وَالْأُذْنُ مُصْعَنَّةٌ كَالْقَلَمْ
وَالْأُذْنُ مُصْعَنَّةٌ كَالْقَلَمْ
هدن: الأَزهري عن الهَوَازنيّ: الهُدْنَة انتقاضُ عَزْم الرجل بخبر
يأْتيه فيَهْدِنُه عما كان عليه فيقال انْهَدَنَ عن ذلك، وهَدَنَه خَبَرٌ
أَتاه هَدْناً شديداً. ابن سيده: الهُدْنة والهِدَانَةُ المصالحة بعد الحرب؛
قال أُسامة الهذلي:
فسامونا الهِدانَةَ من قريبٍ،
وهُنَّ معاً قيامٌ كالشُّجُوبِ
والمَهْدُون: الذي يُْطْمَعُ منه في الصلح؛ قال الراجز:
ولم يَعَوَّدْ نَوْمَةَ المَهْدُونِ
وهَدَنَ يَهْدِنُ هُدُوناً: سَكَنَ. وهِدَنَِ أَي سكَّنه، يتعدَّى ولا
يتعدَّى. وهادَنه مُهادنَةً: صالحه، والاسم منهما الهُدْنَة. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، ذكر الفتَنَ فقال: يكون بعدها هُدْنَةٌ
على دَخَنٍ وجماعةٌ
على أَقْذاءٍ؛ وتفسيره في الحديث؛ لا ترجع قلوبُ قوم على ما كانت عليه،
وأَصل الهُدْنةِ السكونُ بعد الهَيْج. ويقال للصلح بعد القتال والمُوادعة
بين المسلمين والكفار وبين كل متحاربين: هُدْنَةٌ، وربما جعلت للهُدْنة
مُدّة معلومة، فإذا انقضت المدة عادوا إلى القتال، والدَّخَنُ قد مضى
تفسيره؛ وقوله هُدْنَة على دَخَنٍ أَي سكونٌ
على غِلّ. وفي حديث علي، عليه السلام: عُمْياناً في غَيْبِ الهُدْنة أَي
لا يعرفون ما في الفتنة من الشر ولا ما في السكون من الخير. وفي حديث
سلمان: مَلْغاةُ أَوّل الليل مَهْدَنَةٌ
لآخره؛ معناه إذا سَهِر أَوّلَ الليل ولَغا في الحديث لم يستيقظ في آخره
للتهجد والصلاة أَي نومه في آخر الليل بسبب سهره في أَوّله. والمَلْغاة
والمَهْدَنة: مَفْعَلة من اللَّغْو، والهُدُونُ: السكون أَي مَظِنّة لهما
(* قوله «لهما» هكذا في الأصل والنهاية). والهُدْنَة والهُدُون
والمَهْدَنة: الدَّعة والسكون. هَدَنَ يَهْدِنُ هُدُوناً: سَكَنَ. الليث:
المَهْدَنة من الهُدْنة وهو السكون، يقال منه: هَدَنْتُ أَهْدِنُ هُدُوناً إذا
سَكَنْتَ فلم تتحرّك. شَمِرٌ: هَدَّنْتُ الرجلَ سَكَّنته وخَدَعْتُه كما
يُهْدَن الصبي؛ قال رؤبة:
ثُقِّفْتَ تَثْقِيفَ امْرِئٍ لم يُهْدَنِ
أَي لم يُخْدَعْ ولم يُسَكَّنْ فيطمع فيه. وهادَنَ القومَ: وادَعهم.
وهَدَنَهم يَهْدِنُهم هَدْناً رَبَّثَهم بكلام وأَعطاهم عهداً لا ينوي أَن
يَفِيَ به؛ قال:
يَظَلُّ نَهارُ الوالِهين صَبابةً،
وتَهْدِنُهم في النائمين المَضاجعُ
وهو من التسكين. وهَدَنَ الصبيَّ وغيره يَهْدِنه وهَدَّنه: سكَّنه
وأَرضاه. وهُدِنَ عنك فلانٌ: أَرضاه منك الشيءُ اليسير. ويقال: هَدَّنتِ
المرأَةُ صبيَّها إذا أَهْدَأَته لينام، فهو مُهَدَّنٌ. وقال ابن الأَعرابي:
هَدَنَ عَدُوَّه إذا كافَّه، وهَدَنَ إذا حَمُقَ. وتَهْدِينُ المرأَة
ولدها: تسكينها له بكلام إذا أَرادت إنامته. والتَّهْدِينُ البُطْءُ.
وتَهادَنت الأُمورُ: استقامت.
والهَوْدَناتُ: النُّوقُ.
ورجل هِدانٌ، وفي التهذيب مَهْدُونٌ: بليد يرضيه الكلام، والاسم
الهَدْنُ والهُدْنةُ. ويقال: قد هَدَنوه بالقول دون الفعل. والهِدانُ: الأَحمقُ
الجافي الوَخِمُ الثقيل في الحرب، والجمع الهُدونُ؛ قال رؤبة:
قد يَجْمَعُ المالَ الهِدانُ الجافي،
من غير ما عَقْلٍ ولا اصْطِرافِ
وفي حديث عثمان: جَباناً هِداناً، الهِدانُ: الأَحمقُ الثقيل، وقيل:
الهِدان والمَهْدُون النَّوَّام الذي لا يُصَلِّي ولا يُبَكِّر في حاجة؛ عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
هِدَانٌ كشحم الأُرْنةِ المُتَرَجْرِج
وقد تَهَدَّنَ، ويقال: هو مَهْدُونٌ؛ وقال:
ولم يُعَوَّدْ نومةَ المَهْدُونِ
والاسم من كل ذلك الهَدْنُ؛ وأَنشد الأَزهري في المَهْدُون:
إنَّ العَواويرَ مأْكولٌ حظُوظَتُها،
وذو الكَهامةِ بالأَقْوالِ مَهْدُونُ
والهَدِنُ المُسْتَرْخِي. وإنَّه عنك لَهَيْدانٌ
إذا كانَ يهابه. أَبو عبيد في النوادر: الهَيْدانُ والهِدَانُ واحد،
قال: والأَصل الهِدانُ، فزادوا الياء؛ قال الأَزهري: وهو فَيْعالٌ مثل
عَيْدانِ النخل، النون أَصلية والياء زائدة.
والهَدْنَةُ: القليل الضعيف من المطر؛ عن ابن الأَعرابي، وقال: هو
الرَّكُّ والمعروف الدَّهْنَةُ.
خذل: الخاذِلُ: ضد الناصر. خَذَله وخَذَل عنه يَخْذُله خَذْلاً
وخِذْلاناً: تَرَكَ نُصْرته وعَوْنه. والتَّخْذيل: حَمْلُ الرجل على خِذْلان
صاحبه وتَثْبِيطُه عن نصْرته. الأَصمعي. إِذا تَخَلَّف الظبيُ عن القَطِيع
قيل خَذَل؛ قال عدي بن زيد يصف فرساً:
فهو كالدَّلْو بكَفِّ المُسْتَقِي،
خَذَلَت عنه العَرَاقي فانْجَذَم
أَي بايَنَتْه العَراقي. وخِذْلانُ الله العبدَ: أَن لا يَعْصِمَه من
الشُّبَه فيقع فيها، نعوذ بــلطف الله من ذلك. وخَذَّل عنه أَصحابَه تخذيلاً
أَي حَمَلَهم على خِذْلانه. وتَخَاذَلوا أَي خَذَل بعضُهم بعضاً. وفي
الحديث: المؤمن أَخو المؤمن لا يَخْذُله؛ الخَذْل: ترك الإِعانة والنصرة.
ورجل خُذَلة، مثال هُمَزة، أَي خاذل لا يزال يَخْذُل. ابن الأَعرابي:
الخَاذِل المنهزم، وتَخَاذَل القومُ: تَدَابَروا. وخَذَلَت الظَّبيةُ والبقرةُ
وغيرُهما من الدواب، وهي خاذل وخَذُول: تَخَلَّفَت عن صواحبها وانفردت،
وقيل: تَخَلَّفت فلم تَلْحَق. وخَذَلَت الظَّبيةُ وأَخْذَلَتْ، وهي خاذل
ومُخْذِل: أَقامت على ولدها، ويقال: هو مقلوب لأَنها هي المتروكة،
وتَخَاذَلَتْ مثلُه. التهذيب: الخاذل والخَذُول من الظباء والبقر التي تَخْذُل
صَوَاحِباتها وتَنْفُر مع ولدها، وقد أَخْذَلَها ولَدُها. قال أَبو
منصور: هكذا رأَيته في النسخة: وتَنْفُر، والصواب وتتخلف مع ولدها وتَنْفَرِد
مع ولدها، قال: هكذا روى أَبو عبيد عن الأَصمعي.
والخَذُول: التي تتخلف عن القَطِيع وقد خَذَلَتْ وخَدَرَتْ؛ وأَنشد
غيره:خَذُول تُرَاعِي رَبْرباً بخَمِيلة
والخَذُول من الخَيْل: التي إِذا ضَرَبَها المَخاض لم تَبْرَح من
مكانها. وتَخَاذَلَت رِجْلا الشيخ: ضَعُفَتا. ورَجُل خَذُول الرِّجْل: تَخْذُله
رِجْلُه من ضَعْف أَو عاهة أَو سُكْر؛ قال الأَعشى:
فتَرَى القومَ نَشَاوَى كُلَّهم،
مثل ما مُدَّت نِصَاحَاتُ الرَّبَح
كُلّ وَضَّاحٍ كريمٍ جَدُّه،
وخَذُولِ الرِّجْل من غير كَسَح
قال ابن بري: صدر البيت:
بين مغلوب نَبِيل جَدُّه
ويروى: كريمٍ جَدُّه.
هون: الهُونُ: الخِزْيُ. وفي التنزيل العزيز: فأَخَذَتْهُمْ صاعقةُ
العذاب الهُونِ؛ أَي ذي الخزي. والهُونُ، بالضم: الهَوَانُ. والهُونُ
والهَوانُ: نقيض العِزِّ، هانَ يَهُونُ هَواناً، وهو هَيْنٌ وأَهْوَنُ. وفي
التنزيل العزيز: وهو أَهْوَنُ عليه؛ أَي كل ذلك هَيِّنٌ
على الله، وليست للمفاضلة لأَنه ليس شيءٌ أَيْسَرَ عليه من غيره، وقيل:
الهاء هنا راجعة إلى الإنسان، ومعناه أَن البعث أَهونُ على الإنسان من
إنشائه، لأَنه يقاسي في النَّشْءِ ما لا يقاسيه في الإعادة والبعث؛ ومثل
ذلك قول الشاعر:
لَعَمْرُك ما أَدْري، وإني لأَوْجَلُ،
على أَيِّنا تَعْدُو المَنِيَّةُ أَوَّلُ
وأَهانه وهَوَّنه واسْتَهانَ به وتَهاوَنَ بهِ: استخفَّ به، والاسم
الهَوَانُ والمَهانة. ورجل فيه مَهانة أَي ذُلٍّ وضعف. قال ابن بري:
المَهانةُ من الهَوانِ، مَفْعَلة منه وميمها زائدة. والمَهانة من الحَقارة:
فَعالة مصدر مَهُنَ مَهانة إذا كان حقيراً. وفي الحديث: ليس بالجافي ولا
المَهين؛ يروى بفتح الميم وضمها، فالفتح من المَهانة، وقد تقدَّم في مَهَنَ،
والضم من الإِهانة الاستخفافِ بالشيء والاستحقار، والاسم الهَوانُ، وهذا
موضعه. واسْتَهانَ به وتَهاوَنَ به: استحقره؛ وقوله:
ولا تُهِينَ الفقيرَ، عَلَّكَ أَن
تَرْكَعَ يوماً، والدَّهْرُ قد رَفَعَهْ
أَراد: لا تُهِينَنْ، فحذف النونَ الخفيفة لما استقبلها ساكنٌ.
والهَوْنُ: مصدر هانَ عليه الشيءُ أَي خَفَّ. وهَوَّنه الله عليه أَي
سهَّله وخففه. وشيءٌ هَيِّنٌ، على فَيْعِلٍ أَي سهل، وهَيْنٌ، مخفف، والجمع
أَهْوِناءُ كما قالوا شيءٌ وأَشيئاءُ على أَفْعِلاءَ؛ قال ابن بري:
أَشيئاء لم تنطق بها العرب وإنما نطقت بأَشياء فقال بعضهم: أَصله أَشيئاء،
فحذفت الهمزة تخفيفاً، وقال الخليل: أَصله شَيْئاء في فَعْلاء ثم قدِّمت
الهمزة التي هي لام فصارت أَشياء، ووزنها الآن لَفْعاء؛ وقال بعضهم:
الهَوْنُ والهُونُ واحد، وقيل: الهُونُ الهَوانُ والهَوْنُ الرِّفق؛
وأَنشد:مررتُ على الوَدِيعةِ، ذاتَ يومٍ،
تَهادَى في رِداء المِرْطِ هَوْنا
وقال امرؤ القيس:
تَمِيلُ عليه هُونَةٌ غيرُ مِعْطالِ
قال: هُونة ضعيفة من خِلْقتها لا تكون غليظة كأَنها رجل، وروى غيره:
هَوْنة أَي مُطاوعة؛ وقال جَنْدَلٌ الطُّهَويّ:
داوَيْتُهم من زَمَنٍ إلى زَمَنْ،
دَواءَ بُقْيا بالرُّقَى وبالهُوَنْ،
وبالهُوَيْنا دائباً فلم أُوَنْ
بالهْوَن، يريد: بالتسكين والصلح ابن الأَعرابي: هَيِّنٌ
بَيِّنُ الهُونِ. ابن شميل: إنه ليَهُونُ عليَّ هَوْناً وهَواناً.
الفراء في قوله تعالى: أَيُمْسِكُه على هُون؛ قال: الهُونُ في لغة قريش
الهَوان، قال: وبعض بني تميم يجعل الهُونَ مصدراً للشيء الهَيِّنِ، قال: وقال
الكسائي سمعت العرب تقول إن كُنْت لقليل هَوْنِ المؤُونة مُذ اليوم، قال:
وقد سمعت الهَوانَ في مثل هذا المعنى؛ قال رجل من العرب لبعير له: ما به
بأْسٌ غيرُ هَوانِه، يقول: إنه خفيف الثمن. وإذا قالت العرب: أَقْبَلَ
يَمْشي على هَوْنِه، لم يقولوه إلا بالفتح؛ قال الله عز وجل: الذين
يَمْشُون على الأَرض هَوْناً؛ قال عكرمة ومجاهد: بالسكينة والوقار؛ وقال
الكميت:شُمٌّ مَهاوِينُ أَبْدانِ الجَزُورِ، مَخا
مِيصُ العَشيّات، لا خُورٌ ولا قُزُمُ
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون مهاوين جمع مهْوَنٍ، ومذهب سيبويه أَنه جمع
مِهْوانٍ. ورجل هَيِّنٌ وهَيْنٌ، والجمع أَهْوِناءٌ، وشيءٌ
هَوْنٌ: حقير. قال ابن بري: الهَوْن هَوانُ الشيءِ الحقير الهَيِّنِ
الذي لا كرامة له. وتقول: أَهَنْتُ فلاناً وتَهاوَنْتُ به واستَهْنتُ به.
والهُونُ: الهَوانُ والشِّدَّة. أَصابه هُونٌ
شديد أَي شدة ومضَرَّة وعَوَزٌ؛ قالت الخنساء:
تُهِينُ النفوسَ وهُون النُّفوسْ
تريد: إهانة النفوس: ابن بري: الهُون، بالضم، الهَوان؛ قال ذو الإصبع:
اذهَبْ إليك، فما أُمِّي براعِيةٍ
ترْعَى المَخاضَ، ولا أُغضِي على الهُونِ
ويقال: إنه لَهَوْنٌ من الخيل، والأُنثى هَوْنة، إذا كان مِطْواعاً
سَلِساً. والهَوْنُ والهُوَيْنا: التُّؤَدة والرِّفْق والسكينة والوقار. رجل
هَيِّن وهَيْن، والجمع هَيْنونَ؛ ومنه: قوم هَيْنُونَ لَيْنُونَ؛ قال ابن
سيده: وتسليمه يشهد أَنه فَيْعِلٌ. وفلان يمشي على الأَرض هََوْناً؛
الهَوْن: مصدر الهَيِّن في معنى السكينة والوقار. قال ابن بري: الهَوْنُ
الرِّفق؛ قال الشاعر:
هَوْنَكُما لايَرُدُّ الدَّهْرُ ما فاتا،
لا تَهْلِكا أَسَفاً في إثْرِ من ماتا
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: يَمْشي هَوْناً؛ الهَوْن: الرِّفْق
واللِّين والتثبت، وفي رواية: كان يمشي الهُوَيْنا، تصغير الهُونَى تأنيث
الأَهْوَن، وهو من الأَّوَّل، وفرَق بعضُهم بين الهَيِّن والهَيْن فقال:
الهَيِّن من الهِوان، والهَيْنُ من اللِّين. وامرأَة هَوْنة وهُونة؛ الأَخيرة
عن أَبي عبيدة: مُتَّئِدَة؛ أَنشد ثعلب:
تَنُوءُ بمَتْنَيها الرَّوابي وهَوْنَةٌ،
على الأَرضِ، جَمَّاءُ العظامِ لَعُوبُ
وتَكَلَّم علي هِينَتِه أَي رِسْله. وفي الحديث: أَنه سار على هِينَتِه
أَي على عادته في السُّكون والرِّفق. يقال: امش على هينتك أَي على
رِسْلك. وجاء عن على، عليه السلام: أَحْبِبْ حَبيبك هَوْناً مّا أَي حبّاً
مُقْتَصِداً لا إفراط فيه، وإضافة ما إليه تُفيدُ التقليل، يعني لا تُسْرِف
في الحُبّ والبُغْض، فعسى أَن يصيرَ الحبيب بَغيضاً والبَغِيض حبيباً،
فلا تكون قد أَسرفت في الحُب فتندمَ، ولا في البُغْض فتستَحْيي. وتقول:
تكَلَّمْ على هِينَتك. ورجل هَيِّن لَيِّن وهَيْن لَيْن. شمر: الهَوْن
الرِّفْق والدَّعَة. وقال في تفسير حديث علي، عليه السلام: يقول لا تُفْرِطْ
في حُبّه ولا في بغضه. ويقال: أَخذ أَمرَه بالهُونى، تأنيث الأَهْون،
وأَخذ فيه بالهُوَيْنا، وإنك لَتَعْمِد للهُوَيْنا من أَمرك لأَهْونه، وإنه
ليَأْخذ في أَمره بالهَوْن أَي بالأَهْوَن. ابن الأَعرابي: العرب تمدح
بالهَيْن اللَّيْن، مخفف، وتذم بالهَيّن اللَّيّن، مثقل. وقال النبي، صلى
الله عليه وسلم: المُسلِمُون هَيْنُونَ لَيْنُونَ، جعله مدحاً لهم. وقال
غير ابن الأَعرابي: هَيِّن وهَيْن ولَيِّن ولَيْن بمعنى واحد، والأَصل
هَيِّن، فخفف فقيل هَيْن، وهَيّن، فَيْعِل من الهَوْن، وهو السكينة والوقار
والسهولة، وعينه واو. وشيءٌ هَيِّن وهَيْن أَي سهل. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: النساء ثلاث فهَيْنة لَيْنة عفِيفة.
