بلفظ التصغير: موضع، قال حضرمي بن عامر الاسدي:
لقد شاقني، لولا الحياء من الصبا، ... لميّة ربع بالأنيعم دارس
ليالي، إذ قلبي بميّة موزع، ... وإذ نحن جيران لها متلابس
وإذ نحن لا نخشى النميمة بيننا، ... ولو كان شيء بيننا متشاكس
خزن: خَزَنَ الشَّيءَ يَخْزُنه خَزْناً واخْتَزَنه: أَحْرَزه وجعله في
خِزانة واختزنه لنفسه. والخِزانةُ: اسم الموضع الذي يُخْزَن فيه الشيء.
وفي التنزيل العزيز: وإنْ من شيء إلا عندنا خَزائنُه. والخِزانةُ: عَملُ
الخازِن. والمَخْزَن، بفتح الزاي: ما يُخْزَن فيه الشيء. والخِزانةُ: واحدة
الخَزائن. وفي التنزيل العزيز: ولا أَقول لكم عندي خَزائن الله؛ قال ابن
الأَنباري: معناه غُيوب علم الله التي لا يعلمها إلا الله، وقيل للغُيوب
خَزائنُ لغموضها على الناس واستتارها عنهم. وخَزَن المالَ إذا غيَّبه.
وقال سفيان بن عيينة: إنما آياتُ القرآن خزائن، فإِذا دخلتَ خزانةً فاجتهد
أَن لا تخرج منها حتى تعرف ما فيها، قال: شبَّه الآية من القرآن بالوعاء
الذي يجمع فيه المال المخزون، وسمي الوعاء خزانة لأَنه من سبب المخزون
فيه. وخِزانة الإنسان: قلبه. وخازِنه وخَزّانه: لسانه، كلاهما على المثل.
وقال لقمان لابنه: إذا كان خازِنك حفيظاً وخِزانتك أَمينةً رَشدْتَ في
أَمرَيْكَ دنياك وآخرتك، يعني اللسان والقلب؛ وقال:
إذا المَرْءُ لم يَخْزُنْ عليه لسانُه،
فليس على شيءٍ سِواه بخازِنِ.
وخَزَنتُ السِّرَّ واختزَنْتُه: كتَمْتُه. وخَزِنَ اللحمُ، بالكسر،
يَخْزَنُ وخَزَنَ يَخْزُن خَزْناً وخُزوناً وخَزُنَ، فهو خَزينٌ: تغير وأَنتن
مثل خَنِزَ مقلوب منه؛ قالَ طرفة:
ثُمَّ لا يَحْزَنُ فينا لَحْمُها،
إنما يَخْزَنُ لحمُ المُدَّخِر.
وعمَّ بعضهم به تغير الطعام كله. وقال أَبو حنيفة: الخَزَّانُ الرُّطَب
تسْوَدُّ أَجوافه من آفة تصيبه، اسم كالجَبّان والقَذّاف، واحدته
خَزّانة. واختَزَنتُ الطريقَ واخْتَصرْتُه، وأَخذنا مخازِنَ الطريق ومَخاصِرَها
أَي أَخذنا أَقرَبها.
جمم: الجَمُّ والجَمَمُ: الكثير من كل شيء. ومال جَمٌّ: كثير. وفي
التنزيل العزيز: ويُحِبُّون المالَ حُبّاً جَمّاً، أَي كثيراً، وكذلك فسره
أَبو عبيدة؛ وقال أَبو خِراشٍ الهُذَلّيّ:
إِنْ تَغْفِرِ، اللَّهُمَّ، تَغْفِرْ جَمّا،
وأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لا أَلَمَّا؟
وقيل: الجَمُّ الكثير المجتمع، جَمّ يَجِمُّ ويَجُمُّ، والضم أَعلى،
جُمُوماً، قال أَنس: توفي سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والوَحْيُ
أَجَمُّ ما كان لم يَفْتُرْ بعدُ؛ قال شمر: أَجَمُّ ما كان أَكثرُ ما كان
وجَمَّ المالُ وغيره إِذا كثر. وجَمُّ الظَّهِيرة: معظمها؛ قال أَبو
كَبير الهذلي:
ولقَد رَبَأْتُ، إِذا الصِّحابُ تَواكَلُوا،
جَمَّ الظَّهِيرَةِ في اليَفَاعِ الأَطْوَلِ
جَمَّ الشيءُ واسْتَجَمَّ، كلاهما: كَثُرَ. وجَمُّ الماءِ: مُعْظَمُه
إِذا ثاب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذا نَزَحْنا جَمَّها عادَتْ بجَمّ
وكذلك جُمَّتُه، وجمعها جِمامٌ وجُمُومٌ؛ قال زهير:
فلما وَرَدْنا الماء زُرْقاً جِمامُه،
وَضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ
وقال ساعدة بن جؤَية:
فلما دَنا الإِفْرادُ حَطَّ بشَوْرِه
إِلى فَضَلاتٍ مُسْتَحيرٍ جُمُومُها
وجَمَّةُ المَرْكَبِ
البحريّ: الموضع الذي يجتمع فيه الماء الراشح من حُزوزه، عربية صحيحة.
وماءٌ جَمٌّ: كثير: وجمعه جِمَام. والجَمُوم: البئر الكثيرة الماء. وبئر
جَمَّة وجَمُوم: كثيرة الماء؛ وقول النابغة:
كتَمْتُكَ لَيلاً بالجَمُومَيْنِ ساهِرا
يجوز أَن يَعْني رَكِيَّتَيْنِ قد غلبت هذه الصفة عليهما، ويجوز أَن
يكونا موضعين. وجَمَّتْ تَجِمُّ وتَجُمُّ، والضم أَكثر: تراجع ماؤها.
وأَجَمَّ الماءَ وجَمَّه: تركه يجتمع؛ قال الشاعر:
من الغُلْبِ من عِضْدانِ هامةَ شُرِّبَتْ
لِسَقْيٍ، وجُمَّتْ للنَّواضِحِ بِئْرُها
والجُمَّة: الماء نفسه. واسْتُجِمَّتْ جُمَّةُ الماء: شُرِبَتْ
واسْتَقَاها الناسُ. والمَجَمُّ: مُسْتَقَرُّ الماء. وأَجَمَّه: أَعطاه جُمَّة
الرِّكِيَّة. قال ثعلب: والعرب تقول منا من يُجيرُ ويُجِمُّ، فلم يفسر
يُجِمُّ إِلاَّ أَن يكون من قولك أَجَمَّه أََعطاه جُمَّة الماء. الأَصمعي:
جَمَّتِ
البئرُ، فهي تَجُمُّ وتَجِمُّ جُمُوماً إِذا كَثُر ماؤها واجتمع؛ يقال:
جئتها وقد اجتمعت جُمَّتُها وجَمُّها أَي ما جَمَّ منها وارتفع. التهذيب:
جَمَّ الشيءُ يَجُمُّ ويَجِمُّ جُموماً، يقال ذلك في الماء والسيَّر؛
وقال امرؤ القيس:
يَجِمُّ على السَّاقَيْنِ، بعد كَلاله،
جُمومَ عُيونِ الحِسْيِ بعدَ المُحَيَّضِ
أَبوعمرو: يَجِمُّ ويَجُمُّ أَي يكثر. ومَجَمُّ البئر: حيث يَبْلُغ
الماءُ وينتهي إليه. والجَمُّ: ما اجتمع من ماء البئر؛ قال صخر الهذلي:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّه،
خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا
قال ابن بري: الصُّفْنُ مثل الرُّكْوْةِ، والمُدابِرُ صاحبُ الدابر من
السهام، وهو ضِدُّ الفائِز، وعَطوفاً الذي تكرّر مرّة بعد مرة.
والجَمَّةُ: المكان الذي يجتمع فيه ماؤه، والجمع الجِمامُ، والجُمُومُ، بالضم،
المصدرُ. ويقال: جَمَّ الماءُ يَجُمُّ ويَجِمُّ جُموماً إِذا كثر في البئر
واجتمع بعدما اسْتُقِيَ ما فيها؛ قال:
فَصَبَّحَتْ قَلَيْذَماً هَمُومَا،
يَزيدُها مَخْجُ الدِّلا جُمُومَا
قَلَيْذَماً: بئراً غزيرة، هَمُوماً: كثيرة الماء، ومَخْجُ الدلو: أَن
تَهُزَّها في الماء حتى تَمْتَلئ. والجَمام، بالفتح: الراحة. وجَمَّ
الفرسُ يَجِمُّ ويَجُمُّ جَمّاً وجَماماً. وأَجَمَّ: تُرِكَ فلم يُرْكَبْ
فعَفَا من تَعَبه وذهب إِعياؤه، وأَجَمَّه هو. وجَمَّ الفرسُ يَجِمُّ
ويَجُمُّ جَماماً: ترك الضِّراب فتَجَمَّع ماؤه. وجِمامُ
الفرس وجُمامُه: ما اجتمع من مائه. وأُجِمَّ الفرسُ
إِذا تُرِك أَنْ يُرْكَب، على ما لم يسم فاعله، وجُمَّ وفرس جَمُومٌ
إِذا ذهب منه إَحْضارٌ جاءه إِحْضار، وكذلك الأُنثى؛ قال النمر ابن
تَولَب:جَمُومُ الشَّدِّ شائلةُ الذُّنابَى،
تَخالُ بَياضَ غُرَّتِها سِراجَا
قوله شائلة الذُّنابى يعني أَنها ترفع ذَنَبها في العَدْو.
واسْتَجَمَّ الفرسُ
والبئر أَي جَمَّ. ويقال: أَجِمَّ نَفْسَك يوماً أو يومين أَي أَرِحْها؛
وفي الصحاح: أَجْمِمْ نَفْسَك. ويقال: إِني لأَسْتَجِمُّ قلبي بشيء من
اللَّهو لأَقْوَى به على الحق. وفي حديث طلحة: رَمَى إِليَّ رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، بسَفَرْجلة وقال دونكها فإِنها تُجِمُّ
الفُؤادَ أَي تُريحه، وقيل: تَجْمَعه وتُكَمِّلُ صَلاحَه ونَشاطَه؛ ومنه حديث
عائشة في التَّلْبِينَةِ: فإِنها تُجِمُّ فؤادَ المريض، وحديثُها الآخر:
فإِنها مَجَمَّة أَي مَظِنَّة الاستراحة. وفي حديث الحُدَيْبية: وإِلاَّ
فقد جَمُّوا أَي استراحوا وكثروا. وفي حديث أَبي قتادة: فأَتى الناسُ
الماءَ جامِّينَ رِواءً أَي مُسْتريحين قد رَوُوا من الماء. وفي حديث ابن
عباس: لأَصْبَحْنا غَداً حين نَدْخُل على القوم وبنا جَمامةٌ أَي راحة
وشِبَعٌ ورِيٌّ. وفي حديث عائشة: بَلَغها أَن الأَحْنف قال شعراً يلومها فيه
فقالت: سبحانَ
الله لقد اسْتَفْرَغَ حِلْمَ الأَحْنف هِجاؤُه إِياي، أَليَ كان
يَسْتَجِمُّ مَثابةَ سَفَهه؟ أَرادت أَنه كان حليماً عن الناس فلما صار إِليها
سَفِه، فكأَنه كان يُجِمُّ سَفَهه لها أَي يُريحُه ويَجْمعه. ومنه حديث
معاوية: من أَحَبَّ أَن يَسْتَجِمَّ له الناسُ قِياماً فَلْيَتَبَوَّأ
مَقْعَدَه من النار أَي يَجْتَمِعون له في القيام عنده ويَحْبِسون أَنفسَهم
عليه، ويروى بالخاء المعجمة، وسنذكره.
والمَجَمُّ: الصَّدْر لأَنه مُجْتَمَع لما وعاه من علم وغيره؛ قال تميم
بن مُقْبِلٍ:
رَحْبُ المَجَمِّ إِذا ما الأَمر بَيَّته،
كالسَّيْفِ ليس به فَلٌّ ولا طَبَعُ
ابن الأَعرابي: فلان واسعُ المَجَمِّ إِذا كان واسعَ الصدر رَحْبَ
الذراع؛ وأَنشد:
رُبَّ ابن عَمٍّ، ليس بابن عَمِّ،
بادي الضَّغِين ضَيِّقِ المَجَمِّ
ويقال: إِنه لَضَيِّقُ
المَجَمِّ إِذا كان ضَيِّقَ الصدر بالأُمور؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
وما كُنْتُ أَخْشى أَنَّ في الحَدِّ رِيبةً،
وإِنْ كانَ مَرْدُودُ السَّلام يَضِيرُ
وقَفْنا فقلناها السَّلامُ عليكمُ،
فأَنْكَرها ضَيْقُ المَجَمِّ غَيُورُ
أَي ضَيِّقُ الصَّدْر. ورجُل رَحْبُ الجَمَمِ: واسع الصدر.
وأَجَمَّ العِنَبَ: قَطَعَ كلَّ ما فوق الأَرض من أَغصانه؛ هذه عن أَبي
حنيفة.
والجَمامُ والجِمامُ والجُمامُ والجَمَمُ: الكَيْلُ إِلى رأْس المكيال،
وقيل: جُمامه طَِفافُُه وإِناء جَمَّامٌ: بلغ الكيلُ
جُمامَه، ويقال: أَجْمَمْتُ الإِناء
(* قوله «ويقال اجممت الاناء» وكذلك
جمّمته وجممته مثقلاً ومخففاً كما في القاموس). وقال أَبو زيد: في
الإِناء جَمامُه وجَمُّه.
أَبو العباس في الفصيح: عنده جِمام القَدَح وجُمام المَكُّوكِ، بالرفع،
دَقيقاً. وجَمَمْتُ المكيالَ جَمّاً. الجوهري: جِمامُ المَكُّوك وجُمامُه
وجَمامُه وجَمَمُه، بالتحريك، وهو ما علا رأْسَه فوق طَِفافه. وجَمَمْتُ
المكيالَ وأَجْمَمْتُه، فهو جَمّان إِذا بلغ الكيلُ
جُمامَه. وقال الفراء: عندي جِمامُ
القَدَحِ ماءً، بالكسر، أَي مِلْؤُه. وجُمامُ
المَكُّوم دَقيقاً، بالضم؛ وجَمامُ
الفرس، بالفتح لا غير، ولا يقال جُمام بالضم إِلا في الدقيق وأَشباهه،
وهو ما علا رأْسَه بعد الامتلاء. يقال: أَعْطِني جُمامَ المَكُّوك إِذا
حَطَّ ما يَحْمله رأْسُه فأَعطاه، وجُمْجُمَةٌ جَمَّاءُ، وقد جَمَّ
الإِناءَ وأَجَمَّه. التهذيب: يقال أَعْطِه جُمامَ المَكُّوك أَي مَكُّوكاً بغير
رأْس، واشْتُقَّ ذلك من الشاة الجَمّاء، هكذا رأَيت في الأَصل، ورأَيت
حاشية صوابه: ما حَمَله رأْسُ المَكُّوكِ.
وجَمٌّ: ملك من الملوك الأَوَّلِين. والجَمِيمُ: النبت الكثير، وقال
أَبو حنيفة: هو أَن يَنْهَضَ ويَنْتَشِرَ، وقد جَمَّم وتَجَمَّمَ؛ قال أَبو
وَجْزَةَ وذكر وحشاً:
يَقْرِمَنْ سَعْدانَ الأَباهِرِ في النَّدى،
وعِذْقَ الخُزامى والنَّصِيَّ المُجَمَّما
قال ابن سيده: هكذا أَنشده أَبو حنيفة على الخَرْم، لأَنَّ قوله
يَقْرِمْ فَعْلُن وحكمه فعولن، وقيل: إِذا ارتفعت البُهْمى عن البارِضِ
قليلاً فهو جَميم؛ قال ذو الرمة يصف حماراً:
(* قوله «يصف حماراً»
المراد الجنس لقوله رعت وآنفتها، وأورد المؤلف كالجوهري هذا البيت كذلك في غير
موضع، رواه الجوهري في هذه المادة: رعى وآنفته، قال الصاغاني: الرواية
رعت وآنفتها، وقبل البيت:
طوال الهوادي والحوادي كأنها * سماحيج قب طار عنها نسالها)
رَعَتْ بارِضَ البُهْمى جَمِيماً وبُسْرَةً، * وصَمْعاءَ حتى آنَفَتْها نِصالُها
والجمع من كل ذلك أَجِمَّاءُ. والجَمِيمَةُ: النَّصِيَّةُ إِذا بلغت نصف
شهر فملأَت الفم. واسْتَجَمَّتِ الأَرضُ: خرج نبتها. والجَمِيمُ: النبت
الذي طال بعَض الطُّول ولم يَتِمَّ؛ ويقال: في الأَرض جَمِيمٌ حَسنُ
النبت قد غَطَّى الأَرضَ ولم يَتِمَّ بَعْدُ. ابن شميل: جَمَّمَتِ الأَرضُ
تَجْميماً إِذا وفى جَمِيمُها، وجَمَّمَ النَّصِيُّ والصِّلِّيانُ
إِذا صار لهما جُمَّةٌ. وفي حديث خُزيمة: اجْتاحَت جَمِيمَ اليَبِيس؛
الجَمِيمُ: نبت يطول حتى يصير مثل جُمَّة الشعر.
والجُمَّةُ، بالضم: مُجْتَمَعُ شعر الرأْس وهي أَكثر من الوَفْرَةِ. وفي
الحديث: كان لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، جُمَّةٌ جَعْدَةٌ؛
الجُمَّة من شعر الرأْس: ما سَقَط على المَنْكِبَيْن؛ ومنه حديث عائشة، رضي الله
عنها، حيث بَنى بها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قالت: وقد وَفتْ لي
جُمَيْمَةٌ أَي كَثُرت؛ والجُمَيْمَةُ: تصغير الجُمَّة. وفي حديث ابن
زِمْلٍ: كأَنما جُمِّمَ شَعَرُه أَي جُعل جُمَّةً، ويروى بالحاء وهو مذكور
في موضعه. وفي الحديث: لعن الله المُجَمِّماتِ
من النساء؛ هنَّ اللواتي يَتَّخِذْن شعورَهن جُمَّةً تشبهاً بالرجال.
ابن سيده: الجُمَّةُ الشعر، وقيل: الجمة من الشعر أَكثر من اللِّمَّةِ،
وقال ابن دريد: هو الشعر الكثير، والجمع جُمَمٌ وجِمامٌ. وغلام مُجَمَّمٌ:
ذو جُمَّة. قال سيبويه: رجل جُمَّانيّ، بالنون، عظيم الجُمَّة طويلها، وهو
من نادر النسب، قال: فإِن سميت بِجُمَّةٍ ثم أَضفت إِليها لم تقل إِلاَّ
جُمِّيٌّ. والجُمَّةُ: القوم يسأَلون في الحَمالة والدِّياتِ؛ قال:
لَقَدْ كانَ في لَيْلى عَطاءٌ لجُمَّةٍ،
أَناخَتْ بكم تَبْغي الفضائلَ والرِّفْدا
ابن الأَعرابي: هم الجُمَّةُ والبُرْكَةُ؛ قال أَبو محمد الفَقْعَسِيُّ:
وجُمَّةٍ تَسْأَلني أَعْطَيْتُ،
وسائِلٍ عن خَبَرٍ لَوَيْتُ،
فقُلْتُ: لا أَدْري، وقد دَرَيْتُ
ويقال: جاءَ فلان في جُمَّةٍ عظيمةٍ وجَمَّةٍ عظيمةٍ
أَي في جماعة يسأَلون الدِّيَة، وقيل: في جَمَّةٍ غليظة أَي في جماعة
يسأَلون في حَمالةٍ. وفي حديث أُم زَرْعٍ: مالُ أَبي زَرْعٍ على الجُمَمِ
محبوسٌ؛ الجُمَمُ: جمع جُمَّةٍ وهم القوم يسأَلون في الدَّيَةِ. يقال:
أَجَمَّ يُجِمُّ إِذا أَعْطى الجُمَّةَ. والجَمَمُ: مصدرُ؛ الشاة الأَجَمِّ:
هو الذي لا قرن له. وفي حديث ابن عباس: أُمِرْنا أَن نَبْنَيَ المَدائن
شُرَفاً والمساجدَ جُمّاً، يعني التي لا شُرَفَ لها، وجُمٌّ: جمع
أَجَمَّ، شبَّه الشُّرَفَ بالقُرون.
وشاة جَمَّاءُ إِذا لم تكن ذات قَرْت بَيِّنَةُ الجَمَمِ. وكبش أَجَمُّ:
لا قَرْنَيْ له، وقد جَمَّ جَمَماً، ومثله في البَقر الجَلَحُ. وفي
الحديث: إِنَّ الله تعالى لَيَدِيَنَّ الجَمَّاءَ من ذات القَرْنِ،
والجَمَّاء: التي لا قَرنَيْ لها، ويَدِيَنَّ أَي يَجْزي. وفي حديث عمر ابن عبد
العزيز: أَما أَبو بكر بنُ حَزْم فلو كَتَبْتُ إِليه اذْبَحْ لأَهل المدينة
شاةً لراجعني فيها: أَقَرْناء أَم جَمَّاء؟ وبُنْيانٌ أَجَمُّ: لا شُرَف
له. والأَجَمُّ: القَصْر الذي لا شُرَفَ له. وامرأَة جَمَّاء
المَرافِقِ. ورجل أَجَمُّ: لا رمح معه في الحرب؛ قال أَوس:
وَيْلُمِّهِمْ مَعْشَراً جُمّاً بُيُوتُهُمُ
من الرِّماح، وفي المَعْروفِ تَنْكِيرُ
وقال الأَعشى:
متى تَدْعُهُم لِقِراع الكُما
ةِ، تأْتِك خَيْلٌ لهم غيرُ جُمّ
وقال عنترة:
أَلمْ تَعْلَمْ، لَحاكَ الله أَني
أَجَمُّ إِذا لَقِيتُ ذَوِي الرِّماح
والجَمَمُ: أَن تُسَكِّنَ
اللامَ من مُفاعَلَتُنْ فيصير مَفاعِيلُنْ، ثم تُسْقِطَ الياء فيبقى
مَفاعِلُنْ، ثم تَخْرِمَه فيبقى فاعِلُنْ؛ وبيته:
أَنْتَ خَيْرُ مَنْ رَكِبَ المَطايا،
وأَكْرَمُهُمْ أَخاً وأَباً وأُمّا
والأَجَمُّ: قُبُلُ المرأَة؛ قال:
جارِيَةٌ أَعْظَمُها أَجَمُّها،
(* قوله «جارية أعظمها إلخ» سقط بعد الشطر الأول:
قد سمنتها بالسوق أمها
وبعد الثاني:
تبيت وسنى والنكاح همها
هكذا نص التكملة).
بائِنةُ الرِّجْلِ فما تَضُمُّها،
فهي تَمَنَّى عَزَباً يَشُمُّها
ابن بري: الأَجَمُّ زَرَدانُ القَرَنْبَى أَي فرجُها.
وجَمَّ العظمُ، فهو أَجَمُّ: كثر لحمه. ومَرَةٌ جَمَّاءُ العِظام: كثيرة
اللحم عليها؛ قال:يَطُفْنَ بِجَمَّاءِ المَرافِقِ مِكْسالِ
التهذيب: جُمَّ إِذا مُلِئَ، وجَمَّ إِذا عَلا.
قال: والجِمُّ الشيطانُ. والجِمُّ: الغَوْغاء والسِّفَل. والجَمَّاء
الغَفِيرُ: جماعة الناس. وجاؤوا جَمّاً غَفِيراً، وجَمَّاء الغَفِير،
والجَمَّاءَ الغَفِيرَ أَي بجماعتهم؛ قال سيبويه: الجَمَّاءُ الغَفِيرُ
من الأَسماء التي وضعت موضع الحال ودخلتها الأِلف واللام كما دخلت في
العِراكِ من قولهم: أَرْسَلَها العِراكَ، وقيل: جاؤوا بجَمَّاء الغفير
أَيضاً. وقال ابن الأَعرابي: الجَمَّاءُ الغفِيرُ الجماعة، وقال: الجَمَّاءُ
بَيْضَةُ الرأْس، سميت بذلك لأَنها جَمَّاء أَي مَلْساءُ، ووصفت بالغفير
لأَنها تَغْفِر أَي تُغَطِّي الرأْسَ؛ قال: ولا أَعرف الجَمَّاءَ في
بَيضة السلاح عن غيره. وفي حديث أَبي ذرّ: قلت يا رسول الله، كم الرُّسُلُ؟
قال: ثلثمائة وخمسة عشر، وفي رواية: وثلاثة عشر جَمَّ الغَفِير؛ قال ابن
الأَثير: هكذا جاءت الرواية، قالوا: والصواب جَمّاً غَفِيراً؛ يقال: جاء
القوم جَمّاً غَفِيراً، والجَمَّاءَ الغَفِيرَ، وجَمَّاءَ غفيراً أَي
مجتمعين كثيرين؛ قال: والذي أُنْكِرَ من الرواية صحيح، فإِنه يقال جاؤوا
الجَمَّ الغفيَر ثم حذف الأَلف واللام وأَضاف من باب صلاة الأُولى ومسجد
الجامع، قال: وأَصل الكلمة من الجُمُومِ والجَمَّةِ، وهو الاجتماع والكثرة،
والغَفِيرُ من الغَفْر وهو التغطية والسَّتْر، فجعلت الكلمتان في موضع
الشمول والإحاطة، ولم تقل العرب الجَمَّاء إِلاَّ موصوفاً، وهو منصوب على
المصدر كطُرّاً وقاطبةً فإنها أَسماء وضعت موضع المصدر.
وأَجَمَّ الأَمرُ
والفِراقُ: دنا وحضر، لغة في أَحَمَّ؛ قال الأَصمعي: ما كان معناه قد
حانَ وقوعُه فقد أَجَمَّ، بالجيم، ولم يعرف أَحَمَّ، بالحاء؛ قال:
حَيِّيَا ذلك الغَزالَ الأَحَمَّا،
إِن يَكُنْ ذاكما الفِراقُ أَجَمَّا
وقال عَدِيّ بن العذير:
فإِنَّ قُرَيْشاً مُهْلِكٌ مَنْ أَطاعَها،
تنافسُ دُنْيا قد أَجَمَّ انْصِرامُها
ومثله لساعِدَةَ:
ولا يُغْني امْرَأً وَلَدٌ أَجمَّتْ
مَنِيَّتُه، ولا مالٌ أَثِيلُ
ومثله لزُهَيرٍ:
وكنتُ إِذا ما جِئتُ يوماً لحاجةٍ،
مَضَتْ وأَجَمَّتْ حاجةُ الغَدِ لا تَخْلُو
يقال: أَجَمَّتِ الحاجةُ إِذا دنت وحانت تُجِمُّ إِجْماماً. وجَمَّ
قُدُوم فُلانٍ جُمُوماً أَي دنا وحان.
والجُمُّ: ضرب من صَدَف البحر؛ قال ابن دريد: لا أَعلم حقيقتها.
والجُمَّى، مَقْصور: الباقِلَّى؛ حكاه أَبو حنيفة.
والجَمَّاء، بالفتح والمدّ والتشديد: موضع على ثلاثة أميال من المدينة
تكرَّر ذكره في الحديث.
والجَمْجَمةُ: أَن لا يُبَيِّنَ كلامَه من غير عِيٍّ، وفي التهذيب: أَن
لا تُبين كلامك من عِيٍّ؛ وأَنشد الليث:
لعَمْرِي لقد طالَ ما جَمْجَمُوا،
فما أَخَّروه وما قَدَّموا
وقيل: هو الكلام الذي لا يُبَيَّنُ
من غير أَن يقيد بِعِيٍّ ولا غيره، والتَّجَمْجُمُ مثله. وجَمْجَمَ في
صدره شيئاً: أَخفاه ولم يُبْدِه؛ وقال أَبو الهيثم في قوله:
إِلى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَمِ
(* قوله «إلى مطمئن إلخ» صدره كما في معلقة زهير:
ومن يوف لم يذمم ومن يهد قلبه).
يقول: من أَفضى قلبُه إِلى الإِحسان المطمئن الذي لا شبهة فيه لم
يَتَجَمْجَمْ لم يشتبه عليه أَمره فيتردّد فيه، والبِرُّ: ضدّ الفُجور.
وجَمْجَمَ الرجل وتَجَمْجَمَ إِذا لم يُبَيِّنْ كلامَه.
والجُمْجُمَةُ: عَظْمُ الرأْس المشتملُ
على الدماغ. ابن سيده: والجُمْجُمة القِحْفُ، وقيل: العظْم الذي فيه
الدماغ، وجمعه جُمْجُمٌ. ابن الأَعرابي: عظام الرأْس كلها جُمْجُمة وأَعلاها
الهامةُ، وقال ابن شميل: الهامة هي الجُمْجُمة جمعاً، وقيل: القِحْفُ
القِطْعة من الجُمْجُمة، وشحمة الأُذن خَرْقُ القُرْط أَسْفلَ الأُذن
أَجمعَ، وهو ما لانَ من سُفْله. ابن بري: والجُمْجُمة رؤساء القوم. وجَماجِمُ
القوم: ساداتهم، وقيل: جَماجِمُهم القبائلُ التي تَجْمَع البطونَ ويُنسب
إِليها دونهم نحو كلْب بن وَبْرة، إِذا قلت كَلْبِيٌّ استغنيت أَن
تَنْسُب إِلى شيء من بطونه، سُمُّوا بذلك تشبيهاً بذلك. وفي التهذيب: وجَماجم
العرب رؤساؤهم، وكلُّ بَني أَبٍ لهم عِزٌّ وشَرَف فهم جُمْجُمة.
