النَّار (تقد) وقدا ووقودا وقدة ووقدانا اشتعلت وَالشَّيْء تــلألأ وَيُقَال وقدت بك زنادي أَي نجح أَمْرِي بك وَهُوَ دُعَاء
النَّار (تقد) وقدا ووقودا وقدة ووقدانا اشتعلت وَالشَّيْء تــلألأ وَيُقَال وقدت بك زنادي أَي نجح أَمْرِي بك وَهُوَ دُعَاء
رمع: التَّرَمُّع: التحرُّك. رَمَعَ الرجلُ يَرْمَعُ رَمْعاً ورَمَعاناً
وتَرَمَّع: تحرّك، وقيل: رَمَع بِرأْسِه إِذا سُئل فقال: لا؛ حكي ذلك عن
أَبي الجراح. ويقال: هو يَرْمَع بيديه أَي يقول: لا تجئ، ويُومئ بيديه
أَي يقول تعالى. ورَمَعَ لشيءُ رَمَعاناً: اضْطَرَبَ.
والرَّمَّاعةُ، بالتشديد: ما تحرّك من رأْس الصبيّ الرضيع من يافُوخه من
رِقَّته، سميت بذلك لاضْطِرابها، فإِذا اشتدت وسكِن اضْطِرابُها فهي
اليافُوخُ. والرَّمَّاعة: الاسْتُ لأَنها تَرَمَّع أَي تَحَرّكُ فتجِيء
وتذهَب مثل الرّمَّاعة من يافوخ الصبي. ويقال: كَذَبتْ رَمّاعَتُه إِذا
حَبَقَ، وتَرَفَّع في طُمَّته تَسَكَّع في ضَلالته يَجيء ويذهب.
يقال: دَعْهُ يَتَرَمَّع في طُمَّته، قيل: هو يَتَسَكَّعُ في ضلالته،
وقيل: معناه دَعه يَتَلَطَّخ بخُرْئه.
ابن الأَعرابي: الرَّمِعُ الذي يتحرك طرَفُ أَنفه من الغضَب. ورَمَع
أَنفُ الرجل والبعير يرْمَعُ رَمَعاناً وتَرَمَّعَ، كلاهما: تحرَّك من غَضب،
وقيل: هو أَن تراه كأَنه يتحرك من الغضب. ويقال: جاءنا فلان رامِعاً
قِبِرَّاه؛ القِبِرَّى: رأْس الأَنف، ولأَنفِه رَمَعان أَي تحرُّكٌ. وفي
الحديث: أَنه اسْتَبَّ عنده رجلانِ فَغَضِب أَحدهما حتى خُيِّلَ إِلى من رآه
أَن أَنفه يَتَرَمَّع؛ قال أَبو عبيد: هذا هو الصواب، والرواية
يَتَمزَّعُ وليس يَتَمزَّع بشيء، قال الأَزهري: إِن صَحَّ يتمزع فإِن معناه
يتشقَّق. يقال: مزَّعْت الشيءَ إِذا قسَّمْته، قال: وأَنا أَحسَبه يَتَرمَّع
وهو أَن تراه كأَنه يَرْعُد من شدة الغضب. وقَبَّحَ الله أُمّاً رَمَعَتْ
به رَمْعاً أَي ولدته.
والرُّماعُ: داء في البطن يصفرّ منه الوجه. ورُمِع ورُمِّعَ ورَمِع
رَمَعاً وأَرْمَعَ: أَصابه ذلك، والأَوّلُ أَعلى؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِئْسَ غِذاء العَزَب المَرْمُوع
حَوْأَبةٌ تُنْقِضُ بالضُّلُوع
(* قوله «غذاء العزب» كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس: مقام الغرب.)
والرَّمَّاعُ: الذي يشتكي صُلْبَه من الرُّماع. وهو وجع يَعْرِض في ظهر
الساقي حتى يمنعه من السَّقْي. واليَرْمَعُ: الحَصى البيض تَــلأْلأُ في
الشمس؛ وقال رؤبة يذكر السراب:
ورَقْرَقَ الأَبْصارَ حتى أَفْدَعا
بالبيدِ، إِيقادَ النهار اليَرْمَعا
قال اللحياني: هي حجارة لينة رقاق بيض تَلْمَع، وقيل: هي حجارة رخْوة،
والواحدة من كل ذلك يَرْمَعة. ويقال للمَغْموم: تركته يَفُتُّ اليَرْمَع؛
وفي مَثَل:
كَفّا مُطَلَّقةٍ تَفُتُّ اليَرْمَعا
يضرب مثلاً للنادم على الشيء. ويقال: اليَرْمَعُ الخَرّارةُ التي تلعب
بها الصبيان إِذا أُدِيرت سمعت لها صوتاً، وهي الخُذرُوف.
ورِمَعٌ: منزل بعينه للأَشعريين. ورِمَعٌ ورُماعٌ: موضعان. وفي الحديث
ذكر رِمَع، قال ابن الأَثير: هي بكسر الراء وفتح الميم، موضع من بلاد
عَكٍّ باليمن. قال ابن بري: ورِمَعٌ جبل باليمن؛ قال أَبو دَهْبَل:
ماذا رُزِئنا غداةَ الخَلِّ منْ رِمَعٍ،
عند التفرُّقِ، مِن خَيْرٍ ومن كَرَمِ
فور: فارَ الشيء فَوْراً وفُؤُوراً وفُواراً وفَوَراناً: جاش. وأَفَرْته
وفُرْتُه المتعدّيان؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فلا تَسْأَلِيني واسأَلي عن خَلِيقَتي،
إِذا رَدَّ عافي القِدْر، مَنْ يَسْتَعِيرُها
وكانوا قُعوداً حَوْلَها يَرْقُبونها،صلى الله عليه وسلموكانتْ فَتاةُ
الحيّ ممن يُفيرُها
يُفِيرُها: يوقد تحتها، ويروى يَفُورها على فُرْتُها، ورواه غيره
يُغِيرها أَي يشدّ وَقُودها. وفارتِ القِدْرُ تَفُور فَوْراً وفَوَراناً إِذا
غلت وجاشت. وفار العِرْقُ فَوَراناً: هاج ونَبَعَ. وضرْبٌ فَوَّار:
رَغِيبٌ واسع؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
بِضَرْبٍ يُخَفِّتُ فوَّارُه،
وطَعْنٍ تَرى الدمَ منه رَشِيشا
إِذا قَتَلوا منكمُ فارساً،
ضَمِنَّا له خَلْفَه أَن يَعِيشا
يُخَفِّتُ فَوَّارُه أَي أَنها واسعة فدمها يسيل ولا صوت له. وقوله:
ضَمِنَّا له خَلْفَه أَن يعيشا، يعني أَنه يُدْرَكُ بثأْره فكأَنه لم يُقتل.
ويقال: فارَ الماءُ من العين يَفُورُ إِذا جاش. وفي الحديث: فجعل الماءُ
يَفُور من بين أَصابعه أَي يَغْلي ويظهر متدفِّقاً. وفارَ المسكُ
يَفُورُ فُوَاراً وفَواراناً: انتشر. وفارةُ المِسْكِ: رائحته، وقيل: فارتُه
وعاؤُه، وأَما فأْرَةُ المسك، بالهمز، فقد تقدم ذكرها. وفارة الإِبل: فَوْح
جلودها إِذا نَدِيَتْ بعد الوِرْدِ؛ قال:
لها فارةٌ ذَفْراءُ كلَّ عشيةٍ،
كما فَتَقَ الكافورَ، بالمسكِ، فاتِقُه
وجاؤوا من فَوْرِهمْ أَي من وجههم. والفائرُ: المنتشرُ الغَضَب من
الدواب وغيرها. ويقال للرجل إِذا غضب: فارَ فائرُه وثارَ ثائرُه أَي انتشر
غضبه. وأَتيته في فَوْرَةِ النهار أَي في أَوله. وفَوْرُ الحرّ: شدته. وفي
الحديث: كلا، بل هي حُمَّى تَثُور أَو تَفُور أَي يظهر حرها. وفي الحديث:
إِن شدة الحرّ من فَوْرِ جهنم أَي وَهَجِها وغلياها. وفَوْرَةُ العشاء:
بعده. وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: ما لم يسقط فَوْرُ الشَّفَقِ،
وهو بقية حمرة الشمس في الأُفُق الغربي، سمِّي فَوْراً لسطوعه وحمرته،
ويروى بالثاء وقد تقدم. وفي حديث مِعْصار
(*قوله « وفي حديث معصار» الذي في
النهاية: معضد): خرج هو وفلان فضربوا الخيام وقالوا أَخْرِجْنا من
فَوْرَةِ الناس أَي من مجتَمَعِهم وحيث يَفُورونَ في أَسواقهم. وفي حديث
مُحَلِّم: نعطيكم خمسين من الإِبل في فَوْرِنا هذا؛ فَوْرُ كلِّ شيء: أَوله.
وقولهم: ذهبتُ في حاجةٍ ثم أَتيتُ فُلاناً من فَوْري أَي قبل أَن أَسكن.
وقوله عز وجل: ويأْتوكم من فَوْرِهم هذا؛ قال الزجاج: أَي من وجههم هذا.
والفِيرةُ: الحُلْبة تخلط للنفساء؛ وقد فَوَّر لها، وقد تقدم ذلك في
الهمز.
والفارُ: عَضَل الإِنسان؛ ومن كلامهم: بَرِّز نارَكَ وإِن هَزَلْت
فارَكَ أَس أَطعم الطعام وإِن أَضررت ببدنك، وحكاه كراع بالهمز.
والفَوَّارتانِ: سِكَّتانِ بين الوركين والقُحْقُحِ إِلى عُرْض الوَرِكِ
لا تحولان دون الجوف، وهما اللتان تَفُوران فتتحركان إِذا مشى، وقيل:
الفَوَّارةُ خرق في الورك إِلى الجوف لا يحجبه عظم. الجوهري: فَوَّارةُ
الورك، بالفتح والتشديد: ثقبها؛ وفُوَارة القِدْر، بالضم والتخفيف: ما
يَفُور من حرِّها. الليث: للكرش فَوَّارتان وفي باطنهما عُذَّتان من كل ذي
لحم، ويزعمون أَن ماء الرجل يقع في الكُلْية ثم في الفَوَّارة ثم في
الخُصْية، وتلك الغُدَّةُ لا تؤكل، وهي لحمة في جوف لحم أَحمر؛ التهذيب: وقول
عوف بن الخَرِع يصف قوساً:
لها رُسُغٌ أَيِّدٌ مُكْرَبٌ،
فلا العَظْمُ واهٍ ولا العِرْقُ فارا
المُكْرَبُ: الممتلئ فأَراد أَنه ممتلئ العَصَب. وقوله: ولا العِرْق
فارا، قال ابن السكيت: يكره من الفرس فَوْرُ العِرْقِ، وهو أَن يظهر به
نَفْخ أَو عَقْدٌ. يقال: قد فارتْ عروقه تَفُور فَوْراً. ابن الأَعرابي:
يقال للمَوْجة والبِرْكة فَوَّارة، وكل ما كان غيرَ الماء قيل له فوارة
(*
قوله« قيل له فوارة إلى قوله وفوارة الماء منبعه» هكذا بضبط الأصل) ،
وقال في موضع آخر: يقال دَوَّارة وفَوَّارة لكل ما لم يتحرّك ولم يدر، فإِذا
تحرّك ودار فهي دُوارة وفُوارة. وفَوَّارة الماء: مَنْبَعُه.
والفُورُ، بالضم: الظباء، لا واحد لها من لفظها؛ هذا قول يعقوب، وقال
كراع: واحدها فائر. ابن الأَعرابي: لا أَفعل ذلك ما لأْلأَــتِ الفُورُ أَي
بَصْبصَت بأَذنابها، أَي لا أَفعله أَبداً. والفُورُ: الظباء، لا يفرد لها
واحد من لفظها.
ويقال: فعلتُ أَمرَ كذا وكذا من فَوْري أَي من ساعتي، والفَوْرُ: الوقت.
والفُورةُ: الكُوفة؛ عن كراع. وفَوْرة الجبل: سَراتُه ومَتْنُه؛ قال
الراعي:
فأَطْلَعَتْ فَوْرَةَ الآجامِ جافِلةً،
لم تَدْرِ أَنَّى أَتاها أَوَّلُ الذُّعرِ
والفِيارُ: أَحد جانبي حائط لسان الميزان، ولسان الميزان الحديدة التي
يكتنفها الفِيارانِ، يقال لأَحدهما فِيارٌ، والحديدةُ المعترِضة التي فيها
اللسان المِنْجَمُ، قال: والكِظامَةُ الحَلْقة التي تجمع فيها الخيوط في
طرفي الحديدة. ابن سيده: والفِيارانِ حديدتان تكتنفان لسان الميزان، وقد
فُرْتُه؛ عن ثعلب، قال: ولو لم نجد الفعل لقضينا عليه بالواو ولعدمنا« ف
ي ر» متناسقة.
فرر: الفَرّ والفِرارُ: الرَّوَغان والهِرب.
فَرَّ يَفِرُّ فراراً: هرب. ورجل فَرورٌ وفَرورةٌ وفَرَّار: غير
كَرَّارٍ، وفَرٌّ، وصف بالمصدرْ، فالواحد والجمع فيه سواء. وفي حديث الهجرة: قال
سُراقةُ ابن مالك حين نظر إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وإِلى أَبي
بكر، رضي الله عنه، مُهاجِرَيْنِ إِلى المدينة فمرّا به فقال: هذان فَرُّ
قريشٍ، أَفلا أَردّ على قريش فَرَّها؟ يريد الفارَّين من قريش؛ يقال منه
رجل فَرٌّ ورجلان فَرٌّ، لا يثنى ولا يجمع. قالالجوهري: رجل فَرٌّ، وكذلك
الاثنان والجمع والمؤنث، يعني هذان الفَرّان؛ قال أَبو ذؤيب يصف صائداً
أَرسل كلابه على ثور وحشي فحمل عليها فَفَرَّت منه فرماه الصائد بسهم
فأَنفذ به طُرَّتَيْ جنبيه:
فَرمى ليُنْفِذَ فرَّها، فهَوى له
سَهْم، فأَنْفَذ طُرَّتَيْهِ المِنْزَعُ
وقد يكون الفَرُّ جمعٍ فارٍّ كشارب وشَرْبٍ وصاحب وصَحْبٍ؛ وأَراد:
فأَنفذ طُرَّتيه السهم فلما لم يستقم له قال: المِنْزَع.
والفُرَّى: الكَتيبةُ المنهزمة، وكذلك الفُلَّى. وأَفَرَّه غيرُه
وتَفارُّوا أَي تهاربوا. وفرس مِفَرٌّ، بكسر الميم: يصلح للفِرار عليه؛ ومنه
قوله تعالى: أَين المِفَرُّ. والمَفِرُّ، بكسر الفاء: الموضع. وأَفَرَّ به:
فَعَل به فِعْلاً يَفِرُّ منه. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه
وسلم، قال لعدي بن حاتم: ما يُفِرُّك عن الإِسلام إِلا أَن يقال لا إِله
إِلا الله. التهذيب: يقال أَفْرَرْت الرجلَ أُفِرُّه إِفْراراً إِذا عملت به
عملاً يَفِرُّ منه ويهرب، أَي يحملك على الفرار إِلا التوحيد؛ وكثير من
المحدثين يقولونه بفتح الياء وضم الفاء قال: والصحيح الأَول؛ وفي حديث
عاتكة:
أَفَرَّ صِياحُ القومِ عَزْمَ قلوبهم،
فَهُنَّ هَواء، والحُلوم عَوازِبُ
أَي حملها على الفرار وجعلها خالية بعيدة غائبة العقول. والفَرورُ من
النساء: النَّوارُ. وقوله تعالى: أَين المَفَرُّ؛ أَي أَين الفِرارُ،
وقرئ: أَين المَفِرّ، أَي أَين موضع الفرار؛ عن الزجاج؛ وقد
أَفْرَرْته.وفَرَّ الدابةَ يَفُرُّها، بالضم، فَرًا: كشف عن أَسنانها لينظر ما
سِنُّها. يقال: فَرَرْتُ عن أَسنان الدابة أَفُرُّ عنها فَرّاً إِذا كشفت
عنها لتنظر إِليها. أَبو ربعي والكلابي: يقال هذا فُرُّ بني فلانٍ وهو وجههم
وخيارهم الذي يَفْترُّونَ عنه؛ قال الكميت:
ويَفْتَرُّ منكَ عن الواضِحات،
إِذا غيرُكَ القَلِحُ الأَثْعَلُ
ومن أَمثالهم: إِنَّ الجَوادَ عينُه فُرارُهُ. ويقال: الخبيثُ عينُه
فرُارُه؛ يقول: تعرف الجودة في عينه كما تَعرف سنَّ الدابة إِذا فَرَرْتَها،
وكذلك تعرف الخبث في عينه إِذا أَبصرته. الجوهري: إِن الجوادَ عينُه
فُراره، وقد يفتح، أَي يُغْنيك شخصه ومَنْظَرُه عن أَن تختبره وأَن تَفُرَّ
أَسنانه. وفَرَرْتُ الفرس أَفُرُّه فرًّا إِذا نظرت إِلى أَسنانه. وفي
خطبة الحجاج: لقد فُرِرْت عن ذَكاءٍ وتَجْرِبةٍ. وفي حديث ابن عمر، رضي الله
عنهما، أَراد أَن يشتري بَدَنَةً فقال: فُرَّها. وفي حديث عمر: قال لابن
عباس، رضي الله عنه: كان يبلغني عنك أَشياء كرهتُ أَن أَفُرَّك عنها أَي
أَكشفك. ابن سيده: ويقال للفرس الجواد عينه فِرارُه؛ تقوله إِذا رأَيته،
بكسر الفاء، وهو مثل يضرب للإِنسان يسأَل عنه أَي أَنه مقيم لم يبرح.
وفَرَّ الأَمرَ وفَرَّ عنه: بحث، وفُرَّ الأَمرُ جَذَعاً أَي استقبله. ويقال
أَيضاً: فُرَّ الأَمرُ جَذَعاً أَي رجع عوده على بدئه؛ قال:
وما ارْتَقَيْتُ على أَرجاءِ مَهْلَكةٍ،
إِلا مُنيتُ بأَمرٍ فُرَّ لي جَذَعا
وأَفَرَّت الخيلُ والإِبل للإِثْناءِ، بالأَلف: سقطت رواضعُها وطلع
غيرُها.
وافْتَرَّ الإِنسان: ضحك ضَحِكاً حسناً وافْتَرَّ فلان ضاحكاً أَي أَبدى
أَسنانه. وافْتَرَّ عن ثَغْره إِذا كَشَرَ ضاحكاً؛ ومنه الحديث في صفة
النبي، صلى الله عليه وسلم:
ويَفْتَرُّ عن مثل حَبِّ الغَمام
أَي يَكْشِرُ إِذا تبسم من غير قَهْقَهَة، وأَراد بحب الغمام البَرَدَ؛
شبَّه بياض أَسنانه به. وافْتَرَّ يَفْتَرُّ، افتعل، من فَرَرْتُ
أَفُرُّ. ويقال: فُرَّ فلاناً عما في نفسه أَي استنطقه ليدل بنطقه عما في نفسه.
وافْتَرَّ البرقُ: تــلأْلأَ، وهو فوق الانْكِلالِ في الضحك والبرق،
واستعاروا ذلك للزمن فقالوا: إِن الصَّرْفةَ نابُ الدهرِ الذي يَفْتَرُّ عنه،
وذلك أَن الصَّرْفة إِذا طلعت خرج الزهر واعْتَمَّ النبت. وافْتَرَّ
الشيءَ: استنشقه؛ قال رؤْبة:
كأَنما افْتَرَّ نشُوقاً مَنْشَقا
ويقال: هو فُرَّةُ قومه أَي خيارهم، وهذا فُرَّةُ مالي أَي خِيرته.
اليزيدي: أَفْرَرْتُ رأْسه بالسيف إِذا فلقته.
والفَرِيرُ والفُرارُ: ولد النعجة والماعزة والبقرة. ابن الأَعرابي:
الفَريرُ ولد البقر؛ وأَنشد:
يَمْشِي بنو عَلْكَمٍ هَزْلى وإِخوتُهم،
عليكم مثل فحلِ الضأْنِ، فُرْفُور
قال: أَراد فُرَار فقال فُرْفُور، والأُنثى فُرارةٌ، وجمعها فُرارٌ
أَيضاً، وهو من أَولاد المعز ما صغر جسمه؛ وعَمَّ ابن الأَعرابي بالفَرِيرِ
ولد الوحشية من الظِّباء والبقر ونحوهما. وقال مرة: هي الخِرْفان
والحُمْلان؛ ومن أَمثالهم:
نَزْوُ الفُرارِ اسْتَجْهل الفُرارا
قال المؤرج: هو ولد البقرة الوحشية يقال له فُرارٌ وفَرِيرٌ، مثل طُوالٍ
وطَويلٍ، فإِذا شبَّ وقوي أَخذ في النَّزَوان، فمتى ما رآه غيرُه نَزا
لِنَزْوِه؛ يضرب مثلاً لمن تُتَّقى مصاحبته. يقول: إِنك إِن صاحبتَه فعلتَ
فعلَه. يقال: فُرارٌ جمع فُرارةٍ وهي الخِرْفان، وقيل: الفَرير واحد
والفُرارُ جمع. قال أَبو عبيدة: ولم يأْت على فُعالٍ شيء من الجمع إِلا
أَحرف هذا أَحدها، وقيل: الفَرِيرُ والفُرارُ والفُرارَةُ والفُرْفُر
والفُرْفُورُ والفَرورُ والفُرافِرُ الحَمَل إِذا فطم واستَجْفر وأَخصب وسَمِن؛
وأَنشد ابن الأَعرابي في الفُرارِ الذي هو واحد قول الفرزدق:
لَعَمْري لقد هانتْ عليكَ ظَعِينةٌ،
فَرَيْتَ برجليها الفُرارَ المُرَنَّقا
والفُرارُ: يكون للجماعة والواحد. والفُرار: البهْم الكبار، واحدها
فُرْفُور. والفَرِيرُ: موضع المَجَسَّة من مَعْرفة الفرس، وقيل: هو أَصل
مَعْرفة الفرس.
وفَرْفَرَ الرجلُ إِذا استعجل بالحماقة. ووقع القوم في فُرَّةٍ
وأُفُرَّة أَي اختلاط وشدة. وفُرَّةُ الحرّ وأُفُرَّتهُ: شدته، وقيل: أَوله.
ويقال: أَتانا فلان في أُفُرَّةِ الحر أَي في أَوله، ويقال: بل في شدته، بضم
الهمزة وفتحها والفاء مضمومة فيهما؛ ومنهم من يقول: في فُرَّةِ الحر،
ومنهم من يقول: في أَفُرَّةِ الحر، بفتح الأَلف. وحكى الكسائي أَن منهم من
يجعل الأَلف عيناً فيقول: في عَفُرَّة الحرِّ وعُفُرّةِ الحر؛ قال أَبو
منصور: أُفُرَّةٌ عندي من باب أَفَرَ يأْفِر، والأَلف أَصلية على فُعُلَّةٍ
مثل الخُضُلَّةِ. الليث: ما زال فلان في أُفُرَّةِ شَرٍّ من فلان.
والفَرْفَرَةُ: الصياح. وفَرْفَرَه: صاح به؛ قال أَوس بن مغراء السعدي:
إِذا ما فَرْفَروه رَغَا وبالا
والفَرْفَرةُ: العجلة. ابن الأَعرابي: فَرَّ يَفِرُّ إِذا عقل بعد
استرخاء. والفَرْفَرةُ: الطيش والخفة؛ ورجلٌ فَرْفارٌ وامرأَة فَرْفارةٌ.
والفَرْفَرةُ: الكلام. والفَرْفارُ: الكثير الكلام كالثَّرْثارِ. وفَرْفَر في
كلامه: خلَّط وأَكثر. والفُرافِرُ: الأَخْرَقُ. وفَرْفَر الشيءَ: كسره.
والفُرافِرُ والفَرْفار: الذي يُفَرْفِرُ كل شيء أَي يكسره. وفَرْفَرْت
الشيء: حركته مثل هَرْهَرْته؛ يقال: فَرْفَرَ الفرسُ إِذا ضرب بفأْس
لجامه أَسنانه وحرك رأْسه؛ وناس يَرْوُونه في شعر امرئ القيس بالقاف، قال
ابن بري هو قوله:
إِذا زُعْتُه من جانِبَيْهِ كِلَيْهما،
مشى الهَيْذَبى في دَفِّه ثم فَرْفَرا
ويروى قَرْقَرا. والهَيْذَبى، بالذال المعجمة: سير سريع من أَهْذَبَ
الفرسُ في سيره إِذا أَسرع، ويروى الهَيْدَبى، بدال غير معجمة، وهي مِشْية
فيها تبختر، وأَصله من الثوب الذي له هدب لأَن الماشي فيه يتبختر؛ قال:
والرواية الصحيحة فَرْفَر، بالفاء، على ما فسره؛ ومن رواه قَرْقَر، بالقاف،
فبمعنى صَوَّت. قال: وليس بالجيد عندهم لأَن الخيل لا توصف بهذا.
وفَرْفَر الدابةُ اللجامَ: حركه. وفرس فُرفِرٌ: يُفَرْفِرُ اللجام في فيه.
وفَرْفَرَني فَرْفاراً: نفضني وحركني. وفَرْفَر البعيرُ: نفض جسده. وفَرْفَرَ
أَيضاً: أَسرع وقارب الخَطْو؛ وأَنشد بيت امرئ القيس:
مشى الهَيْذَبى في دَفِّه ثم فَرْفَرا
وفَرْفَر الشيءَ: شققه. وفَرْفَر إِذا شقق الزِّقاقَ وغيرها.
والفَرْفار: ضرب من الشجر تتخذ منه العِساسُ والقِصاعُ؛ قال:
والبَلْطُ يَبْرِي حُبَرَ الفَرْفارِ
البَلط: المِخرطة. والحُبَر: العُقَد. وفَرْفَرَ الرجل إِذا أَوقد
بالفَرْفار، وهي شجرة صَبُور على النار. وفَرْفَر إِذا عمل الفَرْفار، وهو
مَرْكب من مراكب النساء والرِّعاءِ شِبْه الحَوِيَّة والسَّوِيَّة.
والفُرْفُور والفُرافِرُ: سَوِيق يتخذ من اليَنْبُوتِ، وفي مكان آخر:
سويقُ يَنْبوتِ عُمان.
والفُرْفُر: العصفور، وقيل: الفُرْفُر والفُرْفُور العصفور الصغير.
الجوهري: الفُرْفُور طائر؛ قال الشاعر:
حجازيَّة لم تَدْرِ ما طَعْمُ فُرْفُرٍ،
ولم تأْتِ يوماً أَهلَها بِتُبُشِّرِ
قال: التُّبُشِّر الصَّعْوة. وفي حديث عون بن عبد الله: ما رأَيت أَحداً
يُفَرْفِرُ الدنيا فَرْفَرَةَ هذا الأَعرج؛ يعني أَبا حازم، أَي يذمها
ويمزِّقها بالذم والوقيعة فيها. ويقال الذئب يُفَرْفِرُ الشاة أَي
يمزقها.وفَرِير: بطن من العرب.