وفي النوادر: هُنْ عندي اليومَ، واخْفِض عندي اليومَ، وأَرِحْ عندي،
وارْفَهْ عندي، واستَرْفِهْ عندي، ورَفِّهْ عندي، وأَنْفِهْ عندي،
واسْتَنفِهْ عندي؛ وتفسيره أَقم عندي واسترح واسْتَجِمَّ؛ هُنْ
من الهَوْن وهو الرفق والدَّعة والسكون.
وأَهُوَنُ: اسمُ يومِ الاثنين في الجاهلية؛ قال بعض شعراء الجاهلية:
أُؤَمِّلُ أَن أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي
بأَوَّلَ أَو بأَهْونَ أَو جُبارِ
أَو التالي دُبارٍ أَم فيوْمي
بمُؤنِسٍ أَو عَروُبة أَو شِيارِ
قال ابن بري: ويقال ليوم الاثنين أَيضاً أَوْهَدُ من الوَهْدة، وهي
الانحطاط لانخفاض العدد من الأَول إلى الثاني.
والأَهْوَنُ: اسم رجل. وما أَدري أَيُّ الهُون هو أَي أَيُّ الخلق. قال
ابن سيده: والزاي أأَوالهُونُ: أَبو قبيلة، وهو الهُونُ بن خزيمة بن
مُدْرِكة ابن إلْياس بن مُضَرَ أَخو القارة. وقال أَبو طالب: الهَوْنُ
والهُونُ جميعاً ابن خُزيمة بن مدركة بن ذات القارة أَتْيَغَ بنِ الهُون بن
خزيمة
(* قوله «مدركة بن ذات القارة أتيغ بن الهون إلخ» هكذا في الأصل).
سموا قارَة لأَن هَرير بن الحرث قال لغوثِ بن كعب حين أَراد أَن يُفَرِّقَ
بين أَتْيغ: دَعْنا قارةً واحدةً، فمن يومئذ سُمُّوا قارة؛ ابن الكلبي:
أَراد يَعْمَرُ الشَّدَّاخُ أَن يُفَرِّقَ بُطونَ الهُون في بُطون كنانة،
فقال رجل من الهُون:
دَعُونا قارةً لا تُنْفِرُونا
فنَجْفُلَ، مثلَما جفَلَ الظَّليمُ
(* قوله «فنجفل مثل ما جفل الظليم» هكذا في الأصل، والذي أورده المصنف
وصاحب الصحاح في مادة قول وكذا الميداني في مجمع الأمثال:
فنجفل مثل إجفال الظليم)
المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ: القارة بنو الهُون. والهاوَن
(* قوله «والهاون
إلخ» عبارة التكملة ابن دريد: الهاوون أي بواوين الأولى مضمومة الذي يدق
به عربي صحيح. ولا يقال هاون أي بفتح الواو لأنه ليس في كلام العرب إسم
على فاعل بعد الألف واو. قال ابو زيد في الهاوون إنه سمعه من أناس ولم
يجئ به غيره. وقال الفراء في كتابه البهي: وتقول لهذا الهاون الذي يدق به
الهاوون بواوين). والهاوُنُ والهاوُون، فارسي معرب: هذا الذي يُدَقُّ
فيه؛ قيل: كان أَصله هاوُون لأَن جمعه هَوَاوينُ مثل قانون وقَوَانين،
فحذفوا منه الواو الثانية استثقالاً وفتحوا الأُولى، لأَنه ليس في كلامهم
فاعُلٌ بضم العين.
والمُهْوَئِنُّ: الوَطِيءُ من الأَرض نحو الهَجْلِ والغائط والوادي،
وجمعه مُهْوَئِنَّاتٌ.
أخذ: الأَخْذ: خلاف العطاء، وهو أَيضاً التناول. أَخذت الشيء آخُذُه
أَخذاً: تناولته؛ وأَخَذَه يأْخُذه أَخْذاً، والإِخذُ، بالكسر: الاسم. وإِذا
أَمرت قلت: خذْ، وأَصله أُؤْخُذ إِلا أَنهم استثقلوا الهمزتين فحذفوهما
تخفيفاً؛ قال ابن سيده: فلما اجتمعت همزتان وكثر استعمال الكلمة حذفت
الهمزة الأَصلية فزال الساكن فاستغني عن الهمزة الزائدة، وقد جاء على الأَصل
فقيل: أُوخذ؛ وكذلك القول في الأَمر من أَكل وأَمر وأَشباه ذلك؛ ويقال:
خُذِ الخِطامَ وخُذْ بالخِطام بمعنى. والتأْخاذُ: تَفْعال من الأَخذ؛ قال
الأَعشى:
لَيَعُودَنْ لِمَعَدّ عَكْرَةً
دَلَجُ الليلِ وتأْخاذُ المِنَحْ
قال ابن بري: والذي في شعر الأَعشى:
ليُعيدَنْ لمعدٍّ عَكْرَها
دَلَجَ الليلِ وتأْخاذَ المنح
أَي عَطْفَها. يقال: رجع فلان إِلى عَكْرِه أَي إِلى ما كان عليه، وفسر
العكْرَ بقوله: دلجَ الليلِ وتأْخاذَ المنح. والمنَحُ: جمع مِنْحَة، وهي
الناقة يعيرها صاحبها لمن يحلبها وينتفع بها ثم يعيدها. وفي النوادر:
إِخاذةُ الحَجَفَةِ مَقْبِضُها وهي ثقافها.
وفي الحديث: جاءت امرأَة إِلى عائشة، رضي الله عنها، أُقَيّدُ جملي
(*
قوله «جاءت امرأة إلخ» كذا بالأصل والذي في شرح القاموس فقالت أقيد) . وفي
حديث آخر: أُؤْخِّذ جملي. فلم تَفْطُنْ لها حتى فُطِّنَتْ فأَمرتْ
بإِخراجها؛ وفي حديث آخر: قالت لها: أُؤْخِّذُ جملي؟ قالت: نعم. التأْخيذُ:
حَبْسُ السواحر أَزواجَهنَّ عن غيرهنّ من النساء، وكَنَتْ بالجمل عن زوجها
ولم تعلم عائشة، رضي الله عنها، فلذلك أَذِنت لها فيه. والتأْخِيذُ: أَن
تحتالَ المرأَةُ بحيَل في منعِ زوجِها من جِماع غيرها، وذلك نوع من
السحر. يقال: لفلانة أُخْذَةٌ تُؤْخِّذُ بها الرجال عن النساء، وقد أَخَّذَتْه
الساحرة تأَخيذاً؛ ومنه قيل للأَسير: أَخِيذٌ. وقد أُخِذَ فلان إِذا
أُسر؛ ومنه قوله تعالى: اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم. معناه، والله
أَعلم: ائْسِروهم. الفراء: أَكذَبُ من أَخِيذ الجيش، وهو الذي يأْخذُه
أَعداؤه فَيَسْتَدِلُّونه على قومه، فهو يَكْذِبُهم بِجُهْدِه. والأَخيذُ:
المأْخُوذُ. والأَخيذ: الأَسير. والأَخِيذَةُ: المرأَة لِسَبْي. وفي
الحديث: أَنه أَخذ السيفَ وقال مَن يمنعُك مني؟ فقال: كن خير آخِذٍ أَي خيرَ
آسر. والأَخيذَةُ: ما اغْتُصِبَ من شيء فأُخِذَ.
وآخَذَه بذنبه مُؤاخذة: عاقبه. وفي التنزيل العزيز: فكلاًّ أَخذْنا
بذَنْبه. وقوله عز وجل: وكأَيِّنْ من قرية أَمليتُ لها وهي ظالمة ثم
أَخذتُها؛ أَي أَخذتها بالعذاب فاستغنى عنه لتقدّم ذكره في قوله: ويستعجلونك
بالعذاب. وفي الحديث: من أَصاب من ذلك شيئاً أُخِذَ به. يقال: أُخِذَ فلانٌ
بذنبه أَي حُبِسَ وجُوزِيَ عليه وعُوقِب به.
وإِن أَخذوا على أَيديهم نَجَوْا. يقال: أَخذتُ على يد فلان إِذا منعته
عما يريد أَن يفعله كأَنك أَمْسكت على يده. وقوله عز وجل: وهمَّت كلُّ
أُمّة برسولهم ليأْخذوه قال الزجاج: ليتمكنوا منه فيقتلوه. وآخَذَه :
كأَخَذَه. وفي التنزيل العزيز: ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا؛ والعامة تقول
واخَذَه. وأَتى العِراقَ وما أَخذَ إِخْذَه، وذهب الحجازَ وما أَخذ
إِخذه، ووَلي فلان مكةَ وما أَخذَ إِخذَها أَي ما يليها وما هو في ناحِيتها،
واسْتُعْمِلَ فلانٌ على الشام وما أَخَذَ إِخْذَه، بالكسر، أَي لم يأْخذ
ما وجب عليه من حسن السيرة ولا تقل أَخْذَه، وقال الفراء: ما والاه وكان
في ناحيته.
وذهب بنو فلان ومن أَخَذَ إِخْذُهم وأَخْذُهم، يكسرون
(* قوله «إخذهم
وأخذهم يكسرون إلخ» كذا بالأصل وفي القاموس وذهبوا ومن أخذ اخذهم، بكسر
الهمزة وفتحها ورفع الذال ونصبها). الأَلف ويضمون الذال، وإِن شئت فتحت
الأَلف وضممت الذال، أَي ومن سار سيرهم؛ ومن قال: ومن أَخَذَ إِخْذُهم أَي
ومن أَخَذَه إِخْذُهم وسيرتُهم. والعرب تقول: لو كنت منا لأَخَذْتَ
بإِخذنا، بكسر الأَلف، أَي بخلائقنا وزِيِّنا وشكلنا وهدينا؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
فلو كنتمُ منا أَخَذْنا بأَخْذكم،
ولكنها الأَوجاد أَسفل سافل
(* قوله «ولكنها الأوجاد إلخ» كذا بالأصل وفي شرح القاموس الأجساد).
فسره فقال: أَخذنا بأَخْذِكم أَي أَدركنا إِبلَكم فردَدناها عليكم، لم يقل
ذلك غيره. وفي الحديث: قد أَخَذُوا أَخَذاتِهم؛ أَي نزلوا منازِلَهم؛ قال
ابن الأَثير: هو بفتح الهمزة والخاء.
والأُخْذَة، بالضم: رقية تأْخُذُ العينَ ونحوها كالسحر أَو خرزة
يُؤَخِّذُ بها النساءُ الرجال، من التأْخِيذِ. وآخَذَه: رَقاه. وقالت أُخْتُ
صُبْحٍ العاديِّ تبكي أَخاها صبحاً، وقد قتله رجل سِيقَ إِليه على سرير،
لأَنها قد كانت أَخَذَتْ عنه القائمَ والقاعدَ والساعِيَ والماشِيَ
والراكِبَ: أَخَذْتُ عنك الراكِبَ والساعِيَ والماشِيَ والقاعِدَ والقائِمَ، ولم
آخُذْ عنك النائمَ؛ وفي صبح هذا يقول لبيد:
ولقد رأَى صُبْحٌ سوادَ خليلِه،
ما بين قائمِ سَيْفِهِ والمِحْمَلِ
عن بخليله كَبِدَه لأَنه يروى أَن الأَسد بَقَر بطنه، وهو حيٌّ، فنظر
إِلى سوادِ كَبِده.
ورجل مُؤَخَّذٌ عن النساء: محبوس.
وائْتَخَذْنا في القتال، بهمزتين: أَخَذَ بعضُنا بعضاً. والاتِّخاذ:
افتعال أَيضاً من الأَخذ إِلا أَنه أُدغم بعد تليين الهمزة وإِبدال التاء،
ثم لما كثر استعماله على لفظ الافتعال توهموا أَن التاء أَصلية فبنوا منه
فَعِلَ يَفْعَلُ. قالوا: تَخِذَ يَتْخَذ، وقرئ: لتَخِذْت عليه أَجراً.
وحكى المبرد أَن بعض العرب يقول: اسْتَخَذَ فلان أَرضاً يريد اتَّخَذَ
أَرضاً فتُبْدِلُ من إِحدى التاءين سيناً كما أَبدلوا التاءَ مكان السين في
قولهم ستُّ؛ ويجوز أَن يكون أَراد استفعل من تَخِذَ يَتْخَذ فحذف إِحدى
التاءَين تخفيفاً، كما قالوا: ظَلْتُ من ظَلِلْتُ. قال ابن شميل:
اسْتَخَذْتُ عليهم يداً وعندهم سواءٌ أَي اتَّخَذْتُ.
والإِخاذةُ: الضَّيْعَة يتخذها الإِنسان لنفسه؛ وكذلك الإِخاذُ وهي
أَيضاً أَرض يحوزها الإِنسان لنفسه أَو السلطان. والأَخْذُ: ما حَفَرْتَ
كهيئةِ الحوض لنفسك، والجمع الأُخْذانُ، تُمْسِكُ الماءَ أَياماً . والإِخْذُ
والإِخْذَةُ: ما حفرته كهيئةِ الحوض، والجمع أُخْذٌ وإِخاذ.
والإِخاذُ: الغُدُرُ، وقيل: الإِخاذُ واحد والجمع آخاذ، نادر، وقيل:
الإِخاذُ والإِخاذةُ بمعنى، والإِخاذةُ: شيء كالغدير، والجمع إِخاذ، وجمع
الإِخاذِ أُخُذٌ مثل كتاب وكُتُبٍ، وقد يخفف؛ قال الشاعر:
وغادَرَ الأُخْذَ والأَوجاذَ مُتْرَعَة
تَطْفُو، وأَسْجَل أَنْهاءً وغُدْرانا
وفي حديث مَسْروقِ بنِ الأَجْدَع قال: ما شَبَّهْتُ بأَصحاب محمد، صلى
الله عليه وسلم، إِلا الإِخاذ تكفي الإِخاذةُ الراكب وتكفي الإِخاذَةُ
الراكبَين وتكفي الإِخاذَةُ الفِئامَ من الناسِ؛ وقال أَبو عبيد: هو
الإِخاذُ بغير هاء؛ وهو مجتَمَع الماءِ شبيهٌ بالغدير؛ قال عدِيّ بنُ زيد يصف
مطراً:
فاضَ فيه مِثلُ العُهونِ من الرَّوْ
ضِ، وما ضنَّ بالإِخاذِ غُدُرْ
وجمع الإِخاذِ أُخُذٌ؛ وقال الأَخطل:
فظَلَّ مُرْتَثِئاً، والأُخْذُ قد حُمِيَتْ،
وظَنَّ أَنَّ سَبِيلَ الأُخْذِ مَيْمُونُ
وقاله أَيضاً أَبو عمرو وزاد فيه: وأَما الإِخاذةُ، بالهاء، فإِنها
الأَرض يأْخذها الرجل فيحوزها لنفسه ويتخذها ويحييها، وقيل: الإِخاذُ جمع
الإِخاذةِ وهو مَصنعٌ للماءِ يجتمع فيه، والأَولى أَن يكون جنساً للإِخاذة
لا جمعاً، ووجه التشبيه مذكور في سياق الحديث في قوله تكفي الإِخاذةُ
الراكِبَ، وباقي الحديث يعني أَنَّ فيهم الصغيرَ والكبيرَ والعالم والأَعلم؛
ومنه حديث الحجاج في صفة الغيث: وامتلأَت الإِخاذُ؛ أَبو عدنان: إِخاذٌ
جَمْع إِخاذة وأُخذٌ جمع إِخاذ؛ وقال أَبو عبيدة: الإِخاذةُ والإِخاذ،
بالهاء وغير الهاء، جمع إِخْذٍ، والإِخْذُ صَنَعُ الماء يجتمع فيه. وفي حديث
أَبي موسى عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إِنَّ مَثَلَ ما بعَثني
الله به من الههُدَى والعِلْمِ كمثلِ غيثٍ أَصاب أَرضاً، فكانت منها
طائفةٌ طيبةٌ قَبِلتِ الماء فأَنبتت الكلأَ والعشب الكثير، وكانت فيها
إِخاذاتٌ أَمسكتِ الماء فنفع الله بها الناسَ، فشرِبوا منها وسَقَوْا ورَعَوْا،
وأَصابَ طائفةً منها أُخرى إِنما هي قيعان لا تُمسِكُ ماءً ولا تُنبِتُ
كلأً، وكذلك مَثلُ من فقُه في دين الله ونَفَعه ما بعَثني الله به فعلم
وعلَّم، ومَثَلُ من لم يَرْفَعْ بذلك رأْساً ولم يَقْبلْ هُدى الله الذي
أُرْسِلْتُ به؛ الإِخاذاتُ: الغُدرانُ التي تأْخذُ ماءَ السماءِ
فَتَحْبِسهُ على الشاربة، الواحدةُ إِخاذة. والقيعانُ: جمع قاع، وهي أَرض حَرَّة لا
رملَ فيها ولا يَثبتُ عليها الماء لاستوائها، ولا غُدُر فيها تُمسِكُ
الماءَ، فهي لا تنبت الكلأَ ولا تمسك الماء. اهـ.
وأَخَذَ يَفْعَلُ كذا أَي جعل، وهي عند سيبويه من الأَفعال التي لا يوضع
اسمُ الفاعل في موضع الفعلِ الذي هو خبرها. وأَخذ في كذا أَي بدأَ.