والجُمْجُمة: أَربعُ قَبائل، بين كل قبيلتين شأْنٌ. ابن بري: والجُمْجُمة ستون من
الإِبل؛ عن ابن فارس. والجُمْجُمة: ضرب من المكاييل. وفي حديث عمرو بن
أَخْطَبَ
أَو عمر بن الخطاب: اسْتَسْقَى رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم،
فأَتَيْتُه بجُمْجُمة فيها ماء وفيها شَعْرة فرفعتها وناولته، فنظر إِليَّ وقال:
اللهم جَمِّلْه؛ قال القُتَيْبيُّ: الجُمْجُمَة قَدَح من خَشَب، والجمع
الجَماجِمُ. ودَيْرُ الجَماجِمِ: موضع؛ قال أَبو عبيدة: سمي دَيْر
الجَماجم منه لأَنه يعمل فيها الأَقداح من خشب؛ قال أَبو منصور: تُسَوَّى من
الزُّجاج فيقال قِحْفٌ وجُمْجمة؛ وبَديْرِ الجَماجم كانت وَقْعَةُ ابن
الأَشعث مع الحَجاج بالعراق، وقيل: سمي دَيْرَ الجَماجم لأَنه بُني من جَماجم
القَتْلى لكثرة من قتل به. وفي حديث طلحة بن مُصَرِّف: رأَى رجلاً يضحك
فقال: إِن هذا لم يشهد الجَماجِمَ؛ يريد وقعة دَير الجَماجم أَي أَنه لو
رأَى كثرة من قتل به من قُرَّاء المسلمين وساداتهم لم يضحك، ويقال
للسادات جَماجم. وفي حديث عمر: إِيتِ الكوفة فإِن بها جُمْجُمةَ العرب أَي
ساداتها لأَن الجُمْجُمة الرأْس وهو أَشرف الأعَضاء. والجَماجم: موضع بين
الدَّهْناء ومُتالِع في ديار تميم. ويوم الجَماجمِ: يوم من وقائع العرب في
الإسلام معروف. وفي حديث يحيى ابن محمد: أَنه لم يَزَلْ يرى الناسَ
يجعلون الجَماجم في الحَرْث، هي الخشبة التي تكون في رأْسها سِكَّةُ
الحرث. والجُمْجُمَة: البئر تُحْفَر في السَّبَخَة.
والجَمْجَمَة: الإِهْلاك؛ عن كراع. وجَمْجَمه أَهلكه؛ قال رؤبة:
كم من عِدىً جَمْجَمَهم وجَحْجَبا
منن: مَنَّهُ يَمُنُّه مَنّاً: قطعه. والمَنِينُ: الحبل الضعيف. وحَبل
مَنينٌ: مقطوع، وفي التهذيب: حبل مَنينٌ إذا أخْلَقَ وتقطع، والجمع
أَمِنَّةٌ ومُنُنٌ. وكل حبل نُزِحَ به أَو مُتِحَ مَنِينٌ، ولا يقال للرِّشاءِ
من الجلد مَنِينٌ. والمَنِينُ الغبار، وقيل: الغبار الضعيف المنقطع،
ويقال للثوب الخَلَقِ. والمَنُّ: الإعْياء والفَتْرَةُ. ومََنَنْتُ الناقة:
حَسَرْتُها. ومَنَّ الناقة يَمُنُّها مَنّاً ومَنَّنَها ومَنَّن بها:
هزلها من السفر، وقد يكون ذلك في الإنسان. وفي الخبر: أَن أَبا كبير غزا مع
تأَبَّطَ شَرّاً فمَنَّنَ به ثلاثَ ليالٍ أَي أَجهده وأَتعبه.
والمُنَّةُ، بالضم: القوَّة، وخص بعضهم به قوة القلب. يقال: هو ضعيف المُنَّة،
ويقال: هو طويل الأُمَّة حَسَنُ السُّنَّة قوي المُنّة؛ الأُمة: القامة،
والسُّنّة: الوجه، والمُنّة: القوة. ورجل مَنِينٌ
أَي ضعيف، كأنَّ الدهر مَنَّه أَي ذهب بمُنَّته أَي بقوته؛ قال ذو
الرمة:مَنَّهُ السير أَحْمقُ
أَي أَضعفه السير. والمَنينُ: القوي. وَالمَنِينُ: الضعيف؛ عن ابن
الأَعرابي، من الأَضداد؛ وأَنشد:
يا ريَّها، إن سَلِمَتْ يَميني،
وَسَلِمَ الساقي الذي يَلِيني،
ولم تَخُنِّي عُقَدُ المَنِينِ
ومَنَّه السر يَمُنُّه مَنّاً: أَضعفه وأَعياه. ومَنَّه يَمُنُّه
مَنّاً: نقصه. أَبو عمرو: المَمْنون الضعيف، والمَمْنون القويّ. وقال ثعلب:
المَنينُ الحبل القوي؛ وأَنشد لأَبي محمد الأَسدي:
إذا قَرَنْت أَرْبعاً بأَربعِ
إلى اثنتين في مَنين شَرْجَعِ
أَي أَربع آذان بأَربع وَذَماتٍ، والاثنتان عرْقُوتا الدلو. والمَنينُ:
الحبل القويّ الذي له مُنَّةٌ. والمَنِينُ أَيضاً: الضعيف، وشَرْجَعٌ:
طويل.
والمَنُونُ: الموت لأَنه يَمُنُّ كلَّ شيء يضعفه وينقصه ويقطعه، وقيل:
المَنُون الدهر؛ وجعله عَدِيُّ بن زيد جمعاً فقال:
مَنْ رَأَيْتَ المَنُونَ عَزَّيْنَ أَمْ مَنْ
ذا عَلَيْه من أَنْ يُضامَ خَفِيرُ
وهو يذكر ويؤنث، فمن أَنث حمل على المنية، ومن ذَكَّرَ حمل على الموت؛
قال أَبو ذؤيب:
أَمِنَ المَنُونِ ورَيْبه تَتَوَجَّعُ،
والدهرُ ليس بمُعْتِبٍ من يَجْزَعُ؟
قال ابن سيده: وقد روي ورَيْبها، حملاً على المنِيَّة، قال: ويحتمل أَن
يكون التأْنيث راجعاً إلى معنى الجنسية والكثرة، وذلك لأَن الداهية توصف
بالعموم والكثرة والانتشار؛ قال الفارسي: إنما ذكّره لأَنه ذهب به إلى
معنى الجنس. التهذيب: من ذكّر المنون أَراد به الدهر؛ وأَنشد بيت أَبي ذؤيب
أَيضاً:
أَمِنَ المَنُون ورَيْبه تَتَوَجَّعُ
وأَنشد الجوهري للأَعشى:
أَأَن رأَتْ رجلاً أَعْشى أَضرَّ به
رَيْبُ المَنُونِ، ودهْرٌ مُتبلٌ خبِل
ابن الأَعرابي: قال الشَّرْقِيّ بن القُطامِيِّ المَنايا الأحداث،
والحمام الأَجَلُ، والحَتْفُ القَدَرُ، والمَنُون الزمان. قال أَبو العباس:
والمَنُونُ يُحْمَلُ معناه على المَنايا فيعبر بها عن الجمع؛ وأَنشد بيت
عَدِيّ بن زيد:
مَن رأَيْتَ المَنونَ عَزَّيْنَ
أَراد المنايا فلذلك جمع الفعل. والمَنُونُ: المنية لأَنها تقطع
المَدَدَ وتنقص العَدَد. قال الفراء: والمَنُون مؤنثة، وتكون واحدة وجمعاً. قال
ابن بري: المَنُون الدهر، وهواسم مفرد، وعليه قوله تعالى: نَتَرَبَّصُ به
رَيْبَ المَنُونِ؛ أَي حوادث الدهر؛ ومنه قول أَبي ذؤيب:
أَمِنَ المَنُونِ ورَيْبِه تَتَوَجَّعُ
قال: أَي من الدهر وريبه؛ ويدل على صحة ذلك قوله:
والدهرُ ليس بمُعْتِبٍ من يَجْزَعُ
فأَما من قال: وريبها فإنه أَنث على معنى الدهور، ورده على عموم الجنس
كقوله تعالى: أَو الطِّفْل الذين لم يظهروا؛ وكقول أَبي ذؤيب:
فالعَيْن بعدهُمُ كأَنَّ حِدَاقَها
وكقوله عز وجل: ثم اسْتَوى إلى السماء فسَوَّاهُنَّ؛ وكقول الهُذَليِّ:
تَراها الضَّبْعَ أَعْظَمَهُنَّ رأْسا
قال: ويدلك على أَن المَنُون يرادُ بها الدُّهور قول الجَعْديّ:
وعِشْتِ تعيشين إنَّ المَنُو
نَ كانَ المَعايشُ فيها خِساسا
قال ابن بري: فسر الأَصمعي المَنُون هنا بالزمان وأَراد به الأَزمنة؛
قال: ويدُلّك على ذلك قوله بعد البيت:
فَحِيناً أُصادِفُ غِرَّاتها،
وحيناً أُصادِفُ فيها شِماسا
أَي أُصادف في هذه الأَزمنة؛ قال: ومثله ما أَنشده عبد الرحمن عن عمه
الأَصمعي:
غلامُ وَغىً تَقَحّمها فأَبْلى،
فخان بلاءَه الدهرُ الخَؤُونُ
فإن على الفَتى الإقْدامَ فيها،
وليس عليه ما جنت المَنُونُ
قال: والمَنُون يريد بها الدهور بدليل قوله في البيت قبله:
فخانَ بلاءَه الدَّهْرُ الخَؤُونُ
قال: ومن هذا قول كَعْب بن مالك الأَنصاري:
أَنسيتمُ عَهْدَ النبيّ إليكمُ،
ولقد أَلَظَّ وأَكَّدَ الأَيْمانا
أَن لا تَزالوا ما تَغَرَّدَ طائرٌ
أُخْرى المَنُونِ مَوالِياً إخْوانا
أَي إِلى آخر الدهر؛ قال: وأَما قول النابغة:
وكل فَتىً، وإِنْ أَمْشى وأَثْرَى،
سَتَخْلِجُه عن الدنيا المَنُونُ
قال: فالظاهر أَنه المنية؛ قال: وكذلك قول أَبي طالب:
أَيّ شيء دهاكَ أَو غال مَرْعا
ك، وهل أَقْدَمَتْ عليك المَنُون؟
قال: المَنُونُ هنا المنية لا غير؛ وكذلك قول عمرو ابن حَسَّان:
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيَوْمٍ
أَنَى، ولكلّ حاملةٍ تَمامُ
وكذلك قول ابن أَحمر:
لَقُوا أُمَّ اللُّهَيْمِ فجَهَّزَتْهُمْ
غَشُومَ الوِرْدِ نَكْنِيها المَنونا
أُم اللُّهَيمِ: اسم للمنية، والمنونُ هنا: المنية؛ ومنه قول أَبي
دُوَادٍ:
سُلِّطَ الموتُ والمَنُونُ عليهم،
فَهُمُ في صَدَى المَقابِرِ هامُ
ومَنَّ عليه يَمُنُّ مَنّاً: أَحسن وأَنعم، والاسم المِنَّةُ. ومَنَّ
عليه وامْتَنَّ وتمَنَّنَ: قَرَّعَه بِمِنَّةٍ؛ أَنشد ثعلب:
أَعْطاكَ يا زَيْدُ الذي يُعْطي النِّعَمْ،
من غيرِ ما تمَنُّنٍ ولا عَدَمْ،
بَوائكاً لم تَنْتَجِعْ مع الغَنَم
وفي المثل: كَمَنِّ الغيثِ على العَرْفَجةِ، وذلك أَنها سريعة الانتفاع
بالغيث، فإِذا أَصابها يابسةً اخضرَّت؛ يقول: أَتَمُنُّ عليَّ كمَنِّ
الغيثِ على العرفجةِ؟ وقالوا: مَنَّ خَيْرَهُ َيمُنُّهُ مَنّاً فعَدَّوْه؛
قال:
كأَني، إِذْ مَنَنْتُ عليك خَيري،
مَنَنْتُ على مُقَطَّعَةِ النِّياطِ
ومَنَّ يَمُنُّ مَنّاً: اعتقد عليه مَنّاً وحسَبَهُ عليه. وقوله عز وجل:
وإِنَّ لكَ لأَجْراً غيرَ مَمْنونِ؛ جاء في التفسير: غير محسوب، وقيل:
معناهُ أَي لا يَمُنُّ الله عليهم
(* قوله «أي لا يمن الله عليهم إلخ»
المناسب فيه وفيما بعده عليك بكاف الخطاب، وكأنه انتقال نظر من تفسير آية:
وإن لك لأجراً، إلى تفسير آية: لهم أجر غير ممنون، هذه العبارة من التهذيب
أو المحكم فإن هذه المادة ساقطة من نسختيهما اللتين بأيدينا للمراجعة).
به فاخراً أَو مُعَظِّماً كما يفعل بخلاءُِ المُنْعِمِين، وقيل: غير
مقطوع من قولهم حبل مَنِين إِذا انقطع وخَلَقَ، وقيل: أَي لا يُمَنُّ به
عليهم. الجوهري: والمَنُّ القطع، ويقال النقص؛ قال لبيد:
غُبْساً كَوَاسبَ لا يُمَنُّ طَعامُها
قال ابن بري: وهذا الشعر في نسخة ابن القطاع من الصحاح:
حتى إِذا يَئِسَ الرُّماةُ، وأَرْسَلوا
غُبْساً كَواسِبَ لا يُمَنُّ طعامُها
قال: وهو غلط، وإِنما هو في نسخة الجوهري عجز البيت لا غير، قال: وكمله
ابن القطاع بصدر بيت ليس هذا عجُزَه، وإِنما عجُزُهُ:
حتى إِذا يَئسَ الرُّماةُ، وأَرسلوا
غُضُفاً دَوَاجِنَ قافلاً أَعْصامُها
قال: وأَما صدر البيت الذي ذكره الجوهري فهو قوله:
لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تنازَعَ شِلْوَه
غُبْسٌ كوَاسِبُ لا يُمَنُّ طعامُها
قال: وهكذا هو في شعر لبيد، وإِنما غلط الجوهري في نصب قوله غُبْساً،
والله أَعلم.
والمِنِّينَى: من المَنِّ الذي هو اعتقاد المَنِّ على الرجل. وقال أَبو
عبيد في بعض النسخ: المِنَّينى من المَنِّ والامْتنانِ.
ورجل مَنُونَةٌ ومَنُونٌ: كثير الامتنان؛ الأَخيرة عن اللحياني. وقال
أَبو بكر في قوله تعالى: مَنَّ اللهُ علينا؛ يحتمل المَنُّ تأْويلين:
أَحدهما إِحسانُ المُحْسِن غيرَ مُعْتَدٍّ بالإِحسان، يقال لَحِقَتْ فلاناً من
فلان مِنَّةٌ إِذا لَحِقَتْْه نعمةٌ باستنقاذ من قتل أَو ما أَشبهه،
والثاني مَنَّ فلانٌ على فلان إِذا عَظَّمَ الإِحسان وفخَرَ به وأَبدأَ فيه
وأَعاد حتى يُفْسده ويُبَغِّضه، فالأَول حسن، والثاني قبيح. وفي أَسماء
الله تعالى: الحَنّانُ المَنّانُ أَي الذي يُنْعِمُ غيرَ فاخِرٍ
بالإِنعام؛ وأَنشد:
إِن الذين يَسُوغُ في أَحْلاقِهِمْ
زادٌ يُمَنُّ عليهمُ لَلِئامُ
وقال في موضع آخر في شرح المَنَّانِ، قال: معناه المُعْطِي ابتداء، ولله
المِنَّة على عباده، ولا مِنَّة لأَحد منهم عليه، تعالى الله علوّاً
كبيراً. وقال ابن الأَثير: هو المنعم المُعْطي من المَنِّ في كلامهم بمعنى
الإِحسان إِلى من لا يستثيبه ولا يطلب الجزاء عليه. والمَنّانُ: من أَبنية
المبالغة كالسَّفَّاكِ والوَهّابِ، والمِنِّينى منه كالخِصَّيصَى؛
وأَنشد ابن بري للقُطاميّ:
وما دَهْري بمِنِّينَى، ولكنْ
جَزَتْكم، يا بَني جُشَمَ، الجَوَازي
ومَنَّ عليه مِنَّةً أَي امْتَنَّ عليه. يقال: المِنَّةُ تَهْدِمُ
الصَّنيعة. وفي الحديث: ما أَحدٌ أَمَنَّ علينا من ابن أَبي قُحافَةَ أَي ما
أَحدٌ أَجْوَدَ بماله وذات يده، وقد تكرر في الحديث. وقوله عز وجل: لا
تُبْطِلُوا صدقاتكم بالمَنِّ والأَذى؛ المَنُّ ههنا: أَن تَمُنَّ بما أَعطيت
وتعتدّ به كأَنك إِنما تقصد به الاعتداد، والأَذى: أَن تُوَبِّخَ
المعطَى، فأَعلم الله أَن المَنَّ والأَذى يُبْطِلان الصدقة. وقوله عز وجل: ولا
تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ؛ أَي لا تُعْطِ شيئاً مقدَّراً لتأْخذ بدله ما هو
أَكثر منه. وفي الحديث: ثلاثة يشْنَؤُهُمُ الله، منهم البخيل المَنّانُ.
وقد يقع المَنَّانُ على الذي لا يعطي شيئاً إِلاَّ مَنَّه واعتَدّ به
على من أَعطاه، وهو مذموم، لأَن المِنَّة تُفْسِد الصنيعةَ.
والمَنُون من النساء: التي تُزَوَّجُ لمالها فهي أَبداً تَمُنُّ على
زوجها. والمَنَّانةُ: كالمَنُونِ. وقال بعض العرب: لا تتزَوَّجَنَّ
حَنَّانةً ولا مَنَّانةً.
الجوهري: المَنُّ كالطَّرَنْجَبينِ. وفي الحديث: الكَمْأَةُ من المَنِّ
وماؤها شفاء للعين. ابن سيده: المَنُّ طَلٌّ ينزل من السماء، وقيل: هو
شبه العسل كان ينزل على بني إِسرائيل. وفي التنزيل العزيز: وأَنزلنا عليهم
المَنَّ والسَّلْوَى؛ قال الليث: المَنُّ كان يسقط على بني إِسرائيل من
السماء إِذْ هُمْ في التِّيه، وكان كالعسل الحامِسِ
حلاوةً. وقال الزجاج: جملة المَنِّ في اللغة ما يَمُنُّ الله عز وجل به
مما لا تعب فيه ولا نَصَبَ، قال: وأَهل التفسير يقولون إِن المَنَّ شيء
كان يسقط على الشجر حُلْوٌ يُشرب، ويقال: إِنه التَّرَنْجَبينُ، وقيل في
قوله، صلى الله عليه وسلم، الكَمْأَةُ من المَنِّ: إِنما شبهها بالمَنِّ
الذي كان يسقط على بني إِسرائيل، لأَنه كان ينزل عليهم من السماء عفواً
بلا علاج، إِنما يصبحون وهو بأَفْنِيَتهم فيتناولونه، وكذلك الكَمْأَة لا
مؤُونة فيها بَبَذْرٍ ولا سقي، وقيل: أَي هي مما منَّ الله به على عباده.
قال أَبو منصور: فالمَنُّ الذي يسقط من السماء، والمَنُّ الاعتداد،
والمَنُّ العطاء، والمَنُّ القطع، والمِنَّةُ العطية، والمِنَّةُ الاعتدادُ،
والمَنُّ لغة في المَنَا الذي يوزن به. الجوهري: والمَنُّ المَنَا، وهو
رطلان، والجمع أَمْنانٌ، وجمع المَنا أَمْناءٌ. ابن سيده: المَنُّ كيل أَو
ميزان، والجمع أَمْنانٌ.
والمُمَنُّ: الذي لم يَدَّعِه أَبٌ
والمِنَنَةُ: القنفذ. التهذيب: والمِنَنةُ العَنْكبوت، ويقال له
مَنُونةٌ. قال ابن بري: والمَنُّ أَيضاً الفَتْرَةُ؛ قال:
قد يَنْشَطُ الفِتْيانُ بعد المَنِّ
التهذيب عن الكسائي قال: مَنْ تكون اسماً، وتكون جَحْداً، وتكون
استفهاماً، وتكون شرْطاً، وتكون معرفة، وتكون نكرة، وتكون للواحد والاثنين
والجمع، وتكون خصوصاً، وتكون للإِنْسِ والملائكة والجِنِّ، وتكون للبهائم إِذا
خلطتها بغيرها؛ وأَنشد الفراء فيمن جعلها اسماً هذا البيت:
فَضَلُوا الأَنامَ، ومَنْ بَرا عُبْدانَهُمْ،
وبَنَوْا بمَكَّةَ زَمْزَماً وحَطِيما
قال: موضع مَنْ خفض، لأَنه قسم كأَنه قال: فَضَلَ
بنو هاشم سائر الناس والله الذي برأ عُبْدانَهُم. قال أَبو منصور: وهذه
الوجوه التي ذكرها الكسائي في تفسير مَنْ موجودة في الكتاب؛ أَما الاسم
المعرفة فكقولك: والسماء ومَنْ بناها؛ معناه والذي بناها، والجَحْدُ
كقوله: ومَنْ يَقْنَطُ من رحمة ربه إِلاَّ الضالُّون؛ المعنى لا يَقْنَطُ.
والاستفهام كثير وهو كقولك: من تَعْني بما تقول؟ والشرط كقوله: من يَعْمَلْ
مثقال ذَرَّةٍ خيراً يره، فهذا شرط وهو عام. ومَنْ للجماعة كقوله تعالى:
ومَنْ عَمِلَ صالحاً فلأَنفسهم يَمْهدون؛ وكقوله: ومن الشياطين مَنْ
يَغُوصون له. وأَما في الواحد فكقوله تعالى: ومنهم مَنْ يَسْتمِعُ إِليك،
فوَحَّدَ؛ والاثنين كقوله:
تَعالَ فإِنْ عاهَدْتَني لا تَخُونني،
نَكُنْ مثلَ مَنْ يا ذِئبُ يَصْطحبانِ
قال الفراء: ثنَّى يَصْطَحِبان وهو فعل لمَنْ لأَنه نواه ونَفْسَه. وقال
في جمع النساء: ومَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لله ورسوله. الجوهري: مَنْ اسم
لمن يصلح أَن يخاطَبَ، وهو مبهم غير متمكن، وهو في اللفظ واحد ويكون في
معنى الجماعة؛ قال الأَعشى
لسْنا كمَنْ حَلَّتْ إِيادٍ دارَها
تَكْريتَ تَنْظُرُ حَبَّها أَن يُحْصَدا
فأَنث فِعْلَ مَنْ لأَنه حمله على المعنى لا على اللفظ، قال: والبيت
رديء لأَنه أَبدل من قبل أَن يتم الاسم، قال: ولها أَربعة مواضع: الاستفهام
نحو مَنْ عندك؟ والخبر نحو رأَيت مَنْ عندك، والجزاء نحو مَنْ يكرمْني
أُكْرِمْهُ، وتكون نكرة نحو مررت بمَنْ محسنٍ أَي بإِنسان محسن؛ قال بشير
بن عبد الرحمن ابن كعب بن مالك الأَنصاري:
وكفَى بنا فَضْلاً، على مَنْ غَيرِنا،
حُبُّ النَّبِيِّ محمدٍ إِيّانا
خفض غير على الإِتباع لمَنْ، ويجوز فيه الرفع على أَن تجعل مَنْ صلة
بإِضمار هو، وتحكى بها الأَعلام والكُنَى والنكرات في لغة أَهل الحجاز إِذا
قال رأَيت زيداً قلت مَنْ زيداً، وإِذا قال رأَيت رجلاً قلت مَنَا لأَنه
نكرة، وإِن قال جاءني رجل قلت مَنُو، وإِن قال مررت برجل قلت مَنِي، وإِن
قال جاءني رجلان قلت مَنَانْ، وإِن قال مررت برجلين قلت مَنَينْ، بتسكين
النون فيهما؛ وكذلك في الجمع إِن قال جاءني رجال قلت مَنُونْ، ومَنِينْ
في النصب والجرّ، ولا يحكى بها غير ذلك، لو قال رأَيت الرجل قلت مَنِ
الرجلُ، بالرفع، لأَنه ليس بعلم، وإِن قال مررت بالأَمير قلت مَنِ
الأَمِيرُ، وإِن قال رأَيت ابن أَخيك قلت مَنِ ابنُ أَخيك، بالرفع لا غير، قال:
وكذلك إِن أَدخلت حرف العطف على مَنْ رفعت لا غير قلت فمَنْ زيدٌ ومَنْ
زيدٌ، وإِن وصلت حذفت الزيادات قلت مَنْ يا هذا، قال: وقد جاءت الزيادة في
الشعر في حال الوصل؛ قال الشاعر:
أَتَوْا ناري فقلتُ: مَنُونَ أَنْتُمْ؟
فقالوا: الجِنُّ قلتُ: عِمُوا ظَلاما
وتقول في المرأَة: مَنَهْ ومَنْتانْ ومَنَاتْ، كله بالتسكين، وإِن وصلت
قلت مَنَةً يا هذا ومناتٍ يا هؤلاء. قال ابن بري: قال الجوهري وإِن وصلت
قلت مَنةً يا هذا، بالتنوين، ومَناتٍ؛ قال: صوابه وإِن وصلت قلت مَنْ يا
هذا في المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث، وإِن قال: رأَيت رجلاً
وحماراً، قلت مَنْ
وأَيَّا، حذفت الزيادة من الأَول لأَنك وصلته، وإِن قال مررت بحمار ورجل
قلت أَيٍّ ومَنِي، فقس عليه، قال: وغير أَهل الحجاز لا يرون الحكاية في
شيء منه ويرفعون المعرفة بعد مَنْ، اسماً كان أَو كنية أَو غير ذلك. قال
الجوهري: والناس اليوم في ذلك على لغة أَهل الحجاز؛ قال: وإِذا جعلت مَنْ
اسماً متمكناً شددته لأَنه على حرفين كقول خِطامٍ المُجاشِعيّ:
فرَحلُوها رِحْلَةً فيها رَعَنْ،
حتى أَنَخْناها إِلى مَنٍّ ومَنْ
أَي أَبْرَكْناها إِلى رجل وأَيّ رجل، يريد بذلك تعظيم شأْنه، وإِذا
سميت بمَنْ لم تشدّد فقلت هذا مَنٌ ومررت بمَنٍ، قال ابن بري: وإِذا سأَلت
الرجل عن نسبه قلت المَنِّيُّ، وإِن سأَلته عن بلده قلت الهَنِّيُّ؛ وفي
حديث سَطِيح:
يا فاصِلَ الخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ ومَنْ
قال ابن الأَثير: هذا كما يقال أَعيا هذا الأَمر فلاناً وفلاناً عند
المبالغة والتعظيم أَي أَعيت كلَّ مَنْ جَلَّ قَدْرُه فحذف، يعني أَن ذلك
مما تقصر العبارة عنه لعظمه كما حذفوها من قولهم: بعد اللَّتَيّا والتي،
استعظاماً لشأْن المخلوق. وقوله في الحديث: مَنْ غَشَّنا فليس منا أَي ليس
على سيرتنا ومذهبنا والتمسك بسُنَّتنا، كما يقول الرجل أَنا منْك وإِليك،
يريد المتابعة و الموافقة؛ ومنه الحديث: ليس منّا من حَلَقَ وخَرَقَ
وصَلَقَ، وقد تكرر أَمثاله في الحديث بهذا المعنى، وذهب بعضهم إِلى أَنه
أَراد به النفي عن دين الإِسلام، ولا يصح. قال ابن سيده: مَنْ اسم بمعنى
الذي، وتكون للشرط وهو اسم مُغْنٍ عن الكلام الكثير المتناهي في
البِعادِ والطُّولِ، وذلك أَنك إِذا قلت مَنْ يَقُمْ أَقُمْ معه كفاك ذلك من
جميع الناس، ولولا هو لاحتجت أَن تقول إِن يَقُمْ زيد أَو عمرو أَو جعفر أَو
قاسم ونحو ذلك، ثم تقف حسيراً مبهوراً ولَمّا تَجِدْ إِلى غرضك سبيلاً،
فإِذا قلت مَنْ عندك أَغناك ذلك عن ذكر الناس، وتكون للاستفهام المحض،
وتثنى وتجمع في الحكاية كقولك: مَنَانْ ومَنُونْ ومَنْتانْ ومَناتْ، فإِذا
وصلت فهو في جميع ذلك مفرد مذكر؛ وأَما قول شمر بن الحرث الضَّبِّيِّ:
أَتَوْا ناري فقلتُ: مَنُونَ؟ قالوا:
سَرَاةُ الجِنِّ قلت: عِمُوا ظَلاما
قال: فمن رواه هكذا فإِنه أَجرى الوصل مُجْرَى الوقف، فإِن قلت فإِنه في
الوقف إِنما يكون مَنُونْ ساكن النون، وأَنت في البيت قد حركته، فهو
إِذاً ليس على نية الوصل ولا على نية الوقف؟ فالجواب أَنه لما أَجراه في
الوصل على حده في الوقف فأَثبت الواو والنون التقيا ساكنين، فاضطر حينئذ
إِلى أَن حرك النون لالتقاء الساكنين لإقامة الوزن، فهذه الحركة إِذاً إِنما
هي حركة مستحدثة لم تكن في الوقف، وإِنما اضطر إِليها للوصل؛ قال: فأَما
من رواه مَنُونَ أَنتم فأَمره مشكل، وذلك أَنه شبَّه مَنْ بأَيٍّ فقال
مَنُونَ أَنتم على قوله أَيُّونَ أَنتم، وكما جُعِلَ أَحدهما عن الآخر
هنا كذلك جمع بينهما في أَن جُرِّدَ من الاستفهام كلُّ واحدٍ منهما، أَلا
ترى أَن حكاية يونس عنهم ضَرَبَ مَنٌ مَناً كقولك ضرب رجل رجلاً؟ فنظير
هذا في التجريد له من معنى الاستفهام ما أَنشدناه من قوله الآخر:
وأَسْماءُ، ما أَسْماءُ لَيْلةَ أَدْلَجَتْ
إِليَّ، وأَصحابي بأَيَّ وأَيْنَما
فجعل أَيّاً اسماً للجهة، فلما اجتمع فيها التعريف والتأْنيث منَعَها
الصَّرْفَ، وإِن شئت قلت كان تقديره مَنُون كالقول الأَول، ثم قال أَنتم
أَي أَنتم المقصودون بهذا الاستثبات، كقول عَدِيٍّ:
أَرَوَاحٌ مَوَدّعٌ أَم بُكورُ
أَنتَ، فانْظُرْ لأَيِّ حالٍ تصيرُ
إِذا أَردت أَنتَ الهالكُ، وكذلك أَراد لأَي ذيْنِك. وقولهم في جواب
مَنْ قال رأَيت زيداً المَنِّيُّ يا هذا، فالمَنِّيُّ صفة غير مفيدة، وإِنما
معناه الإِضافة إِلى مَنْ، لا يُخَصُّ بذلك قبيلةٌ معروفة كما أَن مَن
لا يَخُصُّ عيناً، وكذلك تقول المَنِّيّانِ والمَنِّيُّون والمَنِّيَّة
والمَنِّيَّتان والمَنِّيَّات، فإِذا وصلت أَفردت على ما بينه سيبويه، قال:
وتكون للاستفهام الذي فيه معنى التَّعَجُّب نحو ما حكاه سيبويه من قول
العرب: سبحان الله مَنْ هو وما هو؛ وأَما قوله:
جادَتْ بكَفَّيْ كان مِنْ أَرْمى البَشَرْْ
فقد روي مَنْ أَرمى البَشر، بفتح ميم مَنْ، أَي بكفَّيْ مَنْ هو أَرْمى
البشرِ، وكان على هذا زائدة، ولو لم تكن فيه هذه الرواية لَمَا جاز
القياس عليه لفُرُوده وشذوذه عما عليه عقد هذا الموضع، أَلا تراك لا تقول مررت
بوَجْهُه حسنٌ ولا نظرت إِلى غلامُهُ سعيدٌ؟ قال: هذا قول ابن جني،
وروايتنا كان مِنْ أَرْمى البشر أَي بكفَّيْ رجلٍ كان.