ظلم: الظُّلْمُ: وَضْع الشيء في غير موضِعه. ومن أمثال العرب في
الشَّبه: مَنْ أَشْبَهَ أَباه فما ظَلَم؛ قال الأصمعي: ما ظَلَم أي ما وضع
الشَّبَه في غير مَوْضعه وفي المثل: من اسْترْعَى الذِّئْبَ فقد ظلمَ. وفي
حديث ابن زِمْلٍ: لَزِموا الطَّرِيق فلم يَظْلِمُوه أي لم يَعْدِلوا عنه؛
يقال: أَخَذَ في طريقٍ فما ظَلَم يَمِيناً ولا شِمالاً؛ ومنه حديث أُمِّ
سَلمَة: أن أبا بكرٍ وعُمَرَ ثَكَما الأَمْر فما ظَلَماه أي لم يَعْدِلا
عنه؛ وأصل الظُّلم الجَوْرُ ومُجاوَزَة الحدِّ، ومنه حديث الوُضُوء: فمن
زاد أو نَقَصَ فقد أساء وظَلَمَ أي أَساءَ الأدبَ بتَرْكِه السُّنَّةَ
والتَّأَدُّبَ بأَدَبِ الشَّرْعِ، وظَلمَ نفْسه بما نَقَصَها من الثواب
بتَرْدادِ المَرّات في الوُضوء. وفي التنزيل العزيز: الذين آمَنُوا ولم
يَلْبِسُوا إيمانَهم بِظُلْمٍ؛ قال ابن عباس وجماعةُ أهل التفسير: لم يَخْلِطوا
إيمانهم بِشِرْكٍ، ورُوِي ذلك عن حُذَيْفة وابنِ مَسْعود وسَلمانَ،
وتأَوّلوا فيه قولَ الله عز وجل: إن الشِّرْك لَظُلْمٌ عَظِيم. والظُّلْم:
المَيْلُ عن القَصد، والعرب تَقُول: الْزَمْ هذا الصَّوْبَ ولا تَظْلِمْ
عنه أي لا تَجُرْ عنه. وقوله عزَّ وجل: إنَّ الشِّرْكَ لَظُلم عَظِيم؛ يعني
أن الله تعالى هو المُحْيي المُمِيتُ الرزّاقُ المُنْعِم وَحْده لا شريك
له، فإذا أُشْرِك به غيره فذلك أَعْظَمُ الظُّلْمِ، لأنه جَعل النعمةَ
لغير ربِّها. يقال: ظَلَمَه يَظْلِمُهُ ظَلْماً وظُلْماً ومَظْلِمةً،
فالظَّلْمُ مَصْدرٌ حقيقيٌّ، والظُّلمُ الاسمُ يقوم مَقام المصدر، وهو ظالمٌ
وظَلوم؛ قال ضَيْغَمٌ الأَسدِيُّ:
إذا هُوَ لمْ يَخَفْني في ابن عَمِّي،
وإنْ لم أَلْقَهُ الرجُلُ الظَّلُومُ
وقوله عز وجل: إن الله لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ؛ أرادَ لا
يَظْلِمُهُم مِثْقالَ ذَرَّةٍ، وعَدَّاه إلى مفعولين لأنه في معنى يَسْلُبُهم،
وقد يكون مِثْقالَ ذرّة في موضع المصدر أي ظُلْماً حقيراً كمِثْقال الذرّة؛
وقوله عز وجل: فَظَلَمُوا بها؛ أي بالآيات التي جاءَتهم، وعدّاه بالباء
لأنه في معنى كَفَرُوا بها، والظُّلمُ الاسمُ، وظَلَمه حقَّه وتَظَلَّمه
إياه؛ قال أبو زُبَيْد الطائيّ:
وأُعْطِيَ فَوْقَ النِّصْفِ ذُو الحَقِّ مِنْهمُ،
وأَظْلِمُ بَعْضاً أو جَمِيعاً مُؤَرِّبا
وقال:
تَظَلَّمَ مَالي هَكَذَا ولَوَى يَدِي،
لَوَى يَدَه اللهُ الذي هو غالِبُهْ
وتَظَلَّم منه: شَكا مِنْ ظُلْمِه. وتَظَلَّم الرجلُ: أحالَ الظُّلْمَ
على نَفْسِه؛ حكاه ابن الأعرابي؛ وأنشد:
كانَتْ إذا غَضِبَتْ عَلَيَّ تَظَلَّمَتْ،
وإذا طَلَبْتُ كَلامَها لم تَقْبَلِ
قال ابن سيده: هذا قولُ ابن الأعرابي، قال: ولا أَدْري كيف ذلك، إنما
التَّظَلُّمُ ههنا تَشَكِّي الظُّلْم منه، لأنها إذا غَضِبَت عليه لم
يَجُزْ أن تَنْسُبَ الظُّلْمَ إلى ذاتِها. والمُتَظَلِّمُ: الذي يَشْكو
رَجُلاً ظَلَمَهُ. والمُتَظَلِّمُ أيضاً: الظالِمُ؛ ومنه قول الشاعر:
نَقِرُّ ونَأْبَى نَخْوَةَ المُتَظَلِّمِ
أي نَأْبَى كِبْرَ الظالم. وتَظَلَّمَني فلانٌ أي ظَلَمَني مالي؛ قال
ابن بري: شاهده قول الجعدي:
وما يَشْعُرُ الرُّمْحُ الأَصَمُّ كُعوبُه
بثَرْوَةِ رَهْطِ الأَعْيَطِ المُتَظَلِّمِ
قال: وقال رافِعُ بن هُرَيْم، وقيل هُرَيْمُ بنُ رافع، والأول أَصح:
فهَلاَّ غَيْرَ عَمِّكُمُ ظَلَمْتُمْ،
إذا ما كُنْتُمُ مُتَظَلِّمِينا
أي ظالِمِينَ. ويقال: تَظَلَّمَ فُلانٌ إلى الحاكم مِنْ فُلانٍ
فظَلَّمَه تَظْليماً أي أنْصَفَه مِنْ ظالِمه وأَعانَه عليه؛ ثعلب عن ابن
الأعرابي أنه أنشد عنه:
إذا نَفَحاتُ الجُودِ أَفْنَيْنَ مالَه،
تَظَلَّمَ حَتَّى يُخْذَلَ المُتَظَلِّمُ
قال: أي أغارَ على الناس حتى يَكْثُرَ مالُه. قال أبو منصور: جَعَل
التَّظلُّمَ ظُلْماً لأنه إذا أغارَ على الناس فقد ظَلَمَهم؛ قال:
وأَنْشَدَنا لجابر الثعلبيّ:
وعَمْروُ بنُ هَمَّام صَقَعْنا جَبِينَه
بِشَنْعاءَ تَنْهَى نَخْوةَ المُتَظَلِّمِ
قال أبو منصور: يريد نَخْوةَ الظالم. والظَّلَمةُ: المانِعونَ أهْلَ
الحُقوقِ حُقُوقَهم؛ يقال: ما ظَلَمَك عن كذا، أي ما مَنَعك، وقيل:
الظَّلَمةُ في المُعامَلة. قال المُؤَرِّجُ: سمعت أَعرابيّاً يقول لصاحبه:
أَظْلَمي وأَظْلَمُكَ فَعَلَ اللهُ به أَي الأَظْلَمُ مِنَّا. ويقال: ظَلَمْتُه
فتَظَلَّمَ أي صبَر على الظُّلْم؛ قال كُثَيْر:
مَسائِلُ إنْ تُوجَدْ لَدَيْكَ تَجُدْ بِها
يَدَاكَ، وإنْ تُظْلَمْ بها تَتَظلَّمِ
واظَّلَمَ وانْظَلَم: احْتَملَ الظُّلْمَ. وظَلَّمه: أَنْبأَهُ أنه
ظالمٌ أو نسبه إلى الظُّلْم؛ قال:
أَمْسَتْ تُظَلِّمُني، ولَسْتُ بِظالمٍ،
وتُنْبِهُني نَبْهاً، ولَسْتُ بِنائمِ
والظُّلامةُ: ما تُظْلَمُهُ، وهي المَظْلِمَةُ. قال سيبويه: أما
المَظْلِمةُ فهي اسم ما أُخِذَ منك. وأَردْتُ ظِلامَهُ ومُظالَمتَه أي ظُلمه؛
قال:
ولَوْ أَنِّي أَمُوتُ أَصابَ ذُلاًّ،
وسَامَتْه عَشِيرتُه الظِّلامَا
والظُّلامةُ والظَّلِيمةُ والمَظْلِمةُ: ما تَطْلُبه عند الظّالم، وهو
اسْمُ ما أُخِذَ منك. التهذيب: الظُّلامةُ اسْمُ مَظْلِمتِك التي
تَطْلُبها عند الظَّالم؛ يقال: أَخَذَها مِنه ظُلامةً. ويقال: ظُلِم فُلانٌ
فاظَّلَم، معناه أنه احْتَمل الظُّلْمَ بطيبِ نَفْسِه وهو قادرٌ على الامتناع
منه، وهو افتعال، وأَصله اظْتَلم فقُِلبت التاءُ طاءً ثم أُدغِمَت الظاء
فيها؛ وأَنشد ابن بري لمالك ابنَ حريم:
مَتَى تَجْمَعِ القَلْبَ الذَّكيَّ وصارِماً
وأَنْفاً حَمِيّاً، تَجَتْنِبْك المَظَالِمُ
وتَظالَمَ القومُ: ظلَمَ بعضُهم بعضاً. ويقال: أَظْلَمُ من حَيَّةٍ
لأنها تأْتي الجُحْرَ لم تَحْتَفِرْه فتسْكُنُه. ويقولون: ما ظَلَمَك أن
تَفْعَلَ؛ وقال رجل لأبي الجَرَّاحِ: أَكلتُ طعاماً فاتَّخَمْتُه، فقال أَبو
الجَرَّاحِ: ما ظَلَمك أَن تَقِيءَ؛ وقول الشاعر:
قالَتْ له مَيٌّ بِأَعْلى ذِي سَلَمْ:
ألا تَزُورُنا، إنِ الشِّعْبُ أَلَمّْ؟
قالَ: بَلى يا مَيُّ، واليَوْمُ ظَلَمْ
قال الفرّاء: هم يقولون معنى قوله واليَوْمُ ظَلَم أي حَقّاً، وهو
مَثَلٌ؛ قال: ورأَيت أنه لا يَمْنَعُني يومٌ فيه عِلّةٌ تَمْنع. قال أبو
منصور: وكان ابن الأعرابي يقول في قوله واليوْمُ ظَلَم حقّاً يقيناً، قال:
وأُراه قولَ المُفَضَّل، قال: وهو شبيه بقول من قال في لا جرم أي حَقّاً
يُقيمه مُقامَ اليمين، وللعرب أَلفاظ تشبهها وذلك في الأَيمان كقولهم:
عَوْضُ لا أفْعلُ ذلك، وجَيْرِ لا أَفْعلُ ذلك، وقوله عز وجل: آتَتْ أُكُلَها
ولم تَظْلِم مِنْه شَيْئاً؛ أي لم تَنْقُصْ منه شيئاً. وقال الفراء في
قوله عز وجل: وما ظَلَمُونا ولكن كانوا أَنْفُسَهم يَظْلِمُون، قال: ما
نَقَصُونا شَيْئاً بما فعلوا ولكن نَقَصُوا أنفسَهم. والظِّلِّيمُ،
بالتشديد: الكثيرُ الظُّلْم. وتَظَالَمتِ المِعْزَى: تَناطَحَتْ مِمَّا سَمِنَتْ
وأَخْصَبَتْ؛ ومنه قول السّاجع: وتَظالَمَتْ مِعْزاها. ووَجَدْنا أرْضاً
تَظَالَمُ مِعْزاها أي تَتناطَحُ مِنَ النَّشاط والشِّبَع.
والظَّلِيمةُ والظَّلِيمُ: اللبَنُ يُشَرَبُ منه قبل أن يَرُوبَ
ويَخْرُجَ زُبْدُه؛ قال:
وقائِلةٍ: ظَلَمْتُ لَكُمْ سِقائِي
وهل يَخْفَى على العَكِدِ الظَّلِيمُ؟
وفي المثل: أهْوَنُ مَظْلومٍ سِقاءٌ مُروَّبٌ؛ وأنشد ثعلب:
وصاحِب صِدْقٍ لم تَرِبْني شَكاتُه
ظَلَمْتُ، وفي ظَلْمِي له عامِداً أَجْرُ
قال: هذا سِقاءٌ سَقَى منه قبل أن يَخْرُجَ زُبْدُه. وظَلَمَ وَطْبَه
ظَلْماً إذا سَقَى منه قبل أن يَرُوبَ ويُخْرَجَ زُبْدُه. وظَلَمْتُ
سِقائِي: سَقَيْتُهم إيَّاه قَبْلَ أن يَرُوبَ؛ وأنشد البيت الذي أَنشده
ثعلب:ظَلَمْتُ، وفي ظَلْمِي له عامداً أَجْرُ
قال الأزهري: هكذا سمعت العرب تنشده: وفي ظَلْمِي، بِنَصْب الظاء، قال:
والظُّلْمُ الاسم والظُّلْمُ العملُ. وظَلَمَ القوْمَ: سَقاهم
الظَّلِيمةَ. وقالوا امرأَةٌ لَزُومٌ لِلفِناء، ظَلومٌ للسِّقاء، مُكْرِمةٌ
لِلأَحْماء. التهذيب: العرب تقول ظَلَمَ فلانٌ سِقاءَه إذا سَقاه قبل أن
يُخْرَجَ زُبْدُه؛ وقال أبو عبيد: إذا شُرِبَ لبَنُ السِّقاء قبل أن يَبْلُغَ
الرُّؤُوبَ فهو المَظْلومُ والظَّلِيمةُ، قال: ويقال ظَلَمْتُ القومَ إذا
سَقاهم اللبن قبل إدْراكِهِ؛ قال أَبو منصور: هكذا رُوِيَ لنا هذا الحرفُ
عن أبي عبيد ظَلَمْتُ القومَ، وهو وَهَمٌ. وروى المنذري عن أبي الهيثم
وأبي العباس أحمد بن يحيى أنهما قالا: يقال ظَلَمْتُ السقَاءَ وظَلَمْتُ
اللبنَ إذا شَرِبْتَه أو سَقَيْتَه قبل إدراكه وإخراجِ زُبْدَتِه. وقال ابن
السكيت: ظَلَمتُ وَطْبي القومَ أي سَقَيْتُه قبل رُؤُوبه. والمَظْلُوم:
اللبنُ يُشْرَبُ قبل أن يَبْلُغَ الرُّؤُوبَ. الفراء: يقال ظَلَم
الوَادِي إذا بَلَغَ الماءُ منه موضِعاً لم يكن نالَهُ فيما خَلا ولا بَلَغَه
قبل ذلك؛ قال: وأَنشدني بعضهم يصف سيلاً:
يَكادُ يَطْلُع ظُلْماً ثم يَمْنَعُه
عن الشَّواهِقِ، فالوادي به شَرِقُ
وقال ابن السكيت في قول النابغة يصف سيلاً:
إلاَّ الأَوارِيَّ لأْياً ما أُبَيِّنُها،
والنُّؤْيُ كالحَوضِ بالمَظلُومة الجَلَدِ
قال: النُّؤْيُ الحاجزُ حولَ البيت من تراب، فشَبَّه داخلَ الحاجِزِ
بالحوض بالمظلومة، يعني أرضاً مَرُّوا بها في بَرِّيَّةِ فتَحَوَّضُوا
حَوْضاً سَقَوْا فيه إبِلَهُمْ وليست بمَوْضِع تَحْويضٍ. يقال: ظَلَمْتُ
الحَوْضَ إذا عَمِلْتَه في موضع لا تُعْمَلُ فيه الحِياض. قال: وأَصلُ
الظُّلْمِ وَضْعُ الشيء في غير موضعه؛ ومنه قول ابن مقبل:
عَادَ الأَذِلَّةُ في دارٍ، وكانَ بها
هُرْتُ الشَّقاشِقِ، ظَلاَّمُونَ للجُزُرِ
أي وَضَعوا النحر في غير موضعه. وظُلِمَت الناقةُ: نُحِرَتْ من غَيْرِ
عِلَّةٍ أو ضَبِعَتْ على غير ضَبَعَةٍ. وكُلُّ ما أَعْجَلْتَهُ عن أوانه
فقد ظَلَمْتَهُ، وأنشد بيت ابن مقبل:
هُرْتُ الشَّقاشِقِ، ظَلاَّمُون للجُزُر
وظَلَم الحِمارُ الأتانَ إذا كامَها وقد حَمَلَتْ، فهو يَظْلِمُها
ظَلْماً؛ وأَنشد أبو عمرو يصف أُتُناً:
أَبَنَّ عقَاقاً ثم يَرْمَحْنَ ظَلْمَةً
إباءً، وفيه صَوْلَةٌ وذَمِيلُ
وظَلَم الأَرضَ: حَفَرَها ولم تكن حُفِرَتْ قبل ذلك، وقيل: هو أن
يَحْفِرَها في غير موضع الحَفْرِ؛ قال يصف رجلاً قُتِلَ في مَوْضِعٍ قَفْرٍ
فحُفِرَ له في غير موضع حَفْرٍ:
ألا للهِ من مِرْدَى حُروبٍ،
حَواه بَيْنَ حِضْنَيْه الظَّلِيمُ
أي الموضع المظلوم. وظَلَم السَّيلُ الأرضَ إذا خَدَّدَ فيها في غير
موضع تَخْدِيدٍ؛ وأَنشد للحُوَيْدِرَة:
ظَلَم البِطاحَ بها انْهلالُ حَرِىصَةٍ،
فَصَفَا النِّطافُ بها بُعَيْدَ المُقْلَعِ
مصدر بمعنى الإقْلاعِ، مُفْعَلٌ بمعنى الإفْعالِ، قال ومثله كثير مُقامٌ
بمعنى الإقامةِ. وقال الباهلي في كتابه: وأَرضٌ مَظْلُومة إذا لم
تُمْطَرْ. وفي الحديث: إذا أَتَيْتُمْ على مَظْلُومٍ فأَغِذُّوا السَّيْرَ. قال
أبو منصور: المَظْلُومُ البَلَدُ الذي لم يُصِبْهُ الغَيْثُ ولا رِعْيَ
فيه للِرِّكابِ، والإغْذاذُ الإسْراعُ. والأرضُ المَظْلومة: التي لم
تُحْفَرْ قَطُّ ثم حُفِرَتْ، وذلك الترابُ الظَّلِيمُ، وسُمِّيَ تُرابُ
لَحْدِ القبرِ ظَلِيماً لهذا المعنى؛ وأَنشد:
فأَصْبَحَ في غَبْراءَ بعدَ إشاحَةٍ،
على العَيْشِ، مَرْدُودٍ عليها ظَلِيمُها
يعني حُفْرَةَ القبر يُرَدُّ تُرابها عليه بعد دفن الميت فيها. وقالوا:
لا تَظْلِمْ وَضَحَ الطريقِ أَي احْذَرْ أَن تَحِيدَ عنه وتَجُورَ
فَتَظْلِمَه. والسَّخِيُّ يُظْلَمُ إذا كُلِّفَ فوقَ ما في طَوْقِهِ، أَوطُلِبَ
منه ما لا يجدُه، أَو سُئِلَ ما لا يُسْأَلُ مثلُه، فهو مُظَّلِمٌ وهو
يَظَّلِمُ وينظلم؛ أَنشد سيبويه قول زهير:
هو الجَوادُ الذي يُعْطِيكَ نائِله
عَفْواً، ويُظْلَمُ أَحْياناً فيَظَّلِمُ
أَي يُطْلَبُ منه في غير موضع الطَّلَب، وهو عنده يَفْتعِلُ، ويروى
يَظْطَلِمُ، ورواه الأَصمعي يَنْظَلِمُ. الجوهري: ظَلَّمْتُ فلاناً
تَظْلِيماً إذا نسبته إلى الظُّلْمِ فانْظَلَم أَي احتمل الظُّلْم؛ وأَنشد بيت
زهير:
ويُظْلَم أَحياناً فَيَنْظَلِمُ
ويروى فيَظَّلِمُ أَي يَتَكَلَّفُ، وفي افْتَعَل من ظَلَم ثلاثُ لغاتٍ:
من العرب من يقلب التاء طاء ثم يُظْهِر الطاء والظاء جميعاً فيقول
اظْطَلَمَ، ومنهم من يدغم الظاء في الطاء فيقول اطَّلَمَ وهو أَكثر اللغات،
ومنهم من يكره أَن يدغم الأَصلي في الزائد فيقول اظَّلَم، قال: وأَما
اضْطَجَع ففيه لغتان مذكورتان في موضعهما. قال ابن بري: جَعْلُ الجوهري
انْظَلَم مُطاوعَ ظَلَّمتُهُ، بالتشديد، وَهَمٌ، وإنما انْظَلَم مطاوعُ
ظَلَمْتُه، بالتخفيف كما قال زهير:
ويُظْلَم أَحْياناً فيَنْظَلِمُ
قال: وأَما ظَلَّمْتُه، بالتشديد، فمطاوِعُه تَظَلَّمَ مثل كَسَّرْتُه
فتَكَسَّرَ، وظَلَم حَقَّه يَتَعَدَّى إلى مفعول واحد، وإنما يتعدّى إلى
مفعولين في مثل ظَلَمني حَقَِّي حَمْلاً على معنى سَلَبَني حَقِّي؛ ومثله
قوله تعالى: ولا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً؛ ويجوز أَن يكون فتيلاً واقعاً
مَوْقِعَ المصدر أَي ظُلْماً مِقْدارَ فَتِيلٍ.
وبيتٌ مُظَلَّمٌ: كأَنَّ النَّصارَى وَضَعَتْ فيه أَشياء في غير
مواضعها. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، دُعِيَ إلى طعام فإذا البيتُ
مُظَلَّمٌ فانصرف، صلى الله عليه وسلم، ولم يدخل؛ حكاه الهروي في الغريبين؛
قال ابن الأَثير: هو المُزَوَّقُ، وقيل: هو المُمَوَّهُ بالذهب والفضة،
قال: وقال الهَرَوِيُّ أَنكره الأَزهري بهذا المعنى، وقال الزمخشري: هو
من الظَّلْمِ وهو مُوهَةُ الذهب، ومنه قيل للماء الجاري على الثَّغْرِ
ظَلْمٌ. ويقال: أَظْلَم الثَّغْرُ إذا تَــلأْلأَ عليه كالماء الرقيق من شدَّة
بَرِيقه؛ ومنه قول الشاعر:
إذا ما اجْتَلَى الرَّاني إليها بطَرْفِه
غُرُوبَ ثَناياها أَضاءَ وأَظْلَما
قال: أَضاء أَي أَصاب ضوءاً، أَظْلَم أصاب ظَلْماً.
والظُّلْمَة والظُّلُمَة، بضم اللام: ذهاب النور، وهي خلاف النور، وجمعُ
الظُّلْمةِ ظُلَمٌ وظُلُماتٌ وظُلَماتٌ وظُلْمات؛ قال الراجز:
يَجْلُو بعَيْنَيْهِ دُجَى الظُّلُماتِ
قال ابن بري: ظُلَمٌ جمع ظُلْمَة، بإسكان اللام، فأَما ظُلُمة فإنما
يكون جمعها بالألف والتاء، ورأيت هنا حاشية بخط سيدنا رضيّ الدين الشاطبي
رحمه الله قال: قال الخطيب أَِبو زكريا المُهْجَةُ خالِصُ النَّفْسِ، ويقال
في جمعها مُهُجاتٌ كظُلُماتٍ، ويجوز مُهَجات، بالفتح، ومُهْجاتٌ،
بالتسكين، وهو أَضعفها؛ قال: والناس يأْلَفُون مُهَجات، بالفتح، كأَنهم يجعلونه
جمع مُهَجٍ، فيكون الفتح عندهم أَحسن من الضم. والظَّلْماءُ: الظُّلْمة
ربما وصف بها فيقال ليلةٌ
ظَلْماء أَي مُظْلِمة. والظَّلامُ: إسم يَجْمَع ذلك كالسَّوادِ ولا
يُجْمعُ، يَجْري مجرى المصدر، كما لا تجمع نظائره نحو السواد والبياض، وتجمع
الظُّلْمة ظُلَماً وظُلُمات. ابن سيده: وقيل الظَّلام أَوّل الليل وإن
كان مُقْمِراً، يقال: أَتيته ظَلاماً أي ليلاً؛ قال سيبويه: لا يستعمل إلا
ظرفاً. وأتيته مع الظَّلام أي عند الليل. وليلةٌ ظَلْمةٌ، على طرحِ
الزائد، وظَلْماءُ كلتاهما: شديدة الظُّلْمة. وحكى ابن الأَعرابي: ليلٌ
ظَلْماءُ؛ وقال ابن سيده: وهو غريب وعندي أَنه وضع الليل موضع الليلة، كما حكي
ليلٌ قَمْراءُ أَي ليلة، قال: وظَلْماءُ أَسْهلُ من قَمْراء. وأَظْلَم
الليلُ: اسْوَدَّ. وقالوا: ما أَظْلَمه وما أَضوأَه، وهو شاذ. وظَلِمَ
الليلُ، بالكسر، وأَظْلَم بمعنىً؛ عن الفراء. وفي التنزيل العزيز: وإذا
أَظْلَمَ عليهم قاموا. وظَلِمَ وأَظْلَمَ؛ حكاهما أَبو إسحق وقال الفراء: فيه
لغتان أَظْلَم وظَلِمَ، بغير أَلِف.
والثلاثُ الظُّلَمُ: أَوّلُ الشَّهْر بعدَ الليالي الدُّرَعِ؛ قال أَبو
عبيد: في ليالي الشهر بعد الثلاثِ البِيضِ ثلاثٌ
دُرَعٌ وثلاثٌ ظُلَمٌ، قال: والواحدة من الدُّرَعِ والظُّلَم دَرْعاءُ
وظَلْماءُ. وقال أَبو الهيثم وأَبو العباس المبرد: واحدةُ الدُّرَعِ
والظُّلَم دُرْعةٌ وظُلْمة؛ قال أَبو منصور: وهذا الذي قالاه هو القياس
الصحيح. الجوهري: يقال لثلاث ليال من ليالي الشهر اللائي يَلِينَ الدُّرَعَ
ظُلَمٌ
لإظْلامِها على غير قياس، لأَن قياسه ظُلْمٌ، بالتسكين، لأَنَّ واحدتها
ظَلْماء.
وأَظْلَم القومُ: دخلوا في الظَّلام، وفي التنزيل العزيز: فإذا هم
مُظْلِمُونَ. وقوله عزَّ وجل: يُخْرجُهم من الظُّلُمات إلى النور؛ أَي يخرجهم
من ظُلُمات الضَّلالة إلى نور الهُدَى لأَن أَمر الضَّلالة مُظْلِمٌ
غير بَيِّنٍ. وليلة ظَلْماءُ، ويوم مُظْلِمٌ: شديد الشَّرِّ؛ أَنشد
سيبويه:
فأُقْسِمُ أَنْ لوِ الْتَقَيْنا وأَنتمُ،
لكان لكم يومٌ من الشَّرِّ مُظْلِمُ
وأَمْرٌ مُظْلِم: لا يُدرَى من أَينَ يُؤْتَى له؛ عن أَبي زيد. وحكى
اللحياني: أَمرٌ مِظْلامٌ ويوم مِظْلامٌ في هذا المعنى؛ وأَنشد:
أُولِمْتَ، يا خِنَّوْتُ، شَرَّ إيلام
في يومِ نَحْسٍ ذي عَجاجٍ مِظْلام
والعرب تقول لليوم الذي تَلقَى فيه شِدَّةً يومٌ مُظلِمٌ، حتى إنهم
ليقولون يومٌ ذو كَواكِبَ أَي اشتَدّت ظُلْمته حتى صار كالليل؛ قال:
بَني أَسَدٍ، هل تَعْلَمونَ بَلاءَنا،
إذا كان يومٌ ذو كواكِبَ أَشْهَبُ؟
وظُلُماتُ البحر: شدائِدُه. وشَعرٌ
مُظْلِم: شديدُ السَّوادِ. ونَبْتٌ مُظلِمٌ: ناضِرٌ
يَضْرِبُ إلى السَّوادِ من خُضْرَتِه؛ قال:
فصَبَّحَتْ أَرْعَلَ كالنِّقالِ،
ومُظلِماً ليسَ على دَمالِ
وتكلَّمَ فأَظْلَمَ علينا البيتُ أَي سَمِعنا ما نَكْرَه، وفي التهذيب:
وأَظْلَم فلانٌ علنيا البيت إذا أَسْمَعنا ما نَكْرَه. قال أَبو منصور:
أَظْلمَ يكون لازماً وواقِعاً، قال: وكذلك أَضاءَ يكون بالمعنيين: أَضاءَ
السراجُ بنفسه إضاءةً، وأَضاء للناسِ بمعنى ضاءَ، وأَضأْتُ السِّراجَ
للناسِ فضاءَ وأَضاءَ.
ولقيتُه أَدنَى ظَلَمٍ، بالتحريك، يعني حين اخْتَلطَ الظلامُ، وقيل:
معناه لقيته أَوّلَ كلِّ شيء، وقيل: أَدنَى ظَلَمٍ القريبُ، وقال ثعلب: هو
منك أَدنَى ذي ظَلَمٍ، ورأَيتُه أَدنَى ظَلَمٍ الشَّخْصُ، قال: وإنه
لأَوّلُ ظَلَمٍ لقِيتُه إذا كان أَوّلَ شيءٍ سَدَّ بَصَرَك بليل أَو نهار،
قال: ومثله لقيته أَوّلَ وَهْلةٍ وأَوّلَ صَوْكٍ وبَوْكٍ؛ الجوهري: لقِيتُه
أَوّلَ ذي ظُلْمةٍ أَي أَوّلَ شيءٍ يَسُدُّ بَصَرَكَ في الرؤية، قال: ولا
يُشْتَقُّ منه فِعْلٌ. والظَّلَمُ: الجَبَل، وجمعه ظُلُومٌ؛ قال
المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
تَعامَسُ حتى يَحْسبَ الناسُ أَنَّها،
إذا ما اسْتُحِقَّت بالسُّيوفِ، ظُلُومُ
وقَدِمَ فلانٌ واليومُ ظَلَم؛ عن كراع، أَي قدِمَ حقّاً؛ قال:
إنَّ الفراقَ اليومَ واليومُ ظَلَمْ
وقيل: معناه واليومُ ظَلَمنا، وقيل: ظَلَم ههنا وَضَع الشيءَ في غير
موضعه.