ونجوم الأَخْذِ: منازلُ القمر لأَن القمر يأْخذ كل ليلة في منزل منها؛
قال:
وأَخْوَتْ نجومُ الأَخْذِ إِلا أَنِضَّةً،
أَنِضَّةَ مَحْلٍ ليسَ قاطِرُها يُثْري
قوله: يُثْرِي يَبُلُّ الأَرضَ، وهي نجومُ الأَنواءِ، وقيل: إِنما قيل
لها نجومُ الأَخذِ لأَنها تأْخُذُ كل يوم في نَوْءِ ولأَخْذِ القمر في
منازلها كل ليلة في منزل منها، وقيل: نجومُ الأَخْذِ التي يُرمى بها
مُسْتَرِقُ السمع، والأَول أَصح.
وائْتَخذَ القومُ يأْتخذون ائْتِخاذاً، وذلك إِذا تصارعوا فأَخذ كلٌّ
منهم على مُصَارِعِه أُخذَةً يعتقله بها، وجمعها أُخَذٌ؛ ومنه قول
الراجز:وأُخَذٌ وشَغرِبيَّاتٌ أُخَر
الليث: يقال اتخَذَ فلان مالاً يَتَّخِذه اتِّخاذاً، وتَخِذَ يَتْخَذُ
تخَذاً، وتَخِذْتُ مالاً أَي كسَبْتُه، أُلزمَتِ التاءُ الحرفَ كأَنها
أَصلية. قال الله عز وجل: لو شئتَ لَتَخِذْتَ عليه أَجراً؛ قال الفراء: قرأَ
مجاهد لَتَخِذْتَ؛ قال: وأَنشدني العتابي:
تَخِذَها سَرِيَّةً تُقَعِّدُه
قال: وأَصلها افتعلت؛ قال أَبو منصور: وصحت هذه القراءة عن ابن عباس
وبها قرأَ أَبو عمرو بن العلاء، وقرأَ أَبو زيد: لَتَخَذْتَ عليه أَجراً.
قال: وكذلك مكتوب هو في الإِمام وبه يقرأُ القراء؛ ومن قرأَ لاتَّخَذْت،
بفتح الخاء وبالأَلف، فإِنه يخالف الكتاب. وقال الليث: من قرأَ لاتَّخَذْت
فقد أَدغم التاءَ في الياءَ فاجتمعت همزتان فصيرت إِحداهما باء،
وأُدْغِمَت كراهةَ التقائهما.
والأَخِذُ من الإِبل: الذي أَخَذَ فيه السِّمنُ، والجمع أَواخِذُ.
وأَخِذَ الفصيل، بالكسر، يأْخَذُ أَخَذاً، فهو أَخِذ: أَكثر من اللبن حتى
فسَدَ بطنُه وبَشِم واتَّخَم.
أَبو زيد: إِنه لأَكْذَب من الأَخِيذِ الصَّيْحانِ، وروي عن الفراء أَنه
قال: من الأَخِذِ الصَّيْحانِ بلا ياء؛ قال أَبو زيد: هو الفصيل الذي
اتُّخِذَ من اللبن. والأَخَذُ: شبه الجنون، فصيل أَخِذٌ على فَعِل، وأَخِذَ
البعيرُ أَخَذاً، وهو أَخِذٌ: أَخَذَه مثلُ الجنون يعتريه وكذلك الشاة،
وقياسه أَخِذٌ.
والأُخُذُ: الرَّمَد، وقدأَخِذَت عينه أَخَذاً. ورجل أَخِذٌ: بعينه
أُخُذ مثل جُنُب أَي رمد، والقياس أَخِذٌ كالأَوّل. ورجل مُسْتأْخِذٌ:
كأَخِذ؛ قال أَبو ذؤيب:
يرمي الغُيوبَ بِعيْنَيْهِ ومَطْرِفُهُ
مُغْضٍ كما كَسَفَ المستأْخِذُ الرمِدُ
والمستأْخذُ: الذي به أُخُذٌ من الرمد. والمستأْخِذُ: المُطَأْطِئُ
الرأْسِ من رَمَدٍ أَو وجع أَو غيره.
أَبو عمرو: يقال أَصبح فلان مؤتخذاً لمرضه ومستأْخذاً إِذا أَصبحَ
مُسْتَكِيناً.
وقولهم: خُذْ عنك أَي خُذْ ما أَقول ودع عنك الشك والمِراء؛ فقال: خذ
الخطام
(* قوله «فقال خذ الخطام» كذا بالأصل وفيه كشطب كتب موضعه فقال ولا معنى
له.) وقولهم: أَخَذْتُ كذا يُبدلون الذال تاء فيُدْغمونها في التاء،
وبعضهم يُظهرُ الذال، وهو قليل.
كيل: الكَيْلُ: المِكْيال. غيره: الكَيْل كَيْل البُرِّ ونحوه، وهو مصدر
كالَ الطعامَ ونحوه يَكِيلُ كَيْلاً ومَكالاً ومَكِيلاً أَيضاً، وهو شاذ
لأَن المصدر من فَعَل يَفْعِل مَفْعِل، بكسر العين؛ يقال: ما في برك
مَكالٌ، وقد قيل مَكِيل عن الأَخفش؛ قال ابن بري: هكذا قال الجوهري، وصوابه
مَفْعَل بفتح العين. وكِيلُ الطعامُ، على ما لم يسم فاعله، وإِن شئت ضممت
الكاف، والطعامُ مَكِيلٌ ومَكْيُول مثل مَخِيط ومَخْيوط، ومنهم من يقول:
كُولَ الطعامُ وبُوعَ واصْطُودَ الصَّيْدُ واسْتُوقَ مالُه، بقلب الياء
واواً حين ضم ما قبلها لأَن الياء الساكنة لا تكون بعد حرف مضموم.
واكْتالَه وكالَه طعاماً وكالَه له؛ قال سيبويه: اكْتَل يكون على
الاتحاد وعلى المُطاوَعة. وقوله تعالى: الذين إِذا اكْتالوا على الناس
يَسْتَوْفُون؛ أَي اكْتالوا منهم لأَنفسهم؛ قال ثعلب: معناه من الناس، والاسم
الكِيلَةُ، بالكسر، مثل الجِلْسة والرِّكْبة. واكْتَلْت من فلان واكْتَلْت
عليه وكِلْت فُلاناً طعاماً أَي كِلْتُ له؛ قال الله تعالى: وإِذا
كالُوهمْ أَو وَزَنُوهم؛ أَي كالُوا لهم. وفي المثل: أَحَشَفاً وسُوء كِيلة؟ أَي
أَتَجْمَعُ عليَّ أَن يكون المَكِيل حَشَفاً وأَن يكون الكَيل
مُطَفَّفاً؛ وقال اللحياني: حَشَف وسوء كِيلةٍ وكَيْلٍ ومَكِيلةٍ. وبُرٌّ مَكِيلٌ،
ويجوز في القياس مَكْيول، ولغة بني أَسد مَكُول، ولغة رديئة مُكالٌ؛ قال
الأَزهري: أَما مُكالٌ فمن لغات الحَضَرِيِّين، قال: وما أَراها عربية
محضة، وأَما مَكُول فهي لغة رديئة، واللغة الفصيحة مَكِيل ثم يليها في
الجودة مَكْيول. الليث: المِكْيال ما يُكالُ به، حديداً كان أَو خشباً.
واكْتَلْتُ عليه: أَخذت منه. يقال: كال المعطي واكْتال الآخِذ. والكَيْلُ
والمِكْيَلُ والمِكْيال والمِكْيَلةُ: ما كِيلَ به؛ الأَخيرة نادرة. ورجل
كَيَّال: من الكَيْل؛ حكاه سيبويه في الإِمالة، فإِما أَن يكون على التكثير
لأَن فِعْله معروف، وإِما يُفَرّ إِلى النسَب إِذا عُدِم الفعل؛ وقوله
أَنشده ابن الأَعرابي:
حين تكالُ النِّيبُ في القَفِيزِ
فسره فقال: أَراد حين تَغْزُر فيُكال لَبَنُها كَيْلاً فهذه الناقة
أَغزرهنَّ. وكال الدراهمَ والدنانير: وزنها؛ عن ابن الأَعرابي خاصة؛ وأَنشد
لشاعر جعل الكَيْل وَزْناً:
قارُروة ذات مِسْك عند ذي لَطَفٍ،
من الدَّنانيرِ، كالُوها بمِثْقال
فإِما أَن يكون هذا وَضْعاً، وإِما أَن يكون على النسب لأَن الكَيْل
والوزن سواء في معرِفة المَقادير. ويقال: كِلْ هذه الدراهمَ، يريدون زِنْ.
وقال مُرَّة: كُلُّ ما وزن فقد كِيلَ.
وهما يتَكايَلان أَي يتَعارَضان بالشَّتْم أَو الوَتْرِ؛ قالت امرأَة من
طيِّءٍ:
فيَقْتل خيراً بامرِئٍ لم يكن له
نِواءٌ، ولكن لا تَكَايُلَ بالدَّمِ
قال أَبو رِياش: معناه لا يجوز لك أَن تقتل إِلاَّ ثأْرَك ولا تعتبر فيه
المُساواة في الفضل إِذا لم يكن غيره. وكايَل الرجلُ صاحبَه: قال له مثل
ما يقول أَو فَعَل كفعله. وكايَلْته وتكايَلْنا إِذا كالَ لَكَ وكِلْتَ
له فهو مُكائِل، بالهمز. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه نَهَى عن
المُكايَلة وهي المُقايَسة بالقَوْل والفعل، والمراد المُكافأَة بالسُّوءِ
وتركُ الإِغْضاء والاحتمالِ أَي تقول له وتفعَل معه مثل ما يقول لك ويفعل
معك، وهي مُفاعلة من الكَيْل، وقيل: أَراد بها المُقايَسة في الدِّين وترك
العمل بالأَثر. وكالَ الزَّنْدُ يَكِيلُ كَيْلاً: مثل كَبا ولم يخرِج
ناراً فشبه مؤخَّر الصفوف
(* قوله «فشبه مؤخر الصفوف إلى قوله من كان فيه»
هكذا في الأصل هنا، وقد ذكره ابن الاثير عقب حديث دجانة، ونقله المؤلف
عنه فيما يأتي عقب ذلك الحديث ولا مناسبة له هنا فالاقتصار على ما يأتي
احق) في الحرب به لأَنه لا يُقاتِل مَن كان فيه.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: المِكْيال مِكْيال أَهل
المدينة والمِيزانُ مِيزانُ أَهلِ مكة؛ قال أَبو عبيدة: يُقال إِن هذا
الحديث أَصل لكل شيء من الكَيْل والوَزْن، وإِنما يأْتَمُّ الناس فيهما
بأَهل مكة وأَهل المدينة، وإِن تغيَّر ذلك في سائر الأَمصار، أَلا ترى أَن
أَصل التمر بالمدينة كَيْلٌ وهو يُوزَن في كثير من الأَمصار، وأَنَّ
السَّمْن عندهم وَزْن وهو كَيْل في كثير من الأَمصار؟ والذي يعرف به أَصل
الكَيْل والوَزْن أَن كل ما لَزِمه اسم المَخْتوم والقَفِيزِ والمَكُّوكِ
والمُدِّ والصاعِ فهو كَيْل، وكلُّ ما لزمه اسم الأَرْطالِ والأَواقيِّ
والأَمْناءِ فهو وزن؛ قال أَبو منصور: والتمر أَصله الكَيْل فلا يجوز أَن يباع
منه رِطْل برطل ولا وزن بوزن، لأَنه إِذا رُدَّ بعد الوزن إِلى الكيل
تَفاضَل، إِنما يُباع كَيْلاً بكَيْل سواء بسواء، وكذلك ما كان أَصله
مَوْزُوناً فإِنه لا يجوز أَن يُباع منه كَيْل بكَيْل، لأَنه إِذا رُدَّ إِلى
الوزن لم يؤْمن فيه التَّفاضُل، قال: وإِنما احتيج إِلى هذا الحديث لهذا
المعنى، ولا يتَهافت الناس في الرِّبَا الذي نَهَى الله عز وجل عنه، وكل
ما كان في عَهْد النبي، صلى الله عليه وسلم، بمكة والمدينة مَكِيلاً فلا
يُباعُ إِلا بالكَيْل، وكل ما كان بها مَوْزُوناً فلا يُباع إِلا بالوزن
لئلا يدخله الرِّبا بالتَّفاضُل، وهذا في كل نوع تتعلق به أَحكام الشرع
من حقوق الله تعالى دون ما يَتعامل به الناسُ في بِياعاتِهم، فأَما
المِكْيال فهو الصاع الذي يتعلَّق به وُجوب الزكاة والكفارات والنفقات وغير
ذلك، وهو مقدر بكيل أَهل المدينة دون غيرها من البُلْدان لهذا الحديث، وهو
مِفْعال من الكَيْل، والميم فيه للآلة؛ وأَما الوَزْن فيريد به الذهب
والفضة خاصة لأَن حق الزكاة يتعلَّق بهما، ودِرْهمُ أَهلِ مكة ستة دَوانيق،
ودراهم الإِسلام المعدَّلة كل عشرة دراهم سبعة مَثاقيل، وكان أَهلُ
المدينة يتَعاملون بالدراهم عند مَقْدَمِ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، بالعَدَدِ فأَرْشَدَهم إِلى وزن مكة، وأَما الدنانير فكانت تحمل إِلى
العرب من الرُّوم إِلى أَن ضَرَبَ عبدُ الملك بن مَرْوان الدينار في
أَيامه، وأَما الأَرطالُ والأَمْناءُ فللناس فيها عادات مختلفة في البُلْدان
وهم مُعاملون بها ومُجْرَوْن عليها.
والكَيُّولُ: آخِرُ الصُّفوفِ في الحرب، وقيل: الكَيُّول مؤخر الصفوف؛
وفي الحديث: أَن رجلاً أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو يقاتِلُ
العدوَّ فسأَله سيفاً يقاتِل به فقال له: فلَعَلَّك إِن أَعطيتك أَن تقوم في
الكَيُّول، فقال: لا، فأَعطاه سيفاً فجعل يُقاتِل وهو يقول:
إِنِّي امْرُؤٌ عهَدَني خَلِيلي
أَن لا أَقومَ الدَّهْرَ في الكَيُّولِ
أَضْرِبْ بسيفِ الله والرسولِ،
ضَرْبَ غُلامٍ ماجدٍ بُهْلولِ
فلم يزل يقاتِل به حتى قُتِل. الأَزهري: أَبو عبيد الكَيُّولُ هو مؤخر
الصفوف، قال: ولم أَسمع هذا الحرف إِلا في هذا الحديث، وسكن الباءَ في
أَضْرِبْ لكثرة الحركات. وتَكَلَّى الرجلُ أَي قام في الكَيُّول، والأَصل
تَكَيَّل وهو مقلوب منه؛ قال ابن بري: الرجَز لأَبي دُجَانَةَ سِمَاك بن
خَرَشَةَ؛ قال ابن الأَثير: الكَيُّول، فَيْعُول، من كالَ الزندُ إِذا
كَبَا ولم يخرج ناراً، فشبَّه مؤخَّر الصفوف به لأَن مَنْ كان فيه لا
يُقاتِل، وقيل: الكَيُّول الجَبَان؛ والكَيُّول: ما أَشرف من الأَرض، يُريد
تقومُ فوقَه فتنظر ما يصنع غيرك. أَبو منصور: الكَيُّول في كلام العرب ما خرج
من حَرِّ الزَّنْد مُسْوَدّاً لا نار فيه.
الليث: الفرس يُكايِل الفرس في الجَرْي إِذا عارَضه وباراه كأَنه يَكِيل
له من جَرْيهِ مثل ما يَكِيل له الآخر. ابن الأَعرابي: المُكَايلة أَن
يتَشاتَم الرجلان فيُرْبِي أَحدهما على الآخر، والمُواكلة أَن يُهْدِيَ
المُدانُ للمَدِينِ ليُؤخِّر قضاءه. ويقال: كِلْتُ فلاناً بفلانٍ أَي
قِسْتُه به، وإِذا أَردْت عِلْمَ رجل فكِلْهُ بغيره، وكِلِ الفرسَ بغيره أَي
قِسْه به في الجَرْي؛ قال الأَخطل:
قد كِلْتُموني بالسَّوابِقِ كُلِّها،
فَبَرَّزْتُ منها ثانياً من عِنَانِيَا
أَي سبقتها وبعض عِناني مَكْفوف.
والكِيَالُ: المُجاراة؛ قال:
أُقْدُرْ لنَفْسِكَ أَمْرَها،
إِن كان من أَمْرٍ كِيَالَهْ
وذكر أَبو الحسن بن سيده في أَثناء خُطْبة كتابه المحكم مما قَصَدَ به
الوَضْعَ من ابن السكيت فقال: وأَيُّ مَوْقِفةٍ أَخْزَى لِواقِفِها من
مقامة أَبي يوسف يعق بن إِسحق السكيت مع أَبي عثمان المازني بين يدي
المتوكِّل جعفر؟ وذلك أَن المتوكل قال: يا مازني سل يعقوب عن مسأَلة من النحو،
فَتَلَكَّأَ المازني عِلْماً بتأَخر يعقوب في صناعة الإِعراب، فعَزَم
المتوكل عليه وقال: لا بدَّ لك من سؤاله، فأَقبل المازني يُجْهِد نفسه في
التلخيص وتَنكُّب السؤال الحُوشِيِّ العَوِيص، ثم قال: يا أَبا يوسف ما
وَزْن نَكْتَلْ من قوله عز وجل: فأَرْسِلْ معنا أَخانا نَكْتَلْ، فقال له:
نَفْعَل؛ قال: وكان هناك قوم قد علموا هذا المِقْدار، ولم يُؤْتَؤْا من
حَظِّ يعقوب في اللغة المِعْشار، ففاضوا ضَحِكاً، وأَداروا من اللَّهْو
فَلَكاً، وارتفع المتوكِّل وخرج السِّكِّيتي والمازني، فقال ابن السكيت: يا
أَبا عثمان أَسأْت عِشْرَتي وأَذْويْتَ بَشَرتي، فقال له المازني: والله
ما سأَلتُك عن هذا حتى بحثت فلم أَجد أَدْنى منه مُحاوَلاً، ولا أَقْرَب
منه مُتَناوَلاً.
