لَمْف [مفرد]
• الــلَّمْفُ: (حي) مائعٌ لا لونَ له، يكتنف الأنسجةَ ويجري في المجاري والقنوات الــلَّمفــاويّة، ثمَّ يذهب إلى الدَّم عن طريق القناة الصَّدريّة، وهو يتألَّف من سائل به مادَّة تتخثَّر تُشْبه بلازما الدَّم، ومن كثير من خلايا الدَّم البيض.
نقل: النَّقْلُ: تحويلُ الشيء من موضع إِلى موضع، نَقَله يَنْقُله
نَقْلاً فانتَقَل. والتَّنَقُّل: التحوُّل. ونَقَّله تَنْقِيلاً إِذا أَكثر
نقله. وفي حديث أُم زرع: لا سَمِين فيَنْتَقِل أَي ينقُله الناس إِلى
بيوتهم فيأْكلونه. والنُّقْلة: الاسم من انتِقال القوم من موضع إِلى موضع،
وهمزة النَّقْل التي تَنْقُل غير المتعدِّي إِلى المتعدِّي كقولك قام
وأَقَمْتُه، وكذلك تشديدُ النَّقْل هو التضعيفُ الذي يَنْقُل غير المتعدي إِلى
المتعدي كقولك غَرِم وغَرَّمْتُه وفَرِح وفَرَّحْته. والنُّقْلة:
الانتِقال. والنُّقْلة: النمِيمةُ تنْقُلها. والناقِلةُ من نَواقِل الدهر: التي
تنقُل قوماً من حال إِلى حال. والنَّواقِلُ من الخَراج: ما يُنْقَل من
قرية إِلى أُخرى. والنواقِلُ: قَبائل تَنتَقِل من قوم إِلى قوم. والناقِلةُ
من الناس: خلافُ القُطَّان. والناقِلةُ: قبيلةٌ تنتقل إِلى أُخرى.
التهذيب: نَواقِل العرب من انتقَل من قبيلة إِلى قبيلة أُخرى فانتَمى إِليها.
والنَّقلُ: سرعة نَقْل القوائم. وفرس مِنْقَل أَي ذو نَقَل وذو نِقال.
وفرس مِنْقَل ونَقَّال ومُناقِل: سريع نَقْل القوائم، وإِنه لذو نَقِيل.
والتَّنْقِيل: مثل النَّقَل؛ قال كعب:
لهنّ، من بعدُ، إِرْقالٌ وتَنْقِيلُ
والنَّقِيلُ: ضرب من السير وهو المُداومة عليه. ويقال: انتَقَل سار
سيراً سريعاً؛ قال الراجز:
لو طَلَبونا وجَدُونا نَنْتَقِلْ،
مثلَ انْتِقال نَفَرٍ على إِبِلْ
وقد ناقَلَ مُناقلةً ونِقالاً، وقيل: النِّقالُ الرَّدَيان وهو بين
العدْو والخَبَبِ. والفرس يُناقِل في جَرْيه إِذا اتَّقى في عَدْوه الحجارة.
ومُناقَلةُ الفرس: أَن يضع يدَه ورجله على غير حجَر لحسْن نَقْلِه في
الحجارة؛ قال جرير:
من كل مُشْتَرِفٍ، وإِن بَعُدَ المَدى،
ضَرِمِ الرَّقاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ
وأَرض جَرِلةٌ: ذاتُ جَراوِل وغِلظ وحجارة.
والمُنَقِّلة، بكسر القاف، من الشِّجاج: التي تُنَقِّل العظم أَي تكسره
حتى يخرج منها فَراشُ العِظام، وهي قُشور تكون على العَظْم دون اللحم.
ابن الأَعرابي: شَجَّة مُنَقِّلة بَيِّنة التَّنْقيل، وهي التي تخرج منها
كِسَرُ العِظام، وورد ذكرها في الحديث قال: وهي التي يخرج منها صِغار
العِظام وتنتَقِل عن أَماكنها، وقيل: هي التي تُنَقِّل العظم أَي تكسره، وقال
عبد الوهاب بن جَنْبة: المنقِّلة التي تُوضِح العظم من أَحد الجانبين
ولا توضِحه من الجانب الآخر، وسميت منقِّلة لأَنها تَنْقُل جانِبَها الذي
أَوْضَحَتْ عظمَه بالمِرْوَد، والتَّنْقِيل: أَن ينقل بالمِرْوَد ليسمع
صوت العظم لأَنه خفي، فإِذا سمع صوت العظم كان أَكثر لنَذْرِها وكانت مثلَ
نصف المُوضِحة؛ قال الأَزهري: وكلام الفقهاء هو أَول ما ذكرناه من أَنها
التي تنقِّل فَراشَ العِظام، وهو حكاية أَبي عبيد عن الأَصمعي، وهو
الصواب؛ قال ابن بري: المشهور الأَكثر عند أَهل اللغة المنقلة، بفتح
القاف.والمَنْقَلةُ: المَرْحلة من مَراحل السفر. والمَناقِل: المَراحِل.
والمَنْقَلُ: الطريق في الجبل. والمَنْقَل: طريق مختصَر. والنَّقْل:
الطريق المختصر. والنَّقَل: الحجارة كالأَثافِيِّ والأَفْهار، وقيل: هي
الحجارة الصِّغار، وقيل: هو ما يبقى من الحجر إِذا اقتُلِع، وقيل: هو ما بقي
من الحجارة إِذا قُلِع جبَل ونحوه، وقيل: هو ما يبقى من حجَر الحِصْن أَو
البيت إِذا هُدِم، وقيل: هو الحجارة مع الشجر. وفي الحديث: كان على قبر
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، النَّقَل؛ هو بفتحتين صِغار الحجارة
أَشباه الأَثافيّ، فَعَلٌ بمعنى مفعول أَي مَنْقول. ونَقِلَتْ أَرضُنا فهي
نَقِلة: كثر نَقَلُها؛ قال:
مَشْيَ الجُمَعْلِيلةِ بالحَرْفِ النَّقِلْ
ويروى: بالجُرْف، بالجيم. وأَرضَ مَنْقَلة: ذاتُ نَقَل. ومكان نَقِلٌ،
بالكسر على النسب، أَي حَزْنٌ. وأَرض نَقِلةٌ: فيها حجارة، والحجارةُ التي
تَنْقُلُها قوائمُ الدابة من موضع إِلى موضع نَقِيلٌ؛ قال جرير:
يُناقِلْنَ النَّقِيلَ، وهُنّ خُوصٌ
بغُبْر البِيد خاشعةِ الخُرومِ
وقيل: يَنْقُلْن نَقِيلَهنّ أَي نِعالَهنّ. والنَّقْلةُ والنَّقْلُ
والنِّقْلُ والنَّقَلُ: النعل الخَلَقُ أَو الخفُّ، والجمع أَنْقال ونِقال؛
قال:
فصَبَّحَتْ أَرْعَلَ كالنِّقالِ
يعني نباتاً مُتهَدِّلاً من نَعْمته، شبَّهه في تَهَدُّله بالنعْل
الخَلَق التي يجرُّها لابسها. والمَنْقَلةُ: كالنَّقْلِ.
والنَّقائلُ: رِقاعُ النَّعل والخُفِّ، واحدتها نَقِيلة. والنَّقِيلة
أَيضاً: الرُّقْعة التي يُنْقَل بها خفُّ البعير من أَسفله إِذا حَفِيَ
ويُرْقَع، والجمع نَقائِل ونَقِيلٌ. وقد نَقَلَه وأَنْقَل الخُفَّ والنعلَ
ونَقَله ونَقَّله: أَصلحه، ونعل مُنَقَّلة. قال الأَصمعي: فإِن كانت النعل
خلَقاً قيل نِقْل، وجمعه أَنْقال. وقال شمر: يقال نَقَلٌ ونِقْلٌ، وقال
أَبو الهيثم: نعل نَقْلٌ. وفي حديث ابن مسعود: ما مِنْ مُصَلًّى لامرأَة
أَفضَل من أَشدّ مكاناً في بيتها ظُلمةً إِلاَّ امرأَة قد يَئِسَتْ من
البُعُولة فهي في مَنْقَلِها؛ قال الأُموي: المَنْقَل الخفّ؛ وأَنشد
للكميت:وكان الأَباطِحُ مِثْلَ الأَرِينِ،
وشُبِّه بالحِفْوَةِ المَنْقَلُ
أَي يُصيب صاحبَ الخُفِّ ما يُصيب الحافي من الرَّمْضاءِ؛ قال أَبو
عبيد: ولولا أَن الرواية في الحديث والشعر اتَّفقا على فتح الميم ما كان وجه
الكلام في المَنْقَل إِلاَّ كسر الميم. وقال ابنُ بُزُرْج: المَنْقَلُ في
شعر لبيد الثَّنِيَّة، قال: وكل طريق مَنْقَل؛ وأَنشد:
كَلاَّ ولا، ثم انْتَعَلْنا المَنْقَلا
قِتْلَيْن منها: ناقةً وجَمَلا،
عَيْرانةً وماطِلِيّاً أَفْتَلا
قال: ويقال للخفين المَنْقَلان، وللنَّعْلين المَنْقَلان. ابن
الأَعرابي: يقال للخف المَنْدَل والمِنْقَل، بكسر الميم. قال ابن بري في كتاب
الرَّمَكِيِّ بخط أَبي سهل الهرَوي: في نص حديث ابن مسعود: من أَشد مكانٍ،
بالخفض، وهو الصحيح. الفراء: نَعْلٌ مُنَقَّلة مطرَّقة، فالمُنَقَّلة
المرقوعة، والمُطَرَّقة التي أُطبق عليها أُخرى. وقال نُصير لأَعرابي: ارْقَع
نَقْلَيْك أَي نَعْلَيْك. الجوهري: يقال جاء في نَقْلَيْن له ونِقْلَيْن
له. ونَقَل الثوبَ نَقْلاً: رَقَعه.
والنِّقْلة: المرأَة تُتْرَك فلا تخطب لكِبَرها.
والنَّقِيلُ: الغريب في القوم إِن رافَقهم أَو جاوَرهم، والأُنثى
نَقِيلة ونَقِيل؛ قال وزعموا أَنه للخنساء:
تركْتَني وَسْطَ بَني عَلَّةٍ،
كأَنَّني بعْدَك فيهم نَقِيلْ
ويقال: رجل نَقِيل إِذا كان في قوم ليس منهم. ويقال للرجل: إِنه ابن
نَقِيلة ليست من القوم أَي غريبة.
ونَقَلةُ الوادي: صوتُ سَيْله، يقال: سمعت نَقَلة الوادي وهو صوت السيل.
والنَّقيل: الأَتيُّ وهو السيل الذي يجيء من أَرض مُطِرَت إِلى أَرض لم
تمطَر؛ حكاه أَبو حنيفة.
والنَّقَل في البعير: داء يصيب خفَّه فيتخَرَّق. والنَّقِيلُ: الطريق،
وكل طريق نَقِيل؛ قال ابن بري: وأَنشد أَبو عمرو:
لمَّا رأَيت بسُحْرة إِلْحاحها،
أَلْزَمْتها ثَكَمَ النَّقِيل اللاحِب
النَّقِيلُ: الطريق، وثَكَمُه وسطُه، وإِلْحاحُ الدابة وقوفُها على
أَهلها لا تبرح. والنَّقَلُ: مراجعة الكلام في صَخَب؛ قال لبيد:
ولقد يعلَم صحْبي كلُّهم،
بِعَِدانِ السَّيفِ، صَبْري ونَقَلْ
أَبو عبيد: النَّقَل المُناقَلة في المنطِق. وناقَلْتَ فلاناً الحديثَ
إِذا حدَّثته وحدَّثك. ورجل نَقِلٌ: حاضر المنطِق والجواب، وأَنشد للبيد
هذا البيت أَيضاً: صَبْرِي ونَقَلْ.
وقد ناقَله. وتَناقل القومُ الكلامَ بينهم: تنازَعوه؛ فأَما ما أَنشده
ابن الأَعرابي من قول الشاعر:
كانت إِذا غَضِبتْ عليَّ تطلَّمتْ،
وإِذا طَلَبْتُ كلامَها لم تَنْقَل
(* قوله «تطلمت» هكذا في الأصل والمحكم بالطاء المهملة).
قال ابن سيده: فقد يكون من النَّقَل الذي هو حضور المنطِق والجواب، قال:
غير أَنَّا لم نسمع نَقِل الرجل إِذا جاوَب، وإِنما نَقِلٌ عندنا على
النسب لا على الفعل، إِلاَّ أَن نجهل ما علم غيرُنا فقد يجوز أَن تكون
العرب قالت ذلك إِلاَّ أَنه لم يبلغنا نحن، قال: وقد يكون تَنْقَل تَنْفَعِل
من القَوْل كقولك لم تَنْقَد من الانقياد، غير أَنَّا لم نسمعهم قالوا
انْقالَ الرجلُ على شَكْل انْقادَ، قال: وعسى أَن يكون ذلك مَقُولاً أَيضاً
إِلاَّ أَنه لم يصل إِلينا، قال: والأَسبق إِليَّ أَنه من النَّقَل الذي
هو الجواب لأَن ابن الأَعرابي لمَّا فسره قال: معناه لم تُجاوِبني.
والنَّقْل: ما يَعْبَث به الشارب على شَرابه، وروى الأَزهري عن المنذري
عن أَبي العباس أَنه قال: النَّقْل الذي يُتَنَقَّل به على الشَّراب، لا
يقال إِلاّ بفتح النون. الجوهري: والنُّقْل، بالضم، ما يُتَنَقَّل به على
الشراب، وفي بقيَّة النسخ: النَّقْل، بالفتح. وحكى ابن بري عن ابن
خالويه قال: النَّقْل بفتح النون الانْتقال على النبيذ، والعامة تضمُّه. وقال
ابن دريد: النَّقَل، بفتح النون والقاف، الذي يُتنقَّل به على الشراب.
والنَّقَل: المُجادلة. وأَرض ذات نَقَل أَي ذات حجارة؛ قال: ومنه قول
القَتَّال الكلابي:
بَكْرِيُّه يَعْثُرُ في النِّقال
وقول الأَعشى:
غَدَوْتُ عليها، قُبَيْلَ الشُّرو
قِ، إِمَّا نِقالاً وإِمَّا اغْتِمارا
قال بعضهم: النِّقال مُناقَلة الأَقْداح. يقال: شَهِدت نِقالَ بني فلان
أَي مجلِس شَرابهم. وناقَلْت فلاناً أَي نازعته الشرابَ.
والنِّقال: نصالٌ عريضة قصيرة من نِصال السهام، واحدتها نَقْلة، يمانية.
والنَّقَل، بالتحريك، من رِيشات السهام: ما كان على سهم آخر. الجوهري:
النَّقَل، بالتحريك، الريشُ يُنْقَل من سهم فيجعل على سهم آخر؛ يقال: لا
تَرِشْ سهمي بِنَقَل، بفتح القاف؛ قال الكميت يصف صائداً وسهامه:
وأَقدُحٌ كالظُّبَات أَنْصُلُها،
لا نَقَلٌ رِيشُها ولا لَغَبُ
الجوهري: والأَنْقِلاءُ ضرب من التمر بالشام. والنِّقالُ أَيضاً: أَن
تشرَب الإِبل نَهَلاً وعَلَلاً بنفسها من غير أَحد، يقال: فرس مِنْقَل وقد
نَقَلْتها أَنا؛ وقال عدي بن
زيد يصف فرساً:
فَنَقَلْنا صَنْعَه حتى شَتَا
ناعِمَ البال، لَجُوجاً في السَّنَنْ
صَنْعه: حُسْن القيام عليه، والسَّنَن: اسْتِنانُه ونَشاطُه.
كسب: الكَسْبُ: طَلَبُ الرِّزْقِ، وأَصلُه الجمع. كَسَبَ يَكْسِبُ
كَسْباً، وتَكَسَّبَ واكْتَسَب. قال سيبويه: كَسَبَ أَصابَ، واكْتَسَب:
تَصَرَّف واجْتَهَد. قال ابن جني: قولُه تعالى: لها ما كَسَبَتْ، وعليها ما اكْتَسَبَتْ؛ عَبَّر عن الحسنة بِكَسَبَتْ، وعن السيئة باكْتَسَبَتْ، لأَن معنى كَسَبَ دون معنى اكْتَسَبَ، لِـما فيه من الزيادة، وذلك أَن كَسْبَ الحسنة، بالإِضافة إِلى اكْتِسابِ السيئة، أَمْرٌ يسير ومُسْتَصْغَرٌ، وذلك لقوله، عَزَّ اسْمُه: من جاءَ بالحسنة فله عَشْرُ أَمثالها، ومن جاءَ بالسيئة فلا يُجْزَى إِلا مِثْلَها؛ أَفلا تَرى أَن الحسنةَ تَصْغُر بـإِضافتها إِلى جَزائها، ضِعْف الواحدِ إِلى العشرة؟ ولما كان جَزاءُ السيئة إِنما هو بمثلها لم تُحْتَقَرْ إِلى الجَزاءِ عنها، فعُلم بذلك قُوَّةُ فِعْلِ السيئة على فِعْلِ الحسنة، فإِذا كان فِعْل السيئة ذاهباً بصاحبه إِلى هذه الغاية البعيدة الـمُتَرامِـيَة، عُظِّمَ قَدْرُها وفُخِّمَ لفظ العبارة عنها، فقيل: لها ما كَسَبَتْ وعليها ما اكْتَسَبَتْ، فزيدَ في لفظ فِعْل السيئة، وانْتُقِصَ من لفظ فِعْل الحسنة، لما ذَكَرْنا. وقولهُ تعالى: ما أَغْنَى عنه مالُه وما كَسَبَ؛ قيل: ما كَسَبَ، هنا، ولَدُه، إِنه لَطَيِّبُ الكَسْب، والكِسْبة، والـمَكْسِـبَة، والـمَكْسَبَةِ، والكَسِـيبةِ، وكَسَبْت الرجلَ خيراً فكَسَبَه وأَكْسَبَه إِياه، والأُولى أَعلى؛ قال:
يُعاتِـبُني في الدَّيْنِ قَوْمي، وإِنما * دُيونيَ في أَشياءَ تَكْسِـبُهم حَمْدا
ويُروى: تُكْسِـبُهم، وهذا مما جاءَ على فَعَلْتُه ففَعَل، وتقول: فلانٌ
يَكْسِبُ أَهلَه خَيْراً. قال أَحمد بن يحيـى، كلُّ الناس يقول:
كَسَبَكَ فلانٌ خَيْراً، إِلا ابنَ الأَعرابي، فإِنه قال: أَكْسَبَكَ فلانٌ
خَيْراً.
وفي الحديث: أَطْيَبُ ما يأْكلُ الرجلُ من كسْبه، ووَلَدُه من كَسْبِه.
قال ابن الأَثير: إِنما جَعَلَ الوَلَد كَسْباً، لأَن الوالدَ طَلَبه، وسَعَى في تحصيله؛ والكَسْبُ: الطَّلَبُ والسَّعْيُ في طَلَبِ الرزق
والـمَعيشةِ؛ وأَراد بالطَّيِّب ههنا الـحَلالَ؛ ونفقةُ الوالِدَيْن واجبة على الولد إِذا كانا محتاجَيْنِ عاجِزَيْن عن السَّعْي، عند الشافعي؛ وغيرُه لا يشترط ذلك. وفي حديث خديجة: إِنك لتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ الـمَعْدُومَ. ابن الأَثير: يقال: كَسَبْتُ زيداً مالاً، وأَكْسَبْتُ زيداً مالاً أَي أَعَنْتُه على كَسْبه، أَو جَعَلْتُه
يَكْسِـبُه، فإِن كان من الأَوّل، فتُريدُ أَنك تَصِلُ إِلى كلِّ مَعْدوم
وتَنالُه، فلا يَتَعَذَّرُ لبُعْدِه عليك، وإِن جعلته متعدِّياً إِلى اثنين،
فتُريدُ أَنك تُعْطِـي الناس الشيءَ المعدومَ عندهم، وتُوَصِّلُه إِليهم.