الفراء: تكون مِنْ ابتداءَ غاية، وتكون بعضاً، وتكون صِلةً؛ قال الله عز
وجل: وما يَعْزُبُ
عن ربك من مثقال ذَرَّةٍ؛ أَي ما يَعْزُبُ عن علمه وَزْنُ ذَرَّةٍ؛
ولداية الأَحنف فيه:
والله لولا حَنَفٌ برجْلِهِ،
ما كان في فِتْيَانِكُمْ مِنْ مِثْلِهِ
قال: مِنْ صِلةٌ ههنا، قال: والعرب تُدْخِلُ مِنْ على جمع المَحالّ إِلا
على اللام والباء، وتدخل مِنْ على عن ولا تُدْخِلُ عن عليها، لأَن عن
اسم ومن من الحروف؛ قال القطامي:
مِنْ عَنْ يمين الحُبَيّا نَظْرةٌ قَبَلُ
قال أَبو عبيد: والعرب تضَعُ مِن موضع مُذْ، يقال: ما رأَيته مِنْ سنةٍ
أَي مُذْ سنةٍ؛ قال زهير:
لِمَنِ الدِّيارُ، بقُنَّةِ الحِجْرِ،
أَقْوَيْنَ من حِجَجٍ ومن دَهْرِ؟
أَي مُذْ حِجَجٍ. الجوهري: تقول العرب ما رأَيته مِنْ سنةٍ أَي منذُ
سنة. وفي التنزيل العزيز: أُسِّسَ على التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ
يوم؛ قال: وتكون مِنْ بمعنى على كقوله تعالى: ونصرناه مِنَ القوم؛ أَي
على القوم؛ قال ابن بري: يقال نصرته مِنْ فلان أَي منعته منه لأَن الناصر
لك مانع عدوّك، فلما كان نصرته بمعنى منعته جاز أَن يتعدّى بمن، ومثله
فلْيَحْذَرِ
الذين يُخالِفون عن أَمره، فعدّى الفعل بمعَنْ حَمْلاً على معنى
يَخْرُجون عن أَمره، لأَن المخالفة خروج عن الطاعة، وتكن مِنْ بعَنْ البدل كقول
الله تعالى: ولو نشاء لَجَعَلْنا منكم مَلائكةً؛ معناه: ولو نشاء لجعلنا
بَدَلَكُم، وتكون بمعنى اللام الزائدة كقوله:
أَمِنْ آلِ ليلى عَرَفْتَ الدِّيارا
أَراد أَلآلِ ليْلى عرفت الديارا. ومِنْ، بالكسر: حرف خافض لابتداء
الغاية في الأَماكن، وذلك قولك مِنْ مكان كذا وكذا إِلى مكان كذا وكذا، وخرجت
من بَغْداد إِلى الكوفة، و تقول إِذا كتبت: مِنْ فلانٍ إِلى فلان، فهذه
الأَسماء التي هي سوى الأَماكن بمنزلتها؛ وتكون أَيضاً للتبعيض، تقول:
هذا من الثوب، وهذا الدِّرْهم من الدراهم، وهذا منهم كأَنك قلت بعضه أَو
بعضهم؛ وتكون للجنس كقوله تعالى: فإن طِبْنَ لكم عن شيء منه نَفْساً. فإن
قيل: كيف يجوز أَن يقبل الرجلُ المَهْرَ
كله وإِنما قال منه؟ فالجواب في ذلك أَنَّ مِنْ هنا للجنس كما قال
تعالى: فاجتنبوا الرِّجْسَ من الأَوثان، ولم نُؤْمَرْ
باجتناب بعض الأَوثان، ولكن المعنى فاجتنبوا الرِّجْسَ الذي هو وَثَنٌ،
وكُلُوا الشيء الذي هو مَهْرٌ، وكذلك قوله عز وجل: وعَدَ الله الذين
آمنوا وعملوا الصالحات منهم مَغْفرةً وأَجراً عظيماً. قال: وقد تدخل في موضعٍ
لو لم تدخل فيه كان الكلام مستقيماً ولكنها توكيد بمنزلة ما إِلا أَنها
تَجُرُّ لأَنها حرف إِضافة، وذلك قولك: ما أَتاني مِنْ رجلٍ، وما رأَيت
من أَحد، لو أَخرجت مِنْ كان الكلام مستقيماً، ولكنه أُكِّدَ بمِنْ لأَن
هذا موضع تبعيض، فأَراد أَنه لم يأْته بعض الرجال، وكذلك: ويْحَهُ من رجل
إِنما أَراد أَن جعل التعجب من بعض، وكذلك: لي مِلْؤُهُ من عَسَل، وهو
أَفضل من زيد، إِنما أَراد أَن يفضله على بعض ولا يعم، وكذلك إِذا قلت
أَخْزَى اللهُ الكاذِبَ مِنِّي ومِنْكَ إِلا أَن هذا وقولَكَ أَفضل منك لا
يستغنى عن مِنْ فيهما، لأَنها توصل الأَمر إِلى ما بعدها. قال الجوهري:
وقد تدخل منْ توكيداً لَغْواً، قال: قال الأَخفش ومنه قوله تعالى: وتَرَى
الملائكةَ خافِّينَ من حَوْلِ العرش؛ وقال: ما جَعَلَ الله لِرَجُلٍ من
قلبيــن في جوفه، إِنما أَدْخلَ مِنْ توكيداً كما تقول رأَيت زيداً نفسه.
وقال ابن بري في استشهاده بقوله تعالى: فاجتنبوا الرِّجْسَ من الأَوْثانِ،
قال: مِنْ للبيان والتفسير وليست زائدة للتوكيد لأَنه لا يجوز إسقاطها
بخلاف وَيْحَهُ من رجلٍ. قال الجوهري: وقد تكون مِنْ للبيان والتفسير كقولك
لله دَرُّكَ مِنْ رجلٍ، فتكون مِنْ مفسرةً للاسم المَكْنِيِّ في قولك
دَرُّك وتَرْجَمةٌ عنه. وقوله تعالى: ويُنَزِّلُ من السماء من جبال فيها من
بَرَدٍ؛ فالأُولى لابتداء الغاية، والثانية للتبعيض، والثالثة للبيان.
ابن سيده: قا ل سيبويه وأَما قولك رأَيته من ذلك الموضع فإِنك جعلتَه غاية
رؤْيتك كما جعلته غاية حيث أَردت الابتداء والمُنْتَهى. قال اللحياني:
فإِذا لَقِيَتِ
النونُ أَلف الوصل فمنهم من يخفض النون فيقول مِنِ القوم ومِنِ ابْنِكَ.
وحكي عن طَيِّءٍ وكَلْبٍ: اطْلُبُوا مِنِ الرحمن، وبعضهم يفتح النون عند
اللام وأَلف الوصل فيقول مِنَ القوم ومِنَ ابْنِكَ، قال: وأُراهم إِنما
ذهبوا في فتحها إِلى الأَصل لأَن أَصلها إِنما هو مِنَا، فلما جُعِلَتْ
أَداةً حذفت الأَلف وبقيت النون مفتوحة، قال: وهي في قُضَاعَةَ؛ وأَنشد
الكسائي عن بعض قُضاعَةَ:
بَذَلْنا مارِنَ الخَطِِّّيِّ فيهِمْ،
وكُلَّ مُهَنَّدٍ ذَكَرٍ حُسَامِ
مِنَا أَن ذَرَّ قَرْنُ الشمس حتى
أَغاثَ شَرِيدَهمْ فَنَنُ الظلامِ
قال ابن جني: قال الكسائي أَراد مِنْ، وأَصلُها عندهم مِنَا، واحتاج
إِليها فأَظهرها على الصحة هنا. قال ابن جني: يحتمل عندي أَن كون منَا
فِعْلاً من مَنَى يَمْني إِذا قَدَّرَ كقوله:
حتى تُلاقي الذي يَمْني لك الماني
أَي يُقَدِّرُ لك المُقَدِّرُ، فكأَنه تقدير ذلك الوقتِ وموازنته أَي من
أَول النهار لا يزيد ولا ينقص. قال سيبويه: قال مِنَ الله ومِنَ الرسول
ومِنَ المؤْمنين ففتحوا، وشبَّهوها بأَيْنَ وكَيْفَ، عني أَنه قد كان
حكمها أَن تُكْسَرَ
لالتقاء الساكنين، لكن فتحوا لما ذكر، قال: وزعموا أَن ناساً يقولون
مِنِ اللهِ فيكسرونه ويُجْرُونه على القياس، يعني أَن الأَصل في كل ذلك أَن
تكسر لالتقاء الساكنين؛ قال: وقد اختلفت العرب في مِنْ إِذا كان بعدها
أَلف وصل غير الأَلف واللام، فكسره قوم على القياس، وهي أَكثر في كلامهم
وهي الجيدة، ولم يَكْسِروا في أَلف اللام لأَنها مع أَلف اللام أَكثر، إِذ
الأَلف واللام كثيرة في الكلام تدخل في كل اسم نكرة، ففتحوا استخفافاً
فصار مِنِ الله بمنزلة الشاذ، وكذلك قولك مِنِ ابنك ومِنِ امْرِئٍ، قال:
وقد فتح قوم فصحاء فقالوا مِنَ ابْنكَ فأَجْرَوْها مُجْرى قولك مِنَ
المسلمين، قال أَبو إِسحق: ويجوز حذف النون من مِنْ وعَنْ عند الأَلف واللام
لالتقاء الساكنين، وحذفها من مِنْ أَكثر من حذفها من عَنْ لأَن دخول مِن
في الكلام أَكثر من دخول عَنْ؛ وأَنشد:
أَبْلِغْ أَبا دَخْتَنُوسَ مأْلُكَةً
غَيْر الذي قَدْ يقال م الكَذِبِ
قال ابن بري: أَبو دَخْتَنُوس لَقِيطُ بنُ زُرَارَة ودَخْتَنُوسُ بنته.
ابن الأَعرابي: يقال مِنَ الآن ومِ الآن، يحذفون؛ وأَنشد:
أَلا أَبْلغَ بَني عَوْفٍ رَسولاً،
فَمَامِ الآنَ في الطَّيْرِ اعتذارُ
يقول لا أََعتذر بالتَّطَيُّرِ، أَنا أُفارقكم على كل حال. وقولهم في
القَسَم: مِنْ رَبِّي ما فعلت، فمنْ حرف جر وضعت موضع الباء ههنا، لأَن
حروف الجر ينوب بعضها عن بعض إِذا لم يلتبس المعنى.
مخض: مَخِضَتِ المرأَةُ مَخاضاً ومِخاضاً، وهي ماخِضٌ، ومُخِضَت،
وأَنكرها ابن الأَعرابي فإِنه قال: يقال مَخِضَتِ المرأَةُ ولا يقال مُخِضَتْ،
ويقال: مَخَضْتُ لبنها. الجوهري: مَخِضَت الناقة، بالكسر، تَمْخَضُ
مَخاضاً مثل سمع يسمع سماعاً، ومَخَّضَت: أَخذها الطلق، وكذلك غيرها من
البهائم. والمَخاضُ: وَجعُ الوِلادةِ. وكلُّ حامل ضرَبها الطلْقُ، فهي ماخِضٌ.
وقوله عزّ وجلّ: فأَجاءها المَخاضُ إِلى جِذْعِ النخلةِ، المَخاضُ وجَعُ
الوِلادةِ وهو الطلْق. ابن الأَعرابي وابن شميل: ناقةٌ ماخِضٌ ومَخُوضٌ
وهي التي ضربها المَخاضُ، وقد مَخِضَت تَمْخَضُ مَخاضاً، وإِنها
لتَمَخَّضُ بولدها، وهو أَن يَضْرِبَ الولدُ في بطنها حتى تُنْتَجَ فتَمْتَخِضَ.
يقال: مَخِضَتْ ومُخِضَت وتَمَخَّضَتْ وامْتَخَضَت. وقيل: الماخِضُ من
النساء والإِبل والشاء المُقْرِبُ، والجمع مَواخِضُ ومُخَّضٌ؛ وأَنشد:
ومَسَدٍ فَوْقَ مَحالٍ نُغَّضِ،
تُنْقِضُ إِنْقاضَ الدَّجاجِ المُخَّضِ
وأَنشد:
مَخَضْتِ بها ليلةً كلَّها،
فجئْتِ بها مُؤْيِداً خَنْفَقِيقا
ابن الأَعرابي: ناقة ماخِضٌ وشاةٌ ماخِضٌ وامرأَةٌ ماخِضٌ إِذا دَنا
وِلادُها وقد أَخذها الطلْقُ والمَخاضُ والمِخاضُ. نُصَيْرٌ: إِذا أَرادت
الناقة أَن تَضَعَ قيل مَخِضَت، وعامَّةُ قيس وتميم وأَسد يقولون مِخِضَتْ،
بكسر الميم، ويفعلون ذلك في كل حرف كان قبل أَحد حروف الحلق في فِعِلْت
وفِعِيل، يقولون بِعيرٌ وزِئيرٌ وشِهِيقٌ، ونِهِلَتِ الإِبِلُ وسِخِرْت
منه. وأَمْخَضَ الرجلُ: مَخِضَت إِبلُه. قالت ابنة الخُسِّ الإِيادِيّ
لأَبيها: مَخِضَت الفُلانِيّةُ لناقةِ أَبيها، قال: وما عِلْمُكِ؟ قالت:
الصَّلا راجّ، والطَّرْفُ لاجّ، وتَمْشِي وتَفاجّ، قال: أَمْخَضَتْ يا بنتي
فاعْقِلي؛ راجٌّ: يَرْتَجُّ. ولاجٌّ: يَلَجُّ في سُرعةِ الطرْف. وتفاجُّ:
تُباعِدُ ما بين رِجْلَيْها. والمَخاضُ: الحَوامِلُ من النوق، وفي
المحكم: التي أَولادُها في بُطونها، واحدتها خَلِفةٌ على غير قياس ولا واحد
لها من لفظها، ومنه قيل للفَصِيل إِذا استكْمَل السنة ودخل في الثانية: ابن
مَخاض، والأُنثى ابنة مخاض. قال ابن سيده: وإِنما سميت الحَواملُ
مَخاضاً تفاؤُلاً بأَنها تصير إِلى ذلك وتسْتَمْخِضُ بولدها إِذا نُتِجَت. أَبو
زيد: إِذا أَردت الحَوامِلَ من الإِبل قلت نُوق مخاض، واحدتها خَلِفة
على غير قياس، كما قالوا لواحدة النساء امرأَة، ولواحدة الإِبل ناقةٌ أَو
بعير. الأَصمعي: إِذا حَمَلْت الفحلَ على الناقة فلَقِحَت، فهي خَلِفة،
وجمعها مَخاض، وولدُها إِذا استكمل سنة من يومَ ولد ودخول السنةِ الأُخْرى
ابن مخاض، لأَنَّ أُمه لَحِقَت بالمَخاض من الإِبل وهي الحَوامِلُ. وقال
ثعلب: المَخاضُ العِشار يعني التي أَتى عليها من حملها عشرة أَشهر؛ وقال
ابن سيده: لم أَجد ذلك إِلا له أَعني أَن يعبر عن المخاض بالعشار. ويقال
للفصيل إِذا لقحت أُمه: ابنُ مَخاض، والأُنثى بنت مخاض، وجمعها بنات
مخاض، لا تُثَنَّى مَخاضٌ ولا تُجْمَعُ لأَنهم إِنما يريدون أَنها مضافة إِلى
هذه السِّن الواحدة، وتدخله الأَلف والأَلف للتعريف، فيقال ابن المخاض
وبنت المخاض؛ قال جرير ونسبه ابن بري للفرزدق في أَماليه:
وجَدْنا نَهْشَلاً فَضَلَتْ فُقَيْماً،
كفَضْلِ ابن المَخاضِ على الفَصِيلِ
وإِنما سموا بذلك لأَنهم فضَلُوا عن أُمهم وأُلحقت بالمخاض، سواء
لَقِحَت أَو لم تَلْقَح. وفي حديث الزكاة: في خمس وعشرين من الإِبل بنتُ مَخاض؛
ابن الأَثير: المخاض اسم للنُّوق الحوامل، وبنتُ المخاض وابن المخاض: ما
دخل في السنة الثانية لأَن أُمه لَحِقت بالمخاض أَي الحواملَ، وإِن لم
تكن حاملاً، وقيل: هو الذي حَمَلَت أُمه أَو حملت الإِبل التي فيها أُمُّه
وإِن لم تحمل هي، وهذا هو معنى ابن مخاض وبنت مخاض، لأَنَّ الواحد لا
يكون ابن نوق وإِنما يكون ابن ناقة واحدة، والمراد أَن تكون وضعتها أُمها
في وقتٍ مّا، وقد حملت النوق التي وَضَعْنَ مع أُمها وإِن لم تكن أُمها
حاملاً، فنسَبَها إِلى الجماعة بحُكم مُجاوَرَتِها أُمها، وإِنما سمي ابن
مخاض في السنة الثانية لأَنّ العرب إِنما كانت تحملُ الفُحول على الإِناث
بعد وضعها بسنة ليشتدَّ ولدُها، فهي تحمل في السنة الثانية وتَمْخَضُ
فيكون ولدُها ابنَ مخاض. وفي حديث الزكاة أَيضاً: فاعْمِدْ إِلى شاةٍ
مُمتلئةٍ مَخاضاً وشحْماً أَي نِتاجاً، وقيل: أَراد به المَخاضَ الذي هو
دُنُوُّ الولادة أَي أَنها امتلأَت حَمْلاً وسمناً. وفي حديث عمر، رضي اللّه
عنه: دَعِ الماخِضَ والرُّبَّى؛ هي التي أَخذها المخاض لتضَعَ. والمَخاضُ:
الطلْقُ عند الولادة. يقال: مَخِضَتِ الشاةُ مَخْضاً ومِخاضاً إِذا دنا
نتاجها. وفي حديث عثمان، رضي اللّه عنه: أَنّ امرأَة زارَتْ أَهْلَها
فمخِضت عندهم أَي تحرَّك الولدُ عندهم في بطنها للوِلادةِ فضرَبَها المَخاضُ.
قال الجوهري: ابن مَخاضٍ نكرة فإِذا أَرْدتَ تعْريفه أَدخلت عليه الأَلف
واللام إِلا أَنه تعريف جنس، قال: ولا يقال في الجمع إِلا بناتُ مخاض
وبناتُ لَبُون وبناتُ آوى. ابن سيده: والمَخاضُ الإِبلُ حين يُرْسَلُ فيها
الفحلُ في أَوّل الزمان حتى يَهْدِرَ، لا واحد لها، قال: هكذا وُجِدَ حتى
يهدر، وفي بعض الروايات: حتى يَفْدِرَ أَي يَنْقَطِعَ عن الضِّراب، وهو
مَثَلٌ بذلك.
ومَخَضَ اللبنَ يَمْخَضُه ويَمْخِضُه ويَمْخُضُه مَخْضاً ثلاث لغات، فهو
مَمْخُوضٌ ومَخِيضٌ: أَخذ زُبْده، وقد تَمَخَّضَ. والمَخِيضُ
والمَمْخُوض: الذي قد مُخِضَ وأُخذ زُبده. وأَمْخَضَ اللبنُ أَي حانَ له أَن
يُمْخَضَ. والمِمْخَضةُ: الإِبْرِيجُ؛ وأَنشد ابن بري:
لقد تَمَخَّضَ في قَلْبي مَوَدَّتُها،
كما تَمَخَّضَ في إِبْرِيجه اللَّبَنُ
والمِمْخَضُ: السِّقاءُ وهو الإِمْخاضُ، مثل به سيبويه وفسَّره
السيرافي، وقد يكون المَخْضُ في أَشياءَ كثيرة فالبعير يَمْخُضُ بشِقْشِقَتِه؛
وأَنشد:
يَجْمَعْنَ زَأْراً وهَدِيراً مَخْضَا
(* قوله «يجمعن» كذا في الأَصل، والذي في شرح القاموس: يتبعن، قاله يصف
القروم.)
والسَّحابُ يَمْخُضُ بمائه ويَتَمَخَّضُ، والدهر يَتَمَخَّضُ
بالفِتْنةِ؛ قال:
وما زالتِ الدُّنْيا تخُونُ نَعِيمَها،
وتُصْبِحُ بالأَمْرِ العَظيمِ تَمخَّضُ
ويقال للدنيا: إِنها تَتَمَخَّضُ بِفِتْنةٍ مُنكرة. وتَمَخَّضَتِ
الليلةُ عن يوم سَوءٍ إِذا كان صَباحُها صَباحَ سوء، وهو مثَل بذلك، وكذلك
تمخَّضتِ المَنُونُ وغيرها؛ قال:
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيَوْمٍ
أَنَى، ولكلِّ حاملةٍ تَمامُ
على أَنَّ هذا قد يكون من المَخاض؛ قال: ومعنى هذا البيت أَنَّ
المَنِيَّةَ تَهَيَّأَتْ لأَن تَلِدَ له الموتَ يعني النعمانَ بن المنذر أَو
كسرى.والإِمْخاضُ: ما اجتمع من اللبن في المَرْعَى حتى صار وِقْرَ بعير،
ويجمع على الأَماخِيضِ. يقال: هذا إِحْلابٌ من لبن وإِمْخاضٌ من لبن، وهي
الأَحالِيبُ والأَماخِيضُ، وقيل: الإِمخاض اللبنُ ما دام في المِمْخَضِ.
والمُسْتَمْخِضُ: البَطِيءُ الرَّوبِ من اللبن، فإِذا اسْتَمْخَضَ لم
يَكَدْ يَرُوب، وإِذا رابَ ثمَ مَخَضَه فعاد مَخْضاً فهو المُسْتَمْخِضُ،
وذلك أَطيبُ أَلبانِ الغنم. وقال في موضع آخر: وقد اسْتَمْخَضَ لبنُك أَي
لا يكادُ يروب، وإِذا استمخَضَ اللبنُ لم يكد يخرج زُبده، وهو من أَطيب
اللبن لأَن زُبده اسْتُهْلِكَ فيه. واستمخضَ اللبنُ أَيضاً إِذا أَبْطأَ
أخذه الطَّعْم بعد حَقْنِه في السِّقاء. الليث: المَخْضُ تحريكُك
المِمْخَض الذي فيه اللبن المَخِيض الذي قد أُخِذَتْ زُبدته. وتَمَخَّضَ اللبنُ
وامْتَخَضَ أَي تحرَّك في المِمْخضة، وكذلك الولد إِذا تحرَّك في بطن
الحامل؛ قال عمرو بن حسَّان أَحد بني الحَرِث بن هَمَّام بن مُرَّة يخاطب
امرأَته:
أَلا يا أُمَّ عَمْروٍ، لا تَلُومِي
وابْقِي، إِنَّما ذا الناسُ هامُ
أَجِدَّكِ هل رأَيتِ أَبا قُبَيْسٍ،
اطالَ حَياتَه النَّعَمُ الرُّكامُ؟
وكِسْرَى، إِذْ تَقَسَّمَه بَنُوه
بأَسْيافٍ، كما اقْتُسِمَ اللِّحامُ
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيَوْمٍ
أَنَى، ولكلِّ حاملة تَمامُ
فجعل قوله تَمَخَّضَت يَنُوبُ مَنابَ قوله لَقِحَتْ بولد لأَنها ما
تمخضت بالولد إِلاَّ وقد لَقِحت. وقوله أَنَى أَي حانَ وِلادته لتمام أَيام
الحمل. قال ابن بري: المشهور في الرّواية: أَلا يا أُمَّ قيس، وهي زوجته،
وكان قد نزل به ضَيْف يقال له إِسافٌ فعقَر له ناقة فلامَتْه، فقال هذا
الشعر، وقد رأَيت أَنا في حاشية من نسخ أَمالي ابن برّيّ أَنه عقر له
ناقتين بدليل قوله في القصيدة:
أَفي نابَيْنِ نالَهُما إِسافٌ
تأَوَّهُ طَلَّتي ما إِنْ تَنامُ؟
ومَخَضْتُ بالدَّلْوِ إِذا نَهَزْتَ بها في البئر؛ وأَنشد:
إِنَّ لَنا قَلِيذَماً هَمُوما،
يَزِيدُها مَخْضُ الدِّلا جُمُوما
ويروى: مَخْجُ الدِّلا. ويقال: مَخَضْتُ البئرَ بالدلو إِذا أَكثرتَ
النزْعَ منها بدِلائكَ وحرَّكتها؛ وأَنشد الأَصمعي:
لتَمْخَضَنْ جَوْفَكِ بالدُّليِّ
وفي الحديث: أَنه مُرَّ عليه بجنازةٍ تُمْخَض مَخْضاً أَي تُحَرَّكُ
تحريكاً سريعاً.
والمَخِيضُ: موضع بقرب المدينة. ابن بزرج: تقول العرب في أَدْعِيَة
يَتداعَوْن بها: صَبَّ اللّه عليك أُمّ حُبَيْنٍ ماخِضاً، تعني الليل.
مخخ: المُخُّ: نِقْيُ العظم؛ وفي التهذيب: نِقْيُ عظام القصب؛ وقال ابن
دريد: المُخُّ ما أُخرج من عظم، والجمع مَخَخة ومخاخ، والمُخَّة: الطائفة
منه، وإذا قلت مُخَّة فجمعها المُخُّ. وتقول العرب: هو أَسمح من مُخَّة
الوبَر أَي أَسهل، وقالوا: اندَرَع اندِراعَ المُخَّة وانقصف انقصاف
البَرْوَقَة فاندرع، يذكر في موضعه. وانقصف: انكسر بنصفين. وفي حديث أُمّ
معبد في رواية: فجاءَ يسوق أَعْنُزاً عجافاً مِخاخُهنّ قليل؛ المخاخ جمع مُخ
مثل حِباب وحُب وكمام وكمّ، وإِنما لم يقل قليلة لأَنه أَراد أَن
مخاخَهن شيء قليل.
وتَمَخَّخ العظمَ وامْتَخخَه وتَمَكَّكه ومَخْمَخَه: أَخرج مخه.
والمُخاخَة: ما تُمُصِّص منه. وعظم مَخيخ: ذو مخ؛ وشاة مَخيخة وناقة مخيخة؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
باتَ يُماشي قُلُصاً مَخائِخا
وأَمَخَّ العظمُ: صار فيه مُخّ؛ وفي المثل: شَرٌّ ما يُجِيئُكَ إِلى
مُخَّةِ عُرْقُوبٍ.
وأَمَخَّتِ الدابة والشاة: سَمِنت. وأَمَخَّت الإِبل أَيضاً: سَمِنَت؛
وقيل: هو أَوّل السِّمَن في الإِقبال وآخر الشحم في الهُزال. وفي المثل:
بين المُمِخَّة والعَجْفاءِ. وأَمَخَّ العود: ابتَلَّ وجرى فيه الماءُ،
وأَصل ذلك في العظم. وأَمَخَّ حب الزرع: جرى فيه الدقيق، وأَصل ذلك
العظم.والمخ: الدماغ؛ قال:
فلا يَسْرقُ الكلْبُ السَّرُوقُ نِعالَنا،
ولا نَنْتَقي المُخَّ الذي في الجَماجم
ويروى السروّ وهو فعول من السُّرى، وصف بهذا قوماً فذكر أَنهم لا يلبسون
من النعال إِلا المدبوغة والكلب لا يأْكلها، ولا يستخرجون ما في الجماجم
لأَن العرب تعير بأَكل الدماغ كأَنه عندهم شَرَهٌ ونَهَم. ومُخُّ
العين: شحمتها، وأَكثر ما يستعمل في الشعر. التهذيب: وشحم العين قد سمي مخّاً؛
قال الراجز:
ما دام مُخٌّ في سُلامى أَو عَيْن
ومخ كل شيء: خالصه. وغيره يقال: هذا من نُخّ قَلْبي ونُخاخة قلبي ومن
مُخَّة قلبي ومن مُخِّ قلبي أَي من صافيه. وفي الحديث: الدعاءُ مُخُّ
العبادة؛ مخّ الشيء: خالصه، وإِنما كان مُخّاً لأَمرين: أَحدهما أَنه امتثال
أَمر الله تعالى حيث قال ادعوني فهو محض العبادة وخالصها، الثاني أَنه
إِذا رأَى نجاح الأُمور من الله قطع أَمله عن سواه ودعاه لحاجته وحده، وهذا
هو أَصل العبادة ولأَن الغرض من العبادة الثواب عليها وهو المطلوب
بالدعاءِ.
وأَمْرٌ مُمِخٌّ إِذا كان طائلاً من الأُمور. وإِبل مخائخ إِذا كانت
خياراً. أَبو زيد؛ جاءَته مُخَّة من الناس أَي نخبتهم؛ وأَنشد أَبو
عمرو:أَمسى حَبيبٌ كالفُرَيجِ رائِخا،
يقول: هذا الشرُّ ليس بائخا،
بات يماشي قلصاً مخائخا
ونعجة فَريج إِذا ولدت فانْفَرج وَرِكاها. والرائخ: المسترخي. والمخ:
فرس الغراب بن سالم.
خنشفر: الخَنْشَفِيرُ: الداهية.