كتم: الكِتْمانُ: نَقِيض الإعْلانِ، كَتَمَ الشيءَ يَكْتُمُه كَتْماً
وكِتْماناً واكْتَتَمه وكَتَّمه؛ قال أَبو النجم:
وكانَ في المَجْلِسِ جَمّ الهَذْرَمَهْ،
لَيْثاً على الدَّاهِية المُكَتَّمهْ
وكَتَمه إياه؛ قال النابغة:
كَتَمْتُكَ لَيْلاً بالجَمُومَينِ ساهِراً،
وهمَّيْن: هَمّاً مُسْتَكِنّاً، وظاهرا
أَحادِيثَ نَفْسٍ تشْتَكي ما يَرِيبُها،
ووِرْدَ هُمُومٍ لا يَجِدْنَ مَصادِرا
وكاتَمه إياه: ككَتَمه؛ قال:
تَعَلََّمْ، ولوْ كاتَمْتُه الناسَ، أَنَّني
عليْكَ، ولم أَظْلِمْ بذلكَ، عاتِبُ
وقوله: ولم أَظلم بذلك، اعتراض بين أَنّ وخبرِها، والاسم الكِتْمةُ.
وحكى اللحياني: إنه لحَسن الكِتْمةِ.
ورجل كُتَمة، مثال هُمَزة، إذا كان يَكْتُمُ سِرَّه. وكاتَمَني سِرَّه:
كتَمه عني. ويقال للفرَس إذا ضاق مَنْخِرهُ عن نفَسِه: قد كَتَمَ
الرَّبْوَ؛ قال بشر:
كأَنَّ حَفِيفَ مَنْخِرِه، إذا ما
كتَمْنَ الرَّبْوَ، كِيرٌ مُسْتَعارُ
يقول: مَنْخِره واسع لا يَكْتُم الرَّبو إذا كتمَ غيره من الدَّوابِّ
نفَسَه من ضِيق مَخْرَجه، وكتَمه عنه وكتَمه إياه؛ أَنشد ثعلب:
مُرَّةٌ، كالذُّعافِ، أَكْتُمها النَّا
سَ على حَرِّ مَلَّةٍ كالشِّهابِ
ورجل كاتِمٌ للسر وكَتُومٌ. وسِرٌّ كاتمٌ أَي مَكْتُومٌ؛ عن كراع.
ومُكَتَّمٌ، بالتشديد: بُولِغ في كِتْمانه. واسْتَكْتَمه الخَبَر والسِّرَّ :
سأَله كَتْمَه. وناقة كَتُوم ومِكتامٌ: لا تَشُول بذنبها عند اللَّقاح
ولا يُعلَم بحملها، كتَمَتْ تَكْتُم كُتوماً؛ قال الشاعر في وصف فحل:
فَهْوَ لجَولانِ القِلاصِ شَمّامْ،
إذا سَما فوْقَ جَمُوحٍ مِكْتامْ
ابن الأَعرابي: الكَتِيمُ الجَمل الذي لا يَرغو. والكَتِيمُ: القَوْسُ
التي لا تَنشَقُّ. وسحاب مَكْتُومٌ
(* قوله «وسحاب مكتوم» كذا في الأصل
وقد استدركها شارح القاموس على المجد، والذي في الصحاح والأساس: مكتتم): لا
رَعْد فيه. والكَتُوم أَيضاً: الناقة التي لا تَرْغُو إذا ركبها صاحبها،
والجمع كُتُمٌ؛ قال الأَعشى:
كَتُومُ الرُّغاءِ إذا هَجَّرَتْ،
وكانتْ بَقِيَّةَ ذَوْدٍ كُتُمْ
وقال آخر:
كَتُومُ الهَواجِرِ ما تَنْبِسُ
وقال الطِّرِمّاح:
قد تجاوَزْتُ بِهِلْواعةٍ
عبْرِ أَسْفارٍ كَتُومِ البُغامِ
(* قوله «عبر أسفار» هو بالعين المهملة ووقع في هلع بالمعجمة كما وقع
هنا في الأصل وهو تصحيف).
وناقة كَتُوم: لا تَرْغُو إذا رُكِبت. والكَتُومُ والكاتِمُ من
القِسِيَِّ: التي لا تُرِنُّ إذا أُنْبِضَتْ، وربما جاءت في الشعر كاتمةً، وقيل:
هي التي لا شَق فيها، وقيل: هي التي لا صَدْعَ في نَبْعِها، وقيل: هي
التي لا صدع فيها كانت من نَبْع أو غيره؛ وقال أَوس بن حجر:
كَتُومٌ طِلاعُ الكفِّ لا دُونَ مِلْئِها،
ولا عَجْسُها عَنْ مَوْضِعِ الكفِّ أَفْضَلا
قوله طِلاعُ الكَفِّ أي مِلْءٌ الكف، قال: ومثله قول الحسن أَحَبُّ
إليَّ من طِلاع الأرض ذهباً. وفي الحديث: أَنه كان اسم قَوْسِ سيدنا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، الكَتُومَ؛ سميت به لانْخِفاضِ صوتِها إذا رُمي
عنها، وقد كتَمت كُتوماً. أَبو عمرو: كتَمَت المَزادةُ تَكْتُم كُتوماً
إذا ذهب مَرَحُها وسَيَلانُ الماءِ من مَخارِزها أَوّل ما تُسرَّب، وهي
مَزادة كَتُوم. وسِقاءٌ كَتِيم، وكتَمَ السِّقاءُ يَكْتُمُ كِتْماناً
وكُتوماً: أَمسك ما فيه من اللبن والشراب، وذلك حين تذهب عيِنته ثم يدهن
السقاءُ بعد ذلك، فإذا أَرادوا أن يستقوا فيه سرَّبوه، والتسريب: أن يصُبُّوا
فيه الماءَ بعد الدهن حتى يَكْتُمَ خَرْزُه ويسكن الماء ثم يستقى فيه.
وخَرْز كَتِيم: لا يَنْضَح الماء ولا يخرج ما فيه. والكاتِم: الخارِز، من
الجامع لابن القَزاز، وأَنشد فيه:
وسالَتْ دُموعُ العَينِ ثم تَحَدَّرَتْ،
وللهِ دَمْعٌ ساكِبٌ ونَمُومُ
فما شَبَّهَتْ إلاَّ مَزادة كاتِمٍ
وَهَتْ، أَو وَهَى مِنْ بَيْنِهنَّ كَتُومُ
وهو كله من الكَتم لأن إخفاء الخارز للمخروز بمنزلة الكتم لها، وحكى
كراع: لا تسأَلوني عن كَتْمةٍ، بسكون التاء، أي كلمة. ورجل أَكْتمُ: عظيم
البطن، وقيل: شعبان.
والكَتَمُ، بالتحريك: نبات يخلط مع الوسْمة للخضاب الأَسود. الأَزهري:
الكَتَم نبت فيه حُمرة. وروي عن أَبي بكر، رضي الله عنه، أَنه كان
يَخْتَضِب بالحِنَّاء والكَتَم، وفي رواية: يصبُغ بالحِنَاء والكَتَم؛ قال أُمية
بن أَبي الصلت:
وشَوَّذَتْ شَمْسُهمْ إذا طَلَعَتْ
بالجِلْب هِفّاً كأَنه كَتَمُ
قال ابن الأَ ثير في تفسير الحديث: يشبه أَن يراد به استعمال الكَتَم
مفرداً عن الحناء، فإن الحِناء إذا خُضِب به مع الكتم جاء أَسود وقد صح
النهي عن السواد، قال: ولعل الحديث بالحناء أَو الكَتم على التخيير، ولكن
الروايات على اختلافها بالحناء والكتم. وقال أَبو عبيد: الكَتَّم، مشدد
التاء، والمشهور التخفيف. وقال أبَو حنيفة: يُشَبَّب الحناء بالكتم ليشتدّ
لونه، قال: ولا ينبت الكتم إلاَّ في الشواهق ولذلك يَقِلُّ. وقال مرة:
الكتم نبات لا يَسْمُو صُعُداً وينبت في أَصعب الصخر فيَتَدلَّى تَدَلِّياً
خِيطاناً لِطافاً، وهو أَخضر وورقه كورق الآس أَو أصغر؛ قال الهذلي ووصف
وعلاً:
ثم يَنُوش إذا آدَ النَّهارُ له،
بَعْدَ التَّرَقُّبِ مِن نِيمٍ ومِن كَتَمِ
وفي حديث فاطمة بنت المنذر: كنا نَمتشط مع أَسماء قبل الإحرام
ونَدَّهِنُ بالمَكْتومة؛ قال ابن الأَثير: هي دُهن من أَدْهان العرب أَحمر يجعل
فيه الزعفران، وقيل: يجعل فيه الكَتَم، وهو نبت يخلط مع الوسْمة ويصبغ به
الشعر أَسود، وقيل: هو الوَسْمة.
والأَكْثَم: العظيم البطن. والأَكثم: الشبعان، بالثاء المثلثة، ويقال
ذلك فيهما بالتاء المثناة أَيضاً وسيأْتي ذكره.
ومكتوم وكَتِيمٌ وكُتَيْمة: أَسماء؛ قال:
وأَيَّمْتَ مِنَّا التي لم تَلِدْ
كُتَيْمَ بَنِيك، وكنتَ الحليلا
(* قوله «وأيمت» هذا ما في الأصل، ووقع في نسخة المحكم التي بأيدينا:
وأَيتمت، من اليتم).
أَراد كتيمة فرخم في غير النداء اضطراراً. وابنُ أُم مَكْتُوم: مؤذن
سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان يؤذن بعد بلال لأنه كان أَعمى
فكان يقتدي ببلال. وفي حديث زمزم: أَن عبد المطلب رأَى في المنام قيل:
احْفِر تُكْتَمَ بين الفَرْث والدم؛ تُكْتَمُ: اسم بئر زمزم، سميت بذلك لأنها
كانت اندفنت بعد جُرْهُم فصارت مكتومة حتى أَظهرها عبد المطلب. وبنو
كُتامة: حي من حِمْيَر صاروا إلى بَرْبَر حين افتتحها افريقس الملك، وقيل:
كُتام قبيلة من البربر. وكُتمان، بالضم: موضع، وقيل: اسم جبل؛ قال ابن
مقبل:قد صَرَّحَ السَّيرُ عن كُتْمانَ، وابتُذِلَت
وَقعُ المَحاجِنِ بالمَهْرِيّةِ الذُّقُنِ
وكُتُمانُ: اسم ناقة.
كرم: الكَريم: من صفات الله وأَسمائه، وهو الكثير الخير الجَوادُ
المُعطِي الذي لا يَنْفَدُ عَطاؤه، وهو الكريم المطلق. والكَريم: الجامع
لأَنواع الخير والشرَف والفضائل. والكَريم. اسم جامع لكل ما يُحْمَد، فالله عز
وجل كريم حميد الفِعال ورب العرش الكريم العظيم. ابن سيده: الكَرَم نقيض
اللُّؤْم يكون في الرجل بنفسه، وإن لم يكن له آباء، ويستعمل في الخيل
والإبل والشجر وغيرها من الجواهر إذا عنوا العِتْق، وأَصله في الناس قال ابن
الأَعرابي: كَرَمُ الفرَس أن يَرِقَّ جلده ويَلِين شعره وتَطِيب رائحته.
وقد كَرُمَ الرجل وغيره، بالضم، كَرَماً وكَرامة، فهو كَرِيم وكَرِيمةٌ
وكِرْمةٌ ومَكْرَم ومَكْرَمة
(* قوله «ومكرم ومكرمة» ضبط في الأصل
والمحكم بفتح أولهما وهو مقتضى إطلاق المجد، وقال السيد مرتضى فيهما بالضم).
وكُرامٌ وكُرَّامٌ وكُرَّامةٌ، وجمع الكَريم كُرَماء وكِرام، وجمع
الكُرَّام كُرَّامون؛ قال سيبويه: لا يُكَسَّر كُرَّام استغنوا عن تكسيره بالواو
والنون؛ وإنه لكَرِيم من كَرائم قومه، على غير قياس؛ حكى ذلك أَبو زيد.
وإنه لَكَرِيمة من كَرائم قومه، وهذا على القياس. الليث: يقال رجل كريم
وقوم كَرَمٌ كما قالوا أَديمٌ وأَدَمٌ وعَمُود وعَمَدٌ، ونسوة كَرائم. ابن
سيده وغيره: ورجل كَرَمٌ: كريم، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، تقول:
امرأَة كَرمٌ ونسوة كَرَم لأَنه وصف بالمصدر؛ قال سعيد بن مسحوح
(* قوله
«مسحوح» كذا في الأصل بمهملات وفي شرح القاموس بمعجمات) الشيباني: كذا ذكره
السيرافي، وذكر أَيضاً أنه لرجل من تَيْم اللاّت بن ثعلبة، اسمه عيسى،
وكان يُلَوَّمُ في نُصرة أَبي بلال مرداس بن أُدَيَّةَ، وأَنه منعته الشفقة
على بناته، وذكر المبرد في أَخبار الخوارج أَنه لأَبي خالد القَناني
فقال: ومن طَريف أَخبار الخوارج قول قَطَرِيِّ بن الفُجاءة المازِني لأَبي
خالد القَناني:
أَبا خالدٍ إنْفِرْ فلَسْتَ بِخالدٍ،
وَما جَعَلَ الرحمنُ عُذْراً لقاعِدِ
أَتَزْعُم أَنَّ الخارِجيَّ على الهُدَى،
وأنتَ مُقِيمٌ بَينَ راضٍ وجاحِدِ؟
فكتب إليه أَبو خالد:
لَقدْ زادَ الحَياةَ إليَّ حُبّاً
بَناتي، أَنَّهُنَّ من الضِّعافِ
مخافةَ أنْ يَرَيْنَ البُؤسَ بَعْدِي،
وأنْ يَشْرَبْنَ رَنْقاً بعدَ صافِ
وأنْ يَعْرَيْنَ، إنْ كُسِيَ الجَوارِي،
فَتَنْبُو العينُ عَن كَرَمٍ عِجافِ
ولَوْلا ذاكَ قد سَوَّمْتُ مُهْري،
وفي الرَّحمن للضُّعفاءِ كافِ
أَبانا مَنْ لَنا إنْ غِبْتَ عَنَّا،
وصارَ الحيُّ بَعدَك في اخْتِلافِ؟
قال أَبو منصور: والنحويون ينكرون ما قال الليث، إنما يقال رجل كَرِيم
وقوم كِرام كما يقال صغير وصغار وكبير وكِبار، ولكن يقال رجل كَرَم ورجال
كَرَم أي ذوو كَرَم، ونساء كَرَم أي ذوات كرَم، كما يقال رجل عَدْل وقوم
عدل، ورجل دَنَفٌ وحَرَضٌ، وقوم حَرَضٌ ودَنَفٌ. وقال أَبو عبيد: رجل
كَرِيم وكُرَامٌ وكُرَّامٌ بمعنى واحد، قال: وكُرام، بالتخفيف، أبلغ في
الوصف وأكثر من كريم، وكُرّام، بالتشديد، أَبلغ من كُرَام، ومثله ظَرِيف
وظُراف وظُرَّاف، والجمع الكُرَّامون. وقال الجوهري: الكُرام، بالضم، مثل
الكَرِيم فإذا أفرط في الكرم قلت كُرّام، بالتشديد، والتَّكْرِيمُ
والإكْرامُ بمعنى، والاسم منه الكَرامة؛ قال ابن بري: وقال أَبو
المُثَلم:ومَنْ لا يُكَرِّمْ نفْسَه لا يُكَرَّم
(* هذا الشطر لزهير من معلقته).
ابن سيده: قال سيبويه ومما جاء من المصادر على إضمار الفعل المتروك
إظهاره ولكنه في معنى التعجب قولك كَرَماً وصَلَفاً، كأَنه يقول أَكرمك الله
وأَدام لك كَرَماً، ولكنهم خزلوا الفعل هنا لأَنه صار بدلاً من قولك
أَكْرِمْ به وأَصْلِف، ومما يخص به النداء قولهم يا مَكْرَمان؛ حكاه الزجاجي،
وقد حكي في غير النداء فقيل رجل مَكْرَمان؛ عن أَبي العميثل الأَعرابي؛
قال ابن سيده: وقد حكاها أَيضاً أَبو حاتم. ويقال للرجل يا مَكرمان، بفتح
الراء، نقيض قولك يا مَلأَمان من اللُّؤْم والكَرَم. وروي عن النبي، صلى
الله عليه وسلم: أَن رجلاً أَهدى إليه راوية خمر فقال: إن الله
حَرَّمها، فقال الرجل: أَفلا أُكارِمُ بها يَهودَ؟ فقال: إن الذي حرَّمها حرَّم
أن يُكارَم بها؛ المُكارَمةُ: أَن تُهْدِيَ لإنسانٍ شيئاً ليكافِئَك عليه،
وهي مُفاعَلة من الكَرَم، وأَراد بقوله أُكارِمُ بها يهود أي أُهْديها
إليهم ليُثِيبوني عليها؛ ومنه قول دكين:
يا عُمَرَ الخَيراتِ والمَكارِمِ،
إنِّي امْرُؤٌ من قَطَنِ بن دارِمِ،
أَطْلُبُ دَيْني من أَخٍ مُكارِمِ
أراد من أَخٍ يُكافِئني على مَدْحي إياه، يقول: لا أَطلب جائزته بغير
وَسِيلة. وكارَمْتُ الرجل إذا فاخَرْته في الكرم، فكَرَمْته أَكْرُمه،
بالضم، إذا غلبته فيه. والكَريم: الصَّفُوح. وكارَمنى فكَرَمْته أَكْرُمه:
كنت أَكْرَمَ منه. وأَكْرَمَ الرجلَ وكَرَّمه: أَعْظَمه ونزَّهه. ورجل
مِكْرام: مُكْرِمٌ وهذا بناء يخص الكثير. الجوهري: أَكْرَمْتُ الرجل
أُكْرِمُه، وأَصله أُأَكْرمه مثل أُدَحْرِجُه، فاستثفلوا اجتماع الهمزتين فحذفوا
الثانية، ثم أَتبعوا باقي حروف المضارعة الهمزة، وكذلك يفعلون، ألا تراهم
حذفوا الواو من يَعِد استثقالاً لوقوعها بين ياء وكسرة ثم أَسقطوا مع
الأَلف والتاء والنون؟ فإن اضطر الشاعر جاز له أَن يرده إلى أَصله كما
قال:فإنه أَهل لأَن يُؤَكْرَما
فأَخرجه على الأصل. ويقال في التعجب: ما أَكْرَمَه لي، وهو شاذ لا يطرد
في الرباعي؛ قال الأخفش: وقرأَ بعضهم ومَن يُهِن اللهُ فما له من
مُكْرَم، بفتح الراء، أي إكْرام، وهو مصدر مثل مُخْرَج ومُدْخَل. وله عليَّ
كَرامةٌ أَي عَزازة. واستَكْرم الشيءَ: طلَبه كَرِيماً أَو وجده كذلك. ولا
أَفْعلُ ذلك ولا حُبّاً ولا كُرْماً ولا كُرْمةً ولا كَرامةً كل ذلك لا
تُظهر له فعلاً. وقال اللحياني: أَفْعَلُ ذلك وكرامةً لك وكُرْمَى لك
وكُرْمةً لك وكُرْماً لك، وكُرْمةَ عَيْن ونَعِيمَ عين ونَعْمَةَ عَينٍ
ونُعامَى عَينٍ
(* قوله «ونعامى عين» زاد في التهذيب قبلها: ونعم عين أي بالضم،
وبعدها: نعام عين أي بالفتح). ويقال: نَعَمْ وحُبّاً وكَرْامةً؛ قال ابن
السكيت: نَعَمْ وحُبّاً وكُرْماناً، بالضم، وحُبّاً وكُرْمة. وحكي عن
زياد بن أَبي زياد: ليس ذلك لهم ولا كُرْمة.