قال: وهذا أَوْلَى القَوْلَين، لأَنه أَشبه بما قبله، في باب التَّفَضُّل
والإِنْعامِ، إِذ لا إِنْعام في أَن يَكْسِبَ هو لنفسه مالاً كان معدوماً
عنده، وإِنما الإِنعام أَن يُولِـيَه غيرَه. وباب الحظِّ والسعادة في
الاكتساب، غيرُ
بابِ التفضل والإِنعام. وفي الحديث: أَنه نَهَى عن كَسْب الإِماءِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ مطلقاً في رواية أَبي هريرة، وفي
رواية رافع بن خَديج مُقَيَّداً، حتى يُعْلَم من أَين هو، وفي رواية أُخرى: إِلا ما عَمِلَتْ بيدها، ووجهُ الإِطلاق أَنه كان لأَهل مكة والمدينة إِماءٌ، عليهنَّ ضَرائِبُ، يَخْدُمْنَ الناسَ ويأْخُذْنَ أَجْرَهُنَّ،
ويُؤَدِّينَ ضَرائبَهن، ومن تكون مُتَبَذِّلة داخلةً خارجةً وعليها ضريبةٌ فلا يُؤْمَنُ أَن تَبْدُرَ منها زَلَّة، إِما للاستزادة في المعاش، وإِما لشَهوة تَغلِبُ، أَو لغير ذلك، والمعصومُ قليل؛ فنَهَى عن كَسْبِهنَّ مطلقاً تَنَزُّهاً عنه، هذا إِذا كان للأَمة وجهٌ معلومٌ تَكْسِبُ منه، فكيف إِذا لم يكن لها وجه معلوم؟ ورجل كَسُوبٌ وكَسَّابٌ، وتَكَسَّبَ أَي تَكَلَّف الكَسْبَ.
والكَواسِبُ: الجوارحُ.
وكَسابِ: اسم للذئب، وربما جاءَ في الشِّعر كُسَيباً. الأَزهري: وكَسابِ اسم كَلْبة. وفي الصحاح: كَسابِ مثل قَطامِ، اسم كلبة. ابن سيده: وكَسابِ من أَسماءِ إِناث الكلاب، وكذلك كَسْبةُ؛ قال الأَعشى:
ولَزَّ كَسْبةَ أُخْرى، فَرْعُها فَهِقُ
وكُسَيْبٌ: من أَسماءِ الكلاب أَيضاً، وكلُّ ذلك تَفَؤُّلٌ بالكَسْب
والاكتِسابِ. وكُسَيْبٌ: اسم رجل، وقيل: هو جَدُّ العَجَّاج لأُمِّه؛ قال له بعضُ مُهاجِـيه، أُراه جريراً:
يا ابْنَ كُسَيْبٍ! ما علينا مَبْذَخُ، * قد غَلَبَتْكَ كاعِبٌ تَضَمَّخُ
يعني بالكاعب لَيْلى الأَخْيَلِـيَّة، لأَنها هاجتِ العَجَّاجَ فَغَلَبَتْه.
والكُسْبُ: الكُنْجارَقُ، فارسيةٌ؛ وبعضُ أَهل السَّواد يُسَمِّيه
الكُسْبَجَ. والكُسْبُ، بالضم: عُصارةُ الدُّهْن. قال أَبو منصور: الكُسْبُ مُعَرَّبٌ وأَصله بالفارسية كُشْبٌ، فقُلِـبَت الشين سيناً، كما قالوا سابُور، وأَصله شاه بُور أَي مَلِكُ بُور. وبُورُ: الابْنُ، بلسان الفُرْس؛ والدَّشْت أُعْرِبَ، فقيل الدَّسْتُ الصَّحْراءُ.
وكَيْسَبٌ: اسم.
وابنُ الأَكْسَبِ: رَجل من شعرائهم؛ وقيل: هو مَنِـيعُ بن الأَكْسَب بن الـمُجَشَّر، من بني قَطَن ابن نَهْشَل.
نقض: النَّقْضُ: إِفْسادُ ما أَبْرَمْتَ من عَقْدٍ أَو بِناء، وفي
الصحاح: النَّقْضُ نَقْضُ البِناء والحَبْلِ والعَهْدِ. غيره: النقْضُ ضِدُّ
الإِبْرام، نقَضَه يَنْقُضُه نَقْضاً وانْتَقَضَ وتَناقَضَ. والنَّقْضُ:
اسمُ البِناء المَنْقُوضِ إِذا هُدم. وفي حديث صوم التَّطَوُّع: فناقَضَني
وناقَضْتُه، هي مُفاعَلةٌ من نَقْض البناء وهو هَدْمُه، أَي يَنْقُضُ
قولي وأَنْقُضُ قوله، وأَراد به المُراجَعةَ والمُرادَّةَ. وناقضَه في
الشيء مُناقَضةً ونِقاضاً: خالَفَه؛ قال:
وكان أَبُو العَيُوفِ أَخاً وجاراً
وذا رَحِمٍ، فقُلْتُ له نِقاضا
أَي ناقَضْتُه في قوله وهَجْوِه إِيّاي. والمُناقَضةُ في القول: أَن
يُتَكَلَّم بما يتناقَضُ معناه. والنَّقِيضةُ في الشِّعْرِ: ما يُنْقَضُ به؛
وقال الشاعر:
إِنِّي أَرَى الدَّهْرَ ذا نَقْضٍ وإِمرارِ
أَي ما أَمَرَّ عادَ عليه فنقَضَه، وكذلك المُناقَضةُ في الشِّعْر
يَنْقُضُ الشاعرُ الآخرُ ما قاله الأَوّل، والنَّقِيضةُ الاسم يجمع على
النَّقائض، ولذلك قالوا: نَقائضُ جرير والفرزدق. ونَقِيضُك: الذي يُخالِفُك،
والأُنثى بالهاء. والنَّقْضُ: ما نَقَضْتَ، والجمع أَنْقاض. ويقال:
انْتَقَضَ الجُرْحُ بعد البُرْء، وانتَقض الأَمْرُ بعد التِئامه، وانتقَض أَمرُ
الثغْرِ بعد سَدِّه.
والنِّقْضُ والنِّقْضةُ: هما الجملُ والناقةُ اللذان قد هَزَلْتَهما
وأَدْبَرْتَهما، والجمع الأَنْقاضُ؛ قال رؤبة:
إِذا مَطَوْنا نِقْضةً أَي، نِقْضا
والنِّقْضُ، بالكسر: البعير الذي أَنْضاه السفر، وكذلك الناقة.
والنِّقْضُ: المَهْزُول من الإِبل والخيل، قال السيرافي: كأَنَّ السفَرَ نقَض
بِنْيتَه، والجمع أَنْقاضٌ؛ قال سيبويه: ولا يُكَسَّر على غير ذلك، والأُنثى
نِقْضةٌ والجمع أَنْقاضٌ كالمذكر على توَهُّمِ حذْفِ الزائد.
والانْتِقاضُ: الانْتِكاثُ. والنَّقْضُ: ما نُكث من الأَخبية والأَكْسِيةِ فغُزل
ثانية، والنُّقاضةُ: ما نُقض من ذلك. والنِّقْضُ: المَنْقُوضُ مثل
النِّكْث. والنِّقْضُ: مُنْتَقِضُ الأَرض من الكَمْأَةِ، وهو الموضع الذي
يَنتَقِضُ عن الكمأَة إذا أَرادت أَن تخرج نقَضت وجه الأَرض نَقْضاً فانْتَقَضت
الأَرض؛ وأَنشد:
كأَنَّ الفُلانِيَّاتِ أَنْقاضُ كَمْأَةٍ
لأَوَّلِ جانٍ، بالعَصا يَسْتَثِيرُها
والنَّقّاضُ: الذي يَنْقُضُ الدِّمَقْسَ، وحِرْفَتُه النِّقاضةُ؛ قال
الأَزهري: وهو النَّكّاثُ، وجمعه أَنْقاض وأَنْكاث. ابن سيده: والنِّقْضُ
قِشْرُ الأَرض المُنْتَقِضُ عن الكَمْأَة، والجمع أَنْقاض ونُقوضٌ، وقد
أَنْقَضْتُها وأَنقَضْت عنها، وتَنقَّضَت الأَرض عن الكمأَة أَي تقطَّرَت.
وأَنْقَضَ الكَمْءُ ونقَّض: تَقَلْفَعَتْ عنه أَنقاضه؛ قال:
ونَفَّضَ الكَمْءُ فأَبْدَى بَصَرَهْ
(* قوله «ونقض الكمء» تقدم انشاده في مادة بصر: ونقض الكمء بالفاء ونصب
الكمء تبعاً للأَصل والصواب ما هنا.)
والنِّقْضُ: العسَلُ يُسَوِّسُ فيؤخذ فيُدَقّ فيُلْطَخ به موضع النحل مع
الآس فتأْتيه النحل فتُعَسِّلُ فيه؛ عن الهَجَرِيّ. والنَّقِيضُ من
اَلأَصْواتِ: يكون لِمفــاصل الإِنسانِ والفَرارِيجِ والعَقْرَبِ والضِّفْدَعِ
والعُقابِ والنَّعامِ والسُّمانى والبازِي والوبْرِ والوزَغ، وقد
أَنْقَض؛ قال:
فلمَّا تَجاذَبْنا تَفَرْقَعَ ظَهْرُه،
كما يُنْقِضُ الوُزْغانُ، زُرْقاً عُيونُها
وأَنْقَضت العُقابُ أَي صوَّتَت؛ وأَنشد الأَصمعي:
تُنْقِضُ أَيْدِيها نَقِيضَ العِقْبانْ
وكذلك الدجاجةُ؛ قال الراجز:
تُنْقِضُ إِنْقاضَ الدَّجاجِ المُخَّضِ
والإِنْقاضُ والكَتِيتُ: أَصوات صغار الإِبل، والقَرْقَرةُ والهَديرُ:
أَصوات مَسانِّ الإِبل؛ قال شِظاظٌ وهو لِصٌّ من بني ضَبّة:
رُبَّ عَجُوزٍ من نُمَيْرٍ شَهْبَرَهْ،
عَلَّمْتُها الإِنْقاضَ بَعْدَ القَرْقَرهْ
أَي أَسْمَعْتُها، وذلك أَنه اجْتازَ على امرأَة من بني نُمير تَعْقِلُ
بعيراً لها وتَتَعَوَّذُ من شِظاظٍ، وكان شِظاظ على بكر، فنزل وسرَق
بعيرها وترك هناك بَكْرَه. وتنَقَّضت عِظامُه إِذا صوَّتت. أَبو زيد:
أَنْقَضْتُ بالعنز إِنْقاضاً دَعَوْتُ بها. وأَنْقَضَ الحِمْلُ ظهرَه: أَثقله
وجعله يُنْقِضُ من ثِقَله أَي يُصَوِّتُ. وفي التنزيل العزيز: ووضَعْنا عنك
وِزْرَك الذي أَنْقَض ظهرَك؛ أَي جعلَه يُسْمَعُ له نَقِيضٌ من ثِقَلِه.
وجاء في التفسير: أَثْقل ظهرك، قال ذلك مجاهد وقتادةُ، والأَصل فيه أَن
الظهر إِذا أَثقله الحِمل سُمع له نَقِيض أَي صوت خفي كما يُنْقِض
الرَّجل لحماره إِذا ساقَه، قال: فأَخبر اللّه عزّ وجلّ أَنه غفر لنبيه، صلّى
اللّه عليه وسلّم، أَوزارَه التي كانت تراكمت على ظهره حتى أَثقلته،
وأَنها لو كانت أَثقالاً حملت على ظهره لسمع لها نقيض أَي صوت؛ قال محمد بن
المكرّم، عفا اللّه عنه: هذا القول فيه تسَمُّح في اللفظ وإغلاظ في النطق،
ومن أَين لسيدنا رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَوزار تتراكم على
ظهره الشريف حتى تثقله أَو يسمع لها نقيض وهو السيد المعصوم المنزه عن
ذلك، صلّى اللّه عليه وسلّم؟ ولو كان، وحاش للّه، يأْتي بذنوب لم يكن يجد
لها ثِقَلاً فإِن اللّه تعالى قد غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأَخر،
وإِذا كان غفر له ما تأَخر قبل وقوعه فأَين ثقله كالشرِّ إِذا كفاه اللّه قبل
وُقوعه فلا صُورة له ولا إِحْساسَ به، ومن أَين لــلمفــسِّر لفظ المغفرة
هنا؟ وإِنما نص التلاوة ووَضَعْنا، وتفسير الوِزْر هنا بالحِمل الثقيل، وهو
الأَصل في اللغة، أَولى من تفسيره بما يُخْبَر عنه بالمغفرة ولا ذكر لها
في السورة، ويحمل هذا على أَنه عزّ وجلّ وضع عنه وزره الذي أَنقض ظهره
من حَمْلِه هَمَّ قريش إِذ لم يسلموا، أَو هَمَّ المنافقين إِذ لم
يُخْلِصوا، أَو همّ الإِيمانِ إِذ لم يُعمّ عشيرته الأَقربين، أَو همّ العالَمِ
إذ لم يكونوا كلهم مؤمنين، أَو همّ الفتح إِذ لم يعجَّل للمسلمين، أَو
هموم أُمته المذنبين، فهذه أَوزاره التي أَثقلت ظهره، صلّى اللّه عليه
وسلّم، رغبة في انتشار دعوته وخَشْيةً على أُمته ومحافظة على ظهور ملته
وحِرْصاً على صفاء شِرْعته، ولعل بين قوله عزّ وجلّ: ووضعنا عنك وزرك، وبين
قوله: فلعلك باخع نفسك على آثارهم إِن لم يؤمنوا بهذا الحديث أَسفاً،
مناسبةً من هذا المعنى الذي نحن فيه، وإِلا فمن أَين لمن غفر اللّه له ما
تقدّم من ذنبه وما تأَخَّر ذنوب؟ وهل ما تقدَّم وما تأَخَّر من ذنبه المغفور
إِلا حسنات سواه من الأَبْرار يراها حسنة وهو سيّد المقربين يراها سيئة،
فالبَرُّ بها يتقرَّب والمُقَرَّبُ منها يتوب؛ وما أَوْلى هذا المكان أَن
يُنْشَد فيه:
ومِنْ أَيْنَ للوجْهِ الجَمِيل ذُنوب
وكل صوت لمَفْــصِل وإِصْبَع، فهو نَقِيضٌ. وقد أَنْقَضَ ظهرُ فلان إِذا
سُمع له نَقِيض؛ قال:
وحُزْن تُنْقِضُ الأَضْلاعُ منه،
مُقِيم في الجَوانِحِ لنْ يَزُولا
ونَقِيضُ المِحْجَمةِ: صوتها إِذا شدَّها الحَجّامُ بمَصِّه، يقال:
أَنْقَضَتِ المِحْجَمةُ؛ قال الأَعشى:
زَوَى بينَ عَيْنَيْه نَقِيضُ المَحاجِم
وأَنْقَضَ الرَّحْلُ إِذا أَطَّ؛ قال ذو الرمة وشبَّه أَطِيطَ الرِّحالِ
بأَصوات الفراريج:
كأَنَّ أَصْواتَ، من إِيغالِهِنَّ بِنا،
أَواخِرِ المَيْسِ، إِنْقاضُ الفَرارِيجِ
قال الأَزهري: هكذا أَقرأَنِيه المُنْذِري رواية عن أَبي الهيثم، وفيه
تقديم أُريد التأْخير، أَراد كأَنَّ أَصواتَ أَواخِرِ المَيْسِ إِنْقاضُ
الفراريج إِذا أَوْغَلَت الرِّكابُ بنا أَي أَسْرَعَت، ونَقِيضُ الرّحال
والمَحامِل والأَدِيمِ والوَتَرِ: صوتُها من ذلك؛ قال الراجز:
شَيَّبَ أَصْداغي، فَهُنَّ بِيضُ،
مَحامِلٌ لقِدِّها نَقِيضُ
وفي الحديث: أَنه سمع نَقيضاً من فوقه؛ النَّقِيضُ الصوت. ونَقِيضُ
السقْفِ: تحريك خشبه. وفي حديث هِرَقْلَ: ولقد تنقَّضَتِ الغُرفةُ أَي
تشقَّقت وجاء صوتها. وفي حديث هوازِنَ: فأَنْقَضَ به دُرَيْد أَي نَقَرَ بلسانه
في فيه كما يُزْجَرُ الحِمار، فَعَله اسْتجهالاً؛ وقال الخطابي:
أَنْقَضَ به أَي صَفَّق بإحدى يديه على الأُخرى حتى سُمع لها نَقِيضٌ أَي صوتٌ،
وقيل: الإِنْقاضُ في الحَيوان والنَّقْضُ في المَوَتان، وقد نقَض
يَنْقُضُ ويَنْقِضُ نَقْضاً. والإِنْقاضُ: صُوَيْت مثل النَّقْرِ. وإِنْقاضُ
العِلْك: تَصويته، وهو مكروه. وأَنْقَضَ أَصابعه: صوَّت بها. وأَنْقض
بالدابة: أَلصقَ لسانه بالغار الأَعلى ثم صوَّت في حافتيه من غير أَن يرفع
طَرفه عن موضعه، وكذلك ما أَشبهه من أَصوات الفراريج والرِّحال. وقال
الكسائي: أَنْقَضْتُ بالعنزِ إِنْقاضاً إِذا دعوتها. أَبو عبيد: أَنْقَضَ
الفرْخُ إِنْقاضاً إِذا صأَى صَئِيّاً. وقال الأَصمعي: يقال أَنْقَضْتُ
بالعَيْر والفرس، قال: وكلُّ ما نقَرْت به، فقد أَنْقَضْتَ به. وأَنْقَضَت
الأَرضُ: بدَا نباتُها. ونَقْضا الأُذنين
(* قوله «وتقضا الأذنين» كذا ضبط في
الأَصل.): مُسْتدارُهما. والنُّقَّاضُ: نَبات. والإِنْقِيضُ: رائحة
الطِّيب، خُزاعية.
وفي النوادر: نقَّضَ الفرسُ ورَفَّضَ إِذا أَدْلَى ولم يَسْتَحْكِم
إِنْعاظُه، ومثله سيَا وأَسابَ وشَوَّلَ وسبَّح وسمَّل وانْساحَ وماسَ.
شطب: الشَّطْبُ، من الرجال والخَيْلِ: الطويلُ، الـحَسَنُ الخَلْقِ.
وجارِيةٌ شِطْبةٌ وشَطْبةٌ: طَويلةٌ، حَسَنَـةٌ، تارَّةٌ، غَضَّةٌ، الكسر عن
ابن جني، قال: والفتح أَعلى. ويقال: غُلامٌ شَطْبٌ: حَسَنُ الخَلْق،
ليس بطويل، ولا قصير.
ورَجل مَشْطُوبٌ ومُشَطَّبٌ إِذا كان طويلاً. وفَرَسٌ شِطْبةٌ: سَبِطَةُ
اللحم، وقيل: طويلة، والكسر لغة، ولا يوصف به الذكر.