خضر: الخُضْرَةُ من الأَلوان: لَوْنُ الأَخْضَرِ، يكون ذلك في الحيوان
والنبات وغيرهما مما يقبله، وحكاه ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً، وقد
اخْضَرَّ، وهو أَخْضَرُ وخَضُورٌ وخَضِرٌ وخَضِيرٌ ويَخْضِيرٌ ويَخْضُورٌ؛
واليَخْضُورُ: الأَخْضَرُ؛ ومنه قول العجاج يصف كناس الوَحْشِ:
بالخُشْبِ، دونَ الهَدَبِ اليَخْضُورِ،
مَثْواةُ عَطَّارِينَ بالعُطُورِ
والخَضْرُ والمَخْضُورُ: اسمان للرَّخْصِ من الشجر إِذا قُطِعَ وخُضِرَ.
أَبو عبيد: الأَخْضَرُ من الخيل الدَّيْزَجُ في كلام العجم؛ قال: ومن
الخُضْرَةِ في أَلوان الخيل أَخْضَرُ أَحَمُّ، وهو أَدنى اللخُضْرَةِ إِلى
الدُّهْمَةِ وأَشَدُّ الخُضْرَةِ سَواداً غير أَنَّ أَقْرابَهُ وبطنه
وأُذنيه مُخْضَرَّةٌ؛ وأَنشد:
خَضْراء حَمَّاء كَلَوْنِ العَوْهَقِ
قال: وليس بين الأَخضر الأَحمّ وبين الأَحوى إِلاَّ خضرة منخريه
وشاكلته، لأَن الأَحوى تحمر مناخره وتصفر شاكلته صفرة مشاكلة للحمرة؛ قال: ومن
الخيل أَخضر أَدغم وأَخضر أَطحل وأَخضر أَورق. والحمامُ الوُرْقُ يقال
لها: الخُضْرُ.
واخْضَرَّ الشيء اخْضِراراً واخْضَوْضَرَ وخَضَّرْتُه أَنا، وكلُّ غَضٍّ
خَضِرٌ؛ وفي التنزيل: فأَخرجنا منه خَضِراً نُخْرِجُ منه حَبّاً
مُتَراكباً؛ قال: خَضِراً ههنا بمعنى أَخْضَر. يقال: اخْضَرَّ، فهو أَخْضَرُ
وخَضِرٌ، مثل اعْوَرَّ فهو أَعور وعَوِرٌ؛ وقال الأَخفش: يريد الأَخضر، كقول
العرب: أَرِنِيها نَمِرةً أُرِكْها مَطِرَةً؛ وقال الليث: الخَضِرُ ههنا
الزرع الأَخضر. وشَجَرَةٌ خَضْراءُْ: خَضِرَةٌ غضة. وأَرض خَضِرَةٌ
ويَخْضُورٌ: كثيرة الخُضْرَةِ. ابن الأَعرابي: الخُضَيْرَةُ تصغير
الخُضْرَةِ، وهي النَّعْمَةُ. وفي نوادر الأَعراب: ليست لفلان بخَضِرَةٍ أَي ليست
له بحشيشة رطبة يأْكلها سريعاً. وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان
أَخْضَرَ الشَّمَط، كانت الشعرات التي شابت منه قد اخضرت بالطيب والدُّهْن
المُرَوَّح. وخَضِرَ الزرعُ خَضَراً: نَعِمَ؛ وأَخْضَرَهُ الرِّيُّ.
وأَرضٌ مَخْضَرَةٌ، على مثال مَبْقَلَة: ذات خُضْرَةٍ؛ وقرئ: فتُصْبِحُ
الأَرضُ مَخْضَرَةً. وفي حديث علي: أَنه خطب بالكوفة في آخر عمره فقال:
اللهم سلط عليهم فَتَى ثَقِيفٍ الذّيَّالَ المَيَّالَ يَلْبَسُ فَرْوَتَهَا
ويأْكل خَضِرَتَها، يعني غَضَّها وناعِمَها وهَنِيئَها. وفي حديث القبر:
يُملأُ عليه خَضِراً؛ أَي نِعَماً غَضَّةً. واخْتَضَرْتُ الكَلأَ إِذا
جَزَزْتَهُ وهو أَخْضَرُ؛ ومنه قيل للرجل إِذا مات شابّاً غَضّاً: قد
اخْتُضِرَ، لأَنه يؤخذ في وقت الحُسْنِ والإِشراق. وقوله تعالى: مُدْهامَّتَان؛
قالوا: خَضْراوَانِ لأَنهما تضربان إِلى السواد من شدّة الرِّيِّ، وسميت
قُرَى العراق سَواداً لكثرة شجرها ونخيلها وزرعها. وقولهم: أَباد اللهُ
خَضْراءَهُمْ أَي سوادَهم ومُعظَمَهُمْ، وأَنكره الأَصمعي وقال: إِنما
يقال: أَباد الله غَضْرَاءَهُمْ أَي خيرهم وغَضَارَتَهُمْ. واخْتُضِرَ
الشيءُ: أُخذ طريّاً غضّاً. وشابٌّ مُخْتَضَرٌ: مات فتيّاً. وفي بعض
الأَخبار: أَن شابّاً من العرب أَولِعَ بشيخ فكان كلما رآه قال: أَجْزَرْتَ يا
أَبا فلان فقال له الشيخ: أَي بُنَيَّ، وتُخْتَضَرُونَ أَي تُتَوَفَّوْنَ
شباباً؛ ومعنى أَجْزَزْتَ: أَنَى لك أَن تُجَزَّ فَتَمُوتَ، وأَصل ذلك
في النبات الغض يُرْعى ويُخْتَضَرُ ويُجَزُّ فيؤكل قبل تناهي طوله. ويقال:
اخْتَضَرْتُ الفاكهة إِذا أَكلتها قبل أَناها. واخْتَضَرَ البعيرَ:
أَخذه من الإِبل وهو صعب لم يُذَلَّل فَخَطَمَهُ وساقه. وماء أَخْضَرُ:
يَضْرِبُ إِلى الخُضْرَةِ من صَفائه.
وخُضارَةُ، بالضم: البحر، سمي بذلك لخضرة مائه، وهو معرفة لا يُجْرَى،
تقول: هذا خُضَارَةُ طامِياً. ابن السكيت: خُضارُ معرفة لا ينصرف، اسم
البحر. والخُضْرَةُ والخَضِرُ والخَضِيرُ: اسم للبقلة الخَضْراءِ؛ وعلى هذا
قول رؤبة:
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسَا،
نأْكُلُ بعد الخُضْرَةِ اليَبِيسَا
وقد قيل إِنه وضع الاسم ههنا موضع الصفة لأَن الخُضْرَةَ لا تؤكل، إِنما
يؤكل الجسم القابل لها.
والبقول يقال لها الخُضَارَةُ والخَضْرَاءُ، بالأَلف واللام؛ وقد ذكر
طرفة الخَضِرَ فقال:
كَبَنَاتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ، إِذا
أَنْبَتَ الصَّيْفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ
وفي فصل الصيف تَنْبُتُ عَسالِيجُ الخَضِرِ من الجَنْبَةِ، لها خَضَرٌ
في الخريف إِذا برد الليل وتروّحت الدابة، وهي الرَّيَّحَةُ والخِلْفَةُ،
والعرب تقول للخَضِرِ من البقول: الخَضْراءُ؛ ومنه الحديث: تَجَنَّبُوا
من خَضْرائكم ذَواتِ الريح؛ يعني الثوم والبصل والكراث وما أَشبههما.
والخَضِرَةُ أَيضاً: الخَضْراءُ من النبات، والجمع خَضِرٌ. والأَخْضارُ: جمع
الخَضِرِ؛ حكاه أَبو حنيفة. ويقال للأَسود أَخْضَرُ. والخُضْرُ: قبيلة من
العرب، سموا بذلك لخُضْرَةِ أَلوانهم؛ وإِياهم عنى الشماخ بقوله:
وحَلاَّها عن ذي الأَراكَةِ عامِرٌ،
أَخُو الخُضْرِ يَرْمي حيثُ تُكْوَى النَّواحِزُ
والخُضْرَةُ في أَلوان الناس: السُّمْرَةُ؛ قال اللَّهَبِيُّ:
وأَنا الأَخْضَرُ، من يَعْرِفْني؟
أَخْضَرُ الجِلْدَةِ في بيتِ العَرَبْ
يقول: أَنا خالص لأَن أَلوان العرب السمرة؛ التهذيب: في هذا البيت
قولان: أَحدهما أَنه أَراد أَسود الجلدة؛ قال: قاله أَبو طالب النحوي، وقيل:
أَراد أَنه من خالص العرب وصميمهم لأَن الغالب على أَلوان العرب
الأُدْمَةُ؛ قال ابن بري: نسب الجوهري هذا البيت للهبي، وهو الفضل بن العباس بن
عُتْبَة بن أَبي لَهَبٍ، وأَراد بالخصرة سمرة لونه، وإِنما يريد بذلك خلوص
نسبه وأَنه عربي محض، لأَن العرب تصف أَلوانها بالسواد وتصف أَلوان العجم
بالحمرة. وفي الحديث: بُعثت إِلى الحُمرة والأَسود؛ وهذا المعنى بعينه
هو الذي أَراده مسكين الدارمي في قوله:
أَنا مِسْكِينٌ لمن يَعْرِفُني،
لَوْنِيَ السُّمْرَةُ أَلوانُ العَرَبْ
ومثله قول مَعْبَدِ بن أَخْضَرَ، وكان ينسب إِلى أَخْضَرَ، ولم يكن
أَباه بل كان زوج أُمه، وإِنما هو معبد
بن علقمة المازني:
سَأَحْمِي حِماءَ الأَخْضَرِيِّينَ، إِنَّهُ
أَبى الناسُ إِلا أَن يقولوا ابن أَخْضَرا
وهل لِيَ في الحُمْرِ الأَعاجِمِ نِسْبَةٌ،
فآنَفَ مما يَزْعُمُونَ وأُنْكِرا؟
وقد نحا هذا النحو أَبو نواس في هجائه الرقاشي وكونه دَعِيّاً:
قلتُ يوماً للرَّقاشِـ
ـيِّ، وقد سَبَّ الموالي:
ما الذي نَحَّاكَ عن أَصْـ
لِكَ من عَمٍّ وخالِ؟
قال لي: قد كنتُ مَوْلًى
زَمَناً ثم بَدَا لي
أَنا بالبَصْرَةِ مَوْلًى،
عَرَبِيٌّ بالجبالِ
أَنا حَقّاً أَدَّعِيهِمْ
بِسَوادِي وهُزالي
والخَصِيرَةُ من النخل: التي ينتثر بُسْرُها وهو أَخضر؛ ومنه حديث
اشتراط المشتري على البائع: أَنه ليس له مِخْضَارٌ؛ المِخضارُ: أَن ينتثر
البسر أَخْضَرَ. والخَضِيرَةُ من النساء: التي لا تكاد تُتِمُّ حَمْلاً حتى
تُسْقِطَه؛ قال:
تَزَوَّجْتَ مِصْلاخاً رَقُوباً خَضِيرَةً،
فَخُذْها على ذا النَّعْتِ، إِن شِئتَ، أَوْ دَعِ
والأُخَيْضِرُ: ذبابٌ أَخْضَرُ على قدر الذِّبَّان السُّودِ.
والخَضْراءُ من الكتائب نحو الجَأْواءِ، ويقال: كَتِيبَةٌ خَضْراءٌ للتي يعلوها
سواد الحديد. وفي حديث الفتح: مَرَّ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في
كتيبته الخضراء؛ يقال: كتيبة خضراء إِذا غلب عليها لبس الحديد، شبه سواده
بالخُضْرَةِ، والعرب تطلق الخضرة على السواد. وفي حديث الحرث بن الحَكَمِ:
أَنه تزوج امرأَة فرآها خَضْراءَ فطلقها أَي سوداء. وفي حديث الفتح:
أُبيدَتْ خَضْراءُ قريش؛ أَي دهماؤهم وسوادُهم؛ ومنه الحديث الآخر:
فَأُبِيدَتْ خَضْراؤهُمْ. والخَضْراءُ: السماء لخُضْرَتِها؛ صفة غلبت غَلَبَةَ
الأَسماء. وفي الحديث: ما أَظَلَّتِ الخَضْراءُ ولا أَقَلَّتِ الغَبْراءُ
أَصْدَقَ لَهْجَةً من أَبي ذَرٍّ؛ الخَضْراءُ: السماء، والغبراء: الأَرض.
التهذيب: والعرب تجعل الحديد أَخضر والسماء خضراء؛ يقال: فلان أَخْضَرُ
القفا، يعنون أَنه ولدته سوداء. ويقولون للحائك: أَخْضَرُ البطن لأَن بطنه
يلزق بخشبته فَتُسَوِّدُه. ويقال للذي يأْكل البصل والكراث: أَخْضَرُ
النَّواجِذِ. وخُضْرُ غَسَّانَ وخُضْرُ مُحارِبٍ: يريدون سَوَادَ لَونهم.
وفي الحديث: من خُضِّرَ له في شيء فَلْيَلْزَمْه؛ أَي بورك له فيه ورزق
منه، وحقيقته أَن تجعل حالته خَضْرَاءَ؛ ومنه الحديث: إِذا أَراد الله بعبد
شرّاً أَخْضَرَ له في اللَّبِنِ والطين حتى يبني. والخَضْرَاءُ من
الحَمَامِ: الدَّواجِنُ، وإن اختلفت أَلوانها، لأَن أَكثر أَلوانها الخضرة.
التهذيب: والعرب تسمي الدواجن الخُضْرَ، وإِن اختلفت أَلوانها، خصوصاً بهذا
الاسم لغلبة الوُرْقَةِ عليها. التهذيب: ومن الحمام ما يكون أَخضر
مُصْمَتاً، ومنه ما يكون أَحمر مصمتاً، ومنه ما يكون أَبيض مصمتاً، وضُروبٌ من
ذلك كُلُّها مُصْمَتٌ إِلا أَن الهداية للخُضْرِ والنُّمْرِ، وسُودُها
دون الخُضْرِ في الهداية والمعرفة. وأَصلُ الخُضْرَةِ للرَّيْحان والبقول
ثم قالوا لليل أَخضر، وأَما بِيضُ الحمام فمثلها مثل الصِّقْلابيِّ الذي
هو فَطِيرٌ خامٌ لم تُنْضِجْهُ الأَرحام، والزَّنْجُ جازَتْ حَدَّ
الإِنضاج حتى فسدت عقولهم. وخَضْرَاءُ كل شيء: أَصلُه. واخْتَضَرَ الشيءَ: قطعه
من أَصله. واخْتَضَرَ أُذُنَهُ: قطعها من أَصلها. وقال ابن الأَعرابي:
اخْتَضَرَ أُذنه قطعها. ولم يقل من أَصلها.
الأَصمعي: أَبادَ اللهُ
(*
قوله: «الأَصمعي أَباد الله إلخ» هكذا بالأصل، وعبارة شرح القاموس: ومنه
قولهم أَباد الله خضراءهم أَي سوادهم ومعظمهم، وأنكره الأَصمعي وقال:
إنما يقال أَباد الله غضراءهم أَي خيرهم وغضارتهم. وقال الزمخشري: أَباد
الله خضراءهم أي شجرتهم التي منها تفرعوا، وجعله من المجاز، وقال الفراء أي
دنياهم، يريد قطع عنهم الحياة؛ وقال غيره أَذهب الله نعيمهم وخصبهم).
خَضْراءَهُم أَي خيرهم وغَضَارَتَهُمْ. وقال ابن سيده: أَباد الله
خَضْرَاءَهُم، قال: وأَنكرها الأَصمعي وقال إِنما هي غَضْراؤُهم. الأَصمعي: أَباد
الله خَضْراءَهم، بالخاء، أَي خِصْبَهُمْ وسَعَتَهُمْ؛ واحتج بقوله:
بِخالِصَةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ
أَراد به سَعَةَ ما هم فيه من الخِصْبِ؛ وقيل: معناه أَذهب الله نعيمهم
وخِصْبَهم؛ قال: ومنه قول عُتبة بن أَبي لَهَبٍ:
وأَنا الأَخضر، من يعرفني؟
أَخضر الجلدة في بيت العرب
قال: يريد باخضرار الجلدة الخصب والسعة. وقال ابن الأَعرابي: أَباد الله
خضراءهم أَي سوادهم ومعظمهم. والخُضْرَةُ عند العرب: سواد؛ قال القطامي:
يا ناقُ خُبِّي خَبَباً زِوَرَّا،
وقَلِّبي مَنْسِمَكِ المُغْبَرَّا،
وعارِضِي الليلَ إِذا ما اخْضَرَّا
أَراد أَنه إِذا ما أَظلم. الفراء: أَباد الله خضراءهم أَي دنياهم، يريد
قطع عنهم الحياة.
والخُضَّارَى: الرِّمْثُ إِذا طال نباته، وإِذا طال الثُّمامُ عن
الحُجَنِ سمي خَضِرَ الثُّمامِ ثم يكون خَضِراً شهراً. والخَضِرَةُ:
بُقَيْلَةٌ، والجمع خَضِرٌ؛ قال ابنُ مُقْبل:
يَعْتادُها فُرُجٌ مَلْبُونَةٌ خُنُفٌ،
يَنْفُخْنَ في بُرْعُمِ الحَوْذَانِ والخَضِرِ
والخَضِرَةُ: بقلة خضراء خشناء ورقها مثل ورق الدُّخْنِ وكذلك ثمرتها،
وترتفع ذراعاً، وهي تملأُ فم البعير. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم:
إِن أَخْوَفَ ما أَخاف عليكم بَعْدِي ما يَخْرُجُ لكم من زَهْرَةِ
الدنيا، وإِن مما يُنْبِتُ الربيعُ ما يَقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلِمُّ إِلاَّ
آكِلَةَ الخَضِرِ، فإِنها أَكَلَتْ حتى إِذا امْتَدَّتْ خاصرتاها
اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشمس فَثَلَطَتْ وبالت ثم رَتَعَتْ، وإِنما هذا المالُ
خَضِرٌ حُلْوٌ، ونِعْمَ صاحبُ المُسْلِمِ هُوَ أَن أَعطى منه المسكين واليتيم
وابن السبيل؛ وتفسيره مذكور في موضعه، قال: والخَضِرُ في هذا الموضع
ضَرْبٌ من الجَنْبَةِ، واحدته خَضِرَةٌ، والجَنْبَةُ من الكلإِ: ما له أَصل
غامض في الأَرض مثل النَّصِيّ والصِّلِّيانِ، وليس الخَضِرُ من أَحْرَارِ
البُقُول التي تَهِيج في الصيف؛ قال ابن الأَثير: هذا حديث يحتاج إِلى
شرح أَلفاظه مجتمعة، فإِنه إِذا فرّق لا يكاد يفهم الغرض منه. الحبَط،
بالتحريك: الهلاك، يقال: حَبِطَ يَحْبَطُ حَبَطاً، وقد تقدم في الحاء؛
ويُلِمُّ: يَقْرُبُ ويدنو من الهلاك، والخَضِرُ، بكسر الضاد: نوع من البقول ليس
من أَحرارها وجَيِّدها؛ وثَلَطَ البعيرُ يَثْلِطُ إِذا أَلقى رجيعه
سهلاً رقيقاً؛ قال: ضرب في هذا الحديث مَثَلَيْنِ: أَحدهما للمُفْرِط في جمع
الدنيا والمنع من حقها، والآخر للمقصد في أَخذها والنفع بها، فقوله إِن
مما ينبت الربيع ما يقتل حبطاً أَو يلمُّ فإِنه مثل للمفرط الذي يأْخذ
الدنيا بغير حقها، وذلك لأَن الربيع ينبت أَحرار البقول فتستكثر الماشية منه
لاستطابتها إِياه حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حدّ الاحتمال، فتنشق
أَمعاؤها من ذلك فتهلك أَو تقارب الهلاك، وكذلك الذي يجمع الدنيا من غير
حلها ويمنعها مستحقها، قد تعرّض للهلاك في الآخرة بدخول النار، وفي الدنيا
بأَذى الناس له وحسدهم إِياه وغير ذلك من أَنواع الأَذى؛ وأَما قوله إِلا
آكلة الخضر فإِنه مثل للمقتصد وذلك أَن الخَضِرَ ليس من أَحرار البقول
وجيدها التي ينبتها الربيع بتوالي أَمطاره فَتَحْسُنُ وتَنْعُمُ، ولكنه من
البقول التي ترعاها المواشي بعد هَيْجِ البُقُول ويُبْسِها حيث لا تجد
سواها، وتسميها العربُ الجَنْبَةَ فلا ترى الماشية تكثر من أَكلها ولا
تَسْتَمْرِيها، فضرب آكلةَ الخَضِرِ من المواشي مثلاً لمن يقتصر في أَخذ
الدنيا وجمعها، ولا يحمله الحرص على أَخذها بغير حقها، فهو ينجو من وبالها
كما نجت آكلة الخضر، أَلا تراه قال: أَكَلَتْ حتى إِذا امْتَدَّتْ
خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت؟ أَراد أَنها إِذا شبعت منها بركت
مستقبلة عين الشمس تستمري بذلك ما أَكلت وتَجْتَرُّ وتَثْلِطُ، فإِذا ثَلَطَتْ
فقد زال عنها الحَبَطُ، وإِنما تَحْبَطُ الماشية لأَنها تمتلئ بطونها
ولا تَثْلِطُ ولا تبول تنتفخ أَجوافها فَيَعْرِضُ لها المَرَضُ
فَتَهْلِكُ، وأَراد بزهرة الدنيا حسنها وبهجتها، وببركات الأَرض نماءَها وما تخرج
من نباتها.
والخُضْرَةُ في شِيات الخيل: غُبْرَةٌ تخالط دُهْمَةً، وكذلك في الإِبل؛
يقال: فرس أَخْضَرُ، وهو الدَّيْزَجُ. والخُضَارِيُّ: طير خُضْرُ يقال
لها القارِيَّةُ، زعم أَبو عبيد أَن العرب تحبها، يشبهون الرجل السَّخِيَّ
بها؛ وحكي ابن سيده عن صاحب العين أَنهم يتشاءمون بها. والخُضَّارُ:
طائر معروف، والخُضَارِيُّ: طائر يسمى الأَخْيَلَ يتشاءم به إِذا سقط على
ظهر بعير، وهو أَخضر، في حَنَكِه حُمْرَةٌ، وهو أَعظم من القَطا.
وَوَادٍ خُضَارٌ: كثير الشجر. وقول النبي، صلى الله عليه وسلم: إِياكم
وخَضْرَاءَ الدِّمَنِ، قيل: وما ذاك يا رسولُ الله؟ فقال: المرأَة الحسناء
في مَنْبِتِ السَّوْءِ؛ شبهها بالشجرة الناضرة في دِمْنَةِ البَعَرِ،
وأَكلُها داءٌ، وكل ما ينبت في الدِّمْنَةِ وإِن كان ناضراً، لا يكون
ثامراً؛ قال أَبو عبيد: أَراد فساد النسب إِذا خيف أَن تكون لغير رِشْدَةٍ،
وأَصلُ الدِّمَنِ ما تُدَمِّنُهُ الإِبل والغنم من أَبعارها وأَبوالها،
فربما نبت فيها النبات الحَسَنُ الناضر وأَصله في دِمْنَةٍ قَذِرَةٍ؛ يقول
النبي، صلى الله عليه وسلم: فَمَنْظَرُها حَسَنٌ أَنِيقٌ ومَنْبِتُها
فاسدٌ؛ قال زُفَرُ بنُ الحرث:
وقد يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرى،
وتَبْقَى حَزَازاتُ النُّفُوس كما هِيا
ضربه مثلاً للذي تظهر مودته، وقلبه نَغِلٌ بالعداوة، وضَرَبَ الشجرةَ
التي تَنْبُتُ في المزبلة فتجيء خَضِرَةً ناضرةً، ومَنْبِتُها خبيث قذر،
مثلاَ للمرأَة الجميلة الوجه اللئيمة المَنْصِب.
والخُضَّارَى، بتشديد الضاد: نبت، كما يقولون شُقَّارَى لنَبْتٍ
وخُبَّازَى وكذلك الحُوَّارَى. الأَصمعي: زُبَّادَى نَبْتٌ، فَشَدَّدَهُ
الأَزهري، ويقال زُبَّادٌ أَيضاً.
وبَيْعُ المُخاضَرَةِ المَنْهِيِّ عنها: بيعُ الثِّمارِ وهي خُضْرٌ لم
يَبْدُ صلاحُها، سمي ذلك مُخاضَرَةً لأَن المتبايعين تبايعاً شيئاً
أَخْضَرَ بينهما، مأْخوذٌ من الخُضْرَةِ. والمخاضرةُ: بيعُ الثمار قبل أَن يبدو
صلاحها، وهي خُضْرٌ بَعْدُ، ونهى عنه، ويدخل فيه بيع الرِّطابِ
والبُقُولِ وأَشباهها ولهذا كره بعضهم بيع الرِّطاب أَكثَرَ من جَزِّه وأَخْذِهِ.
ويقال للزرع: الخُضَّارَى، بتشديد الضاد، مثل الشُّقارَى. والمخاضرة:
أَن يبيع الثِّمَارَ خُضْراً قبل بُدُوِّ صلاحها.
والخَضَارَةُ، بالفتح: اللَّبَنُ أُكْثِرَ ماؤُه؛ أَبو زيد: الخَضَارُ
من اللبن مثل السَّمَارِ الذي مُذِقَ بماء كثير حتى اخْضَرَّ، كما قال
الراجز:
جاؤوا بِضَيْحٍ، هل رأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ؟
أَراد اللبن أَنه أَورق كلون الذئب لكثرة ماله حتى غَلَبَ بياضَ لون
اللبن.
ويقال: رَمَى اللهُ في عين فلان بالأَخْضَرِ، وهو داء يأْخذ العين. وذهب
دَمُهُ خِضْراً مِضْراً، وذهب دَمُهُ بِطْراً أَي ذهب دمه باطلاً
هَدَراً، وهو لك خَضِراً مَضِراً أَي هنيئاً مريئاً، وخَضْراً لك ومَضْراً أَي
سقياً لك ورَعْياً؛ وقيل: الخِضْرُ الغَضُّ والمِضْرُ إِتباع. والدنيا
خَضِرَةٌ مَضِرَة أَي ناعمة غَضةٌ طرية طيبة، وقيل: مُونِقَة مُعْجِبَةٌ.
وفي الحديث: إِن الدنيا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ مَضِرَةٌ فمن أَخذها بحقها بورك
له فيها؛ ومنه حديث ابن عمر: اغْزُوا والغَزْوُ حُلْوٌ خَضِرٌ أَي طريُّ
محبوبٌ لما ينزل الله من النصر ويسهل من الغنائم.
والخَضَارُ: اللبن الذي ثلثاه ماء وثلثه لبن، يكون ذلك من جميع اللبن
حَقِينِهِ وحليبه، ومن حميع المواشي، سمي بذلك لأَنه يضرب إِلى الخضرة،
وقيل: الخَضَارُ جمع، واحدته خَضَارَةٌ، والخَضَارُ: البَقْلُ الأَول، وقد
سَمَّتْ أَخْضَرَ وخُضَيْراً.
والخَضِرُ: نَبيُّ مُعَمَّرٌ محجوب عن الأَبصار. ابن عباس: الخَضِرُ
نبيّ من بني إِسرائيل، وهو صاحب موسى، صلوات الله على نبينا وعليه، الذي
التقى معه بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ. ابن الأَنباري: الخَضِرُ عبد صالح من
عباد الله تعالى. أَهَلُ العربية: الخَضِرُ، بفتح الخاء وكسر الضاد؛ وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: جلس على فَرْوَةٍ بيضاء فإِذا هي
تهتز خضراء، وقيل: سمي بذلك لأَنه كان إِذا جلس في موضع قام وتحته روضة
تهتز؛ وعن مجاهد: كان إِذا صلى في موضع اخضرّ ما حوله، وقيل: ما تحته،
وقيل: سمي خضراً لحسنه وإِشراق وجهه تشبيهاً بالنبات الأَخضر الغض؛ قال:
ويجوز في العربية الخِضْر، كما يقال كَبِدٌ وكِبْدٌ، قال الجوهري: وهو
أَفصح.
وقيل في الخبر: من خُضِّرَ له في شيء فليلزمه؛ معناه من بورك له في
صناعة أَو حرفة أَو تجارة فليلزمها. ويقال للدَّلْوِ إِذا اسْتُقِيَ بها
زماناً طويلاً حتى اخْضَرَّتْ: خَضْراءُ؛ قال الراجز:
تمطَّى مِلاَطاه بخَضْراءَ فَرِي،
وإِن تَأَبَّاهُ تَلَقَّى الأَصْبَحِي
والعرب تقول: الأَمْرُ بيننا أَخْضَرُ أَي جديد لم تَخْلَقِ المَوَدَّةُ
بيننا، وقال ذو الرمة:
قد أَعْسَفَ النَّازِحُ المَجْهُولُ مَعْسَفُهُ،
في ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُومُ
والخُضْرِيَّةُ: نوع من التمر أَخضر كأَنه زجاجة يستظرف للونه؛ حكاه
أَبو حنيفة. التهذيب: الخُضْرِيَّةُ نخلة طيبة التمر خضراء؛ وأَنشد:
إِذا حَمَلَتْ خُضْريَّةٌ فَوْقَ طابَةٍ،
ولِلشُّهْبِ قَصْلٌ عِنْدَها والبَهازِرِ
قال الفراء: وسمعت العرب تقول لسَعَفِ النخل وجريده الأَخْضَرِ:
الخَضَرُ؛ وأَنشد:
(* قوله: «وأَنشد إلخ» هو لسعد بن زيد مناة، يخاطب أَخاه
مالكاً كما في الصحاح).
تَظَلُّ يومَ وِرْدِها مُزَعْفَرَا،
وهي خَنَاطِيلُ تَجُوسُ الخَضَرَا
ويقال: خَضَرَ الرجلُ خَضَرَ النخلِ بِمِخْلَبِهِ يَخْضُرُه خَضْراً
واخْتَضَرِهُ يَخْتَضِرُه إِذا قطعه. ويقال: اخْتَضَرَ فلانٌ الجاريةَ
وابْتَسَرها وابْتَكَرَها وذلك إِذا اقْتَضَّها قبل بلوغها.