وتَكَرَّمَ عن الشيء وتكارم: تَنزَّه. الليث: تكَرَّمَ فلان عما يَشِينه
إذا تَنزَّه وأَكْرَمَ نفْسَه عن الشائنات، والكَرامةُ: اسم يوضع
للإكرام
(* قوله «يوضع للإكرام» كذا بالأصل، والذي في التهذيب: يوضع موضع
الإكرام)، كما وضعت الطَّاعةُُ موضع الإطاعة، والغارةُ موضع الإغارة.
والمُكَرَّمُ: الرجل الكَرِيم على كل أَحد. ويقال: كَرُم الشيءُ الكَريمُ
كَرَماً، وكَرُمَ فلان علينا كَرامةً. والتَّكَرُّمُ: تكلف الكَرَم؛ وقال
المتلمس:
تكَرَّمْ لتَعْتادَ الجَمِيلَ، ولنْ تَرَى
أَخَا كَرَمٍ إلا بأَنْ يتَكَرَّما
والمَكْرُمةُ والمَكْرُمُ: فعلُ الكَرَمِ، وفي الصحاح: واحدة المَكارمِ
ولا نظير له إلاَّ مَعُونٌ من العَوْنِ، لأَنَّ كل مَفْعُلة فالهاء لها
لازمة إلا هذين؛ قال أَبو الأَخْزَرِ الحِمّاني:
مَرْوانُ مَرْوانُ أَخُو اليَوْم اليَمِي،
ليَوْمِ رَوْعٍ أو فَعالِ مَكْرُمِ
ويروي:
نَعَمْ أَخُو الهَيْجاء في اليوم اليمي
وقال جميل:
بُثَيْنَ الْزَمي لا، إنَّ لا، إنْ لَزِمْتِه،
على كَثرةِ الواشِينَ، أَيُّ مَعُونِ
قال الفراء: مَكْرُمٌ جمع مَكْرُمةٍ ومَعُونٌ جمع مَعُونةٍ.
والأُكْرُومة: المَكْرُمةُ. والأُكْرُومةُ من الكَرَم: كالأُعْجُوبة من العَجَب.
وأَكْرَمَ الرجل: أَتى بأَولاد كِرام. واستَكْرَمَ: استَحْدَث عِلْقاً
كريماً. وفي المثل: استَكْرَمْتَ فارْبِطْ. وروي عن النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه قال: إنَّ اللهَ يقولُ إذا أَنا أَخَذْتُ من عبدي كَرِيمته وهو
بها ضَنِين فصَبرَ لي لم أَرْض له بها ثواباً دون الجنة، وبعضهم رواه: إذا
أَخذت من عبدي كَرِيمتَيْه؛ قال شمر: قال إسحق بن منصور قال بعضهم يريد
أهله، قال: وبعضهم يقول يريد عينه، قال: ومن رواه كريمتيه فهما العينان،
يريد جارحتيه أي الكريمتين عليه. وكل شيء يَكْرُمُ عليك فهو كَريمُكَ
وكَريمتُك. قال شمر: وكلُّ شيء يَكْرُمُ عليك فهو كريمُك وكريمتُك.
والكَرِيمةُ: الرجل الحَسِيب؛ يقال: هو كريمة قومه؛ وأَنشد:
وأَرَى كريمَكَ لا كريمةَ دُونَه،
وأَرى بِلادَكَ مَنْقَعَ الأَجْوادِ
(* قوله «منقع الاجواد» كذا بالأصل والتهذيب، والذي في التكملة: منقعاً
لجوادي، وضبط الجواد فيها بالضم وهو العطش).
أَراد من يَكْرمُ عليك لا تدَّخر عنه شيئاً يَكْرُم عليك. وأَما قوله،
صلى الله عليه وسلم: خير الناس يومئذ مُؤمن بين كَرِيمين، فقال قائل: هما
الجهاد والحج، وقيل: بين فرسين يغزو عليهما، وقيل: بين أَبوين مؤَمنين
كريمين، وقيل: بين أَب مُؤْمن هو أَصله وابن مؤْمن هو فرعه، فهو بين مؤمنين
هما طَرَفاه وهو مؤْمن. والكريم: الذي كَرَّم نفْسَه عن التَّدَنُّس
بشيءٍ من مخالفة ربه. ويقال: هذا رجل كَرَمٌ أَبوه وكَرَمٌ آباؤُه. وفي حديث
آخر: أَنه أكْرَم جرير بن عبد الله لمّا ورد عليه فبَسط له رداءَه وعممه
بيده، وقال: أَتاكم كَريمةُ قوم فأَكْرموه أي كريمُ قوم وشَريفُهم،
والهاء للمبالغة؛ قال صخر:
أَبى الفَخْرَ أَنِّي قد أَصابُوا كَريمتي،
وأنْ ليسَ إهْداء الخَنَى مِنْ شِمالِيا
يعني بقوله كريمتي أَخاه معاوية بن عمرو. وأَرض مَكْرَمةٌ
(* قوله «وأرض
مكرمة» ضطت الراء في الأصل والصحاح بالفتح وفي القاموس بالضم وقال
شارحه: هي بالضم والفتح) وكَرَمٌ: كريمة طيبة، وقيل: هي المَعْدُونة المُثارة،
وأَرْضان كَرَم وأَرَضُون كَرَم. والكَرَمُ: أَرض مثارة مُنَقَّاةٌ من
الحجارة؛ قال: وسمعت العرب تقول للبقعة الطيبة التُّربةِ العَذاة المنبِت
هذه بُقْعَة مَكْرَمة. الجوهري: أَرض مَكْرَمة للنبات إذا كانت جيدة
للنبات. قال الكسائي: المَكْرُمُ المَكْرُمة، قال: ولم يجئ مَفْعُل للمذكر
إلا حرفان نادران لا يُقاس عليهما: مَكْرُمٌ ومَعُون. وقال الفراء: هو جمع
مَكْرُمة ومَعُونة، قال: وعنده أَنَّ مفْعُلاً ليس من أَبنية الكلام،
ويقولون للرجل الكَريم مَكْرَمان إذا وصفوه بالسخاء وسعة الصدر.
وفي التنزيل العزيز: إنِّي أُلْقِيَ إليَّ كتاب كَريم؛ قال بعضهم: معناه
حسن ما فيه، ثم بينت ما فيه فقالت: إنَّه من سُليمان وإنه بسم الله
الرحمن الرحيم أَلاَّ تعلوا عليَّ وأْتُوني مُسلمين؛ وقيل: أُلقي إليّ كتاب
كريم، عَنَتْ أَنه جاء من عند رجل كريم، وقيل: كتاب كَريم أي مَخْتُوم.
وقوله تعالى: لا بارِدٍ ولا كَريم؛ قال الفراء: العرب تجعل الكريم تابعاً
لكل شيء نَفَتْ عنه فعلاً تَنْوِي به الذَّم. يقال: أَسَمِين هذا؟ فيقال:
ما هو بسَمِين ولا كَرِيم وما هذه الدار بواسعة ولا كريمة. وقال: إنه
لقرآن كريم في كتاب مكنون؛ أَي قرآن يُحمد ما فيه من الهُدى والبيان والعلم
والحِكمة.
وقوله تعالى: وقل لهما قولاً كَريماً؛ أَي سهلاً ليِّناً. وقوله تعالى:
وأَعْتَدْنا لها رِزْقاً كريماً؛ أي كثيراً. وقوله تعالى: ونُدْخِلْكم
مُدْخَلاً كريماً؛ قالوا: حسَناً وهو الجنة. وقوله: أَهذا الذي كَرَّمْت
عليّ؛ أي فضَّلْت. وقوله: رَبُّ العرشِ الكريم؛ أَي العظيم. وقوله: إنَّ
ربي غنيٌّ كريم؛ أي عظيم مُفْضِل. والكَرْمُ: شجرة العنب، واحدتها كَرْمة؛
قال:
إذا مُتُّ فادْفِنِّي إلى جَنْبِ كَرْمةٍ
تُرَوِّي عِظامي، بَعْدَ مَوْتي، عُرُوقُها
وقيل: الكَرْمة الطاقة الواحدة من الكَرْم، وجمعها كُروُم. ويقال: هذه
البلدة إنما هي كَرْمة ونخلة، يُعنَى بذلك الكثرة. وتقول العرب: هي أَكثر
الأرض سَمْنة وعَسَلة، قال: وإذا جادَت السماءُ بالقَطْر قيل: كَرَّمَت.
وفي حديث أَبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لا
تُسَمُّوا العِنب الكَرْم فإنما الكَرْمُ الرجل المسلم؛ قال الأَزهري: وتفسير
هذا، والله أَعلم، أن الكَرَمَ الحقيقي هو من صفة الله تعالى، ثم هو من صفة
مَنْ آمن به وأَسلم لأَمره، وهو مصدر يُقام مُقام الموصوف فيقال: رجل
كَرَمٌ ورجلان كرَم ورجال كرَم وامرأَة كرَم، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤَنث
لأنه مصدر أُقيمَ مُقام المنعوت، فخففت العرب الكَرْم، وهم يريدون كَرَمَ
شجرة العنب، لما ذُلِّل من قُطوفه عند اليَنْع وكَثُرَ من خيره في كل حال
وأَنه لا شوك فيه يُؤْذي القاطف، فنهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن
تسميته بهذا الاسم لأَنه يعتصر منه المسكر المنهي عن شربه، وأَنه يغير عقل
شاربه ويورث شربُه العدواة والبَغْضاء وتبذير المال في غير حقه، وقال:
الرجل المسلم أَحق بهذه الصفة من هذه الشجرة. قال أَبو بكر: يسمى الكَرْمُ
كَرْماً لأَن الخمر المتخذة منه تَحُثُّ على السخاء والكَرَم وتأْمر
بمَكارِم الأَخلاق، فاشتقوا له اسماً من الكَرَم للكرم الذي يتولد منه، فكره
النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يسمى أَصل الخمر باسم مأْخوذ من الكَرَم
وجعل المؤْمن أَوْلى بهذا الاسم الحَسن؛ وأَنشد:
والخَمْرُ مُشتَقَّةُ المَعْنَى من الكَرَمِ
وكذلك سميت الخمر راحاً لأَنَّ شاربها يَرْتاح للعَطاء أَي يَخِفُّ؛
وقال الزمخشري: أَراد أن يقرّر ويسدِّد ما في قوله عز وجل: إن أَكْرَمَكم
عند الله أَتْقاكم، بطريقة أَنِيقة ومَسْلَكٍ لَطِيف، وليس الغرض حقيقة
النهي عن تسمية العنب كَرْماً، ولكن الإشارة إلى أَن المسلم التقي جدير بأَن
لا يُشارَك فيما سماه الله به؛ وقوله: فإنما الكَرْمُ الرجل المسلم أَي
إنما المستحق للاسم المشتقِّ من الكَرَمِ الرَّجلُ المسلم. وفي الحديث:
إنَّ الكَريمَ ابنَ الكريمِ ابنِ الكريم يُوسُفُ بن يعقوب بن إسحق لأَنه
اجتمع له شَرَف النبوة والعِلم والجَمال والعِفَّة وكَرَم الأَخلاق
والعَدل ورِياسة الدنيا والدين، فهو نبيٌّ ابن نبيٍّ ابن نبيٍّ ابن نبي رابع
أربعة في النبوة. ويقال للكَرْم: الجَفْنةُ والحَبَلةُ والزَّرَجُون.
وقوله في حديث الزكاة: واتَّقِ كَرائمَ أَموالهم أي نَفائِسها التي تتعلَّق
بها نفْسُ مالكها، ويَخْتَصُّها لها حيث هي جامعة للكمال المُمكِن في
حقّها، وواحدتها كَرِيمة؛ ومنه الحديث: وغَزْوٌ تُنْفَقُ فيه الكَريمةُ أي
العزيزة على صاحبها.
والكَرْمُ: القِلادة من الذهب والفضة، وقيل: الكَرْم نوع من الصِّياغة
التي تُصاغُ في المَخانِق، وجمعه كُروُم؛ قال:
تُباهِي بصَوْغ من كُرُوم وفضَّة
يقال: رأَيت في عُنُقها كَرْماً حسناً من لؤلؤٍ؛
قال الشاعر:
ونَحْراً عَليْه الدُّر تُزْهِي كُرُومُه
تَرائبَ لا شُقْراً، يُعَبْنَ، ولا كُهْبا
وأَنشد ابن بري لجرير:
لقَدْ وَلَدَتْ غَسّانَ ثالِبةُ الشَّوَى،
عَدُوسُ السُّرَى لا يَقْبَلُ الكَرْمَ جِيدُها
ثالبة الشوء: مشققة القدمين؛ وأَنشد أَيضاً له في أُم البَعِيث:
إذا هَبَطَتْ جَوَّ المَراغِ فعَرَّسَتْ
طُرُوقاً، وأَطرافُ التَّوادي كُروُمُها
والكَرْمُ: ضَرْب من الحُلِيِّ وهو قِلادة من فِضة تَلْبَسها نساء
العرب. وقال ابن السكيت: الكَرْم شيء يُصاغ من فضة يُلبس في القلائد؛ وأَنشد
غيره تقوية لهذا:
فيا أَيُّها الظَّبْيُ المُحَلَّى لَبانُه
بكَرْمَيْنِ: كَرْمَيْ فِضّةٍ وفَرِيدِ
وقال آخر:
تُباهِي بِصَوغٍ منْ كُرُومٍ وفِضّةٍ،
مُعَطَّفَة يَكْسونَها قَصَباً خَدْلا
وفي حديث أُم زرع: كَرِيم الخِلِّ لا تُخادِنُ أَحداً في السِّرِّ؛
أَطْلَقَت كرِيماً على المرأَة ولم تقُل كرِيمة الخلّ ذهاباً به إلى الشخص.
وفي الحديث: ولا يُجلس على تَكْرِمتِه إلا بإذنه؛ التَّكْرِمةُ: الموضع
الخاصُّ لجلوس الرجل من فراش أو سَرِير مما يُعدّ لإكرامه، وهي تَفْعِلة من
الكرامة.
والكَرْمةُ: رأْس الفخذ المستدير كأَنه جَوْزة وموضعها الذي تدور فيه من
الوَرِك القَلْتُ؛ وقال في صفة فرس:
أُمِرَّتْ عُزَيْزاه، ونِيطَتْ كُرُومُه
إلى كَفَلٍ رابٍ وصُلْبٍ مُوَثَّقِ
وكَرَّمَ المَطَرُ وكُرِّم: كَثُرَ ماؤه؛ قال أَبو ذؤَيب يصف سحاباً:
وَهَى خَرْجُه واسْتُجِيلَ الرَّبا
بُ مِنْه، وكُرِّم ماءً صَرِيحا
ورواه بعضهم: وغُرِّم ماء صَرِيحا؛ قال أَبو حنيفة: زعم بعض الرواة أن
غُرِّم خطأ وإنما هو وكُرِّم ماء صَريحا؛ وقال أَيضاً: يقال للسحاب إذا
جاد بمائه كُرِّم، والناس على غُرِّم، وهو أشبه بقوله: وَهَى خَرْجُه.
الجوهري: كَرُمَ السَّحابُ إذا جاء بالغيث.
والكَرامةُ: الطَّبَق الذي يوضع على رأْس الحُبّ والقِدْر. ويقال:
حَمَلَ إليه الكرامةَ، وهو مثل النُّزُل، قال: وسأَلت عنه في البادية فلم
يُعرف. وكَرْمان وكِرْمان: موضع بفارس؛ قال ابن بري: وكَرْمانُ اسم بلد، بفتح
الكاف، وقد أُولِعت العامة بكسرها، قال: وقد كسرها الجوهري في فصل رحب
فقال يَحكي قول نَصر بن سَيَّار: أَرَحُبَكُمُ الدُّخولُ في طاعة
الكِرْمانيّ؟ والكَرْمةُ: موضع أيضاً؛ قال ابن سيده: فأَما قول أَبي
خِراش:وأَيْقَنْتُ أَنَّ الجُودَ مِنْكَ سَجِيَّةٌ،
وما عِشْتُ عَيْشاً مثْلَ عَيْشِكَ بالكَرْمِ
قيل: أَراد الكَرْمة فجمعها بما حولها؛ قال ابن جني: وهذا بعيد لأَن مثل
هذا إنما يسوغ في الأجناس المخلوقات نحو بُسْرَة وبُسْر لا في الأَعلام،
ولكنه حذف الهاء للضرورة وأَجْراه مُجْرى ما لا هاء فيه؛ التهذيب: قال
أَبو ذؤيب
(* قوله «أبو ذؤيب إلخ» انفرد الازهري بنسبة البيت لابي ذؤيب،
إذ الذي في معجم ياقوت والمحكم والتكملة إنه لابي خراش) في الكُرْم:
وأَيقنتُ أَن الجود منك سجية،
وما عشتُ عيشاً مثل عيشكَ بالكُرْم
قال: أَراد بالكُرْمِ الكَرامة. ابن شميل: يقال كَرُمَتْ أَرضُ فلان
العامَ، وذلك إذا سَرْقَنَها فزكا نبتها. قال: ولا يَكْرُم الحَب حتى يكون
كثير العَصْف يعني التِّبْن والورق. والكُرْمةُ: مُنْقَطَع اليمامة في
الدَّهناء؛ عن ابن الأعرابي.
