِح الْوِقَايَة مَعَ أَنه قَائِل بِالْعُمُومِ من وَجه بَينهمَا.
فَيعلم من هَا هُنَا أَن النزاع معنوي قُلْنَا أَرَادَ صَاحب جَامع الرموز بِالْعَجزِ الشَّرْعِيّ مَا هُوَ بِالْقُوَّةِ فَيتَحَقَّق حِينَئِذٍ فِي الْحَرْبِيّ فِي دَار الْحَرْب والمستأمن فِي دَارنَا. وَصَاحب شرح الْوِقَايَة الْقَائِل بِالْعُمُومِ الْمُطلق يُرِيد بِهِ مَا هُوَ فِي الْحَال فَافْتَرقَا. فَإِن قيل أَي شَيْء حمل صَاحب شرح الْوِقَايَة على تَفْسِير الرّقّ بِمَا ذكر وَالْقَوْل بِالْعُمُومِ الْمُطلق بَينه وَبَين الْملك حَتَّى لَزِمته الْمُخَالفَة مَعَ الْجُمْهُور. قُلْنَا لَعَلَّ منشأ ذَلِك التَّفْسِير وَالْقَوْل الْمَذْكُور المستلزم للمخالفة المسطورة مَا رأى من أَنهم جعلُوا اخْتِلَاف الدَّاريْنِ سَببا مُسْتقِلّا من الْمَوَانِع الْخَمْسَة للإرث مَعَ جعلهم الرّقّ أَيْضا سَببا للْمَنْع الْمَذْكُور. فَلَو كَانَ الرّقّ متحققا فِي الْحَرْبِيّ فِي دَار الْحَرْب والمستأمن فِي دَار الْإِسْلَام للغات اعْتِبَار اخْتِلَاف الدَّاريْنِ فَإِن اخْتِلَاف الدَّاريْنِ حَقِيقَة أَو حكما إِمَّا بِأَن يكون بَين مُسلمين بِأَن مَاتَ مُسلم فِي دَار الْإِسْلَام وورثته فِي دَار الْكفْر أَو بِالْعَكْسِ وَهُوَ لَا يمْنَع التَّوَارُث لتصريحهم بجري التَّوَارُث بَينهمَا لاخْتِصَاص منع الِاخْتِلَاف الْمَذْكُور بالكفار كَمَا مر فِي مَوْضُوعه. أَو بَين الذِّمِّيّ وَالْحَرْبِيّ أَو بَين الذِّمِّيّ والمستأمن أَو بَين الْحَرْبِيين فِي دارين أَو المستأمنين من دارين فعلى تَحْقِيق الرّقّ فِي الْحَرْبِيّ والمستأمن ثَبت الْمَنْع عَن الْإِرْث بعلة الرّقّ فَلَا حَاجَة إِلَى عد اخْتِلَاف الدَّاريْنِ سَببا بِرَأْسِهِ وَجعله مَانِعا مُسْتقِلّا من مَوَانِع الْإِرْث.

فَإِن قيل: مَا حَال الْقَائِلين بِالْعُمُومِ من وَجه قُلْنَا الْقَائِلُونَ بِالْعُمُومِ من وَجه يوجهونه بِأَنَّهُم أَرَادوا بِالرّقِّ هُنَاكَ الْملك بطرِيق التَّجَوُّز وينادي على هَذِه الْإِرَادَة استدلالهم على سَبَبِيَّة الرّقّ للْمَنْع عَن الْإِرْث بقَوْلهمْ لِأَن الرَّقِيق مُطلقًا لَا يملك المَال بِسَائِر أَسبَاب الْملك فَلَا يملكهُ أَيْضا بِالْإِرْثِ وَلِأَن جَمِيع مَا فِي يَده من المَال فَهُوَ لمَوْلَاهُ إِلَى آخر مَا ذكره السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره فِي شرح السراجي.
وَأَنت تعلم أَن الْحَرْبِيّ والمستأمن يملكَانِ بِسَائِر أَسبَاب الْملك وَــلَيْسَ لَهما مولى يملك مَا فِي أَيْدِيهِمَا على أَنا لَا نسلم جري التَّوَارُث بَين الْمُسلمين الْمُخْتَلِفين بداري الْكفْر وَالْإِسْلَام مُطلقًا لتصريح صَاحب الْبَسِيط وشارحه بِعَدَمِ التَّوَارُث بَين الْمُسلم المُهَاجر وَالَّذِي لم يُهَاجر فلعلهم عدوا ختلاف الدَّاريْنِ سَببا مُسْتقِلّا لذَلِك.
هَذَا خُلَاصَة مَا كتبني بعد استفساري السَّيِّد الْأَجَل الْعَالم الْعَامِل المتوحد فِي التَّقْرِير. المتفرد فِي التَّحْرِير. علم الْهدى عَلامَة الورى سيد نور الْهدى ابْن أستاذ الْكل فِي الْكل زبدة الْمُحَقِّقين عُمْدَة المدققين ركن الْإِسْلَام وملاذ الْمُسلمين سيد قمر الدّين الْحُسَيْنِي النقشبندي الخجندي البالابوري خلد الله ظلالهما وأفاض على الْعَالمين برهما ونوالهما.
(الْملك) وَاحِد الْمَلَائِكَة أَصله مألك من الألوكة ثمَّ تصرفوا فِي لَفظه لتخفيفه فَقَالُوا ملأك ثمَّ نقلوا حَرَكَة الْهمزَة إِلَى اللَّام وحذفوا الْهمزَة فَقَالُوا ملك (ج) ملائك وملائكة
(الْملك) الْملك (ج) مُلُوك وَمَا ملكت الْيَد من مَال وخول والإرادة الْحرَّة وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {قَالُوا مَا أخلفنا موعدك بملكنا}

(الْملك) مَا يملك ويتصرف فِيهِ (يذكر وَيُؤَنث) (ج) أَمْلَاك وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَللَّه ملك السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وَالتَّمْلِيك وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {إِن آيَة ملكه أَن يأتيكم التابوت}

(الْملك) وَاحِد الْمَلَائِكَة وَالْمَلَائِكَة

(الْملك) الله تَعَالَى وَهُوَ الْمَالِك الْمُطلق وَمَالك الْمُلُوك وَمَالك يَوْم الدّين وَذُو الْملك وَصَاحب الْأَمر والسلطة على أمة أَو قَبيلَة ة أَو بِلَاد (ج) أَمْلَاك وملوك

دهر

دهر: دَهْر، إلى دهر الدهور: إلى الأبد (بوشر).
دَهْرِيّ: أبيقوري. منغمس في اللذات (فوك).
(دهر)
الْقَوْم وبهم أَمر دهرا نزل بهم مَكْرُوه وَيُقَال دهرهم الْجزع
الدهر: هو الآن الدائم الذي هو امتداد الحضرة الإلهية، وهو باطن الزمان، وبه يتَّحِد الأزل والأبد.

دهر


دَهَر(n. ac. دَهْر)
a. Befell (misfortune).
b. Overcame, gained the mastery over.

دَهْر
(pl.
أَدْهُر دُهُوْر أَدْهَاْر)
a. Time; age, generation.
b. Fortune, vicissitudes of fortune.

دَهْرِيّa. One who believes that the soul perishes with the
body.

دَاْهِرa. Prolonged, indefinite.

دِهَاْرa. Indefinite period of time.

دَهِيْرa. see 21
(دهر) - في حديث النَّجاشى، رضي الله عنه: "فلا دهْوَرة اليَوم على حِزب إبراهيم عليه الصلاة والسلام".
قال الجَبَّان: الدَّهْورةُ: جَمعُك الشىءَ وقَذفُك إيَّاه في مَهْواة.
كأَنَّه أراد: لا ضَيعَة عليهم، ولا يُتركُ حِفظُهم وتَعَهُّدهم.
ودَهْورَ اللُّقَم، ودَهْوَر: سَلَح أيضًا. - في حديث أمِّ سليم: "ماذاكِ دَهرُكِ".
يقال: ماذاك دَهْرِى: أي هِمَّتِى وإرادَتِى.
د هـ ر : (الدَّهْرُ) الزَّمَانُ وَجَمْعُهُ (دُهُورٌ) وَقِيلَ: (الدَّهْرُ) الْأَبَدُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ الدَّهْرَ هُوَ اللَّهُ» لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَضِيقُونَ بِالنَّوَازِلِ إِلَيْهِ فَقِيلَ لَهُمْ: لَا تَسُبُّوا فَاعِلَ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى. وَ (الدُّهْرِيُّ) بِالضَّمِّ الْمُسِنُّ وَبِالْفَتْحِ الْمُلْحِدُ. قَالَ ثَعْلَبٌ: كِلَاهُمَا مَنْسُوبٌ إِلَى الدَّهْرِ وَهُمْ رُبَّمَا غَيَّرُوا فِي النَّسَبِ كَمَا قَالُوا: سُهْلِيٌّ لِلْمَنْسُوبِ إِلَى الْأَرْضِ السَّهْلَةِ. 
دهر
الدَّهْرُ: الأبَدُ المَمْدُوْدُ رَجُلٌ دَهْرِيٌ ودَهْرِيُّونَ: أي يقولونَ: " ما يُهْلِكُنا إلاّ الدَّهْرُ " والدَّهارِيْرُ: أوَّلُ الدَّهْرِ. ودَهْرٌ دَهِيْرٌ. طَوِيلٌ. وكانَ ذلك في دَهْرِ النَّجْمِ: أي حِيْنَ يَطْلُعُ. والدَّهْرُ: النازِلَةُ، دَهَرَهُم أَمْرٌ: أي نَزَلَ بهم مُكْرُوْهٌ. وما دَهْري بكَذا: أي ما هَمّي وغايَتي. والدَّهْوَرَةُ: جَمْعُ الشَّيْءِ وقَذْفُه في مَهْوَاةٍ. والدَّهْدُرُّ: الباطِلُ. ويقولونَ: دُهْدُرّانِ لا يُغْنِيانِ عنكَ شَيْئاً، ودُهْدُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنِ يُضْرَبُ مَثَلاً للكَذّابِ الذي يَجْئُ بلَوْنَيْنِ من الدُّرِّ أَسْوَدَ وأبْيَضَ وذا ما لا يكون.
والدُّهْدُوْرُ: الكَذَّابُ. والدَّهْدَرَةُ: تَحْرِيكُ الاسْتِ. وإنَّها لَدَاهِرَةُ الطُّوْلِ: أي طَوِيلةٌ جِدّاً. وإنَّه لَدَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ: بمعنى جَهْوَرِيٍّ، وجَمْعُه دَهْوَرِيُّونَ.
(د هـ ر) : (قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) «لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ الدَّهْرَ هُوَ اللَّهُ وَيُرْوَى فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ» الدَّهْرُ وَالزَّمَانُ وَاحِدٌ وَيُنْشَدُ
إنَّ دَهْرًا يَلُفُّ حَبْلِي بِجُمْلٍ ... لَزَمَانٌ يَهُمُّ بِالْإِحْسَانِ
وَقِيلَ الدَّهْرُ الزَّمَانُ الطَّوِيلُ وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي الْمُعْرِبِ وكَانُوا يَعْتَقِدُونَ فِيهِ أَنَّهُ الطَّارِقُ بِالنَّوَائِبِ وَمَا زَالُوا يَشْكُونَهُ وَيَذُمُّونَهُ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الطَّوَارِقَ الَّتِي تَنْزِلُ بِهِمْ يُنْزِلُهَا اللَّهُ تَعَالَى دُونَ غَيْرِهِ (وَفِي الْحَدِيثِ) أَنَّهُ «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - سُئِلَ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ فَقَالَ لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» قِيلَ إنَّمَا دَعَا عَلَيْهِ لِئَلَّا يَعْتَقِدَ فَرْضِيَّتَهُ أَوْ لِئَلَّا يَعْجِزَ فَيُتْرَكَ الْإِخْلَاصَ أَوْ لِئَلَّا يَسْرُدَ صِيَامَ أَيَّامِ السَّنَةِ كُلِّهَا فَلَا يُفْطِرُ فِي الْأَيَّامِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا عَنْ الْخَطَّابِيِّ.
دهر
الدّهر في الأصل: اسم لمدّة العالم من مبدأ وجوده إلى انقضائه، وعلى ذلك قوله تعالى:
هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ [الدهر/ 1] ، ثمّ يعبّر به عن كلّ مدّة كثيرة، وهو خلاف الزمان، فإنّ الزّمان يقع على المدّة القليلة والكثيرة، ودَهْرُ فلان: مدّة حياته، واستعير للعادة الباقية مدّة الحياة، فقيل: ما دهري بكذا، ويقال: دَهَرَ فلانا نائبة دَهْراً، أي: نزلت به، حكاه (الخليل) ، فالدّهر هاهنا مصدر، وقيل:
دَهْدَرَهُ دَهْدَرَةً، ودَهْرٌ دَاهِرٌ ودَهِيرٌ. وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تسبّوا الدّهر فإنّ الله هو الدّهر» قد قيل معناه: إنّ الله فاعل ما يضاف إلى الدّهر من الخير والشّرّ والمسرّة والمساءة، فإذا سببتم الذي تعتقدون أنه فاعل ذلك فقد سببتموه تعالى عن ذلك . وقال بعضهم : الدّهر الثاني في الخبر غير الدّهر الأوّل، وإنما هو مصدر بمعنى الفاعل، ومعناه: أنّ الله هو الدّاهر، أي: المصرّف المدبّر المفيض لما يحدث، والأول أظهر . وقوله تعالى إخبارا عن مشركي العرب: ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ
[الجاثية/ 24] ، قيل: عني به الزمان.
د هـ ر : الدَّهْرُ يُطْلَقُ عَلَى الْأَبَدِ وَقِيلَ هُوَ الزَّمَانُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَالدَّهْرُ عِنْدَ الْعَرَبِ يُطْلَقُ عَلَى الزَّمَانِ وَعَلَى الْفَصْلِ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ وَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَيَقَعُ عَلَى مُدَّةِ الدُّنْيَا كُلِّهَا قَالَ وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ الْعَرَبِ يَقُولُ أَقَمْنَا عَلَى مَاءِ كَذَا دَهْرًا وَهَذَا الْمَرْعَى يَكْفِينَا دَهْرًا وَيَحْمِلُنَا دَهْرًا قَالَ لَكِنْ لَا يُقَالُ الدَّهْرُ أَرْبَعَةُ أَزْمِنَةٍ وَلَا أَرْبَعَةُ فُصُولٍ لِأَنَّ إطْلَاقَهُ عَلَى الزَّمَنِ الْقَلِيلِ مَجَازٌ وَاتِّسَاعٌ فَلَا يُخَالَفُ بِهِ الْمَسْمُوعُ وَيُنْسَبُ الرَّجُلُ الَّذِي يَقُولُ بِقِدَمِ الدَّهْرِ وَلَا يُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ دَهْرِيٌّ بِالْفَتْحِ عَلَى الْقِيَاسِ وَأَمَّا الرَّجُلُ الْمُسِنُّ إذَا نُسِبَ إلَى الدَّهْرِ فَيُقَالُ دُهْرِيٌّ بِالضَّمِّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَتَدَهْوَرَ
تَدَهْوُرًا سَقَطَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَدَهْوَرَ الرَّمْلُ إذَا انْهَالَ وَسَقَطَ أَكْثَرُهُ وَتَدَهْوَرَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَكْثَرُهُ. 
[دهر] الدَهْرُ: الزمان. قال الشاعر: إنَّ دَهْراً يَلُفُّ شَمْلي بِجُمْلٍ * لَزَمانٌ يَهُمُّ بالإحْسانِ - ويجمع على دهور. ويقال: الدهر: ألا بد. وقولهم: دهرا داهر، كقولهم: أبدا أبيد. وقولهم: دَهْرٌ دَهارِيرُ، أي شديدٌ، كقولهم: ليْلَةٌ لَيْلاءُ، ونَهارٌ أَنْهَرُ، ويَومٌ أَيْوَمُ، وساعةٌ سَوْعاءُ. وأنشد أبو عمرو بن العلاء لرجل من أهل نجد: وبينهما المرءُ في الأحياءِ مُغْتَبِطٌ * إذا هو الرَمْسُ تَعْفوهُ الأَعاصيرُ - حتى كأنْ لم يكنْ إلاّ تَذَكَّرُهُ * والدَهْرُ أَيَّتَما حالٍ دَهاريرُ - ويقال: لا آتيك دَهْرَ الدَاهرين، أي أبداً. وفي الحديث: " لا تَسُبُّوا الدَهْرَ فإنَّ الدهرَ هو الله "، لأنهم كانوا يُضيفون النوازلَ إليه، فقيل لهم: لا تسبُّوا فاعلَ ذلك بكم، فإن ذلك هو الله تعالى. ويقال: دَهَرَ بهم أَمْرٌ، أي نزل بهم. وما ذاك بِدَهْري، أي عادتي. وما دَهْري بكذا، أي هِمَّتي قال مُتَمِّمُ ابن نويرة: لعمري وما دهري بِتأبِينِ هالِكٍ * ولا جَزَعاً مما أَصابَ فأَوْجَعا - والدُهْريُّ بالضم: المُسِنُّ. والدهرى بالفتح: الملحد. قال ثعلب: هما جميعا منسوبان إلى الدهر وهم ربما غيروا في النسب، كما قالوا سهلى بالضم للمنسوب إلى الارض السهلة. ودهورت الشئ، إذا جمعته ثم قذفته في مهواة. يقال: هو يدهور اللقم، إذا كبرها.
[دهر] نه فيه: لا تسبوا "الدهر"، كان من شأن العرب ذم الدهر وسبه عند النوازل ويقولون: أبادهم الدهر، وهو اسم للزمان الطويل ومدة الحياة الدنيا فنهوا عن سبه، أي لا تسبوا فاعلها فإنكم إذا سببتموه وقع السب على الله لأنه الفعال لما يريد، فإن الدهر هو الله، أي جالب الحوادث هو لا غيره، فوضع الدهر موضع الجالب لاشتهار الدهر عندهم به، وروى: فن الله هو الدهر، أي جالب الحوادث لا غير الجالب، ردًا لاعتقادهم أن جالبها الدهر. ك: يسب "الدهر" وأنا "الدهر" أي المدهر أي مقلب الدهر، وروى: الدهر- بالنصب، أي باق فيه، والإيذاء ونحوه من المتشابه، ويأول اليد بالقدرة. ط: وقيل هو ظرف أقلب، وتعقب بأنه لا فائدة للظرفية، فالرفع أولى بمعنى أنا المتصرف المدبر، أو أنا فاعل ما يضاف إلى الدهر من المسرة والمساءة، أو بحذف مضاف أي أنا مقلب الدهر، وهو يذعن لأمري لا اختيار له، فمن ذمه فقد ذمنى. ج: وأنكر الخطابي الرفع بأنه يقتضي كون الدهر من أسمائه الحسنى بل معناه على الظرفية أي أقلب الليل والنهار طول الزمان. بي: وذلك "الدهر" بالنصب أي ذلك مستمر في جميع الأزمان أي لا تختص مغفرة الذنوب بفرض واحد بل عام في فراض الدهر، نه وفيه:
فإن ذا الدهر أطوار دهارير
أي شديد نحو ليلة ليلاء. الزمخشري: هي تصاريف الدهر ونوائبه مشتق من لفظ الدهر ولا واحد له من لفظه، الأزهري: جمع الدهور أراد أن الدهر ذو حالين من بؤس ونعم. وفي ح أبي طالب: لولا أن قريشًا تقول دهره الجزع، لفعلت، من دهره أمر ذا أصابه مكروه. وفيه: ما ذاك "دهرك" أي همتك وإرادتك. وفي ح: النجاشي فلا "دهورة" اليوم على حزب إبراهيم. الدهورة جمعك الشيء وقذفك إياه في مهواة كأنه أراد لا ضيعة عليهم ولا يترك حفظهم وتعهدهم.
دهـر
دَهْر/ دَهَر [مفرد]: ج أَدْهار وأَدْهُر ودُهور:
1 - زمن الحياة الدُّنيا كلّها، مُدَّة بقاء الدُّنيا إلى انقضائها "الدّهرُ كالدّهر والأيّامُ واحدة ... والنّاس كالنّاس والدّنيا لمن غلبا- لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ [حديث] " ° أتَى عليه الدَّهْر: أفناه وأهلكه- أكل عليه الدَّهر وشرِب: طال عمرُه وتأثّر بمرور الزَّمن عليه، بلي من القدم- بناتُ الدَّهر/ صروف الدَّهر: شدائده- تصاريف الدَّهْر: تقلُّباته، نوائبه ومصائبه- تقلُّبات الدَّهْر: الحوادث السَّعيدة أو المؤسفة التي تتتابع في الحياة- تمخَّض الدَّهْرُ بالفتنة: أتى بها وأظهرها- حِدْثان الدَّهْر/ أحداث الدَّهْر/ حوادث الدَّهْر/ أحوال الدَّهْر: نوائبُه ومصائبُه ودواهيه- عصَف به الدَّهرُ: أهلكه ودَمَّره، أباده- عضَّه الدَّهْرُ بنابه: أصابه بشرّه- قرَعتهم قوارعُ الدَّهْر: أصابتهم نوازلُه الشَّديدة- لا آتيك أَبَدَ الدَّهر: لا آتيك أبدا.
2 - مدَّة محدَّدة من الزمن.
3 - نازلة، مصيبة. 

دَهْرِيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى دَهْر/ دَهَر.
2 - ملحد لا يؤمن بالآخرة يقول ببقاء الحياة الدنيا أو بأنّ العالم موجود أزلاً وأبدًا ولا صانعَ له "رَجُلٌ دَهرِيّ". 

دُهْرِيّ [مفرد]:
1 - دَهْريّ، ملحِد لا يؤمن بالآخرة يقول ببقاء الحياة الدنيا أو بأنّ العالم موجود أزلاً وأبدًا ولا صانعَ له.
2 - مُسِنٌّ "رجل دُهْريّ".
3 - حاذق. 

دَهْرِيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى دَهْر/ دَهَر.
2 - (سف) فرقة مادّيّة ظهرت في العهد العبَّاسيّ جحدت الصانع المُدبِّر وقالت بقدم الدَّهر، وبأنّ العالم لم يزل موجودًا كذلك بنفسه، كما أنكرت أيّ شيء لا يمكن إدراكُه بالحواسّ. 
دهر وَقَالَ أَبُو عبيد فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: لَا تسبوا الدَّهْر فَإِن اللَّه هُوَ الدَّهْر. 56 / ب قَوْله: / فَإِن اللَّه هُوَ الدَّهْر وَهَذَا لَا يَنْبَغِي لأحد من أهل الْإِسْلَام أَن يجهل وَجهه. وَذَلِكَ أَن أهل التعطيل يحتجون بِهِ على الْمُسلمين [قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: - وَقد رَأَيْت بعض من يتهم بالزندقة والدهرية يحْتَج بِهَذَا الحَدِيث وَيَقُول: أَلا ترَاهُ يَقُول: فَإِن اللَّه هُوَ الدَّهْر فَقلت: وَهل كَانَ أحد يسب اللَّه فِي آباد الدَّهْر وَقد قَالَ الْأَعْشَى فِي الْجَاهِلِيَّة الجهلاء:

[المنسرح]

اسْتَأْثر اللَّه بِالْوَفَاءِ وبال ... حمد وَولي الْمَلَامَة الرجُلاَ

وَإِنَّمَا تَأْوِيله عِنْدِي وَالله أعلم أَن الْعَرَب كَانَ شَأْنهَا أَن تذم الدَّهْر وتسبه عِنْد المصائب الَّتِي تنزل بهم من موت أَو هرم أَو تلف مَال أَو غير ذَلِك فَيَقُولُونَ: أَصَابَتْهُم قوارع الدَّهْر وأبادهم الدَّهْر وأتى عَلَيْهِم الدَّهْر فيجعلونه الَّذِي يفعل ذَلِك فيذمونه عَلَيْهِ وَقد ذَكرُوهُ فِي أشعارهم قَالَ الشَّاعِر يذكر قوما هَلَكُوا: [الْكَامِل]

فاستأثر الدَّهْر الغداةَ بهم ... والدهر يرميني وَلَا أرمي ... يَا دهر قد أكثرت فجعتنا ... بسراتنا ووقرت فِي العظمِ ... وسلبتَنا مَا لستَ تُعقبنا ... يَا دهر مَا أنصفت فِي الحكمِ

وَقَالَ عَمْرو بْن قميئة: [الطَّوِيل]

رمتني بَنَات الدَّهْر من حَيْثُ لَا أرى ... فَكيف بِمن يُرمي وَــلَيْسَ برام فَلَو أَنَّهَا نبل إِذا لاتقيتها ... ولكنَّما أُرمي بِغَيْر سهامِ

على الراحتين مرّة وعَلى الْعَصَا ... أنوء ثَلَاثًا بعدهن قيامي

فَأخْبر أَن الدَّهْر فعل بِهِ ذَلِك نصف الْهَرم. وَقد أخبر اللَّه تَعَالَى بذلك عَنْهُم فِي كِتَابه [الْكَرِيم -] ثمَّ كذّبهم بقَوْلهمْ فَقَالَ {وَقَالُوْا مَا هِيَ إلاَ حَيَاتُنَا الدُنْيَا نَمُوْتُ وَنْحَيا وَمَا يُهْلِكُنَا إلاَّ الدَّهْرُ} قَالَ اللَّه عز وَجل {ومَا لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّوْنَ} فَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: لَا تسبّوا الدَّهْر على تَأْوِيل لَا تسبوا الَّذِي يفعل بكم هَذِه الْأَشْيَاء ويصيبكم بِهَذِهِ المصائب فَإِنَّكُم إِذا سببتم فاعلها فَإِنَّمَا يَقع السب على اللَّه تَعَالَى لِأَنَّهُ عز وَجل هُوَ الْفَاعِل لَهَا لَا الدَّهْر فَهَذَا وَجه الحَدِيث إِن شَاءَ الله لَا أعرف لَهُ وَجها غَيره. 
(د هـ ر)

الدَّهْرُ: الْأَبَد الْمَمْدُود، وَقيل: الدَّهْر: ألف سنة، وَقد حكى فِيهِ الدَّهْر، بِفَتْح الْهَاء، فإمَّا أَن يكون الدَّهْر والدَّهَرُ لغتين، كَمَا ذهب إِلَيْهِ البصريون فِي هَذَا النَّحْو، فَيقْتَصر على مَا سمع مِنْهُ، وَإِمَّا أَن يكون ذَلِك لمَكَان حرف الْحلق فيطرد فِي كل شَيْء، كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْكُوفِيُّونَ، قَالَ أَبُو النَّجْم:

وجَبَلاً طَالَ مَعَداًّ فَاشْمَخَرّْ

أشَمَّ لَا يَسْطِيُعُهُ النَّاسُ الدَّهَرْ

وَجمع الدَّهرِ أدهُرٌ ودُهُورٌ، وَكَذَلِكَ جمع الدَّهَرِ، لأَنا لم نسْمع أدهارا، وَلَا سمعنَا فِيهِ جمعا إِلَّا مَا قدمنَا من جمع دَهْرٍ.

فَأَما قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تسبوا الدَّهْر فَإِن الله هُوَ الدَّهْر " فَمَعْنَاه أَن مَا أَصَابَك من الدَّهْر فَالله فَاعله، لَيْسَ الدَّهْر، فَإِذا شتمت الدَّهْر فكأنك أردْت بِهِ الله.

وعامله مُداهَرَةً ودِهارا، من الدَّهْرِ، الْأَخير عَن اللحياني، وَكَذَلِكَ اسْتَأْجرهُ مُداهَرَة ودِهارًا، عَنهُ.

وَرجل دُهْرِىٌّ: قديم، نسب إِلَى الدَّهر وَهُوَ نَادِر، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَإِن سميت بدهر لم تقل إِلَّا دهري على الْقيَاس.

وَرجل دهري يَقُول بِبَقَاء الدَّهْر، وَهُوَ مولد.

والدَّهارِيرُ: أول الدَّهرِ فِي الزَّمَان الْمَاضِي وَلَا وَاحِد لَهُ، قَالَ الشَّاعِر:

حَتَّى كأنْ لمْ يكُن إِلَّا تذكُّرُة ... والدَّهرُ أيَّتَماَ حِين دهارير

ودُهورٌ دَهاريرُ: مُخْتَلفَة، على الْمُبَالغَة.

والدَّهرُ: النَّازِلَة.

ودَهَرَهُمْ أَمر: نزل بهم مَكْرُوه.

وَمَا دَهْرِي كَذَا، أَي مَا همتي وغايتي، قَالَ:

لَعَمْرِي وَمَا دَهْرِي بِتأبينِ هالكٍ ... وَلَا جَزعا ممَّا أصابَ فَأوْجَعا

والدَّهْوَرَةُ: جمعك الشَّيْء وقذفك بِهِ فِي مهواة. ودَهْوَرَ اللُّقَمَ مِنْهُ.

وَقيل: دَهْوَرَ اللقم: كبرها.

ودَهْوَرَ: سلح.

ودَهْوَرَ كَلَامه: قحَّم بعضه فِي إِثْر بعض.

ودَهْوَرَ الْحَائِط: دَفعه فَسقط.

وتْدَهَوَرَ اللَّيْل: أدبَرَ.

والدَّهْوَرِيُّ من الرِّجَال: الصلب الضَّرْب.

ودَهْرٌ، ودُهَيرٌ، وداهِرٌ: أَسمَاء.

ودَهْرٌ: اسْم مَوضِع، قَالَ لبيد بن ربيعَة: وأصبحَ راسِيا بِرُضامِ دَهْرٍ ... وسالَ بِهِ الخَمائِلُ فِي الرِّهامِ

والدَّوَاهِرُ: ركايا مَعْرُوفَة، قَالَ الفرزدق:

إِذا لأتى الدَّواهِرَ عَنْ قَريبٍ ... بِخِزْيٍ غَيرِ مَصروفِ العِقالِ

دهر

1 دَهَرَهُمْ أَمْرٌ, (JK, A, K,) and دَهَرَ بِهِمْ أَمْرٌ, (S, TA,) aor. ـَ (K,) An event befell them (S, A) from fate, or fortune: (A:) or an evil event befell them. (JK, K.) In a trad. respecting the death of Aboo-Tálib occur these words [as said by him]: لَوْ لَا أَنًّ قُرَيْشًا تَقُولُ دَهَرَهُ الجَزَعُ لَفَعَلْتُ [Were it not that the tribe of Kureysh would say, Impatience hath befallen him, (or, perhaps, constrained him, from دَهْرٌ signifying “fate,” or overcome him, see what follows,) I would do it]. (TA.) b2: دَهَرَهُ, (Bd in xlv. 23,) inf. n. دَهْرٌ, (K,) He overcame, conquered, subdued, overpowered, or mastered, him; gained the mastery, prevailed, or predominated, over him; or surpassed him. (Bd ubi suprà, B, * K.) 3 عَامَلَهُ مُدَاهَرَةٌ and دِهَارًا is like مُشَاهَرَةً [i. e. it means He made an engagement, or a contract, or bargain, with him to work, or the like, for a long period, or for a constancy; like as مُشَاهَرَةً means“for a month”]. (K.) And in like manner one says, اِسْتَأْجَرَهُ مُدَاهَرَةً and دِهَارًا [He hired him for a long period, or for a constancy]. (Lh, TA.) Q. Q. 1 دَهْوَرَهُ, (S, K,) inf. n. دَهْوَرَةٌ, (TA,) He collected it together, and threw it into a deep place. (S, K.) b2: He pushed it, namely, a wall, so that it fell. (K.) b3: دهوراللُّقَمَ He made the mouthfuls large, (S, A,) or round, (Az,) and gulped them down. (Az, A.) Q. Q. 2 تَدَهْوَرَ It (sand) poured down, and for the most part fell. (Msb.) b2: And hence, He, or it, fell down, from a higher to a lower place. (Msb.) b3: And It (the night) for the most part went: (Msb:) or departed, or retreated. (K, TA.) دَهْرٌ (T, S, M, K, &c.) and ↓ دَهَرٌ, (M, K,) the latter either a dial. var., agreeably with the opinion of the Basrees in cases of this kind, and therefore such cases are limited by the authority of hearsay, or it is so written and pronounced because of the guttural letter, and so is accordant to a universal rule, agreeably with the opinion of the Koofees, (ISd,) Time, from the beginning of the world to its end; (Esh-Sháfi'ee, Az, Msb, Er-Rághib;) as also حِينٌ: (Esh-Sháfi'ee, Az:) this is the primary signification: (Er-Rághib:) and any long period of time; (Z, Mgh, K, Er-Rághib;) thus differing from زَمَانٌ, which will be explained below: (Er-Rághib:) and a portion of the longest period of time: (Az:) or دَهْرٌ signifies, (S, A,) or signifies also, (Az, Msb,) time; or a time; or a space, or period, of time; syn. زَمَانٌ, (Sh, Az, S, A, Mgh, Msb,) whether long or short: (Msb:) or this is the proper signification of زَمَانٌ, but not of دَهْرٌ: (Er-Rághib:) and (tropical:) a division of the year: and (tropical:) a less period: (Az, Msb:) Az says, I have heard more than one of the Arabs say, أَقَمْنَا عَلَى مَآءِ كَذَا دَهْرًا [We stayed at such a water a long time, or a time]; and هٰذَا المَرْعَى يَكْفِينَا دَهْرًا [This pasture-land will suffice us a long time, or a time]; but one does not say that الدَّهْرُ is four times, or four seasons, because its application to (tropical:) a short period of time is tropical, and an extension of its proper signification: (Msb:) or it signifies i. q. أَبَدٌ [meaning a long unlimited time; or an extended indivisible space of time; or duration without end; time without end]; (S, Msb;) it differs from زَمَانٌ in having no end: (Khálid Ibn-Yezeed:) or a prolonged, or lengthened, term; syn. أَبَدٌ مَمْدُودٌ: (K, in some copies of which, in the place of ابد, we find أَمَد:) and (tropical:) the period, or duration, of life; an age: (Kull p. 183:) the present state of existence: (Msb:) and (assumed tropical:) a thousand years: (K:) pl. [of pauc.] أَدْهُرٌ (K) and [of mult.] دُهُورٌ: (S, A, K:) both said to be pls. of دَهْرٌ, and no other pls. are known as those of دَهَرٌ; the form أَدْهَارٌ not having been heard. (TA.) b2: You say مَضَى عَلَيْهِ دَهْرٌ and دُهُورٌ [A long time and long times, or an age and ages, &c., passed over him, or it]. (A.) b3: And كَانَ ذٰلِكَ دَهْرَ النَّجْمِ That was in the time of God's creation of the stars; meaning, in the beginning of time; in ancient time. (A.) b4: [And فِى أَوَّلِ الدَّهْرِ In the beginning of time. (A.) b5: [And يَبْقَى الدَّهْرَ It remains for ever. b6: And لَا آتِيهِ الدَّهْرَ I will not come to him, ever. See also دَاهِرٌ.] b7: And صَامَ الدَّهْرَ [He fasted ever, or always]. (TA in art. اول, &c. [See a trad. cited voce آلَ, in that art.]) b8: [Hence, because, in one sense, time brings to pass events, good and evil,] الدَّهْرُ was applied by the Arabs to Fortune; or fate: and they used to blame and revile it: and as the doing so was virtually blaming and reviling God, since events are really brought to pass by Him, Mohammad forbade their doing thus. (Az, Mgh, TA, &c.) It is said in a trad., لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ الدَّهْرَ هُوَ اللّٰهُ, (S, Mgh, TA, &c.,) or, accord. to one reading, فَإِنَّ اللّٰهُ هُوَ الدَّهْرُ, (Az, Mgh, TA, &c.,) in which some explain الدهر in the first proposition as having a different meaning from that which it has in the second, whereas others assign to it the same meaning in both cases: (TA:) the meaning of the trad. is, Revile ye not [fortune, or] the Efficient of fortune; for the Efficient of fortune is God: (Az, S, TA, &c.:) or, accord. to the second reading, for God is the Efficient of fortune. (TA.) Hence, (TA,) some reckon الدَّهْرُ as one of the names of God: (K, &c.:) but some disallow this: and some say that it is allowable if meant to signify, as rendered above, the Efficient of fortune. (TA, &c.) b9: زَوْجُ دَهْرٍ A husband prepared for the accidents or calamities of fortune. (S in art. بهر. [See بَهْرٌ.]) b10: دَهْرٌ also signifies An evil event or accident; a misfortune; a calamity. (K.) See also دَهَارِيرُ.

[And see 1.] b11: Also A purpose; an intention: (S, K:) a desire: (TA:) the scope, or end that one has in view. (K, TA.) You say, مَا دَهْرِى

بِكَذَا, (S, TA,) and مَا دَهْرِى كَذَا, (TA,) My purpose, or intention, (S, TA,) and my desire, and my scope, or the end that I have in view, (TA,) is not such a thing. (S, TA.) b12: Also (tropical:) A custom, or habit, (S, K,) that is constant, or permanent, (Kull p. 183,) or that lasts throughout life. (TA.) You say, مَا ذَاكَ بِدَهْرِى (tropical:) That is not my custom, or habit, (S,) that lasts throughout my life: (TA:) and مَا دَهْرِى بِكَذَا (tropical:) My habit throughout life is not so. (TA.) دَهَرٌ: see دَهْرٌ.

دَهْرِىٌّ (S, A, Msb, K) and ↓ دُهْرِىٌّ (K) One who deviates from the truth, and introduces into it that which does not belong to it, syn. مُلْحِدٌ; (S, A;) who asserts that the duration of the present world is from eternity, (A, Msb,) or that it is everlasting, (K,) and does not believe in the resurrection, (Msb,) or in the world to come. (TA.) b2: And the latter, (S, A, Msb, K,) or the former, (IAmb,) An old, or aged, man. (IAmb, S, A, Msb, K.) Th says that both are rel. ns. from الدَّهْرُ, though the latter is contr. to rule, [as is also remarked in the Msb,] like سُهْلِىٌّ from الأَرْضُ السَّهْلَةُ. (S.) b3: Some say also that the latter signifies An acute, or ingenious, or expert, man. (TA.) دُهْرِىٌّ: see the next preceding paragraph.

دِهْرَارٌ: see دَهَارِيرُ.

دُهرُورٌ: see دَهَارِيرُ.

دِهْرِيرٌ: see دَهَارِيرُ.

دَهيِرٌ: see دَاهِرٌ.

دَهَارِيرُ, a pl. without a sing.; (K, TA;) or its sing. is ↓ دَهْرٌ, like as the sing. of مَذَاكِيرُ is ذَكَرٌ, and that of مَشَابِهُ, شَبَهٌ; or its sing. is ↓ دُهْرُورٌ, or ↓ دِهْرَارٌ, [in the TA written by mistake دهرات,] or ↓ دِهْرِيرٌ; (TA;) Misfortunes; calamities: as in the phrase وَقَعَ فِى الدَّهَارِيرِ He fell into misfortunes, or calamities. (A, TA.) b2: Also Severe, or calamitous. (S.) It is said in a trad. of Sateeh, فَإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوَارًا دَهَارِيرُ [For verily this age is at times calamitous]. (TA.) دَهْرٌ دَهَارِيرُ, A severe, or calamitous, age, is a phrase like لَيْلَةُ لَيْلَآءُ, and نَهَارٌ أَنْهَرُ, &c.: (S:) [see also دَاهِرٌ:] and it also signifies a time of two states, adverse and prosperous: (TA:) and دُهُورٌ دَهَارِيرٌ, various, or varying, times: (K:) or long times. (A.) [See دَاهِرٌ.] b3: Also دَهَارِيرُ [or rather, as IbrD says, دَهْرُ الدَّهَارِيرِ, for this has the signification immediately following,] The beginning of time past: and [absolutely] preceding, or past, time. (K, TA.) You say كَانَ ذٰلِكَ فِى

دَهْرِ الدَّهَارِيرِ [That was in the beginning of past time: or in the time of by-gone ages]. (TA.) دَهْرٌ دَاهِرٌ (S, K) and ↓ دَهْرٌ دَهِيرٌ (K) are phrases in which the epithet has an intensive effect, [meaning A long, or an endless, period, or course, of time,] (K,) like أَبَدٌ أَبِيدٌ (S, TA) and أَبَدٌ آبِدٌ: (TA:) or a severe, or calamitous, age. (TA.) [See also دَهَارِيرُ.] b2: لَا آتِيكَ دَهْرَ الدَّهِرِينَ I will not come to thee, ever: (S, K:) similar to the phrase أَبَدَ الآبِدِينَ. (TA.) هُمْ مَدْهُورٌ بِهِمٌ, and مَدْهُورُونَ, They are afflicted with an evil event. (K.)

دهر: الدَّهْرُ: الأَمَدُ المَمْدُودُ، وقيل: الدهر أَلف سنة. قال ابن

سيده: وقد حكي فيه الدَّهَر، بفتح الهاء: فإِما أَن يكون الدَّهْرُ

والدَّهَرُ لغتين كما ذهب إِليه البصريون في هذا النحو فيقتصر على ما سمع منه،

وإِما أَن يكون ذلك لمكان حروف الحلق فيطرد في كل شيء كما ذهب إِليه

الكوفيون؛ قال أَبو النجم:

وجَبَلاَ طَالَ مَعَدّاً فاشْمَخَرْ،

أَشَمَّ لا يَسْطِيعُه النَّاسُ، الدَّهَرْ

قال ابن سيده: وجمعُ الدَّهْرِ أَدْهُرٌ ودُهُورٌ، وكذلك جمع الدَّهَرِ

لأَنا لم نسمع أَدْهاراً ولا سمعنا فيه جمعاً إِلاَّ ما قدّمنا من جمع

دَهْرٍ؛ فأَما قوله، صلى الله عليه وسلم: لا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فإِن

الله: هو الدَّهْرُ؛ فمعناه أَن ما أَصابك من الدهر فالله فاعله ليس الدهر،

فإِذا شتمت به الدهر فكأَنك أَردت به الله؛ الجوهري: لأَنهم كانوا يضيقون

النوازل إِلى الدهر، فقيل لهم: لا تسبوا فاعل ذلك بكم فإِن ذلك هو الله

تعالى؛ وفي رواية: فإِن الدهر هو الله تعالى؛ قال الأَزهري: قال أَبو عبيد

قوله فإِن الله هو الدهر مما لا ينبغي لأَحد من أَهل الإِسلام أَن يجهل

وجهه وذلك أَن المُعَطِّلَةَ يحتجون به على المسلمين، قال: ورأَيت بعض من

يُتهم بالزندقة والدَّهْرِيَّةِ يحتج بهذا الحديث ويقول: أَلا تراه يقول

فإِن الله هو الدهر؟ قال: فقلت وهل كان أَحد يسب الله في آباد الدهر؟

وقد قال الأَعشى في الجاهلية:

اسْتَأْثرَ اللهُ بالوفاءِ وبالْـ

ـحَمْدِ، وَوَلَّى المَلامَةَ الرَّجُلا

قال: وتأْويله عندي أَن العرب كان شأْنها أَن تَذُمَّ الدهر وتَسُبَّه

عند الحوادث والنوازل تنزل بهم من موت أَو هَرَمٍ فيقولون: أَصابتهم قوارع

الدهر وحوادثه وأَبادهم الدهر، فيجعلون الدهر الذي يفعل ذلك فيذمونه،

وقد ذكروا ذلك في أَشعارهم وأَخبر الله تعالى عنهم بذلك في كتابه العزيز ثم

كذبهم فقال: وقالوا ما هي إِلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا

إِلاَّ الدهر؛ قال الله عز وجل: وما لهم بذلك من علم إِن هم إِلاَّ يظنون.

والدهر: الزمان الطويل ومدّة الحياة الدنيا، فقال النبي، صلى الله عليه

وسلم: لا تسبوا الدهر، على تأْويل: لا تسبوا الذي يفعل بكم هذه الأَشياء

فإِنكم إِذا سببتم فاعلها فإِنما يقع السب على الله تعالى لأَنه الفاعل لها

لا الدهر، فهذا وجه الحديث؛ قال الأَزهري: وقد فسر الشافعي هذا الحديث

بنحو ما فسره أَبو عبيد فظننت أَن أَبا عبيد حكى كلامه، وقيل: معنى نهي

النبي، صلى الله عليه وسلم، عن ذم الدهر وسبه أَي لا تسبوا فاعل هذه

الأَشياء فإِنكم إِذا سببتموه وقع السب على الله عز وجل لأَنه الفعال لما يريد،

فيكون تقدير الرواية الأُولى: فإِن جالب الحوادث ومنزلها هو الله لا

غير، فوضع الدهر موضع جالب الحوادث لاشتهار الدهر عندهم بذلك، وتقدير

الرواية الثانية: فإِن الله هو الجالب للحوادث لا غير ردّاً لاعتقادهم أَن

جالبها الدهر.

وعامَلَهُ مُدَاهَرَةً ودِهاراً: من الدَّهْرِ؛ الأَخيرة عن اللحياني،

وكذلك اسْتَأْجَرَهُ مُدَاهَرَةً ودِهاراً؛ عنه. الأَزهري: قال الشافعي

الحِيْنُ يقع على مُدَّةِ الدنيا، ويوم؛ قال: ونحن لا نعلم للحين غاية،

وكذلك زمان ودهر وأَحقاب، ذكر هذا في كتاب الإِيمان؛ حكاه المزني في مختصره

عنه. وقال شمر: الزمان والدهر واحد؛ وأَنشد:

إِنَّ دَهْراً يَلُفُّ حَبْلِي بِجُمْلٍ

لَزَمَانٌ يَهُمُّ بالإِحْسانِ

فعارض شمراً خالد بن يزيد وخطَّأَه في قوله الزمان والدهر واحد وقال:

الزمان زمان الرطب والفاكهة وزمان الحرّ وزمان البرد، ويكون الزمان شهرين

إِلى ستة أَشهر والدهر لا ينقطع. قال الأَزهري: الدهر عند العرب يقع على

بعض الدهر الأَطول ويقع على مدة الدنيا كلها. قال: وقد سمعت غير واحد من

العرب يقول: أَقمنا على ماء كذا وكذا دهراً، ودارنا التي حللنا بها تحملنا

دهراً، وإِذا كان هذا هكذا جاز أَن يقال الزمان والدهر واحد في معنى دون

معنى. قال: والسنة عند العرب أَربعة أَزمنة: ربيع وقيظ وخريف وشتاء، ولا

يجوز أَن يقال: الدهر أَربعة أَزمنة، فهما يفترقان. وروى الأَزهري بسنده

عن أَبي بكر. رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال:

أَلا إِنَّ الزمانَ قد اسْتَدارَ كهيئته يومَ خَلَق اللهُ السمواتِ

والأَرضَ، السنةُ اثنا عشر شهراً، أَربعةٌ منها حُرُمٌ: ثلاثَةٌ منها متوالياتٌ:

ذو القَعْدَةِ وذو الحجة والمحرّم، ورجب مفرد؛ قال الأَزهري: أَراد

بالزمان الدهر. الجوهري: الدهر الزمان. وقولهم: دَهْرٌ دَاهِرٌ كقولهم أَبَدٌ

أَبِيدٌ، ويقال: لا آتيك دَهْرَ الدَّاهِرِين أَي أَبداً. ورجل

دُهْرِيٌّ: قديم مُسِنٌّ نسب إِلى الدهر، وهو نادر. قال سيبويه: فإِن سميت

بِدَهْرٍ لم تقل إِلاَّ دَهْرِيٌّ على القياس. ورجل دَهْرِيٌّ: مُلْحِدٌ لا

يؤمن بالآخرة، يقول ببقاء الدهر، وهو مولَّد. قال ابن الأَنباري: يقال في

النسبة إِلى الرجل القديم دَهْرِيٌّ. قال: وإِن كان من بني دَهْرٍ من بني

عامر قلت دُهْرِيٌّ لا غير، بضم الدال، قال ثعلب: وهما جميعاً منسوبان

إِلى الدَّهْرِ وهم ربما غيروا في النسب، كما قالوا سُهْلِيٌّ للمنسوب إِلى

الأَرض السَّهْلَةِ. والدَّهارِيرُ: أَوّل الدَّهْرِ في الزمان الماضي،

ولا واحد له؛ وأَنشد أَبو عمرو بن العلاء لرجل من أَهل نجد، وقال ابن بري:

هو لِعثْيَر

(* قوله: «هو لعثير إلخ» وقيل لابن عيينة المهلبي، قاله

صاحب القاموس في البصائر كذا بخط السيد مرتضى بهامش الأَصل). بن لبيد

العُذْرِيِّ، قال وقيل هو لِحُرَيْثِ بن جَبَلَةَ العُذْري:

فاسْتَقْدِرِ اللهَ خَيْراً وارْضَيَنَّ بهِ،

فَبَيْنَما العُسْرُ إِذا دَارَتْ مَيَاسِيرُ

وبينما المَرْءُ في الأَحياءِ مُغْتَبَطٌ،

إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفُوهُ الأَعاصِيرُ

يَبْكِي عليه غَرِيبٌ ليس يَعْرِفُهُ،

وذُو قَرَابَتهِ في الحَيِّ مَسْرُورُ

حتى كأَنْ لم يكن إِلاَّ تَذَكُّرُهُ،

والدَّهْرُ أَيَّتَمَا حِينٍ دَهارِيرُ

قوله: استقدر الله خيراً أَي اطلب منه أَن يقدر لك خيراً. وقوله: فبينما

العسر، العسر مبتدأٌ وخبره محذوف تقديره فبينما العسر كائن أَو حاضر.