وقوله، صلى الله عليه وسلم: ليس في الخَضْرَاواتِ صدقة؛ يعني به الفاكهة
الرَّطْبَةَ والبقول، وقياس ما كان على هذا الوزن من الصفات أَن لا يجمع
هذا الجمع، وإِنما يجمع به ما كان اسماً لا صفة، نحو صَحْراء
وخْنْفُسَاءَ، وإِنما جمعه هذا الجمع لأَنه قد صار اسماً لهذه البقول لا صفة، تقول
العرب لهذه البقول: الخَضْراء، لا تريد لونها؛ وقال ابن سيده: جمعه جمع
الأَسماء كَوَرْقَاءَ ووَرْقاواتٍ وبَطْحاءَ وبَطْحاوَاتٍ، لأَنها صفة
غالبة غلبت غلبةَ الأَسماء. وفي الحديث: أُتَي بِقْدر فيه خَضِرَاتٌ؛ بكسر
الضاد، أَي بُقُول، واحدها خَضِر.
والإِخْضِيرُ: مسجد من مساجد رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، بين
المدينة وتَبُوك. وأَخْضَرُ، بفتح الهمزة والضاد المعجمة: منزلٌ قرِيب من
تَبُوكَ نزله رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، عند مسيره إِليها.
خود: الخَوْدُ: الفتاة الحسنة الخَلق الشابة ما لم تصر نَصَفاً؛ وقيل:
الجارية الناعمة، والجمع خَوْدات وخُود، بضم الخاء، مثل رمح لَدْن ورِماح
لُدْن ولا فعل له.
والتَّخْويد: سرعة السير، وقيل: سرعة سير البعير.
وخَوَّدَ البعيرُ: أَسرع وزج بقوائمه، وقيل: هو أَن يهتز كأَنه يضطرب،
وكذلك الظليم، وقد يستعمل في الإِنسان؛ وفي الحديث: طاف عمر، رضي الله
عنه، بين الصفا والمروة فَخَوَّد أَي أَسرع. وخَوَّد الفحلَ في الشوك
تَخْويداً: أَرسله؛ وأَنشد الليث:
وخَوِّدْ فحلَها من غير شَلٍّ،
بدار الريح، تَخْويدَ الظَّلِيم
قال أَبو منصور: غلط الليث في تفسير التخويد وفي تفسير هذا البيت،
والبيت للبيد إِنما يقال خَوَّدَ البعيرُ تَخْويداً إِذا أَسرع؛
والرواية:وخَوَّدَ فحلُها من غير شل
يصف برد الزمان وانتزاع الفحل إِلى مراحه مبادراً هبوب الريح الباردة
بالعشي، كما يُخَوِّد الظليم إِذا راح إِلى بيضه وأُدْحِيِّه. وفي ترجمة
بقَّم: تَوَّجُ موضع، وكذلك خَوَّدُ؛ قال ذو الرمة:
وأَعيُن العِين بأَعلى خَوَّدا
حكاه ابن بري عن ابن الجواليقي.
خلج: الخَلْجُ: الجَذْبُ.
خَلَجَهُ يَخْلِجُه خَلْجاً، وتَخَلَّجَهُ، واخْتَلَجَهُ إِذا جَبَذَهُ
وانْتَزَعَهُ؛ أَنشَد أَبو حنيفة:
إِذا اخْتَلَجَتْها مُنْجِياتٌ، كأَنها
صُدورُ َْراقٍ، ما بِهِنَّ قُطُوعُ
شبه أَصابعه في طولها وقلة لحمها بصدور عَرَاقي الدَّلْو؛ قال العجاج:
فإَنْ يَكُنْ هذا الزمانُ خَلَجا،
فقَدْ لَبِسْنا عَيْشَه المُخَرْفَجا
يعني قد خلج حالاً،وانتزعها وبَدَّلَها بغيرها؛ وقال في التهذيب:
فإِن يكن هذا الزمان خلجا
أَي نحى شيئاً عن شيء.
وفي الحديث: يَخْتَلِجُونَهُ على باب الجنة أَي يجتذبونه؛ ومنه حديث
عمار وأُم سلمة: فاخْتَلَجَها مِنْ جُحْرِها. وفي حديث عَليٍّ في ذكر
الحياة: إِن الله جعل الموت خالِجاً لأَشْطانِها أَي مُسْرِعاً في أَخذِ
حِبالِها. وفي الحديث: تَنْكَبُ المَخالِجُ عن وضَحِ السبيل أَي الطُّرُقُ
المُتَشَعِّبَةُ عن الطريق الأَعظم الواضح.
وفي حديث المغيرة: حتى تَرَوْهُ يَخْلِجُ في قومه أَو يَحْلِجُ أَي يسرع
في حُبِّهمْ. وأَخْلَجَ هو: انجذب. وناقة خَلُوجٌ: جُذِبَ عنها ولدها
بذبح أَو موت فَحَنَّتْ إِليه وقَلَّ لذلك لبنها، وقد يكون في غير الناقة؛
أَنشد ثعلب:
يَوْماً تَرَى مُرْضِعَةً خَلُوجا
أَراد كلَّ مرضعة؛ أَلا تراه قال بعد هذا:
وكلَّ أُنْثى حَمَلَتْ خَدُوجا،
وكلَّ صاحٍ ثَمِلاً مَرُوجا؟
وإِنما يذهب في ذلك إِلى قوله تعالى: يَومَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كلُّ
مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ وتَضَعُ كلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وتَرَى
النَّاسَ سُكارَى وما هُمْ بِسُكارى. وقيل: هي التي تَخلِجُ السَّيْرَ من
سُرْعَتِها أَي تجذبه، والجمع خُلُجٌ وخِلاجٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
أَمِنْك البَرْقُ أَرْقُبُهُ، فَهَاجا،
فَبِتُّ إِخالُه دُهْماً خِلاجا؟
أَمِنك أَي من شِقِّك وناحيتك. دُهْماً: إِبِلاَّ سُوداً. شبه صوت الرعد
بأَصوات هذه الخلاج لأَنها تَحَانُّ لفقد أَولادها.
ويقال للمفقود من بين القوم والميت: قد اخْتُلِجَ من بينهم فذهب به. وفي
الحديث: لَيَرِدَنَّ عليَّ الحَوضَ أَقوامٌ ثم لَيُخْتَلَجُنَّ دوني أَي
يُجْتَذَبونَ ويُقْتَطَعُون. وفي الحديث: فَحَنَّتِ الخَشَبَةُ حَنِينَ
النَّاقَةِ الخَلُوجِ؛ هي التي اخْتُلِجَ وَلَدُها أَي انْتُزِعَ منها.
والإِخْلِيجَةُ: الناقة المُخْتَلَجَةُ عن أُمها؛ قال ابن سيده: هذه
عبارة سيبويه، وحكى السيرافي أَنها الناقة المُخْتَلَجُ عنها وَلَدُها، وحكي
عن ثعلب أَنها المرأَة المُخْتَلَجَةُ عن زوجها بموت أَو طلاق، وحكي عن
أَبي مالك أَنه نَبْتٌ؛ قال: وهذا لا يطابق مذهب سيبويه لأَنه على هذا
اسم وإِنما وضعه سيبويه صفة؛ ومنه سمي خَلِيجُ النهر خَلِيجاً.
والخَلِيجُ من البحر: شَرْمٌ منه. ابن سيده: والخَلِيجُ ما انقطع من
معظم الماء لأَنه يُجْبَذُ منه، وقد اختُلِجَ؛ وقيل: الخليج شعبة تنشعب من
الوادي تُعَبِّرُ بَعْضَ مائه إِلى مكان آخر، والجمع خُلْجٌ وخُلْجانٌ.
وخَلِيجَا النهر: جَناحاه. وخَلِيجُ البحر: رِجْلٌ يَخْتَلِجُ منه، قال:
هذا قول كراع. التهذيب: والخليج نهر في شق من النهر الأَعظم.وجناحا النهر:
خليجاه؛ وأَنشد:
إِلى فَتًى قاضَ أَكُفّ الفِتْيانْ،
فَيْضَ الخَلِيجِ مَدَّهُ خَلِيجانْ
وفي الحديث: أَن فلاناً ساق خَلِيجاً؛ الخلِيجُ: نهر يُقتطع من النهر
الأَعظم إِلى موضع ينتفع به فيه.
ابن الأَعرابي: الخُلُجُ التَّعِبُونَ.والخُلُجُ: المُرْتَعِدُو
الأَبدانِ.والخُلُجُ: الحِبالُ.
ابن سيده: والخليج الحبل لأَنه يَحْبِذُ ما شُدَّ به. والخليج:
الرَّسَنُ لذلك؛ التهذيب: قال الباهلي في قول تميم بن مقبل:
فَبَاتَ يُسامي، بَعْدَما شُجَّ رَأْسُه،
فُحُولاً جَمَعْنَاها تَشِبُّ وتَضْرَحُ
وباتَ يُغَنَّى في الخَليج، كأَنه
كُمَيْتٌ مُدَمًّى، ناصِعُ اللَّوْنِ أَقْرَحُ
قال: يعني وتِداً رُبِطَ به فَرَسٌ. يقول: يقاسي هذه الفحول أَي قد
شدَّت به، وهي تنزو وترمح. وقوله: يُغَنَّى أَي تَصْهَلُ عنده الخيل.
والخَلِيجُ: حَبْلٌ خُلِجَ أَي فتل شزراً أَي فتل على العَسْراءِ؛ يعني مِقْوَدَ
الفَرَسِ. كُمَيْتٌ: من نعت الوتد أَي أَحْمَرُ من طَرْفاءَ. قال:
وقرحته موضع القطع؛ يعني بياضه؛ وقيل: قرحته ما تمج عليه من الدم والزَّبَدِ.
ويقال للوتد خليج لأَنه يجذب الدابة إِذا ربطت إِليه. وقال ابن بري في
البيتين: يصف فرساً رُبط بحبل وشدَّ بوتِد في الأَرض فجعل صهيل الفرس غناء
له، وجعله كميتاً أَقرَح لما علاه من الزَّبَد والدم عند جذبه الحبل.
ورواه الأَصمعي: وبات يُغَنَّى أَي وبات الوتد المربوط به الخيلُ يُغَنَّى
بصهيلها أَي بات الوتد والخيل تصهل حوله، ثم قال: أَي كأَن الوتد فرس كميت
أَقرَح أَي صار عليه زبد ودم؛ فبالزبد صار أَقرَح، وبالدم صار كميتاً.
وقوله: يُسامي أَي يجذب الأَرسان. والشباب في الفرس: أَن يقوم على رجليه.
وقوله: تضرح أَي ترمح بأَرجلها.
ابن سيده: وخَلَجَتِ الأُمُّ ولدها تَخْلِجُه، وجذبته تجذبه: فطمته؛ عن
اللحياني، ولم يخصَّ من أَيّ نوع ذلك. وخَلَجْتُها: فَطَمْتُ ولَدَها؛
قال أَعرابي: لا تَخْلِجِ الفصيلَ عن أُمه، فإن الذئب عالم بمكان الفصيل
اليتيم؛ أَي لا تفرق بينه وبين أُمه.
وتَخَلَّجَ المجنونُ في مشيته: تجاذب يميناً وشمالاً. والمجنون يتخلج في
مشيته أَي يتمايل كأَنما يجتذب مرَّة يمنةً ومرة يسرة. وتخَلَّج المفلوج
في مشيته أَي تفكك وتمايل؛ ومنه قول الشاعر:
أَقْبَلَتْ تَنْفُضُ الحُلاءَ بِعَيْنَيْـ
ـها، وتَمْشِي تَخَلُّجَ المَجْنُونِ
والتَّخَلُّجُ في المشي: مثل التخلع؛ قال جرير:
وأَشْفِي مِنْ تَخَلُّجِ كلِّ جِنٍّ،
وأَكْوِي النَّاظِرَيْنِ منَ الخُنانِ
وفي حديث الحسن: رأَى رجلاً يمشي مِشْيَةً أَنكرها، فقال: يَخْلِجُ في
مِشْيَتِهِ خَلَجَانَ المجنون أَي يجتذب مَرَّةً يَمْنَةً ومَرَّةً
يَسْرَةً. والخَلَجان، بالتحريك: مصدر كالنزوان.
والخالِجُ: المَوْتُ، لأَنه يَخْلج الخليقة أَي يجذبها. واخْتَلَجَتِ
المَنِيَّةُ القومَ أَي اجتذبتهم.
وخُلِجَ الفَحْلُ: أُخْرِجَ عن الشَّوْل قبل أَن يقدر. الليث: الفحلُ
إِذا أُخْرِجَ من الشَّوْلِ قبل قُدُوره فقد خُلِجَ أَي نُزِعَ وأُخرج،
وإِن أُخْرِجَ بعد قُدُورِه فقد عُدِلَ فانْعَدَلَ؛ وأَنشد:
فَحْلٌ هِجانٌ تَوَلَّى غَيرَ مَخْلُوجِ
وخَلَجَ الشيءَ من يده يَخْلِجُهُ خَلْجاً: انْتزعه.
واخْتَلَجَ الرجلُ رُمْحَه من مركزه: انتزعه. وخَلَجَهُ هَمٌّ
يَخْلِجُه: شغَله؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وأَبِيتُ تَخْلِجُني الهُمُومُ، كأَنَّني
دَلْوُ السُّقاةِ، تُمَدُّ بالأَشْطانِ
واخْتَلَجَ في صدري هَمٌّ. الليث: يقال: خَلَجَتْه الخَوالِجُ أَي شغلته
الشواغل؛ وأَنشد:
وتَخْلِجُ الأَشكالُ دونَ الأَشكال
وخَلَجَني كذا أَي شغلني. يقال: خَلَجَتْه أُمورُ الدنيا وتَخَالَجَتْه
الهموم: نازعته.
وخالَجَ الرجلَ: نازعه.
ويقال: تَخَالَجَتْه الهموم إِذا كان له هَمٌّ في ناحيةٍ وهمٌّ في ناحية
كأَنه يجذبه إِليه. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، صلى
بأَصحابه صلاةً جهر فيها بالقراءة، وقرأَ قارئٌ خلفه فجهر، فلما سلَّم قال:
لقد ظَنَنْتُ أَن بعضكم خالَجَنِيها؛ قال: معنة قوله خالجنيها أَي نازعني
القراءة فجهر فيما جهرت فيه، فنزع ذلك من لساني ما كنت أَقرؤُه ولم
أَستمرّ عليه. وأَصل الخَلْجِ: الجَذْبُ والنزع.
واخْتَلَجَ الشيءُ في صدري وتَخَالَجَ: احْتَكَأَ مع شَكٍّ. وفي حديث
عديّ، قال له عليه السلام: لا يَخْتَلِجَنَّ في صدرك أَي لا يتحرَّك فيه
شيءٌ من الريبة والشك، ويروى بالحاء، وهو مذكور في موضعه. وأَصل الاختلاج:
الحركة والاضطرب؛ ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها، وقد سئلت عن لحم الصيد
للمحرم، فقالت: إِن يَخْلِجْ في نفسك شيءٌ فَدَعْهُ. وفي الحديث: ما
اخْتَلَجَ عِرْقٌ إِلاَّ ويكفر الله به. وفي حديث عبد الرحمن بن أَبي بكر،
رضي الله عنهما: أَن الحكم بن أَبي العاصي أَبا مروان كان يجلس خلف النبي،
صلى الله عليه وسلم، فإِذا تكلم اخْتَلَجَ بوجهه فرآه، فقال: كن كذلك،
فلم يزل يختلج حتى مات؛ أَي كان يحرِّك شفتيه وذقنه استهزاء وحكايةً لفعل
سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فبقي يرتعد إِلى أَن مات؛ وفي
رواية: فَضُرِبَ بِهَمٍ شهرين ثم أَفاقَ خَلِيجاً أَي صُرِعَ؛ قال ابن
الأَثير: ثم أَفاق مُخْتَلَجاً قد أُخذ لحمه وقوَّته، وقيل مرتعشاً. ونَوًى
خَلُوجٌ بَيِّنَةُ الخِلاج، مشكوك فيها؛ قال جرير:
هذا هَوًى شَغَفَ القُؤَادَ مُبَرِّحٌ،
ونَوًى تَقَاذَفُ غَيرُ ذاتِ خِلاجِ
وقال شمر: إِني لَبَيْنَ خالِجَيْنِ في ذلك الأَمر أَي نفسين. وما
يُخَالِجُني في ذلك الأَمر شكٌّ أَي ما أَشك فيه. وخَلَجَهُ بعينه وحاجبه
يَخْلِجُه ويَخْلُجُه خَلْجاً: غمزه؛ قال حبينة بن طريف العكلي ينسب بليلى
الأَخيلية:
جارِيَةٌ من شِعْبِ ذِي رُعَيْنِ،
حَيَّاكَةٌ تَمْشِي بِعُلْطَتَيْنِ
قد خَلَجَتْ بِحاجِبٍ وعَيْنِ،
يا قَوْمُ، خَلُّوا بَيْنَها وبَيْني
أَشَدَّ ما خُلِّيَ بيْنَ اثْنَينِ
والعُلْطَة: القلادة. والعين تختلج أَي تضطرب، وكذلك سائر الأَعضاء.
الليث: يقال أَخْلَجَ الرجلُ حاجبيه عن عينيه واخْتَلَجَ حاجباه إِذا تحركا؛
وأَنشد:
يُكَلِّمُني ويَخْلِجُ حاجِبَيْه،
لأَحْسِبَ عِنْدَه عِلْماً قديما
وفي حديث شريح: أَن نسوة شهدنَ عنده على صبي وقع حيّاً يَتَخَلَّجُ أَي
يتحرَّك، فقال: إِن الحيَّ يرث الميت، أَتشهدن بالاستهلال؟ فأَبطل
شهادتهن. شمر: التَّخَلُّجُ التحرُّك؛ يقال: تَخَلَّجَ الشيءُ تَخَلُّجاً
واخْتَلَجَ اخْتِلاجاً إِذا اضطرب وتحرَّك؛ ومنه يقال: اخْتَلَجَتْ عينه
وخَلَجَتْ تَخْلِجُ خُلوجاً وخَلَجاناً، وخَلَجْتُ الشيءَ: حركته؛ وقال
الجعدي:وفي ابن خُرَيْقٍ، يَوْمَ يَدْعُو نِساءَكمْ
حَوَاسِرَ، يَخْلُجْنَ الجِمالَ المَذَاكِيا
قال أَبو عمرو: يَخْلُجْنَ يحرِّكن؛ وقال أَبو عدنان: أَنشدني حماد بن
عماد بن سعد:
يا رُبَّ مُهْرٍ حَسَنٍ وَقَاحِ،
مُخَلَّجٍ مِنْ لَبَنِ اللِّقَاحِ
قال: المُخَلَّجُ الذي قد سمن، فلحمه يَتَخَلَّجُ تَخَلُّجَ العين أَي
يضطرب.
وخَلَجَتْ عينه تَخْلِجُ وتَخْلُجُ خُلُوجاً واخْتَلَجَتْ إِذا طارت.
والخَلْجُ والخَلَجُ: داءٌ يصيب البهائم تَخْتَلِجُ منه أَعضاؤُها. وخَلَجَ
الرجلُ رُمْحَهُ يَخْلِجُهُ ويَخْلُجُهُ، واخْتَلَجَهُ: مَدَّهُ من
جانب. قال الليث: إِذا مَدَّ الطاعنُ رُمحه عن جانب، قيل: خَلَجَهُ. قال:
والخَلْجُ كالانتزاع.
والمَخْلُوجَةُ: الطعنة ذات اليمين وذات الشمال. وقد خَلَجَه إِذا طعنه.
ابن سيده: المخلوجة الطعنة التي تذهب يَمْنَةً ويَسْرَةً. وأَمْرُهم
مَخْلوجٌ: غير مستقيم. ووقعوا في مَخْلُوجَةٍ من أَمرهم أَي اختلاط؛ عن ابن
الأَعرابي. ابن السكيت: يقال في الأَمثال: الرَّأْيُ مَخْلُوجَةٌ وليستْ
بِسُلْكَى؛ قال: قوله مخلوجة أَي تصرف مرَّة كذا ومرَّة كذا حتى يصح
صوابه، قال: والسُّلكى المستقيمة؛ وقال في معنى قول امرئ القيس:
نَطْعُنُهُم سُلْكَى ومَخْلُوجَةً،
كَرَكِّ لأْمَيْنِ على نابِلِ
يقول: يذهب الطعن فيهم ويرجع كما تَرُدُّ سهمين على رامٍ رمى بهما. قال:
والسُّلْكَى الطعنة المستقيمة، والمَخْلُوجَةُ على اليمين وعلى اليسار.
والمَخْلُوجَةُ: الرأي المصيب؛ قال الحطيئة:
وكنتُ، إِذا دَارَتْ رَحَى الحَرْبِ، رُعْتُهُ
بِمَخْلُوجَةٍ، فيها عن العَجْزِ مَصْرِفُ
والخَلْجُ: ضَرْبٌ من النكاح، وهو إِخْرَاجُهُ، والدَّعْسُ إِدْخالُه.
وخَلَجَ المرأَة يَخْلِجُها خَلْجاً: نَكَحها؛ قال:
خَلَجْتُ لها جارَ اسْتِها خَلَجاتٍ
واخْتَلَجَها: كَخَلَجَها.
والخَلَجُ، بالتحريك: أَن يشتكي الرجل لحمه وعظامه من عمل يعمله أَو طول
مشي وتعبٍ؛ تقول منه: خَلِجَ، بالكسر؛ قال الليث: إِنما يكون الخَلَجُ
من تَقَبُّضِ العَصب في العضد حتى يعالج بعد ذلك فيستطلق، وإِنما قيل له:
خَلَجٌ لأَن جذبه يَخْلُجُ عضده. ابن سيده: وخَلِجَ البعير خَلَجاً، وهو
أَخْلَجُ، وذلك أَن يتقبض العصب في العضد حتى يعالج بعد ذلك فيستطلق.
وبيننا وبينهم خُلْجَةٌ: وهو قدر ما يمشي حتى يُعْيي مرَّة واحدة. التهذيب:
والخَلَجُ ما اعْوَجَّ من البيت. والخَلَجُ: الفساد في ناحية البيت. وبيت
خَلِيجٌ: مُعْوَجٌّ.
والخَلُوجُ من السحاب: المتفرِّق كأَنه خُلِجَ من معظم السحاب، هذلية.
وسحابة خَلُوجٌ: كثيرة الماءِ شديدة البرق.وناقة خَلُوجٌ: غزيرة اللبن، من
هذا، والجمع خُلُجٌ. التهذيب: وناقة خَلُوجٌ كثير اللبن،تحنُّ إِلى
ولدها؛ ويقال: هي التي تَخْلِجُ السَّيْرَ من سُرْعتِها. والخَلُوجُ من
النُّوق: التي اخْتُلِجَ عنها ولدها فَقَلَّ لذلك لبنها. وقد خَلَجْتُها أَي
فطمت ولدها. والخَلِيجُ: الجَفْنَةُ، والجمع خُلُجٌ؛ قال لبيد:
ويُكَلِّلُونَ، إِذا الرِّياحُ تَنَاوَحَتْ،
خُلُجاً تُمَدُّ شَوارِعاً أَيْتَامُها
وجَفْنَةٌ خَلُوجٌ: قعيرة كثيرة الأَخذ من الماء. والخُلُجُ: سُفُنٌ
صغار دون العَدَوْليِّ.
أَبو عمرو: الخِلاجُ العِشْق الذي ليس بمحكم.
الليث: المُخْتَلِجُ من الوجوه القليل اللحم الضامر. ابن سيده:
المُخْتَلِجُ الضامر؛ قال المخبل:
وتُرِيكَ وَجْهاً كالصَّحِيفَةِ، لا
ظَمْآنُ مُخْتَلِجٌ، ولا جَهْمُ
وفرسٌ إِخْلِيجٌ: جوادٌ سريع؛ التهذيب: وقول ابن مقبل:
وأَخْلَجَ نَهَّاماً، إِذا الخَيْلُ أَوْعَنَتْ،
جَرى بسِلاحِ الكَهْلِ،والكهلُ أَجْرَد
قال: الأَخْلَجُ الطويل من الخيل الذي يَخْلِجُ الشَّدَّ خَلْجاً أَي
يجذبه، كما قال طرفة:
خُلُجُ الشَّدِّ مُشِيحاتُ الحُزُمْ
والخِلاجُ والخِلاسُ: ضُرُوبٌ من البرود مخطَّطة؛ قال ابن أَحمر:
إِذا انْفَرَجَتْ عنه سَمَادِيرُ خَلْفِهِ،
بِبُرْدَيْنِ مِنْ ذاك الخِلاجِ المُسَهَّمِ
ويروى من ذاك الخِلاسِ.
والخَلِيجُ: قبيلة ينسبون في قريش، وهم قوم من العرب كانوا من
عَدْوَانَ، فأَلحقهم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بالحرث بن مالك بن النضر بن
كنانة، وسمُّوا بذلك لأَنهم اختلجوا من عدوان. التهذيب: وقوم خُلْجٌ إِذا
شُك في أَنسابهم فتنازع النسب قوم، وتنازعه آخرون؛ ومنه قول الكميت:
أَمْ أَنْتُمُ خُلُجٌ أَبْنَاءُ عُهَّارِ
ورجل مُخْتَلَجٌ: وهو الذي نقل عن قومه ونسبه فيهم إلى قوم آخرين،
فاختلف في نسبه وتنوزع فيه. قال أَبو مجلز: إِذا كان الرجل مُخْتَلَجاً
فَسَرَّكَ أَن لا تَكْذِبَ فانْسُبْهُ إِلى أُمِّهِ؛ وقال غيره: هم الخُلُجُ
الذين انتقلوا بنسبهم إِلى غيرهم. ويقال: رجل مُخْتَلَجٌ إِذا نوزع في نسبه
كأَنه جذب منهم وانتزع. وقوله: فانسبه إِلى أُمه أَي إِلى رهطها لا
إِليها نفسها.
وخَلِيجٌ الأَعْيَوِيُّ: شاعر ينسب إِلى بني أُعَيٍّ حَيٍّ من جَرْمٍ.
وخَلِيجُ بنُ مُنازِلِ بن فُرْعانَ: أَحد العَقَقَة، يقول فيه أَبوه
مُنازِل
(* قوله «منازل» كذا بالأصل بضم الميم وفي القاموس بفتحها.):
تَظَلَّمَني حَقِّي خَلِيجٌ، وعَقَّني
على حِينِ كانتْ، كالحَنِيِّ، عِظامي
وقول الطرماح يصف كلاباً:
مُوعَباتٌ لأَخْلَجِ الشِّدقِ سَلْعا
مٍ، مُمَرٍّ مَفْتُولَةٍ عَضُدُهْ
كَلْبٌ أَخلج الشِّدْقِ: واسِعُهُ.
خلب: الخِلْبُ: الظُّفُر عامَّةً، وجَمْعُه أَخْلابٌ، لا يُكَسَّر على
غير ذلك.
وخَلَبَه بظُفُرِه يَخْلِبُه خَلْباً: جَرَحَه، وقيل: خَدَشَه. وخَلَبه يَخْلِبُه، ويَخْلُبه خَلْباً: قَطَعَه وشَقَّه.
والمِخْلَب: ظُفُرُ السَّبُعِ من الـمَاشِي والطَّائِرِ؛ وقيل: المِخْلَب لِـمَا يَصِيدُ من الطَّيْرِ، والظُّفُرُ لِـمَا لا يَصِيدُ. التهذيب: ولِكلِّ طائر من الجَوارِحِ مِخْلَبٌ، ولكُلّ سَبُعٍ مِخْلَبٌ، وهو أَظافِيرهُ. الجوهري: والمِخْلَبُ للطَّائِرِ والسِّباعِ، بمنزلة الظُّفُرِ للإِنْسانِ.
وخَلَب الفَريسَة، يَخْلِبُها ويَخْلُبها خَلْباً: أَخَذَها بِمِخْلَبهِ. الليث: الخَلْبُ مَزْقُ الجِلْدِ بالنَّابِ؛ والسَّبُع يَخْلِبُ الفَريسةَ إِذا شَقَّ جِلْدَها بنابِه، أَو فَعَلَه الجَارِحَةُ بِمِخْلَبِهِ.قال: وسَمِعْتُ أَهْلَ البَحْرَيْنِ يقولون للحديدة الـمُعَقَّفَة، التي لا أُشَرَ لها، ولا أَسْنانَ: المِخْلَب؛ قال وأَنشدني أَعرابي من بني سعد:
دَبَّ لها أَسْودُ كالسِّرْحانْ، * بِمِخْذَمٍ، يَخْتَذِمُ الإِهانْ
والمِخْلَب: المِنْجَلُ السَّاذَجُ الذي لا أَسْنانَ له؛ وقيل: المِخْلَبُ المِنْجَلُ عامَّةً.
وخَلَبَ به يَخْلُب: عَمِلَ وقَطَع. وخَلَبْتُ النَّباتَ، أَخْلُبُه خَلْباً، واسْتَخْلَبْته إِذا قطَعْته.
وفي الحديث: نَسْتَخْلِبُ الخَبِيرَ أَي نْقطَع النَّباتَ، ونَحْصُدُه
ونَأْكُلُه.
وخَلَبَتْه الحَيَّة تَخْلِبُه خَلْباً: عَضَّتْه.
والخِلابَةُ: الـمُخَادَعَة، وقيل: الخَديعَة باللسانِ. وفي حديث النبي،
صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال لرجل كان يُخْدَع في بَيْعِهِ: إِذا
بايَعْتَ، فَقُلْ لا خِلابَة أَي لا خِداعَ؛ وفي رواية لا خيابَة. قال ابن
الأَثير: كأَنها لُثْغَة من الرَّاوِي، أَبدلَ اللامَ ياءً. وفي الحديث: أَنّ
بيعَ المُحَفَّلاتِ خِلابَةٌ، ولا تَحلّ خِلابَة مُسْلم.
والـمُحَفَّلات: التي جُمِعَ لَبَنُها في ضَرْعِها.
وخَلَبَه يَخْلُبُه خَلْباً وخِلابَةً: خَدَعَه.
وخالَبَه واخْتَلَبه: خادَعَه؛ قال أَبو صَخْر:
فلا مَا مَضَى يُثْنَى، ولا الشَّيْبُ يُشْتَرَى، * فأَصْفِقَ، عندَ السَّوْمِ، بَيْعَ الـمُخالِب
وهي الخِلِّيبَى، ورجل خالبٌ وخَلاَّب، وخَلَبُوتٌ،
وخَلَبُوبٌ، الأَخيرة عن كُراع: خَدَّاعٌ كَذَّابٌ؛ قال الشاعر:
مَلَكْتُم، فلما أَنْ مَلَكْتُمْ خَلَبْتُمُ، * وشَرُّ الـمُلوكِ الغادِرُ، الخَلَبُوتُ
جاءَ على فَعَلُوت، مثل رَهَبوتٍ؛ وامرأَة خَلَبُوتٌ، على مثال
جَبَرُوتٍ، هذه عن اللحياني.