والشَّطْب، مجزوم: السَّعَف الأَخضر، الرَّطْبُ من جريد النخل، واحدته شَطْبةٌ. وفي حديث أُم زرع: كَـمَسَلِّ شَطْبةٍ؛ قال أَبو عبيد: الشَّطْبةُ ما شُطِبَ من جَريد النخل، وهو سَعَفُه، شَبَّهته بتلك الشَّطْبة، لِنَعْمَتِه، واعْتِدالِ شَبابِه؛ وقيل: أَرادت أَنه مَهْزول، كأَنه سَعَفَةٌ في دِقَّتِها؛ أَرادت أَنه قليل اللحم، دَقِـيقُ الخَصْر، فشبَّهته بالشَّطْبةِ أَي موضِعُ نومِه دَقِـيقٌ لنَحافَتِه؛ وقيل: أَرادت سَيْفاً سُلَّ من غِمْدِه؛ والـمَسَلُّ: مصدر، بمعنى السَّلّ، أُقِـيمَ مُقامَ
المفــعول، أَي كَـمَسْـلُول الشَّطْبة، يعني ما سُلَّ من قِشره أَو غِمْده؛ وقال أَبو سعيد: الشَّطْبةُ: السيفُ، أَرادت أَنه كالسَّيْفِ يُسَلُّ من غِمْده؛ كما قال العُجَيْرُ السَّلُولي يرثي أَبا الـحَجناء:
فتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ، لا مُتآزِفٌ، * ولا رَهِلٌ لَـبَّاتُه وأَباجلُه
ابن الأَعرابي: الشَّطائِبُ دون الكَرانِـيفِ، الواحدة شَطِـيبةٌ؛
والشَّطْبُ دون الشَّطائِب، الواحدة شَطْبةٌ.
ابن السكيت: الشَّاطِـبةُ التي تَعْمَلُ الـحُصْر من الشَّطْب، الواحدة
شَطْبة، وهي السَّعَفُ.
والشُّطُوبُ: أَن تأْخُذَ قِشْرَه الأَعلى. قال: وتَشْطُب وتَلْحَى
واحد.
والشَّواطِبُ من النساءِ: اللواتي يَشْقُقْنَ الخُوصَ، ويَقْشُرْنَ
العُسُبَ، لِـيَتَّخِذْن منه الـحُصْر، ثم يُلْقِـينها إِلى الـمُنَقِّيات؛
قال قيس بن الخطيم:
تَرى قِصَدَ الـمُرَّانِ تُلْقَى، كأَنها * تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
تقول منه: شَطَبَتِ الـمَرأَةُ الجَريدَ شَطْباً شَقَّته، فهي
شاطِـبةٌ، لتعمل منه الحصر. الأَصمعي: الشَّاطِـبةُ التي تَقْشُر العَسِـيبَ، ثم تُلْقِـيه إِلى المنَقِّيةِ، فتأْخُذ كل شيء عليه بِسِكِّينها، حتى تتركه رقِـيقاً، ثم تُلْقِـيه الـمُنَقِّيةُ إِلى الشاطبة ثانية، وهو قوله:
تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
وشُطُوبُ السيف وشُطُبُه، بِضم الشين والطاء، وشُطَبُه: طَرائقُه التي في متنه، واحدته شُطْبةٌ، وشُطَبةٌ، وشِطْبةٌ.
وسيف مُشَطَّبٌ ومَشْطُوبٌ: فيه شُطَبٌ. وثوبٌ مُشَطَّبٌ: فيه طَرائقُ.
والشَّطائبُ من الناسِ وغيرهم: الفِرَقُ والضُّرُوبُ المختلفةُ؛ قال
الراعي:
فهاجَ به، لـمَّا تَرَجَّلَتِ الضُّحَى، * شَطائِبُ شَتَّى، من كِلابٍ ونابلِ
وسَيْفٌ مُشَطَّب: فيه طَرائِقُ، وربما كانت مُرْتَفِعةً ومُنْحَدِرَةً.
ابن شميل: شُطْبةُ السيف: عَموده الناشِزُ في متْنِه.
الشَّطبةُ والشِّطْبةُ: قِطْعةٌ من سَنام البعير، تُقْطَع طُولاً. وكلُّ
قِطْعة من ذلك أَيضاً تسمى: شَطِـيبةً؛ وقيل: شَطِـيبةُ اللحم
الشَّرِيحةُ منه.
وشَطَّبه: شَرَّحه. ويقال: شَطَبْتُ السنام والأَديمَ أَشْطُبه شَطْباً.
أَبو زيد: شُطَبُ السَّنامِ أَن تُقَطِّعَه قِدَداً، ولا تُفَصِّلَها،
واحدتها شُطْبةٌ، وقالوا أَيضاً شَطِـيبة، وجمعها شَطائِبُ. وكلُّ
قِطْعَةِ أَديمٍ تُقَدُّ طولاً شَطِـيبةٌ.
وشَطَبَ الأَديمَ والسَّنام، يَشْطُبهما شَطْباً: قَطَعَهما.
وشَطِـيبةٌ مِن نَبْع يُتَّخَذُ منها القَوْسُ.
والشَّواطِبُ من النساءِ: اللواتي يَقْدُدْنَ الأَدِيمَ، بعدما
يَخْلُقْنَه.
وناقة شَطِـيبةٌ: يابِسةٌ.
وفَرَسٌ مَشْطُوبُ الـمَتْن والكَفَل: انْتَبَر مَتْناه سِمَناً، وتَبايَنَتْ غُرورُه؛ وقال الجعدي:
مِثلُ هِمْيانِ العَذارَى، بَطْنُه * أَبْلَقُ الحقْوَينِ، مَشْطوبُ الكَفَلْ
ورجل شاطِب الـمَحَلِّ: بعيدُه، مثل شاطِنٍ.
والانْشِطابُ: السَّـيَلانُ.
والـمُنْشَطِبُ: السائِلُ (1)
(1 قوله «والمنشطب السائل» هذه العبارة
الثانية للأزهري والأولى لابن سيده، جمع المؤلف بين عبارتيهما.) من الماءِ
وغيره. والـمُنْشَطِبُ : السائل.
وطريقٌ شاطِبٌ: مائِلٌ.
وشَطَبَ عن الشيءِ: عَدَلَ عنه. الأَصمعي: شَطَفَ وشَطَبَ إِذا ذَهَبَ وتباعَد. وفي النوادر: رَمْيةٌ شاطِفةٌ، وشاطِـبةٌ، وصائِفةٌ إِذا زَلَّت عن الـمَقْتَلِ.
وفي الحديث: فَحَمَلَ عامِرُ بنُ رَبِـيعةَ على عامر بن الطُّفَيْلِ،
فطَعَنَه، فشَطَبَ الرُّمْحُ عن مَقْتَله؛ هو من شَطَبَ، بمعنى بَعُدَ. قال ابراهيم الـحَرْبيُّ: شَطَبَ الرُّمح عن مَقْتَله أَي لم يَبْلُغْه.
الأَصمعي: شَطَفَ وشَطَبَ إِذا عَدَل ومالَ.
أَبو الفرج: الشَّطائبُ والشَّصائبُ الشَّدائدُ.
وشَطِبٌ: جبلٌ معروف؛ قال:
كأَنَّ أَقْرابَه، لـمَّا عَلا شَطِـباً، * أَقْرابُ أَبْلَقَ، يَنْفِـي الخيْلَ، رَمّاحِ
وفي الصحاح: شَطِـيبٌ: اسم جَبَل. ورأَيت في حواشي نسخة موثوق بها: هكذا وقع في النسخ، والذي أَورده الفارابي في ديوان الأَدب، والذي رواه ابن دريد، وابن فارس: شَطِبٌ، على فَعِلٍ: اسم جَبل، واللّه أَعلم.
خطأ: الخَطَأُ والخَطاءُ: ضدُّ الصواب. وقد أَخْطَأَ، وفي التنزيل:وليسَ عليكم جُناحٌ فيما أَخْطَأْتُم به» عدَّاه بالباء لأَنه في معنىعَثَرْتُم أَو غَلِطْتُم؛ وقول رؤْبة:
يا رَبِّ إِنْ أَخْطَأْتُ، أَو نَسِيتُ، * فأَنتَ لا تَنْسَى، ولا تمُوتُ
فإِنه اكْتَفَى بذكر الكَمال والفَضْل، وهو السَّبَب من العَفْو وهو
الـمُسَبَّبُ، وذلك أَنّ من حقيقة الشرط وجوابه أَن يكون الثاني مُسَبَّباً عن الأَول نحو قولك: إِن زُرْتَنِي أَكْرَمْتُك، فالكرامة مُسَبَّبةٌ عن الزيارة، وليس كونُ اللّه سبحانه غير ناسٍ ولا مُخْطِئٍ أَمْراً مُسبَّباً عن خَطَإِ رُؤْبَة، ولا عن إصابته، إِنما تلك صفة له عزَّ اسمه من صفات نفسه لكنه كلام محمول على معناه، أَي: إِنْ أَخْطَأْتُ أَو نسِيتُ، فاعْفُ عني لنَقْصِي وفَضْلِك؛ وقد يُمدُّ الخَطَأُ وقُرئَ بهما قوله تعالى: ومَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً. وأَخْطَأَ وتَخَطَّأَ بمعنى، ولا تقل أَخْطَيْتُ، وبعضهم يقوله. وأَخْطَأَه(1)
(1 قوله «وأخطأه» ما قبله عبارة الصحاح وما
بعده عبارة المحكم ولينظر لم وضع المؤلف هذه الجملة هنا.) وتَخَطَّأَ له في هذه المسأَلة وتَخَاطَأَ كلاهما: أَراه أَنه مُخْطِئٌ فيها، الأَخيرة عن الزجاجي حكاها في الجُمل. وأَخْطَأَ الطَّرِيقَ: عَدَل عنه. وأَخْطَأَ الرَّامِي الغَرَضَ: لم يُصِبْه.
وأَخْطَأَ نَوْؤُه إِذا طَلَبَ حاجتَه فلم يَنْجَحْ ولم يُصِبْ شيئاً. وفي
حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما: أَنه سُئل عن رَجُل جعلَ أَمْرَ امرَأَتِه بيدِها فقالت: أَنتَ طالِقٌ ثلاثاً. فقال: خَطَّأَ اللّه نَوْأَها
أَلاَّ طَلَّقَتْ نَفْسَها؛ يقال لمَنْ طَلَبَ حاجةً فلم يَنْجَحْ: أَخْطَأَ
نَوْؤُكَ، أَراد جعل اللّه نَوْأَها مُخطِئاً لا يُصِيبها مَطَرُه.
ويروى: خَطَّى اللّه نَوْأَها، بلا همز، ويكون من خَطَط، وهو مذكور في موضعه، ويجوز أَن يكون من خَطَّى اللّه عنك السوءَ أَي جعله يتَخَطَّاك، يريد يَتَعدَّاها فلا يُمْطِرُها، ويكون من باب المعتلّ اللام، وفيه أَيضاً حديث عثمان رضي اللّه عنه أَنه قال لامْرأَة مُلِّكَتْ أَمْرَها فطَلَّقت زَوْجَها: إِنَّ اللّه خَطَّأَ نَوْأَها أَي لم تُنْجِحْ في فِعْلها ولم تُصِب ما أَرادت من الخَلاص. الفرَّاء: خَطِئَ السَّهْمُ وخَطَأَ، لُغتانِ(1)
(1 قوله «خطئ السهم وخطأ لغتان» كذا في النسخ وشرح القاموس والذي في التهذيب عن الفراء عن أبي عبيدة وكذا في صحاح الجوهري عن أبي عبيدة خطئ وأخطأ لغتان بمعنى وعبارة المصباح قال أبو عبيدة: خطئ خطأ من باب علم
واخطأ بمعنى واحد لمن يذنب على غير عمد. وقال غيره خطئ في الدين واخطأ في كل شيء عامداً كان أو غير عامد وقيل خطئ إِذا تعمد إلخ. فانظره وسينقل المؤلف نحوه وكذا لم نجد فيما بأيدينا من الكتب خطأ عنك السوء ثلاثياً مفتوح الثاني.)
والخِطْأَةُ: أَرض يُخْطِئها المطر ويُصِيبُ أُخْرى قُرْبَها.
ويقال خُطِّئَ عنك السُّوء: إِذا دَعَوْا له أَن يُدْفَع عنه السُّوءُ؛
وقال ابن السكيت: يقال: خُطِّئَ عنك السُّوء؛ وقال أَبو زيد: خَطَأَ عنك السُّوءُ أَي أَخْطَأَك البَلاءُ. وخَطِئَ الرجل يَخطَأُ خِطْأً
وخِطْأَةً على فِعْلة: أَذنب.
وخَطَّأَه تَخْطِئةً وتَخْطِيئاً: نَسَبه إِلى الخَطا، وقال له أَخْطَأْتَ. يقال: إِنْ أَخْطَأْتُ فَخَطِّئْني، وإِن أَصَبْتُ فَصَوِّبْني، وإِنْ أَسَأْتُ فَسَوِّئْ عليَّ أَي قُل لي قد أَسَأْتَ. وتَخَطَّأْتُ له في المسأَلة أَي أَخْطَأْتُ. وتَخَاطَأَه وتَخَطَّأَه أَي أَخْطَأَهُ. قال أَوفى بن مطر المازني:
أَلا أَبْلِغا خُلَّتي، جابراً، * بأَنَّ خَلِيلَكَ لم يُقْتَلِ
تَخَطَّأَتِ النَّبْلُ أَحْشاءَهُ، * وأَخَّرَ يَوْمِي، فلم يَعْجَلِ
والخَطَأُ: ما لم يُتَعَمَّدْ، والخِطْء: ما تُعُمِّدَ؛ وفي الحديث:
قَتْلُ الخَطَإِ دِيَتُه كذا وكذا هو ضد العَمْد، وهو أَن تَقْتُلَ انساناً
بفعلك من غير أَنْ تَقْصِدَ قَتْلَه، أَو لا تَقْصِد ضرْبه بما قَتَلْتَه
به. وقد تكرّر ذكر الخَطَإِ والخَطِيئةِ في الحديث.
وأَخْطَأَ يُخْطِئُ إِذا سَلَكَ سَبيلَ الخَطَإِ عَمْداً وسَهْواً؛ ويقال:
خَطِئَ بمعنى أَخْطَأَ، وقيل: خَطِئَ إِذا تَعَمَّدَ، وأَخْطَأَ إِذا لم
يتعمد. ويقال لمن أَراد شيئاً ففعل غيره أَو فعل غير الصواب: أَخْطَأَ.
وفي حديث الكُسُوفِ: فأَخْطَأَ بدِرْعٍ حتى أُدْرِكَ بِرِدائه، أَي
غَلِطَ.قال: يقال لمن أَراد شيئاً ففعل غيره: أَخْطَأَ، كما يقال لمن قَصَد ذلك، كأَنه في اسْتِعْجاله غَلِطَ فأَخَذ درع بعض نِسائهِ عوَض ردائه. ويروى: خَطا من الخَطْوِ: المَشْيِ، والأَوّل أَكثر.
وفي حديث الدّجّال: أَنه تَلِدُه أُمّه، فَيَحْمِلْنَ النساءُ بالخطَّائِين: يقال: رجل خَطَّاءٌ إِذا كان مُلازِماً للخَطايا غيرَ تارك لها، وهو من أَبْنِية الـمُبالغَة، ومعنى يَحْمِلْن بالخَطَّائِينَ أَي بالكَفَرة والعُصاة الذين يكونون تَبَعاً <ص:67>
للدَّجَّال، وقوله يَحْمِلْنَ النِّساءُ: على قول من يقول: أَكَلُوني البَراغِيثُ، ومنه قول الآخر:
بِحَوْرانَ يَعْصِرْنَ السَّلِيطَ أَقارِبُهْ
وقال الأُموي: الـمُخْطِئُ: من أَراد الصواب، فصار إِلى غيره،
والخاطِئُ: من تعمَّد لما لا ينبغي، وتقول: لأَن تُخْطِئ في العلم أَيسَرُ من أَن تُخْطِئ في الدِّين. ويقال: قد خَطِئْتُ إِذا أَثِمْت، فأَنا أَخْطَأُ وأَنا خاطِئٌ؛ قال الـمُنْذِري: سمعتُ أَبا الهَيْثَم يقول: خَطِئْتُ: لما صَنَعه عَمْداً، وهو الذَّنْب، وأَخْطَأْتُ: لما صَنعه خَطَأً، غير عمد. قال: والخَطَأُ، مهموز مقصور: اسم من أَخْطَأْتُ خَطَأً وإِخْطاءً؛ قال: وخَطِئتُ خِطْأً، بكسر الخاء، مقصور، إِذا أَثمت. وأَنشد:
عِبادُك يَخْطَأُونَ، وأَنتَ رَبٌّ * كَرِيمٌ، لا تَلِيقُ بِكَ الذُّمُومُ
والخَطِيئةُ: الذَّنْبُ على عَمْدٍ. والخِطْءُ: الذَّنْبُ في قوله
تعالى: انَّ قَتْلَهُم كان خِطْأً كَبيراً؛ أَي إِثْماً. وقال تعالى: إِنَّا
كُنَّا خاطِئينَ، أَي آثِمِينَ.
والخَطِيئةُ، على فَعِيلة: الذَّنْب، ولك أَن تُشَدّد الياء لأَنَّ كل
ياء ساكنة قبلها كسرة، أَو واو ساكنة قبلها ضمة، وهما زائدتان للمدّ لا للالحاق، ولا هما من نفس الكلمة ، فإِنك تَقْلِبُ الهمزة بعد الواو واواً وبعد الياء ياءً وتُدْغِمُ وتقول في مَقْرُوءٍ مَقْرُوٍّ، وفي خَبِيءٍ خَبِيٍّ، بتشديد الواو والياء، والجمع خَطايا، نادر؛ وحكى أَبو زيد في جمعه خَطائئُ، بهمزتين، على فَعائل، فلما اجتمعت الهمزتان قُلبت الثانية ياء لأَن قبلها كسرة ثم استثقلت، والجمع ثقيل، وهو مع ذلك معتل، فقلبت الياء أَلِفاً ثم قلبت الهمزة الاولى ياءً لخفائها بين الأَلفين؛ وقال الليث: الخَطِيئةُ فَعيلة، وجمعها كان ينبغي أَن يكون خَطائِئَ، بهمزتين، فاستثقلوا التقاء همزتين، فخففوا الأَخيرةَ منهما كما يُخَفَّف جائئٌ على هذا القياس، وكَرِهوا أَن تكون عِلَّتهُ مِثْلَ عِلّةِ جائِئٍ لأَن تلك الهمزة زائدة، وهذه أَصلية، فَفَرُّوا بِخَطايا إِلى يَتَامى، ووجدوا له في الأَسماء الصحيحة نَظِيراً، وذلك مثل: طاهِرٍ وطاهِرةٍ وطَهارَى. وقال أَبو إِسحق النحوي في قوله تعالى نَغْفِرْ لكم خَطاياكم. قال: الأَصل في خطايا كان خَطايُؤاً، فاعلم، فيجب أَن يُبْدَل من هذه الياء همزةٌ فتصير خَطائِيَ مثل خَطاعِعَ، فتجتمع همزتان، فقُلِبت الثانية ياءً فتصير خَطائِيَ مثل خَطَاعِيَ، ثم يجب أَن تُقْلب الياء والكسرة إِلى الفتحة والأَلف فيصير خَطاءا مثل خَطاعا، فيجب أَن تبدل الهمزة ياءً لوقوعها بين ألفين، فتصير خَطايا، وإِنما أَبدلوا الهمزة حين وقعت بين أَلفين لأَنَّ الهمزة مُجانِسَة للالفات، فاجتمعت ثلاثة أَحرف من جنس واحد؛ قال: وهذا الذي ذكرنا مذهب سيبويه.
الأَزهري في المعتل في قوله تعالى: ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ
الشَّيْطانِ، قال: قرأَ بعضهم خُطُؤَات الشَّيطان مِنَ الخَطِيئَةِ: الـمَأْثَمِ.