كعم: الكِعامُ: شيء يُجعل على فم البعير. كَعَمَ البعير يَكْعَمُه
كَعْماً، فهو مَكْعوم وكَعيم: شدَّ فاه، وقيل: شدَّ فاه في هِياجه لئلا
يَعَضَّ أَو يأْكل. والكِعامُ: ما كَعَمَه به، والجمع كُعُمٌ. وفي الحديث: دخل
إخوةُ يوسف، عليهم السلام، مصر وقد كَعَمُوا أَفواهَ إبلهم. وفي حديث
علي، رضي الله عنه: فهم بين خائفٍ مَقْمُوع وساكت مَكْعوم؛ قال ابن بري: وقد
يجعل على فم الكلب لئلا ينبح؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
مَرَرْنا عليه وهْوَ يَكْعَمُ كَلْبَه؛
دَعِ الكَلبَ يَنبَحْ، إنما الكلبُ نابحُ
وقال آخر:
وتَكْعَمُ كلبَ الحيِّ مَِن خَشْيةِ القِرى،
ونارُكَ كالعَذْراء مِن دونها سِتْرُ
وكَعَمه الخوفُ: أمسك فاه، على المثَل؛ قال ذو الرمة:
بَيْنَ الرَّجا والرجا مِن جَنْبِ واصِيةٍ
يَهْماءُ، خابِطُها بالخَوْفِ مَكْعُومُ
وهذا على المثل؛ يقول: قد سَدّ الخوف فمَه فمنعه من الكلام.
والمُكاعَمةُ: التقْبيل. وكَعَمَ المرأَةَ يَكْعَمُها كَعْماً
وكُعُوماً: قَبَّلها، وكذلك كاعَمها. وفي الحديث: أنه، صلى الله عليه وسلم، نَهى
عن المِكاعَمة والمُكامَعةِ؛ والمُكاعَمة: هو أن يَلْثِمَ الرجلُ صاحَبَه
ويَضَع فمَه على فَمِه كالتقبيل، أُخِذَ من كَعْمِ البعير فجعل النبي،
صلى الله عليه وسلم، لَثْمه إياه بمنزلة الكِعام، والمُكاعَمة مُفاعلة
منه.والكِعْمُ: وِعاء تُوعى فيه السلاح وغيرها، والجمع كِعام. والمُكاعَمه:
مُضاجعةُ الرجل صاحبه في الثوب، وهو منه، وقد نهي عنه. وكَعَمْت الوعاء:
سددت رأْسه. وكُعُوم الطريق: أَفواهُه؛ وأَنشد:
ألا نامَ الخَلِيُّ وبِتُّ حِلْساً،
بظَهْرِ الغَيْبِ، سُدَّ به الكُعُومُ
قال: باتَ هذا الشاعرُ حِلْساً لما يحفظ ويرعى كأَنه حِلْس قد سُدَّ به
كُعُوم الطريق وهي أَفواهه.
وكَيْعُومٌ: اسم.
كلم: القرآنُ: كلامُ الله وكَلِمُ الله وكَلِماتُه وكِلِمته، وكلامُ
الله لا يُحدّ ولا يُعدّ، وهو غير مخلوق، تعالى الله عما يقول المُفْتَرُون
علُوّاً كبيراً. وفي الحديث: أَعوذ بِكلماتِ الله التامّاتِ؛ قيل: هي
القرآن؛ قال ابن الأَثير: إنما وَصَف كلامه بالتَّمام لأَنه لا يجوز أَن
يكون في شيء من كلامه نَقْص أَو عَيْب كما يكون في كلام الناس، وقيل: معنى
التمام ههنا أَنها تنفع المُتَعَوِّذ بها وتحفظه من الآفات وتَكْفِيه. وفي
الحديث: سبحان الله عَدَد كلِماتِه؛ كِلماتُ الله أي كلامُه، وهو صِفتُه
وصِفاتُه لا تنحصر بالعَدَد، فذِكر العدد ههنا مجاز بمعنى المبالغة في
الكثرة، وقيل: يحتمل أَن يريد عدد الأَذْكار أَو عدد الأُجُور على ذلك،
ونَصْبُ عدد على المصدر؛ وفي حديث النساء: اسْتَحْلَلْتم فُرُوجَهن بكلمة
الله؛ قيل: هي قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحْسان، وقيل: هي
إباحةُ الله الزواج وإذنه فيه. ابن سيده: الكلام القَوْل، معروف، وقيل:
الكلام ما كان مُكْتَفِياً بنفسه وهو الجملة، والقول ما لم يكن مكتفياً بنفسه،
وهو الجُزْء من الجملة؛ قال سيبويه: اعلم أَنّ قُلْت إنما وقعت في
الكلام على أَن يُحكى بها ما كان كلاماً لا قولاً، ومِن أَدلّ الدليل على
الفرق بين الكلام والقول إجماعُ الناس على أَن يقولوا القُرآن كلام الله ولا
يقولوا القرآن قول الله، وذلك أَنّ هذا موضع ضيِّق متحجر لا يمكن تحريفه
ولا يسوغ تبديل شيء من حروفه، فَعُبِّر لذلك عنه بالكلام الذي لا يكون
إلا أَصواتاً تامة مفيدة؛ قال أَبو الحسن: ثم إنهم قد يتوسعون فيضعون كل
واحد منهما موضع الآخر؛ ومما يدل على أَن الكلام هو الجمل المتركبة في
الحقيقة قول كثيِّر:
لَوْ يَسْمَعُونَ كما سمِعتُ كلامَها،
خَرُّوا لِعَزَّةَ رُكَّعاً وسُجُودا
فمعلوم أَن الكلمة الواحدة لا تُشجِي ولا تُحْزِنُ ولا تَتملَّك قلب
السامع، وإنما ذلك فيما طال من الكلام وأَمْتَع سامِعِيه لعُذوبة
مُسْتَمَعِه ورِقَّة حواشيه، وقد قال سيبويه: هذا باب أَقل ما يكون عليه الكلم،
فدكر هناك حرف العطف وفاءه ولام الابتداء وهمزة الاستفهام وغير ذلك مما هو
على حرف واحد، وسمى كل واحدة من ذلك كلمة. الجوهري: الكلام اسم جنس يقع
على القليل والكثير، والكَلِمُ لا يكون أقل من ثلاث كلمات لأَنه جمع كلمة
مثل نَبِقة ونَبِق، ولهذا قال سيبويه: هذا باب علم ما الكلِمُ من العربية،
ولم يقل ما الكلام لأنه أَراد نفس ثلاثة أَشياء: الاسم والفِعْل
والحَرف، فجاء بما لا يكون إلا جمعاً وترك ما يمكن أن يقع على الواحد والجماعة،
وتميم تقول: هي كِلْمة، بكسر الكاف، وحكى الفراء فيها ثلاث لُغات: كَلِمة
وكِلْمة وكَلْمة، مثل كَبِدٍ وكِبْدٍ وكَبْدٍ، ووَرِقٍ ووِرْقٍ ووَرْقٍ،
وقد يستعمل الكلام في غير الإنسان؛ قال:
فَصَبَّحَتْ، والطَّيْرُ لَمْ تَكَلَّمِ،
جابِيةً حُفَّتْ بِسَيْلٍ مُفْعَمِ
(* قوله «مفعم» ضبط في الأصل والمحكم هنا بصيغة اسم المفعول وبه أيضاً
ضبط في مادة فعم من الصحاح).
وكأَنّ الكلام في هذا الاتساع إنما هو محمول على القول، أَلا ترى إلى
قلة الكلام هنا وكثرة القول؟ والكِلْمَة: لغةٌ تَميمِيَّةٌ، والكَلِمة:
اللفظة، حجازيةٌ، وجمعها كَلِمٌ، تذكر وتؤنث. يقال: هو الكَلِمُ وهي
الكَلِمُ. التهذيب: والجمع في لغة تميم الكِلَمُ؛ قال رؤبة:
لا يَسْمَعُ الرَّكْبُ به رَجْعَ الكِلَمْ
وقالل سيبويه: هذا باب الوقف في أَواخر الكلم المتحركة في الوصل، يجوز
أن تكون المتحركة من نعت الكَلِم فتكون الكلم حينئذ مؤنثة، ويجوز أن تكون
من نعت الأَواخر، فإذا كان ذلك فليس في كلام سيبويه هنا دليل على تأْنيث
الكلم بل يحتمل الأَمرين جميعاً؛ فأَما قول مزاحم العُقَيليّ:
لَظَلّ رَهِيناً خاشِعَ الطَّرْفِ حَطَّه
تَحَلُّبُ جَدْوَى والكَلام الطَّرائِف
فوصفه بالجمع، فإنما ذلك وصف على المعنى كما حكى أَبو الحسن عنهم من
قولهم: ذهب به الدِّينار الحُمْرُ والدِّرْهَمُ البِيضُ؛ وكما قال:
تَراها الضَّبْع أَعْظَمهُنَّ رَأْسا
فأَعادَ الضمير على معنى الجنسية لا على لفظ الواحد، لما كانت الضبع هنا
جنساً، وهي الكِلْمة، تميمية وجمعها كِلْم، ولم يقولوا كِلَماً على
اطراد فِعَلٍ في جمع فِعْلة. وأما ابن جني فقال: بنو تميم يقولون كِلْمَة
وكِلَم كَكِسْرَة وكِسَر. وقوله تعالى: وإذ ابْتَلى إبراهيمَ رَبُّه
بكَلِمات؛ قال ثعلب: هي الخِصال العشر التي في البدن والرأْس. وقوله تعالى:
فتَلَقَّى آدمُ من ربه كَلِماتٍ؛ قال أَبو إسحق: الكَلِمات، والله أَعلم،
اعْتِراف آدم وحواء بالذَّنب لأَنهما قالا رَبَّنا ظَلَمنا أَنْفُسَنا. قال
أَبو منصور: والكلمة تقع على الحرف الواحد من حروف الهجاء، وتقع على لفظة
مؤلفة من جماعة حروفٍ ذَاتِ مَعْنىً، وتقع على قصيدة بكمالها وخطبة
بأَسْرها. يقال: قال الشاعر في كَلِمته أَي في قصيدته. قال الجوهري: الكلمة
القصيدة بطُولها.
وتَكلَّم الرجل تَكلُّماً وتِكِلاَّماً وكَلَّمه كِلاَّماً، جاؤوا به
على مُوازَنَة الأَفْعال، وكالمَه: ناطَقَه. وكَلِيمُك: الذي يُكالِمُك.
وفي التهذيب: الذي تُكَلِّمه ويُكَلِّمُك يقال: كلَّمْتُه تَكلِيماً
وكِلاَّماً مثل كَذَّبْته تَكْذيباً وكِذَّاباً. وتَكلَّمْت كَلِمة وبكَلِمة.
وما أَجد مُتكَلَّماً، بفتح اللام، أي موضع كلام. وكالَمْته إذا حادثته،
وتَكالَمْنا بعد التَّهاجُر. ويقال: كانا مُتَصارِمَيْن فأَصبحا
يَتَكالَمانِ ولا تقل يَتَكَلَّمانِ. ابن سيده: تَكالَمَ المُتَقاطِعانِ كَلَّمَ
كل واحد منهما صاحِبَه، ولا يقال تَكَلَّما. وقال أَحمد بن يحيى في قوله
تعالى: وكَلَّم الله موسى تَكْلِيماً؛ لو جاءت كَلَّمَ الله مُوسَى مجردة
لاحتمل ما قلنا وما قالوا، يعني المعتزلة، فلما جاء تكليماً خرج الشك
الذي كان يدخل في الكلام، وخرج الاحتمال للشَّيْئين، والعرب تقول إذا وُكِّد
الكلامُ لم يجز أن يكون التوكيد لغواً، والتوكيدُ بالمصدر دخل لإخراج
الشك. وقوله تعالى: وجعلها كَلِمة باقِيةً في عَقِبه؛ قال الزجاج: عنى
بالكلمة هنا كلمة التوحيد، وهي لا إله إلا الله، جَعلَها باقِيةً في عَقِب
إبراهيم لا يزال من ولده من يوحِّد الله عز وجل. ورجل تِكْلامٌ وتِكْلامة
وتِكِلاَّمةٌ وكِلِّمانيٌّ: جَيِّدُ الكلام فَصِيح حَسن الكلامِ
مِنْطِيقٌٌ. وقال ثعلب: رجل كِلِّمانيٌّ كثير الكلام، فعبر عنه بالكثرة، قال:
والأُنثى كِلِّمانيَّةٌ، قال: ولا نظير لِكِلِّمانيٍّ ولا لِتِكِلاَّمةٍ. قال
أَبو الحسن: وله عندي نظير وهو قولهم رجل تِلِقَّاعةٌ كثير الكلام.
والكَلْمُ: الجُرْح، والجمع كُلُوم وكِلامٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
يَشْكُو، إذا شُدَّ له حِزامُه،
شَكْوَى سَلِيم ذَرِبَتْ كِلامُه
سمى موضع نَهْشة الحية من السليم كَلْماً، وإنما حقيقته الجُرْحُ، وقد
يكون السَّلِيم هنا الجَرِيحَ، فإذا كان كذلك فالكلم هنا أَصل لا مستعار.
وكَلَمَه يَكْلِمُه
(* قوله «وكلمه يكلمه» قال في المصباح: وكلمه يكلمه
من باب قتل ومن باب ضرب لغة ا هـ. وعلى الأخيرة اقتصر المجد. وقوله «وكلمة
كلماً جرحه» كذا في الأصل وأصل العبارة للمحكم وليس فيها كلماً) كَلْماً
وكَلَّمه كَلْماً: جرحه، وأَنا كالِمٌ ورجل مَكْلُوم وكَلِيم؛ قال:
عليها الشَّيخُ كالأَسَد الكَلِيمِ
والكَلِيمُ، فالجر على قولك عليها الشيخ كالأَسدِ الكليم إذا جُرِح
فَحَمِي أَنْفاً، والرفع على قولك عليها الشيخُ الكلِيمُ كالأَسد، والجمع
كَلْمى. وقوله تعالى: أَخرجنا لهم دابّة من الأَرض تُكَلِّمهم؛ قرئت:
تَكْلِمُهم وتُكَلِّمُهم، فتَكْلِمُهم: تجرحهم وتَسِمهُم، وتُكَلِّمُهم: من
الكلام، وقيل: تَكْلِمهم وتُكَلِّمهم سواء كما تقول تَجْرحهُم وتُجَرِّحهم،
قال الفراء: اجتمع القراء على تشديد تُكَلِّمهم وهو من الكلام، وقال أَبو
حاتم: قرأَ بعضهم تَكْلِمهُم وفسر تَجْرحهُم، والكِلام: الجراح، وكذلك
إن شدد تُكلِّمهم فذلك المعنى تُجَرِّحهم، وفسر فقيل: تَسِمهُم في وجوههم،
تَسِمُ المؤمن بنقطة بيضاء فيبيضُّ وجهه، وتَسِم الكافر بنقطة سوداء
فيسودّ وجهه. والتَّكْلِيمُ: التَّجْرِيح؛ قال عنترة:
إذ لا أَزال على رِحالةِ سابِحٍ
نَهْدٍ، تَعاوَرَه الكُماة، مُكَلَّمِ
وفي الحديث: ذهَب الأَوَّلون لم تَكْلِمهم الدنيا من حسناتهم شيئاً أي
لم تؤثِّر فيهم ولم تَقْدح في أَديانهم، وأَصل الكَلْم الجُرْح. وفي
الحديث: إنا نَقُوم على المَرْضى ونُداوي الكَلْمَى؛ جمع كَلِيم وهو الجَريح،
فعيل بمعنى مفعول، وقد تكرر ذكره اسماً وفعلاً مفرداً ومجموعاً. وفي
التهذيب في ترجمة مسح في قوله عز وجل: بِكَلِمةٍ منه اسمه المَسِيح؛ قال أَبو
منصور: سمى الله ابتداء أَمره كَلِمة لأَنه أَلْقَى إليها الكَلِمة ثم
كَوَّن الكلمة بشَراً، ومعنى الكَلِمة معنى الولد، والمعنى يُبَشِّرُك
بولد اسمه المسيح؛ وقال الجوهري: وعيسى، عليه السلام، كلمة الله لأَنه لما
انتُفع به في الدّين كما انتُفع بكلامه سمي به كما يقال فلان سَيْفُ الله
وأَسَدُ الله.
والكُلام: أَرض غَليظة صَليبة أو طين يابس، قال ابن دريد: ولا أَدري ما
صحته، والله أَعلم.
كرا: الكِرْوَةُ والكِراء: أَجر المستأْجَر، كاراه مُكاراةً وكراء
واكْتراه وأَكْراني دابّته وداره، والاسمُ الكِرْوُ بغير هاء؛ عن اللحياني،
وكذلك الكِرْوَةُ والكُرْوةُ، والكِراء ممدود لأَنه مصدر كارَيْت، والدليل
على أَنك تقول رجل مُكارٍ، ومُفاعِلٌ إنما هو من فاعَلْت، وهو من ذوات
الواو لأَنك تقول أَعطيت الكَرِيَّ كِرْوتَه، بالكسر؛ وقول جرير:
لَحِقْتُ وأَصْحابي على كُلِّ حُرَّةٍ
مَرُوحٍ، تُبارِي الأَحْمَسِيَّ المُكارِيا
ويروى: الأَحمشي، أَراد ظل الناقة شبهه بالمكاري؛ قال ابن بري: كذا فسر
الأَحمشي في الشعر بأَنه ظل الناقة. والمُكاري: الذي يَكْرُو بيده في
مشيه، ويروى الأَحْمَسِي منسوب إِلى أَحْمَس رجل من بَجيلة. والمُكاري على
هذا الحادِي، قال: والمُكارِي مخفف، والجمع المُكارون، سقطت الياء لاجتماع
الساكنين، تقول هؤلاء المُكارُون وذهبت إِلى المُكارِينَ، ولا تقل
المُكارِيِّين بالتشديد، وإِذا أَضفت المُكارِيَ إِلى نفسك قلت هذا مُكارِيَّ،
بياء مفتوحة مشددة، وكذلك الجمع تقول هؤلاء مُكاريَّ، سقطت نون الجمع
للإِضافة وقلبت الواو ياء وفَتَحْت ياءك وأَدغمتَ لأَن قبلها ساكناً،
وهذانِ مُكارِيايَ تفتح ياءك، وكذلك القول في قاضِيَّ وراميَّ ونحوهما.