والظَّلْمُ: الثَّلْج. والظَّلْمُ: الماءُ الذي يجري ويَظهَرُ على
الأَسْنان من صَفاءِ اللون لا من الرِّيقِ كالفِرِنْد، حتى يُتَخيَّلَ لك فيه
سوادٌ من شِدَّةِ البريق والصَّفاء؛ قال كعب بن زهير:
تَجْلو غَواربَ ذي ظَلْمٍ، إذا ابتسمَتْ،
كأَنه مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلولُ
وقال الآخر:
إلى شَنْباءَ مُشْرَبَةِ الثَّنايا
بماءِ الظَّلْمِ، طَيِّبَةِ الرُّضابِ
قال: يحتمل أَن يكون المعنى بماء الثَّلْج. قال شمر: الظَّلْمُ بياضُ
الأَسنان كأَنه يعلوه سَوادٌ، والغُروبُ ماءُ الأَسنان. الجوهري:
الظَّلْمُ، بالفتح، ماءُ الأَسْنان وبَريقُها، وهو كالسَّوادِ داخِلَ عَظمِ
السِّنِّ من شِدَّةِ البياض كفِرِنْد السَّيْف؛ قال يزيد ابن ضَبَّةَ:
بوَجْهٍ مُشْرِقٍ صافٍ،
وثغْرٍ نائرِ الظلْمِ
وقيل: الظَّلْمُ رِقَّةُ الأَسنان وشِدَّة بياضها، والجمع ظُلُوم؛ قال:
إذا ضَحِكَتْ لم تَنْبَهِرْ، وتبسَّمَتْ
ثنايا لها كالبَرْقِ، غُرٌّ ظُلُومُها
وأَظْلَم: نَظَرَ إلى الأَسنان فرأَى الظَّلْمَ؛ قال:
إذا ما اجْتَلى الرَّاني إليها بعَيْنِه
غُرُوبَ ثناياها، أَنارَ وأَظْلَما
(* أضاء بدل أنار).
والظَّلِيمُ: الذكَرُ من النعامِ، والجمع أَظْلِمةٌ
وظُلْمانٌ وظِلْمانٌ، قيل: سمي به لأَنه ذكَرُ الأَرضِ فيُدْحِي في غير
موضع تَدْحِيَةٍ؛ حكاه ابن دريد، قال: وهذا ما لا يُؤْخذُ. وفي حديث
قُسٍّ: ومَهْمَهٍ فيه ظُلْمانٌ؛ هو جمع ظَلِيم. والظَّلِيمانِ: نجمان.
والمُظَلَّمُ من الطير: الرَّخَمُ والغِرْبانُ؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
حَمَتْهُ عِتاقُ الطيرِ كلَّ مُظَلَّم،
من الطيرِ، حَوَّامِ المُقامِ رَمُوقِ
والظِّلاَّمُ: عُشْبة تُرْعَى؛ أَنشد أَبو حنيفة:
رَعَتْ بقَرارِ الحَزْنِ رَوْضاً مُواصِلاً،
عَمِيماً من الظِّلاَّمِ، والهَيْثَمِ الجَعْدِ
ابن الأعرابي: ومن غريب الشجر الظِّلَمُ، واحدتها ظِلَمةٌ، وهو
الظِّلاَّمُ والظِّلامُ والظالِمُ؛ قال الأَصمعي: هو شجر له عَسالِيجُ طِوالٌ
وتَنْبَسِطُ حتى تجوزَ حَدَّ أَصل شَجَرِها فمنها سميت ظِلاماً. وأَظْلَمُ:
موضع؛ قال ابن بري: أَظْلمُ اسم جبل؛ قال أَبو وجزة:
يَزِيفُ يمانِيه لأجْراعِ بِيشَةٍ،
ويَعْلو شآمِيهِ شَرَوْرَى وأَظْلَما
وكَهْفُ الظُّلم: رجل معروف من العرب. وظَلِيمٌ
ونَعامَةُ: موضعان بنَجْدٍ. وظَلَمٌ: موضع. والظَّلِيمُ: فرسُ فَضالةَ
بن هِنْدِ بن شَرِيكٍ الأَسديّ، وفيه يقول:
نصَبْتُ لهم صَدْرَ الظَّلِيمِ وصَعْدَةً
شُراعِيَّةً في كفِّ حَرَّان ثائِر
ظهر: الظَّهْر من كل شيء: خِلافُ البَطْن. والظَّهْر من الإِنسان: من
لَدُن مُؤخَّرِ الكاهل إِلى أَدنى العجز عند آخره، مذكر لا غير، صرح بذلك
اللحياني، وهو من الأَسماء التي وُضِعَت مَوْضِعَ الظروف، والجمع أَظْهُرٌ
وظُهور وظُهْرانٌ. أَبو الهيثم: الظَّهْرُ سِتُّ فقارات، والكاهلُ
والكَتَِدُ ستُّ فقارات، وهما بين الكتفين، وفي الرَّقبَة ست فقارات؛ قال أَبو
الهيثم: الظَّهْر الذي هو ست فِقَرٍ يكْتَنِفُها المَتْنانِ، قال
الأَزهري: هذا في البعير؛ وفي حديث الخيل: ولم يَنْسَ حقَّ الله في رِقابِها
ولا ظُهورها؛ قال ابن الأَثير: حَقُّ الظهورِ أَن يَحْمِلَ عليها
مُنْقَطِعاً أَو يُجاهدَ عليها؛ ومنه الحديث الآخر: ومِنْ حَقِّها إِفْقارُ
ظَهْرِها. وقَلَّبَ الأَمرَ ظَهْراً لِبَطْنٍ: أَنْعَمَ تَدْبِيرَه، وكذلك يقول
المُدَبِّرُ للأَمر. وقَلَّبَ فلان أَمْره ظهراً لِبَطْنٍ وظهرَه
لِبَطْنه وظهرَه لِلْبَطْنِ؛ قال الفرزدق:
كيف تراني قالباً مِجَنّي،
أَقْلِبُ أَمْرِي ظَهْرَه لِلْبَطْنِ
وإِنما اختار الفرزدق ههنا لِلْبَطْنِ على قوله لِبَطْنٍ لأَن قوله
ظَهْرَه معرفة، فأَراد أَن يعطف عليه معرفة مثله، وإِن اختلف وجه التعريف؛
قال سيبويه: هذا باب من الفعل يُبْدَل فيه الآخر من الأَول يَجْرِي على
الاسم كما يَجْرِي أَجْمعون على الاسم، ويُنْصَبُ بالفعل لأَنه مفعول،
فالبدل أَن يقول: ضُرب عبدُالله ظَهرهُ وبَطنُه، وضُرِبَ زَيدٌ الظهرُ
والبطنُ، وقُلِبَ عمرو ظَهْرُه وبطنُه، فهذا كله على البدل؛ قال: وإِن شئت كان
على الاسم بمنزلة أَجمعين، يقول: يصير الظهر والبطن توكيداً لعبدالله كما
يصير أَجمعون توكيداً للقوم، كأَنك قلت: ضُرِبَ كُلّه؛ قال: وإِن شئت
نصبت فقلت ضُرِب زيدٌ الظَّهرَ والبطنَ، قال: ولكنهم أَجازوا هذا كما
أَجازوا دخلت البيتَ، وإِنما معناه دخلت في البيت والعامل فيه الفعل، قال: وليس
المنتصبُ ههنا بمنزلة الظروف لأَنك لو قلت: هو ظَهْرَه وبطَنْهَ وأَنت
تعني شيئاً على ظهره لم يجز، ولم يجيزوه في غير الظَّهْر والبَطْن
والسَّهْل والجَبَلِ، كما لم يجز دخلتُ عبدَالله، وكما لم يجز حذف حرف الجر
إِلاَّ في أَماكن مثل دخلت البيتَ، واختص قولهم الظهرَ والبطنَ والسهلَ
والجبلَ بهذا، كما أَن لَدُنْ مع غُدْوَةٍ لها حال ليست في غيرها من الأَسماء.
وقوله، صلى الله عليه وسلم: ما نزول من القرآن آية إِلاَّ لها ظَهْرٌ
بَطْنٌ ولكل حَرْفٍ حَدٌّ ولكل حَدّ مُطَّلَعٌ؛ قال أَبو عبيد: قال بعضهم
الظهر لفظ القرآن والبطن تأْويله، وقيل: الظهر الحديث والخبر، والبطن ما
فيه من الوعظ والتحذير والتنبيه، والمُطَّلَعُ مَأْتى الحد ومَصْعَدُه،
أَي قد عمل بها قوم أَو سيعملون؛ وقيل في تفسير قوله لها ظَهْرٌ وبَطْن
قيل: ظهرها لفظها وبطنها معناها وقيل: أَراد بالظهر ما ظهر تأْويله وعرف
معناه، وبالبطن ما بَطَنَ تفسيره، وقيل: قِصَصُه في الظاهر أَخبار وفي
الباطن عَبْرَةٌ وتنبيه وتحذير، وقيل: أَراد بالظهر التلاوة وبالبطن التفهم
والتعلم. والمُظَهَّرُ، بفتح الهاء مشددة: الرجل الشديد الظهر. وظَهَره
يَطْهَرُه ظَهْراً: ضرب ظَهْره. وظَهِرَ ظَهَراً: اشتكى ظَهْره. ورجل
ظَهِيرٌ: يشتكي ظَهْرَه. والظَّهَرُ: مصدر قولك ظَهِرَ الرجل، بالكسر، إِذا
اشتكى ظَهْره. الأَزهري: الظُّهارُ وجع الظَّهْرِ، ورجل مَظْهُورٌ.
وظَهَرْتُ فلاناً: أَصبت ظَهْره. وبعير ظَهِير: لا يُنْتَفَع بظَهْره من
الدَّبَرِ، وقيل: هو الفاسد الظَّهْر من دَبَرٍ أَو غيره؛ قال ابن سيده: رواه
ثعلب. ورجل ظَهيرٌ ومُظَهَّرٌ: قويُّ الظَّهْرِ ورجل مُصَدَّر: شديد
الصَّدْر، ومَصْدُور: يشتكي صَدْرَه؛ وقيل: هو الصُّلْبُ الشديد من غير أَن
يُعَيَّن منه ظَهْرٌ ولا غيره، وقد ظَهَرَ ظَهَارَةً. ورجل خفيف الظَّهْر:
قليل العيال، وثقيل الظهر كثير العيال، وكلاهما على المَثَل. وأَكَل الرجُل
أَكْلَةً ظَهَرَ منها ظَهْرَةً أَي سَمِنَ منها. قال: وأَكل أَكْلَةً
إِن أَصبح منها لناتياً، ولقد نَتَوْتُ من أَكلة أَكلتها؛ يقول: سَمِنْتُ
منها. وفي الحديث: خَيْرُ الصدقة ما كان عن ظَهْرِ غِنى أَي ما كان
عَفْواً قد فَضَلَ عن غنًى، وقيل: أَراد ما فَضَلَ عن العِيَال؛ والظَّهْرُ قد
يزاد في مثل هذا إِشباعاً للكلام وتمكيناً كأَنَّ صدقته إِلى ظَهْرٍ
قَويٍّ من المال. قال مَعْمَرٌ: قلتُ لأَيُّوبَ ما كان عن ظَهْرِ غِنًى، ما
ظَهْرُ غِنًى؟ قال أَيوب: ما كان عن فَضْلِ عيال. وفي حديث طلحة: ما
رأَيتُ أَحداً أَعطى لجَزِيلٍ عن ظَهْرِ يَدٍ من طَلْحَةَ، قيل: عن ظهر يَدٍ
ابْتدَاءً من غير مكافأَة. وفلانٌ يأْكل عن ظَهْرِ يد فُلانٍ إِذا كان هو
يُنْفِقُ عليه. والفُقَراء يأْكلون عن ظَهْرِ أَيدي الناس.
قال الفراء: العرب تقول: هذا ظَهْرُ السماء وهذا بَطْنُ السَّمَاءِ
لظاهرها الذي تراه. قال الأَزهري: وهذا جاء في الشيء ذي الوجهين الذي ظَهْرُه
كَبَطْنه، كالحائط القائم لما وَلِيَك يقال بطنُه، ولما وَلِيَ غَيْرَك
ظَهْرُه. فأَما ظِهارَة الثوب وبِطانَتُه، فالبطانَةُ ما وَلِيَ منه
الجسدَ وكان داخلاً، والظِّهارَةُ ما علا وظَهَرَ ولم يَل الجسدَ؛ وكذلك
ظِهارَة البِسَاطِ؛ وبطانته مما يلي الأَرضَ. ويقال: ظَهَرْتُ الثوبَ إِذا
جعلتَ له ظِهَارَة وبَطَنْتُه إذا جعلتَ له بِطانَةً، وجمع الظِّهارَة
ظَهَائِر، وجمع البِطَانَةَ بَطَائِنُ والظِّهَارَةُ، بالكسر: نقيض البِطانة.
وَظَهَرْتُ البيت: عَلَوْتُه. وأَظْهَرْتُ بفلان: أَعليت به. وتظاهر
القومُ: تَدابَرُوا كأَنه ولَّى كُلُّ واحد منهم ظَهْرَه إِلى صاحبه.
وأَقْرانُ الظَّهْرِ: الذين يجيئونك من ورائك أَو من وراء ظَهْرِك في الحرب،
مأْخوذ من الظَّهْرِ؛ قال أَبو خِراشٍ:
لكانَ جَمِيلٌ أَسْوَأَ الناسِ تِلَّةً،
ولكنّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مَقاتِلُ
الأَصمعي: فلان قِرْنُ الظَّهْر، وهو الذي يأْتيه من ورائه ولا يعلم؛
قال ذلك ابن الأَعرابي، وأَنشد:
فلو كان قِرْني واحداً لكُفِيتُه،
ولكنَّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مِقاتِلُ
وروي ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده:
فلو أَنَّهُمْ كانوا لقُونا بِمثْلِنَا،
ولَكنَّ أَقْرانَ الظُّهورِ مُغالِبُ
قال: أَقران الظهور أَن يتظاهروا عليه، إِذا جاء اثنان وأَنت واحد
غلباك. وشَدَّه الظُّهاريَّةَ إِذا شَدَّه إِلى خَلْف، وهو من الظَّهْر. ابن
بُزُرج. أَوْثَقَهُ الظُّهارِيَّة أَي كَتَّفَه.
والظَّهْرُ: الرِّكابُ التي تحمل الأَثقال في السفر لحملها إِياها على
ظُهُورها. وبنو فلان مُظْهِرون إِذا كان لهم ظَهْر يَنْقُلُون عليه، كما
يقال مُنْجِبُون إِذا كانوا أَصحاب نَجائِبَ. وفي حديث عَرْفَجَة: فتناول
السيف من الظَّهْر فَحذَفَهُ به؛ الظَّهْر: الإِبل التي يحمل عليها
ويركب. يقال: عند فلان ظَهْر أَي إِبل؛ ومنه الحديث: أَتأْذن لنا في نَحْر
ظَهْرنا؟ أَي إبلنا التي نركبها؛ وتُجْمَعُ على ظُهْران، بالضم؛ ومنه
الحديث: فجعل رجالٌ يستأْذنونه في ظُهْرانهم في عُلْوِ المدينة. وفلانٌ على
ظَهْرٍ أَي مُزْمِعٌ للسفر غير مطمئن كأَنه قد رَكِبَ ظَهْراً لذلك؛ قال يصف
أَمواتاً:
ولو يَسْتَطِيعُون الرَّواحَ، تَرَوَّحُوا
معي، أَو غَدَوْا في المُصْبِحِين على ظَهْرِ
والبعير الظَّهْرِيُّ، بالكسر: هو العُدَّة للحاجة إِن احتيج إِليه، نسب
إِلى الظَّهْر نَسَباً على غير قياس. يقال: اتَّخِذْ معك بعيراً أَو
بعيرين ظِهْرِيَّيْنِ أَي عُدَّةً، والجمع ظَهارِيُّ وظَهَارِيُّ، وفي
الصحاح: ظَهِارِيُّ غير مصروف لأَن ياء النسبة ثابتة في الواحد. وبَعير
ظَهِيرٌ بَيِّنُ الظَّهارَة إِذا كان شديداً قويّاً، وناقة ظهيره. وقال الليث:
الظَّهِيرُ من الإِبل القوي الظَّهْر صحيحه، والفعل ظَهَرَ ظَهارَةً. وفي
الحديث: فَعَمَدَ إِلى بعير ظَهِير فأَمَرَ به فَرُحِلَ، يعني شديد
الظهر قويّاً على الرِّحْلَةِ، وهو منسوب إِلى الظَّهْرِ؛ وقد ظَهَّر به
واسْتَظَهْرَهُ.
وظَهَرَ بحاجةِ وظَهَرَّها وأَظْهَرها: جعلها بظَهْرٍ واستخف بها ولم
يَخِفَّ لها، ومعنى هذا الكلام أَنه جعل حاجته وراء ظَهْرِه تهاوناً بها
كأَنه أَزالها ولم يلتفت إِليها. وجعلها ظِهْرِيَّةً أَي خَلْفَ ظَهْر،
كقوله تعالى: فَنَبذُوه ورَاء ظُهُورِهم، بخلاف قولهم وَاجَهَ إِرادَتَهُ
إِذا أَقْبَلَ عليها بقضائها، وجَعَلَ حاجَتَه بظَهْرٍ كذلك؛ قال
الفرزدق:تَمِيمُ بنَ قَيْسٍ لا تَمُونَنَّ حاجَتِي
بظَهْرٍ، فلا يَعْيا عَليَّ جَوابُها
والظِّهْرِيُّ: الذي تَجْعَلُه بظَهْر أَي تنساه.
والظِّهْرِيُّ: الذي تَنْساه وتَغْفُلُ عنه؛ ومنه قوله: واتَّخَذْتَمُوه
وراءكم ظِهْرِيّاً؛ أَي لم تَلْتَفِتوا إِليه. ابن سيده: واتخذ حاجته
ظِهْرِيّاً اسْتَهان بها كأَنه نَسَبها إِلى الظَّهْر، على غير قياس، كما
قالوا في النسب إِلى البَصْرَة بِصْريُّ. وفي حديث علي، عليه السلام:
اتَّخَذْتُموه وَرَاءَكم ظِهْرِيّاً حت شُنَّتْ عليكم الغاراتُ أَي جعلتموه
وراء ظهوركم، قال: وكسر الظاء من تغييرات النَّسَب؛ وقال ثعلب في قوله
تعالى: واتخذتموه وراءكم ظِهْرِيّاً: نَبَذْتُمْ ذكر الله وراء ظهوركم؛ وقال
الفراء: يقول تركتم أَمر الله وراء ظهوركم، يقول شعيب، عليه السلام:
عَظَّمْتُمْ أَمْرَ رَهْطي وتركتم تعظيم الله وخوفه. وقال في أَثناء
الترجمة: أَي واتخذتم الرهط وراءكم ظِهْرِيّاً تَسْتَظْهِرُون بع عليَّ، وذلك لا
ينجيكم من الله تعالى. يقال: اتخذ بعيراً ظِهْرِيّاً أَي عُدَّةً. ويقال
للشيء الذي لا يُعْنَى به: قد جعلت هذا الأَمر بظَهْرٍ ورَميته بظَهْرٍ.
وقولهم. ولا تجعل حاجتي بظَهْر أَي لا تَنْسَها. وحاجتُه عندك ظاهرةٌ
أَي مُطَّرَحَة وراء الظَّهْرِ. وأَظْهَرَ بحاجته واظَّهَرَ: جعلها وراء
ظَهْرِه، أَصله اظْتَهر. أَبو عبيدة: جعلت حاجته بظَهْرٍ أَي يظَهْرِي
خَلْفِي؛ ومنه قوله: واتخذتموه وراءكم ظِهْرِيّاً، وهو استهانتك بحاجة الرجل.
وجعلني بظَهْرٍ أَي طرحني. وظَهَرَ به وعليه يَظْهَرُ: قَوِيَ. وفي
التنزيل العزيز: أَو الطِّفْل الذين لم يَظْهَروا على عَوْراتِ النساء؛ أَي
لم يبلغوا أَن يطيقوا إِتيانَ النساء؛ وقوله:
خَلَّفْتَنا بين قَوْمَ يَظْهَرُون بنا،
أَموالُهُمْ عازِبٌ عنا ومَشْغُولُ
هو من ذلك؛ قال ابن سيده: وقد يكون من قولك ظَهَرَ به إِذا جعله وراءه،
قال: وليس بقوي، وأَراد منها عازب ومنها مشغول، وكل ذلك راجع إِلى معنى
الظَّهْر. وأَما قوله عز وجل: ولا يُبْدِينَ زِينتهنَّ إِلاَّ ما ظهر
منها؛ روي الأَزهري عن ابن عباس قال: الكَفُّ والخاتَمُ والوَجْهُ، وقالت
عائشة: الزينة الظاهرة القُلْبُ والفَتَخة، وقال ابن مسعود: الزينة الظاهرة
الثياب. والظَّهْرُ: طريق البَرِّ. ابن سيده: وطريق الظَّهْره طريق
البَرِّ، وذلك حين يكون فيه مَسْلَك في البر ومسلك في البحر. والظَّهْرُ من
الأَرض: ما غلظ وارتفع، والبطن ما لانَ منها وسَهُلَ ورَقَّ واطْمأَنَّ.
وسال الوادي ظَهْراً إذا سال بمَطَرِ نفسه، فإن سال بمطر غيره قيل: سال
دُرْأً؛ وقال مرة: سال الوادي ظُهْراً كقولك ظَهْراً؛ قال الأَزهري:
وأَحْسِبُ الظُّهْر، بالضم، أَجْودَ لأَنه أَنشد:
ولو دَرَى أَنَّ ما جاهَرتَني ظُهُراً،
ما عُدْتُ ما لأْلأَــتْ أَذنابَها الفُؤَرُ
وظَهَرت الطيرُ من بلد كذا إِلى بلد كذا: انحدرت منه إِليه، وخص أَبو
حنيفة به النَّسْرَ فقال يَذْكُر النُّسُورَ: إِذا كان آخر الشتاء ظَهَرَتْ
إِلى نَجْدٍ تَتَحيَّنُ نِتاجَ الغنم فتأْكل أَشْلاءَها. وفي كتاب عمر،
رضي الله عنه، إِلى أَبي عُبيدة: فاظْهَرْ بمن معك من المسلمين إِليها
يعني إِلى أَرض ذكرها، أَي أَخْرُجُ بهم إِلى ظاهرها وأَبْرِزْهم. وفي حديث
عائشة: كان يصلي العَصْر في حُجْرتي قبل أَن تظهر، تعني الشمس، أَي تعلو
السَّطْحَ، وفي رواية: ولم تَظْهَر الشمسُ بَعْدُ من حُجْرتها أَي لم
ترتفع ولم تخرج إِلى ظَهْرها؛ ومنه قوله:
وإِنا لَنَرْجُو فَوْقَ ذلك مَظْهَرا
يعني مَصْعَداً.
والظاهِرُ: خلاف الباطن؛ ظَهَرَ يَظْهَرُ ظُهُوراً، فهو ظاهر وظهِير؛
قال أَبو ذؤيب:
فإِنَّ بَنِي لِحْيَانَ، إِمَّا ذَكَرْتُهُم،
ثَناهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، ظَهِيرُ
ويروى طهير، بالطاء المهملة. وقوله تعالى: وذَروا ظاهِرَ الإِثم
وباطِنَه؛ قيل: ظاهره المُخالَّةُ على جهة الرِّيبَةِ، وباطنه الزنا؛ قال
الزجاج: والذي يدل عليه الكلام، والله أَعلم، أَن المعنى اتركوا الإِثم ظَهْراً
وبَطْناً أَي لا تَقْرَبُوا ما حرم الله جَهْراً ولا سرّاً. والظاهرُ:
من أَسماء الله عز وجل؛ وفي التنزيل العزيز: هو الأَوّل والآخر والظاهر
والباطن؛ قال ابن الأَثير: هو الذي ظهر فوق كل شيء وعلا عليه؛ وقيل: عُرِفَ
بطريق الاستدلال العقلي بما ظهر لهم من آثار أَفعاله وأَوصافه.
وهو نازل بين ظَهْرٍيْهم وظَهْرانَيْهِم، بفتح النون ولا يكسر: بين
أَظْهُرِهم. وفي الحديث: فأَقاموا بين ظَهْرانيهم وبين أَظْهرهم؛ قال ابن
الأَثير: تكررت هذه اللفظة في الحديث والمراد بها أَنهم أَقاموا بينهم على
سبيل الاستظهار والاستناد لهم، وزيدت فيه أَلف ونون مفتوحة تأْكيداً،
ومعناه أَن ظَهْراً منهم قدامه وظهراً وراءه فهو مَكْنُوف من جانبيه، ومن
جوانبه إِذا قيل بين أَظْهُرِهم، ثم كثر حتى استعمل في الإِقامة بين القوم
مطلقاً.
ولقيته بين الظَّهْرَيْنِ والظَّهْرانَيْنِ أَي في اليومين أَو الثلاثة
أَو في الأَيام، وهو من ذلك. وكل ما كان في وسط شيء ومُعْظَمِه، فهو بين
ظَهْرَيْه وظَهْرانَيْه. وهو على ظَهْرِ الإِناء أَي ممكن لك لا يحال
بينكما؛ عن ابن الأَعرابي. الأَزهري عن الفراء: فلانٌ بين ظَهْرَيْنا
وظَهْرانَيْنا وأَظهُرِنا بنعنى واحد، قال: ولا يجوز بين ظَهْرانِينا، بكسر
النون. ويقال: رأَيته بين ظَهْرانَي الليل أَي بين العشاء إِلى الفجر. قال
الفراء: أَتيته مرة بين الظَّهْرَيْنِ يوماً في الأَيام. قال: وقال أَبو
فَقْعَسٍ إِنما هو يوم بين عامين. ويقال للشيء إِذا كان في وسط شيء: هو
بين ظَهْرَيْه وظَهْرانَيْه؛ وأَنشد:
أَلَيْسَ دِعْصاً بَيْنَ ظَهْرَيْ أَوْعَسا
والظَّواهِرُ: أَشراف الأَرض. الأَصمعي: يقال هاجَتْ ظُهُورُ الأَرض
وذلك ما ارتفع منها، ومعنى هاجَتْ يَبِسَ بَقْلُها. ويقال: هاجَتْ ظَواهِرُ
الأَرض. ابن شميل: ظاهر الجبل أَعلاه، وظاهِرَةُ كل شيء أَعلاه، استوى
أَو لم يستو ظاهره، وإِذا علوت ظَهْره فأَنت فَوْقَ ظاهِرَته؛ قال
مُهَلْهِلٌ:
وخَيْل تَكَدَّسُ بالدَّارِعِين،
كَمْشيِ الوُعُولِ على الظَّاهِره
وقال الكميت:
فَحَلَلْتَ مُعْتَلِجَ البِطا
حِ، وحَلَّ غَيْرُك بالظَّوَاهِرْ
قال خالد بن كُلْثُوم: مُعْتَلِجُ البطاح بَطْنُ مكة والبطحاء الرمل،
وذلك أَن بني هاشم وبني أُمية وسادة قريش نُزول ببطن مكة ومن كان دونهم فهم
نزول بظواهر جبالها؛ ويقال: أَراد بالظواهر أَعلى مكة. وفي الحديث ذِكر
قريشِ الظَّواهِرِ، وقال ابن الأَعرابي: قُرَيْشُ الظواهرِ الذين نزلوا
بظُهور جبال مكة، قال: وقُرَيْشُ البِطاحِ أَكرمُ وأَشرف من قريش الظواهر،
وقريش البطاح هم الذين نزلوا بطاح مكة.
والظُّهارُ: الرّيشُ. قال ابن سيده: الظُّهْرانُ الريش الذي يلي الشمس
والمَطَرَ من الجَناح، وقيل: الظُّهار، بالضم، والظُّهْران من ريش السهم
ما جعل من ظَهْر عَسِيبِ الريشة، هو الشَّقُّ الأَقْصَرُ، وهو أَجود
الريش، الواحد ظَهْرٌ، فأَما ظُهْرانٌ فعلى القياس، وأَما ظُهار فنادر؛ قال:
ونظيره عَرْقٌ وعُراقٌ ويوصف به فيقال رِيشٌ ظُهارٌ وظُهْرانٌ،
والبُطْنانُ ما كان من تحت العَسِيب، واللُّؤَامُ أَن يلتقي بَطْنُ قُذَّةٍ وظَهرُ
أُخْرَى، وهو أَجود ما يكون، فإِذا التقى بَطْنانِ أَو ظَهْرانِ، فهو
لُغابٌ ولَغْبٌ. وقال الليث: الظُّهارُ من الريش هو الذي يظهر من ريش الطائر
وهو في الجناح، قال: ويقال: الظُّهارُ جماعة واحدها ظَهْرٌ، ويجمع على
الظُّهْرانِ، وهو أَفضل ما يُراشُ به السهم فإِذا ريشَ بالبُطْنانِ فهو
عَيْبٌ، والظَّهْرُ الجانب القصير من الريش، والجمع الظُّهْرانُ،
والبُطْنان الجانب الطويل، الواحد بَطْنٌ؛ يقال: رِشْ سَهْمَك بظُهْرانٍ ولا
تَرِشْهُ ببُطْنانٍ، واحدهما ظَهْر وبَطْنٌ، مثل عَبْد وعُبْدانٍ؛ وقد ظَهَّرت
الريش السهمَ. والظَّهْرانِ: جناحا الجرادة الأَعْلَيانِ الغليظان؛ عن
أَبي حنيفة. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو زياد: للقَوْسِ ظَهْرٌ وبَطْنٌ،
فالبطن ما يلي منها الوَتَر، وظَهْرُها الآخرُ الذي ليس فيه وتَرٌ.