قال أَبو منصور: ما علمت أَنَّ أَحداً من قُرّاء الأَمصار قرأَه بالهمزة ولا معنى له. وقوله تعالى: والذي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئتِي يوم الدِّين؛ قال الزجاج: جاء في التفسير: أَنّ خَطِيئَته قولهُ: إِنَّ سارةَ أُخْتِي، وقولهُ: بَلْ فَعَلهُ كبِيرُهم؛ وقولهُ: إِنِّي سَقِيمٌ. قال: ومعنى خَطيئتِي أَن الأَنبياء بَشَرٌ، وقَد تجوز أَن تَقَعَ عليهم
الخَطِيئةُ إِلا أَنهم، صلواتُ اللّه عليهم، لا تكون منهم الكَبِيرةُ لأَنهم مَعْصُومُونَ، صَلواتُ اللّه عليهم أَجمعين.
وقد أَخْطَأَ وخَطِئَ، لغَتان بمعنى واحد. قال امرؤ القَيْسِ:
<ص:68> يا لَهْفَ هِنْدٍ إِذْ خَطِئْنَ كاهِلا
أَي إِذْ أَخْطَأْنَ كاهِلا؛ قال: وَوَجْهُ الكَلامِ فيه: أَخْطَأْنَ
بالأَلف، فردّه إِلى الثلاثي لأَنه الأَصل، فجعل خَطِئْنَ بمعنى أَخْطَأْنَ، وهذا الشعر عَنَى به الخَيْلَ، وإِن لم يَجْرِ لها ذِكْر، وهذا مثل قوله عزَّ وجل: حتى تَوارَتْ بالحِجاب. وحكى أَبو علي الفارس عن أَبي زيد: أَخْطَأَ خاطِئةً، جاءَ بالمصدر على لفظ فاعِلةٍ، كالعافيةِ والجازيةِ. وفي التنزيل: والـمُؤْتَفِكاتِ بالخاطِئةِ. وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهمَا، أَنهم نصبوا دَجاجةً يَتَرامَوْنَها وقد جَعلُوا لِصاحِبها كُلَّ خاطئةٍ من نَبْلِهم، أَي كلَّ واحِدةٍ لا تُصِيبُها، والخاطِئةُ ههنا بمعنى المُخْطِئةِ.وقولُهم: ما أَخْطَأَه !إِنما هو تَعَجُّبٌ مِن خَطِئَ لا مِنْ أَخطَأَ.
وفي الـمَثل: مع الخَواطِئِ سَهْمٌ صائِبٌ، يُضْرَبُ للذي يُكثر
الخَطَأَ ويأْتي الأَحْيانَ بالصَّواب. وروى ثعلب أَن ابنَ الأَعرابي
أَنشده: ولا يَسْبِقُ المِضْمارَ، في كُلِّ مَوطِنٍ، * مِنَ الخَيْلِ عِنْدَ الجِدِّ، إِلاَّ عِرابُها
لِكُلِّ امْرئٍ ما قَدَّمَتْ نَفْسُه له، * خطاءَاتُها(1)، إِذ أَخْطأَتْ، أَو صَوابُها
(1 قوله «خطاآتها» كذا بالنسخ والذي في شرح القاموس خطاءتها بالأفراد ولعل الخاء فيهما مفتوحة.)
ويقال: خَطِيئةُ يومٍ يمُرُّ بِي أَن لا أَرى فيه فلاناً، وخَطِيئةُ
لَيْلةٍ تمُرُّ بي أَن لا أَرى فلاناً في النَّوْم، كقوله: طِيل ليلة وطيل
يوم(2)
(2 قوله «كقوله طيل ليلة إلخ» كذا في النسخ وشرح القاموس.)
علق: عَلِقَ بالشيءِ عَلَقاً وعَلِقَهُ: نَشِب فيه؛ قال جرير:
إِذا عَلِقَتْ مُخَالبُهُ بِقْرْنٍ،
أَصابَ القَلْبَ أَو هَتَك الحِجابا
وفي الحديث: فَعَلِقَت الأَعراب به أَي نَشِبوا وتعلقوا، وقيل طَفِقُوا؛
وقال أَبو زبيد:
إِذا عَلِقَتْ قِرْناً خَطَاطيفُ كَفِّهِ،
رأَى الموتَ رَأْيَ العينِ أَسودَ أَحمرا
وهو عالِقٌ به أَي نَشِبٌ فيه. وقال اللحياني: العَلَقُ النُّشوب في
الشيء يكون في جبل أَو أَرض أَو ما أَشبهها. وأَعْلَقَ الحابلُ:
عَلِق الصيدُ في حِبَالته أَي نَشِب. ويقال للصائد: أَعْلَقْتَ
فأَدْرِكْ أَي عَلِقَ الصيدُ في حِبالتك. وقال اللحياني: الإِعْلاقُ وقوع الصيد
في الحبل. يقال: نَصَب له فأَعْلقه. وعَلِقَ الشيءَ عَلَقاً وعَلِقَ به
عَلاقَةً وعُلوقاً: لزمه. وعَلِقَتْ نفُسه الشيءَ، فهي عَلِقةٌ
وعَلاقِيةٌ وعَلِقْنَةٌ: لَهِجَتْ به؛ قال:
فقلت لها، والنَّفْسُ منِّي عَلِقْنَةٌ
عَلاقِيَةٌ تَهْوَى، هواها المُضَلَّلُ
ويقال للأَمر إِذا وقع وثبت
عَلِقَتْ مَعَالِقَها وصَرَّ الجُنْدَبُ
وهو كما يقال: جفَّ القلم فلا تَتَعَنَّ؛ قال ابن سيده: وفي المثل:
عَلِقَتْ مَعالِقَها وصَرَّ الجُنْْدب
يضرب هذا للشيء تأْخذه فلا تريد أَن يُفْلِِتَكَ. وقالوا: عَلِقَتْ
مَراسِبها بذي رَمْرامِ، وبذي الرَّمْرَام؛ وذلك حين اطمأَنت الإبل وقَرَّت
عيونها بالمرتع، يضرب هذا لمن اطمأَنَّ وقَرَّتْ عينه بعيشه، وأَصله أَنَّ
رجلاً انتهى إِلى بئر فأَعْلَقَ رِشَاءَه بِرِشَائِها ثم صار إِلى صاحب
البئر فادَّعَى جِوارَه، فقال له: وما سبب ذلك؟ قال: عَلَّقْت رِشائي
برِشائكَ، فأَبى صاحب البئر وأَمره أَن يرتحل؛ فقال:
عَلُِقَتْ مَعالقَها صَرَّ الجُنْدب
أَي جاءَ الحرُّ ولا يمكنني الرحيل. ويقال للشيخ: قد عَلِقَ الكِبَرُ
مَعَالقَهُ؛ جمع مِعْلَقٍ، وفي الحديث: فَعَلِقتْ منه كلَّ معْلق أَي
أَحبها وشُغِفَ بها. يقال: عَلِقَ بقليه عَلاقةً، بالفتح. وكلُّ شيءٍ وقع
مَوْقِعه فقد عَلِقَ مَعَالِقَه، والعَلاقة: الهوى والحُبُّ اللازم للقلب.
وقد عَلِقَها، بالكسر، عَلَقاً وعَلاقةً وعَلِقَ بها عُلوقاً
وتَعَلَّقها وتَعَلَّقَ بها وعُلِّقَها وعُلِّق بها تَعْلِيقاً: أَحبها، وهو
مُعَلِّقُ القلب بها؛ قال الأَعشى:
عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رجلاً
غَيْري ، وعُلِّقَ أُخْرَى غَيْرها الرجلُ
وقول أَبي ذؤَيب:
تَعَلَّقَهُ منها دَلالٌ ومُقْلَةٌ،
تَظَلُّ لأَصحاب الشَّقاءِ تُديرُها
أَراد تَعَلَّقَ منها دَلالاً ومُقْلةً فقلب. وقال اللحياني: العَلَقُ
الهوى يكون للرجل في المرأَة. وإنه لذو عَلَقٍ في فلانة: كذا عدَّاه بفي.
وقالوا في المثل: نَظْرةٌ من ذي عَلَقٍ أَي من ذي حُبّ قد عَلِقَ بمن
هويه؛ قال كثيِّر:
ولقد أَرَدْتُ الصبرَ عنكِ ، فعاقَني
عَلَقٌ بقَلْبي ، من هَواكِ، قديمُ
وعَلِقَ حبُّها بقلبه: هَوِيَها. وقال اللحياني عن الكسائي: لها في قلبي
عِلْقُ حبٍّ وعَلاقَةُ حُبٍّ وعِلاقَةُ حبٍّ، قالك ولم يعرف الأَصمعي
عِلْق حب ولا عِلاقةَ حبٍّ، إِنما عرف عَلاقَةَ حُب، بالفتح، وعَلَق حبٍّ،
بفتح العين واللام، والعَلاقَةُ، بالفتح؛ قال المرار الأَسدي:
أَعَلاقَةً، أُمَّ الوُلَيِّدِ ، بعدما
أَفْنانُ رأْسِكِ كالثَّغامِ المُخْلِس؟
واعْتَلَقَهُ أَي أَحبه. ويقال: عَلِقْتُ فلانةَ عَلاقةً أَحببتها،
وعَلِقَتْ هي بقلبي: تشبثت به؛ قال ذو الرمة:
لقد عَلِقَتْ مَيٌّ بقلبي عَلاقةً،
بَذطِيئاً على مَرِّ الليالي انْحِلالُها
ورجل علاقِيَةٌ، مثل ثمانية، إِذا عَلِقَ شيئاً لم يُقْلِعْ عنه.
وأَعْلَقَ أَظفارَه في الشيء: أَنشَبها. وعَلَّقَ الشيءَ بالشيء ومنه وعليه
تَعْليقاً: ناطَهُ. والعِلاقةُ: ما عَلَّقْتَه به. وتَعَلَّقَ الشيءَ:
عَلقَهُ من نفسه؛ قال:
تَعَلَّقَ إِبريقاً، وأَظْهَرَ جَعْبةً،
ليُهْلِكَ حَيّاً ذا زُهاءٍ وجَامِلِ
وقيل: تَعَلَّق هنا لزمه، والصحيح الأَول، وتَعَلَّقَهُ وتَعَلَّق به
بمعنى. ويقال: تَعَلَّقْتَهُ بمعنى عَلَّقْتُهُ؛ ومنه قول عبيد الله بن
زياد لأَبي الأَسود: لو تَعَلَّقْتَ مَعَاذَةً لئلا تصيبك عين. وفي الحديث:
من تَعَلَّق شيئاً وكِلَ إِليه أَي من عَلَّقَ على نفسه شيئاً من
التعاويذ والتَّمائم وأَشباهها معتقداً أَنها تَجْلُب إِليه نفعاً أَو تدفع عنه
ضرّاً.
وفي الحديث أَنه قال: أَدُّوا العَلائِقَ، قالوا: يا رسول الله، وما
العَلائِقُ؟ وفي رواية في قوله تعالى: وأَنكحوا الأَيامَى منكم والصالحين،
قيل: يا رسول الله فما العَلائِقُ بينهم؟ قال: ما تَرَاضَى عليه
أَهْلُوهُم؛ العَلائِقُ: المُهُور، الواحدة عَلاقَةٌ، قال وكلُّ ما يُتَبَلَّغُ به
من العيش فهو عُلْقةٌ؛ قال ابن بري في هذا المكان: والعِلْقةُ، بالكسر،
الشَّوْذَرُ؛ قال الشاعر:
وما هي إِلاَّ في إزارٍ وعِلْقَةٍ،
مَغَارَ ابنِ هَمَّامٍ على حَيٍّ خثعما
وقد تقدم الاستشهاد به.
ويقال: لم تبق لي عنده عُلْقةٌ أَي شيءٌ. والعَلاقةُ: ما يُتبلغ به من
عيش. والعُلْقةُ والعَلاقُ: ما فيه بُلْغة من الطعام إِلى وقت الغذاء.
وقال اللحياني: ما يأْكل فلان إِلا عُلْقَةً أَي ما يمسك نفسه من الطعام.
وفي الحديث: وتَجْتَزِئُ بالعُلْقَةِ أَي تكتفي بالبُلْغةِ من الطعام. وفي
حديث الإفك: وإِنما يأْكلْنَ العُلْقةَ من الطعام. قال الأَزهري:
والعُلْقةُ من الطعام والمركبِ ما يُتَبَلَّغُ به وإِن لم يكن تامّاً، ومنه
قولهم: ارْضَ من المَرْكب
بالتَّعْلِيقِ؛ يضرب مثلاً للرجل يُؤْمَرُ بأَن يقنع ببعض حاجته دون
تمامها كالراكب عَلِيقةً من الإِبل ساعة بعد ساعة؛ ويقال: هذا الكلام لنا
فيه عُلْقةٌ أي بلغة، وعندهم عُلْقةٌ من متاعهم أَي بقية.
وعَلَقَ
عَلاقاً وعَلوقاً: أَكل، وأَكثرما يستعمل في الجحد، يقال: ما ذقت
عَلاقاً ولا عَلوقاً. وما في الأَرض عَلاقٌ ولا لَماقٌ أَي ما فيها ما يتبلغ به
من عيش، ويقال: ما فيها مَرْتَع؛ قال الأَعشى:
وفَلاة كأَنّها ظَهْرُ تُرْسٍ،
ليسَ إِلا الرَّجِيعَ فيها عَلاقُ
الرجيع: الجِرَّةُ؛ يقول لا تجد الإِبل فيها عَلاقاً إِلا ما تردُّه من
جِرَّتها. وفي المثل: ليس المُتَعَلِّق كالمُتَأَنِّق؛ يريد ليس مَنْ
عَيشُه قليل يَتَعَلَّق به كمن عيشه كثير يختار منه، وقيل: معناه ليس من
يَتَبَلَّغ بالشيء اليسير كمن يتأَنَّق يأْكل ما يشاء. وما بالناقة عَلُوق
أَي شيء من اللبن. وما ترك الحالب بالناقة عَلاقاً إِذا لم يَدَعْ في
ضرعها شيئاً. والبَهْمُ تَعْلُق من الوَرَق: تصيب، وكذلك الطير من الثمر. وفي
الحديث: أَرواح الشهداء في حواصل طير خُضْرٍ تَعْلُقُ من ثمار الجنة؛
قال الأَصمعي: تَعْلُق أَي تَناوَل بأَفواهها، يقال: عَلَقَتْ تَعْلُق
عُلوقاً؛ وأَنشد للكميت يصف ناقته:
أَو فَوْقَ طاوِيةِ الحَشَى رَمْلِيَّة،
إِنْ تَدْنُ من فَنَن الأَلاءَةِ تَعْلُق
يقول: كأَن قُتُودي فوق بقرة وحشية؛ قال ابن الأَثير: هو في الأَصل
للإِبل إِذا أَكلت العِضاهَ فنقل إِلى الطير، وروءاه الفراء عن الدبيريين
تَعْلَق من ثمار الجنة. وقال اللحياني: العَلْق أَكل البهائم ورق الشجر،
عَلَقَتْ تَعْلُق عَلْقاً. والصبي يَعْلُقُ: يَمُصُّ أَصابعه. والعَلوقُ: ما
تَعْلُقه الإِبل أَي ترعاه، وقيل هو نبت؛ قال الأَعشى:
هو الوَاهِبُ المائة المُصْطَفا
ة، لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارَا
أَي حَسَّنَ النبْتُ
أَلوانها؛ وقيل: إِنه يقول رَعَيْنَ العَلُوقَ حين لاط بهن الاحمرار من
السِّمَن والخِصْب؛ ويقال: أَراد بالعَلُوق الولد في بطنها، وأَراد
بالاحمرار حسن لونها عند اللَّقْحِ. وقال أَبو الهيثم: العَلُوق ماءُ الفحل
لأَن الإِبل إِذا عَلِقَتْ وعقدت على الماء انقلبت أَلوانها واحْمَرَّت،
فكانت أَنْفَسَ لها في نفس صاحبها؛ قال ابن بري الذي في شعر الأَعشى:
بأَجْوَدَ منه بِأْدْمِ الرِّكا
بِ، لاطَ العَلوقُ بهنّ احمرارا
قال: وذلك أَن الإِبل إِذا سمنت صار الآدمُ منها أصْهبَ والأَصْهبُ
أَحمر؛ وأَما عَجُُزُ البيت الذي صدره:
هو الواهبُ المائة المُصْطَفا
ة، لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارا
أَي حَسَّنَ النبْتُ أَلوانها؛ وقيل: إِنه يقول رَعَيْنَ العَلُوقَ
حين لاط بهن الاحمرار من السِّمَن والخِصْب؛ ويقال: أَراد بالعَلُوق
الولد في بطنها، وأَراد بالاحمرار حسن لونها عند اللَّقْحِ. وقال أَبو
الهيثم: العَلُوق ماءُ الفحل لأَن الإبل إِذا عَلِقَتْ وعقدت على الماء انقلبت
أَلوانها واحْمَرَّت، فكانت أَنْفَسَ
لها في نفس صاحبها؛ قال ابن بري الذي في شعر الأَعشى:
بأَجْوَدَ منه بِأُدْمِ الرِّكا
بِ، لاطَ العَلوقُ بهنّ احمرارا
قال: وذلك أَن الإبل إِذا سمنت صار الآدمُ منها أصْهبَ والأَصْهب
أَحمرَ؛ وأَما عَجُزُ البيت الذي صدره:
هو الواهِبُ المائة المُصْطَفا
ة، لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارا
فإِنه:
إِما مَخَاضاً وإِما عِشَارَا
والعَلْقَى: شجر تدوم خضرته في القَيْظ ولها أَفنان طوالِ
دقاق وورق لِطاف، بعضهم يجعل أَلفها للتأنيث، وبعضهم يجعلها للإلحاق
وتنون؛ قال الجوهري: عَلْقَى نبت، وقال سيبويه: تكون واحدة وجمعاً؛ قال
العجاج يصف ثوراً:
فَحَطَّ في عَلْقَى وفي مُكورِ،
بين تَواري الشَّمْسِ والذُّرُورِ
وفي المحكم:
يَسْتَنُّ في عَلْقَى وفي مُكورِ
وقال: ولم ينونه رؤبة، واحدته عَلْقاة، قال ابن جني: الأَلف في عَلْقاة
ليست للتأْنيث لمجيء هاء التأْنيث بعدها، وإِِنما هي للإِلحاق ببناء جعفر
وسلهب، فإِذا حذفوا الهاء من عَلْقاة قالوا عَلْقَى غير منون، لأَنها لو
كانت للإِلحاق لنونت كما تنون أَرْطًى، أَلا ترى أَن مَنْ أَلحق الهاء
في عَلْقاةٍ اعتقد فيها أَن الأَلف للإلحاق ولغير التأْنيث؟ فإِذا نزع
الهاء صار إِلى لغة من اعتقد أَن الأَلف للتأْنيث فلم ينوِّنها كما لم
ينونها، ووافقهم بعد نزعِهِ الهاءَ من عَلْقاة على ما يذهبون إِليه من أَن
أَلف عَلْقَى للتأْنيث.
وبعير عَالِقٌ: يرعى العَلْقَى. والعالِقُ أَيضاً: الذي يَعْلُقُ
العِضاه أَي ينتِف منها، سمي عالقاً لأَنه يَعْلُق العضاه لطولها.
وعَلَقَت الإِبلُ العِضاه تَعْلُق، بالضم، عَلْقاً إِذا تَسنَّمتها أَي رعتها
من أَعلاها وتناولتها بأَفواهها، وهي إِبل عَوالق.
ورجل ذو مَعْلَقَةٍ أَي مُغِيرٌ يَعْلَقُ بكل شيء أَصابه؛ قال:
أَخاف أَن يَعْلَقَها ذو مَعْلَقَهْ
وجاء بعُلَقَ
فُلَقَ أَي الداهية، وقد أَعْلَقَ وأَفْلَقَ. وعُلَقُ فُلَقُ: لا ينصرف؛
حكاه أَبو عبيد عن الكسائي. ويقال للرجل: أَعْلَقْتَ وأَفْلَقْتَ
أَي جئت بعُلَقَ
فُلَقَ، وهي الداهية، لا يجري مجرى عمر. ويقال: العُلَقُ الجمع الكثير.