إِذ دارت مياسير أَي حدثت وحلت، والمياسير: جمع ميسور. وقوله: كأَن لم يكن

إِلاَّ تذكره، يكن تامة وإِلاَّ تذكره فاعل بها، واسم كأَن مضمر تقديره

كأَنه لم يكن إِلاَّ تذكره، والهاء في تذكره عائدة على الهاء المقدّرة؛

والدهر مبتدأٌ ودهارير خبره، وأَيتما حال ظرف من الزمان والعامل فيه ما في

دهارير من معنى الشدّة. وقولهم: دَهْرٌ دَهارِيرٌ أَي شديد، كقولهم:

لَيْلَةٌ لَيْلاءُ ونهارٌ أَنْهَرُ ويومٌ أَيْوَمُ وساعَةٌ سَوْعاءُ. وواحدُ

الدَّهارِيرَ دَهْرٌ، على غير قياس، كما قالوا: ذَكَرٌ ومَذاكِيرُ

وشِبْهٌ ومَشَابهِ، فكأَنها جمع مِذْكارٍ ومُشْبِهٍ، وكأَنّ دَهارِير جمعُ

دُهْرُورٍ أَو دَهْرار. والرَّمْسُ: القبر. والأَعاصير: جمع إِعصار، وهي

الريح تهب بشدّة. ودُهُورٌ دَهارِير: مختلفة على المبالغة؛ الأَزهري: يقال

ذلك في دَهْرِ الدَّهارِير. قال: ولا يفرد منه دِهْرِيرٌ؛ وفي حديث

سَطِيح:فإِنَّ ذا الدَّهْرَ أَطْواراً دَهارِيرُ

قال الأَزهري: الدَّهارير جمع الدُّهُورِ، أَراد أَن الدهر ذو حالين من

بُؤْسٍ ونُعْمٍ. وقال الزمخشري: الدهارير تصاريف الدهر ونوائبه، مشتق من

لفظ الدهر، ليس له واحد من لفظه كعباديد. والدهر: النازلة. وفي حديث موت

أَبي طالب: لولا أَن قريشاً تقول دَهَرَهُ الجَزَعُ لفعلتُ. يقال: دَهَرَ

فلاناً أَمْرٌ إِذا أَصابه مكروه، ودَهَرَهُمْ أَمر نزل بهم مكروه،

ودَهَرَ بهم أَمرٌ نزل بهم. وما دَهْري بكذا وما دَهْري كذا أَي ما هَمِّي

وغايتي. وفي حديث أُم سليم: ما ذاك دَهْرُكِ. يقال: ما ذاكَ دَهْرِي وما

دَهْرِي بكذا أَي هَمِّي وإِرادتي؛ قال مُتَمِّم ابن نُوَيْرَةَ:

لَعَمْرِي وما دَهْرِي بِتَأْبِينِ هالِكٍ،

ولا جَزَعاً مما أَصابَ فأَوْجَعَا

وما ذاك بِدَهْري أَي عادتي.

والدَّهْوَرَةُ: جَمْعُك الشيءَ وقَذْفُكَ به في مَهْوَاةٍ؛ ودَهْوَرْتُ

الشيء: كذلك. وفي حديث النجاشي: فلا دَهْوَرَة اليومَ على حِزْبِ

إِبراهيم، كأَنه أَراد لا ضَيْعَةَ عليهم ولا يترك حفظهم وتعهدهم، والواو

زائدة، وهو من الدَّهْوَرَة جَمْعِكَ الشيء وقَذْفِكَ إِياه في مَهْوَاةٍ؛

ودَهْوَرَ اللُّقَمَ منه، وقيل: دَهْوَرَ اللُّقَمَ كبَّرها. الأَزهري:

دَهْوَرَ الرجلُ لُقَمَهُ إِذا أَدارها ثم الْتَهَمَها. وقال مجاهد في قوله

تعالى: إِذا الشمس كُوِّرَتْ، قال: دُهْوِرَتْ، وقال الربيع بن خُثَيْمٍ:

رُمِيَ بها. ويقال: طَعَنَه فَكَوَّرَهُ إِذا أَلقاه. وقال الزجاج في

قوله: فكُبْكِبُوا فيها هم والغَاوونَ؛ أَي في الجحيم. قال: ومعنى كبكبوا

طُرِحَ بعضهم على بعض، وقال غيره من أَهل اللغة: معناه دُهْوِرُوا.

ودَهْوَرَ: سَلَحَ. ودَهْوَرَ كلامَه: قَحَّمَ بعضَه في إِثر بعض. ودَهْوَرَ

الحائط: دفعه فسقط. وتَدَهْوَرَ الليلُ: أَدبر.

والدَّهْوَرِيُّ من الرجال: الصُّلْبُ الضَّرْب.

الليث: رجل دَهْوَرِيُّ الصوت وهو الصُّلْبُ الصَّوْتِ؛ قال الأَزهري:

أَظن هذا خطأَ والصواب جَهْوَرِيُّ الصوت أَي رفيع الصوت.

ودَاهِرٌ: مَلِكُ الدَّيْبُلِ، قتله محمد بن القاسم الثقفي ابن عمر

الحجاج فذكره جرير وقال:

وأَرْضَ هِرَقْل قد ذَكَرْتُ وداهِراً،

ويَسْعَى لكم من آلِ كِسْرَى النَّواصِفُ

وقال الفرزدق:

فإِني أَنا الموتُ الذي هو نازلٌ

بنفسك، فانْظُرْ كيف أَنْتَ تُحاوِلُهْ

فأَجابه جرير:

أَنا الدهرُ يُفْني الموتَ، والدَّهْرُ خالدٌ،

فَجِئْني بمثلِ الدهرِ شيئاً تُطَاوِلُهْ

قال الأَزهري: جعل الدهر الدنيا والآخرة لأَن الموت يفنى بعد انقضاء

الدنيا، قال: هكذا جاء في الحديث.

وفي نوادر الأَعراب: ما عندي في هذا الأَمر دَهْوَرِيَّة ولا

رَخْوَدِيَّةٌ أَي ليس عندي فيه رفق ولا مُهاوَدَةٌ ولا رُوَيْدِيَةٌ ولا

هُوَيْدِيَةٌ ولا هَوْدَاء ولا هَيْدَاءُ بمعنى واحد.

ودَهْرٌ ودُهَيْرٌ ودَاهِرٌ: أَسماء. ودَهْرٌ: اسم موضع، قال لبيد بن

ربيعة:

وأَصْبَحَ رَاسِياً بِرُضَامِ دَهْرٍ،

وسَالَ به الخمائلُ في الرِّهامِ

والدَّوَاهِرُ: رَكايا معروفة؛ قال الفرزدق:

إِذاً لأَتَى الدَّوَاهِرَ، عن قريبٍ،

بِخِزْيٍ غيرِ مَصْرُوفِ العِقَالِ

دهر
: (الدَّهْرُ قد يُعدُّ فِي الأَسماءِ الحُسْنَى) ، لِمَا وَرَدَ فِي الحَدِيث الصَّحيح الَّذِي رَواه أَبو هُرَيْرَةَ يَرْفَعه. قَالَ الله تَعَالَى: (يُؤْذِينِي ابْن آدم يسب الدَّهْر وَإِنَّمَا أَنا الدَّهْر أقلب اللَّيْل وَالنَّهَار) . كَمَا فِي الصَّحِيحَين وغَيْرِهما وَفِي حديثٍ آخرَ: (لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ) وَفِي رِوَايَة أخْرَى (فإِنّ الدَّهْرَ هُوَ الله تَعَالَى) . قَالَ شيخُنا: وعَدُّه فِي الأَسْماءِ الحُسْنَى من الغَرَابة بمَكَانٍ مَكِينٍ، وَقد رَدَّه الحافِظ بنُ حَجَر، وتَعَقَّبَه فِي مَواضِعَ من فَتْحِ البَارِي، وبسَطَه فِي التَّفْسِير وَفِي الأَدب وَفِي التَّوْحِيد، وأَجاد الكلامَ فِيهِ شُرَّاحُ مُسْلِم أَيضاً عِياضٌ والنَّوَوِيّ والقُرْطُبِيُّ وغيرُهُم، وجَمَع كَلامَهم الآبِي فِي الإِكمال. وَقَالَ عِياضٌ: القَوْلُ بأَنَّه من أسماءِ اللَّهِ مَرْدُودٌ غَلَطٌ لَا يَصِحّ، بل هُو مُدَّةُ زَمَانِ الدُّنْيَا، انْتهى.
وَقَالَ الجوهريّ فِي مَعنَى لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ، أَي مَا أَصابَاك من الدَّهْر فاللَّهُ فاعِلُه لَيْس الدَّهْر، فإِذا شتَمْت بِهِ الدَّهْرَ فكأَنَّك أَردْتَ بِهِ اللَّهَ؛ لأَنهم كَانُوا يُضِيفون النَّوَازِلَ إِلى الدَّهْرِ، فَقيل لَهُم: لَا تَسُبُّوا فاعِلَ ذالك بكم، فإِن ذالِك هُو الله تَعَالَى.
ونقَلَ الأَزهرِيّ عَن أَبي عُبَيْد فِي قَوْله: (فإِن الله هُوَ الدَّهْر) مِمَّا لَا يَنْبَغِي لأَحَد من أَهْلِ الإِسْلام أَن يَجْهَل وَجْهَه، وذالك أَن المُعَطِّلة يَحتَجُّون بِهِ على المُسْلِمِين، قَالَ: ورأَيتُ بعضَ مَنْ يُتَّهم بالزَّنْدَقة والدَّهْرِيّة يَحْتَجُّ بهاذا الحَدِيث وَيَقُول: أَلاَ تَراه يَقُول: (فإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْر) . قَالَ: فقُلتُ: وَهل كَانَ أَحَدٌ يَسُبُّ اللَّهَ فِي آبادِ الدَّهْر. وَقد قَالَ الأَعْشَى فِي الجَاهِليّة:
اسْتَأْثَر اللَّهُ بالوفاءِ وبِالْ
حَمْد ووَلأ المَلامَةَ الرَّجُلاَ
قَالَ: وتأْوِيلُه عِنْدِي أَنَّ العَرَب كانَ شأْنُها أَن تَذُمَّ الدّهْرَ وتَسُبَّه عِنْد الحوادِثِ والنوازِلِ تَنلإِلُ بهم، من مَوْت أَوْ هَرَم، فَيَقُولُونَ أَصابَتْهُم قَوَراِعُ الدَّهْرِ وحَوادِثُه، وأَبادَهم الدَّهْرُ، فيَجْعَلُون الدَّهْرَ الَّذِي يَفعل ذالك فيَذُمُّونه، وَقد ذع 2 روا ذالك فِي أَشْعَارهم، وأَخْبَر الله تعالَى عَنْهُم بذالك فِي كِتابِه العَزِيز، فنهاهم النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذالك وَقَالَ (لَا تَسُبُّوا الدّهرَ) على تأْوِيل لَا تَسُبُّوا الَّذِي يَفْعَلُ بكُم هاذِه الأَشْيَاءَ، فإِنَّكُم إِذا سَبَبْتم فاعِلَهَا فَإِنَّمَا يَقَع السَّبُّ على الله، لأَنّه الفاعلُ لَهَا لَا الدَّهْر. فَهذا وَجْهُ الحَدِيثِ.
قَالَ الأَزْهَرِيّ: وَقد فَسَّر الشَّافِعِيُّ هاذا الحديثَ بنَحْوِ مَا فَسَّرَه أَبو عُبَيْد، فظَنَتْت أَنَّ أَبَا عُبَيْد حَكَى كلامَه.
وَقَالَ المُصَنِّف فِي البَصَائر: وَالَّذِي يُحَقِّق هاذا الموضِع ويَفْصِل بَين الرِّوايَتَيْن هُوَ قَوْله: (فإِنَّ الدَّهْرَ هُوَ الله) ، حَقِيقَتُه: فإِنَّ جالبَ الحوادثِ هُوَ اللَّهُ لَا غَيْرُ، فوضَعَ الدَّهْرَ مَوْضِعَ جالِبِ الحَوَادِثِ، كَمَا تَقول: إِنَّ أَبا حَنِيفَة أَبُو يُوسفَ، تُرِيد أَن النِّهَايَة فِي الفِقْه هُوَ أَبُو يُوسفَ لَا غَيره. فتضع أَبا حَنِيفَة مَوْضع ذالِك لشُهْرَتِه بالتَّناهِي فِي فِقْهِه، كَمَا شُهِرَ عندَهم الدَّهْرُ بجَلْبِ الحوادثِ.
ومعنَى الروايَةِ الثانيةِ (إِنَّ اللَّهَ هُو الدَّهْر) ، فإِنَّ اللَّهَ هُوَ الجالِبُ للحوادثِ لَا غَيْرُ، رَدًّا لاعتقادِهم أَنْ جالبَها الدَّهْرُ، كَمَا إِذا قلتَ: إِنَّ أَبا يُوسَف أَبو حَنِيفَةَ، كَانَ المعنَى أَنَّه النِّهَايَة فِي الفِقْه. وَقَالَ بعضُهُم: الدَّهْر الثانِي فِي الحَدِيث غيرُ الأَوّل، وإِنما هُوَ مَصْدَرٌ بمعنَى الفاعلِ، ومَعْنَاه إِنَّ الله هُوَ الدَّهْر، أَي المُصرِّف المُدَبِّر المُفِيض لِمَا يَحْدُث، انْتهى.
قلتُ: وَمَا ذَكَره من التَّفْصِيل وتأْويلِ الرِّوايَتَيْن فَهُوَ بعَيْنه نَصُّ كَلَام الأَزْهَرِيّ فِي التَّهْذِيب، مَا عَدا التَّمْثِيل بأَبِي يُوسفَ وأَبِي حنيفَة.
وأَما القَوْلُ الأَخِيرُ الَّذِي عَزَاه لبَعْضهم فقد صَرّحوا بِهِ، واستَدَلُّوا بالآيةِ {يُدَبّرُ الاْمْرَ يُفَصّلُ الآيَاتِ} (الرَّعْد: 2) ، ونسبُوه للراغِب.
وَقد عَدَّ المُدَبِّرَ فِي الأَسماءِ الحَسَنِى الحَاكْمُ والفِرْيَابِيّ مِن رِوَاية عبد الْعَزِيز بن الحُصَيْن، كَمَا نَقله شيخُنا عَن الفَتْح، ولاكن يخالِفُه مَا فِي المُفْردات لَهُ بَعْد ذِكرِ مَعْنَى الدَّهْرِ تأْوِيل الحَدِيث بنَحْوٍ من كلامِ الشافعيّ وأَبي عُبَيْد، فليُتَأَمَّل ذالك.
قَالَ شيخُنَا: وكأَنّ المُصَنِّف رَحِمه اللَّهُ قَلَّد فِي ذالك الشَّيْخَ مُحْيِيَ الدِّينِ ابنَ عَرِبيّ قُدِّسَ سِرُّه، فإِنَّه قَالَ فِي الْبَاب الثَّالِث وَالسبْعين من الفتوحات: الدَّهرُ من الأَسماءِ الحُسْنَى، كَمَا وَرَدَ فِي الصّحيح. وَلَا يُتَوَهَّم من هاذا القولِ الزَّمَانُ المعرُوف الَّذِي نَعُدُّه من حَرَكَاتِ الأَفْلاَكِ ونَتَخَيَّل من ذالِك دَرَجَاتِ الفَلَك الَّتِي تَقَطَعها الكواكبُ، ذالِك هُوَ الزَّمَان، وكلامُنا إِنَّمَا هُوَ فِي الاسمِ: الدَّهْرِ، ومَقَاماتِه الَّتِي ظهر عَنْهَا الزمانُ، انْتهى.
ونَقَلَه الشيخُ إِبراهيم الكُورانيّ شَيْخُ مَشايخنا، ومالَ إِلى تَصْحيحه. قَالَ: فالمحقِّقون من أَهل الكَشْف عَدُّوه من أَسماءِ اللَّهِ بهاذا المَعْنَى، وَلَا إِشكَالَ فِيهِ. وتَغْلِيطُ عِيَاض الْقَائِل بأَنه من أَسماءِ الله مَبْنِيٌّ على مَا فَسَّره بِهِ من كَوْنِه مُدَّةَ زَمانِ الدُّنْيَا، وَلَا شكّ أَنه بهاذا المعنَى يُغْلَّط صاحبُه. أَما بالمعنَى اللائقِ كَمَا فَسَّره الشيخُ الأَكبرُ، أَو المُدَبِّر المُصْرِّف، كَمَا فسَّره الراغبُ، فَلَا إِشكالَ فِيهِ، فالتغليط لَيْسَ على إِطْلَاقه.
قَالَ شيخُنَا: وَكَانَ الأَشْياخُ يَتوقَّفُون فِي هاذا الْكَلَام بَعْضَ التَّوَقُّفِ لَمَّا عَرَضْته عَلَيْهِم وَيَقُولُونَ: الإِشارات الكَشْفِيّة لَا يُطلَق القَولُ بهَا فِي تَفْسِر الأَحاديثِ الصَّحِي 2 ة المَشْهُورة، وَلَا يُخَالَفُ لأَجلها أَقولاُ أَئِمَّةِ الحديثِ المَشَاهِير، وَالله أَعلم.
(و) قيل الدَّهْر: (الزّمانُ) قَلَّ أَو كَثُر، وهما وَاحدٌ، قَالَه شَمِرٌ، وأَنشد:
إِنَّ دَهْراً يَلُفُّ حَبْلِي بجُمْلٍ
لَزَمانٌ يَهُمُّ بالإِحْسَانِ وَقد عَارَضه خالِدُ بنُ يَزِيدَ وخَطَّأَه فِي قَوْلِهِ: الزّنمانُ والدَّهْر وَاحِد، وَقَالَ: يَكون الزمانُ شهرَيْن إِلى سِتَّة أَشهُرٍ، والدَّهْرُ لَا يَنْقَطَع، فهما يَفْتَرِقَانِ، وَمثله قَالَ الأَزهريّ.
(و) قيل: الدَّهْرُ هُوَ (الزّمانُ الطَّوِيلُ) ، قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ. وإِطلاقُه على القَلِيل مَجازٌ واتِّسَاعٌ، قَالَه الأَزهريّ.
(و) فِي الْمِصْبَاح: الدَّهْر: يُطلقُ على (الأَمَد) ، هاكذا بالمِيمِ فِي النّسخ، وَفِي الأُصول. صَحِيحَة الأَبَد بالمُوحَّدَة، ومِثْله فِي البَصَائر والمِصْباح المُحْكَم، وَزَاد فِي الْمُحكم (المَمْدُود) ، وَفِي البصائر: لَا يَنقطع. (و) قيل: الدَّهْرِ: (أَلفُ سَنَة) . وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ: الدَّهرُ عِنْد العَرَب يَقَع على بَعْض الدَّهْرِ الأَطْوَلِ، وَيَقع على مُدَّةِ الدُّنْيَا كُلِّهَا.
وَفِي الْمُفْردَات للراغب: الدَّهْرُ فِي الأَصْل اسمٌ لمُدَّة العَالَمِ من ابتاءِ وُجُوده إِلى إِنقضائه، وعَلى ذالك قولُه تَعَالَى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مّنَ الدَّهْرِ} (الْإِنْسَان: 1) يُعبَّر بِهِ عَن كُلِّ مدّة كَبِيرَة، بِخِلَاف الزَّمَانِ، فإِنه يَقَعُ على المُدَّةِ القليلة والكَثِيرة.
وَنقل الأَزْهَرِيّ عَن الشّافعيّ: الحِينُ يَقَع على مُدَّةِ الدُّنْيَا ويَوْم، قَالَ: وَنحن لَا نَعْلَم للحِينِ غَايَةً. وكذالك زَمَانٌ ودَهْرٌ وأَحقابٌ. ذُكِر هاذا فِي كتاب الأَيمان، حَكاه المُزَنيّ فِي مُخْتَصره عَنهُ. تُفْتَح الهاءُ، قَالَ ابنُ سِيدَه: وَقد حُكِيَ ذالك، فإِما أَن يكونَا لُغَتَيْن، كَمَا ذَهَب إِليه البَصْرِيّون فِي هاذا النَّحْوِ، فيُقْتَصَر على مَا سُمِعَ مِنْهُ، وإِمّا أَن يكون ذالك لمكانِ حَرْف الحَلْق، فيطَّرِد فِي كُلّ شيءٍ، كَمَا ذَهَبَ إِليه الكُوفِيُّون. قَالَ أَبو النَّجْم:
وَجَبَلاً طَالَ مَعَدًّا فاشْمَخَرّ
أَشَمَّ لَا يَسْطِيعُه النَّاسُ الدَّهْرَ قَالَ ابنُ سِيدَه: و (ج) الدَّهرْ (أَدْهُرٌ ودُهُورٌ) ، وكذالك جَمْع الدَّهَر، لأَنّا لم نَسمع أَدْهَارً وَلَا سمِعْنا فِيهِ جَميعاً إِلاَّ مَا قدَّمناه من جَمْع دَهْر.
(و) الدّهْر: (النّازِلَةُ) ، وهاذا على اعتقادِهم على أَنَّه هُوَ الطَّارِقُ بهَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّمَخْشَرِيّ، ونَقَله عَنهُ المُصَنِّف فِي البَصَائِر. قَالَ: ولذالك اشتَقُّوا من اسْمه دَهَرَ فُلاناً خَطْبٌ، كَمَا سيأْتي قَرِيبا.
(و) الدَّهْر: (الهِمَّةُ) والإِرادَة (والغَايَةُ) ، تَقول: مَا دَهْرِي بِكَذَا، وَمَا دَهْرِي كَذَا، أَي مَا هَمِّي وغايَتِي وإِرادَاتِي. وَفِي حَدِيث أُمِّ سُلَيْمٍ (مَا ذَاكِ دَهْرُكِ) وَقَالَ مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ:
لعَمْرِي وَمَا دَهْرِي بِتَأْبِين هالِكٍ
وَلَا جَزِعاً مِمَّا أَصابَ فَأَوْجَعَا
(و) من المَجاز: الدَّهْر: (العَادَةُ) الباقِيَةُ مُدَّةَ الحَيَاةِ: تَقول: مَا دَهْرِي بِكَذَا مَا ذَاكَ بدَهْرِي. ذكرَهَ الزَّمْخَشَرِيّ فِي الأَساس والمُصَنِّف فِي البَصَائِر.
(و) الدَّهْر: (الغَلَبَةُ) والدّولَة، ذكرَه المصنِّف فِي البَصَائِر.
(والدّهارِيرُ: أَوّلُ الدّهرِ فِي الزَّمن الماضِي، بِلَا واحدٍ) ، كالعَبَادِيد، قَالَه الأَزهريّ.
(و) الدَّهَارِيرُ: (السَّالِفُ) ، وَيُقَال: كَانَ ذالِك فِي دَهْر الدَّهارِير.
وَفِي الأَساس: يُقَال: كَانَ ذالك دَهْرَ النَّجْمِ: ينَ خلقَ اللَّهُ النُّجُومَ، يُرِيد أَوّلَ الزَّمَان وَفِي القديمِ.
(ودُهُورٌ دَهَارِيرُ: مُخْتَلِفَةٌ) ، على الْمُبَالغَة.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الدَّهَارِيرُ: تَصَارِيفُ الدَّهْر ونوَائِبُه. مُشْتَقٌّ من لَفْظِ الدَّهْرِ، لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ من لَفْظِه، كعَبَابِيدَ، انْتهى.
وأَنشد أَبُو عَمْرِو بنُ العَلاَءِ لرَجُل من أَهْل نَجْد. وَقَالَ ابنُ بَرِّيّ، هُوَ لِعثْيَرِ بنِ لَبِيدٍ العُذْرِيّ. وَقيل: هُوَ لحُرَيْث بن جَبَلَةَ العُذْرَيّ.
قلت: وَفِي البصائر للمُصنّفِ: لأَبي عُيَيْنة المُهَلَّبيّ:
فاستَقْدِرِ اللَّهَ خَيْراً وارْضَيَنّ بِهِ
فبَيْنَمَا العُسْرُ إِذا دَارَتْ مَيَاسِيرُ
وبَيْنَمَا المَرْءُ فِي الأَحياءِ مُغْتَبِطُ
إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعَاصِيرُ
يَبْكِي عَلَيْهِ غَرِيبٌ لَيْسَ يَعْرِفُهُ
وذُو قَرَابَتِهِ فِي الحَيِّ مَسْرُورُ
حَتّى كأَنْ لَمْ يَكُنْ إِلّا تَذَكُّرُهُ
والدَّهْرُ أَيَّتَمَا حِينٍ دَهَارِيرُ
قَالَ: وواحِدُ الدَّهارِير: دَهْر، على غَيْر قِيَاس. كَمَا قَالُوا: ذَكَرٌ ومَذاكِير، وشِبْه ومَشَابِيه وَقيل: جَمْع دُهْرورٍ أَو دَهْرَات. وَقيل: دِهْرِير. وَفِي حَدِيث سَطِيح:
فَإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوَاراً دَهَارِيرُ
وَيُقَال: دَهْرٌ دَهَارِيرُ، أَي شَدِيدٌ، كَقَوْلِهِم: لَيْلَةٌ لَيْلاءُ، ونَهَارٌ أَنْهَرُ، ويَوْمٌ أَيْوَمُ، وساعَةُ سَوْعَاءُ.
(و) كَذَا (دَهْرٌ دَهِيرٌ، و) دَهْر (داهِرٌ، مُبَالغَةٌ) ، أَي شَدِيدُ، كَقَوْلِهِم أَبَدٌ آبِدٌ، وأَبَدٌ أَبِيدٌ.
(ودَهَرَهُم أَمرٌ) ، ودَهَرَ بهم، (كمَنع: نزَلَ بهم مَكْرُوهٌ) ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أَصابَهم بِهِ الدَّهْرُ. وَفِي حَدِيث مَوْتِ أَبي طَالب (لَوْلَا أَنَّ قُرَيشاً تَقول دَهَرَه الجَزعُ لفَعلْتُ) (وهم مَدْهورٌ بهم ومَدْهُورُون) ، إِذا نَزَلَ بهم وأَصابَهُم.
(والدَّهْرِيّ) بِالْفَتْح (ويُضمُّ) : المُلْحِدُ الي لَا يُؤْمن بالآخِرة (القَائِلُ بِبقَاءِ الدَّهْرِ) . وَهُوَ مُوَلَّد. قَالَ ثَعْلبٌ: وهما جَمِيعاً مَنْسُوبانِ إِلى الدَّهْر، وهم رُبَّمَا غَيَّرُوا فِي النَّسَب، كَمَا قَالُوا سُهْلِيّ للمَنْسُوب إِلى الأَرضِ السَّهْلَة، واقْتَصَر الزَّمْخَشِريّ على الفَتْح، كَمَا سيأْتي.
(وعَامَلَه مُدَاهرَةً ودِهَاراً، كمُشَاهَرَة) الأَخيرةَ عَن اللِّحْيَانيّ، وكذالِك استَأْجَرَه مُدَاهَرةً ودِهَاراً، عَنهُ.
(ودَهْوَرَهُ) دَهْوَرَةً: (جَمَعَه وقَذَفه) بِهِ (فِي مَهْواةٍ) ، وَقَالَ مُجَاهد فِي قَوْلِه تَعَالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوّرَتْ} (التكوير: 1) قَالَ: دُهْوِرَت. وَقَالَ الرَّبِيع بنُ خُثَيم: رَمَى بهَا.
وَيُقَال: طَعَنَة فكَوَّرةَ، إِذَا أَلْقاه. وَقَالَ بعضُ أَهلِ اللُّغَة فِي تَفْسِير قولِهِ تَعَالَى: {فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} (الشُّعَرَاء: 94) أَي دُهْوِرُوا. وَقَالَ الزَّجّاج أَي طُرِحَ بعضُهم على بَعْض.
وَفِي مجمع الأَمثال للمَيْدَانِيّ:
يُقَال: (دَهْوَرَ الكَلْبُ) إِذا فَرِقَ من الأَسَدَ فنَبَحَ وضَرِطَ (وسَلَحَ) .
(و) دَهْوَرَ (الْكَلَام: فخّمَ بعضَه فِي إِثْر بَعْضٍ) .
(و) دَهْوَرَ (الحائِطَ: دَفَعَه فَسَقَطَ، وتدَهْوَرَ اللَّيْلُ: أَدْبَرَ) ووَلَّى.
(والدَّهْوَرِيُّ: الرّجلُ الصُّلْبُ) الضَّرْبُ. وَقَالَ اللّيث: رَجُلٌ دَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ، وَهُوَ الصُّلْب.
قَالَ الأَزْهَرِيّ: أَظُنُّ هاذا خَطَأً، وَالصَّوَاب جَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ، أَي رَفِيعُ الصَّوتِ.
(ودَهْرٌ) ، بفَتْح فَسُكون: (وادٍ دُونَ حَضْرَموْتَ) . قَالَ لَبِيد بنُ رَبِيعة:
وأَصْبَحَ راسِياً برُضَامِ دَهْرٍ
وسَالَ بِهِ الخَمائِلُ فِي الرِّهَامِ (و) دَهْرُ بن وَدِيعةَ بنِ لُكَيْزٍ (أَبُو قَبِيلَة) ، من عامِرٍ، (والدُّهْرِيّ، بالضَّمّ، نِسْبَةٌ إِليها على غيرِ قِياس) ، من تَغيرات النَّسب. وَهُوَ كَثِيرٌ، كسُهْلِيّ إِلى الأَرْض السَّهْلَة، كَمَا تقدّم عَن ثَعْلَب. قَالَ ابنُ الأَنبارِيّ: يُقَال فِي النّسبة إِلَى الرجل القَدِيم: دَهْرِيّ. قَالَ: وإِن كَانَ من بني دَهْرٍ من بني عامرٍ قُلْتَ: دُهْرِيّ لَا غَيْرُ، بضمّ الدالِ، وَقد تقدَّم عَن ثَعْلَبِ مَا يُخَالِفهُ. وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: فإِن سَمَّيت بدَهْر لم تَقُلْ إِلا دَهْرِيّ، على القِيَاس.
(و) قَالَ الزَّمخْشَرِيّ فِي الأَسَاس والدُّهْرِيّ، بالضَّمّ (: الرَّجلُ المُسِنّ) القدِيم، لكِبَرِه. يُقَال: رَجُلٌ دُهْرِيٌّ، أَي قديمٌ مُسنٌّ نُسِب إِلَى الدَّهْر، وَهُوَ نَادِرٌ، وبالفَتْح: المُلْحِدُ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَة: والدُّهرِيّ أَيضاً بالضَّمّ: الحاذِقُ.
والمصنّف مَشَى على قَول ابنِ الأَنباريّ، وهُنا وَفِي الأَوّل على قَول ثَعْلَب، وفاتَه معنَى الحاذِقِ، فتأَمَّلْ.
(ودَاهِرٌ، ودَهِيرٌ، كأَمِير. من الأَعلامِ. و) يُقَال: (إِنّه لدَاهِرَةُ الطُّولِ: طويلُهُ) جِدًّا.
(ودَاهَرُ كهَاجَر: مَلِك للدَّيْبُلِ) قَصَبة السِّنْد، (قَتَلَه مُحَمَّدُ بنُ القاسِم الثَّقَفِيّ) ابْن عمّ الحَجّاجِ بن يُوسفَ، واستباح الدَّيْبُل (وافتَتَح مِن الدَّيْبُل) إِلى مُولَتَانَ وَهُوَ غَيْر مُنْصِرف للعلميّة والعُجْمَة، ذَكَرَه جَرير فَقَالَ:
وأَرضَ هِرَقْلٍ قد ذَكَرْتُ وَدَاهَراً
ويَسْعَى لَكُم من آلِ كِسْرَى النَّواصِفُ
(و) فِي الصّحاح: (لَا آتِيهِ دَهْرَ الدَّاهِرِينَ) ، أَي (أَبداً) ، كَقَوْلِهِم: أَبدَ الآبِدِين. (و) أَبو بكرٍ (عبدُ الله بنُ حَكِيم الدَّاهِريُّ، ضعِيفٌ) . وَقَالَ الذَّهَبِيّ: اتَّهموه بالوَضحَ. وَقَالَ ابنُ أَبي حَاتِم عَن أَبِيه قَالَ: تَركَ أَبو زُرْعَةَ حَدِيثَهُ وَقَالَ: ضَعِيف، وَقَالَ مَرَّةً: ذاهِبُ الحديثِ.
(وعبدُ السّلام) بنُ بكَرَنَ (الدَّاهِرِيُّ، حَدَّثَ) .
والدَّاهِرُ: بَطْنٌ من مَهْرَةَ من قُضَاعَةَ قَالَه الهَمْدَانيّ.
وجُنَيْد بنُ العَلاءِ بن أَبي دِرَةَ، روى عَنهُ محمّدُ بنُ بِشْر وغيرُه. ودُهَيْرٌ الأَقْطَعُ، كزُبَيْر، عَن ابْن سِيرِين.
وكأَمِيرٍ دَهِيرُ بنُ لُؤَيّ بن ثَعْلَبَةَ، من أَجداد المِقْدَادِ بنِ الأَسودِ.
وَمِمَّا يُسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ:
دَهْرٌ دَهَارِيرُ، أَبي ذُو حَالَيْن من بُؤْس ونُعْم.
والدَهَارِيرُ. تَصَارِيفُ الدَّهْرِ ونَوَائِبُه. وَوَقَعَ فِي الدَّهَارِير: الدَّوَاهِي.
والدَّهْوَرَةُ: الضَّيْعَة وتَرْكُ التَّحَفُّظِ والتَّعَهُّدِ. وَمِنْه حَدِيثُ النَّجَاشيّ: (وَلَا دهْورَةَ اليومَ على حِزْبِ إِبراهِيم) .
ودهْوَرَ اللُّقْمَةَ: كَبَّرَها. وَقَالَ الأَزهرِيُّ. دَهْوَرَ الرَّجلُ لُقْمَةً، إِذا أَدارَهَا ثمّ الْتَهَمَهَا.
وَفِي الأَسَاس: رأَيتُه يَدَهُوِرُ اللُّقَمَ، أَي يُعظِّمها ويَتَلَقَّمُها.
وَفِي نوادِر الأَعْرَابِ: مَا عِنْدي فِي هاذَا الأَمرِ دَهْوَرِيَّةٌ وَلَا هَوْدَاءُ وَلَا هَيْدَاءُ وَلَا رَخْوَدِيَّةٌ، أَي لَيْسَ عِنْدَه فِيهِ رِفْقٌ وَلَا مُهَاوَدَةٌ وَلَا رُوَيْدِيّة.
والدَّوَاهِر: رَكَايَا مَعْرُوفةٌ. قَالَ الْفَرَزْدَق:
إِذاً لأَتَى الدَّواهِرَ عَن قَرِيبٍ
بخِزْيٍ غَيْرِ مَصْرُوفِ العِقَال
ودَهْرَانُ، كسَحْبَان: قَرية بِالْيمن، مِنْهَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَد بنِ مُحمَّد المُقْرِىءِ، حدّثَ.
د هـ ر