والمُكارِي والكَرِيُّ: الذي يُكْرِيك دابته، والجمع أَكْرِياء، لا يكسر على
غير ذلك. وأَكْرَيْت الدار فهي مُكْراة والبيت مُكْرًّى، واكْتَرَيت
واسْتَكْرَيْت وتَكارَيْت بمعنى.
والكَرِيُّ، على فَعِيل: المُكارِي؛ وقال عُذافِر الكِندي:
ولا أَعودُ بعدها كَرِيّا،
أُمارِسُ الكَهْلةَ والصَّبيَّا
ويقال: أَكْرَى الكرِيُّ ظهره. والكرِيُّ أَيضاً: المُكْترِي. وفي حديث
ابن عباس، رضي الله عنهما: أَن امرأَة مُحرمة سأَلته فقالت أَشَرْت إِلى
أَرْنَبٍ فرماها الكَرِيُّ؛ الكَريُّ، بوزن الصَّبيّ: الذي يُكري دابته،
فَعِيل بمعنى مُفْعِل. يقال: أَكْرَى دابته فهو مُكْرٍ وكريٌ، وقد يقع
على المُكْترِي فَعِيل بمعنى مُفْعَل، والمراد الأَول. وفي حديث أَبي
السَّليل: الناسُ يزعمون أَنَّ الكَرِيَّ لا حج له. والكَرِيُّ: الذي أَكريته
بعيرك، ويكون الكَرِيّ الذي يُكْريك بعيره فأَنا كَرِيُّك وأَنت
كَرِيِّي؛ قال الراجز:
كَرِيُّه ما يُطْعِم الكَرِيّا،
بالليل، إِلا جِرْجِراً مَقْلِيّا
ابن السكيت: أَكْرَى الكَرِيُّ ظهره يُكْريه إِكْراء. ويقال: أَعطِ
الكَرِيَّ كِرْوَتَه؛ حكاها أَبو زيد. ابن السكيت: هو الكِراء ممدود لأَنه
مصدر كارَيْت، والدليل على ذلك أَنك تقول رجل مُكارٍ مُفاعِل، وهو من ذوات
الواو. ويقال: اكْتَرَيْتُ منه دابّة واسْتَكْرَيتها فأَكْرانِيها
إكْراء، ويقال للأُجرة نفسها كِراء أَيضاً.
وكَرا الأَرضَ كَرْواً: حفَرها وهو من ذوات الواو والياء. وفي حديث
فاطمة، رضي الله عنها: أَنها خرجت تُعَزِّي قوماً، فلما انصرفت قال لها:
لَعَلكِ بَلغْتِ معهم الكُرَى؟ قالت: معاذَ اللهِ هكذا جاء في رواية بالراء،
وهي القُبور جمع كُرْيةٍ أَو كُرْوةٍ، من كَرَيْتُ الأَرض وكَرَوْتُها
إِذا حفرتها كالحُفرة؛ ومنه الحديث: أَن الأَنصار سأَلوا رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، في نهر يَكْرُونه لهم سَيْحاً أَي يَحْفِرُونه ويُخْرِجون
طينه. وكَرا البئر كَرْواً: طواها بالشجر. وكَرَوْتُ البئر كَرْواً:
طويتها. أَبو زيد: كَرَوْتُ الرَّكِيَّة كَرْواً إِذا طويتها بالشجر
وعَرَشْتها بالخشب وطويتها بالحجارة، وقيل: المََكْرُوَّة من الآبار المطوية
بالعَرْفَج والثُّمام والسِّبَط.،
وكَرا الغلامُ يَكْروا كَرْواً إِذا لعب بالكُرة. وكَرَوْتُ بالكُرة
أَكْرُو بها إِذا ضربت بها ولَعِبت بها. ابن سيده: والكُرةُ معروفة، وهي ما
أَدَرْت من شيء. وكَرا الكُرَة كَرْواً: لعب بها؛ قال المسيب بن عَلَس:
مَرِحَت يَداها للنَّجاء، كأَنما
تَكْرُو بِكَفَّي لاعِبٍ في صاعِ
والصاعُ: المطمئن من الأَرض كالحُفْرة. ابن الأَعرابي: كَرَى النهر
يَكْريه إِذا نقص تِقْنَه، وقيل: كَرَيْت النهر كَرْياً إِذا حفرته.
والكُرةُ: التي يُلعَبُ بها، أَصلها كُرْوةٌ فحذفت الواو، كما قالوا قُلةٌ للتي
يُلعب بها، والأَصل قُلْوةٌ، وجمع الكُرةِ كُراتٌ وكُرُون. الجوهري:
الكُرةُ التي تُضرب بالصَّوْلَجان وأَصلها كُرَوٌ، والهاء عِوض، وتجمع على
كُرين وكِرينَ أَيضاً، بالكسر، وكُراتٍ؛ وقالت ليلى الأَخيلية تصف قَطاة
تدلَّت على فِراخِها:
تَدَلَّت على حُصٍّ ظِماءٍ كأَنها
كُراتُ غُلامٍ في كِساءٍ مُؤَرْنَبِ
ويروى: حُصِّ الرؤوس كأَنها؛ قال: وشاهد كُرين قول الآخر
(* هو عمرو بن
كلثوم) :
يُدَهْدِين الرُّؤوسَ كما يُدَهْدي
حَزاوِرةٌ، بأَيديها، الكُرينا
ويجمع أَيضاً على أُكَرٍ، وأَصله وُكَرٌ مقلوب اللام إِلى موضع الفاء،
ثم أُبدلت الواو همزة لانضمامها. وكَرَوْتُ الأَمر وكَرَيْته: أَعَدْتُه
مرة بعد أُخرى. وكَرَتِ الدابة كَرْواً: أَسرعت. والكَرْوُ: أَن يَخْبِط
بيده في استقامة لا يَفْتِلُها نحو بطنه، وهو من عيوب الخيل يكون خِلْقة،
وقد كَرَى الفرسُ كَرْواً وكَرَتِ المرأَةُ في مِشْيَتها تَكْرُو
كَرْواً. والكَرا: الفَحَجُ في الساقين والفخذين، وقيل: هو دِقَّة الساقين
والذِّراعين، امرأَة كَرْواءُ وقد كَرِيَت كَراً، وقيل: الكَرْواء المرأَة
الدقيقة الساقين. أَبو بكر: الكَرا دِقَّةُ الساقين، مقصور يكتب بالأَلف،
يقال: رجل أَكْرَى وامرأَة كَرْواءُ؛ وقال:
ليْسَتْ بكَرْواءَ، ولكِنْ خِدْلِمِ،
ولا بِزَلاءَ، ولكِنْ سُتْهُمِ
قال ابن بري: صوابه أَن ترفع قافيته؛ وبعدهما:
ولا بِكَحْلاء، ولكِن زُرْقُم
والكَرَوانُ، بالتحريك: طائر ويدعى الحجلَ والقَبْجَ، وجمعه كِرْوانٌ،
صحت الواو فيه لئلا يصير من مثال فَعَلان في حال اعتلال اللام إِلى مثال
فَعالٍ، والجمع كَراوينُ، كما قالوا وراشِينُ؛ وأَنشد بعض البغداديين في
صفة صقر لدلم العَبْشَمي وكنيته أَبو زغب:
عَنَّ له أَعْرَفُ ضافي العُثْنُونْ،
داهِيةً صِلَّ صَفاً دُرَخْمِينْ،
حَتْفَ الحُبارَياتِ والكَراوِينْ
والأُنثى كَرَوانةٌ،والذكر منها الكَرا، بالأَلف؛ قال مُدرك بن حِصْن
الأَسدي:
يا كَرَواناً صُكَّ فاكْبَأَنَّا،
فَشَنَّ بالسَّلْحِ، فلما شَنَّا،
بَلَّ الذُّنابى عَبَساً مُبِنَّا
قالوا: أَراد به الحُبارى يَصُكُّه البازي فيتَّقِيه بسَلْحِه، ويقال له
الكُرْ كِيُّ، ويقال له إِذا صيدَ: أَطْرِقْ كَرا أَطْرِقْ كَرا إِن
النَّعامَ في القُرى، والجمع كِرْوانٌ، بكسر الكاف، على غير قياس، كما إِذا
جمعت الوَرشانَ قلت وِرْشانٌ، وهو جمع بحذف الزوائد، كأَنهم جمعوا كَراً
مثل أَخٍ وإَخْوان. والكَرا: لغة في الكَرَوانِ؛ أَنشد الأَصمعي
للفرزدق:على حِينَ أَن رَكَّيْتُ وابْيَضَّ مِسْحَلي،
وأَطْرَقَ إِطْراقَ الكَرا مَن أُحارِبُه
(* قوله« على حين أن ركيت» كذا بالأصل، والذي في الديوان:
أحين التقى ناباي وابيض مسحلي)
ابن سيده: وفي المثل أَطْرِقْ كَرا إِنَّ النَّعامَ في القُرى؛ غيره:
يضرب مثلاً للرجل يُخْدَعُ بكلام يُــلَطَّف له ويُراد به الغائلة، وقيل:
يضرب مثلاً للرجل يُتَكَلَّم عنده بكلام فَيَظن أَنه هو المراد بالكلام، أَي
اسكت فإِني أُريد من هو أَنْبَلُ منك وأَرفع منزلة؛ وقال أَحمد بن عبيد:
يضرب للرجل الحقير إِذا تكلم في الموضع الذي لا يُشبهه وأَمثالَه
الكلامُ فيه، فيقال له اسكت يا حقير فإِنَّ الأَجِلاَّءِ أَولى بهذا الكلام
منك. والكَرا: هو الكَرَوانُ طائر صغير، فخُوطب الكَروانُ والمعنى لغيره،
ويُشبَّه الكَروانُ بالذَّلِيل، والنعامُ بالأَعزة، ومعنى أَطْرِقْ أَي
غُضَّ ما دام عزيز فإياك أَن تَنطِق أَيها الذليل، وقيل: معنى أَطرق كرا أَن
الكروان ذليل في الطير والنعام عزيز، يقال: اسكن عندَ الأَعزة ولا
تستشرف للذي لست له بند، وقد جعله محمد بن يزيد ترخيم كروان فغلط، قال ابن
سيده: ولم يعرف سيبويه في جمع الكَروانِ إِلا كِرْواناً فوجهه على أَنهم
جمعوا كراً، قال: وقالوا كَرَوانٌ وللجمع كِرْوانٌ، بكسر الكاف، فإِنما
يُكسَّر على كَراً كما قالوا إَخْوان. قال ابن جني: قولهم كَرَوانٌ
وكِرْوانٌ لما كان الجمع مضارعاً للفعل بالفرعية فيهما جاءت فيه أَيضاً أَلفاظ
على حذف الزيادة التي كانت في الواحد، فقالوا كَرَوانٌ وكِرْوان، فجاءَ هذا
على حذف زائدتيه حتى صار إِلى فَعَل، فجَرى مجرى خَرَب وخِرْبان وبَرَقٍ
وبِرْقانٍ، فجاء هذا على حذف الزيادة كما قالوا عَمْرَك اللهَ. قال أَبو
الهيثم: سمي الكَروانُ كَرواناً بضدّه لأَنه لا يَنام بالليل، وقيل:
الكَرَوان طائر يشبه البط. وقال ابن هانئ في قولهم أَطْرِق كرا، قال:
رُخِّم الكروان، وهو نكرة، كما قال بعضهم يا قُنْفُ، يريد يا قُنْفُذ، قال:
وإِنما يرخم في الدعاء المَعارف نحو ما لك وعامر ولا ترخم النكرة نحو غلام،
فرُخم كَرَوانٌ وهو نكرة، وجعل الواو أَلفاً فجاء نادراً. وقال الرسمي:
الكَرا هو الكَرَوان، حرف مقصور، وقال غيره: الكَرَا ترخيم الكَرَوان،
قال: والصواب الأَوّل لأَن الترخيم لا يستعمل إِلا في النداء، والأَلف التي
في الكَرا هي الواو التي في الكَروان، جعلت أَلفاً عند سقوط الأَلف
والنون، ويكتب الكرا بالأَلف بهذا المعنى، وقيل: الكروان طائر طويل الرجلين
أَغبر دون الدجاجة في الخَلق، وله صوت حسن يكون بمصر مع الطيور الداجنة في
البيوت، وهي من طيور الرِّيف والقُرَى، لا يكون في البادية.
والكَرَى: النوم. والكَرَى: النعاس، يكتب بالياء، والجمع أَكْراء؛ قال:
هاتَكْتُه حتى انْجَلَتْ أَكْراؤُه
كَرِيَ الرجل، بالكسر، يَكْرَى كَرًى إِذا نام، فهو كَرٍ وكَرِيٌّ
وكَرْيان. وفي الحديث: أَنه أَدْرَكه الكَرَى أَي النوم، ورجل كَرٍ وكَرِيٌّ؛
وقال:
مَتى تَبِتْ بِبَطْنِ وادٍ أَو تَقِلْ،
تَتْرُكْ به مِثْلَ الكَرِيّ المُنْجَدِلْ
أَي متَى تَبِت هذه الإِبل في مكان أَو تَقِل به نهاراً تَتْركْ به
زِقّاً مملوءاً لبناً، يصف إِبلاً بكثرة الحلب أَي تَحْلُب وَطْباً من لبن
كأَن ذلك الوطب رجل نائم. وامرأَة كَرِيَةٌ على فَعِلة؛ وقال:
لا تُسْتَمَلُّ ولا يَكْرَى مُجالِسُها،
ولا يَمَلُّ من النَّجْوى مُناجِيها
وأَصبح فلان كَرْيانَ الغداةِ أَي ناعِساً. ابن الأَعرابي: أَكْرَى
الرجُل سَهِر في طاعةِ الله عز وجل. وكَرَى النهرَ كَرْياً: استحدث حَفْرة.
وكَرَى الرجلُ كَرْياً: عَدا عدواً شديداً، قال ابن دريد: وليس باللغة
العالية. وقد أَكْرَيْت أَي أَخَّرت. وأَكْرَى الشيءَ والرحْلَ والعَشاء:
أَخَّره، والاسم الكَراء؛ قال الحطيئة:
وأَكْرَيْت العَشاء إِلى سُهَيْلٍ
أَو الشِّعْرَى، فطالَ بي الأَناءُ
قيل: هو يَطْلُع سَحَراً وما أُكل بعده فليس بعَشاء، يقول: انتظرت
معروفك حتى أَيِسْت. وقال فقيه العرب: من سَرَّه النِّساء ولا نَساء،
فَلْيُبَكِّر العَشاء، وليُباكِر الغَداء، وليُخَفِّف الرِّداء، وليُقِلَّ
غِشْيانَ النساء. وأَكْرَيْنا الحديث الليلة أَي أَطَلْناه. وفي حديث ابن
مسعود: كنا عند النبي، صلى الله عليه وسلم، ذات ليلة فأَكْرَيْنا في الحديث
أَي أَطَلْناه وأَخَّرناه. وأَكْرَى من الأَضداد، يقال: أَكْرَى الشيءُ
يُكْرِي إِذا طالَ وقَصُرَ وزادَ ونَقَص؛ قال ابن أَحمر:
وتَواهَقَتْ أَخْفافُها طَبَقاً،
والظِّلُّ لم يَفْضُلْ ولم يُكْرِي
أَي ولم ينقص، وذلك عند انتصاف النهار. وأَكْرى الرجل: قلَّ ماله أَو
نَفِد زادُه. وقد أَكرى زادُه أَي نقص؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للبيد:
كذِي زادٍ مَتى ما يُكْرِ مِنْه،
فليس وراءه ثِقَةٌ بزادِ
وقال آخر يصف قِدْراً:
يُقَسِّمُ ما فيها، فإَنْ هِيَ قَسَّمَتْ
فَذاكَ، وإِنْ أَكْرَتْ فعن أَهلها تُكْرِي
قَسَّمَتْ: عَمَّت في القَسْم، أَراد وإِن نقَصت فعن أَهلها تَنْقُص،
يعني القِدْر. أَبو عبيد: المُكَرِّي السَّيرُ
(* قوله« المكرّي السير إلخ»
هذه عبارة التهذيب، وعبارة الجوهري: والمكرّي من الابل اللين السير
والبطيء.)
اللَّيِّن البَطِيء ، والمُكَرِّي من الإِبل التي تَعْدُو، وقيل: هو
السير البطيء؛ قال القطامي:
وكلُّ ذلك منها كُلَّما رَفَعَتْ،
مِنْها المُكَرِّي، ومِنها اللَّيِّن السَّادِي أَي رفَعَتْ في سيرها؛
قال ابن بري وقال الراجز:
لمَّا رأَتْ شَيْخاً له دَوْدَرَّى،
ظَلَّتْ على فِراشِها تَكَرَّى
(* قوله« لما رأت إلخ» لم يقدّم المؤلف المستشهد عليه، وفي القاموس:
تكرّى نام، فتكرّى في البيت تتكرّى.)
دَوْدَرَّى: طَويل الخُصيتين. وقال الأَصمعي: هذه دابة تُكَرِّي
تَكْرِيةً إِذا كان كأَنه يتلقف بيده إِذا مشى. وكَرَت الناقةُ برجليها:
قلَبتهما في العَدْوِ، وكذلك كَرَى الرجلُ بقدميه، وهذه الكلمات يائية لأَن
ياءها لام وانقلاب الأَلف ياء عن اللام أَكثر من انقلابها عن الواو.
والكَرِيُّ: نبت. والكَرِيّةُ، على فعِيلة: شجرة تنبت في الرمل في
الخَصب بنجد ظاهرة، تنبت على نِبْتة الجَعْدة. وقال أَبو حنيفة: الكَرِيُّ،
بغير هاء، عُشبة من المَرْعى، قال: لم أَجد من يصفها، قال: وقد ذكرها
العجاج في وصف ثور وحش فقال:
حتى عَدا، واقْتادَه الكَرِيُّ
وشَرْشَرٌ وقَسْوَرٌ نَضْرِيُّ
(* قوله« نضري» هو الصواب وتصحف في شرشر بنصري.)