والعَوْلَقُ: الغُول، وقيل: الكلبة الحريصة، قال: وكلبة عَوْلَقٌ حريصة؛
قال الطرماح:
عَوْلقُ الحِرْصِ إِذا أَمْشَرَتْ،
ساوَرَتْ فيه سُؤورَ المُسامِي
وقولهم: هذا حديث طويل العَوْلَقِ أَي طول الذَّنَب. وقال كراع: إِنه
لطول العَوْلَقِ أَي الذنب، فلم يَخصَّ به حديثاً ولا غيره.
والعَليقةُ: البعير أَو الناقة يوجهه الرجل مع القوم إِذا خرجوا
مُمْتارين ويدفع إِليهم دراهم يمتارون له عليها؛ قال الراجز:
أَرسلها عَلِيقةً، وقد عَلِمْ
أَن العليقَاتِ يُلاقِينَ الرَّقِمْ
يعني أَنهم يُودِعُون ركابهم ويركبونها ويزيدون في حملها. ويقال:
عَلَّقْتُ مع فلان عَلِيقةً، وأَرسلت معه عليقَةً، وقد عَلَّقها معه أَرسلها؛
وقال الراجز:
إِنَّا وَجَدْنا عُلَبَ العلائِقِ،
فيها شِفاءٌ للنُّعاسِ الطَّارِقِ
وقيل: يقال للدابة عَلوق. وقال ابن الأَعرابي: العَلِيقةُ والعَلاقةُ
البعير يضمه الرجل إِلى القوم يمتارون له معهم؛ قال الشاعر:
وقائلةٍ لا تَرْكَبَنَّ عَلِيقةً،
ومِنْ لذَّة الدنيا رُكوبُ العَلائِقِ
شمر: عَلاقةُ المَهْر ما يَتَعَلَّقون به على المتزوج؛ وقال في قول
امرئ القيس:
بِأََيّ عَلاقَتِنا تَرْغَبُو
نَ عَنْ دمِ عَمْروِ، على مَرْثَدِ؟
(* قوله: عن دم عمرو؛ هكذا في الأصل. وفي رواية أخرى: أَعَنْ، بادخال
همزة الإستفهام على عن).
قال: العَلاقةُ النَّيْل، وما تعلقوا به عليهم مثلَ عَلاقةِ المهر.
والعِلاقةُ: المِعْلاق الذي يُعَلَّقُ به الإِناء. والعِلاقةُ، بالكسر:
عِلاقةُ السيفِ والسوط، وعِلاقةُ السوط ما في مَقْبِضه من السير، وكذلك
عِلاقةُ القَدَحِ والمصحف والقوس وما أَشبه ذلك. وأَعْلَقَ
السوطَ والمصحف والسيف والقدح: جعل لها عِلاقةً، وعَلَّقهُ على الوَتدِ،
وعَلَّقَ
الشيءَ خلفه كما تُعَلَّق الحقِيبةُ وغيرها من وراء الرَّحل. وتَعَلَّقَ
به وتَعَلَّقَه، على حذف الوَسيط، سواء. ويقال: لفلان في هذه الدار
عَلاقةٌ أَي بقيةُ نصيبٍ، والدَّعْوى له عَلاقةٌ. وعَلِقَ الثوبُ
من الشجر عَلَقاً وعُلوقاً: بقي متعلقاً به. وفي حديث أَبي هريرة:
رُئِيَ وعليه إزار فيه عَلَقٌ وقد خيَّطه بالأُسْطُبَّةِ؛ العَلَقُ: الخرق،
وهو أَن يَمُرَّ بشجرة أَو شوكة فتَعْلَقَ بثوبه فتخرقه. والعَلْقُ: الجذبة
في الثوب وغيره، وهو منه. والعَلَقُ: كل ما عُلِّقَ. وقال اللحياني
(*
قوله «وقال اللحياني إلخ» عبارة شرح القاموس: والمعالق، بغير ياء، من
الدواب: هي العلوق؛ عن اللحياني): وهي العَلوق والمَعالِق بغير ياءٍ.
والمِعْلاقُ والمُعْلوق: ما عُلِّقَ من عنب ولحم وغيره، لا نظير له إِلا
مُغْْرود لضرب من الكمأَة، ومُغفُور ومُغْثور ومُغْبورٌ في مُغْثور
ومُزْمور لواحد مزامير داود، عليه السلام؛ عن كراع. ويقال للمِعْلاق مُعْلوق
وهو ما يُعَلَّق عليه الشيء. قال الليث: أَدخلوا على المُعلوقِ الضمة
والمدّة كأَنهم أَرادوا حدّ المُنْخُل والمُدْهُن، ثم أَدخلوا عليه المدة.
وكلُّ شيء عُلِّقَ به شيء، فهو مِعْلاقه. ومَعاليقُ العُقود والشُّنوف: ما
يجعل فيها من كل ما يحْسُن، وفي المحكم: ومَعالِيق العِقْدِ الشُّنُوفُ
يجعل فيها من كل ما يحسن فيه. والأَعالِيقُ
كالمَعالِيقِ، كلاهما: ما عُلِّقَ، ولا واحد للأَعالِيقِ. وكل شيء
عُلِّقَ منه شيء، فهو مِعْلاقه. ومِعْلاقُ
الباب: شء يُعَلَّقُ به ثم يُدْفع المِعْلاقُ فينفتح، وفرق ما بين
المِعْلاقِ والمِغْلاق أنَ المِغْلاق يفتح بالمِفْــتاح، والمِعْلاق
يُعْلَّقُبه البابُ ثم يُدْفع المِعْلاق من غير مفتاح فينفتح، وقد عَلَّق الباب
وأَعلَقه. ويقال: عَلِّق الباب وأَزْلِجْهُ. وتَعْلِيق البابِ أَيضاً:
نَصْبه وترْكِيبُه، وعَلِّق يدَه وأَعْلَقها؛ قال:
وكنتُ إِذا جاوَرْتُ، أَعْلَقْتُ في الذُّرى
يَدَيَّ، فلم يُوجَدْ لِجَنْبَيَّ مَصْرَعُ
والمِعْلَقة: بعض أَداة الراعي؛ عن اللحياني.
والعُلَّيْقُ: نبات معروف يتعلَّق بالشجر ويَلْتَوي عليه. وقال أَبو
حنيفة: العُلَّيق شجر من شجر الشوك لا يعظم، وإِذا نَشِب فيه شيء لم يكد
يتخلَّص من كثرة شوكه، وشَوكُه حُجَز شداد، قال: ولذلك سمِّي عُلَّيْقاً،
قال: وزعموا أَنها الشجرة التي آنَسَ موسى، على نبينا وعليه الصلاة
والسلام، فيها النارَ، وأَكثر منابتها الغِياضُ والأَشَبُ. وعَلِقَ به عَلَقاً
وعُلوقاً: تعلق.
والعَلوق: ما يعلق بالإنسان؛ والمنيّةُ عَلوق وعَلاَّقة. قال ابن سيده:
والعَلوق المنيَّة، صفة غالبة؛ قال المفــضل البكري:
وسائلة بثَعْلبةَ بنِ سَيْرٍ،
وقد عَلِقَتْ بثعلبةَ العَلوقُ
يريد ثعلبة بن سَيَّار فغيره للضرورة. والعُلُق: الدواهي. والعُلُق:
المَنايا. والعُلُق: الأَشغال أَيضاً. وما بينهما عَلاقةٌ أَي شيءٌ
يتَعَلَّقُ به أَحدُهما على الآخر. ولي في الأَمر عَلوق ومُتعلَّق أَي مُفْتَرض؛
فأَما قوله:
عَيْنُ بَكِّي لِسامةَ بن لُؤَيٍّ،
عَلِقَتْ مِلْ أُسامةَ العَلاَّقَهْ
(* قوله «مل أُسامة»
هكذا هو بالأصل مضبوطاً، وقد ذكره في مادة فوق بلفظ ساق سامة مع ذكر
قصته).
فإِنه عنى الحية لتَعَلّقها لأََنها عَلِقَتْ زِمام ناقته فلدغعته،
وقيل: العَلاَّقة، بالتشديد المنية وهي العَلوق أَيضاً. ويقال: لفلان في هذا
الأَمر عَلاقة أَي دعوى ومُتعَلَّق؛ قال الفرزدق:
حَمَّلْتُ من جَرْمٍ مَثاقيلَ حاجَتي،
كَريمَ المُحَيَّا مُشْنِقاً بالعَلائِقِ
أَي مستقلاً بما يُعَلَّقُ به من الدِّيات. والعَلَق: الذي تُعَلَّق به
البَكَرةُ من القامة؛ قال رؤبة:
قَعْقَعةَ المِحْوَر خُطَّافَ العَلَقْ
يقال: أَعرني عَلَقَك، أَي أَدة بَكَرتك، وقيل: العَلَقُ البَكَرة،
والجمع أَعْلاق؛ قال:
عُيونُها خُرْزٌ لصوتِ الأَعْلاقْ
وقيل: العَلَقُ القامةُ، والجمع كالجمع، وقيل: العَلَق أَداة البَكَرة،
وقيل: هو البَكَرةُ
وأَداتها، يعني الخُطَّاف والرِّشاءَ والدلو، وهي العَلَقةُ. والعَلَق:
الحبل المُعَلَّق بالبَكَرة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
كلاَّ زَعَمْت أَنَّني مَكْفِيُّ،
وفَوْق رأْسي عَلَقٌ مَلْوِيُّ
وقيل: العَلَقُ الحبل الذي في أَعلى البكَرة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي
أَيضاً:
بِئْسَ مَقامُ الشيخ بالكرامهْ،
مَحالةٌ صَرَّارةٌ وقامَهُ،
وعَلَقٌ يَزْقُو زُقاءَ الهامَهْ
قال: لما كانت القامةُ مُعَلَّقة في الحبل جعل الزُّقاء له وإِنما
الزُّقاء للبَكرة، وقال اللحياني: العَلَق الرِّشاءُ والغَرْب والمِحْور
والبَكرة؛ قال: يقولون أَعيرونا العَلَق فيُعارون ذلك كله، قال الأَصمعي:
العَلَق اسم جامع لجميع آلات الاسْتِقاء بالبكرة، ويدخل فيها الخشبتان اللتان
تنصبان على رأْس البئر ويُلاقي بين طرفيهما العاليين بحبل، ثم يُوتَدانِ
على الأَرض بحبل آخر يُمدّ طرفاه للأَرض، ويُمَدَّان في وَتِدَينِ
أُثْبتا في الأَرض، وتُعَلَّق القامةُ وهي البَكَرة في أَعلى الخشبتين
ويُسْتَقى عليها بدلوين يَنْزِع بهما ساقيان، ولا يكون العَلَقُ
إِلا السَّانَيَة، وجملة الأَداة مِنَ الخُطَّافِ والمِحْوَرِ
والبَكَرةِ والنَّعامَتَيْنِ وحبالها؛ كذلك حفظته عن العرب. وعَلَقُ
القربة: سير تُعَلَّقْ به، وقيل: عَلَقُها ما بقي فيها من الدهن الذي تدهن
به. ويقال: كَلِفْتُ إِليك عَلَقَ
القربة، لغة في عَرَق القربة، فأَما عَلَقُ
القربة فالذي تشد به ثم تُعَلَّق، وأَما عَرَقُها فأَن تَعْرَق من
جهدها، وقد تقدم، وإِنما قال كَلِقْتُ إِليك عَلَق القربة لأَن أَشد العمل
عندهم السقي. وفي الحديث: خَطَبَنَا عمر،رضي الله عنه، فقال: أَيها الناس،
أَلا لا تُغَالوا بصَداق النساءِ، فإِنه لو كان مَكْرُمَةً في الدنيا
وتقوى عند الله كان أَوْلاكُم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أَصْدَقَ
امرأَةً من نسائه ولا أُصْدِقَت امرأَةٌ من بناته أَكثر من ثنتي عشرة
أُوقيّةً، وإِن الرجل ليُغَالي بصَداق امرأَته حتى يكون ذلك لها في قلبه عداوةً
حتى يقول قد كَلِفْتُ عَلَقَ القربةِ، وفي النهاية يقول: حتى جَشِمْتُ
إِليكِ عَلَقَ القربةِ؛ قال أَبو عبيدة: عَلَقُها عِصَامُها الذي
تُعَلَّقُ به، فيقول: تَكَلَّفْت لكِ
كل شيء حتى عِصَامَ القربة. والمُعَلَّقة من النساء: التي فُقِد
زَوجُها، قال تعالى: فَتَذَرُوَها كالمُعَلَّقِة، وفي التهذيب: وقال تعالى في
المرأَة التي لا يُنْصِفُها زوجها ولم يُخَلِّ سبيلَها: فَتَذَرُوها
كالمُعَلّقة، فهي لا أَيِّم ولا ذات بَعْل. وفي حديث أُم زرع: إِن أَنْطق
أُطَلَّقْ، وإِن أَسكت أُعَلَّقْ أَي يتركْني كالمعَلَّقة لا مُمْسَكةً ولا
مطلقةً.
والعَلِيقُ: القَضِييمُ يُعَلَّق على الدابة، وعَلّقها: عَلَّق عليها.
والعَليقُ: الشراب على المثل. قال الأَزهري: ويقال للشراب عَلِيق؛ وأَنشد
لبعض الشعراء وأَظن أَنه لبيد وإِنشاده مصنوع:
اسْقِ هذا وذَا وذاكَ وعَلِّقْ،
لا تُسَمِّ الشَّرابَ إِلا عَلِيقَا
والعَلاقة: بالفتح: عَلاقة الخصومة. وعَلِقَ به عَلَقاً: خاصمه. يقال:
لفلان في أَرض بني فلان عَلاقةٌ أَي خصومة. ورجل مِعلاقٌ وذو مِعْلاق:
خصيم شديد الخصومة يتعلَّق بالحجج ويستَدْركها؛ ولهذا قيل في الخصيم
الجَدِل:لا يُرْسِلُ الساقَ إِلا مُمْسِكاً ساقَا
أَي لا يَدَع حُجة إِلا وقد أَعَدّ أُخرى يتعلَّق بها. والمِعْلاق:
اللسان البليغ؛ قال مِهَلْهِلٌ:
إِن تحتَ الأَحْجارِ حَزْماً وجُوداً،
وخَصِيماً أَلَدَّ ذا مِعْلاقِ
ومعْلاق الرجل: لسانه إِذا كان جَدِلاً.
والعَلاقَى، مقصور: الأَلقاب، واحدتها عَلاقِيَة وهي أَيضاً العَلائِقُ،
واحدَتها عِلاقةٌ، لأَنها تُعَلَّقُ على الناس.
والعَلَقُ: الدم، ما كان وقيل: هو الدم الجامد الغليظ، وقيل: الجامد قبل
أَن ييبس، وقيل: هو ما اشتدت حمرته، والقطعة منه عَلَقة. وفي حديث
سَرِيَّةِ بني سُلَيْمٍ: فإِذا الطير ترميهم بالعَلَقِ أَي بقطع الدم، الواحدة
عَلَقةٌ. وفي حديث ابن أَبي أَوْفَى: أَنه بَزَقَ عَلَقَةٌ ثم مضى في
صلاته أَي قطعة دمٍ منعقد. وفي التنزيل: ثم خلقنا النُّطْفَة عَلَقةً؛ ومنه
قيل لهذه الدابة التي تكون في الماء عَلَقةٌ لأَنها حمراء كالدم، وكل دم
غليظ عَلَقٌ، والعَلَقُ: دود أَسود في الماء معروف، الواحدة عَلَقةٌ.
وعَلِق الدابةُ عَلَقاً: تعلَّقَتْ به العَلَقَة. وقال الجوهري: عَلِقَت
الدابةُ إِذا شربت الماءَ فعَلِقَت بها العَلَقة. وعَلِقَتْ به عَلَقاً:
لزمته. ويقال: عَلِقَ العَلَقُ بحَنَك الدابة عَلَقاً إِذا عَضّ على موضع
العُذّرة من حلقه يشرب الدم، وقد يُشْرَطُ موضعُ المَحَاجم من الإنسان
ويُرْسل عليه العَلَقُ حتى يمص دمه. والعَلَقَةُ: دودة في الماء تمصُّ الدم،
والجمع عَلَق. والإعْلاقُ: إِرسال العَلَق على الموضع ليمص الدم. وفي
الحديث: اللدُود أَحب إِليّ من الإعْلاقِ. وفي حديث عامر: خيرُ الدواءِ
العَلَقُ والحجامة؛ العَلَق: دُوَيْدةٌ حمراء تكون في الماء تَعْلَقُ
بالبدن وتمص الدم، وهي من أَدوية الحلق والأَورام الدَّمَوِيّة
لامتصاصها الدم الغالب على الإِنسان. والمعلوق من الدواب والناس: الذي أَخَذ
العَلَقُ بحلقه عند الشرب.
والعَلوقُ: التي لا تحب زوجها، ومن النوق التي لا تأْلف الفحل ولا
تَرْأَمُ الولد، وكلاهما على الفأْل، وقيل: هي التي تَرْأَمُ بأَنفها ولا
تَدِرُّ، وفي المثل: عامَلَنا مُعاملةَ العَلُوقِ تَرْأَمُ فتَشُمّ؛
قال: وبُدِّلْتُ من أُمٍّ عليَّ شَفِيقةٍ
عَلوقاً، وشَرُّ الأُمهاتِ عَلُوقُها
وقيل: العَلوق التي عُطِفت على ولد غيرها فلم تَدِرَّ عليه؛ وقال
اللحياني: هي التي تَرْأَمُ بأَنفها وتمنع دِرَّتها؛ قال أُفْنُون
التغلبي:أَمْ كيف يَنْفَعُ ما تأْتي العَلوقُ بِهِ
رئْمانُ أَنْفٍ، إِذا ما ضُنَّ باللَّبَنِ
وأَنشد ابن السكيت للنابغة الجعدي:
وما نَحَني كمِنَاح العَلُو
قِ، ما تَرَ من غِرّةٍ تَضْرِبِ
قال ابن بري: هذا البيت أَورده الجوهري تضربُ، برفع الباء، وصوابه
بالخفض لأَنه جواب الشرط؛ وقبله:
وكان الخليلُ، إِذا رَابَني
فعاتَبْتُه، ثم لم يُعْتِبِ
يقول: أَعطاني من نفسه غير ما في قلبه كالناقة التي تُظْهر بشمِّها
الرأْم والعطف ولم تَرْأَمه. والمَعَالق من الإِبل: كالعَلُوق. ويقال: عَلَّق
فلان راحلته إِذا فسخ خِطَامها عن خَطْمِها وأَلقاه عن غاربها
ليَهْنِئَها.