مضت عليه أدهر ودهور، وكان ذلك دهر النجم حين خلق الله النجوم: تريد في أول الزمان وفي القديم. ورأيت شيخاً دهرياً دهرياً: مسنا ملحداً يقول بقدم الدهر. ودهرهم أمر: أصابهم به الدهر. ومضت دهور دهارير: طوال. ورأيته يدهور اللقم: يعظمها ويتلقمها. ووقع في الدهاريس وهي الدواهي.

ومن المجاز: ما ذاك بدهري، جعلوا دهره الفعل كونهفيه.

قبر

قبر: {فأقبره}: جعل له قبرا.
(قبر)
الْمَيِّت قبرا دَفنه
بَاب الْقَبْر

الْقَبْر واللحد والرمس والضريح والبرزخ والحافرة والشق 
ق ب ر : الْقَبْرُ مَعْرُوفٌ وَالْجَمْعُ قُبُورٌ وَالْمَقْبُرَةُ بِضَمِّ الثَّالِثِ وَفَتْحِهِ مَوْضِعُ الْقُبُورِ وَالْجَمْعُ مَقَابِرُ وَقَبَرْتُ الْمَيِّتَ قَبْرًا مِنْ بَابَيْ قَتَلَ وَضَرَبَ دَفَنْتُهُ وَأَقْبَرْتُهُ بِالْأَلِفِ أَمَرْتُ أَنْ يُقْبَرَ أَوْ جَعَلْتُ لَهُ قَبْرًا وَالْقُبَّرُ وِزَانُ سُكَّرٍ ضَرْبٌ مِنْ الْعَصَافِيرِ الْوَاحِدَةُ قُبَّرَةٌ وَالْقُنْبُرَةُ لُغَةٌ فِيهَا وَهِيَ بِنُونٍ بَعْدَ الْقَافِ وَكَأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ أَحَدِ حَرْفَيْ التَّضْعِيفِ وَيُضَمُّ الثَّالِثُ وَيُفْتَحُ لِلتَّخْفِيفِ وَالْجَمْعُ قَنَابِرُ. 

قبر


قَبَرَ(n. ac.
قَبْر
مَقْبَر)
a. Buried, interred.

أَقْبَرَa. Had buried, allowed to be buried; allowed to
bury.
b. Made a grave for.

قَبْر
(pl.
قُبُوْر)
a. Grave; tomb, sepulchre.
b. Interment, burial.

قُبَرa. see 11b. A kind of white grape.

قُبَّر
قُبَّرَة
11ta. Lark; sky-lark.

مَقْبَرa. see 17t
مَقْبَرَة
(pl.
مَقَاْبِرُ)
a. Burial-place; graveyard, cemetery.

مَقْبَرِيّa. Sepulchral; belonging to a graveyard.
b. Grave-digger, sexton.

مَقْبِرَة
مَقْبُر
مَقْبُرَةa. see 17t
مَقْبُرِيّa. see 17yi
مِقْبَرَةa. see 17t
قَبُوْرa. Flat, low (ground).
قُبَّاْرa. Birdcatcher's lantern.

N. P.
قَبڤرَa. Interred.

قُنْبَُرَة قُنْبُرَآء (pl.
قَنَابِر)
a. see 11t
قُبْرُس
a. Cyprus.
b. Copper.

قِبْز
a. Short.
b. Miser.

قُبُز
a. A musical instrument.
قبر
القَبْرُ: مَدْفَنُ الانسانِ. والمَقْبَرَةُ والمَقْبُرَةُ: مَوْضِعُه. والفِعْلُ: قَبَرْتُه أقْبُرُه. والإقْبَارُ: أنْ تُهَىءَ له قَبْراً. وقولُه عَزَّ وجلِّ: " ثمَّ أمَاتَهُ فأقْبَرَه " أي جَعَلَه بحالٍ يُقْبَرُ.
والقِبْرُ: مَوضِعٌ مُتَأكِّلٌ مُسْتَرْخٍ في العُوْد.
والقِبِرّى - على وَزْنِ الجِرِشّى -: هو الأنْفُ، يقولون: أتاني رافِعاً قِبِرّاه: إذا شَمَخَ بأنْفِهِ. وقيل: هو العُنُقُ في قَوْلهم: أتاني نافِشاً قِبِرّاه.
والقُبّارُ: سِرَاجُ الصيّادِ باللَّيْل. وقيل: هم قَوْمٌ يَجْتَمِعُونَ لِيَجُرُّوا ما وَقَعَ في الشِّبَاكِ من صَيْدِ البَحْرِ. وقيل: هو جَمْعُ القابِرِ الذي يَدْفُنُ المَيِّتَ.
والقُبَرُ - مُخَفف -: هو القًبَّرُ للطائرِ الذي يسَمّى القُنْبُرَة.
ق ب ر

قبر الميت، وأنت غداً مقبور. وتقول: نقلوا من القصور، إلى القبور، ومن المنابر، إلى المقابر. وهذا مقبر فلان. والبقيع مقبرة المدينة ومقبرتها. قال:

لكل أناسٍ مقبر بفنائهم ... فهم ينقصون والقبور تزيد

ومن المجاز: قولهم للمتكبر: رفع قبرّاه، وجاء رافعاً قبّراه وهي الأنف العظيم كأنها شبّهت بالقبر، كما يقال: رءوس كقبور عادٍ. قال مرادس الدبيريّ:

لقد أتاني رافعاً قبرّاه ... لا يعرف الحق وليس يهواه

وتقول: واكبراه، إذا رفع قبّراه، وتقول: ثبوا على المنابر، فقد خلا الجو للقنابر؛ جمع قنبرة، ويقال لها: القبّرة والقُبَرة والقبّر والقبر.
ق ب ر: (الْقَبْرُ) وَاحِدُ (الْقُبُورِ) وَ (الْمَقْبُرَةُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَاحِدَةُ (الْمَقَابِرِ) . وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ (الْمَقْبُرُ) بِغَيْرِ هَاءٍ. وَ (قَبَرَ) الْمَيِّتَ دَفَنَهُ وَبَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ. وَ (أَقْبَرَهُ) أَمَرَ بِأَنْ يُقْبَرَ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَقْبَرَهُ صَيَّرَ لَهُ قَبْرًا يُدْفَنُ فِيهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21] أَيْ جَعَلَهُ مِمَّنْ يُقْبَرُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ يُلْقَى لِلْكِلَابِ. فَالْقَبْرُ مِمَّا أُكْرِمَ بِهِ بَنُو آدَمَ. وَ (الْقُبَّرَةُ) وَاحِدَةُ (الْقُبَّرِ) وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ. وَ (الْقُنْبُرَاءُ) بِالْمَدِّ وَضَمِّ الْقَافِ وَالْبَاءِ لُغَةٌ فِيهَا وَالْجَمْعُ (الْقَنَابِرُ) . وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: (الْقُنْبُرَةُ) وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي الرَّجَزِ. 
قبر: قبره: دفنه، وعاش بعده، ومحا أثره وجعله منسيا. (بوشر).
أقبر: دفن. (فوك، الكالا).
انقبر: دفن. (فوك، باين سميث 1486).
قبر: يجمع على أقبر أيضا. (رايت) وفي الأغاني (ص69): ورب القبر. وقد ترجمها كوسجارتن إلى اللاتينية بما معناه: ورب البيت المقدس.
قبري: رمسي، ضريحي. (بوشر).
قبرية: حجر القبر، شاهد القبر. (ابن البيطار، 1: 40، 2: 15).
قبرة وفي معجم الكالا قبرة (بالأسبانية caparra والجمع قبر (قبر): قرادة (حشرة تعيش على جلد المجترات والكلاب وتمتص دمها). قرادة الكلب. (فوك الكالا).
قبورات (بالتركية قبور): أفراخ المسدس والطبنجة والغداوة. (هلو).
قبوري، الحجر القبوري: نوع من الجمر. (ابن البيطار 1: 119). ولا أدري إذا ما كان يجب ترجمته بشاهد القبر كما يرى سونثيمر.
حفرة قبورية: حفرة شكلها شكل لحد القبر. (ابن العوام 1: 190، 211، 246).
قبار: حفار القبور. (همبرت ص215).
قبار (باليونانية كاسكسابيس) وواحدته قبارة: كبر (معجم الإدريسي ص297) ويقال له كبار أيضا.
قبار البقلة: عذبة. (بوشر).
قابر: حفار القبور. (الكالا).
مقبرة: تربة، ضريح. (معجم الأسبانية ص168). المقابر (جمع): مقبرة. (معجم الأسبانية ص168).
وفي رياض النفوس (ص79 و): رأيت البارحة قصورا في طرف المقابر مملوءة بالجوهر الخ.
(ق ب ر)

الْقَبْر: مدفن الْإِنْسَان. وَجمعه: قُبُور.

والمقبرة: مَوضِع الْقُبُور. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: الْمقْبرَة: لَيْسَ على الْفِعْل، وَلكنه: اسْم.

وقبره يقبره، ويقبره: دَفنه.

وأقبره: جعل لَهُ قبرا.

وأقبر الْقَوْم قتيلهم: أَعْطَاهُم إِيَّاه يقبرونه. وَأَرْض قُبُور: غامضة.

ونخلة قُبُور: سريعة الْحمل.

وَقيل: هِيَ الَّتِي يكون حملهَا فِي سعفها.

والقبر: مَوضِع متأكل فِي عود الطّيب.

والقبري: الْعَظِيم الْأنف.

وَقيل: هُوَ الْأنف نَفسه.

والقبر: عِنَب ابيض فِيهِ طول، وعناقيده متوسطة، ويزبب.

والقبر، والقبرة، والقنبر، والقنبرة، والقنبراء: طَائِر يشبه الْحمرَة.

والقبار: قوم يتجمعون لجر مَا فِي الشباك من الصَّيْد، عمانية، قَالَ العجاج:

كَأَنَّمَا تجمعُوا قبارا
[قبر] القَبْرُ: واحد القُبور. والمَقْبَرَةُ والمَقْبُرَةُ بفتح الباء وضمها: واحدة المقابِر. وقد جاء في الشعر المَقْبَرُ. وقال عبد الله ابن ثعلبة الحنفي: لكلِّ أناسٍ مَقْبَرٌ بفِنائهِم * فهم ينقُصونَ والقُبورُ تَزيدْ - وهو المَقْبَريُّ والمَقْبُرِيُّ. وقَبَرْتُ الميتَ أقْبُرُهُ قَبْراً، أي دفنته. وأقْبَرْتُهُ، أي أمرت بأن يقبر. قالت تميم للحجاج " أقبرنا صالحا "، وكان قد قتله وصلبه، أي ائذن لنا في أن نقبره. قال لهم: دونكموه. قال ابن السكيت: أقْبَرْتُهُ، أي صيّرت له قَبْراً يدفن فيه. وقوله تعالى:

(ثم أماتَهُ فأقْبَرَهُ) *، أي جعله ممن يُقْبَر، ولم يجعله يلقى للكلاب. وكأنَّ القبر مما أُكرم به بنو آدم. والقُبَّرَةُ: واحدة القُبَّرِ، وهو ضربٌ من الطير. قال طرفة وكان يصطاد هذا الطير في صباه: يا لكِ من قُبَّرَةٍ بمَعْمَرِ * خلا لك الجو فبيضي واصفرى - ونقرى ما شئت أن تنقري * قد ذهب الصياد عنك فابشرى - لابد من صيدك يوما فاصبري * والقنبراء: لغة فيها، والجمع القنابر مثل العنصلاء والعناصل: والعامة تقول: القنبرة، وقد جاء ذلك في الرجز، أنشده أبو عبيدة: جاء الشتاء واجثأل القنبر * وجعلت عين الحرور تسكر - أي يسكن حرها ويخبو. وقنبر: اسم رجل، بالفتح.