وظاهَرَ بين نَعْلين وثوبين: لبس أَحدهما على الآخر وذلك إِذا طارق
بينهما وطابقَ، وكذلك ظاهَرَ بينَ دِرْعَيْن، وقيل: ظاهَرَ الدرعَ لأَمَ
بعضها على بعض.
وفي الحديث: أَنه ظاهرَ بين دِرْعَيْن يوم أُحُد أَي جمع ولبس إِحداهما
فوق الأُخرى، وكأَنه من التظاهر لتعاون والتساعد؛ وقول وَرْقاء بن
زُهَير:رَأَيَتُ زُهَيْراً تحت كَلْكَلِ خالِدٍ،
فَجِئْتُ إِليه كالعَجُولِ أُبادِرُ
فَشُلَّتْ يميني يَوْمَ أَضْرِبُ خالداً،
ويَمْنَعهُ مِنَّي الحديدُ المُظاهرُ
إِنما عنى بالحديد هنا الدرع، فسمى النوع الذي هو الدرع باسم الجنس الذي
هو الحديد؛ وقال أَبو النجم:
سُبِّي الحَماةَ وادْرَهِي عليها،
ثم اقْرَعِي بالوَدّ مَنْكِبَيْها،
وظاهِري بِجَلِفٍ عليها
قال ابن سيده: هو من هذا، وقد قيل: معناه اسْتَظْهِري، قال: وليس بقوي.
واسْتَظَهْرَ به أَي استعان. وظَهَرْتُ عليه: أَعنته. وظَهَرَ عَليَّ:
أَعانني؛ كلاهما عن ثعلب. وتَظاهرُوا عليه: تعاونوا، وأَظهره الله على
عَدُوِّه. وفي التنزيل العزيز: وإن تَظَاهَرَا عليه. وظاهَرَ بعضهم بعضاً:
أَعانه، والتَّظاهُرُ: التعاوُن. وظاهَرَ فلان فلاناً: عاونه.
والمُظاهَرَة: المعاونة، وفي حديث علي، عليه السلام: أَنه بارَزَ يَوْمَ بَدْرٍ
وظاهَرَ أَي نَصَر وأَعان. والظَّهِيرُ: العَوْنُ، الواحد والجمع في ذلك
سواء، وإِنما لم يجمع ظَهِير لأَن فَعيلاً وفَعُولاً قد يستوي فيهما المذكر
والمؤُنث والجمغ، كما قال الله عز وجل: إِنَّا رسولُ رب العالمين. وفي
التنزيل العزيز: وكان الكافرُ على ربه ظَهيراً؛ يعني بالكافر الجِنْسَ،
ولذلك أَفرد؛ وفيه أَيضاً: والملائكة بعد ذلك ظهير؛ قال ابن سيده: وهذا كما
حكاه سيبويه من قولهم للجماعة: هم صَدِيقٌ وهم فَرِيقٌ؛ والظَّهِيرُ:
المُعِين. وقال الفراء في قوله عز وجل: والملائكة بعد ذلك ظهير، قال: يريد
أَعواناً فقال ظَهِير ولم يقل ظُهَراء. قال ابن سيده: ولو قال قائل إِن
الظَّهير لجبريل وصالح المؤمنين والملائكة كان صواباً، ولكن حَسُنَ أَن
يُجعَلَ الظهير للملائكة خاصة لقوله: والملائكة بعد ذلك، أَي مع نصرة هؤلاء،
ظَهيرٌ. وقال الزجاج: والملائكة بعد ذلك ظهير، في معنى ظُهَراء، أَراد:
والملائكة أَيضاً نُصَّارٌ للنبي، صلى الله عليه وسلم، أَي أَعوان النبي،
صلى الله عليه وسلم، كما قال: وحَسُنَ أُولئك رفيقاً؛ أَي رُفَقاء، فهو
مثل ظَهِير في معنى ظُهَراء، أَفرد في موضع الجمع كما أَفرده الشاعر في
قوله:
يا عاذِلاتي لا تَزِدْنَ مَلامَتِي،
إِن العَواذِلَ لَسْنَ لي بأَمِيرِ
يعني لَسْنَ لي بأُمَراء. وأَما قوله عز وجل: وكان الكافر على ربه
ظَهيراً؛ قال ابن عَرفة: أَي مُظاهِراً لأَعداء الله تعالى. وقوله عز وجل:
وظاهَرُوا على إِخراجكم؛ أَي عاوَنُوا. وقوله: تَظَاهَرُونَ عليهم؛ أَي
تَتَعاونُونَ. والظِّهْرَةُ: الأَعْوانُ؛ قال تميم:
أَلَهْفِي على عِزٍّ عَزِيزٍ وظِهْرَةٍ،
وظِلِّ شَبابٍ كنتُ فيه فأَدْبرا
والظُّهْرَةُ والظِّهْرَةُ: الكسر عن كراع: كالظَّهْرِ. وهم ظِهْرَةٌ
واحدة أَي يَتَظَاهرون على الأَعداء وجاءنا في ظُهْرَته وظَهَرَتِه
وظاهِرَتِهِ أَي في عشيرته وقومه وناهِضَتَهِ لذين يعينونه. وظَاهرَ عليه:
أَعان. واسْتَظَهَره عليه: استعانه. واسْتَظَهْرَ عليه بالأَمر: استعان. وفي
حديث علي، كرّم الله وجهه: يُسْتَظْهَرُ بحُجَج الله وبنعمته على كتابه.
وفلان ظِهْرَتي على فلان وأَنا ظِهْرَتُكَ على هذا أَي عَوْنُكَ الأَصمعي:
هو ابن عمه دِنْياً فإِذا تباعد فهو ابن عمه ظَهْراً، بجزم الهاء، وأَما
الظِّهْرَةُ فهم ظَهْرُ الرجل وأَنْصاره، بكسر الظاء. الليث: رجل
ظِهْرِيٌّ من أَهل الظَّهْرِ، ولو نسبت رجلاً إِلى ظَهْرِ الكوفة لقلت
ظِهْريٌّ، وكذلك لو نسبت جِلْداً إِلى الظَّهْر لقالت جِلْدٌ ظِهْرِيٌّ.
والظُّهُور: الظَّفَرُ بالسّيء والإِطلاع عليه. ابن سيده: الظُّهور
الظفر؛ ظَهَر عليه يَظْهَر ظُهُوراً وأَظْهَره الله عليه. وله ظَهْرٌ أَي مال
من إِبل وغنم. وظَهَر بالشيء ظَهْراً: فَخَرَ؛ وقوله:
واظْهَرْ بِبِزَّتِه وعَقْدِ لوائِهِ
أَي افْخَرْ به على غيره. وظَهَرْتُ به: افتخرت به وظَهَرْتُ عليه:
يقال: ظَهَر فلانٌ على فلان أَي قَوِيَ عليه. وفلان ظاهِرٌ على فلان أَي غالب
عليه. وظَهَرْتُ على الرجل: غلبته. وفي الحديث: فظَهَر الذين كان بينهم
وبين رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، عَهْدٌ فَقَنَتَ شهراً بعد الركوع
يدعو عليهم؛ أَي غَلَبُوهم؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، قالوا:
والأَشبه أَن يكون مُغَيَّراً كما جاء في الرواية الأُخرى: فَغَدَرُوا
بهم. وفلان من وَلَدِ الظَّهْر أَي ليس منا، وقيل: معناه أَنه لا يلتفت
إِليهم؛ قال أَرْطاةُ بنُ سُهَيَّة:
فَمَنْ مُبْلِغٌ أَبْناءَ مُرَّةَ أَنَّنا
وَجْدْنَا بَني البَرْصاءِ من وَلَدِ الظَّهْرِ؟
أَي من الذين يَظْهَرُون بهم ولا يلتفتون إِلى أَرحامهم. وفلان لا
يَظْهَرُ عليه أَحد أَي لا يُسَلِّم.
والظَّهَرَةُ، بالتحريك: ما في البيت من المتاع والثياب. وقال ثعلب: بيت
حَسَنُ الظَّهَرَةِ والأَهَرَة، فالظَّهَرَةُ ما ظَهَر منه، والأَهَرَةُ
ما بَطَنَ منه. ابن الأَعرابي: بيت حَسَنُ الأَهَرة والظَّهَرَةِ
والعَقارِ بمعنى واحد. وظَهَرَةُ المال: كَثْرَتُه. وأَظْهَرَنَا الله على
الأَمر: أَطْلَعَ. وقوله في التنزيل العزيز: فما استطاعُوا أَن يَظْهَرُوه؛
أَي ما قَدَرُوا أَن يَعْلُوا عليه لارتفاعه. يقال: ظَهَرَ على الحائط
وعلى السَّطْح صار فوقه. وظَهَرَ على الشيء إِذا غلبه وعلاه. ويقال: ظَهَرَ
فلانٌ الجَبَلَ إِذا علاه. وظَهَر السَّطْحَ ظُهُوراً: علاه. وقوله
تعالى: ومَعَارِجَ عليها يَظْهَرُونَ أَي يَعْلُون، والمعارج الدَّرَجُ. وقوله
عز وجل: فأَصْبَحُوا ظاهِرين؛ أَي غالبين عالين، من قولك: ظَهَرْتُ على
فلان أَي عَلَوْتُه وغلبته. يقال: أَظْهَر الله المسلمين على الكافرين
أَي أَعلاهم عليهم.
والظَّهْرُ: ما غاب عنك. يقال: تكلمت بذلك عن ظَهْرِ غَيْبِ، والظَّهْر
فيما غاب عنك؛ وقال لبيد:
عن ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ سَقَامُها
ويقال: حَمَلَ فلانٌ القرآنَ على ظَهْرِ لسانه، كما يقال: حَفِظَه عن
ظَهْر قلبه. وفي الحديث: من قرأَ القرآن فاسْتَظْهره؛ أَي حفظه؛ تقول:
قرأْت القرآن عن ظَهْرِ قلبي أَي قرأْته من حفظي. وظَهْرُ القَلْب: حِفْظُه
عن غير كتاب. وقد قرأَه ظاهِراً واسْتَظْهره أَي حفظه وقرأَه ظاهِراً.
والظاهرةُ: العَين الجاحِظَةُ. النضر: لعين الظَّاهرَةُ التي ملأَت
نُقْرَة العَيْن، وهي خلاف الغائرة؛ وقال غيره: العين الظاهرة هي الجاحظة
الوَحْشَةُ. وقِدْرٌ ظَهْرٌ: قديمة كأَنها تُلقى وراءَ الظَّهْرِ
لِقِدَمِها؛ قال حُمَيْدُ بن ثور:
فَتَغَيَّرَتْ إِلاَّ دَعائِمَها،
ومُعَرَّساً من جَوفه ظَهْرُ
وتَظَاهر القومُ؛ تَدابَرُوا، وقد تقدم أَنه التعاوُنُ، فهو ضدّ. وقتله
ظَهْراً أَي غِيْلَةً؛ عن ابن الأَعرابي. وظَهَر الشيءُ بالفتح،
ظُهُوراً: تَبَيَّن. وأَظْهَرْتُ الشيء: بَيَّنْته. والظُّهور: بُدُوّ الشيء
الخفيّ. يقال: أَظْهَرني الله على ما سُرِقَ مني أَي أَطلعني عليه. ويقال:
فلان لا يَظْهَرُ عليه أَحد أَي لا يُسَلِّمُ عليه أَحد. وقوله: إِن
يَظْهَرُوا عليكم؛ أَي يَطَّلِعوا ويَعْثروُا. يقال: ظَهَرْت على الأَمر. وقوله
تعالى: يَعْلَمون ظاهِراً من الحياة الدنيا؛ أَي ما يتصرفون من معاشهم.
الأَزهري: والظَّهَارُ ظاهرُ الحَرَّة. ابن شميل: الظُّهَارِيَّة أَن
يَعْتَقِلَه الشَّغْزَبِيَّةَ فَيَصْرَعَه. يقال: أَخذه الظُّهارِيَّةَ
والشَّغْزَبِيَّةَ بمعنًى.
والظُّهْرُ: ساعة الزوال، ولذلك قيل: صلاة الظهر، وقد يحذفون على
السَّعَة فيقولون: هذه الظُّهْر، يريدون صلاة الظهر. الجوهري: الظهر، بالضم،
بعد الزوال، ومنه صلاة الظهر.
والظَّهِيرةُ: الهاجرة. يقال: أَتيته حَدَّ الظَّهِيرة وحين قامَ قائم
الظَّهِيرة. وفي الحديث ذكر صلاة الظُّهْر؛ قال ابن الأَثير: هو اسم لنصف
النهار، سمي به من ظَهِيرة الشمس، وهو شدّة حرها، وقيل: أُضيفت إِليه
لأَنه أَظْهَرُ أَوقات الصلوات للأَبْصارِ، وقيل: أَظْهَرُها حَرّاً، وقيل:
لأَنها أَوَّل صلاة أُظهرت وصليت. وقد تكرر ذكر الظَّهِيرة في الحديث،
وهو شدّة الحرّ نصف النهار، قال: ولا يقال في الشتاء ظهيرة. ابن سيده:
الظهيرة حدّ انتصاف النهار، وقال الأَزهري: هما واحد، وقيل: إِنما ذلك في
القَيْظِ مشتق. وأَتاني مُظَهِّراً ومُظْهِراً أَي في الظهيرة، قال:
ومُظْهِراً، بالتخفيف، هو الوجه، وبه سمي الرجل مُظْهِراً. قال الأَصمعي: يقال
أَتانا بالظَّهِيرة وأَتانا ظُهْراً بمعنى. ويقال: أَظْهَرْتَ يا رَجُلُ
إِذا دخلت في حدّ الظُّهْر. وأَظْهَرْنا أَي سِرْنا في وقت الظُّهْر.
وأَظْهر القومُ: دخلوا في الظَّهِيرة. وأَظْهَرْنا. دخلنا في وقت الظُّهْر
كأَصْبَحْنا وأَمْسَيْنا في الصَّباح والمَساء، ونجمع الظَّهيرة على
ظَهائِرَ. وفي حديث عمر: أَتاه رجل يَشْكُو النِّقْرِسَ فقال: كَذَبَتْكَ
الظَّهائِرُ أَي عليك بالمشي في الظَّهائِر في حَرِّ الهواجر. وفي التنزيل
العزيز: وحين تُظْهِرونَ؛ قال ابن مقبل:
وأَظْهَرَ في عِلانِ رَقْدٍ، وسَيْلُه
عَلاجِيمُ، لا ضَحْلٌ ولا مُتَضَحْضِحُ
يعني أَن السحاب أَتى هذا الموضع ظُهْراً؛ أَلا ترى أَن قبل هذا:
فأَضْحَى له جِلْبٌ، بأَكنافِ شُرْمَةٍ،
أَجَشُّ سِمَاكِيٌّ من الوَبْلِ أَفْصَحُ
ويقال: هذا أَمرٌ ظاهرٌ عنك عارُه أَي زائل، وقيل: ظاهرٌ عنك أَي ليس
بلازم لك عَيْبُه؛ قال أَبو ذؤيب:
أَبى القَلْبُ إِلا أُمَّ عَمْرٍو، فأَصْبَحتْ
تحرَّقُ نارِي بالشَّكاةِ ونارُها
وعَيَّرَها الواشُونَ أَنِّي أُحِبُّها،
وتلكَ شَكاةٌ ظاهرٌ عنكَ عارُها
ومعنى تحرَّق ناري بالشكاة أَي قد شاعَ خبرِي وخبرُها وانتشر بالشَّكاة
والذكرِ القبيح. ويقال: ظهرَ عني هذا العيبُ إِذا لم يَعْلَق بي ونبا
عَنِّي، وفي النهاية: إِذا ارتفع عنك ولم يَنَلْك منه شيء؛ وقيل لابن
الزبير: يا ابنَ ذاتِ النِّطاقَين تَعْييراً له بها؛ فقال متمثلاً:
وتلك شَكاة ظاهرٌ عنك عارُها
أَراد أَن نِطاقَها لا يَغُصُّ منها ولا منه فيُعَيَّرا به ولكنه يرفعه
فيَزيدُه نُبْلاً. وهذا أَمْرء أَنت به ظاهِرٌ أَي أَنت قويٌّ عليه. وهذا
أَمر ظاهرٌ بك أَي غالب عليك.
والظِّهارُ من النساء، وظاهَرَ الرجلُ امرأَته، ومنها، مُظاهَرَةً
وظِهاراً إِذا قال: هي عليّ كظَهْرِ ذاتِ رَحِمٍ، وقد تَظَهَّر منها وتَظاهَر،
وظَهَّرَ من امرأَته تَظْهِيراً كله بمعنى. وقوله عز وجل: والذين
يَظَّهَّرُون من نِسائهم؛ قُرئ: يظاهِرُون، وقرئ: يَظَّهَّرُون، والأَصل
يَتَظَهَّرُون، والمعنى واحد، وهو أَن يقول الرجل لامرأَته: أَنتِ عليّ
كظَهْر أُمِّي. وكانت العرب تُطلِّق نسارها في الجاهلية بهذه الكلمة، وكان
الظِّهارُ في الجاهلية طلاقاً فلما جاء الإِسلام نُهوا عنه وأُوجبَت
الكفَّارةُ على من ظاهَرَ من امرأَته، وهو الظِّهارُ، وأَصله مأْخوذ من
الظَّهْر، وإِنما خَصُّوا الظَّهْرَ دون البطن والفَخذِ والفرج، وهذه أَولى
بالتحريم، لأَن الظَّهْرَ موضعُ الركوب، والمرأَةُ مركوبةٌ إِذا غُشُيَت،
فكأَنه إِذا قال: أَنت عليّ كظَهْر أُمِّي، أَراد: رُكوبُكِ للنكاح عليّ حرام
كركُوب أُمي للنكاح، فأَقام الظهر مُقامَ الركوب لأَنه مركوب، وأَقام
الركوبَ مُقام النكاح لأَن الناكح راكب، وهذا من لَطِيف الاستعارات
للكناية؛ قال ابن الأَثير: قيل أَرادوا أَنتِ عليّ كبطن أُمي أَي كجماعها،
فكَنَوْا بالظهر عن البطن للمُجاورة، قال: وقيل إِن إِتْيانَ المرأَة وظهرُها
إِلى السماء كان حراماً عندهم، وكان أَهلُ المدينة يقولون: إِذا أُتِيت
المرأَةُ ووجهُها إِلى الأَرض جاء الولدُ أَحْولَ، فلِقَصْدِ الرجل
المُطَلِّق منهم إِلى التغليظ في تحريم امرأَته عليه شبَّهها بالظهر، ثم لم
يَقْنَعْ بذلك حتى جعلها كظَهْر أُمه؛ قال: وإِنما عُدِّي الظهارُ بمن
لأَنهم كانوا إِذا ظاهروا المرأَةَ تجَنّبُوها كما يتجنّبُونَ المُطَلَّقةَ
ويحترزون منها، فكان قوله ظاهَرَ من امرأَته أَي بعُد واحترز منها، كما
قيل: آلى من امرأَته، لمَّا ضُمِّنَ معنى التباعد عدي بمن.
وفي كلام بعض فقهاء أَهل المدينة: إِذا استُحيضت المرأَةُ واستمرّ بها
الدم فإِنها تقعد أَيامها للحيض، فإِذا انقضت أَيَّامُها اسْتَظْهَرت
بثلاثة أَيام تقعد فيها للحيض ولا تُصلي ثم تغتسل وتصلي؛ قال الأَزهري: ومعنى
الاستظهار في قولهم هذا الاحتياطُ والاستيثاق، وهو مأْخوذ من
الظِّهْرِيّ، وهو ما جَعَلْتَه عُدَّةً لحاجتك، قال الأَزهري: واتخاذُ الظِّهْرِيّ
من الدواب عُدَّةً للحاجة إِليه احتياطٌ لأَنه زيادة على قدر حاجة صاحبِه
إِليه، وإِنما الظِّهْرِيّ الرجلُ يكون معه حاجتُه من الرِّكاب لحمولته،
فيَحْتاطُ لسفره ويُعِدُّ بَعيراً أَو بعيرين أَو أَكثر فُرَّغاً تكون
مُعدَّةً لاحتمال ما انقَطَع من ركابه أَو ظَلَع أَو أَصابته آفة، ثم
يقال: استَظْهَر ببعيرين ظِهْرِيّيْنِ محتاطاً بهما ثم أُقيم الاستظهارُ
مُقامَ الاحتياط في كل شيء، وقيل: سمي ذلك البعيرُ ظِهْرِيّاً لأَن صاحبَه
جعلَه وراء ظَهْرِه فلم يركبه ولم يحمل عليه وتركه عُدّةً لحاجته إِن
مَسَّت إِليه؛ ومنه قوله عز وجل حكاية عن شعيب: واتَّخَذْتُمُوه وراءَكم
ظِهْرِيّاً. وفي الحديث: أَنه أَمَرَ خُرّاصَ النخل أَن يَسْتَظْهِرُوا؛ أَي
يحتاطوا لأَرْبابها ويدَعُوا لهم قدرَ ما ينُوبُهم ويَنْزِل بهم من
الأَضْياف وأَبناءِ السبيل.
والظاهِرةُ من الوِرْدِ: أَن تَرِدَ الإِبلُ كلّ يوم نِصف النهار.
ويقال: إِبِلُ فلان تَرِدُ الظاهرةَ إِذا ورَدَت كلَّ يوم نصف النهار. وقال
شمر: الظاهرة التي تَرِدُ كلَّ يوم نصف النهار وتَصْدُرُ عند العصر؛ يقال:
شاؤُهم ظَواهِرُ، والظاهرةُ: أَن تَردَ كل يوم ظُهْراً. وظاهرةُ الغِبِّ:
هي للغنم لا تكاد تكون للإِبل، وظاهرة الغِبِّ أَقْصَرُ من الغِبِّ
قليلاً.
وظُهَيْرٌ: اسم. والمُظْهِرُ، بكسر الهاء: اسمُ رجل. ابن سيده:
ومُظْهِرُ بنُ رَباح أَحدُ فُرْسان العرب وشُعرائهم. والظَّهْرانُ ومَرُّ
الظَّهْرانِ: موضع من منازل مكة؛ قال كثير:
ولقد حَلَفْتُ لها يَمِيناً صادقاً
بالله، عند مَحارِم الرحمنِ
بالراقِصات على الكلال عشيّة،
تَغْشَى مَنابِتَ عَرْمَضِ الظَّهْرانِ
العَرْمَضُ ههنا: صغارُ الأَراك؛ حكاه ابن سيده عن أَبي حنيفة: وروى ابن
سيرين: أَن أَبا موسى كَسَا في كفّارة اليمين ثوبَينِ ظَهْرانِيّاً
ومُعَقَّداً؛ قال النضر: الظَّهْرانيّ ثوبٌ يُجاءُ به مِن مَرِّ الظَّهْرانِ،
وقيل: هو منسوب إِلى ظَهْران قرية من قُرَى البحرين. والمُعَقَّدُ:
بُرْدٌ من بُرود هَجَر، وقد تكرر ذكر مَرّ الظَّهْران، وهو واد بين مكة
وعُسْفان، واسم القرية المضافة إِليه مَرٌّ، بفتح الميم وتشديد الراء؛ وفي
حديث النابغة الجعدي أَنه أَنشده، صلى الله عليه وسلم:
بَلَغْنا السماءَ مَجْدُنا وسَناؤنا،
وإِنّا لَنَرْجُو فوق ذلك مَظْهَرا
فغَضِبَ وقال: إِلى أَين المَظْهرُ يا أَبا لَيْلى؟ قال: إِلى الجنة يا
رسول الله، قال: أَجَلْ إِن شاء الله. المَظْهَرُ: المَصْعَدُ. والظواهر:
موضع؛ قال كثير عزة:
عفَا رابِغٌ من أَهلِه فالظَّواهرُ،
فأَكْنافُ تُبْنى قد عَفَت، فالأَصافِرُ
طمس: الطُّمُوس: الدروس والانْمِحاء. وطَمَس الطريقُ وطَسَمَ يَطْمِسُ
ويَطْمُسُ طُموساً: درَسَ وامَّحى أَثَرُه؛ قال العجاج:
وإِن طَمَسَ الطريقُ تَوَهَّمَتْه
بخَوْصاوَيْنِ في لَحِجٍ كَنِينِ
وطَمَسْتُه طَمْساً، يَتَعَدَّى ولا يتعدَّى. وانْطَمَس الشيءُ
وتَطَمَّسَ: امَّحَى ودَرَسَ.
قال شمر: طُموسُ البصر ذهاب نوره وضوئه، وكذلك طُمُوس الكواكب ذهاب
ضَوْئها؛ قال ذو الرمة:
فلا تَحْسِبي شَجِّي بك البيدَ كلما
تَــلأْلأَ بالغَوْرِ النجومُ الطَّوامِسُ
وهي التي تخفى وتغيب. ويقال: طَمَسْتُه فطَمَس طُمُوساً إِذا ذهب بصره.
وطُمُوس القلب: فسادُه. أَبو زيد: طَمَس الرجلُ الكتابَ طُموساً إِذا
دَرَسه. وفي صفة الدَّجَّال: أَنه مَطْموسُ العين أَي مَمْسُوحها من غير
فحش. والطَّمْسُ: استئصال أَثر الشيء. وفي حديث وَفْدِ مَذْحِج: ويُمْسي
سَرابُها طامِساً أَي يذهب مرة ويجيء أُخرى. قال ابن الأَثير: قال الخطابي
كان الأَشبه أَن يكون سَرابُها طامياً ولكن كذا يروى. وطَمَس اللَّهُ عليه
يَطْمِسُ وطَمَسَه، وطُمِسَ النجمُ والقمر والبصر: ذهب ضوءُه. وقال
الزجاج: المَطْموس الأَعمى الذي لا يبين حَرْفُ جَفْنِ عينه فلا يرى شُفْرُ
عينيه. وفي التنزيل العزيز: ولو نشاء لطَمَسْنا على أَعينهم؛ يقول: لو
نشاء لأَعميناهم، ويكون الطموس بمنزلة المسخ للشيء، وكذلك قوله عز وجل: من
قبل أَن تَطْمِسَ وُجُوهاً، قال الزجاج: فيه ثلاثة أَقوال: قال بعضهم يجعل
وجوههم كأَقفيتهم،وقال بعضهم يجعل وجوههم منابت الشعر كأَقفيتهم، وقيل:
الوجوه ههنا تمثيل بأَمر الدين؛ المعنى من قبل أَن نضلهم مجازاة لما هم
عليه من العناد فنضلهم إِضلالاً لا يؤمنون معه أَبداً. قال وقوله تعالى:
ولو نشاء لطمسنا على أَعينهم؛ المعنى لو نشاء لأَعميناهم، وقال في قوله
تعالى: ربنا اطْمِسْ على أَموالهم، أَي غَيِّرْها، قيل: إِنه جعل سُكَّرَهم
حجارة. وتأْويل طَمْسِ الشيء: ذهابُه عن صورته. والطَّمْسُ: آخر الآيات
التسع التي أُوتيها موسى، عليه السلام، حين طُمِسَ على مال فرعون بدعوته
فصارت حجارة. جاء في التفسير: أَنه صير سُكَّرَهم حجارة. وأَرْبُعٌ
طِماسٌ: دارِسَة.والطَّامِسُ: البعيدُ. وطَمَسَ الرجلُ يَطْمُس طُمُوساً:
بَعُدَ. وخَرْقٌ طامِسٌ: بعيد لا مَسْلك فيه؛ وأَنشد شمر لابن مَيَّادة:
ومَوْماةٍ يَحارُ الطِّرْفُ فيها،
صَمُوتِ الليلِ طامِسَةِ الجِبالِ
قال: طامسة بعيدة لا تتبين من بُعد، وتكون الطَّامِسة التي غطاها
السَّراب فلا ترى. وطَمَسَ بعينه: نظر نظراً بعيداً.
والطَّامِسِيَّة: موضع؛ قال الطِّرِمَّاح بن الجَهْم:
انْظُرْ بعينِك هل تَرَى أَظْعانَهُم؟
فالطَّامِسِيَّةُ دُونَهُنَّ فَثَرْمَدُ
الأَزهري: قال أَبو تراب سمعت أَعرابيّاً يقول طَمَسَ في الأَرض وطَهَسَ
إِذا دخَل فيها إِما راسخاً وإِما واغلاً، وقال شجاع بالهاء؛ ويقال: ما
أَدري أَين طَمَسَ وأَين طَوَّسَ أَي أَين ذهب. الفراء في كتاب المصادر:
الطَّماسَةُ كالحَزْرِ، وهو مصدر. يقال: كم يكفي داري هذه من آجُرَّةٍ؟
قال: اطْمِسْ أَي احْزُِرْ.
وهج: يوم وَهِجٌ ووَهْجانٌ: شديد الحر؛ وليلة وَهِجةٌ ووَهْجانةٌ، كذلك،
وقد وَهَجا وَهْجاً ووَهَجاناً ووَهَجاً وتَوَهُّجاً.
والوَهَجُ والوَهْجُ والوَهَجانُ والتَّوَهُّجُ: حرارة الشمس والنار من
بعيد. ووَهَجانُ الجمر: اضطرام تَوَهُّجِه؛ وأَنشد:
مُصْمَقِرُّ الهجير ذُو وَهَجَانِ
والوَهْجُ، بالتسكين: مصدر وَهَجَتِ النار تَهِجُ وَهْجاً ووَهَجاناً
إِذا اتَّقَدت. وقد تَوَهَّجَتِ النارُ ووَهَجَتْ تَوَهَّجُ: تَوَقَّدَتْ،
ووَهَّجْتُها أَنا. ولها وَهِيج أَي تَوَقُّد، وأَوْهَجْتُها أَنا؛ وفي
المحكم: ووَهَجْتُها أَنا.