والعِلْق: المال الكريم. يقال: عِلْقُ
خير، وقد قالوا عِلْق شرٍّ، والجمع أَعْلاق. ويقال: فلان عِلْقُ علمٍ
وتِبْعُ
علمٍ وطلْب علمٍ. ويقال: هذا الشيءُ عِلْقُ مَضِنَّةٍ أَي يُضَنُّ به،
وجمعه أَعْلاق. ويقال: عِرْق مَضِنَّةٍ، بالراء، وقد تقدم. وقال اللحياني:
العِلْقُ الثوب الكريم أَو التُّرْس أَو السيف، قال: وكذا الشيءُ الواحد
الكريم من غير الروحانيين، ويقال له العَلوق. والعِلْق، بالكسر: النفيس
من كل شيءٍ. وفي حديث حذيفة: فما بال هؤلاء الذين يسرقون أَعْلاقَنا أَي
نفائس أَموالنا، الواحد عِلْق، بالكسر،سمي به لتَعَلُّقِ
القلب به. والعِلْقُ
أَيضاً: الخمر لنفاستها، وقيل: هي القديمة منها؛ قال:
إِذا ذُقْت فاهَا قُلت: عِلْقٌ مُدَمَّسٌ
أُرِيدَ به قَيْلٌ، فَغُودِرَ في سَابِ
أَراد سأْباً فخفف وأَبدل، وهو الزِّقّ
أَو الدَّنّ. والعَلَق في الثوب: ما عَلِق به. وأَصاب ثوبي عَلْقٌ،
بالفتح، وهو ما عَلِِقَهُ فجذبه. والعِلْقُ والعِلْقةُ: الثوب النفيس يكون
للرجل. والعِلْقةُ: قميص بلا كمين، وقيل: هو ثوب صغير يتخذ للصبي، وقيل:
هو أَول ثوب يلبسه المولود؛ قال:
وما هي إِلاَّ في إِزارٍ وعِلْقةٍ،
مَغَارَ ابنِ اهَمّامٍ على حَيّ خَثْعَما
ويقال: ما عليه عِلْقة، إِذا لم يكن عليه ثياب لها قيمة، ويقال:
العِلْقة للصُّدْرة تلبسها الجارية تبتذل بها؛ قال امرؤ القيس:
بأَيِّ عَلاقَتِنا تَرْغَبُو
ن عن دمِ عَمْروٍ على مَرْثَدِ؟
(* راجع الملاحظة المثبتة سابقاً في هذه المادة).
وقد تقدم الاستشهاد به في المهر؛ قال أَبو نصر: أَراد أَيَّ عَلاقتنا ثم
أَقحم الباء، والعَلاقة: التباعد؛ فأَراد أَيَّ ذلك تكرهون، أَتأْبون دم
عمرو على مرثد ولا ترضون به؟ قال: والعَلاقةُ ما كان من متاع أَو مال
أَو عِلْقةٌ أَيضاً، وعِلْق للنفيس من المال، وقيل: كان مرثد قتل عمراً
فدفعوا مرثداً ليُقْتل به فلم يرضوا، وأَرادوا أَكثر من رجل برجل، فقال:
بأَيِّ ضعف وعجز رأَيتم منا إِذ طمعتم في أ َكثر من دم بدم؟
والعُلْقة: نبات لا يَلْبَثُ. والعُلْقةُ: شجر يبقى في الشتاء
تَتَبَلَّغُ به الإِبل حتى تُدْرك الربيع. وعَلَقَت الإِبل تَعْلُق عَلْقاً،
وتَعَلَّقت: أَكلت من عُلْقةِ الشجر. والعَلَقُ: ما تتبلغ به الماشية من
الشجر، وكذلك العُلْقةُ، بالضم. وقال اللحياني: العَلائِقُ البضائع. وعَلِقَ
فلانٌ يفعل كذا، ظَلَّ، كقولك طَفِقَ يفعل كذا؛ فال الراجز:
عَلِقَ حَوْضي نُغَر مُكِبُّ،
إِذا غَفَلْتُ غَفْلةً يَعُبُّ
أَي طَفِقَ يرِدهُ، ويقال: أَحبه واعتاده. وفي الحديث: فَعَلِقُوا وجهه
ضرباً أَي طفقوا وجعلوا يضربونه. والإِعْلاقُ: رفع اللَّهاةِ. وفي
الحديث: أَن امرأَة جاءت بابن لها إِلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد
أَعْلَقَتْ عنه من العُذْرةِ
فقال: عَلامَ تَدْغَرْنَ أَولادكن بهذه العُلُق؟ عليكم بكذا، وفي حديث:
بهذا الإِعْلاق، وفي حديث أُم قيس: دخلت على النبي، صلى الله عليه وسلم،
بابنٍ لي وقد أَعلقتُ
عليه؛ الإِعْلاقُ: معالجة عُذْرةِ الصبي، وهو وجع في حلقه وورم تدفعه
أُمه بأُصبعها هي أَو غيرها. يقال: أَعْلَقَتْ
عليه أُمُّه إِذا فعلت ذلك وغَمَزت ذلك الموضع بأُصبعها ودفعته. أَبو
العباس: أَعْلَقَ إِذا غَمَزَ حلق الصبي المَعْذور وكذلك دَغَر، وحقيقة
أَعْلقتُ
عنه أَزلتُ العَلُوقَ وهي الداهية. قال الخطابي: المحدثون يقولون
أَعْلَقَت عليه وإِنما هو أَعْلَقَتْ عنه أَي دفَعت عنه، ومعنى
أَعْلَقَتْعليه أَوْرَدَتْ عليه العَلُوقَ أَي ما عذبته به من دَغْرها؛ ومنه
قولهم: أَعْلَقْتُ عَليَّ إِذا أَدخلت يدي في حلقي أَتَقَيَّأُ، وجاءَ في بعض
الروايات العِلاق، وإِما المعروف الإِعْلاق، وهو مصدر أَعْلَقَتُ، فإِن
كان العِلاقُ
الاسمَ فيَجُوز، وأَما العُلُق فجمع عَلُوق، والإعْلاق: الدَّغْر.
والمِعْلَقُ: العُلْبة إِذا كانت صغيرة، ثم الجَنْبة أَكبر منها تعمل من
جَنْب الناقة، ثم الحَوْأَبة أَكبرهن. والمِعْلَقُ: قدح يعلقه الراكب
معه، وجمعه مَعَالق. والمَعَالقُ: العِلاب الصغار، واحدها مِعْلَق؛ قال
الفرزدق:
وإِنا لنُمْضي بالأَكُفِّ رِماحَنا،
إِذا أُرْعِشَتْ أَيديكُم بالمَعَالِقِ
والمِعْلَقة: متاع الراعي؛ عن اللحياني، أَو قال: بعض متاع الراعي.
وعَلَقَه بلسانه: لَحاهُ كَسَلَقَةُ؛ عن اللحياني. ويقال سَلَقَه بلسانه
وعَلَقَه إِذا تناوله؛ وهو معنى قول الأَعشى:
نهارُ شَرَاحِيلَ بن قَيْسَ يَرِيبنُي،
ولَيْل أَبي عيس أَمَرُّ وأَعَلق
ومَعَاليق: ضرب من النخل معروف؛ قال يذكر نخلاً:
لئِنْ نجَوْتُ ونجَتْ مَعَالِيقْ
من الدَّبَى، إِني إِذاً لَمَرْزُوقْ
والعُلاَّقُ: شجر أَو نبت. وبنو عَلْقَةَ: رهط الصِّمَّةِ، ومنهم
العَلَقاتُ، جمعوه على حد الهُبَيْراتِ. وعَلَقَةُ: اسم. وذو عَلاقٍ: جبل. وذو
عَلَقٍ: اسم جبل؛ عن أَبي عبيدة؛ وأَنشد ابن أَحمر:
ما أُمُّ غُفْرٍ على دَعْجاء ذي عَلَقٍ،
يَنْفِي القَراميدَ عنها الأَعْصَمُ الوَقُِلُ
وفي حديث حليمة: ركبت أَتاناً لي فخرجت أَمام الرَّكْبِ حتى ما يَعْلَقُ
بها أَحد منهم أَي ما يتصل بها ويلحقها. وفي حديث ابن مسعود: إنَّ
امرَأً بمكة كان يسلم تسليمتين فقال: أَنَّى عَلِقَها فإِن رسول الله، صلى
عليه وسلم، كان يفعلها؟ أَي من أَين تعلَّمها وممن أَخذها؟ وفي حديث
المِقْدام: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إِن الرجل من أَهل الكتاب يتزوج
المرأَة وما يَعْلَقُ على يديها الخير وما يرغب واحد عن صاحبه حتى يموتا
هَرَماً؛ قال الحربي: يقول من صغرها وقلَّةِ رِفْقها فيصبر عليها حتى
يموتا هَرَماً، والمراد حثُّ أصحابه على الوصية بالنساء والصبر عليهن أَي
أَن أَهل الكتاب يفعلون ذلك بنسائهم. وعَلِقَت المرأَة أَي حَبِلَتْ.
وعَلِقَ الظَّبْيُ في الحبالة. والعُلَّيْقُ، مثال القُبَّيْط: نبت يتعلق
بالشجر يقال له بالفارسية «سَبرَنْد »
(* قوله «سبرند» كذا بالأصل، والذي في
الصحاح: سرند مضبوطاً كفرند). وربما قالوا العُلَّيْقَى مثال
القُبَّيْطَى. وفي التهذيب في هذه الترجمة: روي عن عليّ، رضي الله عنه، أَنه قال:
لنا حق إِن نُعْطَهُ نأْخُذْه، وإِن لم نُعْطَهُ نركبْ أَعجاز الإِبل؛ قال
الأَزهري: معنى قوله نركب أَعجاز الإِبل أَي نرضى من المركب
بالتَّعْلِيق، لأَنه إِذا مُنِعَ التَّمَكُّن من الظهر رضي بعَجُزِ
البعير، وهو التَّعْليق، والأَولى بهذا أَن يذكر في ترجمة عجز، وقد
تقدم.
قعع: القُعاعُ: ماءٌ مُرّ غليظ. ماءٌ قُعٌّ وقُعاعٌ: مُرٌّ غليظ، وقيل:
هو الذي لا أَشدّ مُلُوحةً منه تَحْتَرِقُ منه أَجْوافُ الإِبلِ، الواحد
والجمع فيه سواء. قال ابن بري: ماءٌ قُعاعٌ وزُعاقٌ وحُراقٌ، وليس بعد
الحُراقِ شيء، وهو الذي يحرق أَوبار الإِبل، والأُجاجُ المِلْحُ المُرّ
أَيضاً.
وأَقَعَّ القومُ إِِقْعاعاً إِذا أَنْبَطُوه. يقال: أَقَعَّ أَي
أَنْبَطَ ماءً قُعاعاً. وأَقَعَّتِ البئرُ: جاءت بهذا الضرب من الماء، ومِياهُ
الإِمْلاحاتِ كلُّها قُعاعٌ.
والقَعْقَعةُ: حكايةُ أَصوات السِّلاحِ والتِّرَسةِ والجُلُودِ اليابسة
والحجارة والرَّعْدِ والبَكْرةِ والحُليِّ ونحوها؛ قال النابغة:
يُسَهَّدُ من لَيْلِ التَّمامِ سَلِيمُها،
لحَلْيِ النساءِ في يَدَيهِ قَعاقِعُ
وذلك أَن المَلْدُوغَ يوضع في يديه شيء من الحَلْيِ لئلا يَنامَ فيَدِبَّ
السمُّ في جسَدِه فيقتله. وتَقَعْقَعَ الشيء: اضْطَرَبَ وتحرّك.
وقَعْقَعْتُ القارُورةَ وزَعْزَعْتُها إِذا أَرَغْتَ نَزْعَ صِمامِها من رأْسها.
وقَعْقَعْتُه وقَعْقَعْتُ به: حرَّكْته. وفي حديث أُم سلمة: قَعْقَعُوا لك
بالسِّلاحِ فطارَ سِلاحُك
(* قوله« سلاحك» كذا بالأصل والنهاية ايضاً،
وبهامش الأصل صوابه: فؤادك.) وفي المثل: فلانٌ لا يُقَعْقَعُ له بالشِّنانِ
أَي لا يُخْدَعُ ولا يُرَوَّعُ، وأَصله من تحريك الجلد اليابس للبعير
ليَفْزَع؛ أَنشد سيبويه للنابغة:
كأَنَّكَ مِنْ جِمالِ بَني أُقَيْشٍ،
يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ
أَراد كأَنك جَمَلٌ فحذف الموصوف وأَبقى الصفة كما قال:
لو قُلْتَ ما في قَوْمِها لم تِيثَمِ،
يَفْضُلُها في حَسَبٍ ومِيسَمِ
أَراد من يفضلها فحذف الموضول وأَبقى الصلة.
والتَّقَعْقُعُ: التحرّك. وقال بعض الطائيين: يقال قَعَّ فلان فلاناً
يَقُعُّه قَعّاً إِذا اجْتَرأَ عليه بالكلام. وتَقَعْقَعَ الشيءُ: صَوَّتَ
عند التحريك. وقَعْقَعْتُه قَعْقَعةً وقِعْقاعاً: حركته، والاسم
القَعْقاعُ، بالفتح. قال ابن الأَعرابي: القَعْقَعةُ والعَقْعَقةُ والشَّخْشَخةُ
والخَشَخَشةُ والخَفْخَفةُ والفَخْفَخةُ والنَّشْنَشةُ والشَّنْشَنةُ،
كله: حركةُ القِرْطاسِ والثوْبِ الجديدِ. وفي الحديث: أَنّ ابناً لِبِنْتِ
النبي، صلى الله عليه وسلم، حُضِرَ فدخل النبي، صلى الله عليه وسلم، فجيءَ
بالصبيّ ونفسُه تَقَعْقَعُ أَي تَضْطَرِبُ؛ قال خالد بن جَنْبةَ: معنى
قوله نفسه تَقَعْقَعُ أَي كلَّما صَدَرَتْ إِلى حال لم تَلْبَثْ أَن تصير
إِلى حال أُخرى تقرّبه من لموت لا تثبت على حال واحدة. وفي الحديث: آخُذُ
بِحَلْقةِ الجنةِ فأُقَعْقِعُها أَي أُحَرِّكُها. والقَعْقَعةُ: حكاية حركة
لشيء يُسْمَعُ له صوْتٌ، ومنه حديث أَبي الدرداء: شَرُّ النساء
السَّلْفَعةُ التي تُسْمَعُ لأَسنانِها قَعْقَعةٌ. ورجل قَعْقاعٌ وقُعْقُعانيّ:
تَسْمَعُ لِمَفــاصِلِ رجليه تَقَعْقُعاً إِذا مشَى، وكذلك العَيْرُ إِذا
حَمَلَ على العانةِ وتَقَعْقَعَ لَحْياه يقال له قُعْقُعانيٌّ. وحِمارٌ
قُعْقُعانيُّ الصوتِ، بالضم، أَي شديد الصوت، في صوته قَعْقَعَةٌ؛ قال
رؤبة:شاحِيَ لَحْيَيْ قُعْقُعانيّ الصَّلَقْ
قَعْقَعةَ المِحْوَرِ خُطَّافَ العَلَقْ
والأَسَدُ ذُو قَعاقِعَ أَي إِذا مشَى سمعت لِمَفــاصِله قَعْقَعةً.
والقَعْقَعةُ: تَتابُعُ صوت الرَّعْدِ في شدَّةٍ؛ وجمعه القَعاقِعُ. ورجل
قُعاقِعٌ: كثير الصوت؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وقُمْتُ أَدْعُو خالداً ورافِعا،
جَلْدَ القُوَى ذا مِرَّةٍ قُعاقِعا
وتَقَعْقَعَ بنا الزمانُ تَقَعْقُعاً: وذلك من قلة الخير وجَوْرِ
السلطانِ وضِيقِ السِّعْرِ. والمُقَعْقِعُ: الذي يُجِيلُ القِداحَ في الميسر؛
قال كُثيِّر يصف ناقته:
وتُعْرَفُ إِنْ ضَلَّتْ فَتُهْدَى لِرَبِّها
لِمَوْضِعِ آلاتٍ مِنَ الطَّلْحِ أَرْبَعِ
وتُؤْبَنُ مِنْ نَصِّ الهَواجِرِ والضُّحَى،
بِقِدْحَيْنِ فازا مِنْ قِداحِ المُقَعْقِعِ
عليها، ولَمَّا يَبْلُغا كلَّ جَهْدِها،
وقد أَشْعَراها في أَظَلَّ ومَدْمَعِ
الآلات: خَشَبات تبنى عليها الخيمة، وتُؤْبَنُ أَي تُتَّهَمُ وتُزَنّ؛
يقول: هزلت فكأَنها ضُرِبَ عليها بالقِداحِ فخرج المُعَلَّى والرَّقِيبُ
فأَخذا لحمها كله، ثم قال: ولما يبلغا كل جَهْدِها أَي وفيها بقية.
وقوله:قد أَشْعَراها أَي وهذان القِدْحانِ قد اتصل عملهما بالأَظَلِّ حتى
دَمِيَ فَنَقِبَ وبالعين حتى دَمَعَت من الإِعياء، والضمير في أَشْعَراها يعود
على الهواجِرِ، والسُّرَى على ما قاله ابن بري إِن الذي وقع في شعر كثيِّر
نَصَّ الهواجِرِ والسُّرَى؛ قال: وأَصله من إِشْعارِ البدنة، وهو
طَعْنُها في أَصل سَنامِها بحديدة، قال ابن بري: يقول أَثَرُ قوائم هذه الناقة في
الأَرض إِذا بركت كأَثَرِ عيدان من الطلْحِ فيستدل عليها بهذه الآثار؛
وقد نسب الأَزهريّ قوله:
بِقِدْحَيْنِ فازا من قِداحِ المُقَعْقِعِ
إِلى ابن مُقْبلٍ. ويقال للمهزول: صار عظاماً يَتَقَعْقَعُ من هزاله. وكل
شيء يسمع عند دقه صوت واحد فإِنكَ لا تقول تَقَعْقَعَ، وإِذا قلت لمثل
الأَدَمِ اليابسة والسِّلاح ولها أَصوات قلت تَتَقَعْقَعُ؛ قال الأَزهري:
وقول النابغة:
يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ
يخالف هذا القول لأَنّ الشنّ من الأَذَمِ وقد تقدّم. وقَعْقَعَ في الأَرض
أَي ذهب. وتمرٌ قَعْقاعٌ أَي يابس. قال الأَزهري: سمعت البحرانِيِّينَ
يقولون للقَسْب إِذا يبِسَ وتَقَعْقَع: تَمْرٌ سَحٌّ وتَمْرُ قَعْقاعٌ.
والقَعْقاعُ: الحُمَّى النافِضُ تُقَعْقِعُ الأَضْراس، قال مُزَرِّدٌ أَخو
الشمّاخ:
إِذا ذُكِرَتْ سَلْمَى على النَّأْي، عادَني
ثُلاجِيّ قعْقاعٍ، من الوِرْدِ، مُرْدِم
ويقال للقوم إِذا كانوا نزولاً ببلد فاحتملوا عنه: قد تَقَعْقَعَتْ
عُمُدُهم أَي ارتحلوا؛ قال جرير:
تَقَعْقَعَ نَحْوَ أَرْضِكُمُ عِمادي
وفي المثل: مَنْ يَجْتَمِعُ تَتَقَعْقَعُ عُمُدُه، كما يقال: إِذا تَمَّ
أَمْرٌ دنَا نَقْصُه، ومعنى من يجمع تتقعقع عمده أَي من غُبِطَ بكثرة
العَدَدِ واتِّساقِ الأَمر فهو بِعَرضِ الزوال والانتشار؛ وهذا كقول لبيد
يصف تغير الزمان بأَهله:
إِنْ يُغْبَطُوا يَهْبِطُوا، وإِنْ أُمِرُوا
يَوْماً، يَصِيرُوا لِلْهُلْكِ والنَّكَدِ
والقُعْقُعُ، بالضم: طائر أَبْلَقُ فيه سواد وبياض ضخم طويل المِنْقارِ
وهو من طير البر، والقَعْقَعةُ صوته. والقُعْقُعُ، بضم القافين:
العَقْعَقُ.
وقُعَيْقِعانُ: جبل، وقيل: موضع بمكة كانت فيه حرب بين قبيلتين من قريش،
وهو اسم معرفة، سمي بذلك لقَعْقَعةِ السِّلاح الذي كان به، وقيل: سمي
بذلك لأَنّ جُرْهُماً كانت تجعل قِسيَّها وجِعابَها ودَرَقَها فيه فكانت
تُقَعْقِعُ وتصوّت، قال ابن بري: وسمي بذلك لأَنه موضع سلاح تُبَّعٍ كما
سمي الجبل الذي كان موضع خيله أَجْياداً. وقُعَيقِعانُ أَيضاً: جبل
بالأَهواز في حجارته رخاوة تنحت منه الأَساطِينُ، ومنه نحتت أَساطين مسجد
البَصْرةِ.