وهذه نُبوت غَضَّة، وقوله: اقتادَه أَي دَعاه، كما قال ذو الرمة:
يَدْعُو أَنْفَه الرِّبَبُ
(* قوله« يدعو» أَوّله كما في شرح القاموس في مادة ربب:
أمسى بوهبين مجتازاً لمرتعه بذي الفوارس يدعو أنفه الربب)
والكَرَوْيا: من البرز، وزنها فَعَوْلَلٌ، أَلفها منقلبة عن ياء ولا
تكون فَعَولَى ولا فَعَلْيا لأَنهما بِناءَان لم يثبُتا في الكلام، إِلا
أَنه قد يجوز أَن تكون فَعَوْلٌ في قول من ثبت عنده قَهَوْباة. وحكى أَبو
حنيفة: كَرَوْياء، بالمد، وقال مرة: لا أَدر أَيمد الكَرَوْيا أَم لا، فإَن
مدّ فهي أُنثى، قال: وليست الكَرَوْياء بعربية، قال ابن بري: الكرَوْيا
من هذا الفصل، قال: وذكره الجوهري في فصل قردم مقصوراً على وزن زكريا،
قال: ورأَيتها أَيضاً الكَرْوِياء، بسكون الراء وتخفيف الياء ممدودة، قال:
ورأَيتها في النسخة المقروءة على ابن الجواليقي الكَرَوْياء، بسكون الواو
وتخفيف الياء ممدودة، قال: وكذا رأَيتها، في كتاب ليس لابن خالويه،
كَرَوْيا، كما رأَيتها في التكملة لابن الجواليقي، وكان يجب على هذا أَن
تنقلب الواو ياء لاجتماع الواو والياء وكون الأَول منهما ساكناً إِلا أَن
يكون مما شذ نحو ضَيْوَن وحَيْوةٍ وحَيْوان وعَوْية فتكون هذه لفظة خامسة.
وكَراء: ثنية بالطائف ممدودة. قال الجوهري: وكَراء موضع؛ وقال:
مَنَعْناكمْ كَراء وجانِبَيْهِ،
كما مَنَعَ العَرينُ وَحَى اللُّهامِ
وأَنشد ابن بري:
كأَغْلَبَ، من أُسُود كَراءَ، ورْدٍ
يَرُدُّ خَشَايَةَ الرجلِ الظَّلُومِ
قال ابن بري: والكَرا ثنية بالطائف مقصورة.
خشش: خَشَّه يَخُشُّه خَشًّا: طعنه. وخَشَّ في الشيء يخُشُّ خَشًّا
وانْخَشَّ وخَشْخَشَ: دخل. وخَشَّ الرجل: مضى ونفذ.
ورجل مِخَشٌّ: ماض جريء على هَوَى الليل، ومِخْشفٌ، واشتقه ابنُ دريد من
قولك: خَشَّ في الشيء دخل فيه، وخَشَّ: اسم رجل، مشتق منه الأَصمعي:
خَشَشْتُ في الشيء دخلت فيه؛ قال زهير:
فخَشَّ بها خِلالَ الفَدْفَدِ
أَي دخل بها. وانْخَشَّ الرجل في القوم انْخِشاشاً إِذا دخل فيهم. وفي
حديث عبد اللَّه بن أُنيس: فخرد رجل يمشي حتى خشَّ فيهم أَي دخل؛ ومنه
يقال لما يُدخَلُ في أَنف البعير خِشَاشٌ لأَنه يُخَشُّ فيه أَي يدخل؛ وقال
ابن مقبل:
وخَشْخَشْت بالعِيسِ في قَفْرةٍ،
مَقِيلِ ظِباء الصَّرِيمِ الحُرُنْ
أَي دخلت. والخِشَاشُ، بالكسر
(* قوله «والخشاش بالكسر إلخ» هو مثلث كما
في القاموس.): الرجل الخفيف. وفي حديث عائشة ووصَفَتْ أَباها، رضي اللَّه
عنهما، فقالت: خِشَاشُ المَرْآة والمَخْبَر؛ تريد أَنه لطيف الجسم
والمعنى. يقال: رجل خَسَاشٌ وخَشَاشٌ إِذا كان حادَّ الرأْس لطيفاً ماضياً
لطيف المدخل. ورجل خَشَاشٌ، بالفتح: وهو الماضي من الرجال. ابن سيده: ورجل
خِشاشٌ وخَشاشٌ لطيف الرأْس ضَرْبُ الجسم خفيف وقَّادٌ؛ قال طرفة:
أَنا الرجلُ الضَّرْبُ الذي تَعْرِفُونه،
خَِشَاشٌ كرأْسِ الحيَّةِ المُتَوَقِّدِ
وقد يضم. ابن الأَعرابي: الخِشَاشُ والخَشَاشُ الخفيف الروح الذكيُّ.
والخِشَاشُ: الثعبان
(* قوله «والخشاش الثعبان» هو مثلث كبقية الحشرات.)
العظيم المنكَر، وقيل: هي حية مثل الأَرقم أَصْغَرُ منه، وقيل: هي من الحيات
الخفيفة الصغيرة الرأْس، وقيل: الحية، ولم يقيد، وهي بالكسر.
الفَقْعَسيّ: الخِشَاشُ حية الجبل لا تُطْني، قال: والأَفعى حية السهل؛
وأَنشد:قد سالَمَ الأَفعى مع الخِشاشِ
وقال ابن شميل: الخِشَاشُ حية صغيرة سمراء أَصغر من الأَرقم. وقال أَبو
خيرة: الخِشَاشُ حية بيضاء قلما تؤذي، وهي بين الحُفَّاثِ والأَرقم،
والجمع الخِشَّاءُ. ويقال للحية خَشْخاشٌ أَيضاً؛ ومنه قوله:
أَسْمر مثل الحيةِ الخَشْخَاشِ
والخِشْاشُ: الشِّرارُ من كل شيء، وخص بعضهم به شِرارَ الطير وما لا
يصيد منها، وقيل: هي من الطير ومن جميع دواب الأَرض ما لا دِماغَ له
كالنعامة والحبارى والكَرْوانِ ومُلاعِبِ ظِلِّه. قال الأَصمعي: الخَشَاشُ
شِرارُ الطير، هذا وحده بالفتح. قال: وقال ابن الأَعرابي الرجل الخفيف خَشَاشٌ
أَيضاً، رواه شمر عنه قال: وإِنما سمي به خَشاشُ الرأْسِ من العظام وهو
ما رقَّ منه. وكلُّ شيء رقَّ ولطُفَ، فهو خَشاشٌ. وقال الليث: رجل
خَشَاشُ الرأْسِ، فإِذا لم تذكر الرأْس فقل: رجل خِشَاشٌ، بالكسر. والخِشَاشُ،
بالكسر: الحشراتُ، وقد يفتح. وفي الحديث: أَن امرأَة ربطت هرّة فلم
تُطْعِمْها ولم تَدَعْها تأْكلُ من خَشَاش الأَرض: قال أَبو عبيد: يعني من
هوامِّ الأَرض وحشراتها ودوابِّها وما أَشبهها، وفي رواية: من خَشِيشِها،
وهو بمعناه، ويروى بالحاء المهملة، وهو يابس النبات وهو وهَم، وقيل: إِنما
هو خُشَيْشٌ، بضم الخاء المعجمة، تصغير خَشَاشٍ على الحذف أَو خُشَيِّشٌ
من غير حذف. والخِشاشُ من دواب الأَرض والطير: ما لا دماغ له، قال:
والحية لا دماغ لها والنعامة لا دماغ لها والكَرْوانُ لا دماغ له، قال:
كَروانٌ خِشَاشٌ وحبارى خَشاشٌ سواء. َبو مسلم: الخَشاشُ والخِشاشُ من الدواب
الصغيرُ الرأْس اللطيف، قال: والحِدَأُ ومُلاعِبُ ظِلِّه خِشاشٌ. وفي حديث
العُصفورِ: لم يَنْتَفعْ بي ولم يَدَعْني أَخْتشُّ من الأَرض أَي آكُلُ
من خَشاشِها. وفي حديث ابن الزبير ومعاوية: هو أَقلُّ في أَعْيُنِنا
(*
قوله «في أَعيننا» في النهاية في أَنفسنا.) من خَشاشةٍ. ابن سيده: قال ابن
الأَعرابي هو الخِشاشُ، بالكسر، فخالف جماعةَ اللُّغوِيِّين، وقيل: إِنما
سمي به لانْخِشاشِه في الأَرض واسْتِتارِه بها، قال: وليس بقَوِيّ.
والخِشاشُ والخِشاشةٌ: العودُ الذي يجعل في أَنف البعير؛ قال:
يَتُوقُ إِلى النَّجاءِ بفضْلِ غَرْبٍ،
وتَقْدَعُه الخِشاشةُ والفِقارُ
وجمعه أَخِشَّةٌ. والخَشُّ: جعْلُك الخِشاشَ في أَنف البعير. وقال
اللحياني: الخِشاشُ ما وضع في عظْم الأَنف، وأَما ما وضع في اللحم فهي
البُرَةُ، خَشَّه يَخُشُّه خشًّا وأَخَشّه؛ عن اللحياني. الأَصمعي: الخِشاشُ ما
كان في العَظم إِذا كان عُوداً، والعِرانُ ما كان في اللحم فوق الأَنف.
وخَشَشْت البعيرَ، فهو مَخْشوش. وفي حديث جابر: فانقادت معه الشجرةُ
كالبعير المَخْشُوش؛ هو الذي يُجعل في أَنفه الخِشاشُ. والخِشاش مشتق من خَشَّ
في الشيء إِذا دَخل فيه لأَنه يُدْخَل في أَنف البعير؛ ومنه الحديث:
خُشُّوا بين كلامكم لا إِله إِلا اللَّه أَي أَدْخِلوا. وخَشَشْت البعير
أَخُشُّه خَشّاً إِذا جعلت في أَنفه الخِشاشَ. الجوهري. الخِشاشُ، بالكسر،
الذي يُدخل في عظم أَنف البعير وهو من خَشب، والبُرةُ من صُفْرٍ،
والخِزامةُ من شَعر. وفي حديث الحُديبية: أَنه أَهْدى في عُمرتِها جملاً كان
لأَبي جهل في أَنفه خِشاشٌ من ذهب، قال: الخِشاشُ عُوَيدٌ يجعل في أَنف
البعير يُشدّ به الزِّمامُ ليكون أَسرعَ لانقياده.
والخُشّاءُ والخُشُشاءُ: العظْمُ الدَّقيق العاري من الشعر الناتئُ خلف
الأُذن؛ قال العجاج:
في خُشَشاوَيْ حُرَّةِ التَحْريرِ
وهما خُشَشاوانِ. ونظيرُها من الكلام القُوْباءُ وأَصلُه القُوَباءُ،
بالتحريك، فسكَنت استثقالاً للحركة على الواو ولأَنّ فُعْلاءَ، بالتسكين،
ليس من أَبْنِيَتِهم، قال: وهو وزنٌ قليلٌ في العربية. وفي حديث عمر، رضي
اللَّه عنه، أَن قَبيصةَ بن جابر قال لعُمر: إِني رَمَيْتُ ظَبْياً وأَنا
مُحْرِمٌ فأَصَبْتُ خُشَشاءَه فأَسِن فمات؛ قال أَبو عبيد: الخُشَشاءُ
هو العظْمُ الناشِزُ خلف الأُذن وهمْزتُه منقلبة عن أَلف التأَنيث. الليث:
الخُشَشاوان عظْمان ناتئان خلف الأُذنين، وأَصل الخُشَشاء
(* قوله «وأَصل
الخششاء إلخ» كذا بالأصل ولعل فيه سقطاً وحق العبارة وأصل الخشاء
الخششاء.) على فُعَلاءَ. والخَشَّاءُ، بالفتح: الأَرض التي فيها رمل، وقيل:
طين. والخَشَّاءُ أَيضاً: أَرض فيها طين وحصًى؛ وقال ثعلب: هي الأَرض
الخَشِنةُ الصلبة، وجمع ذلك كلّه خَشَّاواتٌ وخَشاشِيّ. ويقال: أَنْبَطَ في
خَشَّاءَ.
وقيل: الخَشُّ أَرض غليظة فيها طين وحَصْباءُ. والخَشُّ: القليلُ من
المطر؛ قال الشاعر:
يسائلني بالمُنْحَنى عن بِلادِه،
فقلت: أَصابَ الناس خَشٌّ من القَطْرِ
والخَشْخَشَةُ: صَوتُ السلاح واليَنْبُوتِ، وفي لغة ضعيفة شَخْشَخَةٌ.
وكلُّ شيء يابسٍ يحُكُّ بعضه بعضاً: خَشْخاشٌ. وفي الحديث أَنه قال لبلال:
ما دخلتُ الجنة إِلا وسمِعتُ خَشْخَشَةً، فقلتُ: من هذا؟ فقالوا: بلالٌ؛
الخَشْخَشَةُ: حركة لها صوت كصوت السلاح. ويقال للرجَّالة: الخَشُّ
والحَشُّ والصف والبت
(* قوله «والحش والبت» كذا بالأصل وفي الشارح بدل الثاني
بث بالمثلثة.)، قال: وواحد الخَشّ خاشٌّ. ابن الأَعرابي: الخِشاشُ
الغضب. يقال: قد حرّك خِشاشَه إِذا أَغضبه والخُشاشُ: الشجاع، بضم
الخاء.قال: والخُشَيشُ الغزال الصغير. والخُشَيشُ: تصغير خُشٍّ وهو التلُّ.
والخِشاشُ: الجوالقُ؛ وأَنشد:
بينَ خِشاشٍ بازِلٍ جِوَرِّ
ورواه أَبو مالك: بين خِشاشَيْ بازلٍ. قال: وخشاشاً كل شيء جَنْباه؛
وقال شمر في قول جرير:
من كلّ شَوْشاءَِ لمَّا خُشَّ ناظرُها،
أَدْنَتْ مُذَمِّرَها من واسط الكُورِ
قال: والخِشاشُ يقع على عِرْق الناظر، وعِرْقا الناظطرَينِ يكْتَنِفان
الأَنف، فإِذا خُشَّتْ لانَ رأَسها، فإِذا جُذِبت أَلْقت مُذَمِّرُها على
الرحل من شدة الخِشاشِ عليها. والمُذَمَّرُ: العِلْباوان في العُنق
يُشْرِفان على الأَخدَعَين. وقوله في الحديث: عليه خُشاشانِ أَي بُرْدنان؛ قال
ابن الأَثير: إِن كانت الروايةُ بالتخفيف فيريد خفَّتهما ولُطْفَــهُما،
وإِن كانت بالتشديد فيريد به حركَتهما كأَنهما كانتا مصقُولتين كالثياب
الجدُد المصقولة.
والخَشْخاشُ: الجماعةُ الكثيرة من الناس، وفي المحْكم: الجماعة؛ قال
الكميت:
في حَوْمةِ الفَيْلَقِ الجَأْواءِ، إِذْ ركِبَتْ
قَيْسٌ، وهَيْضَلُها الخَشْخاشُ إِذ نَزَلُوا
وفي الصحاح: الخَشْخاشُ الجماعةُ عليهم سلاح ودروع، وقد خَشْخَشْتُه
فَتَخَشْخَش؛ قال علقمة:
تَخَشْخَشَ أَبْدانُ الحَديدِ عليهمُ،
كما خَشْخَشَتْ يبسَ الحصادِ جَنُوبُ
ابن الأَعرابي: يقال لصوت الثوب الجديد إِذا حرّك الخَشْخَشَةُ
والنَّشْنَشَةُ.
والخَشُّ: الشيء الأَسود. والخَشُّ: الشيء الأَخْشن.
والخَشْخاشُ: نبتٌ ثمرتُه حمراءُ، وهو ضربان: أَسود وأَبيض، واحدته
خَشْخاشةٌ. والخَشَّاءُ: موضع النَّحْل والدَّبْر؛ قال ذو الأُصْبَع
العَدْوانيُّ يصف نَبْلاً:
قَوّمَ أَفْواقَها، وتَرَّصَها
أَنْبَلُ عَدْوان كلِّها صَنَعا
إِمَّا تَرى نَبْلَه فَخَشْرمُ خَشْـ
ْشاءَ، إِذا مُسَّ دَبْرُه لكَعا
تَرَّصَها: أَحكمها. وأَنبلُ عدوان: أَحذقُهم بعمل النبلِ؛ قال ابن بري:
والذي في شعره مكان إِما ترى:
فنَبْلُه صِيغَةٌ كخَشْرَمِ خشـ
ـشاءَ، إِذا مُشَّ دَبْرُه لكَعا
لأَن إِما ليس له جواب في هذا البيت ولا فيما بعده؛ قال: وإِنما ذكر
الشاعر إِما في بيت يلي هذا وهو:
إِمَّا تَرى قَوسَه فنابِيَةُ الـ
أَرْزِ هَتُوفٌ، بِحالها ضَلَعا
وقوله فنابية، الفاء جواب إِما، ونابية خبر مبتدأ أَي هي ما نبا من
الأَرْزِ وارتفع. وهتوفُ: ذات صوت. وقوله لكَعا بمعنى لسع.
وخُشْ: الطيبُ، بالفارسية، عرَّبَتْه العرب. وقالوا في المرأَة خَشَّة
كأَنَّ هذا اسم لها؛ قال ابن سيده: أَنشدني بعض من لقيته لمطيع بن إِياس
يهجو حماداً الراوية:
نَحِّ السَوْءةَ السَّوْآ
ءَ يا حَمَّادُ، عن خُشّه
(* قوله «عن خشه» هكذا ضبط في الأصل بضم الخاء في البيت وبالفتح فيما
قبله.)
عن التُّفَّاحةِ الصَّفْرا
ءِ، والأُتْرُجّةِ الهَشّة
وخُشَاخِشٌ
(* قوله «وخشاخش» قال متن القاموس بالضم ونقل شارحه عن
الصاغاني الفتح.): رمل بالدَّهْناءِ؛ قال جرير:
أَوْقَدْتَ نارَك واسْتَضَأْتَ بحزنَةٍ،
ومن الشُّهودِ خُشَاخِشٌ والأَجْرَعُ