والمُتَوَهِّجةُ من النساء: الحارَّةُ المَتاع. والوَهَجُ والوَهِيجُ:
تَلأْلُؤُ الشيء وتَوَقُّدُه.
وتَوَهَّجَ الجوهر: تــلأُلأَ؛ قال أَبو ذؤيب:
كأَنَّ ابْنَةَ السَّهْمِيِّ دُرَّةُ غائصِ،
لها، بَعْدَ تَقْطِيعِ النُّبُوحِ، وَهِيجُ
ويروى: دُرَّة قامس.
ويقال للجوهر إِذا تــلأْلأَ: يَتَوَهَّجُ. ونجم وَهَّاجٌ: وَقَّادٌ. وفي
التنزيل: وجعلنا سِراجاً وهَّاجاً؛ قيل: يعني الشمس. وَوَهَجُ الطِّيب
ووَهِيجُه: انتشارُه وأَرَجُهُ. وتَوَهَّجَتْ رائحة الطيب أَي توقدت.
طرق: روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال:
الطَّرْق والعِيَافَةُ من الجِبْتِ؛ والطَّرْقُ: الضرب بالحصى وهو ضرب
من التَّكَهُّنِ. والخَطُّ في التراب: الكَهانَةُ. والطُّرَّاقُ:
المُتكَهِّنُون. والطَّوارِقُ: المتكهنات، طَرَقَ يَطْرُقُ طَرْقاً؛ قال
لبيد:لَعَمْرُكَ ما تَدْري الطَّوَارِقُ بالحصى، * ولا زَاجِراتُ الطير ما اللهُ صَانِعُ
واسْتَطْرَقَهُ: طلب منه الطَّرْقَ بالحصى وأَن ينظر له فيه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
خَطَّ يدِ المُسْتَطْرَقِ المَسْؤولِ
وأَصل الطَّرْقِ الضرب، ومنه سميت مِطْرقَة الصائغ والحدّاد لأَنه
يَطْرقُ بها أَي يضرب بها، وكذلك عصا النَّجَّاد التي يضرب بها الصوفَ.
والطَّرقُ: خطّ بالأَصابع في الكهانة، قال: والطَّرْقُ أَن يخلط الكاهن القطنَ
بالصوف فَيَتَكهَّن. قال أَبو منصور: هذا باطل وقد ذكرنا في تفسير
الطَّرْقِ أَنه الضرب بالحصى، وقد قال أَبو زيد: الطَّرْقُ أَن يخط الرجل في
الأَرض بإِصبعين ثم بإِصبع ويقول: ابْنَيْ عِيانْ، أَسْرِعا البيان؛ وهو
مذكور في موضعه. وفي الحديث: الطِّيَرَةُ والعِيافَةُ والطَّرْقُ من
الجِبْتِ؛ الطرقُ: الضرب بالحصى الذي تفعله النساء، وقيل: هو الخَطُّ في
الرمل.وطَرَقَ النَّجَّادُ الصوفَ بالعود يَطْرُقُه طَرْقاً: ضربه، واسم ذلك
العود الذي يضرب به المِطْرَقةُ، وكذلك مِطْرَقَةُ الحدّادين. وفي الحديث:
أَنه رأَى عجوزاً تَطْرُقُ شَعراً؛ هو ضرب الصوف والشعر بالقضيب
لَينْفشا. والمِطْرَقة: مِضْربة الحداد والصائغ ونحوهما؛ قال رؤبة:
عَاذِل قد أُولِعْتِ بالتَّرقِيشِ
إِليَّ سِراًّ، فاطْرُقي ومِيشِي
التهذيب: ومن أَمثال العرب التي تضرب للذي يخلط في كلامه ويتفنن فيه
قولهم: اطْرُقي ومِيشِي. والطَّرْق: ضرب الصوف بالعصا. والمَيْشُ: خلط الشعر
بالصوف. والطَّرْق: الماء المجتمع الذي خيضَ فيه وبِيل وبُعِرَ فكَدِر،
والجمع أَطْرَاق. وطَرَقَت الإِبل الماء إِذا بالت فيه وبعرت، فهو ماء
مَطْرُوق وطَرْقٌ. والطَّرْقُ والمَطرُوق أَيضاً: ماء السماء الذي تبول فيه
الإِبل وتَبْعَرُ؛ قال عدي بن زيد:
ودَعَوْا بالصَّبُوح يوماً، فجاءَتْ
قَيْنَةٌ في يمينها إِبْريقُ
قدَّمَتْهُ على عُقارٍ، كعَيْن الـ
ـدّيكِ، صَفَّى سُلافَها الرَّاووقُ
مُزَّةٍ قبل مَزْجِها، فإِذا ما
مُزِجَتْ، لَذَّ طَعْمَها مَنْ يَذُوقُ
وطَفَا فوقها فَقَاقِيعُ، كاليا
قوت، حُمْرٌ يَزينُها التَّصفيقُ
ثم كان المِزَاجُ ماءَ سحاب
لا جَوٍ آجِنٌ، ولا مَطْرُوقُ
ومنه قول إِبراهيم في الوضوء بالماء: الطَّرْقُ أَحَبُّ إليَّ من
التَّيَمُّم؛ هو الماء الذي خاضت فيه الإِبل وبالت وبعرت. والطَّرْق أَيضاً:
ماء الفحلِ. وطرَقَ الفحلُ الناقة يَطْرُقها طَرْقاً وطُروقاً أَي قَعا
عليها وضربها. وأَطْرَقه فحلاً: أَعطاه إِياه يضرب في إِبله، يقال:
أَطرِقْني فحلَك أَي أَعِرْني فحلك ليضرب في إِبلي. الأَصمعي: يقول الرجل للرجل
أَعِرْني طَرْقَ فحلِك العامَ أَي ماءه وضِرابَهُ؛ ومنه يقال: جاء فلان
يَسْتَطْرِقُ ماءَ طَرْقٍ. وفي الحديث: ومِنْ حقِّها إِطْراقُ فحلِها أَي
إِعارته للضراب، واسْتطْراق الفحل إِعارته لذلك. وفي الحديث: من أَطْرَقَ
مسلماً فَعَقّتْ له الفرسُ؛ ومنه حديث ابن عمر: ما أُعْطيَ رجلٌ قطّ
أَفضلَ من الطَّرْقِ، يُطْرِق الرجلُ الفحل فيُلْقِح مائة فَيَذْهبُ
حَيْرِيَّ دَهْرٍ أَي يحوي أَجره أَبَدَ الآبِدينَ، ويُطْرِقُ أَي يعير فحله
فيضرب طَرُوقَة الذي يَستَطْرِقه. والطَّرْقُ في الأَصل: ماء الفحل، وقيل: هو
الضِّرابُ ثم سمي به الماء. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: والبيضة منسوبة
إِلى طَرْقِها أَي إِلى فحلها. واسْتَطْرَقَهُ فحلاً: طلب منه أَن
يُطْرِقَهُ إِياه ليضرب في إِبله. وطَرُوقَةُ الفحل: أُنثْاه، يقال: ناقة
طَرُوقَةُ الفحل للتي بلغت أَن يضربها الفحل، وكذلك المرأَة. وتقول العرب:
إِذا أَردت أَن يُشْبهك ولَدُك فأَغْضِب طَرُوقَتَك ثم ائتِْها. وفي
الحديث: كان يُصْبِحُ جنباً من غير طَرُوقَةٍ أَي زوجة، وكل امرأة طَرُوقَةُ
زوجها، وكل ناقة طَرُوقَةُ فحلها، نعت لها من غير فِعْلٍ لها؛ قال ابن
سيده: وأَرى ذلك مستعاراً للنساء كما استعار أَبو السماك الطَّرْق في
الإِنسان حين قال له النجاشي: ما تَسْقِنيي؟ قال: شراب كالوَرْس، يُطَيْب النفس،
ويُكْثر الطَّرْق، ويدرّ
في العِرْق، يشدُّ العِظام، ويسهل للفَدْم الكلام؛ وقد يجوز أَن يكون
الطَّرْقُ وَضْعاً في الإِنسان فلا يكون مستعاراً. وفي حديث الزكاة في
فرائض صدَقات الإِبل: فإِذا بلغت الإِبل كذا ففيها حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الفحل؛
المعنى فيها ناقة حِقَّةٌ يَطْرقٌ الفحلُ مثلها أَي يضربها ويعلو مثلها
في سنها، وهي فَعُولَةٌ بمعنى مَفْعولة أَي مركوبة للفحل. ويقال
للقَلُوصِ التي بلغت الضَّرابَ وأَرَبَّتْ بالفحل فاختارها من الشُّوَّل: هي
طَرْوقَتُه. ويقال للمتزوج: كيف وجدتَ طَرُوقَتَك؟ ويقال: لا أَطْرَقَ اللهُ
عليك أَي لا صَيَّر لك ما تَنكْحِه. وفي حديث عمرو بن العاص: أَنه قَدِم
على عمر، رضي الله عنه، من مصر فجرَى بينهما كلام، وأَن عمر قال له: إِن
الدجاجة لتَفْحَصُ في الرماد فَتَضَعُ لغير الفحل والبيضة منسوبة إِلى
طَرْقها، فقام عمرو مُتَرَبَّدَ
الوجه؛ قوله منسوبة إِلى طَرْقها أَي إِلى فحلها، وأَصل الطَّرْق
الضِّرَاب ثم يقال للضارب طَرْقٌ بالمصدر، والمعنى أَنه ذو طَرْقٍ؛ قال الراعي
يصف إِبلاً:
كانَتْ هَجائِنُ مُنْذرٍ ومُحٍرَّقٍ
أُمَّاتِهِنَّ وطَرْقُهُنَّ فَحِيلا
أَي كان ذو طَرْقِها فحلاً فحيلاً أَي منجباً. وناقة مِطْراق: قريبة
العهد بطَرق الفحل إِِياها. والطَّرْق: الفحل، وجمعه طُرُوقٌ وطُرَّاقٌ؛ قال
الشاعر يصف ناقة:
مُخْلفُ الطُّرَّاقِ مَجهُولَةٌ،
مُحْدِثٌ بعد طِرَاقِ اللُّؤَم
قال أَبو عمرو: مُخْلِفُ الطُّرَّاق: لم تلقح، مجهولة: محرَّمة الظهر لم
تُرْكَبْ ولم تُحْلَبْ، مُحْدِث: أَحدثتِ لِقاحاً، والطِّراق: الضِّراب،
واللؤام: الذي يلائمها. قال شمر: ويقال للفحل مُطْرِق؛ وأَنشد:
يَهَبُ النَّجِيبَةَ والنَّجِيبَ، إِذا شَتَا،
والبازِلَ الكَوْمَاء مثل المُطْرِق
وقال تيم:
وهل تُبْلغَنِّي حَيْثُ كانَتْ دِيارُها
جُمالِيَّةٌ كالفحل، وَجنْاءُ مُطْرِقُ؟
قال: ويكون المُطْرِقُ من الإِطْراقِ أَي لا تَرْغو ولا تَضِجّ. وقال
خالد بن جنبة: مُطْرِقٌ من الطَّرْق وهو سرعة المشي، وقال: العَنَقُ
جَهْدُ الطَّرْق؛ قال الأَزهري: ومن هذا قيل للراجل مُطْرِق وجمعه
مَطَارِيقُ، وأَما قول رؤبة:
قَوَارِباً من واحِفٍ بعد العَنَقْ
للعِدِّ، إِذ أَخْلَفَه ماءُ الطَّرَقْ
فهي مناقع المياه تكون في بحائر الأَرض. وفي الحديث: نهى المسافر أَن
يأْتي أَهله طُروقاً أَي ليلاً، وكل آتٍ بالليل طَارِقٌ، وقيل: أَصل
الطُّروقِ من الطَّرْقِ وهو الدَّق، وسمي الآتي بالليل طَارِقاً لحاجته إلى دَق
الباب. وطَرَق القومَ يَطْرُقُهم طَرْقاً وطُروقاً: جاءَهم ليلاً، فهو
طارِقٌ. وفي حديث عليّ، عليه السلام: إِنها حَارِقةٌ طارِقةٌ أَي طَرَقَتْ
بخير. وجمع الطارِقَةِ طَوارِق. وفي الحديث: أَعوذ بك من طَوارِقِ الليل
إِلا طارِقاً يَطْرُقُ بخير. وقد جُمع طارِقٌ على أَطْراقٍ مثل ناصرٍ
وأَنصار؛ قال ابن الزبير:
أَبَتْ عينُه لا تذوقُ الرُّقاد،
وعاوَدها بعضُ أَطْراقِها
وسَهَّدَها، بعد نوع العِشاء،
تَذَكُّرُ نَبْلِي وأَفْواقِها
كنى بنبله عن الأقارب والأَهل. وقوله تعالى: والسماء والطَّارِقِ؛ قيل:
هو النجم الذي يقال له كوكب الصبح، ومنه قول هند بنت عتبة، قال ابن بري:
هي هند بنت بياضة بن رباح بن طارق الإِيادي قالت يوم أُحد تحض على
الحرب:نَحْنُ بناتُ طارِق،
لا نَنْثَني لِوامِق،
نَمْشي على النَّمارِق،
المِسْكُ في المَفَارِق،
والدُّرُّ في المَخانِق،
إِن تُقْبِلوا نُعانِق،
أَو تُدْبِرُوا نُفارِق،
فِراقَ غَيرِ وامِق
أَي أَن أَبانا في الشرف والعلو كالنجم المضيء، وقيل: أَرادت نحن بنات
ذي الشرف في الناس كأَنه النجم في علو قدره؛ قال ابن المكرم: ما أَعرف
نجماً يقال له كوكب الصبح ولا سمعت من يذكره في غير هذا الموضع، وتارة يطلع
مع الصبح كوكب يُرَى مضيئاً ، وتارة لا يطلُع معه كوكب مضيء، فإِن كان
قاله متجوزاً في لفظه أَي أَنه في الضياء مثل الكوكب الذي يطلع مع الصبح
إِذا اتفق طلوع كوكب مضيء في الصبح، وإِلا فلا حقيقة له. والطَّارِقُ:
النجم، وقيل: كل نجم طَارِق لأَن طلوعه بالليل؛ وكل ما أَتى ليلاً فهو طارِق؛
وقد فسره الفراء فقال: النجم الثّاقِب. ورجل طُرَقَةٌ، مثال هُمَزَةٍ،
إِذا كان يسري حتى يَطْرُق أَهله ليلاً. وأَتانا فلان طُروقاً إِذا جاء
بليل. الفراء: الطَّرَقُ في البعير ضعف في ركبتيه. يقال: بعير أَطرَقُ
وناقة طَرْقاءُ بيِّنة الطَّرَقِ، والطَّرَقُ ضعف في الركبة واليد، طَرِقَ
طَرَقاً وهو أَطْرَقُ، يكون في الناس والإِبل؛ وقول بشر:
ترى الطِّرَقَ المُعَبَّدَ في يَدَيْها
لكَذَّان الإكَامِ، به انْتِضالُ
يعني بالطَّرَق المُعَبَّد المذلل، يريد ليناً في يديها ليس فيه جَسْوٌ
ولا يبس. يقال: بعير أَطْرَق وناقة طَرْقاءُ بيِّنة الطَّرَق في يديها
لين، وفي الرَّجل طَرْقَةٌ وطِراقٌ وطِرِّيقَةٌ أَي استرخاء وتكسر ضعيف
ليِّن؛ قال ابن أَحمر يخاطب امرأَته:
ولا تَحْلَيْ بمَطْرُوقٍ، إِذا ما
سَرى في القَوْم، أَصبح مُسْتَكِينَا
وامرأَة مَطْروقَةٌ: ضعيفة ليست بمُذكًّرَة. وقال الأَصمعي: رجل
مَطْروقٌ أَي فيه رُخْوَةٌ وضعف، ومصدره الطِّرِّيقةُ، بالتشديد. ويقال: في ريشه
طَرَقٌ أَي تراكب. أَبو عبيد: يقال للطائر إِذا كان في ريشه فَتَخٌ، وهو
اللين: فيه طَرَقٌ. وكَلأٌ مَطْروقٌ: وهو الذي ضربه المطر بعد يبسه.
وطائر فيه طَرَقٌ أَي لين في ريشه. والطَّرَقُ في الريش: أَن يكون بعضُها
فوق بعض. وريش طِرَاقٌ إِذا كان بعضه فوق بعض؛ قال يصف قطاة:
أَمّا القَطاةُ، فإِنِّي سَوْفَ أَنْعَتُها
نعْتاً، يُوافِقُ نَعْتي بَعْضَ ما فيها:
سَكَّاءٌ مخطومَةٌ، في ريشها طَرَقٌ،
سُود قوادمُها، صُهْبٌ خَوافيها
تقول منه: اطَّرقَ جناحُ الطائر على افْتَعَلَ أَي التف. ويقال:
اطَّرَقَت الأَرض إِذا ركب التراب بعضه بعضاً. والإِطْراقُ: استرخاء العين.
والمُطْرِقُ: المسترخي العين خِلقةً. أَبو عبيد: ويكون الإِطْراقُ الاسترخاءَ
في الجفون؛ وأَنشد لمُزَِّدٍ يرثي عمر بن الخطاب، رضي الله عنه:
وما كُنْت أَخْشَى أَن تكونَ وفاتُه
بِكَفَّيْ سَبَنْتى أَزرقِ العينِ مُطْرِقِ
والإِطْراقُ: السكوت عامة، وقيل: السكوت من فَرَقٍ. ورجل مُطْرِقٌ
ومِطْراقٌ وطِرِّيق: كثير السكوت. وأَطْرَقَ الرجل إِذا سكت فلم يتكلم،
وأَطْرَقَ أيضاً أَي أَرخى عينيه ينظر إِلى الأَرض. وفي حديث نظر الفجأَة:
أَطْرِق بصَرك، الإِطْراقُ: أَن يُقْبل ببصره إِلى صدره ويسكت ساكناً؛ وفيه:
فأَطْرَقَ ساعة أَي سكت، وفي حديث آخر: فأَطْرَقَ رأْسَه أَي أَماله
وأَسكنه. وفي حديث زياد: حتى انتهكوا الحَرِيمَ ثم أَطْرَقُوا وراءكم أَي
استتروا بكم.
والطِّرِّيقُ: ذَكَر الكَرَوان لأَنه يقال أَطْرِقْ كَرَا فيَسْقط
مُطْرِقاً فيُؤخذ. التهذيب: الكَرَوان الذكر اسمه طِرِّيق لأَنه إِذا رأَى
الرجل سقط وأَطْرَق، وزعم أَبو خيرة أَنهم إِذا صادوه فرأَوه من بعيد
أَطافوا به، ويقول أَحدهم: أَطْرِقْ كَرَا إِنك لا تُرى، حتى يتَمَكن منه
فيُلقي عليه ثوباً ويأْخذه؛ وفي المثل:
أَطْرِقْ كَرَا أَطْرِقْ كَرَا
إِنَّ النَّعامَ في القُرَى
يضرب مثلاً للمعجب بنفسه كما يقال فَغُضَّ الطرْفَ، واستعمل بعض العرب
الإِطراق في الكلب فقال:
ضَوْرِيّة أُولِعْتُ باشْتِهارِها،
يُطْرِقُ كلبُ الحيِّ مِن حِذارِها
وقال اللحياني: يقال إِنَّ تحت طِرِّيقتِك لَعِنْدأْوةً؛ يقال ذلك
للمُطْرق المُطاوِل ليأْتِي بداهية ويَشُدّ شَدّة ليثٍ غيرِ مُتّعقٍ، وقيل
معناه أَي إِن في لينِه أَي إِنَّ تحت سكوتك لَنَزْوةً وطِماحاً،
والعِنْدَأْوةُ أَدْهى الدَّواهي، وقيل: هو المكر والخديعة، وهو مذكور في
موضعه.والطُّرْقةُ: الرجل الأَحْمَق. يقال: إِنه لَطُرْقةٌ ما يحسن يطاق من
حمقه.
وطارَقَ الرجلُ بين نعلين وثوبين: لَبِس أَحدَهما على الآخر. وطارَقَ
نعلين: خَصَفَ إِحدَاهما فوق الأُخرى، وجِلْدُ النعل طِراقُها. الأَصمعي:
طارَقَ الرجلُ نعليه إِذا أَطبَقَ نعلاً على نعل فخُرِزَتا، وهو
الطَّرّاق، والجلدُ الذي يضربها به الطِّراقُ؛ قال الشاعر:
وطِرَاقٌ من خَلْفِهِنّ طِراقٌ،
ساقِطاتٌ تَلْوي بها الصحراءُ
يعني نعال الإِبل. ونعل مُطارَقة أَي مخصوفة، وكل خصيفة طِراقٌ؛ قال ذو
الرمة:
أَغبْاشَ لَيْلِ تمامٍ، كانَ طارَقَه
تَطَخْطُخُ الغيمِ، حتى ما لَه جُوَبُ
وطِرَاقُ النعل: ما أُطْبِقَت عليه فخُرِزَتْ به، طَرَقَها يَطْرُقُها
طَرْقاً وطارَقَها؛ وكل ما وضع بعضه على بعض فقد طُورِقَ وأَطْرقَ.
وأَطْراقُ البطن: ما ركب بعضه بعضاً وتَغَضَّنَ. وفي حديث عمر: فلِبْسْتُ
خُفَّيْنِ مُطارَقَيْنِ أَي مُطبْقَينِ واحداً فوق الآخر. يقال: أَطْرَقَ
النعلَ وطارَقَها.
وطِرَاقُ بيضةِ الرأْس: طبقاتٌ بعضها فوق بعض. وأَطراقُ القربة:
أَثناؤها إِذا انْخَنَثَتْ وتثنَّتْ، واحدها طَرَقٌ. والطَّرَقُ ثِنْيُ القربة،
والجمع أَطرْاقٌ وهي أَثناؤها إِذا تَخَنَّثَتْ وتثنَّتْ. ابن الأَعرابي:
في فلان طَرْقة وحَلَّة وتَوضِيع إِذا كان فيه تخنُّث. والمَجَانّ
المُطْرَقَة: التي يُطْرَق بعضُها على بعض كالنَّعْل المُطْرَقة المَخصُوفة.
ويقال: أُطْرِقَت بالجلْد والعصَب أَي أُلْبِسَت، وتُرْس مُطْرَق.
التهذيب: المَجانُّ المُطْرَقة ما يكون بين جِلْدين أَحدهما فوق الآخر، والذي
جاءَ في الحديث: كأَنَّ وُجوهَهم المَجانَّ المُطْرَقة أَي التِّراس التي
أُلْبِسَتِ العَقَب شيئاً فوق شيء؛ أَراد أَنهم عِراضُ الوُجوه غِلاظها؛
ومنه طارَق النعلَ إِذا صيَّرها طاقاً فوق طاقٍ وركَب بعضها على بعض،
ورواه بعضهم بتشديد الراء للتكثير، والأَول أَشهر. والطِّراق: حديد يعرَّض
ويُدار فيجعل بَيْضة أَو ساعِداً أَو نحوَه فكل طبقة على حِدَة طِراق.
وطائر طِراق الريش إِذا ركب بعضُه بعضاً؛ قال ذو الرمة يصف بازياً:
طِرَاق الخَوافي، واقِعٌ فَوْقَ ريعهِ،
نَدَى لَيْلِه في رِيشِه يَتَرَفْرَقُ
وأَطْرَق جَناح الطائر: لَبِسَ الريش الأَعلى الريش الأَسفل. وأَطْرَق
عليه الليل: ركب بعضُه بعضاً؛ وقوله:
. . . . . . . . ولم
تُطْرِقْ عليك الحُنِيُّ والوُلُجُ
(* قوله «ولم تطرق إلخ» تقدم انشاده في مادة سلطح:
أنت ابن مسلنطح البطاح ولم * تعطف عليك الحني والولج.)
أَي لم يوضَع بعضُه على بعض فتَراكَب. وقوله عز وجل: ولقد خلقنا فوقكم
سبعَ طَرائق؛ قال الزجاج: أَراد السمواتِ السبع، وإِنما سميت بذلك
لتراكُبها، والسموات السبع والأرضون السبع طَرائِقُ بعضُها فوق بعض؛ وقال
الفراء: سبْعَ طرائق يعني السموات السبع كلُّ سماء طَرِيقة.
واختضَبَت المرأَة طَرْقاً أَو طَرْقين وطرْقَة أَو طَرْقَتَينِ يعني
مرة أَو مرتين، وأَنا آتيه في النهار طََرْقة أَو طَرْقَتَين أَي مرَّة أَو
مرَّتين. وأَطْرَق إِلى اللهْو: مال؛ عن ابن الأعرابي.
والطَّرِيقُ: السبيل، تذكَّر وتؤنث؛ تقول: الطَّريق الأَعظم والطَّريق
العُظْمَى، وكذلك السبيل، والجمع أَطْرِقة وطُرُق؛ قال الأَعشى:
فلمّا جَزَمتُ به قِرْبَتي،
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أَو خَلِيفَا
وفي حديث سَبْرة: أَن الشيطان قَعَد لابن آدم بأَطْرِقة؛ هي جمع طريق
على التذكير لأَن الطريق يذكَّر ويؤنث، فجمعه على التذكير أَطْرِقة كرغيف
وأَرْغِفة، وعلى التأْنيث أَطْرُق كيمين وأَيْمُن. وقولهم: بَنُو فلان
يَطَؤُهم الطريقُ؛ قال سيبويه: إِنما هو على سَعَة الكلام أَي أَهلُ الطريق،
وقيل: الطريق هنا السابِلةُ
فعلى هذا ليس في الكلام حذف كما هو في القول الأول، والجمع أَطْرِقة
وأَطْرِقاء وطُرُق، وطُرُقات جمع الجمع؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
يَطَأُ الطَّرِيقُ بُيُوتَهم بِعيَاله،
والنارُ تَحْجُبُ والوُجوه تُذالُ
فجعل الطَّرِيقَ يَطَأُ بِعياله بيوتَهم، وإِنما يَطَأُ بيوتَهم أَهلُ
الطَّرِيق.
وأُمُّ الطَّرِيق: الضَّبُع؛ قال الكُمَيْت:
يُغادِرْنَ عَصْبَ الوالِقيّ وناصِحٍ،
تَخُصُّ به أُمُّ الطَّريقِ عِيالَها
الليث: أُمُّ طَريق هي الضَّبُع إِذا دخل الرجل عليها وِجارَها قال
أَطْرِقي أُمَّ طرِيق ليست الضَّبُع ههنا.
وبناتُ الطَّرِيق: التي تفترق وتختلِف فتأْخذ في كل ناحية؛ قال أَبو
المثنى بن سَعلة الأَسدي:
أِرْسَلْت فيها هَزِجاً أَصْواتُهُ،
أََكْلَف قَبْقَابَ الهَدِيرِ صاتُهُ،
مُقاتِلاً خالاته عَمّاتُهُ،
آباؤُه فيها وأُمَّهاتُهُ،
إِذا الطَّرِيقُ اختلفَتْ بَناتُهُ
وتَطَرَّقَ إِلى الأَمر: ابتغى إِليه طَريقاً. والطريق: ما بين
السِّكَّتَينِ من النَّخْل. قال أَبو حنيفة: يقال له بالفارسية
الرَّاشْوان.والطَّرُيقة: السِّيرة. وطريقة الرجل: مَذْهبه. يقال: ما زال فلان على
طَرِيقة واحدة أَي على حالة واحدة. وفلان حسن الطَّرِيقة، والطَّرِيقة
الحال. يقال: هو على طَرِيقة حسَنة وطَريقة سَيِّئة؛ وأَما قول لَبِيد
أَنشده شمر:
فإِنْ تُسْهِلوا فالسِّهْل حظِّي وطُرْقَني،
وإِِنْ تُحْزِنُوا أَرْكبْ بهم كلَّ مَرْكبِ
قال: طُرْقَتي عادَتي. وقوله تعالى: وأَنْ لَوِ اسْتَقاموا على
الطَّرِيقة؛ أَراد لَوِ استقاموا على طَرِيقة الهُدى، وقيل، على طَريقة الكُفْر،
وجاءت معرَّفة بالأَلف واللام على التفخيم، كما قالوا العُودَ للمَنْدَل
وإِن كان كل شجرة عُوداً. وطَرائقُ الدهر: ما هو عليه من تَقَلُّبه؛ قال
الراعي:
يا عَجَباً للدَّهْرِ شَتَّى طَرائِقُهْ،
ولِلْمَرْءِ يَبْلُوه بما شاء خالِقُهْ
كذا أَنشده سيبويه يا عجباً منوناً، وفي بعض كتب ابن جني: يا عَجَبَا،
أَراد يا عَجَبي فقلب الياء أَلفاً لمدِّ الصَّوْت كقوله تعالى: يا
أَسَفَى على يوسف. وقولُه تعالى: ويَذْهَبا بطَرِيقَتكُم المُثْلى؛ جاء في
التفسير: أَن الطَّرِيقة الرجالُ
الأَشراف، معناه بجَماعِتكم الأَشراف، والعرب تقول للرجل الفاضل: هذا
طَرِيقَة قومِه، وطَرِيقَة القوم أَماثِلُهم وخِيارُهُم، وهؤلاء طَرِيقةُ
قومِهم، وإِنَّما تأْويلُه هذا الدي يُبْتَغَى أَن يجعلَه قومُه قُدْوةً
ويسلكوا طَرِيقَته. وطَرائِقُ قومِهم أَيضاً: الرجالُ الأشراف. وقال
الزجاج: عندي، والله أَعلم، أَن هذا على الحذف أَي ويَذْهَبا بأَهْل
طَريقَتِكم المُثْلى، كما قال تعالى: واسأَلِ
القَرْية؛ أَي أَهل القرية؛ الفراء: وقوله طَرائِقَ قِدَداً من هذا.