وطريقٌ قَعْقاعٌ ومُتَقَعْقِعٌ: لا يُسْلَكُ إِلا بِمَشَقّةٍ وذلك إِذا
بَعُدَ واحْتاجَ السابِلُ فيه إِلى الجَدِّ، وسمي قَعْقاعاً لأَنه
يُقَعْقِعُ الرِّكابَ ويتعبها؛ قال ابن مقبل يصف ناقة:
عَمِل قَوائِمُها على مُتَقَعْقعٍ،
عَتِبِ المَراقِبِ خارجٍ مُتَنَشِّرِ
وقَرَبٌ قَعْقاعٌ: شديدٌ لا اضْطِرابَ فيه ولا فُتُورَ،وكذلك خِمْسٌ
قَعْقاعٌ وحَثْحاثٌ إِذا كان بعيداً والسيرُ فيه مُتْعِباً لا وَتِيرةَ فيه
أَي لا فُتُورَ فيه، وسَيْرٌ قَعْقاعٌ. والقَعْقاعُ: طريق يأْخذ من
اليمامة إِلى الكوفة، وقيل إِلى مكة، معروف. وقَعْقاعٌ: اسم رجل؛ قال:
وكُنْتُ جَلِيسَ قَعْقاعِ بنِ شَوْرٍ،
ولا يَشْقَى بِقَعْقاعٍ جَلِيسُ
وبالشُّرَيْفِ من بلادِ قَيْسٍ مواضعُ يقال لها القَعاقِعُ. وقال
الأَصمعي: إِذا طَرَدْتَ الثور قلت له: قَعْ قَعْ، وإِذا زجرته قلت له: وحْ
وَحْ
(* قوله« وح وح» هو بهذا الضبط في الأصل، وفي القاموس وح، قال شارحه
بالتشديد مبنياً على «الكسر،) وقد قَعْقَعتُ بالثور قَعْقَعةً.
عقد: العَقْد: نقيض الحَلِّ؛ عَقَدَه يَعْقِدُه عَقْداً وتَعْقاداً
وعَقَّده؛ أَنشد ثعلب:
لا يَمْنَعَنَّكَ، مِنْ بِغا
ءِ الخَيْرِ، تَعْقادُ التمائمْ
واعتَقَدَه كعَقَدَه؛ قال جرير:
أَسِيلَةُ معْقِدِ السِّمْطَيْنِ منها،
وَرَيَّا حيثُ تَعْتَقِدُ الحِقابا
وقد انعَقَد وتعَقَّدَ. والمعاقِدُ: مواضع العَقْد. والعَقِيدُ:
المُعَاقِدُ. قال سيبويه: وقالوا هو مني مَعْقِدَ الإِزار أَي بتلك المنزلة في
القرب، فحذفَ وأَوْصَلَ، وهو من الحروف المختصة التي أُجريت مُجْرى غير
المختصة لأَنه كالمكان وإِن لم يكن مكاناً، وإِنما هو كالمثل، وقالوا للرجل
إِذا لم يكن عنده غناء: فلان لا يَعْقِدُ الحَبْلَ أَي أَنه يَعْجِزُ عن
هذا على هَوانِهِ وخفَّته؛ قال:
فإِنْ تَقُلْ يا ظَبْيُ حَلاً حَلاً،
تَعْلَقْ وتَعْقِدْ حَبْلَها المُنْحَلاَّ
أَي تجِدُّ وتَتَشَمَّرُ لإِغْضابِه وإِرْغامِهِ حتى كأَنها تَعْقِدُ
على نفسه الحبْل.
والعُقْدَةُ: حَجْمُ العَقْد، والجمع عُقَد. وخيوط معقَّدة: شدّد
للكثرة. ويقال: عقدت الحبل، فهو معقود، وكذلك العهد؛ ومنه عُقْدَةُ النكاح؛
وانعقَدَ عَقْدُ الحبل انعقاداً. وموضع العقد من الحبل: مَعْقِدٌ، وجمعه
مَعاقِد. وفي حديث الدعاء: أَسأَلك بِمَعاقِدِ العِزِّ من عَرْشِك أَي
بالخصال التي استحق بها العرشُ العِزَّ أَو بمواضع انعقادها منه، وحقيقة
معناه: بعز عرشك؛ قال ابن الأَثير: وأَصحاب أَبي حنيفة يكرهون هذا اللفظ من
الدعاء. وجَبَرَ عَظْمُه على عُقْدَةٍ إِذا لم يَسْتَوِ. والعُقْدَةُ:
قلادة. والعِقْد: الخيط ينظم فيه الخرز، وجمعه عُقود. وقد اعتقَدَ الدرَّ
والخرَزَ وغيره إِذا اتخذ منه عِقْداً، قال عديَّ بن الرقاع:
وما حُسَيْنَةُ، إِذ قامَتْ تُوَدِّعُنا
لِلبَيْنِ، واعَتَقَدتْ شَذْراً ومَرْجاناً
والمِعْقادُ: خيط ينظم فيه خرزات وتُعَلَّق في عنق الصبي. وعقَدَ التاجَ
فوق رأْسه واعتقده: عَصَّبَه به؛ أَنشد ثعلب لابن قيس الرقيات:
يَعْتَقِدُ التاجَ فوقَ مَفْرَقِه
على جَبينٍ، كأَنه الذَّهَبُ
وفي حديث قيس بن عَبَّاد قال: كنتُ آتي المدينةَ فأَلقى أَصحابَ رسولِ
الله، صلى الله عليه وسلم، وأَحَبُّهم إِليّ عمرُ
بن الخطاب، رضي الله عنه، وأُقيمت صلاة الصبح فخرج عمر وبين يديه رجل،
فنظر في وجوه القوم فعرفهم غيري، فدفعني من الصف وقام مقامي ثم قعد
يحدّثنا، فما رأَيت الرجال مدت أَعناقها متوجهةً إِليه فقال: هلَك أَهلُ
العُقَدِ وربِّ الكعبةِ، قالها ثلاثاً، ولا آسَى عليهم إِنما آسى على من
يَهْلِكون من الناس؛ قال أَبو منصور: العُقَدُ الوِلاياتُ على الأَمصار، ورواه
غيره: هلك أَهلُ العَقَدِ، وقيل: هو من عَقْدِ الولاية للأُمراء. وفي
حديث أُبَيّ: هلكَ أَهلُ العُقْدَة وربِّ الكعبة؛ يريد البَيْعَة المعقودة
للولاية. وعَقَدَ العَهْدَ واليمين يَعْقِدهما عَقْداً وعَقَّدهما:
أَكدهما. أَبو زيد في قوله تعالى: والذين عقَدت أَيمانكم وعاقدت أَيمانكم؛ وقد
قرئ عقدت بالتشديد، معناه التوكيد والتغليظ، كقوله تعالى: ولا تَنْقُضوا
الأَيمانَ بعد توكيدها، في الحلف أَيضاً. وفي حديث ابن عباس في قوله
تعالى: والذين عاقَدَت أَيمانُكم؛ المُعاقَدَة: المُعاهَدة والميثاق.
والأَيمانُ: جمع يمين القَسَمِ أَو اليد. فأَما الحرف في سورة المائدة: ولكن
يُؤاخذُكُم بما عَقَّدْتُم الأَيمان، بالتشديد في القاف قراءة الأَعمش
وغيره، وقد قرئ عقدتم بالتخفيف؛ قال الحطيئة:
أُولئك قوم، إِن بَنَوْا أَحْسَنُوا البنا،
وإِن عاهدوا أَوفَوْا، وإِن عاقَدوا شَدُّوا
وقال آخر:
قوْمٌ إِذا عَقَدُوا عَقْداً لجارِهِم
وقال في موضع آخر: عاقدوا، وفي موضع آخر: عَقَّدوا، والحرف قرئ
بالوجهين؛ وعَقَدْتُ الحبْلَ والبيع والعهد فانعقد. والعَقْد: العهد، والجمع
عُقود، وهي أَوكد العُهود. ويقال: عَهِدْتُ إِلى فلانٍ في كذا وكذا،
وتأْويله أَلزمته ذلك، فإِذا قلت: عاقدته أَو عقدت عليه فتأْويله أَنك أَلزمته
ذلك باستيثاق. والمعاقدة: المعاهدة. وعاقده: عهده. وتعاقد القوم: تعاهدوا.
وقوله تعالى:
يا أيُها الذين آمنوا أَوفوا بالعُقود؛ قيل: هي العهود، وقيل: هي
الفرائض التي أُلزموها؛ قال الزجاج: أَوفوا بالعُقود، خاطب الله المؤمنين
بالوفاءِ بالعقود التي عقدها الله تعالى عليهم، والعقُودِ التي يعقِدها بعضهم
على بعض على ما يوجبه الدين. والعَقِيدُ: الحَليفُ؛ قال أَبو خراش
الهذلي:
كم مِن عَقِيدٍ وجارٍ حَلَّ عِنْدَهُمُ،
ومِن مُجارٍ بِعَهْدِ اللهِ قد قَتَلُوا
وعَقَدَ البِناءَ بالجِصِّ يَعْقِدُه عَقْداً: أَلْزَقَهُ.
والعَقْدُ: ما عَقَدْتَ من البِناءِ، والجمع أَعْقادٌ وعُقودٌ. وعَقَدَ:
بنى عَقْداً. والعَقْدُ: عَقْدُ طاقِ البناءِ، وقد عَقَّدَه البَنَّاءُ
تَعْقِيداً. وتَعَقَّدَ القوْسُ في السماء إِذا صار كأَنه عَقْد مَبْنّي.
وتَعَقَّدَ السَّحابُ: صار كالعقد المبني. وأَعقادُه: ما تعَقَّدَ منه،
واحدها عَقْد. والمَعْدِدُ: المَفْــصِلُ.
والأَعْقَدُ من التُّيوس: الذي في قَرْنِه الْتِواء، وقيل: الذي في قرنه
عُقْدة، والاسم العَقَد. والذئبُ الأَعْقَدُ: المُعْوَجُّ. وفحل
أَعْقَدُ إِذا رفع ذَنَبَه، وإِنما يفعل ذلك من النشاط.
وظبية عاقد: انعقد طرَفُ ذنبها، وقيل: هي العاطف، وقيل: هي التي رفعت
رأْسها حذراً على نفسها وعلى ولدها.
والعَقْداءُ من الشاء: التي ذنبها كأَنه معقود. والعَقَدُ: التواءٌ في
ذنَب الشاة يكون فيه كالعُقْدة؛ شاةٌ أَعْقَدُ وكَبْشٌ أَعْقد وكذلك ذئب
أَعقد وكلب أَعقد؛ قال جرير:
تَبُول على القَتادِ بناتُ تَيْمٍ،
مع العُقَدِ النَّوابحِ في الدِّيار
وليس شيءٌ أَحَبَّ إِلى الكلب من أَن يبول على قَتادةٍ أَو على
شُجَيْرَةٍ صغيرة غيرها. والأَعْقَدُ: الكلب لانعقاد ذنبه جعلوه اسماً له
معروفاً. وكلُّ مُلْتَوي الذنَب أَعْقَدُ. وعُقْدَة الكلب: قضيبه وإِنما قيل
عُقدة إِذا عَقَدَت عليه الكلبةُ فانتفخ طَرَفه.
والعَقَدُ: تَشبُّثُ ظبيةِ اللَّعْوَةِ ببُسْرَة قَضِيبِ له
الثَّمْثَم، والثمثمُ كلب الصَّيْد، واللعوة: الأُنثى، وظَبْيَتَهُا: حَياؤُها.
وتعاقدت الكلابُ: تَعاظَلَتْ؛ وسمى جرير الفرزدقَ عُقْدانَ، إِما على
التشبيه له بالكلب الأَعْقَدِ الذنبِ، وإِما على التشبيه بالكلب المُتعَقِّدِ
مع الكلبة إِذا عاظَلَها، فقال:
وما زِلْتَ يا عُقْدانُ صاحِبَ سَوْأَةٍ،
تُناجِي بها نَفْساً لَئِيماً ضَمِيرُها
وقال أَبو منصور: لقبه عُقْدانَ لِقِصَرِه؛ وفيه يقول:
يا لَيْتَ شِعْرى ما تَمَنَّى مُجاشِعٌ،
ولم يَتَّرِكْ عُقْدانُ لِلقَوْسِ مَنْزَعا
أَي أَعرَقَ في النَّزْع ولم يَدَعْ للصلح موضعاً. وإِذا أَرْتَجَتِ
الناقةُ على ماءِ الفحل فهي عاقِدٌ، وذلك حين تَعْقِدُ بذنبها فَيُعْلَمُ
أَنها قد حملت وأَقرت باللِّقاحِ. وناقة عاقد: تعقد بذَنَبِها عند
اللِّقاح؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمَةٍ، وبُزْلٌ
عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً وحُولُ
وظَبْيٌ عاقِدٌ: واضِعً عُنَقَه على عَجُزه، قد عطَفَه للنوم؛ قال ساعدة
بن جؤية:
وكأَنما وافاكَ، يومَ لَقِيتَها،
من وحشِ مكةَ عاقِدٌ مُتَرَبِّبُ
والجمع العَواقِدُ؛ قال النابغة الذبياني:
حِسان الوُجوهِ كالظباءِ العَواقِد
وهي العواطِفُ أَيضاً. وجاءَ عاقِداً عُنُقَه أَي لاوياً لها من
الكِبْر. وفي الحديث: من عَقَدَ لِحْيَتَه فإِن محمداً بَرِيءٌ منه؛ قيل: هو
معالجتها حتى تَنْعَقِد وتَتَجَعَّد، وقيل: كانوا يَعْقِدونها في الحروب
فأَمرهم بإِرسالها، كانوا يفعلون ذلك تكبراً وعُجْباً. وعقدَ العسلُ
والرُّبُّ ونحوُهما يَعْقِدُ وانعَقَدَ وأَعْقَدْتُه فهو مُعْقَدٌ وعَقِيد:
غَلُظَ؛ قال المتلمس في ناقة له:
أُجُدٌ إِذا اسْتَنْفَرْتَها مِن مَبْرَكٍ
حَلَبَتْ مَغَابِنَها بِرُبٍّ مِعْقَدِ
وكذلك عَقيدُ عَصير العنب. وروى بعضهم: عَقَّدْتُ العسلَ والكلامَ
أَعْقَدْتُ؛ وأَنشد:
وكان رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُعْقَدا
قال الكسائي: ويقال للقطران والربّ ونحوه: أَعْقَدْتُه حتى تَعَقَّد.
واليَعْقِيدُ: عسل يُعْقَدُ حتى يَخْثُرَ، وقيل: اليَعْقِيدُ طعامٌ
يُعْقَدُ بالعسل.
وعُقْدَةِ اللسان. ما غُلظَ منه. وفي لسانه عُقْدَةٌ وعَقَدٌ أَي
التِواء. ورجل أَعْقَدُ وعَقِدٌ: في لسانه عُقْدَة أَو رَتَجٌ؛ وعَقِدَ لسانهُ
يَعْقَدُ عَقَداً.
وعَقَّد كلامَه: أَعوَصَه وعَمَّاه. وكلامٌ مُعَقَّدٌ أَي مُغَمَّضٌ.
وقال إِسحق بن فرج: سمعت أَعرابيّاً يقول: عَقَدَ فلانُ بن فلان عُنقَه
إِلى فلان إِذا لجأَ إِليه وعَكَدَها. وعَقَدَ قَلْبه على الشيء: لَزِمَه،
والعرب تقول: عَقَد فلان ناصيته إِذا غضب وتهيأَ للشر؛ وقال ابن مقبل:
أَثابُوا أَخاهُمْ، إِذْ أَرادُوا زِيالَه
بأَسْواطِ قِدٍّ، عاقِدِينَ النَّواصِيا
وفي حديث: الخيلُ مَعقودٌ في نواصيها الخيْرُ أَي ملازم لها كأَنه معقود
فيها. وفي حديث الدعاء: لك من قلوبنا عُقْدَةُ النَّدم؛ يريد عَقْدَ
العزم على الندامة وهو تحقيق التوبة. وفي الحديث: لآمُرَنَّ براحلتي
تُرْحَلُ ثم لا أَحُلُّ لها عُقْدةً حتى أَقدَمَ المدينة أَي لا أَحُلُّ عزمي
حتى أَقدَمَها؛ وقيل: أَراد لا أَنزل عنها فأَعقلها حتى أَحتاج إِلى حل
عقالها. وعُقْدَة النكاحِ والبيعِ: وجوبهما؛ قال الفارسي: هو من الشدّ
والربط، ولذلك قالوا: إِمْلاكُ المرأَةِ، لأَن أَصل هذه الكلمة أَيضاً
العَقْدُ، قيل إِملاك المرأَة كما قيل عقدة النكاح؛ وانعَقدَ النكحُ بين الزوجين
والبيعُ بين المتبابين. وعُقْدَةُ كلِّ شيءٍ: إِبرامه. وفي الحديث: مَن
عقدَ الجِزْية في عنقه فقد بَرِيءَ مما جاءَ به رسول الله، صلى الله عليه
وسلم؛ عَقْدُ الجِزْيةِ كناية عن تقريرها على نفسه كما تعقد الذمة
للكتابي عليها. واعتقدَ الشيءُ: صَلُبَ واشتد.
وتَعَقَّد الإِخاءُ: استحكم مثل تَذَلَّلَ. وتَعَقَّدَ الثَّرَى:
جَعُدَ. وثَرًى عَقِدٌ على النسَبِ: مُتجَمِّدٌ. وعقدَ الشحمُ يعقِدُ: انبنى
وظهر.
والعَقِدُ: المتراكِمُ من الرمل، واحده عَقِدَة والجمع أَعقادٌ.
والعَقَدُ لغة في العَقِدِ؛ وقال هميان:
يَفْتَحُ طُرْقَ العَقِدِ الرَّواتِجا
لكثرة المطر. والعَقدُ: ترطُّبُ الرمل من كثرة المطر. وجمل عَقِدٌ:
قويّ. ابن الأَعرابي: العَقِدُ الجمل القصير الصبور على العمل. ولئيم أَعقد:
عسر الخُلُق ليس بسهل؛ وفلان عَقِيدُ الكرَم وعَقِيدُ اللُّؤْمِ.
والعَقَدُ في الأَسنان كالقادِحِ. والعاقِدُ: حريم البئر وما حوله.
والتَّعَقُّدُ في البئر: أَن يَخْرخَ أَسفَلُ الطيِّ ويدخل أَعلاه إِلى جِرابها،
وجِرابُها اتساعها. وناقة مَعْقُودَةُ القَرا: مُوَثَّقَهُ الظهر؛ وجمل
عَقْدٌ؛ قال النابغة:
فكيْفَ مَزارُها إِلا بِعَقْدٍ
مُمَرٍّ، ليس يَنْقُضُه الخَو ون؟
المراد الحَبْلُ وأَراد به عَهْدَها. والعُقْدَةُ: الضَّيْعَةُ.