قبر

1 قَبَرَ, aor. ـُ and قَبِرَ, inf. n. قَبْرٌ (S, Msb, K) and مَقْبَرٌ, (K,) He buried a corpse; (S, Msb, K:) concealed it in the earth. (TA.) 4 اقبرهُ He made him to be buried: so in the Kur, lxxx. 21: (Fr, S:) where it is meant that man is not made by God to be thrown, when dead, to the dogs, (S,) or to the birds and wild beasts. (Fr.) b2: He ordered that he should be buried. (S, Mgh, Msb.) b3: [He permitted that he should be buried.] The tribe of Temeem said to El-Hejjáj, who had slain Sálih the son of 'Abder-Rahmán, أَقْبِرْنَا صَالِحًا, meaning, Permit us to bury Sálih. (S, * TA.) You say also اقبر القَوْمَ, meaning, He gave them their slain that they might burg him. (K.) b4: He assigned to him, or made for him, a grave (ISk, S, Msb, K) to be buried in it: (S:) he made him to have a grave. (Mgh.) b5: Accord. to some, He ordered him to dig a grave. (TA.) قَبْرٌ A grave, tomb, sepulchre, or place of burial, of a human being: (K:) pl. قُبُور. (S, Msb, K.) قُبَرٌ: see قَبَّرٌ.

قُبَّرٌ (S, Msb, K) and ↓ قُبَرٌ (K) and ↓ قُنْبُرَآءُ (S, K) and ↓ فُنْبُرٌ, this last occurring in a Rejez, to be cited below, (S,) The [lark;] a kind of bird, (S, K,) resembling the حُمَّرَة; (TA;) a kind of small bird; (Msb:) n. un. قُبَّرَةٌ (S, Msb, K) and قُبَرَةٌ (K) and قُنْبُرَةٌ, (S, Msb,) which last is the form used by the vulgar, (S,) or it is not allowable, or it is a form of weak authority, (K,) and is also pronounced قُنْبَرَةٌ: (Msb:) pl. of قنبراء, (S, K,) and of قنبرة, (Msb,) قَنَابِرُ. (S, Msb, K.) AO cites, from a Rejez of Jendel Ibn-El-Muthennà Et-Tahawee, جَآءَ الشِّتَآءُ وَاجْثَأَلَّ القُنْبُرُ [The winter came, and the lark plumed himself]. (S.) قُنْبُرٌ: see قُبَّرٌ.

قُنْبُرَآءُ: see قُبَّرٌ.

مَقْبَرٌ and مَقْبُرٌ: see مَقْبُرَةٌ.

مَقْبُرَةٌ and مَقْبَرَةٌ (S, Mgh, Msb, K) and مَقْبِرَةٌ and مِقْبَرَةٌ (K) and ↓ مَقْبَرٌ, (Lth, S, Mgh,) with fet-h only, (Mgh,) this last occurring in poetry, (S,) but agreeable with analogy, (IB,) and ↓ مَقْبُرٌ. (MF, and TA voce أَلُوكٌ, [under which see some remarks on words of this form in the present work,]) A cemetery, burial-place, or place of graves: (Msb, K:) or the place of a grave: (Mgh:) or the last of the above words has this latter signification: (Lth:) pl. (of مقبرة and مقبر, Mgh) مَقَابِرُ. (S, Mgh, Msb.) مَقْبَرِىٌّ and مَقْبُرِىٌّ applied to a man [A keeper of a cemetery: or of a grave or tomb: or a gravedigger]. (S.)
[قبر] ط: نهى عن الصلاة في "المقبرة"، هي بضم باء وبفتح موضع دفن الموتى، وهذا لاختلاط ترابها بصديد الموتى ونجاساتهم، فإن صلى في مكان طاهر صحت. ج: وكذا إن صلى في الحمام في مكان نظيف. ط: النهى مختص بمقابر مبنوشة للاختلاط المذكور، وقال بظاهره جماعة فكره الصلاة فيها وإن كانت التربة طاهرة. ومنه: لا تجعلوا بيوتكم "مقابر"، أي لا تجعلوها كالقبور فلا تصلوا فيها كالميت لا يصلى في قبره، لقوله: واجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها "قبورا"، وقيل: لا تجعلوها كمقابر لا تجوز الصلاة فيها، والأول أوجه. ك: إذ المناسب على الثاني المقابر لا القبور، قوله: واجعلوا، أي اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، أي النافلة سوى ركعتي الطواف والإحرام والتراويح. ط: أي اجعلوا بعض صلاتكم مؤادة في بيوتكم لتكون منورة وإلا تكون كمقابر لا تصلى فيها، وأيضا من لا يذكر الله كالميت وبيته كالقبر له. وفيه نهى عن زائرات "القبور" والمتخذين عليها السرج، قيل: أذن لهن حين نسخ النهى، وقيل: بقين تحت النهى لقلة صبرهن وكثرة جزعهن، والسرج جميع سراج، ونهى عن الإسراج لأنه تضييع مالي لا نفح أو احترازا عن تعظيم القبور كاتخاذها مساجد وأن كان ثم مسجدًا وغيره ينتفع فيه التلاوة والذكر فلا بأس بالسراج فيه. وح: لا تجعل "قبري" وثناء، أي مثله في التعظيم والعود للزيارة إليه بعد البدء والاستقبال نحوه في السجود كما سمع ونشاهد الآن بعض المزارات. وح: لعن الله اليهود والنصارى واتخذوا "قبور" أنبياء مساجد، كانوا يجعلونها قبلة يسجدون إليها في الصلاة كالوثن، وأما من اتخذ مسجدًا في جوار صالح أو صلى في مقبرة قاصدا به الاستظهار بروحه أو وصول أثر من آثار عبادته إليه لا التوجه نحوه والتعظيم له فلا حرج فيه، ألا يرى أن مرتد إسماعيل في الحجر في المسجد الحرام والصلاة فيه أفضل. وح: أن "نقبر" فيهن، أي ندفن، من قبره - إذا دفنه، من باب نصر وضرب، وأقبره - إذا جعل له قبرا؛ ابن المبارك: أراد صلاة الجنازة. ن: يعني تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات. نه: وفي ح بنى تميم قالوا للحجاج وقد صلب صالحا: "أقبرنا" صالحا، أي أمكنا من دفنه في القبر. وفيه إن الدجال ولد "مقبورا"، أي وضعته أمه وعليه جلده مصمتة ليس فيها ثقب فقالت قابلته: هذه سلعة وليس والدا! فقالت أمه: فيها ولد وهو "مقبور"، فشقوا عنه فاستهل.
قبر
قبَرَ يَقبُر ويَقبِر، قَبْرًا، فهو قابِر، والمفعول مَقْبور
• قبَر الميِّتَ: دفَنه، واراهُ التّرابَ.
• قبَر القضيَّةَ: أخفاها حتى لا يبقى لها أيُّ أثَرٍ "قَبَر سرَّ صديقه ولم يبُحْ به لأحد". 

أقبرَ يُقبر، إقبارًا، فهو مُقبِر، والمفعول مُقبَر
• أقبر فلانًا: دفنه، جعل له قبرًا يُدفَن فيه، وهو من مظاهر تكريم الإنسان، أمّا سائر الأشياء، فتُلقى على الأرض " {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} ". 

قُبَّرة [مفرد]: ج قُبَّرات وقُبَّر: (حن) قُنْبُرة؛ طائر من فصيلة القُبّريّات يقتات من الحشرات والبُذور البرِّيَّة، وهو صغير القَدّ، مستطيل الجناحين، دائم التَّغريد، يعيش في معظم البلاد الحارّة والمعتدلة. 

قبْر [مفرد]: ج قُبور (لغير المصدر):
1 - مصدر قبَرَ.
2 - مَدْفن، مكان يُدْفَنُ فيه الميّتُ "أنزل النَّعْش إلى القَبْر- {وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} " ° حفَرَ قبرَه بيده: تسبَّب في هلاك نفسه- رِجْلهُ في القبر: كناية عن كبر سنِّه أو مرضه الشَّديد- عذاب القبر: مرحلة وسطى بين الدُّنيا والآخرة يُحاسَب فيها الإنسانُ بعد موته ودفنه تسمى البرزخ- قبْر الجنديّ المجهول: نُصُب تُقيمه الدَّولة لتخليد شهدائها في الحرب- كان على حافَّة قبره: كان على وشك الموت، في وضع خطير أو قريب من الهلاك- كان كالخارج من قَبْر: كانت نُذُر الموت على وجهه. 

مَقْبَرة [مفرد]: ج مَقْبَرات ومقابِرُ: اسم مكان من قبَرَ: مكان الدَّفن، ويقال لها: التُّربة والجَبَّانة والقرافة "يوجد كثير من المقابر الفرعونيّة لم تُكتشَف حتى الآن- {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ. حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} " ° مَقْبرة الشُّهداء: مجتمع جثثهم- هذا البلد هو مَقْبرة الغُزاة: منيع لا يمكن لغازٍ أن يغزوه. 

قبر: القَبْرُ: مدفن الإِنسان، وجمعه قُبُور، والمَقْبَرُ المصدر.

والمَقْبرَة، بفتح الباء وضمها: موضع القُبُور. قال سيبويه: المَقْبُرة ليس

على الفعل ولكنه اسم. الليث: والمَقْبَرُ أَيضاً موضع القبر، وهو

المَقْبَريّ والمَقْبُرِيّ. الجوهري: المَقْبَرَة والمَقْبُرة واحدة المقابر، وقد

جاء في الشعر المَقْبَرُ؛ قال عبد الله بن ثعلبة الحَنَفيّ:

أَزُورُ وأَعْتادُ القُبورَ، ولا أَرَى

سِوَى رَمْسِ أَعجازٍ عليه رُكُودُ

لكلِّ أُناسٍ مَقْبَرٌ بفِنائِهم،

فهمْ يَنْقُصُونَ، والقُبُورُ تَزِيدُ

قال ابن بري: قول الجوهري: وقد جاء في الشعر المَقْبَرُ، يقتضي أَنه من

الشاذ، قال: وليس كذلك بل هو قياس في اسم المكان من قَبَرَ يَقْبُرُ

المَقْبَرُ، ومن خرج يَخْرُجُ المَخْرَج، ومن دخل يَدْخُلُ المَدْخَل، وهو

قياس مطَّرد لم يَشِذَّ منه غيرُ الأَلفاظِ المعروفة مثل المَبِيتِ

والمَسْقِطِ والمَطْلِع والمَشْرِقِ والمَغْرِب ونحوها. والفِناء: ما حول الدار،

قال: وهمزته منقلبة عن واو بدليل قولهم شجرة فَنْواء أَي واسعة الفناء

لكثرة أَغصانها. وفي الحديث: نهى عن الصلاة في المَقْبُرَة؛ هي موضع دفن

الموتى، وتضم باؤها وتفتح، وإِنما نهى عنها لاختلاط ترابها بصديد الموتى

ونجاساتهم، فإِن صلى في مكان طاهر منها صحت صلاته؛ ومنه الحديث: لا تجعلوا

بيوتَكم مَقابر أَي لا تجعلوها لكم كالقبور لا تصلون فيها لأَن العبد

إِذا مات وصار في قبره لم يُصَلّ، ويشهد له قوله فيه: اجعلوا من صلاتكم في

بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً، وقيل: معناه لا تجعلوها كالمقابر لا تجوز

الصلاة فيها، قال: والأَول الوجه.

وقَبَره يَقْبِره ويَقْبُره: دفنه. وأَقْبره: جعل له قبراً. وأَقْبَرَ

إِذا أَمر إِنساناً بحفر قبر. قال أَبو عبيدة: قالت بنو تميم للحجاج وكان

قتل صالح بن عبد الرحمن: أَقْبِرْنا صالحاً أَي ائذن لنا في أَن نَقْبره،

فقال لهم: دونكموه. الفراء في قوله تعالى: ثم أَماته فأَقبره، أَي جعله

مقبوراً ممن يُقْبَرُ ولم يجعله ممن يُلْقَى للطير والسباع ولا ممن

يُلْقَى في النواويس، كان القبر مما أُكرم به المسلم، وفي الصحاح: مما أُكرم

به بنو آدم، ولم يقل فقَبَره لأَن القابر هو الدافن بيده، والمُقْبِرُ هو

الله لأَنه صيره ذا قَبْر، وليس فعله كفعل الآدمي. والإِقْبار: أَن

يُهَيِّءَ له قبراً أَو يُنْزِلَهُ مَنْزِله. وفي الحديث عن ابن عباس، رضي

الله عنهما، أَن الدجال وُلِدَ مقبوراً، قال أَبو العباس: معنى قوله ولد

قبوراً أَن أُمه وضعته وعليه جلدة مُصْمَتة ليس فيها شق ولا نَقْبٌ، فقالت

قابلته: هذه سِلْعة وليس ولداً، فقالت أُمه: بل فيها ولد وهو مقبور فيها،

فشقوا عنه فاستهلَّ. وأَقْبره: جعل له قبراً يُوارَى فيه ويدفن فيه.

وأَقبرته: أَمرت بأَن يُقْبَر. وأَقْبَر القومَ قتيلَهم: أَعطاهم إِياه

يَقْبُرونه. وأَرض قَبُور: غامضة. ونخلة قَبُور: سريعة الحمل، وقيل: هي التي

يكون حملها في سَعَفها، ومثلها كبَوس.

والقِبْرُ: موضع مُتأَكِّل في عُود الطيب. والقِبِرَّى: العظيم الأَنف،

وقيل: هو الأَنف نفسه. يقال: جاء فلان رامِعاً قِبرّاه ورامِعاً أَنفه

إِذا جاء مُغْضَباً، ومثله: جاء نافخاً قِبِرَّاه ووارماً خَوْرَمَتُه؛

وأَنشد:

لما أَتانا رامِعاً قِبِرَّاه،

لا يَعْرِفُ الحقَّ وليس يَهْواه

ابن الأَعرابي: القُبَيْرَةُ تصغير القِبِرَّاة، وهي رأْس القَنْفاء.

قال: والقِبِرَّاة أَيضاً طَرَفُ الأَنف، تصغيره قُبَيرة.

والقُبَرُ: عنب أَبيض فيه طُولٌ وعناقيده متوسطة ويُزَبَّب.

والقُبَّرُ والقُبَّرة والقُنْبَرُ والقُنْبَرة والقُنْبَراء: طائر يشبه

الحُمَّرة. الجوهري: القُبَّرة واحدة القُبَّر، وهو ضرب من الطير؛ قال

طَرَفَة وكان يصطاد هذا الطير في صباه:

يا لكِ من قُبَّرةٍ بمَعْمَرِ،

خَلا لكِ الجَوُّ فبيضِي واصْفِرِي،

ونَقِّرِي ما شِئْتِ أَن تُنَقِّرِي،

قد ذهبَ الصَّيَّادُ عنكِ فابْشِرِي،

لا بُدَّ من أَخذِكِ يوماً فاصْبرِي

قال ابن بري:

يا لكِ من قُبَّرَةٍ بمعمر

لكُلَيْبِ بن ربيعة التغلبي وليس لطَرَفَة كما ذكر، وذلك أَن كليب بن

ربيعة خرج يوماً في حِماه فإِذا هو بقُبَّرَة على بيضها، والأَكثر في

الرواية بحُمَّرَةٍ على بيضها، فلما نظرت إِليه صَرْصَرَتْ وخَفَقَتْ

بجناحيها، فقال لها: أَمِنَ رَوْعُك، أَنت وبيضك في ذمتي ثم دخلت ناقة البَسُوس

إِلى الحِمَى فكسرت البيض فرماها كليب في ضَرْعها. والبَسُوس: امرأَة،

وهي خالة جَسَّاس بن مُرَّة الشيباني، فوثب جسَّاس على كُلَيْب فقتله،

فهاجت حرب بكر وتَغْلِب ابني وائل بسببها أَربعين سنة. والقُنْبَراءُ: لغة

فيها، والجمع القَنَابر مثل العُنْصَلاءِ والعَناصل، قال: والعامة تقول

القُنْبُرَةُ، وقد جاء ذلك في الرجز، أَنشد أَبو عبيدة:

جاء الشِّتاءُ واجْثأَلَّ القُنْبُرُ،

وجَعَلَتْ عينُ الحَرَورِ تَسْكُرُ

أَي يسكن حرها وتخْبو. والقُبَّارُ: قوم يتجمعون لجَرِّ ما في

الشِّبَاكِ من الصيد؛ عُمانية؛ قال العجاج: كأَنَّما تَجَمَّعُوا

قُبَّارَا

قبر
.) القَبْرُ بالفَتْحِ: مَدْفَن الإِنْسَانِ، ج قُبُورٌ. والمَقْبرة، مُثلَّثَة الباءِ، وكمِكْنَسَة: مَوْضِعُهَا، أَي القُبُورِ.
قَالَ سيبَوَيْه: المَقْبُرة لَيْسَ على الفِعْلِ وَلكنه اسمٌ. قَالَ اللَّيْثُ: والمَقْبَرُ أَيضاً: مَوضع القَبْر وَهُوَ المَقْبَرَى والمَقْبُرَى. وَفِي الصحاحِ: المَقْبَرَةُ والمَقْبُرَةُ: واحدةُ المَقَابِر، وَقد جاءَ فِي الشِّعْر المَقْبَرُ، قَالَ عبدُ الله بن ثَعْلَبَةَ الحَنَفِيُّ:
(أَزُورُ وأَعْتَادُ القْبُورَ وَلَا أَرَى ... سِوَى رَمْسِ أَعْجَازٍ عَلَيْه رُكُودُ)