وقال الأَخفش: بطَرِيقَتكم المُثْلى أَي بسُنَّتكم ودينكم وما أَنتم عليه.
وقال الفراء: كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً؛ أَي كُنَّا فِرَقاً مختلفة
أَهْواؤنا. والطّريقة: طَرِيقة الرجل. والطَّرِيقة: الخطُّ في الشيء. وطَرائِقُ
البَيْض: خطُوطُه التي تُسمَّى الحُبُكَ. وطَريقة الرمل والشَّحْم: ما
امتدَّ منه. والطَّرِيقة: التي على أَعلى الظهر. ويقال للخطّ الذي يمتدّ
على مَتْن الحمار طَرِيقة، وطريقة المَتْن ما امتدَّ منه؛ قال لبيد يصف
حمار وَحْش:
فأَصْبَح مُمتْدَّ الطَّريقة نافِلاً
الليث: كلُّ أُخْدُودٍ من الأَرض أَو صَنِفَةِ ثَوْب أَو شيء مُلْزَق
بعضه ببعض فهو طَرِيقة، وكذلك من الأَلوان. اللحياني: ثوب طَرائقُ
ورَعابِيلُ بمعنى واحد. وثوبٌ طَرائق: خَلَقٌ؛ عن اللحياني، وإِذا وصفت القَناة
بالذُّبُول قِيل قَناة ذات طَرائق، وكذلك القصبة إِذا قُطِعَتْ رَطْبة
فأَخذت تَيْبَس رأَيت فيها طَرائق قد اصْفَرَّت حين أَخذت في اليُبْس وما لم
تَيْبَس فهو على لوْن الخُضّرة، وإِن كان في القَنا فهو على لَوْن
القَنا؛ قال ذو الرمة يصف قَناة:
حتَّى يَبِضْنَ كأَمْثال القَنا ذبَلَتْ،
فيها طرائقُ لَدْناتٌ على أَوَدِ
والطَّرِيقَةُ وجمعها طَرائق: نَسِيجة تُنْسَج من صوف أَو شعَر عَرْضُها
عَظْمُ الذِّراع أَو أَقلّ، وطولها أَربع أَذرُع أَو ثماني أَذرُع على
قَدْرِ عِظَم البيت وصِغَره، تُخَيّط في مُلتْقَى الشِّقاق من الكِسْر
إِلى الكِسْر، وفيها تكون رؤوس العُمُد، وبينها وبين الطَّرائقِِ أَلْبادٌ
تكون فيها أُنُوف العُمُد لئلا تَُخْرِقَ الطَّرائق. وطَرَّفوا بينهم
طَرائِق، والطَّرائق: آخرُ ما يَبْقى من عَفْوةِ الكَلإِ. والطَّرائق:
الفِرَق.
وقوم مَطارِيق: رَجَّالة، واحدهم مُطْرِق، وهو الرَّاجِل؛ هذا قول أَبي
عبيد، وهو نادر إِلا أَن يكون مَطارِيق جمع مِطْراق. والطَّرِيقة:
العُمُد، وكل عَمُود طَرِيقة. والمُطْرِق: الوَضيع.
وتَطارق الشيءُ تتابع. واطَّرَقت الإِبل اطِّراقاً وتَطارقت: تَبِع
بعضُها بعضاً وجاءت على خُفٍّ واحد؛ قال رؤبة:
جاءتْ معاً، واطَّرَقَتْ شَتِيتا،
وهيَ تُثِير السَّاطعَ السِّخْتِيتا
يعني الغُبار المرتفع؛ يقول: جاءت مجتمِعة وذهبت متفرِّقة.
وتركَتْ راعِيَها مَشْتُوتا
ويقال: جاءت الإِبل مَطارِيق يا هذا إِذا جاء بعضُها في إِثْر بعض،
والواحد مِطْراق. ويقال: هذا مِطراق هذا أَي مثله وشِبْهه، وقيل أَي تِلْوُه
ونظيرهُ؛ وأَنشد الأَصمعي:
فاتَ البُغاةَ أَبو البَيْداء مُحْتَزِماً؛
ولم يُغادِر له في الناس مِطْراقا
والجمع مَطارِيق. وتَطارق القومُ: تَبِعَ بعضُهم بعضاً. ويقال: هذا
النَّبْل طَرْقةُ رجلٍ واحد أَي صنعة رجل واحد. والطَّرَق: آثار الإِبل إِذا
تبع بعضُها بعضاً، واحدتها طَرَقة، وجاءت على طَرَقة واحدة كذلك أَي على
أَثر واحد. ويقال: جاءت الإِبل مَطارِيقَ إِذا جاءت يَتْبع بعضُها بعضاً.
وروى أَبو تراب عن بعض بني كلاب: مررت على عَرَقَة الإِبل وطَرَقَتِها
أَي على أَثرها؛ قال الأَصمعي: هي الطَّرَقة والعَرَقة الصَّفّ
والرَّزْدَقُ. واطَّرَق الحوْضُ، على افْتَعل، إِذا وقع فيه الدِّمْنُ فَتَلَبَّد
فيه. والطَّرَق، بالتحريك: جمع طَرَقة وهي مثال العَرَقة. والصَّفّ
والرَّزْدَق وحِبالةُ الصائد ذات الكِفَفِ وآثارُ الإِبل بعضها في إِثْر بعض:
طَرَقة. يقال: جاءت الإِبل على طَرَقة واحدة وعلى خُفّ واحد أَي على أَثر
واحد.
واطَّرَقت الأَرض: تلبَّد تُرابها بالمطر؛ قال العجاج:
واطَّرَقت إِلاَّ ثلاثاً عُطَّفا
والطُّرَق والطُّرق: الجوادُّ وآثارُ المارة
تظهر فيها الآثار، واحدتها طُرْقة. وطُرَق القوس: أَسارِيعُها
والطَّرائقُ التي فيها، واحدتها طُرْقة، مثل غُرْفة وغُرَف. والطُّرَق:
الأَسارِيعُ. والطُّرَق أَىضاً: حجارة مُطارَقة بعضها على بعض.
والطُّرْقة: العادَة. ويقال: ما زال ذلك طُرْقَتَك أَي دَأْبك.
والطِّرْق: الشَّحْم، وجمعه أَطْراق؛ قال المَرَّار الفَقْعَسي:
وقد بَلَّغْنَ بالأَطْراقِ، حتَّى
أُذِيعَ الطِّرْق وانكَفَت الثَّمِيلُ
وما به طِرْق، بالكسر، أَي قُوَّة، وأَصل الطِّرْق الشَّحْم فكنى به
عنها لأَنها أَكثر ما تكون عنه؛ وكل لحمة مستطيلة فهي طَرِيقة. ويقال: هذا
بعير ما به طِرْق أَي سِمَن وشَحْم. وقال أَبو حنيفة: الطِّرْق السِّمَن،
فهو على هذا عَرَض. وفي الحديث: لا أَرى أَحداً به طِرْقٌ يتخلَّف؛
الطَّرْق، بالكسر: القوَّة، وقيل: الشحم، وأَكثر ما يستعمل في النفي. وفي حديث
ابن الزبير
(* قوله «وفي حديث ابن الزبير إلخ» عبارة النهاية: وفي حديث
النخعي الوضوء بالطرق أحب إليّ من التيمم، الطرق الماء الذي خاضته الإبل
وبالت فيه وبعرت، ومنه حديث معاوية: وليس للشارب إلخ): وليس للشَّارِب
إِلا الرَّنْقُ والطَّرْقُ
وطَرَّقَتِ المرأَة والناقة: نَشِب ولدُها في بطنها ولم يسهُل خروجه؛
قال أَوس بن حجر:
لها صَرْخة ثم إِسْكاتةٌ،
كما طَرَّقَتْ بِنفاسٍ بِكُرْ
(* قوله «لها» في الصحاح لنا).
الليث: طَرَّقَتِ
المرأَة، وكلُّ حامل تُطَرِّقُ إِذا خرج من الولد نصفه ثم نَشِب فيقال
طَرَّقَت ثم خَلُصت؛ قال أَبو منصور: وغيره يجعل التَّطْرِيق للقَطاة إِذا
فَحَصَتْ للْبَيْض كأَنها تجعل له طَريقاً؛ قاله أَبو الهيثم، وجائز أَن
يُستْعار فيُجعَل لغير القَطاة؛ ومنه قوله:
قد طَرَّقَتْ بِبِكْرِها أُمُّ طَبَقْ
يعني الداهية. ابن سيده: وطَرَّقت القطاة وهي مُطَرِّق: حان خروج
بَيْضها؛ قال المُمَزِّق العَبْدي: وكذا ذكره الجوهري في فصل مزق، بكسر الزاي،
قال ابن بري: وصوابه المُمَزَّق، بالفتح، كما حكي عن الفراء واسمه شَأْسُ
بن نَهار:
وقد تَخِذَتْ رجْلي إِلى جَنْبِ غَرْزِها
نَسِيفاً، كَأُفْحُوصِ القَطاةِ المُطَرِّقِ
أَنشده أَبو عمرو بن العلاء؛ قال أَبو عبيد: ولا يقال ذلك في غير
القطاة. وطَرَّق بحَقِّي تَطْرِيقاً: جَحَدَه ثم أَقرَّ به بعد ذلك. وضَرَبَه
حتى طَرَّق بِجَعْرِه أَي اخْتَضَب. وطَرَّق الإِبلَ تَطْرِيقاً: حَبَسها
عن كَلإٍ أَو غيره، ولا يقال في غير ذلك إِلا أَن يُستعار؛ قاله أَبو
زيد؛ قال شمر: لا أعَرف ما قال أَبو زيد في طَرَّقْت، بالقاف، وقد قال ابن
الأعَرابي طَرَّفْت، بالفاء، إِذا طَرَده. وطَرَّقْت له من الطَّرِيق.
وطَرْقاتُ الطَّرِيق: شَرَكُها، كل شَرَكة منها طَرْقَة، والطَّرِيق: ضرْب
من النَّخْل؛ قال الأَعشى:
وكلّ كُمَيْتٍ كجِذْعِ الطَّرِيـ
قِ، يَجْري على سِلطاتٍ لُثُمْ
وقيل: الطَّرِيقُ أَطول ما يكون من النخل بلغة اليمامة، واحدته طَرِيقة؛
قال الأَعشى:
طَرِيقٌ وجَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُهُ،
عليه أَبابِيلٌ مِنَ الطَّيْر تَنْعَبُ
وقيل: هو الذي يُنال باليد. ونخلة طَرِيقة: مَلْساء طويلة.
والطَّرْق: ضرْب من أَصوات العُودِ. الليث: كل صوت من العُودِ ونحوه
طَرْق على حِدَة، تقول: تضرِبُ هذه الجارية كذا وكذا طَرْقاً. وعنده طُرُوق
من الكلام، واحِدُه طَرْق؛ عن كراع ولم يفسره، وأَراه يعني ضُرُوباً من
الكلام. والطَّرْق: النخلة في لغة طيّء؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد:
كأَنه لَمَّا بدا مُخايِلا
طَرْقٌ، تَفُوت السُّحُقَ الأَطاوِلا
والطَّرْق والطِّرْق: حِبالة يُصاد بها الوحوش تتَّخذ كالفخّ، وقيل:
الطِّرْقُ الفَخّ.. وأَطرق الرجل الصَّيْدَ إِذا نصَب له حِبالة. وأَطْرَق
فلان لفلان إِذا مَحَل به ليُلْقِيه في وَرْطة، أُخِذ من الطِّرْق وهو
الفخّ؛ ومن ذلك قيل للعدُوّ مُطْرِق وللسَّاكت مُطْرِق.
والطُّرَيْق والأُطَيْرِقُ: نخْلة حجازيّة تبكِّر بالحَمْل صَفْراء
التمرة والبُسْرة؛ حكاه أَبو حنيفة. وقال مرّة: الأُطَيْرِق ضرّب من النخل
وهو أَبْكَر نخل الحجاز كله؛ وسماها بعض الشعراء الطُّرَيْقيِن
والأُطَيْرِقِين، قال:
أَلا تَرَى إِلى عَطايا الرَّحْمَنْ
مِنَ الطُّرَيْقِيِن وأُمِّ جِرْذانْ؟
قال أَبو حنيفة: يريد بالطُّرَيْقِين جمعَ الطُّرَيْقِ.
والطَّارِقيّة: ضرْب من القلائد.
وطارق: اسم والمِطْرَقُ: اسم ناقة أَو بعير، والأَسبق أَنه اسم بعير؛
قال:
يَتْبَعْنَ جَرْفاً من بَناتِ المِطْرَقِ
ومُطْرِق: موضع؛ أَنشد أَبو زيد:
حَيْثُ تَحَجَّى مُطْرِقٌ بالفالِقِ
وأَطْرِقا: موضع؛ قال أَبو ذؤيب:
على أَطْرِقا بالياتُ الخيا
مِ، إِلا الثُّمامُ وإِلا العِصِيُّ
قال ابن بري: من روى الثمام بالنصب جعله استثناء من الخيام، لأَنها في
المعنى فاعلة كأَنه قال بالياتٌ خِيامُها إِلا الثمامَ لأَنهم كانوا
يظلّلُون به خِيامَهم، ومَنْ رفع جعله صفة للخيام كأَنه قال باليةٌ خيامُها
غيرُ الثُّمام على الموضع، وأَفْعِلا مقصور بناءٌ قد نفاه سيبويه حتى قال
بعضهم إِن أَطْرِقا في هذا البيت أَصله أَطْرِقاء جمع طريق بلغة هذيل ثم
قصر الممدود؛ واستدل بقول الآخر:
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أَو خَلِيفا
ذهب هذا المعلِّل إِلى أَن العلامتين تَعْتَقِبان؛ قال الأَصمعي: قال
أَبو عمرو بن العلاء أَطْرِقا على لفظ الاثنين بَلد، قال: نرى أَنه سمي
بقوله أَطْرِق أَي اسكت وذلك أَنهم كانوا ثلاثة نَفَر بأَطْرِقا، وهو موضع،
فسَمِعُوا صوتاً فقال أَحدُهم لصاحِبَيْه: أَطْرِقا أَي اسكُتا فسمِّي
به البلد، وفي التهذيب: فسمي به المكان؛ وفيه يقول أَبو ذؤَيب:
على أَطْرِقا بالياتُ الخِيام
وأَما مَنْ رواه أَطْرُفاً، فَعَلا هذا: فعل ماض. وأَطْرُق: جمع طَرِيق
فيمن أَنَّث لأَن أَفْعُلاً إِنما يكسَّر عليه فَعِيل إِذا كان مؤنثاً
نحو يمين وأَيْمُن.
والطِّرْياقُ: لغة في التِّرْياقِ؛ رواه أَبو حنيفة.
وطارِقَةُ الرجل: فَخْذُه وعَشِيرتُه؛ قال ابن أَحمر:
شَكَوْتُ ذَهابَ طارِقَتي إِليها،
وطارِقَتي بأَكْنافِ الدُّرُوبِ
النضر: نَعْجة مَطْرُوقة وهي التي تُوسَم بالنار على وَسَط أُذُنها من
ظاهر، فذلك الطِّراقُ، وإِنما هو خطّ أَبيض بنارٍ كأَنما هو جادّة، وقد
طَرَقْناها نَطْرُقها طَرْقاً، والمِيسَمُ الذي في موضع الطِّراق له حُروف
صِغار، فأَمّا الطَّابِعُ فهو مِيسَمُ الفَرائضِ، يقال: طَبَعَ الشَّاة.
شعع: الشُّعاعُ: ضَوْءُ الشمس الذي تراه عند ذُرُورِها كأَنه الحبال أَو
القُضْبانُ مُقْبِلةً عليك إِذا نظرت إِليها، وقيل: هو الذي تراه
مُمْتَدًّا كالرِّماحِ بُعَيْدَ الطلوع، وقيل: الشُّعاعُ انتشارُ ضوئِها؛ قال
قيس ابن الخطيم:
طَعَنْتُ ابنَ عبدِ القَيْسِ طَعْنَةَ ثائِرِ،
لها نَفَذٌ، لولا الشَّعاعُ أَضاءَها
وقال أَبو يوسف: أَنشدني ابن معن عن الأَصمعي: لولا الشُّعاع، بضم
الشين، وقال: هو ضوءُ الدم وحُمْرَتُه وتَفَرُّقُه فلا أَدري أَقاله وضعاً أَم
على التشبيه، ويروى الشَّعاعُ، بفتح الشين، وهو تَفَرُّق الدَّمِ وغيره،
وجمع الشُّعاعِ أَشِعَّةٌ وشُعُعٌ. وفسر الأَزهريّ هذا البيت فقال: لولا
انْتِشارُ سَنَنِ الدَّمِ لأَضاءَها النَّفَذُ حتى تستبين، وقال أَيضاً:
شعاع الدَّمِ ما انْتَشر إِذا اسْتَنَّ من خَرْق الطَّعْنةِ.
ويقال: سَقَيْتُه لَبَناً شَعاعاً أَي ضَياحاً أُكْثِرَ ماؤُه، قال:
والشَّعْشَعةُ بمعنى المَزْجِ منه. ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: إِنَّ
الشهر قد تَشَعْشَعَ فلو صُمْنا بَقِيَّتَه، كأَنه ذَهب به إِلى رِقَّة الشهر
وقِلَّةِ ما بقي منه كما يُشَعْشَعُ اللبن بالماء. وتَشَعْشَعَ الشهرُ:
تَقَضَّى إِلاَّ أَقَلَّه. وقد روي حديث عمر، رضي الله عنه، نَشَعْسَعَ
من الشُّسُوعِ الذي هو البعد، بذلك فسَّره أَبو عبيد، وهذا لا يُوجِبُه
التصرِيفُ.
وأشَعَّت الشمسُ: نَشَرَتْ شُعاعَها؛ قال:
إِذا سَفَرَتْ تَــلأْلأُ وَجْنَتاها،
كإِشْعاعِ الغَزالةِ في الضَّحاءِ
ومنه حديث ليلة القَدْرِ: وإِنَّ الشمس تَطلُعُ من غَدِ يومها لا شُعاعَ
لها، الواحدة شُعاعةٌ. وظِلٌ شَعْشَعٌ أَي ليس بكثيف، ومُشَعْشَعٌ
أَيضاً كذلك، ويقال: الشَّعْشَعُ الظِّلُّ الذي لم يُظِلّك كلُّه ففيه فُرَجٌ.
وشَعُّ السُّنبل وشَعاعُه وشِعاعُه وشُعاعُه: سَفاه إِذا يَبِسَ ما دام
على السُّنْبُلِ. وقد أَشَعَّ الزرْعُ: أَخرج شَعاعَه. أَبو زيد: شاعَ
الشيءُ يَشِيعُ وشَعَّ يَشِعُّ شَعّاً وشَعاعاً كلاهما إِذا تَفَرَّقَ،
وشَعْشَعْنا عليهم الخيلَ نُشَعْشِعُها. والشَّعاعُ: المتفرِّق. وتَطايَرَ
القوم شَعاعاً أَي متفرِّقين. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: سَتَرَوْن
بعدي مُلْكاً عَضُوضاً وأُمَّةً شَعاعاً أَي متفرِّقين مختلفين. وذهبَ
دمُه شَعاعاً أَي متفرِّقاً. وطارَ فؤَادُه شَعاعاً تَفَرَقتْ هُمَومُه.
يقال ذهبت نفسي شَعاعاً إِذا انتشر رأْيها فلم تتجه لأَمْر جَزْم، ورجل
شَعاعُ الفُؤَاد منه. ورأْي شَعاعٌ أَي مُتَفَرِّقٌ. ونفْس شَعاع:
متفرِّقة قد تفرَّقَتْ هِمَمُها؛ قال قيس بن ذَريح:
فلم أَلْفِظْكِ مِنْ شِبَعٍ، ولَكِنْ
أُقَضِّي حاجةَ النَّفْسِ الشَّعاعِ
وقال أَيضاً:
فقَدْتُكِ مِن نَفْسٍ شَعاعٍ، أَلَمْ أَكُنْ
نَهَيْتُكِ عن هذا وأَنْتِ جَميعُ؟
قال ابن برِّيّ: ومثل هذا لقيس بن معاذ مجنون بني عامر:
فَلا تَتْرُكي نَفْسِي شَعاعاً، فإِنَّها
من الوَجْدِ قَدْ كادَتْ عَلَيْكِ تَذُوبُ
والشَّعْشاعُ أَيضاً: المُتَفَرِّقُ؛ قال الراجز:
صَدْقُ اللِّقاءِ غَيْرُ شَعْشاعِ الغَدَرْ
يقول: هو جميع الهِمة غير متفرقها. وتَطايَرَتِ العَصا والقَصَبةُ
شَعاعاً إِذا ضربت بها على حائط فَتَكَسَّرتْ وتطايرت قِصَداً وقِطَعاً.
وأَشَعَّ البعيرُ بَوْله أَي فَرَّقَه وقَطَّعه، وكذلك شَعَّ بولَه يَشُعُّه
أَي فرَّقه أَيضاً فَشَعَّ يَشِعُّ إِذا انتَشر وأَوْزَعَ به مثله. ابن
الأَعرابي: شَعَّ القومُ إِذا تَفَرَّقُوا؛ قال الأَخطل:
عِصابةُ سَبْيٍ شَعَّ أَنْ يُتَقَسَّما
أَي تَفَرَّقُوا حِذارَ أَن يُتَقَسَّموا. قال: والشَّعُّ العَجَلةُ.
قال: وانْشَعَّ الذئب في الغنم وانْشلَّ فيها وانْشَنَّ وأَغار فيها
واستغار بمعنى واحد. ويقال لبيت العَنْكَبُوت: الشُّعُّ وحُقُّ الكُهول.
وشَعْشَعَ الشَّرابَ شَعْشَعَةً: مزَجَه بالماء، وقيل: المُشَعْشَعة
الخَمْرُ التي أُرِقَّ مَزْجُها. وشَعْشَعَ الثَّريدةَ الزُّرَيْقاءَ:
سَغْبَلَها بالزَّيْت، يقال: شَعْشِعْها بالزَّيْت. وفي حديث وائِلةَ بن
الأَسْقَع: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، ثَرَدَ ثَرِيدةً ثم شَعْشَعَها
ثم لبَّقها ثم صَعْنَبَها؛ قال ابن المبارك: شَعْشَعَها خلَط بعضَها ببعض
كما يُشَعْشَعُ الشرابُ بالماء إِذا مُزِجَ به، ورُوِيتْ هذه اللفظةُ
سَغْسَغَها، بالسين المهملة والغين المعجمة، أَي روَّاها دَسَماً. وقال
بعضهم: شَعْشَعَ الثريدة إِذا رفع رأْسها، وكذلك صَعْلَكَها وصعْنَبَها. وقال
ابن شميل: شَعْشَعَ الثَّريدة إِذا أَكْثَرَ سَمْنَها، وقيل: شَعْشَعَها
طَوَّلَ رأْسها من الشَّعْشاعِ، وهو الطويل من الناس، وهو في الخمر
أَكثر منه في الثريد. والشَّعْشَّعُ والشَّعْشاعُ والشَّعْشَعانُ
والشَّعْشَعانيُّ: الطَّوِيلُ الحَسنُ الخفيفُ اللحْمِ، شُبِّه بالخمر المُشَعْشَعةِ
لِرِقَّتِها، ياءُ النسب فيه لغير علة، إِنما هو من باب أَحمرَ
وأَحْمَرِيٍّ ودوَّارٍ ودَوَّارِيٍّ؛ ووصف به العجاج المِشْفَرَ لطوله ورِقَّتِه
فقال:
تُبادِرُ الحَوْضَ، إِذا الحَوْضُ شُغِلْ،
بِشَعْشَعانيٍّ صُهابيٍّ هَدِلْ،
ومَنْكِباها خَلْفَ أَوْراكِ الإِبِلْ
وقيل: الشَّعْشاعُ الطويل، وقيل: الحسَن؛ قال ذو الرمة:
إِلى كُلِّ مَشْبُوحِ الذِّراعينِ، تُتَّقَى
بهِ الحَرْبُ، شَعْشاعٍ وآخَرَ فَدْغَمِ
وفي حديث البَّيْعةِ: فجاء أَبْيَضُ شَعْشاعٌ أَي طويل. ومنه حديث سفيان
بن نُبَيْح: تراهُ عَظِيماً شَعْشَعاً، وقيل: الشَّعْشاعُ
والشَّعْشَعانيُّ والشَّعْشَعانُ الطويلُ العُنقِ من كل شيء. وعُنُقٌ شَعْشاعٌ: طويل.
والشَّعْشَعانةُ مِن الإِبل: الجَسِيمةُ، وناقة شَعْشَعانة؛ قال ذو
الرمة:هَيْهاتَ خَرقاءُ إِلاَّ أَنْ يُقَرِّبَها
ذُو العَرْشِ، والشَّعْشَعاناتُ العَياهِيم
ورجل شُعْشُعٌ: خفيف في السفر. وقال ثعلب: غلام شُعْشُع خفيف في السفر،
فقَصَره على الغلام. ويقال: الشُّعْشُعُ الغلام الحسَنُ الوجه الخفيف
الرُّوحِ، بضم الشين.
وقال الأَزهري في آخر هذه الترجمة: كلُّ ما مضى في الشَّعاعِ فهو بفتح
الشين، وأَما ضَوءُ الشمس فهو الشُّعاعُ، بضم الشين، والشَّعَلَّع:
الطويل، بزيادة اللام.
شبب: الشَّباب: الفَتاء والحداثةُ. شبَّ يشِبُّ شباباً وشبيبةً.
وفي حديث شريح: تجوزُ شهادةُ الصِّبيان على الكبار يُسْتشَبُّون أَي يُسْتشْهَدُ من شبَّ منهم وكَبر إِذا بَلَغ، كأَنه يقول: إِذا تحمَّلوها في الصِّبا، وأَدَّوْها في الكِبر، جاز. والاسم الشَّبيبةُ، وهو خِلافُ الشَّيبِ. و الشباب: جمع شابٍّ، وكذلك الشُّبان.
الأَصمعي: شَبَّ الغلامُ يَشِبُّ شَباباً وشُبوباً وشَبِـيباً، وأَشَبَّه اللّهُ وأَشَبَّ اللَّهُ قَرْنَه، بمعنى؛ والقَرْنُ زيادة في الكلام؛ ورجل شابٌّ، والجمع شُبَّانٌ؛ سيبويه: أُجري مجرى الاسم، نحو حاجِرٍ
وحُجْرانٍ؛ والشَّبابُ اسم للجمع؛ قال:
ولقد غَدَوْتُ بسابِحٍ مَرِحٍ، * ومَعِـي شَبابٌ، كُـلُّهُمْ أَخْيَل
وامرأَة شابَّةٌ مِن نِسوةٍ شَوابَّ. زعم الخليل أَنه سمع أَعرابياً
فَصيحاً يقول: إِذا بَلَغَ الرَّجل سِتِّينَ، فإِيَّاه وإِيَّا الشَّوابِّ.
وحكى ابن الأَعرابي: رَجُل شَبٌّ، وامرأَةٌ شَبَّةٌ، يعني من الشَّبابِ.