واعتَقَدَ أَيضاً: اشتراها. والعُقْدة: الأَرض الكثيرة الشجر وهي تكون من
الرِّمْثِ والعَرْفَجِ، وأَنكرها بعضهم في العرفج، وقيل: هو المكان الكثير
الشجر والنخل؛ وفي الحديث: فعدلت عن الطريق فإِذا بعقدة من شجر أَي بقعة
كثيرة الشجر؛ وقيل: العقدة من الشجر ما يكفي الماشية؛ وقيل: هي من الشجر ما
اجتمع وثبت أَصله يريد الدوامَ. وقولهم؛ آلَفُ من غُرابِ عُقْدَة؛ قال ابن
حبيب: هي أَرض كثيرة النخيل لا يطيرُ غُرابُها. وفي الصحاح: آلفُ من
غُراب عُقْدة لأَنه لا يُطَيَّرُ. والعُقْدَة: بقية المَرْعَى، والجمع
عُقَدٌ وعِقادٌ. وفي أَرض بني فلان عَقْدة تكفيهم سنتهم، يعني مكاناً ذا شجر
يرعونه. وكل ما يعتقده الإِنسان من العقار، فهو عقدة له. واعتقد ضَيْعة
ومالاً أَي اقتناهما. وقال ابن الأَنباري: في قولهم لفلان عُقْدة، العقدة
عند العرب الحائط الكثير النخل. ويقال للقَرْية الكثيرة النخل: عُقْدة،
وكأَنّ الرجل إِذا اتخذ ذلك فقد أَحكم أَمره عند نفسه واستوثق منه، ثم
صيروا كل شيء يستوثق الرجل به لنفسه ويعتمد عليه عُقْدة. ويقال للرجل إِذا
سكن غضبه: قد تحللت عُقَدُه. واعتقد كذا بقلبه وليس له معقودٌ أَي عقدُ
رأْي. وفي الحديث: أَن رجلاً كان يبايع وفي عُقْدته ضعف أَي في رأْيه ونظره
في مصالح نفسه. والعَقَدُ والعَقَدانُ: ضرب من التمر.
والعَقِدُ، وقيل العَقَد: قبيلة من اليمن ثم من بني عبد شمس بن سعد.
وبنو عَقِيدَةَ: قبيلة من قريش. وبنو عَقِيدَةَ: قبيلة من العرب. والعُقُدُ:
بطون من تميم. وقيل: العَقَدُ قبيلة من العرب يُنْسَبُ إِليهم
العَقَدِيُّ. والعَقَدُ: من بني يربوع خاصة؛ حكاه ابن الأَعرابي. قال: واللبَّكُ
بنو الحرث بن كعب ما خلا مِنْقَراً، وذِئابُ الغضا بنو كعب بن مالك بن
حَنْظَلَة.
والعُنْقُودُ: واحد عناقِيدِ العنب، والعِنقادُ لغة فيه؛ قل الراجز:
إِذ لِمَّتي سَوْداء كالعِنْقادِ
والعُقْدَةُ من المَرْعَى: هي الجَنْبَةُ ما كان فيها من مَرْعَى عام
أَوّلَ، فهو عُقْدَةٌ وعُرْوَةٌ فهذا من الجَنْبَة، وقد يضطرُّ المالُ إلى
الشجر، ويسمى عقدة وعروة فإِذا كانت الجنبة لم يقل للشجر عقدة ولا عروة؛
قال: ومنه سميت العُقْدَة؛ وقال الرقاع العاملي:
خَضَبَتْ لها عُقَدُ البِراقِ جَبينَها،
مِن عَرْكِها عَلَجانَها وعَرادَها
وفي حديث ابن عمرو: أَلم أَكن أَعلم السباعَ ههنا كثيراً؟ قيل: نعم
ولكنها عُقِدَت فهي تخالط البهائم ولا تَهِيجُها أَي عُولِجَتْ بالأُخَذِ
والطلمسات كما يعالج الرومُ الهوامَّ ذواتِ السموم، يعني عُقِدت ومُنِعتْ
أَن تضر البهائم. وفي حديث أَبي موسى: أَنه كسا في كفَّارة اليمين ثوبين
ظَهْرانِيًّا ومُعَقَّداً؛ المُعَقَّدُ: ضرب من برودِ هَجَرَ.
أ: من شرطنا في هذا الكتاب أَن نرتبه كما رتب الجوهري صحاحه، وهكذا وضع
الجوهري هنا هذا الباب فقال باب الألف اللينة، لأن الألف على ضربين لينة
ومتحركة، فاللينة تسمى أَلفاً والمتحركة تسمى همزة، قال: وقد ذكرنا الهمزة
وذكرنا أَيضاً ما كانت الألف فيه منقلبة من الواو أو الياء، قال: وهذا
باب مبني على أَلفات غير منقلبات من شيء فلهذا أَفردناه. قال ابن بري :
الألف التي هي أَحد حروف المدّ واللين لا سبيل إلى تحريكها، على ذلك إجماع
النحويين، فإذا أَرادوا تحريكها ردّوها إلى أَصلها في مثل رَحَيانِ
وعَصَوانِ، وإن لم تكن منقلبة عن واو ولا ياء وأَرادوا تحريكها أَبدلوا منها همزة
في مثل رِسالة ورَسائلَ، فالهمزة بدل من الألف، وليست هي الألف لأن الألف
لا سبيل إلى تحريكها، والله أَعلم.
آ: الألف: تأْليفها من همزة ولام وفاء، وسميت أَلفاً لأنها تأْلف الحروف
كلها، وهي أَكثر الحروف دخولاً في المنطق، ويقولون: هذه أَلِفٌ
مُؤلَّفةٌ. وقد جاء عن بعضهم في قوله تعالى: أَلم، أن الألف اسم من أَسماء الله تعالى
وتقدس، والله أَعلم بما أَراد، والألف اللينة لا صَرْفَ لها إنما هي
جَرْسُ مدّة بعد فتحة، وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى ومحمد بن
يزيد أَنهما قالا: أُصول الأَلفات ثلاثة ويتبعها الباقيات: أَلف أَصلية
وهي في الثلاثي من الأَسماء، وأَلف قطعية وهي في الرباعي، وأَلِفٌ وصلية
وهي فيما جاوز الرباعي، قالا: فالأصلية مثل أَلِفِ أَلِفٍ وإلْفٍ وأَلْفٍ
وما أَشبهه، والقطعية مثل أَلف أَحمد وأَحمر وما أَشبهه، والوصلية مثل
أَلف استنباط واستخراج، وهي في الأفعال إذا كانت أَصلية مثل أَلف أَكَل، وفي
الرباعي إذا كانت قطعية مثل أَلف أَحْسَن، وفيما زاد عليه أَلف استكبر
واستدرج إذا كانت وصلية، قالا: ومعنى أَلف الاستفهام ثلاثة: تكون بين
الآدميين يقولها بعضهم لبعض استفهاماً، وتكون من الجَبّار لوليه تقريراً
ولعدوّه توبيخاً، فالتقرير كقوله عز وجل للمسيح: أَأَنْتَ قُلْتَ للناس؛ قال
أَحمد بن يحيى: وإنما وقع التقرير لعيسى، عليه السلام، لأَن خُصُومه كانوا
حُضوراً فأَراد الله عز وجل من عيسى أن يُكَذِّبهم بما ادّعوا عليه،
وأَما التَّوْبِيخُ لعدوّه فكقوله عز وجل: أَصطفى البنات على البنين، وقوله:
أَأَنْتُم أَعْلَمُ أَم اللهُ، أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرتها؛ وقال
أَبو منصور: فهذه أُصول الأَلفات. وللنحويين أَلقابٌ لأَلفات غيرها تعرف
بها، فمنها الأَلف الفاصلة وهي في موضعين: أَحدهما الأَلف التي تثبتها
الكتبة بعد واو الجمع ليفصل بها بين واو الجمع وبين ما بعدها مثل كَفَرُوا
وشَكَرُوا، وكذلك الأَلفُ التي في مثل يغزوا ويدعوا، وإذا استغني عنها
لاتصال المكني بالفعل لم تثبت هذه الألف الفاصلة، والأُخرى الألف التي فصلت
بين النون التي هي علامة الإناث وبين النون الثقيلة كراهة اجتماع ثلاث
نونات في مثل قولك للنساء في الأمر افْعَلْنانِّ، بكسر النون وزيادة الألف بين
النونين؛ ومنها أَلف العِبارة لأَنها تُعبر عن المتكلم مثل قولك أَنا
أَفْعَلُ كذا وأَنا أَستغفر الله وتسمى العاملة؛ ومنها الألف المجهولة مثل
أَلف فاعل وفاعول وما أَشبهها، وهي أَلف تدخل في الأفعال والأَسماء مما لا
أَصل لها، إنما تأْتي لإشباع الفتحة في الفعل والاسم، وهي إذا لَزِمَتْها
الحركةُ كقولك خاتِم وخواتِم صارت واواً لَمَّا لزمتها الحركة بسكون
الأَلف بعدها، والأَلف التي بعدها هي أَلف الجمع، وهي مجهولة أَيضاً؛ ومنها
أَلف العوض وهي المبدلة من التنوين المنصوب إذا وقفت عليها كقولك رأَيت
زيداً وفعلت خيراً وما أَشبهها؛ ومنها أَلف الصِّلة وهي أَلفٌ تُوصَلُ بها
فَتحةُ القافية، فمثله قوله:
بانَتْ سُعادُ وأَمْسَى حَبْلُها انْقَطَعا
وتسمى أَلف الفاصلة، فوصل أَلف العين بألف بعدها؛ ومنه قوله عز وجل:
وتَظُنُّون بالله الظُّنُونا؛ الألف التي بعد النون الأخيرة هي صلة لفتحة
النون، ولها أَخوات في فواصل الآيات كَقوله عز وجل: قَواريرا
وسَلْسَبِيلاً؛ وأَما فتحة ها المؤنث فقولك ضربتها ومررت بها، والفرق بين
ألف الوصل وأَلف الصلة أَن أَلف الوصل إنما اجتلبت في أَوائل الأسماء
والأفعال، وألف الصلة في أَواخر الأَسماء كما ترى؛ ومنها أَلف النون الخفيفة
كقوله عز وجل: لَنَسْفَعًا بالنَّاصِيةِ، وكقوله عز وجل: ولَيَكُوناً من
الصاغرين؛ الوقوف على لَنسفعا وعلى وَليكونا بالألف، وهذه الأَلف خَلَفٌ
من النون، والنونُ الخفيفة أَصلها الثقيلة إلا أَنها خُفّفت؛ من ذلك قول
الأعشى:
ولا تَحْمَدِ المُثْرِينَ والله فَاحْمَدا
أَراد فاحْمَدَنْ ، بالنون الخفيفة ، فوقف على الألف؛ وقال آخر:
وقُمَيْرٍ بدا ابْنَ خَمْسٍ وعِشْرِيـ
ـنَ، فقالت له الفَتاتانِ: قُوما
أَراد: قُومَنْ فوقف بالأَلف ؛ ومثله قوله :
يَحْسَبهُ الجاهِلُ ما لم يَعْلَما
شَيْخاً، على كُرْسِيِّه، مُعَمِّمَا
فنصب يَعْلم لأَنه أَراد ما لم يَعْلَمن بالنون الخفيفة فوقف بالأَلف؛
وقال أَبو عكرمة الضبي في قول امرئ القيس:
قِفا نَبْكِ مِن ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ
قال: أَراد قِفَنْ فأَبدل الأَلف من النون الخفيفة كقوله قُوما أَراد
قُومَنْ. قال أَبو بكر: وكذلك قوله عز وجل: أَلقِيَا في جَهَنَّم ؛ أَكثر
الرواية أَن الخطاب لمالك خازن جهنم وحده فبناه على ما وصفناه ، وقيل :
هو خطاب لمالك ومَلَكٍ معه، والله أَعلم؛ ومنها ألف الجمع مثل مَساجد
وجِبال وفُرْسان وفَواعِل، ومنها التفضيل والتصغير كقوله فلان أَكْرَمُ منكَ
وأَلأَمُ مِنْكَ وفلان أَجْهَلُ الناسِ ، ومنها ألف النِّداء كقولك
أَزَيْدُ ؛ تريد يا زَيْدُ، ومنها أَلف النُّدبة كقولك وازَيْداه أَعني
الأَلف التي بعد الدال ، ويشاكلها أَلف الاستنكار إذا قال رجل جاء أَبو عمرو
فيُجِيب المجيب أَبو عَمْراه، زيدت الهاء على المدّة في الاستنكار كما
زيدت في وافُلاناهْ في الندبة ، ومنها ألف التأْنيث نحو مدَّةٍ حَمْراء
وبَيْضاء ونُفَساء، ومنها أَلف سَكْرَى وحُبْلَى، ومنها أَلف التَّعايِي وهو
أَن يقول الرجل إن عُمر، ثم يُرْتَجُ عليه كلامُه فيقف على عُمر ويقول
إن عُمرا، فيمدها مستمداً لما يُفتح له من الكلام فيقول مُنْطَلِق، المعنى
إنَّ عمر منطلق إذا لم يَتعايَ، ويفعلون ذلك في الترخيم كما يقول يا
عُما وهو يريد يا عُمر، فيمدّ فتحة الميم بالأَلف ليمتدّ الصوت؛ ومنها ألفات
المدَّات كقول العرب لِلْكَلْكَلِ الكَلْكال، ويقولون للخاتَم خاتام،
وللدانَق داناق. قال أَبو بكر: العرب تصل الفتحة بالألف والضمة بالواو
والكسرة بالياء؛ فمِنَ وَصْلِهم الفتحة بالألف قولُ الراجز:
قُلْتُ وقد خَرَّتْ علَى الكَلْكَالِ: * يا ناقَتِي ما جُلْتِ عن مَجالِي
أَراد: على الكَلْكَلِ فَوَصَل فتحة الكاف بالألف، وقال آخر:
لَها مَتْنَتانِ خَظاتا كما
أَرادَ: خَظَتا ؛ ومِن وصلِهم الضمةَ بالواو ما أَنشده الفراء:
لَوْ أَنَّ عَمْراً هَمَّ أَنْ يَرْقُودا، * فانْهَضْ فَشُدَّ المِئزَرَ المَعْقُودا
أراد: أن يَرْقُدَ، فوصل ضمة القاف بالواو؛ وأَنشدَ أَيضاً:
اللهُ يَعْلَمُ أَنَّا في تَلَفُّتِنا، * يَومَ الفِراقِ، إلى إخْوانِنا صُورُ
(* قوله « إخواننا» تقدّم في صور: أحبابنا ، وكذا هو في المحكم.)
وأَنَّنِي حَيْثُما يَثْني الهَوَي بَصَرِي، * مِنْ حَيْثُما سَلَكُوا، أَدْنو فأَنْظُورُ
أَراد: فأَنْظُرُ ؛ وأَنشد في وَصْلِ الكسرة بالياء :
لا عَهْدَ لِي بِنِيضالِ ، * أَصْبحْتُ كالشَّنِّ البالِي
أَراد: بِنِضال ؛ وقال:
علَى عَجَلٍ مِنِّي أُطَأْطِئُ شِيمالِي
أَراد: شِمالِي، فوصل الكسرة بالياء ؛ وقال عنترة:
يَنْباعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرةٍ
أراد: يَنْبَعُ ؛ قال: وهذا قول أَكثر أهل اللغة، وقال بعضهم:
يَنْباعُ يَنْفَعِل من باعَ يَبُوع، والأول يَفْعَلُ مِن نَبَعَ يَنْبَعُ؛ ومنها
الألف المُحوَّلة، وهي كل ألف أصلها الياء والواو المتحركتان كقولك قال
وباعَ وقضى وغَزا وما أشبهها؛ ومنها ألف التثنية كقولك يَجْلِسانِ
ويَذْهَبانِ، ومنها ألف التثنية في الأسماء كقولك الزَّيْدان والعَمْران . وقال
أَبو زيد: سمعتهم يقولون أَيا أَياه أَقبل ، وزنه عَيا عَياه. وقال
أَبو بكر ابن الأَنباري: أَلف القطع في أَوائل الأَسماء على وجهين :
أَحدهما أَن تكون في أَوائل الأَسماء المنفردة ، والوجه الآخر أَن تكون في
أَوائل الجمع، فالتي في أَوائل الأَسماء تعرفها بثباتها في التصغير بأَن
تمتحن الأَلف فلا تجدها فاء ولا عيناً ولا لاماً، وكذلك فحَيُّوا بأَحسن
منها، والفرق بين أَلف القطع وألف الوصل أن أَلف الوصل فاء من الفعل، وألف
القطع ليست فاء ولا عيناً ولا لاماً ، وأَما ألف القطع في الجمع فمثل
أَلف أَلوان وأزواج، وكذلك أَلف الجمع في السَّتَهِ، وأَما أَلفات الوصل في
أَوائل الأَسماء فهي تسعة: أَلفَ ابن وابنة وابنين وابنتين وامرئ
وامرأَة واسم واست فهذه ثمانية تكسر الأَلف في الابتداء وتحذف في الوصل،
والتاسعة الألف التي تدخل مع اللام للتعريف ، وهي مفتوحة في الابتداء ساقطة في
الوصل كقولك الرحمن ، القارعة ، الحاقَّة، تسقط هذه الألفات في الوصل
وتنفتح في الابتداء . التهذيب: وتقول للرجل إذا ناديته: آفلان وأَفلان وآ
يا فلان ، بالمد ، والعرب تزيد آ إذا أَرادوا الوقوف على الحرف المنفرد ؛
أَنشد الكسائي:
دَعا فُلانٌ رَبَّه فَأَسْمَعا
(* قوله «دعا فلان إلخ» كذا بالأصل ، وتقدم في معي: دعا كلانا .)
بالخَيْرِ خَيْراتٍ ، وإِنْ شَرًّا فآ،
ولا أُرِيدُ الشَّرَّ إلا أَنْ تَآ
قال: يريد إلا أَن تشاء، فجاء بالتاء وحدها وزاد عليها آ، وهي في لغة
بني سعد، إلا أَن تا بأَلف لينة ويقولن أَلا تا، يقول : أَلا تَجِيء،
فيقول الآخر: بَلَى فَا أَي فَاذْهَبْ بنا، وكذلك قوله وإن شَرًّا فَآ،
يريد: إن شَرًّا فَشَرٌّ. الجوهري: آ حرف هجاء مقصورة موقوفة ، فإن
جعلتها اسماً مددتها ، وهي تؤنث ما لم تسم حرفاً، فإذا صغرت آية قلت أُيَيَّة
، وذلك إذا كانت صغيرة في الخط، وكذلك القول فيما أَشبهها من الحروف ؛
قال ابن بري: صواب هذا القول إذا صغرت آء فيمن أَنث قلت أُيية على قول
من يقول زَيَّيْتُ زاياً وَذَيَّلْتُ ذالاً، وأَما على قول من يقول
زَوَّيْتُ زَاياً فإنه يقول في تصغيرها أُوَيَّة، وكذلك تقول في الزاي
زُوَيَّة.
قال الجوهري في آخر ترجمة أَوا: آء حرف يمد ويقصر ، فإذا مَدَدْتَ
نوَّنت، وكذلك سائر حروف الهجاء ، والأَلف ينادى بها القريب دون البعيد ،
تقول: أَزَيْدُ أَقبِل، بأَلف مقصورة والأَلف من حروف المدّ واللين ، فاللينة
تسمى الأَلف ، والمتحركة تسمى الهمزة ، وقد يتجوز فيها فيقال أَيضاً
أَلف، وهما جميعاً من حروف الزَّيادات ، وقد تكون الألف ضمير الأثنين في
الأفعال نحو فَعَلا ويَفْعَلانِ ، وعلامةَ التثنية في الأَسماء ، ودَليلَ
الرفع نحو زيدان ورجُلان، وحروف الزيادات عشرة يجمعها قولك :«اليوم
تَنْساه» وإذا تحرّكت فهي همزة، وقد تزاد في الكلام للاستفهام ، تقول: أَزَيْدٌ
عندك أَم عَمْرو، فإن اجتمعت همزتان فَصَلْتَ بينهما بأَلف ؛ قال ذو
الرمة:
أَبا ظَبْيةَ الوَعْساء بَيْنَ جُلاجِلٍ
وبيْنَ النَّقا ، آ أَنْتِ أَمْ أُمُّ سالِمِ؟
قال: والأَلف على ضربين أَلف وصل وأَلف قطع، فكل ما ثبت في الوصل، فهو
زلف القطع، وما لم يثبت فهو ألف الوصل، ولا تكون إلا زائدة، وألف القطع
قد تكون زائدة مثل ألف الاستفهام، وقد تكون أَصلية مثل أَخَذَ وأَمَرَ ،
والله أَعلم .