(لكُلِّ أُناس مَقْبَرٌ بفَنَائِهِمْ ... فَهُمْ يَنْقُصُونَ والقُبُورُ تَزيدُ)
قَالَ ابنُ برّيّ: قولُ الجَوْهَرِيِّ: وَقد جاءَ فِي الشِّعْر المَقْبَر، يقتضِي أَنّه من الشاذّ، وَــلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ قِيَاسٌ فِي اسمِ المَكَان من قَبَر يَقْبُر المَقْبَرُ، وَمن خَرَج يَخْرُج المَخْرَجُ، وَهُوَ قِيَاسٌ مُطَّرِدٌ لم يَشِذَّ مِنْهُ غيرُ الأَلْفَاظ المَعْرُوفَة مثلُ المَبِيتِ والمَسْقِط ونَحْوِهما. والمَقْبُرِيُّون فِي المُحَدِّثينَ جَمَاعَةٌ وهُمْ: سَعِيدٌ، وأَبُوه أَبُوسَعِيد، وابنُه عَبّادٌ، وآلُ بَيْتِه، وغَيْرُهم. قَبَرَه، يَقْبُرُه، بالضّمّ، ويَقْبِرُه بالكَسْر، قبْراً ومَقْبَراً، الأَخير مَصْدَرٌ مِيمىٌّ: دَفَنَهُ وواراهُ فِي التُّرابِ. وأَقْبَرَهُ: جَعَلَ لَهُ قَبْراً يُوَارَى فِيهِ ويُدْفَنُ فِيهِ. وقِيلَ: أَقْبَرَ، إِذا أَمَرَ إِنْساناً بحَفْر قَبْر. قَالَ الفَرّاءُ: وقولُه تَعَالَى: ثُمَّ أَمَاتَهُ فأَقْبَرَهُ. أَي جَعَلَه مَقْبُوراً: مِمَّن يُقْبَر، وَلم يَجْعَلهُ مِمَّن يُلْقَى للطَّيْر والسِّبَاع، كأَنَّ القَبْرَ مِمّا أُكْرِمَ بِهِ المُسْلِمُ. وَفِي الصّحاح: مِمّا أُكْرِم بِهِ بَنُو آدَمَ، وَلم يَقُلْ: فقَبَرَه، لأَنَّ القَابِرَ هُو الدافِنُ بِيَدِه، والمُقْبَرُ هُوَ اللهُ، لأَنَّهُ صَيَّرَهُ ذَا قَبْر، وَــلَيْسَ فِعْلُه كفِعْلِ الآدَمِيّ. وأَقْبَرَ القَوْمَ: أَعْطَاهُم قَتِيلَهم ليَقْبُرُوه، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: قَالَت بَنو تَمِيمٍ للحَجّاجِ، وَكَانَ قَتَلَ صالِحَ بنَ عبدِ الرَّحْمنِ: أَقْبِرْنا)
صالِحاً، أَي ائْذَنْ لَنَا فِي أَنْ نَقْبُرَه، فَقَالَ لَهُم: دُوْنَكُمُوهُ. وَقَالَ ابنُ دُرَيْد القَبُورُ، كصَبُور، من الأَرْضِ: الغَامِضَةُ، والقَبُورُ من النَّخْل: السَّرْيِعَةُ الحَمْلِ، أَو هِيَ الَّتِي يَكُون حَمْلُهَا فِي سَعْفِهَا، ومِثْلُهَا كَبُوسٌ. والقِبْرُ، بالكَسْر: موضعٌ مُتَأَكِّلٌ فِي عُودِ الطِّيب. والقِبِرَّى، كزِمِكَّى: الأَنْفُ العَظِيمُ نَفْسُهَا أَو طَرَفُهَا كَمَا قالَه ابنُ الأَعْرَابِيّ. وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: القِبِرَّى: العَظِيمُ الأَنْفِ. وَمن المَجَازِ: جاءَ فُلانٌ رَامِعاً قِبِرّاه، ورامِعاً أَنْفَه، إِذا جاءَ مُغْضَباً. وَمثله: جاءَ نافِخاً قِبِرَّاه، ووَارِماً خَوْرَمَتُهُ. قَالَ الزَّمَخْشَريّ: كَأَنَّهَا شُبِّهَتْ بالقَبْرِ كَمَا يُقَال: رُؤُوسٌ كقُبُورِ عادٍ. وقَال مِرْدَاسٌ:
(لَقَدْ أَتانِي رَافِعاً قِبِرّاهْ ... لَا يَعْرِفُ الحَقَّ ولَيْسَ يَهْواهْ)
وتَقُولُ: واكِبْرَاه، إِذا رَفَعَ قِبِرّاه. والقِبِرّاة: رَأْسُ الكَمَرَةِ، وَفِي النَّوادرِ لابنِ الأَعْرَابِيّ: رَأْسُ القَنْفَاءِ، تَصْغِيرُها قُبَيْرَةٌ، على حَذْفِ الزَّوَائدِ وَكَذَا تَصْغِيرُ القِبِرّاة بمَعْنَى الأَنْف. والقُبَّارُ، كُرّمان، ع بَمَكّةَ حَرَسَهَا الله تعالَى، أَنشد الأَصمعيُّ لِوَرْدٍ العَنْبَرِيّ:
(فأَلْقَتِ الأَرْحُلَ فِي مَحَارِ ... بَيْنَ الحَجُونِ فإِلَى القُبّارِ)
أَي نَزَلَت فأَقامَتْ. والقُبّارُ: المُجْتَمِعُون، وَفِي بعضِ النّسخ المُتَجَمِّعون لجَرِّ مَا فِي الشِّبَاكِ مِن الصَّيْدِ، عُمَانِيَّة، قَالَ العَجّاج: كأَنَّمَا تَجَمَّعُوا قُبّارَا. والقُبّارُ: سِرَاجُ الصَّيّادِ باللَّيْلِ، والقُبَارُ، كهُمَامٍ: سَيْفُ شَعْبَانَ ابنِ عَمْروٍ الحِمْيَريّ.وَعَن أَبِي حَنِيفَة: القُبَرُ، كصُرَدٍ: عِنَبٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ جَيِّدُ الزَّبِيبِ، عَنَاقِيدُه مُتَوَسِّطة. والقُبر، كسُكَّر، وصُرَد: طائرٌ يُشْبهُ الحُمَّرَة، الوَاحِدَةُ بهاءٍ، ويُقَالُ فِيهِ أَيضاً: القُنْبَرَاءُ بالضّم والمَدّ، ج قَنَابِرُ، كالعُنْصَلاءِ والعَنَاصِلِ. قَالَ الجَوْهَرِيّ: وَلَا تَقُلْ قُنْبُرَة، كقُنْفُذَة، أَو لُغَيَّة وَقد جاءَ ذَلِك فِي الرَّجَز، أَنْشَدَه أَبو عُبَيْدَةَ:
(جاءَ الشِّتاءُ واجْثَأَلَّ القُنْبُرُ ... وجَعَلتْ عَيْنُ السُّمُوم تَسْكُرُ)
وقَبْرَةُ: كُورَةٌ بالأَنْدَلُسِ مُتَّصِلَةٌ بأَجْوَازِ قُرْطُبَةَ، مِنْهَا عَبْدُ الله ابنُ يُونُسَ صاحِبُ بَقِيِّ بنِ مَخْلَد.
وعُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُدْرِكٍ المُتَوفَّي سنة قالَهُ الذَّهَبِيّ، وَضَبطه هَكَذَا. وَقد ضَبَطَه السَّمْعَانيّ بفاءٍ مكسورَة وياءٍ ساكِنَة، وتُعَقِّب قَالَه الحافِظُ. وخَيْفُ ذِي قَبْرٍ: ع قُرْبَ عُسْفَانَ.
وقُبْرَيَانُ بالضَّمّ: ة بإِفْرِيقِيَة مِنْهَا سَهْلُ بنُ عبد العَزِيزِ الإِفْرِيقِي القُبْرَيَانِيّ، رَوَى عَن سَحْنُونِ بنِ سَعِيدٍ المَغْرِبيّ. وقِبْرَيْن، بالكَسْر مُثَنّىً: عَقَبَةٌ بتِهَامَةَ. وقولُ ابنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي الدَّجّال: إِنَّه وُلِدَ مَقْبُوراً، قَالَ ثَعْلَب: مَعْنَاه أَنّ أُمَّه وَضَعَتْه فِي، ونَصَّ أَبي العَبّاس: وعَلَيْه جِلْدَة مُصْمَتَة لَا شَقَّ فِيها وَلَا نَقْبَ، هَكَذَا بالنُّون فِي الأُصُول الصَّحيحَة، وَفِي بَعْضِها بالمُثَلَّثة. فَقَالَت)
قابلتُه: هذِه سِلْعَةٌ لَيْسَ فِيهَا وَلَدٌ. وَفِي اللّسَانِ: ولَيْسَ وَلَداً، وَفِي التكملة: ولَيْسَ بِوَلَدٍ. فَقَالَت أُمُّه: فِيهَا وَلَدٌ، وَهُوَ مَقْبُور ٌ فِيهَا. فشَقُّوا عَنهُ، فاسْتَهَلَّ، هَكَذَا نَقله الصاغَانِيّ وَصَاحب اللّسَان. وأَبو القاسشمِ مَنْصُورٌ ويقالُ: أَبو القاسِمِ بنُ مَنْصُور كَمَا فِي التَّبْصِير للحافِظ القَبّارِيُّ، كشَدّادِيّ: زاهِدُ الإِسْكَنْدَرِيّةِ وإِمَامُها وقُدْوَتُهَا، تُوُفِّيَ سنة، وَقد أَسَنّ.
(قبر) - في حديث بني تَميم: "قالوا للحَجَّاج - وكان قد صَلَب صالحَ ابنَ عبد الرحمن - أَقْبِرْنا صالِحا"
: أي أمْكِنَّا من دَفْنِه في القَبْر.
تقول: أقْبَرْتُه إذا جَعَلتَ له قَبْرًا، وقَبَرْتُه إذا دَفَنْتَه
(ق ب ر) : (قَبَرَ) الْمَيِّتَ فِيهِ قَبْرًا مِنْ بَابَيْ طَلَبَ وَضَرَبَ وَأَقْبَرَهُ صَيَّرَهُ ذَا قَبْرٍ أَوْ أَمَرَ بِأَنْ يُقْبَرَ (وَالْقَابِرُ) الدَّافِنُ بِيَدِهِ (وَالْمُقْبِرُ) هُوَ اللَّهُ تَعَالَى (وَالْقَبْرُ) وَاحِدُ الْقُبُورِ (وَالْمَقْبُرَةُ) بِضَمِّ الْبَاء مَوْضِعُ الْقَبْرِ وَالْفَتْحُ لُغَةٌ وَالْمَقْبَرُ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ (وَالْمَقَابِرُ) جَمْعٌ لَهُمَا (وَهُوَ الْمَقْبُرِيُّ) .
قبر
القَبْرُ: مقرّ الميّت، ومصدر قَبَرْتُهُ: جعلته في القَبْرِ، وأَقْبَرْتُهُ: جعلت له مكانا يُقْبَرُ فيه. نحو: أسقيته: جعلت له ما يسقى منه. قال تعالى: ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ
[عبس/ 21] ، قيل: معناه ألهم كيف يدفن، والْمَقْبَرَةُ والْمِقْبَرَةُ موضع الْقُبُورِ، وجمعها: مَقَابِرُ. قال: حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ [التكاثر/ 2] ، كناية عن الموت. وقوله: إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ [العاديات/ 9] ، إشارة إلى حال البعث. وقيل: إشارة إلى حين كشف السّرائر، فإنّ أحوال الإنسان ما دام في الدّنيا مستورة كأنّها مَقْبُورَةٌ، فتكون القبور على طريق الاستعارة، وقيل: معناه إذا زالت الجهالة بالموت، فكأنّ الكافر والجاهل ما دام في الدّنيا فهو مَقْبُورٌ، فإذا مات فقد أنشر وأخرج من قبره.
أي: من جهالته، وذلك حسبما روي: (الإنسان نائم فإذا مات انتبه) وإلى هذا المعنى أشار بقوله: وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ
[فاطر/ 22] ، أي: الذين هم في حكم الأموات. 

الوحدة

الوحدة: الانفراد، والواحد الذي لا ينقسم بوجه لا فرضا ولا وهما ولا فعلا، ولا بينه وبين غيره نسبة بوجه. والواحد في الحقيقة الذي لا جزء له البتة البتة ثم يطلق على كل شيء موجود حتى إنه ما من عدد إلا ويصح وصفه به، فيقال: عشرة واحدة، ومئة واحدة، فالواحد لفظ مشترك يشتمل على ستة أوجه، الأول: ما كان واحدا في الجنس كالإنسان والفرس، أو النوع كزيد وعمرو. الثاني: ما كان واحدا بالاتصال إما في الخلقة كقولك شخص واحد، وإما من حيث الصناعة كقولك حرفة واحدة. الثالث: ما كان واحدا لعدم نظيره في الخلقة كقولك الشهر واحد، أو في دعوى الفضيلة كفلان واحد دهره. الرابع: ما كان واحدا لامتناع التجزؤ فيه لصغره كالهباء أو لصلابته كالماس. الخامس: للمبدأ إما لمبدأ العدد كواحد اثنين أو لمبدأ الخط كالنقطة الواحدة والوحدة، في كلها عارضة، وإذا وصف تعالى بالواحد فمعناه الذي لا يصح عليه التجزؤ والتكثر، ولصعوبة هذه الوحدة قال: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ} الآية.
الوحدة:
[في الانكليزية] Unity ،unit ،union
[ في الفرنسية] Unite ،unicite
بالفتح هي ضد الكثرة وهما من المعاني الواضحة كما في تهذيب الكلام. وأطلقها الصوفية على مرتبة التعيّن الأول كما عرفت قبيل هذا. ويقول في لطائف اللغات: الوحدة عند الصوفية عبارة عن الأول الذي هو الحقيقة المحمدية، ومرتبة قابليات الصّرف وذلك ما يقال له أيضا البرزخ الأكبر. والواحدية والأحدية طرفاها. الأحدية بانتفاء النّسب والاعتبارات والواحدية باعتبار ثبوت النّسب والاعتبارات والإضافات. قال صاحب المواقف وصاحب الطوالع ما حاصله إنّهم عرّفوا الوحدة بكون الشيء بحيث لا ينقسم إلى أمور متشاركة في الماهية، سواء لم ينقسم أصلا كالواجب والنقطة وتسمّى وحدة حقيقية، أو انقسم إلى أمور مخالفة في الحقيقة كزيد المنقسم إلى أعضائه وتسمّى وحدة إضافية. وعرّفوا الكثرة بكون الشيء بحيث ينقسم إلى أمور مشاركة في الماهية كفرد أو فردين من نوع، ولا يخفى أنّ الكثرة المجتمعة من الأمور المختلفة الحقائق كإنسان وفرس وحمار داخلة في حدّ الوحدة وخارجة عن حدّ الكثرة. فالأولى أن يقال الوحدة كون الشيء بحيث لا ينقسم والكثرة كونه بحيث ينقسم، وإنّما قلنا فالأولى لأنّه يجوز أن يكون ذلك تعريفا بالأخصّ أو للأخصّ أو للأخصّ وهو الوحدة والكثرة باعتبار الأفراد.
واعلم أنّ ما ذكر تعريفات لفظية لا حقيقية لأنّ تصوّر الوحدة والكثرة بديهي كما عرفت، وإلّا يدور لأنّا إذا قلنا الوحدة كون الشيء بحيث لا ينقسم إلى أمور متشاركة في الماهية فقد قلنا إنّ الوحدة كون الشيء بحيث لا يتكثّر ضرورة، فقد أخذنا الكثرة في تعريف الوحدة والكثرة لا يمكن تعريفها إلّا بالوحدة لأنّ الوحدة مبدأ الكثرة. ومنها وجودها وماهيتها ولذا أي تعريف يعرّف به الكثرة يستعمل فيه الوحدة مثل الكثرة المجتمع فيه الوحدات والكثرة ما يعد بالواحد وغير ذلك. وظنّ البعض أنّ الوحدة نفس الوجود فتكون الوحدة الشخصية نفس الوجود الشخصي الثابت لكلّ موجود معيّن. والحقّ أنّ الوحدة والكثرة مغايرتان للوجود إذ الوجود بجامع الوحدة والكثرة. نعم الوحدة تساوق الوجود وتساويه فكلّ ما له وحدة فهو موجود في الجملة، وكلّ موجود له وحدة ما، حتى الكثير فإنّ العشرة مثلا واحدة من العشرات.
وأيضا ليســتا نفس الماهية لأنّ الماهية من حيث هي قابلة لهما فهما زائدتان عليها.
فائدة:
اختلف في وجودهما فأثبته الحكماء وأنكره المتكلّمون. اعلم أنّ مقابلة الوحدة والكثرة ليســت ذاتية لأنّهما لا يعرضان لمعروض واحد بالشخص، واتحاد الموضوع معتبر في التقابل، بل بينهما مقابلة بالعرض وذلك لإضافة عرضت لهما وهي المكيالية والمكيلية، فإنّ الوحدة مكيال للعدد وعاد له، والعدد مكيل بالوحدة ومعدود بها، والشيء من حيث إنّه مكيال لا يكون مكيلا أو بالعكس، ولذا لم يجز كون الشيء واحدا وكثيرا معا من جهة واحدة. التقسيم:
الواحد إمّا أن لا ينقسم إلى جزئيات بأن يكون تصوّره مانعا من وقوع الشركة فيه وهو الواحد بالشخص ووحدته هي الوحدة الشخصية، أو ينقسم إلى جزئيات وهو الواحد لا بالشخص وأنّه كثير له جهة وحدة فهو واحد من وجه أيّ من حيث هو هو، أي من حيث المفهوم وكثير من جهة الانطباق على الأفراد، ووحدته هي الوحدة لا بالشخص. واعلم أنّ المفهوم من هذا هو أنّ الانقسام إلى الجزئيات وحدة لا بالشخص ولا يخفى أنّه معنى الكثرة بالشخص لا معنى الوحدة بالشخص. والحقّ أنّ الوحدة لا بالشخص وحده مبهمة ثابتة للماهية من حيث هي والكثرة بالشخص كثرة متعيّنة ثابتة لها من حيث الكلّية، والوحدة بالشخص وحدة متعيّنة ثابتة لها من حيث الشخص، فالوحدة لا بالشخص هي عدم الانقسام في مرتبة الماهية من حيث هي والكثرة بالشخص هي الانقسام في مرتبة الكلّية والوحدة بالشخص هي عدم الانقسام في مرتبة الشخص. ثم الواحد بالشخص إن لم يقبل القسمة إلى الأجزاء أصلا أي لا بحسب الأجزاء المقداريّة ولا بحسب غيرها محمولة كانت أو غيرها فهو الواحد الحقيقي، وهو ثلاثة أقسام لأنّه إن لم يكن له مفهوم سوى مفهوم عدم الانقسام حقيقة فالوحدة الشخصيّة أي المشخّصة فإنّ الوحدة مطلقا ليس لها مفهوم سوى مفهوم عدم الانقسام. فالوحدة مطلقا ليســت وحدة بالشخص، وإنّما قلنا حقيقة إذ لو لم يقيد عدم الانقسام بها فالتغاير بين العارض والمعروض ولو بالاعتبار ضروري. وإن كان له مفهوم سوى ذلك أي عدم الانقسام فيكون عارضا لماهية فهو النقطة المشخّصة إن كان ذا وضع أي قابل للإشارة الحسّية، هذا عند نفاة الجزء. وإن أريد أعمّ من الجوهرية والعرضية يصحّ على رأي مثبتيه أيضا والمفارق المشخّص إن لم يكن ذا وضع سواء كان المفارق واجبا أو ممكنا. أمّا عدم قبول الأقسام الثلاثة للقسمة إلى الأجزاء الخارجيّة فظاهر.
وأمّا عدمه إلى الأجزاء الذهنية فلأنّ الوحدة والنقطة غير داخلتين في مقولة من المقولات التسعة فلا يكون لها جنس ولا فصل، وكذا لم يثبت جنسية الجوهر فلا يكون للمفارق جنس.
وإن قبل الواحد بالشخص القسمة فإمّا أن ينقسم إلى أجزاء مقداريّة متشابهة في الحقيقة وهو الواحد بالاتصال، فإن كان قبوله القسمة إلى تلك الأجزاء لذاته فهو المقدار الشخصي القابل للقسمة الوهميّة على رأي من يثبت المقادير، وإن كان قبوله لا لذاته فهو الجسم البسيط كالماء البسيط كالماء الواحد بالشّخص المتصل على وجه لا يكون فيه مفصّل إمّا حقيقة على رأي نفاة الجزء وإمّا حسّا على رأي مثبتيه، بل نقول ليس ما يكون قبوله لا لذاته مختصّا بالجسم بل أعمّ منه فإنّه هو ما يحل فيه المقدار كالصورة الجسمية والهيولى، أو ما يحلّ في المقدار أو في محل المقدار حلولا سريانيا عند من أثبت هذه الأمور. وأمّا أن ينقسم إلى أجزاء مقدارية مختلفة بالحقائق وهو الواحد بالاجتماع كالشجر الواحد المشخّص فإنّه مركّب من أجزاء مقدارية متخالفة في الحقيقة، فالمجموع المركّب من زيد وعمرو واحد بالشخص وخارج عن هذا القسم إن كان الاجتماع والاتصال الحسّي شرطا فيه. وكذا العشرة المركّبة من الوحدات وإلا فداخل فيه والواحد بالاتصال بعد القسمة الانفكاكية واحد بالنوع لأنّ أجزاءه لمّا كانت متفقة في الحقيقة كان كلا منها بعد القسمة فردا له وواحد بالموضوع أيضا عند من يقول بالمادة، فإنّ تلك الأجزاء الحاصلة بالقسمة من شأنها أن يتصل بعضها ببعض ويحلّ في مادة واحدة بخلاف أشخاص الناس إذ ليس من شأنها الاتصال. وأمّا عند مثبتي الجزء فالواحد بالاتصال بعد القسمة واحد بالنوع دون الموضوع والتحقيق ان الواحد بالاتصال الحقيقي انما يتصور على القول بنفي الجزء فإنّ الأجزاء الموجودة بالفعل إذا اجتمعت واتصل بعضها ببعض حتى يحصل منها مركّب كان ذلك المركّب واحدا بالاجتماع حقيقة، سواء كانت تلك الأجزاء متشابهة أو متخالفة. ثم إنّه قد يقال الواحد بالاتصال لمقدارين متلاقيين عند حدّ مشترك كالخطين المحيطين بزاوية، وقد يقال لمقدارين يتلازم طرفاهما بحيث يلزم من حركة أحدهما حركة الآخر، وهو على أنواع: وأولاها بالاتصال ما كان الالتحام فيه طبيعيا أي خلقيا كالمفاصل، وهذا القسم شبيه جدا بالوحدة الاجتماعية. اعلم أنّ ما ينقسم إلى أجزاء غير مقدارية إمّا محمولة أو غير محمولة كالجسم المركّب من الهيولى، والصورة ليس له اسم معيّن في الاصطلاح. وأيضا الواحد بالشخص إن حصل له جميع ما يمكن له من الأجزاء فهو الواحد التام كالدائرة والكرة، وإن لم يحصل له جميع ما يمكن له فهو الواحد الغير التام كالخط المستقيم فإنّ الزيادة عليه ممكن أبدا، والتام إمّا طبيعي أي خلقي كزيد وإمّا وضعي أي متعلّق بالوضع والاصطلاح كدرهم، وإمّا صناعي أي متعلّق بالصناعة كالبيت. وأمّا الواحد لا بالشخص فجهة الوحدة فيه إمّا ذاتيّة للكثرة أي غير خارجة عنها فيشتمل تمام الماهية وحينئذ فإمّا تمام ماهياتها وهو الواحد بالنوع كالإنسان بالنسبة إلى أفراده فيقال الإنسان واحد نوعي وأفراده واحدة بالنوع أو جزئها فإن كان ذلك الجزء تمام المشترك فهو الواحد بالجنس، قريبا كان أو بعيدا، وإلّا فالواحد بالفصل، وإمّا عارضة أي يكون جهة الوحدة أمرا عارضا للكثرة أي محمولا عليها خارجا عن ماهياتها وهو الواحد بالعرض، وذلك إمّا واحد بالموضوع إن كانت جهة الوحدة موضوعة بالطبع لتلك الكثرة كما يقال الكاتب والضاحك واحد في الإنسان فإنّ الإنسان عارض لهما أي محمول عليهما خارج عن ماهيتهما وهو موضوع لهما بالطبع لكونه موصوفا بهما أو واحد بالمحمول إن كانت جهة الوحدة محمولة بالطبع على تلك الكثرة كما يقال القطن والثلج واحد في البياض فإنّ الأبيض محمول عليهما طبعا وخارج عنهما، أولا يكون جهة الوحدة ذاتية للكثرة ولا أمرا عارضا لها، وذلك بأن لا يكون محمولا عليها أصلا وهو الواحد بالنسبة كما يقال نسبة النفس إلى البدن نسبة الملك إلى المدينة، فإنّ للنفس تعلّقا خاصا بالبدن بحسبه يتمكّن من تدبيره دون غيره من الأبدان وكذا للملك تعلّق خاص بالمدينة بحسبه يتمكّن من تدبيرها دون غيرها من المدائن، فهذان التعلّقان سببان متحدان في التدبير الذي ليس مقوما ولا عارضا لشيء منهما، بل عارض للنفس والملك فإنّ المدبّر إنّما يطلق حقيقة عليهما.
فائدة:
قول الواحد على هذه الأقسام إنّما هو بالتشكيك فتكون الوحدات مختلفة بالحقيقة فلا يجب حينئذ اشتراكها أي اشتراك الوحدات في الحكم. فمنها ما هو وجودي كالوحدة الاتصاليّة والاجتماعيّة. ومنها ما هو اعتباري محض.
ومنها ما هو زائد على ماهية الوحدة كوحدة الإنسانية مثلا. ومنها ما هو نفس الماهية كوحدة الوحدة. ومنها ما هو جزء، وزيادة التوضيح في شرح المواقف وحواشيه.