وقال أَبو زيد: يجوز نِسوةٌ شَبائِبُ، في معنى شَوابَّ؛ وأَنشد:
عَجائِزاً يَطْلُبْنَ شيئاً ذاهبا،
يَخْضِبْنَ، بالحنَّاءِ، شَيْباً شائِـبا،
يَقُلْنَ كُنَّا، مَرَّةً، شَبائِـبا
قال الأَزهري: شَبائِبُ جمع شبَّةٍ، لا جمع شابَّةٍ، مثل ضَرَّةٍ
وضَرائِرَ. وأَشَبَّ الرَّجُل بَنِـينَ إِذا شَبَّ ولَده. ويقال: أَشَبَّتْ فُلانةُ
أَولاداً إِذا شَبَّ لها أَولادٌ. ومرَرْت برجال شَبَبةٍ أَي شُبَّانٍ. وفي حديث بَدْرٍ: لما بَرَز عُتْبةُ وشَيْبةُ والولِـيدُ بَرَزَ إِليهم شَبَبةٌ من الأَنصار؛ أَي شُبَّانٌ، واحدهم شابٌّ، وقد صَحَّفه بعضهم سِتّة، وليس بشيءٍ. ومنه حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما: كنتُ أَنا وابنُ الزُّبَيْر في شَبَبةٍ معَنا. وقِدْحٌ شابٌّ: شديدٌ، كما قالوا في ضدّه: قِدْحٌ هَرِمٌ. وفي المثل: أَعْيَيْتَنِـي مِن شُبَّ إِلى دُبَّ، ومن شُبٍّ إِلى دُبٍّ؛ أَي من لَدُنْ شَبَبْتُ إِلى أَن دَبَبْتُ على العَصا؛ يُجعَل ذلك بمنزلة الاسم، بإِدخال مِن عليه، وإِن كان في الأَصل فِعْلاً. يقال ذلك للرجل والمرأَة، كما قيل: نَهَى النبي، صلى اللّه عليه وسلم، عن قِـيلَ وقالَ، وما زالَ على خُلُقٍ واحدٍ
من شُبٍّ إِلى دُبٍّ؛ قال:
قالت لَـها أُخْتٌ لَـها نَصَحَتْ: * رُدِّي فُؤَادَ الهائمِ الصَّبِّ
قالت: ولِمْ؟ قالت: أَذَاكَ وقَدْ * عُلِّقْتُكُمْ شُبّاً إِلى دُبِّ
ويقال: فَعَلَ ذلك في شَبِـيبَتِه، ولَقِـيتُ فُلاناً في شَبابِ النهار
أَي في أَوَّله؛ وجِئْتُك في شَبابِ النهارِ، وبِشَبابِ نَهارٍ، عن
اللحياني، أَي أَوّله. والشَّبَبُ والشَّبُوبُ والـمِشَبُّ: كُلُّهُ الشَّابُّ من الثِّيرانِ والغَنَمِ؛ قال الشاعر:
بِمَورِكَتَيْنِ من صَلَوَيْ مِشَبٍّ، * مِنَ الثِّيران، عَقْدُهما جَمِـيلُ
الجوهري: الشَّبَبُ الـمُسِنُّ من ثِـيرانِ الوحشِ، الذي انتهى أَسنانه؛ وقال أَبو عبيدة: الشَّبَبُ الثَّوْرُ الذي انتهى شَباباً؛ وقيل: هو الذي انتهى تمامُه وذَكاؤُه، منها؛ وكذلك الشَّبُوبُ، والأُنثى شَبُوبٌ، بغير هاءٍ؛ تقول منه: أَشَبَّ الثَّوْرُ، فهو مُشِبٌّ، وربما قالوا: إِنه لَـمِشَبٌّ، بكسر الميم. التهذيب: ويقال للثَّوْرِ إِذا كان مُسِنّاً: شَبَبٌ، وشَبُوبٌ، ومُشِبٌّ؛ وناقة مُشِـبَّةٌ، وقد أَشَبَّت؛ وقال أُسامة الهذلي:
أَقامُوا صُدُورَ مُشِـبَّاتِها * بَواذِخَ، يَقْتَسِرُونَ الصِّعابا
أَي أَقاموا هذه الإِبل على القَصْدِ. أَبو عمرو: القَرْهَبُ الـمُسِنُّ
من الثِّيرانِ، والشَّبوبُ: الشابُّ. قال أَبو حاتم وابن شميل: إِذا
أَحالَ وفُصِلَ، فهو دَبَبٌ، والأُنثَى دَبَـبَةٌ، والجمع دِبابٌ؛ ثم شَبَبٌ،
والأُنثى شَبَبةٌ.
وتَشْبِـيبُ الشِّعْر: تَرْقِـيقُ أَوَّله بذكر النساءِ، وهو من تَشْبـيب النار، وتأْرِيثِها. وشَبَّبَ بالمرأَة: قال فيها الغَزَل والنَّسِـيبَ؛ وهو يُشَبِّبُ بها أَي يَنْسُبُ بها. والتَّشْبِـيبُ: النَّسِـيبُ بالنساءِ. وفي حديث عبدالرحمن بن أَبي بكر، رضي اللّه عنهما: أَنه كان يُشَبِّبُ بلَيْلَى بنتِ الجُودِيّ في شِعْرِه. تَشْبِـيبُ الشِّعْر: تَرْقِـيقُه بذكر النساءِ.
وشَبَّ النارَ والـحَرْبَ: أَوقَدَها، يَشُبُّها شَبّاً، وشُبُوباً، وأَشَبَّهَا، وشَبَّتْ هي تَشِبُّ شَبّاً وشُبُوباً. وشَبَّةُ النارِ: اشْتِعالُها.
والشِّبابُ والشَّبُوبُ: ما شُبَّ به. الجوهري: الشَّبوبُ، بالفتح: ما
يُوقَدُ به النارُ. قال أَبو حنيفة: حكي عن أَبي عمرو بن العلاءِ، أَنه قال: شُبَّتِ النارُ وشَبَّتْ هي نفسُها؛ قال ولا يقال: شابَّـةٌ، ولكن مَشْبُوبةٌ.
وتقول: هذا شَبُوبٌ لكذا أَي يَزيدُ فيه ويُقَوّيهِ. وفي حديث أُمّ مَعْبَدٍ: فلما سمع حَسَّانُ شِعْر الهاتِفِ، شَبَّبَ يُجاوِبُه أَي ابتدأَ في جَوابِه، من تَشْبِـيبِ الكُتُبِ، وهو الابتداءُ بها، والأَخْذُ فيها، وليس من تَشْبِـيبٍ بالنساءِ في الشعر، ويروى نَشِبَ بالنون أَي أَخذ في الشِّعْر، وعَلِقَ فيه. ورجل مَشْبوبٌ: جميلٌ، حسنُ الوَجْهِ، كأَنه أُوقِد؛ قال ذو الرمة:
إِذا الأَرْوَعُ الـمَشْبوبُ أَضحَى كأَنه، * على الرَّحْلِ مِـمَّا مَنَّه السيرُ، أَحْمَقُ
وقال العجاج: من قرَيْشٍ كلِّ مَشْبوبٍ أَغرّ. ورجلٌ مَشْبُوبٌ إِذا كان ذَكِـيَّ الفؤَادِ، شَهْماً؛
وأَورد بيت ذي الرمة. تقول: شَعَرُها يَشُبّ لوْنَها أَي يُظْهِرُه ويُحَسِّنُه، ويُظْهِرُ حُسْنَه وبَصِـيصَه.والـمَشْبوبَتانِ: الشِّعْرَيانِ، لاتِّقادِهِما؛ أَنشد ثعلب:
وعَنْسٍ كأَلْواحِ الإِرانِ نَسَـأْتُها، * إِذا قيلَ للـمَشْبُوبَتَيْنِ، هُما هُما
وشَبَّ لَوْنَ المرأَةِ خِمارٌ أَسْوَدُ لَبِسَتْه أَي زاد في بياضِها ولونها، فحَسَّنَها، لأَنَّ الضدّ يزيد في ضدّه، ويُبْدي ما خَفِـيَ منه، ولذلك قالوا:
وبِضِدِّها تَتَبَيَّنُ الأَشْياءُ
قال رجل جاهلي من طيـئٍ:
مُعْلَنْكِسٌ، شَبَّ لَـها لَوْنَها، * كما يَشُبُّ البَدْرَ لَوْنُ الظَّلام
يقول: كما يَظْهَرُ لَوْنُ البدرِ في الليلةِ المظلمةِ.
وهذا شَبُوبٌ لهذا أَي يزيد فيه، ويُحَسِّنُه.
وفي الحديث عن مُطَرِّف: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، ائْتَزَرَ ببُرْدَةٍ سَوْداءَ، فجعلَ سَوادُها يَشُبُّ بياضَه، وجعل بياضُه يَشُبُّ سَوادَها؛ قال شمر: يَشُبُّ أَي يَزْهاه ويُحَسِّنُه ويوقده. وفي رواية: أَنه لبس مِدْرَعةً سوداءَ، فقالت عائشة: ما أَحْسَنَها عليك! يَشُبُّ سوادُها بياضَك، وبياضُك سوادَها أَي تُحَسِّنُه ويُحَسِّنُها.
ورجل مَشْبُوبٌ إِذا كان أَبْيضَ الوَجْهِ أَسْوَدَ الشَّعَرِ، وأَصْلُه
من شَبَّ النارَ إِذا أَوْقَدَها، فتَــلأْلأَــتْ ضِـياءً ونُوراً.
وفي حديث أُم سلمة، رضي اللّه عنها، حين تُوُفِّـيَ أَبو سلمة، قالت: جعَلْتُ على وجهي صَبِراً، فقال النبي، صلى اللّه عليه وسلم: إِنه يَشُبُّ الوجهَ، فلا تَفْعَلِـيه؛ أَي يُلَوِّنُه ويُحَسِّنُه. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، في الجواهر التي جاءته من فَتْحِ نَهاوَنْدَ: يَشُبُّ بعضُها بعضاً.
وفي كتابِه لوائِلِ بن حُجْرٍ: إِلى الأَقيالِ العَباهِلةِ، والأَرْواعِ الـمَشابِـيبِ أَي السادةِ الرُّؤُوسِ، الزُّهْرِ الأَلْوانِ، الـحِسانِ
الـمَناظِرِ، واحدُهم مشبوبٌ، كأَنما أُوقِدَتْ أَلوانُهم بالنار؛ ويروى:
الأَشِـبَّاءُ، جمع شَبِـيبٍ، فَعِـيل بمعنى مفعول.
والشِّبابُ، بالكسر: نَشاطُ الفرَس، ورَفْعُ يَدَيْه جميعاً.
وشَبَّ الفرسُ، يَشِبُّ ويَشُبُّ شِـباباً، وشَبِـيباً وشُبُوباً: رَفَعَ يَديه جميعاً، كأَنه يَنْزُو نَزَواناً، ولَعِبَ وقَمَّصَ.
وأَشْـبَيْتُه إِذا هَيَّجْتَه؛ وكذلك إِذا حَرَنَ تقول: بَرِئْتُ إِليك من شِـبابِه وشَبِـيبه، وعِضاضِه وعَضِـيضِه! وقال ثعلب: الشَّبِـيبُ
الذي تجوزُ رِجْلاه يَدَيْهِ، وهو عَيْبٌ، والصحيحُ الشَّـئِيتُ، وهو مذكور في مَوْضِعِه. وفي حديث سُراقةَ: اسْتَشِبُّوا على أَسْوُقِكُم في البَوْلِ، يقول: اسْتَوفِزُوا عليها، ولا تَسْتَقِرُّوا على الأَرضِ بجَميعِ أَقْدامِكُم، وتَدْنُو منها، هو من شَبَّ الفَرسُ إِذا رَفَع يديه جَمِـيعاً من الأَرض.وأُشِبَّ لي الرَّجُلُ إِشْباباً إِذا رَفَعْتَ طَرْفَكَ، فرأَيتَه من غير أَن تَرْجُوَه، أَو تَحْتَسِبَه؛ قال الهذلي:
حتَّى أُشِبَّ لَـها رامٍ بِمُحْدَلةٍ، * نَبْعٍ وبِـيضٍ، نَواحيهنَّ كالسَّجَمِ
السَّجَمُ: ضَرْبٌ من الورق شَبَّه النِّعالَ بها.
والسَّجَمُ: الماءُ أَيضاً. وأُشِبَّ لي كذا أَي أُتِـيحَ لي، وشُبَّ أَيضاً على ما لم يُسَمَّ فاعِلُه فيهما. والشَّبُّ: ارْتِفاعُ كلِّ شيءٍ.
أَبو عمرو: شَبْشَبَ الرَّجل إِذا تَمَّمَ، وشُبَّ إِذا رُفِـعَ، وشَبَّ
إِذا أَلْـهَبَ. ابن الأَعرابي: من أَسْماءِ العَقْرب الشَّوْشَبُ.
ويقال للقملة: الشَّوْشَبةُ. وشَبَّذَا زَيْدٌ أَي حَبَّذا، حكاه ثعلب.
والشَّبُّ: حِجارةٌ يُتَّخذ منها الزَّاجُ وما أَشبَهَه، وأَجْوَدُه ما
جُلِبَ من اليَمَن، وهو شَبٌّ أَبيضُ، له بَصِـيصٌ شَديدٌ؛ قال:
أَلا لَيْتَ عَمِّي، يَوْمَ فَرَّقَ بَيْنَنا، * سَقَى السُّمَّ مَمْزُوجاً بِشَبٍّ يَمَانِي(1)
(1 قوله «سقى السم» ضبط في نسخة عتيقة من المحكم بصيغة المبني للفاعل كما ترى.)
ويروى: بِشَبٍّ يَمانِـي؛ وقيل: الشَّبُّ دواءٌ مَعْرُوفٌ؛ وقيل: الشَّبُّ شيءٌ يُشْبِهُ الزَّاجَ. وفي حديث أَسماء، رضي اللّه عنها: أَنها
دَعَتْ بِمِرْكَنٍ، وشَبٍّ يَمانٍ؛ الشَّبُّ: حَجَر مَعْرُوفٌ يُشْبِهُ الزّاجَ، يُدْبَغُ به الجُلُود. وعَسَلٌ شَبابِـيٌّ: يُنْسَبُ إِلى بني شَبابةَ، قوم بالطَّائفِ من بَني مالك بن كِنانةَ، ينزلون اليمن.
وشَبَّةُ وشَبِـيبٌ: اسما رجلين. وبنُو شَبابةَ: قَوْم مِن فَهْم بن مالك، سَمَّاهم أَبو حنيفة في كتاب النبات؛ وفي الصحاح: بَنُو شَبابةَ قَوْمٌ بالطّائفِ، واللّه أَعلم.
بصر: ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى البَصِيرُ، هو الذي يشاهد
الأَشياء كلها ظاهرها وخافيها بغير جارحة، والبَصَرُ عبارة في حقه عن الصفة
التي ينكشف بها كمالُ نعوت المُبْصَراتِ. الليث: البَصَرُ العَيْنُ إِلاَّ
أَنه مذكر، وقيل: البَصَرُ حاسة الرؤْية. ابن سيده: البَصَرُ حِسُّ
العَين والجمع أَبْصارٌ.
بَصُرَ به بَصَراً وبَصارَةً وبِصارَةً وأَبْصَرَهُ وتَبَصَّرَهُ: نظر
إِليه هل يُبْصِرُه. قال سيبويه: بَصُرَ صار مُبْصِراً، وأَبصره إِذا
أَخبر بالذي وقعت عينه عليه، وحكاه اللحياني بَصِرَ به، بكسر الصاد، أَي
أَبْصَرَهُ. وأَبْصَرْتُ الشيءَ: رأَيته. وباصَرَه: نظر معه إِلى شيء
أَيُّهما يُبْصِرُه قبل صاحبه. وباصَرَه أَيضاً: أَبْصَرَهُ؛ قال سُكَيْنُ بنُ
نَصْرَةَ البَجَلي:
فَبِتُّ عَلى رَحْلِي وباتَ مَكانَه،
أُراقبُ رِدْفِي تارَةً، وأُباصِرُه
الجوهري: باصَرْتُه إِذا أَشْرَفتَ تنظر إِليه من بعيد. وتَباصَرَ
القومُ: أَبْصَرَ بعضهم بعضاً.
ورجل بَصِيرٌ مُبْصِرٌ: خلاف الضرير، فعيل بمعنى فاعل، وجَمْعُه
بُصَراءُ. وحكى اللحياني: إِنه لَبَصِيرٌ بالعينين.
والبَصارَةُ مَصْدَرٌ: كالبَصر، والفعل بَصُرَ يَبْصُرُ، ويقال بَصِرْتُ
وتَبَصَّرْتُ الشيءَ: شِبْهُ رَمَقْتُه. وفي التنزيل العزيز: لا تدركه
الأَبصارُ وهو يدرك الأَبصارَ ؛ قال أَبو إسحق: أَعْلَمَ اللهُ أَنهُ
يُدْرِك الأَبصارَ وفي هذا الإِعلام دليل أَن خلقه لا يدركون الأَبصارَ أَي
لا يعرفون كيف حقيقة البَصَرَ وما الشيء الذي به صار الإِنسان يُبْصِرُ من
عينيه دون أَن يُبْصِرَ من غيرهما من سائر أَعضائه، فَأَعْلَم أَن
خَلْقاً من خلقه لا يُدْرِك المخلوقون كُنْهَهُ ولا يُحيطون بعلمه، فكيف به
تعالى والأَبصار لا تحيط به وهو اللطيف الخبير. فأَمَّا ما جاء من الأَخبار
في الرؤْية، وصح عن رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، فغير مدفوع وليس في
هذه الآية دليل على دفعها، لأَن معنى هذه الآية إِدراك الشيء والإِحاطة
بحقيقته وهذا مذهب أَهل السنَّة والعلم بالحديث. وقوله تعالى: قد جاءَكم
بصائرُ من رَبكم؛ أَي قد جاءَكم القرآن الذي فيه البيان والبصائرُ، فمن
أَبْصَرَ فلنفسه نَفْعُ ذلك، ومن عَمِيَ فَعَلَيْها ضَرَرُ ذلك، لأَن الله
عز وجل غني عن خلقه. ابن الأَعرابي: أَبْصَرَ الرجلُ إِذا خرج من الكفر
إِلى بصيرة الإِيمان؛ وأَنشد:
قَحْطَانُ تَضْرِبُ رَأْسَ كُلِّ مُتَوَّجٍ،
وعلى بَصائِرِها، وإِنْ لَمْ تُبْصِر
قال: بصائرها إسلامها وإِن لم تبصر في كفرها.
ابن سيده: أَراه لَمْحاً باصِراً أَي نظراً بتحديق شديد، قال: فإِما أَن
يكون على طرح الزائد، وإِما أَن يكون على النسب، والآخر مذهب يعقوب.
ولقي منه لَمْحاً باصِراً أَي أَمراً واضحاً. قال: ومَخْرَجُ باصِرٍ من مخرج
قولهم رجل تامِرٌ ولابِنٌ أَي ذو لبن وتمر، فمعنى باصر ذو بَصَرَ، وهو
من أَبصرت، مثل مَوْتٌ مائِتٌ من أَمَتُّ، أَي أَرَيْتُه أَمْراً شديداً
يُبْصِرُه. وقال الليث: رأَى فلان لَمْحاً باصِراً أَي أَمراً مفروغاً
منه. قال الأَزهري: والقول هو الأَوَّل؛ وقوله عز وجل: فلما جاءتهم آياتُنا
مُبْصِرَةً؛ قال الزجاج: معناه واضحةً؛ قال: ويجوز مُبْصَرَةً أَي
مُتَبَيِّنَةً تُبْصَرُ وتُرَى. وقوله تعالى: وآتينا ثمودَ الناقةَ مُبْصِرَةً؛
قال الفراء: جعل الفعل لها، ومعنى مُبْصِرَة مضيئة، كما قال عز من قائل:
والنهارَ مُبْصِراً؛ أَي مضيئاً. وقال أَبو إِسحق: معنى مُبْصِرَة
تُبَصِّرُهم أَي تُبَيِّنُ لهم، ومن قرأَ مُبْصِرَةً فالمعنى بَيِّنَة، ومن
قرأَ مُبْصَرَةً فالمعنى متبينة فَظَلَمُوا بها أَي ظلموا بتكذيبها. وقال
الأَخفش: مُبْصَرَة أَي مُبْصَراً بها؛ قال الأَزهري: والقول ما قال
الفرّاء أَراد آتينا ثمود الناقة آية مُبْصِرَة أَي مضيئة. الجوهري:
المُبْصِرَةُ المضيئة؛ ومنه قوله تعالى: فلما جاءَتهم آياتنا مُبْصِرَةً؛ قال
الأَخفش: إِنها تُبَصِّرهم أَي تجعلهم بُصَراء.
والمَبْصَرَةُ، بالفتح: الحُجَّة. والبَصِيرَةُ: الحجةُ والاستبصار في
الشيء.
وبَصَّرَ الجَرْوُ تبصيراً: فتح عينيه. ولقيه بَصَراً أَي حين تباصرت
الأَعْيانُ ورأَى بعضها بعضاً، وقيل: هو في أَوَّل الظلام إِذا بقي من
الضوء قدر ما تتباين به الأَشباح، لا يُستعمل إِلاَّ ظرفاً. وفي حديث عليّ،
كرم الله وجهه: فأرسلت إِليه شاة فرأَى فيها بُصْرَةً من لَبَنٍ؛ يريد
أَثراً قليلاً يُبْصِرُه الناظرُ إِليه، ومنه الحديث: كان يصلي بنا صلاةَ
البَصَرِ حتى لو أَن إِنساناً رمى بنَبْلَةٍ أَبصرها؛ قيل: هي صلاة المغرب،
وقيل: الفجر لأَنهما تؤَدَّيان وقد اختلط الظلام بالضياء. والبَصَر
ههنا: بمعنى الإِبصار، يقال بَصِرَ به بَصَراً. وفي الحديث: بصر عيني وسمع
أُذني، وقد اختلف في ضبطه فروي بَصُرَ وسَمِعَ وبَصَرُ وسَمْعُ على أَنهما
اسمان.
والبَصَرُ: نَفاذٌ في القلب. وبَصرُ القلب: نَظَرَهُ وخاطره.
والبَصِيرَةُ: عَقِيدَةُ القلب. قال الليث: البَصيرة اسم لما اعتقد في
القلب من الدين وتحقيق الأَمر؛ وقيل: البَصيرة الفطنة، تقول العرب: أَعمى
الله بصائره أَي فِطَنَه؛ عن ابن الأَعرابي: وفي حديث ابن عباس: أَن
معاوية لما قال لهم: يا بني هاشم تُصابون في أَبصاركم، قالوا له: وأَنتم يا
بني أُمية تصابون في بصائركم. وفَعَلَ ذلك على بَصِيرَةٍ أَي على عَمْدٍ.
وعلى غير بَصيرة أَي على غير يقين. وفي حديث عثمان: ولتَخْتَلِفُنَّ على
بَصِيرَةٍ أَي على معرفة من أَمركم ويقين. وفي حديث أُم سلمة: أَليس
الطريقُ يجمع التاجِرَ وابنَ السبيل والمُسْتَبْصِرَ والمَجْبورَ أَي
المُسْتَبِينَ للشيء؛ يعني أَنهم كانوا على بصيرة من ضلالتهم، أَرادت أَن تلك
الرفقة قد جمعت الأَخيار والأَشرار. وإِنه لذو بَصَرٍ وبصيرة في العبادة؛
عن اللحياني. وإِنه لَبَصِيرٌ بالأَشياء أَي عالم بها؛ عنه أَيضاً. ويقال
للفِراسَةِ الصادقة: فِراسَةٌ ذاتُ بَصِيرة. والبصيرة: العِبْرَةُ؛ يقال:
أَمَا لك بَصِيرةٌ في هذا؟ أَي عِبْرَةٌ تعتبر بها؛ وأَنشد:
في الذَّاهِبِين الأَوَّلِيـ
ـنَ مِن القُرُونِ، لَنا بَصائرْ
أَي عِبَرٌ: والبَصَرُ: العلم. وبَصُرْتُ بالشيء: علمته؛ قال عز وجل:
بَصُرْتُ بما لم يَبْصُرُوا به. والبصير: العالم، وقد بَصُرَ بَصارَةً.
والتَّبَصُّر: التَّأَمُّل والتَّعَرُّفُ. والتَّبْصِيرُ: التعريف
والإِيضاح. ورجلٌ بَصِيرٌ بالعلم: عالم به. وقوله، عليه السلام: اذهبْ بنا
إِلى فلانٍ البصيرِ، وكان أَعمى؛ قال أَبو عبيد: يريد به المؤمن. قال ابن
سيده: وعندي أَنه، عليه السلام، إِنما ذهب إِلى التَّفؤل
(* قوله «إِنما
ذهب إلى التفؤل إلخ» كذا بالأصل). إِلى لفظ البصر أَحسن من لفظ العمى، أَلا
ترى إِلى قول معاوية: والبصير خير من الأَعمى؟ وتَبَصَّرَ في رأْيِه
واسْتَبْصَرَ: تبين ما يأْتيه من خير وشر. واستبصر في أَمره ودينه إِذا كان
ذا بَصيرة. والبَصيرة: الثبات في الدين. وفي التنزيل العزيز: وكانوا
مستبصرين: أَي اتوا ما أَتوه وهم قد تبين لهم أَن عاقبته عذابهم، والدليل على
ذلك قوله: وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أَنفسهم يظلمون؛ فلما تبين
لهم عاقبة ما نهاهم عنه كان ما فعل بهم عدلاً وكانوا مستبصرين؛ وقيل أَي
كانوا في دينهم ذوي بصائر، وقيل: كانوا معجبين بضلالتهم. وبَصُرَ
بَصارَةً: صار ذا بصيرة. وبَصَّرَهُ الأَمْرَ تَبْصِيراً وتَبْصِرَةً: فَهَّمَهُ
إِياه. وقال الأَخفش في قوله: بَصُرْتُ بما لم يَبْصُرُوا به؛ أَي علمت
ما لم يعلموا به من البصيرة. وقال اللحياني: بَصُرْتُ أَي أَبصرت، قال:
ولغة أُخرى بَصِرْتُ به أَبْصَرْته. وقال ابن بزرج: أَبْصِرْ إِليَّ أَي
انْظر إِليّ، وقيل: أَبْصِرْ إِليَّ أَي التفتْ إِليَّ. والبصيرة: الشاهدُ؛
عن اللحياني. وحكي: اجْعَلْنِي بصيرةً عليهم؛ بمنزلة الشهيد. قال: وقوله
تعالى: بل الإِنسان على نفسه بَصيرة؛ قال ابن سيده: له معنيان: إِن شئت
كان الإِنسان هو البَصيرة على نفسه أَي الشاهد، وإِن شئت جعلت البصيرة
هنا غيره فعنيت به يديه ورجليه ولسانه لأَن كل ذلك شاهد عليه يوم القيامة؛
وقال الأَخفش: بل الإِنسان على نفسه بصيرة، جعله هو البصيرة كما تقول
للرجل: أَنت حُجة على نفسك؛ وقال ابن عرفة: على نفسه بصيرة، أَي عليها شاهد
بعملها ولو اعتذر بكل عهذر، يقول: جوارحُه بَصيرةٌ عليه أَي شُهُودٌ؛ قال
الأَزهري: يقول بل الإِنسان يوم القيامة على نفسه جوارحُه بَصِيرَةٌ بما
حتى عليها، وهو قوله: يوم تشهد عليهم أَلسنتهم؛ قال: ومعنى قوله بصيرة
عليه بما جنى عليها، ولو أَلْقَى مَعاذِيرَه؛ أَي ولو أَدْلى بكل حجة.
وقيل: ولو أَلقى معاذيره، سُتُورَه. والمِعْذَارُ: السِّتْرُ. وقال الفرّاء:
يقول على الإِنسان من نفسه شهود يشهدون عليه بعمله اليدان والرجلان
والعينان والذكر؛ وأَنشد:
كأَنَّ على ذِي الظَّبْيِ عَيْناً بَصِيرَةً
بِمَقْعَدِهِ، أَو مَنظَرٍ هُوَ ناظِرُهْ
يُحاذِرُ حتى يَحْسَبَ النَّاسَ كُلَّهُمْ،
من الخَوْفِ، لا تَخْفَى عليهم سَرائرُهْ
وقوله:
قَرَنْتُ بِحِقُوَيْهِ ثلاثاً فَلَمْ تَزُغْ
عَنِ القَصْدِ، حَتَّى بُصِّرَتْ بِدِمامِ
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون معناه قُوِّيَتْ أَي لما هَمَّ هذا الريش
بالزوال عن السهم لكثرة الرمي به أَلزقه بالغِراء فثبت. والباصِرُ:
المُلَفِّقُ بين شُقَّتين أَو خِرْقَتَين. وقال الجوهري في تفسير البيت: يعني
طَلَى رِيشَ السهم بالبَصِيرَةِ وهي الدَّمُ. والبَصِيرَةُ:
ما بين شُقَّتَي البيتِ وهي البصائر.
والبَصْرُ: أَن تُضَمَّ حاشيتا أَديمين يخاطان كما تخاط حاشيتا الثوب.
ويقال: رأَيت عليه بَصِيرَةً من الفقر أَي شُقَّةً مُلَفَّقَةً. الجوهري:
والبَصْرُ أَن يُضَمَّ أَدِيمٌ إِلى أَديم، فيخرزان كما تخاط حاشيتا
الثوب فتوضع إِحداهما فوق الأُخرى، وهو خلاف خياطة الثوب قبل أَن يُكَفَّ.
والبَصِيرَةُ: الشُّقَّةُ التي تكون على الخباء. وأَبْصَر إِذا عَلَّق على
باب رحله بَصِيرَةً، وهي شُقَّةٌ من قطن أَو غيره؛ وقول توبة:
وأُشْرِفُ بالقُورِ اليَفاعِ لَعَلَّنِي
أَرَى نارَ لَيْلَى، أَو يَراني بَصِيرُها
قال ابن سيده: يعني كلبها لأَن الكلب من أَحَدّ العيونِ بَصَراً.
والبُصْرُ: الناحيةُ مقلوب عن الصُّبْرِ. وبُصْرُ الكَمْأَة وبَصَرُها:
حُمْرَتُها؛ قال:
ونَفَّضَ الكَمْءَ فأَبْدَى بَصَرَهْ
وبُصْرُ السماء وبُصْرُ الأَرض: غِلَظُها، وبُصْرُ كُلّ شيء: غِلَظُهُ.