وفي المثل: إِذا لَمْ تَغْلِبْ فاخْلِبْ، بالكسر. وحُكي عن الأَصمعي:
فاخْلُب أَي اخْدَعْه حتى تذهَبَ بِقَلْبه؛ من قاله بالضَّمّ، فمعناه:
فاخْدَعْ؛ ومن قال: فاخْلِبْ، فمعناه: فانْتِشْ قليلاً شيئاً يسيراً بعْدَ
شيءٍ، كأَنه أُخِذ من مِخْلَب الجارِحةِ. قال ابن الأَثيرِ: معناهُ إِذا
أَعْياكَ الأَمرُ مُغالَبةً، فاطْلُبْه مُخادعة.
وخَلَب المرأَة عَقْلَها يَخْلِبُها خَلْباً: سَلَبَها إِياهُ، وخَلَبَتْ هي قَلْبَه ، تَخْلِبُه خَلْباً، واخْتَلَبَتْه: أَخَذَتْه. وذَهَبَت به.
الليث: الخِلابَة أَن تَخْلُب المرأَةُ قَلْبَ الرجل، بأَلطفِ القولِ
وأَخْلَبِهِ، وامرأَةٌ خَلاَّبة للفؤادِ، وخَلُوبٌ.
والخَلْباءُ من النساءِ: الخَدُوعُ. وامرأَةٌ خالِبةٌ وخَلُوبٌ وخَلاَّبة: خَدَّاعة، وكذلك الخَلِبَة؛ قال النمر:
أَوْدَى الشَّبابُ، وحُبُّ الخالَةِ الخَلِبَهْ، * وقد بَرِئْتُ، فما بالقَلْبِ مِنْ قَلَبَهْ
ويروى الخَلَبَة، بفتح اللامِ، على أَنه جَمْعٌ، وهم الذين يَخْدعُون
النساءَ.
وفلان خِلْبُ نِساءٍ إِذا كان يُخالِبُهُنَّ أَي يُخَادِعُهُنّ. وفلانٌ حِدْثُ نِساءٍ، وزِيرُ نِساءٍ إِذا كان يُحادِثُهُنّ، ويُزاوِرُهُنَّ.
وامرأَة خالةٌ أَي مُخْتالَةٌ. وقوم خالَةٌ: مُخْتالون، مثل باعَةٍ، من
البَيْع.
والبَرْقُ الخُلَّبُ: الذي لا غَيْثَ فيه، كأَنه خادِعٌ يُومِضُ، حتى
تَطْمعَ بِمَطَرِه، ثم يُخْلِفُك. ويقال: بَرْقُ الخُلَّبِ، وبَرْقُ خُلَّبٍ، فَيُضافانِ؛ ومنه قيل لِمَنْ يَعِدُ ولا يُنْجِزُ وعْدَه: إِنما أَنـْتَ كَبَرْق خُلَّب. ويقال: إِنه كَبَرْقٍ خُلَّبٍ، وبرقِ خُلَّبٍ، وهو السَّحابُ الذي يَبْرُق ويُرْعِدُ، ولا مَطَر مَعَه. والخُلَّبُ أَيضاً: السَّحَابُ الذي لا مَطَر فيه. وفي حديث الاستسقاءِ: اللهمَّ سُقْيَا غيرَ خُلَّبٍ بَرْقُها أَي خالٍ عن الـمَطَر. ابن الأَثير: الخُلَّبُ: السحابُ يُومِضُ بَرْقُه، حتى يُرْجَى مَطَره، ثم يُخْلِفُ ويَتَقَشَّعُ، وكأَنه من الخِلابَةِ، وهي الخِداعُ بالقَولِ اللَّطِيفِ؛ ومنه حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: كان أَسْرَعَ من بَرْقِ الخُلَّبِ وإِنما خصه بالسُّرْعَة، لخِفَّتِه لِخُلُوّه من الـمَطَر.
وَرَجُلٌ خِلْبُ نِساءٍ: يُحِبُّهُنّ للحديث والفُجُورِ، ويُحْبِبْنَه لذلك. وهم أَخْلابُ نِساءٍ، وخُلَباءُ نِساءٍ الأَخيرةُ نادِرَة. قال ابن سيده: وعندي أَنَّ خُلَباءَ جمعُ خالِبٍ.
والخِلْبُ، بالكسرِ: حِجابُ القَلْبِ، وقيل: هي لُحَيْمةٌ رَقِيقَةٌ، تَصِلُ بينَ الأَضْلاعِ؛ وقيل: هو حِجَاب ما بين القَلْبِ والكَبِدِ، حكاهُ ابن الأَعرابي، وبه فسَّر قَولَ الشاعر:
يا هِنْدُ !هِنْدٌ بينَ خِلْبٍ وكَبِدْ
ومنه قيل للرَّجُل الذي يُحِبُّه النساءُ: إِنه لَخِلْبُ
نِساءٍ أَي يُحِبُّه النساءُ؛ وقيل: الخِلْبُ حِجابٌ بينَ القَلْبِ وسَوادِ البَطْنِ؛ وقيل: هو شيءٌ أَبْيَضُ، رقِيقٌ، لازِقٌ بالكَبِدِ؛ وقيل: الخِلْبُ زِيادَةُ الكَبِدِ، والخِلْبُ الكَبِدُ، في بعضِ اللُّغاتِ؛ وقيل: الخِلْبُ عُظَيْمٌ، مثلُ ظُفُر الإِنْسان، لاصِقٌ بناحِيَة الحِجابِ، مـما يَلِي الكَبِدَ؛ وهي تَلِي الكبِدَ والحِجابَ، والكَبِدُ مُلْتَزِقَةٌ بجانِبِ
الحِجابِ.
والخُلْبُ: لبُّ النَّخْلَةِ، وقيل: قَلْبُها. والخُلُب، مُثَقَّلاً ومُخَفَّفاً: الليفُ، واحدَتُه خُلْبَة. والخُلْبُ: حَبْلُ الليفِ والقُطْنِ إِذا رَّقَ وصَلُبَ. الليث: الخُلْبُ حَبْلٌ دَقيقٌ، صُلْبُ الفَتْلِ، من لِيفٍ أَو قِنَّبٍ، أَو شيءٍ صُلْبٍ؛ قال الشاعر:
كالـمَسَدِ اللَّدْنِ، أُمِرَّ خُلبُه
ابن الأعرابي: الخُلْبة الحَلْقة من الليفِ، والليفَة خُلْبَة وخُلُبَة؛
وقال:
كأَنْ ورِيدَاهُ رِشَاءا خُلْبِ
ويُروى وريدَيْه، على إِعمال كأَنْ، وتَرْكِ الاضْمار. وفي الحديث: أَتاهُ رَجُلٌ وهو يَخْطُب، فنَزلَ إِليه وقَعَد على كُرْسِيِّ خُلْبٍ، قَوائمهُ من حَديدٍ؛ الخُلْب: اللّيفُ؛ ومنه الحديث: وأَما مُوسَى فَجَعْدٌ آدَمُ على جَمَلٍ أَحْمَر، مَخْطُوم بخُلْبة. وقد يُسَمَّى الحَبْل نفسُه: خُلْبة؛ ومنه الحديث: بِليفٍ خُلبْةٍ، على البَدَل؛ وفيه: أَنه كان له وِسادَةٌ حَشْوُها خُلْبٌ. والخُلْبُ والخُلُب: الطِّينُ الصُّلْبُ
اللاَّزِبُ؛ وقيل: الأَسْودُ؛ وقيل: طِينُ الحَمْأَة؛ وقيل: هو الطِّينُ عامَّة.
ابن الأَعرابي: قال رَجلٌ من العرب لطَبَّاخِه: خَلِّبْ مِيفاكَ، حتى
يَنْضَجَ الرَّوْدَقُ؛ قال: خَلِّبْ أَي طَيِّنْ، ويقال للطينِ خُلْبٌ. قال
والميفَى: طَبَقُ التَّنُّور، والرَّوْدَقُ: الشواءُ.
وماءٌ مُخْلِبٌ أَي ذُو خُلُبٍ، وقد أَخْلَب. قال تُبَّع، أَو غيره:
فرَأَى مَغِيب الشمسِ، عندَ مآبِهَا، * في عَيْنِ ذِي خُلُبِ وثأْطٍ حَرْمَدِ
الليث: الخُلْبُ وَرَق الكَرْمِ العريضُ ونحوهُ. وفي حديث ابن عباس، وقد حاجَّه عمر في قوله تعالى: تَغْرُب في عَيْنٍ حَمِئَةٍ، فقال عمر: حامِية، فأَنشد ابن عباس بيتَ تُبَّع:
في عَيْنِ ذِي خُلُبٍ
الخُلُب: الطينُ والحَمْأَة. وامرأَةٌ خَلْباءُ وخَلْبَنٌ: خَرْقاءُ، والنون زائدة للالحاق، وليست بأَصلية. وفي الصحاح: الخَلْبَنُ الحَمْقاءُ؛ قال ابن السكيت: وليس من الخِلابة؛ قال رؤبة يصف النوق:
وخَلَّطَتْ كلُّ دِلاثٍ عَلْجَنِ، * تَخْليطَ خَرْقاءِ اليَدَيْنِ، خَلْبَنِ
ورواه أَبو الهيثم: خَلْباءِ اليَدَيْن، وهي الخَرْقاء، وقد خَلِبَتْ
خَلَباً، والخَلْبَنُ المهزولةُ منه.
والخُلْبُ: الوَشْيُ.
والـمُخَلَّب: الكثيرُ الوشْيِ من الثِّياب. وثَوْبٌ مُخَلَّب: كثير
الوَشْي؛ قال لبيد:
وغَيْثٍ بِدَكْداكٍ، يَزِينُ وِهادَهُ * نَباتٌ، كَوَشْيِ العَبْقَرِيِّ الـمُخَلَّبِ
أَي الكثيرِ الأَلْوانِ. وأَوْرَدَ الجوهري هذا البَيْتَ: وغيثٌ، برفع
الثاءِ؛ قال ابن بري: والصواب خَفْضُها لأَن قبله:
وكائِنْ رَأَيْنا من مُلُوكٍ وسُوقَةٍ، * وصاحَبْتُ من وَفْدٍ كِرامٍ ومَوْكِبِ
قال: الدَّكداك ما انْخَفَضَ من الأَرضِ، وكذلك الوِهادُ، جَمْعُ
وَهْدةٍ؛ شَبَّه زَهر النباتِ بوَشْي العَبْقَرِيِّ.
جوف: الجَوْفُ: المطمئن من الأَرض. وجَوْفُ الإنسان: بطنه، معروف. ابن
سيده: الجَوْفُ باطِنُ البَطْنِ، والجَوْفُ ما انْطَبَقَتْ عليه الكَتِفان
والعَضُدان والأَضْلاعُ والصُّقْلانِ، وجمعها أَجوافٌ.
وجافَه جَوْفاً: أَصابَ جَوْفَه. وجافَ الصَّيْدَ: أَدخل السهم في
جَوْفِه ولم يظهر من الجانب الآخر. والجائفةُ: الطعْنةُ التي تبلغ الجوف.
وطعْنَةٌ جائفة: تُخالِط الجوْف، وقيل: هي التي تَنْفُذُه. وجافَه بها
وأَجافَه بها: أَصابَ جوفه. الجوهري: أَجَفْتُه الطعْنةَ وجُفْتُه بها؛ حكاه عن
الكسائي في باب أَفْعَلْتُ الشيء وفَعَلْتُ به. ويقال: طَعَنْتُه
فجُفْتُه وجافَه الدَّواءُ، فهو مَجُوفُ إذا دخل جَوْفَه.
ووِعاء مُسْتَجافٌ: واسِعٌ. واسْتَجافَ الشيءُ واسْتَجْوَفَ: اتَّسَعَ؛
قال أَبو دواد:
فَهْيَ شَوْهاءُ كالجُوالِقِ، فُوها
مُسْتَجافٌ يَضِلُّ فيه الشَّكِيمُ
واسْتَجَفْتُ المكانَ: وجدته أَجْوَفَ.
والجَوَفُ، بالتحريك: مصدر قولك شيء أَجْوَفُ. وفي حديث خلق آدم، عليه
السلام: فلما رآه أَجْوَفَ عَرَفَ أَنه خَلْقٌ لا يَتَمالَكُ؛ الأَجْوَفُ:
الذي له جَوْفٌ، ولا يتمالَك أَي لا يَتَماسَكُ. وفي حديث عِمْران: كان
عمر أَجْوَفَ جليداً أَي كبير الجوْفِ عظيمه. وفي حديث خُبَيْب:
فَجافَتْني؛ هو من الأَوّل أَي وصلت إلى جَوْفي. وفي حديث مسروق في البعير
الـمُتَرَدِّي في البئر: جُوفُوه أَي اطْعَنُوه في جوفه. وفي الحديث: في
الجائفة ثُلُثُ الدِّيةِ؛ هي الطعنة التي تَنْفُذُ إلى الجوف. يقال: جُفْتُه
إذا أَصَبْتَ جَوْفَه، وأَجَفْتُه الطَّعْنَة وجُفْتُهُ بها. قال ابن
الأَثير: والمراد بالجوف ههنا كلُّ ما له قوة مُحِيلةٌ كالبَطْن والدِّماغ.
وفي حديث حُذيْفَة: ما مِنَّا أَحَدٌ لو فُتِّشَ إلا فُتِّش عن جائفةٍ أَو
مُنَقِّلةٍ؛ الـمُنَقِّلَةُ من الجراح: ما ينقل العظم عن موضعه، أَراد
ليس أَحدٌ إلا وفيه عَيْب عظيم فاستعار الجائفةَ والمنقِّلةَ لذلك.
والأَجْوَفانِ: البَطْنُ والفَرْجُ لاتِّساعِ أَجْوافِهما. أَبو عبيد في قوله في
الحديث: لا تَنْسَوُا الجوْفَ وما وَعَى أَي ما يدخل فيه من الطعام
والشراب، وقيل فيه قولان: قيل أَراد بالجوف البطن والفرج معاً كما قال إن
أَخْوَفَ ما أَخافُ عليكم الأَجْوفان، وقيل: أَراد بالجوْفِ القلب وما وَعى
وحَفِظَ من مَعْرِفةِ اللّه تعالى. وفرس أَجْوَفُ ومَجُوف ومُجَوَّفٌ:
أَبيضُ الجوْفِ إلى منتهى الجنبين وسائرُ لونِه ما كان. ورجل أَجْوَفُ:
واسع الجوْفِ؛ قال:
حارِ بْنَ كَعْبٍ، أَلا الأَحْلامُ تَزْجُرُكم
عَنّا، وأَنـْتُمْ من الجُوفِ الجَماخِيرِ؟
(* قوله «ألا الاحلام» في الاساس: ألا أحلام.)
وقول صخر الغَيّ:
أَسالَ منَ الليلِ أَشْجانَه،
كأَنَّ ظَواهِرَه كُنَّ جُوفا
يعني أَن الماء صادَفَ أَرضاً خَوَّارةً فاسْتَوْعَبَتْه فكأَنها جوفاء
غير مُصْمَتةٍ. ورجل مَجوفٌ ومُجَوَّف: جَبانٌ لا قَلْبَ له كأَنه خالي
الجوْفِ من الفُؤَادِ؛ ومنه قول حَسّان:
أَلا أَبْلِغْ أَبا سُفْيانَ عَنِّي:
فأَنت مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواء
أَي خالي الجوف من القلب. قال أَبو عبيدة: الـمَجُوف الرَّجُل الضخم
(*
قوله «الرجل الضخم» كذا في الأصل وشرح القاموس وبعض نسخ الصحاح، وفي بعض
آخر: الرحل، بالحاء، وعليه يجيء الشاهد.) الجوف؛ قال الأَعشى يصف ناقته:
هِيَ الصَّاحِبُ الأَدْنى وبَيْني وبَيْنَها
مَجُوفٌ عِلافيٌّ، وقِطْعٌ ونُمْرُقُ
يعني هي الصاحِب الذي يَصْحَبُني. وأَجَفْتُ البابَ: رددْتُه؛ وأَنشد
ابن بري:
فَجِئنا من البابِ الـمُجافِ تَواتُراً،
وإنْ تَقعُدا بالخَلْفِ، فالخَلْفُ واسِعُ
وفي حديث الحج: أَنه دخل البيت وأَجافَ البابَ أَي ردّه عليه. وفي
الحديث: أَجِيفُوا أَبوابَكم أَي رُدُّوها. وجَوْفُ كل شيء: داخِلُه. قال
سيبويه: الجَوفُ من الأَلفاظ التي لا تستعمل ظرفاً إلا بالحروف لأَنه صار
مختصاً كاليد والرجل. والجَوْفُ من الأَرض: ما اتَّسع واطْمَأَنَّ فصار
كالجوف؛ وقال ذو الرمة:
مُوَلَّعةً خَنْساء ليسَتْ بنَعْجةٍ،
يُدَمِّنُ أَجْوافَ المِياهِ وَقِيرُها
وقول الشاعر:
يَجْتابُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً
بِعُجُوبِ أَنـْقاءٍ، يَمِيلُ هَيامُها
من رواه يجتاف، بالفاء، فمعناه يدخل، يصف مطراً. والقالص: الـمُرْتفع.
والـمُتَنَبِّذ: الـمُتَنَحّي ناحيةً. والجوف من الأَرض أَوسع من الشِّعْب
تَسِيلُ فيه التِّلاعُ والأَودية وله جِرَفةُ، وربما كان أَوْسَعَ من
الوادي وأَقْعَر، وربما كان سهلاً يُمْسك الماء، وربما كان قاعاً مستديراً
فأَمسك الماء. ابن الأَعرابي: الجَوْف الوادي. يقال: جوْفٌ لاخٌ إذا كان
عَميقاً، وجوف جِلواح: واسِعٌ، وجَوْفٌ زَقَبٌ: ضَيِّقٌ. أَبو عمرو: إذا
ارتفع بَلَقُ الفرس إلى جنبيه فهو مُجَوَّفٌ بَلَقاً؛ وأَنشد:
ومُجَوَّف بَلَقاً مَلَكْتُ عِنانَه،
يَعْدُو على خَمْسٍ، قَوائِمُه زَكا
أَراد أَنه يعدو على خمس من الوحْش فيصيدها، وقوائمه زكا أَي ليست خَساً
ولكنها أَزواج، ملكْتُ عِنانَه أَي اشترؤيته ولم أَسْتَعِرْه. أَبو
عبيدة: أَجْوَفُ أَبْيَضُ البطنِ إلى منتهى الجَنْبَيْنِ ولون سائره ما كان،
وهو الـمُجَوَّفُ بالبلَق ومُجَوَّفٌ بلَقاً. الجوهري: المجوّف من
الدوابّ الذي يَصْعَدُ البلق حتى يَبْلُغَ البطنَ؛ عن الأَصمعي؛ وأَنشد
لطفيل:شَميط الذنابى جُوِّفَتْ، وهي جَوْنةٌ
بِنُقْبة دِيباجٍ، ورَيْطٍ مُقَطَّعِ
واجتافَه وتَجَوَّفَه بمعنى أَي دخل في جوْفِه. وشيء جُوفيٌّ أَي واسِعُ
الجَوْفِ. ودِلاءٌ جُوفٌ أَي واسِعة. وشجرة جَوْفاء أَي ذات جَوْفٍ.
وشيء مُجَوَّفٌ أَي أَجْوَفُ وفيه تَجْوِيفٌ. وتَلْعة جائفةٌ: قَعِيرةٌ.
وتِلاعٌ جَوائِفُ، وجَوائِفُ النَّفْسِ: ما تَقَعَّرَ من الجوْفِ ومَقارّ
الرُّوحِ؛ قال الفرزدق:
أَلم يَكْفِني مَرْوانُ، لَـمّا أَتَيْتُهُ
زِياداً، وردَّ النَّفْسَ بَيْنَ الجَوائِفِ؟
وتَجَوَّفَتِ الخُوصةُ العَرْفَجَ: وذلك قبل أَن تخرج وهي في جَوْفِه.
والجَوَفُ: خَلاء الجوْفٍ كالقَصبةِ الجَوْفاء. والجُوفانُ: جمع
الأَجْوَفِ. واجتافَ الثَّوْرُ الكِناسَ وتَجَوَّفَه، كلاهما: دخل في جوْفه؛ قال
العجاج يصف الثورَ والكِناسَ:
فهْو، إذا ما اجْتافَه جُوفيُّ،
كالخُصِّ إذْ جَلَّلَه الباريُّ
وقال ذو الرمة:
تَجَوَّفَ كلِّ أَرْطاةٍ رَبُوضٍ
من الدَّهْنا تَفَرَّعَتِ الحِبالا
والجَوْفُ: موضع باليمن، والجَوْفُ: اليمامة، وباليمن وادٍ يقال له
الجوف؛ ومنه قوله:
الجَوْفُ خَيْرٌ لَكَ من أَغْواطِ،
ومِنْ أَلاءَاتٍ ومِنْ أُراطِ
(* قوله «أراط» في معجم ياقوت: أراط، بالضم، من مياه بني نمير، ثم قال:
وأراط باليمامة. وفي اللسان في مادة أرط: فأما قوله الجوف إلخ فقد يجوز
أن يكون أراط جمع أرطاة وهو الوجه وقد يكون جمع أرطى ا هـ. وفيه أيضاً ان
الغوط والغائط المتسع من الأرض مع طمأنينة وجمعه اغواط ا هـ. وألاءات
بوزن علامات وفعالات كما في المعجم وغيره موضع.)
وجَوْفُ حِمارٍ وجوْفُ الحِمار: وادٍ منسوب إلى حِمارِ بن مُوَيْلِعٍ
رجل من بقايا عاد، فأَشرك باللّه فأَرسل اللّه عليه صاعقةً أَحْرَقَتْه
والجَوْفَ، فصار مَلْعباً للجن لا يُتَجَرَّأُ على سلوكه؛ وبه فسر بعضهم
قوله:
وخَرْقٍ كَجَوْف العَيْرِ قَفْرٍ مَضَلّة
أَراد كجوف الحِمار فلم يستقم له الوزن فوضع العيرَ موضعه لأَنه في
معناه؛ وفي التهذيب: قال امروء القيس:
ووادٍ كَجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُه
قال: أَراد بجوف العير وادياً بعينه أُضيف إلى العير وعرف بذلك.
الجوهري: وقولهم أَخلى من جوف حمار هو اسم وادٍ في أَرض عادٍ فيه ماء وشجر،
حماها رجل يقال له حِمار وكان له بنون فأَصابتهم صاعقة فماتوا، فكفر كفراً
عظيماً، وقتل كل من مرَّ به من الناس، فأَقبلت نار من أَسفل الجوف فأَحرقته
ومن فيه، وغاضَ ماؤه فضربت العرب به المثل فقالوا: أَكْفَرُ من حِمار،
ووادٍ كجوف الحمار، وكجوف العَير، وأَخْرَبُ من جوف حمار. وفي الحديث:
فَتَوقَّلَتْ بنا القِلاصُ من أَعالي الجَوْف؛ الجَوْفُ أَرْض لمُرادٍ،
وقيل: هو بطن الوادِي. وقوله في الحديث قيل له: أَيُّ الليلِ أَسمَعُ؟ قال:
جَوْفُ الليلِ الآخِرُ أَي ثلثه الآخِرُ، وهو الجزء الخامس من أَسْداس
الليل، وأَهل اليمن والغَوْر يسمون فَساطِيطَ العُمّال الأَجْوافَ.
والجُوفانُ: ذكر الرجل؛ قال:
لأَحْناء العِضاه أَقَلُّ عاراً
من الجُوفانِ، يَلْفَحُه السَّعِيرُ
وقال المؤرجُ: أَيْرُ الحِمار يقال له الجُوفان، وكانت بنو فزارةَ
تُعَيَّرُ بأَكل الجُوفانِ فقال سالم بن دارةَ يهجو بني فَزارةَ:
لا تَأْمَنَنَّ فَزارِيّاً خَلَوْتَ به
على قَلُوصِكَ، واكْتُبْها بأَسْيَارِ
لا تأْمَنَنْه ولا تأْمَنْ بَوائقَه،
بَعْدَ الذي امْتَلَّ أَيْرَ العَيْرِ في النارِ
منها:
أَطْعَمْتُمُ الضَّيْفَ جُوفاناً مُخاتَلةً،
فلا سَقاكم إلهِي الخالِقُ البارِي
والجائفُ: عِرْق يجري على العَضُد إلى نُغْض الكتف وهو الفلِيقُ.
والجُوفيُّ والجُوافُ، بالضم: ضرب من السمك، واحدته جُوافَةٌ؛ وأَنشد
أَبو الغَوْث:
إذا تَعَشَّوْا بَصَلاً وخلاًّ،
وكَنْعَداً وجُوفِياً قد صلاَّ،
باتُوا يَسُلُّونَ الفُساء سَلاَّ،
سَلَّ النَّبِيطِ القَصَبَ الـمُبْتَلاَّ
قال الجوهري: خففه للضرورة. وفي حديث مالك ابن دينار: أَكلتُ رغيفاً
ورأْسَ جُوافةٍ فعلى الدنيا العَفاء؛ الجُوافةُ، بالضم والتخفيف: ضرب من
السمك وليس من جَيِّدِه.
والجَوفاء: موضع أَو ماء؛ قال جرير:
وقد كان في بَقْعاء رِيٌّ لشائكُم،
وتَلْعَةَ والجَوفاء يَجْري غَدِيرُها
(* قوله «لشائكم» في معجم ياقوت في عدة مواضع: لشأنكم.)
وقوله في صفة نهر الجنة: حافتاه الياقوتُ الـمُجَيَّب؛ قال ابن الأَثير:
الذي جاء في كتاب البخاري اللُّؤلؤ الـمُجَوَّفُ، قال: وهو معروف، قال:
والذي جاء في سنن أَبي داودَ المجيَّب أَو المجوف بالشك، قال: والذي جاء
في مَعالِمِ السُّنن المجيَّب أَو المجوَّب، بالباء فيهما، على الشك،
قال: ومعناه الأَجوف.
متى: متَى: كلمة استفهامٍ عن وقت أَمر، وهو اسم مُغْنٍ عن الكلام الكثير
المُتناهي في البُعْدِ والطول، وذلك أَنك إِذا قلت متى تقومُ أَغْناكَ
ذلك عن ذكر الأَزْمِنة على بُعْدها، ومَتى بمعنى في، يقال: وضعته مَتى
كُمِّي أَي في كُمِّي؛ ومَتى بمعنى مِنْ؛ قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ:
أَخْيَلَ بَرْقاً مَتى حابٍ له زَجَلٌ،
إِذا تَفَتَّرَ من تَوماضِه حَلَجا
(* قوله« أخيل برقاً إلخ» كذا في الأصل مضبوطاً، فما وقع في حلج وومض:
أخيل، مضارع أخال، ليس على ما ينبغي. ووقع ضبط حلجا بفتح اللام، والذي في
المحكم كسرها حلج يحلج حلجاً بوزن تعب فيقال حلج السحاب بالكسر يحلج
بالفتح حلجاً بفتحتين.)
وقضى ابن سيده عليها بالياء، قال: لأَن بعضهم حكى الإِمالة فيه مع أَن
أَلفها لام، قال: وانقلاب الأَلف عن الياء لاماً أَكثر. قال الجوهري:
مَتَى ظرف غير مُتَمَكِّن وهو سؤال عن زمان ويُجازى به. الأَصمعي: متى في لغة
هذيل قد يكون بمعنى مِن؛ وأَنشد لأَبي ذؤيب:
شَرِبْنَ بماء البحرِ ثم تَرَفَّعَتْ
مَتَى لُجَجٍ خُضْرٍ، لَهُنَّ نَئِيجُ
أَي من لُجَجٍ؛ قال: وقد تكون بمعنى وسَط. وسمع أَبو زيد بعضهم يقول:
وَضَعْتُه متى كُمِّي أَي في وَسَط كُمِّي، وأَنشد بيت أَبي ذؤيب أَيضاً،
وقال: أَراد وسَطَ لُجَجٍ. التهذيب: متى مِن حروفِ المعاني ولها وُجُوه
شَتَّى: أَحدها أَنه سؤال عن وقتِ فِعْل فُعِلَ أَو يُفْعَلُ كقولك متى
فَعَلْتَ ومتى تَفْعَلُ أَي في أَي وقت، والعربُ تجازي بها كما تُجازي بأَيّ
فتَجْزِمُ الفِعْلين تقول مَتى تأْتِني آتِك، وكذلك إِذا أَدخلت عليها
ما كقولك متى ما يأْتِني أَخوك أُرْضِه، وتجيء متى بمعنى الاسْتِنكارِ
تقول للرجل إِذا حكى عنك فِعْلاً تُنْكِرُه متى كان هذا على معنى الإِنكار
والنفي أَي ما كان هذا؛ وقال جرير:
مَتى كان حُكْمُ اللهِ في كَرَبِ النَّخْلِ
وقال الفراء: متى يقَعُ على الوَقت إِذا قلْتَ متى دَخَلْتِ الدار فأَنت
طالق أَي أَيَّ وقت دَخَلْتِ الدار، وكُلَّما تقع على الفعل إِذا قلت
كلما دخلتِ الدار فمعناه كلَّ دَخْلَةٍ دَخَلْتِها، هذا في كتاب الجَزاء؛
قال الأزهري: وهو صحيح. ومَتى يَقَعُ للوقت المُبْهَم. وقال ابن
الأَنباري: متى حَرْفُ استفهام يُكْتَب بالياء، قال الفراء: ويجوز أَن تُكْتَب
بالأَلف لأَنها لا تُعْرَفُ فعْلاً، قال: ومَتى بمعنى مِنْ؛ وأنشد:
إِذا أقولُ صَحا قَلْبي أُتِيحَ لَه
سُكْرٌ مَتى قَهْوةٍ سارَت إِلى الرَّاسِ
أَي من قَهْوةٍ؛ وأَنشد:
مَتى ما تُنْكِروها تَعْرِفُوها
متى أَقْطارِها علق نفيت
(* قوله «علق نفيت» كذا في الأصل وشرح القاموس.)