السّلب

السّلب:
[في الانكليزية] Looting ،swiping
[ في الفرنسية] Pillage ،rafle
بفتح السين واللام لغة المسلوب أي ما ينزع من الإنسان وغيره. وشرعا مركب القتيل وما عليهما، أي على المركب والقتيل من السلاح والثياب والسرج واللجام وغيرها، بخلاف ما معه من غلام أو مركب آخر أو الأمتعة وغيرها، فإنّه ليس بسلبه بل من جملة الغنائم فلا يدخل تحت قول الإمام من قتل قتيلا فله سلبه هكذا في البرجندي وجامع الرموز في كتاب الجهاد. وعند الصوفية السّلب بسكون اللام هو ما في كشف اللّغات السّلب في اصطلاح السّالكين هو نفي الاختيار للسّالك في جميع الأحوال والأعمال الظاهرة والباطنة. ويطلق السّلب عند المنطقيين والحكماء سواء كان بفتحتين أو بفتح الأول وسكون الثاني على مقابل الإيجاب. قالوا الإيجاب والسّلب قد يراد بهما الثبوت واللاثبوت، فثبوت شيء لشيء إيجاب وانتفاؤه عنه سلب. وقد يعبّر عنهما بالوقوع واللاوقوع وبوقوع النسبة ولا وقوعها، وقد يراد بهما إيقاع النسبة وانتزاعها أي رفعها. وبعبارة أخرى الإيجاب إيقاع النسبة الثبوتية والسّلب رفع الإيجاب أي الثبوت إذ لو أريد به الإيقاع لزم أن لا يتحقق السّلب إلّا بعد تحقّق الإيجاب فيجب أن توقع النسبة في كل سالبة وترفعها، وهل هذا إلّا تناقض. ويمكن أن يراد به الإيقاع ويدفع الإيراد بالفرق بين جزء الشيء وجزء مفهومه فإنّ البصر ليس جزءا من العمى وإلّا لم يتحقّق إلّا بعد تحقّقه بل هو جزء من مفهومه.
فالإيجاب جزء من مفهوم السّلب وليس جزءا من السّلب. ثم اعلم أنّ هذا المعنى هو المعتبر في إيجاب القضية وسلبها لا المعنى الأول، وإلّا لكانت كل قضية صادقة. فالقضية الموجبة ما اشتمل على الإيجاب والسالبة ما اشتمل على السّلب اشتمال الدالّ على المدلول في القضية الملفوظة واشتمال المشروط على الشرط في القضية المعقولة كاشتمال الكلّ على الجزء حتى لا يرد أنّ الإيقاع علم، فكيف يكون جزء من المعلوم الذي هو القضية.
اعلم أنهم قالوا الموجبة تستدعي وجود الموضوع دون السالبة، يعني أنّ صدق الموجبة يستلزم وجود الموضوع حال ثبوت المحمول له واتحاده معه في ظرف ذلك الموضوع، إن ذهنا فذهنا وإن خارجا فخارجا وإن ساعة فساعة وإن دائما فدائما، بخلاف صدق السالبة فإنّه لا يستلزم وجود الموضوع بل قد يصدق بانتفائه ضرورة أنّ ما لا ثبوت له في نفسه فكيف يثبت له غيره؟ لكن تحقّق مفهوم السالبة في الذهن يستلزم وجود موضوعه في الذهن حال الحكم فقط. قال شارح إشراق الحكمة قولنا لا بد للإثبات من أن يكون على ثابت بخلاف النفي فإنّه يجوز على المنفي ليس معناه ما يسبق إلى الفهم وهو أنّ موضوع السالبة يجوز أن يكون معدوما في الخارج دون موضوع الموجبة على ما ظنّ، وعلّل به كون السالبة أعمّ من الموجبة لأنّ موضوع الموجبة أيضا قد يكون معدوما في الخارج، كقولنا اجتماع الضدين محال، ولا أنّ موضوع الموجبة يجب أن يتمثّل في خارج أو ذهن دون موضوع السالبة، لأنّ موضوع السالبة لا بد أن يكون كذلك، بل معناه أنّ السّلب يصحّ عن الموضوع الغير الثابت أي إذا أخذ من حيث هو غير ثابت على معنى أنّ للعقل أن يعتبر هذا في السلب بخلاف الإثبات فإنّه وإن صحّ على الموضوع الغير الثابت لكن لا يصحّ عليه من حيث هو غير ثابت بل من حيث إنّ له ثبوتا ما لأنّ الإثبات يقتضي ثبوت شيء حتى يثبت له شيء. ولذا صحّ أن يقال المعدوم من حيث هو معدوم ليس بزيد ولا يصحّ أن يقال بأنّه من حيث هو معدوم زيد بل من حيث له ثبوت في الذهن. ولغفلة الجمهور عن هذه الحيثية لدقتها وغموضها ظن أنّ العموم إنّما هو لجواز كون موضوع السالبة معدوما في الخارج دون الموجبة ولا يصحّ ذلك إلّا بأن يؤول بما ذكرنا. ويقال مرادهم منه أنّ السّلب يصحّ عن المعدوم من حيث هو معدوم دون الإيجاب فيستقيم ولا يرد الإشكال، فتمحّض بما ذكرنا أنّ المراد بوجود الموضوع في الموجبة والسالبة شيء واحد، وهو تمثّله في وجود أو وهم ليحكم عليه بحسب تمثله، وأنّ السالبة البسيطة إنّما تكون أعمّ من الموجبة المعدولة المحمول إذا كان موضوعها غير ثابت، وأخذ من حيث هو غير ثابت لاستحالة إثبات عدم محمول السالبة لموضوعها من حيث هو غير ثابت أو منتف لتوقّف إثبات الشيء للشيء على ثبوته في نفسه. وأمّا إن لم يؤخذ من حيث هو غير ثابت بل أخذ من حيث إنّ له ثبوتا ما في الذهن فيمكن إثبات عدم محمول السالبة لموضوعها من حيث له ثبوت، وتتلازمان حينئذ. لكن نحن لا نأخذ موضوع السالبة من حيث هو غير ثابت بل من حيث هو ثابت أي متمثّل في وجود أو وهم على ما هو المصطلح والمتعارف. وعلى هذا تتلازمان في جميع القضايا، انتهى ما في شرح إشراق الحكمة.
ثم اعلم أنّ متأخري المنطقيين اعتبروا قضية سالبة المحمول وحكموا بأنّ موجبتها مساوية للسالبة البسيطة، فكما أنّ السالبة لا تقتضي وجود الموضوع فكذلك الموجبة السالبة المحمول. وفرّقوا بينهما بأنّ في السالبة المحمول زيادة اعتبار إذ في السالبة نتصوّر الطرفين والنسبة بينهما ونرفع تلك النسبة، وفي سالبة المحمول نتصوّر الطرفين والنسبة ونرفعها، ثم نعود ونحمل ذلك السّلب على الموضوع، فإنّه إذا لم يصدق إيجاب المحمول على الموضوع يصدق سلبه عليه فتكرر اعتبار السّلب فيها بخلاف السالبة فإنّ فيها أربعة أمور:
تصوّر الموضوع وتصوّر المحمول وتصوّر النسبة الإيجابية وسلبها. وفي السالبة المحمول خمسة أشياء وهي تلك الأمور الأربعة مع حمل السّلب على الموضوع، وهكذا الحال في السالبة الموضوع فإنّه قد حمل فيها سلب العنوان على الموضوع. ومن هاهنا تسمعهم يقولون معنى السالبة المحمول أنّ الموضوع شيء سلب عنه المحمول، ومعنى السالبة الطرفين أنّ شيئا سلب عنه الموضوع هو شيء سلب عنه المحمول.
ومعنى السالبة أنّ الموضوع سلب عنه المحمول. فالسالبة وسالبة المحمول تشتركان في أنّ السّلب خارج عن المحمول فيهما جميعا، وإنّما الفرق بينهما بزيادة اعتبار كما عرفت. فلذا لا تستدعيان وجود الموضوع. وأمّا الفرق بين السالبة وسالبة الطرف سواء كانت سالبة الموضوع أو سالبة المحمول أو سالبة الطرفين وبين المعدولة الموضوع ومعدولة المحمول ومعدولة الطرفين فبخروج السّلب وعدم خروجه، هذا ما قالوا. وفيه نظر لأنّ قولهم نعود ونحمل ذلك السلب على الموضوع يقتضي أن يكون السّلب جزءا من المحمول وهو يناقض قولهم إنّ السّلب خارج عن المحمول فيهما معا. وكذا الحال في سالبة الموضوع إلّا أن يتكلّف ويقيّد الموضوع والمحمول بالأولين اللذين ورد عليهما السلب. وعلى هذا يدخل أقسام سالبة الطرف في المحصّلة، فلا بدّ من تخصيص قولهم إنّ الموجبة المحصّلة تقتضي وجود الموضوع بما عدا سالبة المحمول، أو تخصيص تقسيم المعدولة والمحصّلة بما بقي على موضوعه ومحموله الأولين بأن لم يرجع في موضوعه من وضع إلى وضع آخر، ولا في محموله من حمل إلى حمل آخر حتى تخرج أقسام سالبة الطرف من القسمين معا. وأيضا المقدّمة القائلة بأنّ ثبوت الشيء للشيء يستلزم ثبوت المثبت له لا يستثني العقل منها الأمر السلبي. وأيضا المفهوم من كلام الشيخ وغيره أنّ الإيجاب مطلقا يقتضي وجود الموضوع وأنّه لا فرق بين ما سموه سالبة المحمول والمعدولة. فالموجبة مطلقا تقتضي وجود الموضوع لأجل معنى الرابطة لا لاقتضاء المحمول ذلك. والحق أنّ السالبة المحمول على ما اعتبره المتأخرون قضية ذهنية لأنّ اتّصاف الموضوع بسلب المحمول عنه إنّما هو في الذهن فتقتضي وجود الموضوع في الذهن لا في الخارج فيكون بينها وبين السالبة الخارجية تلازم. ويرد عليه أنّ نفس السّلب وإن كان أمرا اعتباريا ذهنيا لكن يجوز أن يكون الاتّصاف به في الخارج لما تقرّر أنّ الاتّصاف الخارجي لا يستدعي وجود الصفة في الخارج، بل إنّما يقتضي وجود الموصوف فيه كما في الاتصاف بالعمى. ويمكن أن يجاب بأنّ الموجبة السالبة المحمول يصدق عند عدم موضوعها في الخارج مطلقا كما في قولك العمى ليس بموجود. وقد تقرّر أنّ الإيجاب مطلقا يستدعي وجود الموضوع فلا بد أن تكون هذه القضية ذهنية لوجود الموضوع في الذهن، فكذا سائر الموجبات السالبة المحمول لعدم الفرق. ولا يخفى أنّ للمناقشة فيه مجالا. وقد بقيت هاهنا أبحاث تركناها حذرا من الإطناب فإن شئت فارجع إلى كتب المنطق.

خَفق

(خَفق) نَعْلَيْه ضرب إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى
خَفق
الخَيْفَقُ، كَصيْقَل: الفَلاةُ الواسِعَةُ يَخفُقُ فِيهَا السَّرابُ، نَقَلَه الجَوهَرِي والصاغانِي، وأَنْشَدَ الأخِيرُ للزَّفَيانِ: ودُونَ مَسْراها فَلاةٌ فَيْهَقُ تِيهٌ مَرَوْراةٌ وفَيْفٌ خَيْفَقُ وصَدْرُه: أَنَّى أَلَمّ طَيْفُ لَيْلَى يَطْرُقُ والخَيْفَقُ من الخَيْلِ، والنًّوقِ، والظِّلْمان: السَّرِيعَةُ يُقال: فَرَسٌ خَيْفَق، أَي: سَرِيعٌ جِدَّاً، قَالَ ابنُ درَيْدٍ: وأَكثَرُ مَا يُوصَفُ بِهِ الإناثُ، وكذلِكَ ناقَةٌ خَيْفَقٌ، وظَلِيم خَيْفَقٌ، وَلم يَذْكرِ الجَوْهَرِيُّ النّاقَةَ. وقِيلَ: ناقةٌ خَيْفَق: مُخْطَفَةُ البَطْنِ، قَلِيلَةُ اللَّحْمَ.
وقالَ الكِلابي: الخَيْفَقُ من النِّساء: الطّويلَةُ الرُّفغَيْنِ، الدَّقِيقَة العِظام، البَعِيدَةُ الخَطوِ.
وَقَالَ أَبو عَمْرٍ و: الخَيفَقُ: الدّاهِيَةُ. وقالَ غيرُه: خَيْفَق: فَرَسُ رَجُل من بَنِي ضُبَيْعَةَ أَضْجَم بن رَبِيعَةَ بنِ نِزارٍ، واسمُه سَعْدُ بنُ مُشَمتٍ.
والخَيْفَقانُ، كزَعْفران: لَقَبُ رَجُل اسمُه سَيّار وهُوَ الذِي خَرَجَ يريدُ الشِّحْرَ هارِباً مِنْ عَوف بنِ الخَلِيل ابْن سَيَّارٍ وكانَ قَتَلَ أَخَاهُ عُوَيفاً، فلَقِيَه ابْن عَمّ لَهُ، ومَعَه ناقَتان وزادٌ، فقالَ لَهُ: أَينَ ترِيدُ)
فقالَ الأُبغُوانَ وَفِي اللِّسانِ: فقالَ: الشَّحْرَ، كَي لَا يَقْدِرَ على عَوفُ، فقد قَتَلْتُ أخاهُ عُوَيْفاً فقالَ لَهُ: خُذْ إحدَى الناقَتَيْن وشاطَرَه زادَه، فَلَمَّا وَلَّى عَطَفَ عَلَيْهِ بسَيْفِه، فقَتَلَه وأَخذَ الناقَةَ الأخرَى وباقِي الزّادِ فلَمّا أتَى البَلَدَ سَمعَ هاتِفاً يَهْتِفُ يَقُول: ظُلْمُكَ المُنْصِفَ جَوْرُه فِيهِ للفاعِل بَوْرُ ورَماه بسَهْم فقَتَلَه، فَقيل: ظَلَمَ ظُلْمَ الخَيْفَقانِ وضُرِبَ مَثَلاً، ويُسَمى أيْضاً: صَرِيعَ الظُّلْم لذلكَ.
ويُقال أَيضاً: ظُلْمٌ وَلَا كَظُلْمِ الخَيْفَقانِ وَفِيه يَقُول القائِلُ:
(أعَلِّمُهُ الرِّمايَةَ كُلَّ يَوْمٍ ... فلمّا اسْتَدَّ ساعِدُه رَمانِي)

(تَعالَى اللَّهُ هَذَا الجَوْرُ حَقاً ... وَلَا ظُلْمٌ كظُلْم الخَيْفَقانِ)
والخَنْفَقِيقُ، كقَنْدَفِيرٍ هُوَ بالنُّون، كَمَا فِي الصِّحاح، وَفِي العُباب بالياءَ التحْتِيّة، قَالَ شَيْخُنا: وكِلاهُما صَحِيح، وكُل من النُّون أَو الياءَ زائِدَةٌ، كَمَا صَرَّحوا بِهِ لأنَّه مأخوذٌ من الخَيْفَق: السَّرِيعَةُ جِدُّا مِن الخَيْل، والنُّوقِ، والظِّلْمانِ عَن أبِي عُبَيْدٍ، وضَبَطَه بالتحْتيّة.
والخَنْفَقِيقُ: حِكايَةُ جَرْىِ الخَيْل قالَهُ اللَّيْثُ، وضَبَطه بالتَّحْتِيّة، قَالَ: تقولُ: جاءُوا بالرَّكضِ والخَيْفَقِيق، من غيرِ فِعْلٍ يَقول: لَيْسَ يَتَصَرَّفُ مِنْهُ فِعْلٌ وَهُوَ مَشْيٌ فِي اضْطِراب.
والخَفْقُ: تَغْيِيبُ القَضِيب فى الفَرْج وقِيلَ لعُبَيْدَةَ السَّلْمانِيًّ: مَا يُوجِبُ الغُسْلَ فَقالَ: الخَفْقُ والخِلاطُ، قَالَ الأزْهَرِي: يُريدُ بالخَفقِ مَغِيبَ الذَّكَرِ فِي الفَرج، من خَفَقَ النَّجْمُ: إِذا انْحَطَّ فِي المَغْرِب، وقِيلَ: من الخَفْقِ، وَهُوَ الضَّرْبُ.
وقالَ اللَّيْثُ: الخَفْقُ: ضَرْبُكَ الشَّيءَ بدِرَّةٍ أَو بعَرِيضٍ من الأشْياءَ.
والخَفْقُ: صَوْتُ النَّعْلِ وَمِنْه حَدِيثُ المَيِّتِ إِذا وُضِعَ فى قَبْرِه: إِنَّهُ ليَسْــمَعُ خَفْقَ نِعالِهِم إِذا انْصَرَفُوا وكذلِكَ صَوْتُ مَا يُشْبِهُها، وَقد خَفَقَ الأرْضَ بنَعْلِه.
وخَفَقَت الرّايَةُ تَخْفُقُ وتَخْفِقُ من حَدَّىْ نَصَرَ وضَرَبَ خَفْقاً، وخُفُوقاً وخَفَقاناً، مُحَرَّكَةً أَي: اضْطَرَبَتْ وتَحَركَتْ، وَكَذَا الفُؤادُ، والبَرْقُ، والسَّرابُ والسيْف، والرِّيحُ، ونَحْوُها، نقلَه ابْن سِيدَه، وقِيلَ: خَفَقانُ الرِّيح: دَوِيُّ جَرْيِها، قَالَ الشّاعِرُ:
(كانَّ هُوِيَّها خَفَقانُ رِيحٍ ... خَرِيق بينَ أعْلام طِوالِ)
وَفِي التَّهْذَّيب: الخَفَقان: اضْطِرابُ القَلْبِ، وَهِي خِفَّةٌ تأخُذُ القَلْبَ، تَقولُ: رَجُلٌ مَخْفُوقٌ.)
كاخْتَفَقَ اخْتِفاقاً، عَن اللَّيْثِ وحَرَّكَ رُؤْبَةُ الْفَاء مِنْهُ فِي قَوْلِه: وقاتِم الأعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ مُشْتَبِهِ الأَعْلام لَمّاع الخَفَقْ ضَرُورَة نَقَله الَجَوْهَرِي.
وخَفَقَ النجْمُ يَخْفِقُ خُفُوقاً: غابَ أَو انْحَطَّ فِي المَغْربِ، وكَذلك القَمَرُ، زادَ ابنُ الأَعْرابيًّ: وَكَذَلِكَ الشَّمْسُ، يُقال: ورَدْت خفوقَ النَّجْم، أَي: وقتَ خُفُوقِ الثرَيّا، يَجْعَلُه ظَرْفاً، وَهُوَ مَصْدَرٌ، كَمَا فِي الصِّحاح.
وخَفَقَ فُلانٌ: إِذا حَركَ رَأسَه إِذا نَعَسَ أَي: أَمالَه، فَهُوَ خافِقٌ، قَالَ ذُو الرمةِ:
(وخافِقِ الرَّأسِ فوقَ الرَّحْل قُلتُ لَه ... زُغ بالزِّمامَ وجَوْزُ اللَّيْل مَرْكُومُ)
وقيلَ: هُو إِذا نَعَسَ نَعْسَةً ثمّ تَنَبَّهَ، وَفِي الحَدِيثِ: كانَتْ رُؤُوسُهم تَخْفِقُ خَفْقَة أَو خَفْقَتَيْنِ.
وقالَ ابنُ هانِىء فِي كتابِه: خَفَقَ خُفُوقاً: نامَ، وَفِي الحَدِيثِ: كانُوا يَنْتَظِرُونَ العِشاء حَتى تَخْفِقَ رُؤُوسُهُم أَي: ينامُونَ حَتّى تَسْقُطَ أَذْقانُهم على صُدُورِهم وهُم قعُود، وقِيل: هُوَ من الخُفُوقِ: الاضْطِراب كَأخْفَقَ نَقَلَه الصّاغانِيُّ.
وخَفَقَ اللَّيْلُ: ذَهَبَ أكْثَرُه وقالَ ابنُ الأعرابِيِّ: سَقَطَ عَن الأُفُق.
والطائِرُ: طارَ وَهُوَ خَفّاق، قَالَ تَأبَّطَ شَرًّا: (لَا شَيْء أَسرعُ مِنِّي، لَيْس ذَا عُذَر ... وَذَا جَناح بجَنْبِ الرَّيْدِ خَفّاقِ)
وقالَ أَبُو عَمْرٍ و: خَفَقت النّاقَةُ أَي: ضَرِطَتْ، فهِىَ ناقَة خَفُوقٌ.
ويُقالُ: خَفَقَ فُلاناً بالسَّيْفِ يخْفُقُه، ويَخْفِقه إِذا ضَرَبَه بِهِ ضَرْبَةً خَفِيفَةً وكَذلك بالسَّوْطِ والدِّرَّةِ.
وأَيّام الخاقِقاتِ: أَيّامٌ تَناثَرَتْ فِيها النُّجُومُ زَمَن أَبِي العَبّاسِ وأَبِي جَعْفَرٍ العَبّاسِييْنِ.
والخافِقان: عَن ابْنِ عَبّادِ.
والخافِقانِ: المَشْرِقُ والمَغْرِبُ قالَهُ أَبو الهَثَيم، يُقالُ: مَا بَيْنَ الخافِقَيْنِ مثلُه، قالَ أَبُو الهَيْثَم: لأنَّ المَغْرِبَ يُقالٌ لَهُ: الخافِقُ، وَهُوَ الغائِبُ، فغَلَّبُوا المَغْربَ على المَشْرِقِ، فقالُوا: الخافِقانِ، كَمَا قالُوا: الأبوانِ. أَو أفُقاهُما كَمَا فِي الصِّحاح، قالَ: وقالَ ابنُ السِّكِّيتِ: لِأَن اللَّيْلَ والنهارَ يَختَلِفان كَذَا فِي سائِرِ النُّسَخ، وَالصَّوَاب: يَخْفِقانِ فِيهِما كَمَا هُوَ نَصُّ الصِّحاح، وَفِي التَّهْذِيب: يَخْفِقانِ بينَهما.) أَو طَرَفا السَّماءَ والأرْضِ وَهُوَ قولُ الأصْمَعِيِّ وشَمِرٍ. أَو مُنْتَهاهُما وَهُوَ قَوْلُ خالِدِ بنِ جَنْبَةَ، وَفِي الحَدِيثِ: إِنّ ميكائِيل مَنْكِباهُ يَحُكّانِ الخافِقَيْنِ وَفِي النِّهايَةِّ: مَنْكِبا إِسْرافِيلَ يَحُكّانِ الخافِقَيْنِ، أَي: طَرَفَي السَّماءَ والأرْضِ، وَقَالَ خالِدُ ابنُ جَنْبَةَ: الخافِقانِ: هَواءَانِ مُحِيطانِ بجانِبَي الأَرْضِ.
قَالَ: وخَوافِق السَّماءِ: الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهَا الرِّياحُ الأرْبعُ ويُقالُ: أَلْحَقه اللُّهُ بالخافِقِ، وبالخَوافِقِ.
والمِخْفَقُ، كمِنْبَرٍ: السَّيْفُ العَرِيضُ.
والمِخْفَقَةُ، كمِكْنَسَة: الدِّرَّةُ يُضْرَبٌ بهَا أَو سَوْطٌ من خَشَبٍ قالَه اللَّيْثُ.
والخِفْقَةُ، بالكَسْرِ وضَبَطه فِي التَّكْملة بالفَتْح: شَيْءٌ يُضْرَبُ بهِ، نَحو سَيْرٍ أَو دِرَّةٍ وَقد خَفَقَ بهَا.
والخَفْقَةُ: المَفازَةُ المَلْساءُ ذاتُ آلٍ عَن اللَّيْثِ، قَالَ العَجّاجُ: وخَفْقَةٍ ليسَ بِها طُوئِيُّ وَلَا خَلاَ الجِن بهَا إنْسِيُّ أَي: لَيْسَ بهَا أحَدٌ.
ورَجُلٌ خَفّاقُ القَدَم أَي: صَدْرُ قَدَمِه عَرِيضٌ كَمَا فِي الصِّحاح، وأنْشَدَ للراجِزِ: قَدْ لَفَّها اللَّيْلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ خَدَلَّجِ السّاقَيْنِ خَفّاقِ القَدَمْ وقالَ غيرُه: أَي: عَريضُ باطِن القَدَم، وأَنْشَد ابنُ الأعْرابِيِّ: مُهَفْهَفِ الكَشْحَيْنِ خَفّاقِ القَدَمْ وقالَ: مَعْناه أنّه خَفِيفٌ عَلَى الأرْضِ، ليسَ بثَقِيل وَلَا بَطِىءٍ.
وامْرَأَة خَفّاقَةُ الحَشَى أَي: خَمِيصَتُه كَمَا فِي الصِّحاح، وَفِي اللِّسانِ: وقولُ الشّاعِرِ:
(أَلا يَا هَضِيمَ الكَشْح خَفّاقَةَ الحَشَا ... من الغِيدِ أَعناقاً أولاكِ العَواتِق)
إِنّما عَنَى بأَنَّها ضامِرَةُ البَطْقِ خَمِيصَةٌ، وإِذا ضَمُرَت خَفَقَتْ.
والخَفّاقَةُ: الدُّبُرُ عَن ابْنِ دُرَيد قالَ: والخَفَقانُ، مُحَرَّكَةً: اضْطِرابُ القَلْبِ: وهُوَ خَفْقَةٌ تَأخُذُ القَلْبَ فيَضْطَرِبُ لذلِكَ، قَالَ عُروَةُ ابنُ حِزامٍ:
(لقَدْ تَرَكَتً عَفْراءُ قَلْبِي كأّنَّهُ ... جَناحُ غُرابٍ دائِمُ الخَفَقانِ)
والمَخْفُوقُ: ذُو الخَفَقانِ عَن ابْنِ دُرَيْد.)
وقالَ أَبُو عَمروٍ: المَخْفُوقُ المَجْنُون وأَنْشَدَ: مَخْفُوقَة تَزَوَّجَتْ مَخْفُوقَا وقالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ خَفِقٌ وخَفِقَةٌ، ككَتِفِ، وفَرِحَةٍ.
قالَ: وإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: خُفَق وخُفَقَة، مثل رُطَبٍ ورُطَبَةٍ أَي: أَقَبّ أَو بمَنْزِلَتِه. ج خَفِقاتٌ بِكَسْر الْفَاء، وخُفَقات بضَمّ الخاءَ وفَتْح الفاءَ، وخِفاقٌ بالكسرِ.
ورُبما كَانَ الخُفُوقُ فِيها خِلْقَةً، ورُبما كانَ من الضمُورِ، ورُبَّما كانَ من الجَهدِ.
ورُبَّما أفْرِدَ، ورُبَّما أضِيفَ، وأَنْشَدَ فِي الإفْرادِ قولَ الخَنْساء:
(تُرَفِّعُ فَضْلَ سابِغَةٍ دِلاصٍ ... عَلَى خَيفانَةٍ خَفِقٍ حَشاهَا)
وأَنْشَدَ فِي الإِضافَةِ: بِشَنِج مُوَتَّرِ الأنْساءَ حابى الضُّلُوع خَفقِ الأحْشاءِ وأَخْفَقَ الطّائِرُ: إِذا ضَرَبَ بجَناحَيْهِ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأنْشَدَ: كأَنَّها إِخْفاقُ طَيْرٍ لَمْ يَطِرْ وأخْفَق الرَّجُل بثوبِه: إِذا لَمَعَ بهِ نَقَلَه الزَّمَخشَري والصاغانِيُّ والجَوْهَرِيُّ.
وأَخْفَقَتِ النجُومُ: إِذا تَوَلَّتْ للمَغِيبِ نَقَله الجَوْهَرِيًّ عَن يَعْقوبَ، قالَ الشَّمّاخ:
(عَيْرانَةٌ كقتُودِ الرَّحْلِ ناجِيَةٌ ... إِذا النجُومُ تَوَلَّتْ بَعْدَ إِخْفاقِ)
وقِيل: هُوَ إِذا تَلأْلأَت وأَضاءَت.
وأَخْفَق الرَّجُلُ: إِذا غْزا ولَمْ يَغْنَمْ قالَهُ أَبو عُبَيْدٍ، وَبِه فسِّرَ الحَدِيث: أَيَّما سرَيّةٍ غَزَتْ فأخْفَقَتْ كانَ لَهَا أَجْرُها مَرَّتَيْنِ قالَ ابنُ الاثِيرِ: وحَقِيقَةُ الكَلام صادَفَت الغَنِيمَةَ خافِقَةً غيرَ ثابِتَة مُستَقِرة، قَالَ الصّاغانِي: فَهُوَ من بَاب: أجْبَنْتُه، وأَبْخَلْتُه، وأفْحَمْتُه، وَمِنْه قَوْلُ عَنْتَرَةَ يَصِفُ فَرَساً لَهُ:
(فيُخْفِقُ مَرَّةً ويَصِيدُ أُخْرَى ... ويَفْجَعُ ذَا الضَّغائِنِ بالأَرِيبِ)
يَقُول: يَغْزُو عَلَى هَذَا الفَرَسِ، فيَغْنَمُ مَرَّة، وَلَا يَغنَمُ أُخْرَى.
وأخْفَقَ الصائِدُ: إِذا رَجَعَ وَلم يَصِدْ.
وقالَ أَبو عمرٍ و: أَخْفَق فلَانا: إِذا صَرَعَه.
ويُقال: طَلَب حاجَة فأَخْفَقَ: إِذا لم يُدْرِكْها عَن أَبِي عُبَيْدٍ.)
ومُخَفِّق، كمُحَدِّث: ع قالَ رُؤبَة: وَلَا مَعِي مُخَفِّق فعَيْهَمُهْ والحِجْرُ والصَّمّانُ يَحْبُو وَجَمُهْ وَجَمُه، أَي: غْلَظُه.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ: الخَوافِقُ، والخافِقاتُ: الرّاياتُ والأعلامُ.
وأخْفَقَ الفُؤادُ، والرِّيحُ، والبَرْقُ، والسَّيْفُ، والرَّايَةُ: مثلُ خفقَ، عَن ابْنِ سِيدَه.
ويُقالُ: سَيْرُ اللَّيْلِ الخَفْقَتانِ، هما أوَّلُه وآخِرُه، وسَيْرُ النَّهارِ البَرْدانِ، أَي: غُدْوَةً وعَشِيَّةً.
وأَرْضٌ خَفّاقَةٌ: يَخْفِقُ فِيها السَّرابُ.
وأَخْفَقَتِ النجُومُ: إِذا تَلأَلأت وأَضاءَتْ، وَكَأن الهَمْزَةَ فِيهِ للسَّلْبِ، كفَلسَ وأَفْلَسَ.
ورَأَيتُ فُلاناً خافِقَ العَيْنِ، أَي: خاشِعَ العَيْنِ غائِرَها، وَهُوَ مَجازٌ.
وخَفَقَ السَّهْمُ: أَسْرَع.
وامرأَةٌ خَنْفَق، وخَنْفَقِيق: سَرِيعَةٌ جَرِيئة.
والخَنْفَقِيقُ: الدّاهِيَةُ، قَالَ الجَوْهَرِي: قالَ سِيبَوَيْهِ: والنونُ زائِدَةٌ، وأَنْشَدَ لشُتَيم بنِ خُوَيْلد:
(وَقد طَلَقَتْ لَيْلَةً كُلَّها ... فجاءَت بهِ مُؤْدَناً خَنْفَقِيقَاً)
هكَذا أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ، وقالَ ابنُ بَرّىّ: صوابُه:
(زَحَرْتَ بِها لَيْلَةً كُلَّها ... فجاءْتَ بِها مُؤيداً خَنْفَقِيقَاً)
والخَنْفَقِيقُ أَيْضا: النّاقِصُ الخَلْقِ، وَبِه فُسِّرَ البيتُ أَيضاً.
وأَخْفَقَ الرَّجُلُ: قَلَّ مالُه.
والخافِقُ: المَكانُ الخالِي من الأنِيسِ، وقَدْ خَفَقَ: إِذا خَلا، قالَ الرَّاعِي:
(عَوَيْتَ عُواء الكَلْبِ لَمّا لَقِيتَنَا ... بثَهْلانَ من خَوْفِ الفُرُوج الخَوافِقِ)
وخَفَقَ فى البِلادِ خُفُوقاً: إِذا ذَهَبَ.
والخَفْقَةُ: النوْمَةُ الخَفِيفةُ، وَبِه فُسِّرَ حَدِيثُ الدَّجّالِ: يَخْرُجُ فِي خَفْقَةٍ من الدِّينِ يَعْنِي أَنَّ الدِّينَ ناعِسٌ وسَنْانُ فِي ضَعْفِه.
والمَخْفَقُ، كمَقْعَدٍ: موضِعُ خَفْقِ السَّرابِ، قالَ رُؤْبَةُ: ومَخْفَقٍ مِنْ لُهْلُهٍ ولُهْلُهِ)
فِي مَهْمَهٍ أطْرافُه فِي مَهْمَه وقالَ الأصْمَعِيُّ: المَخْفَقُ: الأرْضُ الَّتِي تَسْتَوِى فيَكُونُ فِيها السَّرابُ مُضْطَرِباً.
وأَما قَوْلُ الفَرَزْدَقِ يَهْجُو جَرِيراً:
(غَلَبْتُكَ بالمُفَقىءِ والمُعَنَّى ... وبَيْتِ المُحْتَبِى والخافِقاتِ) فالمَعْنَى: غَلَبْتُكَ بأرْبعَ قَصائِد، مِنْهَا: الخَافِقاتُ، وَهِي قَوْلُه:
(وأَيْنَ تُقَضِّى المالِكانِ أُمُورَها ... بحَقٍّ، وأَيْنَ الخافِقاتُ اللَّوَامِعُ.)