وبُصْرُه وبَصْرُه: جلده؛ حكاهما اللحياني عن الكسائي، وقد غلب على جلد
الوجه. ويقال: إِن فلاناً لمَعْضُوب البُصْرِ إِذا أَصاب جلدَه عُضابٌ،
وهو داء يخرج به. الجوهري: والبُصْرُ، بالضم، الجانبُ والحَرْفُ من كل شيء.
وفي حديث ابن مسعود: بُصْرُ كل سماء مسيرة خمسمائة عام، يريد غِلَظَها
وسَمْكَها، وهو بضم الباء وفي الحديث أَيضاً: بُصْرُ جِلْد الكافر في
النار أَربعون ذراعاً. وثوبٌ جَيّدُ البُصْرِ: قويٌّ وَثِيجٌ. والبَصْرُ
والبِصْرُ والبَصْرَةُ: الحجر الأَبيض الرِّخْوُ، وقيل: هو الكَذَّانُ فإِذا
جاؤُوا بالهاء قالوا بَصْرَة لا غير، وجمعها بِصار؛ التهذيب: البَصْرُ
الحجارة إِلى البياض فإِذا جاؤُوا بالهاء قالوا البَصْرَةُ. الجوهري:
البصرة حجارة رخوة إِلى البياض ما هي، وبها سميت البصرة؛ وقال ذو الرمة يصف
إِبلاً شربت من ماء:
تَداعَيْن باسم الشَّيبِ في مُتَثَلِّمٍ،
جَوانِبُه مِنْ بَصْرَةٍ وسِلامِ
قال: فإِذا أَسقطت منه الهاء قلت بِصْرٌ، بالكسر. والشِّيب: حكاية صوت
مشافرها عند رشف الماء؛ ومثله قول الراعي:
إِذا ما دَعَتْ شِيباً، بِجَنْبَيْ عُنَيْزَةٍ،
مَشافِرُها في ماءٍ مُزْنٍ وباقِلِ
وأَراد ذو الرمة بالمتثلم حوضاً قد تهدّم أَكثره لقدمه وقلة عهد الناس
به؛ وقال عباس بن مرداس:
إِنْ تَكُ جُلْمُودَ بَصْرٍ لا أُوَبِّسُه،
أُوقِدْ عليه فَأَحْمِيهِ فَيَنْصَدِعُ
أَبو عمور: البَصْرَةُ والكَذَّانُ، كلاهما: الحجارة التي ليست بصُلبة.
وأَرض فلان بُصُرة، بضم الصاد، إِذا كانت حمراء طيبة. وأَرض بَصِرَةٌ
إِذا كانت فيها حجارة تقطع حوافر الدواب. ابن سيده: والبُصْرُ الأَرض الطيبة
الحمراءُ. والبَصْرَةُ والبَصَرَةُ والبَصِرَة: أَرض حجارتها جِصٌّ،
قال: وبها سميت البَصْرَةُ، والبَصْرَةُ أَعم، والبَصِرَةُ كأَنها صفة،
والنسب إِلى البَصْرَةِ بِصْرِيٌّ وبَصْرِيٌّ، الأُولى شاذة؛ قال عذافر:
بَصْرِيَّةٌ تزوَّجَتْ بَصْرِيّا،
يُطْعِمُها المالِحَ والطَّرِيَّا
وبَصَّرَ القومُ تَبْصِيراً: أَتوا البَصْرَة؛ قال ابن أَحمر:
أُخِبِّرُ مَنْ لاقَيْتُ أَنِّي مُبَصِّرٌ،
وكائِنْ تَرَى قَبْلِي مِنَ النَّاسِ بَصَّرَا
وفي البَصْرَةِ ثلاثُ لغات: بَصْرَة وبِصْرَة وبُصْرَة، واللغة العالية
البَصْرَةُ. الفرّاء: البِصْرُ والبَصْرَةُ الحجارة البراقة. وقال ابن
شميل: البَصْرَة أَرْض كأَنها جبل من جِصٍّ وهي التي بنيت بالمِرْبَدِ،
وإِنما سميت البَصْرَةُ بَصْرَةً بها. والبَصْرَتان: الكوفةُ والبصرة.
والبَصْرَةُ: الطِّين العَلِكُ. وقال اللحياني: البَصْرُ الطين العَلِكُ
الجَيِّدُ الذي فيه حَصًى.
والبَصِيرَةُ: التُّرْسُ، وقيل: هو ما استطال منه، وقيل: هو ما لزق
بالأَرض من الجسد، وقيل: هو قَدْرُ فِرْسِنِ البعير منه، وقيل: هو ما استدل
به على الرَّمِيَّةِ. ويقال: هذه بَصِيرَةٌ من دَمٍ، وهي الجَدِيَّةُ منها
على الأَرض. والبَصِيرَةُ: مقدار الدِّرْهَم من الدَّمِ. والبَصِيرَةُ:
الثَّأْرُ. وفي الحديث: فأُمِرَ به فَبُصِرَ رَأْسُه أَي قُطِعَ. يقال:
بَصَرَهُ بسيفه إِذا قطعه، وقيل: البصيرة من الدم ما لم يسل، وقيل: هو
الدُّفْعَةُ منه، وقيل: البَصِيرَةُ دَمُ البِكْرِ؛ قال:
رَاحُوا، بَصائِرُهُمْ على أَكْتَافِهِمْ،
وبَصِيرَتِي يَعْدُو بِها عَتَدٌ وَأَى
يعني بالبصائر دم أَبيهم؛ يقول: تركوا دم أَبيهم خلفهم ولم يَثْأَرُوا
به وطَلَبْتُه أَنا؛ وفي الصحاح: وأَنا طَلَبْتُ ثَأْرِي. وكان أَبو عبيدة
يقول: البَصِيرَةُ في هذا البيت الترْسُ أَو الدرع، وكان يرويه: حملوا
بصائرهم؛ وقال ابن الأَعرابي: راحوا بصائرُهم يعني ثِقْل دمائهم على
أَكتافهم لم يَثْأَرُوا بها. والبَصِيرَة: الدِّيَةُ. والبصائر: الديات في
أَوَّل البيت، قال أَخذوا الديات فصارت عاراً، وبصيرتي أَي ثَأْرِي قد حملته
على فرسي لأُطالب به فبيني وبينهم فرق. أَبو زيد: البَصيرة من الدم ما
كان على الأَرض. والجَدِيَّةُ: ما لَزِقَ بالجسد. وقال الأَصمعي: البَصيرة
شيء من الدم يستدل به على الرَّمِيَّةِ. وفي حديث الخوارج: ويَنْظُر في
النَّصْلِ فلا يرى بَصِيرَةً أَي شيئاً من الدم يستدل به على الرمية
ويستبينها به؛ وقوله أَنشده أَبو حنيفة:
وفي اليَدِ اليُمْنَى لِمُسْتَعِيرها
شَهْبَاءُ، تُرْوِي الرِّيشَ مِنْ بَصِيرِها
يجوز أَن يكون جمع البصيرة من الدم كشَعِيرة وشَعِير ونحوها، ويجوز أَن
يكون أَراد من بصيرتها فحذف الهاء ضرورة، كما ذهب إِليه بعضهم في قول
أَبي ذؤيب:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي، هل تَنَظَّرَ خالِدٌ
عِيادِي عَلى الهِجْرانِ، أَمْ هُوَ يائِسُ؟
(* ورد هذا الشعر في كلمة «بشر» وفيه لفظة عنادي بدلاً من عيادي ولعلَّ
ما هنا أَكثر مناسبة للمعنى مما هنالك).
ويجوز أَن يكون البَصِيرُ لغةً في البَصِيرَة، كقولك حُقٌّ وحُقَّةٌ
وبياض وبياضة. والبَصيرَةُ: الدِّرْعُ، وكلُّ ما لُبِسَ جُنَّةً بَصِيرةٌ.
والبَصِيرَةُ: التُّرس، وكل ما لُبِسَ من السلاح فهو بصائر السلاح.
والباصَرُ: قَتَبٌ صغير مستدير مثَّل به سيبويه وفسره السيرافي عن ثعلب، وهي
البواصر.
وأَبو بَصِير: الأَعْشَى، على التطير. وبَصير: اسم رجل. وبُصْرَى: قرية
بالشام، صانها الله تعالى؛ قال الشاعر:
ولو أُعْطِيتُ مَنْ ببلادِ بُصْرَى
وقِنَّسْرِينَ مِنْ عَرَبٍ وعُجْمِ
وتنسب إِليها السيوف البُصْرِيَّة؛ وقال:
يَفْلُونَ بالقَلَعِ البُصْرِيّ هامَهُمُ
(* في أساس البلاغة: يَعلون بالقَلَع إلخ).
وأَنشد الجوهري للحصين بن الحُمامِ المُرّي:
صَفائح بُصْرَى أَخْلَصَتْها قُيُونُها،
ومُطَّرِداً مِنْ نَسْج دَاودَ مُحْكَمَا
والنسَبُ إِليها بُصْرِيٌّ؛ قال ابن دريد: أَحسبه دخيلاً. والأَباصِرُ:
موضع معروف؛ وفي حديث كعب: تُمسك النار يوم القيامة حتى تَبِصَّ كأَنَّها
مَتْنُ إِهالَةٍ أَي تَبْرُقَ ويتــلأْلأَ ضوؤُها.
رصف: الرَّصْفُ: ضَمُّ الشيء بعضِه إلى بعض ونَظْمُه، رَصَفَه يَرْصُفُه
رَصْفاً فارْتَصَفَ وتَرَصَّفَ وتَراصَفَ. قال الليث: يقال للقائم إذا
صَفَّ قدميه رَصَفَ قَدَمَيْهِ، وذلك إذا ضَمَّ إحداهما إلى الأُخرى.
وتَراصَفَ القومُ في الصفّ أَي قام بعضُهم إلى لِزْقِ بعض. ورَصَفَ ما بين
رِجْليه: قَرَّبَهما. ورُصِفَتْ أَسْنانُه
(* قوله «ورصفت أسنانه إلى قوله
تصافت» كذا بالأصل مضبوطاً.) رَصْفاً ورَصِفَتْ رَصَفاً، فهي رصِفَةٌ
ومُرْتَصِفةٌ: تَصافَّتْ في نبْتَتِها وانْتَظَمَتْ واستوت. وفي حديث معاذ،
رضي اللّه عنه، في عذاب القبر: ضَرَبه بمِرْصافةٍ وسَط رأْسه أَي
مِطْرَقَةٍ لأَنها يُرْصَفُ بها المضروب أَي يُضَمُّ. ورَصَفَ الحجرَ يَرْصفُهُ
رَصْفاً: بناه فوَصَل بعضَه ببعض. والرَّصَفُ: الحِجارة المُتراصِفةُ،
واحدتها رَصَفةٌ، بالتحريك. والرَّصَفُ: حجارةٌ مَرْصُوفٌ بعضُها إلى بعضٍ؛
وأَنشد للعجاج:
فَشَنَّ في الإبْريقِ منها نُزَفا،
منْ رَصَفٍ نازَعَ سَيْلاً رَصَفا،
حتى تَناهى في صَهاريجِ الصَّفا
قال الباهلي: أَراد أَنه صَبَّ في إبْريقِ الخمر من ماءِ رَصَفٍ نازَعَ
سَيْلاً كان في رصَفٍ فصار منه في هذا، فكأَنَّه نازعه إياه. قال
الجوهري: يقول مُزِجَ هذا الشرابُ من ماء رصَفٍ نازَعَ رصَفاً آخَرَ لأَنه
أَصْفى له وأَرَقُّ، فَحذَف الماء، وهو يُريدُه، فجَعل مَسِيلَه من رَصَفٍ إلى
رصف مُنازَعةً منه إياه.
ابن الأعرابي: أَرْصَفَ الرجلُ إذا مَزَجَ شرابَه بماء الرَّصَفِ، وهو
الذي ينحدر من الجبال على الصخر فيَصْفُو، وأَنشد بيت العجاج. وفي حديث
المغيرة: لحَديثٌ من عاقِلٍ أَحَبُّ إليَّ من الشُّهْدِ بماء رَصَفةٍ؛
الرَّصَفةُ، بالتحريك: واحدة الرَّصَفِ، وهي الحجارة التي يُرْصَفُ بعضها إلى
بعض في مَسِيل فيجتمع فيها ماء المطر؛ وفي حديث ابن الضَّبْعاء
(* قوله
«الضبعاء» كذا في الأصل بضاد معجمة ثم عين مهملة، والذي في النهاية:
الصبغاء بمهملة ثم معجمة.):
بين القِرانِ السَّوْءِ والتَّراصُفِ
التَّراصُفُ: تَنْضِيدُ الحجارة وصَفُّ بعضِها إلى بعض، واللّه أَعلم.
والرَّصَفُ: السَّدُّ المبنيّ للماء. والرَّصَفُ: مَجْرى المَصْنعةِ.
التهذيب: الرَّصَفُ صَفاً طويلٌ يتصل بعضه ببعض، واحدته رَصَفةٌ، وقيل:
الرَّصَفُ صفاً طويل كأَنه مَرْصُوفٌ. ابن السكيت: الرَّصْفُ مصدر رَصَفْتُ
السهْم أَرْصُفُه إذا شَدَدْتَ عليه الرِّصافَ، وهي عَقَبةٌ تُشدُّ على
الرُّعْظِ، والرُّعْظُ مَدْخَلُ سِنْخِ النَّصْلِ، يقال: سَهْمٌ مَرْصوفٌ.
وفي الحديث: ثم نَظَرَ في الرِّصافِ فتَمارى أَيرى شيئاً أَم لا، قال
الليث: الرَّصَفَةُ عَقَبةٌ تُلْوى على موضع الفُوقِ؛ قال الأَزهري: هذا
خطأٌ والصواب ما قال ابن السكيت. وفي حديث الخوارج: ينظر في رِصافِه ثم في
قُذَذِه فلا يرى شيئاً؛ والرَّصَفَةُ: واحدة الرِّصافِ وهي العَقَبةُ
التي تُلْوى فوق رُعْظِ السهم إذا انكسر، وجمعه رُصُفٌ؛ وقول المتنَخِّل
الهُذَليِّ:
مَعابِل غير أَرْصافٍ، ولكنْ
كُسِينَ ظُهارَ أَسْوَدَ كالخِياطِ
قال ابن سيده: عندي أَنه جمع رَصَفةً على رَصَفٍ كشجرة وشجر، ثم جمع
رَصفاً على أرْصاف كأَشْجار، وأَراد ظُهارَ رِيشٍ أَسْودَ، وهي الرُّصافةُ،
وجمعها رَصائِفُ ورِصافٌ. وقد رَصَفه رَصْفاً، فهو مَرْصُوفٌ ورَصِيفٌ.
والرَّصَفةُ والرَّصْفةُ جميعاً: عَقَبةٌ تُشَدُّ على عَقَبةٍ ثم تُشَدُّ
على حِمالةِ القَوْسِ، قال: وأَرى أَبا حنيفة قد جعل الرِّصافَ واحداً.
وفي الحديث: أَنه مَضَغَ وتَراً في رمضانَ ورَصَفَ به وتَرَ قَوْسِه أَي
شَدَّه وقَوَّاه. والرَّصْفُ: الشَّدُّ والضمُّ. ورَصَفَ السهمَ: شَدَّه
بالرِّصافِ، وهو عَقَب يُلْوى على مدخل النَّصْلِ فيه؛ والرَّصْف،
بالتسكين: المصدر من ذلك، تقول: رَصَفْت الحجارة في البناء أَرصُفُها رَصْفاً
إذا ضممت بعضها إلى بعض، ورَصَفْت السهمَ رَصْفاً إذا شَدَدْتَ على رُعْظه
عَقَبَةً؛ ومنه قول الراجز:
وأَثْرَبِيٌّ سِنْخُه مَرْصُوفُ
(* قوله «وأثربي» في القاموس: والنسبة، يعني إلى يثرب، يثربي وأثربي
بفتح الراء وكسرها فيهما واقتصر الجوهري على الفتح.)
ويقال: هذا أَمر لا يَرْصُفُ بك أَي لا يَلِيق.
والرَّصَفَتانِ: عَصَبتانِ في رضْفَتَي الرُّكْبتين.
والمَرْصوفةُ من النساء: التي التَزَقَ خِتانُها فلم يُوصَلْ إليها.
والرَّصُوفُ: الصغيرة الفَرْجِ، وقد رَصِفَتْ. ابن الأَعرابي: الرَّشُوفُ من
النساء اليابِسَةُ المكان، والرَّصُوفُ الضَّيّقةُ المكانِ،
والرَّصْفاءُ من النساء الضيِّقةُ الملاقي، وهي الرَّصوفُ. وحكى ابن بري: المِيقابُ
ضِدّ الرَّصوفِ.
والرَّصافةُ بالشي: الرِّفْق به. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أُتي في
المنام فقيل له تَصَدَّقْ بأَرض كذا، قال: ولم يكن لنا مالٌ أَرْصَفُ بنا
منها أَي أَرْفَقُ بنا وأَوْفَقُ لنا. والرَّصافةُ: الرَّفْقُ في
الأَمور، وفي رواية: ولم يكن لنا عِمادٌ أَرْصَفُ بنا منها، ولم يجئ لها
فِعْلٌ.
وعملٌ رَصِيفٌ وجَوابٌ رَصِيف أَي مُحْكَمٌ رَصينٌ.
والرُّصافَةُ: كل مَنْبِتٍ بالسوادِ وقد غلب على موضع بغداد والشام.
وعينُ الرُّصافةِ: موضع فيه بئر؛ وإيَّاه عنى أُمَيَّةُ بن أَبي عائذٍ
الهذَليُّ:
يَؤُمُّ بها، وانْتَحَتْ لِلرَّجا
ءِ عَيْنَ الرُّصافةِ ذاتَ النِّجالِ
(* قوله «للرجاء» في معجم ياقوت: للنجاء.)
الصحاح: ورُصافةُ موضع. والرِّصافُ: موضع. ورَصَفٌ: ماء؛ قال أَبو خراش:
نُساقِيهمْ على رَصَفٍ وضُرٍّ،
كَدابغةٍ وقد نَغِلَ الأَديمُ
(* قوله «نساقيهم» هو الذي بالأصل هنا، وسبق في مادة ضرر: نسابقهم،
ورصف، محركة وبضمتين: موضع كما في القاموس زاد شارحه وبه ماء يسمى به.)
رضف: الرَّضْفُ: الحجارَةُ التي حَمِيَتْ بالشمس أَو النار، واحدتها
رَضْفةٌ. غيره: الرَّضْفُ الحجارة المُحماةُ يُوغَرُ بها اللَّبَنُ، واحدتها
رَضْفةٌ. وفي المثل: خذ من الرَّضْفةِ ما عليها. ورَضَفه يَرْضِفُه،
بالكسر، أَي كَواه بالرَّضْفةِ. والرَّضِيفُ: اللبن يُغْلى بالرَّضْفةِ. وفي
حديث الهِجْرة: فيَبِيتانِ في رِسْلِها ورَضِيفِها؛ الرَّضِيفُ اللبن
المَرْضُوفُ، وهو الذي طَرِحَ فيه الحجارة المُحْماةُ لِيذْهب وخَمُه. وفي
حديث وابصةَ، رضي اللّه عنه: مثل الذي يأَكُلُ القُسامةَ كمثل جَدْيٍ
بطنُه مملوء رَضْفاً. وفي الحديث: كان في التشهد الأَول كأَنه على
الرَّضْفِ؛ هي الحِجارة المُحْماة على النار. وفي الحديث: أَنه أُتِيَ برجل نُعِتَ
له الكَيُّ فقال: اكْوُوه ثم ارْضِفُوه
(* قوله «ثم ارضفوه» كذا بالأصل،
والذي في النهاية أو ارضفوه.) أَي كَمِّدُوه بالرضْفِ. وحديث أَبي ذر،
رضي اللّه عنه: بَشِّر الكَنَّازين برَضْفٍ يُحْمَى عليه في نار جهنم.
وشَواء مَرْضوفٌ: مَشْوِيٌّ على الرضْفة. وفي الحديث: أَن هنداً بنت
عُتْبَةَ لما أَسْلمت أَرْسَلَتْ إليه بَجَدْيَيْنِ مرضوفين. ولَبَنٌ رَضِيفٌ:
مصْبُوبٌ على الرَّضْفِ. والرضَفة: سِمَةٌ تُكْوَى برضْفةٍ من حجارة حيثما
كانت، وقد رَضَفَه يَرْضِفُه. الليث: الرَّضْفُ حجارة على وجه الأَرض قد
حميت. وشِواء مَرْضُوفٌ: يُشْوَى على تلك الحجارة. والحَمَلُ
المَرْضُوفُ: تُلْقَى تلك الحجارة إذا احمرَّت في جوفِه حتى ينشوي الحمل. قال شمر:
سمعت أَعرابيّاً يصف الرَّضائف وقال: يُعْمَدُ إلى الجَدي فَيُلْبَأُ من
لبن أُمه حتى يمتلئ، ثم يذبح فَيُزَقَّقُ من قِبَلِ قفاه، ثم يُعْمَدُ
إلى حجارة فتحرق بالنار ثم تُوضع في بطنه حتى ينشوي؛ وأَنشد بيت الكميت:
ومَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً.
عَجِلْتُ إلى مُحْوَرِّها، حين غَرْغَرا
لم تُؤْن أَي لم تَحْبِسْ ولم تُبْطِئْ. الأَصمعي: الرضْفُ الحجارةُ
المُحْماةُ في النار أَو الشمس، واحدتها رضْفةٌ؛ قال الكميت بن زيد:
أَجِيبُوا رُقَى الآسِي النَِّطاسِيِّ، واحْذَروا
مُطَفّئةَ الرَّضْفِ التي لا شِوَى لها
قال: وهي الحَيّةُ التي تمرُّ على الرضْف فَيُطْفِئُ سمُّها نارَ
الرضْف. وقال أَبو عمرو الرضف حجارة يُوقد عليها حتى إذا صارت لهَباً
أُّلقِيَتْ في القِدْرِ مع اللحم فأَنْضَجَتْه. والمَرْضُوفةُ: القدر أُنْضِجت
بالرضف. وفي حديث حذيفة أَنه ذكر فِتَناً فقال: أَتتكم الدُّهَيْماءُ
تَرْمِي بالنَّشَفِ ثم التي تَلِيها ترمي بالرَّضْف أَي في شدّتها وحَرّها
كأَنها ترمي بالرضف. قال أَبو منصور: رأَيت الأعراب يأْخذون الحجارة فيوقدون
عليها، فإذا حَمِيَت رَضَفُوا بها اللَّبن البارِدَ الحَقِينَ لتَكْسِر
من برده فيشربونه، وربما رضفوا الماء للخيل إذا بَرَد الزمان.
وفي حديث أَبي بكر: فإذا قُرَيْصٌ من مَلَّةٍ فيه أَثَر الرَّضِيفِ؛
يريد قُرْصاً صغيراً قد خُبِزَ بالمَلّة وهي الرّماد الحارُّ. والرَّضِيفُ:
ما يُشْوَى من اللحم على الرَّضْفِ أَي مَرْضُوفٌ، يريد أَثَر ما عَلِقَ
على القُرْص من دَسَم اللحم المرضوف. أَبو عبيدة: جاء فلان بِمُطْفِئَة
الرضف، قال: وأَصلها أَنها داهيةٌ أَنْسَتْنا التي قبلها فأَطفَأَت
حَرّها. قال الليث: مُطْفِئة الرّضْفِ شَحْمَة إذا أَصابت الرَّضْفَ ذابت
فأَخْمَدَته؛ قال أَبو منصور: والقول ما قال أَبو عبيدة.
وفي حديث معاذ في عذاب القبر: ضَرَبَه بِمرْضافةٍ وسَطَ رأْسِه أَي
بآلةٍ من الرَّضفِ، ويروى بالصاد، وقد تقدّم.
والرضْف: جِرْمُ عِظامٍ في الرُّكْبَة كالأَصابع المضمومة قد أَخذ بعضها
بعضاً، والواحدة رَضْفة، ومنهم من يثقل فيقول: رَضَفةٌ. ابن سيده:
والرَّضْفةُ والرَّضَفةُ: عظم مُطْبِقٌ على رأَْس الساق ورأْسِ الفخذ.
والرَّضْفةُ: طَبَقٌ يموجُ على الرُّكبة، وقيل: الرَّضَفَتان من الفرس عظمان
مُسْتديران فيهما عِرَضٌ منقطعان من العظام كأَنهما طَبَقانِ للركبتين،
وقيل: الرضفة الجلدة التي على الركبة. والرضفة: عظم بين الحَوْشَبِ
والوَظِيفِ ومُلْتقى الجُبَّةِ في الرُّسْغِ، وقيل: هي عظمٌ مُنْقَطِعٌ في جوف
الحافر. ورَضْفُ الركبة
(* قوله «ورضف الركبة» كذا بالأصل بدون هاء تأنيث،
وقوله «والرضف ركبتا» كذا فيه أيضاً.) ورُضافُها: التي تزول. وقيل:
الرُّضاف ما كان تحت الدَّاغِصة. وقال النضر في كتاب الخيل: والرضف ركبتا الفرس
فيما بين الكُراع والذِّراع، وهي أَعْظمُ صغار مجتمعة في رأْس أَعلى
الذراع.
ورَضَفْتُ الوِسادَةَ: ثَنَيْتُها، يمانِيةٌ.
رقص: الرَّقْصُ والرَّقَصانُ: الخَبَبُ، وفي التهذيب: ضَرْبٌ من
الخَبَب، وهو مصدر رَقَصَ يَرْقُص رَقْصاً؛ عن سيبويه، وأَرْقَصَه. ورجل
مِرْقَصٌ: كثير الخبب؛ أَنشد ثعلب لغادية الدبيرية:
وزاغ بالسَّوْطِ عَلَنْدىً مِرْقَصا
ورَقَصَ اللَّعَّابُ يَرْقُص رَقْصاً، فهو رقَّاصٌ. قال ابن بري: قال
ابن دريد يقال رَقَصَ يَرْقُص رَقَصاً، وهو أَحد المصادر التي جاءت على
فَعَلَ فَعَلاً نحو طَرَدَ طَرَداً وحَلَبَ حَلَباً؛ قال حسان:
بِزُجاجةٍ رَقَصَت بما في قَعْرِها،
رَقَصَ القَلُوصِ بِراكبٍ مُسْتَعْجِلِ
وقال مالك بن عمار الفُرَيْعِيّ:
وأَدْبَرُوا، ولَهُمْ من فَوْقِها رَقَصٌ،
والموتُ يَخْطُرُ، والأَرْواحُ تَبْتَدِرُ
وقال أَوس:
نَفْسي الفِداءُ لِمَنْ أَدّاكُمُ رَقَصاً،
تَدْمَى حَراقِفُكم في مَشْيِكم صَكَكُ
وقال المساور:
وإِذا دَعا الداعِي عَلَيّ رَقَصتُمُ
رَقَصَ الخَنافِس من شِعابِ الأَخْرَم
وقال الأَخطل:
وقَيْس عَيْلانَ حتى أَقْبَلُوا رَقَصاً،
فبايَعُوك جِهاراً بَعدما كَفَرُوا
ورَقَصَ السَّرابُ والحَبابُ: اضطرب. والراكب يُرقِصُ بَعِيرَهُ:
يُنَزِّيه ويَحْمِلُه على الخَبَبِ، وقد أَرْقَصَ بَعِيرَه. ولا يقال يَرْقُص
إِلا لِلأعِب والإِبلِ، وما سوى ذلك فإِنه يقال: يَقْفِزُ ويَنْقُزُ،
والعرب تقول: رَقَصَ البعيرُ يَرْقُصُ رَقَصاً، مُحرك القاف، إِذا أَسرع في
سيره؛ قال أَبو وجزة:
فما أَرَدْنا بها مِنْ خَلَّةٍ بدَلاً،
ولا بها رَقَصَ الواشِين نَسْتَمِعُ
أَراد: إِسراعهم في هَتِّ النَّمائم. ويقال للبعير إِذا رَقَصَ في
عَدْوِه: قد الْتَبَطَ وما أَشدَّ لَبْطَتَه. وأَرْقَصَت المرأَة صبِيَّها
ورَقَّصَته: نَزَّتْه. وارْتَقَصَ السِّعْرُ: غلا؛ حكاها أَبو عبيد. ورَقَصَ
الشرابُ: أَخَذَ في الغَلَيَانِ. التهذيب: والشرابُ يَرْقُصُ، والنبِيذُ
إِذا جاشَ رَقَصَ؛ قال حسان:
بِزُجاجةٍ رقَصَتْ بما في قَعْرِها،
رَقَصَ القَلُوصِ براكبٍ مُسْتَعْجِل
وقال لَبِيد في السراب:
فبِتِلْكَ إِذ رَقَصَ اللوامِعُ بالضُّحَى
قال أَبو بكر: والرَّقَصُ في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أَرْقَصَ
القومُ في سَيْرِهم إِذا كانوا يَرْتَفِعُون ويَنْخَفِضُون؛ قال الراعي:
وإِذا ترَقَّصَت المَفازةُ غادَرَتْ
رَبِذاً يُبَغِّلُ خَلْفَها تَبْغِيلا
معنى تَرَقَّصَت ارتفعت وانخفضت وإِنما يرفعها ويخفضها السرابُ:
والرَّبِذُ: السريعُ الخفيف، واللّه أَعلم.