أَراد من أَقطارها نفيت أَي منفرج؛ وأَما قول امرئ القيس:
مَتى عَهْدُنا بِطِعانِ الكُما
ةِ والمَجْدِ والحَمدِ والسُّودَدِ
يقول: متى لم يكن كذلك، يقول: تَرَوْنَ أَنَّا لا نُحْسِنُ طَعْنَ
الكُماةِ وعَهْدُنا به قريب؛ ثم قال:
وبَنْيِ القِبابِ ومَلْءِ الجفا
نِ، والنارِ والحَطَبِ المُوقَدِ
جوع: الجُوع: اسم للمَخْمَصةِ، وهو نَقِيضُ الشِّبَع، والفعل جاعَ
يَجُوعُ جَوْعاً وجَوْعةً ومَجاعةً، فهو جائعٌ وجَوْعانُ، والمرأَة جَوْعَى،
والجمع جَوْعَى وجِياعٌ وجُوَّعٌ وجُيَّعٌ؛ قال:
بادَرْتُ طَبْخَتَها لِرَهْطٍ جُيَّع
شَبَّهُوا باب جُيّع بباب عِصِيٍّ فقلبه بعضُهم، وقد أَجاعه وجَوَّعَه؛
قال:
كان الجُنَيْد، وهو فينا الزُّمَّلِقْ،
مُجَوَّعَ البَطْنِ كِلابيَّ الخُلُقْ
وقال:
أَجاع اللهُ من أَشْبَعْتُموه
وأَشْبَعَ من بِجَوْرِكم أُجِيعَا
والمَجاعةُ والمَجُوعة والمَجْوعةُ، بتسكين الجيم: عامُ الجُوعِ. وفي
حديث الرَّضَاع: إِنما الرَّضاعةُ من المَجاعة؛ المَجاعةُ مَفْعلةٌ من
الجُوع أَي أَن الذي يَحْرُم من الرَّضاع إِنما هو الذي يَرْضَعُ من جُوعِه،
وهو الطفل، يعني أَن الكبير إِذا رَضَعَ امرأَة لا يَحْرُم عليها بذلك
الرضاع لأَنه لم يَرْضَعْها من الجوع، وقالوا: إِن للعِلْم إِضاعةً
وهُجْنةً وآفةً ونكَداً واستِجاعةً؛ إِضاعتُه: وضْعُك إِياه في غير أَهله،
واستِجاعتُه: أَن لا تَشْبَع منه، ونكَدُه: الكذِبُ فيه، وآفتُه: النِّسيانُ،
وهُجْنتُه: إِضاعتُه. والعرب تقول: جُعْتُ إِلى لِقائك وعَطِشْتُ إِلى
لِقائك؛ قال ابن سيده: وجاعَ إِلى لقائه اشتهاه كعطِشَ على المثل. وفي
الدعاء: جُوعاً له ونُوعاً ولا يُقَدّم الآخِر قبل الأَوّل لأَنه تأْكيدٌ
له؛ قال سيبويه: وهو من المصادر المنصوبة على إِضمار الفعل المتروك
إِظهاره. وجائعٌ نائعٌ: إِتْباع مثله. وفلان جائعُ القِدْرِ إِذا لم تكن قِدْرُه
ملأَى. وامرأَة جائعة الوِشاح إِذا كانت ضامِرةَ البطن. والجَوْعةُ:
إِقفار الحَيّ. والجَوْعة: المرَّةُ الواحدة من الجَوْع؛ وأَجاعه وجَوَّعه.
وفي المثل: أَجِعْ كَلْبَك يَتْبَعْك. وتَجوّعَ أَي تَعمَّد الجُوع.
ويقال: تَوحَّشْ للدّواء وتجوّعْ للدواء أَي لا تَسْتَوْفِ الطعام. ورجلٌ
مُسْتَجِيع: لا تراه أَبداً إِلاَّ تَرى أَنه جائع؛ قال أَبو سعيد:
المُسْتجِيعُ الذي يأْكل كل ساعة الشيء بعد الشيء.
وربيعةُ الجوعِ: أَبُو حَيّ من تَمِيم، وهو رَبيعةُ ابن مالك بن زيد
مناة بن تميم.
جدد: الجَدُّ، أَبو الأَب وأَبو الأُم معروف، والجمع أَجدادٌ وجُدود.
والجَدَّة: أُم الأُم وأُم الأَب، وجمعها جَدّات. والجَدُّ: والبَخْتُ
والحَِظْوَةُ. والجَدُّ: الحظ والرزق؛ يقال: فلان ذو جَدٍّ في كذا أَي ذو حظ؛
وفي حديث القيامة: قال، صلى الله عليه وسلم: قمت على باب الجنة فإِذا
عامّة من يدخلها الفقراء، وإِذا أَصحاب الجدِّ محبوسون أَي ذوو الحظ والغنى
في الدنيا؛ وفي الدعاء: لا مانع لما أَعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع
ذا الجدِّ منك الجَدُّ أَي من كان له حظ في الدنيا لم ينفعه ذلك منه في
الآخرة، والجمع أَجدادٌ وأَجُدٌّ وجُدودٌ؛ عن سيبويه. وقال الجوهري: أَي
لا ينفع ذا الغنى عندك أَي لا ينفع ذا الغنى منك غناه
(* قوله «لا ينفع
ذا الغنى منك غناه» هذه العبارة ليست في الصحاح ولا حاجة لها هنا إلاّ
أنها في نسخة المؤلف) ؛ وقال أَبو عبيد: في هذا الدعاءُ الجدّ، بفتح الجيم
لا غير، وهو الغنى والحظ؛ قال: ومنه قيل لفلان في هذا الأَمر جَدٌّ إِذا
كان مرزوقاً منه فتأَوَّل قوله: لا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ أَي لا
ينفع ذا الغنى عنك غناه، إِنما ينفعه الإِيمان والعمل الصالح بطاعتك؛ قال:
وهكذا قوله: يوم لا ينفع مال ولا بنون إِلاَّ من أَتى الله بقلب سليم؛
وكقوله تعالى: وما أَموالكم ولا أَولادكم بالتي تقرِّبكم عندنا زلفى؛ قال
عبد الله محمد بن المكرم: تفسير أَبي عبيد هذا الدعاء بقوله أَي لا ينفع
ذا الغنى عنك غناه فيه جراءة في اللفظ وتسمح في العبارة، وكان في قوله أَي
لا ينفع ذا الغنى غناه كفاية في الشرح وغنية عن قوله عنك، أَو كان يقول
كما قال غيره أَي لا ينفع ذا الغنى منك غناه؛ وأَما قوله: ذا الغنى عنك
فإِن فيه تجاسراً في النطق وما أَظن أَن أَحداً في الوجود يتخيل أَن له
غنى عن الله تبارك وتعالى قط، بل أَعتقد أَن فرعون والنمروذ وغيرهما ممن
ادعى الإِلهية إِنما هو يتظاهر بذلك، وهو يتحقق في باطنه فقره واحتياجه
إِلى خالقه الذي خلقه ودبره في حال صغر سنه وطفوليته، وحمله في بطن أُمه قبل
أَن يدرك غناه أَو فقره، ولا سيما إِذا احتاج إِلى طعام أَو شراب أَو
اضطرّ إِلى اخراجهما، أَو تأَلم لأَيسر شيء يصيبه من موتِ محبوب له، بل من
موت عضو من أَعضائه، بل من عدم نوم أَو غلبة نعاس أَو غصة ريق أَو عضة
بق، مما يطرأُ أَضعاف ذلك على المخلوقين، فتبارك الله رب العالمين؛ قال
أَبو عبيد: وقد زعم بعض الناس أَنما هو ولا ينفع ذا الجِدِّ منك الجِدّ،
والجدّ إِنما هو الاجتهاد في العمل؛ قال: وهذا التأْويل خلاف ما دعا إِليه
المؤمنين ووصفهم به لأَنه قال في كتابه العزيز: يا أَيها الرسل كلوا من
الطيبات واعملوا صالحاً؛ فقد أَمرهم بالجدّ والعمل الصالح وحمدهم عليه،
فكيف يحمدهم عليه وهو لا ينفعهم؟ وفلان صاعدُ الجَدِّ: معناه البخت والحظ في
الدنيا.
ورجل جُدّ، بضم الجيم، أَي مجدود عظيم الجَدّ؛ قال سيبويه: والجمع
جُدّون ولا يُكَسَّرُ وكذلك جُدٌّ وجُدِّيّ ومَجْدُودٌ وجَديدٌ. وقد جَدَّ وهو
أَجَدُّ منك أَي أَحظ؛ قال ابن سيده: فإِن كان هذا من مجدود فهو غريب
لأَن التعجب في معتاد الأَمر إِنما هو من الفاعل لا من المفعول، وإِن كان
من جديد وهو حينئذ في معنى مفعول فكذلك أَيضاً، وأَما إِن كان من جديد في
معنى فاعل فهذا هو الذي يليق بالتعجب، أَعني أَن التعجب إِنما هو من
الفاعل في الغالب كما قلنا. أَبو زيد: رجل جديد إِذا كان ذا حظ من الرزق،
ورجل مَجدودٌ مثله.
ابن بُزُرْج: يقال هم يَجِدُّونَ بهم ويُحْظَوْن بهم أَي يصيرون ذا حظ
وغنى. وتقول: جَدِدْتَ يا فلان أَي صرت ذا جدّ، فأَنت جَديد حظيظ ومجدود
محظوظ.
وجَدَّ: حَظَّ. وجَدِّي: حَظِّي؛ عن ابن السكيت. وجَدِدْتُ بالأَمر
جَدًّا: حظيتُ به، خيراً كان أَو شرّاً. والجَدُّ: العَظَمَةُ. وفي التنزيل
العزيز: وإِنه تعالى جَدُّ ربنا؛ قيل: جَدُّه عظمته، وقيل: غناه، وقال
مجاهد: جَدُّ ربنا جلالُ ربنا، وقال بعضهم: عظمة ربنا؛ وهما قريبان من
السواء. قال ابن عباس: لو علمت الجن أَن في الإِنس جَدًّا ما قالت: تعالى
جَدُّ ربنا؛ معناه: أَن الجن لو علمت أَن أَبا الأَب في الإِنس يدعى جَدًّا،
ما قالت الذي اخبر الله عنه في هذه السورة عنها؛ وفي حديث الدعاء: تبارك
اسمك وتعالى جَدُّك أَي علا جلالك وعظمتك. والجَدُّ: الحظ والسعادة
والغنى: وفي حديث أَنس: أَنه كان الرجل منا إِذا حفظ البقرة وآل عمران جَدَّ
فينا أَي عظم في أَعيننا وجلَّ قدره فينا وصار ذا جَدّ، وخص بعضهم بالجَدّ
عظمة الله عزّ وجلّ، وقول أَنس هذا يردّ ذلك لأَنه قد أَوقعه على الرجل.
والعرب تقول: سُعِيَ بِجَدِّ فلانٍ وعُدِيَ بجدّه وأُحْضِرَ بِجدِّه
وأُدْرِكَ بِجَدِّه إِذا كان جَدُّه جَيِّداً. وجَدَّ فلان في عيني يَجِدُّ
جَدًّا، بالفتح: عظم.
وجِدَّةُ النهر وجُدَّتُه: ما قرب منه من الأَرض، وقيل: جِدَّتُه
وجُدَّتُه وجُدُّه وجَدُّه ضَفَّته وشاطئه؛ الأَخيرتان عن ابن الأَعرابي.
الأَصمعي: كنا عند جُدَّةِ النهر، بالهاء، وأَصله نبطيٌّ أَعجمي كُدٌّ
فأُعربت؛ وقال أَبو عمرو: كنا عند أَمير فقال جَبَلَةُ بن مَخْرَمَةَ: كنا عند
جُدِّ النهر، فقلت: جُدَّةُ النهر، فما زلت أَعرفهما فيه. والجُدُّ
والجُدَّةُ: ساحل البحر بمكة.
وجُدَّةُ: اسم موضع قريب من مكة مشتق منه.
وفي حديث ابن سيرين: كان يختار الصلاة على الجُدَّ إِن قدر عليه؛
الجُدُّ، بالضم: شاطئ النهر والجُدَّة أَيضاً وبه سمِّيت المدينة التي عند مكة
جُدَّةَ. وجُدَّةُ كل شيء: طريقته. وجُدَّتُه: علامته؛ عن ثعلب.
والجُدَّةُ: الطريقة في السماء والجبل، وقيل: الجُدَّة الطريقة، والجمع جُدَدٌ؛
وقوله عز وجل: جُدَدٌ بيض وحمر؛ أَي طرائق تخالف لون الجبل؛ ومنه قولهم:
ركب فلان جُدَّةً من الأَمر إِذا رأَى فيه رأْياً. قال الفراء: الجُدَدُ
الخِطَطُ والطُّرُق، تكون في الجبال خِطَطٌ بيض وسود وحمر كالطُّرُق،
واحدها جُدَّةٌ؛ وأَنشد قول امرئ القيس:
كأَن سَراتَهُ وجُدَّةَ مَتْنِه
كنائِنُ يَجْرِي، فَوقَهُنَّ، دَلِيصُ
قال: والجُدَّة الخُطَّةُ السوداء في متن الحمار. وفي الصحاح: الجدة
الخطة التي في ظهر الحمار تخالف لونه. قال الزجاج: كل طريقة جُدَّةٌ
وجادَّة. قال الأَزهري: وجادَّةُ الطريق سميت جادَّةً لأَنها خُطَّة مستقيمة
مَلْحُوبَة، وجمعها الجَوادُّ. الليث: الجادُّ يخفف ويثقل، أَمَّا التخفيف
فاشتقاقه من الجوادِ إِذا أَخرجه على فِعْلِه، والمشدَّد مخرجه من الطريق
الجديد الواضح؛ قال أَبو منصور: قد غلط الليث في الوجهين معاً. أَما
التخفيف فما علمت أَحداً من أَئمة اللغة أَجازه ولا يجوز أَن يكون فعله من
الجواد بمعنى السخي، وأَما قوله إِذا شدِّد فهو من الأَرض الجَدَدِ، فهو
غير صحيح، إِنما سميت المَحَجَّة المسلوكة جادَّة لأَنها ذات جُدَّةٍ
وجُدودٍ، وهي طُرُقاتُها وشُرُكُها المُخَطَّطَة في الأَرض، وكذلك قال
الأَصمعي؛ وقال في قول الراعي:
فأَصْبَحَتِ الصُّهْبُ العِتاقُ، وقد بَدا
لهنَّ المَنارُ، والجوادُ اللَّوائحُ
قال: أَخطأَ الراعي حين خفف الجوادَ، وهي جمع الجادَّةِ من الطرق التي
بها جُدَدٌ. والجُدَّة أَيضاً: شاطئ النهر إِذا حذفوا الهاء كسروا الجيم
فقالوا جِدٌّ، ومنه الجُدَّةُ ساحل البحر بحذاء مكة.
وجُدُّ كل شيء: جانبه. والجَدُّ والجِدُّ والجَديدُ والجَدَدُ: كله وجه
الأَرض؛ وفي الحديث: ما على جديد الأَرض أَي ما على وجهها؛ وقيل:
الجَدَدُ الأَرض الغليظة، وقيل: الأَرض الصُّلْبة، وقيل: المستوية. وفي المثل:
من سَلَكَ الجَدَدَ أَمِنَ العثارَ؛ يريد من سلك طريق الإِجماع فكنى عنه
بالجَدَدِ. وأَجدَّ الطريقُ إِذا صار جَدَداً. وجديدُ الأَرض: وجهها؛ قال
الشاعر:
حتى إِذا ما خَرَّ لم يُوَسَّدِ،
إِلاَّ جَديدَ الأَرضِ، أَو ظَهْرَ اليَدِ
الأَصمعي: الجَدْجَدُ الأَرض الغليظة.
وقال ابن شميل: الجَدَدُ ما استوى من الأَرض وأَصْحَرَ؛ قال: والصحراء
جَدَدٌ والفضاء جَدَدٌ لا وعث فيه ولا جبل ولا أَكمة، ويكون واسعاً وقليل
السعة، وهي أَجْدادُ الأَرض؛ وفي حديث ابن عمر: كان لا يبالي أَن يصلي في
المكان الجَدَدِ أَي المستوي من الأَرض؛ وفي حديث أَسْرِ عُقبة بن أَبي
معيط: فَوَحِلَ به فرسُه في جَدَدٍ من الأَرض.
ويقال: ركب فلان جُدَّةً من الأَمر أَي طريقة ورأْياً رآه.
والجَدْجَدُ: الأرض الملساء. والجدجد: الأَرض الغليظة. والجَدْجَدُ:
الأَرض الصُّلبة، بالفتح، وفي الصحاح: الأَرض الصلبة المستوية؛ وأَنشد لابن
أَحمر الباهلي:
يَجْنِي بأَوْظِفَةٍ شِدادٍ أَسْرُها،
صُمِّ السَّنابك، لا تَقِي بالجَدْجَدِ
وأَورد الجوهري عجزه صُمُّ السنابك، بالضم؛ قال ابن بري: وصواب إِنشاده
صمِّ، بالكسر. والوظائف: مستدق الذراع والساق. وأَسرها: شدة خلقها.
وقوله: لا تقي بالجدجد أَي لا تتوقاه ولا تَهَيَّبُه. وقال أَبو عمرو:
الجَدْجَدُ الفَيْفُ الأَملس؛ وأَنشد:
كَفَيْضِ الأَتِيِّ على الجَدْجَدِ
والجَدَدُ من الرمل: ما استرق منه وانحدر. وأَجَدَّ القومُ: علوا جَديدَ
الأَرض أَو ركبوا جَدَدَ الرمل؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
أَجْدَدْنَ واسْتَوَى بهن السَّهْبُ،
وعارَضَتْهُنَّ جَنُوبٌ نَعْبُ
النعب: السريعة المَرِّ؛ عن ابن الأَعرابي.
والجادَّة: معظم الطريق، والجمع جَوادُّ، وفي حديث عبدالله بن سلام:
وإِذا جَوادُّ منهج عن يميني، الجَوادُّ: الطُّرُقُ، واحدها جادَّة وهي سواء
الطريق، وقيل: معظمه، وقيل: وسطه، وقيل: هي الطريق الأَعظم الذي يجمع
الطُّرُقَ ولا بد من المرور عليه. ويقال للأَرض المستوية التي ليس فيها رمل
ولا اختلاف: جَدَدٌ. قال الأَزهري: والعرب تقول هذا طريق جَدَد إِذا كان
مستوياً لا حَدَب فيه ولا وُعُوثة.
وهذا الطريق أَجَدّ الطريقين أَي أَوْطؤهما وأَشدهما استواء وأَقلهما
عُدَاوءَ.
وأَجَدَّتْ لك الأَرض إِذا انقطع عنك الخَبارُ ووضَحَتْ.
وجادَّة الطريق: مسلكه وما وضح منه؛ وقال أَبو حنيفة: الجادَّة الطريق
إِلى الماء، والجَدُّ، بلا هاء: البئر الجَيِّدَةُ الموضع من الكلإِ،
مذكر؛ وقيل: هي البئر المغزرة؛ وقيل: الجَدُّ القليلة الماء.
والجُدُّ، بالضم: البئر التي تكون في موضع كثير الكلإِ؛ قال الأَعشى
يفضل عامراً على علقمة:
ما جُعِلَ الجَدُّ الظَّنونُ، الذي
جُنِّبَ صَوْبَ اللَّجِبِ الماطِرِ
مِثْلَ الفُرَاتِيِّ إِذا ما طَمَى،
يَقْذِفُ بالبُوصِيِّ والماهِرِ
وجُدَّةُ: بلد على الساحل. والجُدُّ: الماء القليل؛ وقيل: هو الماء يكون
في طرف الفلاة؛ وقال ثعلب: هو الماء القديم؛ وبه فسر قول أَبي محمد
الحذلمي:
تَرْعَى إِلى جُدٍّ لها مَكِينِ
والجمع من ذلك كله أَجْدادٌ.
قال أَبو عبيد: وجاء في الحديث فأَتَيْنا على جُدْجُدٍ مُتَدَمِّنٍ؛
قيل: الجُدجُد، بالضم: البئر الكثيرة الماء. قال أَبو عبيد: الجُدْجُد لا
يُعرف إِنما المعروف الجُدُّ وهي البئر الجَيِّدَةُ الموضع من الكلإِ.
اليزيدي: الجُدْجُدُ الكثيرة الماء؛ قال أَبو منصور: وهذا مثل الكُمْكُمَة
للكُمّ والرَّفْرَف للرَّف.
ومفازة جدّاءُ: يابسة، قال:
وجَدَّاءَ لا يُرْجى بها ذو قرابة
لِعَطْفٍ، ولا يَخْشَى السُّماةَ رَبيبُها
السُّماةُ: الصيادون. وربيبها: وحشها أَي أَنه لا وحش بها فيخشى القانص،
وقد يجوز أَن يكون بها وحش لا يخاف القانص لبعدها وإِخافتها، والتفسيران
للفارسي. وسَنَةٌ جَدَّاءُ: مَحْلَةٌ، وعامٌ أَجَدُّ. وشاةٌ جَدَّاءُ:
قليلةُ اللبن يابسة الضَّرْعِ، وكذلك الناقة والأَتان؛ وقيل: الجدَّاءُ من
كل حَلوبةٍ الذاهبةُ اللبنِ عن عَيبٍ، والجَدودَةُ: القليلةُ اللبنِ من
غير عيب، والجمع جَدائدُ وجِدادٌ. ابن السكيت: الجَدودُ النعجة التي قلَّ
لبنُها من غير بأْس، ويقال للعنز مَصُورٌ ولا يقال جَدودٌ. أَبو زيد:
يُجْمَع الجَدودُ من الأُتُنِ جِداداً؛ قال الشماخ:
من الحَقْبِ لاخَتْه الجِدادُ الغَوارزُ
وفلاةٌ جَدَّاءُ: لا ماءَ بها. الأَصمعي: جُدَّتْ أَخلاف الناقة إِذا
أَصابها شيء يقطع أَخلافَها. وناقةٌ جَدودٌ، وهي التي انقطع لبنُها. قال:
والمجَدَّدة المصَرَّمة الأَطْباءِ، وأَصل الجَدِّ القطعُ. شَمِر:
الجدَّاءُ الشاةُ التي انقطعت أَخلافها، وقال خالد: هي المقطوعة الضَّرْعِ،
وقيل: هي اليابسة الأَخلافِ إِذا كان الصِّرار قد أَضرَّ بها؛ وفي حديث
الأَضاحي: لا يضحى بِجَدَّاءَ؛ الجَدَّاءُ: لا لَبَن لها من كلِّ حَلوبةٍ
لآفةٍ أَيْبَسَتْ ضَرْعَها. وتَجَدّد الضَّرْع: ذهب لبنه. أَبو الهيثم:
ثَدْيٌ أَجَدُّ إِذا يبس، وجدّ الثديُ والضرعُ وهو يَجَدُّ جَدَداً. وناقة
جَدَّاءُ: يابسة الضَّرع ومن أَمثالهم:...
(* هنا بياض في نسخة المؤلف ولعله لم يعثر على صحة المثل ولم نعثر عليه
فيما بأيدينا من النسخ) ولا تر... التي جُدَّ ثَدْياها أَي يبسا.
الجوهري: جُدَّتْ أَخلاف الناقة إِذا أَضرَّ بها الصِّرار وقطعها فهي ناقة
مُجَدَّدَةُ الأَخلاف. وتَجَدَّدَ الضرع: ذهب لبنُه. وامرأَةٌ جَدَّاءُ:
صغيرةُ الثدي. وفي حديث علي في صفة امرأَة قال: إِنها جَدَّاءُ أَي قصيرة
الثديين. وجَدَّ الشيءَ يَجُدُّهُ جدّاً: قطعه. والجَدَّاءُ من الغنم
والإِبل: المقطوعة الأُذُن. وفي التهذيب: والجدَّاء الشاةُ المقطوعة الأُذُن.
وجَدَدْتُ الشيءَ أَجُدُّه، بالضم، جَدّاً: قَطَعْتُه. وحبلٌ جديدٌ: مقطوع؛
قال:
أَبَى حُبِّي سُلَيْمَى أَن يَبيدا،
وأَمْسى حَبْلُها خَلَقاً جديدا
أَي مقطوعاً؛ ومنه: مِلْحَفَةٌ جديدٌ، بلا هاءٍ، لأَنها بمعنى مفعولة.
ابن سيده: يقال مِلحفة جديد وجديدة حين جَدَّها الحائكُ أَي قطعها. وثوبٌ
جديد، وهو في معنى مجدودٍ، يُرادُ به حين جَدَّهُ الحائك أَي قطعه.
والجِدَّةُ: نَقِيض البِلى؛ يقال: شيءٌ جديد، والجمع أَجِدَّةٌ وجُدُدٌ
وجُدَدٌ؛ وحكى اللحياني: أَصبَحَت ثيابُهم خُلْقاناً وخَلَقُهم جُدُداً؛
أَراد وخُلْقانُهم جُدُداً فوضَع الواحدَ موضعَ الجمع، وقد يجوز أَراد:
وخَلَقُهم جديداً فوضَع الجمع موضع الواحدِ، وكذلك الأُنثى. وقد قالوا:
مِلْحفَةٌ جديدةٌ، قال سيبويه: وهي قليلة. وقال أَبو عليّ وغيرهُ: جَدَّ
الثوبُ والشيءُ يجِدُّ، بالكسر، صار جديداً، وهو نقيض الخَلَقِ وعليه
وُجِّهَ قولُ سيبويه: مِلْحَفة جديدة، لا على ما ذكرنا من المفعول.
وأَجَدَّ ثَوْباً واسْتَجَدَّه: لَبِسَه جديداً؛ قال:
وخَرْقِ مَهارِقَ ذي لُهْلُهٍ،
أَجَدَّ الأُوامَ به مَظْؤُهُ
(* قوله «مظؤه» هكذا في نسخة الأصل ولم نجد هذه المادة في كتب اللغة
التي بأيدينا ولعلها محرفة وأصلها مظه يعني أن من تعاطى عسل المظ الذي في
هذا الموضع اشتد به العطش).
هو من ذلك أَي جَدَّد، وأَصل ذلك كله القطع؛ فأَما ما جاءَ منه في غير
ما يقبل القطع فعلى المثل بذلك كقولهم: جَدَّد الوضوءَ والعهدَ. وكساءٌ
مُجَدَّدٌ: فيه خطوط مختلفة. ويقال: كَبِرَ فلانٌ ثم أَصاب فرْحَةً وسروراً
فجدَّ جَدُّه كأَنه صار جديداً.
قال: والعرب تقول مُلاَءةٌ جديدٌ، بغير هاءٍ، لأَنها بمعنى مجدودةٍ أَي
مقطوعة. وثوب جديد: جُدَّ حديثاً أَي قطع. ويقال للرجل إِذا لبس ثوباً
جديداً: أَبْلِ وأَجِدَّ واحْمَدِ الكاسِيَ. ويقال: بَلي بيتُ فلانٍ ثم
أَجَدَّ بيتاً، زاد في الصحاح: من شعر؛ وقال لبيد:
تَحَمَّلَ أَهْلُها، وأَجَدَّ فيها
نِعاجُ الصَّيْفِ أَخْبِيَةَ الظِّلالِ
والجِدَّةُ: مصدر الجَدِيدِ. وأَجَدَّ ثوباً واسْتَجَدَّه. وثيابٌ
جُدُدٌ: مثل سَريرٍ وسُرُرٍ. وتجدَّد الشيءُ: صار جديداً. وأَجَدَّه وجَدَّده
واسْتَجَدَّه أَي صَيَّرَهُ جديداً. وفي حديث أَبي سفيان: جُدَّ ثَدْيا
أُمِّك أَي قطعا من الجَدِّ القطعِ، وهو دُعاءٌ عليه. الأَصمعي: يقال
جُدَّ ثديُ أُمِّهِ، وذلك إِذا دُعِيَ عليه بالقطيعة؛ وقال الهذلي:
رُوَيْدَ عَلِيّاً جُدَّ ما ثَدْيُ أُمِّهِ
إِلينا، ولكن وُدُّهُمْ مُتنابِرُ
قال الأَزهري: وتفسير البيت أَن عليّاً قبيلة من كنانة، كأَنه قال
رُوَيْدَكَ عَلِيّاً أَي أَرْوِدْ بِهِمْ وارفق بهم، ثم قال جُدَّ ثديُ
أُمِّهِمْ إِلينا أَي بيننا وبينهم خُؤُولةُ رَحِمٍ وقرابةٌ من قِبَلِ
أُمِّهِم، وهم منقطعون إِلينا بها، وإِن كان في وِدِّهِمْ لنا مَيْنٌ أَي كَذِبٌ
ومَلَق. والأَصمعي: يقال للناقة إِنها لَمِجَدَّةٌ بالرَّحْلِ إِذا كانت
جادَّة في السير.
قال الأَزهري: لا أَدري أَقال مِجَدَّة أَو مُجِدَّة؛ فمن قال مِجَدَّة،
فهي من جَدَّ يَجِدُّ، ومن قال مُجِدَّة، فهي من أَجَدَّت.
والأَجَدَّانِ والجديدانِ: الليلُ والنهارُ، وذلك لأَنهما لا يَبْلَيانِ
أَبداً؛ ويقال: لا أَفْعَلُ ذلك ما اختلف الأَجَدَّانِ والجديدانِ أَي
الليلُ والنهارُ؛ فأَما قول الهذلي:
وقالت: لن تَرى أَبداً تَلِيداً
بعينك، آخِرَ الدَّهْرِ الجَديدِ
فإِن ابن جني قال: إِذا كان الدهر أَبداً جديداً فلا آخر له، ولكنه جاءَ
على أَنه لو كان له آخر لما رأَيته فيه.
والجَديدُ: ما لا عهد لك به، ولذلك وُصِف الموت بالجَديد، هُذَلِيَّةٌ؛
قال أَبو ذؤيب:
فقلتُ لِــقَلْبي: يا لَكَ الخَيْرُ إِنما
يُدَلِّيكَ، للْمَوْتِ الجَديدِ، حَبابُها
وقال الأَخفش والمغافص الباهلي: جديدُ الموت أَوَّلُه. وجَدَّ النخلَ
يَجُدُّه جَدّاً وجِداداً وجَداداً؛ عن اللحياني: صَرَمَهُ. وأَجَدَّ
النخلُ: حان له أَن يُجَدَّ.