الكلام

الكلام: إظهار ما في الباطن على الظاهر لمن يشهد ذلك بنحو من إنحاء الإظهار. والكلام علم يبحث فيه عن ذات الله وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام.وفي اصطلاح النحاة: المعنى المركب الذي فيه الإسناد التام وعبر عنه بأنه ما تضمن من الكلم إسنادا مفيدا مقصودا لذاته.وقالت المعتزلة: هو حقيقة في اللسان.وقال الأشعري: مرة في النفساني، واختاره السبكي، ومرة مشترك، ونقله الإمام الرازي عن المحققين.
الكلام:
[في الانكليزية] Talk ،speech ،speaking
[ في الفرنسية] Parole ،propos ،dire ،langage discours
بالفتح في الأصل شامل لحرف من حروف المباني والمعاني ولأكثر منها. ولذا قيل الكلام ما يتكلّم به قليلا كان أو كثيرا، واشتهر في عرف أهل اللغة في المركّب من الحرفين فصاعدا، وهو المراد في الجلالي أنّ أدنى ما يقع اسم الكلام عليه المركّب من حرفين، وفيه إشعار بما هو المشهور أنّ الحرف هو الصوت المكيّف، لكن في المحيط أنّ الصوت والحرف كلّ منهما شرط الكلام، إذ لا يحصل الإفهام إلّا بهما كما قال الجمهور. وذهب الكرخي ومن تابعه مثل شيخ الإسلام إلى أنّ الصوت ليس بشرط في حصول الكلام. فلو صحح المصلي الحروف بلا إسماع لم يفسد الصلاة إلّا عند الكرخي وتابعيه هكذا في جامع الرموز في بيان مفسدات الصلاة. وقال الأصوليون الكلام ما انتظم من الحروف المسموعة المتواضع عليها الصادرة عن مختار واحد، والحروف فصل عن الحرف الواحد فإنّه لا يسمّى كلاما، والمسموعة فصل المكتوبة والمعقولة، والمتواضع عليها من المهمل والصادرة الخ. عن الصادر من أكثر من واحد كما لو صدر بعض الحروف عن واحد والبعض من آخر، ويخرج الكلام الذي على حرف واحد مثل ق ور، اللهم إلّا أن يراد أعم من الملفوظة والمقدّرة، هكذا في بعض كتب الأصول. وفي العضدي أنّ أبا الحسين عرّف الكلام بأنّه المنتظم من الحروف المتميّزة المتواضع عليها. قال المحقق التفتازاني والمتميّزة احتراز عن أصوات الطيور، ولمّا لم تكن المكتوبة حروفا حقيقة ترك قيد المسموعة، وفوائد باقي القيود بمثل ما مرّ ومرجع هذا التفسير إلى الأول، لكن في إخراج أصوات الطيور بقيد المتميّزة نظرا إذ أصوات الطيور غير داخلة في الحرف لأنّ التمييز معتبر في ماهية الحروف على ما مرّ في محله.

التقسيم:
مراتب تأليف الكلام خمس. الأول ضمّ الحروف بعضها إلى بعض فتحصل الكلمات الثلاث الاسم والفعل والحرف. الثاني تأليف هذه الكلمات بعضها إلى بعض فتحصل الجمل المفيدة، وهذا هو النوع الذي يتداوله الناس جميعا في مخاطباتهم وقضاء حوائجهم، ويقال له المنثور من الكلام. الثالث ضمّ بعض ذلك إلى بعض ضما له مباد ومقاطع ومداخل ومخارج، ويقال له المنظوم. الرابع أن يعتبر في أواخر الكلم مع ذلك تسجيع ويقال له المسجّع.
الخامس أن يجعل له مع ذلك وزن ويقال له الشعر والمنظوم إمّا مجاورة ويقال له الخطابة وإمّا مكاتبة ويقال له الرسالة. فأنواع الكلام لا تخرج عن هذه الأقسام كذا في الاتقان في بيان وجوه إعجاز القرآن. وقال النحاة الكلام لفظ تضمّن كلمتين بالإسناد ويسمّى جملة ومركّبا تاما أيضا أي يكون كلّ واحدة من الكلمتين حقيقة كانتا أو حكما في ضمن ذلك اللفظ، فالمتضمّن اسم فاعل هو المجموع والمتضمّن اسم مفعول كلّ واحدة من الكلمتين فلا يلزم اتحادهما، فاللفظ يتناول المهملات والمفردات والمركّبات، وبقيد تضمّن كلمتين خرجت المهملات والمفردات، وبقيد الإسناد خرجت المركّبات الغير الإسنادية من المركّبات التي من شأنها أن لا يصحّ السكوت عليها، نحو: عارف زيد على الإضافة وزيد العارف على الوصفية وزيد نفسه على التوكيد فإنّها لا تسمّى كلاما ولا جملة، وهذا عند من يفسّر الإسناد بضمّ إحدى الكلمتين إلى الأخرى بحيث يفيد السامع. وأمّا عند من يفسّره بضمّ أحدهما إلى الأخرى مطلقا فيقال المراد بالإسناد عنده هاهنا الإسناد الأصلي، وحيث كانت الكلمتان أعمّ من أن تكونا كلمتين حقيقة أو حكما دخل في التعريف مثل زيد أبوه قائم أو قام أبوه أو قائم أبوه فإنّ الأخبار فيها وإن كانت مركّبات لكنها في حكم المفردات، أعني قائم الأب ودخل فيه أيضا جسق مهمل وديز مقلوب زيد مع أنّ المسند إليه فيهما مهمل ليس بكلمة فإنّه في حكم هذا اللفظ. ثم إنّ هذا التعريف ظاهر في أنّ ضربت زيدا قائما بمجموعة كلام بخلاف كلام صاحب المفصّل حيث قال: الكلام هو المركّب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى فإنّه صريح في أنّ الكلام هو ضربت، والمتعلّقات خارجة عنه، ثم اعلم أنّ صاحب المفصّل وصاحب اللباب ذهبا إلى ترادف الكلام والجملة، وظاهر هذين التعريفين يدلّ على ذلك، لكن الاصطلاح المشهور على أنّ الجملة أعمّ من الكلام مطلقا لأنّ الكلام ما تضمّن الإسناد الأصلي وكان إسناده مقصودا لذاته، والجملة ما تضمّن الإسناد الأصلي سواء كان إسناده مقصودا لذاته أولا، فالمصدر والصفات المسندة إلى فاعلها ليســت كلاما ولا جملة لأنّ إسنادها ليســت أصلية، والجملة الواقعة خبرا أو وصفا أو حالا أو شرطا أو صلة ونحو ذلك مما لا يصحّ السكوت عليها جملة وليســت بكلام لأنّ إسنادها ليس مقصودا لذاته. هذا كله خلاصة ما في شروح الكافية والمطوّل في تعريف الوصل والوافي وغيرها.

التقسيم:
اعلم أنّ الحذّاق من النحاة وغيرهم وأهل البيان قاطبة على انحصار الكلام في الخبر والإنشاء وأنّه ليس له قسم ثالث. وادّعى قوم أنّ أقسام الكلام عشرة: نداء ومسئلة وأمر وتشفّع وتعجّب وقسم وشرط ووضع وشك واستفهام. وقيل تسعة بإسقاط الاستفهام لدخوله في المسألة. وقيل ثمانية بإسقاط التشفّع لدخوله فيها. وقيل سبعة بإسقاط الشكّ لأنّه من قسم الخبر. وقال الأخفش هي ستة: خبر واستخبار وأمر ونهي ونداء وتمنّ. وقال قوم أربعة خبر واستخبار وطلب ونداء. وقال كثيرون ثلاثة خبر وطلب وإنشاء، قالوا لأنّ الكلام إمّا أن يحتمل التصديق والتكذيب أو لا. الأول الخبر والثاني إن اقترن معناه بلفظه فهو الإنشاء وإن لم يقترن بلفظه بل تأخّر عنه فهو الطلب. والمحقّقون على دخول الطلب في الإنشاء وإنّ معنى اضرب وهو طلب الضرب مقترن بلفظه، وأمّا الضرب الذي يوجد بعد ذلك فهو متعلّق الطلب لا نفسه.

وقال بعض من جعل الأقسام ثلاثة: الكلام إن أفاد بالوضع طلبا فلا يخلو إمّا أن يطلب ذكر الماهية أو تحصيلها أو الكفّ عنها. الأول الاستفهام والثاني الأمر والثالث النهي. وإن لم يفد طلبا بالوضع فإن لم يحتمل الصدق والكذب يسمّى تنبيها وإنشاء لأنّك نبّهت به على مقصودك وأنشأته أي ابتكرته من غير أن يكون موجودا في الخارج، سواء أفاد طلبا باللازم كالتمنّي والترجّي والنداء والقسم أولا، كأنت طالق، وإن احتملهما من حيث هو فهو الخبر كذا في الاتقان. وسيأتي ما يتعلّق بهذا في لفظ المركّب، وسمّى ابن الحاجب في مختصر الأصول غير الخبر بالتنبيه وأدخل فيه الأمر والنّهي والتمنّي والترجّي والقسم والنّداء والاستفهام. قال المحقّق التفتازاني هذه التسمية غير متعارف.
فائدة:
الكلام في العرف اللغوي لا يشتمل الحرف الواحد وفي العرف الأصولي لا يشتمل المهمل وفي العرف النحوي لا يشتمل الكلمة والمركّبات الغير التامة كما لا يخفى، فكل معنى أخصّ مطلقا مما هو قبله، والمعنى الأول أعمّ مطلقا من الجميع. اعلم أنّه لا اختلاف بين أرباب الملل والمذاهب في كون البارئ تعالى متكلّما إنّما الاختلاف في معنى كلامه وفي قدمه وحدوثه، وذلك لأنّ هاهنا قياسين متعارضين أحدهما أنّ كلام الله تعالى صفة له، وكلما هو كذلك فهو قديم فكلام الله تعالى قديم. وثانيهما أنّ كلامه تعالى مؤلّف من أجزاء مترتّبة متعاقبة في الوجود، وكلما هو كذلك فهو حادث، فكلامه تعالى حادث، فافترق المسلمون إلى فرق أربع. ففرقتان منهم ذهبوا إلى صحّة القياس الأول وقدحت واحدة منهما في صغرى القياس الثاني وقدحت الأخرى في كبراه.
وفرقتان أخريان ذهبوا إلى صحّة الثاني وقدحوا في إحدى مقدمتي الأول. فالحنابلة صحّحوا القياس الأول ومنعوا كبرى الثاني وقالوا كلامه حرف وصوت يقومان بذاته وإنّه قديم، وقد بالغوا فيه حتى قال بعضهم بالجهل الجلد والغلاف قديمان. والكرّامية صحّحوا القياس الثاني وقدحوا في كبرى الأول وقالوا كلامه حروف وأصوات وسلّموا أنها حادثة لكنهم زعموا أنّها قائمة بذاته تعالى لتجويزهم قيام الحوادث بذاته تعالى. والمعتزلة صحّحوا الثاني وقدحوا في كبرى الأول وقالوا كلامه حروف وأصوات لكنها ليســت قائمة بذاته تعالى بل يخلقها الله تعالى في غيره كاللوح المحفوظ أو جبرئيل أو النبي وهو حادث. والأشاعرة صحّحوا القياس الأول ومنعوا صغرى الثاني وقالوا كلامه ليس من جنس الأصوات والحروف بل هو معنى قائم بذاته تعالى قديم مسمّى بالكلام النفسي الذي هو مدلول الكلام اللفظي الذي هو حادث وغير قائم بذاته تعالى قطعا، وذلك لأنّ كلّ من يأمر وينهي ويخبر يجد من نفسه معنى ثم يدلّ عليه بالعبارة أو الكتابة أو الإشارة وهو غير العلم إذ قد يخبر الإنسان عمّا لا يعلم بل يعلم خلافه، وغير الإرادة لأنّه قد يأمر بما لا يريده كمن أمر عبده قصدا إلى إظهار عصيانه وعدم امتثاله لأوامره ويسمّى هذا كلاما نفسيا على ما أشار إليه الأخطل بقوله:
إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنّما جعل اللسان على الفؤاد دليلا.

وقال عمر رضي الله عنه: إنّي زورت في نفسي مقالة. وكثيرا ما تقول لصاحبك إنّ في نفسي كلاما أريد أن أذكره لك. فلما امتنع اتصافه تعالى باللفظي لحدوثه تعيّن اتصافه بالنفسي إذ لا. اختلاف في كونه متكلّما.
وبالجملة فما يقوله المعتزلة وهو خلق الأصوات والحروف وحدوثها فالأشاعرة معترفون به ويسمّونه كلاما لفظيا. وما يقوله الأشاعرة من كلام النفس فهم ينكرون ثبوته ولو سلّموه لم ينفوا قدمه فصار محلّ النزاع بينهم وبين الأشاعرة نفي المعنى النفسي وإثباته. فأدلتهم الدالة على حدوث الألفاظ إنّما تفيدهم بالنسبة إلى الحنابلة، وأمّا بالنسبة إلى الأشاعرة فيكون نصبا للدليل في غير محلّ النزاع، كذا في شرح المواقف وتمام التحقيق قد سبق في لفظ القرآن.
وقال الصوفية الكلام تجلّي علم الله سبحانه باعتبار إظهاره إيّاه، سواء كانت كلماته نفس الأعيان الموجودة أو كانت المعاني التي يفهمها عباده إمّا بطريق الوحي أو المكالمة أو أمثال ذلك لأنّ الكلام لله تعالى في الجملة صفة واحدة نفسية، لكن لها جهتين: الجهة الأولى على نوعين. النوع الأول أن يكون الكلام صادرا عن مقام العزّة بأمر الألوهية فوق عرش الربوبية وذلك أمره العالي الذي لا سبيل إلى مخالفته، لكن طاعة الكون له من حيث يجهله ولا يدريه، وإنّما الحقّ سبحانه يسمع كلامه في ذلك المجلى عن الكون الذي يريد تقدير وجوده، ثم يجري ذلك الكون على ما أمره به عناية منه ورحمة سابقة ليصحّ للوجود بذلك اسم الطاعة فتكون سعيدا. وإلى هذا أشار بقوله في مخاطبته للسماء والأرض ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ. فحكم للأكوان بالطاعة تفضّلا منه، ولذلك سبقت رحمته غضبه.
والمطيع مرحوم فلو حكم عليها بأنّها أتت مكرهة لكان ذلك الحكم عدلا إذ القدرة تجبر الكون على الوجود إذ لا اختيار للمخلوق ولكان الغضب حينئذ أسبق إليه من الرحمة لكنه تفضّل فحكم لها بالطاعة، فما ثمّ عاص له من حيث الجملة في الحقيقة، وكلّ الموجودات مطيعة له تعالى ولهذا آل حكم النّار إلى أن يضع الجبّار فيها قدمه فيقول قط قط فتزول وينبت في محلّها شجر الجرجير كما ورد في الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأمّا النوع الثاني منها فهي الصادرة من مقام الربوبية بلغة الأنس بينه وبين خلقه كالكتب المنزّلة على أنبيائه والمكالمات لهم ولمن دونهم من الأولياء، ولذلك وقعت الطاعة والمعصية في الأوامر المنزّلة في الكتب من المخلوق لأنّ الكلام صدر بلغة الأنس، فهم في الطاعة كالمخيرين أعني جعل نسبة اختيار الفعل إليهم ليصحّ الجزاء في المعصية بالعذاب عدلا، ويكون الثواب في الطاعة فضلا لأنّه جعل نسبة الاختيار إليهم بفضله ولم يكن ذلك إلّا بجعله لهم، وما جعل ذلك إلّا لكي يصحّ لهم الثواب، فثوابه فضل وعقابه عدل. وأمّا الجهة الثانية فاعلم أنّ كلام الحقّ نفس أعيان الممكنات، وكلّ ممكن كلمة من كلماته، ولذا لا نفود للممكن. قال تعالى قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ الآية، فالممكنات هي كلمات الحقّ سبحانه وذلك لأنّ الكلام من حيث الجملة صورة لمعنى في علم المتكلّم، أراد المتكلّم بإبراز تلك الصورة فهم السامع ذلك المعنى، فالموجودات كلمات الله تعالى وهي الصورة العينية المحسوسة والمعقولة الوجودية، وكلّ ذلك صور المعاني الموجودة في علمه وهي الأعيان الثابتة. وإن شئت قلت حقائق الأشياء.
وإن شئت قلت ترتيب الألوهية. وإن شئت قلت بساطة الوحدة. وإن شئت قلت تفصيل الغيب.

موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم ج 2 1374 فائدة: ..... ص: 1372

إن شئت قلت ترتيب الألوهية. وإن شئت قلت بساطة الوحدة. وإن شئت قلت تفصيل الغيب.
وإن شئت قلت صور الجمال. وإن شئت قلت آثار الأسماء والصفات. وإن شئت قلت معلومات الحقّ. وإن شئت قلت الحروف العاليات، فكما أنّ المتكلّم لا بدّ له في الكلام من حركة إرادية للتكلّم ونفس خارج بالحروف من الصّدر الذي هو غيب إلى ظاهر الشفة، كذلك الحقّ سبحانه في إبرازه لخلقه من عالم الغيب إلى عالم الشهادة يريد أولا ثم تبرزه القدرة، فالإرادة مقابلة للحركة الإرادية التي في نفس المتكلّم، والقدرة مقابلة للنفس الخارج بالحروف من الصّدر إلى الشفة لأنّها تبرز من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، وتكوين المخلوق مقابل لتركيب الكلمة على هيئة مخصوصة في نفس المتكلّم، كذا في الإنسان الكامل.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.