والجَدادُ والجِدادُ: أَوانُ الصِّرامِ. والجَدُّ: مصدرُ جَدَّ التمرَ
يَجُدُّه؛ وفي الحديث: نهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن جَدادِ الليلِ؛
الجَدادُ: صِرامُ النخل، وهو قطع ثمرها؛ قال أَبو عبيد: نهى أَن تُجَدَّ
النخلُ ليلاً ونَهْيُه عن ذلك لمكان المساكين لأَنهم يحضرونه في النهار
فيتصدق عليهم منه لقوله عز وجل: وآتوا حقه يوم حصاده؛ وإِذا فعل ذلك ليلاً
فإِنما هو فارّ من الصدقة؛ وقال الكسائي: هو الجَداد والجِداد والحَصادُ
والحِصادُ والقَطافُ والقِطافُ والصَّرامُ والصِّرام، فكأَنَّ الفَعال
والفِعالَ مُطَّرِدانِ في كل ما كان فيه معنى وقت الفِعْلِ، مُشبَّهانِ في
معاقبتهما بالأَوانِ والإِوانِ، والمصدر من ذلك كله على الفعل، مثل
الجَدِّ والصَّرْمِ والقَطْفِ.
وفي حديث أَبي بكر أَنه قال لابنته عائشة، رضي الله تعالى عنهما: إِني
كنت نَحَلْتُكَ جادَّ عشرين وَسْقاً من النخل وتَوَدِّين أَنكِ خَزَنْتِهِ
فأَما اليوم فهو مال الوارث؛ وتأْويله أَنه كان نَحَلَها في صحته نخلاً
كان يَجُدُّ منها كلَّ سنة عشرين وَسْقاً، ولم يكن أَقْبَضها ما نَحَلَها
بلسانه، فلما مرض رأَى النحل وهو غيرُ مقبوض غيرَ جائز لها، فأَعْلَمَها
أَنه لم يصح لها وأَن سائر الورثة شركاؤها فيها. الأَصمعي: يقال لفلان
أَرض جادٌ مائة وَسْقٍ أَي تُخْرجُ مائةَ وَسْقٍ إِذا زرعت، وهو كلام
عربي. وفي الحديث: أَنه أَوصى بِجادٍّ مائة وَسْقٍ للأَشعريين وبِجادِّ مائةِ
وَسْقٍ للشَّيْبِيِّين؛ الجادُّ: بمعنى المجدود أَي نخلاً يُجَدُّ منه
ما يبلغ مائةَ وَسْقٍ. وفي الحديث: من ربط فرساً فله جادٌّ مائةٍ وخمسين
وسقاً؛ قال ابن الأَثير: كان هذا في أَوّل الإِسلام لعزة الخيل وقلتها
عندهم.
وقال اللحياني: جُدادَةُ النخل وغيره ما يُسْتأْصَل. وما عليه جِدَّةٌ
أَي خِرْقَةٌ. والجِدَّةُ: قِلادةٌ في عنق الكلب، حكاه ثعلب؛ وأَنشد:
لو كنت كَلْبَ قَبِيصٍ كنتَ ذا جِدَدٍ،
تكون أُرْبَتُهُ في آخر المَرَسِ
وجَديدَتا السرج والرَّحْلِ: اللِّبْدُ الذي يَلْزَقُ بهما من الباطن.
الجوهري: جَديدَةُ السَّرْج ما تحت الدَّفَّتين من الرِّفادة واللِّبْد
المُلْزَق، وهما جديدتان؛ قال: هذا مولَّد والعرب تقول جَدْيَةُ
السَّرْجِ.وفي الحديث: لا يأْخذنَّ أَحدكم متاع أَخيه لاعباً جادّاً أَي لا
يأْخذْه على سبيل الهزل يريد لا يحبسه فيصير ذلك الهزلُ جِدّاً. والجِدُّ:
نقيضُ الهزلِ. جَدَّ في الأَمر يَجِدُّ ويَجُدُّ، بالكسر والضم، جِدّاً
وأَجَدَّ: حقق. وعذابٌ جِدٌّ: محقق مبالغ فيه. وفي القنوت: ونَخْشى عذابَكَ
الجِدَّ. وجَدَّ في أَمره يَجِدُّ ويَجُدُّ جَدّاً وأَجَدَّ: حقق.
والمُجادَّة: المُحاقَّةُ. وجادَّهُ في الأَمر أَي حاقَّهُ. وفلانٌ محسِنٌ
جِدّاً، وهو على جِدِّ أَمر أَي عَجَلَةِ أَمر. والجِدُّ: الاجتهادُ في
الأُمور. وفي الحديث: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إِذا جَدَّ في السَّير
جَمع بين الصَّلاتينِ أَي اهتمّ به وأَسرع فيه. وجَدَّ به الأَمرُ
وأَجَدَّ إِذا اجتهد. وفي حديث أُحُدٍ: لئن أَشهَدَني الله مع النبي، صلى الله
عليه وسلم، قتلَ المشركين ليَرَيَنَّ اللَّهُ ما أَجِدُّ أَي ما
أَجتهِدُ. الأَصمعي: يقال أَجَدَّ الرجل في أَمره يُجِدُّ إِذا بلغ فيه جِدَّه،
وجَدَّ لغةٌ؛ ومنه يقال: فلان جادٌّ مُجِدٌّ أَي مجتهد. وقال: أَجَدَّ
بها أَمراً أَي أَجَدَّ أَمرَه بها، نصبٌ على التمييز كقولك: قررْتُ به
عيناً أَي قرَّت عيني به؛ وقولهم: في هذا خطرٌ جِدُّ عظيمٍ أَي عظيمٌ
جِدّاً. وجَدَّ به الأَمرُ: اشتد؛ قال أَبو سهم:
أَخالِدُ لا يَرضى عن العبدِ ربُّه،
إِذا جَدَّ بالشيخ العُقوقُ المُصَمِّمُ
الأَصمعي: أَجَدَّ فلان أَمره بذلك أَي أَحكَمَه؛ وأَنشد:
أَجَدَّ بها أَمراً، وأَيقَنَ أَنه،
لها أَو لأُخْرى، كالطَّحينِ تُرابُها
قال أَبو نصر: حكي لي عنه أَنه قال أَجَدَّ بها أَمراً، معناه أَجَدَّ
أَمرَه؛ قال: والأَوّل سماعي، منه. ويقال: جدَّ فلانٌ في أَمرِه إِذا كان
ذا حقيقةٍ ومَضاءٍ. وأَجَدَّ فلانٌ السيرَ إِذا انكمش فيه. أَبو عمرو:
أَجِدَّكَ وأَجَدَّكَ معناهما ما لَكَ أَجِدّاً منك، ونصبهما على المصدر؛
قال الجوهري: معناهما واحد ولا يُتكلم به إِلا مضافاً. الأَصمعي:
أَجِدَّكَ معناه أَبِجِدّ هذا منك، ونصبُهما بطرح الباءِ؛ الليث: من قال
أَجِدَّكَ، بكسر الجيم، فإِنه يستحلفه بِجِدِّه وحقيقته، وإِذا فتح الجيم،
استحلفه بجَدِّه وهو بخته. قال ثعلب: ما أَتاك في الشعر من قولك أَجِدَّك، فهو
بالكسر، فإِذا أَتاك بالواو وجَدِّك، فهو مفتوح؛ وفي حديث قس:
أَجِدَّكُما لا تَقْضيانِ كَراكُما
أَي أَبِجِدِّ منكما، وهو نصب على المصدر. وأَجِدَّك لا تفعل كذا،
وأَجَدَّك، إِذا كسر الجيم استحلفه بِجِدِّه وبحقيقته، وإِذا فتحها استحلفه
بِجَدِّه وببخته؛ قال سيبويه: أَجِدَّكَ مصدر كأَنه قال أَجِدّاً منك،
ولكنه لا يستعمل إِلا مضافاً؛ قال: وقالوا هذا عربيٌّ جدًّا، نصبُه على
المصدر لأَنه ليس من اسم ما قبله ولا هو هو؛ قال: وقالوا هذا العالمُ جِدُّ
العالِمِ، وهذا عالِمٌ جِدُّ عالِمٍ، يريد بذلك التناهي وأَنه قد بلغ
الغاية فيما يصفه به من الخلال.
وصَرَّحْت بِجِدٍّ وجِدَّانَ وجِدَّاءَ وبِجِلْدانَ وجِلْداءَ؛ يضرب هذا
مثلاً للأَمر إِذا بان وصَرُحَ؛ وقال اللحياني: صرّحت بِجِدَّانَ
وجِدَّى أَي بِجِدٍّ. الأَزهري: ويقال صرّحت بِجِدَّاءَ غيرَ منصرف وبِجِدٍّ
منصرف وبِجِدَّ غير مصروف، وبِجِدَّانَ وبِجَذَّان وبِقِدَّان وبِقَذَّانَ
وبقِرْدَحْمَة وبقِذَحْمَة، وأَخرج اللبن رغوته، كل هذا في الشيء إِذا
وضَح بعد التباسه. ويقال: جِدَّانَ وجِلْدانَ صحراءَ، يعني برز الأَمر إِلى
الصحراء بعدما كان مكتوماً.
والجُدَّادُ: صغار الشجر، حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد للطرِمَّاح:
تَجْتَني ثامِرَ جُدَّادِه،
من فُرادَى بَرَمٍ أَو تُؤامْ
والجُدَّادُ: صِغارُ العضاهِ؛ وقال أَبو حنيفة: صغار الطلح، الواحدة من
كل ذلك جُدَّادةٌ. وجُدَّادُ الطلح: صغارُه. وكلُّ شيء تَعَقَّد بعضُه في
بعضٍ من الخيوط وأَغصانِ الشجر، فهو جُدَّادٌ؛ وأَنشد بيت الطرماح.
والجَدَّادُ: صاحب الحانوت الذي يبيع الخمر ويعالجها، ذكره ابن سيده، وذكره
الأَزهري عن الليث؛ وقال الأَزهري: هذا حاقُّ التصحيف الذي يستحيي من مثله
من ضعفت معرفته، فكيف بمن يدعي المعرفة الثاقبة؟ وصوابه بالحاءِ.
والجُدَّادُ: الخُلقانُ من الثياب، وهو معرّب كُداد بالفارسية. والجُدَّادُ:
الخيوط المعقَّدة يقال لها كُدَّادٌ بالنبطية؛ قال الأَعشى يصف حماراً:
أَضاءَ مِظَلَّتَه بالسرا
جِ، والليلُ غامرُ جُدَّادِها
الأَزهري: كانت في الخيوط أَلوان فغمرها الليل بسواده فصارت على لون
واحد. الأَصمعي: الجُدَّادُ في قول المسيَّب
(* قوله «الأصمعي الجدَّاد في
قول المسيَّب إلخ» كذا في نسخة الأصل وهو مبتدأ بغير خبر وان جعل الخبر
في قول المسيب كان سخيفاً) بن عَلس:
فِعْلَ السريعةِ بادَرتْ جُدَّادَها،
قَبْلَ المَساءِ، يَهُمُّ بالإِسراعِ
السريعة: المرأَة التي تسرع. وجَدودٌ: موضع بعينه، وقيل: هو موضع فيه
ماء يسمى الكُلابَ، وكانت فيه وقعة مرتين، يقال للكُلابِ الأَوّلِ: يَوْمُ
جَدود وهو لِتغْلِب على بكرِ بن وائل؛ قال الشاعر:
أَرى إِبِلِي عافَتْ جَدودَ فلم تَذُقْ
بها قَطْرَةً، إِلاَّ تَحِلَّةَ مُقْسِمِ
وجُدٌّ: موضع، حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فلو أَنها كانت لِقاحِي كثيرةً،
لقد نَهِلتْ من ماءِ جُدٍّ وَعلَّتِ
قال: ويروى من ماء حُدٍّ، هو مذكور في موضعه.
وجَدَّاءُ: موضع؛ قال أَبو جندب الهذلي:
بَغَيْتُهُمُ ما بين جَدَّاءَ والحَشَى،
وأَوْرَدْتُهُمْ ماءَ الأُثَيْلِ وعاصِمَا
والجُدْجُدُ: الذي يَصِرُّ بالليل، وقال العَدَبَّس: هو الصَّدَى.
والجُنْدُبُ: الجُدْجُدُ، والصَّرصَرُ: صَيَّاحُ الليل؛ قال ابن سيده:
والجُدْجُدُ دُوَييَّةٌ على خِلقَةِ الجُنْدُبِ إِلا أَنها سُوَيْداءُ قصيرة،
ومنها ما يضرب إِلى البياض ويسمى صَرْصَراً، وقيل: هو صرَّارُ الليلِ وهو
قَفَّاز وفيه شَبه من الجراد، والجمع الجَداجِدُ؛ وقال ابن الأَعرابي: هي
دُوَيبَّةٌ تعلَقُ الإِهابَ فتأْكلُه؛ وأَنشد:
تَصَيَّدُ شُبَّانَ الرجالِ بِفاحِمٍ
غُدافٍ، وتَصطادينَ عُشّاً وجُدْجُدا
وفي حديث عطاء في الجُدْجُدِ يموت في الوَضوءِ قال: لا
بأْس به؛ قال: هو حيوان كالجراد يُصَوِّتُ بالليل، قيل هو الصَّرْصَرُ.
والجُدجُدُ: بَثرَة تخرُج في أَصل الحَدَقَة. وكلُّ بَثْرَةٍ في جفنِ
العين تُدْعى: الظَّبْظاب. والجُدْجُدُ: الحرُّ؛ قال الطرمَّاح:
حتى إِذا صُهْبُ الجَنادِبِ ودَّعَتْ
نَوْرَ الربيع، ولاحَهُنَّ الجُدْجُدُ
والأَجْدادُ: أَرض لبني مُرَّةَ وأَشجعَ وفزارة؛ قال عروة بن الورد:
فلا وَأَلَتْ تلك النفُوسُ، ولا أَتَتْ
على رَوْضَةِ الأَجْدادِ، وَهْيَ جميعُ
وفي قصة حنين: كإِمرار الحديد على الطست
(* قوله «على الطست» وهي مؤنثة
إلخ كذا في النسخة المنسوبة إلى المؤلف وفيها سقط. قال في المواهب:
وسمعنا صلصلة من السماء كإمرار الحديد على الطست الجديد. قال في النهاية وصف
الطست وهي مؤنثة بالجديد وهو مذكر اما لأن تأنيثها إلخ)، وهي مؤنثة
بالجديد، وهو مذكر إِما لأَن تأْنيثها غير حقيقي فأَوله على الإِناء والظرف،
أَو لاءن فعيلاً يوصف به المؤنث بلا علامة تأْنيث كما يوصف المذكر، نحو
امرأَة قتيل وكفّ خَضيب، وكقوله عز وجل: إن رحمة الله قريب. وفي حديث
الزبير: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له: احبس الماء حتى يبلغ الجَدَّ،
قال: هي ههنا المُسَنَّاةُ وهو ما وقع حول المزرعة كالجدار، وقيل: هو لغة
في الجدار، ويروى الجُدُر، بالضم. جمع جدار، ويروى بالذال وسيأْتي ذكره.
جزأ: الجُزْء والجَزْءُ: البَعْضُ، والجمع أَجْزاء. سيبويه: لم يُكَسَّر الجُزءُ على غير ذلك.
وجَزَأَ الشيءَ جَزْءاً وجَزَّأَه كلاهما: جَعله أَجْزاء، وكذلك
التجْزِئةُ. وجَزَّأَ المالَ بينهم مشدّد لا غير: قَسَّمه. وأَجزأَ منه جُزْءاً: أَخذه.
والجُزْءُ، في كلام العرب: النَّصِيبُ، وجمعه أَجْزاء؛ وفي الحديث: قرأَ جُزْأَه مِن الليل؛ الجُزْءُ: النَّصِيبُ والقِطعةُ من الشيء، وفي الحديث: الرُّؤْيا الصّالِحةُ جُزْءٌ من ستة وأَربعين جُزْءاً من النُّبُوَّة؛ قال ابن الأَثير: وإِنما خَصَّ هذا العدَدَ المذكور لأَن عُمُرَ النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم في أَكثر الروايات الصحيحة كان ثلاثاً وستين سنة، وكانت مدّةُ نُبوَّتِه منها ثلاثاً وعشرين سنة لأَنه بُعث عند استيفاء الأَربعين، وكان في أَوّل الأَمر يَرَى الوحي في المنام، ودامَ كذلك نِصْفَ سنة، ثم رأَى المَلَكَ في اليَقَظة، فإِذا نَسَبْتَ مُدَّةَ الوَحْيِ في النَّوْمِ، وهي نِصْفُ سَنَةٍ، إِلى مُدّة نبوّته، وهي ثلاث وعشرون سنة، كانتْ نِصْفَ جُزْءٍ من ثلاثة وعشرين جُزْءاً، وهو جزءٌ واحد من ستة وأَربعين جزءاً؛ قال: وقد تعاضدت الروايات في أَحاديث الرؤيا بهذا العدد، وجاء، في بعضها، جزءٌ من خمسة وأَربعين جُزْءاً، ووَجْهُ ذلك أَنّ عُمُره لم يكن قد استكمل ثلاثاً وستين سنة، ومات في أَثناء السنة الثالثة والستين، ونِسبةُ نصفِ السنة إِلى اثنتين وعشرين سنة وبعضِ الاخرى، كنسبة جزء من خمسة
وأَربعين؛ وفي بعض الروايات: جزء من أَربعين، ويكون محمولاً على مَن رَوى أَنّ عمره كان ستين سنة، فيكون نسبة نصف سنة إِلى عشرين سنة، كنسبة جزءٍ إِلى أَربعين. ومنه الحديث:الهَدْيُ الصّالِحُ والسَّمْتُ الصّالِحُ جُزْءٌ من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة: أَي إِنّ هذه الخِلالَ من شَمائلِ الأَنْبياء ومن جُملة الخصالِ المعدودة من خصالهم وإِنها جزءٌ معلوم من
أَجزاء أَفعالِهم فاقْتَدوُا بهم فيها وتابِعُوهم، وليس المعنى أنَّ النُّبوّة
تتجزأُ، ولا أَنّ من جمَع هذه الخِلالَ كان فيه جُزءٌ من النبوَّة، فان النبوَّة غير مُكْتَسَبةٍ ولا مُجْتَلَبة بالأَسباب، وإِنما هي كَرامةٌ من اللّه عز وجل؛ ويجوز أَن يكون أَراد بالنبوّة ههنا ما جاءتْ به النبوّة ودَعَت اليه من الخَيْرات أَي إِن هذه الخِلاَلَ جزءٌ من خمسة وعشرين جزءاً مـما جاءت به النبوّة ودَعا اليه الأَنْبياء.
وفي الحديث: أَن رجلاً أَعْتَقَ ستة مَمْلُوكين عند موته لم يكن له مالٌ غيرهُم، فدعاهم رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فَجَزَّأَهم أَثلاثاً ثم أَقْرَعَ بينهم، فأَعْتَق اثنين وأَرقَّ أَربعة: أَي فَرَّقهم أَجزاء
ثلاثة، وأَراد بالتَّجزئةِ أَنه قَسَّمهم على عِبْرة القيمة دون عَدَد
الرُّؤُوس إِلا أَنَّ قيمتهم تساوت فيهم، فخرج عددُ الرُّؤُوس مساوياً للقِيَم. وعَبيدُ أَهلِ الحِجاز إِنما هُم الزُّنوجُ والحَبَشُ غالباً
والقِيَمُ فيهم مُتساوِية أَو مُتقارِبة، ولأَن الغرَض أَن تَنْفُذ وصِيَّته في ثُلُث ماله، والثلُثُ انما يُعتبر بالقِيمة لا بالعَدَد. وقال بظاهر
الحديث مالك والشافعي وأَحمد، وقال أَبو حنيفة رحمهم اللّه: يُعْتَقُ ثُلُثُ كلّ واحد منهم ويُسْتَسْعَى في ثلثيه.
التهذيب: يقال: جَزَأْتُ المالَ بينهم وجَزَّأْتُه: أَي قسَّمْته.
<ص:46>
والـمَجْزُوءُ مِن الشِّعر: ما حُذِف منه جُزْآن أَو كان على جُزْأَينِ
فقط، فالأُولى على السَّلبِ والثانيةُ على الوُجُوب. وجَزَأَ الشِّعْرَ
جَزْءاً وجَزَّأَه فيهما: حذَف منه جُزْأَينِ أَو بَقَّاه على جُزْأَين.
التهذيب: والـمَجْزُوء مِن الشِّعر: إِذا ذهب فعل كل واحد من فَواصِله، كقوله:
يَظُنُّ الناسُ، بالمَلِكَيْـ * ـنِ، أَنَّهما قدِ التأَما
فانْ تَسْمَعْ بلأْمِهِما، * فإِنَّ الأَمْر قد فَقَما
ومنه قوله:
أَصْبَحَ قَلْبي صَرِدا * لايَشْتَهي أَنْ يَرِدا
ذهب منه الجُزء الثالث من عَجُزه. والجَزْءُ: الاستِغناء بالشيء عن الشيء، وكأَنـَّه الاستغناء بالأَقَلّ عن الأَكثر، فهو راجع إِلى معنى الجُزْء. ابن الاعرابي: يُجْزِئُ قليل من كثير ويُجْزِئُ هذا من هذا: أَي كلُّ واحد منهما يَقومُ مقَام صاحِبه، وجَزَأَ بالشيء وتَجَزَّأَ: قَنِعَ واكْتَفَى به، وأَجْزأَهُ الشيءُ: كفَاه، وأَنشد:
لقد آلَيْتُ أَغْدِرُ في جَداعِ، * وإِنْ مُنِّيتُ أُمّاتِ الرِّباعِ
بأَنَّ الغَدْرَ، في الأَقْوام، عارٌ، * وأَنَّ الـمَرْءَ يَجْزَأُ بالكُراعِ
أَي يَكْتَفِي به. ومنه قولُ الناس: اجْتَزَأْتُ بكذا وكذا،
وتَجَزَّأْتُ به: بمعنَى اكْتَفَيْت، وأَجْزَأْتُ بهذا المعنى. وفي الحديث: ليس شيء يُجْزِئُ من الطَّعامِ والشَّرابِ إِلا اللبَنَ، أَي ليس يكفي.
وجَزِئَتِ الإِبلُ: إِذا اكتفت بالرُّطْبِ عن الماء. وجزَأَتْ تَجْزأُ
جَزْءاً وجُزْءاً بالضم وجُزُوءاً أَي اكْتَفَت، والاسم الجُزْء.
وأَجْزَأَها هو وجَزَّأَها تَجْزئةً وأَجزأَ القومُ: جَزِئَتْ إِبلُهم.
وظَبْيَةٌ جازِئةٌ: اسْتَغْنَتْ بالرُّطْب عن الماء.
والجَوازِئُ: الوحْشُ، لتجَزُّئها بالرُّطْب عن الماء، وقول الشمّاخ بن ضِرار، واسمه مَعْقِلٌ، وكنيته أَبو سَعِيد:
إِذا الأَرْطَى تَوسَّدَ، أَبْرَدَيْهِ، * خُدُودُ جَوازئٍ، بالرَّمْلِ، عِينِ
لا يعني به الظِّباء، كما ذهب اليه ابن قتيبة، لأَن الظباء لا تَجْزأُ
بالكَلإِ عن الماء، وانما عنى البَقَر، ويُقَوّي ذلك أَنه قال: عِين،
والعِينُ من صِفات البَقَر لا من صِفاتِ الظِّباء؛ والأَرطى، مقصور: شجر يُدبغ به، وتَوَسَّدَ أَبرديه، أَي اتخذ الأَرطى فيهما كالوِسادة، والأَبْردان: الظل والفَيءُ، سميا بذلك لبردهما. والأَبْردانِ أَيضاً الغَداة والعشي، وانتصاب أَبرديه على الظرف؛ والأَرطى مفعول مقدم بتوسدَ، أَي توسد خُدودُ البقر الأَرْطى في أَبرديه، والجوازئ: البقر والظباء التي جَزَأَت بالرُّطْب عن الماء، والعِينُ جمع عَيناء، وهي الواسعة العين؛ وقول ثعلب بن عبيد:
جَوازِئ، لم تَنْزِعْ لِصَوْبِ غَمامةٍ * ورُوّادُها، في الأَرض، دائمةُ الرَّكْض
قال: انما عنى بالجَوازِئِ النخلَ يعني أَنها قد استغنت عن السَّقْيِ، فاسْتَبْعَلَت.
وطعامٌ لا جَزْءَ له: أَي لا يُتَجَزَّأُ بقليلهِ.
وأَجْزَأَ عنه مَجْزَأَه ومَجْزَأَتَه ومُجْزَأَهُ ومُجْزَأَتَه:
أَغْنى عنه مَغْناه. وقال ثعلب: البقرةُ تُجْزِئُ عن سبعة <ص:47>
وتَجْزِي، فَمَنْ هَمَزَ فمعناه تُغْني، ومن لم يَهْمِزْ، فهو من الجَزاء.
وأَجْزَأَتْ عنكَ شاةٌ، لغة في جَزَتْ أَي قضَتْ؛ وفي حديث الأُضْحِيَة: ولن تُجْزِئ عن أَحدٍ بَعْدَكَ: أَي لنْ تَكْفِي، مَن أَجْزَأَني
الشيءُ أَي كفاني. ورجل له جَزْءٌ أَي غَنَاء، قال:
إِني لأَرْجُو، مِنْ شَبِيبٍ، بِرَّا، * والجَزْءَ، إِنْ أَخْدَرْتُ يَوْماً قَرَّا
أَي أَن يُجْزِئَ عني ويقوم بأَمْري. وما عندَه جُزْأَةُ ذلك، أَي
قَوامُه. ويقال: ما لفلانٍ جَزْءٌ وما له إِجْزاءٌ: أَي ما له كِفايةٌ. وفي حديث سَهْل: ما أَجْزَأَ مِنَّا اليومَ أَحَدٌ كما أَجْزَأَ فلانٌ، أَي
فَعَلَ فِعْلاً ظَهَرَ أَثرُه وقامَ فيه مقاماً لم يقُمْه غيرهُ ولا كَفَى
فيه كِفايَتَه.
والجَزأَة: أَصْل مَغْرِزِ الذّنَب، وخصَّ به بعضُهم أَصل ذنب البعير من مَغْرِزِه.
والجُزْأَةُ بالضمِّ: نصابُ السِّكِّين والإِشْفى والمِخْصَفِ
المِيثَرةِ، وهي الحَدِيدةُ التي يُؤْثَرُ بها أَسْفَلُ خُفِّ البعير.
وقد أَجْزَأَها وجَزَّأَها وأَنْصَبها: جعل لها نِصاباً وجُزْأَةً، وهما
عَجُزُ السِّكِّين. قال أَبو زيد: الجُزْأَةُ لا تكون للسيف ولا
للخَنْجَر ولكن للمِيثَرةِ التي يُوسَم بها أَخْفافُ الابل والسكين، وهي الـمَقْبِضْ.
وفي التنزيل العزيز: «وجعلوا له مِنْ عباده جُزْءاً». قال أَبو إِسحق: يعني به الذين جعَلُوا الملائكة بناتِ اللّهِ، تعالى اللّهُ وتقدَّس عما افْتَرَوْا. قال: وقد أُنشدت بيتاً يدل على أَنّ معنى جُزْءاً معنى الاناث. قال: ولا أَدري البيت هو قَديمٌ أَم مَصْنُوعٌ:
إِنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ، يَوْماً، فلا عَجَبٌ * قد تُجْزِئُ الحُرَّةُ المِذْكارُ أَحْيانا
والمعنى في قوله: وجَعَلُوا له من عِباده جُزْءاً: أَي جَعَلوا نصيب
اللّه من الولد الإِناثَ. قال: ولم أَجده في شعر قَديم ولا رواه عن العرب الثقاتُ.
وأَجْزَأَتِ المرأَةُ: ولَدتِ الاناث، وأَنشد أَبو حنيفة:
زُوِّجْتُها، مِنْ بَناتِ الأَوْسِ، مُجْزِئةً، * للعَوْسَجِ اللَّدْنِ، في أَبياتِها، زَجَلُ
يعني امرأَة غزَّالةً بمغازِل سُوِّيَت من شجر العَوْسَج. الأَصمعي: اسم الرجل جَزْء وكأَنه مصدر جَزَأَتْ جَزْءاً.
وجُزْءٌ: اسم موضع. قال الرَّاعي:
كانتْ بجُزْءٍ، فَمَنَّتْها مَذاهِبُه(1)، * وأَخْلَفَتْها رِياحُ الصَّيْفِ بالغُبَرِ
(1 قوله «مذاهبه» في نسخة المحكم مذانبه.)
والجازِئُ: فرَس الحَرِث بن كعب.
وأَبو جَزْءٍ: كنية. وجَزْءٌ، بالفتح: اسم رجل. قال حَضْرَمِيُّ بن
عامر: إِنْ كنتَ أَزْنَنْتَني بها كَذِباً، * جَزْءُ، فلاقيْتَ مِثْلَها عَجَلا
والسبب في قول هذا الشعر أَنَّ هذا الشاعر كان له تسعةُ إِخْوة
فَهَلكوا، وهذا جَزْءٌ هو ابن عمه وكان يُنافِسه، فزَعَم أَن حَضْرَمِياً سُرَّ بموتِ اخوته لأَنه وَرِثَهم، فقال حَضْرَميُّ هذا البيت، وقبله:
أَفْرَحُ أَنْ أُرْزَأَ الكِرامَ، وأَنْ * أُورَثَ ذَوْداً شَصائصاً، نَبَلا
يريد: أَأَفْرَحُ، فحذَف الهمزة، وهو على طريق الانكار: أَي لا وجْهَ للفَرَح بموت الكِرام من اخوتي لإِرثِ شَصائصَ لا أَلبانَ لها، واحدَتُها شَصُوصٌ، ونَبَلاً: <ص 48>
صِغاراً. وروى: أَنَّ جَزْءاً هذا كان له تسعة إِخوة جَلسُوا على بئر، فانْخَسَفَتْ بهم، فلما سمع حضرميٌّ بذلك قال: إِنَّا للّه كلمة وافقت قَدَرا، يريد قوله: فلاقَيْتَ مثلها عجلاً.
وفي الحديث: أَنه صلى اللّه عليه وسلم أُتِيَ بقِناعِ جَزْءٍ؛ قال
الخطابي: زَعَم راويه أَنه اسم الرُّطَبِ عند أَهل المدينة؛ قال: فإِن كان صحيحاً، فكأَنَّهم سَمَّوْه بذلك للإِجْتِزاء به عن الطَّعام؛ والمحفوظ: بقِناعِ جَرْو بالراء، وهو صِغار القِثَّاء، وقد ذكر في موضعه.